6 التشريعات الباطلة والشاذة: مصادرة الحريات ومنها حرية الرأي والاعتقاد والتعبير

 

التشريعات الباطلة والشاذة: مصادرة الحريات ومنها حرية الرأي والاعتقاد والتعبير

 

منع حرية الرأي والتعبير في الإسلام

 

{اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12)} التوبة

 

قال ابن كثير:

 

يَقُولُ تَعَالَى ذَمًّا لِلْمُشْرِكِينَ وَحَثًّا لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى قِتَالِهِمْ: {اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا} يَعْنِي: أَنَّهُمُ اعْتَاضُوا عَنِ اتِّبَاعِ آيَاتِ اللَّهِ بِمَا الْتَهَوْا بِهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا الْخَسِيسَةِ، {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} أَيْ: مَنَعُوا الْمُؤْمِنِينَ مِنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ، {إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً} تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ، وَكَذَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} إِلَى آخِرِهَا، تَقَدَّمَتْ.

 

وقال الطبري:

 

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: ابتاع هؤلاء المشركون الذين أمركم الله، أيها المؤمنون، بقتلهم حيث وجدتموهم، بتركهم اتباعَ ما احتج الله به عليهم من حججه، يسيرًا من العوض قليلا من عرض الدنيا.

 

سبب الحرب التي كان يقوم بها محمد ويحرض عليها إذن هو تعصب ديني لإجبار من لم يتبعوه من وثنيين على اتباعه بالقهر والسلاح، وبدون إيمان أو قتناع اختياري حقيقي منهم، أما تعميمه ضدهم كمعادين معتدين فتعيم غير صحيح وغير منطقي، أما معنى طعنوا في دينكم فهو مجرد التعبير عن نقدٍ للإسلام وأفكاره ونصوصه، فحسب محمد هذا مبرر كافٍ لقتل من يتكلم بذلك! واعتبار مجرد النقاش والجدال عن الإسلام وضده نقض عهد وعداوة وحربًا! دليل على هشاشة الخرافات والمزاعم الإسلامية، قال الطبري:

 

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فإن نقض هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم من قريش، عهودَهم من بعد ما عاقدوكم أن لا يقاتلوكم ولا يظاهروا عليكم أحدًا من أعدائكم = (وطعنوا في دينكم) ، يقول: وقدَحوا في دينكم الإسلام، فثلبوه وعابوه = (فقاتلوا أئمة الكفر) ، يقول: فقاتلوا رؤساء الكفر بالله = (إنهم لا أيمان لهم) ، يقول: إن رؤساء الكفر لا عهد لهم = (لعلهم ينتهون) ، لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم.

 

وقال ابن كثير:

 

يَقُولُ تَعَالَى: وَإِنْ نَكَثَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ عَاهَدْتُمُوهُمْ عَلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَيْمَانَهُمْ، أَيْ: عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ، {وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ} أَيْ: عَابُوهُ وَانْتَقَصُوهُ. وَمِنْ هَاهُنَا أُخِذَ قَتْلُ مَنْ سَبَّ الرَّسُولَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، أَوْ مَنْ طَعَنَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ ذَكَرَهُ بِتَنَقُّصٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} أَيْ: يَرْجِعُونَ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ وَالضَّلَالِ.

 

محمد يأمر بقتل من قال الشعر ضده:

 

روى ابن أبي شيبة:

 

38068- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: حدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: زَعَمَ السُّدِّيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، أَمَّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ: اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ: عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ خَطَلٍ، وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ.

فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارٌ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا، وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ فَقَتَلُوهُ....إلخ الحديث

وروى أبو داوود:

 

2683 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال ثنا أحمد بن المفضل قال ثنا أسباط بن نصر قال زعم السدي عن مصعب بن سعد عن سعد قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وسماهم وابن أبي سرح فذكر الحديث قال وأما ابن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال " أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟ "فقالوا ما ندري يارسول الله ما في نفسك ألا أومأت إلينا بعينك قال "إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين"

 قال أبو داود كان عبد الله أخا عثمان من الرضاعة وكان الوليد بن عقبة أخا عثمان لأمه وضربه عثمان الحد إذ شرب الخمر. صحيح

 

وفي مصنف عبد الرزاق برقم 9739، من حديث طويل مهم:

 

...... فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر أصحابه بالكف فقال كفوا السلاح إلا خزاعة عن بكر ساعة ثم أمرهم فكفوا فأمن الناس كلهم إلا بن أبي سرح وبن خطل ومقيس الكناني وامرأة أخرى....

 

ورواه النسائي 4067 في سننه الصغرى، وفي سننه الكبرى برقم 3530، وابن أبي شيبة 38068، والحاكم النيسابوري في المستدرك 4360

 

وقصة قتل القينتين قينتي عبد الله بن خطل رواها البيهقي بسنده إلى ابن إسحاق في السنن الكبرى 16657

وروى الطبراني في المعجم الكبير:

 

5529 - حدثنا معاذ بن المثنى ثنا علي بن المديني ( ح ) وحدثنا موسى بن هارون ثنا علي بن حرب الموصلي قالا ثنا زيد بن الحباب حدثني عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي حدثني جدي عن أبيه سعيد وكان يسمى الضرم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: أربعة لا أومنهم في حل ولا حرم الحويرث بن نفيل و مقيس بن ضبابة و هلال بن خطل و عبد الله بن سعد بن أبي سرح فأما حويرث فقتله علي رضي الله عنه وأما مقيس بن ضبابة فقتله ابن عم له لحاء وأما هلال بن خطل فقتله الزبير وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فاستامن له عثمان بن عفان وكان أخاه من الرضاعة وقينتين كانتا لمقيس تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلت إحداهما وأفلتت الأخرى فأسلمت

 

قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني ورجاله ثقات، وأخرج أبو داود طرفًا منه 2667، وعمرو بن عثمان لم يوثقه الا بن حبان فلذلك قال الحافظ مقبول.

 

وروى الواقدي:

 

وَنَهَى رَسُولُ اللّهِ ÷ عَنْ الْقِتَالِ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ سِتّةِ نَفَرٍ وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِى جَهْلٍ، وَهَبّارِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَعَبْدِ اللّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ، وَمِقْيَسِ بْنِ صُبَابَةَ اللّيْثِىّ، وَالْحُوَيْرِثِ بْنِ نُقَيْذٍ، وَعَبْدِ اللّهِ بْنِ هِلالِ بْنِ خَطَلٍ الأَدْرَمِىّ، وَهِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَسَارَةَ مَوْلاةَ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ، وَقَيْنَتَيْنِ لأَبِى خَطَلٍ قُرَيْنَا وَقُرَيْبَةَ وَيُقَالُ: فَرْتَنَا وَأَرْنَبَةَ.

 

... وَكَانَتْ لَهُ قَيْنَتَانِ إحْدَاهُمَا فَرْتَنَا، وَالأُخْرَى أَرْنَبُ وَكَانَتَا فَاسِقَتَيْنِ وَكَانَ يَقُولُ الشّعْرَ يَهْجُو رَسُولَ اللّهِ ÷، وَيَأْمُرُهُمَا تُغَنّيَانِ بِهِ، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَيْنَتَيْهِ الْمُشْرِكُونَ فَيَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَتُغَنّى الْقَيْنَتَانِ بِذَلِكَ الْهِجَاءِ، وَكَانَتْ سَارَةُ مَوْلاةُ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ مُغَنّيَةً نَوّاحَةً بِمَكّةَ فَيُلْقَى عَلَيْهَا هِجَاءُ رَسُولِ اللّهِ ÷ فَتُغَنّى بِهِ، وَكَانَتْ قَدْ قَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ تَطْلُبُ أَنْ يَصِلَهَا وَشَكَتْ الْحَاجَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “مَا كَانَ لَك فِى غِنَائِك وَنِيَاحِك مَا يُغْنِيك”، فَقَالَتْ: يَا مُحَمّدُ، إنّ قُرَيْشًا مُنْذُ قُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ بِبَدْرٍ تَرَكُوا سَمَاعَ الْغِنَاءِ، فَوَصَلَهَا رَسُولُ اللّهِ ÷ وَأَوْقَرَ لَهَا بَعِيرًا طَعَامًا، فَرَجَعَتْ إلَى قُرَيْشٍ وَهِىَ عَلَى دِينِهَا، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ ÷ يَوْمَ الْفَتْحِ أَنْ تُقْتَلَ فَقُتِلَتْ يَوْمَئِذٍ، وَأَمّا الْقَيْنَتَانِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بِقَتْلِهِمَا، فَقُتِلَتْ إحْدَاهُمَا؛ أَرْنَبُ أَوْ فَرْتَنَا، وَأَمّا فَرْتَنَا فَاسْتُؤْمِنَ لَهَا حَتّى آمَنَتْ وَعَاشَتْ حَتّى كُسِرَ ضِلَعٌ مِنْ أَضْلاعِهَا زَمَنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ فَمَاتَتْ مِنْهُ فَقَضَى فِيهَا عُثْمَانُ ثَمَانِيَةَ آلافِ دِرْهَمٍ سِتّةَ آلافٍ دِيَتُهَا، وَأَلْفَيْنِ تَغْلِيظًا لِلْجُرْمِ.

 

من هذا النص نفهم أن قتلها كان فعلًا مقصودًا رغم إعلانها الإسلام، وكما قلت وسأقول دومًا هذه هي عقيدة القتل وتفتيش الضمائر والأفكار والشمولية ومنع حرية التعبير والاعتقاد. ولو اختلف صاحبا السيرتين في زمن قتلها.

 

وروى ابن إسحاق:

 

قال ابن إسحاق: وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد عَهِد إلى أمرائه من المسلمين، حين أمرهم أن يدخلوا مكة، أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، إلا أنه قد عَهِد في - نفر سمَّاهم أمر بقتلهم وإن وُجدوا تحت أستار الكعبة، منهم عبد اللّه بن سعد، أخو بني عامر بن لؤي.

وإنما أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه قد كان أسلم، وكان يكتب - لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم الوحى، فارتدَّ مُشركا راجعاً إلى قريش، ففر إلى عثمان ابن عفان، وكان أخاه للرضاعة، فغيَّبه حتى أتى به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعد أن اطمأن الناس وأهل مكة، فاستأمن له. فزعموا أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صمت طويلا، ثم قال: نعم، فلما انصرف عنه عثمان، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمن حوله من أصحابه؛ لقد صمت ليقوم إليه بعضُكم فيضرب عنقه. فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأتَ إلىَّ يا رسول اللّه؟ قال: إن النبي لا يقتل بالإشارة.

قال ابن هشام: ثم أسلم بعدُ، فولاه عمر بن الخطاب، بعضَ أعماله، ثم ولاه عثمان بن عفان بعد عمر.

قال ابن إسحاق: وعبد اللّه بن خطل، رجل من بني تَيْم بن غالب: إنما أمر بقتله أنه كان مسلما فبعثه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مُصدِّقا، وبعث معه لا رجلا من الأنصار، وكان معه مولى له يخدمه، وكان مسلماً، فنزل منزلا،، وأمر المولى أن يذبح له تَيْساً، فيصنع له طعاما، فنام، فاستيقظ ولم يصنع له شيئا، فعدا عليه فقتله، ثم ارتد مشركا. وكانت له قَيْنتان: فَرْتَنى وصاحبتُها، وكانتا تغنيان بهجاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقتلهما معه.

والحُوَيْرث بن نُقَيْذ بن وهب بن عَبد بن قُصىَ، وكان ممن يؤذيه بمكة.

 

وسارة، مولاة لبعض بني عبد المطلب. وعكرمة بن أبي جهل. وكانت سارة ممن يؤذيه بمكة...إلخ

 

وأما قينتا ابن خَطَل فَقُتِلت إحداهما، وهربت الأخرى، حتى استؤمن لها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعدُ، فأمَّنها.

 

وأما سارة فاستُؤمن لها فأمَّنها، ثم بقيت حتى أوطأها رجل من الناس فرساً في زمن عمر بن الخطاب بالأبطح فقتلها.

وأما الحُوَيْرث بن نُقَيذ فقتله علي بن أبي طالب.

 

لو كان رسول الإله الخرافي حقًّا لما كان خشي من سلاح الكلمة والتعبير بهذه الصورة، لدرجة قتل نساء وفتيات لمجرد غنائهن الشعر ضده، واعتبار الكلام (أذى وكان يؤذيه)، وحشية وهمجية إسلامية متجذرة في أساس دينهم، فهم لا يقبلون بأي انتقاد أو تعبير ضد أوهامهم وخرافاتهم وإرهابهم وتشريعاتهم الشاذة، لهذا يشعلون الكوكب حرائق وعنف لمجرد رسم كاريكاتير قد يتخذه أهل أديان أخرى صاروا اليوم أكثر تحضرًا كاليهود ومسيحيي الغرب كدعابة موفقة بروح رياضية.

 

تعمد ابن إسحاق أو ابن هشام الرواي عنه حذف خبر يكشف حقيقة أن حلفاء المسلمين من خزاعة قد يُعتبَرون هم نقض الصلح والعهد الذي كان بين المسلمين وأهل مكة، كما ذكرت في ج1 حروب محمد:

 

حَدّثَنِى عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ مِحْجَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: كَانَ آخِرُ مَا كَانَ بَيْنَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ كِنَانَةَ أَنّ أَنَسَ بْنَ زُنَيْمٍ الدّيلِىّ هَجَا رَسُولَ اللّهِ ÷ فَسَمِعَهُ غُلامٌ مِنْ خُزَاعَةَ فَوَقَعَ بِهِ فَشَجّهُ فَخَرَجَ إلَى قَوْمِهِ فَأَرَاهُمْ شَجّتَهُ فَثَارَ الشّرّ مَعَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَمَا تَطْلُبُ بَنُو بَكْرٍ مِنْ خُزَاعَةَ مِنْ دِمَائِهَا. فَلَمّا دَخَلَ شَعْبَانُ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ تَكَلّمَتْ بَنُو نُفَاثَةَ مِنْ بَنِى بَكْرٍ أَشْرَافُ قُرَيْشٍ - وَاعْتَزَلَتْ بَنُو مُدْلِجٍ فَلَمْ يَنْقُضُوا الْعَهْدَ - أَنْ يُعِينُوا بِالرّجَالِ وَالسّلاحِ عَلَى عَدُوّهِمْ مِنْ خُزَاعَةَ؛ وَذَكَرُوهُمْ الْقَتْلَى الّذِينَ أَصَابَتْ خُزَاعَةَ لَهُمْ وَضَرَبَهُمْ بِأَرْحَامِهِمْ وَأَخْبَرُوهُمْ بِدُخُولِهِمْ مَعَهُمْ فِى عَقْدِهِمْ وَعَهْدِهِمْ وَذَهَابِ خُزَاعَةَ إلَى مُحَمّدٍ فِى عَقْدِهِ وَعَهْدِهِ فَوَجَدُوا الْقَوْمَ إلَى ذَلِكَ سِرَاعًا إلاّ أَبَا سُفْيَانَ لَمْ يُشَاوِرْ فِى ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ، وَيُقَالُ: إنّهُمْ ذَاكِرُوهُ فَأَبَى عَلَيْهِمْ. وَجَعَلَتْ بَنُو نُفَاثَةَ وَبَكْرٌ يَقُولُونَ: إنّمَا نَحْنُ فَأَعَانُوهُمْ بِالسّلاحِ وَالْكُرَاعِ وَالرّجَالِ وَدَسّوا ذَلِكَ سِرّا لِئَلاّ تَحْذَرُ خُزَاعَةُ، فَهُمْ آمِنُونَ غَارّونَ بِحَالِ الْمُوَادَعَةِ، وَمَا حَجَزَ الإِسْلامُ بَيْنَهُمْ.

ثُمّ اتّعَدَتْ قُرَيْشٌ الْوَتِيرَ مَوْضِعًا بِمَنْ مَعَهَا، فَوَافَوْا لِلْمِيعَادِ فِيهِمْ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ كِبَارِهِمْ مُتَنَكّرُونَ مُنْتَقِبُونَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ، وَمِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الأَخْيَفِ، وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى، وَأَجْلَبُوا مَعَهُمْ أَرِقّاءَهُمْ وَرَأْسَ بَنِى بَكْرٍ نَوْفَلِ ابْنِ مُعَاوِيَةَ الدّؤَلِىّ فَبَيّتُوا خُزَاعَةُ لَيْلاً، وَهُمْ غَارّونَ آمِنُونَ مِنْ عَدُوّهِمْ وَلَوْ كَانُوا يَخَافُونَ هَذَا لَكَانُوا عَلَى حَذَرٍ وَعُدّةٍ، فَلَمْ يَزَالُوا يَقْتُلُونَهُمْ حَتّى انْتَهَوْا بِهِمْ إلَى أَنْصَابِ الْحَرَمِ، فَقَالُوا: يَا نَوْفَلُ إلَهَك، إلَهَك قَدْ دَخَلْت الْحَرَمَ، قَالَ: لا إلَهَ لِى الْيَوْمَ يَا بَنِى بَكْرٍ قَدْ كُنْتُمْ تَسْرِقُونَ الْحَاجّ أَفَلا تُدْرِكُونَ ثَأْرَكُمْ مِنْ عَدُوّكُمْ؟ لا يُرِيدُ أَحَدُكُمْ يَأْتِى امْرَأَتَهُ حَتّى يَسْتَأْذِنّى، لا يُؤَخّرُ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْيَوْمَ بَعْدَ يَوْمِهِ هَذَا مِنْ ثَأْرِهِ.

فَلَمّا انْتَهَتْ خُزَاعَةُ إلَى الْحَرَمِ، دَخَلَتْ دَارَ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ وَدَارَ رَافِعٍ الْخُزاعِيّيْنِ، وَانْتَهَوْا بِهِمْ فِى عَمَايَةَ الصّبْحَ وَدَخَلَتْ رُؤَسَاءُ قُرَيْشٍ فِى مَنَازِلِهِمْ وَهُمْ يَظُنّونَ أَلا يَعْرِفُوا، وَأَلاّ يَبْلُغَ هَذَا مُحَمّدًا ÷.

حَدّثَنِى عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَامِرٍ الأَسْلَمِىّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى مَرْوَانَ، قَالَ: قَتَلُوا مِنْهُمْ عِشْرِينَ رَجُلاً، وَحَضَرُوا خُزَاعَةَ فِى دَارِ رَافِعٍ وَبُدَيْلٍ، وَأَصْبَحَتْ خُزَاعَة ُ مُقَتّلِينَ عَلَى بَابِ بُدَيْلٍ - وَرَافِعٌ مَوْلًى لِخُزَاعَةَ. وَتَنَحّتْ قُرَيْشٌ وَنَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا، وَعَرَفُوا أَنّ هَذَا الّذِى صَنَعُوا نَقْضٌ لِلْمُدّةِ وَالْعَهْدِ الّذِى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللّهِ ÷.

حَدّثَنِى عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ ابْنِ هِشَامٍ، قَالَ: وَجَاءَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَابْنُ أَبِى رَبِيعَةَ إلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيّةَ، وَإِلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِى جَهْلٍ، فَلامُوهُمْ فِيمَا صَنَعُوا مِنْ عَوْنِهِمْ بَنِى بَكْرٍ، وَأَنّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مُحَمّدٍ مُدّةً وَهَذَا نَقْضٌ لَهَا، وَانْصَرَفَ ذَلِكَ الْقَوْمُ وَدَسّوا إلَى نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ الّذِى وَلّى كَلامَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْت الّذِى صَنَعْنَا بِك وَأَصْحَابِك وَمَا قَتَلْت مِنْ الْقَوْمِ، وَأَنْتَ قَدْ حَضَرْتهمْ تُرِيدُ قَتْلَ مَنْ بَقِىَ مِنْهُمْ وَهَذَا مَا لا نُطَاوِعُك عَلَيْهِ فَاتْرُكْهُمْ لَنَا، قَالَ: نَعَمْ. فَتَرَكَهُمْ فَخَرَجُوا.

 

لنقرأ من ابن هشام عن ابن إسحاق نفسه شعر أنس بن زنيم معتذرًا من محمد ومنكرًا شعره ضده، لأن محمدًا كما سنرى كان يأمر بقتل كل من انتقده أو قال شعر هجاء يعيبه:

 

قال ابن إسحاق: وقال أنس بن زُنَيْم الدّيلى يعتذر إلى رسول اللّه صلي الله عليه وسلم مما كان قال فيهم عمرو بن سالم الخزاعي:

أأنت الذي تُهْدَى مَعَدٌّ بأمرِه... بل اللّه يَهديهم وقالَ لك اشْهَدِ

وما حَمَلَتْ من ناقةٍ فوقَ رحلِها... أبرَّ وأوْفى ذِمةً من محمد

أحثَّ على خير وأسبغَ نائلاً... إذا راحَ كالسيفِ الصقيل المهنَّدِ

وأكسى لبُرْدِ الخِالِ قبلَ ابتذالِه... وأعطى لرأسِ السَّابق المتجرّدِ

تعلَّمْ رسولَ اللّه أنك مُدْرِكى... وأن وعيداً منك كالأَخْذِ باليدِ

تعَلَّم رسولَ اللّه أنك قادرٌ... على كلِّ صِرْمٍ مُتْهِمين ومُنْجِدِ

تَعَلَّمْ بأن الرَّكبَ ركْب عوَيْمر... همُ الكاذبون المخلِفُو كُلَّ مَوْعِدِ

ونَبَّوْا رسولَ اللّه أني هجوْته... فلا حملَتْ سُوْطِي إليّ إذن يَدِي

سِوى أننى قد قلتُ ويْلُ امِّ فِتيةٍ... أصيبوا بنحسٍ لا بطلْق وأسْعَدِ

أصابهمُ مَن لم يكن لدمائِهم... كِفاءً فعزَّتْ عبرتي وتَبَلّدِي

فإنك قد أخفرْتَ إن كنتَ ساعياً... بعبدِ بنِ عبدِ اللّهِ وابنة مَهود

ذُوَيْب وكلثومٌ وسَلْمَى تتابعوا... جميعاً فإلا تدمَع العينِ أكَمد

وسَلْمى، وسلْمى ليس حَيٌّ كمثلِه... وإخوتِه وهل مُلوك كأعْبدِ؟!

فإني لا دِيناً فتقت ولا دَماً... هَرقتُ تَبَيَّنْ عالم الحقِّ واقصِدِ

ما قاله بديل في الرد على ابن زنيم: فأجابه بُدَيْل بن عبد مناف ابن أم أصْرَم، فقال:

 

بكى أنسٌ رَزْناً فأعوَلَه البُكا... فَألا عَديِّا إذ تُطَلُّ وتُبْعَدُ

بكيت أبا عَبْس لقُربِ دمائِها... فتُعذِرَ إذ لا يُوقدُ الحربَ موقد

أصابهمُ يومَ الخَنادِمِ فِتْية... كِرام فَسَلْ، مِنهمْ نُفيلٌ معْبَدُ

هنالك إن تُسفَحْ دموعك لا تُلَمْ... عليهم وإن لم تدْمع العينُ فاكمدوا

 

معاني كلمات_المهند: السيف المصاغ من حديد الهند، الخال: ضرب من برود اليمن،السابق: الفرس، المتجرد: من يتجرد من الخيل فيسبقها، السكن: أهل الدار،الطلق: اليوم السعيد والذي ليس فيه حر ولا برد ولا شيء يؤذي، كفاء: نظير، تبلدي: حيرتي.

 

ويقول الواقدي:

 

فَحَدّثَنِى حِزَامُ بْنُ هِشَامِ بْنِ خَالِدٍ الْكَعْبِىّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِىّ فِى أَرْبَعِينَ رَاكِبًا مِنْ خُزَاعَةَ يَسْتَنْصِرُونَ رَسُولَ اللّهِ ÷ وَيُخْبِرُونَهُ بِاَلّذِى أَصَابَهُمْ وَمَا ظَاهَرَتْ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ - فَأَعَانُوهُمْ بِالرّجَالِ وَالسّلاحِ وَالْكُرَاعِ وَحَضَرَ ذَلِكَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ فِى رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِمْ مُتَنَكّرِينَ فَقَتَلُوا بِأَيْدِيهِمْ - وَرَسُولُ اللّهِ ÷ جَالِسٌ فِى الْمَسْجِدِ فِى أَصْحَابِهِ وَرَأْسُ خُزَاعَةَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ وَقَامَ يُنْشِدُ رَسُولَ اللّهِ ÷ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ وَاسْتَمَعَ مِنْهُ، فَقَالَ:

حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيك الأَتْلَدَا
ثُمّتْ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا
وَنَقَضُوا مِيثَاقَك الْمُؤَكّدَا
وَادْعُ عِبَادَ اللّهِ يَأْتُوا مَدَدَا
فِى فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِى مُزْبِدَا
هُمْ بَيّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجّدَا
وَزَعَمُوا أَنْ لَسْت أَدْعُــــو أَحَــدَا

 

اللّهُمّ إنّى نَاشِدٌ مُحَمّدًا
قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنّا وَالِدَا
إنّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا
فَانْصُرْ هَدَاك اللّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا
فِيهِمْ رَسُولُ اللّهِ قَدْ تَجَرّدَا
قُرْمٌ لَقُرْمٌ مِنْ قُرُومٍ أَصْيَدَا
نَتْلُو الْقُــــرْآنَ رُكّعًا وَسُجّــــــدَا

وَهُـــمْ أَذَلّ وَأَقَــــــلّ عَــــــدَدَا

فَلَمّا فَرَغَ الرّكْبُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ أَنَسَ بْنَ زُنَيْمٍ الدّيلِىّ قَدْ هَجَاك. فَهَدَرَ رَسُولُ اللّهِ ÷ دَمَهُ فَبَلَغَ أَنَسَ بْنَ زُنَيْمٍ فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ مُعْتَذِرًا مِمّا بَلَغَهُ فَقَالَ:

أَأَنْت الّذِى تُهْدَى معد بأمره
فَمَا حَمَلْت مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ رَحْلِهَا
أَحَثّ عَلَى خَيْرٍ وَأَوْسَعَ نَائِلاً
وَأَكْسَى لِبُرْدِ الْخَالِ قَبْلَ اجْتِذَابِهِ
تَعَلّمْ رَسُولَ اللّهِ أَنّك مُدْرِكِى
تَعَلّمْ رَسُولَ اللّهِ أَنّك قَادِرٌ
وَنُبّى رَسُولَ اللّهِ أَنّى هَجَوْته
سِوَى أَنّنِى قَدْ قُلْت يَا وَيْحَ فِتْيَةٍ
أَصَابَهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ لِدِمَائِهِمْ
ذُؤَيْبٌ وَكُلْثُومٌ وَسَلْمَى تَتَابَعُوا
عَلَى أَنّ سَلْمَى لَيْسَ فِيهِمْ كَمِثْلِهِ
وَإِنّى لاَ عِرْضًا خَرَقْتُ وَلاَ دَمًــــا

 

بَلْ اللّهُ يَهْدِيهِمْ وَقَالَ لَك اشْهَدْ
 أَبَرّ وَأَوْفَى ذِمّةً مِنْ مُحَمّدٍ
إذَا رَاحَ يَهْتَزّ اهْتِزَازَ الْمُهَنّدِ
وَأَعْطَى بِرَأْسِ السّابِقِ الْمُتَجَرّدِ
وَأَنّ وَعِيدًا مِنْك كَالأَخَذِ بِالْيَدِ
عَلَى كُلّ سَكْنٍ مِنْ تِهَامٍ وَمُنْجِدِ
فَلا رَفَعَتْ سَوْطِى إلَىّ إذْن يَدِى
أُصِيبُوا بِنَحِسِ يَوْمَ طَلْقٍ وَأَسْعَدِ
كِفَاءً فَعَزّتْ عَبْرَتِى وَتَبَلّدِى
جَمِيعًا فَإِلاّ تَدْمَعْ الْعَيْنُ أَكْمَدِ
وَإِخْوَتِهِ أَوْ هَلْ مُلُوكٌ كَأَعْبُدِ
هَرَقْتُ فَفَكّرْ عَالِمَ الْحَقّ وَاقْصِـــدِ

أَنْشَدَنِيهَا حِزَامٌ.

وَبَلَغَتْ رَسُولَ اللّهِ ÷ قَصِيدَتُهُ وَاعْتِذَارُهُ وَكَلّمَهُ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدّيلِىّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَنْتَ أَوْلَى النّاسِ بِالْعَفْوِ وَمَنْ مِنّا لَمْ يُعَادِك وَيُؤْذِك، وَنَحْنُ فِى جَاهِلِيّةٍ لا نَدْرِى مَا نَأْخُذُ وَمَا نَدْعُ حَتّى هَدَانَا اللّهُ بِك مِنْ الْهَلَكَةِ وَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ الرّكْبُ وَكَثُرُوا عِنْدَك. فَقَالَ: “دَعْ الرّكْبَ فَإِنّا لَمْ نَجِدْ بِتِهَامَةَ أَحَدًا مِنْ ذِى رَحِمٍ وَلا بِعِيدِ الرّحِمِ كَانَ أَبَرّ بِنَا مِنْ خُزَاعَةَ”، فَأَسْكَتَ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَلَمّا سَكَتَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “قَدْ عَفَوْت عَنْهُ”. قَالَ نَوْفَلٌ: فِدَاك أَبِى وَأُمّى.

 

وهكذا تتضح لنا خيانة ابن إسحاق وعدم أمانته في رواية أحداث الغزوة وسائر سيرة محمد وحروبه. إذن بناء على هذا، فإن خزاعة حلفاء محمد اعتدوا على رجل من بني بكر هو الشاعر أنس بن زنيم لمجرد قوله الشعر وتعبيره عن رأيه، والإسلام دومًا كان ولا زال يضيق من أي حرية تعبير تنتقده، هل صلح الحديبية ينص على تكميم الأفواه ومنع الكلام؟! طبعًا لا! ولو اتبعنا أسلوب المسلمين في هذا التاريخ والسيرة فإن حلفاء محمد هم البادؤون بالعدوان، وهم من نقضوا العهد فيكون هذا هو النقض الرابع من طريق حلفائه هذه المرة، ولو سعى بنو بكر للمطالبة بحق الرجل المعتدى عليه من بني بكر في عالم ومجتمع همجي كهذا كانوا على أي حال سيرفضون بحكم التكبر والغطرسة العربية القَبَليّة، وكانت ستنشب الحرب على أي حال، ومحمد بأي حال كانت هدنته كما نفهم من نصوصه فترة ليتقوى بها حتى يقتحم مكة تحت أي مبرر أو بلا ذريعة ومبرر حتى. الرجل اضطر للتوسل والتذلل وإعلان اتباعه لدين محمد لينجوا من القتل والعدوان، لمجرد تعبيره عن رأيه. وأشك أن اسم أبيه زنيم فهذا اسم غريب وهو أصلًا شتيمة انتقاصية.

 

وكان محمد له جواسيس ونقلة للكلام في كل مكان تطوعًا:

 

روى البخاري في سياق ما بعد غزوة المريسيع أي بني المصطلق:

4901 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَمِّي فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَقَالَ أَيْضًا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي فَذَكَرَ عَمِّي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا فَصَدَّقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَنِي فَأَصَابَنِي هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ إِلَى قَوْلِهِ هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [سورة المنافقون] فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ

4903 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ لِأَصْحَابِهِ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ وَقَالَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَسَأَلَهُ فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ قَالُوا كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِمَّا قَالُوا شِدَّةٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقِي فِي {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فَدَعَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَقَوْلُهُ {خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} قَالَ كَانُوا رِجَالًا أَجْمَلَ شَيْءٍ

4904 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَمِّي فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي فَذَكَرَ عَمِّي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَانِي فَحَدَّثْتُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا وَكَذَّبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَهُمْ فَأَصَابَنِي غَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي وَقَالَ عَمِّي مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَتَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} وَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ

وفي السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق:

 

فبيْنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الماء، وردت واردة الناس، ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غِفَار، يقال له: جَهْجَاه بن مسعود يقود فرسَه، فازدحم جَهْجَاه وسِنان بن وَبَر الجُهنى، حليف بني عَوْف بن الخزرج على الماء، فاقتتلا، فصرخ الجُهنى: يا معشر الأنصار، وصرخ جَهْجَاه: يا معشر المهاجرين. فغضب عبدُ الله بن أبيّ ابن سَلول، وعنده رهط من قومه فيهم: زيد بن أرقم، غلام حَدَث، فقال: أوَقَدْ فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بلادِنا، والله ما أعدَّنا وجلابيب قريش إلا كما قال الأول: سَمِّن كلبَك يأكلْك، أما والله لئن رجعنا إلا المدينة ليُخْرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ. ثم أقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادَكم، وقاسمتموهم أموالَكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم. فسمع ذلك زيد بن أرقم، فمشى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عند فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه، فأخبره الخبر، وعنده عمر بن الخطاب، فقال: مُرْ به عَبَّاد بن بشر فليقتله، فقال له رسول الله اصلى الله عليه وسلم: فكيف يا عُمر إذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه! لا، ولكن أذن بالرحيل، وذلك في ساعةٍ لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتحل فيها، فارتحل الناس.

وقد مشى عبد الله بن أبى ابن سَلول إلى رسول الله اصلى الله عليه وسلم، حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلغه ما سمع منه، فحلف بالله: ما قال، ولا تكلمتُ به. - وكان في قومه شريفاً عظيماً -، فقال من حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار من أصحابه: يا رسولَ الله، عسى أن يكون الغلامُ قد أوْهم في حديثه، ولم يحفظ ما قال، حَدَباً على ابن أبَيّ ابن سلول، ودَفْعاَ عنه.

....ونزلت السورةُ التي ذكر الله فيها المنافقين في ابن أبيّ ومن كان على مثلِ أمره، فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن زيد بن أرقم، ثم قال: هذا الذي أوفى الله بإذنِه. وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبى الذي كان من أمر أبيه.

 

وفي المغازي للواقدي:

 

قَالُوا: فَبَيْنَا الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَاءِ الْمُرَيْسِيعِ قَدْ انْقَطَعَتْ الْحَرْبُ وَهُوَ مَاءٌ ظَنُونٌ، إنّمَا يَخْرُجُ فِى الدّلْوِ نِصْفُهُ أَقْبَلَ سِنَانُ بْنُ وَبَرٍ الْجُهَنِيّ - وَهُوَ حَلِيفٌ فِى بَنِى سَالِمٍ - وَمَعَهُ فَتَيَانِ مِنْ بَنِى سَالِمٍ يَسْتَقُونَ فَيَجِدُونَ عَلَى الْمَاءِ جَمْعًا مِنْ الْعَسْكَرِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَكَانَ جَهْجَا بْنُ سَعِيدٍ الْغِفَارِىّ أَجِيرًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ، فَأَدْلَى سِنَانٌ وَأَدْلَى جَهْجَا دَلْوَهُ وَكَانَ جَهْجَا أَقْرَبَ السّقَاءِ إلَى سِنَانِ بْنِ وَبَرٍ فَالْتَبَسَتْ دَلْوُ سِنَانٍ وَدَلْوُ جَهْجَا، فَخَرَجَتْ إحْدَى الدّلْوَيْنِ وَهِىَ دَلْوُ سِنَانِ بْنِ وَبَرٍ. قَالَ سِنَانٌ: فَقُلْت: دَلْوِى. فَقَالَ جَهْجَا: وَاَللّهِ مَا هِىَ إلاّ دَلْوِى. فَتَنَازَعَا إلَى أَنْ رَفَعَ جَهْجَا يَدَهُ فَضَرَبَ سِنَانًا فَسَالَ الدّمُ فَنَادَى: يَا آلَ خَزْرَجٍ وَثَارَتْ الرّجَالُ. قَالَ سِنَانٌ: وَأَعْجَزَنِى جَهْجَا هَرَبًا وَأَعْجَزَ أَصْحَابِى، وَجَعَلَ يُنَادِى فِى الْعَسْكَرِ: يَا آلَ قُرَيْشٍ يَا آلَ كِنَانَةَ فَأَقْبَلَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ سِرَاعًا.

قَالَ سِنَانٌ: فَلَمّا رَأَيْت مَا رَأَيْت نَادَيْت بِالأَنْصَارِ، قَالَ: فَأَقْبَلَتْ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، وَشَهَرُوا السّلاحَ حَتّى خَشِيت أَنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ حَتّى جَاءَنِى نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ يَقُولُونَ: اُتْرُكْ حَقّك.

قَالَ سِنَانٌ: وَإِذَا ضَرَبْته لَمْ يَضْرُرْنِى شَيْئًا، قَالَ سِنَانٌ: فَجَعَلْت لا أَسْتَطِيعُ أَفْتَاتُ عَلَى حُلَفَائِى بِالْعَفْوِ لِكَلامِ الْمُهَاجِرِينَ، وَقَوْمِى يَأْبَوْنَ أَنْ أَعْفُو إلاّ بِأَمْرِ رَسُولِ اللّهِ ÷ أَوْ أَقْتَصّ مِنْ جَهْجَا. ثُمّ إنّ الْمُهَاجِرِينَ كَلّمُوا حُلَفَائِى، فَكَلّمُوا عُبَادَةَ بْنَ الصّامِتِ وَنَاسًا مِنْ حُلَفَائِى، فَكَلّمَنِى حُلَفَائِى فَتَرَكْت ذَلِكَ وَلَمْ أَرْفَعْهُ إلَى النّبِىّ ÷.

وَكَانَ ابْنُ أُبَىّ جَالِسًا فِى عَشَرَةٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ ابْنُ أُبَىّ، وَمَالِكٌ وَدَاعِسٌ وَسُوَيْدٌ، وَأَوْسُ بْنُ قَيْظِىّ وَمُعَتّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَزَيْدُ بْنُ اللّصَيْتِ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ نَبْتَلَ - وَفِى الْقَوْمِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ غُلامٌ لَمْ يَبْلُغْ أَوْ قَدْ بَلَغَ - فَبَلَغَهُ صِيَاحُ جَهْجَا: يَا آلَ قُرَيْشٍ فَغَضِبَ ابْنُ أُبَىّ غَضَبًا شَدِيدًا، وَكَانَ مِمّا ظَهَرَ مِنْ كَلامِهِ وَسَمِعَ مِنْهُ أَنْ قَالَ: وَاَللّهِ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ مَذَلّةً، وَاَللّهِ إنْ كُنْت لَكَارِهًا لِوَجْهِى هَذَا، وَلَكِنْ قَوْمِى غَلَبُونِى قَدْ فَعَلُوهَا، قَدْ نَافَرُونَا وَكَاثَرُونَا فِى بَلَدِنَا، وَأَنْكَرُوا مِنّتَنَا، وَاَللّهِ مَا صِرْنَا وَجَلابِيبُ قُرَيْشٍ هَذِهِ إلاّ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: سَمّنْ كَلْبَك يَأْكُلْك، وَاَللّهِ لَقَدْ ظَنَنْت أَنّى سَأَمُوتُ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَ هَاتِفًا يَهْتِفُ بِمَا هَتَفَ بِهِ جَهْجَا، وَأَنَا حَاضِرٌ لا يَكُونُ لِذَلِكَ مِنّى غِيَرٌ، وَاَللّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَة ِ لَيُخْرِجَن الأَعَزّ مِنْهَا الأَذَلّ، ثُمّ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ: هَذَا مَا فَعَلْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ أَحْلَلْتُمُوهُمْ بِلادَكُمْ فَنَزَلُوا مَنَازِلَكُمْ وَآسَيْتُمُوهُمْ فِى أَمْوَالِكُمْ حَتّى اسْتَغْنَوْا أَمَا وَاَللّهِ لَوْ أَمْسَكْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ لَتَحَوّلُوا إلَى غَيْرِ بِلادِكُمْ، ثُمّ لَمْ يَرْضَوْا بِمَا فَعَلْتُمْ، حَتّى جَعَلْتُمْ أَنَفْسَكُمْ أَغْرَاضًا لِلْمَنَايَا، فَقَتَلْتُمْ دُونَهُ فَأَيْتَمْتُمْ أَوْلادَكُمْ وَقَلَلْتُمْ وَكَثُرُوا، فَقَامَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ كُلّهِ إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَيَجِدُ عِنْدَهُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ - أَبَا بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ، وَسَعْدًا، وَمُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَأَوْسَ بْنَ خَوْلِىّ وَعَبّادَ بْنَ بِشْرٍ - فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللّهِ ÷ خَبَرَهُ وَتَغَيّرَ وَجْهَهُ، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: يَا غُلامُ لَعَلّك غَضِبْت عَلَيْهِ، قَالَ: لا وَاَللّهِ لَقَدْ سَمِعْته مِنْهُ، قَالَ: لَعَلّهُ أَخْطَأَ سَمْعُك، قَالَ: لا يَا نَبِىّ اللّهِ، قَالَ: لَعَلّهُ شُبّهَ عَلَيْك، قَالَ: لا، وَاَللّهِ لَقَدْ سَمِعْته مِنْهُ يَا رَسُولَ اللّهِ.

وَشَاعَ فِى الْعَسْكَرِ مَا قَالَ ابْنُ أُبَىّ، وَلَيْسَ لِلنّاسِ حَدِيثٌ إلاّ مَا قَالَ ابْنُ أُبَىّ، وَجَعَلَ الرّهْطُ مِنْ الأَنْصَارِ يُؤَنّبُونَ الْغُلامَ، وَيَقُولُونَ: عَمَدْت إلَى سَيّدِ قَوْمِك تَقُولُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ، وَقَدْ ظَلَمْت وَقَطَعْت الرّحِمَ، فَقَالَ زَيْدٌ: وَاَللّهِ لَقَدْ سَمِعْت مِنْهُ، قَالَ: وَوَاللّهِ مَا كَانَ فِى الْخَزْرَجِ رَجُلٌ وَاحِدٌ أَحَبّ إلَىّ مِنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَىّ، وَاَللّهِ لَوْ سَمِعْت هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ أَبِى لَنَقَلْتهَا إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷، وَإِنّى لأَرْجُو أَنْ يُنْزِلَ اللّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيّهِ حَتّى يَعْلَمُوا أَنَا كَاذِبٌ أَمْ غَيْرِى، أَوْ يَرَى رَسُولُ اللّهِ ÷ تَصْدِيقَ قَوْلِى، وَجَعَلَ زَيْدٌ يَقُولُ: اللّهُمّ أَنْزِلْ عَلَى نَبِيّك مَا يُصَدّقُ حَدِيثِى، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللّهِ مُرْ عَبّادَ بْنَ بِشْرٍ فَلْيَأْتِك بِرَأْسِهِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللّهِ ÷ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَيُقَالُ: قَالَ: قُلْ لِمُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ يَأْتِك بِرَأْسِهِ، فَقَالَ النّبِىّ ÷: وَأَعْرَضَ عَنْهُ لا يَتَحَدّثُ النّاسُ أَنّ مُحَمّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ، وَقَامَ النّفَرُ مِنْ الأَنْصَارِ الّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ النّبِىّ ÷ وَرَدّهُ عَلَى الْغُلامِ، فَجَاءُوا إلَى ابْنِ أُبَىّ فَأَخْبَرُوهُ، وَقَالَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِىّ: يَا أَبَا الْحُبَابِ، إنْ كُنْت قُلْته فَأَخْبِرْ النّبِىّ يَسْتَغْفِرْ لَك، وَلا تَجْحَدْهُ فَيَنْزِلَ مَا يُكَذّبُك، وَإِنْ كُنْت لَمْ تَقُلْهُ فَأْتِ رَسُولَ اللّهِ فَاعْتَذِرْ إلَيْهِ وَاحْلِفْ لِرَسُولِ اللّهِ مَا قُلْته. فَحَلَفَ بِاَللّهِ الْعَظِيمِ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا.

ثُمّ إنّ ابْنَ أُبَىّ أَتَى إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَقَالَ: يَا ابْنَ أُبَىّ، إنْ كَانَتْ سَلَفَتْ مِنْك مَقَالَةٌ فَتُبْ، فَجَعَلَ يَحْلِفُ بِاَللّهِ مَا قُلْت مَا قَالَ زَيْدٌ، وَلا تَكَلّمْت بِهِ، وَكَانَ فِى قَوْمِهِ شَرِيفًا، فَكَانَ يُظَنّ أَنّهُ قَدْ صَدَقَ وَكَانَ يُظَنّ بِهِ سُوءُ الظّنّ.

فَحَدّثَنِى هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، قَالَ: لَمّا كَانَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ أُبَىّ مَا كَانَ أَسْرَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ السّيْرَ، وَأَسْرَعْت مَعَهُ وَكَانَ مَعِى أَجِيرٌ اسْتَأْجَرْته يَقُومُ عَلَى فَرَسِى، فَاحْتَبَسَ عَلَىّ فَوَقَفْت لَهُ عَلَى الطّرِيقِ أَنْتَظِرُهُ حَتّى جَاءَ فَلَمّا جَاءَ وَرَأَى مَا بِى مِنْ الْغَضَبِ أَشْفَقَ أَنْ أَقَعَ بِهِ فَقَالَ: أَيّهَا الرّجُلُ عَلَى رِسْلِك، فَإِنّهُ قَدْ كَانَ فِى النّاسِ أَمْرٌ مِنْ بَعْدِك، فَحَدّثْنِى بِمَقَالَةِ ابْنِ أُبَىّ، قَالَ عُمَرُ: فَأَقْبَلْت حَتّى جِئْت رَسُولَ اللّهِ ÷ وَهُوَ فِى فَىْءِ شَجَرَةٍ عِنْدَهُ غُلَيْمٌ أُسَيْوِدُ يَغْمِزُ ظَهْرَهُ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ كَأَنّك تَشْتَكِى ظَهْرَك، فَقَالَ: تَقَحّمَتْ بِى النّاقَةُ اللّيْلَةَ. فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ إِيذَنْ لِى أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَ ابْنِ أُبَىّ فِى مَقَالَتِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: أَوَكُنْت فَاعِلاً؟ قَالَ: نَعَمْ وَاَلّذِى بَعَثَك بِالْحَقّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: إذًا لأُرْعِدَتْ لَهُ آنُفٌ بِيَثْرِبَ كَثِيرَةٌ لَوْ أَمَرْتهمْ بِقَتْلِهِ قَتَلُوهُ. قُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ فَمُرْ مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يَقْتُلُهُ، قَالَ: لا يَتَحَدّثُ النّاسُ أَنّ مُحَمّدًا قَتَلَ أَصْحَابَهُ، قَالَ: فَقُلْت: فَمُرْ النّاسَ بِالرّحِيلِ، قَالَ: نَعَمْ، فَأَذّنْت بِالرّحِيلِ فِى النّاسِ.

وَيُقَالُ: لَمْ يَشْعُرْ أَهْلُ الْعَسْكَرِ إلاّ بِرَسُولِ اللّهِ ÷ قَدْ طَلَعَ عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ وَكَانُوا فِى حَرّ شَدِيدٍ، وَكَانَ لا يَرُوحُ حَتّى يُبْرِدَ إلاّ أَنّهُ لَمّا جَاءَهُ خَبَرُ ابْنِ أُبَىّ رَحَلَ فِى تِلْكَ السّاعَةِ، فَكَانَ أَوّلَ مَنْ لَقِيَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: السّلامُ عَلَيْك أَيّهَا النّبِىّ وَرَحْمَةُ اللّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: وَعَلَيْك السّلامُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ رَحَلْت فِى سَاعَةٍ مُنْكَرَةٍ مَا كُنْت تَرْحَلُ فِيهَا، وَيُقَالُ: لَقِيَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ - قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ: وَهُوَ أَثْبَتُ عِنْدَنَا  فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ خَرَجْت فِى سَاعَةٍ مُنْكَرَةٍ مَا كُنْت تَرُوحُ فِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: أَوَلَمْ يَبْلُغْكُمْ مَا قَالَ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: أَىّ صَاحِبٍ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: ابْنُ أُبَىّ، زَعَمَ أَنّهُ إنْ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ أَخْرَجَ الأَعَزّ مِنْهَا الأَذَلّ، قَالَ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللّهِ تُخْرِجُهُ إنْ شِئْت، فَهُوَ الأَذَلّ وَأَنْتَ الأَعَزّ، وَالْعِزّةُ لِلّهِ وَلَك وَلِلْمُؤْمِنِينَ، ثُمّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ اُرْفُقْ بِهِ فَوَاَللّهِ لَقَدْ جَاءَ اللّهُ بِك، وَإِنّ قَوْمَهُ لَيُنَظّمُونَ لَهُ الْخَرَزَ مَا بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ إلاّ خَرَزَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ يُوشَعَ الْيَهُودِىّ قَدْ أَرّبَ بِهِمْ فِيهَا لِمَعْرِفَتِهِ بِحَاجَتِهِمْ إلَيْهَا لِيُتَوّجُوهُ فَجَاءَ اللّهُ بِك عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَمَا يَرَى إلاّ قَدْ سَلَبَتْهُ مُلْكَهُ.

قَالَ: فَبَيْنَا رَسُولُ اللّهِ ÷ يَسِيرُ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يُعَارِضُ النّبِىّ ÷ بِرَاحِلَتِهِ يُرِيهِ وَجْهَهُ فِى الْمَسِيرِ، وَرَسُولُ اللّهِ ÷ يَسْتَحِثّ رَاحِلَتَهُ فَهُوَ مُغِذّ فِى السّيْرِ إذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ، قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: فَمَا هُوَ إلاّ أَنْ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ ÷ تَأْخُذُهُ الْبُرَحَاءُ وَيَعْرَقُ جَبِينُهُ وَتَثْقُلُ يَدَا رَاحِلَتِهِ حَتّى مَا كَادَ يَنْقُلُهَا، عَرَفْت أَنّ رَسُولَ اللّهِ ÷ يُوحَى إلَيْهِ وَرَجَوْت أَنْ يَكُونَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ تَصْدِيقُ خَبَرِى. قَالَ زَيْدُ ابْنُ أَرْقَمَ: فَسُرّىَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ ÷ فَأَخَذَ بِأُذُنِى، وَأَنَا عَلَى رَاحِلَتِى، حَتّى ارْتَفَعْت مِنْ مَقْعَدِى، وَيَرْفَعُهَا إلَى السّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: وَفَتْ أُذُنُك يَا غُلامُ وَصَدّقَ اللّهُ حَدِيثَك، وَنَزَلَ فِى ابْنِ أُبَىّ السّورَةُ مِنْ أَوّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَحْدَهُ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [سورة المنافقون].

فَحَدّثَنِى عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ الْهُرَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْت عُبَادَةَ بْنَ الصّامِتِ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ لابْنِ أُبَىّ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ: إِيتِ رَسُولَ اللّهِ يَسْتَغْفِرْ لَك، قَالَ: فَرَأَيْته يَلْوِى رَأْسَهُ مُعْرِضًا، يَقُولُ عُبَادَةُ: أَمَا وَاَللّهِ لَيُنْزِلَن فِى لَىّ رَأْسِك قُرْآنٌ يُصَلّى بِهِ.

وَحَدّثَنِى يُونُسُ بْنُ مُحَمّدٍ الظّفَرِىّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ، قَالَ: مَرّ عُبَادَةُ بْنُ الصّامِتِ بِعَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَىّ عَشِيّةَ رَاحَ النّبِىّ ÷ مِنْ الْمُرَيْسِيعِ، وَقَدْ نَزَلَ عَلَى النّبِىّ ÷ سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ فَلَمْ يُسَلّمْ عَلَيْهِ، ثُمّ مَرّ أَوْسُ ابْنُ خَوْلِىّ فَلَمْ يُسَلّمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ أُبَىّ: إنّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ تَمَالأْتُمَا عَلَيْهِ، فَرَجَعَا إلَيْهِ فَأَنّبَاهُ وَبَكَتَاهُ بِمَا صَنَعَ، وَبِمَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ إكْذَابًا لِحَدِيثِهِ، وَجَعَلَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِىّ يَقُولُ: لا أَكَذِبُ عَنْك أَبَدًا حَتّى أَعْلَمَ أَنْ قَدْ تَرَكْت مَا أَنْتَ عَلَيْهِ، وَتُبْت إلَى اللّهِ إنّا أَقْبَلْنَا عَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ نَلُومُهُ وَنَقُولُ لَهُ: كَذَبْت عَلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِك، حَتّى نَزَلَ الْقُرْآنُ بِتَصْدِيقِ حَدِيثِ زَيْدٍ وَإِكْذَابِ حَدِيثِك، وَجَعَلَ ابْنُ أُبَىّ يَقُولُ: لا أَعُودُ أَبَدًا، وَبَلَغَ ابْنَهُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَىّ مَقَالَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ لِرَسُولِ اللّهِ ÷: مُرْ مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يَأْتِك بِرَأْسِهِ، فَجَاءَ إلَى النّبِىّ ÷ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنْ كُنْت تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَ أَبِى فِيمَا بَلَغَك عَنْهُ فَمُرْنِى، فَوَاَللّهِ لأَحْمِلَن إلَيْك رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَجْلِسِك هَذَا، وَاَللّهِ لَقَدْ عَلِمَتْ الْخَزْرَجُ مَا كَانَ فِيهَا رَجُلٌ أَبَرّ بِوَالِدٍ مِنّى، وَمَا أَكَلَ طَعَامًا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا مِنْ الدّهْرِ وَلا يَشْرَبُ شَرَابًا إلاّ بِيَدِى، وَإِنّى لأَخْشَى يَا رَسُولَ اللّهِ أَنْ تَأْمُرَ غَيْرِى فَيَقْتُلَهُ فَلا تَدَعُنِى نَفْسِى أَنْظُرُ إلَى قَاتِلِ أَبِى يَمْشِى فِى النّاسِ فَأَقْتُلُهُ، فَأَدْخُلُ النّارَ، وَعَفْوُك أَفْضَلُ وَمَنّك أَعْظَمُ.

قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “يَا عَبْدَ اللّهِ مَا أَرَدْت قَتْلَهُ، وَمَا أَمَرْت بِهِ، وَلَنُحْسِنَنّ صُحْبَتَهُ مَا كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا”. فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ أَبِى كَانَتْ هَذِهِ الْبَحْرَةُ قَدْ اتّسَقُوا عَلَيْهِ لِيُتَوّجُوهُ عَلَيْهِمْ فَجَاءَ اللّهُ بِك، فَوَضَعَهُ اللّهُ وَرَفَعَنَا بِك، وَمَعَهُ قَوْمٌ يُطِيفُونَ بِهِ وَيَذْكُرُونَ أُمُورًا قَدْ غَلَبَ اللّهُ عَلَيْهَا.

 

ويقول ابن إسحاق في قصة بغزوة تبوك:

 

ومن بني حُبيب بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: جُلاس بْنُ سُوَيْد بن الصامت وأخوه الحارث بن سُوَيْد.

وجُلاس الَّذِي قَالَ -وَكَانَ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غَزْوَةِ تَبُوكَ، لَئِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ صَادِقًا لَنَحْنُ شَر مِنْ الحُمُر، فرَفع ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عميرُ بنُ سَعْدٍ، أَحَدُهُمْ، وَكَانَ فِي حِجر جُلاس، خَلَفَ جُلاس عَلَى أُمِّهِ بَعْدَ أبيه، فَقَالَ لَهُ عُمَيْر بْنُ سَعْدٍ: وَاَللَّهِ يَا جُلاس، إنَّكَ لأحبُّ النَّاسِ إليَّ، وَأَحْسَنُهُمْ عِنْدِي يَدًا، وَأَعَزُّهُمْ عليَّ أَنْ يُصِيبَهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ، وَلَقَدْ قُلْتَ مَقَالَةً لَئِنْ رفعتُها عَلَيْكَ لأفضحَنَّك، وَلَئِنْ صَمتُّ عَلَيْهَا لَيَهْلِكَنَّ دِينِي، وَلَإِحْدَاهُمَا أيسرُ عليَّ مِنْ الْأُخْرَى. ثُمَّ مَشَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ لَهُ مَا قَالَ جُلاس، فَحَلَفَ جُلاس بِاَللَّهِ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ كَذَبَ عليَّ عُمَيْر، وَمَا قلتُ مَا قَالَ عُمَيْر بْنُ سَعْدٍ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} [التوبة: 74]. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْأَلِيمُ: الْمُوجِعُ.

 

وروى القصة الواقدي في المغازي:

 

قَالُوا: وَكَانَ رَهْطٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَسِيرُونَ مَعَ النّبِىّ ÷ فِى تَبُوكَ، مِنْهُمْ وَدِيعَةُ ابْنُ ثَابِتٍ، أَحَدُ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَالْجُلاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصّامِتِ، ومخشى بْنُ حِمْيَرَ مِنْ أَشْجَعَ حَلِيفٌ لِبَنِى سَلِمَةَ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ. فَقَالَ: تَحْسَبُونَ قِتَالَ بَنِى الأَصْفَرِ كَقِتَالِ غَيْرِهِمْ؟ وَاَللّهِ لَكَأَنّا بِكُمْ غَدًا مُقَرّنِينَ فِى الْحِبَالِ إرْجَافًا بِرَسُولِ اللّهِ ÷ وَتَرْهِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا لِى أَرَى قُرّاءَنَا هَؤُلاءِ أَوْعَبَنَا بُطُونًا، وَأَكْذَبَنَا أَلْسِنَةً، وَأَجْبَنَنَا عِنْدَ اللّقَاءِ؟ وَقَالَ الْجُلاسُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَكَانَ زَوْجُ أُمّ عُمَيْرٍ، وَكَانَ ابْنُهَا عُمَيْرٌ يَتِيمًا فِى حِجْرِهِ هَؤُلاءِ سَادَتُنَا وَأَشْرَافُنَا وَأَهْلُ الْفَضْلِ مِنّا: وَاَللّهِ لَئِنْ كَانَ مُحَمّدٌ صَادِقًا لَنَحْنُ شَرّ مِنْ الْحَمِيرِ، وَاَللّهِ لَوَدِدْت أَنّى أُقَاضِى عَلَى أَنْ يُضْرَبَ كُلّ رَجُلٍ مِنّا مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَأَنّا نَنْفَلِتُ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا الْقُرْآنُ بِمَقَالَتِكُمْ،

فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لِعَمّارِ بْنِ يَاسِرٍ: أَدْرِكْ الْقَوْمَ فَإِنّهُمْ قَدْ احْتَرَقُوا، فَسَلْهُمْ عَمّا قَالُوا، فَإِنْ أَنْكَرُوا فَقُلْ بَلَى، قَدْ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، فَذَهَبَ إلَيْهِمْ عَمّارٌ، فَقَالَ لَهُمْ: فَأَتَوْا رَسُولَ اللّهِ ÷ يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ، فَقَالَ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَسُولُ اللّهِ ÷ عَلَى نَاقَتِهِ وَقَدْ أَخَذَ بِحَقَبِ نَاقَةِ النّبِىّ ÷ وَرِجْلاهُ تَنْسِفَانِ الْحِجَارَةَ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّمَا كُنّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ فِيهِ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنّ إِنّمَا كُنّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} إلَى قَوْلِهِ: {بِأَنّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} قَالُوا: وَرَدّ عُمَيْرٌ عَلَى الْجُلاسِ مَا قَالَ - حِينَ قَالَ لَنَحْنُ شَرّ مِنْ الْحَمِيرِ - قَالَ: فَأَنْت شَرّ مِنْ الْحِمَارِ، وَرَسُولُ اللّهِ ÷ الصّادِقُ، وَأَنْت الْكَاذِبُ، وَجَاءَ الْجُلاسُ إلَى النّبِىّ ÷ فَحَلَفَ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ عَلَى نَبِيّهِ فِيهِ: {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ}، وَنَزَلَتْ فِيهِ {وَمَا نَقَمُوا إِلاّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} الآيَةُ. قَالَ: وَكَانَ لِلْجُلاسِ دِيَةٌ فِى الْجَاهِلِيّةِ عَلَى بَعْضِ قَوْمِهِ وَكَانَ مُحْتَاجًا، فَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ ÷ الْمَدِينَةَ أَخَذَهَا لَهُ فَاسْتَغْنَى بِهَا. وَقَالَ مخشى بْنُ حِمْيَرَ: قَدْ وَاَللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ قَعَدَ بِى اسْمِى وَاسْمُ أَبِى، فَكَانَ الّذِى عُفِىَ عَنْهُ فِى هَذِهِ الآيَةِ مخشى بْنُ حِمْيَرَ - فَسَمّاهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ عَبْدُ الرّحْمَنِ أَوْ عَبْدُ اللّهِ - وَسَأَلَ اللّهَ عَزّ وَجَلّ أَنْ يُقْتَلَ شَهِيدًا وَلا يُعْلَمَ بِمَكَانِهِ فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَثَرٌ.

وَيُقَالُ فِى الْجُلاسِ بْنُ سُوَيْدٍ: إنّهُ كَانَ مِمّنْ تَخَلّفَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُثَبّطُ النّاسَ عَنْ الْخُرُوجِ وَكَانَتْ أُمّ عُمَيْرٍ تَحْتَهُ، وَكَانَ عُمَيْرٌ يَتِيمًا فِى حِجْرِهِ وَلا مَالَ لَهُ، فَكَانَ يَكْفُلُهُ وَيُحْسِنُ إلَيْهِ فَسَمِعَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاَللّهِ لَئِنْ كَانَ مُحَمّدٌ صَادِقًا لَنَحْنُ شَرّ مِنْ الْحَمِيرِ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: يَا جُلاسُ قَدْ كُنْت أَحَبّ النّاسِ إلَىّ، وَأَحْسَنَهُمْ عِنْدِى أَثَرًا، وَأَعَزّهُمْ عَلَىّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ نَكْرَهُهُ، وَاَللّهِ لَقَدْ قُلْت مَقَالَةً لَئِنْ ذَكَرْتهَا لَتَفْضَحَنّكَ، وَلَئِنْ كَتَمْتهَا لأَهْلِكَنّ، وَإِحْدَاهُمَا أَهْوَنُ عَلَىّ مِنْ الأُخْرَى، فَذَكَرَ لِلنّبِىّ ÷ مَقَالَةَ الْجُلاسِ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ قَدْ أَعْطَى الْجُلاسَ مَالاً مِنْ الصّدَقَةِ لِحَاجَتِهِ، وَكَانَ فَقِيرًا، فَبَعَثَ النّبِىّ ÷ إلَى الْجُلاسِ فَسَأَلَهُ عَمّا قَالَ عُمَيْرٌ، فَحَلَفَ بِاَللّهِ مَا تَكَلّمَ بَهْ قَطّ، وَأَنّ عُمَيْرًا لَكَاذِبٌ - وَهُوَ عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ - وَهُوَ حَاضِرٌ عِنْدَ النّبِىّ ÷ فَقَامَ، وَهُوَ يَقُولُ: اللّهُمّ أَنْزِلْ عَلَى رَسُولِك بَيَانَ مَا تَكَلّمْت بِهِ، فَأَنْزَلَ اللّهُ عَلَى نَبِيّهِ {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} إلَى قَوْلِهِ: {أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} لِلصّدَقَةِ الّتِى أَعْطَاهَا النّبِىّ ÷. فَقَالَ الْجُلاسُ: اسْمَعْ اللّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَىّ التّوْبَةَ وَاَللّهِ لَقَدْ قُلْت: مَا قَالَ عُمَيْرٌ، وَلَمّا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ، وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَنْ خَيْرٍ كَانَ يَصْنَعُهُ إلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، فَكَانَ ذَلِك مِمّا قَدْ عُرِفَتْ بَهْ تَوْبَتُهُ.

 

قارن مع سورة التوبة:

 

{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)} التوبة

 

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (74) وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (78) الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)} التوبة

 

النفاق والتظاهر هو الحيلة التي غلبت كل إرهاب وإكراه محمد الدينيّ، لأنك لا يمكنك أبدًا معرفة ما في ضمائر وعقول الناس، إلا لو فعلوا أفعالًا يمكنك إثباتها بشكل قاطع عليهم، وكان وسيظل المجبورين على التظاهر بطقوس الإسلام خنجرًا في ظهر الدول الإسلامية صنعه محمد بنفسه، لأنه شرّع الإكراه الدينيّ للوثنيين وحد الردة لمن يترك الإسلام، بالتأكيد كثيرون من هؤلاء ساعدوا وثنيي مكة وشبه جزيرة العرب والصليبيين والمغول المنغوليين وربما حتى دولة إسرائيل وأمِرِكا في العصر الحاليّ لشعورهم بالظلم والاضطهاد الواقع عليهم مما أفقد بعضهم الانتماء لأوطانٍ لا تتسع لكل أبنائها على اختلاف عقائدهم وتقاليدهم وأفكارهم. من يقرأ التاريخ بتعمق شديد سيجد أمثلة، ليس بالضرورة ملحدون تمامًا أو غير مسلمين، لكن على الأقل متشككون. وذكر ابن أبي شيبة مثالًا شريفًا على عربي ثقفيّ ناصر المعتدى عليهم وترك قومه الفاتحين، فمن حديث 34432 عن فتح القادسية وجلولاء:

 

.... وَفَرَّ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ ، فَخَلاَ بِالْمُشْرِكِينَ ، فَأَخْبَرَهُمْ ، فَقَالَ : إِنَّ النَّاسَ فِي هَذَا الْجَانِبِ , وَأَشَارَ إِلَى بَجِيلَةَ ، قَالَ : فَرَمَوْا إِلَيْنَا سِتَّةَ عَشَرَ فِيلاً ، عَلَيْهَا الْمُقَاتِلَةُ , وَإِلَى سَائِرِ النَّاسِ فِيلَيْن ، قَالَ : فَكَانَ سَعْدٌ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ : ذَبَّوا عَنْ بَجِيلَة . قَالَ قَيْسٌ : وَكُنَّا رُبْعُ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ , فَأَعْطَانَا عُمَرُ رُبْعَ السَّوَادِ ، فَأَخَذْنَاهُ ثَلاَثَ سِنِينَ.

 

لا ملحد ببنيان معرفيّ قويّ سليم ونفسية صحيحة سيخون وطنه، لكن لا مانع أن كثيرين سيحلمون هجر أوطانهم إلى بلدان الغرب العلمانية، كثيرون من ناقدي الإسلام كتبة الكتب ضده اليوم من أكثر مناوئيه هم منافقون بالاضطرار للحفاظ على وظائفهم أو تجاراتهم أو حيواتهم، قد يتركك بعض المسلمين في دول ربع متحضرة كمصر تعيش لكنْ معيشة كالموت وحياة الموتى الأحياء، ما لم تجد مجموعة ملحدين تشكل منهم مجتمعًا صغيرًا يدعم بعضه الآخر ويؤازر نفسيًّا وفكريًّا واجتماعيًّا، قد يخسر الملحد أسرته بالتأكيد لو أعلن عن عقيدته الشريفة العظيمة السليمة الطبيعية لأنه يعارض بذلك عقول البدائيين ويهدم قصورهم الرملية الوهمية، ويكشف الخلل والنقص في انعدام وجود أي بنيان معرفي أو فكريّ أو أخلاقيّ حقيقيّ وصحيح عندهم، فكل ما عقولهم قد حُشيَتْ به هو الخرافات والأمور غير المنطقية.

 

إن نسبة كبيرة من الجيش الذي قام بالتحرك إلى تبوك كانت تتبع محمدًا نفاقًا طمعًا في المكاسب والغنائم فقط، القصة التالية حكاها ابن إسحاق وكتب تفسير القرآن كلها والواقدي، واللفظ للواقدي:

 

قَالُوا: وَكَانَ رَهْطٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَسِيرُونَ مَعَ النّبِىّ ÷ فِى تَبُوكَ، مِنْهُمْ وَدِيعَةُ ابْنُ ثَابِتٍ، أَحَدُ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَالْجُلاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصّامِتِ، ومخشى بْنُ حِمْيَرَ مِنْ أَشْجَعَ حَلِيفٌ لِبَنِى سَلِمَةَ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ. فَقَالَ: تَحْسَبُونَ قِتَالَ بَنِى الأَصْفَرِ كَقِتَالِ غَيْرِهِمْ؟ وَاَللّهِ لَكَأَنّا بِكُمْ غَدًا مُقَرّنِينَ فِى الْحِبَالِ إرْجَافًا بِرَسُولِ اللّهِ ÷ وَتَرْهِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا لِى أَرَى قُرّاءَنَا هَؤُلاءِ أَوْعَبَنَا بُطُونًا، وَأَكْذَبَنَا أَلْسِنَةً، وَأَجْبَنَنَا عِنْدَ اللّقَاءِ؟ وَقَالَ الْجُلاسُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَكَانَ زَوْجُ أُمّ عُمَيْرٍ، وَكَانَ ابْنُهَا عُمَيْرٌ يَتِيمًا فِى حِجْرِهِ هَؤُلاءِ سَادَتُنَا وَأَشْرَافُنَا وَأَهْلُ الْفَضْلِ مِنّا: وَاَللّهِ لَئِنْ كَانَ مُحَمّدٌ صَادِقًا لَنَحْنُ شَرّ مِنْ الْحَمِيرِ، وَاَللّهِ لَوَدِدْت أَنّى أُقَاضِى عَلَى أَنْ يُضْرَبَ كُلّ رَجُلٍ مِنّا مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَأَنّا نَنْفَلِتُ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا الْقُرْآنُ بِمَقَالَتِكُمْ،

فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لِعَمّارِ بْنِ يَاسِرٍ: “أَدْرِكْ الْقَوْمَ فَإِنّهُمْ قَدْ احْتَرَقُوا، فَسَلْهُمْ عَمّا قَالُوا، فَإِنْ أَنْكَرُوا فَقُلْ بَلَى، قَدْ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا”، فَذَهَبَ إلَيْهِمْ عَمّارٌ، فَقَالَ لَهُمْ: فَأَتَوْا رَسُولَ اللّهِ ÷ يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ، فَقَالَ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَسُولُ اللّهِ ÷ عَلَى نَاقَتِهِ وَقَدْ أَخَذَ بِحَقَبِ نَاقَةِ النّبِىّ ÷ وَرِجْلاهُ تَنْسِفَانِ الْحِجَارَةَ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّمَا كُنّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ فِيهِ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنّ إِنّمَا كُنّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} إلَى قَوْلِهِ: {بِأَنّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} قَالُوا: وَرَدّ عُمَيْرٌ عَلَى الْجُلاسِ مَا قَالَ - حِينَ قَالَ لَنَحْنُ شَرّ مِنْ الْحَمِيرِ - قَالَ: فَأَنْت شَرّ مِنْ الْحِمَارِ، وَرَسُولُ اللّهِ ÷ الصّادِقُ، وَأَنْت الْكَاذِبُ، وَجَاءَ الْجُلاسُ إلَى النّبِىّ ÷ فَحَلَفَ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ عَلَى نَبِيّهِ فِيهِ: {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ}، وَنَزَلَتْ فِيهِ {وَمَا نَقَمُوا إِلاّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} الآيَةُ. قَالَ: وَكَانَ لِلْجُلاسِ دِيَةٌ فِى الْجَاهِلِيّةِ عَلَى بَعْضِ قَوْمِهِ وَكَانَ مُحْتَاجًا، فَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ ÷ الْمَدِينَةَ أَخَذَهَا لَهُ فَاسْتَغْنَى بِهَا. وَقَالَ مخشى بْنُ حِمْيَرَ: قَدْ وَاَللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ قَعَدَ بِى اسْمِى وَاسْمُ أَبِى، فَكَانَ الّذِى عُفِىَ عَنْهُ فِى هَذِهِ الآيَةِ مخشى بْنُ حِمْيَرَ - فَسَمّاهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ عَبْدُ الرّحْمَنِ أَوْ عَبْدُ اللّهِ - وَسَأَلَ اللّهَ عَزّ وَجَلّ أَنْ يُقْتَلَ شَهِيدًا وَلا يُعْلَمَ بِمَكَانِهِ فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَثَرٌ.

وَيُقَالُ فِى الْجُلاسِ بْنُ سُوَيْدٍ: إنّهُ كَانَ مِمّنْ تَخَلّفَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُثَبّطُ النّاسَ عَنْ الْخُرُوجِ وَكَانَتْ أُمّ عُمَيْرٍ تَحْتَهُ، وَكَانَ عُمَيْرٌ يَتِيمًا فِى حِجْرِهِ وَلا مَالَ لَهُ، فَكَانَ يَكْفُلُهُ وَيُحْسِنُ إلَيْهِ فَسَمِعَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاَللّهِ لَئِنْ كَانَ مُحَمّدٌ صَادِقًا لَنَحْنُ شَرّ مِنْ الْحَمِيرِ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: يَا جُلاسُ قَدْ كُنْت أَحَبّ النّاسِ إلَىّ، وَأَحْسَنَهُمْ عِنْدِى أَثَرًا، وَأَعَزّهُمْ عَلَىّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ نَكْرَهُهُ، وَاَللّهِ لَقَدْ قُلْت مَقَالَةً لَئِنْ ذَكَرْتهَا لَتَفْضَحَنّكَ، وَلَئِنْ كَتَمْتهَا لأَهْلِكَنّ، وَإِحْدَاهُمَا أَهْوَنُ عَلَىّ مِنْ الأُخْرَى، فَذَكَرَ لِلنّبِىّ ÷ مَقَالَةَ الْجُلاسِ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ قَدْ أَعْطَى الْجُلاسَ مَالاً مِنْ الصّدَقَةِ لِحَاجَتِهِ، وَكَانَ فَقِيرًا، فَبَعَثَ النّبِىّ ÷ إلَى الْجُلاسِ فَسَأَلَهُ عَمّا قَالَ عُمَيْرٌ، فَحَلَفَ بِاَللّهِ مَا تَكَلّمَ بَهْ قَطّ، وَأَنّ عُمَيْرًا لَكَاذِبٌ - وَهُوَ عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ - وَهُوَ حَاضِرٌ عِنْدَ النّبِىّ ÷ فَقَامَ، وَهُوَ يَقُولُ: اللّهُمّ أَنْزِلْ عَلَى رَسُولِك بَيَانَ مَا تَكَلّمْت بِهِ، فَأَنْزَلَ اللّهُ عَلَى نَبِيّهِ {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} إلَى قَوْلِهِ: {أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} لِلصّدَقَةِ الّتِى أَعْطَاهَا النّبِىّ ÷. فَقَالَ الْجُلاسُ: اسْمَعْ اللّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَىّ التّوْبَةَ وَاَللّهِ لَقَدْ قُلْت: مَا قَالَ عُمَيْرٌ، وَلَمّا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ، وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَنْ خَيْرٍ كَانَ يَصْنَعُهُ إلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، فَكَانَ ذَلِك مِمّا قَدْ عُرِفَتْ بَهْ تَوْبَتُهُ.

 

ملاحظة: راجع نقد سورة التوبة، في باب (تعاليم العنف) فبها الكثير من أهم النصوص في مصادرة حرية الرأي والعقيدة.

 

نموذج لمنع محمد لحرية التعبير

 

روى أحمد:

 

24387 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي لَهَبٍ قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " ائْتُونِي بِوَضُوءٍ " فَقَالَتْ : فَابْتَدَرْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ الْكُوزَ، قَالَتْ: فَبَدَرْتُهَا ، فَأَخَذْتُهُ أَنَا، فَتَوَضَّأَ فَرَفَعَ طَرْفَهُ، أَوْ عَيْنَهُ، أَوْ بَصَرَهُ إِلَيَّ فَقَالَ: " أَنْتِ مِنِّي، وَأَنَا مِنْكِ " قَالَتْ: فَأُتِيَ بِرَجُلٍ، فَقَالَ: "مَا أَنَا فَعَلْتُهُ وَلَكِنْ قِيلَ لِي". قَالَتْ: وَكَانَ سَأَلَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ ؟ فَقَالَ: " أَفْقَهُهُمْ فِي دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَوْصَلُهُمْ لِرَحِمِهِ "، وَذَكَرَ فِيهِ شَرِيكٌ شَيْئَيْنِ آخَرَيْنِ، لَمْ أَحْفَظْهُمَا"

 

إسناده ضعيف لضعف شريك، وهو ابن عبد الله النخعي، ولجهالة شيخ سماك عبد الله بن عميرة، وقد سلف الكلام عليه في الرواية (16626) . ثم إنه اختلف فيه على شريك في إسناده ومتنه: فرواه أسود بن عامر- كما في هذه الرواية- عن شريك، عن سماك، عن عبد الله بن عمارة، عن درة. ورواه أحمد بن عبد الملك- كما سيِأتي في الرواية 6/432 (27434) 27980، ومن تابعه، كما سيأتي في تخريجها- فقال: عن شريك، عن سماك، عن عبد الله بن عميرة، عن زوج درة بنت أبي لهب، عن درة، فزاد في الإسناد زوج درة، ولفظه: "خير الناس أقرؤهم وأتقاهم، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر، وأوصلهم للرحم".

 

ورواه الطبراني في ج24 من المعجم الكبير:

 

657- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الأَزْدِيُّ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِيُّ (ح) وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْمَقْدِسِيُّ ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ زَوْجِ ، دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي لَهَبٍ عَنْهَا ، قَالَتْ : كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ ، فَجِيءَ بِرَجُلٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ نَادَاهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ ؟ قَالَتْ : فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخَذَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ لَيْسَ لِي ذَنْبٌ أَمَرَنِي فُلاَنٌ فَقَالَ : رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَيْرُ النَّاسِ أَتْقَاهُمْ ، وَآمَرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَأَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَوْصَلُهُمْ لِلرَّحِمِ.

 

في هذه الفترة كان محمد يقطع طريق التجارة على قومه قريش، ويقتل منهم وينهب، واعتبره قريش ووثنيو ومتشككو يثرب المتظاهرون بالإسلام لحماية أنفسهم مسيئًا لقومه وأهله، فطبيعي أن القصد من السؤال كان إحراجه والتعريض به والتلميح ضده بطريقة لا يمكن المحاسبة عليها منه كمستبد دكتاتور، فاستدعى محمد كحاكم ظالم طاغية ممارس للقتل والعدوان في الداخل والخارج ولو كان الرجل كلامه أصرح من ذلك لكان أمر بقتله. وقد سموه باسم القاطع (يعني قاطع الطريق وقاطع صلات الرحم والقرابة)، جاء في مغازي الواقدي:

 

وَكَانَ الْحَجّاجُ بْنُ عِلاطٍ السّلَمِىّ ثُمّ الْبَهْزِىّ قَدْ خَرَجَ يُغِيرُ فِى بَعْضِ غَارَاتِهِ فَذُكِرَ لَهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ ÷ بِخَيْبَرَ فَأَسْلَمَ، وَحَضَرَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ ÷ خَيْبَرَ، وَكَانَتْ أُمّ شَيْبَةَ بِنْتُ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمٍ أُخْتُ مَصْعَبٍ الْعَبْدِىّ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ الْحَجّاجُ مُكْثِرًا، لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، مَعَادِنُ الذّهَبِ الّتِى بِأَرْضِ بَنِى سُلَيْمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ ائْذَنْ لِى حَتّى أَذْهَبَ فَآخُذَ مَا لِى عِنْدَ امْرَأَتِى، فَإِنْ عَلِمَتْ بِإِسْلامِى لَمْ آخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ وَقَالَ: لا بُدّ لِى يَا رَسُولَ اللّهِ مِنْ أَنْ أَقُولَ. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ أَنْ يَقُولَ مَا شَاءَ، قَالَ الْحَجّاجُ: فَخَرَجْت فَلَمّا انْتَهَيْت إلَى الْحَرَمِ هَبَطْت فَوَجَدْتهمْ بِالثّنِيّةِ الْبَيْضَاءِ، وَإِذَا بِهِمْ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَتَسَمّعُونَ الأَخْبَارَ قَدْ بَلَغَهُمْ أَنّ رَسُولَ اللّهِ ÷ قَدْ سَارَ إلَى خَيْبَرَ، وَعَرَفُوا أَنّهَا قَرْيَةُ الْحِجَازِ رِيفًا وَمَنَعَةً وَرِجَالاً وَسِلاحًا، فَهُمْ يَتَحَسّبُونَ الأَخْبَارَ مَعَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنْ الرّهَانِ فَلَمّا رَأَوْنِى قَالُوا: الْحَجّاجُ بْنُ عِلاطٍ عِنْدَهُ الْحِجَازِ وَاَللّهِ الْخَبَرُ يَا حَجّاجُ، إنّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنّ الْقَاطِعَ قَدْ سَارَ إلَى خَيْبَرَ بَلَدِ الْيَهُودِ وَرِيفِ ، فَقُلْت: بَلَغَنِى أَنّهُ قَدْ سَارَ إلَيْهَا وَعِنْدِى مِنْ الْخَبَرِ مَا يَسُرّكُمْ، فَالْتَبَطُوا بِجَانِبَىْ رَاحِلَتِى يَقُولُونَ: يَا حَجّاجُ أَخْبِرْنَا.

 

وفي القرآن:

 

{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)} الأنفال

 

محمد هنا يستشهد بقول قاله الوثنيون وفق اعتقاداتهم الخرافية بوجود عدالة سماوية، حيث جاء في السيرة لابن هشام:

 

قال ابن إسحاق: وحدثني محمد ابن مسلم بن شهاب الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْر العُذْري، حليف بني زُهرة، أنه حدثه: لما التقى الناسُ، ودنا بعضُهم من بعض، قال أبو جهل بن هشام: اللهم أقطَعنا للرحم، وآتانا بما لا يُعْرف، فأحِنْه الغَداةَ. فكان هو المستفتح.

 

صحيح وأخرجه أحمد بن حنبل (23661) 24060 والنسائي في السنن الكبرى 11201 والحاكم في المستدرك 2/ 328 وتفسير الطبري.

 

أحنه: أهلكْه. ومعنى الكلام دعاؤه بأن تكون الهزيمة للأكثر قطيعة لمودة القرابة وإتيانًا بما لا يعرفونه فهم كوثنيين لا يعرفون فكرة التوحيد ويعتبرونها مضادة للعقائد والأعراف المعتادة عندهم والتي لذلك اعتبروها سماوية من عند الآلهة الخرافيين.

 

روى النسائي:

 

11201 - أنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد نا عمي نا أبي عن صالح عن بن شهاب قال حدثني عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال: كان المستفتح يوم بدر أبو جهل وإنه قال حين التقى القوم اللهم أينا كان أقطع للرحم وآتى لما لا نعرف فافتح الغد وكان ذلك استفتاحه فأنزل الله { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح }

 

وقال الطبري في تفسيره:

 

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمشركين الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) ، يعني: إن تستحكموا الله على أقطع الحزبين للرحم، وأظلم الفئتين، وتستنصروه عليه، فقد جاءكم حكم الله، ونصرُه المظلوم على الظالم، والمحق على المبطل.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

......

15837- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) ، قال: استفتح أبو جهل فقال: اللهم = يعني محمدًا ونفسه = "أيُّنا كان أفجرَ لك، اللهم وأقطعَ للرحم، فأحِنْه اليوم"! قال الله: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) .

 

وكان معظم_ولا يزال حتى اليوم البعض من_أتباع محمد مستعدين لقتل أي شخص لقوله كلمة واحدة أو بإشارة خفيفة من محمد أو رجل الدين المتطرف، روى أحمد:

 

13193 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ ؟ قَالَ: " لَا إِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في "مسند الطيالسي" (2069) ، ومن طريقه أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (385) . وأخرجه البخاري (6926) من طريق عبد الله بن المبارك، عن شعبة، به. وسيأتي عن روح بن عبادة، عن شعبة برقم (13284) . وانظر ما سلف برقم (11948) .

 

13284 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ، أَنَّ يَهُودِيًّا مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَعَلَيْكَ، أَتَدْرُونَ مَا قَالَ ؟ " قَالَ: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: أَلَا نَقْتُلُهُ فَقَالَ: " لَا، وَلَكِنْ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. روح: هو ابن عبادة القيسي. وأخرجه أبو عوانة في الاستئذان كما في "الإتحاف " 2/363 من طريق روح، بهذا الإسناد. وانظر (13193) .

 

أتباع محمد كانوا يتطوعون بنقل الكلام كجواسيس له

 

دولة محمد كانت نموذجًا لواحدة من أكثر الدول شمولية ومصادرة للحقوق والحريات الأساسية في التاريخ، ومن أمثلة ذلك ما رواه عبد الله بن أحمد وأحمد بن حنبل:

 

• 21217 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، بَيْتُهُ أَقْصَى بَيْتٍ فِي الْمَدِينَةِ، فَكَانَ لَا تَكَادُ تُخْطِئُهُ الصَّلَاةُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَتَوَجَّعْتُ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا فُلَانُ، لَوْ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا يَقِيكَ مِنْ حَرِّ الرَّمْضَاءِ، وَيَقِيكَ مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ قَالَ: وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ بَيْتِي بِطُنُبِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَحَمَلْتُ حِمْلًا، حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَرْجُو فِي أَثَرِهِ الْأَجْرَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لَكَ مَا احْتَسَبْتَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عباد بن عباد: هو ابن حبيب بن المهلَّب بن أبي صُفْرة الأَزْدي البصري. وأخرجه مسلم (663) عن محمد بن أبي بكر المقدمي، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (783) ، وابن خزيمة (450) و (1500) عن أحمد بن عبدة، وأبو عوانة 1/ 388-389، من طريق الصلت بن مسعود، كلاهما عن عباد بن عباد المهلبي، به. وانظر (21212) .

وقوله: "فحَمَلْتُ حِمْلاً" بكسر الحاء، أي: ثقلاً، أي: عظم علي وثقل، واستعظمته لبشاعة لفظه، وهمني ذلك، ولا يريد الحمل على الظهر.

 

21214 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ، لَا أَعْلَمُ رَجُلًا كَانَ أَبْعَدَ مِنْهُ مَنْزِلًا، أَوْ قَالَ: دَارًا، مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا فَرَكِبْتَهُ فِي الرَّمْضَاءِ وَالظُّلُمَاتِ، فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ دَارِي، أَوْ قَالَ: مَنْزِلِي، إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ، فَنُمِيَ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي، أَوْ قَالَ: دَارِي، إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ؟ " قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يُكْتَبَ إِقْبَالِي إِذَا أَقْبَلْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي. قَالَ: "أَعْطَاكَ اللهُ ذَلِكَ كُلَّهُ " أَوْ " أَنْطَاكَ اللهُ مَا احْتَسَبْتَ أَجْمَعَ " أَوْ " أَنْطَاكَ اللهُ ذَلِكَ كُلَّهُ مَا احْتَسَبْتَ أَجْمَعَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو القطَّان التَّمِيمي البصري، والتَّيْمي: هو سليمان بن طَرْخان البصري. وأخرجه ابن حبان (2040) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/207-208، وعبد بن حميد (161) ، والدارمي (1284) ، ومسلم (663) ، وأبو داود (557) ، وابن خزيمة (1500) ، وأبو عوانة 1/389-390، وابن حبان (2041) ، والبيهقي 3/64 و10/77، والبغوي (787) من طرق عن سليمان التيمي، به. وانظر (21212) .

 

21212 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُبَيٍّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَمٍّ لِي شَاسِعَ الدَّارِ، فَقُلْتُ: لَوْ أَنَّكَ اتَّخَذْتَ حِمَارًا أَوْ شَيْئًا فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ بَيْتِي مُطَنَّبٌ بِبَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَمَا سَمِعْتُ عَنْهُ كَلِمَةً أَكْرَهَ إِلَيَّ مِنْهَا، قَالَ: فَإِذَا هُوَ يَذْكُرُ الْخُطَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنَّ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ دَرَجَةً "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الحميدي (376) ، ومسلم (663) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (551) عن أبي زيد بن ثابت بن يزيد الأحول، ومسلم (663) من طريق الجراح بن مَلِيح الرُّؤَاسي والد وكيع، كلاهما عن عاصم بن سليمان الأحول، به. ورواية الطيالسي مختصرة. وسيأتي الحديث من طريق عبد الله بن المبارك (21213) ، وشعبة بن الحجاج (21215) وعباد بن عباد المهلبي (21217) ، كلهم عن عاصم بن سليمان الأحول. وسيأتي أيضاً عن يحيى بن سعيد (21214) ، ومن طريق المعتمر بن سليمان (21216) ، كلاهما عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي. وفي باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد لبعد المنزل انظر حديث أبي هريرة السالف برقم (8618) ، وقد ذكرنا تتمة أحاديث الباب هناك.

وقوله: "شاسع الدار" أي: بعيد الدار من المسجد. وقوله: "مُطَنَّبٌ ببيت محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" اسم مفعول من التطنيب، أي: مشدود بالأَطْناب؛ وهي الحبال التي تشد بها الخيام، والمعنى: ما أحب أن يكون بيتي إلى جانب بيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مع أن جواره مطلوب لكل مؤمن، لما فيه من فوت أجر كثرة الخطا إلى المسجد.

 

21215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَأْتِي الصَّلَاةَ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ اتَّخَذْتَ حِمَارًا يَقِيكَ الرَّمْضَاءَ وَالشَّوْكَ وَالْوَقْعَ، قَالَ شُعْبَةُ: وَذَكَرَ رَابِعَةً، قَالَ: مَحْلُوفَةً، مَا أُحِبُّ أَنَّ طُنُبِي بِطُنُبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "لَكَ مَا نَوَيْتَ " أَوْ قَالَ: "لَكَ أَجْرُ مَا نَوَيْتَ " شُعْبَةُ يَقُولُ ذَلِكَ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن جعفر: هو الهُذَلي البصري المعروف بغُنْدر، وشعبة: هو ابن الحجاج العَتكي مولاهم الواسطي البصري.

 

هنا يظهر أن مقصود المتكلم كان فكرة الثواب المزعوم الذي تحدث عنه محمد واحتساب الخطوات إلى المساجد، لكنه بالغ في طريقة التعبير، فأبلغ عنه أبي بن كعب بطريقة الدول الاستبدادية، ومحمد كمهتم بكل كلمة تُنقَل له استدعاه واستجوبه كالمعتاد. هذا هو أسلوب محاكم تفتيش القرون الوسطى وديوان الزنادقة العباسي لمحاسبة الناس على عقائدها وأفكارها وكلامها والتفتيش في الضمائر.

 

ومن نماذج كره المسلمين والإسلام لحق وحرية الإنسان في التساؤل والتفكير والبحث، لعلمهم أن أيّ تفكير سليم سيكشف أخطاء وتناقضات الدين وأنه خرافة هابطة، ما رواه أبو بكر البزّار في مسنده من خبر كالتالي:

 

299- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلاَّمٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: جَاءَ صَبِيغٌ التَّمِيمِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنِ {الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}، قَالَ: هِيَ الرِّيَاحُ وَلَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ مَا قُلْتُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ {الْحَامِلاَتِ وِقْرًا} قَالَ: هِيَ السَّحَابُ، وَلَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ مَا قُلْتُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ {الْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا}، قَالَ: هِيَ الْمَلاَئِكَةُ، وَلَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ مَا قُلْتُهُ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ {الْجَارِيَاتِ يُسْرًا}، قَالَ: هِيَ السُّفُنُ، وَلَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ مَا قُلْتُهُ قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ مِئَةً وَجَعَلَهُ فِي بَيْتٍ، فَلَمَّا بَرِئَ دَعَا بِهِ فَضَرَبَهُ مِئَةً أُخْرَى وَحَمَلَهُ عَلَى قَتَبٍ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ: امْنَعِ النَّاسَ مِنْ مُجَالَسَتِهِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَتَى أَبَا مُوسَى فَحَلَفَ لَهُ بِالأَيْمَانِ الْمُغَلَّظَةِ مَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ يَجِدُ شَيْئًا، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ: مَا أَخَالُهُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ، فَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُجَالَسَتِهِ النَّاسَ.

 

وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنَّمَا أَتَى مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ فِيمَا أَحْسَبُ لأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَيِّنُ الْحَدِيثِ وَسَعِيدُ بْنُ سَلاَّمٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ إِذْ لَمْ أَحْفَظْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، فَذَكَرْتُهُ وَبَيَّنْتُ الْعِلَّةَ فِيهِ.

 

وورد في الوافي بالوفيات للصفديّ عن هذا المفكِّر المتفكِّر الكريم، ضحية اضطهاد حق الإنسان في التفكير/ حرف الصاد:

 

صبيغ  اليربوعي

 صبيغ بن عسل، ويقال صبيغ بن شريك من بني عسل ابن عمرو بن يربوع بن حنظلة التميمي البصري، الذي سأل عمر بن الخطاب عما سأله فجلده، وكتب إلى أهل البصرة أن لا يجالسوه. ذكر أبو بكر ابن دريد أن اسمه مشتق من الشيء المصبوغ، وذكر أنه كان يحمق، وأنه وفد على معاوية. قال أبو عثمان النهدي: كتب إلينا عمر لا تجالسوا صبيغا، فلو جاءنا ونحن مئة لتفرقنا عنه. وقال ابن سيرين: كتب عمر إلى أبي موسى أن لا يجالس صبيغ وأن يحرم عطاءه ورزقه. ثم كتب أبو موسى إلى عمر أن قد حسنت هيئته، فكتب عمر أن يأذن للناس في مجالسته.

نفى الرجلَ وعذّبَه وأمر بعزله عن الناس كشبه إقامة جبرية ومنع عنه حقَّه لمجرد تفكيره وتساؤله سؤالًا بسيطًا، لا أمنت ولا عدلت يا عمر وها قد قتلك أحد من ظلمتهم واستعبده جنود الإسلام العرب من الفارسيين (أبو لؤلؤة)!

 

ومن الآراء الفقهية الإجرامية الظلامية ما حكاه الذهبي في سير أعلام النبلاء، في ترجمته للشافعي من أئمتهم:

 

وَعَنِ الشَّافِعِيِّ: حُكْمِي فِي أَهْلِ الكَلاَمِ، حُكْمُ عُمَرَ فِي صَبِيْغٍ.

 

 

هناك كثير من الشخصيات في تاريخ العرب وفي الغرب ممن قُمِعوا أو قُتِلوا لأجل أنهم فكرَّوا أو عبَّروا عن رأيهم، لنحيي ذكراهم ونرى فيها إلهامًا ومثالًا نحتذيه، رغم أن هذا لن يفيدهم وقد رحلوا بشيء. لكنه يفيدنا نحن على الأقل معظمنا_عدا من هم في دول كالسعودية والسودان ما يشبهها_حالهم أفضل من ذلك.

 

حد الردة (مصادرة حرية الاعتقاد ومعاقبة من يمارسها)

 

كان محمد قد أجبر كل سكان يثرب ثم كل سكان شبه جزيرة العرب على الإسلام، فكان طبيعيًّا أن يكمل إرهابه الديني وعنفه بتعليم قتل من يعلن تركه لديانة ومذهب محمد.

 

روى البخاري:

 

بَاب{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}


25 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الْحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ

 

6878 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ

 

ورواه مسلم:

 

[ 1676 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث وأبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزان والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة

 

ورواه أحمد 3621  وأخرجه ابن أبي شيبة 14/270، ومسلم (1676) (25) ، وأبو داود (4352) ، والترمذي (1402) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (60) و (893) ، وأبو يعلى (5202) ، وابن حبان (4408) ، والبيهقي في "السنن" 8/213، والبغوي (2517) ، من طريق أبي معاوية -شيخ أحمد-، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه عبد الرزاق (18704) ، والحميدي (119) ، وابن أبي شيبة 14/270، والبخاري (6878) ، ومسلم (1676) (25) و (26) ، والنسائي في "المجتبى" 7/90-91، والدارمي 2/218، وابن أبي عاصم في "السنة" (60) و (893) و (894) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/160-161، وفي "شرح مشكل الآثار" 2/321، والشاشي (375) و (376) و (377) و (379) ، وابن حبان (4407) ، والدارقطني في "السنن" 3/82، والبيهقي في "السنن" 194 و202 و213، وفي "شعب الإيمان" (5331) من طرق الأعمش، به. ورواه أحمد برقم (4245) و (4429) . قال الأعمش: فحدثت به إبراهيم، فحدثني عن الأسود، عن عائشة، بمثله. قلنا: سيرد في مسندها 6/181 (25475 و25477). وفي الباب أيضا عن عثمان عند النسائي 7/103 و104، وابن ماجه (2533) .

 

وروى البخاري:

 

2641 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ

 

وكثيرون بالتأكيد قتلهم المسلمون لأجل حرية الاعتقاد التي صادروها منهم، كتب التاريخ الإسلامي حافلة بأخبار كهذه من قتل وحرق وتعذيب، وروى أحمد:

 

22015 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: قَدِمَ عَلَى أَبِي مُوسَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، بِالْيَمَنِ، فَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ، قَالَ: مَا هَذَا ؟ قَالَ: رَجُلٌ كَانَ يَهُودِيًّا، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَهَوَّدَ، وَنَحْنُ نُرِيدُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ مُنْذُ، قَالَ: أَحْسَبُهُ، شَهْرَيْنِ . فَقَالَ: وَاللهِ لَا أَقْعُدُ حَتَّى تَضْرِبُوا عُنُقَهُ . فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، فَقَالَ: قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ: " أَنَّ مَنْ رَجَعَ عَنْ دَيْنِهِ فَاقْتُلُوهُ " أَوْ قَالَ: " مَنْ بَدَّلَ دَيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وهذا الحديث وإن كان صورته الإرسال إلا أنه قد ثبت اتصاله، انظر الحديث السالف برقم (19666) في مسند أبي موسى الأشعري . أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وأبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري، قيل: اسمه عامر، وقيل: الحارث . ويشهد له حديث ابن عباس سلف برقم (1881) . وحديث ابن مسعود سلف برقم (3621) ، وانظر تتمة شواهده هناك .

 

19666 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي رَجُلَانِ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ: أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِي فَكِلَاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ قَالَ: " مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعُرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ . قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ . قَالَ: " إِنِّي أَوْ لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ " . فَبَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ: انْزِلْ وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً، فَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ قَالَ: " مَا هَذَا ؟ " قَالَ: كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السَّوْءِ فَتَهَوَّدَ . قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللهِ وَرَسُولِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرْنَا قِيَامَ اللَّيْلِ، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: "أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ، وَأَقُومُ، أَوْ أَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي"

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو القطان. وأخرجه بتمامه ومختصراً: أبو داود (3579) و (4354) - ومن طريقه البيهقي في "السنن" 8/195، وفي "الدلائل" 5/401-402- من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد، وقرن أبو داود في الرواية (4354) بأحمد مسدداً، وجاء فيها: "فكلاهما سأل العمل، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساكت" بدل "يستاك". وأخرجه بتمامه ومختصراً كذلك: البخاري (2261) و (6923) و (7156) ، ومسلم ص 1456-1457 (1733) (15) ، وبحشل في "تاريخ واسط" ص213 - 214 والنسائي في "المجتبى " 1/9- 10، وفي "الكبرى" (8) ، وأبو عوانة 4/410، وأبو يعلى (7240) ، وابنُ حبان (1071) ، والبيهقي 8/205 من طريق يحيى القطان، به. وأخرجه بتمامه ومختصراً أبو عوانة 1/193 و4/409-410، والنسائي في "المجتبى" 7/105، وفي "الكبرى" (3529) ، والقضاعي (1134) من طرق عن قُرَة بن خالد، به. وأخرجه البخاري (7157) من طريق خالد الحذاء، عن حميد بن هلال، به، بذكر قصة المرتد. وسيأتي مختصراً بهذه القصة في مسند معاذ 5/231.

 

24304 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ غَالِبٍ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى عَائِشَةَ أَنَا وَعَمَّارٌ وَالْأَشْتَرُ، فَقَالَ عَمَّارٌ: السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا أُمَّتَاهُ، فَقَالَتْ: السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، حَتَّى أَعَادَهَا عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللهِ إِنَّكِ لَأُمِّي وَإِنْ كَرِهْتِ، قَالَتْ: مَنْ هَذَا مَعَكَ ؟ قَالَ: هَذَا الْأَشْتَرُ، قَالَتْ: أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ أَنْ تَقْتُلَ ابْنَ أُخْتِي ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ أَرَدْتُ ذَلِكَ وَأَرَادَهُ، قَالَتْ: أَمَا لَوْ فَعَلْتَ مَا أَفْلَحْتَ، أَمَّا أَنْتَ يَا عَمَّارُ، فَقَدْ سَمِعْتَ أَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مَنْ زَنَى بَعْدَمَا أُحْصِنَ ، أَوْ كَفَرَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا فَقُتِلَ بِهَا "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه عَمرو بن غالب تفرّد بالرواية عنه أبوإسحاق- وهو السَّبيعي- ونقل الحافظ في "التهذيب" عن أبي عَمرو الصدفي أن النسائي وثقه، وصحح له الترمذي حديثاً في فضائل عائشة. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير يونس بن أبي إسحاق، فمن رجال مسلم، وروى له البخاري في جزء القراءة، وهو صدوق. ابن نمير: هو عبد الله، وأبو إسحاق: هو عَمرو بن عبد الله السَّبيعي، واختُلف عليه فيه كما سيرد. وأخرجه الطيالسي (1543) ، وابن أبي شيبة 9/414، وأبو يعلى (4676) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1809) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (في ترجمة عمرو بن غالب) من طريق أبي الأحوص سلاَّم بن سليم، عن أبي إسحاق، بنحوه. ووقفه زهير عن أبي إسحاق: فأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/91، وفي "الكبرى" (3481) من طريق زهير عن أبي إسحاق، عن عَمرو بن غالب قال: قالت عائشة: يا عمار، أما إنك تعلم أنه لا يحل دمُ امرىءٍ مسلم... موقوفاً. وأخرجه أبو داود (4353) ، والنسائي في "المجتبى" 7/101-102 و8/23، وفي "الكبرى" (3511) و (6945) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1800) و (1801) ، والطبراني في "الأوسط" (3772) ، والدارقطني في "السنن" 3/81، والحاكم في "المستدرك" 4/367، وأبو نُعيم في "الحلية" 9/15، والبيهقي في "السنن" 8/283 من طريق إبراهيم بن طَهْمَان، عن عبد العزيز بن رُفيع، عن عُبيد بن عُمير، عن عائشة أنّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "لا يحل دمُ امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال: زانٍ مُحصَن يُرجم، أو رجل قتل رجلاً متعمداً، فيُقتل، أو رجل يخرج من الإسلام يحاربُ الله ورسولهم، فيقتل، أو يصلب، أو يُنفَى من الأرض". قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عُبيد بن عُمير إلا عبد العزيز بن رُفيع، تفرَّد به إبراهيم بن طَهْمان. قلنا: وإبراهيم بن طَهْمان؛ قال الحافظ في "التقريب": ثقة يغرب. وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قلنا: وتحرَّف عُبيد بن عُمير في مطبوعة إلى عبيد الله بن عمر. وسيرد من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السَّبيعي برقمي: (25477) و (25794) . ومن طريق سفيان وإسرائيل برقم (25700). وسيرد من طريق إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة برقم (25475) مجموعاً إلى طريق مسروق عن ابن مسعود. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وحديث ابن مسعود سلف برقم (3621) ، وذكرنا أحاديث الباب هناك.

قال السندي: قولها: السلام على من اتبع الهدى، فيه تعريض له بأنه ممن اتَّبع الهوى، فلا يستحق الردَّ.// أقول: وحديث عائشة هنا هو عن معركة الجمل بين أقاربها وانسبائها كعبد الله بن الزبير ابن أختها وطلحة بن عبيد الله وبين علي وأنصاره. وأما عمار فكان من أنصار علي لكنه ممن شاركوا في مؤامرة قتل عثمان وذكرت كتب التاريخ كالطبري أنه كان ذهب إلى مصر واتى راجعًا مع الثوار المصريين وهو ممن حرضهم.

 

وروى البخاري:


4341-4342 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلَافٍ قَالَ وَالْيَمَنُ مِخْلَافَانِ ثُمَّ قَالَ يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَسَارَ مُعَاذٌ فِي أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَبِي مُوسَى فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ وَقَدْ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَيُّمَ هَذَا قَالَ هَذَا رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ قَالَ لَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ قَالَ إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لِذَلِكَ فَانْزِلْ قَالَ مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا قَالَ فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ قَالَ أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنْ النَّوْمِ فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي

 

6923 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي رَجُلَانِ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ فَكِلَاهُمَا سَأَلَ فَقَالَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قَالَ قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ فَقَالَ لَنْ أَوْ لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ إِلَى الْيَمَنِ ثُمَّ اتَّبَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَلْقَى لَهُ وِسَادَةً قَالَ انْزِلْ وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ قَالَ مَا هَذَا قَالَ كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ قَالَ اجْلِسْ قَالَ لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ثُمَّ تَذَاكَرَا قِيَامَ اللَّيْلِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَأَنَامُ وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي

 

نموذج للعقلية الإسلامية لدى المتطرفين التي قلت كثيرًا أنها فاقدة للحس والبوصلة الأخلاقية، يقتلون إنسانًا بريئًا ويسلبونه حقه في الحياة وقبلها في حرية العقيدة مع تعذيبه وإكراهه، ثم يجلسان للتحدث عن تعبدات خرافية، عقيدة تطهرية وهمية ؛ يعتقدون أنهم يطهرون بها أنفسهم من جرائم كهذه، ويحسبون أنها ليست جرائم بل أوامر إلهية بزعمهم! ويعتقدون أن ترك عقيدتهم مبرر لقتل إنسان ومساواته مع القاتل لنفس!

 

وخلال حروب الردة وأخبارهم في كتب التاريخ تم قتل كثير من أتباع مدعي النبوة الآخرين، أحدهم كان مدعيًا للنبوة قبل محمد، هو مسلمة الحنفي، وآخرون أقل أصالة وفكرًا كالأسود العنسي وطلحة بن خويلد وسجاح مدعية النبوة، بالإضافة إلى قتل مسلمين من قبائل قررت منع الزكاة عن الدولة المركزية في يثرب وجعلها في قبائلها حصرًا. كتب التاريخ تحكي الصراع الرهيب الذي دار في شبه جزيرة العرب كتاريخ الطبري وكتاب حروب الردة للواقدي  والمغازي لابن حبيش وغيرها، وروى البخاري:

 

6924 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ

 

وفيما بعد بالطبع تبقى أشخاص مستترون مؤمنون بعقيدة مسلمة الحنفي القديمة، روى أحمد:

3642- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ لاِبْنِ النَّوَّاحَةِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَوْلاَ أَنَّكَ رَسُولٌ لَقَتَلْتُكَ ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَسْتَ بِرَسُولٍ ، يَا خَرَشَةُ ، قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ ، قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ (1/384)

 

3708- حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، حَدَّثَنِي عَاصِمٌ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ ، حَيْثُ قُتِلَ ابْنُ النَّوَّاحَةِ : إِنَّ هَذَا وَابْنَ أُثَالٍ ، كَانَا أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَسُولَيْنِ لِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللهِ ؟ قَالاَ : نَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ : لَوْ كُنْتُ قَاتِلاً رَسُولاً ، لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا قَالَ : فَجَرَتْ سُنَّةً أَنْ لاَ يُقْتَلَ الرَّسُولُ ، فَأَمَّا ابْنُ أُثَالٍ ، فَكَفَانَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَّا هَذَا ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ فِيهِ ، حَتَّى أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ الآنَ.

 

3837- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنِ ابْنِ مُعَيْزٍ السَّعْدِيِّ ، قَالَ : خَرَجْتُ أَسْقِي فَرَسًا لِي فِي السَّحَرِ ، فَمَرَرْتُ بِمَسْجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ ، وَهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللهِ ، فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَبَعَثَ الشُّرْطَةَ ، فَجَاؤُوا بِهِمْ ، فَاسْتَتَابَهُمْ ، فَتَابُوا فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ ، وَضَرَبَ عُنُقَ عَبْدِ اللهِ بْنِ النَّوَّاحَةِ ، فَقَالُوا : آخَذْتَ قَوْمًا فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ ، فَقَتَلْتَ بَعْضَهُمْ ، وَتَرَكْتَ بَعْضَهُمْ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ هَذَا وَابْنُ أُثَالِ بْنِ حَجَرٍ ، فَقَالَ : أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللهِ ؟ فَقَالاَ : نَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ، لَوْ كُنْتُ قَاتِلاً وَفْدًا ، لَقَتَلْتُكُمَا ، فَلِذَلِكَ قَتَلْتُهُ.

 

وروى عبد الرزاق:

 

18708 - أخبرنا عبد الرزاق عن بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال جاء رجل إلى بن مسعود فقال إني مررت بمسجد من مساجد بني حنيفة فسمعتهم يقرؤون شيئا لم ينزله الله الطاحنات طحنا العاجنات عجنا الخابزات خبزا اللاقمات لقما قال فقدم بن مسعود بن النواحة أمامهم فقتله واستكثر البقية فقال لا أجزرهم اليوم الشيطان سيروهم إلى الشام حتى يرزقهم الله توبة أو يفنيهم الطاعون قال وأخبرني إسماعيل عن قيس أن بن مسعود قال إن هذا لابن النواحة أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم وبعثه إليه مسيلمة فقال النبي صلى الله عليه و سلم لو كنت قاتلا رسولا لقتلته

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

33409- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ ابن عَبِيدِ بْنِ الأَبْرَصِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَتَى بِرَجُلٍ كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ ، ثُمَّ تَنَصَّرَ , فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ كَلِمَةٍ ، فَقَالَ لَهُ , فَقَامَ إلَيْهِ عَلِيٌّ فَرَفَسَهُ بِرِجْلِهِ ، قَالَ : فَقَامَ النَّاسُ إلَيْهِ فَضَرَبُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ.

 

كلمة: لعل المقصود الكلمة بمعنييها المسيحي والإسلامي، كلمة الله، كلمة منه.

 

29616- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ عَمَّارٍ الدَّهْنِيِّ ، قَالَ : حدَّثَنَي أَبُو الطُّفَيْلِ ، قَالَ : كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ بَعَثَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى بَنِي نَاجِيَةَ ، قَالَ : فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ ، فَوَجَدْنَاهُمْ عَلَى ثَلاَثِ فِرَقٍ ، قَالَ : فَقَالَ أَمِيرُنَا لِفِرْقَةٍ مِنْهُمْ : مَا أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ قَوْمٌ مِنَ النَّصَارَى لَمْ نَرَ دِينًا أَفْضَلَ مِنْ دِينِنَا ، فَثَبَتْنَا عَلَيْهِ ، فَقَالَ : اعْتَزَلُوا ، ثُمَّ قَالَ لِفِرْقَةٍ أُخْرَى : مَا أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ قَوْمٌ كُنَّا نَصَارَى فَأَسْلَمْنَا فَثَبَتْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ ، فَقَالَ : اعْتَزَلُوا ، ثُمَّ قَالَ لِلثَّالِثَةِ : مَا أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ قَوْمٌ كُنَّا نَصَارَى فَأَسْلَمْنَا ، ثُمَّ رَجَعْنَا ، فَلَمْ نَرَ دِينًا أَفْضَلَ مِنْ دِينِنَا الأَوَّلِ ، فَتَنَصَّرْنَا ، فَقَالَ لَهُمْ : أَسْلِمُوا ، فَأَبَوْا ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ : إِذَا مَسَحْتُ رَأْسِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَشُدُّوا عَلَيْهِمْ ، فَفَعَلُوا ، فَقَتَلُوا الْمُقَاتِلَةَ ، وَسَبَوْا الذَّرِيةَ.

 

29617- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ طَاوُوسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لاَ تُسَاكِنُكُمَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، إِلاَّ أَنْ يُسْلِمُوا ، فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ ثُمَّ ارْتَدَّ ، فَلاَ تَضْرِبُوا إِلاَّ عُنُقَهُ.

 

29611- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ أُنَاسٌ يَأْخُذُونَ الْعَطَاءَ وَالرِّزْقَ وَيُصَلُّونَ مَعَ النَّاسِ كَانُوا يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ فِي السِّرِّ ، فَأُتِيَ بِهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَوَضَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ ، أَوْ قَالَ : فِي السِّجْنِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، مَا تَرَوْنَ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَأْخُذُونَ مَعَكُم الْعَطَاءَ وَالرِّزْقَ ، وَيَعْبُدُونَ هَذِهِ الأَصْنَامَ ؟ قَالَ النَّاسُ : اقْتُلْهُمْ ، قَالَ : لاَ ، وَلَكِنْ أَصْنَعُ بِهِمْ كَمَا صُنِعَ بِأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ صلوات الله عليه ، فَحَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ.

 

29612- حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُعْمَانَ ، قَالَ : شَهِدْتُ عَلِيًّا فِي الرَّحْبَةِ ، وَجَاءَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ هَاهُنَا أَهْلَ بَيْتٍ لَهُمْ وَثَنٌ فِي دَارِهِمْ يَعْبُدُونَهُ ، فَقَامَ عَلِيٌّ يَمْشِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى الدَّارِ ، فَأَمَرَهُمْ فَدَخَلُوا ، فَأَخْرَجُوا إِلَيْهِ تِمْثَالَ رُخَامٍ ، فَأَلْهَبَ عَلِيٌّ الدَّارَ.

 

29613- حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ مُخَارِقٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : بَعَثَ عَلِيٌّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى مِصْرَ ، فَكَتَبَ مُحَمَّدُ إِلَى عَلِيٍّ يَسْأَلُهُ عَنْ زَنَادِقَةٍ ؛ مِنْهُمْ مَنْ يَعْبُدُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْبُدُ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُدْعَى لِلإِسْلاَمِ ؟ فَكَتَبَ عَلِيٌّ وَأمَرَهُ بِالزَّنَادِقَةِ ؛ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ كَانَ يَدْعِي الإِسْلاَمِ ، وَيُتْرَكُ سَائِرُهُمْ يَعْبُدُونَ مَا شَاؤُوا.

 

نموذج لهمجية الهمج الوحشيين غير المتعقلين، البشر البدائيين المدافعين عن أوثانهم الفكرية، قتلوا رجلًا بريئًا بضربه حتى الموت، هذا حدث كثيرًا في التاريخ. يوجد ملف أعددته في كتاب آخر عن بعض الاضطهادات التي تعرض لها الملحدون في التاريخ الإسلامي كأقلية فكرية، ومنظمة مسيحيي الشرق الأوسط كتب لها كتاب متميزون مسيحيون كتاب (المضطهدون، قصة الأمة القبطية) وهو في 213 صفحة! لا يمكنني هنا عرض نصوص الملفين لكبرهما طبعًا.

 

33413- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : كَتَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلاً تَبَدَّلَ بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِيمَانِ , فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ : اسْتَتِبْهُ , فَإِنْ تَابَ فَاقْبَلْ مِنْهُ , وَإِلاَّ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ.

 

33424- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :لَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَتْحُ تُسْتَرَ وَتُسْتَرُ مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ سَأَلَهُمْ : هَلْ مِنْ مُغَرِّبَةٍ ، قَالُوا : رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ فَأَخَذْنَاهُ ، قَالَ : مَا صَنَعْتُمْ بِهِ ، قَالُوا : قَتَلْنَاهُ ، قَالَ : أَفَلاَ أَدْخَلْتُمُوهُ بَيْتًا وَأَغْلَقْتُمْ عَلَيْهِ بَابًا وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا ، ثُمَّ اسْتَتَبْتُمُوهُ ثَلاَثًا فَإِنْ تَابَ وَإِلاَّ قَتَلْتُمُوهُ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ لَمْ أَشْهَدْ وَلَمْ آمُرْ وَلَمْ أَرْضَ إذَا بَلَغَنِي ، أَوَ قَالَ : حِينَ بَلَغَنِي.

 

ورواه مالك في الموطأ (رواية الزهري وترقيمها):

 

2986 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ، فَأَخْبَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ، قَالَ: فَمَا فَعَلْتُمْ بِهِ؟ قَالَ: قَرَّبْنَاهُ , فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، فَقَالَ: هلاَ حَبَسْتُمُوهُ ثَلاَثًا، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ , لَعَلَّهُ يَتُوبُ، أو يُرَاجِعُ أَمْرَ اللهِ؟ اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ، وَلَمْ آمُرْ، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي.

 

الرجل اختار ما هو شريف ونبيل، لقد رأى بعينيه أفعال المسلمين الوحشية في الفتوحات، فآثر القتل على المشاركة في قتل الناس بدون ذنب والعدوان على الشعوب. هذا رجل يستحق تذكره وتخليد ذكراه.

 

33411- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ ، قَالَ : خَرَجَ رَجُلٌ يَطْرُقُ فَرَسًا لَهُ فَمَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ فَصَلَّى فِيهِ فَقَرَأَ لَهُمْ إمَامُهُمْ بِكَلاَمِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ , فَأَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرَهُ فَبَعَثَ إلَيْهِمْ فَجَاءَ بِهِمْ , فَاسْتَتَابَهُمْ فَتَابُوا إِلاَّ عَبْدَ اللهِ ابْنَ النَّوَّاحَةِ فَأَنَّهُ قَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ اللهِ لولا أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : لَوْلاَ أَنَّكَ رَسُولٌ لَضَرَبْت عُنُقَك , فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَسْت بِرَسُولٍ , يَا خَرَشَةُ قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَامَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.

 

ابن النواحة المسكينة هذا لما قتله عبد الله بن مسعود ألقى رأسه في حجر أمه، فظلت تنوح وتبكي بحزن كما تقول كتب التاريخ.

 

33423- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ، قَالَ : حدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ابْنِ عُتْبَةَ ، قَالَ : كَانَ نَاسٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ مِمَّنْ كَانَ مَعَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ يُفْشُونَ أَحَادِيثَهُ وَيَتْلُونَهُ فَأَخَذَهُمَ ابْنُ مَسْعُودٍ فكتب ابن مسعود إلَى عُثْمَانَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُثْمَان أَنَ ادْعُهُمْ إلَى الإِسْلاَمِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْهُمْ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاخْتَارَ الإِيمَانَ عَلَى الْكُفْرِ فَاقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَخَلِّ سَبِيلَهُمْ , فَإِنْ أَبَوْا فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ , فَاسْتَتَابَهُمْ , فَتَابَ بَعْضُهُمْ وَأَبَى بَعْضُهُمْ , فَضَرَبَ أَعْنَاقَ الَّذِينَ أَبَوْا.

 

29610- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ؛ أَنَّ عَلِيًّا حَرَقَ زَنَادِقَةً بِالسُّوقِ ، فَلَمَّا رَمَى عَلَيْهِمْ بِالنَّارِ ، قَالَ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَاتَّبَعْتُهُ ، قَالَ : أَسُوَيْدُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، سَمِعْتُك تَقُولُ شَيْئًا ، قَالَ : يَا سُوَيْد ، إِنِّي مَعَ قَوْمٍ جُهَّالٍ ، فَإِذَا سَمِعْتنِي أَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَهُوَ حَقٌّ.

 

33410- حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ الْمُخَارِقِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : بَعَثَ عَلِيٌّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى مِصْرَ فَكَتَبَ إلَى عَلِيٍّ يَسْأَلُهُ عَنْ زَنَادِقَةٍ , مِنْهُمْ مَنْ يَعْبُدُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْبُدُ غَيْرَ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ فَكَتَبَ إلَيْهِ وَأَمَرَهُ فِي الزَّنَادِقَةِ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ كَانَ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ , وَيَتْرُكَ سَائِرَهُمْ يَعْبُدُونَ مَا شَاؤُوا.

 

33414- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ الْعَامِرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ أُنَاسٌ يَأْخُذُونَ الْعَطَاءَ وَالرِّزْقَ وَيُصَلُّونَ مَعَ النَّاسِ ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ فِي السِّرِ , فَأَتَى بِهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَوَضَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ ، أَوَ قَالَ فِي السِّجْنِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , مَا تَرَوْنَ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَأْخُذُونَ مَعَكُمَ الْعَطَاءَ وَالرِّزْقَ وَيَعْبُدُونَ هَذِهِ الأَصْنَامَ ؟ قَالَ النَّاسُ : اقْتُلْهُمْ ، قَالَ : لاَ , وَلَكِنْ أَصْنَعُ بِهِمْ كَمَا صَنَعُوا بِأَبِينَا إبْرَاهِيمَ , فَحَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ.

 

كلام عجيب، ما علاقة أسطورة إبراهيم الخرافية بهؤلاء الناس الذين لا دخل لهم بهذه الأسطورة لو افترضنا حتى حدوثها، أي هراء وجنون وإجرام؟!

 

33415- حَدَّثَنَا الْبَكْرَاوِيُّ ، عَنْ عُبيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي قَوْمٍ نَصَارَى ارْتَدُّوا فَكَتَبَ أَنَ اسْتَتِيبُوهُمْ , فَإِنْ تَابُوا وَإِلاَّ فَاقْتُلُوهُمْ.

 

33430- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ ، قَالَ : كَتَبَ عَامِلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْيَمَنِ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ، ثُمَّ تَهَوَّدَ , وَرَجَعَ عَنِ الإِسْلاَمِ , فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ أَنَ ادْعُهُ إلَى الإِسْلاَمِ , فَإِنْ أَسْلَمَ فَخَلِّ سَبِيلَهُ , وَإِنْ أَبِي فَادْعُ بالخشبة ، ثُمَّ ادْعُهُ فَإِنْ أَبَى فَأَضْجِعْهُ عَلَيْهَا , ثُمَّ ادْعُهُ فَإِنْ أَبَى فَأَوْثِقْهُ ، ثُمَّ ضَعَ الحربة عَلَى قَلْبِهِ ، ثُمَّ ادْعُهُ , فَإِنْ رَجَعَ فَخَلِّ سَبِيلَهُ , وَإِنْ أَبَى فَاقْتُلْهُ ، فَلَمَّا جَاءَ الْكِتَابُ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ حَتَّى وَضَعَ الْحَرْبَةَ عَلَى قَلْبِهِ ، ثُمَّ دَعَاهُ فَأَسْلَمَ فَخَلَّى سَبِيلَهُ.

 

33425- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ عُثْمَانَ ، قَالَ : يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ ثَلاَثًا.

 

33426- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ حَيَّانَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : يُدْعَى إلَى الإِسْلاَمِ ثَلاَثَ مِرَارٍ , فَإِنْ أَبَى ضُرِبَتْ ، عنُقُهُ.

 

33427- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ ثَلاَثًا.

33428- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ ثَلاَثًا , فَإِنْ عَادَ قُتِلَ.

33429- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عن سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَمَّنْ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ ثَلاَثًا.

 

وفي المعجم الكبير للطبراني ج9:

 

8960 - حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا المسعودي عن القاسم قال: أتي عبد الله فقيل له : يا أبا عبد الرحمن إن ههنا ناس يقرؤون قراءة مسيلمة فرده عبد الله فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم أتاه فقال : والذي أحلف به يا أبا عبد الرحمن لقد تركتهم الآن في دار وإن ذلك المصحف لعندهم فأمر قرظة بن كعب فسار بالناس معه فقال : ائت بهم فلما أتى بهم قال عبد الله : ما هذا بعد استفاض الإسلام ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن نستغفر الله ونتوب إليه ونشهد أن مسيلمة هو الكذاب المفتري على الله ورسوله قال : فاستتابهم عبد الله وسيرهم إلى الشام وإنهم لقريب من ثمانين رجلا وأبى ابن النواحة أن يتوب فأمر به قرظة بن كعب فأخرجه إلى السوق فضرب عنقه وأمره أن يأخذ رأسه فيلقيه في حجر أمه قال عبد الرحمن بن عبد الله : فلقيت شيخا منهم كبيرا بعد ذلك بالشام فقال لي : رحم الله أباك والله لو قتلنا يومئذ لدخلنا النار كلنا

 

8956 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: جاء رجل إلى ابن مسعود فقال : إني مررت بمسجد من مساجد بني حنيفة فسمعتهم يقرأون شيئا لم ينزل الله الطاحنات طحنا العاجنات عجنا الخابزات خبزا اللاقمات لقما قال : فقدم ابن مسعود ابن النواحة إمامهم فقتله واستكثر البقية وقال : لا أجزرهم اليوم الشيطان سيروهم إلى الشام حتى يرزقهم الله توبة أو يفنيهم الطاعون

 قال : وأخبرني إسماعيل عن قيس بن أبي حازم أن ابن مسعود قال : إن هذا لابن النواحة أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم وبعثه إليه مسيلمة فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لو كنت قاتلا رسولا لقتلته

 

8957 - حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي و أبو خليفة قالا ثنا محمد بن كثير ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب: أنه أتى عبد الله بن مسعود فقال : ما بيني وبين أحد من العرب إحنة وإني مررت بمسجد لبني حنيفة فإذا هم يؤمنون بمسيلمة فأرسل إليهم عبد الله فجيء بهم فاستتابهم غير ابن النواحة فقال له سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لولا أنك رسول لضربت عنقك فأنت اليوم ليس برسول فأمر قرظة بن كعب فضرب عنقه في السوق ثم قال : من أراد أن ينظر إلى ابن النواحة قتيلا بالسوق

 

8958 - حدثنا بكر بن سهل الدمياطي ثنا عبد الله بن يوسف ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حارثة بن مضرب قال قال عبد الله لابن النواحة: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لولا أنك رسول لقتلتك فأما اليوم فلست برسول يا حرشة قم فاضرب عنقه فقام إليه فضرب عنقه

 

8959 - حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا يحيى الحماني ثنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لابن النواحة: أتشهد أني رسول الله ؟ قال : أتشهد أنت أن مسيلمة رسول الله فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لولا أنك رسول لقتلتك

 

مثال للبشاعة والإكراه الدينيّ للناس على عقيدة، دون اختيار منهم، وانظر للبشاعة في آخر حديث من أن عبد الله بن مسعود أمر بوضع رأس من يسمونه ابن النوّاحة في حجرها! ربما المسكينة ظلت تنوح كثيرًا أو طول عمرها لتلك الصدمة ولذلك لقَّبوها بهذا الاسم؟!

 

قدمت في (حروب محمد الإجرامية) بشعر منه شعر لصالح بن عبد القدوس ينتقد فيه زواج محمد من زينب بنت جحش بالإكراه، تكريمًا لذكراه، وجاء في كتاب الأعلام للزركلي:

 

صالح بن عبد القدوس

( 000 - نحو 160 هـ = 000 - نحو 777 م)

صالح بن عبد القدوس بن عبد الله بن عبد القدوس الازدي الجذامي، مولاهم، أبو الفضل: شاعر حكيم، كان متكلما، يعظ الناس في البصرة. له مع أبي الهذيل العلاف مناظرات، وشعره كله أمثال وحكم وآداب. اتهم عند المهدي العباسي بالزندقة، فقتله ببغداد. قال المرتضى: (قيل: رؤي ابن عبد القدوس يصلي صلاة تامة الركوع والسجود، فقيل له: ما هذا، ومذهبك معروف ؟ قال: سنة البلد، وعادة الجسد، وسلامة الاهل والولد !) وعمي في آخر عمره. وللمعاصر

عبد الله الخطيب، كتاب (صالح بن عبد القدوس البصري - ط) ببغداد (1).

__________

(1) نكت الهميان 171 وأمالي المرتضى 1: 100 وفوات الوفيات 1: 191 وابن عساكر 6: 371 وميزان الاعتدال 1: 457 وأورد من شعره الأبيات التي أولها:

(لا يبلغ الاعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه).

ولسان الميزان 3: 172 وتاريخ بغداد 9: 303 ورغبة الآمل 3: 107 وفيه: (علقه أمير المؤمنين المهدي ببغداد، بعد ما ضربه بالسيف فقده نصفين، وكان مولعا بقتل الزنادقة).

والمورد 3: 2: 230

 

 

وفي البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع:

 

صالح بن عبد القدوس   أبو الفضل صالح بن عبد القدوس البصري مولى الأزد أحد الشعراء اتهمه المهدي بالزندقة فأمر بحمله فأحضر فلما خاطبه أعجب بغزارة أدبه وعلمه وبراعته وحسن بيانه وكثرة حكمته فأمر بتخلية سبيله فلما ولى رده وقال ألست القائل  ( والشيخ لا يترك أخلاقه * حتى يوارى في ثرى رمسه )  ( إذا ارعوى عاد إلى جهله * كذي الضنى عاد إلى نكسه )  قال بلى يا أمير المؤمنين قال فأنت لا تترك أخلاقك ونحن نحكم فيك بحكمك في نفسك ثم أمر به فقتل وصلب على الجسر ويقال إن المهدي أبلغ عنه أبياتا عرض فيها بذكر النبي فأحضره المهدي وقال له أنت القائل هذه الأبيات قال لا والله يا أمير المؤمنين وما أشركت بالله طرفه عين فاتق الله ولا تسفك دمي على الشبهة وقد قال النبي ادرأوا الحدود بالشبهات وجعل يتلو عليه القرآن حتى رق له وأمر بتخليته  فلما ولى قال أنشدني قصيدتك السينية فأنشده حتى بلغ إلى قوله فيها والشيخ لا يترك أخلاقه فأمر به حينئذ فقتل  ومن مستحسنات قصائد صالح المذكور القصيدة التي أولها 

( المرء يجمع والزمان يفرق * ويظل يرقع والخطوب تمزق )        

( وزن الكلام إذا نطقت فإنما * يبدي عيوب ذوي العقول المنطق ) 

( ومن الرجال إذا استوت أحلامهم * من يستشار إذا استشير فيطرق ) 

( حتى يجيل بكل واد قلبه * فيرى ويعرف ما يقول فينطق )

( ما الناس إلا عاملان فعامل * قد مات من عطش وآخر يغرق ) 

( والناس في طلب المعاش فإنما * بالجد يرزق منهم من يزرق )

( لو يرزقون الناس حسب عقولهم * ألفيت أكثر من ترى يتصدق )

( لكنه فضل المليك عليهم * هذا عليه موسع ومضيق )

( وإذا الجنازة والعروس تلاقيا * ورأيت دمع نوائح يترقرق ) 

( سكت الذي تبع العروس مبهتا * ورأيت من تبع الجنازة ينطق )

 

ومن كتاب العلام للزركلي:

 

السكاكيني

(635 - 721 هـ = 1237 - 1321 م)

محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمذاني ثم الدمشقي، المعروف بالسكاكيني: فاضل، يميل إلى مذهب المعتزلة. يناظر على القدر وينكر الجبر.احترف في صغره صناعة السكاكين، فنسب إليها.

ووجد بعد موته كتاب بخطه، اسمه (الطرائف في معرفة الطوائف) وفيه زندقة وطعن على دين الاسلام، فأخذه تقي الدين السبكي وأتلفه (2).

 

)2) البدر الطالع 2: 151 وفيه: وفاته سنة 821 من خطأ الطبع. والدرر الكامنة 3: 410.

 

 

وأما ابن المقفع فهو عبد الله بن المقفع الكاتب المشهور بالبلاغة صاحب الرسائل البديعة وهو من أهل فارس وكان مجوسياً فأسلم على يد عيسى بن علي عم السفاح والمنصور الخليفتين الأولين من خلفاء بني العباس ثم كتب له واختص به  ومن كلامه شربت من الخطب ريا ولم أضبط لها رويا فغاضت ثم فاضت فلا هي هي نظاما وليست غيرها كلاما  وقال الهيثم ابن عدي جاء ابن المقفع إلى عيسى بن علي فقال له قد دخل الاسلام في قلبي وأريد أن أسلم على يدك فقال له عيسى ليكن ذلك بمحضر من القواد ووجوه الناس فإذا كان الغد فاحضر ثم حضر طعام عيسى عشية ذلك اليوم فجلس ابن المقفع يأكل ويزمزم على عادة المجوس فقال له عيسى أتزمزم وأنت على عزم الإسلام فقال أكره أن أبيت على غير دين فلم أصبح أسلم على يده  وكان ابن المقفع مع فضله يتهم بالزندقة فحكى الجاحظ أن ابن المقفع ومطيع بن إياس ويحيى بن زياد كانوا يتهمون في دينهم قال بعضهم فكيف نسي الجاحظ نفسه وكان المهدي بن المنصور الخليفة يقول ما وجدت كتاب زندقة إلا وأصله ابن المقفع وقال الأصمعي صنف ابن المقفع المصنفات الحسان منها الدرة اليتيمة التي لم يصنف في فنها مثلها وقال الأصمعي قيل لابن المقفع من أدبك فقال نفسي إذا رأيت من غيري حسنا أتيته وإن رأيت قبيحاً أبيته  واجتمع ابن المقفع بالخليل بن أحمد صاحب العروض فلما افترقا قيل للخليل كيف رأيته فقال علمه  أكثر من عقله وقيل لابن المقفع كيف رأيت الخلل فقال عقله أكثر من عمله ويقال إن ابن المقفع هو الذي وضع كتاب كليلة ودمنة وقيل إنه لم يضعه وإنما كان باللغة الفارسية فعربه ونقله إلى العربية وإن الكلام الذي في أول هذا الكتاب من كلامه  وكان ابن المقفع يعبث بسفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة أمير البصرة وينال من أمه ولا يسميه إلا بابن المغتلمة وكثر ذلك منه فقدم سليمان وعيسى ابنا علي البصرة وهما عما المنصور ليكتبا أماناً لأخيهما المنصور وطلب الخلافة لنفسه فأرسل إليه المنصور جيشاً مقدمه أبو مسلم الخراساني فانتصر أبو مسلم عليه وهرب عبد الله بن علي إلى أخويه سليمان وعيسى واستتر عندهما خوفاً على نفسه من المنصور فتوسطا له عند المنصور ليرضي عنه ولا يؤاخذه بما جرى منه فقبل شفاعتهما واتفقوا على أن يكتب له أمان من المنصور وهذه الواقعة مشهورة في كتب التواريخ  وقد أتيت منها في هذا المكان بما تدعو الحاحة إليه لينبتي الكلام بعضه على بعض  فلما أتيا البصرة قالا لعبد الله بن المقفع اكتبه أنت وبالغ في التأكيد كي لا يقتله المنصور  وقد ذكرت أن ابن المقفع كان كاتباً لعيسى بن علي فكتب ابن المقفع الأمان وشدد فيه حتى قال في جملة فصوله ومتى غدر أمير المؤمنين بعمه عبد الله بن علي فنساؤه طوالق ودوابه حبس وعبيده أحرار والمسلمون في حل من بيعته  وكان ابن المقفع يتنوق في الشروط فلما وقف عليه المنصور عظم ذلك عليه وقال من كتب هذا فقالوا له رجل يقال له عبد الله بن المقفع يكتب لأعمامك فكتب إلى سفيان متولي البصرة المقدم ذكره يأمره بقتله وكان سفيان شديد الخنق عليه للسبب الذي تقدم ذكره فاستأذن ابن المقفع يوماً على سفيان فأخر إذنه حتى خرج من كان عنده ثم أذن له فدخل فعدل به إلى حجرة فقتل فيها  وقال المدائني لما دخل ابن المقفع على سفيان قال له أتذكر ما كنت تقول في أمي فقال أنشدك الله أيها الأمير في نفسي فقال أمي مغتلمة إن لم أقتلك قتلة لم يقتل بها أحد وأمر بتنور فسجر ثم أمر بابن المقفع فقطعت أطرافه عضواً عضواً وهو يلقيها في التنور وهو بنظر حتى أتى على جميع جسده ثم أطبق عليه التنور وقال ليس علي في المثلة بك حرج لأنك زنديق وقد أفسدت الناس  وسأل سليمان وعيسى عنه فقيل إنه دخل دار سفيان سليماً ولم يخرج منها فخاصماه إلى المنصور وأحضراه إليه مقيداً وحضر الشهود الذين شاهدوه وقد دخل داره ولم يخرج فأقاموا الشهادة عند المنصور فقال لهم المنصور أنا أنظر في هذا الأمر ثم قال لهم أرأيتم إن قتلت سفيان به ثم خرج ابن المقفع من هذا البيت وأشار إلى باب خلفه وخاطبكم ما تروني صانعاً بكم أأقتلكم بسفيان فرجعوا كلهم عن الشهادة وأضرب عيسى وسليمان عن ذكره وعلموا أن قتله كان برضا المنصور ويقال إنه عاش ستاً وثلاثين سنة  وذكر الهيثم بن عدي أن ابن المقفع كان يستخف بسفيان كثيرا وكان أنف سفيان كبيراً فكان إذا دخل عليه قال السلام عليكما يعني نفس وأنفه وقال له يوما ما تقول في شخص مات وخلف زوجاً وزوجة يسخر به على رؤوس الناس وقال سفيان يوماً ما ندمت على سكوت قط فقال له ابن المقفع الخرس زين لك فكيف تندم عليه وكان سفيان يقول والله لأقطعنه إرباً إرباً وعينة تنظر وعزم على أن يغتاله فجاءه كتاب المنصور بقتله فقتله  وقال البلاذري لما قدم عيسى بن علي البصرة في أمر أخيه عبد الله بن علي قال لابن المقفع اذهب إلى سفيان في أمر كذا وكذا فقال ابعث إليه غيري فإني أخاف منه فقال اذهب فأنت في أماني فذهب إليه ففعل به ما ذكرناه وقيل إنه ألقاه في بئر المخرج وردم عليه الحجارة وقيل أدخله حماماً وأغلق عليه بابه فاختنق  قلت ذكر صاحبنا شمس الدين أبو المظفر يوسف الواعظ سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي الواعظ المشهور في تاريخه الكبير الذي سماه مرآه الزمان أخبار ابن المقفع وما جرى له وقتله في سنة خمس وأربعين ومائة ومن عادته أن يذكر كل واقعة في السنة التي كانت فيها فيدل على أن قتله كان في السنة المذكورة وفي كلام عمر بن شبة في كتاب أخبار البصرة ما يدل على أن ذلك كان في سنة اثنتين وأربعين ومائة أو ثلاث وأربعين  ولا خلاف في أن سليمان بن علي المقدم ذكره مات في سنة اثنتين وأربعين ومائة وقد ذكرنا أنه قام مع أخيه عيسى بن علي في طلب ثأر ابن المقفع فيدل أيضاً على أنه قتل في هذه السنة والله أعلم  وابن المقفع له شعر وهو مذكور في كتاب الحماسة

 

أما موقفهم مع النساء لو قررن ترك الإسلام فهو أخبث وأشر، فهي قد تتعرض للاغتصاب والاستعباد، والبيع كالماشية، ولا تزال تتعرض المعارضات في إيران للاغتصاب بزواج بالإكراه قبل القتل، مع إرسال الحكومة لمبلغ مالي سخيف للأسرة كسخرية وإهانة لتأكيد حدوث الزواج بالإكراه والاغتصاب  لكي تخاف المعارضات فلا تعارض، انظر الكوكمِس Persepolis , part1, by Marjane Satrapi، وهذا كان سبب هجرة تلك السيدة المفكرة الناقدة بمساعدة ودعم والديها المحبين لكي لا تتعرض لمصير صديقتها التي عرفتها من اغتصاب وقتل، نظرًا لقوة شخصيتها وإصرارها على التفكير والتعبير فكانت هجرتها، وقال ابن أبي شيبة:

 

ما قالوا فِي المرتدّةِ عنِ الإِسلامِ.

 

33442- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ خِلاَسٍ ، عَنْ عَلِيٍّ فِي الْمُرْتَدَّةِ : تستأمى ، وَقَالَ حَمَّادٌ : تُقْتَلُ.

تُستَأْمَى: يعني تُستعبَد وتصيَّر أَمَةً.

 

33443- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَوَكِيعٌ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لاَ تُقْتَلُ النِّسَاءُ إذَا ارْتَدَدْنَ عَنِ الإِسْلاَمِ , وَلَكِنْ يُحْبَسْنَ وَيُدْعَيْنَ إلَى الإِسْلاَمِ وَيُجْبَرْنَ عَلَيْهِ.

 

33444- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ عَطَاءٍ فِي الْمُرْتَدَّةِ ، قَالَ : لاَ تُقْتَلُ.

33445- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : لاَ تُقْتَلُ.

 

33446- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : لاَ تُقْتَلُ النِّسَاءُ إذَا هُنَّ ارْتَدَدْنَ عَنِ الإِسْلاَمِ , وَلَكِنْ يُدْعَيْنَ إلَى الإِسْلاَمِ , فَإِنْ هُنَّ أَبَيْنَ سُبِينَ وَجُعِلْنَ إمَاءً لِلْمُسْلِمِينَ ، وَلاَ يُقْتَلْنَ.

 

33447- حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ أَبِي حَرَّةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ فِي الْمَرْأَةِ تَرْتَدُّ عَنِ الإِسْلاَمِ ؟ قَالَ : لاَ تُقْتَلُ , تُحْبَسُ.

 

33448- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنْ عُبَيْدَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : لاَ تُقْتَلُ.

 

33450- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ أُمَّ وَلَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ارْتَدَّتْ , فَبَاعَهَا بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ دِينِهَا.

 

33449- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ فِي الْمُرْتَدَّةِ : تُسْتَتَابُ , فَإِنْ تَابَتْ وَإِلاَّ قُتِلَتْ.

 

33451- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي الْمَرْأَةِ تَرْتَدُّ عَنِ الإِسْلاَمِ ، قَالَ : تُسْتَتَابُ , فَإِنْ تَابَتْ وَإِلاَّ قُتِلَتْ.

 

ببساطة كثيرون منهم استخسروا فرصة إرضاء شهوتهم العدوانية لكسر امرأة حرة شجاعة وإذلالها وتحطيمها واستعبادها.

 

وروى البيهقي في السنن الكبرى حديثًا ضعيفًا لعله يعطينا صورة عن حال الإكراه الديني في يثرب:

 

16642 - أخبرنا أبو سعد الماليني أنبأ أبو أحمد بن عدي ثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا جعفر بن محمد بن سلم البزاز ثنا الخليل بن ميمون ثنا عبد الله بن أذينة عن هشام بن الغاز عن محمد بن المنكدر عن جابر قال ارتدت امرأة عن الإسلام فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يعرض عليها الإسلام وإلا قتلت فعرضوا عليها الإسلام فأبت إلا أن تقتل فقتلت في هذا الإسناد بعض من يجهل وقد روي من وجه آخر عن بن المنكدر

 

16643 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه أنبأ علي بن عمر الحافظ ثنا إبراهيم بن محمد بن علي بن بطحا ثنا نجيح بن إبراهيم الزهري ثنا معمر بن بكار السعدي ثنا إبراهيم بن سعد ثنا محمد بن عبيد بن عتبة عن الزهري عن محمد بن المنكدر عن جابر أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت عن الإسلام فأمر النبي صلى الله عليه و سلم أن يعرض عليها الإسلام فإن رجعت وإلا قتلت

 

لا يوجد هذا الخبر في الكتب المتقدمة الأقدم من البيهقي، فأراه ملفقًا. في عصرٍ أصبح فيه تطور للرأي العام كان من الصعب استعباد واغتصاب امرأة من مجتمع المسلمين لارتدادها، فأراد بعضهم الأخذ بفكرة القتل والإبادة فقط. لكي لا يكشفوا الحقيقة الأصلية للإسلام بصورتها الكاملة كما كان حدث في حربهم مع بني حنيفة وقبائل المرتدين حيث كانوا يحتفظون بالنساء للاستعباد. أسهل وسيلة عندهم لإكساب رأي من الآراء المختلفة شرعية مزعومة هو تلفيق حديث عن محمد، لهذا سنرى في باب (التناقضات في الأحاديث) تناقضات كثيرة جدًّا.

 

وقال ابن قدامة في المُغني عن حد الردة:

 

[الْفَصْل الثَّالِثُ الْمُرْتَدّ لَا يَقْتُل حَتَّى يُسْتَتَابَ ثَلَاثًا]

(7086) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابَ ثَلَاثًا. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَعَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ لَا تَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ، لَكِنْ تُسْتَحَبُّ. وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَطَاوُسٍ. وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» . وَلَمْ يَذْكُرْ اسْتِتَابَتَهُ.

وَرُوِيَ أَنَّ مُعَاذًا قَدِمَ عَلَى أَبِي مُوسَى، فَوَجَدَ عِنْدَهُ رَجُلًا مُوثَقًا، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: رَجُلٌ كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السَّوْءِ فَتَهَوَّدَ. قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: اجْلِسْ. قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ اسْتِتَابَتَهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُقْتَلُ لِكُفْرِهِ، فَلَمْ تَجِبْ اسْتِتَابَتُهُ كَالْأَصْلِيِّ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قُتِلَ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ، لَمْ يُضْمَنْ، وَلَوْ حَرُمَ قَتْلُهُ قَبْلَهُ ضُمِنَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إنْ كَانَ مُسْلِمًا أَصْلِيًّا، لَمْ يُسْتَتَبْ، وَإِنْ كَانَ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ، اُسْتُتِيبَ. وَلَنَا حَدِيثُ أُمِّ مَرْوَانَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَنْ تُسْتَتَابَ.

وَرَوَى مَالِكٌ، فِي " الْمُوَطَّأِ " عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِي، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هَلْ كَانَ مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، فَقَالَ: مَا فَعَلْتُمْ بِهِ؟ قَالَ: قَرَّبْنَاهُ، فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. فَقَالَ عُمَرُ: فَهَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا، فَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ، لَعَلَّهُ يَتُوبُ، أَوْ يُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ؟ اللَّهُمَّ إنِّي لَمْ أَحْضُرْ، وَلَمْ آمُرْ، وَلَمْ أَرْضَ إذْ بَلَغَنِي.

 

وَلَوْ لَمْ تَجِبْ اسْتِتَابَتُهُ لَمَا بَرِئَ مِنْ فِعْلِهِمْ. وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَ اسْتِصْلَاحُهُ، فَلَمْ يَجُزْ إتْلَافُهُ قَبْلَ اسْتِصْلَاحِهِ، كَالثَّوْبِ النَّجِسِ. وَأَمَّا الْأَمْرُ بِقَتْلِهِ، فَالْمُرَادُ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ، بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا.

وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِيهِ: وَكَانَ قَدْ اُسْتُتِيبَ. وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَتَابَهُ شَهْرَيْنِ قَبْلَ قُدُومِ مُعَاذٍ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَدَعَاهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ مُعَاذٌ، فَدَعَاهُ وَأَبَى، فَضَرَبَ عُنُقَهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ وُجُوبُ الضَّمَانِ، بِدَلِيلِ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَصِبْيَانِهِمْ وَشُيُوخِهِمْ. إذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الِاسْتِتَابَةِ، فَمُدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ فِي الْآخَرِ: إنْ تَابَ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا قُتِلَ مَكَانَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ قَوْلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِحَدِيثِ أُمِّ مَرْوَانَ، وَمُعَاذٍ، وَلِأَنَّهُ مُصِرٌّ عَلَى كُفْرِهِ، أَشْبَهَ بَعْدَ الثَّلَاثِ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يُدْعَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ أَبَى، ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: يُسْتَتَابُ أَبَدًا. وَهَذَا يُفْضِي إلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ أَبَدًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. وَعَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ اسْتَتَابَ رَجُلًا شَهْرًا. وَلَنَا حَدِيثُ عُمَرَ، وَلِأَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تَكُونُ لِشُبْهَةٍ، وَلَا تَزُولُ فِي الْحَالِ، فَوَجَبَ أَنْ يُنْتَظَرَ مُدَّةً يَرْتَئِي فِيهَا، وَأَوْلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، لِلْأَثَرِ فِيهَا، وَإِنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَيَّقَ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ، وَيُحْبَسَ؛ لِقَوْلِ عُمَرَ: هَلَّا حَبَسْتُمُوهُ، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا؟ وَيُكَرِّرُ دِعَايَتَهُ، لَعَلَّهُ يَتَعَطَّفُ قَلْبُهُ، فَيُرَاجِعَ دِينَهُ.

 

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ الْمُرْتَدّ إنْ لَمْ يَتُبْ قَتَلَ]

(7087) الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ؛ لِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ. وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ؛ لِأَنَّهُ آلَةُ الْقَتْلِ، وَلَا يُحْرَقُ بِالنَّارِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ أَنَّهُ أَمَرَ بِتَحْرِيقِ الْمُرْتَدِّينَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ خَالِدٌ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ» . يَعْنِي النَّارَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ.»

 

[الْفَصْل الْخَامِسُ الْمُرْتَدّ إذَا تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَلَمْ يُقْتَلْ]

(7088) الْفَصْلُ الْخَامِسُ: أَنَّ مَفْهُومَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ إذَا تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، وَلَمْ يُقْتَلْ، أَيَّ كُفْرٍ كَانَ، وَسَوَاءٌ كَانَ زِنْدِيقًا يَسْتَسِرُّ بِالْكُفْرِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالْعَنْبَرِيِّ. وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ الْخَلَّالِ، وَقَالَ: إنَّهُ أَوْلَى عَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ، وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَإِسْحَاقَ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ، كَهَاتَيْنِ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البقرة: 160] .

وَالزِّنْدِيقُ لَا تَظْهَرُ مِنْهُ عَلَامَةٌ تُبَيِّنُ رُجُوعَهُ وَتَوْبَتَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُظْهِرًا لِلْإِسْلَامِ، مُسِرًّا لِلْكُفْرِ، فَإِذَا وُقِفَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ، لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَهَا، وَهُوَ إظْهَارُ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلا} [النساء: 137] . وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ظَبْيَانَ بْنِ عُمَارَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَعْدٍ مَرَّ عَلَى مَسْجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ، فَإِذَا هُمْ يَقْرَءُونَ بِرَجَزِ مُسَيْلِمَةَ، فَرَجَعَ إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَبَعَثَ إلَيْهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَاسْتَتَابَهُمْ، فَتَابُوا، فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ، إلَّا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ ابْنُ النَّوَّاحَةِ. قَالَ: قَدْ أُتِيتُ بِكَ مَرَّةً، فَزَعَمْتَ أَنَّكَ قَدْ تُبْتَ، وَأَرَاك قَدْ عُدْتَ. فَقَتَلَهُ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] . وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا سَارَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَدْرِ مَا سَارَّهُ بِهِ، حَتَّى جَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُوَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ . قَالَ: بَلَى، وَلَا شَهَادَةَ لَهُ. قَالَ: أَلَيْسَ يُصَلِّي؟ . قَالَ: بَلَى، وَلَا صَلَاةَ لَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْ قَتْلِهِمْ» . [أحمد 23670]

 

 

وقال عن المرأة التاركة للإسلام:

 

[كِتَاب الْمُرْتَدّ] [مَسْأَلَةٌ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكَانَ بَالِغًا عَاقِلًا] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي وُجُوبِ الْقَتْلِ]

الْمُرْتَدُّ: هُوَ الرَّاجِعُ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إلَى الْكُفْرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217] . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» .

وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَخَالِدٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ، فَكَانَ إجْمَاعًا. (7083) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَمَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَكَانَ بَالِغًا عَاقِلًا، دُعِيَ إلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَضُيِّقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَجَعَ، وَإِلَّا قُتِلَ.

فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فُصُولٌ خَمْسَةٌ: (7084) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي وُجُوبِ الْقَتْلِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَحَمَّادٌ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، أَنَّهَا تُسْتَرَقُّ لَا تُقْتَلُ؛ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَرَقَّ نِسَاءَ بَنِي حَنِيفَةَ، وَذَرَارِيَّهُمْ، وَأَعْطَى عَلِيًّا مِنْهُمْ امْرَأَةً، فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَكَانَ هَذَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْبِ، وَلَا تُقْتَلُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً» . وَلِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ بِالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ، فَلَا تُقْتَلُ بِالطَّارِئِ، كَالصَّبِيِّ. وَلَنَا، قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.

وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ؛ الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، «أَنَّ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ مَرْوَانَ، ارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ، فَبَلَغَ أَمْرُهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَأَمَرَ أَنْ تُسْتَتَابَ، فَإِنْ تَابَتْ، وَإِلَّا قُتِلَتْ» . وَلِأَنَّهَا شَخْصٌ مُكَلَّفٌ بَدَّلَ دِينَ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، فَيُقْتَلُ كَالرَّجُلِ. وَأَمَّا نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ الْمَرْأَةِ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَصْلِيَّةُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ ذَلِكَ حِينَ رَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً، وَكَانَتْ كَافِرَةً أَصْلِيَّةً، وَلِذَلِكَ نَهَى الَّذِينَ بَعَثَهُمْ إلَى ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُرْتَدٌّ. وَيُخَالِفُ الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ الطَّارِئَ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّجُلَ يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَلَا يُقْتَلُ أَهْلُ الصَّوَامِعِ، وَالشُّيُوخُ وَالْمَكَافِيفُ، وَلَا تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى تَرْكِهِ بِضَرْبٍ وَلَا حَبْسٍ، وَالْكُفْرُ الطَّارِئُ بِخِلَافِهِ، وَالصَّبِيُّ غَيْرُ مُكَلَّفٍ؛ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ.

وَأَمَّا بَنُو حَنِيفَةَ، فَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ مَنْ اُسْتُرِقَّ مِنْهُمْ تَقَدَّمَ لَهُ إسْلَامٌ، وَلَمْ يَكُنْ بَنُو حَنِيفَةَ أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِينَ أَسْلَمُوا كَانُوا رِجَالًا، فَمِنْهُمْ مَنْ ثَبَتَ عَلَى إسْلَامِهِ، مِنْهُمْ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ ارْتَدَّ مِنْهُمْ الدَّجَّالُ الْحَنَفِيُّ.

 

وقال ابن قدامة عن استحلالهم لأموال المفكر الحر التارك للإسلام:

 

[فَصْلٌ إنْ وَجَدَ مِنْ الْمُرْتَدّ سَبَبٌ يَقْتَضِي الْمِلْكَ]

(7095) فَصْلٌ: وَإِنْ وُجِدَ مِنْ الْمُرْتَدِّ سَبَبٌ يَقْتَضِي الْمِلْكَ، كَالصَّيْدِ، وَالِاحْتِشَاشِ، وَالِاتِّهَابِ، وَالشِّرَاءِ، وَإِيجَارِ نَفْسِهِ إجَارَةً خَاصَّةً، أَوْ مُشْتَرَكَةً، ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمِلْكِ، وَكَذَلِكَ تَثْبُتُ أَمْلَاكُهُ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مِلْكًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْمِلْكِ، وَلِهَذَا زَالَتْ أَمْلَاكُهُ الثَّابِتَةُ لَهُ، فَإِنْ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ، احْتَمَلَ أَنْ لَا يَثْبُتَ لَهُ شَيْءٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ.

وَاحْتَمَلَ أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ لَهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مَوْجُودٌ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ ثُبُوتُ حُكْمِهِ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، فَإِذَا وُجِدَتْ، تَحَقَّقَ الشَّرْطُ، فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ حِينَئِذٍ، كَمَا تَعُودُ إلَيْهِ أَمْلَاكُهُ الَّتِي زَالَتْ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ. فَعَلَى هَذَا، إنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ، ثَبَتَ الْمِلْكُ لِمَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَاهُ.

 

[فَصْلٌ إنْ لَحِقَ الْمُرْتَدّ بِدَارِ الْحَرْبِ]

(7096) فَصْلٌ: وَإِنْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِيمَنْ هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، إلَّا أَنَّ مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ مَالِهِ، يَصِيرُ مُبَاحًا لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، كَمَا أُبِيحَ دَمُهُ، وَأَمَّا أَمْلَاكُهُ وَمَالُهُ الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَمِلْكُهُ ثَابِتٌ فِيهِ، وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ الْحَاكِمُ بِمَا يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُورَثُ مَالُهُ، كَمَا لَوْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي حُكْمِ الْمَوْتَى، بِدَلِيلِ حِلِّ دَمِهِ وَمَالِهِ الَّذِي مَعَهُ لِكُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. وَلَنَا أَنَّهُ حَيٌّ فَلَمْ يُورَثْ، كَالْحَرْبِيِّ الْأَصْلِيِّ، وَحِلُّ دَمِهِ لَا يُوجِبُ تَوْرِيثَ مَالِهِ، بِدَلِيلِ الْحَرْبِيِّ الْأَصْلِيِّ، وَإِنَّمَا حَلَّ مَالُهُ الَّذِي مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ زَالَ الْعَاصِمُ لَهُ، فَأَشْبَهَ مَال الْحَرْبِيِّ الَّذِي فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْعِصْمَةِ، كَمَالِ الْحَرْبِيِّ الَّذِي مَعَ مُضَارِبِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ عِنْدَ مُودَعِهِ.

 

[مَسْأَلَة مِنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ دُعِيَ إلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ]

(7097) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ، دُعِيَ إلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ صَلَّى، وَإِلَّا قُتِلَ، جَاحِدًا تَرْكَهَا أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ قَدْ سَبَقَ شَرْحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فِي بَابٍ مُفْرَدٍ لَهَا، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كُفْرِ مَنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا، إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَجْهَلُ مِثْلُهُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ الْوُجُوبَ، كَحَدِيثِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّاشِئِ بِغَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْأَمْصَارِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ، لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ، وَعُرِّفَ ذَلِكَ، وَتُثْبَتُ لَهُ أَدِلَّةُ وُجُوبِهَا، فَإِنْ جَحَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَفَرَ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْجَاحِدُ لَهَا نَاشِئًا فِي الْأَمْصَارِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ يُكَفَّرُ بِمُجَرَّدِ جَحْدِهَا، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي مَبَانِي الْإِسْلَامِ كُلِّهَا، وَهِيَ الزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ؛ لِأَنَّهَا مَبَانِي الْإِسْلَامِ، وَأَدِلَّةُ وُجُوبِهَا لَا تَكَادُ تَخْفَى، إذْ كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَشْحُونَيْنِ بِأَدِلَّتِهَا، وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهَا، فَلَا يَجْحَدُهَا إلَّا مُعَانِدٌ لِلْإِسْلَامِ، يَمْتَنِعُ مِنْ الْتِزَامِ الْأَحْكَامِ، غَيْرُ قَابِلٍ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا إجْمَاعِ أُمَّتِهِ.

 

[فَصْلٌ اعْتَقَدَ حَلَّ شَيْءٍ أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ]

(7098) فَصْلٌ: وَمَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ شَيْءٍ أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَظَهَرَ حُكْمُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَزَالَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِيهِ، كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالزِّنَى، وَأَشْبَاهِ هَذَا، مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، كُفِّرَ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ. .... وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ قَالَ: الْخَمْرُ حَلَالٌ. فَهُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ تَحْرِيمُهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. فَأَمَّا إنْ أَكَلَ لَحْمَ خِنْزِيرٍ، أَوْ مَيْتَةً، أَوْ شَرِبَ خَمْرًا، لَمْ يُحْكَمْ بِرِدَّتِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ فَعَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ، كَمَا يَفْعَلُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ.

 

[مَسْأَلَةٌ ذَبِيحَة الْمُرْتَدِّ حَرَامٌ]

(7099) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَذَبِيحَةُ الْمُرْتَدِّ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: إنْ تَدَيَّنَ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، حَلَّتْ ذَبِيحَتُهُ. وَيُحْكَى ذَلِكَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: مَنْ تَوَلَّى قَوْمًا فَهُوَ مِنْهُمْ. وَلَنَا، أَنَّهُ كَافِرٌ، لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ، فَلَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ، كَالْوَثَنِيِّ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ أَهْلِ الْكِتَابِ إذَا تَدَيَّنَ بَدِينِهِمْ؛ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، وَلَا يُسْتَرَقُّ. وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْمُرْتَدَّةِ.

وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ: فَهُوَ مِنْهُمْ. فَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى حِلَّ ذَبَائِحِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، وَلَا نِكَاحِ نِسَائِهِمْ، مَعَ تَوْلِيَتِهِمْ لِلنَّصَارَى، وَدُخُولِهِمْ فِي دِينِهِمْ، وَمَعَ إقْرَارِهِمْ بِمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ، فَلَأَنْ لَا يَعْتَقِدَ ذَلِكَ فِي الْمُرْتَدِّينَ أَوْلَى. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إذَا ذَبَحَ حَيَوَانًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ، وَحَرَّمَهُ، وَإِنْ ذَبَحَهُ بِإِذْنِهِ، لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي إتْلَافِهِ.

 

أليست ديانة جميلة فاتنة خلابة آسرة؟! أهذا هو ما يريدون من الغرب المتقدم بأحلامهم أن يتركوا الحرية والإخاء وحرية الرأي واعتقاد الأديان والمذاهب وكرامة الإنسان وصيانة حقوقه، لأجله وليتبعوه؟! كانت سياستهم إما القتل في الحال للمفكر الحر أو رافض الخرافات أو رافض الإسلام بإرهابه ولا عقلانيته، أو تعذيبه حتى يعلن عودته إلى عقيدتهم، وهي سياسة ظلت متبعة منهم لوقت طويل، وسمعنا عن بعض المفكرين المتميزين في إيران ممن نقدوا الإسلام والمذهب الشيعي أنهم يسجنونهم في أضيق حال ثم كل شهر يخرجونهم إلى مطعم ما وشكل آخر من الحياة كإغراء لهم بترك التفكير! ومنهم أحمد القبانجي وهو مفكر متميز له تهذيب الأحاديث الشيعية وغيرها، وكذلك في السعودية، وشخصيًّا جربت اضطهادات بصورة أخف في مصر كمطعم حلويات وألبان (المالكي) الذي في شبابي أكل علي مرتب شهر وأقالني لتحويلي شخصًا مثقفًا منهم إلى الفكر الحر وقد تعرض ذلك الشخص كما علمت لاحقًا في منزله لاضطهادات شديدة أسرية الطابع، وهي اضطهادات جربت بعضها قبل انفصالي النهائي عن أسرتي حيث كنت أصلب وأكثر تمسكًا بحقي في التفكير. ما أحكيه هنا جزء من تجربة شخصية، وآخرون لهم تجارب أسوأ. هذه هي قيمة الفكر والتفكير والحرية في الإسلام ونظرة المسلمين الأصوليين لها.

 

وقال ابن كثير في تفسير البقرة: 11

... وَمِنْهَا مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَقْتُلْهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ يَخَافُ مِنْ شَرِّهِمْ مَعَ وُجُودِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ، فَأَمَّا بَعْدَهُ فَيُقْتَلُونَ إِذَا أَظْهَرُوا النِّفَاقَ وَعَلِمَهُ الْمُسْلِمُونَ، قَالَ مَالِكٌ: الْمُنَافِقُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الزِّنْدِيقُ الْيَوْمَ. قُلْتُ: وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَتْلِ الزِّنْدِيقِ إِذَا أَظْهَرَ الْكُفْرَ هَلْ يُسْتَتَابُ أَمْ لَا. أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ دَاعِيَةً أَمْ لَا أَوْ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ ارْتِدَادُهُ أَمْ لَا أَوْ يَكُونُ إِسْلَامُهُ وَرُجُوعُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ؟ عَلَى أَقْوَالٍ مَوْضِعُ بَسْطِهَا وَتَقْرِيرِهَا وَعَزْوِهَا كِتَابُ الْأَحْكَامِ.

 

أخطر ما يخشاه الأصوليون هو المفكرون المنظرون لأنهم تهديد أكيد لكيان الإسلام الخرافي الهش.

 

وروى عبد الرزاق:

 

18699 - أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري عن رجل عن عبد الله بن عبيد بن عمير أن النبي صلى الله عليه و سلم استتاب نبهان أربع مرات

 

وروى البيهقي في الكبرى:

 

16610 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العباس الأصم ثنا بحر بن نصر ثنا عبد الله بن وهب أخبرني سفيان الثوري عن رجل عن عبد الله بن عبيد بن عمير: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم استتاب نبهان أربع مرات وكان نبهان ارتد قال سفيان وقال عمرو بن قيس عن رجل عن إبراهيم أنه قال المرتد يستتاب أبدا كلما رجع قال بن وهب وقال لي مالك ذلك أنه يستتاب كلما رجع هذا منقطع وروي من وجه آخر موصولا وليس بشيء

 

16669 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر ثنا بن وهب أخبرني بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا علي الهمداني حدثهم أنهم كانوا مع فضالة بن عبيد صاحب النبي صلى الله عليه و سلم في البحر فأتى برجل من المسلمين قد فر إلى العدو فأقاله الإسلام فأسلم ثم فر الثانية فأتي به فأقاله الإسلام فأسلم ثم فر الثالثة فأتي به فنزع بهذه الآية إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا فضرب عنقه في إسناد هذه الآثار ضعف والآية واردة فيمن ثبت على الكفر وقد روينا بإسناد مرسل أن رسول الله صلى الله عليه و سلم استتاب نبهان أربع مرات كل ذلك يلحق بالمشركين وظاهر الأخبار الصحيحة فيما يحقن به الدم يشهد لهذا المرسل ويوافقه والله أعلم

 

قصة نبهان هذه مشكوك فيها، والظاهر أنها قصة ملفقة، حتى أن البيهقي قال ليست بشيء، ولعلها قد قيلت عمومًا للتقليل من عدد ضحايا المسلمين من المتشككين وإعطائهم فرصة للنفاق والحياة، ربما كان غرضهم عدم تحويل المفكرين الأحرار إلى شهداء ورموز كذلك في عيون الناس.

 

وكما ذكرت في (حروب محمد الإجرامية) فقد بدات حركة الردة في آخر حياة محمد نفسه بارتداد الأمير اليمني القيِّل مخوس وإخوته الأقيال من الإسلام، وليس في عصر أبي بكر:

 

وفد حضرموت

 

وفدوا مع وفد كندة وملوكها، فبين كل فريق من الملوك والأقيال اليمنيين مصاهرات وزيجات (انظر ما ورد في مسند أحمد: 21840 -.....حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ كِنْدَةَ، فَقَالَ لِي: " هَلْ لَكَ مِنْ وَلَدٍ ؟ " قُلْتُ: غُلَامٌ وُلِدَ لِي فِي مَخْرَجِي إِلَيْكَ مِنَ ابْنَةِ جَمْدٍ...إلخ)، ويقول محمد بن سعد في ج1:

 

قالوا: وقدم وفد حضرموت مع وفد كندة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم بنو وليعة ملوك حضرموت حمدة ومخوس ومشرح وأبضعة فأسلموا. وقال مخوس: يا رسول الله ادع الله أن يذهب عني هذه الرتة من لساني. فدعا له وأطعمه طعمة من صدقة حضرموت.

 

لكن ملوك حضرموت سرعان ما خرجوا (ارتدوا بمصطلح الإسلام) عن اتباع ديانة محمد وعادوا إلى ما كانوا عليه من عقيدة، لأنهم إنما اتبعوها نتاج التخويف والإرهاب والخشية على حيواتهم وثرواتهم ومناصبهم وكراسيهم. ويبدو أنهم ارتدوا عندما علموا بمرض وضعف محمد، ويعتبرون من رواد حركة الردة فارتدوا قبل موت محمد كبشائر لما بعد موته وحروب الردة الرهيبة بين المسلمين وأتباع مدعي النبوة الآخرين والوثنيين والمسلمين مانعي دفع الزكاة للدولة. ولدينا أحاديث أن محمد أبغضهم ولعنهم ودعا عليهم_وهو بطبيعته مولع بالسباب والشتم لمن لا يسير على هواه كأنه طفل صغير_:

 

روى أحمد بن حنبل:

 

19446 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ يَوْمًا خَيْلًا وَعِنْدَهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا أَفْرَسُ بِالْخَيْلِ مِنْكَ "، فَقَالَ عُيَيْنَةُ: وَأَنَا أَفْرَسُ بِالرِّجَالِ مِنْكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَكَيْفَ ذَاكَ ؟ " قَالَ: خَيْرُ الرِّجَالِ رِجَالٌ يَحْمِلُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ جَاعِلِينَ رِمَاحَهُمْ عَلَى مَنَاسِجِ خُيُولِهِمْ، لَابِسُو الْبُرُودِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَذَبْتَ بَلْ خَيْرُ الرِّجَالِ رِجَالُ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَالْإِيمَانُ يَمَانٍ إِلَى لَخْمٍ وَجُذَامَ وَعَامِلَةَ، وَمَأْكُولُ حِمْيَرَ خَيْرٌ مِنْ آكِلِهَا، وَحَضْرَمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ، وَقَبِيلَةٌ خَيْرٌ مِنْ قَبِيلَةٍ، وَقَبِيلَةٌ شَرٌّ مِنْ قَبِيلَةٍ، وَاللهِ مَا أُبَالِي أَنْ يَهْلِكَ الْحَارِثَانِ كِلَاهُمَا، لَعَنَ اللهُ الْمُلُوكَ الْأَرْبَعَةَ: جَمْدًا، وَمِخْوَسًا، وَمِشْرَحًا، وَأَبْضَعَةَ، وَأُخْتَهُمُ الْعَمَرَّدَةَ "..إلخ

 

إسناده صحيح. وهو عند أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة" (1650) بهذا الإسناد. وأخرجه بتمامه الطبراني في "مسند الشاميين " (969) من طريقين عن أبي المغيرة، به، وفي المعجم الكبير للطبراني 20/ 192، وأخرجه مختصراً ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2269) و (2282) مفرقاً، والنسائي في "الكبرى" (8351) من طريق أبي المغيرة به. وأخرجه مختصراً جداً الطبراني في "مسند الشاميين" (2040) من طريق عافية ابن أيوب المصري، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 4/81 من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن معاوية بن صالح- وهو ابن حُدير- عن شُريح بن عبيد، عن عبد الرحمن بن عائذ، به. قال الحاكم: هذا حديث غريب المتن صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/248-249 مختصراً، وابنُ أبي عاصم (2270) و (2283) مفرقاً مختصراً، ويعقوبُ بنُ سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/327-328 مطولاً، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (804) من طريق عبد الله بن يوسف- وهو التنيسي الكلاعي الحمص.

 

قال السندي: قوله: يعرض، من العَرض. أفرسُ: أكثر معرفة. على مناسج خيولهم؛ جمع مِنْسج بكسر الميم، وهو للفرس بمنزلة الكاهل للإنسان. إلى لَخْم؛ بفتح فسكون معجمة: قبيلة من اليمن. وجُذام: بالضم قبيلة من اليمن. وعاملة: بكسر الميم، من قُضاعة. ومأكول حمير؛ أي: أمواتهم، فإنهم أكلتهم الأرض. خير من آكلها؛ أي: أحيائها. وحضر موت: أي أهلها. الحارثان: ظاهره أن المراد بهما حضرموت وبنو الحارث، فكأنه أُطلق عليهما الحارثان تغلبياً، ولعل المراد ملوك كندة وحضرموت، والله تعالى أعلم. جَمْداً؛ بفتح فسكون، أو بفتحتين، ففي القاموس: جَمْد بن معدي كرب من ملوك كِندة، أو هو بالتحريك. ومِخْوساً: ضبط بكسر فسكون، وكذا مِشْرحاً، وأما أَبْضَعَة: فضبط بفتح فسكون، وهم إخوة، وأختهم العَمَرَّدة ، ضبط بفتحات مع تشديد الراء. عليهم، أي: على الذين آمنوا. قلنا: وعُصية؛ قال الحافظ في "الفتح" 6/544: هم بطنٌ من بني سُلَيم = ينسبون إلى عُصَية- بمهملتين مصغر- ابن خُفَاف- بضم المعجمة وفاءين مخفف- ابنِ امرىء القيس بن بُهْثَة- بضم الموحدة وسكون الهاء بعدها مثلثة- ابن سُلَيم-[بن منصور] قلنا: وذكر ابنُ حزم في "جمهرة أنساب العرب" ص468 أنهم من بطون قبائل قيس عَيْلان بن مُضَر.

 

والحديث ورد في كتب الشيعة كذلك كالكافي للكليني، سوى أنهم كعادتهم يحرفونه ويضيفون على الملعونين من محمد الأشخاص المكروهين لديهم كمعاوية بن أبي سفيان جد الأمويين:

 

الكافي للكليني/ حديث النبي حين عُرِضَت عليه الخيل

27 - أبوعلي الاشعري، عن محمد بن سالم، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن أحمد بن النضر، ومحمد بن يحيى، عن محمد بن أبي القاسم، عن الحسين بن أبي قتاده جميعا، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (ع) قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله لعرض الخيل فمر بقبر أبي احيحة فقال أبوبكر: لعن الله صاحب هذا القبر فوالله إن كان ليصد عن سبيل الله ويكذب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: خالد إبنه بل لعن الله أبا قحافة فوالله ما كان يقري الضيف ولا يقاتل العدو، فلعن الله أهونهما على العشيرة فقدا فألفى رسول الله صلى الله عليه وآله خطام راحلته على غاربها ثم قال: إذا أنتم تناولتم المشركين فعموا ولا تخصوا فيغضب ولده ثم وقف فعرضت عليه الخيل فمر به فرس فقال عيينة بن حصن: إن من أمر هذا الفرس كيت وكيت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذرنا فأنا أعلم بالخيل منك فقال: عيينة وأنا أعلم بالرجال منك، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى ظهر الدم في وجهه فقال له: فأي الرجال أفضل؟ فقال: عيينة بن حصن: رجال يكونون بنجد يضعون سيوفهم على عواتقهم ورماحهم على كواثب خيلهم ثم يضربون بها قدما قدما فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كذبت بل رجال أهل اليمن أفضل، الايمان يماني والحكمة يمانية ولولا الهجرة لكنت امرء‌ا من أهل اليمن، الجفا والقسوة في الفدادين أصحاب الوبر، ربيعة ومضر من حيث يطلع قرن الشمس ومذحج أكثر قبيل يدخلون الجنة وحضرموت خير من عامر بن صعصعة - وروى بعضهم خير من الحارث بن معاوية - وبجيلة خير من رعل وذكوان وإن يهلك لحيان فلا أبالي ثم قال: لعن الله الملوك الاربعة جمدا ومخوسا ومشرحا وأبضعة واختهم العمردة لعن الله المحلل والمحلل له ومن يوالي غير مواليه ومن ادعي نسبا لا يعرف والمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ومن أحدث حدثا في الاسلام أو آوى محدثا ومن قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه ومن لعن أبويه فقال رجل: يا رسول الله أيوجد رجل يلعن أبويه؟ فقال: نعم، يلعن آباء الرجال وامهاتهم فيلعنون أبويه لعن الله رعلا وذكوان وعضلا ولحيان والمجذمين من أسد وغطفان وأبا سفيان بن حرب وشهبلا ذا الاسنان وابني مليكة بن جزيم ومروان وهوذة وهونة.

لو انتقدت هذا الحديث بطريقة السنة فتخميني أنه يوصل عدة أحاديث في سياق واحد، وعند الواقدي في المغازي أن لعن أبي بكر لأبي أحيحة وهو سعيد بن العاص كان لما شاهد قبره في غزوة ثقيف لأنه كان رجلا قاسيا آذى ابنه خالد كما يذكر مؤلفا أسد الغابة والاستيعاب وغيره فرد عليه ابناه حسب الواقدي بلعن أبيه أبي قحافة. ولو اعتبرنا وفادة اليمنيين بعد ثقيف فهذا مناقض

وفي بحار الأنوار ج57 ص95 حديث75 وهو أفضل وأصح:

 


كتاب جعفر بن محمد بن شريح : عن معلى الطحان ، عن بريد بن يزيد ابن جابر ، عن عبدالله بن بشير ، عن ابن عيينة بن حصين قال : رسول الله صلى الله عليه وآله يوما خيلا وعنده أبي - عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر - فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا أبصر بالخيل منك.
فقال عيينة : وأنا أبصر بالرجال منك يا رسول الله.
فقال النبي صلى الله عليه وآله : كيف ؟ قال : فقال : إن خير الرجال الذين يضعون أسيافهم على عواتقهم ، ويعرضون رماحهم على مناكب خيولهم من أهل نجد.
فقال النبي صلى الله عليه وآله : كذبت ، إن خير الرجال أهل اليمن ، والايمان يمان وأنا يماني ، وأكثر قبائل دخول الجنة يوم القيامة مذحج ، وحضرموت خير من بني الحرث بن معاوية حي من كندة ، إن يهلك لحيان فلا ابالي ، فلعن الله الملوك الاربعة : جمدا ، ومخوسا ، ومشرحا وأبضعة ، واختهم العمردة.

 

وهذا نموذج لمحمد كلعّان شتّام، مبغض ضائق الصدر بكل من لا يتبع اختراعه الديني، فهل هذا هو صاحب الخلق العظيم كما يزعمون؟! والملوك الأربعة الذين لعنهم محمد هم أربعة من أبناء معديكرب كانوا يحكمون مناطق باليمن؛ ذكر ابنُ سعد في "الطبقات" 5/13 أنهم كانوا وفدوا عَلَيْهِ مع الأشعث بن قيس، فأسلموا ورجعوا إلى بلادهم، ثم ارتدوا، فقُتلوا يوم النُّجير، وإنما سُمُوا ملوكاً لأنه كان لكل واحد منهم واد يملكُه بما فيه. وذكرهم ابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" ص428. والنُّجير ذكر ياقوت الحموي في "معجم البلدان" أنه حصنٌ باليمن قرب حضرموت منيع، لجأ إليه أهل الرَدة مع الأشعث بن قيس في أيام أبي بكر، فحاصره زياد بن لَبِيد البياضي حتى افتتحه عنوة، وقتل من فيه، وأسر الأشعث بن قيس، وذلك في سنة (12) للهجرة.

 

أما باقي حديثي من خلال النصوص عن الإكراه الديني وظهور ظاهرة النفاق في يثرب ثم في شبه جزيرة العرب ثم كل العالم الإسلامي بمعنى ناس تتظاهر بالإسلام مع عدم الاعتقاد به لمجرد حماية حيواتها فراجع (باب تعاليم العنف).

 

وهناك ما هو أغرب وأعجب عند المسلمين، فهم لم يسمحوا حتى بحرية الاعتقاد والانتقال بين الأديان لغيرهم أو الاعتقاد بالإلحاد، قال ابن قدامة في المغني:

 

[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً فَانْتَقَلَتْ إلَى دِينٍ آخَر مِنْ الْكُفْرِ غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

(5391) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً، فَانْتَقَلَتْ إلَى دِينٍ آخَرَ مِنْ الْكُفْرِ غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ: (5392) الْأَوَّلُ: أَنَّ الْكِتَابِيَّ إذَا انْتَقَلَ إلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ. لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، فَإِنَّهُ إذَا انْتَقَلَ إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ أَهْلُهُ بِالْجِزْيَةِ، كَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَغَيْرِهَا، مِمَّا يَسْتَحْسِنُهُ، فَالْأَصْلِيُّ مِنْهُمْ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ، فَالْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ أَوْلَى.

وَإِنْ انْتَقَلَ إلَى الْمَجُوسِيَّةِ، لَمْ يُقَرَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى أَنْقَصَ مِنْ دِينِهِ، فَلَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ، كَالْمُسْلِمِ إذَا ارْتَدَّ. فَأَمَّا إنْ انْتَقَلَ إلَى دِينٍ آخَرَ مِنْ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَالْيَهُودِيِّ يَتَنَصَّرُ، أَوْ النَّصْرَانِيِّ يَتَهَوَّدُ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يُقَرُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى دِينٍ بَاطِلٍ، قَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِهِ، فَلَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ، كَالْمُرْتَدِّ. وَالثَّانِيَةُ، يُقَرُّ عَلَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.

وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَأَشْبَهَ غَيْرَ الْمُنْتَقِلِ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ. كَالرِّوَايَتَيْنِ. فَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ إذَا انْتَقَلَ إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، لَمْ يُقَرَّ، كَأَهْلِ ذَلِكَ الدِّينِ. وَإِنْ انْتَقَلَ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، خُرِّجَ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» . وَلِعُمُومِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِمَا جَمِيعًا.

(5393) الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُنْتَقِلَ إلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ. وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْإِسْلَامِ أَدْيَانٌ بَاطِلَةٌ. قَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِهَا، فَلَمْ يُقَرَّ عَلَيْهَا كَالْمُرْتَدِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دِينَهُ الْأَوَّلَ قَدْ أَقْرَرْنَاهُ عَلَيْهِ مَرَّةً.

وَلَمْ يَنْتَقِلْ إلَى خَيْرٍ مِنْهُ، فَنُقِرُّهُ عَلَيْهِ إنْ رَجَعَ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ مُنْتَقِلٌ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، فَيُقْبَلُ مِنْهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، كَالْمُرْتَدِّ إذَا رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ؛ الْإِسْلَامُ، أَوْ الرُّجُوعُ إلَى دِينِهِ الْأَوَّلِ، أَوْ دِينٌ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] . وَإِنْ انْتَقَلَ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقُلْنَا: لَا يُقَرُّ. فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ. وَالْأُخْرَى، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.

(5394) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي صِفَةِ إجْبَارِهِ عَلَى تَرْكِ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ. وَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ لَمْ يَرْجِعْ، رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً؛ لِعُمُومِ قَوْله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» . وَلِأَنَّهُ ذِمِّيٌّ نَقَضَ الْعَهْدَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَقَضَهُ بِتَرْكِ الْتِزَامِ الذِّمَّةِ. وَهَلْ يُسْتَتَابُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، يُسْتَتَابُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَرْجَعُ عَنْ دِينٍ بَاطِلٍ انْتَقَلَ إلَيْهِ، فَيُسْتَتَابُ، كَالْمُرْتَدِّ. وَالثَّانِي: لَا يُسْتَتَابُ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ أُبِيحَ قَتْلُهُ، فَأَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ.

فَعَلَى هَذَا إنْ بَادَرَ وَأَسْلَمَ، أَوْ رَجَعَ إلَى مَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، عُصِمَ دَمُهُ وَإِلَّا قُتِلَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: إذَا دَخَلَ الْيَهُودِيُّ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، رَدَدْته إلَى الْيَهُودِيَّةِ، وَلَمْ أَدَعْهُ فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَقْتُلُهُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا، فَدَخَلَ فِي الْمَجُوسِيَّةِ، كَانَ أَغْلَظَ؛ لِأَنَّهُ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَلَا تُنْكَحُ لَهُ امْرَأَةٌ، وَلَا يُتْرَكُ حَتَّى يُرَدَّ إلَيْهَا. فَقِيلَ لَهُ: تَقْتُلُهُ إذَا لَمْ يَرْجِعْ؟ قَالَ: إنَّهُ لَأَهْلُ ذَلِكَ.

وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْكِتَابِيَّ الْمُنْتَقِلَ إلَى دِينٍ آخَرَ مِنْ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يُقْتَلُ، بَلْ يُكْرَهُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ.

(5395) الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ امْرَأَةَ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّةَ، إذَا انْتَقَلَتْ إلَى دِينٍ غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَهِيَ كَالْمُرْتَدَّةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَحِلُّ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ، فَمَتَى كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا فِي الْحَالِ، وَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَقَفَ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى يَنْفَسِخُ فِي الْحَالِ أَيْضًا.

 

[فَصْلٌ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ نَصْرَانِيٍّ فَتَمَجَّسَ]

فَصْلٌ: وَإِنْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ نَصْرَانِيٍّ فَتَمَجَّسَ، وَقُلْنَا: لَا يُقَرُّ. فَهُوَ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ. وَإِنْ قُلْنَا: يُقَرُّ عَلَيْهِ. وَجَبَتْ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ. وَإِنْ قَطَعَ يَدَ مَجُوسِيٍّ، فَتَنَصَّرَ، ثُمَّ مَاتَ، وَقُلْنَا: يُقَرُّ. وَجَبَتْ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ. وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي، أَنْ تَجِبَ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ فِي الْأُولَى، وَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ فِي الثَّانِيَةِ، كَقَوْلِهِمْ فِي مَنْ جَنَى عَلَى عَبْدٍ ذِمِّيٍّ فَأَسْلَمَ وَعَتَقَ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْجِنَايَةِ ضَمِنَهُ بِقِيمَةِ عَبْدٍ ذِمِّيٍّ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ.

 

وقال ابن تيمية في الصارم المسلول على شاتم الرسول:

 

...الثاني : أن هذا الحديث في قبول الظاهر إذا لم يثبت خلافه بطريق شرعي و هنا قد ثبت خلافه و هذا جواب من يقتله لزندقته و قد يجيب به من يقتل الذمي أيضا بناء على أنه زنديق في حال العهد فلا يوثق بإسلامه

 

...و ذكر القاضي و ابن عقيل و غيرهما أن ما أبطل الإيمان فإنه يبطل الأمان إذا أظهروه فإن كان من الكلام ما يبطل حقن الإسلام فأن يبطل حقن الذمة أولى مع الفرق بينهما من وجه آخر فإن المسلم إذا سب الرسول دل على سوء اعتقاده في رسول الله صلى الله عليه و سلم فلذلك كفر و الذمي قد علم أن اعتقاده و إنما أخذ عليه كتمه و أن لا يظهره فبقي تفاوت ما بين الإظهار والإضمار

 

قال ابن عقيل: فكما أخذ على المسلم أن لا يعتقد ذلك، أخذ على الذمي أن لا يظهره فإظهار هذا كإضمار ذاك وإضماره لا ضرر على الإسلام ولا إزراء فيه وفي إظهاره ضرر وإزراء على الإسلام ولهذا ما بطن من الجرائم لا يتبعها في حق المسلم ولو أظهرها أقمنا عليهم حد الله. 

وطرد القاضي وابن عقيل هذا القياس في كل ما ينقص الإيمان من الكلام مثل التثنية والتثليث كقول النصارى: إن الله ثالث ثلاثة ونحو ذلك: أن الذمي إذا أظهر ما يعلمه من دينه من الشرك نقض العهد، كما إنه إن أظهر ما نعلمه بقوله في نبينا عليه الصلاة والسلام نقض العهد.

وقال القاضي: وقد نص أحمد على ذلك فقال في رواية حنبل: ] : كل من ذكر شيئا يعرض به الرب فعليه القتل مسلما كان او كافرا  و هذا مذهب اهل المدينة ]

و قال جعفر بن محمد : سمعت أبا عبد الله يسأل عن يهودي مر بؤذن و هو يؤذن فقال له : كذبت فقال : يقتل لأنه شتم فقد نص على قتل من كذب المؤذن في كلمات الأذان ن و هي قول [ الله أكبر ] أو [ أشهد أن لا إله إلا الله ] أو [ أشهد أن محمدا رسول الله ] و قد ذكرها الخلال و القاضي في سب الله بناء على أنه كذبه فيما يتعلق بذكر الرب سبحانه و الأشبه أنه عام في تكذيبه فيما يتعلق بذكر الرب و ذكر الرسول بل هو في هذا أولى لأن اليهودي لا يكذب من قال : [ لا إله إلا الله ] و لا من قال [ الله أكبر ] و إنما يكذب من قال إن محمدا رسول الله، وهذا قول جمهور المالكيين قالوا : إنه يقتل بكل سب سواء كانوا يستحلونه لأﻧﻬم و إن استحلوه فإنا لم نعطيهم العهد على إظهاره مصعب و طائفه من المدنيين

قال أبو مصعب في نصراني قال [ و الذي اصطفى عيسى على محمد ] : اختلف العلماء فيه فضربته حتى قتلته أو عاش يوما و ليلة و أمرت من جر برجله و طرح على مزبلة فأكلته الكلاب ]

و قال أبو مصعب في نصراني قال : [ عيسى خلق محمدا ] قال : يقتل

و أفتى سلف الأندلسيين بقتل نصرانية استهلت بنفي الربوبية و بنوة عيسى لله

 

 

 

وقال ابن القاسم فيمن سبه فقال : [ ليس بنبي أو لم يرسل أو لم ينزل عليه قرآن وإنما شيء يقوله ونحو هذا : فقيل فإن قال [ إن محمدا لم يرسل إلينا و إنما أرسل إليكم و إنما نبينا موسى أو عيسى ] و نحو هذا : لا شيء عليهم لأن الله أقرهم على مثله

قال ابن القاسم : و إذا قال النصراني [ ديننا خير من دينكم و إنما دينكم دين الحمير ] و نحو هذا من القبيح أو سمع المؤذن يقول : [ أشهد أن محمدا رسول الله ] فقال : كذلك يعظكم الله ففي هذا الأدب الموجع و السجن الطويل و هذا قول محمد بن سحنون و ذكره عن أبيه و لهم قول آخر فيما إذا سبه بالوجه الذي به كفروا أنه لا يقتل

قال سحنون عن ابن القاسم : من شتم الأنبياء من اليهود و النصارى بغير الوجه الذي به كفروا ضربت عنقه إلا أن يسلم  قال سحنون في اليهودي يقول للمؤذن إذا تشهد قوله سبحانه كذبت ] : يعاقب العقوبة الموجعة مع السجن الطويل ]

و قد تقدم نص الإمام أحمد في مثل هذه الصورة على القتل لأنه شتم

و كذلك اختلف أصحاب الشافعي في سب الذي ينتقض به عهد الذمي و يقتل به إذا قلنا بذلك على الوجهين :

أحدهما : ينتقض بمطلق السب لنبينا و القدح في ديننا إذا أظهروه و إن كانوا يعتقدون ذلك دينا و هذا قول أكثرهم و الثاني : أﻧﻬم إن ذكروه بما يعتقدونه فيه دينا من أنه ليس برسول و القرآن ليس بكلام الله فهو كإظهار قولهم في المسيح و معتقدهم في التثليث قالوا : و هذا لا ينقض العهد بلا تردد بل يعزرون على إظهار و أما ما ذكروه بما يعتقدونه دينا كالطعن في سبه فهو الذي قيل فيه : ينقض العهد و هذا اختيار الصيدلاني و أبي المعالي وغيرهما

 

وجاء في أحكام أهل الذمة لابن قيم الجوزية:

 

ذِكْرُ قَوْلِهِ فِيمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الرَّبِّ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ:

 

قَالَ الْخَلَّالُ (بَابٌ فِيمَنْ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذِكْرِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُرِيدُ تَكْذِيبًا أَوْ غَيْرَهُ)

أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، حَدَّثَنَا حَنْبَلٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُلُّ مَنْ ذَكَرَ شَيْئًا يَعْرِضُ بِهِ بِذِكْرِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا. قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.

أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ يَهُودِيٍّ مَرَّ بِمُؤَذِّنٍ وَهُوَ يُؤَذِّنُ فَقَالَ لَهُ: كَذَبْتَ، فَقَالَ: يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ شَتَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

فهل توجد ديانة إرهابية ومتدخلة في حريات وحقوق الناس أكثر الناس؟ هل هناك دين على وجه الأرض وفي التاريخ أقبح من الإسلام وأكثر سوءً وشمولية؟! يعني لا أحد يمكنه اختيار الدين والاعتقاد الذي يرده، أنت وُلِدت في أسرة يهودية أو مسيحية إذن تظل كذلك أو تسلم، ولا أحد يمكنه الاعتقاد بالفكر الحر والعقلانية، لأنها العدو الأكبر لدولة الطبقية والاستبداد وإفقار الناس والبؤس، فهذا أساس ترسيخ كيانها بتخدير عقول الناس من العامة، ولا يجوز لغير مسلم أن يقول ببساطة ما هو معروف: لا أؤمن بمحمد كنبي، لننظر إلى هؤلاء المذيعين السخيفين منهم عندما يستضيفون ملحدًا منا فيصرون أن يقول مع كل كلمة (محمد) جملة صلى الله عليه وسلم، أي هراء هذا والملحد لا يؤمن بإله ولا بركات وصلوات إلهية ولا بمحمد نبيًّا، بل نصفه بالمجرم السفاح الناهب مغتصب النساء ومروج الخزعبلات والخرافات والجهل. عقلية المسلمين عمومًا لا تستوعب مبادئ حرية الاعتقاد والتعبير عن الآراء والحقوق في ذلك. عموم أقباط مصر خاضعون بائسون يتكلمون مع المسلمين فيصلون على نبيهم مجاملة، ولا يأكلون في رمضان بالنهار علنًا. هذه طبيعة القبط منذ زمن الفتح قد نراها مسالمة أو انقياد أو جبن أو تأسلم، لكن طبيعة الشخص المفكر الحر اللاديني العقلاني أنه أشجع من ذلك ولا يخضع للشمولية. ويجاهر بعقيدته أو على الأقل يحاول عدم المنافقة ومجاراة المسلمين والدينيين ما وسعه وأمكنه ذلك.

 

نصوص مصادرة الحق في التعبير عن الرأي

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) } الأحزاب

 

قال الطبري:

 

يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله اتقوا الله أن تعصوه، فتستحقوا بذلك عقوبته. وقوله (وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا) يقول: قولوا في رسول الله والمؤمنين قولا قاصدًا غير جائز، حقًّا غير باطل.

كما حدثني الحارث قال ثنا الحسن قال ثنا ورقاء عن ابن أَبي نجيح عن مجاهد (وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا) يقول: سدادًا.

 

يعني يجب أن نمدح الإسلام والمسلمين على شناعتهم وقبح شريعتهم وأفعالهم الهمجية طوال الوقت، لو فعلنا غير ذلك فنحن "كفار" يجب قتلنا، لا نخافكم إذن يا سادة، وسنعبر عن آرائنا. لا نفرض الاستماع والقراءة على أحد. كلٌّ حرّ.

 

محمد ينهى ويحرم اجتماع رجلين فأكثر للتناجي أي الحديث بصوت منخفض فيما بينهم

 

بسبب الإكراه الديني الذي مارسه محمد وأتباعه في يثرب على الوثنيين والمتشككين، وخوفه من نقدهم له ولدينه أو تخطيطهم ضده، أمر على طريقة أسوإ من أسوإ دولة شمولية تعتبر اجتماع شخصين أو ثلاثة منوعًا، بألا يتحدث أحد مع أحد بصوت منخفض!

 

{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} النساء

 

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)} المجادلة

 

قال ابن أبي حاتم في أسباب النزول:

 

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَنَاجَوْنَ فِيمَا بَيْنَهُم دُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَنْظُرُونَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَيَتَغَامَزُونَ بِأَعْيُنِهِمْ، فَإِذَا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ نَجْوَاهُمْ قَالُوا: مَا نَرَاهُمْ إِلَّا وَقَدْ بَلَغَهُمْ عَنْ أَقْرِبَائِنَا وَإِخْوَانِنَا الَّذِينَ خَرَجُوا فِي السَّرَايَا قَتْلٌ أَوْ مَوْتٌ أَوْ مُصِيبَةٌ أَوْ هَزِيمَةٌ، فَيَقَعُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ وَيُحْزِنُهُمْ، فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَقَدُمَ أَصْحَابُهُمْ وَأَقْرِبَاؤُهُمْ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ وَكَثُرَ، شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَتَنَاجَوْا دُونَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ وَعَادُوا إِلَى مُنَاجَاتِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.

 

وقال ابن كثير:

قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ [فِي قَوْلِهِ] {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى} قَالَ: الْيَهُودُ وَكَذَا قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَزَادَ: كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْيَهُودِ مُوَادَعَةٌ، وَكَانُوا إِذَا مَرَّ بِهِمْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسُوا يَتَنَاجَوْنَ بَيْنَهُمْ، حَتَّى يَظُنَّ الْمُؤْمِنُ أَنَّهُمْ يَتَنَاجَوْنَ بِقَتْلِهِ-أَوْ: بِمَا يَكْرَهُ الْمُؤْمِنُ-فَإِذَا رَأَى الْمُؤْمِنُ ذَلِكَ خَشيهم، فَتَرَكَ طَرِيقَهُ عَلَيْهِمْ. فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّجْوَى، فَلَمْ يَنْتَهُوا وَعَادُوا إِلَى النَّجْوَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} .

 

وقال مقاتل بن سليمان:

 

يعني اليهود كان بينهم وبين محمد ( صلى الله عليه وسلم ) موادعة ، فإذا رأوا رجلاً من المسلمين وحده يتناجون بينهم ، فيظن المسلم أنهم يتناجون بقتله ، أو بما يكره ، فيترك الطريق من المخافة ، فبلغ ذلك النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فنهاهم عن النجوى ، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى ، فقال الله تعالى : ( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما ( للذي ) نهوا عنه ويتنجون بالإثم ( يعني بالمعصية ) والعدوان ( يعني الظلم) ومعصيت الرسول ( يعني حين نهاهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن النجوى فعصوه .

 

وقال الطبري:

 

...قوله: (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ) يقول جلّ ثناؤه: ثم يرجعون إلى ما نهوا عنه من النجوى، (وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) يقول جلّ ثناؤه: ويتناجون بما حرّم الله عليهم من الفواحش والعدوان، وذلك خلاف أمر الله، ومعصية الرسول محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

 

إنه لواضحٌ أن محمدًا أقام دولة دينية شمولية إقصائية ترهب وتهدد وتميز ضد غير المسلمين، وتفتش في ضمائر الناس، ولأن أكره الوثنيين والمتشككين في يثرب على الإسلام بالإكراه، ومارس العنف والسياسات النازية والتطهير العرقي ضد اليهود، كان من الطبيعي أن يصير خائفًا من بعض المواطنين أنفسهم، لأنهم بفقدانهم حريتهم بإكراه محمد كان لهم الحق في مقاومته والعمل ضده بكل السبل، فقام بالنهي عن كلام اثنين مع بعضهم بصوت خفيض، بطريقة ربما لم تفكر فيها بجدية حتى أعتى الدول الشمولية في التاريخ القديم والمعاصر، كإيران وكوريا الشمالية والصين حاليًّا، إيران تحجب فيس بُك، والصين تحجب جوجل نفسه! لكن لا دولة من هذه الدول الشمولية الدكتاتورية المستبدة في نظم حكمها فكر حكامها في منع اثنين من الكلام سويًّا! هذا ما نسمية في عصرنا الحالي بتعبيراتنا بالفاشيّة الإسلامية. اعرفوا نتائج الدولة العنصرية الدينية (الإسلامية في هذه الحالة) مسبقًا من خلال تجارب الماضي، قبل أن تفكروا في إقامتها كنموذج أمثل كما يتصور السذج منكم يا مسلمون، ستكون النتيجة مواطنين يخافون ويقلقون من مواطنين آخرين ويكرهون بعضهم البعض على نحو متبادل، ولا يدخرون وسعًا لتدمير بعضهم البعض، حرب التعصب وحرب الكل ضد الكل، لقد قال أينسْتَيْن عالم الفيزياء المتعقلن يومًا: (الحماقة هي أن تفعل نفس الشيء بنفس الطريقة وتتوقع نتائج مختلفة). وقال كذلك: (شيئان لا نهاية لهما: الكون والغباء البشريّ).

 

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16)} المجادلة

 

روى أحمد بن حنبل:

 

2407 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ظِلِّ حُجْرَةٍ مِنْ حُجَرِهِ وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، قَدْ كَادَ يَقْلِصُ عَنْهُمِ الظِّلُّ، قَالَ: فَقَالَ: " إِنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ إِنْسَانٌ يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ بِعَيْنَيْ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَتَاكُمْ، فَلَا تُكَلِّمُوهُ "، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ أَزْرَقُ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَهُ، قَالَ: عَلَامَ تَشْتُمُنِي أَنْتَ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ ؟ نَفَرٌ دَعَاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، قَالَ: فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَدَعَاهُمْ فَحَلَفُوا بِاللهِ وَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ} [المجادلة: 18] الْآيَةَ

 

إسناده حسن. زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه الطبراني (12308) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/282-283 من طريق عمرو بن خالد الحراني، عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار (2270 - كشف الأستار) ، وابن جرير الطبري 28/23، والطبراني (12309) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وانظر أحمد (2147)

 

3277 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي ظِلِّ حُجْرَتِهِ - قَالَ يَحْيَى: قَدْ كَادَ يَقْلِصُ عَنْهُ - فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: " يَجِيئُكُمْ رَجُلٌ يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ بِعَيْنِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَلَا تُكَلِّمُوهُ " فَجَاءَ رَجُلٌ أَزْرَقُ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ، فَقَالَ: " عَلَامَ تَشْتُمُنِي أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ ؟ " قَالَ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى آتِيَكَ بِهِمْ، قَالَ: فَذَهَبَ، فَجَاءَ بِهِمْ، فَجَعَلُوا يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا، وَمَا فَعَلُوا، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} [المجادلة: 18] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ

 

إسناده حسن، سماك بن حرب من رجال مسلم، وهو صدوق حسن الحديث في غير روايته عن عكرمة، وباقي رجال السند ثقات من رجال الشيخين. وانظر أحمد (2147) .

 

روى الحاكم في المستدرك:

 

3795 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ الحسن بن علي بن عفان ثنا عمرو بن محمد العنقري ثنا إسرائيل ثنا سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل حجرة وقد كاد الظل أن يتقلص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان فإذا جاءكم لا تكلموه. فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق أعور فقال حين رآه دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: على ما تشتمني أنت وأصحابك. فقال: ذرني آتك بهم فانطلق فدعاهم فحلفوا ما قالوا وما فعلوا حتى يخون فأنزل الله عز وجل { يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون }

 هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

 

وروى الطبراني في ج12 من المعجم الكبير:

 

12307 - حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي و أحمد بن محمد الخزاعي الأصبهاني قالا ثنا محمد بن كثير ثنا إسرائيل عن سماك بن حرب بن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم جالسا في ظل حجرة قد كاد يقلص عليها الظل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إنكم سيأتيكم رجل ينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاءكم فلا تكلموه ) فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل فدعاه فقال ( على م تشتمني أنت وأصحابك ؟ ) قال : ادعوهم. فدعاهم فجعلوا يحلفون بالله ما قالوا وما فعلوا حتى تجاوز عنهم فأنزل الله عز و جل { يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم } الآية

 

وجاء في أسباب النزول لابن أبي حاتم:

 

قَالَ السُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَبْتَلٍ الْمُنَافِقِ، كَانَ يجالس النبي صلى اللَّه عليه وسلم ثُمَّ يَرْفَعُ حَدِيثَهُ إِلَى الْيَهُودِ. فَبَيْنَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فِي حُجْرَةٍ مِنْ حُجَرِهِ إِذْ قَالَ: يَدْخُلُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ قَلْبُهُ قَلْبُ جَبَّارٍ، وَيَنْظُرُ بِعَيْنَيْ شَيْطَانٍ. فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَبْتَلٍ، وَكَانَ أَزْرَقَ، فَقَالَ لَهُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: عَلَامَ تَشْتُمُنِي أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ؟ فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا فَعَلَ ذَلِكَ، فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: فَعَلْتَ. فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا باللَّه ما شتموه. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَاتِ.

 

وفي السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق:

 

...ومن بني لَوْذان بن عَمْرو بن عَوْف: نَبْتَل بن الحارث، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم- فيما بلغني -: من أحبَّ أن ينظر إلى الشيطان، فلينظر إلى نَبْتَل بن الحارث، وكان رجلاً جسيماً أذلم ثائر شعر الرأس، أحمر العينين أسْفَع الخدَّين، وكان يأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث إليه فيسمع منه، ثم ينقل حديثه إلى المنافقين، وهو الذي قال: إنما محمد أذُن، من حدّثه شيئاً صدقه. فأنزل الله عز وِجل فيه: {وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِالله وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ الله لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)} [التوبة: 61].

 

وقال الطبري:

 

 يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ألم تنظر بعين قلبك يا محمد، فترى إلى القوم الذين تَولَّوْا قومًا غضب الله عليهم، وهم المنافقون تولَّوا اليهود وناصحوهم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) إلى آخر الآية، قال: هم المنافقون تولَّوا اليهود وناصحوهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) قال: هم اليهود تولاهم المنافقون.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله عز وجلّ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ) قال: هؤلاء كفرة أهل الكتاب اليهود والذين تولوهم المنافقون تولوا اليهود، وقرأ قول الله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) حتى بلغ (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) لئن كانَ ذلك لا يفعلُونَ وقال: هؤلاء المنافقون قالوا: لا ندع حلفاءنا وموالينا يكونوا معًا لنصرتنا وعزّنا، ومن يدفع عنا نخشى أن تصيبنا دائرة، فقال الله عزّ وجلّ: (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) حتى بلغ (فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ) وقرأ حتى بلغ (أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) قال: لا يبرزون.

وقوله: (مَا هُمْ مِنْكُمْ) يقول تعالى ذكره: ما هؤلاء الذين تولَّوْا هؤلاء القوم الذين غضب الله عليهم، منكم يعني: من أهل دينكم وملتكم، ولا منهم ولا هم من اليهود الذين غضب الله عليهم، وإنما وصفهم بذلك منكم جلّ ثناؤه لأنهم منافقون إذا لقوا اليهود، قالوا (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) .

 

.... وقوله: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً) يقول جلّ ثناؤه: جعلوا حلفهم وأيمانهم جنة يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم، وذلك أنهم إذا أطلع منهم على النفاق، حلفوا للمؤمنين بالله إنهم لمنهم (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) يقول جلّ ثناؤه: فصدّوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم، وذلك أنهم كفر، وحكم الله وسبيله في أهل الكفر به من أهل الكتاب القتل، أو أخذ الجزية، وفي عبدة الأوثان القتل، فالمنافقون يصدّون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم إنهم مؤمنون، وإنهم منهم، فيحولون بذلك بينهم وبين قتلهم، ويمتنعون به مما يمتنع منه أهل الإيمان بالله.

 

وانظر أحمد بن حنبل 2147 على خلل في متن الرواية.

 

هل العبرة والشرط لجلوسي مع شخص أن يكون من نفس ديانتي؟! هذا تدخل عنصري في حيوات الناس وحرياتهم الشخصية، كل شخص حر في أن يجلس مع من شاء، هل العبرة لحدثي مع شخص أو مجموعة بشرية أو مناصرتي لها هو انتمائي لها أو لغيرها {مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ}، أم بكونهم ودودين أو مظلومين وأصحاب حق، هل تشويه محمد لصورة اليهود والكتابيين بأساطير خرافية وقوله أنهم ملعونون له أي معنى موضوعي عند إنسان حكيم عاقل؟! أجبر محمد الوثنيين في يثرب على الإسلام، وقام بعنف كثير من إجلاء وطرد وتقتيل وسبي ونهب ضد اليهود، والآن كان يخشى من تآمر الفئتين اللتين ظلمهما عليه وعلى مشروعه وديانته، هذه صورة الدولة التي يحلم بها مسلمو اليوم؟! دولة تصادر حق الإنسان في أن يتحدث ويجلس مع من يريد، وتمنع حرية الكلام أو حتى الكلام بين اثنين، دولة يخاف فيها مواطنوها ويتوجّسون شرًّا من بعضهم البعض؟! تعست دولة بهذا الشكل، لأنها ستنهار في النهاية، وهو ما حدث بانهيار كل خلافات (جمع خلافة) الحكم الإسلامي في  التاريخ. ويبدو أنه حسب القرآن والطبري أن المنافقين كانوا غلطانين وليس لهم حقٌّ ألا يقولوا للمسلمين: تفضلوا اقتلونا لو سمحتم! وكان محمد لا يريد لأحد أن يفتح فمه ويتكلم بنقدٍ أو عيبٍ له.

 

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه:

 

30728- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : حدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: سَأَلْتُ طَاوُوسًا، عَن تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمَ الْمَوْتُ} فَأَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ حَتَّى قِيلَ هَذَا ابْنُ حَبِيبٍ كَرَاهِيَةً لِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ.

 

مصادرة الحق في التعبير على المستوى والتصور اللاهوتي، الله نفسه يُصوَّر كحاكم مستبدّ يمنع الكلام والتعبير

 

{كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} الانفطار

 

{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)} الزخرف

 

هذا التصور لإله يحصي عليك أنفاسك، وله موظفُّون يتولّون ذلك، كأنه عاجز عن أداء كل شيء وحفظه وحده، وهي تصورات بدائية تضفي على الإله السمات البشرية لملك بشري، هنا التصوير بأن هذا الكائن الوهميّ يحصي عليك كل فكرة أو قول أو سلوك جنسي حر...إلخ، لا شك هذه فكرة سخيفة ومفهوم مهووس استحواذيّ كريه بغيض، معادٍ لحرية الإنسان في سلوكه وفكره ولكرامته واستقلاله بمصادرته لصالح قيم وأفكار دينية رجعية انغلاقية، هذا المفهوم يعادي فكرة حرية الإعلام والتعبير والاعتقاد، وهي مشاكل مزمنة نراها في الشعوب العربية والإسلامية الظلامية التي تعيش اليوم أزهى عصورها المظلمة الغارقة في الجهل وأسوأ قيم القرون الوسطى، خاصة عوامّهم ودهماءَهم، ففي عصور العباسيين كان عند العرب ثقافة وتحرر فكريّ وشعريّ وأدبيّ أكثر أغلب الأحيان!

 

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)} مريم

 

إذا كان للرجل تصورات دينية معينة أو حسن ظن بالإله الخرافي وتفاؤل لاهوتيّ فلا أرى ذنبًا له لإدانته، كذلك العقاب بالتعذيب الجسدي وسيلة الشعوب الهمجية ومخالف لروح التشريع المدني المتحضر، وهذا هو الأساس اللاهوتيّ لمشكلة عنف الشرطة والأمن في الدول الإسلامية وتعارض طبيعة تلك الدول البربرية مع التمدن والتحضر برأيي، لأن الفكر الديني يبرر ويحكم بأخلاقية مزعومة لأفعال غير أخلاقية كالتعذيب لنيل اعتراف أو بدعوى العقوبة مثلًا.

 

{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)} المطفِّفين

 

هنا اعتبار مجرد حس الدعابة أو السخرية ضد الدين وفي مقابله جريمة، وهذا مما لا يدعم فكرة  التعايش وحقوق الناس في حرية التعبير، خصوصًا ضد الدين وخرافاته المؤذية، يحق للبشر والمفكرين والساخرين العباقرة كبِل ماهِر وباسم يوسف وطيب الذكر جورج كارلين أن يرسموا البسمة على الوجوه فيما يُحرِّرون عقولًا من أسر الوهم ورجعية وأضرار الذهنية الخرافية الدينية. محمد بشخصيته عمومًا كان أحد أكثر الشخصيات افتقادًا لقبول حس الدعابة المخالف لادّعاآته، وهي سمة لشخصية متكبِّرة متضخمة الذات نتاج مشاكل لا ذنبَ له فيها منذ صغره ونشأته مر بها، كاليتم والشعور بالنبذ والإهمال.

 

{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} ق

 

{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)} الزخرف

 

هذا التصور لإله له موظفُّون يتولّون المهمات، كأنه عاجز عن أداء كل شيء وحفظه وحده، وهي تصورات بدائية تضفي على الإله السمات البشرية لملك بشري جالس على عرش أو كرسيّ ويحتاج وزراء ورسلًا ومعاونِين وسكرتارية وماسكي دفاتر ومنزلي أمطار وموكَّلين بالأجنّة في الأرحام...إلخ وقد تصوَّر محمد الله _على غرار شخصية محمد نفسه في السيرة_إلهًا عاتيًا مستبدًّا دكتاتورًا طاغية له جواسيس منتظمون يسجِّلون على الناس كل حرف وكلمة يتفوَّهوا بها، لا يطيق حرية التعبير والكلمة، صغير العقل يضع عقله بعقول البشر، ويحاسب ويعاقب على مجرد الكلمة، وهو النموذج اللاهوتي للطغيان ومصادرة حرية الكلمة والرأي باعتباره القدوة والنموذج والآمر الموصي، وهكذا نرى التبرير اللاهوتي والديني للاستبداد ومنع حرية الإعلام والكتابة والكلام والتعبير والاعتقاد. يقول المصريون البسطاء: "هو الكلام عليه جمرك؟"، لكن محمدًا كما عرضنا في ج1 (حروب محمد الإجرامية) رأى أن الكلام ضده وضد أفكاره وتخطيطاته قد يكلف المعارضين حيواتهم أو على الأقل يعرِّضهم للتعذيب.

 

{تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آَيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9)} الجاثية

 

هنا يفترض أنه يجب على الكل عدم الاعتراض على كلامه وأنه كلام الله المزعوم، لكن من لا يؤمن بكلامه ليس ملزَمًا بعدم نقد الكلام أو حتى السخرية منه بأسلوب معقول من باب حرية التعبير واحترام حس الدعابة والفكاهة. يرسِّخ قرآن محمد كما لاحظنا في آيات أخرى كذلك القدوة اللاهوتية المزعومة فالله نفسه يصوَّر كحاكم مستبدّ بشريّ في دولة من العالم الثالث يخشى من سلاح الكلمة والدعابة. باختصار خشية محمد على مشروعه وأسلوبه الطفوليّ العصابيّ.

 

{وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آَيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9)} الجاثية

 

نفس التعليق

 

{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}

 

قال الطبري:

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: لن يضركم، يا أهل الإيمان بالله ورسوله، هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب بكفرهم وتكذيبهم نبيَّكم محمدًا صلى الله عليه وسلم شيئا ="إلا أذى"، يعني بذلك: ولكنهم يؤذونكم بشركهم، وإسماعكم كفرهم، وقولهم في عيسى وأمه وعزير، ودعائهم إياكم إلى الضلالة، ولن يضروكم بذلك، وهذا من الاستثناء المنقطع الذي هو مخالف معنى ما قبله، كما قيل:"ما اشتكى شيئًا إلا خيرًا"، وهذه كلمة محكية عن العرب سماعًا.

* * *

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

7626- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"لن يضروكم إلا أذى"، يقول: لن يضروكم إلا أذى تسمعونه منهم.

7627- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله:"لن يضروكم إلا أذى"، قال: أذى تسمعونه منهم.

 

هذه عقلية المسلم الأصوليّ منذ نشأت وتجلّت في يثرب زمن محمد، يعتبرون مجرد التعبير عن عقيدة أخرى أو حرية الدعوة والتعبير عن العقائد والآراء المختلفة أو نقد الإسلام أو غيره وفق حق التعبير عن الرأي دون فرضه أو فرض استماعه على المخالف ذي الرأي الآخر، يعتبرون ذلك عداوة في حد ذاته، وهذه من بدايات تبلور وظهور منع محمد ومصادرته لحق البشر في حرية الرأي والاعتقاد. قارن قوله {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)} آل عمران، وهي عقلية متعصبة غير معقولة، لا أفهم لماذا مجرد الاختلاف بين ناس في معتقداتهم الخرافية الخيالية يكون مدعاة للحرب والقتال كما تصور محمد ويتصور كثير من المسلمين وغيرهم، يعود محمد إلى تصوير اليهود على أنهم أمة مغضوب عليها من الله الخرافي وبذلك يبرر تعرضهم للأذى من المسيحيين ومنه حسب نيته المسبقة بعد ذلك على أنها بمشيئة إلهية لإذلالهم، وهو تعليم عنصري فاسد يجعل المسيئين لليهود يبررون شرورهم بأنها بتقدير ومشيئة الله وأنه لا بأس من إيذاء إخوة لهم في الإنسانية بدعوى أنهم مغضوب عليهم من إله خرافي، يضع دين محمد أسبابًا خرافية غير معقولة ولا شخصية ولا موضوعية ووهمية استحواذية لكراهية الآخرين، دومًا ما تصور المسلمون اليهود والمسيحيين أو اليهود بالذات كجبناء يفرون من القتال ويقاتلون من حصون، أثبت التاريخ في الحروب الصليبية والاحتلال الإسرائيلي أنهم كانوا مغترّين بنصوص القرآن وأن الحقيقة أن فيهم شجعانًا ومستميتين وفتّاكين خطيرين فعلًا، ربما نفس الأمر تثبته حملات أمِرِكا لتكسير أعدائها وقواهم كأمة مسيحية. الصورة النمطية أثبتت فشلها للتبنّي في حروب المسلمين دفاعًا عن أوطانهم كالاحتلالات الإسرائيلي وسابقًا البريطاني والفرنسي وغيره، وكذلك فِعَال أمركا في حروبها ضد الإرهاب والخطر والقوة المحتملين من أمة الإسلام. أما تبرير محمد للعنة المزعومة الخزعبلية بقتلهم الأنبياء فقلتُ غيرَ ما مرةٍ أنه يتناقض مع مبدإ العدل، وقول محمد في عدة آيات {ولا تزر وازرة وزرَ أخرى}، ولعلم محمد باحتمال تناقض كلامه وأحكامه التعميمية مع ما كان قد يحدث ولم يكن له علم به كمستقبل قال كلامًا مطاطيًّا عائمًا بأن الله قد يؤيد الكتابيين واليهود لمشيئة عنده أو يساعدهم بعض الناس فينتصروا على المسلمين وغيرهم.

 

قال الطبري:

 

7631- حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال: حدثنا عباد، عن الحسن في قوله:"ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس"، قال: أذلهم الله فلا مَنْعة لهم، وجعلهم الله تحت أقدام المسلمين.

 

... 7640- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس"، قال: إلا بعهد، وهم يهود. قال: والحبل العهد. قال: وذلك قول أبي الهيثم بن التَّيَّهان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتته الأنصار في العقبة:"أيها الرجل، إنا قاطعون فيك حبالا بيننا وبين الناس"، يقول: عهودًا، قال: واليهود لا يأمنون في أرضٍ من أرض الله إلا بهذا الحبل الذي قال الله عز وجل. وقرأ: (وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) [سورة آل عمران: 55] ، قال: فليس بلد فيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود في شرق ولا غرب، هم في البلدان كلها مستذَلُّون، قال الله: (وَقَطَّعْنَاهُم فِي الأرْضِ أُمَمًا) [سورة الأعراف: 168] ، يهود.

 

هنا نرى ما قلته من تبرير الممارسات العنصرية وكراهية الأقليات كاليهود وغيرهم وأذيتهم والإساءة لهم وهم إخوتنا في الإنسانية بدعوى تبرير وأمر أو قدر إلهي خرافي مزعوم.

 

وقال ابن كثير:

 

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ ومُبشِّرًا لَهُمْ أَنَّ النَّصْرَ والظَّفر لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ الْكَفَرَةِ الْمُلْحِدِينَ، فَقَالَ: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} وَهَكَذَا وَقَعَ، فَإِنَّهُمْ يَوْمَ خَيْبَر أَذَلَّهُمُ اللَّهُ وأرْغَم آنَافَهُمْ وَكَذَلِكَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ بَنِي قَيْنُقَاع وَبَنِي النَّضِير وَبَنِي قُرَيْظَة كُلُّهُمْ أَذَلَّهُمُ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ النَّصَارَى بِالشَّامِ كَسَرهم الصَّحَابَةُ فِي غَيْرِ مَا مَوْطِنٍ، وسَلَبوهم مُلْك الشَّامِ أَبَدَ الْآبِدِينَ وَدَهْرَ الدَّاهِرِينَ، وَلَا تَزَالُ عِصَابة الإسلام قائمة بالشام حتى ينزل عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] وَهُمْ كَذَلِكَ، وَيَحْكُمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ  بِشَرْعِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فيَكْسر الصَّلِيب، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، ويَضَع الجزْية، وَلَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامَ.

 

ديانة فاسدة في جوهرها وأسسها، ولا أمل في إصلاحها بإصلاحٍ دينيٍّ.

 

اقطعوا رؤوس من يقولون أن الإسلام دين عنف!

 

المحاسبة على الأفكار الداخلية

 

اتسم الإسلام ككل الأديان وخاصة التوحيدية بالشمولية والتخويف لدرجة مصادر الحرية والحق في التفكير بحرية بدون حواجز ومحظورات على العقل، كوسيلة لحماية الدين وخرافاته الضعيفة عديمة المنطق والأدلة

 

جاء في القرآن:

 

{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)} البقرة: 284

 

لكن هذا التشديد خوَّف أتباع محمد فاقترحوا تغييرها، روى مسلم:

 

 [ 125 ] حدثني محمد بن منهال الضرير وأمية بن بسطام العيشي واللفظ لأمية قالا حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح وهو بن القاسم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم { لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير }  قال فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل الله عز وجل { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }  قال نعم { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا }  قال نعم { ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به }  قال نعم { واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين }  قال نعم

 

 [ 126 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لأبي بكر قال إسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا وكيع عن سفيان عن آدم بن سليمان مولى خالد قال سمعت سعيد بن جبير يحدث عن بن عباس قال لما نزلت هذه الآية { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله }  قال دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء فقال النبي صلى الله عليه وسلم قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا قال فألقى الله الإيمان في قلوبهم فأنزل الله تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }  قال قد فعلت { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا }  قال قد فعلت { واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا }  قال قد فعلت

 

رواه أحمد 2070 والترمذي (2992) ، والنسائي في "الكبرى" (11059) ، والطبري 3/160، والحاكم 2/286، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 210-211، والواحلى في "أسباب النزول" ص60

 

باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر

 

 [ 127 ] حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد ومحمد بن عبيد الغبري واللفظ لسعيد قالوا حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به

 

ومما روى أحمد:

 

3070 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَبَكَى . قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ ؟ قُلْتُ: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ} [البقرة: 284] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ حِينَ أُنْزِلَتْ، غَمَّتْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَمًّا شَدِيدًا، وَغَاظَتْهُمْ غَيْظًا شَدِيدًا، يَعْنِي، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكْنَا، إِنْ كُنَّا نُؤَاخَذُ بِمَا تَكَلَّمْنَا، وَبِمَا نَعْمَلُ، فَأَمَّا قُلُوبُنَا فَلَيْسَتْ بِأَيْدِينَا . فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا " قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، قَالَ: فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} [البقرة: 285] إِلَى {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] ، فَتُجُوِّزَ لَهُمْ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ، وَأُخِذُوا بِالْأَعْمَالِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. حميد الأعرج: هو حميد بن قيس المكي القارئ، قارئ أهل مكة. وأخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 229 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا ا لإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/113-114، ومن طريقه أخرجه الطبري 3/144-145 عن جعفر بن سليمان، عن حميد الأعرج، بهذا الأسناد. وأخرجه بنحوه الطبري 3/144، والطبراني (10769) ، والبيهقي في "شعب الأيمان" (329) من طريق سعيد بن مرجانة، والطبرى 3/145، وابن الجوزي ص229 من طريق سالم بن عبد الله، كلاهما عن ابن عباس. وانظر ما تقدم برقم (2070) من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس. وأورده ابن كثير في "تفسيره" 1/502-503، وقال: فهذه طرق صحيحة عن ابن عباس، وقد ثبت عن ابن عمر كما ثبت عن ابن عباس، قال البخاري (4546) : حدثنا إسحاق، حدثنا روح، حدثنا شعبة، عن خالد الحذاء، عن مروان الأصفر، عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحسبهُ ابن عمر-: (وإن تُبْدُوا ما في أنفُسِكم أو تُخْفُوه) ، قال: نسختها الآية التي بعدها. وهكذا روي عن علي، وابن مسعود، وكعب الأحبار، والشعبي، والنخعي، ومحمد بن كعب القُرظي، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وقتادة: أنها  منسوخة بالتي بعدها. وقد ثبت بما رواه الجماعة في كتبهم الستة من طريق قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفُسَها، ما لم تَكلم أو تعمَلْ ". ثم ساق عدة أحاديث في هذا المعنى. وأخرج ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 228 من طريق عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يُحاسِبْكم به الله) ، قال: نُسخَتْ، فقال الله: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها). وفي الباب عن أبي هريرة سيأتي في "المسند" 2/412 حديث (9344)، ومسلم (125) (199). وعن علي عند ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 225.

 

فجاءت الصياغة الناسخة هكذا:

 

{آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)} البقرة: 285- 286

 

وكلا النصين في القرآن، وكلاهما يتعلق بحكم عام خاص بمبادئ القضاء والعدالة الإلهية المزعومة، فهذا يثبت أن المسألة كلها أكاذيب يخترعها ويلفقها محمد لأتباعه السذج ذوي العقول الطفولية، لأن المبادئ العامة الدستورية لعادلة إله مزعوم ما كانت لتتغير لو صح له وجود وأن هذا الكلام المحمديّ خاص بهم، لكن ذلك لا يصح طبعًا ولذلك غيَّر محمد وتخبط في نصوصه وفلسفته كما شاء. وعلى العموم يعمل الإسلام على شل العقول التي قد تفكر وتتشكك في خرافاته وأساطيره بالقول بأنها ليست أفكار واستعمال سليم محترم للعقل، بل وسوسات شيطان خرافي خارج النفس والعقل البشريين، روى أحمد:

 

2097 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ ذَرِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالشَّيْءِ، لَأَنْ أخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيَدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. منصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه عبد بن حميد (701) ، والطحاوي 2/252، وابن منده في "الإيمان" (345) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (341) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (668) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن منصور والأعمش، عن ذر، به. وأخرجه أبو داود (5112) ، وابن حبان (147) من طريق جرير بن عبد الحميد، وابن منده (345) من طريق شيبان، كلاهما عن منصور، به. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (342) من طريق شيبان، عن قتادة، عن ذر، به. وسيأتي برقم (3161) .

 

وروى البخاري:

 

7296 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يَقُولُوا هَذَا اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ

 

وروى مسلم:

 

[ 132 ] حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال وقد وجدتموه قالوا نعم قال ذاك صريح الإيمان

 

 [ 132 ] وحدثنا محمد بن بشار حدثنا بن أبي عدي عن شعبة ح وحدثني محمد بن عمرو بن جبلة بن أبي رواد وأبو بكر بن إسحاق قالا حدثنا أبو الجواب عن عمار بن رزيق كلاهما عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث

 

 [ 133 ] حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار حدثني علي بن عثام عن سعير بن الخمس عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة قال تلك محض الإيمان

 

 [ 134 ] حدثنا هارون بن معروف ومحمد بن عباد واللفظ لهارون قالا حدثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله

 

 [ 134 ] وحدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو النضر حدثنا أبو سعيد المؤدب عن هشام بن عروة بهذا الإسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق السماء من خلق الأرض فيقول الله ثم ذكر بمثله وزاد ورسله

 

 [ 134 ] حدثني زهير بن حرب وعبد بن حميد جميعا عن يعقوب قال زهير حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا بن أخي بن شهاب عن عمه قال أخبرني عروة بن الزبير أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا وكذا حتى يقول له من خلق ربك فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته

 

 [ 134 ] حدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث قال حدثني أبي عن جدي قال حدثني عقيل بن خالد قال قال بن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي العبد الشيطان فيقول من خلق كذا وكذا مثل حديث بن أخي بن شهاب

 

 [ 135 ] حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد قال حدثني أبي عن جدي عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال الناس يسألونكم عن العلم حتى يقولوا هذا الله خلقنا فمن خلق الله قال وهو آخذ بيد رجل فقال صدق الله ورسوله قد سألني اثنان وهذا الثالث أو قال سألني واحد وهذا الثاني وحدثنيه زهير بن حرب ويعقوب الدورقي قالا حدثنا إسماعيل وهو بن علية عن أيوب عن محمد قال قال أبو هريرة لا يزال الناس بمثل حديث عبد الوارث غير أنه لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الإسناد ولكن قد قال في آخر الحديث صدق الله ورسوله

 

 [ 135 ] وحدثني عبد الله بن الرومي حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة وهو بن عمار حدثنا يحيى حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزالون يسألونك يا أبا هريرة حتى يقولوا هذا الله فمن خلق الله قال فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فقالوا يا أبا هريرة هذا الله فمن خلق الله قال فأخذ حصى بكفه فرماهم ثم قال قوموا قوموا صدق خليلي

 

 [ 135 ] حدثني محمد بن حاتم حدثنا كثير بن هشام حدثنا جعفر بن برقان حدثنا يزيد بن الأصم قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسألنكم الناس عن كل شيء حتى يقولوا الله خلق كل شيء فمن خلقه

 

 [ 136 ] حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة الحضرمي حدثنا محمد بن فضيل عن مختار بن فلفل عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل إن أمتك لا يزالون يقولون ما كذا ما كذا حتى يقولوا هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله حدثناه إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن زائدة كلاهما عن المختار عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث غير أن إسحاق لم يذكر قال قال الله إن أمتك

 

في الواقع يخافون من هذا السؤال لأنه يكشف تناقض الفكرة، أرادوا إيقاف سلسلة السببية يعني تعاقب الأسباب والنتائج في ارتداد وارتجاع لا نهائي أو لا تُعرف نهايته، بعمل كائن استثنائي لا يخضع للسبيية بدون تبرير منطقي وبأسلوب المنطق الاستثنائي، لكن هذا لا يحل المشكلة منطقيًّا، لكن ما الذي يمنع العقل السليم الحر من التفكير بدون استثناء أو قيود في كيفية ظهور تلك الفكرة الخرافية ومن أين نشأ كيان خرافي كهذا وبدون خضوعه لقانون السببية بدون مبرر منطقي؟

 

إثبات قولهم بوجود أعضاء جسدية لله بأفكارهم البدائية

 

هكذا كانت أفكار محمد ودائرة مجموعة مؤلفي ورواة الأحاديث الأوائل ولم تتعد ذلك، فروى أحمد:

 

12260 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُثَنَّى مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143] قَالَ: " قَالَ: هَكَذَا، يَعْنِي أَنَّهُ أَخْرَجَ طَرَفَ الْخِنْصَرِ " قَالَ: أَبِي: " أَرَانَاهُ مُعَاذٌ " قَالَ: فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ؟ قَالَ: فَضَرَبَ صَدْرَهُ ضَرْبَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: مَنْ أَنْتَ يَا حُمَيْدُ ؟ وَمَا أَنْتَ يَا حُمَيْدُ، يُحَدِّثُنِي بِهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَقُولُ أَنْتَ مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه الضياء في "المختارة" (1673) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي بإثر الحديث (3074) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (481) ، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/258-259، وابن أبي حاتم في تفسير سورة الأعراف (937) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه الترمذي (3074) ، وابن أبي عاصم (480) ، والطبري في "تفسيره" 9/53، وابن خزيمة 1/260 و260-261 و261-263، وابن عدي 2/677، والحاكم 1/25 و2/320-321 و577، والضياء (1672) و (1675) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، وصححه الحاكم على شرط مسلم.

وأخرجه ابن منده في "الرد على الجهمية" (59) من طريق أحمد بن محمد الصيدلاني البغدادي، عن سعيد بن عامر، عن شعبة، عن ثابت، عن أنس قوله. وقال: غريب من حديث شعبة. قلنا: ورجاله ثقات إلا أحمد الصيدلاني فلم نجد له ترجمة إلا في "تاريخ بغداد" 5/137 ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وروى عنه جمع منهم ثلاثة حفاظ: الطبراني وأبو الشيخ وابن الأعرابي، فحديث مثله يصلح للاعتبار.

وأخرجه بنحوه ابن أبي عاصم (482) و (483) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس قوله.

وأخرجه الطبري 9/53 من طريق قرة بن عيسى، عن الأعمش، عن رجل، عن أنس مرفوعاً. وفيه رجل مبهم، ومن لم نجد له ترجمة.

وسيأتي الحديث عن روح بن عبادة عن حماد بن سلمة برقم (13178) .

 

وفي الحديث كالعادة كره العامة من المسلمين للتفكير في أي نص معيب أو محل انتقاد، فلو فكروا سيتوصلون لعدم منطقية نصوص الدين وأنها كلها خرافات متناقضة، الإله الغير منزه عن المادة والمادي الجسدي لا حاجة له في تفسير لاهوتي للكون، لأنه لن يحل ما يزعمون أنه مشكلة من جهة من أين جاءت مادة الكون، الأفضل والأكثر منطقية وعملية من فكرة القول بإله خرافي مادي أزلي أو حتى خرافي آخر غير مادي أزلي هو أن المادة/ الطاقة أزلية في الكون.

 

عدم احترام تعدُّد الأديان والتعايش المشترك واحترام أتباع العقائد الأخرى

 

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18)} المرسلات

 

{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47)} المرسلات

 

أسلوب جنوني وغير مهذَّب للدعوة، وتكفير مخالفه في العقيدة، واعتبار كل من لا يتّبع الإسلام مجرِمًا! مفاهيم لا تصلح لتأسيس دولة متحضِّرة، إذا كنا سنعتبر كل مخالف لعقيدة دينية معيَّنة تتبعها أغلبية أو غير ذلك مجرمين، لأن كما تقول القاعدة اللاتينية المصاغة باللاتينية: لا قانونَ، لا جريمة. الجريمة يجب تجريمها بقانون مدنيّ، أي مجنون في دولة متحضِّرة هذا سيحاول عمل قانون يعتبر كل غير مسلم مجرمًا مستحق للسجن أو القتل أو غير ذلك كدفع غرامة أو جزية مثلًا؟! ومثل هذه الأفكار لا تصلح لتكوين بيئة ودولة تحترم حرية الفكر والتعبير والرأي والعقيدة والإبداع والكتابة.

 

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)} المطففين

 

هنا يكرِّر محمد الافتراض الخاطئ والزعم الباطل بأن مخالفة الديانة التي كان يدعو لها أو عدم الإيمان عمومًا أو حرية التعبير ضده جريمة، وهذا كما قلنا مرارًا باطل، ووصفه لغير المؤمن بالإسلام سواء أكان وثنيًّا أم مسيحيًّا أو يهوديًّا أو بوديًّأ أم لادينيًّا بتعميم خاطئ بأنه معتدٍ ظالم أثيم فاجر تعميم باطل غير منطقي، والسيرة المحمدية وتاريخ أول الإسلام حافل بأشخاص وثنيين طيبين كهشام بن عمرو الذي رغم وثنيته_ لما حاصرت قريش المسلمين في الشِعب ومنعت بيع الطعام لهم ولبني هاشم لدعمهم لمحمد_كان يرسل ويسرِّب حمولات الطعام على جمال من ماله الخاصّ تبرّعًا كعمل خيريّ إنسانيّ، وكان ممن عملوا على نقض الصحيفة الظالمة المتفَّق فيها على منع بيع الطعام لبني هاشم والمسلمين، لأنه رأى فيها ظلمًا لا إنسانيًّا  وقطعًا لصلات القرابة (صلات الرحم)، كما في السيرة لابن هشام:

 

قال ابن إسحاق: وبنو هاشم وبنو المطلب في منزلهم الذي تعاقدت فيه قريش عليهم في الصحيفة التي كتبوها، ثم إنه قام في نقض تلك الصحيفة التي تكاتبت فيها قريش علي بنى هاشم وبنى المطلب نفرٌ من قريش، ولم يُبل فيها أحد أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حُبيب بن نصر بن جُذَيمة بن مالك بن حِسْل بن عامر بن لؤي، وذلك أنه كان ابن أخيٍ نَضْلة بن هاشم بن عبد مناف لأمه، فكان هشام لبنى هاشم واصلا، وكان ذا شرف في قومه، فكان - فيما بلغني - يأتي بالبعير، وبنو هاشم وبنو المطلب في الشِّعْب ليلاً، قد أوقره طعاماً حتى إذا أقبل به فم الشِّعْب خلع خطامه من رأسه، ثم ضرب على جنبه، فيدخل الشِّعْب عليهم ثم يأتى به قد أوقره بزاً أو براً، فيفعل به مثل ذلك.

قال ابن إسحاق: ثم إنه مشى إلى زُهير بن أبى أمية بن المغيرة بن عبد اللّه بن عُمر بن مخزوم. وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب، فقال: يا زُهير، أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثيابَ، وتَنكح النساء، وأخوالُك حيث قد علمتَ، لا يُباعون ولا يُبتاع منهم، ولا يَنكحون ولا يُنكح إليهم؟ أما إني أحلف باللّه أن لو كانوا أخوالَ أبي الحكم بن هشام، ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم، ما أجابك إليه أبدا، قال: ويحك يا هشام! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، واللّه لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضِها حتى أنقضَها، قال: قد وجدت رجلا قال: فمن هو؟ قال: أنا، قال له زُهير: أبغنا رجلا ثالثا. فذهب إلى المطْعِم بن عدي، فقال له: يا مُطعم أقد رضيتَ أن يهلك بطنان من بنى عبد مناف وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه! أما واللّه لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنَّهم إليها منكم سراعا، قال ويحك! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، قال: قد وجدت ثانيا، قال: من هو؟ قال: أنا، فقال: أبغنا ثالثا. َ قال: قد فعلت، قال: من هو؟ قال: زُهَير بن أبي أمية، قال أبغنا رابعا. فذهب إلى البَخْتري بن هشام، فقال له نحواً مما قال للمُطعم ابن عدي، فقال: وهل من أحد يعين على هذا؟ قال: نعم، قال: من هو؟ قال: زُهير بن أبى أمية، والمُطعم بن عدي، وأنا معك، قال أبغنا خامسا. فذهب إلى زَمْعَة بن الأسود بن المطلب بن أسد، فكلمه وذكر له قرابتهم وحقَّهم، فقال له: وهل على هذا الأمر الذي تدعونى إليه من أحد؟ قال: نعم، ثم سمَّى له القوم. فاتَّعدوا خطم الحجون ليلاً بأعلى مكة، فاجتمعوا هنالك. فأجمعوا أمرَهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها، وقال زُهير: أنا أبدؤكم، فأكون أولَ من يتكلم. فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زُهير بن أبي أمية عليه حُلة، فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس فقال: يا أهلَ مكة، أنأكل الطعام ونلبس الثيابَ، وبنو هاشم هلْكَى لا يباع ولا يبتاع منهم، واللّه لا أقعدُ حتى تُشَقَّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.

 

قال أبو جهل: وكان في ناحية المسجد: كذبتَ واللّه لا تُشق، قال زَمْعة بن الأسود: أنت واللّه أكذب، ما رضينا كتابها حيثُ كُتبت، قال أبو البختري: صدق زَمعة، لا نرضى ما كُتب فيها، ولا نقرّ به، قال المطعِم بن عدي: صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى اللّه منها، ومما كُتب فيها، قال هشام بن عمرو نحوأ من ذلك. فقال أبو جهل: هذا أمر قُضِيَ بليلٍ، تَشُووِر فيه بغير هذا المكان. وأبو طالب جالس في ناحية المسجد، فقام المطْعِم إلى الصحيفة ليشقَّها، فوجد الأرَضَة قد أكلتها

 

كل هؤلاء كانوا وثنيين دفعهم حب العدل والرحمة لمساعدة المسلمين وبني هاشم باسم الأخوة الإنسانية والكينونية، إذن فتعميم محمد خاطئ بعد كل شيء هنا. والمطعم بن عدي كان رجلًا صالحًا وثنيًّا قام بحماية كثير من المسلمين طوال حياته، لدرجة أن محمد بعد انتصاره بمعركة بدر وقتله لكثير من الأسرى القُرَشيين، وأخذه فدية من أُسَر من تركه أحياء، كما روى البخاري:

 

3139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ

 

ورواه أحمد (16733) 16853 وغيره.

وعن العاص بن وائل السهميّ ورد كذلك عنه رغم مضايقاته أحيانًا للمسلمين، أنه كما يقول البخاري:

 

3865 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ دَارِهِ وَقَالُوا صَبَا عُمَرُ وَأَنَا غُلَامٌ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِي فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ فَقَالَ قَدْ صَبَا عُمَرُ فَمَا ذَاكَ فَأَنَا لَهُ جَارٌ قَالَ فَرَأَيْتُ النَّاسَ تَصَدَّعُوا عَنْهُ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ

 

3864 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ فَأَخْبَرَنِي جَدِّي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَيْنَمَا هُوَ فِي الدَّارِ خَائِفًا إِذْ جَاءَهُ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ أَبُو عَمْرٍو عَلَيْهِ حُلَّةُ حِبَرَةٍ وَقَمِيصٌ مَكْفُوفٌ بِحَرِيرٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي سَهْمٍ وَهُمْ حُلَفَاؤُنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لَهُ مَا بَالُكَ قَالَ زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونِي إِنْ أَسْلَمْتُ قَالَ لَا سَبِيلَ إِلَيْكَ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا أَمِنْتُ فَخَرَجَ الْعَاصِ فَلَقِيَ النَّاسَ قَدْ سَالَ بِهِمْ الْوَادِي فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُونَ فَقَالُوا نُرِيدُ هَذَا ابْنَ الْخَطَّابِ الَّذِي صَبَا قَالَ لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ فَكَرَّ النَّاسُ

 

أما كيف رد عمر لاحقًا على هذا الإحسان والفعل الطيِّب والحس السليم للعاصّ في هذا الموقف بحق الإنسان في حرية العقيدة، فكالتالي كما يقول ابن هشام:

 

..... وثاروا إليه، فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم. قال: وطلح، فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم، فأحلف باللّه أن لو قد كنا ثلثمائة رجل لقد تركناها لكم، أو تركتموها لنا، قال: فبينما هم علىِ ذلك، إذا أقبل شيخ من قريش، عليه حُلة حبْرة، وقميص مُوَشى، حتى وقف عليهم، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صبأ عمر؛ فقال: فمه، رجل اختار لنفسه أمراً فماذا تريدون؟ أترون بني عدي بن كعب يُسلمون لكم صاحبكم هكذا! خلّوا عن الرجل. قال: فواللّه لكأنما كانوا ثوبا كُشط عنه. قال: فقلت لأبى بعد أن هاجر إلى المدينة: يا أبت، من الرجل: الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت، وهم يقاتلونك؟ فقال: ذاك، أي بُني، العاص بن وائل السهمي.

قال ابن هشام: وحدثنى بعض أهل العلم، أنه قال: يا أبت، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت، وهم يقاتلونك جزاه اللّه خيرا. قال: يا ابني ذلك، العاص بن وائل، لا جزاه اللّه خيراً.

 

نلاحظ أن رواية ابن هشام هنا فيها جزء أقل مصداقية من البخاري، فعند البخاري أنه لم يستطع مواجهة كل هؤلاء وخاف ولزم بيته، أما ابن هشام عن ابن إسحاق فيحكي قصة بطولة وفتوة أشبه بالأفلام الهندية. لكن أسلوب إنكار الجميل والتنكّر والجحود له سمة أساسية عند المسلمين، مثلًا بعدما آوى مسيحيو إثيوبيا الحبشة المسلمين في هجرتهم الأولى من اضطهاد وثنيي قريش، لنرَ وصف صحابية لهم حسب البخاري من حديث4230 من كلام أسماء بنت عميس من أتباع محمد:

 

...... كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ وَكُنَّا فِي دَارِ أَوْ فِي أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.....

 

ورواه مسلم 2503

 

 

{وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)} الأعراف

 

وصف الغير متبعين للإسلام دين محمد بأنهم كالكلاب، وهو مثال للأسلوب القرآني غير المهذب الهمجيّ الذي لا يحترم الآخرين ولا آداب الحوار والكلام والدعوة الدينية، هذا النمط العدواني التهجمي في الكلام عند محمد كان يسهل على أي عالم نفس أو حتى خبير بطبائع نفوس البشر وأمراضها وتشوهاتها أن يتوقّع أن شخصًا مثله لو مُنِح القوة سيفعل ما قد فعله محمد من حروب ومذابح رهيبة وجرائم واستعباد ونهب.

 

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)} الأعراف

 

هنا كذلك وصف غير المسلمين بأنهم أنعام يعني أغنام ومواشٍ، وبأنهم أغبياء لا يفهمون ولا يبصرون، هل يتصوَّر أي إنسان عقلانيّ أن أسلوبًا متدنِّيًا ومتطاولًا على الناس بالشتيمة كهذا يصح نسبته إلى إله مزعوم؟! إنه لواضح تمامًا عدم تحمل الإسلام لوجود أديان منافسة أخرى، أي إله هذا الذي كان سيضيق ذرعًا ولا تتسع نفسيته لوجود تنوع في الأفكار والعقائد والمذاهب البشرية.

 

{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (104)} المائدة

 

كل هذه هي خرافات لا يمكن إعطاء دليل عليها، سواءً خرافات الوثنيين القدماء، أو خرافات ومزاعم دين محمد، لا يمكن لمحمد نفي خرافات الوثنيين العرب القدماء في معظمها بدليل علميّ لو أتيحت له دراسة العلوم البحتة. خرافة كقصة شق البحر لموسى تتنافى مع العلم وقاعدة استطراق الماء، لكن لا يمكن نفي حدوثها كمعجزة بدليل تاريخي، في حين يمكننا نفي أشياء أخرى بالعلم كخرافة قصة الخروج اليهودي من مصر لعدم وجود أدنى أثر يؤكد ذلك في علم الآثار والبقايا البشرية وكذلك خرافة الخلق في ستة أيام لأسباب علمية. النقاش في العقائد والطقوس هو نقاس عقيم غير مجدٍ، يعكس تعصب محمد، وتدخله في عقائد الآخرين، ولم يتمكن محمد وبعده أبو بكر سوى من فرض الإسلام بالقوة والسيوف والإبادة على الوثنيين العرب. أما وصف القرآن لحال الوثنيين المؤمنين بتعدد الآلهة من قدماء العرب فهو نفس حال مسلمي العصر الحالي وما بعد محمد: يتبعون الدين لمجرد اتباع آبائهم، وكلهم متوهمون لخرافات، ولهم مطلق الحرية طبعًا ولكل بشرٍ أن يعتقد ما يشاء.

 

{وَآَتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17)} الجاثية

 

{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)} الأنعام

 

تفكير وتصور محمد والسلفية الدينية بنظرتها إلى تعدد المذاهب عجيب حقًّا، فتشعب وتنوع مذاهب كل دين وآرائه قانون عام، لم يفلت منه الإسلام نفسه فهناك سنة وشيعة زيدية واثناعشرية وإسماعيلية وقديمًا معتزلة وجبرية وشيعة صفوية وغيرها، وتتنوع الآراء الفقهية واللاهوتية داخل كل فرقة كذلك، فالأشاعرة لا يعتبرهم متشددي السلفية من السنة الأصلية مثلًا. تقول الأحاديث السنية أن أمة الإسلام ستنقسم إلى 73 فرقة، واحدة فقط هي الناجية الداخلة الجنة! كما في مسند أحمد:

 

(8396) 8377- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو , حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَفَرَّقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى ، أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، وَتَفَرَّقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً.

 

(12208) 12232- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، يَعْنِي الْمَاجِشُونَ ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ الْنُمَيْرِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، وَأَنْتُمْ تَفْتَرِقُونَ عَلَى مِثْلِهَا ، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ فِرْقَةً.

 

ورواه أحمد4142 و14324 و16937 و17634 و8396 و12208

 

وبعرض نصوص التطرف عند السنة، فمثلًا مؤلف زاد المعاد مما يقوله في باب فصل في هديه في الأقضية:

 

... كما أن الفىء العام فى آية الحشر للمذكورين فيها لا يتعداهم إلى غيرهم، ولهذا أفتى أئمة الإسلام، كمالك، والإمام أحمد وغيرهما، أن الرافضة لا حقَّ لهم فى الفىء لأنهم ليسوا من المهاجرين، ولا من الأنصار، ولا من الذين جاؤوا من بعدهم يقولون :{رَبّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر:10]، وهذا مذهبُ أهل المدينة، واختيارُ شيخ الإسلام ابن تيمية، وعليه يدل القرآن...

 

ويقول ابن كثير في تفسيره للتوبة: 100

 

....فَإِنَّ الطَّائِفَةَ الْمَخْذُولَةَ مِنَ الرَّافِضَةِ يُعَادُونَ أَفْضَلَ الصَّحَابَةِ ويُبغضونهم ويَسُبُّونهم، عِياذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُقُولَهُمْ مَعْكُوسَةٌ، وَقُلُوبَهُمْ مَنْكُوسَةٌ، فَأَيْنَ هَؤُلَاءِ مِنَ الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ، إِذْ يسبُّون مَنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؟ وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ يَتَرَضُّونَ عَمَّنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَيَسُبُّونَ مَنْ سَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ....

 

وفي تفسير سورة الجن يقول:

 

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّجَادُ فِي أَمَالِيهِ، حَدَّثَنَا أَسْلَمُ بْنُ سَهْلٍ بَحْشَلُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ -هُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ الْحَضْرَمِيُّ، شَيْخُ مُسْلِمٍ-حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: سمعتُ الْأَعْمَشَ يَقُولُ: تَرَوَّحَ إِلَيْنَا جِنِّيٌّ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَحَبُّ الطَّعَامِ إِلَيْكُمْ؟ فَقَالَ الْأُرْزَ. قَالَ: فَأَتَيْنَاهُمْ بِهِ، فَجَعَلْتُ أَرَى اللُّقَمَ تُرْفَعُ وَلَا أَرَى أَحَدًا. فَقُلْتُ: فِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ الَّتِي فِينَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَمَا الرَّافِضَةُ فِيكُمْ؟ قَالَ: شَرُّنَا. عَرَضْتُ هَذَا الْإِسْنَادَ عَلَى شَيْخِنَا الْحَافِظِ أَبِي الْحَجَّاجِ المِزِّي فَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى الْأَعْمَشِ.

 

وفي تفسيره للفتح: 28-29 يقول:

 

....ومِنْ هَذِهِ الْآيَةِ انْتَزَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ-بِتَكْفِيرِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الصَّحَابَةَ، قَالَ: لِأَنَّهُمْ يَغِيظُونَهُمْ، وَمَنْ غَاظَ الصَّحَابَةُ فَهُوَ كَافِرٌ لِهَذِهِ الْآيَةِ. وَوَافَقَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ. وَالْأَحَادِيثُ فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ بِمَسَاءَةٍ كَثِيرَةٌ...

 

والشيعة بالمثل عندهم نصوص غزيرة بأن من لا يقدس أئمتهم مستبعد من خانة الإيمان الخرافية ومن الجنة الوهمية، كغير متخصص ومتفرغ لكل مذهبهم فإن في بحار الأنوار جمع وافٍ موسوعي لنصوصهم لمن أراد الاطلاع الوافي الكافي، والطرفان في كتبهم إساآت رهيبة لبعضهم الآخر، يهولك ما تطالع من شتائم متعصبة في تفسير ابن كثير وكتب الفقه السنية وكذلك عند الشيعة في الكافي للكليني وبحار الأنوار وغيرها، مثلا في الكافي باب باب مناكحة النُصَّاب والشُكَّاك:

 

9547 - 3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن فضيل ابن يسار، عن أبي عبد الله (ع) قال: لا يتزوج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك.


9548 - 4 - محمد بن أسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن ربعي، عن الفضيل ابن يسار، عن أبي عبد الله (ع) قال: قال له الفضيل: أتزوج الناصبة؟ قال: لا ولا كرامة، قلت: جلت فداك والله إني لأقول لك هذا ولو جاءني ببيت ملآن دراهم ما فعلت.

 

9557 - 13 – أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (ع) قال: كانت تحته امرأة من ثقيف وله منها ابن يقال له: إبراهيم فدخلت عليها مولاة لثقيف فقالت لها: من زوجك هذا؟ قالت: محمد بن علي قالت: فإن لذلك أصحابا بالكوفة قوم يشتمون السلف ويقولون.
قال: فخلى سبيلها قال: فرأيته بعد ذلك قد استبان عليه و تضعضع من جسمه شيء قال: فقلت له: قد استبان عليك فراقها، قال: وقد رأيت ذاك؟ قال: قلت: نعم.
9558 - 14 - أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (ع) قال: دخل رجل على علي بن الحسين (ع) فقال: إن امراتك الشيبانية خارجية تشتم عليا (ع) فإن سرك أن أسمعك منها ذاك أسمعتك؟ قال: نعم قال: فإذا كان غدا حين تريد أن تخرج كما كنت تخرج فعد فاكمن في جانب الدار، قال: فلما كان من الغد كمن في جانب الدار فجاء الرجل فكلمها فتبين منها ذلك فخلى سبيلها وكانت تعجبه.
9559 - 15 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (ع) قال: سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهودية والنصرانية فقال: نكاحهما أحب إلي من نكاح الناصبية، وما أحب للرجل المسلم أن يتزوج اليهودية ولا النصرانية مخافة أن يتهود ولده أو يتنصر.
9560 - 16 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: تزوج اليهودية والنصرانية أفضل - أو قال: خير - من تزوج الناصب والناصبية.

__________________
(1) الظاهر أنه سالم بن ابى حفصة. وقال في التنقيح: في القسم الثانى من الخلاصة سالم بن ابى حفصة لعنه الصادق عليه السلام وكذبه وكفره انتهى. وفى القسم الثانى من رجال أبى داود سالم بن أبى حفصة من اصحاب الباقر زيدى بترى كان يكذب على ابى جعفر عليه السلام لعنه الصادق عليه السلام. وربيعة الرأى رجل عامى انتهى. والعواتق جمع عاتقة اى شابة.

9561 - 17 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (ع) أنه أتاه قوم من أهل خراسان من وراء النهر فقال لهم: تصافحون أهل بلادكم وتناكحونهم أما إنكم إذا صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الإسلام وإذا ناكحتموهم انهتك الحجاب بينكم وبين الله عز وجل.
 

وفي باب إطعام المؤمن:

 

1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أشبع مؤمنا وجبت له الجنة ومن أشبع كافرا كان حقا على الله أن يملا جوفه من الزقوم، مؤمنا كان أو كافرا

 

وفي باب حديث القباب:

 

314 - الحسين بن محمد الاشعري، عن علي بن محمد بن سعيد(2)، عن محمد بن سالم بن أبي سلمة، عن محمد بن سعيد بن غزوان قال: حدثني عبد الله بن المغيرة قال: قلت لأبي الحسن (ع): إن لي جارين أحدهما ناصب والآخر زيدي ولا بد من معاشرتهما فمن أعاشر فقال: هما سيان، من كذب بآية من كتاب الله فقد نبذ الإسلام وراء ظهره وهو المكذب بجميع القرآن والأنبياء والمرسلين، قال: ثم قال: إن هذا نصب لك وهذا الزيدي نصب لنا.

 

316 – أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن إبراهيم ابن أخي أبي شبل، عن أبي شبل قال: قال لي أبو عبد الله (ع) ابتداء امنه أحببتمونا وأبغضنا الناس وصدقتمونا وكذبنا الناس ووصلتمونا وجفانا الناس فجعل الله محياكم محيانا ومماتكم مماتنا(2) أما والله ما بين الرجل وبين أن يقر الله عينه إلا أن تبلغ نفسه هذا المكان وأومأ بيده إلى حلقه فمد الجلدة، ثم أعاد ذلك فوالله ما رضي حتى حلف لي فقال: والله الذي لا إله إلا هو لحدثني أبي محمد بن علي (ع) بذلك يا أبا شبل أما ترضون أن تصلوا ويصلوا فيقبل منكم ولا يقبل منهم، أما ترضون أن تزكوا ويزكوا فيقبل منكم ولا يقبل منهم، أما ترضون ان تحجوا ويحجوا فيقبل الله جل ذكره منكم ولا يقبل منهم والله ما تقبل الصلاة إلا منكم ولا الزكاة إلا منكم ولا الحج إلا منكم فاتقوا الله عز وجل فإنكم في هدنة وأدوا الامانة فإذا تميز الناس فعند ذلك ذهب كل قوم بهواهم وذهبتم بالحق ما أطعتمونا أليس القضاة والأمراء وأصحاب المسائل منهم؟ قلت: بلى، قال (ع): فاتقوا الله عز وجل فإنكم لا تطيقون الناس كلهم إن الناس أخذوا ههنا وههنا وإنكم أخذتم حيث أخذ الله عز وجل، إن الله عز وجل اختار من عباده محمدا صلى الله عليه وآله فاخترتم خيرة الله، فاتقوا الله وأدوا الأمانات إلى الأسود والأبيض وإن كان حروريا وإن كان شاميا

 

وفي بحار الأنوار ج27 باب:

 

7 - ما : أبو عمرو عن ابن عقدة عن جعفر بن محمد بن هشام عن الحسين بن نصر عن أبيه عن عصاص ابن الصلت عن الربيع بن المنذر عن أبيه قال : سمعت محمد بن الحنفية يحدث عن أبيه قال : ما خلق الله عز وجل شيئا أشر من الكلب والناصب أشر منه

 

وهذا الباب مليء بالعنصرية والكره، لا أقصد إثارة ضغينة بين السنة والشيعة فكل البشر إخوة وكلهم إخوتنا، وإنما غرضي نقد التراث القديم للطرفين.

 

 

هذا التصور الضيق غير متسع العقل والأفق هو أساس من أسس التعصب والعنف المتبادل بين السنة والشيعة، بدل تقبل تعدد المذاهب، وفي القرآن كذلك {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)} الروم. و{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)} الأنعام.

 

 

 

{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)} الجمعة

 

أسلوب شتيمة مباشرة فجّة، بلا دبلوماسية أو لباقة لإيصال معناها، لا على طريقة البريطانيين والغربيين المعاصرين بأسلوب البلاغة والأدب، بل بسبٍّ وضح مباشر، الناس أحرار فيما يعتقدون، ومحمد بصورة مهووسة وإرهابية وشمولية كان مصرًّا بطريقة مريضة نفسيًّا على إلزام يهود يثرب باتباع ما كان يدعو له من عقائد وممارسات وتشريعات، ولم يتسع صدره ولا عقله لمجرد وجود منافس حضاري وديني له في يثرب نواة مشروع دولته وديانته وأمته الجديدة، وهو هنا ادعى أن اليهود بعدما "تلقوا" التوراة حرّفوها، هو زعم لا تسانده الوثائق التاريخية والمخطوطات القديمة جدًّا التي اكتُشِفت، نعم هناك اختلافات بين النسخ كالتشكيل والقراءة والتنقيحات وغيرها، لكن هذا يكون في كل نصوص الأديان تقريبًا، حتى القرآن الإسلاميّ، لكنْ لا يوجد تحريف بالمعنى الذي ادعاه محمد على أن اسمه مذكور في كتب اليهود أو أن اليهودية كانت نوعًا من الإسلام وكان أنبياؤهم يحجون إلى كعبة مكة، فهذه خرافات لا صحة لها تاريخيًّا، واليهودية ليست إسلامًا تعرض لتحريف وتعديل، بل ديانة مختلفة في الكثير من أفكارها وعقائدها وتشريعاتها بصورة أصيلة قديمة. محمد شر قدوة لشر أتباع شر ديانة في التاريخ، شخصيًّا في أول إلحادي عندما جرّبتُ التعبيرَ عن أفكاري وعقادئي وآرائي تعرضت لاضطهاد عنيف وشتائم بذيئة من سفهاء ومتعصّبي المسلمين، محمد قدوتهم في الشتم والسب وعدم الأدب واحترام آداب الحوار واحترام الآخرين، لكنْ من قال أنهم يضرُّونا بتطاولهم أو أننا سنتوقف عن التفكير والكتابة والبحث والقراءة، أو نتوقف عن أن نكون وعن هوياتنا كعقلانيين طبيعيين.

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22)} الأنفال

 

هنا وصف محمد غير المسلمين وخاصةً الوثنيين الذين قالوا له في مكة قد استمعنا إلى قولك، بمعنى عدم اقتناعهم بدعوته ومزاعمه بأنهم دواب يعني بهائم بل وشر البهائم والحيوانات! هذا التعصب والشمولية الفكرية وعدم احترام العقائد الأخرى كان بمثابة تمهيد للإرهاب التالي وتعاليمه التي أمرت بإجبار الوثنيين على الإسلام تحت تهديد القتل والإبادة وسبي النساء والأطفال. إلحاح محمد بهوس على اتباع الوثنيين له وعدم تحمله لفكرة رفض أفكاره من بعضهم أو معظمهم ورثها كثيرٌ من المسلمين كهوس ومرض نفسيّ موروث، فهم لا يطيقون مجرد فكرة أشخاص غير مسلمين يتنفسون معهم أوكسُجين نفس الكوكب بل وحتى يتواجدون في نفس الكون!

 

{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35)} الأنفال

 

الناس أحرار على اختلاف أديانهم بأي طريقة شاؤوا، ولو كانت بالرقص الرومنسي، هذه حرية الاعتقاد والممارسة، وما في نص محمد هو ضيق أفق وتعصب وشمولية وتدخل في شؤون الآخرين.

 

{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26)} المائدة

 

لم يستطع محمد أن يتحمل فكرة أن بعض الوثنيين العرب في يثرب آنذاك لا يريدون اتباع أفكاره ومشروعه وتشريعاته وادعاآته، فانطلق يسبهم ويشتمهم، لا أعتقد أن إلهًا مزعومًا كانت نفسه ستضيق عن حقيقة وجود أفكار وعقائد أخرى وناس لا يريدون اتباع دعوته، فينطلق في شتيمتهم بهذا الغل البشريّ والأسلوب التهجميّ التافه. اختيار الإنسان لعقيدة أو تركها حرية شخصية لا علاقة لها بشياطين مزعومة، بل هي من حقوق كل إنسان. هذا هو ما عليه الأمر ببساطة That is it.

 

{إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)}

 

قال الطبري:

 

يقول تعالى ذكره: أملى الله لهؤلاء المنافقين وتركهم، والشيطان سول لهم، فلم يوفقهم للهدى من أجل أنهم (قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نزلَ اللَّهُ) من الأمر بقتال أهل الشرك به من المنافقين: (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ) الذي هو خلاف لأمر الله تبارك وتعالى، وأمر رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نزلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ) فهؤلاء المنافقون (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ) يقول تعالى ذكره: والله يعلم إسرار هذين الحزبين المتظاهرين من أهل النفاق، على خلاف أمر الله وأمر رسوله، إذ يتسارّون فيما بينهم بالكفر بالله ومعصية الرسول، ولا يخفى عليه ذلك ولا غيره من الأمور كلها.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة (أَسْرَارَهُمْ) بفتح الألف من أسرارهم على وجه جماع سرّ. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة (إِسْرَارَهُمْ) بكسر الألف على أنه مصدر من أسررت إسرارا.

 

... القول في تأويل قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)}

... وقوله: (فلعرفتهم بسيماهم) يقول: فلتعرفهم بعلامات النفاق الظاهرة منهم في فحوى كلامهم وظاهر أفعالهم ثم إن الله تعالى ذكره عرفه إياهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ) ... إلى آخر الآية، قال: هم أهل النفاق، وقد عرّفه إياهم في براءة، فقال: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) ، وقال: (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) .

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ... الآية، هم أهل النفاق (فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) فعرّفه الله إياهم في سوره براءة، فقال: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) ، وقال (قل لهم لن تَنْفِرُوا (1) معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ) قال: هؤلاء المنافقون، قال: والذي أسروا من النفاق هو الكفر.

قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) قال: هؤلاء المنافقون، قال: وقد أراه الله إياهم، وأمر بهم أن يخرجوا من المسجد، قال: فأبوا إلا أن تمسكوا بلا إله إلا الله; فلما أبوا إلا أن تمسكوا بلا إله إلا إلله حُقِنت دماؤهم، ونكحوا ونوكحوا بها.

 

هنا بعدما كان قد أجبر الكثيرين على الإسلام خوفًا من بدايات العنف في يثرب ولأجل حفاظهم على مصالحهم، بدأ محمد في ممارسة أسلوب التفتيش على الضمائر ربما لأول مرة في نصوص القرآن حسب ترتيب صياغته المقترح من نولدكه. وبدأ في أسلوب التهديدات ومصادرة حق البشر في حرية التعبير والرأي والعقيدة. ومن الآيات قبلها في السورة نفهم سعيه على إجبارهم على المشاركة في حروبه. ما الذي جعلهم يحملون الضغائن لمحمد وأتباعه سوى أنهم أُجبِروا على التظاهر بالإسلام وما الذي يجعل شخصًا مبغضًا لدين يضطر لاتباعه سوى الإكراه؟!

 

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22)} آل عمران

 

تشويه لصورة أهل الأديان الأخرى وهم هنا اليهود بطريقة غير منطقية، فهو استعمل خرافات اليهود وتاريخهم القديم كما ورد في كتابهم المقدس، والأبوكريفا والتقاليد اليهودية، عن قتل أجدادهم الوثنيين لبعض مدعي النبوة أيْ الأنبياء، وهي مسألة لا علاقة لها بيهود عصر محمد ولا يتحملون مسؤوليتها ولا ذنبها، ويهود زمن محمد كانوا غير وثنيين ومخلصين لديانتهم وعقيدتهم الخرافية التوحيدية، ومحمد نفسه ناقض نفسه بقوله في قرآنه: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)} فاطر

أسلوب استعمال الأساطير لشتيمة اليهود بأسلوب عنصريّ هو تقليد مسيحيّ عنصريّ قديم يوجد في أناجيلهم وفي كتب الأبوكريفا وكتب المواعظ والتهجمات المسيحية ضد اليهود. ونلاحظ عدم تحمل محمد وضيقه من عدم اتباع اليهود له، وإلحاحه عليهم ليتبعوه  بطريقة مهووسة حقًّا. توجد عقدة نفسية عقلية عجيبة ما لدى محمد فهو قدّس ديانة اليهود وتقاليدهم بشدة وتبناها كحجر الأساس لتأسيس ديانته، فلما رفضوا اتباعه وهو كما قال المحللون لنفسيون لنفسيته يحب السيرة والتملك أصابه كره جنونيّ لهم فهاجمهم عسكريًّا وأجلى وطرد بعضهم من وطنهم يثرب وهم يهود الحجاز، وأباد الكثيرين منهم وسبى واستعبد من نسائهم في جريمة بشعة غير إنسانية قائمة على ضيق أفق بشري غير إلهي وتعصب وتكبر وتجبر وظلم وظلام في شخصيته.

 

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)}

 

قال الطبري:

 

6781 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير وعكرمة، عن ابن عباس قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المِدْرَاس على جماعة من يهود، فدعاهم إلى الله، فقال له نعيم بن عمرو، والحارث بن زيد: على أيّ دين أنت يا محمد؟ فقال:"على ملة إبراهيم ودينه. فقالا فإنّ إبراهيم كان يهوديًّا! فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلمُّوا إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم! فأبيا عليه، فأنزل الله عز وجل:"ألم تَر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يُدْعونَ إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يَتولى فريق منهم وهم معرضون" إلى قوله:"ما كانوا يفترون".

6782 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى آل زيد، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم: بيت المدراس = فذكر نحوه، إلا أنه قال: فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلمَّا إلى التوراة = وقال أيضًا: فأنزل الله فيهما:"ألم تَر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب" = وسائر الحديث مثل حديث أبي كريب.

 

الناس أحرار في أن يعتقدوا بما شاؤوا بحرية تامة، ولا يحق لأحد إجبارهم على شيء، بصرف النظر عن أي وجهات نظر لدى المسلمين وحجج وبراهين في نقاشاتهم مع اليهود حول هذه الأساطير، فلا يحق لهم فرض آرائهم وكلامهم على الآخرين بالإزعاج وبفرضه عليهم، دخول محمد بتطفل وإزعاج وهمجية وأسلوب مهووس لدعوة أتباع ديانة أخرى في داخل معبدهم الخاص بدينهم هو سلوك همجي غير مقبول، لا يمكن أن يمر في دولة معاصرة متحضرة دون حضور الشرطة أو حكم المحكمة بأنه فعل من أفعال الكراهية والإزعاج والعدوان على معبد دينيّ، والمكان المذكور هو بيت دراسة تفاسير التوراة والفقه، معهد ديني تقليدي يعرف بالعبرانية باسم بيت ها مدراش. والخبر موجود كذلك في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق.

 

وهناك فهم آخر للنص، قال الطبري:

 

وقال بعضهم: بل ذلك كتابُ الله الذي أنزله على محمد، وإنما دُعِيت طائفةٌ منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهم بالحقّ، فأبتْ.

ذكر من قال ذلك:

6783 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون"، أولئك أعداء الله اليهود، دُعوا إلى كتاب الله ليحكم بينهم، وإلى نبيه ليحكم بينهم، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل، ثم تولوا عنه وهم معرضون.

6784 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتادة:"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب"، الآية قال: هم اليهود، دُعوا إلى كتاب الله وإلى نبيه، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم، ثم يتولون وهم معرضون!

6785 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم"، قال: كان أهل الكتاب يُدْعون إلى كتاب ليحكم بينهم بالحق في الحدود. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الإسلام، فيتولون عن ذلك.

 

وقال ابن كثير:

 

يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، الْمُتَمَسِّكِينَ فِيمَا يَزْعُمُونَ بِكِتَابَيْهِمُ اللَّذين بِأَيْدِيهِمْ، وَهُمَا التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ، وَإِذَا دُعُوا إِلَى التَّحَاكُمِ إِلَى مَا فِيهِمَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ فِيهِمَا، مِنَ اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تولَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْهُمَا، وَهَذَا فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنْ ذَمِّهِمْ، وَالتَّنْوِيهِ بِذِكْرِهِمْ بِالْمُخَالَفَةِ وَالْعِنَادِ.

 

اليهود لا يعتقدون أنه كتاب الله، فلا معنى للإلحاح المزعج عليهم وإدانتهم بترديد أنهم دعوا إلى كتاب اله ورفضوا، فهذا من ناحيتهم ووجهة نظرهم سخافة بلا معنى ولا منطق، لافتراض محمد صحة زعمه بدون إثباته، والمسألة تتعلق بحريتهم أن يعتقدوا بما شاؤوا، فهو حق أساسي لكل إنسان ولا معنى للتهجم على غير المسلمين، وادعاؤه بوجود اسمه أو الإشارة له في كتاب اليهود أكذوبة فندتُها بدراستي الموضوعية لكامل نص ذلك الكتاب، فقد درسته لأنتقده بدراسة إلحادية وفي نفس الوقت فهمت معاني ودلالات وسياقات نصوصه، ووضعت ذلك في كتاب (تفنيد البشارات المزعومة بمحمد ويسوع)، ولا حقيقة لزعم محمد، واليهود وغير المسلمين لهم حق ألا يتم إزعاجهم بالأسلوب الإرهابي الإسلامي، يقول مؤلف Andrew G. Bostom كتاب Sharia versus Freedom, The Legacy of Islamic Totalitarianism (الشريعة الإسلامية ضد الحرية، تراث الشمولية الإسلامية) الكثير عن تعرض اليهود في العالم العربي كأقلية للاضطهادات والعنصرية ، وكذلك كتاب (اليهود في مصر الإسلامية) لهويدا عبد العظيم رمضان وهو في الأصل رسالة دكتوراة وفيها الكثير عن ذلك، وهي بنت مؤرخ عظيم معروف. وكتاب بين الهلال والصليب، وضع اليهود في القرون الوسطى، لمارك كوهين.

{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)} آل عمران

 

قال ابن كثير:

 

نَهَى اللَّهُ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُوَالُوا الْكَافِرِينَ، وَأَنْ يَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ يُسِرُّون إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ تَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} أَيْ: مَنْ يَرْتَكِبُ نَهْيَ اللَّهِ فِي هَذَا فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ كَمَا قَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النِّسَاءِ:144] وَقَالَ [تَعَالَى] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الْمَائِدَةِ: 51] .

[وَقَالَ تَعَالَى] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} إِلَى أَنْ قَالَ: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الْمُمْتَحِنَةِ: 1] وَقَالَ تَعَالَى -بَعْدَ ذِكْرِ مُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالْأَعْرَابِ-: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الْأَنْفَالِ: 73] .

وَقَوْلُهُ: {إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} أَيْ: إِلَّا من خاف في بعض البلدان أوالأوقات مِنْ شَرِّهِمْ، فَلَهُ أَنْ يَتَّقِيَهُمْ بِظَاهِرِهِ لَا بِبَاطِنِهِ وَنِيَّتِهِ، كَمَا حَكَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: "إنَّا لَنَكْشرُ فِي وُجُوهِ أقْوَامٍ وَقُلُوبُنَا تَلْعَنُهُمْ".

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَيْسَ التَّقِيَّةُ بِالْعَمَلِ إِنَّمَا التَّقِيَّةُ بِاللِّسَانِ، وَكَذَا رَوَاهُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا التَّقِيَّةُ بِاللِّسَانِ..إلخ

 

وقال الطبري:

 

قال أبو جعفر: وهذا نهيٌ من الله عز وجل المؤمنين أن يتخذوا الكفارَ أعوانًا وأنصارًا وظهورًا، ولذلك كسر"يتخذِ"، لأنه في موضع جزمٌ بالنهي، ولكنه كسر"الذال" منه، للساكن الذي لقيه وهي ساكنة.

* * *

ومعنى ذلك: لا تتخذوا، أيها المؤمنون، الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلُّونهم على عوراتهم، فإنه مَنْ يفعل ذلك ="فليس من الله في شيء"، يعني بذلك: فقد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ="إلا أن تتقوا منهم تقاة"، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مُسلم بفعل، كما:-

6825 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله:"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين"، قال: نهى الله سبحانه المؤمنين أن يُلاطفوا الكفار أو يتخذوهم وليجةً من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفارُ عليهم ظاهرين، فيظهرون لهم اللُّطف، ويخالفونهم في الدين. وذلك قوله:"إلا أن تتقوا منهم تقاةً".

 

6826 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان الحجاجُ بن عمرو حليفُ كعب بن الأشرف، وابن أبي الحقيق، وقيس بن زيد، قد بَطَنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة بن المنذر بن زَنْبَر، وعبد الله بن جبير، وسعد بن خيثمة، لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء اليهود، واحذروا لزومهم ومباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم! فأبى أولئك النفر إلا مُباطنتهم ولزومهم، فأنزل الله عز وجل:"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين" إلى قوله:"والله على كل شيء قدير".

 

(2) الأثر: 6826- لم أجده في سيرة ابن هشام التي بين أيدينا من سيرة ابن إسحاق. وقوله: "بطنوا بنفر من الأنصار"، يقال: "بطن فلان بفلان يبطن بطونًا وبطانة" إذا كان خاصًا به، ذا علم بداخلة أمره، مؤانسًا له، مطلعًا على سره، ومنه المباطنة.

 

خطورة النص أنه يقسم البشر بتصنيف عنصري وهمي على أساس الأديان، وينهى المسلمين عن المودة والصداقة والمحبة والتعاون في الخير مع من هم غير مسلمين، وهذه مفاهيم شريرة لأن كل البشر أخوة في الإنسانية وفي الكينونة الأوسع من الإنسانية كذلك مع كل الكائنات. كذلك فمعنى هذا أن المسلم المتدين منافق بعمق فهو قد يود ويبتسم لغير المسلم، فيما هو يدبِّر لخراب بيته ورزقه أو لأذيته. فعقيدة التقية التي نصَّ عليها محمد تتضمن النفاق والشر. هذه تعاليم فاسدة، إذا كان قومك أو أتباع ديانة بلدك هم الظالمون المعتدون فعليك كرجل فاضل إن كنت كذلك أن تنضم لصفوف أعدائهم، لتنصر الحق والعدل. لو أني عشت في عصر الفتوحات العربية وكنت عربيًّا لكنت فضلت القتال بشرفٍ ضد العرب، التحيز لأجل القومية والدين والجنس والعرق تصرف همجي غير عادل وليس صفة الإنسان العادل الكامل، لا يختلف عن تعصب كلاب الحي وتآزرها في شجار يدخله كلب منهم مع كلبٍ غريب عنهم. العدالة والأخوة الإنسانية والكينونية أسمى من ذلك السلوك الهمجي المنحط. يلاحظ كذلك وفقًا لسبب الصياغة "النزول" كما ذكره الطبري من الخبر التاريخي الذي رواه ابن إسحاق أن النص أي الآية يتضمن تدخل محمد في حيوات الناس ومن يصادقون ومن يعرفون ومن لا يعرفون، وهي خطوة من خطواته لفرض الشمولية والدكتاتورية العاتية، لأن للناس حرية الاجتماع، والاجتماع بمن شاؤوا، والتكلم فيما شاؤوا، واعتقاد ما شاؤوا. التعاليم التي تدعو للنعرات التعصبية والتفرقة بين البشر وتكريهم في بعضهم هي تعاليم فاسدة باطلة وشريرة، يجب نبذها وإدانتها والتبرؤ منها.

 

ليس هذا ما عليه الأمر فقط، بل أراد محمد التحكم حتى في ضمائر ومشاعر الناس وهذا ما لم يستطعه، فحاول تخويفهم بالخرافات الدينية، ولكن هذا لن يخدع شخصًا ذكيًّا يؤمن بالأخوة الإنسانية ويكفر بالخرافات والعنصرية والهمجية وسلوكيات وعقلية البدائيين:

 

{قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)} آل عمران

 

قال الطبري:

 

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه:"قل" يا محمد، للذين أمرتهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ="إن تخفوا ما في صدوركم" من موالاة الكفار فتُسِرُّوه، أو تبدوا ذلكم من نفوسكم بألسنتكم وأفعالكم فتظهروه ="يعلمه الله"، فلا يخفى عليه. يقول: فلا تُضمروا لهم مودّةً ولا تظهروا لهم موالاة، فينالكم من عقوبة ربكم ما لا طاقة لكم به، لأنه يعلم سرّكم وعلانيتكم، فلا يخفى عليه شيء منه، وهو مُحصيه عليكم حتى يجازيَكم عليه بالإحسان إحسانًا، وبالسيئة مثلها،

 

{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)} آل عمران

يقدم محمد هنا_ومن قبله اليهودية ومسيحية القرون الوسطى ولو بالتناقض مع تسامح نصوص الأناجيل وهناك سابقات في الأديان الوثنية الأقدم _صورة لله كنموذج لاهوتي للتعصب وضيق النفس وعدم تقبل تنوع الآراء والعقائد، فالناس أحرار أن يعتقدوا ما شاؤوا ويتركوا اعتقاد ما شاؤوا، إذا شاء شخص أن يعتقد أن هناك إلهًا يعيش في زجاجة الكولا التي معه، فهو حر، طالما لا يضر أحدًا ولا يتخيّل أو يزعم أن إلهه يأمره بقتل الرافضين لاعتقاده.

 

{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)} الحديد

 

المذهل في محمد هو تدخله الفجّ في عقائد الآخرين والحكم عليها وحشر نفسه فيما لا يخصه، ربما لا يماثله في ذلك إلا كتبة كتاب اليهود قبله، فرغم أن يسوع والمسيحيين ومنهم بولس كتبوا في نقاش اليهود وفرق المسيحيين المتهوّدين المتبعين لشرائع اليهود مع المسيحية، لكنهم لم يتدخلوا بشكل سافر في نقد ممارسات الآخرين التعبدية والتعليق عليها وإدانة وشتيمة أهل الأديان الأخرى، وكذلك بودا وكتبة التريبيتكا Tripitaka في نقاشهم مع الهندوس ونقدهم لأساطيرهم لم يتصفوا بفجاجة محمد.

 

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44)} النساء

 

قال الطبري:

 

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"يشترون الضلالة"، اليهود الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب، يختارون الضلالة = وذلك: الأخذ على غير طريق الحقّ، وركوبُ غير سبيل الرشد والصواب، مع العلم منهم بقصد السبيل ومنهج الحق. وإنما عنى الله بوصفهم باشترائهم الضلالة: مقامهم على التكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم، وتركهم الإيمان به، وهم عالمون أنّ السبيل الحقَّ الإيمانُ به...إلخ

 

نفس التعليق السابق. ربما يرى البعض كتابي تطفلًا كذلك، لكن هناك فرقين من ضمن عدة فروق فارقة: أولًا أنا لا أجبر أحدًا على الفكر الحر، لأن صفته الأساسية أنه حر، ولا أجبر أحدًا على الاستماع رغم أنفه كطريقة مكبرات الصوت الإسلامية الهمجية، وأنا لا أدعو إلى الانتقال من خرافة وهمجية وجهالة إلى أخرى. ونحن لا ندعو لتمييز عنصري وكراهية بين البشر، بل تأكيدنا الدائم كعقلانيين ملحدين على الأخوّة بين البشر، وبين البشر كذلك وكل الكائنات على مستوى أشمل.

 

{مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47)}

 

قال الطبري:

 

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.

فقال بعضهم:"طمسه إياها": محوه آثارها حتى تصير كالأقْفَاء.

وقال آخرون: معنى ذلك أن نطمس أبصارها فنصيّرها عمياء، ولكن الخبر خرج بذكر"الوجه"، والمراد به بصره ="فنردّها على أدبارها"، فنجعل أبصارَها من قبل أقفائها.

*ذكر من قال ذلك:

9713 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثنا عمي قال حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا" إلى قوله:"من قبل أن نطمس وجوهًا"، وطمسها: أن تعمى ="فنردها على أدبارها"، يقول: أن نجعل وجوههم من قبل أقفِيتهم، فيمشون القهقرى، ونجعل لأحدهم عينين في قفاه.

 

وقال ابن كثير:

 

قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا. طَمْسُهَا هُوَ رَدُّهَا إِلَى الْأَدْبَارِ، وَجَعْلُ أَبْصَارِهِمْ مِنْ وَرَائِهِمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَلَا يَبْقَى لَهَا سَمْعٌ وَلَا بَصَرٌ وَلَا أَثَرٌ، وَنَرُدَّهَا مَعَ ذَلِكَ إِلَى نَاحِيَةِ الْأَدْبَارِ. ...إلخ

 

نفس التعليق السابق، ومحمد هنا استعمل تهديدات خرافية جوفاء مضحكة، ليست مما يحدث أو يمكن حدوثه في الواقع. على الأقل لن يستطيع أحد ضرب الآخر على قفاه، بل لن يعرف أين قفاه! خخخ. ذكر الطبري معنى آخر مجازي للمسخ، لكنه غير محتمَل لذكر محمد بعدها لخرافة مسخ القرود التي لم نجد مصدرًا لها سواه حتى الآن، ولم يذكرها لويس جينزبرج صاحب أساطير اليهود The legends of  jewish رغم موسوعيته لا في الكتاب ولا هوامشه، لو كان لها وجود لذكرها. أما ابن كثير فذكر معنى آخر للنص هو نفس ما فهمته وهو أن يصير الوجه مكان الدبر (المؤخرة)، هذا تصور مضحك، ربما يذكرنا بأكثر الأفلام الكوميدية فجاجة، ربما مثل بعض المشاهد البذيئة في فلم The hung over games أو هلاوس تلاعبات المخدرات، وهو محاكاة ساخرة لفلم The hunger games أو ألعاب الجوع. في أحد المشاهد تقرص نحلات سامة في الحلم الأبطال فيحلم أحدهم بالفتاة المثيرة التي تشد انتباهه تخلع له قميصها، فيفاجأ بأن ثدييها عبارة عن صورتين متكررتين لصديقه السمين الذي يكرهه ويبدآن في الحديث معه مبررين وجودهما هناك وأنه لا ذنب لهما في شكل حياتيهما!

 

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)} النساء

 

{وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} النور

 

قال الطبري:

 

9891 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عامر في هذه الآية:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت"، قال: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة، فكان المنافق يدعو إلى اليهود، لأنه يعلم أنهم يقبلون الرشوة، وكان اليهودي يدعو إلى المسلمين، لأنه يعلم أنهم لا يقبلون الرشوة. فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جُهَيْنة، فأنزل الله فيه هذه الآية:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك" حتى بلغ"ويسلموا تسليمًا".

9892 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر في هذه الآية:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك"، فذكر نحوه = وزاد فيه: فأنزل الله:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك"، يعني المنافقين ="وما أنزل من قبلك"، يعني اليهود ="يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت"، يقول: إلى الكاهن ="وقد أمروا أن يكفروا به"، أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه، أن يكفر بالكاهن.

9893 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي قال: كانت بين رجل ممن يزعم أنه مسلم، وبين رجل من اليهود، خصومة، فقال اليهودي: أحاكمك إلى أهل دينك = أو قال: إلى النبي = لأنه قد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ الرشوة في الحكم، فاختلفا، فاتفقا على أن يأتيا كاهنًا في جهينة، قال: فنزلت:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك"، يعنى: الذي من الأنصار ="وما أنزل من قبلك"، يعني: اليهوديّ "يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت"، إلى الكاهن ="وقد أمروا أن يكفروا به"، يعني: أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه. وتلا"ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدًا"، وقرأ:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم" إلى"ويسلموا تسليما".

... 9895 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك"، الآية، حتى بلغ"ضلالا بعيدًا"، ذُكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجلين: رجل من الأنصار يقال له"بشر"، وفي رجل من اليهود، في مدارأة كانت بينهما في حق، فتدارءا بينهما، فتنافرا إلى كاهن بالمدينة يحكم بينهما، وتركا نبي الله صلى الله عليه وسلم. فعاب الله عز وجل ذلك = وذُكر لنا أن اليهودي كان يدعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما، وقد علم أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم لن يجور عليه. فجعل الأنصاري يأبى عليه وهو يزعم أنه مسلم، ويدعوه إلى الكاهن، فأنزل الله تبارك وتعالى ما تسمعون، فعابَ ذلك على الذي يزعم أنه مسلم، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب، فقال:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك" إلى قوله:"صدودًا".

 

يدل هذا النص الذي يحكي عن استمرار المنافقين المتظاهرين بالإسلام في ممارسة المعتقدات والعوائد الوثنية على أنهم لم يقتنعوا ويعتقدوا بالإسلام في قرار نفوسهم وعقولهم، بل كانوا وثنيين متبعين عقيدة العرافة والكهانة (الشامانية Shamanism) بوضوح ويحترمون الكهنة الوثنيين، وأنهم تظاهروا بالإسلام فقط لحماية أنفسهم من التعصب الإسلامي الذي كان يتنامي، حسب النص فمحمد مأمور بالتسامح والتعايش معهم وأن يعظهم فقط، رغم أن النص يتدخل في ممارساتهم وينهاهم عنها ويصادر حقهم في حرية اختيار ما يمارسون ويعتقدون من خرافات دينية سواء وثنية أو إسلام أو يهودية أو غيره أو اختيارهم لأي مرجعيات عرفية للحكم بينهم طالما رفضوا تشريع الإسلام، لكن لاحقًا يمسح محمد كل تعايش ويقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} التوبة، مع تنامي تعصبه، لكنه في العموم لم يقدر على المنافقين المتظاهرين أبدًا بأن يقتلهم، بل بكبتهم ومنع حقوقهم في حرية التعبير عن الرأي والفكر، يبدو لنا أن اليهودي رضي بالتحاكم إلى الكاهن الجهني لأنه كان سيحكم حكمًا بشريًّا كرجل من كبار وعقلاء الوثنيين، وليس ضربًا لأقداح وأزلام خرافية للتنبؤ والحكم، ولعله كان معروفًا للطرفين لأن جهينة جيران يثرب، وربما كان مشهورًا بحكمة وعدل ونزاهة، يبدو أن المتظاهر بالإسلام كره العودة إلى محمد وإعطاءه مكانة وسلطة مكتسَبة باعترافه بمرجعية له ومثله اليهودي، ولعل المتظاهر هو من كره اللجوء إلى اليهود خشية تحيزهم، وأن اليهودي خشي عكس ما تقول القصة أن يميل محمد إلى العربي المتظاهر كتابع ظاهريّ له، لكن محمدًا أراد أن يكون تحاكم الناس له فقط كسلطة وحيدة أوتوقراطية استبدادية إليه يرجع كل أمر في يثرب.

 

من الأفكار الخطيرة التي قالها ابن كثير:

 

... وَقِيلَ: فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، مِمَّنْ أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ، أَرَادُوا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى حُكَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَالْآيَةُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنَّهَا ذَامَّةٌ لِمَنْ عَدَلَ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَتَحَاكَمُوا إِلَى مَا سِوَاهُمَا مِنَ الْبَاطِلِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالطَّاغُوتِ هَاهُنَا....

 

يعتبر المسلمون خاصة المتطرفين منهم حيث يعتقدون بهذا بجدية، أنه يجب على دول المسلمين العودة إلى التشريع الهمجي القرآني الأحاديثي الإسلامي من رجم وجلد وقطع يد وغيرها من بشاعات ومصادرة للحريات الشخصية ومنها العودة إلى حد الردة لمن تركوا الإسلام ومنع حرية النشر والتعبير، أدبيات المتطرفين كسيد قطب وغيره اعتبرت القانون المتحضر أنه وضعيّ غير سماويّ؛ على أساس أن تشريعهم غير بشريّ يعني، وأنه طاغوت لاستبداله بما يسمونه بشرع الله، حسب تصوراتهم الخرافية البدائية بلا تفكير.

 

{إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)} النساء

 

حرية الأديان وتعددها حق أصيل، وهو ليس نابعًا من فعل شيطاني خرافي، نشوء الأديان والخرافات الخاصة بها نتاج جهل الإنسان القديم وعيوب في طريقة عمل المخ البشري تجعله يفترض أحيانًا أمورًا خيالية غير منطقية، لكن هذا ليس منشؤه شيطانًا ما خرافيًّا. يتبدّى في النصوص دومًا عدم فهم محمد للقيم العلمانية والتعايش، فهو دكتاتور مهووس بطبيعته.

 

روى أحمد بن حنبل:

 

1657- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، سَمِعَ بَجَالَةَ ، يَقُولُ : كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، عَمِّ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ : أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ ، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ : وَسَاحِرَةٍ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ ، فَقَتَلْنَا ثَلاثَةَ سَوَاحِرَ ، وَجَعَلْنَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ حَرِيمَتِهِ فِي كِتَابِ اللهِ ، وَصَنَعَ جَزْءٌ طَعَامًا كَثِيرًا ، وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ ، وَدَعَا الْمَجُوسَ ، فَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ ، أَوْ بَغْلَيْنِ ، مِنْ وَرِقٍ وَأَكَلُوا مِنْ غَيْرِ زَمْزَمَةٍ ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ ، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ : قَبِلَ ، الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ ، حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ.

وقَالَ سُفْيَانُ : حَجَّ بَجَالَةُ مَعَ مُصْعَبٍ سَنَةَ سَبْعِينَ.

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بجالة - وهو ابن عَبَدَةَ التميمي العنبري البصري- فمن رجال البخاري. وجَزء بن معاوية: هو ابن حُصين بن عبادة التميمي السعدي عم الأحنف بن قيس وهو معدود في الصحابة، وكان عاملَ عمر على الأهواز، ووقع في رواية الترمذي أنه كان على مَناذر (وهي من قرى الأهواز) وذكر البلاذري أنه عاش إلى خلافة معاوية، وولي لِزياد بعضَ عمله. وأخرجه الطيالسي (225) ، والشافعي في "الرسالة" (1183) ، وعبد الرزاق (9972) و(9973) و (19390) و (19391) و (10024)، والحميدي (64) ، وأبو عبيد في "الأموال" (77) ، وابن أبي شيبة 12/243، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (123) ، والدارمي (2501) ، والبخاري (3156) و (3157) ، وأبو داود (3043) ، والترمذي (1587) وقال: حسن صحيح، والبزار (1060) ، والنسائي في "الكبرى" (8768) ، وابن الجارود (1105) ، وأبو يعلى (860) ، والشاشي (254) و (255) ، والبيهقي في الكبرى 8/247 - 248 و9/189، والبغوي (2750)، وبعضهم يرويه مختصراً . وأخرجه الترمذي (1586) وحسنه من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن دينار، به. وروه أحمد برقم (1685) .

 

وفي سنن سعيد بن منصور:

 

2180 - أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ بَجَالَةَ، يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ وَجَابِرَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، فَأَتَى كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَنَةٍ «أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَحُرَمِهِمْ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ» فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ، وَفَرَّقْنَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَحُرْمَتِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَصَنَعَ طَعَامًا ثُمَّ دَعَا الْمَجُوسَ، وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ، فَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ وَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنْ وَرِقٍ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخَذَ مِنَ الْمَجُوسِ جِزْيَةً حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ

 

2182 - أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، نا هُشَيْمٌ، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، أنا قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنِ اضْرِبُوا الزَّمَازِمَةَ، حَتَّى يَتَكَلَّمُوا، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ حُرْمَتِهِ، وَاقْتُلُوا السَّحَرَةَ»

 

2181 - أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، نا هُشَيْمٌ، نا عَوْفُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَازِنِيُّ، عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنْ فَرِّقُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ حُرَمِهِمْ كَيْمَا نُلْحِقَهُمْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَاقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَكَاهِنٍ»

 

تعاليم بمنع المجوس_بقدر ما استطاع المسلمون المتطرفون من الإكراه والمصادرة لحرية العقيدة وممارستها_من ذكر نصوصهم الدينية المقدسة، قبل تناول الطعام، وتعاليم بقتل كهنة ورجال الدين الزردشتيين (المجوس)، إرهاب وشر. واعتبارهم أنه لا حرمة لحياة إنسان من ديانة أخرى إذا لم ينص عليها محمد في القرآن والأحاديث وأفعاله، كان عمر سيبيد الزردشتيين ويكرههم على الإسلام، وعلى أي حالٍ رغم ذلك فقد حدث إرهاب وإكراه كبير للزردشتيين حتى اضطر كثير من بقيتهم القليلة إلى الهجرة منذ زمن طويل إلى الهند وهم مستقرون هناك إلى اليوم، ويعرفون بالبارسيين أي الفرس.

 

ومن التشريعات الغريبة كذلك ما روى عبد الرزاق في مصنفه:

 

9971 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني خلاد أن عمرو بن شعيب أخبره أن عمر بن الخطاب كان لا يدع يهوديا ولا نصرانيا ينصر ولده ولا يهوده في ملك العرب

 

9974 - أخبرنا عبد الرزاق عن بن جريج عن أبي إسحاق الشيباني عن كردوس التغلبي قال قدم على عمر رجل من تغلب فقال له عمر إنه قد كان لكم نصيب في الجاهلية فخذوا نصيبكم من الإسلام فصالحه على أن أضعف عليهم الجزية ولا ينصروا الأبناء

 

مصادرة لكل حق الوالدين في تربية الأبناء كيفما يرون طالما لا يمارسون معهم العنف ولا يفسدون أخلاقهم الاجتماعية والتزامهم بالقوانين.

 

ومن التعاليم العنصرية التي ذكرتها بالتفصيل في آخر الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية) من كتب الأحاديث وصية محمد بإخراج غير المسلمين من شبه الجزيرة العربية، وبعد ذلك كان من الممارسات العنصرية التكميلية ما رواه عبد الرزاق في المصنف:

 

9977 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع قال كان عمر لا يدع النصراني واليهودي والمجوسي إذا دخلوا المدينة أن يقيموا بها إلا ثلاثا قدر ما ينفقوا سلعتهم فلما أصيب عمر قال قد كنت أمرتكم أن لا يدخل علينا منهم أحد ولو كان المصاب غيري لكان له فيه أمر قال وكان يقال لا يجتمع بها دينان

 

9979 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر قال كانت اليهود والنصارى ومن سواهم من الكفار من جاء المدينة منهم سفرا لا يقرون فوق ثلاثة أيام على عهد عمر فلا أدري أكان يفعل ذلك بهم قبل ذلك أم لا

 

9978 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب قال لما طعن عمر أرسل إلى ناس من المهاجرين فيهم علي فقال أعن ملأ منكم كان هذا فقال علي معاذ الله أن يكون عن ملأ منا ولو استطعنا أن نزيد من أعمارنا في عمرك لفعلنا قال قد كنت نهيتكم أن يدخل علينا منهم أحد

 

9980 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج قال: قال لي عطاء لا يدخل الحرم كله مشرك وتلا {بعد عامهم هذا} [التوبة: 28]

 

الظالم دومًا يخاف من المظلومين ويحذرهم ويحاول حجبهم وإبعادهم عنه لكي لا ينتقموا منه.

 

فرض الصلوات والطقوس الدينية بالإجبار والقوة على المولود مسلمًا والوثنيّ المجبَر على الإسلام

 

{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)} الأحزاب

 

قال الطبري:

 

اختلف أهل التأويل في معنى ذلك فقال بعضهم: معناه: إن الله عرض طاعته وفرائضه على السماوات والأرض والجبال على أنها إن أحسنت أثيبت وجوزيت، وإن ضيعت عوقبت، فأبت حملها شفقًا منها أن لا تقوم بالواجب عليها، وحملها آدم (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا) لنفسه (جَهولا) بالذي فيه الحظ له.

للأسف لا أذكر شيئًا من ذلك تم عرضه عليَّ، وإلا لكنت رفضتُ، لأني لا أحب الطقوس الخرافية لإله خرافيّ كما تعلمون، ولا الصلوات الحركية عديمة الجدوى، وإذا كان الله الخرافيّ تجشّم العناء وفقًا لهذه القصة وعرض مسؤولية فروضه الدينية على كل الكائنات الحية وغير الحية كذلك، ويا للعجب من تصور محمد لمذهب الأرواحية ووجود أرواح وهمية في الجمادات، فهلا كان كلّف خاطرَه وعرضها علينا وسألنا فعلًا لكي لا ننكر مزاعمه وادعاآته كما ننكرها هنا، ومع ذلك اللافت للنظر أن الدين الإسلامي كان في لاهوته الأول أقرب لفكرة حرية ومسؤولية الإنسان في اتباع الدين والعقائد والفروض، لكنه لاحقًا صار ولعصور طويلة يفرض على الكل الحضور وإظهار أنفسهم في المسجد للصلوات الجماعية، ومن لا يفعل يتعرض للمساءلة وربما حتى في حالات مسجلة تاريخيًّا للضرب والتعذيب (انظر مثلًا كتاب إنباء الهصر للصيرفي)، وصارت الأمانة الوحيدة المتبقية مما كان يتكلم عنه النص هي، بحسب أبي الدرداء،  الاستحمام الطقسيّ من الجنس والاحتلام فهذه لن يعرفها أحد غير صاحبها!، كما روى الطبري في تفسيره للنص:

 

حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال ثنا عبد الله بن عبد المجيد الحنفي قال ثنا العوام العطار قال ثنا قتادة وأبان بن أبي عياش عن خليد العصري عن أَبي الدرداء قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "خمس من جاء بهن يوم القيامة مع إيمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس؛ على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وأعطى الزكاة من ماله طيب النفس بها" وكان يقول: وايم الله لا يفعل ذلك إلا مؤمن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إلى ذلك سبيلا وأدى الأمانة، قالوا: يا أبا الدرداء وما الأمانة؟ قال: الغسل من الجنابة فإن الله لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيره.

حدثنا ابن بشار قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن الأعمش عن أَبي الضحى عن مسروق عن أُبي بن كعب، قال: من الأمانة أن المرأة اؤتمنت على فرجها.

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} الجمعة

 

قال ابن كثير في تفسيره:

 

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ: أَنَّ النِّدَاءَ كَانَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُؤَذَّنٌ وَاحِدٌ حِينَ يَخْرُجُ الْإِمَامُ، ثُمَّ تُقَامُ الصَّلَاةُ، وَذَلِكَ النِّدَاءُ الَّذِي يَحْرُمُ عنده البيع الشراء إِذَا نُودِيَ بِهِ، فَأَمَرَ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنْ يُنَادَى قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ.

وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِحُضُورِ الْجُمُعَةِ الرِّجَالُ الْأَحْرَارُ دُونَ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ، وَيُعْذَرُ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ، وقَيّم الْمَرِيضِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْذَارِ، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ.

... عَاتِبُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى مَا كَانَ وَقَعَ مِنْ الِانْصِرَافِ عَنِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى التِّجَارَةِ الَّتِي قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} أَيْ: عَلَى الْمِنْبَرِ تَخْطُبُ. هَكَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ: أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالْحَسَنُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وقَتَادَةُ.

وَزَعَمَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: أَنَّ التِّجَارَةَ كَانَتْ لِدَحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَكَانَ مَعَهَا طَبْلٌ، فَانْصَرَفُوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَّا الْقَلِيلَ مِنْهُمْ. وَقَدْ صَحّ بِذَلِكَ الْخَبَرُ، فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَين، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَدمَت عيرٌ الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَخَرَجَ النَّاسُ وَبَقِيَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَنَزَلَتْ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}

أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ، بِهِ [المسند (3/313) وصحيح البخاري برقم (4899) وصحيح مسلم برقم (863)].

 

وقال الطبري في تفسيره:

 

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قول الله: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) قال: إذا سمعتم الداعي الأوّل، فأجيبوا إلى ذلك وأسرعوا ولا تبطئوا؛ قال: ولم يكن في زمان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أذان إلا أذانان: أذان حين يجلس على المنبر، وأذان حين يُقام الصلاة؛ قال: وهذا الآخر شيء أحدثه الناس بعد؛ قال: لا يحلّ له البيع إذا سمع النداء الذي يكون بين يدي الإمام إذا قعد على المنبر وقرأ (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) قال: ولم يأمرهم يذرون شيئًا غيره، حرم البيع ثم أذن لهم فيه إذا فرغوا من الصلاة، قال: والسعي أن يُسرع إليها، أن يُقبِل إليها.

... وكان الضحاك يقول في ذلك ما حدثنا أَبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن جُوَيبر، عن الضحاك، قال: إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء.

 

حدثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل السديّ، عن أَبي مالك، قال: كان قوم يجلسون في بقيع الزبير، فيشترون ويبيعون إذا نودي للصلاة يوم الجمعة، ولا يقومون، فنزلت: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) وأما الذكر الذي أمر الله تبارك وتعالى بالسعي إليه عباده المؤمنين، فإنه موعظة الإمام في خطبته فيما قيل.

 

وقال ابن كثير في آخر تفسير سورة الجمعة:

 

ولكن هاهنا شَيْءٌ يَنْبَغِي أَنْ يُعلَم وَهُوَ: أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ قَدْ قِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ:

 

60 - حدثنا محمود بن خالد ، حدثنا الوليد ، أخبرني أبو معاذ بكير بن معروف أنه سمع مقاتل بن حيان ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين حتى كان يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب وقد صلى الجمعة ، فدخل رجل فقال : إن دحية بن خليفة قدم بتجارته ، وكان دحية إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف ، فخرج الناس فلم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء ؛ فأنزل الله عز وجل {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها} [الجمعة: 11]، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة وأخر الصلاة ، وكان لا يخرج أحد لرعاف أو لحدث بعد النهي حتى يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم ، يشير إليه بأصبعه التي تلي الإبهام فيأذن له صلى الله عليه وسلم ثم يشير إليه بيده ، فكان من المنافقين من يثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد ، فكان إذا استأذن رجل من المسلمين قام المنافق إلى جنبه مستترا به حتى يخرج ؛ فأنزل الله جل وعز {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذًا} [النور: 63] » الآية

 

والآيات التهديدية لإجبار المتظاهرين بالإسلام لحماية أنفسهم من القتل على حضور الصلوات وعدم التسلل من المسجد بعد التظاهر بالحضور، هي:

 

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} النور

 

وفقًا لهذين النصين لا يجوز فتح المحلات أثناء وقت أداء صلاة الجمعة، النظام المتشدد في السعودية في بعض أنحائها يفرض من خلال جماعة الأمر بالمعروف الشمولية المعروفة كمؤسسة سعودية بفرض إغلاق المحلات وقت صلاة الجمعة، ومن يخالف يعرِّض نفسه للسجن والجلد والغرامات، وكذلك في أوقات الصلوات، وإذا كان هناك ناس في الشارع ليسوا في بيوتهم يفرضون عليهم دخول المسجد والصلاة بالإجبار والقوة، جاء في (أنباء الهصر بأنباء العصر) للصيرفي فيما طالعت فيه حكاية شيخ قاضٍ عجوز كان مدمنًا للخمر ولا يحضر صلوات الجمع، وهو سلوك شخصيّ بحت لا علاقة لأحد به، والظاهر أن الرجل كان ملحدًا مستترًا، فجلدوا الشيخ العجوز حتى الموت! في العصور القديمة كان واجبًا إلزاميًّا شموليًّا على الأفراد حضور الجمع، بل وفي كثير من الحالات كان حضور كل الصلوات في المسجد القريب من المنزل إجباريًّا برقابة اجتماعية وسلطوية خاصة في عهود الصحابة والخلفاء الأوائل، هنا في مصر في العصر الحديث رغم شدة انتشار الفقر والجهل وانعدام الثقافة والعلم ورداءة التعليم تحرر المجتمع سلوكيًّا كثيرًا نسبيًّا، رغم عدم وجود أي تغير فكريّ في حدود ما أرى، لكن الإفطار العلنيّ في رمضان صار شيئًا معتادًا، بعدما كان منذ سنوات شيئًا غير عادي كنت أتعمد القيام به أمام عيون عوام المسلمين المذهولة في الأماكن العامة والمواصلات، المسيحيون لم يتجرؤوا في القديم على ذلك وخضعوا كما اعتادوا للحكم الإسلامي، لكن نسل المسلمين المتحرر "الفاجر الفاسق" الرائع المتعقلن هم من خرجوا وفجروا عن الإسلام وخرافاته ولو بدون وعي أو تفكير غير إيمانيّ عمومًا، وبعض من العقلانيين الملحدين منهم من نسل المسلمين مثلنا، وكذلك عدم حضور صلوات الجمع وفتح المحلات في أثنائها لتعمل بشكل عادي دون مبالاة بهراء وزعيق وصراخ وتشنجات الخطباء هو السائد هنا في القاهرة، يمكنك التسوق في سوق شعبية كأنك في يوم عادي لتشتري السمك أو الدجاج أو الخبز والخضراوات وغيرها. هذه ظواهر إيجابية للحرية والعلمانية وخطوة جيدة. في تونس جرت قبل ثورتهم حركات إلحادية للإفطار العلنيّ في رمضان ووجهوا بالسجن والقضايا، لكن أظن بعد ثورتهم اختلف الوضع قليلًا مثل مصر. الحرية حق أساسيّ للإنسان، وكما قال صديقٌ: الحرية والحقوق لا توهَب، بل تُنتَزَع انتزاعًا.

 

وروى أحمد:

 

16215 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رِفَاعَةَ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْكَدِيدِ - أَوْ قَالَ: بِقُدَيْدٍ - فَجَعَلَ رِجَالٌ مِنَّا يَسْتَأْذِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ فَيَأْذَنُ لَهُمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " مَا بَالُ رِجَالٍ يَكُونُ شِقُّ الشَّجَرَةِ الَّتِي تَلِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَبْغَضَ إِلَيْهِمْ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ "، فَلَمْ نَرَ عِنْدَ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا بَاكِيًا، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الَّذِي يَسْتَأْذِنُكَ بَعْدَ هَذَا لَسَفِيهٌ. ....إلخ

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يرو له سوى النسائي وابن ماجه، وذكر مسلم أن عطاء بن يسار تفرَّد بالرواية عنه. هلال بن أبي ميمونة: هو هلال بن علي بن أسامة. وحذفت الفاء من قوله فأستجيب وفأعطيه من الأصول، وما أثبتناه هو الجادة. وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" 132-133 من طريق إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علَية، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً ومختصراً الطيالسي (1291) و (1292) ، والدارمي 1/348، والبزار (3543) (زوائد) ، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 132-133، والطبراني في "الكبير" (4559) ، وأبو نعيم في "الحلية" 6/286 من طرق عن هشام الدستوائي، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4557) و (4558) و (4560) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/20 دون قوله: "إذا مضى..."، وقال: رواه أحمد، وعند ابن ماجه بعضه، ورجاله موثقون. قلنا: سيأتي الطرف الذي أخرجه ابن ماجه في الرواية رقم (16216). وسيأتي بالأرقام (16216) و (16217) و (16218)

 

أمر شموليّ بحضور الجميع الصلاة في يثرب، رغم أن بعضهم باعتراف محمد لم يكونوا يريدون صحبته ولا يطيقونه بشدة، وبكاء وهوس دينيّ، يمكنك أن تشم رائحة الشمولية والهوس الدينيّ والشؤم والجهل وفقدان الاتزان النفسي للجمهور في كل ذلك بلا شك. مشهد يصلح لعمل درامي كفلم Agora حينما يعظ بابا الإسكندرية التطرف كيرلس الحضور: بل ابكوا إشفاقًا على اليهود الضالين الذين لم يعرفوا ربهم، في أسلوب تحريض ديني للعنف يحفز العواطف ويلغي العقل لممارسة العنف والعنصرية لأسباب وهمية.

 

وبعدما أجبر محمد المنافقين المتظاهرين بالإسلام على الحضور بالإكراه والتهديد للخمس صلوات الإسلامية في مسجده في يثرب، ونفس السياسة اتبعها أتباعه كنظام ديني شمولي في الأماكن الأخرى، قال أنه لا تعجبه طريقة حضورهم وأدائهم للصلاة! فما الذي تنتظره من ناس تم إجبارهم على صلاة ودين لم يريدوا ممارسته ولا يعتقدون به:

 

{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)} التوبة

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)} النساء

 

قال الطبري في تفسير التوبة: 54

 

يقول: لا يأتونها إلا متثاقلين بها. لأنهم لا يرجون بأدائها ثوابًا، ولا يخافون بتركها عقابًا، وإنما يقيمونها مخافةً على أنفسهم بتركها من المؤمنين، فإذا أمنوهم لم يقيموها = (ولا ينفقون) ، يقول: ولا ينفقون من أموالهم شيئًا = (إلا وهم كارهون) ، أن ينفقونه في الوجه الذي ينفقونه فيه، مما فيه تقوية للإسلام وأهله.

 

وقال في تفسير النساء 142

 

وأما قوله:"وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس"، فإنه يعني: أن المنافقين لا يعملون شيئًا من الأعمال التي فرضها الله على المؤمنين على وجه التقرُّب بها إلى الله، لأنهم غير موقنين بمعادٍ ولا ثواب ولا عقاب، وإنما يعملون ما عملوا من الأعمال الظاهرة إبقاءً على أنفسهم، وحذارًا من المؤمنين عليها أن يُقتلوا أو يُسلبوا أموالهم. فهم إذا قاموا إلى الصلاة التي هي من الفرائض الظاهرة، قاموا كسالى إليها، رياءً للمؤمنين ليحسبوهم منهم وليسوا منهم، لأنهم غير معتقدي فرضها ووجوبها عليهم، فهم في قيامهم إليها كسالى، كما:-

10724- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى"، قال: والله لولا الناسُ ما صَلَّى المنافق، ولا يصلِّي إلا رياء وسُمْعة.

10725- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس"، قال: هم المنافقون، لولا الرياء ما صلُّوا.

 

وكان محمد يجبر سكان يثرب من غير المؤمنين به على الإسلام بالإكراه والتهديد وأسلوب ديوان الزنادقة العباسي ومحاكم التفتيش الإسبانية والمسيحية القديمة، روى أحمد:

 

17474 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْعَامِرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ، قَالَ: فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، فَقَالَ: "عَلَيَّ بِهِمَا" فَأُتِيَ بِهِمَا تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا ، قَالَ: " مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا ؟ " قَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا . قَالَ: " فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ، فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهُمَا لَكُمَا نَافِلَةٌ" وَرُبَّمَا قِيلَ لِهُشَيْمٍ: فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ يُحَرَّفَ . فَيَقُولُ: يُحَرَّفَ عَنْ مَكَانِهِ "

 

إسناده صحيح، جابر بن يزيد بن الأسود روى عنه يعلى بن عطاء وعبد الملك بن عمير، ووثقه النسائي وابن حبان، وباقي رجاله ثقات، ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 2/29 تصحيحه عن ابن السكن، ثم قال: وقال الشافعي في القديم: إسناده مجهول. قال البيهقي: لأن يزيد بن الأسود ليس له راو غير ابنه، ولا لابنه جابر راو غير يعلى. قال ابن حجر: يعلى من رجال مسلم، وجابر وثَّقه النسائي وغيره، وقد وجدنا لجابر بن يزيد راوياً غير يعلى، أخرجه ابن منده في "المعرفة" من طريق بقية عن إبراهيم بن ذي حماية عن عبد الملك بن عمير عن جابر. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/274-275، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1462) ، والترمذي (219) ، والنسائي 2/112-113، وابن خزيمة (1279) و (1638) و (1713) ، وابن حبان (1565) ، والطبراني 22/ (614) ، والدارقطني 1/413، والبيهقي 2/301 من طريق هشيم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه الطبراني 22/ (612) و (614) و (616) و (617) ، والدارقطني 1/414 من طرق عن يعلى بن عطاء، به. وأخرجه الدارقطني 1/414 من طريق بقية بن الوليد، حدثني إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية، حدثني عبد الملك بن عمير، عن جابر بن يزيد، به. وفي الباب عن محجن الدِّيلي، سلف برقم (16393) . وعن أبي ذر عند مسلم (648) ، وسيأتي 5/147.

قال السندي: "تُرعَد" على بناء المفعول من الإرعاد، أي: ترجف وتضطرب. "فرائصهما" جمع فريصةٍ: وهي لحمة في الجَنْب ترتعد عند الفزع، والكلام كناية عن الفزع.

قال الخطابي في "معالم سنن أبي داود" 1/164-165: وفي الحديث من الفقه: أن من صلّى في رحله، ثم صادف جماعة يصلون، كان عليه أن يصلي معهم أيَّ صلاة كانت من الصلوات الخمس، وهو مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق، وبه قال الحسن والزهري. وقال قوم: يعيد إلا المغربَ والصبحَ، كذلك قال النخعي، وحكى ذلك الأوزاعي، وكان مالك والثوري يكرهان أن يعيد صلاة المغرب، وكان أبو حنيفة لا يرى أن يعيد صلاة العصر والمغرب والفجر إذا كان قد صلاهن. قلت: وظاهر الحديث حجة على جماعة مَن مَنع عن شيء من الصلوات كلها، ألا تراه يقول: "إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الإمام ولم يصل، فليصلِّ معه "ولم يستثن صلاة دون صلاة. وقال أبو ثور: لا يُعاد الفجر والعصر إلا أن يكون في المسجد، وتقام الصلاة فلا يخرج حتى يصليها.

 

17890 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي الدِّيلِ قَالَ: صَلَّيْتُ الظُّهْرَ فِي بَيْتِي، ثُمَّ خَرَجْتُ بِأَبَاعِرَ لِي لِأُصْدِرَهَا إِلَى الرَّاعِي، فَمَرَرْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، فَمَضَيْتُ فَلَمْ أُصَلِّ مَعَهُ، فَلَمَّا أَصْدَرْتُ أَبَاعِرِي وَرَجَعْتُ، ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: " مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا حِينَ مَرَرْتَ بِنَا ؟ " قَالَ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ صَلَّيْتُ فِي بَيْتِي، قَالَ: " وَإِنْ "

 

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق وهو محمد، وباقي رجال الإسناد ثقات من رجال الصحيح غير أن صحابيه لم يخرج له سوى النسائي . يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد. وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/86 من طريق سلمة بن الفضل الرازي، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وقد سلف الحديث في مسند المدنيين برقم (16393) .

 

وروى البخاري:

 

644 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ

 

قوله: "مرماتين"، قال ابن الأثير في "النهاية" 2/269: المرماة: ظلف الشاة، وقيل: ما بين ظلفيها، وتكسر ميمه وتفتح. وقيل: المرماة -بالكسر-: السهم الصغير الذي يتعلم به الرمي، وهو أحقر السهام وأدناها، أي: لو دعي إلى أن يعطى سهمين من هذه السهام، لأسرع الإجابة، قال الزمخشري: وهذا ليس بوجيه، ويدفعه قوله في الرواية الأخرى: "لو دعي إلى مرماتين أو عرق"، وقال أبو عبيد: هذا حرف لا أدري ما وجهه، إلا أنه هكذا يفسر بما بين ظلفي الشاة، يريد به حقارته.

 

سأورد باقي نصوص الإكراه على الصلوات الجماعية في قسم نقد الأحاديث من بابنا هذا.

 

آيات لفرض الشمولية الاجتماعية

 

{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)} الأنفال

 

من ضمن تفاسير الطبري له:

 

15909- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منعم خاصة) ، قال: أمر الله المؤمنين أن لا يقرُّوا المنكر بين أظهرهم، فيعمَّهم الله بالعذاب.

 

وفقًا لمفهوم التابو هذا يبرر المسلمون بطريقة خرافية تدخلهم في الحريات الشخصية للأفراد، بدعوى أنها توقع عليهم ضررًا خرافيًّا وهميّ غير ملموس ولا حقيقيّ، فإذا تكون عقلانيًّا فإذن أنت كافر وجودك بينهم يسبب غضب الله عليهم وأذيتهم ويجب قتلك حسب هذه التصورات الخزعبلية المهووسة، وإذا أحضرت صديقتك مثلًا لشقتك الخاصة فأنت يجب منعك من ذلك بالقوة الخاصة بالمجتمع الشمولي وأحيانًا الشرطة شبه الدينية والمتدينة في كل دول الشرق أو جماعات الإسلام كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بزعمهم لأنك ستسبب بكسر تابو يغضب الإله الخرافيّ ويجلب عليهم الكوارث أو الفقر بزعم عقولهم المتهوسة، وهكذا لو تكلمت أو بدأت تقرأ في أمور علمية عن الحقيقة العلمية للتطور البيولوجي أو عن بعض أخطاء القرآن والأحاديث العلمية فأنت تخوض فيما لا يصح التفكير فيه وتجلب غضب السماء، ويجب منعك وسجنك أو قتلك أو إزعاجك لو أنك مستتر لا تفصح عما تفلعل على الأقل ما دام هناك شك بنشاطك في القراءة ونوعيتها أو ما تكتبه! في بعض حالات هوسهم المتطرفة حتى سماعك للموسيقى هو معصية يجب منعها كما في السعودية وإيران! الملابس العادية الجذابة محرمة خاصة على النساء، العطور حرام على النساء والمكياج، التعبير عن الرأي والفكر مجرَّم ومحرَّم، حياة مع الإسلام هي حياة منزوعٌ منها الحياة نفسها. سأقول بأسلوب مستعار من الأناجيل: سمعتم أنه قيل عندما تكونون في روما فتصرفوا كالرومان، أما أنا فأقول لكم: يسبح مع التيار  دومًا السمك الميت فقط.

 

مصادرة الحريات الشخصية

 

{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} آل عمران

 

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)} آل عمران

 

{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)} الحجّ

 

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} التوبة

 

{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)} التوبة

 

ما يُخشى منه هنا أن تعريف الأديان للذنوب يتضمن ما هو حقيقي منها، وما هو ليس بذنوب كحرية الرأي والتعبير والتجارة والتعبير عن الرأي والعقيدة وحرية الملبس وحرية السلوك والحرية الجنسية وحرية المأكل والمشرب، وحق عدم الاعتقاد بأي دين وعدم المشاركة في أي طقوس وشعائر دينية، كل هذه الحقوق يصادرها السلفيون والمجتمع السلفي، مع قيام جماعة أو هيئة الأمر بالمعروف فيما تسمي به نفسها في السعودية بالكثير من العنف ووقوع ضحايا لها بسبب تطفلها بدعم الدولة على حقوق وحريات الناس، ما بين مضروبين وقتلى، وحوادث سيارات، بدأت تحاول تحسين مظهرها والتظاهر بأنها تدعو بالحسنى لا بالإكراه، يوجد نظام مشابه في إيران الشمولية، في مصر بعد ثورة 25 يناير وخاصة في حكم الإخوان وخروج المتطرفين من جحورهم وحاول بعض أفرادهم التطفل على حريات الشعب، وحدثت حادثة مقتل شاب عندما كان يمشي مع خطيبته في الشارع عندما طعنه متطرف بعد مشادّة، ولم تنجح محاولتهم عمل شرطة دينية أو جيش وميليشيات في مصر تفرض نظام دولة ومجتمع ديني، بسبب عدم تقبل الشعب المصري بحكم تطوراته وطبيعته لحكم الشمولية الدينية، وبفضل عنف الإخوان وتكفيرهم لبعض المواطنين وضربهم وقتلهم لمعارضيهم سقط حكمهم بسرعة مذهلة، وهي مسألة تستحق عدة أبحاث عنها وعن عقلية عامة المصريين ومتناقضاتها. وفقًا لنظام المجتمعات الدينية الشرقية_رغم ذلك_يتم مصادرة حريتك والتدخل في كل شؤون حياتك الشخصية.

 

مصادرة الحق في الحرية الجنسية

 

كل المجتمعات العصرية اليومَ لا تحاول التعرُّض لفردية وتميُّز أفرادها وحرياتهم السلوكية في حيواتهم بما فيها السلوك الجنسيّ، فهذا حقل خاصّ جدًّا بكل إنسان، وله الحق في اختيار ما شاء فيه، بما لا يتعدّى على حقوق الآخرين، يتحمَّل الطرفان مسؤولية أي أطفال من علاقة حرة إن حدث حمل، ويُعتبَر وفقًا لعلم الاجتماع أن اختراع موانع الحمل بأشكالها المختلفة فتح الباب واسعًا بلا مشاكل لحرية جنسية ولجنس لمجرد المتعة والعبث، وليس بالضرورة لمجرد وظيفة التناسل والتكاثر، بل ونرى وجوب احترام حريات المثليين جنسيًّا طالما سعادتهم وميولهم في ذلك، كثيرون من المفكِّرين المتميِّزين الذين رسموا درب التقدم والحرية للغرب نادوا بحرية الجنس ضمن باقي الحريات، منهم فردرش نتشه وإليس عفلق

 

تخبط محمد بينما كان يفكر في الوصول إلى تشريع لـ "عقوبة" العلاقات الجنسية بدون زواج، أو "الزنا" و "الفاحشة" حسب المصطلحات الدينية الخرافية

 

{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)} النساء

 

مفاهيم خرافية لم يعد يتبناها مجتمعات متقدمة حديثة علمانية علمية كأوربا وأمركا وأستراليا واليابان وهونج كونج وغيرها، فقد نُبِذَت هذه الخرافات والقيم التي تتدخل في الحريات الشخصية للآخرين ومنها الحرية الجنسية، منذ وضع فلاسفة وعلماء الاجتماع الغربيون مذهب المنفعة والبراجماتية، فما يسعد الناس ولا يضر أحدًا هو خير، والزنا adultery في الإنجليزية لها معنيان، قاموس أكسفورد Pocet Oxford Dictionary لا يذكر سوى المعنى الحديث المعروف للمعاصرين المتحضرين لكلمة adultery وهو أنه العلاقة الطوعية بين شخص متزوج مع آخر غير زوجه، يعني الخيانة الزوجية، أما المعنى القديم فلا يذكره القاموس ولم يعد الغربيون المعاصرون يستعملون سوى القليل من المتدينين الأصوليين منهم هذه الكلمة لتعني العلاقات الجنسية بدون زواج، كما هو استعمال الكلمة في الكتاب المقدس، وتكاد تكون استعمالًا مهجورًا مُماتًا في أورُبا وأمِرِكا وأستراليا، وكلا المعنيين عند المسلمين العرب لهذه الكلمة، أما فعلfornicate  فيقول عنه أنه استعمال قديم أو مُمات تعني قيام شخصين غير متزوجين بعلاقة جنسية، وهذا كما أرى هو تطور اللغة ومعانيها مع تطور القيم الأخلاقية وتخلص المجتمعات من التابوهات الخرافية غير الضرورية.

 

وهنا تخبّط محمد ولم يكن لديه فكرة عندما طُرِحت مسألة قيام شخصين بعلاقة جنسية بدون زواج، وهي مسألة وأمر مرتبط بتابوهات خرافية عند البدائيين والقدماء والتقليديين، فشرّع بحبس النساء فقط إذا فعلن ذلك حتى الموت لارتباط ذلك بتابو قويّ عند العرب، ولم يشرّع بالمثل لحبس الرجال ممن يفعلون ذلك في تمييز عنصري، وأمر بإيذاء وتعذيب وضرب من يمارسون حقوقه وحرياتهم. في ظل اختراع موانع الحمل وقيم العصر الحديث والعلمانية أصبحت هذه القيم والتشريعات بلا قيمة ولا معنى، الإنسان حر ومسؤول عن حريته. لاحقًا نقض ونسخ محمد هذا التشريع بحبس النساء حتى الموت، وشرّع التشريع الهمجيّ الوحشيّ بضرب وتعذيب القائمين بعلاقة جنسية بلا زواج ثمانين جلدة عنيفة، لا تعمل معظم دول الإسلام بهكذا تشريعات اليوم لهمجيتها ووحشيتها، وتدخلها في الحيوات الشخصية للناس، فقد تركها الناس وتحضروا، سوى دول كالسعودية. رغم وجود رقابة وشمولية اجتماعية في مصر، فإن القانون لا يعاقب بأي شيء ولا توجد جريمة في وجود علاقة بين شخصين بلا زواج، بل فقط يجرّم ممارسة الدعارة وتعريفها أنها ممارسة الجنس مع أي شخص بلا تمييز مقابل المال، يعني لو رافقت مثلًا شابة رجلًا عجوزًا واحدًا ومن ضمن علاقتهما أنه ينفق عليها فوفقًا للقانون هذه ليست دعارة، لأنها ميّزت الرجل بالعلاقة وحده. تنص قوانين الدول الحديثة المتحضرة على حرية الإنسان وفرديته وحقوقه واحترام حرمة وحرية حياته الخاصة.

 

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} النور

 

روى مسلم:

 

[ 1690 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار جميعا عن عبد الأعلى قال بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه كرب لذلك وتربد له وجهه قال فأنزل عليه ذات يوم فلقي كذلك فلما سرى عنه قال خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب والبكر بالبكر الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي سنة

 

ورواه أحمد (22666) و(22703) و (22715) و (22730) و (22731) و (22734) و (22780) وأخرجه الدارمي (2328) ، وأبو داود (4416) ، والترمذي (1434) ، والنسائي في "الكبرى" (7144) ، وابن الجارود (810) ، وأبو عوانة (6248) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/138، وفي "شرح مشكل الآثار" (242) ، وابن حبان (4425) و (4426) ، والطبراني في "الأوسط" (1162) ، والبيهقي 8/221-222 من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد . وقال الترمذي: حديث صحيح . وأخرجه أبو عوانة (6254) ، والشاشي في "مسنده" (1323) و (1325) ،

 

قال الطبري:

 

8797 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم" إلى"أو يجعل الله لهن سبيلا"، فكانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت، ثم أنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) [سورة النور: 2] ، فإن كانا محصنين رجُما. فهذا سبيلهما الذي جعل الله لهما.

 

8799 - حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"واللاتي يأتين الفاحشة"، حتى بلغ:"أو يجعل الله لهن سبيلا"، كان هذا من قبل الحدود، فكانا يؤذّيان بالقول جميعًا، وبحبْس المرأة. ثم جعل الله لهن سبيلا فكان سبيل من أحصن جلدُ مئة ثم رميٌ بالحجارة، وسبيل من لم يحصن جلد مئة ونفي سنة.

 

8801 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم" إلى:"أو يجعل الله لهن سبيلا"، هؤلاء اللاتي قد نكحن وأحصنّ. إذا زنت المرأة فإنها كانت تحبس في البيت، ويأخذ زوجها مهرَها فهو له، فذلك قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) الزنا (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [سورة النساء: 19] ، حتى جاءت الحدود فنسختها، فجُلدت ورُجِمت، وكان مهرها ميراثًا، فكان"السبيل" هو الجلد.

 

في الفترة المدنية في يثرب عندما تولى محمد سلطة المدينة شرّع للعنف مستلهمًا إما من همجية تشريع الرابيين اليهود في كتبهم التشريعية، أو من تشريع كتاب الأﭬستا الزردشتي الفارسي (المجوسي)، وكلاهما فيه الجَلد وكانت ممارسةً عند بعض مسيحيي القرون الوسطى كذلك ربما خاصةً في أوربا.

 

 

كان محمد قبلها في مكة يدعو بتوصية سلمية ودية فقط للقيم الرجعية عديمة الفائدة بالنسبة لمجتمع عصريّ الواردة في النصوص الدينية، مثل:

 

{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31)} المعارج

 

ونفس النص يتكرر بحروفه بسورة المؤمنون: 5-7

 

{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)} الفرقان

 

{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)} الإسراء

 

ووفقًا للقرآن فلا مانع من استعباد واغتصاب امرأة بنظام الاستعباد في عصور الظلام، في حين أن الحب والحرية الجنسية الطوعية بين فردين بدون زواج محرَّمة وضد الشريعة ويعاقَب عليه بمئة جلدة رهيبة! تقول السيدة Strapi الإيرانية في سردها لقصة حياتها بجزئي كتابها Persepolis في شكل كوميكس أو رسومات كاريكاتير أن بداية اندماجها بالثقافة ونمط الحياة والفكر الأوربيين عندما اقتربت وتعرفت على مفهوم الثورة الجنسية والحرية الجنسية كما رأته في صديقتها ذات العلاقات المتعاقبة المتعددة، ثم حظت هي نفسها بعدة علاقات وعاشت مع شخص أوربي لفترة، حتى عادت إلى إيران لفترة تعرفت فيها على إيراني ملحد تزوجته بعدها وعاشا في الغرب. هذه تجربة مثيرة للاهتمام لا تخوضها معظم البنات الشرقيات بل ولا حتى الرجال منهم لأنهم لا يكونون مقتنعين اقتناعًا حقيقيًّا بمفاهيم الليبرالية والحريات، ولا أساس عندهم لقيم أخلاقية علمانية بدون المفاهيم الدينية والدين. ناهيك عن أن العلمانية نفسها ما تزال غير متجذرة ببلاد الشرق، ولو أننا بمصر وغيرها بدأنا في الصحف والكتب نكوِّن تراثًا غنيًّا ثريًّا للأجيال القادمة كما أرى من بعض الكتب المنشورة والمقالات في المصري اليوم واليوم السابع والدستور والوطن، ربما لو تحسنت أحوال شعوب الشرق فهذه ستكون نواة لفكر علماني له جذور وتراث سيصير في المستقبل قديمًا يكن له الناس التقدير.

 

الجدير بالذكر أن قاموس أكسفورد Pocet Oxford Dictionary لا يذكر سوى المعنى الحديث المعروف للمعاصرين المتحضرين لكلمة adultery وهو أنه العلاقة الطوعية بين شخص متزوج مع آخر غير زوجه، أما المعنى القديم فلا يذكره القاموس ولم يعد الغربيون المعاصرون يستعملون سوى القليل من المتدينين الأصوليين منهم هذه الكلمة لتعني العلاقات الجنسية بدون زواج، كما هو استعمال الكلمة في الكتاب المقدس، وتكاد تكون استعمالًا مهجورًا مُماتًا في أورُبا وأمِرِكا وأستراليا، وكلا المعنيين عند المسلمين العرب لهذه الكلمة، أما فعلfornicate  فيقول عنه أنه استعمال قديم أو مُمات تعني قيام شخصين غير متزوجين بعلاقة جنسية، وهذا كما أرى هو تطور اللغة ومعانيها مع تطور القيم الأخلاقية وتخلص المجتمعات من التابوهات الخرافية غير الضرورية.

 

adultery  n. voluntary sexual intercourse between a married person and a person other than his or her spouse.  adulterous adj.

 

fornicate  v. (-ting) archaic or joc. (of people not married to each other) have sexual intercourse.  fornication n. fornicator n. [Latin fornix brothel[

 

يقول غيورغي فاسيلييف شاعرنا العربيّ السوريّ من والدين أرمينيين وأستاذ اللغة العربية ببعض جامعات روسيا في قصيدة أو خاطرة (ثورة جنسية) : نحتاج إلى ثورة جنسية، تنشل عقول الناس من مؤخراتهم، أو من بين سيقانهم، وتعيدها إلى مكانها في الرؤوس، وتعيد الرؤوس إلى بني البشر، ثورة تنسف من الجذور كل الجذور، تنسف نفسية الشعب الخانع، خنوعَ الموت خنوع القبر خنوع البقر.

 

في قصائده الأخرى مثل (شبابنا أذكياء مشغولون بالترهات) يشير إلى هوس وانشغال الشباب العربي بالجنس الذي لا يستطيعون الاستمتاع به، فينشغلون بهذا الأمر عن كل شؤون العلم والعمل والسعي للتقدم.

 

 

 

وذكر المحب الطبري في (الرياض النضرة في مناقب العَشَرة):

 

وعن عبيد بن عمير قال بينما عمر بن الخطاب يمر في الطريق فإذا هو برجل يكلم امرأة فعلاه بالدرة فقال يا أمير المؤمنين إنما هي امرأتي فقام عمر فانطلق فلقي عبد الرحمن بن عوف فذكر ذلك له فقل له يا أمير المؤمنين إنما أنت مؤدب وليس عليك شيء وإن شئت حدثتك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا لا يرفعن أحد من هذه الأمة كتابه قبل أبي بكر وعمر". خرجه ابن الغطريف وخرج الملاء منه إلى قوله إنما هي امرأتي ولم يذكر ما بعده وقال فقال له فلم تقف مع زوجتك في الطريق تعرضان المسلمين إلى غيبتكما? فقال يا أمير المؤمنين الآن قد دخلنا المدينة ونحن نتشاور أين ننزل فرفع إليه الدرة وقال: اقتص مني يا عبد الله فقال: هي لك يا أمير المؤمنين، فقال: خذ واقتص فقال بعد ثلاث هي لله قال الله لك فيها.

هذا الهوس والفصل بين الجنسين مما نراه في مجتمعات خليجية تمارسه بتشدد في كل جوانب الحياة في الشوارع والجامعات والمدارس وزفافات الأفراح لم يكن له نتائج محمودة، غرف شات الياهو أغلقت بعدما غمرها الكثير من سعوديين ذوي ميول جنسية شاذة بأعداد غير طبيعية تدل على شيء غير طبيعي في مجتمع السعودية، نعم نفهم وجود نسبة من المثليين المولودين كذلك بجيناتهم في كل بلد وقُطر، لكن واضح هنا أن الفصل بين الجنسين ولَّد مشاعر وسلوكيات منحرفة شاذة، ليست نتاج شيء طبيعي جيني، بل لأسباب نفسية، كذلك الفصل بين الجنسين يجعل من الرجال لا يفهمون النساء ومشاعرهن وطبيعتهن وطريقة تفكيرهن وحتى التعامل معهن في العِشرة والتعاملات وحتى الجنس وفنونه وتمهيداته. مجرد سير رجل مع امرأة ليست زوجته أو محرمًا من المحرمات عليه كفيل بالتسبب في تعرضهما كليهما للجلد، ونفس الأمر في إيران لكنها تسمح بدفع غرامة بدلًا من الجلد ربما لحاجتهم لتمويل الدولة. الدول التي لا تحترم فردية مواطنيها وحرياتهم الشخصية لا يمكنها تحقيق تقدم حقيقي علميًّا وديمقراطيًّا وإنسانيًّا كما قال مفكرون غربيون. أحد الأحكام الغريبة التي قرأتها منذ سنوات في جريدة هنا في مصر هو حكم بسجن عدة أيام أو غرامة لا أذكر لأنه وهو خال فتاة قبلها على خدها في الشاعر قبلة بريئة كابنة له، كما يفعل أي خال أو عم في أي مجتمع بما فيه مصر، فاتهمته الشرطة بفعل منافٍ للآداب في الشارع! هذه المصادرة للحقوق الشخصية، وكمثال تحريم وتابو التقبيل بين رجل وامرأة في حديقة عامة تحت الشمس وسط الحشائش والخضرة أو على البحر...هذه أمور شاذة راسخة في أغلب مجتمعات الإسلام، في ماليزيا افتتحوا ديسكو فيه مكان للرجال فقط، وآخر للنساء وحدهن، لا أدري لماذا يكون الرقص إذن؟! يا للسخافة! مجتمعات عربية أخرى أكثر تحررًا كتونس نسبيًّا لا مانع فيها من قبلة عفوية في الشارع أو مكان عام، يذكر أحد المسؤلين المحررين الكبار في جريدة مصرية متميزة شبه معارضة أنه في رحلة إلى تونس مع مصور الجريدة كان منظر تقبيل شاب لفتاة في الشارع بتونس غريبًا غير معتاد بالنسبة له فأقدم على تصويرهما، لكن الصحفي منعه من ذلك لكي لا يكون هذا تطفلًا على الآخرين قد يؤدي بهما إلى السجن أو المساءلة القانونية، وهو حدث طرف حقًّا! يفترض في كل الدول الطبيعية غير المهووسة دينيًّا أن قبلة بين حبيبين في سينما أو مكان عام شيء عادي عفوي ربما كح الرأس، تظل تونس وشمال لبنان بدون الجنوب الشيعي الريفي ومناطق السنة كطرابلس حالتين خاصتين نسبيًّا لتأثرهما بالثقافة الفرنسية والغربية والعلمنة قليلًا، وتعدد المذاهب خاصةً المسيحية في لبنان. من الدول الإسلامية التي تطورت قليلًا لكن لا أدري إلى أي حد بالضبط هي تركيا، لكن مشكلتها أن حكامها العسكريين السابقين لم يحسنوا الاقتصاد كثيرًا وساسوا البلاد بالبطش، ولم يحاولوا كثيرًا نشر الثقافة والعلمنة لتترسخ بقوة، واليوم صعد الإسلاميون إلى سدة الحكم بتركيا، لكنهم يزعمون التمسك بمبادئ العلمانية. مع ذلك كثير من شباب الأتراك موالون لميراث أتاتورك ويعرفون قيمته وتظاهروا بقوة ضد محو حديقة كان قد أسسها. يظل الإلحاد والتحرر في تركيا قليلًا وشبه معدوم، قدره البعض بنسبة 3-4%.

 

من الظواهر المألوفة كذلك في كثير من دول الإسلام قتل النساء للأطفال الذين يلدنهم بدون زواج، بقتلهم أو خنقهم أو تغريقهم أو حتى في حالات بشعة رميهم في القمامة ببساطة كما قرأنا عدة مرات في صفحات الحوادث، قد يجتمع النمل أو الكلاب المسعورة أو الغير متآلفة لأكل أطفال كهؤلاء إلا لو صادف حظهم وجود إنسان طيب فاضل ينقذهم، هذه الظاهرة قديمة جدًّا، مثلًا في تفسير ابن كثير لسورة النساء: 113 نقلًا عن تفسير الطبري:

 

وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا هُشَيْم، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْن، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: جَاءْتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّل فَسَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ فَجَرت فَحَبَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَتَلَتْ وَلَدَهَا؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ: مَا لَهَا؟ لَهَا النَّارُ! فَانْصَرَفَتْ وَهِيَ تَبْكِي، فَدَعَاهَا ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَى أَمْرَكِ إِلَّا أَحَدَ أَمْرَيْنِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} قَالَ: فَمَسَحَتْ عَيْنَهَا، ثُمَّ مَضَتْ.

 

أهل الغرب أصلح وأفضل فهم لو أنجب لهم أطفال دون زواج يفرحون بهم ويفرح بهم جداهم ببساطة ولا يعتبر الأمر مشكلة، ولا يقوم أحد بقتل طفل لأجل هوس ديني واجتماعي، ويتحمل الوالدان نفقات الطفل، في فلم مذكرات مراهقة أو شيء من هذا القبيل من الأفلام المصرية يوشك عزت أبو عوف في دور الأب لبنت أنجبت بدون زواج على نزع خراطيم التنفس عن الطفل المولود مريضًا أو خديجًا ثم يتراجع. الحرية تأتي مع المسؤولية، معظم العرب والمسلمين لا يعرفون قيمة الحرية ولا المسؤولية على السواء.


من المفاهيم الظلامية الخاصة بجهلة المسلمين التي رأيتها أنهم يرون أن الرجل إذا أحب امرأة ومارس معها الجنس قبل الزواج فيجب ألا يتزوجها لأنها بلا أخلاق وزانية وقد تخونه، وهو مفهوم أحمق لأن المرأة طالما أخلصت له وأحبته وأعطته مشاعرها فهذه ضمانة قوية لإخلاصها وهو لحماقته فقط لم يقدِّرها، ما يُخشى منه فقط حقًّا هو امرأة متعددة العلاقات قبل الزواج بكثرة وهي مخلصة للرجل، وهذه الفكرة قديمة، ربما حتى كانت موجودة في المجتمع العربي الوثني قبل الإسلام في شبه جزيرة العرب جرداء الأرض والفكر، فروى أحمد بن حنبل:

 

8300 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ يَعْنِي الْمُعَلِّمَ، حَدَّثَنَا عَمْروُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الزَّانِي الْمَجْلُودُ لَا يَنْكِحُ إِلَّا مِثْلَهُ"

 

إسناده حسن، عمرو بن شعيب روى له أصحاب السنن وهو حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. حبيب المعلم: هو أبو محمد البصري مولى معقل بن يسار. وأخرجه أبو داود (2052) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4548) و (4549) ، وابن عدي في "الكامل" 2/817، والحاكم 2/166 من طرق عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإِسناد. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وسقط من المطبوع من"المستدرك"عبد الوارث، واستدرك من "إتحاف المهرة" 5/ورقة 161. وأخرجه الطحاوي (4550) ، والحاكم 2/193 من طريق يزيد بن زريع، عن حبيب المعلم، قال: قلت لعمرو بن شعيب: إن فلاناً يقول: إن الزاني لا ينكح إلا زانية مثله، قال: وما يَعَجبُك من ذلك؟ حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "الزاني لا ينكح إلا زانية مثله، والمجلود لا ينكح إلا مجلودة مثله" . واللفظ للطحاوي، ورواية الحاكم مثلها دون قوله: "الزاني لا ينكح إلا زانية مثله" .

وقد ذهب الإمام أحمد إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت، صح العقد عليها، وإلا فلا، وكذلك لا يَصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبةً صحيحة، وبه قال قتادة وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيد القاسم بن سلام. انظر "المغني" لابن قدامة 9/562-564.

وقال ابن خويز منداد فيما نقله عنه القرطبي 12/171: من كان معروفاً بالزنى أو بغيره من الفسوق معلنا به، فتزوج إلى أهل بيت ستر، وغرهم من نفسه، فلهم الخيار في البناء معه أو فراقه، وذلك كعيبٍ من العيوب، واحتج بقوله عليه السلام: "لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله"، وقال: إنما ذكر المجلود لاستشهاده بالفسق، وهو الذى يجب أن يفرق بينه وبين غيره، فأما من لم يشتهر بالفسق، فلا.

وقال الأمير الصنعاني في "سبل السلام" 3/127-128: الحديث دليل على أنه يحرم على المرأة أن تزوج بمن ظهر زناه، ولعل الوصف بالمجلود بناء على الأغلب في حق من ظهر منه الزنى، وكذلك الرجل يحرم عليه أن يتزوج بالزانية التي ظهر زناها، وهذا الحديث موافق قوله تعالى: (وحرمَ ذلِكَ على المؤْمنين) [النور: 3] ، إلا أنه حمل الحديثَ والآيةَ الأكثرُ من العلماء على أن معنى: لا ينكح: لا يرغب الزاني المجلود إلا في مثله، والزانية لا ترغب في نكاح غير العاهر، هكذا تأولوهما،

والذى يدل عليه الحديثُ والآية النهي عن ذلك لا الِإخبار عن مجرد الرغبة، وأنه يحرم نكاح الزاني العفيفةَ، والعفيفِ الزانيةَ، ولا أصرحَ من قوله: (وحرمَ ذلك على المُؤْمنين) ، أي: كاملي الإيمان الذين هم ليسوا بزناة، وإلا فإن الزاني لا يخرج عن مسمى الِإيمان عند الأكثر.

 

وفي مصنف ابن أبي شيبة:

 

17064- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْوَانَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّدَائِيِّ , عَنْ علِيٍّ قَالَ : جَاءَ إلَيْهِ رَجُلٌ , فَقَالَ : إنَّ لِي ابْنَةَ عَمٍّ أَهْوَاهَا وَقَدْ كُنْت نِلْت مِنْهَا ، فَقَالَ : إِنْ كَانَ شَيْئًا بَاطِنًا يَعْنِي الْجِمَاعَ فَلاَ ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا ظَاهِرًا يَعْنِي الْقُبْلَةَ فَلاَ بَأْسَ.

17065- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ , عَنْ شُعْبَةَ عن الحكم , عَنْ سَالِمٍ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ : لاَ يَزَالاَنِ زَانِيَيْنِ.

17066- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , عَنْ إسْمَاعِيلَ , عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : قالَتْ عَائِشَةُ : لاَ يَزَالاَنِ زَانِيَيْنِ مَا اصْطَحَبَا.

17067- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ : هُمَا زَانِيَانِ ، لِيَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا الْبَحْرُ.

17068- حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ , عَنْ مُطَرِّفٍ , عَنْ أَبِي الْجَهْمِ , عَنِ الْبَرَاءِ فِي الرَّجُلِ يَفْجُرُ بِالْمَرْأَةِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا ، قَالَ : لاَ يَزَالاَنِ زَانِيَيْنِ أَبَدًا.

 

وللأمانة ذكر ابن أبي شيبة كعادته في مؤلفه رأيًا معاكسًا أيضًا، مرتبطًا بمفهوم "التوبة" عن شيءٍ ليس بخطيئة أو إثمٍ من الأساس.

 

وهي حسب بعض تفسيرات موجودة في القرآن:

 

{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)} النور

 

{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)} النور

 

وهناك اختلاف الآراء في معنى النص وحكمه، قال ابن أبي شيبة في المصنف:

 

136- من قَالَ : لاَ يَتَزَوَّجُ مَحْدُودٌ إلاَّ مَحْدُودَةً وَمَنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ.

17207- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : أَحَلُّ النِّسَاءِ للزَّانِي الزَّانِيَةُ قَالَ : وَسَأَلْتُ الْحَسَنَ , فَقَالَ : إنا لاَ نُفتِي فِي الْمَسْتُورِ وَلَكِنِ الْمَحْدُودُ لاَ يَتَزَوَّجُ إلاَّ مَحْدُودَةً.

17208- حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ , عَنْ لَيْثٍ , عَنِ ابْنِ سَابِطٍ أَنَّ عَلِيًّا أُتِيَ بِمَحْدُودٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً غَيْرَ مَحْدُودَةٍ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.

17209- حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ , عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ , عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ أَنَّ مَوْلاَةً لِبَنِي حَارِثَةَ جُلِدَتْ حَدَّ الزِّنَا فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَاسْتَشَارَ أَبَا هُرَيْرَةَ , فَقَالَ : لاَ ، إلاَّ أَنْ تَكُونَ عَمِلْتُ مِثْلَ عَمَلِهَا.

17210- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ , عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَجُلاً أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَةً , فَقَالَتْ : إنِّي أَخْشَى أَنْ أَفْضَحَكَ ، إنِّي قَدْ بَغَيْتُ ، فَأَتَى عُمَرَ , فَقَالَ : أَلَيْسَتْ قَدْ تَابَتْ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَزَوِّجْهَا.

 

 لكن للدقة ففي الباب الذي قبله وعند ابن كثير والطبري فهم للنص بأن الزاني _وهي كلمة شتيمة خرافية تابوهية لا قيمة لها عندي كملحد مؤمن بحرية الصداقات الخاصة المحترمة_لا يعاشر إلا من هي موصوفة بنفس هذه الكلمة الخرافية البدائية، أو أن الداعر دافع المال للبغايا هو وهن بلا إيمان.

 

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)} النور

 

لقد أكد علماء النفس والاجتماع والفلاسفة منذ عصر النهضة وحتى اليوم أن الحرية الجنسية والحريات البراجماتية التي لا تضر أحدًا وتسعد الناس مفيدة للكل، واليوم أكثر الدول تقدمًا وازدهارًا فيها حرية جنسية منطلقة لدرجة الفوضى الشديدة أحيانًا، لكن هذا في العموم مفيد وغير مضر لو تم بنظام وحذر من انتقال أي أمراض جنسية، بإطالة وتحديد العلاقات الحرة، وعدم تعددها وتنوعها بكثرة، بحيث يلتزم العشقاء ببعضهم البعض، على الأقل لفترات طويلة، ربما في دول ثقافتها الجهل والفقر وأن الجنس للإنجاب لا تصلح ثقافة كهذه، في الغرب المال والخير كثير ونساؤهم قادرات على شراء موانع الحمل من أجودها لو لم يتفق الطرفان على الإنجاب من علاقتهما، ولو حدث بالصدفة حمل فلا مشكلة عندهم، لوفرة الأرزاق والأعمال وجودة الحياة والمرتبات، أما في دولنا النامية في هذا العصر بدون وعي طبي من الأصل ولا مفهوم الأخلاق العلمانية ولا وفرة مالية فسيكون ذلك صعبًا تطبيقه على دهماء رعاع يهوون الإنجاب في بلدان تنفجر سكانيًّا وتعاني الفقر وقلة الوظائف والأرزاق وشح وعسف أصحاب رؤوس الأموال، الذين أكثرهم نصابون أو مقتّرون بخلاء جشعون.

{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)} البقرة

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)} الممتحنة

 

روى البخاري:

 

2732- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ ...إلخ ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حَتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ .إلخ

 

2733 - وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ وَبَلَغْنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ أَنَّ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ قَرِيبَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ وَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى أَبُو جَهْمٍ فَلَمَّا أَبَى الْكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ } وَالْعَقْبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إِلَى مَنْ هَاجَرَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ وَمَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إِيمَانِهَا وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرِ بْنَ أَسِيدٍ الثَّقَفِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي الْمُدَّةِ فَكَتَبَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ أَبَا بَصِيرٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

 

وقال الطبري في تفسيره:

 

حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: وقال الزهريّ: لما نزلت هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ) ... إلى قوله: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) كان ممن طلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأته قريبة ابنة أَبي أمية بن المغيرة، فتزوّجها بعده معاوية بن أبي سفيان، وهما على شركهما بمكة، وأم كلثوم ابنة جرول الخزاعية أم عبد الله بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حُذافة بن غانم رجل من قومه، وهما على شركهما، وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو التيمي كانت عنده أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، ففرّق بينهما الإسلام حين نهى القرآن عن التمسك بعصم الكوافر، وكان طلحة قد هاجر وهي بمكة على دين قومها، ثم تزوّجها في الإسلام بعد طلحة خالد بن سعيد بن العاص بن أُمية بن عبد شمس. ...إلخ

 

لا يوجد ما يمنع زواج أو معاشرة أي من الذكر والأنثى للآخر من البشر، إذا وُجِد الانجذاب أو الحب والتآلف، كلنا بشر وجنس ونوع واحد، للمسلمين الحرية أن يعتقدوا ويمارسوا ما شاؤوا، لكن لاحظْ أنهم يفرضون هذا بالقمع والعنف وربما حتى القتل على كل الأفراد، حتى لو أرادوا إرادة تامًّا مخالفته وفعل عكسه، من الأفلام المثيرة للإعجاب عن هذا الموضوع الفلم الهندي My name is Khan. حيث يتزوج المسلم المصاب بمرض شبيه بالتوحد لكنه طيب وذكيّ من امرأة هندوسية يحبها، ورغم أن الفلم مفتعل لكن بعض أفكاره جيدة حقًّا وعلمانية وتحررية. كذلك يحرم على المرأة المسلمة الزواج من مسيحي أو يهودي أو ملحد حتى لو أرادت عكس ذلك، زواج أو معاشرة امرأة مسلمة لغير مسلم يؤدي عادةً لقتلها وقتل الحبيب. ويعتبر خروجًا لها من الدين. في حين يسمحون للرجال المسلمين بالزواج من الكتابيات لأن للرجل السيطرة على الأسرة ودين الأطفال. لا يوجد أفضلية لإنسان على آخر لاختلاف معتقده الخرافيّ عن الآخر، العقائد والأديان ليست فضائل للشخص في حد ذاتها، بل سلوكيات وأفعال الشخص هي ما تحدد قيمته الإنسانية والأخلاقية.

 

{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)} المائدة

 

تحريم القبلات والعلاقات الجنسية الحرة

 

روى مسلم:

 

[ 2763 ] حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو كامل فضيل بن حسين الجحدري كلاهما عن يزيد بن زريع واللفظ لأبي كامل حدثنا يزيد حدثنا التيمي عن أبي عثمان عن عبد الله بن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له قال فنزلت { أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين }  قال فقال الرجل ألي هذه يا رسول الله قال لمن عمل بها من أمتي

 

[ 2763 ] حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر عن أبيه حدثنا أبو عثمان عن بن مسعود أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنه أصاب من امرأة إما قبلة أو مسا بيد أو شيئا كأنه يسأل عن كفارتها قال فأنزل الله عز وجل ثم ذكر بمثل حديث يزيد

 

[ 2763 ] حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة واللفظ ليحيى قال يحيى أخبرنا وقال الآخران حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها فأنا هذا فاقض في ما شئت فقال له عمر لقد سترك الله لو سترت نفسك قال فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فقام الرجل فانطلق فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا دعاه وتلا عليه هذه الآية { أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين }  فقال رجل من القوم يا نبي الله هذا له خاصة قال بل للناس كافة

ورواه البخاري 526

 

ورواه أحمد:

 

4290 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، أَنَّهُ: سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنِّي أَخَذْتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ، فَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا، قَبَّلْتُهَا وَلَزِمْتُهَا، وَلَمْ أَفْعَلْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَافْعَلْ بِي مَا شِئْتَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَذَهَبَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَ اللهُ عَلَيْهِ لَوْ سَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ فَأَتْبَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ، فَقَالَ: " رُدُّوهُ عَلَيَّ "، فَرَدُّوهُ عَلَيْهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] إِلَى: {الذَّاكِرِينَ} [الأحزاب: 35] فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: أَلَهُ وَحْدَهُ أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً يَا نَبِيَّ اللهِ ؟، فَقَالَ: " بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً ".

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سماك، وهو ابن حرب، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي. وهو في "مصنف عبد الرزاق " (13829) ، وفي "تفسيره " ج 1/ق2/314-315، ومن طريقه أخرجه الطبري في "تفسيره " (18670) . وأحمد برقم (3653) . وانظر البخاري 526 بمثلهم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

دراسة نقدية لمصادرة الحريات في باقي الأحاديث

 

تحريم الرسم والنحت والموسيقى

 

راجع باب التشريعات الشاذة والباطلة

 

تحريم الحرير والذهب

 

راجع باب التشريعات الشاذة والباطلة

 

وأضيف هنا أن الإسلام يحرم على الناس أبسط المتع ومباهج الحياة مقابل وعود وهمية بلا قيمة، روى البخاري:

 

5832 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ أَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ شَدِيدًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا فَلَنْ يَلْبَسَهُ فِي الْآخِرَةِ

 

5833 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ يَقُولُ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ

 

وروى أحمد:

 

6556 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَسْتَاذَ الْهِزَّانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو الْهِزَّانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ لَبِسَ الذَّهَبَ مِنْ أُمَّتِي، فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ ذَهَبَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ مِنْ أُمَّتِي، فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ حَرِيرَ الْجَنَّةِ "

 

إسناده صحيح، ميمون بن أستاذ: روى عنه جمع، ووثقه ابن معين -فيما نقله ابنُ أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/233 وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وسيأتي برقم (6947) و (6948) .

تحريم تزين النساء وعمليات التجميل

 

راجع باب التشريعات الشاذة والباطلة، ومنه تحريم الشعر المستعار على امرأة متزوجة أصيبت بالصلع!

 

وأضيف عليه هنا ما رواه أحمد:

 

6850 - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَتْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ رُقَيْقَةَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: " أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكِي بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقِي وَلَا تَزْنِي، وَلَا تَقْتُلِي وَلَدَكِ، وَلَا تَأْتِي بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ، وَلَا تَنُوحِي ، وَلَا تَبَرَّجِي تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. ابن عياش -وهو إسماعيل- إذا حدث عن الشاميين، فحديثُه عنهم جيد، وحديثُه هنا عن سليمان بن سُليم الشامي. خلفُ بن الوليد: هو البغدادي العتكي، وثقه ابنُ معين وأبو زرعة وأبو حاتم، ولم يرْو له أصحابُ الكتب الستة. وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/37، وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات. قلنا: فاته أن ينسبه لأحمد.//وله شاهد من حديث أميمة بنت رُقيقة، سيرد 6/357 = 27008، وهو عند ابن حبان برقم (4553) ، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر البخاري 4895.

 

تحريم الموت أو الإماتة الرحيمة

 

راجع باب التشريعات الشاذة والباطلة

 

تحريم العطور على النساء

 

راجع باب العنصرية ضد المرأة ومكررًا في باب التشريعات الشاذة

 

تحريم ألعاب الذكاء كالشطرنج والدومينو

 

راجع باب التشريعات الشاذة

 

تحريم كلام اثنين منفردين مع بعضهما (التناجي)

 

سبق وذكرت هذا التعليم والأمر الشمولي في القرآن، وهي سياسة ربما لم تفكر فيها أعتى الدول الشمولية، ففي أشدها دكتاتورية لا يحرمون الكلام الغير معلن، وبعضهم اعتبر وجود ثلاثة هو اجتماع ممنوع! نفس سياسات محمد الإسلامية.

 

روى البخاري:

 

6288 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ح و حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ

 

6290- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى رَجُلَانِ دُونَ الْآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ أَجْلَ أَنْ يُحْزِنَهُ

 

ورواه مسلم 2183 و2184

 

وروى أحمد:

 

4564 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً، فَلَا يَتَنَاجَ اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ "، وَقَالَ مَرَّةً: " إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى أَنْ يَتَنَاجَى الرَّجُلَانِ دُونَ الثَّالِثِ، إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة. عبد الله بن دينار: هو العدوي. وأخرجه الحميدي (645) ، وابنُ ماجه (3776) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه مالك 2/988، ومن طريقه ابن حبان (582) ، والبغوي في "شرح السنة" (3509) عن عبد الله بن دينار، به. وأخرجه الحميدي (645) أيضاً عن صالح بن قدامة، وابنُ حبان (580) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، وابنُ عدي 4/1596 من طريق عبد الرحمن بن أبي  الرجال، ثلاثتهم عن عبد الله بن دينار، به. وقال ابن عدي: وهذا مشهور عن عبد الله بن دينار. وقد سلف برقم (4450) . ورواه أحمد (4564) و (4664) و (4685) و (4871) و (4874) و (5023) و (5046) و (5258) و (5281) و (5425) و (5501) و (6024) و (6057) و (6062) و (6085) و (6264) و (6270) و (6338) . وسيرد ذكر أحاديث الباب في مسند ابن عمرو برقم (6647) ، وانظر حديث ابن مسعود المتقدم برقم (3560) وحديث ابن مسعود عند البخاري (6290) ، ومسلم (2184) ، سلف برقم (3560) . وآخر من حديث ابن عمر عند مسلم (2183) ، سلف برقم (6264) و (6270) . وآخر من حديث ابن عباس عند أبي يعلى (2444) ، أورده الهيثمي في "المجمع" 8/64، وقال: رواه أبو يعلى...، والطبراني في "الأوسط"، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح غير الحسن بن كثير، ووثقه ابنُ حبان.

 

5281 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ أَنَا وَرَجُلٌ آخَرُ فَدَعَا رَجُلًا آخَرَ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَرْخِيَا " فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَنْتَجِيَ اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله بن دينار: هو مولى ابن عمر. وهو مكرر (4564) و (5258) ، وسلف أيضاً برقم (4450) .

 

عدم احترام تعدد الآراء واعتبار الرأي الأوحد هو الإسلامي في نظام فكري واجتماعي شمولي فاشيّ

 

روى مسلم:

 

[ 37 ] حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا حماد بن زيد عن إسحاق وهو بن سويد أن أبا قتادة حدث قال كنا عند عمران بن حصين في رهط منا وفينا بشير بن كعب فحدثنا عمران يومئذ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء خير كله قال أو قال الحياء كله خير فقال بشير بن كعب إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة أن منه سكينة ووقارا لله ومنه ضعف قال فغضب عمران حتى احمرتا عيناه وقال ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعارض فيه قال فأعاد عمران الحديث قال فأعاد بشير فغضب عمران قال فما زلنا نقول فيه إنه منا يا أبا نجيد إنه لا بأس به حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر حدثنا أبو نعامة العدوي قال سمعت حجير بن الربيع العدوي يقول عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث حماد بن زيد

 

ورواه أحمد:

 

19999 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْعَدَوِيِّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي رَهْطٍ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ فِينَا بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ فَحَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ " أَوْ " إِنَّ الْحَيَاءَ خَيْرٌ كُلُّهُ " . فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ إِنَّا لَنَجِدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ - أَوْ قَالَ الْحِكْمَةِ أَنَّ مِنْهُ سَكِينَةً وَوَقَارًا لَلَّهِ وَمِنْهُ ضَعْفًا، فَأَعَادَ عِمْرَانُ الْحَدِيثَ، وَأَعَادَ بُشَيْرٌ مَقَالَتَهُ حَتَّى ذَكَرَ ذَاكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَغَضِبَ عِمْرَانُ حَتَّى احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعْرِضُ فِيهِ لِحَدِيثِ الْكُتُبِ قَالَ: فَقُلْنَا يَا أَبَا نُجَيْدٍ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنَّهُ مِنَّا فَمَا زِلْنَا حَتَّى سَكَنَ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الخطيب في "الأسماء المبهمة" ص 36 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (37) (61) ، وأبو داود (4796) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (553) ، وأبو نعيم في "الحلية" 6/262، ومن طريقه المزي في ترجمة أبي قتادة العدوي من "تهذيب الكمال" 34/198 من طرق عن حماد بن زيد، به. ولم يذكر أبو نعيم قصة بشير. وانظر أحمد19817 و19830 و19914

 

ورواه البخاري:

 

6117 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ إِنَّ مِنْ الْحَيَاءِ وَقَارًا وَإِنَّ مِنْ الْحَيَاءِ سَكِينَةً فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صَحِيفَتِكَ

 

مثال للشمولية وعدم الاستفادة من الآراء الأخرى كتنوع وغنى وتصحيح. والحقيقة أنه باستثناء من درسوا علم الأديان ومقارنتها بحرية مستقلين بجهدهم الخاص، من الكتاب المشهورين، فلا يمكن لأقسام علم الأديان في المعاهد الدينية كالأزهر وكليات دار العلوم الموسومة بالصبغة الدينية المتعصبة أن تُخرِج مفكرين حقيقيين لهم أي تميز أو فكر حقيقي، بل فقط مجرد أبواق ممجدة للإسلام على طول الخط تلتزم بنشيد الجوقة وتطير ضمن السرب وتسير مع القطيع.

 

عقيدة إجماع الأمة كمصدر معصوم

 

روى أحمد:

 

3600 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ "

 

إسناده حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النجود-، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي بكر -وهو ابن عياش-، فمن رجال البخاري، وأخرج له مسلم في "المقدمة". وأخرجه البزار (130) (زوائد) ، والطبراني في "الكبير" (8582) من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد. قال البزار: رواه بعضهم عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله. وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/177-178، ونسبه إلى أحمد والبزار والطبراني، وقال: رجاله موثقون. وأخرجه بنحوه الطيالسي (246) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 1/375-376، والطبراني في "الكبير" (8583) ، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/166-167، والبغوي في "شرح السنة" (105) ، من طرق عن المسعودي، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (8593) من طريق عبد السلام بن حرب، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله. وقوله: "فما رأى المسلمون حسناً..." أخرجه الخطيب بنحوه في "الفقيه والمتفقه" 1/167، من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قال عبد الله. وأورد طرقه الدارقطني في "العلل" 5/66-67.

 

وروى الترمذي:

 

2167 - حدثنا ابو بكر بن نافع البصري حدثني المعتمر بن سليمان حدثنا سليمان المدني عن عبد اللقه بن دينار عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن الله لا يجمع أمتي أو قال أمة محمد صلى الله عليه و سلم على ضلالة ويد الله مع الجماعة ومن شذ شذ إلى النار

 قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه و سليمان المدني هو عندي سليمان بن سفيان وقد روى عنه أبو داود الطيالسي و أبو عامر العقدي وغير واحد من أهل العلم

 قال ابو عيسى وتفسير الجماعة عند أهل العلم هو أهل الفقه والعلم والحديث قال وسمعت الجارود بن معاذ يقول سمعت علي بن الحسين يقول سألت عبد الله بن المبارك من الجماعة ؟ فقال ابو بكر و عمر قيل له قد مات أبو بكر و عمر قال فلان وفلان قيل له قد مات فلان وفلان فقال عبد الله بن المبارك أبو حمزة الشكري جماعة

 قال أبو عيسى و أبو حمزة هو محمد بن ميمون وكان شيخا صالحا وإنما قال هذا في حياته عندنا

 

قال الألباني: صحيح دون ومن شذ

 

ورواه الحاكم في مستدركه 1/116. وله شاهد من حديث كعب بن عاصم الأشعري عند ابن أبي عاصم في "السنة" (82) و (92) . وآخر عن ابن عباس عند الحاكم 1/116. وعن الحسن مرسلاً بسند رجاله ثقات عند الطبري (13373) . وعن ابن مسعود موقوفاً عند ابن أبي عاصم (85) بسند جيد.

 

وروى الحاكم في مستدركه:

 

8664 - حدثني أبو بكر بن بالويه ثنا محمد بن أحمد بن النضر ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا أبو إسحاق الشيباني أنبأ بشير بن عمرو  أنه قال لأبي مسعود إنه كان لي صاحبان كان مفزعي إليهما حذيفة وأبو موسى وإني أنشدك الله إن كنت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا في الفتن ألا حدثتني وألا اجتهدت لي رأيك قال : فحمد الله أبو مسعود وأثنى عليه ثم قال : عليك بعظم أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله لم يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة أبدا واصبر حتى يستريح برا ويستراح من فاجر

 هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقد كتبناه بإسناد عجيب عال

 

قال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم

 

399 - حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا موسى بن هارون ثنا العباس بن عبد العظيم ثنا عبد الرزاق ثنا إبراهيم بن ميمون العدني ـ وكان يسمى قريش اليمن وكان من العابدين المجتهدين ـ قالت : قلت لأبي جعفر : والله لقد حدثني ابن طاوس عن أبيه قال : سمعت ابن عباس يقول  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبدا ويد الله على الجماعة

 قال الحاكم : فإبراهيم بن ميمون العدني هذا قد عدله عبد الرزاق وأثنى عليه وعبد الرزاق إمام أهل اليمن وتعديله حجة وقد روي هذا الحديث عن أنس بن مالك

 

إبراهيم عدله عبد الرزاق ووثقه ابن معين

 

8665 - حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الواعظ ثنا الحسين بن داود بن معاذ ثنا مكي بن إبراهيم ثنا أيمن بن نابل عن قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي رضي الله عنه قال  سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عليكم بطاعة الله وهذه الجماعة فإن الله تعالى لا يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة أبدا وعليكم بالصبر حتى يستريح برا ويستراح من فاجر

 هذا حديث لم نكتب من حديث أيمن بن نابل المكي إلا بهذا الإسناد والحسين بن داود ليس من شرط هذا الكتاب

 

وروى الطبري في تفسيره للأنعام: 65

 

13373 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: سألت ربّي أربعًا، فأعطيت ثلاثًا ومنعت واحدة: سألته أن لا يسلط على أمتي عدوًّا من غيرهم يستبيح بيضتهم، ولا يسلط عليهم جوعًا، ولا يجمعهم على ضلالة، فأعطيتهن وسألته أن لا يلبسهم شيعًا ويذيق بعضهم بأس بعض، فمنعتُ.

 

رجاله ثقات

 

وروى ابن أبي عاصم في السنة من كلام عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه:

 

85  ثنا أبو بكر ثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن يسير بن عمرو وقال سمعت أبا مسعود يقول‏: عليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة‏.‏

إسناده جيد موقوف رجاله رجال الشيخين‏.‏

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه من كلام عبد الله بن مسعود:

 

38346- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : لَمَّا بَعَثَ عُثْمَانُ إلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ اجْتَمَعَ النَّاسُ إلَيْهِ ، فَقَالُوا لَهُ : أَقِمْ لاَ تَخْرُجْ ، فَنَحْنُ نَمْنَعُك ، لاَ يَصِلُ إلَيْك مِنْهُ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : إِنَّهَا سَتَكُونُ أُمُورٌ وَفِتَنٌ ، لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَنَا أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهَا وَلَهُ عَلَيَّ طَاعَةٌ ، قَالَ : فَرَدَّ النَّاسَ وَخَرَجَ إلَيْهِ.

 

38347- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : شَيَّعْنَا ابْنَ مَسْعُودٍ حِينَ خَرَجَ ، فَنَزَلَ فِي طَرِيقِ الْقَادِسِيَّةِ فَدَخَلَ بُسْتَانًا ، فَقَضَى الْحَاجَةَ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ، وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ ، ثُمَّ خَرَجَ ، وَإِنَّ لِحْيَتَهُ لَيَقْطُرُ مِنْهَا الْمَاءُ ، فَقُلْنَا لَهُ : اعْهَدْ إلَيْنَا فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ وَقَعُوا فِي الْفِتَنِ وَلاَ نَدْرِي هَلْ نَلْقَاك أَمْ لاَ قَالَ : اتَّقُوا اللَّهَ وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ ، أَوْ يُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَجْمَعُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلاَلَةٍ.

 

يعتبر فقهاء المسلمين أن الإجماع أحد مصادر التشريع، والسؤال أي شيء هذا الذي يمكن إثبات إجماع أمة كاملة دون استثناء أفراد عليه، ومن قال أن أمتهم معصومة من تبني أمور خاطئة باطلة، فمنذ قرون أجمعوا في كتب فقههم على أن الأرض مسطحة ثابتة وأن الشمس تأتي عليها ثم ترحل لتسجد تحت عرش إلهي خرافي، وهناك إجماع بين الفقهاء مؤسسي المذاهب الأربعة على ختان وتشويه النساء جنسيًّا، وهناك إجماع على الإرهاب والقتال والعدوان، وما أكثر التشريعات الباطلة التي أنتقدها في هذا الكتاب وهي من دينهم وأجمعوا عليها، لا يختلف هذا المبدأ عن مبدأ العصمة البابوية عند الكاثوليك، الفارق الوحيد أن فكرة عصمة الأمة تؤدي إلى شمولية الحكم والحاكم والشمولية الاجتماعية، بينما تؤدي العصمة البابوية إلى انفراد البابا كما كان في العصور الوسطى بالحكم والقضاء فرديًّا، وهذه الفكرة ليس الإسلام أول من اخترعها بوضوح، قارن:

 

(18اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ. 19وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، 20لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ».) متى 18: 18-20

 

(1أَيَتَجَاسَرُ مِنْكُمْ أَحَدٌ لَهُ دَعْوَى عَلَى آخَرَ أَنْ يُحَاكَمَ عِنْدَ الظَّالِمِينَ، وَلَيْسَ عِنْدَ الْقِدِّيسِينَ؟ 2أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْقِدِّيسِينَ سَيَدِينُونَ الْعَالَمَ؟ فَإِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُدَانُ بِكُمْ، أَفَأَنْتُمْ غَيْرُ مُسْتَأْهِلِينَ لِلْمَحَاكِمِ الصُّغْرَى؟ 3أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا سَنَدِينُ مَلاَئِكَةً؟ فَبِالأَوْلَى أُمُورَ هذِهِ الْحَيَاةِ! 4فَإِنْ كَانَ لَكُمْ مَحَاكِمُ فِي أُمُورِ هذِهِ الْحَيَاةِ، فَأَجْلِسُوا الْمُحْتَقَرِينَ فِي الْكَنِيسَةِ قُضَاةً!) رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس6: 1-3

 

هذا التكبر والتغطرس وعدم تغليط الذات والتراجع عن الأحكام المخطئة الفاسدة والخرافات مألوف لدى العقل الديني المستكبر. وكان المسلمون يستعملون خرافة الإجماع لحل أي مشاكل تواجههم ما نسي محمد أن يذكره أو استجد لإضفاء شرعية زائفة على أحكام وأفكار معظمها متخلف رجعيّ. وإليك مثالًا مما أجمعوا عليه حسب هامش كتاب (الأم للشافعي):

 

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا أَوْلَى مَعَانِيهُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ عليه دَلَائِلَ منها قَوْلُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَالْإِجْمَاعُ على أَنْ لَا يُقْتَلَ الْمَرْءُ بِابْنِهِ إذَا قَتَلَهُ وَالْإِجْمَاعُ على أَنْ لَا يُقْتَلَ الرَّجُلُ بِعَبْدِهِ وَلَا بِمُسْتَأْمَنٍ من أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ وَلَا بِامْرَأَةٍ من أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ وَلَا صَبِيٍّ

 

أي إنسانٍ عاقل لن يحكم على هذا بالبطلان والفساد التشريعي وعدم العدالة ولا الدستورية، عدم مساواة نفس بشرية بأخرى تحت أي مبرر هو باطل وخبث.

      

 

فرض نمط الاعتقاد والطقوس بالعنف الجسدي والقوة والإجبار

 

روى مسلم:

 

[ 836 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب جميعا عن بن فضيل قال أبو بكر حدثنا محمد بن فضيل عن مختار بن فلفل قال سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر فقال كان عمر يضرب الأيدي على صلاة بعد العصر وكنا نصلي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب فقلت له أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما قال كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا

 

ومما روى البخاري:

 

4370 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرٍ أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَرْسَلُوا إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالُوا اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَإِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّيهَا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ مَعَ عُمَرَ النَّاسَ عَنْهُمَا قَالَ كُرَيْبٌ فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا وَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرْتُهُمْ فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهُمَا وَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَصَلَّاهُمَا فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْخَادِمَ فَقُلْتُ قُومِي إِلَى جَنْبِهِ فَقُولِي تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ أَسْمَعْكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي فَفَعَلَتْ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّهُ أَتَانِي أُنَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ

 

وقد روى هذا الحديث بُكير بن الأشج -فيما أخرجه البخاري (1233) و (4370) ، ومسلم (834) ، وأبو داود (1273) ، والدارمي (1436) ، وأبو عوانة 1/384، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/302-303، وابن حبان (1576) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/262 و457، وفي "السنن الصغير" (931) ، وفي "معرفة السنن " 2/427- عن كريب مولى ابن عباس أنهم أرسلوه إلى عائشة، فسألها عن ذلك، فقالت: سل أم سلمة.

 

وروى أحمد:

 

16943 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ عَلَى النَّاسِ يَضْرِبُهُمْ عَلَى السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، حَتَّى مَرَّ بِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، فَقَالَ: " لَا أَدَعُهُمَا، صَلَّيْتُهُمَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَقَالَ عُمَرُ: " إِنَّ النَّاسَ لَوْ كَانُوا كَهَيْئَتِكَ لَمْ أُبَالِ ".

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، عروة- وهو ابن الزبير- لم يسمع عُمر ولا تميماً غير أنه قد ثبت أن عمر نهى عن الصلاة بعد العصر كما سيرد بأسانيد صحيحة.//وأخرجه ابن شاهين في "الناسخ" (254) من طريق ابن إسحاق، عن هشام ابن عروة، بهذا الإسناد.//وأخرجه مطولاً الطبراني في "الكبير" (1281) ، وفي "الأوسط" (8679) من طريق عبد الله بن صالح، وابن حزم في "المحلى" 2/274 من طريق يحيى ابن بكير، كلاهما عن الليث بن سعد، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن ابن نوفل يتيم عروة، عن عروة، أنه قال: أخبرني تميم الدَّاري، أو أُخبرتُ أن تميماً الدَّاري ركع ركعتين ... قال الطبراني في "الأوسط": لا يُروى هذا الحديث عن تميم الداري إلا بهذا الإسناد، تفرد به الليث. قلنا: وليس في روايته الجزم بسماع عروة من تميم الداري.//وأخرجه الحارث بن أسامة (214) (زوائد) عن سعيد بن سليمان، عن بيان - وهو ابن بشر-، عن وبرة- وهو ابن عبد الرحمن المُسْلي- قال: رأى عمر رضي الله عنه تميماً الداري... فذكر نحوه.//قلنا: وهذا الإسناد منقطع أيضاً، فإن وبرة لم يلق عمر ولا تميماً؟//وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/222-223، وقال: رواه أحمد، وهذا لفظه، وعروة لم يسمع من عمر، وقد رواه الطبراني- ورجاله رجال الصحيح- في "الكبير" و"الأوسط"، ثم قال: وفيه عبد الله بن صالح، قال فيه عبد الملك ابن شعيب: ثقة مأمون، وضعفه أحمد وغيره.//وقد سلف في مسند عمر بن الخطاب برقم (101) أنه نهى علياً عن الركعتين بعد العصر، ثم رفعه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.//وفي باب نهي عمر عن الركعتين بعد العصر كذلك عن زيد بن خالد الجهني، سيرد برقم (17036) وفيه أنه رآه عمر بن الخطاب وهو خليفة ركع بعد العصر ركعتين، فمشى إليه، فضربه بالدرة وهو يصلي كما هو، فلما انصرف قال زيد: يا أمير المؤمنين، فوالله لا أدعهما أبداً بعد أن رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليهما. قال: فجلس إليه عمر، وقال: يا زيد بن خالد لولا أني أخشى أن يتخذها الناسُ سلماً إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما. وفي إسناده مجهولان.// وعن السائب بن يزيد- فيما أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/304 عن يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكاً حدثه عن ابن شهاب، عنه- أنه رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب المنكدر في الصلاة بعد العصر. وهذا إسناد صحيح. //وعن ابن مسعود- عند الطحاوي أيضاً 1/304 بإسناد صحيح- قال: كان عمر يكره الصلاة بعد العصر، وأنا أكره ما كره عمر رضي الله عنه.// وعن ابن عباس عند الطحاوي كذلك 1/305 بإسناد صحيح قال: رأيت عمر رضي الله عنه يضرب الرجل إذا رآه يصلي بعد العصر. وعن ابن عمر وأبي سعيد الخدري كذلك عند الطحاوي 1/304- 305. //وقد ثبت النهي عن الصلاة بعد العصر من نهيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (586) ، بلفظ: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس"، وسلف برقم (11033) . ومن حديث معاوية عند البخاري (587) بلفظ: إنكم لتصلون صلاة لقد صحبنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما رأيناه يصليها، ولقد نهى عنهما. يعني الركعتين بعد العصر. وسلف برقم (16908) . ومن حديث أبي هريرة عند البخاري (588) قال: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاتين: بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس. وسلف برقم (9953) . وسلف من حديث ابن عمر مرفوعاً برقم (4612) بلفظ: "لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها..." وذكرنا هناك تتمة أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: على السجدتين، أي: على الركعتين. قوله: بعد العصر: يفهم منه أنهم كانوا يصلونهما في وقت عُمر، ويُفهم من حديث تميم أنهم كانوا يصلونهما في وقته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاً. قوله: كهيئتك: كأنه أراد أن النهي بعد العصر إنما هو لوقوعهما بعد الاصفرار، وهذا مما لا يخاف على مثله تميم، ولكن يخاف على العوام، ولذلك يمنع الكل منهما بعد العصر مطلقاً، خوفاً من الوقوع في المحذور.

 

17036 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ بَكْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْأَعْمَى، يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: السَّائِبُ، مَوْلَى الْفَارِسِيِّينَ، وَقَالَ ابْنُ بَكْرٍ: مَوْلًى لِفَارِسَ، وَقَالَ حَجَّاجٌ: مَوْلَى الْفَارِسِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّهُ رَآهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ رَكَعَ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ، فَمَشَى إِلَيْهِ، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَهُوَ يُصَلِّي كَمَا هُوَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ زَيْدٌ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللهِ لَا أَدَعُهُمَا أَبَدًا بَعْدَ أَنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا " قَالَ: فَجَلَسَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَقَالَ: " يَا زَيْدُ بْنَ خَالِدٍ، لَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُلَّمًا إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى اللَّيْلِ لَمْ أَضْرِبْ فِيهِمَا "

 

إسناده ضعيف لجهالة أبي سعيد الأعمى- ويقال: أبو سعد- فقد روى عنه عطاء وابن جُريج، ولم يؤثر توثيقه عن أحد، وهو من رجال "التعجيل"، ولجهالة السائب مولى الفارسيين، فقد انفرد بالرواية عنه أبو سعيد الأعمى، ولم يُؤثر توثيقه عن غير العجلي وابن حِبَّان، وقد ترجم له الحسيني في "الإكمال" ص 158، وفات الحافظَ ابنَ حجر أن يذكره في "التعجيل"، وهو على شرطه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. ابن بكر: هو محمد بن بكر البُرساني، وحجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (3972) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" (5167) ، وابن حزم في "المحلى" 2/274- 275. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/301، والطبراني (5166) ، من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/223، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وإسناده حسن! وقد ثبت أن عمر رضي الله عنه قد نهى عن الصلاة بعد العصر بأسانيد صحاح، أوردناها في تخريج رواية تميم الداري السالفة برقم (16943) ، وذكرنا هناك أن النهي عن الصلاة بعد العصر إنما ثبت من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكرنا شواهد ذلك.

 

17036 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ بَكْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْأَعْمَى، يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: السَّائِبُ، مَوْلَى الْفَارِسِيِّينَ، وَقَالَ ابْنُ بَكْرٍ: مَوْلًى لِفَارِسَ، وَقَالَ حَجَّاجٌ: مَوْلَى الْفَارِسِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّهُ رَآهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ رَكَعَ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ، فَمَشَى إِلَيْهِ، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَهُوَ يُصَلِّي كَمَا هُوَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ زَيْدٌ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللهِ لَا أَدَعُهُمَا أَبَدًا بَعْدَ أَنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا " قَالَ: فَجَلَسَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَقَالَ: " يَا زَيْدُ بْنَ خَالِدٍ، لَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُلَّمًا إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى اللَّيْلِ لَمْ أَضْرِبْ فِيهِمَا "

 

إسناده ضعيف لجهالة أبي سعيد الأعمى- ويقال: أبو سعد- فقد روى عنه عطاء وابن جُريج، ولم يؤثر توثيقه عن أحد، وهو من رجال "التعجيل"، ولجهالة السائب مولى الفارسيين، فقد انفرد بالرواية عنه أبو سعيد الأعمى، ولم يُؤثر توثيقه عن غير العجلي وابن حِبَّان، وقد ترجم له الحسيني في "الإكمال" ص 158، وفات الحافظَ ابنَ حجر أن يذكره في "التعجيل"، وهو على شرطه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. ابن بكر: هو محمد بن بكر البُرساني، وحجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (3972) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" (5167) ، وابن حزم في "المحلى" 2/274- 275. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/301، والطبراني (5166) ، من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/223، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وإسناده حسن! وقد ثبت أن عمر رضي الله عنه قد نهى عن الصلاة بعد العصر بأسانيد صحاح، أوردناها في تخريج رواية تميم الداري السالفة برقم (16943) ، وذكرنا هناك أن النهي عن الصلاة بعد العصر إنما ثبت من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكرنا شواهد ذلك. وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (4612) .

 

 

سياسة لا تتبعها اليوم أي دولة متحضرة، ففي الغرب المتقدم كل شخص حر أن يؤدي أي طقوس يريد أو يتبع أي مذهب أو شعيرة يريد، أن يؤسس طائفة دينية ومذهبًا، أو حتى ديانة جديدة، وأن يدعو لها ضمن حريات الأديان والاعتقاد، بصورة تثير عجب الشرقيين لكثرة المذاهب والأديان في دول الغرب وخاصة أمركا بدون أي مشاكل ناجمة عن ذلك عمومًا. وقد تجد شخصًا غربيًّا تابعًا لطائفة _الكاثوليك مثلًا_لكنه يرفض عمل بعض طقوسها ولا يعتقد بها باختيار منه لما يريد الاعتقاد به، مثلًا عدم الاعتراف بطقس تناول القربان الذي من  خبز وبعض خمر أو نبيذ أو طقس الاعتراف بالخطايا للقس، ربما هذا أشبه بأن يرفض مسلم الرد على أدعية خطبة الخطيب بكلمة آمين مثلًا. وبعد فهل يأتي عصر تصير فيه الخرافات الدينية متبعة من أقليات فقط وأكثرية البشر من العقلانيين، بحيث تحاصر الدول المتقدمة الأديان تمامًا وتضع قيودًا على مواعظها وخرافاتها وتمنع تحريضها على الثقافة الظلامية وثقافة الكراهية أو حتى تمنعها تمامًا من الممارسة بإجراآت قانونية تحجيمية غير عنيفة؟! مسألة من السابق للأوان جدًّا مناقشتها، لكن اقتراحي أن ذلك لا يصح وفقًا للمبدأ العلماني والديمقراطي، يجوز فقط للدولة منع الدين من إحداث الأضرار بالدولة وعقول أفرادها بإلزام دعاته بالاعتدال في مناهجهم الخرافية دومًا. أما أسلوب عمر المشهور في ضربه للناس فغير لائق ولا يصلح لشعب محترم يرفض إهانة كرامته، وهنا وصل الأمر لضرب شخص أثناء صلاته! كان لعمر تعصبه الديني وعدالته الدينية الشكلية، وممن كتبوا عنه بإنصاف واعتدال مالك مسلماني في (عمر بن الخطاب، السيرة المتوارية)، وكتب آخر عنه بتهجم صحيح بعنوان (عمر بن الخطاب، المسكوت عنه في تاريخ مصر)

 

كتابة تونسية بعد ثورة تونس تقول: علمانية  أي: لائكية إن شاء الله!

 

روى أحمد:

 

20400 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: خَرَجْتُ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: فَجَعَلَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِهِ يَسْتَقْبِلُونَ الْجِنَازَةَ فَيَمْشُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ، وَيَقُولُونَ: رُوَيْدًا بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ، قَالَ: فَلَحِقَنَا أَبُو بَكَرَةَ مِنْ طَرِيقِ المِرْبَدِ، فَلَمَّا رَأَى أُولَئِكَ، وَمَا يَصْنَعُونَ حَمَلَ عَلَيْهِمْ بِبَغْلَتِهِ، وَأَهْوَى لَهُمْ بِالسَّوْطِ، وَقَالَ: " خَلُّوا ، فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّا لَنَكَادُ أَنْ نَرْمُلَ بِهَا "، وَقَالَ يَحْيَى مَرَّةً: لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو القطان، وهو من رجال الشيخين. وعيينة: هو ابن عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني، وهو وأبوه ثقتان روى لهما البخاري في "الأدب المفرد" وأصحاب السنن.//وأخرجه الطيالسي (883) ، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/127، وأبو داود (3182) و (3183) ، والبزار في "مسنده" (3680) ، والنسائي 4/42-43، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/477، وابن حبان (3043) ، والحاكم 3/446، والبيهقي 4/22 من طرق عن عيينة بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.//ورواية أبي داود والبيهقي: في جنازة عثمان بن أبي العاص، بدل عبد الرحمن ابن سمرة. ورواية الطحاوي على الشك: عثمان بن أبي العاص أو عبد الرحمن ابن سمرة، قال البخاري: وعثمان وهم.//وقد سلف الحديث مختصراً برقم (20375) و (20388) . وانظر أحاديث الباب في الموضع الأول.

وعبد الرحمن بن سمرة: هو ابن حبيب بن عبد شمس، أبو سعيد، صحابي، افتتح سجستان، ثم سكن البصرة، ومات بها سنة خمسين أو بعدها.

قوله: رويداً، قال السندي، أي: أمهلوا ولا تستعجلوا في المشي. المربد: بكسر الميم، موضع بالبصرة. حمل عليهم... إلخ: تخويفاً لهم على ذلك. خلُوا: أي: اتركوا الناس ليستعجلوا.

 

نموذج لأسلوب الفظاظة والبداوة الهمجية واللاتمدن والشمولية وفرض نمط السلوك الوطقوس على الناس بالعنف والتهوس، وعدم احترام الناس والإنسانية. سلوكيات كهذه لا تختلف البتة عن سلوكيات جماعات ما يسمونه بزعمهم "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وحقيقة أن اسمها الحقيقي هو "الجماعات المتطرفة لفرض الشمولية الدينية بالعنف والإجبار والفاشيّة".

 

وروى أحمد مثالًا آخر مماثلًا، ربما أقل تطرفًا في التطبيق العنيف من السابق أعلاه:

 

16972 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ الرَّحَبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ غَابِرٍ الْأَلْهَانِيَّ، قَالَ: دَخَلَ الْمَسْجِدَ حَابِسُ بْنُ سَعْدٍ الطَّائِيُّ، مِنَ السَّحَرِ - وَقَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَى النَّاسَ يُصَلُّونَ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: " مُرَاءُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، أَرْعِبُوهُمْ، فَمَنْ أَرْعَبَهُمْ، فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَرَسُولَهُ "، فَأَتَاهُمُ النَّاسُ، فَأَخْرَجُوهُمْ، قَالَ: فَقَالَ: " إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي مِنَ السَّحَرِ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ "

 

أثر إسناده صحيح إلى حابس بن سعد. رجاله ثقات رجال الصحيح، سوى عبد الله بن غابر فمن رجال البخاري في "الأدب المفرد" والنسائي وابن ماجه، وحابس بن سعد فلم يرو له سوى ابن ماجه. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني. وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/375-376 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" ج4/ (3564) من طريقَ أبي اليمان الحكم بن نافع، عن حريز بن عثمان، بهذا الإسناد. وقال ابن سعد في "الطبقات" 7/431-432 أخبرت عن أبي اليمان، عن  حريز، به. وقد وقع فيه وهم في متنه يصحح من هنا. وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/16، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفيه عبد الله بن عامر، ولم أجد من ذكره. قلنا: سلف منا أنه تصحيف غابر، وأنه ممن رجال التهذيب. وقال الحافظ في "الإصابة" 1/272: هذا موقوف صحيح الإسناد.

 

بالتأكيد هذا سلوك تدخل في حريات الآخرين التعبدية وحق ممارسة ما شاؤوا من عبادات وطقوس يعكس خللًا نفسيًّا ما، وما أكثر الاضطرابات النفسية التي يسببها التطرف الديني والشمولية.

 

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه:

 

6744- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ ، قَالَ : رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَى الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعِشَاءِ ، وَيَقُولُ : أَسَمَرٌ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَنَوْمٌ آخِرَهُ ؟.

 

إسناده لا بأس به

 

هل تختلف أفعال كهذه عن أفعال الجماعات الإرهابية الدينية والشمولية أو الجماعة الشمولية التي تسمي نفسها "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" من الظلاميين المعقدين نفسيًّا تحت رعاية ودعم الحكومة والأسرة الحاكمة السعودية؟!

 

وروى عبد الرزاق من ضمن التحكم في الشعائر ومنع الممارسات الصوفية التعبدية الذِكْرية منذ ظهرت في أول عهدها:

 

5408 - عبد الرزاق عن بن عيينة عن بيان عن قيس بن أبي حازم قال ذكر لابن مسعود قاص يجلس بالليل ويقول للناس قولوا كذا قولوا كذا فقال إذا رأيتموه فأخبروني فأخبروه قال فجاء عبد الله متقنعا فقال من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا عبد الله بن مسعود تعلمون انكم لأهدى من محمد وأصحابه وإنكم لمتعلقين بذنب ضلالة

 

5409 - عبد الرزاق عن جعفر قال أخبرنا عطاء بن السائب قال لا أعلمه الا عن أبي البختري قال بلغ عبد الله بن مسعود أن قوما يقعدون من المغرب إلى العشاء يسبحون يقولون قولوا كذا قولوا كذا قال عبد الله إن قعدوا فآذنوني بهم فلما جلسوا آذنوه فانطلق إذا آذنوه فدخل فجلس معهم وعليه برنس فأخذوا في تسبيحهم فحسر عبد الله عن رأسه البرنس وقال أنا عبد الله بن مسعود فسكت القوم فقال لقد جئتم ببدعة ظلماء أو لقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علما قال فقال رجل من بني تميم ما جئنا ببدعة ظلماء وما فضلنا أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علما فقال عمرو بن عتبة بن فرقد أستغفر الله يا بن مسعود وأتوب إليه قال فأمرهم أن يتفرقوا ورأى بن مسعود حلقتين في مسجد الكوفة فقال ايتكما كانت قبل صاحبتها فقالت إحداهما نحن قال للأخرى تحولوا إليهم فجعلها واحدة

 

5410 - عبد الرزاق عن معمر عن عطاء بن السائب قال سمع بن مسعود بقوم يخرجون إلى البرية معهم قاص يقول سبحوا ثم قال أنا عبد الله بن مسعود ولقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علما أولقد جئتم ببدعة ظلماء وإن تكونوا قد أخذتم بطريقتهم فقد سبقوا سبقا بعيدا وإن تكونوا خالفتموهم فقد ضللتم ضلالا بعيدا على ما تعددون أمر الله

 

وكان عمر ومن بعده يفرضون رقابة على القصاصين الذين قد ينقلون من كتب الأبوكريفا والهاجادة والكتاب اليهومسيحي المقدس لضمان عدم معارضة ومناقضة القرآن والأحاديث المحمدية والتقاليد الإسلامية، لدرجة التهديد بالقتل لمن يقدم على مخالفة ذلك، فروى عبد الرزاق:

 

5400 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال أول من قص تميم الداري على عهد عمر أستأذنه في كل جمعة مقاما فأذن له فكان يقوم قال ثم استزاده مقاما آخر فزاده فلما كان عثمان استزاده مقاما آخر فكان يقص في الجمعة ثلاث مرات قال معمر وسمعت غير الزهري يقول كان عمر إذا مر به وهو يقص أمر على حلقه السيف

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

26715- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَن سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، قَالَ : كَتَبَ عَامِلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إلَيْهِ ، أَنَّ هَاهُنَا قَوْمًا يَجْتَمِعُونَ فَيَدْعُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِلأَمِيرِ ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ : أَقْبِلْ وَأَقْبِلْ بِهِمْ مَعَك ، فَأَقْبَلَ ، وَقَالَ عُمَرُ لِلْبَوَّابِ : أَعِدَّ لِي سَوْطًا ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى عُمَرَ أَقْبَلَ عَلَى أَمِيرِهِمْ ضَرْبًا بِالسَّوْطِ ، فَقَالَ : يَا أمير المؤمنين ، إنَّا لَسْنَا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْنِي أُولَئِكَ قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ.

26717- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَن سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ ، قَالَ : رَآنِي أَبِي وَأَنَا عِنْدَ قَاصٍّ ، فَلَمَّا رَجَعت أَخَذَ الْهِرَاوَةَ ، قَالَ : قَرْنٌ قَدْ طَالَعَ الْعَمَالِقَةَ.

 

26721- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ ، عَن خَبَّابٍ ، قَالَ : رَأَى ابْنَهُ عِنْدَ قَاصٍّ ، فَلَمَّا رَجَعَ اتَّزَرَ وَأَخَذَ السَّوْطَ وَقَالَ : أَمَعَ الْعَمَالِقَةِ ، هَذَا قَرْنٌ قَدْ طَلَعَ.

 

وروى أحمد:

 

24005 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ مَسْجِدَ حِمْصَ قَالَ: وَإِذَا النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ ؟ قَالُوا: كَعْبٌ يَقُصُّ، قَالَ: يَا وَيْحَهُ، أَلَا سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا يَقُصُّ إِلَّا أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ أَوْ مُخْتَالٌ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسنٌ من أجل صالح بن أبي عَرِيب، فهو صدوق حسن الحديث. أبو عاصم: هو الضحاك بن مَخْلَد النبيل، وعبد الحميد: هو ابن جعفر.

وأخرجه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/8، والبزار في "مسنده" (2762) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (100) من طريق أبي عاصم النبيل، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (23972) .

 

ليس عندي شك رغم تحسينهم لإسناده أنه كلام ملفق متأخر التلفيق.

 

23972 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، قَالَ: دَخَلَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ هُوَ وَذُو الْكَلَاعِ مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ لَهُ عَوْفٌ: عِنْدَكَ ابْنُ عَمِّكَ (1) فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ: أَمَا إِنَّهُ مِنْ خَيْرِ أَوْ مِنْ أَصْلَحِ النَّاسِ فَقَالَ عَوْفٌ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا يَقُصُّ إِلَّا أَمِيرٌ، أَوْ مَأْمُورٌ، أَوْ مُتَكَلِّفٌ " (2)

 

(1) تحرف في (م) و (ظ2) و (ق) إلى: عنك أم عمك، والمثبت من "جامع المسانيد" لابن كثير، وابن عمِّ ذي الكلاع هو كعب كما جاء في بعض مصادر التخريج: وهو ابن مانع الحِمْيري، المشهور بكعب الأحبار، وهو كعب بن ماتع الحميري المعروف بكعب الأحبار، الذي كان يهودياً وأسلم بعد وفاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان من علماء اليهود، قدم المدينة من اليمن في أيام عمر رضي الله عنه، فجالس أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية، ويحفظ عجائب. انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 3/489-494.

 ومعنى قول عوف هذا: "عندك ابن عمِّك" أي: خذه وأسكته، والله أعلم، فعند، قال في "لسان العرب": قد يُغرى بها فيقال: عندك زيداً، أي: خذه... وقال سيبويه: وقالوا: عندَكَ، تحذره شيئاً بين يديه أو تأمره أن يتقدم، وهو من أسماء الفعل لا يتعدَّى.

(2) صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد سقط منه أكثر من راوٍ على التوالي بين بكير بن عبد الله بن الأشج وعوف بن مالك، وجاء ذكرهم في الرواية الآتية برقم (23994) من طريق عمرو بن الحارث المصري -وهو ثقة من رجال الشيخين- عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج وابن أبي حفصة، عن عبد الله بن يزيد -وقيل: زيد- قاصِّ مَسْلمة في القسطنطينية، عن عوف بن مالك، وقد تابع الضحاكَ بن عثمان -وهو ابن عبد الله ابن خالد الأسدي- في روايته عن بكير مرسلاً محمدُ بن عَجْلان عند ابن وهب في "جامعه" (574) ، والضحاك وابن عجلان قويان، فلعل بكيراً قد روى هذا الحديث على الهيئتين مرسلاً ومتصلاً، وعلى أي حال فالرواية المتصلة فيها عبد الله بن زيد قاصُّ مسلمة، وهو مجهول الحال، ولكنه متابع، فقد تابعه ذو الكلاع الحميريُّ فيما سيأتي برقم (23974) و (24001) ، وكثير بن مرة فيما سيأتي برقم (24005) ، وإسناد الروايتين متصل حسنٌ .

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (4074) من طريق زيرك أبي العباس، عن عبد الرحمن بن مغراء، عن الضحاك بن عثمان، عن بُكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد وسليمان بن يسار، عن عوف بن مالك.. وذكر الحديث. قلنا: تفرد بروايته من طريق بسر بن سعيد وسليمان بن يسار زيرك أبو العباس وهو مجهول.

وأخرجه ابن وهب في "الجامع" (574) عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن عجلان، عن بكير بن الأشج، مرسلاً كرواية المصنِّف. لكنه قال فيه: "أو مختال" بدل قوله: "أو متكلِّف" .

وأخرجه موصولاً البخاري في "التاريخ الكبير" 8/329، والطبراني في "الكبير" 18/ (112) ، وفي "مسند الشاميين" (1194) من طريق يزيد بن خُمَير الحِمْصي، والطبراني في "الكبير" (140) من طريق الأزرق بن قيس، كلاهما عن عوف بن مالك.. فذكر الحديث، وإسناد البخاري جيد، وأسانيد الطبراني فيها ضعف، وقال يزيد بن خُمير في روايته: "أو مختال" بدل قوله: "أو متكلِّف"، وزاد عند البخاري قوله: "أو مُراءٍ".

وأخرجه موصولاً أبو داود (3665) من طريق عباد بن عباد الخوّاص -وهو ثقة إلا عند المخالفة- عن يحيى بن أبي عمرو السَّيباني، عن عمرو بن عبد الله السَّيباني، عن عوف بن مالك. لكن خالف فيه عبادَ بن عبادٍ إبراهيم بن أبي عبلة -وهو ثقة من رجال الشيخين- عند ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/305، والطبراني في "الكبير" 18/ (121) ، وفي "الشاميين" (61) و (855) ، فأسقط

إبراهيم من إسناده عَمرَو بن عبد الله السَّيباني، ورواية إبراهيم أصح من رواية عباد فيترجح لدينا -والله أعلم- أن الحديث من طريق يحيى بن أبي عمرو السَّيباني مرسلٌ، فإنه لم يسمع من الصحابة كما قال الحافظ ابن حجر في ترجمته من "تقريب التهذيب". وجاء عندهم قوله: أو"مختال" بدل "أو متكلِّف".

وسيأتي من طريق ذي الكلاع برقم (23974) و (24001) ، ومن طريق عبد الله بن زيد -وقيل يزيد- قاصِّ مسلمة برقم (23992) و (23994) ، ومن طريق كثير بن مُرَّة برقم (24005) ، ثلاثتهم عن عوف بن مالك الأشجعي.

وانظر ما سلف برقم (18050) .

 

23974 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَزْهَرَ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، عَنْ ذِي الْكَلَاعِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "الْقُصَّاصُ ثَلَاثَةٌ: أَمِيرٌ، أَوْ مَأْمُورٌ، أَوْ مُخْتَالٌ"

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أزهر بن سعيد -وهو الحَرَازي- فهو صدوق حسن الحديث، وبقية رجال الإسناد ثقات. ذو الكَلاَع: اسمه السَّمَيْفَع، ويقال: سَمَيْفَع بن ناكور، وقيل: اسمه أيْفَع، كنيته أبو شرحبيل، أسلم في حياة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان سيِّد قومه، والصحيحُ أنه لم يَرَ النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد قُبِض وهو في بعض الطريق إليه. ومعاوية بن صالح: هو ابن حُدير الحضرمي الحِمْصي.

وأخرجه ابن وهب في "الجامع" (565) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/لوحة 141، وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" تعليقاً 3/266 من طريق معن بن عيسى القزاز، والطبراني في "المعجم الكبير" 18/ (114) من طريق إسحاق بن راهويه، ثلاثتهم (ابن وهب ومعن وابن راهويه) عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.

 

6661 - حَدَّثَنَا هَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ إِلَّا أَمِيرٌ، أَوْ مَأْمُورٌ ، أَوْ مُرَاءٍ".

 

صحيح، وهذا إسناد حسن، ابن حرملة: هو عبد الرحمن بن حرملة بن عمرو الأسلمي.

وأخرجه الدارمي 2/319 عن أبي نعيم، وابن ماجه (3753) ، وابن شبة في "تاريخ المدينة" 1/9 من طريق الأوزاعي، كلاهما عن عبد الله بن عامر، عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد. وعبد الله بن عامر ضعيف لكنه توبع بابن حرملة.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (601) ، وابنُ عدي في "الكامل" 2/668 من طريق حماد بن عبد الملك الخولاني، عن هشام بن عروة، عن عمرو بن شعيب، به. قال ابن عدي: وهذا الحديثُ لا أعلم يرويه عن هشام بن عروة غير حماد هذا، وليس هو بالمعروف، وهو عجيب من حديث هشام بن عروة، عن عمرو بن شعيب، ولا أعرف لهشام عن عمرو غيره.

وله شاهد جيد من حديث عوف بن مالك الأشجعي، سيرد 6/29.

وآخر من حديث رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سيرد 4/233.

وثالث من حديث عُبادة بن الصامت عند الطبراني في "الكبير"، فيما ذكره الهيثمي في "المجمع" 1/190، وقال: وإسناده حسن.

ورابع من حديث كعب بن عياض عند الطبراني في "الكبير" 19/ (405) ، ذكره الهيثمي في "المجمع" 1/190، وقال: وفيه عبد الله بن يحيى الإسكندراني، ولم أر من ترجمه.

وسيرد برقم (6715) .

 

وقال الخطابي في شرح الحديث في "معالم سنن أبي داوود" 4/188: بلغني عن ابن سريج أنه كان يقول: هذا في الخطبة. وكان الأمراء يتلون الخطب فيعظون الناس ويذكرونهم فيها، فأما المأمور فهو من يقيمه الإمام خطيباً فيعظ الناس ويقص عليهم، وأما المختال، فهو الذي نصب لذلك نفسه من غير أن يؤَمر له، ويقص على الناس طلباً للرياسة، فهو يرائي بذلك ويختال.

وفيه قول آخر وهو أن المراد به الفتوى في الأحكام، ذكره الخطابي في "غريب الحديث" 1/615 واستشهد له بقول حذيفة كما روى عبد الرزاق في مصنفه:

20405 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن بن سيرين قال سئل حذيفة عن شيء فقال إنما يفتي أحد ثلاثة من عرف الناسخ والمنسوخ قالوا ومن يعرف ذلك قال عمر أو رجل ولى سلطانا فلا يجد بدا من ذلك أو متكلف

 

والمقصد إذن أن يصير جميع الواعظين يجب تعيينهم من الدولة مثلما تفعل دولة مصر مثلًا فيجب وجود إجازة من وزارة الأوقاف، وهذا كفيل بمنع وجود مفكرين مسلمين رجال دين مستنيري الأفكار متحرريها بدرجات مختلفة من التحرر، لكن في عصر التعفن الفكري التام والأصولية الدينية والإرهاب والتشدد الذي نحياه في القرن الحادي عشر صارت هذه سياسة مفيدة ولا غنى عنها لمنع خطباء الإرهابيين وجماعاتهم من الوصول إلى المنابر وعقول العامة السذج الجاهلين عديمي التفكير ورديئي التعليم وعديميه لسهولة تاثيرهم عليهم وقيادتهم.

 

وكما قلت فبوضوح يخاف جهلة وعوام المسلمين من دراسة علم الأديان دراسة حقيقية علمية ومن الاطلاع على نصوص الأديان الأخرى لأنها ستكشف مدى تشابه أفكار الأديان وخرافاتها ومنطلقاتها ومصطلحاتها، وكذلك ستكشف التباس وغموض ونقص وتناقضات نص القرآن في اقتباساته الضعيفة الباهتة في كثير من الأحيان من المصادر الكتابية والأبوكريفية والربينية. وشخصيًّا لما كنت شابًّا مراهقًا وسط المسلمين من أسرتي واجهت معارضة كبيرة لدراستي الكتاب المقدس وغيره من كتب كنصوص وأفكار الهندوسية والبودية وأديان القدماء كالمصريين القدماء والسومريين والبابليين والآشوريين وغيرها، لكن لم يكن لأحد أن يثنيني عن عزيمتي وحريتي الفكرية وحقي في الاطلاع والتعلم في هذا المجال من العلوم الإنسانية.

 

سماجة أوقات الصلوات الإسلامية وخاصة الفجر والعصر والمغرب، وأن الفجر كان يفوتهم أحيانًا في عصر محمد نفسه

 

روى عبد الله بن أحمد بن حنبل:

 

• 575 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، كَتَبْتُ إِلَيْكَ بِخَطِّي وَخَتَمْتُ الْكِتَابَ بِخَاتَمِي، يَذْكُرُ أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ، حَدَّثَهُمْ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ: " أَلَا تُصَلُّونَ ؟ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا . وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَيَقُولُ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عقيل: هو ابن خالد الأيلي. وأخرجه مسلم (775) ، والنسائي 3/205 عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (955) عن يحيى بن بكير، وابن خزيمة (1140) من طريق حجين بن المثنى، كلاهما عن الليث، به. وأخرجه البخاري (7347) من طريق إسحاق بن راشد، و (7465) من طريق محمد بن أبي عتيق، كلاهما عن الزهري. ورواه أحمد برقم (571) و(575) و (705) و (900) و (901) .

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

19898 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثَنِي عِمَرانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَقَعْنَا تِلْكَ الْوَقْعَةَ، فَلَا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ الْمُسَافِرِ مِنْهَا . قَالَ: فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ فُلَانٌ، ثُمَّ فُلَانٌ، كَانَ يُسَمِّيهِمْ أَبُو رَجَاءٍ وَنَسِيَهُمْ عَوْفٌ، ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الرَّابِعُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَامَ لَمْ نُوقِظْهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ ؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ، وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ، وَكَانَ رَجُلًا أَجْوَفَ جَلِيدًا قَالَ: فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ لِصَوْتِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا الَّذِي أَصَابَهُمْ . فَقَالَ: " لَا ضَيْرَ أَوْ لَا يَضِيرُ ارْتَحِلُوا " . فَارْتَحَلَ فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ، وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ فَقَالَ: " مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ ؟ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ . قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ ؛ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ " . ...إلخ

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 4/277-279 من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (344) ، والبزار في "مسنده" ((3584) ، وابن خزيمة (113) و (271) و (987) و (997) ، وابن حبان (1301) و (1302) ، وأبو نعيم في "الدلائل" (320) من طريق يحيى القطان، به. وأخرجه كذلك عبد الرزاق (20537) ، وابن أبي شيبة 1/156 و2/67 و11/476-477، والدارمي (743) ، والبخاري (348) ، ومسلم (682) ، والنسائي 1/171، وابن خزيمة (113) و (271) و (987) و (997) ، وأبو عوانة 1/307-308 و2/256-257، وابن المنذر في "الأوسط" (176) و (509) والطحاوي 1/401، والطبراني في "الكبير" 18/ (276) و (277) ، والدارقطني 1/202، وأبو نعيم في "الدلائل" (320) ، والبيهقي في "السنن" 1/32 و218-219 و404، وفي "الدلائل" 4/276-277، والبغوي في "شرح السنة" (3717) من طرق عن عوف الأعرابي، به. وأخرجه كذلك الطيالسي (857) ، والشافعي في "مسنده" 1/43، والبخاري (3571) ، ومسلم (682) ، وأبو عوانة 1/308 و2/254- 255 و255-256، والطحاوي 1/400، والطبراني في "الكبير" 18/ (282) و (285) و (289) ، والدارقطني 1/200 و200- 201، والبيهقي في "السنن" 1/219 و219- 220، وفي "الدلائل" 4/279- 281 و6/130- 131، والبغوي (309) من طرق عن أبي رجاء العطاردي، به. وسلف من طريق الحسن عن عمران مختصراً برقم (19872) . وانظر حديث أبي قتادة الآتي 5/298، ففيه أن عمران كان حاضراً للحادثة، وانظر أحمد 19872 و19964 و19965 و19991 و3657 وانظر لذلك "فتح الباري" 1/448-454.

قال السندي: قوله: "أسرينا" الإسراء: هو سير الليل. "تلك الوقعة" المعهودة لمن نزل آخر الليل من المسافرين، والمراد بالوقعة النوم. "أجوف" يخرج صوته من جوفه بقوة. "جليداً" من الجلادة، بمعنى الصلابة. "الوَضوء" بفتح الواو، أي: الماء الذي يتوضأ به. "عليك بالصعيد" أي تيمم به.

 

* 11759 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةُ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، قَالَ وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ، قَالَ: فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَّا قَوْلُهَا يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، فَإِنَّهَا تَقْرَأُ سُورَتَيْنِ فَقَدْ نَهَيْتُهَا عَنْهَا، قَالَ: فَقَالَ: " لَوْ كَانَتْ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ لَكَفَتِ النَّاسَ "، وَأَمَّا قَوْلُهَا: يُفَطِّرُنِي، فَإِنَّهَا تَصُومُ وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَا أَصْبِرُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: " لَا تَصُومَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا " قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهَا: بِأَنِّي لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ، لَا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، قَالَ: " فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن أحمد، فقد أخرج له النسائي، وهو ثقة، وقد توبع. عثمان: هو ابن محمد بن أبي شيبة، وجرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه أبو داود (2459) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2044) ، والحاكم 1/436، والبيهقي في "السنن" 4/303 من طريق عثمان، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وأخرجه أبو يعلى (1037) ، وابن حبان (1488) من طريقين، عن جرير، به.  وسيأتي برقم (11801) . وقوله: "لا تصومَن امرأة إلا بإذن زوجها" له شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (5192) ، ومسلم (1026) ، وقد سلف 2/245.

وتفسير قوله: "إنها تقرأ سورتين" ما قاله الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 5/287 من أن ذلك محتملاً أن يكون ظن أنها إذا قرأت سورته التي يقوم بها أنه لا يحصل لهما بقراءتهما إياهما جميعاً إلا ثواباً واحداً، ملتمساً أن تكون تقرأ غير ما يقرأ، فيحصل لهما ثوابان، فأعلمه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ذلك يحصل لهما به ثوابان، لأن قراءة كل واحد منهما إياها غير قراءة الآخر إياها.  وقوله: وأنا رجل شاب، فلا أصبر: قال الحافظ في "الإصابة" في ترجمة صفوان: يشكل عليه أن عائشة قالت في حديث الإفك: إن صفوان قال: والله ما كشف كنف أنثى قط. وقد أورد لهذا الإشكال قديما البخاري، ومال إلى تضعيف حديث أبي سعيد بذلك، ويمكن أن يجاب بأنه تزوج بعد ذلك.

 

وروى البخاري:

 

344 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَقَعْنَا وَقْعَةً وَلَا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ الْمُسَافِرِ مِنْهَا فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ فُلَانٌ ثُمَّ فُلَانٌ ثُمَّ فُلَانٌ يُسَمِّيهِمْ أَبُو رَجَاءٍ فَنَسِيَ عَوْفٌ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الرَّابِعُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَامَ لَمْ يُوقَظْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ وَكَانَ رَجُلًا جَلِيدًا فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ بِصَوْتِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ قَالَ لَا ضَيْرَ أَوْ لَا يَضِيرُ ارْتَحِلُوا فَارْتَحَلَ فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ نَزَلَ فَدَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِالنَّاس فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ قَالَ عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ...إلخ

 

وانظر مسلم 681-682 وأحمد 22546 إلى 22548 و22577 و22611 و22631 و6357 و19964 و22575 و22600 والبخاري 7471 و595.

 

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

3949 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ عَفَّانُ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " عَجِبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٍ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ ، مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ وَحَيِّهِ إِلَى صَلَاتِهِ، فَيَقُولُ رَبُّنَا: أَيَا مَلَائِكَتِي، انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، ثَارَ مِنْ فِرَاشِهِ وَوِطَائِهِ، وَمِنْ بَيْنِ حَيِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ، رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي، وَرَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَانْهَزَمُوا، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْفِرَارِ، وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ، رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَرَهْبَةً مِمَّا عِنْدِي، حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ "

 

إسناده حسن إلا أن الدارقطني صحح وقفه كما يأتي، حماد بن سلمة صححوا سماعه من عطاء قبل الاختلاط، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. روح: هو ابن عبادة، عفان: هو ابن مسلم، مُرة الهمداني: هو ابن شراحيل.// وأخرجه ابن أبي شيبة 5/313، وابن أبي عاصم في "السنة" (569) ، وأبو يعلى (5361) ، من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.// وأخرجه أبو يعلى (5272) و (5362) ، والشاشي (876) ، وابن حبان (2557) و (2558) ، والطبراني في "الكبير" (10383) ، وأبو نعيم في "الحلية" 4/167، والبيهقي في "السنن " 9/164، وفي "الأسماء والصفات" ص 472، والبغوي (930) من طرق عن حماد بن سلمة، به. قال أبو نعيم: هذا حديث غريب تفرد به عطاء عن مرة، وعنه حماد بن سلمة. وقال البيهقي في "الأسماء والصفات ": رواه أبو عبيدة عن ابن مسعود من قوله موقوفاً عليه.// وقوله: "ورجل غزا في سبيل الله عز وجل " أخرجه أبو داود (2536) ، والحاكم 2/112، والبيهقي في "السنن " 9/46 من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، به. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!// وأورده الهيثمي في "المجمع " 2/255 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في "الكبير"، وإسناده حسن. وله عند الطبراني في "الكبير" نحوه موقوفاً إلا أنه قال: ورجل لا يعلم به أحد، فأسبغ الوضوء، وصلى على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحمد الله، واستفتح القراءة، فيضحك الله منه يقول: انظروا إلى عبدي لا يراه أحد غيري. وفيه أبو عبيدة، وثم يسمع من أبيه.//وأورده المنذري في "الترغيب " 1/436، وقال: رواه الطبراني موقوفاً بإسناد حسن.// قال الدارقطني في "العلل " 5/267: يرويه عطاء بن السائب عن مرة، وأختلف عنه، فرفعه حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، ووقفه خالد بن عبد الله، عن عطاء. وروى هذا الحديث قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن مرة، عن عبد الله مرفوعاً، تفرد به يحيى الحماتي، عن قيس. ورواه إسرائيل، واختلف عنه، فقال: أحمد بن يونس، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص. وأبي الكنود، عن عبد الله، موقوفاً.// وقال يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة وأبي الكنود، موقوفاً، والصحيح هو الموقوف.

 

وربما نتساءل لماذا افترض محمد هذه التوقيتات، والإجابة هي أنها مقتبسة ومتشابهة مع أوقات الصلاة عند اليهود والزردشتيين من حيث المبدإ، كما قارن جون سي بلر في (مصادر الإسلام) وغيره، ولعله فرضها كذلك في هذه الأوقات لتكون حافزًا لوجود رجاله الجنود مستيقظين طوال اليوم في هذه الأوقات، كتنشيط لهم، لأنه جعلهم في عداء مع كثير من القبائل والشعوب، فهم كانوا إما في يثرب متخوفين من هجوم مفاجئ وإما في غزوات وغارات وفتوحات وعدوان متربصين برد فعل تكتيكي للعدو يفاجئهم. وقد ذكر الواقدي في كتابه المغازي في سياق موقعة الخندق:

 

فَحَدّثَنِى قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: بَعَثْنَا ابْنَ أُخْتِنَا ابْنَ عُمَرَ يَأْتِينَا بِطَعَامٍ وَلُحُفٍ وَقَدْ بَلَغْنَا مِنْ الْجُوعِ وَالْبَرْدِ فَخَرَجَ ابْنُ عُمَرَ حَتّى إذَا هَبَطَ مِنْ سَلْعٍ - وَذَلِكَ لَيْلاً - غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ حَتّى أَصْبَحَ، فَاهْتَمَمْنَا بِهِ فَخَرَجْت أَطْلُبُهُ فَأَجِدُهُ نَائِمًا، وَالشّمْسُ قَدْ ضَحّتْهُ فَقُلْت: الصّلاةُ أَصَلّيْت الْيَوْمَ؟ قَالَ: لا، قُلْت: فَصَلّ، فَقَامَ سَرِيعًا إلَى الْمَاءِ وَذَهَبَتْ إلَى مَنْزِلِنَا بِالْمَدِينَةِ فَجِئْت بِتَمْرٍ وَلِحَافٍ وَاحِدٍ فَكُنّا نَلْبَسُ ذَلِكَ اللّحَافَ جَمِيعًا - مَنْ قَامَ مِنّا فِى الْمَحْرَسِ ذَهَبَ مَقْرُورًا ثُمّ رَجَعَ حَتّى يَدْخُلَ فِى اللّحَافِ حَتّى فَرّجَ اللّهُ ذَلِكَ.

 

الإجبار على الصلوات بالإكراه

 

وفروض الصلوات الإجبارية التي يلح المسلمون على غير الملتزم بها فيهم ما هي إلا تضييع وقت وإزعاج لمن لا يريد القيام بها من مسلم غير متدين متشكك أو لاديني عقلاني، وعندهم أنه لا يجوز أن تفوتهم إحداها، في الواقع بحسبة بسيطة فلو أني كنت معتقدًا بهذه الخرافات فأنا مدين لله الخرافي الوهمي العدم حتى اليوم بحوالي 82125 صلاة يومية عن خمسة عشر سنة منذ زمن التكليف الديني لي فعمري ثلاثون وقد كنت رجلًا من سن خمسة عشر! ولو افترضنا أن كل صلاة تستغرق خمس دقائق فقط بوضوئها وخلافه فهذا يكلفك 285 يومًا كاملة من حياتك الثمينة لأجل هراء كهذا، 285 يومًا كان يمكن تكريسها للبحث العلمي والقراءة المفيدة أو عمل نشاط خيري تطوعي للمساكين بجهودك أو حتى التسلية والخروج أو مشاهدة التلفزيون والاستفادة من برامجه.

 

{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} الماعون

 

{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)} المؤمنون

 

{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)} مريم

 

 وروى أحمد:

16614 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ صَلَاتُهُ، فَإِنْ كَانَ أَتَمَّهَا كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَتَمَّهَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَتُكْمِلُوا بِهَا فَرِيضَتَهُ ؟ ثُمَّ الزَّكَاةُ كَذَلِكَ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، حسن بن موسى: هو الأشيب، وأزرق بن قيس: هو الحارثي، ويحيى بن يعمر: هو البصري. وسيأتي من طريق عثمان، عن حماد، بهذا الإسناد. 20692 وقد روي عن حماد بإسناد آخر، فقد رواه حسن بن موسى الأشيب- كما سيأتي برقم (16950) - وعفان بن مسلم- كما سيأتي 16949- كلاهما عن حماد، عن داود بن أبي هند، عن زرارة بن أوفى، عن تميم الداري، به، مرفوعاً.//وقد رُوي من حديث أبي هريرة كما سلف برقم (7902) ، وفي إسناده اضطراب بيناه ثمة.//وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2552) من طريق عبيد الله بن محمد التميمي، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.//وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (506) . ومن طريقه أخرجه النسائي في "المجتبى" 1/233-234، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2554) ، والخطيب في "تاريخه" 6/80 عن النضر بن شميل، عن حماد بن سلمة، به، وقد سمى الصحابي أبا هريرة.//وأخرجه الحاكم 1/263 من طريق الربيع بن يحيى وسليمان بن حرب، وإبراهيم بن الحجاج، عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن رجل من الصحابة، به، ولم يذكروا يحيى بن يعمر في الإسناد.//وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/291، وقال: روى النسائي عن يحيى بن يعمر، عن أبي هريرة مثل هذا، فلا أدري أهو هذا أم لا؟ وقد ذكره الإمام أحمد في ترجمة رجل غير أبي هريرة، ورجاله رجال الصحيح. وانظر أحمد 16950 عن أبي هريرة.

 

22693 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ الْقُرَشِيَّ ثُمَّ الْجُمَحِيَّ أَخْبَرَهُ، وَكَانَ: بِالشَّامِ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ مُعَاوِيَةَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُخْدَجِيَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ بِالشَّامِ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْوَتْرَ وَاجِبٌ، فَذَكَرَ الْمُخْدَجِيُّ، أَنَّهُ رَاحَ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَذَكَرَ لَهُ: أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ: الْوَتْرُ وَاجِبٌ . فَقَالَ: عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير المخدجي -وهو أبو رفيع، وقيل: رفيع- فقد تفرد بالرواية عنه عبد الله بن محيريز، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، فهو في عداد المجهولين، لكنه قد توبع . وأخرجه ابن أبي شيبة 2/296 و14/235-236، والدارمي (1577) ، والشاشي في "مسنده" (1281) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد . وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/123، وعبد الرزاق (4575) ، والحميدي (388) ، وأبو داود (1420) ، وابن نصر في "الوتر" (11) ، والنسائي 1/230، والطحاوي في "شرح المشكل" (3167) و (3168) ، والشاشي (1284) و (1286) ، والطبراني في "الشاميين" (2181) و (2182) و (2183) ، وابن حبان (1732) ، والبيهقي 1/361 و2/8 و467 و10/217، والبغوي (977) من طرق عن يحيى ابن سعيد الأنصاري، به . وأخرجه الحميدي (388) ، والطبراني (2182) من طريق محمد بن عجلان، وابن ماجه (1401) ، وابن حبان (2417) ، والطحاوي (3169) ، والطبراني (2183) من طريق عبد ربه بن سعيد، والشاشي (1282) و (1287) ، وابن حبان (1731) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، وابن أبي عاصم في "السنة" (967) ، والطبراني (2186) من طريق نافع القارئ، والشاشي (1283) من طريق عمرو بن يحيى المازني، والطبراني (2184) من طريق سعد بن سعيد، و (2185) من طريق محمد بن إبراهيم، و (2187) ، والطحاوي (3171) من طريق عقيل بن خالد، كلهم عن محمد بن يحيى بن حبان، به . لكن ليس في رواية عمرو المازني وعقيل بن خالد ذكر المخدجي، وكذا في رواية ابن عجلان عند الطحاوي وحده . وأخرجه بنحوه الطيالسي (573) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/126 من طريق أبي إدريس الخولاني، والشاشي (1177) و (1285) من طريق الوليد بن عبادة بن الصامت، و (1265) من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب، ثلاثتهم عن عبادة . وسيأتي برقم (22720) و (22752) . وسيأتي برقم (22704) من طريق عبد الله الصنابحي عن عبادة . وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن نصر في "كتاب الوتر" (12) . وعن أبي قتادة عند أبي داود (430) ، وابن ماجه (1403) ، وابن نصر (13) .

قوله: "كذب أبو محمد" قال في "النهاية": أي: أخطأ، وسماه كذباً، لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب كما أن الكذب ضد الصدق، وإن افترقا من حيث النية والقصد، لأن الكاذب يعلم أنه كذب والمخطئ لا يعلم، وهذا الرجل ليس بمخبر، وإنما قاله باجتهاد أدَّاه إلى أن الوتر واجب، والاجتهاد لا يدخله الكذب، وإنما يدخله الخطأ، وقد استعملت العرب الكذب في موضع الخطأ، قال الأخطل:

كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أم رأيتَ بواسطِ ... غلَسَ الظلام مِن الربابِ خيالاً

وأبو محمد المسؤول عن الوتر، صحابي اختلف في اسمه، فقيل: هو مسعود ابن أوس بن يزيد، وقيل: مسعود بن زيد بن سبيع، وقيل غير ذلك . انظر "أسد الغابة" 6/280 و"الإصابة" 4/176 .

 

9486 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُؤَذِّنَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزُمُ الْحَطَبِ إِلَى قَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ"

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن نمير: هو عبد الله الهَمْداني. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/332، ومسلم (651) (252) ، وأبو داود (548) ، وابن ماجه (791) و (797) ، وابن خزيمة (1484) ، وأبو عوانة 2/5، والبيهقي 3/55 من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.//وأخرجه مسلم (651) (252) ، وابن خزيمة (1484) ، وأبو عوانة 2/5 من طريق عبد الله بن نمير، به.// وأخرجه عبد الرزاق (1987) ، والبخاري (657) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/169، وفي "شرح مشكل الآثار" (5873) ، والبغوي (792) من طرق عن الأعمش، به.//وسيأتي من طريق الأعمش برقم (10016 م) و (10100) و (10217) و (10877) ، واقتصر في الموضعين الأولين على الشطر الأول منه، وسلف هذا الشطر بنحوه من طريق سمى، عن أبي صالح برقم (7226) بلفط: "لو يعلمُ الناسُ ما في العشاء...".//وأما الشطر الثاني فقد سلف برقم (8903) من طريق عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح.

 

وروى البخاري:

 

644 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ

 

قوله: "مرماتين"، قال ابن الأثير في "النهاية" 2/269: المرماة: ظلف الشاة، وقيل: ما بين ظلفيها، وتكسر ميمه وتفتح. وقيل: المرماة -بالكسر-: السهم الصغير الذي يتعلم به الرمي، وهو أحقر السهام وأدناها، أي: لو دعي إلى أن يعطى سهمين من هذه السهام، لأسرع الإجابة، قال الزمخشري: وهذا ليس بوجيه، ويدفعه قوله في الرواية الأخرى: "لو دعي إلى مرماتين أو عرق"، وقال أبو عبيد: هذا حرف لا أدري ما وجهه، إلا أنه هكذا يفسر بما بين ظلفي الشاة، يريد به حقارته.

 

2420 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى مَنَازِلِ قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ

 

7224 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ يُحْتَطَبُ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ

 

645 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً

 

هذه التهديدات والحرص منه على جعل الصلوات علنية إجبارية كان لإجبار كل سكان يثرب، واتباعًا لسياسته في باقي الأماكن في كل بلاد شبه جزيرة العرب وكل البلدان المحكومة إسلاميًّا، على الصلوات حتى من لا يعتقد بالإسلام منهم، لإكراههم على الدين وطقوسه بالإجبار والتهديد، نموذج للإرهاب والتهديد والإكراه الديني ومصادرة الحريات ومنها حرية اختيار الاعتقاد والأفكار، وذكرنا من قبل شرح آيات قرآنية تتضمن ذلك التهديد، منها:

 

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} النور

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} الجمعة

 

وروى مسلم:

 

[ 649 ] حدثني هارون بن عبد الله ومحمد بن حاتم قالا حدثنا حجاج بن محمد قال قال بن جريج أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار أنه بينا هو جالس مع نافع بن جبير بن مطعم إذ مر بهم أبو عبد الله ختن زيد بن زبان مولى الجهنيين فدعاه نافع فقال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة مع الإمام أفضل من خمس وعشرين صلاة يصليها وحده

 

 [ 650 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة

 

 [ 650 ] وحدثني زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا حدثنا يحيى عن عبيد الله قال أخبرني نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده سبعا وعشرين

 

 [ 650 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة وابن نمير ح قال وحدثنا بن نمير حدثنا أبي قالا حدثنا عبيد الله بهذا الإسناد قال بن نمير عن أبيه بضعا وعشرين وقال أبو بكر في روايته سبعا وعشرين درجة

 

 [ 650 ] وحدثناه بن رافع أخبرنا بن أبي فديك أخبرنا الضحاك عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بضعا وعشرين

 

 [ 651 ] وحدثني عمرو الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ناسا في بعض الصلوات فقال لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم ولو علم أحدهم أنه يجد عظما سمينا لشهدها يعني صلاة العشاء

 

 [ 651 ] حدثنا بن نمير حدثنا أبي حدثنا الأعمش ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب واللفظ لهما قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار

 

 [ 651 ] وحدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن آمر فتياني أن يستعدوا لي بحزم من حطب ثم آمر رجلا يصلي بالناس ثم تحرق بيوت على من فيها

 

 [ 651 ] وحدثنا زهير بن حرب وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم عن وكيع عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه

 

 [ 652 ] وحدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص سمعه منه عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم

 

باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء

 

 [ 653 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد وإسحاق بن إبراهيم وسويد بن سعيد ويعقوب الدورقي كلهم عن مروان الفزاري قال قتيبة حدثنا الفزاري عن عبيد الله بن الأصم قال حدثنا يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء بالصلاة فقال نعم قال فأجب

 

وانظر أحمد 15490

 

نظام دولة شمولية بوضوح كما نرى، لا يختلف عن دولة بني أمية وحكم عبد الملك بن مروان وواليه الحجاج بن يوسف، ولا عن نظام هتلر وستالين والصين وكوريا الشمالية الشيوعية. حتى الأعمى لا يسمح له بترك حضور المسجد.

 

وروى أحمد:

15491 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْحُصَيْنُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَسْجِدَ فَرَأَى فِي الْقَوْمِ رِقَّةً، فَقَالَ: "إِنِّي لَأَهُمُّ أَنْ أَجْعَلَ لِلنَّاسِ إِمَامًا، ثُمَّ أَخْرُجُ فَلَا أَقْدِرُ عَلَى إِنْسَانٍ، يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا أَحْرَقْتُهُ عَلَيْهِ"

فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ نَخْلًا، وَشَجَرًا، وَلَا أَقْدِرُ عَلَى قَائِدٍ كُلَّ سَاعَةٍ، أَيَسَعُنِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي ؟ قَالَ: " أَتَسْمَعُ الْإِقَامَةَ ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَأْتِهَا"

 

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد صحيح أن كان عبد الله بن شداد بن الهاد سمعه من ابن أم مكتوم، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يرو له سوى أبي داود والنسائي وابن ماجه. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري، وعبد العزيز بن مسلم: هو القسملي، والحصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5087) من طريق أبي عمر الحوضي، عن عبد العزيز بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن خزيمة (1479) ، والدارقطني مختصراً في "السنن" 1/381، والحاكم 1/247 من طريق أبي جعفر الرازي، عن حصين بن عبد الرحمن، به. وعند ابن خزيمة والحاكم أنها صلاة العشاء. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5088) من طريق شعبة، عن حصين، عن عبد الله بن شداد أن ابن أم مكتوم، فذكر نحوه. وأخرجه مختصراً ابن أبي شيبة 1/345 من طريق حصين، عن عبد الله بن شداد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقوله: "إني لأَهم أن أجعل للناس إماماً... الخ"، له شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (644) ، ومسلم (651) ، وقد سلف برقم (7328). وآخر من حديث عبد الله بن مسعود، سلف برقم (3743) وذكرنا هنا تتمة أحاديث الباب. وقوله: "أتسمع الإقامة..." سلف نحوه برقم (15490) ، وذكرنا هناك شواهده.

قال السندي: قوله: رِقَّة: أي قِلَّة.

 

21710 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنِي زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، حَدَّثَنِي السَّائِبُ بْنُ حُبَيْشٍ الْكَلَاعِيُّ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَيْنَ مَسْكَنُكَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: فِي قَرْيَةٍ دُونَ حِمْصَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ لَا يُؤَذَّنُ وَلَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ الذِّئْبَ يَأْكُلُ الْقَاصِيَةَ "

 

إسناده حسن من أجل السائب بن حبيش، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح . وأخرجه الحسين المروزي في زياداته على "زهد" ابن المبارك (1306) ، وأبو داود (547) ، والنسائي 2/106-107، وابن خزيمة (1486) ، وابن حبان (2101) ، والحاكم 1/211 و246 و2/482، والبيهقي 3/54، والبغوي في "شرح السنة" (793) من طرق عن زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد . وفسر السائب بن حبيش عند الحسين المروزي وأبي داود والنسائي وابن حبان والبيهقي "الجماعة" قال: أي: الصلاة في الجماعة، وسيأتي هذا التفسير عند الرواية 6/446 عن وكيع وعبد الرحمن عن زائدة، به . وانظر ما بعده، وما سيأتي 6/446 من طريق عبادة بن نُسَي عن أبي الدرداء . وفي باب لزوم جماعة المسلمين عامة عن ابن عمر سلف برقم (5386) . وعن أنس سلف برقم (13350) . وعن أبي الحارث الأشعري سلف برقم (17170) . وعن أبي ذر سلف برقم (21293) وعن معاذ بن جبل سيأتي برقم (22029) . وعن رجل سيأتي برقم (23145) . وعن أبي مالك الأشعري سيأتي برقم (22910)

 

21265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي بَصِيرٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ، فَقَالَ " شَاهِدٌ فُلَانٌ؟ " فَقَالُوا: لَا. فَقَالَ: "شَاهِدٌ فُلَانٌ؟ " فَقَالُوا: لَا. فَقَالَ: "شَاهِدٌ فُلَانٌ " فَقَالُوا: لَا. فَقَالَ: "إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ أَثْقَلِ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَالصَّفُّ الْمُقَدَّمُ عَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلَائِكَةِ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ فَضِيلَتَهُ، لَابْتَدَرْتُمُوهُ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ رَجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ رَجُلٍ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ "

 

حديث حسن، وعبد الله بن أبي بصير العَبْدي الكوفي تفرد بالرواية عنه أبو إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي الهَمْداني- ولم يوثقه غير ابن حبان والعجلي، إلا أنه قد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. محمد بن جعفر: هو الهُذَلي البصري المعروف بغُنْدَر، وشعبة: هو ابن الحجاج العَتكي الواسطي. وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (1197) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن خُزيمة (1477) من طريق محمد بن بشار بُنْدار، عن محمد ابن جعفر، به. وقرن بمحمد بن جعفر يحيى بن سعيد. وأخرجه الطيالسي (554) ، وعبد بن حميد (173) ، والدارمي (1269) ، وأبو داود (554) ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/641، وابن خزيمة (1477) ، والشاشي مفرقاً (1505) و (1507) ، وتاماً (1509) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (948) ، وابن حبان (2056) ، والطبراني في "الأوسط" (1855) ، والحاكم 1/247-248، والبيهقي 3/67-68 من طرق عن شعبة ابن الحجاج، به. ورواية الدارمي مختصرة. // وأخرجه عبد الرزاق (2006) ، ويعقوب بن سفيان 2/642، والطبراني في "الأوسط" (4771) و (9213) ، وفي "مسند الشاميين" (1304) ، والبيهقي 3/61، والخطيب البغدادي 7/212، والضياء المقدسي (1196) من طرق عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، به. وسيأتي الحديث تاماً من طريق سفيان بن سعيد الثوري (21266) ، ومختصراً من طريق الحجاج بن أرطأة (21272) ، كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي. وسيأتي الحديث أيضاً من طريق شعبة بن الحجاج (21267) ، ومن طريق سليمان بن مهران الأعمش (21268) ، ومن طريق زهير بن معاوية (21269) و (21270) ، ثلاثتهم عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن أبي بصير، عن أبيه، عن أُبي بن كعب. وقد صرَّح أبو إسحاق في رواية شعبة أنه سمع الحديثَ من عبد الله بن أبي بصير ومن أبيه. وسيأتي من طريق جرير بن حازم، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي بصير العبدي، عن أُبيِّ بن كعب برقم (21271) . وسيأتي من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم، عن أبي إسحاق السبيعي، عن العيزار بن حريث، عن أبي بصير العبدي، عن أُبيِّ بن كعب برقم (21273) . وقد تفرد أبو الأحوص عن السبيعي بذِكْر العَيْزار فيه. وسيأتي من طريق حباب القطعي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن رجل من عبد القيس، عن أُبيِّ بن كعب برقم (21274) . والحبابُ مجهول. ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن هاتين الصلاتين من أثقل" إلى قوله: "ولو تعلمون فضيلته لابتدرتموه" شاهدٌ من حديث أبي هريرة، وقد سلف في مسنده برقم (7226) و (9486) ، وانظر تتمة شواهده هناك. وانظر أحمد 21266 إلى 21273

 

14979 - حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ - أَوِ الشِّرْكِ - تَرْكُ الصَّلَاةِ"

 

إسناده قوي على شرط مسلم من أجل أبي سفيان، واسمه طلحة بن نافع. أبو إسحاق: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/256 من طريق معاوية بن عمرو، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/34، وعبد بن حميد (1022) ، ومسلم (82) ، والترمذي (2618) و (2619) ، ومحمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (886) ، وأبو يعلى (1953) و (2102) ، وأبو عوانة 1/61 و62، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3175) ، وابن حبان (1453) ، والطبراني في "الصغير" (799) ، وابن منده في "الإيمان" (219) ، والبيهقي 3/365-366، والخطيب في "تاريخه" 10/180 من طرق عن الأعمش، به. وصححه الترمذي. وأخرجه المروزي (892) ، وأبو يعلى (1783) ، والآجري في "الشريعة" ص 133، والطبراني في "الصغير" (374) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (266) ، والبيهقي 3/366 من طريق عمرو بن دينار، عن جابر. وأخرجه أبو يعلى (2191) من طريق الحسن البصري، عن جابر. وأخرجه المروزي (889) من طريق وهب بن منبه، عن جابر، وفيه قصة مطولة. وأخرج المروزي أيضاً (892) من طريق مجاهد بن جبر، قال: قلت لجابر: ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم من الأعمال في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: الصلاة. وسيأتي برقم (15183) من طريق أبي الزبير، عن جابر. وفي الباب عن بريدة، وسيأتي 5/346. وعن عبد الله بن شقيق العقيلي- وهو تابعي- عند الترمذي (2622) أنه قال: كان أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. ورجاله ثقات.

 

15183 - حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " بَيْنَ الرَّجُلِ، وَبَيْنَ الشِّرْكِ - أَوِ الْكُفْرِ - تَرْكُ الصَّلَاةِ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن أبي الزناد- واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان-، لكنه قد توبع، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح، وأبو الزبير قد صرح بالسماع عند مسلم وغيره ممن أخرج الحديث. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/33، وعبد بن حميد (1043) ، والدارمي (1233) ، ومسلم (82) ، وأبو داود (4678) ، وابن ماجه (1078) ، والترمذي (2620) ، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (887) و (888) و (890) و (891) ، والنسائي في "المجتبى" 1/232، وهو في بعض نسخه كما أشار في هامش المطبوع، وأبو عوانة 1/61، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3176) و (3177) و (3178) ، والآجري في "الشريعة" ص 133، والدارقطني 2/53، وابن منده في "الإيمان" (217) و (218) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (267) ، والبيهقي في "السنن" 3/366، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/229 و229-230، والبغوي في "شرح السنة" (347) من طرق عن أبي الزبير، عن جابر. وسلف برقم (14979) من طريق أبي سفيان عن جابر.

 

22937 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ يَعْنِي ابْنَ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ "

 

إسناده قوي. وأخرجه ابن ماجه (1079) ، والترمذي (2621) ، ومحمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (895) و (896) ، والدارقطني 2/52، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1519) و (1520) ، والحاكم 1/6-7، والبيهقي 3/366، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 17/594 من طريق علي بن الحسن بن شقيق، بهذا الإسناد، وليس في إسناد الذهبي ذِكْرُ الصحابي بريدة بن الحُصَيب وقد قال بإثره: سقط منه رجل . يعني بريدة والد عبد الله . وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب .//وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 11/34، وفي "الإيمان" (46) ، واللالكائي (1518) من طريق أبي تُميلة يحيى بن واضح، والترمذي (2621) ، ومحمد بن نصر المروزي (894) ، والنسائي 1/231، وابن حبان (1454) ، والحاكم 1/6-7، واللالكائي (1518) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/230 من طريق الفضل بن موسى، والترمذي (2621) من طريق علي بن الحسين بن واقد، ثلاثتهم عن الحسين بن واقد، به، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي . //وسيأتي عن زيد بن الحباب، عن الحسين بن واقد برقم (23007) . وفي الباب عن جابر بن عبد الله، سلف برقم (14979) ، وانظر تتمة شواهده وشرحه هناك .

 

وروى البخاري في الأدب المفرد (كتاب آخر له غير صحيحه):

 

18 - حدثنا محمد بن عبد العزيز قال حدثنا عبد الملك بن الخطاب بن عبيد الله بن أبى بكرة البصري لقيته بالرملة قال حدثني راشد أبو محمد عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبى الدرداء قال: أوصانى رسول الله صلى الله عليه و سلم بتسع لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت ولا تتركن الصلاة المكتوبة متعمدا ومن تركها متعمدا برئت منه الذمة ولا تشربن الخمر فإنها مفتاح كل شر وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من دنياك فاخرج لهما ولا تنازعن ولاة الأمر وإن رأيت أنك أنت ولا تفرر من الزحف وإن هلكت وفر أصحابك وأنفق من طولك على أهلك ولا ترفع عصاك على أهلك وأخفهم في الله عز و جل

 

قال الألباني: حسن، قلت ورواه وابن ماجه (4034) ، والبيهقي في الكبرى 7/304.

 

وطبعًا ومن "كفر" وترك خرافاتهم يبيحون قتله! ديانة كما قال جمهور ملحدينا حقًّا عنها: لا يوجد في الإسلام اعتدال، ولا شيء اسمه إسلام معتدل. ولنقرأ بعض سطور كتب القاذورات الإرهابية، ولاحظ أن أسطر الإكراه الديني التالية هي رأي معتدليهم من حزب الحمائم، فما بالك بحزب الصقور:

 

قال ابن حبان في "صحيحه" 4/324: أطلق المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسم الكفر على تارك الصلاة، إذ تَرْكُ الصلاة أول بداية الكفر، لأن المرء إذا ترك الصلاة واعتاده، ارتقى منه إلى ترك غيرها من الفرائض، وإذا اعتاد ترك الفرائض، أداه ذلك إلى الجحد، فأطلق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسم النهاية التي هي آخر شُعب الكفر على البداية التي هي أول شُعبها، وهي ترك الصلاة.

وقال البغوي في "شرح السنة" 2/179: اختلف أهل العلم في تكفير تارك الصلاة المفروضة عمداً، فذهب إبراهيم النخعي وابن المبارك وأحمد وإسحاق إلى تكفيره... وذهب الآخرون إلى أنه لا يكفَر، وحملوا الحديث على ترك الجحود، وعلى الزجر والوعيد. وقال حماد بن زيد ومكحول ومالك والشافعي: تارك الصلاة يقتل كالمرتد، ولا يخرج به عن الدين. وقال الزهري: وبه قال أصحاب الرأي: لا يقتل، بل يحبس ويضرب حتى يصلي، كما لا يقتل تارك الصوم والزكاة والحج.

وقال السندي: قوله: "بين العبد المؤمن وبين الكفر"، كما أن المانع يوصف بأنه بين الشيئين لكونه يمنع أحدهما عن الآخر، كذلك الوسيلة الموصلة أحدهما إلى الآخر يوصف بأنه بينهما، فيقال: بيني وبين السلطان الوزير، وبيني وبين مرادي الاجتهاد، وليس المراد هاهنا المانع، بل الوسيلة، فكأنه قيل: المعصية الموصلة للعبد إلى الكفر هي ترك الصلاة. والله تعالى أعلم.

 

ويعيش المسلمون عمومًا في معظمهم في حالة قلق وشعور بالذنب وهمي هوسي دومًا. من فضائل الإلحاد-العقلانية ألا تشعر بالذنب والخطإ إلا على شيء حقيقي يمس حقوق غيرك من الكائنات إخوتك بشرًا وغيرَ بشرٍ، وهذا هو الضمير الإنساني الحقيقي.

ومن إصرارهم قديمًا على جعل الصلوات علنية جماعية للرجال لضمان تحقق الإكراه وغسيل الأدمغة المتواصل، روى أحمد بن حنبل أن عبد الله بن مسعود قال:

 

3936 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْأَقْمَرِ، يَذْكُرُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ، حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ أَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ . وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ، فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَوْ رَأَيْتُنَا، وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو الأحوص - وهو عوف بن مالك بن نضلة الجشمي - من رجال مسلم، وبقية رجاله ثقات، رجال الشيخين. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وأبو عميس: هو عتبة بن عبد الله بن عتبة المسعودي. وأخرجه مسلم (654) (257) ، وأبو عوانة 2/7، والطبراني في "الكبير" (8603) ، والبيهقي في "السنن " 3/58-59 من

أبي نعيم، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً مسلم (654) (256) ، وأبو يعلى (5003) و (5023) ، وأبو عوانة 2/7، وابن حبان (2100) ، والطبراني في "الكبير" (8608) و (8609) من طريقين عن عبد الملك بن عمير، عن أبي الأحوص، به وأخرجه مختصرا ًالطبراني في "الكبير" (8610) من طريق عمارة بن عمير، ومطولاً (8607) من طريق أبي إسحاق السبيعي، كلاهما عن أبي الأحوص، به. وتقدم مطولاً برقم (3623) ، وورد فيه قوله: ما من رجل يتطهر... إلى قوله: ويحط عنه بها خطيئة ، مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قوله: "ولو رأيتنا"، قال السندي: كلمة "لو" شرطية، والجواب مقدر، أي: لرأيت أمراً عجيباً، أو للتمني، فلا تحتاج إلى جواب،  وجملة: "وما يتخلف عنها إلا منافق ": حال، أي: والحال أنه ما يتخلف منا عن الجماعة إلا منافق.  يُهادى: على بناء المفعول، أي: يُساق بين الرجلين معتمداً عليهما من الضعف.

 

4355 - حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ، عَنْ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ شَرَعَ سُنَنَ الْهُدَى لِنَبِيِّهِ، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَإِنِّي لَا أَحْسِبُ مِنْكُمْ أَحَدًا إِلَّا لَهُ مَسْجِدٌ يُصَلِّي فِيهِ فِي بَيْتِهِ، فَلَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَتَرَكْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير المسعودي - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود - فمن رجال أصحاب السنن، وروى له البخاري تعليقاً، وهو ثقة، وقد اختلط، لكن سماع أبي قطن - وهو عمرو بن الهيثم البصري - منه قبل اختلاطه. وأخرجه مطولاً ومختصراً الطيالسي (313) ، وابن أبي شيبة 2/359، وأبو داود (550) ، وابن خزيمة (1483) من طريق وكيع، والنسائي في "المجتبى" 2/108، وفي "الكبرى" (922) من طريق عبد الله بن المبارك، والطبراني في "الكبير"  (8604) من طريق عاصم بن علي، أربعتهم عن المسعودي، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (8606) من طريق علي بن خالد، عن المسعودي، عن الحكم، عن أبي الأحوص، به. وقد سلف مطولًا برقم (3936) ، وانظر (3623) .

 

إكراه الموجودين معهم كالأسرة وزملاء سكن العمل أو ثكنة الجيش على الصلاة بالإكراه وإزعاجهم وقت الفجر

 

روى أحمد:

 

7410 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، حَدَّثَنِي الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، وَرَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ "

 

إسناده قوي. وسيأتي مكررا برقم (9627) ، وسلف مختصرا برقم (7369) عن سفيان بن عيينة، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.// وأخرجه أبو داود (1308) و (1450) ، وابن ماجه (1336) ، والنسائي 3/205، وابن خزيمة (1148) ، وابن حبان (2567) ، والحاكم 1/309، والبيهقي 2/501 من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

 

سبق وعملت أحيانًا مع سلفيين وإخوان، حقيقةً هم سيهزونك ويهزون بك السرير هزًّا، ولن يتركوك في حالك إلا إذا أصررت على تجاهلهم وأنك نائم كالقتيل، الحل الآخر وهو مواجهتهم كان يعني التعرض للخطر طبعًا من هؤلاء وهم لا يستحقون تضييع الوقت والجهد من الأصل.

 

وبسبب الإجبار الدائم على الصلوات من مجتمع شمولي إسلامي يوجد كثير من غير المؤمنين وغير المقتنعين بالإسلام على الإطلاق يضطرون للتظاهر بالصلاة أو غيرها من شعائر إسلامية، وعرفت ملحدين وملحدات يضطرون لضعف مواقفهم وسوء ظروفهم أو ضعف شخصياتهم لمثل هذا التظاهر، توجد ملحدات محجبات لشدة شمولية المجتمع، ماذا تفعل ملحدة لا تعتقد بالإسلام البتة بالخمار الإسلامي؟! ببساطة أهلها وأسرتها يكونون شموليين استبداديين وفي مجتمع ذكوري لا يمكنها المواجهة لأن خسارتها وسحقها وتعذيبها حتميّ ومؤكد لأنها ستخوص الصراع وحدها دون دفاع حقيقي عنها في مجتمع رجعي ظلامي. بعض الرجال والناس ممن عرفت ألحدوا ولهم أزواج فلم يريدوا خسارة الطرف الآخر والأسرة، وكثيرًا ما يكون الطرف الآخر متشددًا متزمتًا يحرج الطرف الأول لإقامة طقوسه ويتشكك فيه.

 

روى مسلم:

 

[ 622 ] وحدثنا يحيى بن أيوب ومحمد بن الصباح وقتيبة وابن حجر قالوا حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر وداره بجنب المسجد فلما دخلنا عليه قال أصليتم العصر فقلنا له إنما انصرفنا الساعة من الظهر قال فصلوا العصر فقمنا فصلينا فلما انصرفنا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا

 

ورواه أحمد11999 و12509 و12929 و13589

 

منذ القدم عندما أجبر محمد كل سكان يثرب الوثنيين، ثم كل سكان شبه جزيرة العرب الوثنيين، ثم اتبع سياسته خلفاؤه في دول كثيرة خاصة فارس التي مورس فيها أشكال إكراه ديني عنيفة، كان هناك دومًا صلوات إسلامية لناس لا تؤمن بالإسلام، لعقلانيين ملحدين وربوبيين ويهود ومسيحيين ومانويين ثنويين وزردشتيين وصابئة مندائيين وغيرها.

 

خوفهم من ابتعاد الشخص عن المؤسسة الدينية والدين المؤسسي الرسمي لكي لا يبتعد ويتحرر عن شمولية الإسلام

 

روى مسلم:

 

[ 865 ] وحدثني الحسن بن علي الحلواني حدثنا أبو توبة حدثنا معاوية وهو بن سلام عن زيد يعني أخاه أنه سمع أبا سلام قال حدثني الحكم بن ميناء أن عبد الله بن عمر وأبا هريرة حدثاه أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين

 

رواه أحمد 2132 و2290

 

مصادرة الحق في الحصول على المعلومات وحرية تدفق المعلومات

 

روى أحمد:

 

4507 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ "

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم (1869) (94) ، وابن أبي داود في "المصاحف " ص 182، والبيهقي في "السنن" 9/108 من طريق إسماعيل، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (9410) ، وعبد بن حميد (766) ، ومسلم (1869) (94) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1906) و (1909) من طرق، عن أيوب، به. وأخرجه الطيالسي (1855) ، وسعيد بن منصور (2467) ، وعبدُ بنُ حميد في "المنتخب " (768) ، ومسلم (1869) (93) و (94) ، وابن ماجه (2880) ، وابنُ أبي داود في "المصاحف" 180، و181، و182، و183، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1904) و (1905) و (1907) و (1908) و (1910) ، وابن عدي في "الكامل" 6/2152، والإسماعيلي في "معجمه" 2/691-692، وأبو نعيم في "الحلية" 8/322، والخطيب في "تاريخه" 13/33-34، والبغوي في "شرح السنة" (1233) من طرق، عن نافع، به. وأخرجه ابنُ أبي داود في "المصاحف " ص 180 من طريق عمران بن عيينة، عن ليث (وهو ابن أبي سُليم) ، عن سالم، عن ابن عمر، به. قال الدارقطني في "العلل" 4/ورقة 58: وليس بمحفوظ عن سالم. وسيأتي بالأرقام (4525) و (4576) و (5170) و (5293) و (5465) و (6124) . وفي الباب عن ابن عمر موقوفاً عند سعيد بن منصورفي "السنن" 2/176. وانظر ابن ماجه (2879) ومالك في "الموطأ" 2/446، ومن طريقه أخرجه الشافعي في "السنن المأثورة" (668) ، والبخاري (2990)، وأبو داود (2610) ، وابنُ الجارود في "المنتقى" (1064) ، وابنُ أبي داود في "المصاحف " ص 181، وابنُ حبان (4715) ، والبيهقي في "السنن" 9/108، والبغوي في "شرح السنة" (1234) .

 

قال السندي: قوله "لا تسافروا بالقرآن "، أي: إلى بلاد العدو.

 

ومن شروط العهدة العمرية أو الوثيقة العمرية مع مسيحيي القدس هكذا، كما في كتب التاريخ:

 

ولا يعلموا أولادهم القرآن

 

من غير المؤكد كحقيقة بالنسبة إلى حديث أحمد هل هذا كلام محمد فعلًا، والأغلب لا لأن القرآن لم يكن قد تم جمعه ككتاب في عهده، لكنه ملفق على لسانه من أفعال ووصايا أتباعه لاحقًا، لماذا كانوا يخافون كثيرًا من حصول العدو على نسخة من قرآنهم؟! في القرون الوسطى كانت عصور ظلام وجهل من كل الأطراف، والمسيحية كانت أجهل من المسلمة كذلك، ومع العداء المستحكم بسبب العدوان الإسلامي العربي على مناطق حكم الروم التي كانوا احتلوها فأخذها منهم العرب، واحتلال العرب لدول غربية كاليونان جريس وصقلية سيسيليا وإسبانيا ازداد هذا العداء، فكان يمكن للغربيين المسيحيين لو وقع في أيديهم أن يمزقوه ويدنسوه. لكن لماذا لم يفكروا بتحمل المغامرة وحمل ترجمات للقرآن بتفكير إبداعي ليروا إن كان حصول بعض العدو عليه سيجعلهم يسلمون إن كان نورًا ورائعًا وتعاليمه جميلة حقًّا إلى هذه الدرجة كما يقولون، لعل السبب الآخر أنهم خافوا أن يدرس بعضهم القرآن ويتمكن من نقده وإبراز مساوئه، لا شك كثيرون من عرب وغير عرب تمكنوا من عمل نقد رائع للإسلام رغم ذلك، من خلفيات مختلفة إسلامية –إلحادية لمن تركوا الإسلام ومسيحية كرسالة الكندي إلى الهاشمي ونولدكه تأريخ القرآن ودراسة في السيرة لعلي سينا وغيرها. لاحظت خلال تعاملي مع المسلمين أني كمسلم سابق لو احتجت لمعلومات من علمائهم وفقهائهم في الدين وأبرزت فكري الحقيقي يتهربون من الإجابة أو لا يجيبون، خلال هذا البحث واجهتني مسائل قانونية احتجت معرفة رأي القانون المصري المعاصر فيها، واستغللت زميلًا في العمل خريج محاماة ومعه كارنيه النقابة كممارس، فكنت أطرح عليه أسئلة دون إعلامه بحقيقة مصدر أسئلتي أو ما أدرسه، فأحصل على إجابات أفادت بحثي ضد الإسلام نفسه بدون أن يدري.

إلغاء ومصادرة الفردية

 

التدخل في حيوات الآخرين وأساليبها وحرياتهم الشخصية

 

روى أحمد:

 

1 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ تَقْرَؤونَ هَذِهِ الْآيَةَ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة : 105] ، وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغيِّرُوهُ ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . قيس : هو ابن أبي حازم . وأخرجه ابن أبي شيبة 15 / 174 - 175 ، وعنه ابن ماجه (4005) ، والمروزي في " مسند أبى بكر " (88) عن عبد الله بن نمير ، بهذا الإسناد . وأخرجه الحديدي (3) ، وأبو داود (4338) ، والمروزي (86) و (87) ، والبزار (65) ، وأبو يعلى (132) ، وابن حبان (304) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد ، به . وسيأتي برقم (16) و (29) و (30) و (53) . وأخرجه ابن أبي شيبة 15 / 174 ، وعنه ابن ماجه (4005) ، والمروزي (88) ، عن أبي أسامة، وأخرجه عبد بن حميد (1) ، والترمذي (2168) و (3057) ، والمروزي (87) ، والبزار (68) من طريق يزيد بن هارون.

 

مفاهيمهم عن المنكر معتلة تتنافى مع مفهوم الحرية الليبرالية العلمانية بما فيه حرية التعبير المطلقة والاعتقاد وحرية الملبس والسلوك بما لا يضر الآخرين والحرية الجنسية وغيرها من حريات وحقوق أساسية لكل بشر.

 

روى أحمد:

 

17170 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلَفٍ مُوسَى بْنُ خَلَفٍ، كَانَ يُعَدُّ فِي الْبُدَلَاءِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ مَمْطُورٍ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَأَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، وَكَادَ أَنْ يُبْطِئَ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى: إِنَّكَ قَدْ أُمِرْتَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ تَعْمَلَ بِهِنَّ، وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تُبَلِّغَهُنَّ، وَإِمَّا أَنْ أُبَلِّغَهُنَّ . فَقَالَ: يَا أَخِي، إِنِّي أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي أَنْ أُعَذَّبَ أَوْ يُخْسَفَ بِي " . قَالَ: " فَجَمَعَ يَحْيَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ، فَقُعِدَ عَلَى الشُّرَفِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ . أَوَّلُهُنَّ: أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِوَرِقٍ أَوْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَعْمَلُ، وَيُؤَدِّي غَلَّتَهُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَاعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا . وَآمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا . وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ مِنْ مِسْكٍ فِي عِصَابَةٍ كُلُّهُمْ يَجِدُ رِيحَ الْمِسْكِ، وَإِنَّ خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ . وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَشَدُّوا يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْتَدِيَ نَفْسِي مِنْكُمْ ؟ فَجَعَلَ يَفْتَدِي نَفْسَهُ مِنْهُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ حَتَّى فَكَّ نَفْسَهُ . وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَثِيرًا، وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ ، فَأَتَى حِصْنًا حَصِينًا، فَتَحَصَّنَ فِيهِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ أَحْصَنُ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذَا كَانَ فِي ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "

قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ: بِالْجَمَاعَةِ، وَالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْجَمَاعَةِ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ، وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، فَهُوَ مِنْ جُثَاءِ جَهَنَّمَ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنْ صَامَ، وَإِنْ صَلَّى؟ قَالَ: " وَإِنْ صَامَ، وَإِنْ صَلَّى، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِأَسْمَائِهِمْ بِمَا سَمَّاهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "

 

حديث صحيح، أبو خَلَف موسى بن خَلَف- وإن اختلف فيه- متابع، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. عفان: هو ابن مسلم الصفار. ممطور: هو الأسود الحبشي أبو سَلام. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3427) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/383 من طريقين عن موسى بن خلف، بهذا الإسناد.//وأخرجه مطولاً ومختصراً الطيالسي (1161) و (1162) ، وابن سعد 4/359، والترمذي (2863) و (2864) ، وأبو يعلى (1571) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (1895) ، وفي "التوحيد" ص 15، وابن حبان (6233) ، والآجري في "الشريعة" ص8، والطبراني في "الكبير" (3428) ، وابن منده في "الإيمان" (212) ، والحاكم 1/421 من طريق أبانَ بن يزيد، وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3431) ، والحاكم 11/17 من طريق علي بن المبارك، وأخرجه الحاكم 1/118 من طريق معاوية بن سلاّم، ثلاثتهم عن يحيى بن أبي كثير، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي ! قلنا: زيد بن سلام وجدُّه ممطور إنما أخرج لهما البخاري في "الأدب المفرد".

وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2510) ، وفي "السنة" (1036) ، والنسائي في "الكبرى" (11349) - وهو في "التفسير" (369) -، وابن خزيمة في "صحيحه" (483) و (930) ، والطبراني في "الكبير" (3430) ، وفي "مسند الشاميين" (2870) ، والحاكم 1/118 و236، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص304 من طريق معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، به. وسيكرر برقم (17800) سنداً ومتناً، وسيأتي بنحوه مختصراً 5/344.

قال السندي: أن يعمل بهن: بدل من خمس كلمات. أن يبطىء: من أبطأه إذا أخّره. على الشُّرَف: ضبط بضم ففتح، أي: الأمكنة العالية، والمراد: على بعضها. يَنْصِبُ، أي: يتوجه إلى عبده. في عصابة: في جماعة، أي: فكما أن ذاك ذو جاه وقدر عندهم، كذلك الصائم عند الله. خُلُوف: بضم الخاء وجوَّز بعضٌ فتحها، وخطَّأه بعض- تغيُّر ريح الفم، وكونه أطيب: معناه أن صاحبه عند الله تعالى ذو قدر فوق قدر صاحب المسك عندكم. جُثَا جهنم: ضبط بضم جيم وقصر، جمع جُثوة، بضم جيم، وقيل مثلثة الجيم: ما جمع من نحو تراب، استعير للجماعة.

 

21590 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ نَحْوًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، فَقُلْنَا: مَا بَعَثَ إِلَيْهِ السَّاعَةَ إِلَّا لِشَيْءٍ سَأَلَهُ عَنْهُ. فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: أَجَلْ، سَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا، فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ، فَإِنَّهُ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ "

" ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ "

وَقَالَ: "مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ، جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ " وَسَأَلَنَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وَهِيَ الظُّهْرُ

 

إسناده صحيح. وهو في "الزهد" للمصنف ص33. أخرجه تاماً ومقطعاً ابن أبي عاصم في "السنة" (94) ، وفي "الزهد" (163) ، وابن حبان (67) ، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 2/71، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 1/39 من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه تاماً ومقطعاً الدارمي (229) ، وأبو داود (3660) ، وابن ماجه (4105) ، والترمذي (2656) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1600) ، وابن حبان (68) والطبراني في "الكبير" (4890) و (4891) ، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (3) و (4) ، والبيهقي في "الشعب" (1736) ، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (24) ، وابن عبد البر 1/38 - 39 و39 من طرق عن شعبة، به. وأخرجه البيهقي (1737) من طريق جهضم بن عبد الله اليمامي، عن عمر ابن سليمان، به. ويشهد للقطعة الأولى والثانية حديث أنس السالف برقم (13350) وانظر تتمة شواهده هناك.

 

21710 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنِي زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، حَدَّثَنِي السَّائِبُ بْنُ حُبَيْشٍ الْكَلَاعِيُّ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَيْنَ مَسْكَنُكَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: فِي قَرْيَةٍ دُونَ حِمْصَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ لَا يُؤَذَّنُ وَلَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ الذِّئْبَ يَأْكُلُ الْقَاصِيَةَ "

 

إسناده حسن من أجل السائب بن حبيش، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح . وأخرجه الحسين المروزي في زياداته على "زهد" ابن المبارك (1306) ، وأبو داود (547) ، والنسائي 2/106-107، وابن خزيمة (1486) ، وابن حبان (2101) ، والحاكم 1/211 و246 و2/482، والبيهقي 3/54، والبغوي في "شرح السنة" (793) من طرق عن زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد . وفسر السائب بن حبيش عند الحسين المروزي وأبي داود والنسائي وابن حبان والبيهقي "الجماعة" قال: أي: الصلاة في الجماعة، وسيأتي هذا التفسير عند الرواية 6/446 عن وكيع وعبد الرحمن عن زائدة، به . وانظر ما بعده، وما سيأتي 6/446 (27514) من طريق عبادة بن نُسَي عن أبي الدرداء . وفي باب لزوم جماعة المسلمين عامة عن ابن عمر سلف برقم (5386) . وعن أنس سلف برقم (13350) .

 

22029 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ، يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ، فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِد"

 

حسن لغيره، وهذا سند رجاله ثقات إلا أنه منقطع، العلاء بن زياد لم يسمع من معاذ .

 

2487 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ"

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. الجعد أبو عثمان: هو الجعد بن دينار اليشكري، وأبو رجاء: هو عمران بن ملحان العُطارِدي. وأخرجه مسلم (1849) (55) ، وأبو عوانة 4/481 من طريق الحسن بن الربيع، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارمي (2519) ، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (1101) ، والبخاري (7054) و (7143) ، وأبو يعلى (2347) ، وأبو عَوانة 4/481، والطبراني (12759) ، والبيهقي في "السنن" 8/157، وفي "شعب الإيمان" (7497) ، والبغوي (2458) من طرق عن حماد بن زيد، به. ورواية ابن أبي عاصم مختصرة. وسيأتي الحديث برقم (2702) و (2825) و (2826) .

 

وروى مسلم:

 

[ 1848 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا جرير يعني بن حازم حدثنا غيلان بن جرير عن أبي قيس بن رياح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه

 

وانظر أحمد 5386

ولأحاديث لزوم الجماعة بصورة شمولية، كلزوم للقطيع الديني، راجع موضوع تعليم الاستسلام لظلم الحكام. وهي مترادفة مع تعاليم الخنوع والخمول والتثبط وانعدام الهمة والطموح. ونظامهم الشمولي كان ولا يزال يفرض قيمه الرجعية وتخلفه على كل البشر بالإجبار والجهل المنتشر، وحديث أبي الدرداء مثال على رغبتهم لجعل الصلوات علنية لضمان إجبار الناس عليها. كما كانت سنة محمد وعمر.

 

نصوص الإسلام قرآنًا وحديثًا تصادر حريات الأفراد وفرديتهم وتميزهم، وكما قال مفكر أوربي في أول عصر النهضة: المجتمع الذي لا يحترم فردية أفراده لا يمكنه تحقيق تقدم أبدًا.

 

أخشى ما يخشاه عوام وجهال ومتعصبو المسلمين، يعني جمهورهم، هو استقلال الفرد وفرديته وانفرداه وشقه طريقه الفكري والحياتي على نحو مستقل عن خرافاتهم ووصاية دينهم الرجعي، روى أحمد:

 

114 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ ، أخبرنا عَبْدُ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ - أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ بِالْجَابِيَةِ، فَقَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامِي فِيكُمْ ، فَقَالَ : " اسْتَوْصُوا بِأَصْحَابِي خَيْرًا ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبْتَدِئُ بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ بَحْبَحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ ، لَا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا ، وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ".

 

إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن إسحاق - وهو المروزي - فقد روى له الترمذي ، وهو ثقة . وهو في " مسند عبد الله بن المبارك " (241) . ومن طريق عبد الله بن المبارك أخرجه الطحاوي 4 / 150 ، وابن حبان (7254) ، والحاكم 1 / 113 ، والبيهقي 7 / 91 ، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي . وأخرجه أبو عبيد في " الخطب والمواعظ " (133) ، والترمذي (2165) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (88) و (897) ، والبزار (166) ، والنسائي في " الكبرى " (9225) من طريق النضر بن إسماعيل ، عن محمد بن سوقة ، بهذا الإسناد . قال الترمذي : حسن صحيح غريب من هذا الوجه . ورواه أحمد177

والبحبحة : التمكن والتوسط في المنزل والمقام .

 

6748 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ حَرْمَلَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ "

 

حديث حسن. مسلم بن خالد الزنجي -وإن كان سيىء الحفظ- قد توبع، عبد الرحمن بن حرملة، وهو ابن عمرو الأسلمي، روى له مسلم متابعة حديتاً واحداً في القنوت، وهو مختلف فيه، قال ابن معين: صالح، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان يخطىء، وقال ابنُ عدي: لم = أر في حديثه حديثاً منكراً، وضعفه يحيى بن سعيد، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. قلنا: وقد تابعه محمد بن عجلان عند ابن خزيمة في "صحيحه" (2570) . حسين بن محمد: هو المروذي.// وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/978، ومن طريقه أبو داود (2607) ، والترمذي (1674) ، والنسائي في "الكبرى" (8849) ، والبيهقي في "السنن" 5/257، والبغوي في "شرح السنة" (2675) ، وأخرجه الحاكم 2/102 (2495) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، كلاهما عن عبد الرحمن بن حرملة، بهذا الإسناد.// قال الترمذي: حديث حسن. وحسن إسناده ابن حجر فيما نقله عنه المناوي في "فيض القدير" 4/44، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وصدْرُهُ عنده: أن رجلاً قدم من سفر، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من صحبْت؟" قال: ما صحبتُ أحداً، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الراكب شيطان...".//وأخرجه البزار (1698) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن ابن حرملة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وهذا خطأ، والصواب رواية مالك وغيره عن ابن حرملة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.// وأخرجه ابن خزيمة (2570) ، من طريق محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب، به. وقد بوب عليه: باب النهي عن سيرد الاثنين، والدليل على أن ما دون التلاثة من المسافرين عصاة، إذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أعلم أن الواحد شيطان، والاثنين شيطانان، ويشبه أن يكون معنى قوله: "شيطان"، أي: عاص، كقوله: (شياطين الإنس والجن) [الأنعام: 112] ، معناه: عصاة الإنس والجن. انتهى.  

 

7007 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ "

 

حديث حسن، إسماعيل بن عياش -وإن كان ضعيفا في روايته عن غير أهل بلده، وهذا منها- قد توبع، أبو اليمان: هو الحكم بن نافع الحمصي.

 

أيضًا يفترض الإسلام مصادرة الوالدين لحرية الأبناء، ومصادرة الزوج لحرية الزوجة مثلا في الاعتقاد وحرية الملبس وعدم اتباع الإسلام وخرافاته وفروضه، ومصادرة الأخ لحرية أخيه الأصغر أو الأضعف أو أخته...إلخ، روى البخاري:

 

7138 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ

 

ورواه مسلم 1829 وأحمد 4495 و5167

 

وروى أحمد:

 

4637 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَسْتَرْعِي اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدًا رَعِيَّةً، قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، إِلَّا سَأَلَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَقَامَ فِيهِمْ أَمْرَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمْ أَضَاعَهُ ؟ حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ خَاصَّةً"

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن الحسن -وهو البصري- لم يسمع هذا الحديث من ابن عمر.// وأخرجه ابن خزيمة في السياسة كما في "إتحاف المهرة" 3/ورقة 152 عن مؤمل بن هشام، عن إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد.// وأخرجه ابن خزيمة كما في "إتحاف المهرة" 3/ورقة 152، وأبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان" 1/360 من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن يونس بن عبيد، به.// قال ابن خزيمة كما في "إتحاف المهرة": لم يسمع الحسن هذا الخبر من ابن عمر، ثم أخرجه عن محمد بن عبد الأعلي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا يونس، عن الحسن، قال: نبئت أن ابن عمر قال... فذكره.// وأخرجه عبد الرزاق (20650) عن معمر، عن قتادة، عن ابن عمر موقوفاً.// وأورده ابن حجر في "المطالب العالية" (2108) ، وعزاه لأبي يعلى.// وله شاهد من حديث معقل بن يسار بلفظ: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يمت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم اللهُ عليه الجنة"، أخرجه أحمد 5/25، والبخاري (7151) ، ومسلم (142) .// وآخر من حديث عبد الله بن مسعود أخرجه الطبراني في "الكبير" (8855) من طريق قتادة عن ابن مسعود، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/208 وقال: قتادة لم يسمع من ابن مسعود ورجاله رجال الصحيح.

 

ومما ورد في القرآن عن إجبار الزوجات والأطفال على الدين وقيمه وطقوسه:

 

{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)} طه

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} التحريم

 

والمجتمعات الإسلامية يحكم أفرادها شمولية المجتمع والدولة، روى مسلم:

 

[ 49 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة كلاهما عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب وهذا حديث أبي بكر قال أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان فقام إليه رجل فقال الصلاة قبل الخطبة فقال قد ترك ما هنا لك فقال أبو سعيد أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان

 

وروى أحمد:

 

11073/ أ - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، وَلَمْ يَكُنْ يُخْرَجُ بِهِ، وَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَكُنْ يُبْدَأُ بِهَا، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٍ فَقَالَ: يَا مَرْوَانُ خَالَفْتَ السُّنَّةَ، أَخْرَجْتَ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، وَلَمْ يَكُ يُخْرَجُ بِهِ فِي يَوْمِ عِيدٍ، وَبَدَأْتَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَكُنْ يُبْدَأُ بِهَا قَالَ: فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَالَ: فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ فَلْيَفْعَلْ " وَقَالَ مَرَّةً: " فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِيَدِهِ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين، رجاله ثقات رجال الشيخين غير  إسماعيل بن رجاء: وهو ابن ربيعة الزبيدي، وأبيه، فمن رجال مسلم، وقد توبعا. والقائل: "وعن قيس..." هو الأعمش، سليمان بن مهران. قيس بن مسلم: هو الجدلي. وأخرجه مسلم (49) (79) ، وأبو داود (1140) و (4340) ، وابن ماجه (1275) و (4013) ، وأبو يعلى (1203) ، وابن حبان (307) ، والبيهقي في "السنن" 3/296-297 من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى (1009) ، والبيهقي 3/296-297، 7/265-266 من طريق ابن نمير، عن الأعمش، عن إسماعيل، عن أبيه، به. وأخرجه النسائي 8/112 من طريق مالك بن مغْول، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي سعيد، به. وسيأتي بالأرقام (11150) و (11460) و (11492) و (11514) و (11876) ، وانظر (11059) .

التغيير باليد يتضمن طبعًا أسلوبهم المعتاد من الاعتداء الجسدي والقتل والتعذيب، ثق أن المسلمين التقليديين المتعصبين لن يعطوك كمفكر حر أو صاحب دين آخر تعبر عن رأيك إلا مجبرين على ذلك بحكم قانون مدني في بعض دولهم، ومع ذلك قد تتعرض للسجن والاعتداء الجسدي وحتى الاغتيال. نفس الأمر بصدد حرية الاعتقاد وحرية الملبس والحرية الجنسية.

 

تعاليم ومزاعم هوسية لتبرير مصادرة الحريات الشخصية

 

روى البخاري:

 

6483 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا

 

ورواه بأسانيدهم: مسلم 2284 وأحمد 7321 و8117 و10963 و3704 و2284 و4027 والطيالسي402 وأبو يعلى 5288

 

وروى مسلم:

 

[ 2284 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن القرشي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيه

 

روى أحمد:

 

20037 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بَهْزٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ أُولَاءِ ، وَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى أَنْ لَا آتِيَكَ، وَلَا آتِيَ دِينَكَ، وَإِنِّي قَدْ جِئْتُ امْرَأً لَا أَعْقِلُ شَيْئًا إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللهِ بِمَ بَعَثَكَ رَبُّنَا إِلَيْنَا ؟ قَالَ: " بِالْإِسْلَامِ " . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا آيَةُ الْإِسْلَامِ ؟ قَالَ: " أَنْ تَقُولَ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَتَخَلَّيْتُ ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ أَخَوَانِ نَصِيرَانِ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْ مُشْرِكٍ يُشْرِكُ بَعْدَمَا أَسْلَمَ عَمَلًا، أَوْ يُفَارِقُ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مَا لِي أُمْسِكُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، أَلَا إِنَّ رَبِّي دَاعِيَّ وَإِنَّهُ سَائِلِي: " هَلْ بَلَّغْتَ عِبَادِي ؟ " وَأَنَا قَائِلٌ لَهُ: " رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُهُمْ أَلَا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ مَدْعُوُّونَ، وَمُفَدَّمَةٌ أَفْوَاهُكُمْ بِالْفِدَامِ وَإِنَّ أَوَّلَ مَا يُبِينُ، وَقَالَ بِوَاسِطٍ يُتَرْجِمُ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا دِينُنَا . قَالَ: " هَذَا دِينُكُمْ وَأَيْنَمَا تُحْسِنْ يَكْفِكَ "

 

إسناده حسن. وأخرجه مطولاً ومختصراً عبد الرزاق (20115) ، وابن أبي شيبة 13/257، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (401) ، وابن ماجه (234) و (2536) ، والنسائي في "المجتبى" 5/4-5 و82-83، وفي "الكبرى" (11469) ، والطبري 24/107، والطبراني في " الكبير" 19/ (969) و (970) و (971) و (972) و (973) و (1013) ، وابن عدي في "الكامل" 2/500، ومحمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (401) و (402) ، وابن عبد البر في "الاستيعاب" 1/321-322 من طرق عن بهز بن حكيم، بهذا الإسناد - وبعضهم يزيد فيه على بعض.//وأخرجه الطبراني 19/ (1033) من طريق يحيى بن جابر الطائي، عن حكيم بن معاوية، به. واقتصر على أوله إلى قوله: "وكل مسلم على مسلم محرم "، وعلى قوله: "هذا دينكم، أينما تكن يكفك".// ورواه أحمد برقم (20043) عن إسماعيل ابن عُليَّة عن بهز، و(20011) من طريق أبي قزعة عن حكيم بن معاوية.

"بحُجَزكم" جمع حُجْزة: وهي معقد الإزار.

 

3704 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ الثَقَفِي، أَوِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ - شَكَّ الْمَسْعُودِيُّ - عَنِ عَبْدَةَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ لَمْ يُحَرِّمْ حُرْمَةً إِلَّا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَطَّلِعُهَا مِنْكُمْ مُطَّلِعٌ، أَلَا وَإِنِّي آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ أَنْ تَهَافَتُوا فِي النَّارِ كَتَهَافُتِ الْفَرَاشِ، أَوِ الذُّبَابِ "

 

 إسناده حسن، المسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، وإن أختلط- سماع وكيع منه قبل الاختلاط، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح، غير عبدة النهدي -وهو عبدة- ويقال: عبيدة -بن حزن النصري، ويقال: النهدي، كما ذكر المزي في "التهذيب"- فمختلف في صحبته، وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى له البخاري في "الأدب المفرد"، ووهم الحافظ فذكره في "التعجيل" ص 279، وليس هو على شرطه، ووهم أيضاً في ترجمته، فذكر أنه يروي عن عثمان بن عبد الله بن هرمز، وإنما يروي عن ابن مسعود، ثم تعقب الحسيني لأنه لم يفرد له ترجمة، ولا وجه لتعقبه، لأن عبيدة هذا ليس من شرطه. وكيع: هو ابن الجراح. وعثمان الثقفي: هو ابن المغيرة أبو المغيرة، روى له الجماعة غير مسلم، وقد وهم الحسيني، فذكره في "الإكمال" ص 291، وتردد في تعيينه، فقال: لعله ابن المغيرة أو ابن رشيد، فتعقبه الحافظ، لكنه أخطأ في تعيينه أيضاً، فجعله عثمان بن عبد الله بن هرمز الضعيف، وهو مكي، والذي في الإسناد عندنا ثقفي. والحسن بن سعد: هو الهاشمي مولاهم، وشك المسعودي لا يضر، لأن عثمان الثقفي والحسن بن سعد، كلاهما ثقة.// وأخرجه الطيالسي (402) ، والطبراني في "الكبير" (10511) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1131) من طريق عمرو بن مرزوق، كلاهما عن المسعودي، عن الحسن بن سعد، عن عبيدة النهدي، بهذا الإسناد.// وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/210، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، وقال: الفراش أو الذباب أو الحنظب -ذكر الخنافس والجراد-، وفيه المسعودي، وقد اختلط. قلنا: لكن سمع وكيعٌ منه قبل اختلاطه.// وسيأي تخريجه من "مسند أبي يعلى" عند الرواية (4027) ، وسيأتي أيضاً برقم (4028) .// وقوله: "إني آخذ بحجَزِكم..." له شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (6483) ، ومسلم (2284) ، سيرد 2/244.

قوله: "سَيَطلِعها"، بتشديد الطاء، أي: سيرتكبها مرتكب.  بحجَزِكم، بضم حاء، وفتح جيم، جمع حجْزَة، وهي معقد الإِزار، أي: مانع لكم.  أن تهافتوا: تسقطوا. قاله السندي.

 

التبرير بخرافات وهمية غير مرئية لمصادرة الحقوق الواضحة المؤكدة لكل إنسان في حرية الاعتقاد والسلوك والاختيارات. وبالتأكيد لسنا حشرات معدومة العقل ضعيفة الإدراك والتمييز، نحن بشر أحرار لنا حريتنا وكرامتنا وحريتنا في الاختيار، ومع الحرية توجد المسؤولية. لا يعرف معظم دهماء المسلمين لا الحرية ولا المسؤولية المترتبة على الحرية.

 

مصادرة الحريات بالتخويف بالخرافات عن الجحيم والتعذيب الأبدي

 

روى أحمد:

 

20094 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: " هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا ؟ " قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُصَّ، قَالَ: وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ : " إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي عَلَيْهِ بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ بِهَا رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَا الْحَجَرُ هَاهُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ يَأْخُذُهُ، فَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى "، قَالَ: قُلْتُ: " سُبْحَانَ اللهِ مَا هَذَانِ ؟ قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَيْهِ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَيْهِ إِلَى قَفَاهُ "، قَالَ: " ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الْأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ الْأَوَّلُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِهِ الْمَرَّةَ الْأُولَى "، قَالَ: قُلْتُ: " سُبْحَانَ اللهِ مَا هَذَانِ ؟ قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ "، قَالَ: " فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ "، قَالَ عَوْفٌ: وَأَحْسَبُ أَنَّهُ قَالَ: وَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، قَالَ: " فَاطَّلَعْتُ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهِيبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللهَبُ ضَوْضَوْا "، قَالَ: قُلْتُ: " مَا هَؤُلَاءِ ؟ قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْتُ فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: أَحْمَرَ، مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ جَمَعَ الْحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ، فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا حَجَرًا " قَالَ: " فَيَنْطَلِقُ فَيَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ وَأَلْقَمَهُ حَجَرًا "، قَالَ: قُلْتُ: " مَا هَذَا ؟ "، قَالَ: " قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ، كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً، فَإِذَا هُوَ عِنْدَ نَارٍ لَهُ يَحُشُّهَا ، وَيَسْعَى حَوْلَهَا، قُلْتُ لَهُمَا: " مَا هَذَا ؟ قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ فَانْطَلَقْتُ فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْشِبَةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ "، قَالَ: " وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ قَائِمٌ طَوِيلٌ، لَا أَكَادُ أَنْ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ وَأَحْسَنِهِ "، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: " مَا هَذَا وَمَا هَؤُلَاءِ ؟ قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْتُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى دَوْحَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ دَوْحَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا، وَلَا أَحْسَنَ "، قَالَ: " فَقَالَا لِي: ارْقَ فِيهَا، فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَينَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنٍ ذَهَبٍ، وَلَبِنٍ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَفْتَحْنَا، فَفُتِحَ لَنَا، فَدَخَلْنَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ "، قَالَ: " فَقَالَا لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ، فَإِذَا نَهَرٌ صَغِيرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّمَا هُوَ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ "، قَالَ: " فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا، وَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، وَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ "، قَالَ: " فَقَالَا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَاذَاكَ مَنْزِلُكَ "، قَالَ: " فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ "، قَالَا لِي: " هَاذَاكَ مَنْزِلُكَ "، قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللهُ فِيكُمَا، ذَرَانِي فَلَأَدْخُلُهُ "، قَالَ: " قَالَا لِي: أَمَّا الْآنَ فَلَا، وَأَنْتَ دَاخِلُهُ "، قَالَ: " فَإِنِّي رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ ؟ " قَالَ: " قَالَا لِي: " أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ: أَمَّا الرَّجُلُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَاهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَاهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الْكَذِبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي بِنَاءٍ مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ، وَيُلْقَمُ الْحِجَارَةَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي رَأَيْتَ فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ، فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ "، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ "، " وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانَ شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا، وَشَطْرٌ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا، وَآخَرَ سَيِّئًا، فَتَجَاوَزَ اللهُ عَنْهُمْ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عوف: هو ابن أبي جميلة، وأبو رجاء العطاردي: هو عمران بن مِلْحان. وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (11226) ، وابن خزيمة (942) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.  وأخرجه مطوّلاً ومقطعاً ابن أبي شيبة 11/63-66، والبخاري (1143) و (3354) و (4674) و (7047) ، والنسائي في "الكبرى" (7658) و (11226) ، وابن خزيمة (942) ، وأبو عوانة في الرؤيا كما في "إتحاف المهرة"6/24، وابن حبان (655) ، والطبراني في "الكبير" (6984) و (6985) ، والبيهقي في "الشعب" (5510) من طرق عن عوف بن أبي جميلة، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (6986) من طريق أبي الحارث العبدي، وأبو عوانة في الرؤيا كما في "إتحاف المهرة" 6/24، والطبراني (6987) من طريق خالد بن دينار، كلاهما عن عمران بن ملحان أبي رجاء العطاردي، به. وسيأتي مطولاً ومختصراً بالأرقام (20095) و (20101) و (20165) . وانظر البخاري 1836 و2085

قوله: "فيثلَغ" بفتح اللام وإعجام الغين، أي: يدق ويكسر. وقوله: "فيَتدهدا" بالألف مسهَّلة عن الهمزة، وهي رواية جرير بن حازم أيضاً الآتية برقم (20165) ، وفي روايات: "فيتدهده" بالهاء، والمراد: أنه دفعه من علو إلى أسفل، وتدهده: إذا انحط. انظر "الفتح" 12/441. وقوله: "بكَلُوب" بفتح الكاف وتضم، وضم اللام المشَدَّدة، يُصنع من حديد ويُعوَج رأسه. "فيُشرشر": أي: يقطع. "شِدقَه" أي: جانبَ فمه. "لَغَط" بفتحتين: أصوات مختلطة غير مفهومة. "ضَوْضَوْا" بفتح ضادين معجمتين وسكون واوَيْن، صيغة ماضي الجمع من ضَوْضاءَ، أي: صاحُوا. "يَفْغَر"بمعنى يفتح. "كريه المَرْآة" بفتح الميم وسكون الراء وهمزة ممدودة ثم هاء التأنيث، أي: كريه المنظر. "يحشُها" أي: يُوقِدها. "دوحة" أي: شجرة عظيمة. "المَحْض": اللبن الخالص. "فسَما" أي: ارتفع، "صُعُداً" أي: ارتفاعاً كثيراً. "الرَّبابة" كالسَّحابة وزناً ومعنىً.

 

حديث خرافي الغرض منه فرض الشمولية الفكرية والاستحواذ الفكري، فما الذي يتضرر منه الإله الخرافي المزعوم ليعذب من لا يعبدونه بتلك العبادات المملة السخيفة، أما العلاقات الجنسية الحرة دون زواج فهي حرية شخصية ضمن الحريات، أما الفوائد (الربا) في إطار إقراض رجال المال والأعمال للاستثمار من خلال بنك، أو إقراض دولة لأخرى فهذا قانون اقتصادي دولي لا مهرب منه، ربما نعتبر الفوائد غير أخلاقية لو كانت لإقراض رجل فقير معوز، ولاهوت النصوص الإسلامية وتعاليمها يسمح ويأمر بكره الآخرين المختلفين في الثقافة والاعتقاد والسلوك وممارسة العنف ضدهم، وأصل النص من الأبوكريفا المسيحية من سفر رؤيا بطرس وسفر رؤيا بولس، كما عرضتُ في بحث (أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية).

 

وروى البخاري:


2493 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا

 

ورواه أحمد18370 و18372 و18379 و18111

 

المشكلة هنا أن مفهوم الإسلام يتعلق بجرائم حقيقية كالسرقة والاختلاس والفساد، وللأسف قد انتشر ذلك بينهم من القديم ولم يتناهوا عنه، بل اللص الكبير فيهم يضربون له تعظيم سلام كما يُقال لثرائه، ويتعلق المفهوم بمفاهيم رجعية تمس الحريات الشخصية كعدم لبس امرأة للخمار الإسلامي وعدم إيمان شخص، مع كونها حريات فردية لا شأن للمجموع والمجتمع المتعصب بها.

 

وعن طريق مفاهيم التابوهات واللعنات الإلهية الخرافية يبرر المسلمون هوسهم بالتدخل في حيوات الآخرين من الأحرار، وهي سمة للإنسان البدائي الهمجي المتدين، كانت توجد في مسيحية القرون الوسطى الأوربية قبل عصور التنوير والعلم والحرية.

 

روى أحمد:

 

1 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلَالِ بْنِ أَسَدٍ ، مِنْ كِتَابِهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ - عَنْ قَيْسٍ ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ تَقْرَؤونَ هَذِهِ الْآيَةَ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة : 105] ، وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغيِّرُوهُ ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ ".

 

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين . قيس : هو ابن أبي حازم . وأخرجه ابن أبي شيبة 15 / 174 - 175 ، وعنه ابن ماجه (4005) ، والمروزي في " مسند أبى بكر " (88) عن عبد الله بن نمير ، بهذا الإسناد . وأخرجه الحديدي (3) ، وأبو داود (4338) ، والمروزي (86) و (87) ، والبزار (65) ، وأبو يعلى (132) ، وابن حبان (304) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد ، به . وسيأتي برقم (16) و (29) و (30) و (53) .

 

19192 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ قَوْمٍ يَعْمَلُونَ بِالْمَعَاصِي وَفِيهِمْ رَجُلٌ أَعَزُّ مِنْهُمْ وَأَمْنَعُ لَا يُغَيِّرُونَ إِلَّا عَمَّهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِقَابٍ " أَوْ قَالَ: " أَصَابَهُمُ الْعِقَابُ "

 

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك: وهو ابن عبد الله النخعي. ثم إنه خالف فيه من هو أوثق منه، فرواه هنا، وفي الرواية الآتية برقم (19216) و (19256) عن أبي إسحاق- وهو السبيعي-، عن المنذر بن جرير، عن أبيه، ورواه شعبة- كما في الرواية (19230) -، وإسرائيل- كما في الرواية (19253) -، ومعمر- كما في الرواية (19255) -، ويونس- كما في الرواية (19257) - أربعتهم عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن جرير، عن أبيه، وهو الصواب. وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. وأخرجه الحارث في "مسنده" (764/1) (زوائد) عن الحسن بن قتيبة، عن شريك، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2383) من طريق يحيى الحِمّاني، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن عبيد الله بن جرير، عن أبيه، ولفظه: "ما من قوم يكون فيهم رجل يعمل بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليه، فلا يغيرون إلا إلا عَمَّهم الله بعقاب قبل أن يموتوا". ويحيى الحِمَاني ضعيف كذلك. وفي الباب عن أم سلمة رواه أحمد 26596.

 

توصية محمد بمخالفة الكتابيين لمجرد المخالفة والكره، حتى في الأمور التي لا علاقة لها بعقيدة ولا قيم ولا تحريمات وكون ذلك ذريعة بعضهم لمعاداة التمدن والحداثة والتحضر والعلم

 

روى أحمد:

 

22283 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنَ الْأَنْصَارٍ بِيضٌ لِحَاهُمْ فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا، وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ " . قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلْا يَأْتَزِرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ " . قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَخَفَّفُونَ وَلَا يَنْتَعِلُونَ . قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَتَخَفَّفُوا وَانْتَعِلُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ " . قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ . قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ "

 

إسناده صحيح . زيد بن يحيى: هو ابن عُبيد الخزاعي، والقاسم: هو ابن عبد الرحمن الدمشقي .وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7924) من طريق زيد بن يحيى، بهذا الإسناد . دون قوله: "فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون، فقال رسول الله: تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب" . وفي باب خضاب الشعر عن أبي هريرة سلف برقم (7274) وانظر شواهده هناك . وفي باب إعفاء اللحى وقص الشارب، عن أبي هريرة سلف برقم (8785) .

قال السندي: "يتسرولون" أي: يلبسون السراويل لا الإزار فبيَّن لهم أن يخالفوهم بالجمع بينهما . "يتخففون" أي: يلبسون الخفّ . "عثانينهم": العثانين جمع عُثْنون، وهو اللحية . "يوفِّرون": من التوفير، بمعنى التكميل، وجاء فيه وَفَرَ كوعد أيضاً . "سبالهم": جمع سبلة بفتحتين، وهي الشارب .

 

301 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ : اتَّزِرُوا وَارْتَدُوا ، وَانْتَعِلُوا وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَالسَّرَاوِيلاتِ ، وَأَلْقُوا الرُّكُبَ وَانْزُوا نَزْوًا ، وَعَلَيْكُمْ بِالْمَعَدِّيَّةِ ، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ ، وَذَرُوا التَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ وَإِيَّاكُمْ وَالْحَرِيرَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ : " لَا تَلْبَسُوا مِنَ الْحَرِيرِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا " وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعَيْهِ.

إسناده صحيح على شرط الشيخين . عاصم : هو ابن سليمان الأحول ، وأبو عثمان النهدي : هو عبد الرحمن بن ملّ . وقد تقدم برقم (92) . وقوله : " عليكم بالمعدِّية " : يريد خشونة العيش واللباس تشبهاً بمعد بن عدنان جد العرب . والرُّكُب : جمع رِكاب ، وهو موضع القدم من السَّرْج . وقوله : " انزوا نزواً " : أي : ثبوا على الخيل وثباً .

 

وروى البخاري:

 

5892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ

 

ورواه مسلم 259-260 وانظر أحمد 8785 بنحوه

 

5917 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَسَدَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ

 

ورواه مسلم 2336 وأحمد2209 و2364

 

كان محمد يقلد اليهود والمسيحيين في كل شيء، فلما وجدهم وخاصة اليهود الذين تهوَّس بدينهم وتشريعاتهم غير راضين باتباعه في دعوته، تحول إلى الكره الجنوني لليهودية واليهود، ولما كان بنى دينه على اليهودية ولم يمكنه هدم كل كيان دينه، شرع يغير كثير من الأشياء عرضناها في باب النسخ كرمضان بدل يوم عاشوراء يوم صيام الكفارة اليهودي؛ والقبلة إلى مكة بدل القدس؛ وإلغاء تحريم الأكل من الأضحية بعد ثلاثة أيام وغيرها. ووصل الأمر إلى الأمر بمخالفتهم حتى على التفاهات. وصايا كهذه تثير الفرقة لا تحث على الحب بين بني البشر، لذا فهي وصايا فاسدة شريرة في جوهرها، حتى لو كانت حرية الملبس والهيئة محفوظة بالطبع للكل. وهذا الحديث هو ذريعة ووسيلة الرجعيين الجهلة في كل عصر لتحريم الناس من الأخذ بالحداثة والعلم والتقدم والحرية والتنوير بدعوى أن هذا تشبه بالـ"كفار" والمشركين! ولا أمل للعرب والمسلمين في أي تقدم أو تحرر ونهضة في الحقيقة بدون اتباع وتقليد للغرب العلماني اللاديني الحكم والسياسات والتوجهات، اتباعًا في كل شيء تقريبًا، عدا السياسات الاقتصادية والتنموية والحفاظ على اللغة بصورة عصرية علمانية. أما قصة تربية وإطالة اللحى فكانت لعصور طوال إجبارية على المسلمين والعرب كلهم، وكانوا "يجرّسون" ويعيبون من يرتكب خطأ بحلق لحيته، مع أن التمدن والأناقة في حلق اللحية. ولا يزال أصحاب الفكر السلفي المتعفن يحرصون على تطويل لحاهم، وهي حرية شخصية طبعًا.

 

 

مبدأ عدم التشبه بالـ"كفار" هو تعويذة ووسيلة السلفيين لمنع الشعوب المسلمة للأخذ بالحداثة والتقدم العلمي ومبادئ التنوير والحرية والتفكير العلمي والعملي، وهكذا هو الأمر منذ زمن طويل، روى أحمد:

 

6513 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ قَالَ: " هَذِهِ ثِيَابُ الْكُفَّارِ لَا تَلْبَسْهَا "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير جبير بن نُفير، فمن رجال مسلم. يحيى، شيخ أحمد: هو ابن سعيد القطان، ويحيى، شيخ الدستوائي: هو ابن أبي كثير، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي. وأخرجه الحاكم 4/190 من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي! وأخرجه مسلم (2077) (27) ، والنسائي في "المجتبى" 8/203، وابن سعد في "الطبقات" 4/265 من طريق هشام الدستوائي، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (329) من طريق خالد بن معدان، به. وأخرجه مسلم (2077) (28) ، وابن سعد في "الطبقات" 4/265 من طريق سليمان الأحول، والنسائي في "المجتبى" 8/203 من طريق ابن طاووس، كلاهما عن طاووس، عن ابن عمرو. وسيرد بالأرقام (6536) و (6931) و (6972) ، وسيرد بمعناه (6852) . وفي الباب عن علي سلف برقم (611) و (710) ، وهو عند مسلم (2078) . وعن ابن عمر، سلف برقم (5751) .وعن عثمان عند ابن أبي شيبة 8/371.

 

6536 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ ثِيَابٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ: " أَلْقِهَا فَإِنَّهَا ثِيَابُ الْكُفَّارِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير جبير بن نفير، فمن رجال مسلم. علي بن المبارك: هو الهُنائي، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 8/368، ومن طريقه مسلم (2077) (27) عن وكيع، بهذا الإسناد. وسلف برقم (6513) .

 

مصادرة حرية الرأي على المستوى اللاهوتي

 

اللاهوت أي من ضمن معانيه اعتقادات المؤمنين بالإله الخرافي وطريقة تصورهم له والمعتقدات والأساطير والتعاليم تشكل حجر الأساس لكون ديانة ما أو مذهب منها متسامحًا أو إرهابيًّا يواجه الكلمة وحرية الرأي وحق التعبير والسلاح، تعتبر الديانة الإسلامية إحدى أعنف الديانات وأكثرها إرهابًا وشمولية. يوجد ذات التعصب في اليهودية لكن التحضر والتمدن لطف من كل وحشية التوراة وظاهرة عدم تدين معظم اليهود، كذلك علمنة المسيحية منذ قرون فلا عنف ديني إلا نادرًا جدًّا عند الغربيين، ولدى الهندوس حالات تعصب وعنف قرأت عن بعضها كقصة اغتيال عقلاني بارز حاول إيقاف خزعبلات علاج ديني ما وهي من قصص البطولة حقًّا لأن الحكومة في تلك الولاية الهندية نفذت كلامه بعدها فورًا، لكن تظل هذه حالات محدودة، أما الإسلام فهذه هي قاعدته العامة مصادرة الحق في التعبير وسجن المعبرين عن آرائهم أو قتلهم أو جلدهم وتعذيبهم تبعًا لدرجة تطور الدولة.

 

روى البخاري:

 

6477 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ

 

6478 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْني ابْنَ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ

 

وروى أحمد:

 

7215 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا، يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ "

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاق حسن الحديث، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. محمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث بن خالد التيمي، وعيسى بن طلحة: هو ابن الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله عنه. وسيأتي مكررا برقم (7958) . وأخرجه الترمذي (2314) عن محمد بن بشار، عن ابن أبي عدي، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب من هذا الوجه. وأخرجه ابن حبان (5706) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، والحاكم 4/597 من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن محمد بن إسحاق، به. وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي، فوهما، فإن محمد بن إسحاق لم يحتج به مسلم، وإنما روى له متابعة، وعلق له البخاري. وخالف يزيد بن هارون وعبد الأعلى بن عبد الأعلى محمد بن سلمة -وهو ثقه- عند ابن ماجه (3970) فرواه عن ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فجعل أبا سلمة مكان عيسى بن طلحة، ويغلب على ظننا أن محمد بن سلمة أو من هو دونه قد أخطأ في هذا الإسناد، فقد روى هذا الحديث أيضا متابعا لابن إسحاق يزيد بن الهاد -وهو ثقة من رجال الشيخين عن محمد بن إبراهيم التيمي فقال فيه: عيسى بن طلحة، كما سيأتي برقم (8922) . وانظر ما سيأتي برقم (8411) و (8658) و (9220) . وفي الباب عن بلال بن الحارث المزني، سيأتي في مسنده 3/469 (15852).

 

22016 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، ...إلخ...ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ: " رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ " ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ " فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللهِ . فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، فَقَالَ: " كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ: " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ، إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ؟ "

 

صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد منقطع، أبو وائل -وهو شقيق بن سلمة- لم يسمع من معاذ، وعاصم بن أبي النجود صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين . وهو في "مصنف" عبد الرزاق (20303) ، وفي "التفسير" له 2/109، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد (112) ، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (196) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (266) ، والبغوي في "شرح السنة" (11) ، وفي "التفسير" 3/500 . ورواية المروزي مختصرة: "ألا أخبركم برأس الأمر وعموده؟" قلت: بلى يا رسول الله . قال: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة" . وأخرجه ابن ماجه (3973) ، والترمذي (2616) من طريق عبد الله بن معاذ، والنسائي في "الكبرى" (11394) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (104) ، والبيهقي في "الشعب" (3350) من طريق محمد بن ثور، كلاهما عن معمر، به . ورواية القضاعي والبيهقي مختصرة . وأخرجه البزار (27 - كشف الأستار) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3528) ، وابن حبان (214) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (122) وفي "الشاميين" (222) من طريق علي بن الجعد عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن معاذ، واقتصروا على أول الحديث، وتحرف في إسناد البزار ابن ثوبان عن أبيه إلى عن أمه . وعبد الرحمن بن ثابت ضعيف، ومكحول لم يسمع من معاذ . وأخرجه هناد في "الزهد" (1091) من طريق محمد بن عجلان، عن مكحول، عن معاذ . وأخرجه مقتصراً على آخره البزار في "مسنده" (2643) من طريق أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن أبي عمرو الشيباني، عن معاذ . وأبو عمرو الشيباني -وهو سعد بن إياس- أدرك معاذاً إلا أنه لم يلقه، فقد كان في العراق ومعاذ في الشام . وأخرج قوله: "وهل يكب الناس ..." ضمن حديث آخر هنادٌ (1092) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن معاذ . وأبو سلمة لم يسمع من معاذ . وأخرجه مختصراً جداً المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (198) من طريق عبد الله بن عمر، عن نعيم بن وهب، عن معاذ . وإسناده ضعيف . وسيأتي مطولاً ومختصراً: من طريق عروة بن النزال وميمون بن أبي شبيب (22032) و (22068) . ومن طريق عبد الرحمن بن غنم (22051) و (22063) و (22122) . ومن طريق شهر بن حوشب (22022) و (22103) و (22133). ومن طريق عطية بن قيس (22047) ، خمستهم عن معاذ بن جبل . ويشهد لأوله حديث أبي هريرة السالف برقم (8515) ، وانظر تتمة شواهده هناك . ويشهد لقوله: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله ... إلخ" حديث أبي هريرة السالف برقم (7215) و (7907) . وحديث بلال بن الحارث السالف برقم (15852) .

 

15852 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَلَيْهِ سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " قَالَ: فَكَانَ عَلْقَمَةُ يَقُولُ: " كَمْ مِنْ كَلَامٍ قَدْ مَنَعَنِيهِ حَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ "

 

 صحيح لغيره، عمرو بن علقمة- وهو ابن وقاص- لم يرو عنه سوى ابنه محمد بن عمرو، وذكره ابن حبان في "الثقات "، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير محمد بن عمرو بن علقمة، فقد روى له البخاري مقروناً بغيره ومسلم في المتابعات، وهو حسن الحديث، وبلال بن الحارث رضي الله عنه لم يخرج له الشيخان ولا أحدهما. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه الحميدي (911) ، وهناد في "الزهد" (1141) ، والبخاري في "التاريخ الكبير"2/106-107، وفي "الصغير" 1/94-95، والترمذي (2319) ، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 2/104، وابن ماجه (3969) ، وابن حبان (280) و (281) و (287) ، والطبراني في "الكبير" (1129) و (1130) و (1131) و (1132) ، والحاكم 1/45، والبيهقي في "السنن" 8/165، وفي "الشعب" (4957) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/50، والبغوي في "شرح السنة" (4124) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (في ترجمة عمرو بن علقمة) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، ووافقه الذهبي. وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/985، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 2/103، والطبراني (1134) ، والحاكم 1/46 عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث، به. ولم يذكر جده علقمة. قال البخاري في "التاريخ الكبير" 1/107: والأول أصح. قلنا: يعني بإثبات علقمة، وقد قال الحاكم: قصّر مالك بن أنس برواية هذا الحديث، ولم يذكر علقمة بن وقاص. وذكر ابن عبد البر في "التمهيد" 13/49 أنه في رواية مالك غير متصل، وفي رواية من قال عن أبيه عن جده متصل مسند. وأخرجه بإسقاط علقمة أيضاً هناد في "الزهد" (1140) من طريق أبي بكر ابن عياش، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 2/103، والطبراني (1133) من طريق محمد بن عجلان، كلاهما عن محمد بن عمرو ابن علقمة، عن أبيه، عن بلال بن الحارث، به. وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (1394) ، ومن طريقه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/107، وفي "الصغير" 1/95، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 2/104، والطبراني في "الكبير" (1136) ، والبيهقي في "السنن" 8/165، والبغوي في "شرح السنة" (4125) عن موسى بن عقبة، عن علقمة بن وقاص، به. وهذا إسناد منقطع ما بين موسى بن عقبة وعلقمة ابن وقاص، وقد ذكر ابن عبد البر في "التمهيد" 13/50 أن موسى بن عقبة رواه عن محمد بن عمرو، عن جده علقمة بن وقاص، لم يقل عن أبيه، ورواه كذلك سفيان الثوري، وأشار إلى هذه الرواية البخاري في "التاريخ الكبير" 2/107. قال ابن عبد البر 13/50 بعد أن أورد الروايات السابقة: والقول عندي فيه - والله أعلم- قول من قال: عن أبيه، عن جده، وإليه مال الدارقطني رحمه الله. وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (358) ، والطبراني (1135) من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمر، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، به. قال ابن عبد البر 13/52: هكذا قال حماد بن سلمة، وهو عندي وهم - والله أعلم- والصحيح ما قالته الجماعة عن محمد بن عمرو عن أبيه. وأخرجه الطبراني في "الصغير" (657) من طريق معتمر بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن عمر بن عبد الله، عن بلال بن الحارث، به. والمحفوظ ما ذكره ابن عبد البر كما تقدم آنفاً.

وله شاهد بنحوه من حديث أبي هريرة، عند البخاري (6478) ، وقد سلف برقم (8411) بلفظ: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم".

 

من العجيب المنتقد هنا أن الأحاديث تتكلم عن كلمة بسيطة يقولها رجل حسب لفظ البخاري لا يتبين ما فيها، فيكون مصيره الإلقاء في جهنم لفترة طويلة، هذه خرافة يناقضها العلم، لأن علم الأعصاب والمخ يقول أن تركيبة المخ والأعصاب ليست بهذا الكمال لكي نحاسب الإنسان على فعلة بسيطة أو زلة لسان بجدية هكذا. لأن الفص الأمامي اللاواعي يتخذ القرارات وأحيانًا يبدأ في التنفيذ قبل إدراك الجزء الواعي حسبما يقول العلم. بالتأكيد سنحاسب المجرم على جريمة أو خائن الوطن على نقل أسرار الوطن، لكن ليس لمجرد زلة لسان سخيفة، ولفظ ابن إسحاق عند أحمد والسنن أسوأ لأنه يقول أن القائل لا يقصد بها سوءً، فكيف يحاسب الله الخرافي الكامل العادل البشر على أفعال نياتها حسنة أو طيبة أو نتاج تسرع وزلة وتركيبات أعصاب ومخ أبعد ما تكون عن صفة الكمال؟!

 

وهذه الأحاديث مناقضة لأحاديث تخدير الضمائر بمفاهيم المغفرة الإلهية والكفارات وتأثير الشعائر وشفاعة محمد. فيوجد أحاديث تناسب كل الأمزجة، ومما يناسب هذا المزاج حديث محقرات الذنوب.

 

الفصل الجنسي التام المهووس بين الجنسين

 

روى البخاري:

 

870 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَيَمْكُثُ هُوَ فِي مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ قَالَ نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ

 

5232 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ

 

5233 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ

 

578 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ لَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْغَلَسِ

 

869 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُلْتُ لِعَمْرَةَ أَوَمُنِعْنَ قَالَتْ نَعَمْ

 

850 - وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ قَالَ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا قَالَتْ كَانَ يُسَلِّمُ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَتْنِي هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْقُرَشِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ وَكَانَتْ تَحْتَ مَعْبَدِ بْنِ الْمِقْدَادِ وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ الْقُرَشِيَّةُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ الْفِرَاسِيَّةِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَدَّثَتْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

وانظر مسلم 445 و645 و2172 وأحمد 17347 و17396 و26541 و26644

للفصل بين الجنسين تأثيرات ضارة، فهي تجعل الرجل والمرأة لا يحسنان معاملة بعضهما وفهم بعضهما عند الزواج، ويخلق عقدًا نفسية عند الطرفين بسبب الفصل الجنسي، وقد أدى الفصل الجنسي المتشدد بين الجنسين في دولة كالسعودية إلى وجود الشذوذ في الرجال بنسبة عجيبة فوق الطبيعي، كما لوحِظ خلال فترة وجود غرف شات الياهو وعرضهم لأنفسهم للتواصل فيها. لا يمكن أن تؤدي مخالفة الحياة الطبيعية إلى خير أبدًا أو نفسيات سوية. بالنسبة لشعوب حرة تستمتع بحياتها وتعيشها على نحو طبيعي فإنه لمستحيل وغير محتمل للغاية أن يتبعوا أسلوب حياة كئيب ومكبوت مقموع كهذا. ويعتقد أن الفصل الجنسي من أسباب انتشار التحرش الجنسي بالنساء في دول إسلامية بصورة فجة همجية غير معقولة كمصر.

 

تحريم مجرد النظر العادي إلى امرأة غير متزوِّج منها الناظر، واعتبار ذلك إثمًا وذنبًا

 

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)} النور

 

روى مسلم:

 

[ 2159 ] حدثني قتيبة بن سعيد حدثنا يزيد بن زريع ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية كلاهما عن يونس ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا هشيم أخبرنا يونس عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة عن جرير بن عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري

 

وانظر أحمد 19160 و19197

 

وروى أحمد:

1369- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تُتْبِعِ النَّظَرَ النَّظَرَ ، فَإِنَّ الأُولَى لَكَ وَلَيْسَتْ لَكَ الأَخِيرَةُ.

 

وروى البخاري:

 

1513 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ

 

ورواه مسلم 1334

 

وروى أحمد:

 

562 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ: " هَذَا الْمَوْقِفُ، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ " وَأَفَاضَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَرْدَفَ أُسَامَةَ، فَجَعَلَ يُعْنِقُ عَلَى بَعِيرِهِ، وَالنَّاسُ يَضْرِبُونَ يَمِينًا وَشِمَالًا، يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ وَيَقُولُ: " السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاسُ " ثُمَّ أَتَى جَمْعًا فَصَلَّى بِهِمِ الصَّلاتَيْنِ: الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ أَتَى قُزَحَ، فَوَقَفَ عَلَى قُزَحَ، فَقَالَ: " هَذَا الْمَوْقِفُ، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ " ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى مُحَسِّرًا فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَرَعَ نَاقَتَهُ، فَخَبَّتْ حَتَّى جَازَ الْوَادِيَ، ثُمَّ حَبَسَهَا، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ، وَسَارَ حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى الْمَنْحَرَ، فَقَالَ: " هَذَا الْمَنْحَرُ، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ " قَالَ: وَاسْتَفْتَتْهُ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ أَفْنَدَ وَقَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللهِ فِي الْحَجِّ، فَهَلْ يُجْزِئُ عَنْهُ أَنْ أُؤَدِّيَ عَنْهُ ؟ قَالَ: " نَعَمْ، فَأَدِّي عَنْ أَبِيكِ " قَالَ: وَقَدْ لَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ ؟ قَالَ: " رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنِ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا "....إلخ

 

إسناده حسن، ورواه أحمد (564) و (613) و (768) و (1348) و1805 و1823 و1828 و2266.

 

عقيدة عجيبة شاذة عليها المتدينون المسلمون، مجرد النظر إلى محاسن امرأة جميلة في مكان عام بدون تلصص لا يعتبر إثمًا أو شيئًا سيئًا، الآثام والذنوب والجرائم الحقيقية غير الوهمية الدينية هي ما تعلق بإيقاع الضرر على الآخرين أو أكل حقوقهم عليهم. من معاشرتي للمسلمين وخاصة شبابهم هم لديهم هوس خاص بهذه المسائل، مع مخالفتهم له كثيرًا، ومع عقدة ذنب وهمية بلا معنى تؤرق ضمائرهم المشوهة بالدين، التي لم تعد تعرف الصواب من الخطإ، معظم هؤلاء لو أتيح لهم التجند في جيش ديني لدولة دينية تُقام لقاتلوا وقتلوا غير المسلمين لاحتلال الدول الغير إسلامية بضمير مرتاح تمامًا باعتقادهم أنهم يقاتلون كفارًا لإذلالهم وفرض الجزية عليهم كما أمر الله الخرافي المزعوم، ومن هنا يمكنك رؤية اعتلال وخلل "الضمائر الدينية" وتشوه مفاهيمها.

 

لقد اعترفت نصوص الإسلام نفسها بمخالفتها للغريزة والطبيعة السوية للإنسان واستحالة تطبيقها بصورة تامة تنسجم مع الطبيعة، روى أحمد:

 

19513 - حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ الْحَنَفِيُّ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ "

 

إسناده جيد، ثابت بن عمارة: وثقه ابن معين والدارقطني وابن حبان، وقال أحمد والنسائي: لا بأس به. وقال البزار: مشهور، وقال الذهبي: صدوق، وتفرد أبو حاتم بقوله: ليس عندي بالمتين، وبقيةُ رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح.//وأخرجه ابن خزيمة (1681) ، وابن حبان (4424) ، والبيهقي في "السنن" 3/246، و"الشُعَب" (7815) ، و"الآداب" (758) من طريق النضر بن شميل، والبزار (1551) "زوائد" من طريق ابن أبي عدي، والقُضاعي في "مسند الشهاب" (203) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، ثلاثتهم عن ثابت بن عمارة، بهذا الإسناد. وهو من طريق النضر بن شميل مطول بزيادة: "إذا استعطرت المرأة فخرجت على القوم ليجدوا ريحها .." وسترد في الرواية (19578) .//قال البزار: لا نعلم أحداً رواه بهذا اللفظ إلا أبو موسى، وثابت مشهور، روى عنه يحيى بن سعيد ومروان بن معاوية وابن أبي عدي وغيرهم.//وأخرجه ابن أبي شيبة 4/327 عن وكيع، والدارمي- مطولاً بالزيادة المذكورة آنفاً- عن أبي عاصم، كلاهما عن ثابت بن عمارة، به، موقوفاَ. قال البزار: وقال أبو عاصم: يرفعه بعض أصحابنا. قلنا: الذين رفعوه أربعة ثقات.//وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/256، وقال: رواه البزار والطبراني، ورجالهما ثقات.//وسيرد برقمي (19646) و (19748) .//وفي الباب عن أبي هريرة بلفظ: "وزنى العين النظر" وإسناده صحيح على شرط الشيخين، سلف برقم (7719) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

 

7719 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، وَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن طاووس: هو عبد الله بن طاووس ابن كيسان. وأخرجه البخاري (6612) ، وبإثر الحديث (6243) ، ومسلم (2657) (20) ، والنسائي في "الكبرى" (11544) ، وأبو عوانة في القدر كما في "إتحاف المهرة" 5/ورقة 196، وابن حبان (4420) ، والبيهقي في "السنن" 7/89، و10/185-186، وفي "الشعب" (5427) ، والبغوي في "شرح السنة" (75) ، وفي "التفسير" 4/252 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.//وأخرجه أبو داود (2152) ، والطبري في "تفسيره" 27/65، وأبو عوانة في القدر كما في "إتحاف المهرة" 5/ورقة 196 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، به.//وأخرجه البخاري (6243) من طريق سفيان بن عيينة، وعلقه برقم (6612) من طريق ورقاء اليشكري، كلاهما عن ابن طاووس، به.//وأخرجه عبد الرزاق (13680) من طريق عطاء، عن أبي هريرة موقوفاً. وسيأتي برقم (8215) و (8356) و (8526) و (8539) و (8598) و (8843) و (9563) من طرق عن أبي هريرة.//وفي الباب عن عبد الله بن مسعود سلف برقم (3912) .//ومن حديث أنس بن مالك ضمن حديث عند أبي داود (4904) ، وأبي يعلى (3694) .

 

وروى أحمد:

14586 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا، فَلْيَفْعَلْ " قَالَ: " فَخَطَبْتُ جَارِيَةً مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَكُنْتُ أَخْتَبِئُ لَهَا تَحْتَ الْكَرَبِ حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا بَعْضَ مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا، فَتَزَوَّجْتُهَا ".

 

حديث حسن، وقد اختُلف على محمد بن إسحاق في تسمية الراوي عن جابر، فسماه عبد الواحد بن زياد عنه: واقد بن عبد الرحمن بن سعد، وهذا لا يُعرف حاله كما قال ابن القطان الفاسي في كتابه "الوهم والإيهام" 4/429، ورواه عمر بن علي المقدمي عن ابن إسحاق فاختلف عليه، فسماه مرة واقد ابن عبد الرحمن كما هو عند عبد الواحد بن زياد، وسماه مرة أخرى عنه: واقد ابن عمرو بن سعد بن معاذ، وتابعه على الوجه الثاني إبراهيم بن سعد الزهري عند المصنف برقم (14869) ، وأحمد بن خالد الوَهْبي عند غيره، وهو الصواب إن شاء الله، وواقد بن عمرو هذا ثقة من رجال مسلم. قلنا: وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق، وهو حسن الحديث، وقد صرح بسماعه من داود بن الحصين فيما سيأتي عند المصنف برقم (14869). وأخرجه ابن أبي شيبة 4/355-356 عن يونس بن محمد، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (2082) عن مسدَّد، عن عبد الواحد بن زياد، به. وأخرجه البزار- كما في "الوهم والإيهام" 4/428-429، عن عمر بن علي المقدَّمي، عن محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن واقد بن عبد الرحمن بن سعد، به. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/14، والبيهقي 7/84 من طريق أحمد بن خالد الوهبي، والحاكم 2/165 من طريق عمر بن علي المقدمي، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن جابر. قلنا: وقد روي في جواز النظر إلى المرأة والنَّدب إليه عند خطبتها عن أبي هريرة، وقد سلف برقم (7842) . وانظر تتمة شواهده هناك.

والكَرَب- بفتحتين-: أصول السَّعَف الغِلاظ العِراض.

 

14869 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَقَدِرَ أَنْ يَرَى مِنْهَا بَعْضَ مَا يَدْعُوهُ إِلَيْهَا، فَلْيَفْعَلْ "

 

يعني اختبأ الشاب لها بسبب انغلاق المجتمع العربي والمسلم، ليري شيئًا من ساقيها أو استدارة مؤخرتها أو وجهها بالتدقيق وما شابه، ومن يدري فلعلها لاحظته أو أحست به بغريزة الأنثى وتركته ينظر ليرتبط بها بعد الإعجاب الجسديّ المبدئيّ، طبيعي أن الطرفين يحبان النظر إلى الجسد والشخصية بدرجة أو أخرى قبل الارتباط، وربما أن هذا ليس في الإنسان فقط بل وفي كثير من الكائنات راقية الذكاء والإدراك كذلك. الطبيعة البشرية السوية تتناقض مع الإسلام وتنسفه هو وشموليته وتهوساتِه.

 

17976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَمِّهِ، - قَالَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ: سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ - قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يُطَارِدُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ يُرِيدُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا، - قَالَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ: ُثبَيتَة ابْنَةَ الضَّحَّاكِ يُرِيدُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا -، فَقُلْتُ: أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفْعَلُ هَذَا ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا أَلْقَى اللهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا "

 

إسناده ضعيف لجهالة حال محمد بن سليمان بن أبي حثمة، فإنه لم يرو عنه غير اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وحجاج بن أرطاة مدلس، وقد عنعنه. وباقي رجال الإسناد ثقات، رجال الشيخين. وقد اختلف فيه على حجاج بن أرطاة: فأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1991) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (501) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.// وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (519) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/13-14 من طريق أبي شهاب الحناط، وابن أبي شيبة 4/356، ومن طريقه ابن ماجه (1864) ، وابن أبي عاصم (1990) ، والطبراني 19/ (500) عن حفص بن غياث، كلاهما عن حجاج بن أرطاة، به.// وأخرجه الطبراني 19/ (503) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن حجاج، به. إلا أنه قال: عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبيه.// قال الطبراني: هكذا رواه عبد الواحد بن زياد، عن الحجاج، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبيه.// وأخرجه الطيالسي (1186) ، والطبراني 19/ (505) من طريق حماد بن سلمة، عن حجاج، عن محمد بن سهل بن حنيف، عن أبيه قال: رأيت محمد ابن مسلمة، فذكر نحوه.// قال الطبراني: هكذا رواه حماد بن سلمة، وخالف الناس فيه، قد اختلف الرواة عن الحجاج بن أرطاة في هذا الحديث، والصواب عندي- والله أعلم- ما رواه حفص بن غياث ويزيد بن هارون عن الحجاج، عن محمد بن سليمان ابن أبي حثمة، عن محمد بن مسلمة.// قلنا: وذكر أنه وهم حمادُ بن سلمة أيضاً الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 3/ب.  وأخرجه ابن أبي عاصم (1992) ، وابن حبان (4042) ، والطبراني 19/ (504) ، والمزي في "تهذيب الكمال" 25/302 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، عن حجاج، عن سهل بن محمد بن أبي حثمة، عن سليمان بن أبي حثمة، قال: رأيت محمد بن مسلمة...- فذكره.// قال الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 3/ب: خالفهم أبو معاوية الضرير، فقلب إسناده، ولم يضبطه، فقال: عن الحجاج، عن سهل بن محمد بن أبي حثمة، عن عمه سليمان بن أبي حثمة، عن محمد بن مسلمة. والصحيح قول عبد الواحد بن زياد ومن تابعه عن الحجاج.// قلنا: الصواب أن الصحيح قول يزيد بن هارون ومن وافقه كما ذكر الطبراني، لأن عبد الواحد بن زياد رواه كما سلف عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبيه، ولم يتابعه أحد. وقد سقط حجاجُ بن أرطاة من إسناد ابن حبان. وفاتنا أن ننبه على وهم أبي معاوية الضرير هناك.// وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة" 1/307، ومن طريقه البيهقي 7/85 عن عمرو بن عون، عن أبي شهاب الحناط عبد ربه بن نافع، عن حجاج، عن ابن أبي مليكة، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، به. زاد ابن أبي مليكة في الإسناد.// وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (10338) ، ومن طريقة الطبراني 19/ (499) عن يحيى بن العلاء، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن سهل بن أبي حثمة قال: مرّ ناسٌ من الأنصار بمحمد بن مسلمة وهو يطالع جارية... فذكره بنحوه.// وأخرجه الطبراني 19/ (502) ، والحاكم 3/434 من طريق إبراهيم بن صرمة، عن يحيى بن سعيد- وهو الأنصاري- عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، به.// قال الحاكم: هذا حديث غريب، وإبراهيم بن صِرمة ليس من شرط الكتاب، فتعقبه الذهبي بقوله: ضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: شيخ. قلنا: وقال ابن معين: كذاب خبيث، وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر المتن والسند.// والحديث سيأتي 4/225 من طريق سهل بن أبي حثمة، عن محمد بن سلمة، ومختصراً 4/226 من طريق رجل من أهل البصرة عن محمد بن سلمة.// وقد سلف ذكر أحاديث الباب في جواز النظر إلى المرأة التي يُراد خطبتها في مسند أبي هريرة، عند تخريج الرواية (7842) ، فيصح هذا القسم بها. وسلف برقم (16028) ، وانظر ما بعده.

قال السندي: قوله: "يطارد امرأةً" أي يُخادعها لينظر إليها، ومنه طارد حيَّةً ليصيدها. "خطبة" بكسر الخاء المعجمة.

 

روى مسلم:

 

[ 1424 ] وحدثني يحيى بن معين حدثنا مروان بن معاوية الفزاري حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هل نظرت إليها فإن في عيون الأنصار شيئا قال قد نظرت إليها قال على كم تزوجتها قال على أربع أواق فقال له النبي صلى الله عليه وسلم على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ما عندنا ما نعطيك ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه قال فبعث بعثا إلى بني عبس بعث ذلك الرجل فيهم

 

ورواه أحمد:

 

7842 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: رَجُلٌ خَطَبَ امْرَأَةً، فَقَالَ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا "

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن كيسان، فمن رجالِ مسلم سفيان: هو ابنُ عيينة. وأَخرجه الحميدي (1172) ، وسعيد بن منصور (523) ، ومسلم (1424) (74) ، والنسائي في "المجتبى" 6/77، وفي "الكبرى" (5347) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/14، وفي "شرح مشكل الآثار" (5058) ، وابن حبان (4041) و (4044) ، والدارقطني 3/253، والبيهقي 7/84 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وزاد عند الطحاوي في "المشكل": قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كم أصدقتها؟" قال: ثمان أواق، قال: "لو كان أَحدكم يَنْحِتُ من الجبل ما زادَ". وأَخرجه مسلم (1424) (75) ، والنسائي في "الكبرى" (5345) من طريق مروان بن معاوية الفزاري، والنسائي في "المجتبى" 6/77، وفي "الكبرى" (5348) من طريق علي بن هاشم بن البريد، كِلاهما عن يزيد بن كيسان، به. وزاد مسلم قصة الصداق. وأَخرجه النسائي في "الكبرى" (5350) من طريق أَحمد بن منيع، عن علي بن هاشم، عن يزيد بن كيسان، عن أَبي حازم، عن جابر بن عبد الله. وقال في "المجتبى" 6/77: الصواب أَبو هريرة. وسيأتي برقم (7979) . وفي الباب عن جابر بنِ عبد الله، ومحمد بن مسلمة، والمغيرة بن شعبة، وأبي حميد السَّاعدي، وستأتي أحاديثهم في "المسند" على التوالي 3/335 و3/493 و4/244 و5/424. وعن أَنسِ بنِ مالك عند عبد بن حميد (1254) ، وابن ماجه (1865) ، وابن الجارود (676) ، والدارقطني 3/253، والبيهقي 7/74. وصححه ابنُ حبان (4043) ، والحاكم 2/165، ووافقه الذهبي.

 

(18137) 18317- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا ، فَقَالَ : اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا قَالَ : فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ ، فَخَطَبْتُهَا إِلَى أَبَوَيْهَا ، وَأَخْبَرْتُهُمَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَأَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ ، قَالَ : فَسَمِعَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ فِي خِدْرِهَا ، فَقَالَتْ : إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ ، فَانْظُرْ ، وَإِلاَّ فَإِنِّي أَنْشُدُكَ ، كَأَنَّهَا عْظَّمَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، قَالَ : فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا : فَتَزَوَّجْتُهَا ، فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا. (4/244).

 

حديث صحيح إن صح سماع بكر بن عبد الله المزني من المغيرة، فقد نفى سماعه منه ابن معين، وأثبته الدارقطني في "العلل" 7/139، وقال: ومدارُ الحديث على بكر بن عبد الله المزني. قلنا: ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (10335) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (1052) .// وأخرجه سعيد بن منصور في "سننها" (518) ، والدارمي (2094) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/14 من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. ووقع عند سعيد بن منصور: عن بكر بن عبد الله المزني أو أبي قلابة (على الشك) . ولم يذكر هذا أحد غيره. وقد تحرف في مطبوع "معاني الآثار" سفيان عن عاصم إلى: سفيان بن عاصم.// وأخرجه سعيد بن منصور (516) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (1055) ، والدارقطني في "السنن" 3/252، والبيهقي في "السنن" 7/84-85، والخطيب في "تاريخ بغداد" 7/344 من طريق أبي شهاب، والترمذي (1087) من طريق ابن أبي زائدة، والنسائي في "المجتبى" 6/69-70 من طريق حفص بن غياث، والطبراني في "الكبير" 20/ (1054) من طريق السكن الأصم، و (1056) من طريق عبد الواحد بن زياد، خمستهم، عن عاصم الأحول، به، قال الترمذي: حديث حسن.// وأخرجه عبد الرزاق (10335) أيضاً- ومن طريقه ابن ماجه (1866) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (1052) ، والدارقطني في "السنن" 3/253- عن معمر، عن ثابت البناني، عن بكر، به.// وأخرجه ابن ماجه (1865) ، وابن الجارود (676) ، وابن حبان (4043) ، والدارقطني 3/253، والحاكم 2/165، وصححه، والبيهقي 7/84، من طرق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، عن أنس بن مالك، أن المغيرة ابن شعبة أراد أن يتزوج... قال الدارقطني: وهذا وهم، وإنما رواه ثابت عن بكر مرسلاً.// وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (7842) بإسناد صحيح، وذكرنا تتمة أحاديث الباب هناك. وسيأتي برقم (18154) .

 

وسبق وتناولت بالتعليق هذا النص من القرآن في فقرة سابقة من باب (التشريعات الشاذة):

 

{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)} البقرة

 

والآن لو اتبعنا طريقة الفصل الجنسي الموصى بها من محمد والسلفيين، كيف سيرى أي أحد أي آخر من الجنس الآخر؟!

 

تحريم مجرد النظر العادي إلى امرأة غير متزوِّج منها الناظر، واعتبار ذلك إثمًا وذنبًا

 

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)} النور

 

روى مسلم:

 

[ 2159 ] حدثني قتيبة بن سعيد حدثنا يزيد بن زريع ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية كلاهما عن يونس ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا هشيم أخبرنا يونس عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة عن جرير بن عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري

 

وانظر أحمد 19160 و19197

 

وروى أحمد:

 

1369- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تُتْبِعِ النَّظَرَ النَّظَرَ ، فَإِنَّ الأُولَى لَكَ وَلَيْسَتْ لَكَ الأَخِيرَةُ.

 

وروى البخاري:

 

1513 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ

 

ورواه مسلم 1334

 

عقيدة عجيبة شاذة عليها المتدينون المسلمون، مجرد النظر إلى محاسن امرأة جميلة في مكان عام بدون تلصص لا يعتبر إثمًا أو شيئًا سيئًا، الآثام والذنوب والجرائم الحقيقية غير الوهمية الدينية هي ما تعلق بإيقاع الضرر على الآخرين أو أكل حقوقهم عليهم. من معاشرتي للمسلمين وخاصة شبابهم هم لديهم هوس خاص بهذه المسائل، مع مخالفتهم له كثيرًا، ومع عقدة ذنب وهمية بلا معنى تؤرق ضمائرهم المشوهة بالدين، التي لم تعد تعرف الصواب من الخطإ، معظم هؤلاء لو أتيح لهم التجند في جيش ديني لدولة دينية تُقام لقاتلوا وقتلوا غير المسلمين لاحتلال الدول الغير إسلامية بضمير مرتاح تمامًا باعتقادهم أنهم يقاتلون كفارًا لإذلالهم وفرض الجزية عليهم كما أمر الله الخرافي المزعوم، ومن هنا يمكنك رؤية اعتلال وخلل "الضمائر الدينية" وتشوه مفاهيمها.

 

لقد اعترفت نصوص الإسلام نفسها بمخالفتها للغريزة والطبيعة السوية للإنسان واستحالة تطبيقها بصورة تامة تنسجم مع الطبيعة، روى أحمد:

 

19513 - حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ الْحَنَفِيُّ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ "

 

إسناده جيد، ثابت بن عمارة: وثقه ابن معين والدارقطني وابن حبان، وقال أحمد والنسائي: لا بأس به. وقال البزار: مشهور، وقال الذهبي: صدوق، وتفرد أبو حاتم بقوله: ليس عندي بالمتين، وبقيةُ رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح.//وأخرجه ابن خزيمة (1681) ، وابن حبان (4424) ، والبيهقي في "السنن" 3/246، و"الشُعَب" (7815) ، و"الآداب" (758) من طريق النضر بن شميل، والبزار (1551) "زوائد" من طريق ابن أبي عدي، والقُضاعي في "مسند الشهاب" (203) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، ثلاثتهم عن ثابت بن عمارة، بهذا الإسناد. وهو من طريق النضر بن شميل مطول بزيادة: "إذا استعطرت المرأة فخرجت على القوم ليجدوا ريحها .." وسترد في الرواية (19578) .//قال البزار: لا نعلم أحداً رواه بهذا اللفظ إلا أبو موسى، وثابت مشهور، روى عنه يحيى بن سعيد ومروان بن معاوية وابن أبي عدي وغيرهم.//وأخرجه ابن أبي شيبة 4/327 عن وكيع، والدارمي- مطولاً بالزيادة المذكورة آنفاً- عن أبي عاصم، كلاهما عن ثابت بن عمارة، به، موقوفاَ. قال البزار: وقال أبو عاصم: يرفعه بعض أصحابنا. قلنا: الذين رفعوه أربعة ثقات.//وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/256، وقال: رواه البزار والطبراني، ورجالهما ثقات.//وسيرد برقمي (19646) و (19748) .//وفي الباب عن أبي هريرة بلفظ: "وزنى العين النظر" وإسناده صحيح على شرط الشيخين، سلف برقم (7719) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

 

7719 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، وَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن طاووس: هو عبد الله بن طاووس ابن كيسان. وأخرجه البخاري (6612) ، وبإثر الحديث (6243) ، ومسلم (2657) (20) ، والنسائي في "الكبرى" (11544) ، وأبو عوانة في القدر كما في "إتحاف المهرة" 5/ورقة 196، وابن حبان (4420) ، والبيهقي في "السنن" 7/89، و10/185-186، وفي "الشعب" (5427) ، والبغوي في "شرح السنة" (75) ، وفي "التفسير" 4/252 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.//وأخرجه أبو داود (2152) ، والطبري في "تفسيره" 27/65، وأبو عوانة في القدر كما في "إتحاف المهرة" 5/ورقة 196 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، به.//وأخرجه البخاري (6243) من طريق سفيان بن عيينة، وعلقه برقم (6612) من طريق ورقاء اليشكري، كلاهما عن ابن طاووس، به.//وأخرجه عبد الرزاق (13680) من طريق عطاء، عن أبي هريرة موقوفاً. وسيأتي برقم (8215) و (8356) و (8526) و (8539) و (8598) و (8843) و (9563) من طرق عن أبي هريرة.//وفي الباب عن عبد الله بن مسعود سلف برقم (3912) .//ومن حديث أنس بن مالك ضمن حديث عند أبي داود (4904) ، وأبي يعلى (3694) .

 

 

مجتمع يثرب-المدينة كان طبيعيًّا قبل قدوم محمد بديانته وغسله الأدمغة بالأفكار الشاذة غير الطبيعية

 

روى أحمد:

 

19784 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّ جُلَيْبِيبًا كَانَ امْرَأً يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ، يَمُرُّ بِهِنَّ وَيُلَاعِبُهُنَّ فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ جُلَيْبِيبٌ ؛ فَإِنَّهُ إِنْ دَخَلَ عَلَيْكُمْ، لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ . قَالَ: وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَيِّمٌ لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا حَاجَةٌ ؟ أَمْ لَا . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: " زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ " . فَقَالَ: نِعِمَّ وَكَرَامَةٌ يَا رَسُولَ اللهِ وَنُعْمَ عَيْنِي . قَالَ: " إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي " . قَالَ: فَلِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: " لِجُلَيْبِيبٍ " .: قَالَ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُشَاوِرُ أُمَّهَا فَأَتَى أُمَّهَا فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ابْنَتَكِ . فَقَالَتْ: نِعِمَّ . وَنُعْمَةُ عَيْنِي . فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ يَخْطُبُهَا لِنَفْسِهِ إِنَّمَا يَخْطُبُهَا لِجُلَيْبِيبٍ . فَقَالَتْ: أَجُلَيْبِيبٌ إنية ؟ أَجُلَيْبِيبٌ إنية ؟ أَجُلَيْبِيبٌ إنية ؟ لَا . لَعَمْرُ اللهِ لَا نُزَوَّجُهُ . فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ لِيَأْتِيَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيُخْبِرَهُ بِمَا قَالَتْ أُمُّهَا: قَالَتِ الْجَارِيَةُ: مَنْ خَطَبَنِي إِلَيْكُمْ ؟ فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّهَا فَقَالَتْ: أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ ؟ ادْفَعُونِي ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْنِي ...إلخ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (3997) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وليس فيه دعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لزوج جليبيب في آخره. وقد سلفت قصة زواج جليبيب في حديث أنس بن مالك برقم (12393) .

قوله:"أَيَّم"،: بفتح فتشديد، أي: بنت بلا زوج. وقوله: "ونُعم عين" : بضم فسكون، وفي بعض النسخ: ونُعْمة عين، بضم فسكون أيضاً، وقيل: يجوز فيهما ضم النون وفتحها، أي: نُكرِمك بها كرامةً ونَسُرُ عينَك مَسَرَّة، ونُعْمة العين: قرة العين ومَسَرَّتُها. قاله السندي. وقولها: "إنيه" قال ابن الأثير في "النهاية" 1/78-79: قد اختُلِفَ في ضبط هذه اللفظة اختلافاً كثيراً، فرويت بكسر الهمزة والنون وسكون الياء وبعدها هاء، ومعناها أنها لفظةٌ تستعملها العرب في الإنكار، يقول القائل: جاء زيد، فتقول أنت: أزيدُنيه، وأزَيدٌ إنيه، كأنك استبعدت مجيئَه. ورُويت أيضاً بكسر الهمزة وبعدها باء ساكنة ثم نون مفتوحة، وتقديرها: ألجليبيب ابنتي؟ فأسقطت الياء ووقفت عليها بالهاء. قال أبو موسى: وهو في "مسند" أحمد بن حنبل بخط أبي الحسن بن الفرات، وخطه حُجة، وهو هكذا معجم مُقيدٌ في مواضع، ويجوز أن لا يكون قد حذف الياء، وإنما هي ابنة نكرة، أي: أتُزَوجُ جليبيباً ببنتٍ ؟ تعني أنه لا يصلح أن يُزَوج ببنتِ، إنما يُزوج مثلُه بأمَةٍ استنقاصاً له، وقد رُويت مثل هذه الرواية الثالثة بزيادة ألف ولام للتعريف، أي: ألجليبيب الابنةُ؟ ورويت: ألجليبيب الأمة؟ تريد الجارية، كناية عن بنتها. ورواه بعضهم أُميَّة، أو آمنة، على أنه اسم البنت.

 

مصادرة حرية الملبس والهيئة

 

روى أحمد:

 

8309 - حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَعَنَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لُبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لُبْسَةَ الرَّجُلِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سهيل بن أبي صالح، فمن رجال مسلم. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو القيسي العقدي، وأبو سلمة: هو منصور بن سلمة بن عبد العزيز الخزاعي. وأخرجه أبو داود (4098) من طريق أبي عامر وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9253) من طريق خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، به. وأخرجه ابن ماجه (1903) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهيل، به، بلفظ أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن المرأة تتشبه بالرجال، والرجل يتشبه بالنساء.

 

وروى البخاري:

 

5885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ تَابَعَهُ عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ

 

بالنسبة للسلفيين المتشددين من عصر محمد وبعده كان رؤية امرأة ترتدي بنطلونًا اعتياديًّا جميلًا عمليًّا يسهل حركتها سيكون كارثة ومن علامات اقتراب قيامتهم الخرافية! اختيار الملابس ونوعها هو حرية شخصية، لا يزال المجتمع العربي والمسلم محكومًا بقيم صدئة عفا عليها الزمن وأكل وشرب عليها. بالتأكيد بالنسبة لهؤلاء فإن استقلال المرأة وعملها وتثقفها وشخصيتها القوية سيكون مستوجبًا لعدواتها ولعنها. هؤلاء لديهم عقد جنسية وأمومية وأبوية وكل ما كان يمكن لفرويد تحيله مع عقد دينية وخلل معرفي ونفسي تجعلهم يكرهون النساء "كالجحيم" كما يقول الأمركيون.  

 

وروى مسلم:

 

[ 2128 ] حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا

 

وأخرجه ابن حبان (7461) ، والبيهقي في "السنن" 2/234، وفي "الشعب" (7801) ، وفي "الدلائل" 6/532-533، والبغوي (2578) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن سهيل بن أبي صالح، به. وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/913، ومن طريقه البغوي (3083) عن مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، موقوفاً بلفظ: نساءٌ كاسيات عاريات، مائلات مميلات، لا يدخلْنَ الجنة، ولا يجدن ريحها، وريحها يوجد من مسيرة خمس مئة سنة. ورواه أحمد برقم (9680) ، وانظر برقم (8073) .

 

حرية المرأة في اختيار ملبسها إن كان مما يبرز مفاتن ومحاسن، أو محتشمًا متحفظًا هو كذلك حرية شخصية وحق لها حسب رغبتها وشخصيتها ومزاجها واحتياجها. ونفس الأمر للرجال.

 

النهي عن لبس الثوب يكون أدنى من الكعبين للرجال

 

روى البخاري:

 

5787 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ

 

5790 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ إِذْ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلَّلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَابَعَهُ يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَرْفَعْهُ شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ

 

وروى مسلم:

 

[ 2086 ] حدثني أبو الطاهر حدثنا بن وهب أخبرني عمر بن محمد عن عبد الله بن واقد عن بن عمر قال مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاء فقال يا عبد الله ارفع إزارك فرفعته ثم قال زد فزدت فما زلت أتحراها بعد فقال بعض القوم إلى أين فقال أنصاف الساقين

 

ورواه أحمد 20098 و21168 و7467 و20633 و20636 و21318 و21404 و21405 و21408 و21436 و21481 و21544 و2955 و3605 و و23243 و23356 و23378 و23402 و7857 و11010 و12424 و4489 وغيرها.

 

وروى أحمد:

 

2955 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، وَحُسَيْنٌ، قَالا: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ أَشْعَثَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى مُسْبِلٍ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. حسين: هو ابن محمد بن بَهرام التميمي المروذي، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن التميمي مولاهم النَحْوي، وأشعث: هو ابن أبي الشعثاء المحاربي الكوفي. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/388، والنسائي في "الكبرى" (9697) ، والطبراني (12413) من طرق عن شيبان بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/207-208، وفي "الكبرى" (9700) ، والطبراني (12414) من طرق عن أشعث بن أبي الشعثاء، به. وفي الباب عن المغيرة بن شعبة عند أحمد 4/246، وصححه ابن حبان (5442) . وعن أبي ذر عند أحمد 5/148، ومسلم (106) . وعن أبي هريرة عند أحمد 2/318 بلفظ: "إن الله لا ينظر إلى المُسْبِلِ يوم القيامة" وسنده صحيح على شرط الشيخين. وعنه أيضاً بلفظ: "لا ينظر الله إلى من يجر إزاره بطراً" عند أحمد 2/386، والبخاري (5788) ، ومسلم (2087) . وبنحوه عن ابن عمر عند أحمد 2/9-10، والبخاري (5783) ، ومسلم (2085) . وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/6، وصححه ابن حبان (5446) . وفي الباب عن سمرة عند أحمد20168 مَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فِي النَّارِ ".

 

5713- حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : كَسَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً مِنْ حُلَلِ السِّيَرَاءِ أَهْدَاهَا لَهُ فَيْرُوزُ ، فَلَبِسْتُ الإِزَارَ فَأَغْرَقَنِي طُولاً وَعَرْضًا ، فَسَحَبْتُهُ وَلَبِسْتُ الرِّدَاءَ ، فَتَقَنَّعْتُ بِهِ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَاتِقِي فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ، ارْفَعِ الإِزَارَ ، فَإِنَّ مَا مَسَّتِ الأَرْضُ مِنَ الإِزَارِ إِلَى مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ : فَلَمْ أَرَ إِنْسَانًا قَطُّ أَشَدَّ تَشْمِيرًا مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ.

 

صحيح لغيره، ولهذا إسناد حسن من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد سلف الكلام فيه في الرواية رقم (5693) ، وبقية رجال الإسناد رجال الصحيح. زكريا بن عدي: هو أبو يحيى الكوفي، وعبيد الله بن عمرو: هو الرقي. وأخرجه أبو يعلى (5714) عن هاشم بن الحارث، عن عبيد الله بن عمرو، بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/123، قال: رواه أحمد وأبو يعلى ببعضه... وفي إسناد أحمد عبد الله بن محمد بن عقيل، وحديثه حسن، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات. قلنا: وابن عقيل في إسناد أبي يعلى أيضاً. وقال الهيثمي أيضاً: له أحاديث في الصحيح بغير هذا السياق. قلنا: انظر (4489) ، وقد سلف برقم (5693) .

قال السندي: قوله: فأغرقني، أي: أحاطني وزاد عليَّ في الطول والعرض.

 

23243 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نُذَيْرٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَضَلَةِ سَاقِي ـ أَوْ سَاقِهِ ـ قَالَ: " هَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلُ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِيمَا دُونَ الْكَعْبَيْنِ "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل مسلم بن نذير -ويقال: ابن يزيد الكوفي- وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين . سفيان: هو ابن عيينة، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي . وأخرجه الحميدي (445) ، وابن ماجه بإثر الحديث (3572) من طريق سفيان ابن عيينة، بهذا الإسناد . وأخرجه ابن أبي شيبة 8/390-391، وابن ماجه (3572) ، والترمذي في "السنن" (1783) ، وفي "الشمائل" (115) ، والنسائي في "المجتبى" 8/206، وفي "الكبرى" (9687) و (9688) و (9689) و (9690) ، والبزار في "مسنده" (2973) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2652) ، والطبراني في "الأوسط" (1800) و (2100) ، وفي "الصغير" (270) ، والبغوي في "شرح السنة" (3078) من طرق عن أبي إسحاق، به . وخالفهم زيد بن أبي أنيسة، فأخرجه ابن حبان (5448) من طريقه عن أبي إسحاق، عن الأغر أبي مسلم، عن حذيفة . وهذا غير محفوظ، فزيد وإن كان ثقة له أفراد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9686) من طريق شعيب بن صفوان، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة . قال النسائي عقبه: هذا خطأ . قلنا: وهو كما قال، فشعيب بن صفوان ضعيف . وأخرجه النسائي أيضاً (9685) من طريق يونس، عن أبيه أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب، جعله من حديثه . قال النسائي: هذا خطأ . وسيأتي (23356) و (23378) و (23402) . وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (7857) . وعن أبي سعيد الخدري، سلف برقم (11010) . وعن أنس، سلف برقم (12424) .وفي باب النهي عموماً عن إسبال الإزار انظر حديث ابن عمر (4489) وحديث أبي هريرة (7467) وانظر شواهده عندهما . وأخرجه البزار في "مسنده" (2974) من طريق محمد بن جعفر.

 

تشريع سخيف يتدخل في خصوصيات وحريات الناس في الملبس، ولا يتبعه أحد اليوم سوى بعض السلفيين، ويكون شكلهم مضحكًا غالبًا وقد بدت جواربهم أو أرجلهم المشعرة النحيلة أو السمينة. معظمهم يبدو شكله منفرًا غير متحضر، وبعضهم من شبابهم مزدوج الهويات والانتماآت يحاول أن يبدو بمظهر عصري فيرتدي بنلطونًا رياضيًّا قماشيًّا بهذه الصفة، هذه وصية محمد أو السلفيين في بلدان حارة عربية في شبه جزيرة العرب، ماذا يفعل بوصية كهذه من هم مسلمون في بلاد باردة أحيانًا لدرجة سقوط الثلوج كلبنان والأردن وإيران، ودول أخرى مثلجة حقًّا في أوربا كإيطاليا والنروج وإسكتلاند؟! مجرد ذكر أسماء هذه الدول قد يعطيك قشعريرة البرد وأنت في الصيف في بلاد العرب! من سيتبع وصية كهذه في شتاء هولاند أو النروج؟! تخيل لو صار أحد رجال الإسكيمو (الإنويت) سلفيًّا مسلمًا؟!

 

وكان محمد متحمسًا جدًّا لتطبيق هذه الشمولية النازية الفاشية الإسلامية، لدرجة منع رجل يعاني عيبًا تكوينيًّا في رجليه من ذلك، روى أحمد:

 

19472 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ، حَتَّى هَرْوَلَ فِي أَثَرِهِ، حَتَّى أَخَذَ ثَوْبَهُ، فَقَالَ: " ارْفَعْ إِزَارَكَ " . قَالَ: فَكَشَفَ الرَّجُلُ عَنْ رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَحْنَفُ ، وَتَصْطَكُّ رُكْبَتَايَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ خَلْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَسَنٌ " قَالَ: وَلَمْ يُرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَّا وَإِزَارُهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ الرُّقَادِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيَّة لم يخرج له البخاري في "الصحيح". رَوْح: هو ابنُ عُبادة. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1708) من طريق رَوْح، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/124، ونسبه إلى الإمام أحمد والطبراني، وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح. وسيرد برقم (19475) . وأخرجه الحميدي (810) - ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (7240) - عن سفيان بن عيينة. قال الحميدي: كان يشكُّ سفيان. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7241) من طريق أسد بن موسى، عن سفيان، به. لم يذكر يعقوبَ بنَ عاصم، وقال: لم يذكر أسدُ بنُ موسى في حديثه الشَك في عمرو بنِ الشريد ويعقوبَ بنِ عاصم. وفي الباب عن ابن عمر مرفوعاً: "ما مسَّ الأرضَ، فهو في النار" سلف برقم (5694) ، وذكرنا بقية أحاديث الباب هناك.

قال السندي: قوله: إني أحنف؛ من الحَنَف، وهو إقبالُ القدمِ بأصابعها على القدم الأخرى. وتصطك ركبتاي، أي: تضرب إحداهما الأخرى عند المشي.

 

النهي عن تطويل الشعر بحيث يتعدى الأذنين للرجال

 

روى أحمد:

 

17622 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ بِشْرٍ التَّغْلِبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي وَكَانَ، جَلِيسًا لِأَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: كَانَ بِدِمَشْقَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، وَكَانَ رَجُلًا مُتَوَحِّدًا ، قَلَّمَا يُجَالِسُ النَّاسَ، إِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةٍ، فَإِذَا فَرَغَ فَإِنَّمَا يُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ أَهْلَهُ، فَمَرَّ بِنَا يَوْمًا وَنَحْنُ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ،....إلخ..... قَالَ: ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيْمٌ الْأَسَدِيُّ لَوْلَا طُولُ جُمَّتِهِ وَإِسْبَالُ إِزَارِهِ " فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْمًا فَجَعَلَ يَأْخُذُ شَفْرَةً فَيَقْطَعُ بِهَا شَعَرَهُ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ، وَرَفَعَ إِزَارَهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ قَالَ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: " دَخَلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَإِذَا عِنْدَهُ شَيْخٌ جُمَّتُهُ فَوْقَ أُذُنَيْهِ، وَرِدَاؤُهُ إِلَى سَاقَيْهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقَالُوا: هَذَا خُرَيْمٌ الْأَسَدِيُّ "...إلخ

 

إسناده محتمل للتحسين، بشر والد قيس- واسمه بشر بن قيس التغلبي- روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات، وهو تابعي كبير، كان جليساً لأبي الدرداء كما في حديثنا، وابنه قيس تفرد بالرواية عنه هشام بن سعد، وقال فيه: كان رجل صدق، وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه باساً. وذكره ابن حبان في الثقات. وأما هشام بن سعد فهو صدوق له أوهام، وليس في متن حديثه هذا ما ينكر عليه أو يخالف فيه.//قلنا: وبعض هذا الحديث له شواهد تعضده.// وأخرجه تاماً أبو داود (4089) من طريق عبد الملك بن عمرو، بهذا الإسناد.// وأخرجه كذلك الطبراني في "الكبير" (5616) و (5617) ، والبيهقي في "الشعب" (6204) ، وفي "الآداب" (594) ، والمزي في ترجمة بشر بن قيس من "تهذيب الكمال" 4/143-144. من طرق عن هشام بن سعد، به.// وأخرج القطعة الأولى منه ابن أبي شيبة 12/506، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (244) ، والطبراني (5618) من طرق عن هشام بن سعد، به. وأخرج القطعة الثانية منه الحاكم 2/91-92 من طريق جعفر بن عون، عن هشام بن سعد، به. وأخرج القطعة الثالثة منه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/225، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/268، والبيهقي في "الآداب" (702) من طرق عن هشام بن سعد، به. وأخرج القطعة الرابعة منه ابن المبارك في "الزهد" (853) ، وابن أبي شيبة 5/345، والبيهقي في "الشعب" (6205) ، والحاكم 4/183 وابن عساكر في "تاريخه " 3/ورقة 349 من طرق عن هشام بن سعد، به. وأخرج أبو عوانة 5/16-17 عن أبي أسامة الحلبي، عن أبيه، عن أبي سعد الأنصاري، عن عبادة بن محمد بن عبادة بن الصامت: أن سهل بن الحنظلية حدث معاوية قال: سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها، والمنفق عليها كالباسط يده لا يقبضها". وأخرج ابن الأثير في "أسد الغابة" 2/469 نحو لفظ أبي عوانة السالف من طريق عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن عبادة بن محمد بن عبادة بن الصامت، عن رجل كان في حرس معاوية، قال: عرضت على معاوية خيلٌ، فقال لرجل من الأنصار يقال له: ابن الحنظلية: ماذا سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في الخيل؟// ويشهد للقطعة الأولى حديث أبي ذر الغفاري في الرجل يعمل العمل فيحمده عليه الناس، وسيأتي 5/258، وهو عند مسلم (2642) . وحديث أبي عقبة، وسيأتي 5/295، وإسناده ضعيف. ويشهد للقطعة الثانية: "إن المنفق على الخيل..." حديث أبي كبشة عند أبي عوانة 5/19، والحاكم 2/91، وصححه ابن حبان برقم (4674) ، ولفظه: "الخيل معقود في نواصيها الخير، وأهلها معانون عليها، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة". وحديث أبي هريرة أيضاً عند ابن حبان برقم (4675) ولفظه: "مثل المنفق على الخيل كالمتكفف بالصدقة" فقلنا لعمر: ما المتكفف بالصدقة؟ قال: الذي يعطي بكفيه. وانظر حديث أبي هريرة السالف برقم (8866) . وقوله: "نعم الرجل خريم..." سيأتي عن خريم نفسه في مسنده 4/321 و322 و345. ويشهد لقوله: "فإن الله عز وجل لا يحب الفحش ولا التفحش" ما سلف من حديث عبد الله بن عمرو (6487) ، وانظر تتمة شواهده هناك.

قوله: "متوحداً" قال السندي: أي: معتزلاً عن الناس. "كلمة" بالنصب، أي: أسألك، أو أعطنا.

 

ورواه أحمد(17624)، ومن لفظه:.... ثُمَّ مَرَّ عَلَيْنَا يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيْمٌ الْأَسَدِيُّ لَوْ قَصَّرَ مِنْ شَعَرِهِ، وَشَمَّرَ إِزَارَهُ " فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْمًا فَعَجَّلَ فَأَخَذَ الشَّفْرَةَ ، فَقَصَّرَ مِنْ جُمَّتِهِ ، وَرَفَعَ إِزَارَهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ قَالَ أَبِي: " فَدَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَرَأَيْتُ رَجُلًا مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ شَعَرُهُ فَوْقَ أُذُنَيْهِ، مُؤْتَزِرًا إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، قُلْتُ مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا: خُرَيْمٌ الْأَسَدِيُّ ".....

 

وأخرجه الحافظان ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ورقة 349-350، والمزي في "تهذيب الكمال" 4/342-343 كلاهما في ترجمة بشر بن قيس من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.

 

18901 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ يَا خُرَيْمُ، لَوْلَا خَلَّتَانِ فِيكَ " قُلْتُ: وَمَا هُمَا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: " إِسْبَالُكَ إِزَارَكَ ، وَإِرْخَاؤُكَ شَعْرَكَ "

 

حديث حسن بطرقه، شمر بن عطية لم يدرك خريم بن فاتك، وأبو بكر: وهو ابن عياش- وإن كان سماعه من أبي إسحاق ليس بذاك القوي- توبع. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4157) من طريق أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد. وقد سلف برقم (18899) ، وسيكرر برقم (19037) سنداً ومتناً.

 

18899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ شِمْرٍ، عَنْ خُرَيْمٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْلَا أَنْ فِيكَ اثْنَتَيْنِ كُنْتَ أَنْتَ " قَالَ: إِنْ وَاحِدَةً تَكْفِينِي قَالَ: " تُسْبِلُ إِزَارَكَ ، وَتُوَفِّرُ شَعْرَكَ " قَالَ: لَا جَرَمَ وَاللهِ لَا أَفْعَلُ.

 

حسن بطرقه، وهذا إسناد ضعيف، شمر: وهو ابن عطية الأسدي لم يدرك خريم بن فاتك. ومعمر- وهو ابن راشد الأزدي- وإن لم يتحرر لنا أمره، أسمع من أبي إسحاق قبل الاختلاط أم بعده؟ متابع. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" برقم (19986) لكن تحرف في مطبوعه قوله: عن خريم رجل من بني أسد إلى: عن جرير عن رجل من بني أسد. وأخرجه ابن سعد 6/38، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1044) ، والطبراني في "الكبير" (4156) من طريق إسرائيل- وهو ابن يونس ابن أبي إسحاق السبيعي- والطبراني أيضاً (4158) من طريق قيس بن الربيع، والحاكم 4/195، والبيهقي في "الآداب" (701) من طريق عمار بن رُزَيق، ثلاثتهم عن أبي إسحاق.، بهذا الإسناد. ورواه قيس بن الربيع عن أبي إسحاق مقروناَ بأبي حَصين، واسمه عثمان بن عاصم الأسدي. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وتحرف في مطبوعه أي الحاكم- اسم شِمْر إلى سمرة. وأخرجه ابنُ سعد 6/38 من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن شِمْر، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4160) من طريق الحسين بن منصور الرقي، عن أبي الجواب، عن عمار بن رُزيق، وأخرجه أيضاً (4159) ، والحاكم 3/622 من طريق يحيى بن إبراهيم بن محمد بن أبي عبيدة بن معن المسعودي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، كلاهما عن الأعمش، عن شِمْر بن عطية، به. والحسين بن منصور الرقي لم يرو عنه غير اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان. وإبراهيم بن محمد بن أبي عبيدة المسعودي لم نقف له على ترجمة، والأعمش لم يسمع من شمر بن عطية، وشمر لم يدرك خريم بن فاتك، وقد سكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: إسناده مظلم.// وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4161) ، وفي "الأوسط " (3530) ، وفي "الصغير" (415) من طريق يونس بن بكير، عن المسعودي، عن عبد الملك ابن عمير، عن أيمن بن خُريم، عن أبيه، به. وقال: تفرد به يونس بن بكير. قلنا: لم يتحرر لنا سماع يونس بن بكير من المسعودي أقبل الاختلاط أم بعده؟.

 

متطرف يحلق شعر شاب بالإكراه لأنه طويل

 

روى عبد الله بن أحمد بن حنبل في المسند:

 

• 16713 - قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ الطَّوِيلُ، وَكَانَ ثِقَةً رَجُلًا صَالِحًا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَمِّهِ، قَالَ: كَانَتْ لِي جُمَّةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ رَفَعْتُهَا، فَرَآنِي أَبُو حَسَنٍ الْمَازِنِيُّ، فَقَالَ: " تَرْفَعُهَا لَا يُصِيبُهَا التُّرَابُ وَاللهِ لَأَحْلِقَنَّهَا " فَحَلَقَهَا

هذا الأثر ضعيف للشك بين والد عمرو بن يحيى أو عَمه، ولم يتبين لنا مَنْ هو، وبقية رجاله ثقات غير عبد العزيز بن محمد الدراوردي فقد اختلف فيه، وهو حسن الحديث.

 

في دولة كالسعودية يطارد الوهابيون من جماعة الأمر بالمعروف حسبما يسمونها ويدعون كنظام وجماعة شمولية مدعومة من الدولة لمطاردة الشباب طويل الشعر من الرجال لحلق شعورهم بالإكراه وممارسة العنف ضدهم وسجنهم، بطبيعة الحال هذه حرية شخصية، في أغلب الدول الإسلامية كمصر يُعتبَر في الثقافة التقليدية تطويل الشعر تشبهًا بالنساء، ولكن هذا التنميط غير صحيح بالتأكيد، وفي المدن الكبرى أصبح مظهر بعض الشباب المطيل لشعره معتادًا وموجودًا رغم ذلك كتقليد للغرب أو كمظهر يتخذه الشخص بوعي أكثر بما يناسبه.

 

طريقة حلاقة الشارب واللحية على أي شكل أو حلاقتها تمامًا حرية شخصية

 

روى أحمد:

 

19263 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ، وَوَكِيعٌ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ، فَلَيْسَ مِنَّا "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. غير يوسف بن صهيب وحبيب بن يسار، فمن رجال الترمذي والنسائي، وروى أبو داود للأول منهما أيضاً، وكلاهما ثقة. يحيى: هو ابن سعيد القطَّان، ووكيع: هو ابنُ الجراح الرؤاسي. وأخرجه الترمذي (2761) ، والنسائي في "الكبرى" (14) ، وابنُ عدي في "الكامل" 6/2361 من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 8/564-565، وعبد بن حُميد (264) ، ويعقوبُ ابنُ سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/233، والترمذي (2761) ، والنسائي في "المجتبى" 1/15 و8/129- 130، والعقيلي في "الضعفاء" 4/195، وابن حبان (5477) ، والطبراني في "الكبير" (5033) و (5034) و (5036) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (356) و (357) و (358) ، والبيهقي في "الآداب" (692) ، والمزي في "تهذيب الكمال" في (ترجمة حبيب بن يسار) من طرق عن يوسف ابن صُهيب، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (526) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن زكريا بن يحيى البدّي، عن حبيب بن يسار، به. وقال: لم يرو هذا الحديث عن زكريا بن يحيى إلا جرير. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1349) من طريق خلاَّد بن يحيى الكوفي، عن يوسف بن صهيب، عن حبيب بن يسار، عن أبي رَمْلَة، عن زيد بن أرقم، به. وهذا من المزيد في متصل الأسانيد، وأبو رملة اسمه عبد الله بن أبي أمَامَة بن ثعلبة الأنصاري الحارثي المدني. وسيرد برقم (19273) . وفي الباب عن ابن عباس سلف برقم (2738) بلفظ: كان رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقصُّ شاربه، وكان أبوكم إبراهيمُ من قبله يقصُّ شاربه. وذكرنا بقية أحاديث الباب هناك، ونزيد عليها حديث المغيرة بن شعبة. سلف برقم (18212) .

قال المباركفوري: قولُه: "فليس منَّا" أي: ليس من العاملين بسنتنا...// واختلف الناس في حد ما يقصُّ منه، وقد ذهب كثير من السلف إلى استئصاله وحلقه، لظاهر قوله: "أحْفُوا وانهَكُوا"، وهو قول الكوفيين، وذهب كثير منهم إلى منع الحلق والاستئصال، وإليه ذهب مالك، وكان يرى تأديبَ مَنْ حَلَقَه، وروى عنه ابنُ القاسم أنه قال: إحفاءُ الشارب مُثْلَة. قال النووي: المختار أنه يقص حتى يبدوَ طرفُ الشَّفَة، ولا يُحفيه من أصله.

 

18212 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي صَخْرَةَ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: ضِفْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَمَرَ بِجَنْبٍ، فَشُوِيَ، قَالَ: فَأَخَذَ الشَّفْرَةَ ، فَجَعَلَ يَحُزُّ لِي بِهَا مِنْهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَأَلْقَى الشَّفْرَةَ، وَقَالَ: " مَا لَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ ؟ "، قَالَ مُغِيرَةُ: وَكَانَ شَارِبِي وَفَى فَقَصَّهُ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سِوَاكٍ، أَوْ قَالَ: " أَقُصُّهُ لَكَ عَلَى سِوَاكٍ "

 

إسناده حسن، مغيرة بن عبد الله- وهو ابن أبي عقيل اليشكري- روى عنه جمع، ولم يؤثر توثيقه عن غير العجلي وابن حبان - وتابعهما الحافظ في "التقريب"، ولم يرو له مسلم سوى حديث واحد في القدر، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، ومسعر: هو ابن كدام. وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 28/380 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (188) ، والترمذي في "الشمائل" (168) ، وابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني " (1550) مختصراً، والطبراني في "الكبير" 20/ (1059) من طرق، عن وكيع، به. زاد أبو داود بعد قوله: "ما له تَرِبَت = يداه": وقام يصلي. وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (6655) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/230، والطبراني في "الكبير" 20/ (1058) ، وابنُ عبد البر في "التمهيد" 24/144 من طريقين، عن مسعر، به. وأخرج نحوه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1551) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (1060) ، والبيهقي في "شعب الأيمان" (6447) من طريق غالب ابن نجيح، عن جامع بن شداد، به. وأخرج الطيالسي (698) - ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" 1/150-151- والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/229 من طريق عبد الرحمن بن زياد وعبد الله بن رجاء، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي، عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً طويل الشارب، فدعا بسواك وشفرة، فقص شارب الرجل على عود السواك. والمسعودي ثقة اختلط، لكن سماع عبد الله بن رجاء منه قبل اختلاطه.

وقوله: فألقى الشفرة، وقال: "ما له تربت يداه" إنما هو من أجل تأخير الصلاة حتى يفرغ من الطعام، وقد سلف من حديث ابن عمر برقم (4709) الرُّخصة في ذلك، ولفظه عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1986) : "إذا كان أحدكم على الطعام، فلا يعجل عنه حتى يقضي حاجته، وإن أقيمت الصلاة".

وفي الباب في قص الشارب عن أبى هريرة، سلف بالرقمين (7132) و (7139) وانظر بقية أحاديث الباب هناك.

 

7132 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُصُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه. وأخرجه الطحاوي 4/230، وابن عدي في "الكامل" 5/1698 من طريق هشيم، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (8672) و (9026) . ويأتي برقم (8778) من طريق العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة، عن أبيه، عن أبي هريرة. وإسناده صحيح. وله شاهد من حديث ابن عمر سلف برقم (4654) . ويأتي برقم (7139) عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعا: أن قص الشارب من الفطرة. وفي حديث عائشة 6/137: أن من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية.

قوله: "قصوا الشوارب"، قال السندي: يدل على أن المطلوب القص، وهو الذي اختاره مالك والمحققون.

 

عرفت رجلًا ممثلًا معروفًا ضخم الجثة كان يرتزق من تطويله لشاربه بحيث يقف عليه الصقر حرفيًّا كما يقال، كان رجلًا دمث الخلق هادئًا عكس ما يوحي مظهره، وكان يغني في بعض الأفراح وافتتاحات المحلات بالإضافة إلى تمثيله ككومبارس في أدوار ثانوية، له فلم شهير مع عادل إمام أظن. طريقة حلاقتك وتربيتك لشاربك من عدمه هي حرية شخصية بالطبع. لدى هواة الشوارب واللحى الكثير من الحلقات والأشكال، ربما هناك في الغرب حتى مسابقات لذلك. بعض أشكال حلقات الخمسينيات والستينيات والعصور القديمة للشوارب لدى النبلاء والعلماء الإنجليز وبعض المصريين وغيرهم مميزة حقًّا وأنيقة. وذكرت في موضع آخر الأمر الإسلامي السلفي الظلامي بالإلزام بتطويل اللحى للرجال وبعضها أحاديث من البخاري هناك بنفس معنى الأمر المذكور هنا عن القص من الشارب. وكما ترى من خلال قوله (ليس منا) مدى سهولة التكفير في الإسلام، ولاعجبَ مما يقال في الأخبار أنه بعد إسقاط أمركا لنظام صدام حسين وإعدامه ثم انسحابها وتركها العراق في فوضى تامة يقوم المتطرفون في الأماكن التي سيطروا عليها أو عبر العمليات بقتل الحلّاقين! لأنهم اعتبروهم كفار لحلقهم اللحى وتركهم شوارب الناس وغيرها! مع أن مذهب السنة كما يفترَض لا يكفِّر في عقيدته ووفق مذهبه حتى أصحاب ما يسمونه بالكبائر يعني "الخطايا" الكبيرة الوهمية الدينية في معظمها، على عكس تكفير الإباضية والمعتزلة والخوارج لهم (أصحاب الكبائر)، وقد طالعت قديمًا كتب الإباضية، واعتمد السنة على آيات مثل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)} النساء

 

كراهية الملابس حمراء اللون للرجال والفُرُش والمراكب حمراء اللون

 

روى البخاري:

 

5838 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ وَالْقَسِّيِّ

 

5849 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْقَسِّيِّ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَالْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ

 

الميثرة: وطاء أو فرش يوضع على سراج الحصان أو الجمل.

 

وروى أبو داوود:

 

4054 - حدثنا مسدد ثنا عيسى بن يونس ثنا المغيرة بن زياد ثنا عبد الله أبو عمر مولى أسماء بنت أبي بكر قال: رأيت ابن عمر في السوق اشترى ثوبا شاميا فرأى فيه خيطا أحمر فرده فأتيت أسماء فذكرت ذلك لها فقالت ياجارية ناوليني جبة رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخرجت جبة طيالسة مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج .

 

قال الألباني: صحيح

قال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن من أجل المغيرة بن زياد. عبد الله أبو عمر: هو ابن كيسان. وأخرجه ابن ماجه (3594) من طريق المغيرة بن زياد، به. وأخرجه بمعناه مسلم (2069)، والنسائي في "الكبرى" (9546) من طريق عبد الملك بن أبي سُليمان، عن أبي عمر عبد الله بن كيسان، به. وهؤ في "مسند أحمد" (26942) و (26982) [بدون قصة ابن عمر].

روى أحمد:

 

15807 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَنَّ رَجُلًا، مِنْ بَنِي حَارِثَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْغَدَاءِ قَالَ: عَلَّقَ كُلُّ رَجُلٍ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ، ثُمَّ أَرْسَلْنَاهُنَّ فِي الشَّجَرِ، قَالَ: ثُمَّ جَلَسْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَرِحَالُنَا عَلَى أَبَاعِرِنَا ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ، فَرَأَى أَكْسِيَةً لَنَا فِيهَا خُيُوطٌ مِنْ عِهْنٍ أَحْمَرَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا أَرَى هَذِهِ الْحُمْرَةَ قَدْ عَلَتْكُمْ " قَالَ: فَقُمْنَا سِرَاعًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَفَرَ بَعْضُ إِبِلِنَا فَأَخَذْنَا الْأَكْسِيَةَ فَنَزَعْنَاهَا مِنْهَا

 

إسناده ضعيف لإبهام راويه عن رافع بن خَدِيج، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق، فقد روى له مسلم متابعة، وهو صدوق. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/492، وأبو داود (4070) ، والطبراني في "الكبير" (4449) من طريق أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عمرو بن عطاء، به. وسيرد مختصراً 4/141 (17274).// وفي باب النهي عن الحمرة في اللباس عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: نظر إليَّ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإذا عليَّ رَيْطَةٌ مُضَرَّجَةٌ بعُصْفُر، فقال: "ما هذه؟" فعرفتُ أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد كرهها،... وقد سلف برقم (6852) .// وعنه أيضاً أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى عليه ثوبين معصفرين، قال: "هذه ثياب الكفار، لا تلبسها". وقد سلف برقم (6513) .// وعنه أيضاً قال: مَرَّ على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلٌ عليه ثوبان أحمران، فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرجه أبو داود (4069) ، والترمذي (2807) ، وفي إسناده أبو يحيى القتات مختلف فيه. وعن عبد الله بن عمر، سلف برقم (5751) . وعن امرأةٍ من بني أسد عند أبي داود (4071) قالت: كنتُ يوماً عند زينب امرأة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونحن نصبغُ ثياباً لها بمَغْرة، فبينا نحن كذلك، إذ طلع علينا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما رأى المَغْرَة رجع، فلما رأت ذلك زينبُ علمت أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد كره ما فعلت، فأخذت، فغَسَلتْ ثيابها، ووارتْ كُلَّ حُمرة، ثم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجع، فاطلع، فلما لم ير شيئاً دخل. وفي سنده ضعف.

والمَغْرَةُ، ويحرك: طين أحمر، والمُمَغَّر كمعظم: المصبوغ بها. ويُعارض هذا ما رواه البخاريُ (5848) من حديث البراء رضي الله عنه قال: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مربوعاً، وقد رأيتُه في حُلَّةٍ حمراء، ما رأيتُ شيئاً أَحْسَنَ منه. وقد ذكر الحافظ في هذا الباب ما تَلَخَّص من أقوال السلف في لبس الثوب الأحمر، وهي سبعة أقوال، وبعد أن سردها قال: والتحقيقُ في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه لبس الكفار فالقولُ فيه كالقول في الميثرة الحمراء كما سيأتي، وإن كان من أجل أنه زِيُ النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء، فيكون النهيُ عنه لا لذاته، وإن كان من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمنع حيث يقع ذلك، وإلا فيتقوى ما ذهب إليه مالك من التفرقة بين المحافل والبيوت.

وقد صحَّ النهيُ عن الحمرة في الرواحل أيضاً من: حديث البراء عند البخاري (5838) بلفظ: "نهانا النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المَيَاثر الحُمْر وعن القَسِّي".// ومن حديث علي عند أبي داود (4051) ، والترمذي (2808) ، والنسائي 8/165، وابن ماجه (3654) ، ولفظه عند أبي داود: نهاني رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن خاتم الذهب، وعن لبس القَسِّي، والمِيْثَرة الحمراء. وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه ابن حبان (5438) ، وسلف برقم (722) . والمياثر: جمع مِيْثَرة، وهي- فيما نقل الحافظ عن الطبري- وطاء يُوضع على سرج الفرس أو رحل البعير، كانت النساء تصنعُه لأزواجهن من الأرجوان الأحمر ومن الديباج، وكانت مراكب العجم.

قال السندي: قوله: "في شجر"، أي: في الأشجار لتأكل منها. "عِهْن "- بكسر فسكون-، أي: صوف.  وظاهرُ هذا الحديث كراهةُ لبسِ الأحمر، بل كراهة ما فيه خطوطٌ حمر. وفي سنده من لم يسم.

 

17274 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْحُمْرَةَ قَدْ ظَهَرَتْ فَكَرِهَهَا " " فَلَمَّا مَاتَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، جَعَلُوا عَلَى سَرِيرِهِ قَطِيفَةً حَمْرَاءَ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ "

 

إسناده ضعيف، فيه انقطاع بين عثمان بن محمد- وهو ابن المغيرة بن الأخنس الثقفي الأخنسي- ورافع بن خَدِيج. وباقي رجاله ثقات. أبو سعيد مولى بني هاشم: هو عبد الرحمن بن عبد الله، وعبدُ الله بن جعفر: هو المَخْرَمي. وقد سلف مطولاً مع قصة برقم (15807) وذكرنا هناك أحاديث النهي عن الحمرة في اللباس والرواحل.

قال السندي: قوله: رأى الحمرة، أي: اللباس الأحمر.  فعجب الناس: بناء على أنهم فهموا عموم النهي للُّبس والفرش، وهذا يدل على أن الفرش كان عندهم في معنى اللُّبس، والله تعالى أعلم.

 

وهي أيضًا حرية شخصية.

 

تحريم التزعفر: صبغ اليدين بشيء عطري يعطي لونًا أصفر

 

روى مسلم:

 

[ 2101 ] حدثنا يحيى بن يحيى وأبو الربيع وقتيبة بن سعيد قال يحيى أخبرنا حماد بن زيد وقال الآخران حدثنا حماد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التزعفر قال قتيبة قال حماد يعني للرجال

 

ورواه البخاري:

 

5846 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ

 

ورواه أحمد 11978 و12942 وأخرجه الشافعي 1/314، ومسلم (2101) ، وأبو داود (4179) ، والترمذي (2815) ، والنسائي 5/141 و141-142 و8/189، وأبو يعلى (3888) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/127 و128، وابن خزيمة (2674) ، وأبو عوانة 2/66 و5/511، وابن حبان (5464) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/182، والخطيب في "تاريخ بغداد" 6/229-230 و10/13، والبيهقي في "السنن" 5/36، وفي "الآداب" (583) ، والبغوي (3160) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2063) ، والبخاري (5846) ، والنسائي 8/189، وأبو يعلى (3925) ، وأبو عوانة 2/66 و5/512، والطحاوي 2/127، وابن خزيمة (2674) ، وابن عبد البر 2/182، والبيهقي 5/36 من طرق عن عبد العزيز بن صهيب، به. وأخرجه مسلم (2101) ، وأبو داود (4179) ، والترمذي (2815) ، والنسائي 5/142، وأبو يعلى (3934) و (3889) ، وابن خزيمة (2673) ، وأبو عوانة 2/66-67 و5/512، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/127، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3625) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/182 من طرق عن حماد بن زيد.

 

رغم نهي محمد وسخافة التحكمات، لا يزال كثيرون من فلاحي مصر لديهم هذه العادة، أذكر أن زميلًا في الجامعة كان من قرية وقد تزوج أخوه، فلذلك صبغ يديه بهذا الشيء ذي اللون الأصفر. هذه حرية شخصية وطالما لا ضرر من فعله على أحد فهو حر بالتأكيد، هذه هي القاعدة العامة، مذهب السنة بالذات يعادي سعادة البشر وبهجتهم. مهمة شيوخ الدين وخاصة مذهب السنة هي تسميم حيوات الناس وتكريههم في الحياة حتى يخضعوا لهم بصورة مطلقة ويصيروا غير مهتمين بحيواتهم حيث تفقد كل بهجة بسبب الفقر والتحريمات.

 

وروى أحمد:

 

12573 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ سَلْمٍ الْعَلَوِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ صُفْرَةٌ فَكَرِهَهَا، فَلَمَّا قَامَ الرَّجُلُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: " لَوْ أَمَرْتُمْ هَذَا أَنْ يَدَعَ هَذِهِ الصُّفْرَةَ " . قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يُوَاجِهُ رَجُلًا بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ فِي وَجْهِهِ.

 

إسناده حسن. وقد سلف برقم (12367) عن أبي كامل عن حماد بن زياد. ورواه أحمد 12367 و11978 و12628 و12942 وأخرجه الطيالسي (2126) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (437) ، وأبو داود (4182) و (4789) ، والترمذي في "الشمائل" (341) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (235) و (236) ، وأبو يعلى (4277) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/128، وفي "شرح مشكل الآثار" (5884) ، وابن عدي 3/1176، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/317، وفي "الآداب" (202) ، وفي "شعب الإيمان" (6324) و (8100) من طرق عن حماد بن زيد.

 

12942 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّجَالَ عَنِ الْمُزَعْفَرِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم (2101) ، وأبو داود (4179) ، والترمذي (2815) ، والنسائي 5/142، وأبو يعلى (3934) و (3889) ، وابن خزيمة (2673) ، وأبو عوانة 2/66-67 و5/512، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/127، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3625) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/182 من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

 

 

مبدأ عدم التشبه بالـ"كفار" هو تعويذة ووسيلة السلفيين لمنع الشعوب المسلمة للأخذ بالحداثة والتقدم العلمي ومبادئ التنوير والحرية والتفكير العلمي والعملي، وهكذا هو الأمر منذ زمن طويل، روى أحمد:

 

6513 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ قَالَ: " هَذِهِ ثِيَابُ الْكُفَّارِ لَا تَلْبَسْهَا "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير جبير بن نُفير، فمن رجال مسلم. يحيى، شيخ أحمد: هو ابن سعيد القطان، ويحيى، شيخ الدستوائي: هو ابن أبي كثير، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي. وأخرجه الحاكم 4/190 من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي! وأخرجه مسلم (2077) (27) ، والنسائي في "المجتبى" 8/203، وابن سعد في "الطبقات" 4/265 من طريق هشام الدستوائي، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (329) من طريق خالد بن معدان، به. وأخرجه مسلم (2077) (28) ، وابن سعد في "الطبقات" 4/265 من طريق سليمان الأحول، والنسائي في "المجتبى" 8/203 من طريق ابن طاووس، كلاهما عن طاووس، عن ابن عمرو. وسيرد بالأرقام (6536) و (6931) و (6972) ، وسيرد بمعناه (6852) . وفي الباب عن علي سلف برقم (611) و (710) ، وهو عند مسلم (2078) . وعن ابن عمر، سلف برقم (5751) .وعن عثمان عند ابن أبي شيبة 8/371.

 

6536 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ ثِيَابٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ: " أَلْقِهَا فَإِنَّهَا ثِيَابُ الْكُفَّارِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير جبير بن نفير، فمن رجال مسلم. علي بن المبارك: هو الهُنائي، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 8/368، ومن طريقه مسلم (2077) (27) عن وكيع، بهذا الإسناد. وسلف برقم (6513) .

 

على النقيض، كان محمد أول من خالف النهي عن الثوب المعصفر، روى البخاري:

5851 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا قَالَ مَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنْ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ

 

5848 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ

 

هذه طبيعة رجال الدين وذوي السلطة المكتسبة لشرعية وهمية بالدين والخرافة، يريدون منع غيرهم من ملاذّ الحياة ونعيمها، والاستئثار بالخيرات لأنفسهم وحاشيتهم فقط.

 

تحريم لبس الملابس العصرية والمتمدنة

 

روى أحمد:

 

301 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ : اتَّزِرُوا وَارْتَدُوا ، وَانْتَعِلُوا وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَالسَّرَاوِيلاتِ ، وَأَلْقُوا الرُّكُبَ وَانْزُوا نَزْوًا ، وَعَلَيْكُمْ بِالْمَعَدِّيَّةِ ، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ ، وَذَرُوا التَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ وَإِيَّاكُمْ وَالْحَرِيرَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ : " لَا تَلْبَسُوا مِنَ الْحَرِيرِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا " وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعَيْهِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . عاصم : هو ابن سليمان الأحول ، وأبو عثمان النهدي : هو عبد الرحمن بن ملّ . وقد تقدم برقم (92) . وقوله : " عليكم بالمعدِّية " : يريد خشونة العيش واللباس تشبهاً بمعد بن عدنان جد العرب . والرُّكُب : جمع رِكاب ، وهو موضع القدم من السَّرْج . وقوله : " انزوا نزواً " : أي : ثبوا على الخيل وثباً .

 

92 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ : يَا عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرِ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ ، وَقَالَ : " إِلَّا هَكَذَا " وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِصْبَعَيْهِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . زهير : هو ابن معاوية بن حُديج ، وأبو عثمان : هو عبد الرحمن بن ملّ النهدي . وأخرجه البخاري (5829) ، ومسلم (2069) (12) عن أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن زهير بن معاوية ، بهذا الإسناد . وأخرجه ابن أبي شيبة 8 / 348 و349 ، ومسلم (2069) (13) ، وأبو داود (4042) ، وابن ماجه (2820) و (3593) ، والبزار (307) ، وأبو يعلى (213) و (214) ، والبغوي في " الجعديات " (1031) من طرق عن عاصم الأحول ، به . وسيأتي برقم (242) و (243) و (301) و (356) و (357) .

 

تحريم الثياب الفاخرة

 

فلسفة الإسلام ومنهجه دومًا هو عدم ترك نفوس الأتباع تحس بالاستقلال والعزة والكرامة والاعتزاز بالنفس أبدًا، ومن ذلك روى البخاري:

 

5650 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَعَنْ الْقَسِّيِّ وَالْمِيثَرَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَتْبَعَ الْجَنَائِزَ وَنَعُودَ الْمَرِيضَ وَنُفْشِيَ السَّلَامَ

 

5837 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ

 

بَاب لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَقَالَ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ قُلْتُ لِعَلِيٍّ مَا الْقَسِّيَّةُ قَالَ ثِيَابٌ أَتَتْنَا مِنْ الشَّأْمِ أَوْ مِنْ مِصْرَ مُضَلَّعَةٌ فِيهَا حَرِيرٌ وَفِيهَا أَمْثَالُ الْأُتْرُنْجِ وَالْمِيثَرَةُ كَانَتْ النِّسَاءُ تَصْنَعُهُ لِبُعُولَتِهِنَّ مِثْلَ الْقَطَائِفِ يُصَفِّرْنَهَا وَقَالَ جَرِيرٌ عَنْ يَزِيدَ فِي حَدِيثِهِ الْقَسِّيَّةُ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ يُجَاءُ بِهَا مِنْ مِصْرَ فِيهَا الْحَرِيرُ وَالْمِيثَرَةُ جُلُودُ السِّبَاعِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ عَاصِمٌ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ فِي الْمِيثَرَةِ

 

5838 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ وَالْقَسِّيِّ

 

الحديث موجود عند أحمد بألفاظ وأسانيد صحيحة كثيرة، وأحب نقل هذا الحديث ضعيف الإسناد لما فيه من شرح لمعاني الكلمات:

 

5751 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُهَيْلٍ أَوْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمِيثَرَةِ ، وَالْقَسِّيَّةِ ، وَحَلْقَةِ الذَّهَبِ، وَالْمُفْدَمِ" قَالَ يَزِيدُ: " وَالْمِيثَرَةُ: جُلُودُ السِّبَاعِ، وَالْقَسِّيَّةُ: ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ مِنْ إِبْرَيْسَمٍ يُجَاءُ بِهَا مِنْ مِصْرَ، وَالْمُفْدَمُ: الْمُشَبَّعُ بِالْعُصْفُرِ "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد- وهو القرشي الهاشمي والحسن بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف لم يرو عنه إلا يزيد بن أبي زياد، وذكره ابن حبان في"الثقات"، وقال ابن معين: مشهور. ويزيد بن عطاء: هو اليشكري الواسطي، لين الحديث. حسين بن محمد: هو ابن بهرام المروذي.// وقوله: نهى عن المِيْثَرة: أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3248) من طريق عبد الله بن إدريس، عن يزيد بن أبي زياد، به. وقوله: نهى عن حلقة الذهب: أخرجه ابن ماجه (3643) من طريق علي بن مسهر، عن يزيد بن أبي زياد، به. وانظر (4677) .//وقوله: نهى عن المفدم: أخرجه أبن أبي شيبة 8/370، وابن ماجه (3601) ، من طريق علي بن مسهر، عن يزيد بن أبي زياد، به. وأورده بتمامه الهيثمي في"مجمع الزوائد"5/145، وقال: روى منه ابن ماجه النهي عن المقدم وحلقة الذهب، رواه أحمد، وفيه يزيد بن عطاء اليشكري، وهو ضعيف. قلنا: يزيد بن عطاء متابع كما هو في التخريج.// وقول يزيد: والميثرة ... الخ، هو من كلام الحسن بن سهيل، رواه عنه يزيد، وقد علقه البخارىِ بصيغة الجزم فىِ باب لبس القسي عن جرير بن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي زياد، في حديثه.// قال الحافظ في"الفتح"10/293: وصله إبراهيم الحربي في"غريب الحديث"له عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير بن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي زياد، عن الحسن بن سهيل، قال... وقول البخاري: عن يزيد في حديثه، يريد أنه ليس من قول يزيد، بل من روايته عن غيره.// والنهي عن الميثرة والقسي: له شاهد من حديث علي بن أبي طالب، سلف برقم (601) و (722) .//وآخر من حديث البراء بن عازب عند البخاري (5863) ، ومسلم (2066) ، سيرد 4/284.// والنهي عن المُفدم: سيأتي نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (6513) ، بإسناد صحيح.

قال السندي: قوله: عن الميثرة: بكسر الميم، وسكون ياء، وفتح المثلثة، أي: عن الجلوس عليها. والقَسية: بفتح القاف وتشديد السين، والياء للنسبة، أي: الثياب القَسًية.  وحلقة الذهب: أىِ: خاتم الذهب.  قوله [في الميثرة، هي] جلود السباع: لأن الجلوس عليها من دأب الجبابرة، وعمل المترفين، وقد جاء تفسير الميثرة بغير هذا أيضاً، والله تعالى أعلم.// قلنا: قد أنكر النووي أن تفَسر الميثرة بجلود السباع،وقال- فيما نقله عنه الحافظ في"الفتح"10/293- هو تفسير باطل، مخالف لما أطبق عليه أهل الحديث.  وقد فسًرها ابن الأثير في"النهاية"بقوله: "الميثرة": بالكسر: مفعلة من الوثارة، يقال: وَثُر وثارة فهو وثير، أي: وطيء لين، وأصلها: مِوْثرة، فقلبت الواو ياء لكسرة الميم، وهي من مراكب العجم، تعمل من حرير أو ديباج.  وجاء تفسيرها من كلام علي رضي الله عنه- كما في حديثه السالف برقم (1124) - بأنها شيء كان يصنعه النساء لبعولتهن على رحالهن، ونقله البخاري وذكر اُنه أصح في تفسير الميثرة من تفسير يزيد بأنها جلود السباع، وهذا يؤيد ما ذهب اليه النووي. والمفدم هو الملون بالعصفر.

 

1124 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ الْجَرْمِىُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَقَامَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ، ثُمَّ أَمَرَ أَبَا مُوسَى بِأُمُورٍ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَلِ اللهَ الْهُدَى وَأَنْتَ تَعْنِي بِذَلِكَ هِدَايَةَ الطَّرِيقِ، وَاسْأَلِ اللهَ السَّدَادَ وَأَنْتَ تَعْنِي بِذَلِكَ تَسْدِيدَكَ السَّهْمَ"، " وَنَهَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَجْعَلَ خَاتَمِي فِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ: السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى" قَالَ: فَكَانَ قَائِمًا فَمَا أَدْرِي فِي أَيَّتِهِمَا ؟

قَالَ: " وَنَهَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمِيثَرَةِ ، وَعَنِ الْقَسِّيَّةِ "، قُلْنَا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَيُّ شَيْءٍ الْمِيثَرَةُ ؟ قَالَ: شَيْءٌ يَصْنَعُهُ النِّسَاءُ لِبُعُولَتِهِنَّ عَلَى رِحَالِهِنَّ . قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الْقَسِّيَّةُ ؟ قَالَ: ثِيَابٌ تَأْتِينَا مِنْ قِبَلِ الشَّامِ مُضَلَّعَةٌ، فِيهَا أَمْثَالُ الْأُتْرُجِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ السَّبَنِيَّ عَرَفْتُ أَنَّهَا هِيَ.

 

إسناده قوي. وأخرجه مطولاً ومقطعاً الحميدي (52) ، ومسلم (2078) (64) ، والترمذي (1786) ، والنسائي 8/177، وأبو يعلى (419) من طريق سفيان بن عيينة، وابن أبي شيبة 8/504، ومسلم (2078) (64) و (2725) ، وابن ماجه (3648) ، والنسائي 8/219-220، والبيهقي 3/276 من طريق عبد الله بن إدريس، وأبو داود (4225) ، والنسائي 8/177، وأبو يعلى (418) ، والبيهقي 3/276 من طريق بشر بن المفضل، والنسائي 8/194، والبغوي (3149) من طريق أبي الأحوص، وأبو يعلى (606) و (607) من طريق صالج بن عمر، خمستهم عن عاصم بن كليب، بهذا الإسناد. وانظر ما تقدم برقم (586) و (664) و (863) و (1019) ، وما سيأتي برقم (1168) و (1291) و (1321) .

قوله: "وأنت تعني بذلك"، قال السندي: أي: تلاحظ عند ذلك، أو تريد مثل تسديدك السهمَ. والسبنية: ضرب من الثياب تتخذ من الكتان أغلظ ما يكون، نسبة إلى موضع يقال له: سَبَنُ، بلد بالمغرب.

 

وروى أحمد:

 

20706 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، وَابْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ "

 

إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه، فقد روى له الأربعة. إسماعيل: هو ابن علية، وابن جعفر: هو محمد، وسعيد: هو ابن أبي عروبة. وأخرجه الضياء في "المختارة" (1397) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (4132) من طريق إسماعيل ابن علية، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/249، والدارمي (1983) ، والترمذي (1770) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3252) ، والطبراني في "الكبير" (508) و (509) ، والحاكم 1/144، والبيهقي 1/18، والضياء في "المختارة" (1394) و (1396) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، به. زاد بعضهم: أن تُفْتَرَشَ. وأخرجه البزار في "مسنده" (2331) من طريق إسماعيل ابن علية، والطبراني في "الكبير" (510) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، والبيهقي 1/21 من طريق شعبة، ثلاثتهم عن يزيد الرِّشك، والطبراني (511) من طريق مطر الوراق، كلاهما (يزيد ومطر) عن أبي المليح، به. ورواية الطبراني الأولى فيها شك في وصله،قال:عن أبي المليح، أراه عن أبيه.وهو في "مصنف عبد الرزاق" (215) مرسل. وأخرجه عبد الرزاق (215) عن معمر، وابن أبي شيبة 14/250، والبزار (2330) من طريق ابن علية، والترمذي (1771) من طريق شعبة، ثلاثتهم عن يزيد الرشك، عن أبي المليح، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً. ورجح الترمذي إرساله. وسيأتي برقم (20712) . وأخرجه الدارمي (1984) ، وأبو داود (4132) ، والترمذي في "السنن" (1770) ،وفى"العلل الكبير" 2/740، والنسائي 7/176، وابن الجارود (875) ، والطبراني في "الكبير" (508) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/164، والضياء في "المختارة" (1395) من طريق يحيى بن سعيد، وفي الباب عن معاوية بن أبي سفيان، سلف برقم (16833) ، وانظر تتمة شواهده هناك.

 

16833 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْهُنَائِيِّ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ ؟ " قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ إِلَّا مُقَطَّعًا ؟ " قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ ؟ " قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ ؟ " قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ جَمْعٍ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ ؟ " قَالُوا: أَمَّا هَذَا، فَلَا، قَالَ: أَمَا إِنَّهَا مَعَهُنَّ

 

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أبي شيخ الهُنائي- واسمه حيوان بن خالد، وقيل: خيوان- فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو حسن الحديث. عفان: هو ابن مسلم الصفار، وهمام: هو ابن يحيى العوذي. وقد رواه النسائي في "الكبرى" برقم (9461) في كتاب الزينة، وأدرجه تحت عنوان: تحريم الذهب على الرجال، وهو واضح الدلالة في ذلك لأن النهي عن الحرير وعن لبس الذهب إنما هو في حق الرجال، لا النساء، وهذا الذي انتهى إليه أهل العلم الذين تُعتمد أقوالهم ويُرجع إليهم في فقاهة النصوص، فقد أباح السلف جميعاً لبس الذهب للنساء مطلقاً، وقام الإجماع على ذلك، ولا يعرف لهم فيه مخالف، وأما في حق الرجال، فقد ثبت حرمة الحرير والذهب عليهما، واستثني بالنسبة إليهما ما تدعو إليه الحاجة، كشد السن، واتخاذ الأنف، كما في حديث عرفجة، قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 20/64: وأما باب اللباس، فإن لباس الذهب والفضة يباح للنساء بالاتفاق، ويباح للرجل ما يحتاج إليه من ذلك، ويباح يسير الفضة للزينة، وكذلك يسير الذهب التابع لغيره، كالطرز ونحوه في أصح القولين في مذهب أحمد وغيره، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الذهب إلا مقطعاً. وأخرجه مطولاً ومختصراً عبد بن حميد في "المنتخب" (419) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3250) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (825) من طريقين، عن همام، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (1794) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (827) (828) من طرق عن قتادة، به. وأخرجه مختصراً النسائي في "المجتبى" 8/161- 162، وفي "الكبرى" (9454) (9817) من طريق مطر الوراق، عن أبي شيخ الهُنائي، به، ومطر فيه ضعف. وسيأتي مطولاً ومختصراً بالأرقام (16840) و (16844) و (16864) و (16872) و (16877) و (16901) و (16909) و (16923) و (16930) . وفي باب في النهي عن لبس الحرير، سلف من حديث أبي سعيد الخدري برقم (11179) ، وذكرنا هناك تتمة أحاديث الباب. ونزيد هنا: حديث علي بن أبي طالب، سلف برقم (963) . وحديث المقدام بن معديكرب، سيرد برقم (17185) . وحديث البراء بن عازب عند البخاري (1239) ، ومسلم (2066) ، وسيرد 4/284. وحديث حذيفة عند البخاري (5426) ، ومسلم (2067) ، وسيرد 5/397. وحديث عائشة، سيرد 6/33. وفي الباب في النهي عن ركوب النمور: عن ابن عمر سلف برقم (5751) . وعن المقدام، سيرد (17185) . وعن أبي ريحانة، سيرد (17209) . وعن علي، عند عبد الرزاق (218) و (219) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3247) . وعن أبي هريرة عند أبي داود (4130) . وفي الباب في النهي عن الشرب في آنية الفضة: عن حذيفة عند البخاري (5426) ، ومسلم (2067) ، وسيرد 5/397. وعن البراء عند البخاري (1239) ، ومسلم (2066) ، وسيرد 4/284. وعن عائشة، سيرد 6/33 و98. وعن أم سلمة عند البخاري (5634) ، ومسلم (2065) ، وسيرد 6/300. وفي الباب في جواز الذهب المُقَطَع عن عرفجة، سيرد 5/23.

قال السندي: قوله: إلا مُقَطَّعاً، أي: مُكَسَّراً مقطوعاً، والمراد الشيء اليسير مثل السِّنِّ والأنف. عن ركوب النُّمُور، أي: جلودها ملقاةً على السروج والرحال، لما فيه من التكبُّر، أو لأنه زِيُّ العجم، أو لأن الشعر نجس لا يقبل الدباغ.

 

تحريم الميثرة (جلود الأسود والنمور وما شابه) نعم التحريم والتشريع لو كان المقصود عدم قتل الحيوانات المتطورة الراقية، أو الرأفة بالحيوان وتحريم قتله لغير الطعام، لكن غرض الإسلام ومحمد من ذلك ليس كذلك، بل غرضه تحريم الرفاهية والتنعم على الناس وتكريههم في حيواتهم فقط لتكريس الرجال جنودًا لحروب الموت كارهين لحيواتهم بلا مبالاة وباستلاب فكري تام. لو رأى محمد فرو الدببة والثعالب والذئاب وغيره مما يستعمل شعوب دول باردة كروسيا الاتحادية الكبيرة لربما حاول تحريمها، لكن من كان سيستمع لأوامر عجيبة كهذه. بالتأكيد أنا ضد صيد الحيوانات، لكن لا مانع من تربيتها والاستفادة من فروها باستخلاصه بدون قتلها. توجد مزارع لسلالة ثعالب مدجنة بالانتخاب الصناعي كنوع جديد في روسيا تربى لهذا الغرض.

 

مصادرة الحرية الجنسية

 

روى أحمد:

 

9665 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ أَخْفَاهَا، لَا تَعْلَمُ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا، قَالَ: أَنَا أَخَافُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبيد الله: هو ابن عمر بن حفص العمري. وأخرجه البخاري (660) و (1423) و (6479) ، ومسلم (1031) (91) ، والترمذي (2391) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (358) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5846) و (5847) ، والبيهقي في "السنن" 4/190 و8/162 من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد - وبعض الرواة عن يحيى قال فيه: "لا تعلم يمينه ما تنفق شماله"، وبعضهم قال: "لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" وهو الصواب، لأن السنة المعهودة في الصدقة إعطاوها باليمين. وانظر "الفتح" وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (1342) ، ومن طريقه البخاري (6806) ، والنسائي 8/222-223، وابن حبان (4486) ، والبيهقي في "السنن" 3/65-66 عن عبيد الله بن عمر، به. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (549) و (7357) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/281-282 من طريق حماد بن زيد، عن عبيد الله بن عمر، به. وأخرجه الطيالسي (2462) عن مبارك بن فضالة، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 371 من طريق شعبة، كلاهما عن خبيب بن عبد الرحمن، به. وأخرجه مالك 2/952، ومن طريقه مسلم (1031) (91) ، والترمذي (2391) ، وأبو عوانة 4/411، والطحاوي في "مشكل الآثار" (5844) ، وابن حبان (7338) ، والبيهقي في "الشعب" (3439) ، والبغوي (470) عن خُبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد الخدري أو أبي هريرة. هكذا على الشك.

 

لا أفهم ما المشكلة إذا دعت رجلًا امرأة حسناء غير متزوجة، أو امرأة يرتضيها ويتوافق معها، أن يقضي وقتًا ممتعًا جيدًا معها كشخصين يتشاركان لحظات وساعات وأيام من الحياة في سرور؟! بالنسبة لقيم الحرية والعقلانية فلا مشكلة، التابوهات الدينية ليس لها قيمة عندنا وهي خاصة بالبشر البدائيين في الشرق الأوسط والأقصى من المتدينين. وبالنسبة لشاب متدين نشأ في الدين وخرافاته فماذا يريد الحكام وذوو المصالح سوى هذا النوع؟! لا يحاول طلب عمل أو أجر عادل، زاهد متدروش مغفل مستغفل، لو أرادوا جهاد عدوني إرهابي ألقوه في أتونه وهم مرتاحون آمنون ببساطة، وأخونا الأكبر سنًّا منه المقيم تقريبًا في المسجد لا شأن له بالحياة والسياسة والجوانب العملية هل هناك مواطن مغفل أكثر مثالية من ذلك؟!

 

روى البخاري:

 

80 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا.

 

81 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ قَالَ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ

 

6474- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ

وروى مسلم:

 

[ 2671 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا عبد الوارث حدثنا أبو التياح حدثني أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنى

 

 [ 2671 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال ألا أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم أحد بعدي سمعه منه إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويفشو الزنى ويشرب الخمر ويذهب الرجال وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد

 

ورواه أحمد 11944 و12527 و12806 و13230 و14078 والبخاري 5231 و5577 و6808 و22823 و23065

 

بالتأكيد بعض الشعوب حينما تتقدم وتصير ثرية مثقفة متعلمة، حتى لو لم يكن ظهر بعد بديل كامل للدين خرافاته وقيمه، بسبب اعتماد السلطة في شرعيتها الزائفة واحتكارها لها على الدين مثلًا، فإن الناس أو كثير منهم خاصة الطبقات العليا تتحرر من الكثير من القيم الدينية الرجعية، ولدينا في كتب التاريخ والأدب العربي نماذج كثيرة لذلك في بغداد عصر الخلافة العباسية المزدهرة والأندلس في إسبانيا، وربما بدرجة ما اليوم في تركيا في دولة متقدمة، لذلك حاول ملفقو الأحاديث جعل الأمر يبدو كشيء لعين معلون مسبقًا ومتنبأ به، لكن لا تنس النظر إلى تواريخ كتابتها وتسجيلها في القرن الثالث الهجري في الدولة العباسية نفسها.

 

مثالان من نهاية الأرب للنويري على صداقات إنسانية علمانية متحضرة لم تكن دعارة، بل مماثلة لطبيعة الحياة الأوربية والأمركية والأسترالية اليوم:

 

ومن أخباره ما رواه أبو الفرج الأصفهانىّ بإسناده الى عبد الملك المروانىّ عن مطيع بن إياس، قال: قال لى حماد عجرد يوما: هل لك أن أريك «خشّة» صديقتى وهى المعروفة بظبية الوادى! قلت نعم. قال: إنك إن قعدت عندها وخبثت عينك فى النظر أفسدتها علىّ. فقلت: لا والله لا أتكلّم بكلمة تسوءك ولأسرنّك. فمضى بى وقال: والله لئن خالفت ما قلت لأخرجنّك. قال: قلت: إن خالفت إلى ما تكره فاصنع بى ما أحببت. قال: امض بنا فمضينا، فأدخلنى على أحسن خلق الله وأظرفهم وأحسنهم وجها. فلما رأيتها أخذنى الزّمع «2» ؛ وفطن لى فقال: اسكت يابن الزانية، فسكتّ قليلا، فلحظتنى ولحظتها لحظة أخرى فغضب ووضع قلنسوته عن رأسه، وكانت صلعته حمراء كأنها است قرد؛ فلما وضعها وجدت للكلام موضعا، فقلت:

وإن السوءة السوءا ... يا حمّاد عن خشّه

عن الأترجّة الغضّ ... ة والتفّاحة الهشّه

فالتفت الىّ وقال: فعلتها يابن الزانية! فقالت له: أحسن، فو الله ما بلغ صفتك بعد، فما تريد منه! فقال لها: يا زانية! فسبّته وتثاورا، فشقّت قميصه وبصقت في وجهه وقالت له: ما يصادقك ويدع مثل هذا إلا زانية، وخرجنا وقد لقى كلّ بلاء، وقال لى: ألم أقل لك يابن الزانية: إنك ستفسد علىّ مجلسى! فأمسكت عن جوابه، وجعل يهجونى ويسبنى ويشكونى الى أصحابنا؛ فقالوا لى:

اهجه ودعنا وإياه؛ فقلت:

ألا يا ظبية الوادى ... وذات الجسد الرادى

وزين المصر والدار ... وزين الحىّ والنادى

وذات المبسم العذب ... وذات المبسم البادى

أما بالله تستحي ... ين من خلّة حمّاد

فحمّاد فتى ليس ... بذى عزّ فتنقادى

ولا مال ولا طرف ... ولا حظّ لمرتاد

فتوبى واتقى الله ... وبتّى حبل عجراد

فقد ميّزت بالحسن ... عن الخلق بإفراد

وهذا البين قد حمّ ... فجودى لى بالزاد

قال: فأخذ أصحابنا رقاعا فكتبوا الأبيات فيها وألقوها في الطريق، وخرجت أنا فلم أدخل عليهم ذلك اليوم، فلما رآها وقرأها قال لهم: يا أولاد الزنا فعلها ابن الزانية وساعدتموه؟ قال: وأخذها حكم الوادىّ فغنّى بها، فلم يبق بالكوفة سقّاء ولا طحّان ولا مكار إلا غنّى فيها ثم غبت مدّة وقدمت فأتانى فما سلّم علىّ حتى قال لى:

أما بالله تستحي ... ين من خلّة حمّاد

قتلتنى قتلك الله! والله ما كلمتنى حتى الساعة. قال: قلت: اللهم أدم هجرها له وسوء رأيها فيه وأسفه عليها وأغوه بها؛ فشتمنى ساعة. قال مطيع: ثم قلت له: قم امض بنا حتى أريك أختى- وكانت لمطيع صديقة يسمّيها أختى وتسمّيه أخى، وكانت مغنّية- فلما خرجت الينا، دعوت قيّمة لها فأسررت إليها في أن تصلح لنا طعاما وشرابا، وعرفتها أن الذى معى حمّاد فضحكت. ثم أخذت صاحبتى في الغناء وقد علمت بموضعه وعرفت، فكان أوّل ما غنّت:

أما بالله تستحيين ... من خلّة حمّاد

فقال لها: يا زانية! وأقبل علىّ وقال: وأنت يا زانى يابن الزانية! أسررت هذا الى قيّمتها! فقلت: لا والله كذبت. وشاتمته صاحبتى ساعة ثم قامت فدخلت، وجعل يتغيّظ علىّ. فقلت: أنت ترى أنى أمرتها أن تغنّى بما غنّت؟ فقال: أرى ذلك وأظنّه ظنّا لا والله ولكنى أتيقنه. فحلفت له بالطلاق على بطلان ظنّه وانصرفنا.

 

وحكى قال يحيى بن زياد المحاربىّ لمطيع وكان صديقا له: انطلق بنا الى فلانة صديقتى، فإن بينى وبينها مغاضبة لتصلح بيننا وبئس المصلح والله أنت. قال: فدخلا عليها، فأقبلا يتعاتبان ومطيع ساكت، حتى اذا أكثر قال يحيى: ما يسكتك؟ أسكت الله نأمتك !

قال مطيع:

أنت معتلّة عليه وما زا ... ل مهينا لنفسه في رضاك

فأعجب يحيى وهشّ له. فقال مطيع:

فدعيه وواصلى ابن إياس ... جعلت نفسه الغداة فداك

فقام يحيى اليه بوسادة في البيت فما زال يجلد بها رأسه ويقول: ألهذا جئت بك يا بن الزانية! ومطيع يغوّث حتى ملّ يحيى، والجارية تضحك منهما، ثم تركه.

 

وروى عن محمد بن الفضل السكونىّ قال: رفع صاحب الخبر الى المنصور أن مطيع بن إياس زنديق وأنه يلازم ابنه جعفر وجماعة من أهل بيته، ويوشك أن يفسد أديانهم أو ينسبوا الى مذهبه. فقال له المهدىّ: أنا به عارف، أما الزندقة فليس من أهلها، ولكنه خبيث الدين فاسق مستحلّ للمحارم؛ قال: فأحضره وانهه عن صحبة جعفر وسائر أهله؛ فأحضره المهدىّ وقال له: يا خبيث يا فاسق! لقد أفسدت أخى ومن تصحبه من أهلى، والله لقد بلغنى أنهم يتقارعون عليك، ولا يتم لهم سرور إلا بك، وقد غررتهم وشهرتهم في الناس، ولولا أنى شهدت لك عند أمير المؤمنين بالبراءة مما نسبت اليه من الزندقة، لقد كان أمر بضرب عنقك! يا ربيع اضربه مائة سوط واحبسه. قال: ولم يا سيدى؟ قال: لأنك سكّير خميّر قد أفسدت أهلى كلّهم بصحبتك. فقال له: إن أذنت لى وسمعت احتججت. ...إلخ خبر طريف يدلك على عدم جدية المهدي في كلامه لتدليله ابنه ولظرف الشاعر الماجن.

 

وجاء في نزهة الجلساء في أشعار النساء:

 

ولادة بنت المستكفي

ولادة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الناصر بن عبد الرحمن بن محمد المرواني. كانت واحدة زمانها، المشار إليها في أوانها، حسنة المحاضرة، مشكورة المذاكرة. كتبت بالذهب على طرازها الأيمن:

أنا والله أصلح للمعالي ... وأمشي مشيتي وأتيه تيها

وكتبت على الطراز الأيسر:

أمكن عاشقي من صحن خدي ... وأعطى قبلة من يشتهيها

وكانت مع ذلك مشهورة بالصيانة والعفاف، وفيها خلع ابن زيدون عذاره، وله فيها القصائد والمقطعات. (اهـ)

 

ولها أشعار كثيرة في الكتب، منها لما أحب ابن زيدون الوزير جاريتها السوداء فأصابتها الغيرة فقالت:

لو كنت تنصف في الهوى بيننا       لم تهو جاريتي ولم تتخيري

وتركت غصنا مثمرا بجماله           وجنحت للغصن الذي الذي لم يثمر

ولقد علمتَ بأنني بدر السما       ولكن ولعتُ لشقوتي بالمشتري

 

كانت المفاهيم الوثنية والإسلامية متفقة في الرجعية التابوهية، روى أحمد:

 

22211 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ . مَهْ . فَقَالَ: " ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا " . قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: " أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ " . قَالَ: " أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ ؟ " قَالَ: لَا . وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ . قَالَ: " وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ " . قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ " قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ .

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح . حريز: هو ابن عثمان الرَّحَبي، وسُليم بن عامر: هو الكَلاعي الخَبائِري . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7679) من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع، عن حريز بن عثمان، بهذا الإسناد . ورواه أحمد22212 ووأخرجه الطبراني في "الكبير" (7679) ، وفي "الشاميين" (1066) ، من طريق أبي المغيرة.

 

مفاهيمهم عن مصادرة حريات الناس في اختيارتهم الشخصية البحتة كانت واحدة، نفس عقلية القبيلة والتابو، في المجتمعات العلمانية الحديثة العصرية تكون القاعدة هي الحرية الشخصية، اختراع موانع الحمل أحدث ثورة جنسية كما يقال في المصطلح، نلاحظ في حيواتهم أن الأب والأم لا يجدون غضاضة أو أي مشكلة في قيام الابن أو الابنة بعلاقة تحت أعينهم، بل كثيرًا ما يزور الصديق صديقته في منزل أسرتها والعكس. ويكون الآباء سعداء بسعادة أبنائهم وحياتهم حياة طبيعية، في فلم (الخطأ في أقدارنا) The Faults in our stars المبني على رواية شهيرة ترجمت للغات منها العربية، تسعد الأم بوجود حب وعلاقة بين ابنتها المصابة بالسرطان وشاب متعاطف. يوجد بشر منهم ربوا أولادهم حتى كبروا ولم يتزوجوا، وظلوا حتى سن كبير يفكرون في الارتباط والزواج من عدمه، رغم وجود عدة أبناء أنجبهما الطرفان بناء على رغبتهما قصديًّا. يصعب وجود قيم كهذه في دول نامية فقيرة لا تعرف تنظيم النسل وتحب التناسل والتكاثر. هناك تنافر ثقافي لأن الفريق الأول عنده الجنس ليس تناسلا فقط، بينما الشرقيون يكاد يقتصر على ذلك فقط!

 

تحريم الكلام عن الجنس وممارساته وطبيعته وآلياته

 

روى مسلم:

 

[ 1437 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا مروان بن معاوية عن عمر بن حمزة العمري حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها

 

ورواه أحمد 11655

 

وروى أحمد:

 

(10977) 10990- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنَ الطُّفَاوَةِ ، قَالَ : نَزَلْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : وَلَمْ أُدْرِكْ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً أَشَدَّ تَشْمِيرًا ، وَلاَ أَقْوَمَ عَلَى ضَيْفٍ مِنْهُ ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ ، وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ ، وَأَسْفَلَ مِنْهُ جَارِيَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ ، وَمَعَهُ كِيسٌ فِيهِ حَصًى وَنَوًى ، يَقُولُ : سُبْحَانَ اللهِ سُبْحَانَ اللهِ ، حَتَّى إِذَا أَنْفَدَ مَا فِي الْكِيسِ أَلْقَاهُ إِلَيْهَا ، فَجَمَعَتْهُ فَجَعَلَتْهُ فِي الْكِيسِ ، ثُمَّ دَفَعَتْهُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي : أَلاَ أُحَدِّثُكَ عَنِّي ، وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : فَإِنِّي بَيْنَمَا أَنَا أُوعَكُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ : مَنْ أَحَسَّ الْفَتَى الدَّوْسِيَّ ، مَنْ أَحَسَّ الْفَتَى الدَّوْسِيَّ ؟ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : هُوَ ذَاكَ يُوعَكُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ تَرَى يَا رَسُولَ اللهِ ، فَجَاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيَّ وَقَالَ لِي : مَعْرُوفًا ، فَقُمْتُ فَانْطَلَقَ حَتَّى قَامَ فِي مَقَامِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ ، وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ صَفَّانِ مِنْ رِجَالٍ ، وَصَفٌّ مِنْ نِسَاءٍ ، أَوْ صَفَّانِ مِنْ نِسَاءٍ ، وَصَفٌّ مِنْ رِجَالٍ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ : إِنْ نَسَّانِي الشَّيْطَانُ شَيْئًا مِنْ صَلاَتِي فَلْيُسَبِّحِ الْقَوْمُ ، وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْسَ مِنْ صَلاَتِهِ شَيْئًا ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ ، فَقَالَ : مَجَالِسَكُمْ ، هَلْ فِيكُمْ رَجُلٌ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَرْخَى سِتْرَهُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُحَدِّثُ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا ، وَفَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا ؟ فَسَكَتُوا فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ : هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ ؟ فَجَثَتْ فَتَاةٌ كَعَابٌ عَلَى إِحْدَى رُكْبَتَيْهَا ، وَتَطَاوَلَتْ لِيَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْمَعَ كَلاَمَهَا ، فَقَالَتْ : إِي وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيُحَدِّثُونَ ، وَإِنَّهُنَّ لَيُحَدِّثْنَ ، قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ؟ إِنَّ مَثَلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانٍ وَشَيْطَانَةٍ لَقِيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالسِّكَّةِ ، قَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ لاَ يُفْضِيَنَّ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ ، وَلاَ امْرَأَةٌ إِلَى امْرَأَةٍ إِلاَّ إِلَى وَلَدٍ ، أَوْ وَالِدٍ قَالَ : وَذَكَرَ ثَالِثَةً فَنَسِيتُهَا أَلاَ إِنَّ طِيبَ الرَّجُلِ مَا وُجِدَ رِيحُهُ ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَوْنُهُ ، أَلاَ إِنَّ طِيبَ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَلَمْ يُوجَدْ رِيحُهُ. (2/540).

 

إسناده ضعيف لجهالة الطفاوي، وباقى رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، ولبعض قطع هذا الحديث طرق وشواهد تقويه. الجريري. هو سعيد بن إياس، وسماع روح منه قبل الاختلاط، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة. وأخرجه أبو داود (2174) و (4019) ، والترمذي بإثر الحديث (2787) ، وفي "الشمائل" له بإثر الحديث (220) من طريق إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَة، بهذا الإسناد- واقتصر أبو داود في الموضع الثاني على فقرة: "ألا لا يفضين رجل إلى رجل..." ، واقتصر الترمذي على قصة طيب الرجال. وأخرجه أبو داود (2174) من طريق بشر وحماد، والبيهقى في "السنن" 7/194، وفي "الشعب" (7809) من طريق يزيد بن زريع، ثلاثتهم عن الجريري، به- واقتصر البيهقى في "الشعب" على الفقرة الأخيرة منه. وأخرجه عبد بن حميد (1456) ، والترمذى (2787) ، وفي "الشمائل" (220) ، والنسائي 8/151 من طرق عن سفيان الثوري، عن الجريري، به - واقتصروا على قصة طيب الرجال. وقال الترمذي: حديث حسن إلَّا أن الطفاوي لا نعرفهُ إلا في هذا الحديث، ولا نعرف اسمه. وقد سلف الحديث مختصراً بقصة النهي عن إفضاء الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة برقم (9775) . ولقوله: "فليسبح القوم، وليصفق النساء" ، انظر ما سلف برقم (7285) . وفي باب النهي عن إفشاء سر الجماع عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (1437) ، وسيأتي في "المسند" 3/69، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إن من أعظم لأمانة عند الله يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" . وعنه أيضاً، سيأتي في "المسند" 3/29 قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الشياع حرام " ، قال ابن لهيعة: يعني به الذي يفتخر بالجماع. وإسناده ضعيف. وفي باب طيب الرجال... إلخ، عن الحسن، عن عمران بن حصين عند أبي داود (4048) ، والترمذي (2788) ، وسيأتي في "المسند" 4/442، ورجاله ثقات، وفي سماع الحسن من عمران مقال. وعن أنس عند البزار (2989- كشف الأستار) ، والبيهقى في "الشعب" (7810) ، والضياء في "المختارة" (2311) ، وإسناده قوي. وعن أبي موسى الأشعري عند الطبراني في "الأوسط" (702) ، وإسناده ضعيف.

 

قوله "فتاة كَعَاب" ، قال السندي: قال في "المجمع" : هو بالفتح: المرأة حين يبدو ثديها للنهوض، وهي الكاعب أيضاً، وجمعها كواعب. وقوله: "لا يُفضِيَن" ، قال: من الإفضاء بمعنى الوصول، قالوا: هو نهى تحريم إذا لم يكن بينهما حائل بأن يكونا متجردين، وإن كان بينهما حائل فتنزيه.

 

(27583) 28135- حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَفْصٌ السَّرَّاجُ ، قَالَ : سَمِعْتُ شَهْرًا ، يَقُولُ : حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ ، أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ فَقَالَ : لَعَلَّ رَجُلاً يَقُولُ : مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقُلْتُ : إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ قَالَ : فَلاَ تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ. (6/456)

 

إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب. وحفص السَّرَّاج -وهو ابن أبي حَفْص- من رجال "التعجيل"، روى عنه جمع، وذكره ابن حِبَّان في "الثقات"، وبقية رجاله ثقات. عبد الصمد: هو ابنُ عبد الوارث العنبري. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (414) من طريق ثَوْبان بن فَرُّوخ، عن حفص، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/294، وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه شهر بن حوشب، وحديثه حسن، وفيه ضعف. وله شاهد من حديث أبي هريرة، سلف برقم (10977) ، وفي إسناده رجل مجهول. وفي باب النهي عن إفشاء سرِّ الجماع عن أبي سعيد الخدري. سلف برقم (11655)

 

سنتفق مع هذا التعليم إن كان الكلام الجنسي يتضمن تفاخرًا وتباهيًا أجوف، لكن الكلام لفهم كيفيات وآليات ومشاكل الممارسة أو حل المشاكل والأمراض مع الطبيب أو المقربين ذوي الخبرة فلا مانع منه، كذلك حديث صديق لصديقه المقرب أو صديقة لصديقتها لا يمكن منه بصورة تامة، ولو أنه في العموم ليس من خصال المروءة ولا يقوم به شخص نبيل كريم ملحد أو مسيحي علماني في دولة غربية، وبالنسبة لحديث النساء مع بعضهن فلا أرى فيه كبير مشكلة. إن امتناع الكلام عند العرب والشرقيين في هذه الأمور يجعل الأمراض والمشاكل والضعف الجنسي أكثر عندهم من أي شعوب أخرى، لأنهم تكبرًا ذكوريًّا أو برودة أنثوية ولا مبالاة لا يحاولون حل مشاكلهم عند ظهورها وبدايتها، لأنهم يحرّمون الكلام في هذه المشاكل، يوجد طبيبان لا يذهب لهما الرجل الشرقي والإنسان الشرقي عمومًا إلا نادرًا: الطبيب التناسلي، وأقل وأندر منه الطبيب النفسي وأخصائي العلاج النفسي الأسري.

 

مصادرة الحرية الجنسية والاعتراف بالاستعباد

 

روى أحمد:

 

1341 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَنْبَأَنَا زَائِدَةُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَقِيمُوا عَلَى أَرِقَّائِكُمُ الْحُدُودَ مَنِ احْصِنَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُحْصَنْ ، فَإِنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَنَتْ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ، فَأَتَيْتُهَا فَإِذَا هِيَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ ، فَخَشِيتُ إِنِ انَا جَلَدْتُهَا أَنْ تَمُوتَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " أَحْسَنْتَ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. زائدة: هو ابن قدامة، والسدي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، سليمان بن داود: هو الطيالسي، وهو في "مسنده" (112) ومن طريق الطيالسي أخرجه مسلم (1705) ، والترمذي (1441) ، والبزار (590) ، وأبو يعلى (326) وابن الجارود (816) ، وقال الترمذي: حديث صحيح، وأخرجه البزار (591) من طريق إسرائيل، عن السدي، به. وانظر (679) .

 

 وروى البخاري:

 

2234 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ

 

ورواه أحمد 17057 إلى 17059 و1341 و8886 و7395 و9470 و10405ومسلم 1703 إلى 1705 والبخاري 2555 و2556 و2153 و2154 و2232 و2233 و6837 و6838

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

28862- حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : أُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَمَةٍ لَهُمْ فَجَرَتْ ، فَأَرْسَلَنِي إِلَيْهَا ، فَقَالَ : اذْهَبْ فَأَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ ، فَانْطَلَقْتُ فَوَجَدْتهَا لَمْ تَجِفَّ مِنْ دِمَائِهَا ، فَقَالَ : أَفْرَغْتَ ؟ فَقُلْتُ : وَجَدْتهَا لَمْ تَجِفَّ مِنْ دِمَائِهَا ، قَالَ : إِذَا جَفَّتْ مِنْ دِمَائِهَا فَاجْلِدْهَا ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : وَأَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.

 

28861- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَن عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ ، وَشِبْلٍ ، قَالُوا : كُنَّا عَندَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الأَمَةِ تَزْنِي قَبْلَ أَنْ تُحْصَنَ ؟ قَالَ : اجْلِدُوهَا ، فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ ، أَوْ فِي الرَّابِعَةِ : فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ.

 

28860- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَن ثُمَامَةَ ؛ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ إِذَا زَنَى مَمْلُوكُهُ ضَرَبَهُ الْحَدَّ.

28863- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَن هَمَّامٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ ، قَالَ : جَاءَ مَعْقِلُ الْمُزَنِيّ إِلَى عَبْدِ اللهِ ، فَقَالَ : جَارِيَتِي زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ؟ قَالَ : فَقَالَ عبْدُ اللهِ : اجْلِدْهَا خَمْسِينَ ، فَقَالَ : عَادَتْ ، فَقَالَ : اجْلِدْهَا.

28864- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ حَدَّتْ جَارِيَةً لَهَا.

28865- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَن خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ زَيْدٍ ؛ أَنَّهُ حَدَّ جَارِيَةً لَهُ.

28866- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَن خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ؛ أَنَّ أَبَا الْمُهَلَّبِ كَانَ يَجْلِدُ أَمَتَهُ إِذَا فَجَرَتْ فِي مَجْلِسِ قَوْمِهِ.

28867- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ فُضَيْلٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى خَدَمِهِمْ إِذَا زَنَيْنَ يَجْلِدُونَهُنَّ فِي الْمَجَالِسِ.

28868- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَن نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ أَمَتَهُ إِذَا فَجَرَتْ.

28869- حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : شَهِدْت أَبَا بَرْزَةَ ضَرَبَ أَمَةً لَهُ فَجَرَتْ ، قَالَ : وَعَلَيْهَا مِلْحَفَةٌ قَدْ جُلِّلَتْ بِهَا ، قَالَ : وَعَندَهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ ، قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

28916- حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُوَّارٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : شَهِدْتُ أَبَا بَرْزَةَ يَضْرِبُ أَمَةً لَهُ فَجَرَتْ ، وَعَلَيْهَا مِلْحَفَةٌ.

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

13610 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر قال في الأمة إذا كانت ليست بذات زوج فزنت جلدت نصف ما على المحصنات من العذاب يجلدها سيدها فإن كانت من ذوات الأزواج رفع أمرها إلى السلطان

 

هذا مناقض لمفهوم العدالة النظامي المؤسسي النصف أو الربع متمدن الذي أقامه الخلفاء والفقهاء وفيه مفهوم الشهود والقضاء وحق الدفاع ودفع التهمة.

 

وقال ابن أبي شيبة:

 

مَنْ قَالَ الْحُدُودُ إِلَى الإِمَامِ.

29029- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : أَرْبَعَةٌ إِلَى السُّلْطَانِ ؛ الزَّكَاةُ ، وَالصَّلاَةُ ، وَالْحُدُودُ ، وَالْقَضَاءُ.

29030- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، قَالَ : الْجُمُعَةُ ، وَالْحُدُودُ ، وَالزَّكَاةُ ، وَالْفَيْءُ إِلَى السُّلْطَانِ.

29031- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، قَالَ : إِلَى السُّلْطَانِ الزَّكَاةُ ، وَالْجُمُعَةُ ، وَالْحُدُودُ.

29032- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ حَارَبَ الدِّينَ ، وَإِنْ قَتَلَ أَخَا امْرِئٍ ، أَوْ أَبَاهُ.

 

وفي علل الشرائع من كتب الشيعة: عن عنبسة بن مصعب  قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : كانت لي جارية فزنت ، أحدها ؟ قال : نعم ، ولكن في ستر لحال السلطان.

 

وروى أحمد:

 

18397 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَأَبُو الْعَلَاءِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: رُفِعَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَجُلٌ أَحَلَّتْ لَهُ امْرَأَتُهُ جَارِيَتَهَا، فَقَالَ: " لَأَقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَئِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ، لَأَجْلِدَنَّهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ لَأَرْجُمَنَّهُ " قَالَ: فَوَجَدَهَا قَدْ أَحَلَّتْهَا لَهُ فَجَلَدَهُ مِائَةً.

 

إسناده ضعيف، قتادة لم يسمع هذا الحديث من حبيب بن سالم، بينهما خالد بن عرفطة، وهو مجهول، ثم إن فيه اضطراباً، كما سيأتي. يزيد: هو ابن هارون، وأبو العلاء: هو أيوب بن أبي مسكين -ويقال: ابن مسكين- التميمي القصاب. وأخرجه الترمذي في "جامعه" (1451) ، وفي "العلل الكبير" 2/614 من طريق هشيم، عن سعيد بن أبي عروبة، وأبي العلاء، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 6/124، وفي "الكبرى" (7227) من طريق حماد بن سلمة، وابن ماجه (2551) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به.// قال الترمذي في "جامعه": حديث النعمان في إسناده اضطراب، سمعت محمداً- يعني البخاري- يقول: لم يسمع قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث، إنما رواه عن خالد بن عرفطة، وزاد في "العلل" عن البخاري قوله: أنا أتقي هذا الحديث، إنما رواه قتادة، عن خالد بن عرفطة، عن حبيب بن سالم.//وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7229) من طريق حبان ، والبيهقي في "السنن" 8/239 من طريق هدبة بن خالد، كلاهما عن همام، عن قتادة، عن حبيب بن سالم، عن حبيب بن يساف، عن النعمان بن بشير، به.//وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/145، والبيهقي في "السنن" 8/239 من طريق أبي عمر الحوضي، عن همام، عن قتادة، عن حبيب بن يساف، عن حبيب بن سالم... فذكر نحوه.//وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" 1/448 عن أبيه قوله: حبيب بن يساف مجهول، لا أعلم أحداً روى عنه غير قتادة هذا الحديث الواحد، وكذلك خالد ابن عرفطة مجهول، لا نعرف أحداً يقال له خالد بن عرفطة إلا واحد، الذي له صحبة.//وقال أبو أحمد بن عدي في حبيب بن سالم: اضطرب في أسانيد ما يروى قلنا: ومن الاضطراب أيضا: أنه رواه شعبة، عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن خالد بن عرفطة، عن حبيب بن سالم، عن النعمان ، كما سيرد برقم (18444) . ورواه هشيم، عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن حبيب بن سالم، عن النعمان ، كما سيرد برقم (18456) .//وحكى المزي في "تحفة الأشراف" 9/18 عن النسائي قوله: أحاديث النعمان هذه مضطربة.//وسيرد بالأرقام: (18405) و (18425) و (18426) و (18444) و (18445) و (18446) . وانظر بنحوه أبو داود 4458 و4459.

وفي الباب عن سلمة بن المُحبَّق سلف برقم (15911) بلفظ: سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يواقع جارية امرأته، قال: إن أكرهها، فهي حرة، ولها عليه مثلها، وإن طاوعته، فهي أمته، ولها عليه مثلها". وإسناده ضعيف أيضاً.//قال النسائي في "الكبرى" (7233) : ليس في هذا الباب شيء صحيح يحتج به.

قال السندي: قوله: بقضية، أي: بقضاء.

لأجلدنه؛ قال ابن العربي: يعني أدبته تعزيراً، وأبلغ به عدد الحر تنكيلاً، لا أنه رأى حده بالجلد حداً له. قلت: لأن المحصن حده الرجم، لا الجلد، ولعل سبب ذلك أن المرأة إذا أحلت جاريتها لزوجها، فهو إعارة الفروج، فلا يصح، لكن العارية تصير شبهة تسقط الحد، إلا أنها شبهة ضعيفة جداً فيعزر صاحبها. قال الخطابي: هذا الحديث غير متصل، وليس العمل عليه. قلت: قال الترمذي: في إسناده اضطراب، سمعت محمداً يقول: لم يسمع قتادة من ابن سالم هذا الحديث، إنما رواه عن خالد بن عرفطة، واختلف أهل العلم فيمن يقع على جارية امرأته، فعن غير واحد من الصحابة الرجم، وعن ابن مسعود التعزير، وذهب أحمد وإسحاق إلى حديث النعمان بن بشير.

 

وروى الترمذي:

 

1452 - حدثنا علي بن حجر حدثنا هشيم عن ابي بشر ن عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشر نحوه ويروى عن قتادة أنه قال : كتب به إلى حبيب بن سالم و ابو بشر لم يسمع من حبيب بن سالم هذا أيضا إنما رواه عن خالد بن عرفطة

قال : وفي الباب عن سلمة بن المحبق

 قال أبو عيسى : حديث النعمان في إسناده اضطراب قال سمعت محمدا يقول : لم يسمع عن قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث إنما رواه عن خالد بن عرفطة

 قال أبو عيسى : وقد اختلف أهل العلم في الرجل يقع على جارية امرأته فروي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم منهم علي و ابن عمر أن عليه الرجم وقال ابن مسعود ليس عليه حد ولكنه يعزر وذهب أحمد و إسحق إلى ما روى النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه و سلم

 

ينطوي هذا الحكم على عدة أخطاء أخلاقية، أولًا هو لم يفكر في تحريم الاستعباد نفسه لبطلانه، ثانيًا هو لم يتساءل عن رغبة أو إكراه المستعبَدة في الموضوع، ثالثًا إذا كان الرجل أقام علاقة مع غير زوجته وبرضا زوجته، وكان الطرف الثالث راضيًا كذلك، فهم أحرار في اختياراتهم، لا يصح التدخل في حيواتهم الشخصية وسلوكياتهم، وهذا نموذج لحشر الإسلام أنفه في كل أمور الناس في عصور الحكم الإسلامي الديني.

 

وبالتناقض يوجد حديث قال بحكم مختلف أكثر تسامحًا:

20060 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ، أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَرُفِعَ ذَاكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ، فَهِيَ لَهُ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا لَهَا، وَإِنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا، فَهِيَ حُرَّةٌ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا لَهَا "

 

إسناده ضعيف، الحسن- وهو ابن أبي الحسن البصري- لم يسمع من سلمة بن المحبَّق، وقد اختُلف في إسناد هذا الحديث على الحسن، فرواه معمر عن قتادة عن الحسن، وسمّى الواسطة بينه وبين سلمة: قبيصة بن حريث، وهو مجهول، وقال البخاري: في حديثه نظر، وسيأتي عند المصنف برقم (20069) ، وتابعه سلاَّم بن مسكين عن الحسن كما سيأتي.//وروي عن قتادة عن الحسن عن جَوْن بن قتادة، عن سلمة بن المحبَّق كما سيأتي عند الحديث (20063) و (20066) ، والجون هذا مجهول.//والحديث أخرجه البيهقي 8/240 من طريق أبي الربيع، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.//وأخرجه عبد الرزاق (13418) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1066) ، والطبراني في "الكبير" (6337) من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري في "التاريخ الكبير" 4/72، والطبراني (6338) ، والحازمي في "الاعتبار" ص 204 من طريق محمد بن مسلم الطائفي، كلاهما عن عمرو بن دينار، به. وذكر ابن أبي عاصم والطبراني في الموضع الثاني والحازمي أن الجارية كانت مع الرجل في سفر، ولفظ البخاري: "إن كان استكره جارية امرأته، فهي حرة".//وسلف برقم (15911) ، وسيأتي برقم (20063) و (20064) و (20065) و (20066) من طرق عن الحسن، عن سلمة بن المحبَّق.//وفي الباب موقوفاً على ابن مسعود عند عبد الرزاق (13419) ، والطحاوي 3/145، وإسناده حسن.

قال البيهقي: قال الشيخ- يعني شيخه أبا الحسن علي بن محمد المقرئ-: حصول الإجماع من فقهاء الأمصار بعد التابعين على تَرْك القول به دليلٌ على أنه إن ثَبَتَ صار منسوخاً بما وَرَدَ من الأخبار في الحدود.

ونقل الترمذي في "العلل" 2/616 عن البخاري أنه قال: لا يقول بهذا الحديث أحدٌ من أصحابنا.

قلنا: وقد ذهب إلى النسخ غيرُ واحد من أهل العلم كأبي جعفر الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/145، وقال الحازمي في "الاعتبار" ص 205: ذهب نفرٌ من أهل العلم إلى أنه منسوخ، وإنما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك قبل نزول الحدود.

وقد روي ما يخالف حديث سلمة بن المحبَّق عن النعمان بن بشير، وقد رُفع إليه رجل أَحلَّت له امرأته جاريتَها، فقال: لأقضين فيها بقضية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لئن كانت أحلَّتها له لأجلدنَه مئة جلدة، وإن لم تكن أحلَّتها له لأرجمنه. فوجدها قد أحلَّتها له، فجلده مئة، وقد سلف عند المصنف برقم (18397) ، وأعلّه الترمذيُ بالاضطراب ثم قال: وقد اختلف أهل العلم في الرجل يقع على جارية امرأته، فروي عن غير واحد من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم علي وابن عمر: أن عليه الرَّجمَ، وقال ابن مسعود: ليس عليه حدٌ ولكن يُعَزر، وذهب أحمدُ وإسحاق إلى ما روى النعمان بن بشير عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

20063 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ، أَنَّ رَجُلًا غَشِيَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ، وَهُوَ فِي غَزْوٍ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا، فَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ مَالِهِ، وَعَلَيْهِ شِرَاؤُهَا لِسَيِّدَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ، فَمِثْلُهَا مِنْ مَالِهِ لِسَيِّدَتِهَا "

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن الحسن البصري لم يسمع من سلمة بن المحبَّق، ثم إن في هذا الإسناد اختلافاً كما سلف بيانه عند الحديث (20060) .//وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير" 2/616 عن محمود بن غيلان، عن عبد الله بن بكر السهمي، بهذا الإسناد.//وأخرجه أبو داود (4461) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، والنسائي في "المجتبى" 6/125، وفي "الكبرى" (7232) من طريق يزيد بن زريع، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. قال النسائي في "الكبرى": ليس في هذا الباب شيء صحيح يحتجُ به.//ورواه أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري، عن سعيد بن أبي عروبة فأدخل بين الحسن وسلمة بن المحبَّق جَوْنَ بن قتادة، أخرجه من هذا الطريق الطبراني في "الكبير" (6344) ، وجونٌ هذا مجهول، وأما أحمد بن عبيد الله العنبري، فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "ثقاته" ، فهو في عداد المجهولين.//وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/144، والطبراني (6335) ، وابن عدي في "الكامل" 2/600، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين" (117) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"1/234-235، والبيهقي 8/240، والحازمي في "الاعتبار" ص 204 من طريق بكْر بن بكَار، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن جون بن قتادة، عن سلمة بن المحبَّق. فزاد أيضاً في إسناده جوناً، وبكر بن بكار ضعيف.

 

هناك احتمالان ممكنان، الأول هو أن الحكم المتسامح ألغاه محمد بعد عمله التشريع العنيف الإسلامي المعروف، والثاني هو أن كلا الحديثين ملفقان صاغهما الفقهاء الرواة لإضفاء الشرعية على أحكاهم المختلفين فيها في حالة لم يحكم محمد في مثلها ولم تعرض له.

 

وجاء في المغني لابن قدامة:

 

[فَصْلٌ وَطِئَ جَارِيَة غَيْره]

(7165) فَصْلٌ: فَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ غَيْرِهِ، فَهُوَ زَانٍ. سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ غَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُسْتَبَاحُ بِالْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، الْأَبُ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ. فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: عَلَيْهِ الْحَدُّ، إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ إجْمَاعٌ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي غَيْرِ مِلْكٍ، أَشْبَهَ وَطْءَ جَارِيَةِ أَبِيهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ وَطْءٌ تَمَكَّنَتْ الشُّبْهَةُ مِنْهُ، فَلَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ، كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى تَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» . فَأَضَافَ مَالَ وَلَدِهِ إلَيْهِ، وَجَعَلَهُ لَهُ، فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ جَعْلِهِ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ الَّذِي يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِانْتِفَاءِ الْحَدِّ فِي عَصْرِ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَنْ وَافَقَهُمَا، قَدْ اشْتَهَرَ قَوْلُهُمْ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا، وَلَا حَدَّ عَلَى الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ انْتَفَى عَنْ الْوَاطِئِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، فَيَنْتَفِي عَنْ الْمَوْطُوءَةِ، كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَضَايِفَاتِ، إذَا ثَبَتَ فِي أَحَدِ الْمُتَضَايِفَيْنِ ثَبَتَ فِي الْآخَرِ، فَكَذَلِكَ شُبْهَتُهُ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى وَطْءِ جَارِيَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْوَلَدِ فِيهَا، وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى قَوْلًا فِي وَطْءِ جَارِيَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ، أَنَّهُ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ، أَشْبَهَ الْأَبَ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ.

الْمَوْضِعُ الثَّانِي: إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ بِإِذْنِهَا، فَإِنَّهُ يُجْلَدُ مِائَةً، وَلَا يُرْجَمُ إنْ كَانَ ثَيِّبًا، وَلَا يُغَرَّبُ إنْ كَانَ بِكْرًا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ، فَهُوَ زَانٍ، حُكْمُهُ حُكْمُ الزَّانِي بِجَارِيَةِ الْأَجْنَبِيِّ. وَحُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ يُعَزَّرُ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ، فَكَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فِي مَمْلُوكَتِهَا. وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَعَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٍ، أَنَّهُ كَوَطْءِ الْأَجْنَبِيَّةِ، سَوَاءٌ أَحَلَّتْهَا لَهُ، أَوْ لَمْ تُحِلَّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا، فَأَشْبَهَ وَطْءَ جَارِيَةِ أُخْتِهِ، وَلِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لِوَطْءِ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ شُبْهَةً، كَإِبَاحَةِ سَائِرِ الْمُلَّاكِ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْحَسَنِ، إنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ غُرْمُ مِثْلِهَا، وَتَعْتِقُ، وَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ، فَعَلَيْهِ غُرْمُ مِثْلِهَا وَيَمْلِكُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، أَنَّ «رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُنَيْنٍ، وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَرُفِعَ إلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْكُوفَةِ، فَقَالَ: لَأَقْضِيَنَّ فِيك بِقَضِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَك، جَلَدْنَاك مِائَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَك، رَجَمْنَاك بِالْحِجَارَةِ. فَوَجَدُوهَا أَحَلَّتْهَا لَهُ، فَجَلَدَهُ مِائَةً.» وَإِنْ عَلِقَتْ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ، فَهَلْ يَلْحَقُهُ النَّسَبُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، يَلْحَقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ لَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ، فَلَحِقَ بِهِ النَّسَبُ، كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ. وَالْأُخْرَى، لَا يَلْحَقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا شُبْهَةِ مِلْكٍ، أَشْبَهَ الزِّنَى الْمَحْضَ.

أيضًا عتبار العلاقة بدون زواج خطيئة تحتاج تطهرًا بالتعذيب هي من الأفكار الظلامية القرونوسطية المعادية للحريات:

 

روى أحمد:

 

22733 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ فَقَالَ: " أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ لَهُ طُهُورٌ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللهُ فَذَاكَ إِلَى اللهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ " قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: " فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا، فَهُوَ لَهُ طُهُورٌ " . أَوْ قَالَ: " كَفَّارَةٌ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وأبو إدريس: هو عائذ الله بن عبد الله الخولاني . وأخرجه النسائي 7/148، والدارقطني 3/215 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد . وأخرجه البخاري (6801) ، ومسلم (7468) من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، به . وأما رواية عبد الرزاق، فهي في "مصنفه" (9818) و (21019) ، ومن طريقه أخرجه مسلم (1709) (42) ، وأبو عوانة (6343) . وانظر وانظر أحمد22678 و22823 و22757 و23065 والبخاري 6474.

 

مصادرة حقوق المثليين جنسيًّا

 

تحدثت في الباب الأول (الأخطاء العلمية) عن الأسباب الجينية الوراثية لكثير من حالات المثلية الجنسية، وأوردت مقالات علمية تثبت وجودها في حيوانات أخرى غير البشر، وهي حقيقة معروفة ملاحظة منذ القدم، حتى أني رأيت كلامًا عنها في بعض الكتب كعيون الأخبار لابن قتيبة، وعنه ينقل المجلسي في بحار الأنوار:

 

ومن عجيب الطبيعة فيه ما حكاه ابن قتيبة في عيون الأخبار عن المثنى بن زهير أنه قال : لم أرشيئا قط من رجل وامرأة إلا وقد رأيته في الحمام ، ما رأيت حمامة إلا تريد ذكرها ، ولا ذكرا إلا يريد أنثاه إلى أن يهلك أحدهما أو يفقد ، ورأيت حمامة تتزين للذكر ساعة يريدها ، ورأيت حمامة لها زوج وهي تمكن آخر ما تعدوه ، ورأيت حمامة تقمط حمامة ، ويقال : إنها تبيض عن ذلك ، لكن لا يكون لذلك البيض فراخ ، ورأيت ذكرا يقمط ذكرا ، ورأيت ذكرا يقمط من كل لقي (ولا يزوج ، وأنثى يقمطها كل من رآها من الذكور ولا تزوج.

 

وقد رأيت بعضها على الأقل في الديوك بعيني. ميول المثليين تحكمها جيناتهم ولا يوجد مانع من السماح لكل شخص بفعل ما يجعله سعيدًا وما يتماشى معه، طالما لا يضر الآخرين فالحرية الجنسية محفوظة بكل أشكالها، تحترم شعوب وقوانين الدول الغربية اليوم حقوق المثليين تمامًا، وصار التمييز ضدهم أقل بكثير، وبعضهم حتى مثل أدوار مثليين، أما بمصر وغيرها من دول إسلامية فقد يتعرض المثليين إذا لاحظهم أحد للضرب والعنف الشديد وأحيانًا السجن لأجل سلوكهم الشخصي وحريتهم الشخصية المصادرة من المجموع المتعصب، وفي دول أخرى ربما منها السعودية والأردن والعراق فتنص القوانين نفسها على إعدامهم!

 

روى أحمد:

 

1875 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ أَبَاهُ، مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ أُمَّهُ، مَلْعُونٌ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ، مَلْعُونٌ مَنْ كَمَهَ أَعْمَى عَنْ طَرِيقٍ، مَلْعُونٌ مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ "

 

إسناده حسن، محمد بن إسحاق قد صرح بالتحديث عند أحمد (2916) ، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.// وأخرجه الطبراني (11546) ، والحاكم 4/356، والبيهقي في "السنن" 8/231، وفي "الشعب" (5373) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمرو، به.// وأخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (75) من طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ملعون من سب أباه، ملعون من سب أمه".// وأخرجه الخرائطي (437) من طريق سعيد بن سلمة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"لعن الله من وقع على بهيمة، ولعن الله من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط" قالها ثلاثاً.// وأخرجه أبو يعلى (2521) من طريق محمد بن كريب، عن كريب، عن ابن عباس قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ملعون من انتقص شيئاً من تخوم الأرض بغير حقه". وسيأتي الحديث برقم (2816) و (2913) و (2915) ، وانظر ما سيأتي برقم (2420) .// وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب، أخرجه مسلم، وهو عند المصنف (954) وفيه:"لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض، ولعن الله من لعن والدَه، ولعن الله من آوى محدثاً".// وآخر من حديث أبي هريرة، أخرجه الخرائطي (432) ، وابن عدي 6/2434، والبيهقي في "الشعب" (5472) من طريق محرز بن هارون، وأخرجه ابن عدي 7/2586، والحاكم 4/356 من طريق هارون بن هارون، كلاهما عن الأعرج، عن أبي هريرة.

وقوله: "كمه"، أي: أضل.

 

2816 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ عَمْرٍو يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ كَمَهَ الْأَعْمَى عَنِ السَّبِيلِ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ سَبَّ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ "

 

إسناده جيد، رجاله رجال الصحيح، ورواية البصريين عن زهير- وهو ابن محمد التميمي- صحيحة فيما قاله البخاري، وهذا منها، فإن عبد الرحمن بن مهدي بصري. وأخرجه أبو يعلى (2539) ، وابن حبان (4417) من طريق عبد الملك بن عمرو، والحاكم 4/356 من طريق عبد الله بن مسلمة، كلاهما عن زهير بن محمد، بهذا الإسناد. وا نظر (1875)

 

وروى البخاري:

 

5885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ تَابَعَهُ عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ

 

5886 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَقَالَ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ قَالَ فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانًا وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلَانًا

 

ورواه أحمد 1892و برقم (2006) و (2123) و (2263) و (2291) و (3059) و (3151) و (3458) وأخرجه الطيالسِي (2697) ، والدارمي (2649) ، والبخاري (5886) و (6834) ، وأبو داود (4930) ، والنسائي في " الكبرى" (9254) ، والطبراني (11988) و (11989) والبيهقي 8/224 من طرق عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7806) من طريق إبراهيم بن سليمان الزيات، عن بحربن كثير، عن يحيى بن أبي كثير، به، وأخرجه الطبراني (11647) و (11678) و (11683) من طرق عن عكرمة، به. وأخرجه الطبراني (12148) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس.

 

ومما روى البخاري:

 

695 - قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ فَقَالَ الصَّلَاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ قَالَ الزُّهْرِيُّ لَا نَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ الْمُخَنَّثِ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا

 

ومما روى أبو داوود:

 

4928 - حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن العلاء أن أبا أسامة أخبرهم عن مفضل بن يونس عن الأوزاعي عن أبي يسار القرشي عن أبي هاشم عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه و سلم أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء فقال النبي صلى الله عليه و سلم " ما بال هذا ؟ " فقيل يا رسول الله يتشبه بالنساء فأمر به فنفي إلى النقيع فقالوا يا رسول الله ألا نقتله ؟ فقال " إني نهيت عن قتل المصلين "

 [ قال أبو داود ] قال أبو أسامة والنقيع ناحية عن المدينة وليس بالبقيع .

 

قال الألباني: صحيح

 

وقد اختلف فقهاؤهم فيما يفعلونه من إجرام وعنف ضد المثليين، فبعضهم قال بجلدهم مئة جلدة عملًا بظاهر النص القرآني الظلامي:

 

{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)} النساء

 

روى ابن أبي شيبة:

 

28931- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : اللُّوطِيُّ بِمَنْزِلَةِ الزَّانِي.

 

28932- حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَي سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ (ح) وَعَنْ أبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالاَ : اللُّوطِيُّ بِمَنْزِلَةِ الزَّانِي.

 

28934- حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : يُرْجَمُ اللُّوطِيُّ إِذَا كَانَ مُحْصَنًا ، وَإِنْ كَانَ بِكْرًا جُلِدَ مِئَةً.

 

28935- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَن مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (ح) وَعَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنِ الْحَكَمِ ؛ فِي اللُّوطِيِّ : يُضْرَبُ دُونَ الْحَدِّ.

 

وآخرون قالوا بقتلهم تبعًا لأحاديث وردت بأسانيد ضعيفة لا تثبت عن محمد على الأغلب، وأكثر عملهم في الأزمنة القديمة من قراءة كتب التاريخ والفقه على ذلك، سواء للرجال أو النساء من المثليين، روى أحمد:

2732 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ "

 

قال محققو طبعة الرسالة للمسند: ضعيف، عمرو بن أبي عمرو -وهو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب- وإن كان صدوقاً قد استنكر عليه هذا الحديثُ، فقد قال الترمذي في "العلل الكبير" 2/622 بعد أن خرج حديثَ عمرو هذا: سألتُ محمداً (يعني البخاري) عن حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، فقال: عمرو بن أبي عمرو صدوق، ولكن روى عن عكرمة مناكير، ولم يذكر في شيء من ذلك أنه سمع عن عكرمة، ونقل الحافظ في "التلخيص" 4/54 عن النسائي أنه استنكر هذا الحديث، وروى أحمد بن أبي مريم عن ابن معين قال: عمرو بن أبي عمرو ثقة يُنكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "اقتلوا الفاعل والمفعول به".// وأخرجه أبو داود (4462) ، وابن ماجه (2561) ، والترمذي في "السنن" (1456) ، وفي "العلل الكبير" (251) ، وأبو يعلى (2463) ، وابن عدي 5/1768، والدارقطني 3/124، والبيهقي 8/231-232، والبغوي (2593) من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد. قال الترمذي: وإنما يعرف هذا الحديث عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذا الوجه، وروى محمد بن إسحاق هذا الحديثَ عن عمرو بن أبي عمرو فقال: ملعون من عمل عمل قوم لوط، ولم يذكر فيه القتل، وذكر فيه: ملعون من أتى بهيمة. قلنا: حديث ابن إسحاق هذا تقدم برقم (1875) .// وأخرجه عبد بن حميد (575) ، والطبري في "تهذيب الآثار" ص 554، والحاكم 4/355 من طريق عبد الله بن جعفر المخرمي، وابن الجارود (820) ، والحاكم 4/355، وعنه البيهقي في "السنن" 8/231-232، وفي "معرفة السنن والآثار" (5086) من طريق سليمان بن بلال، وأبو يعلى (2743) من طريق زهير بن محمد، ثلاثتهم عن عمرو بن أبي عمرو، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي! وانظر (2727) .

 

أما الألباني فقال عنه في سنن أبي داوود 4462 أنه حسن صحيح.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

28926- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ خُثَيْمٍ ، عَن مُجَاهِدٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ؛ أَنَّهُمَا سَمِعَا ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُوجَدُ ، أَوْ يُؤْخَذُ عَلَى اللُّوطِيَّةِ : أَنَّهُ يُرْجَمُ.

 

28927- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ ؛ أَنَّ عَلِيًّا رَجَمَ لُوطِيًّا.

 

28484- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ ؛ أَنَّ عُثْمَانَ أَشْرَفَ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الدَّارِ ، فَقَالَ : أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَحِلَّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ ؛ رَجُلٌ قَتَلَ فَقُتِلَ ، أَوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ مَا أُحْصِنَ ، أَوْ رَجُلٌ ارْتَدَّ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ ، أَوْ رَجُلٌ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ.

 

28936- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ ، قَالَ : عَلَيْهِ الرَّجْمُ ، قِتْلَهُ قَوْمِ لُوطٍ.

 

28937- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : حُرْمَةُ الدُّبُرِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ كَذَا. قَالَ قَتَادَةُ : نَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى الرَّجْمِ.

 

28925- حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، قَالَ : سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا حَدُّ اللُّوطِيِّ ؟ قَالَ : يُنْظَرُ إلى أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْقَرْيَةِ فَيُرْمَى منه مُنَكَّسًا ، ثُمَّ يُتْبَعُ الْحِجَارَةِ.

 

سمعت أن جماعة متطرفة مؤخرًا في دولة ما، ربما داعش في سوريا، ألقوا فعلًا رجالًا مثليين من على بناية، مثال لتسبب الإسلام في قتل ناس أبرياء، لم يقتل هؤلاء أحدًا ولا أذوا أحدًا ولا خانوا وطنهم.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[مَسْأَلَةٌ قَالَ حَدّ اللِّوَاط]

(7168) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ تَلَوَّطَ، قُتِلَ، بِكْرًا كَانَ أَوْ ثَيِّبًا، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى حُكْمُهُ حُكْمُ الزَّانِي) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ اللِّوَاطِ، وَقَدْ ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، وَعَابَ مَنْ فَعَلَهُ، وَذَمَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 80] {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [الأعراف: 81] . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ» .

وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي حَدِّهِ؛ فَرُوِيَ عَنْهُ، أَنَّ حَدَّهُ الرَّجْمُ، بِكْرًا كَانَ أَوْ ثَيِّبًا. وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي حَبِيبٍ، وَرَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، أَنَّ حَدَّهُ حَدُّ الزَّانِي. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ، فَهُمَا زَانِيَانِ» . وَلِأَنَّهُ إيلَاجُ فَرْجِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ، لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ، وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ، فَكَانَ زِنًى كَالْإِيلَاجِ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ، إذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ زِنًا دَخَلَ فِي عُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ فَاحِشَةٌ، فَكَانَ زِنًى، كَالْفَاحِشَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَمَرَ بِتَحْرِيقِ اللُّوطِيِّ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِمَا رَوَى صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ ضَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلًا يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، فَكَتَبَ إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَشَارَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الصَّحَابَةَ فِيهِ، فَكَانَ عَلِيٌّ أَشَدَّهُمْ قَوْلًا فِيهِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ هَذَا إلَّا أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِهَا، أَرَى أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ. فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إلَى خَالِدٍ بِذَلِكَ، فَحَرَقَهُ. وَقَالَ الْحَكَمُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلِّ الْوَطْءِ، أَشْبَهَ غَيْرَ الْفَرْجِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَفِي لَفْظٍ: «فَارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ» . وَلِأَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهِ. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَنَّهُ كَانَ يَرَى رَجْمَهُ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَذَّبَ قَوْمَ لُوطٍ بِالرَّجْمِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَ مَنْ فَعَلَ فِعْلَهُمْ بِمِثْلِ عُقُوبَتِهِمْ. وَقَوْلُ مَنْ أَسْقُطَ الْحَدَّ عَنْهُ يُخَالِفُ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ، وَقِيَاسُ الْفَرْجِ عَلَى غَيْرِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ أَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ لَيْسَ بِمَحَلِّ لِوَطْءِ الذَّكَرِ، فَلَا يُؤَثِّرُ مِلْكُهُ لَهُ. وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ مَمْلُوكَتَهُ فِي دُبُرِهَا، كَانَ مُحَرَّمًا، وَلَا حَدَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَحَلٌّ لِلْوَطْءِ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى حِلِّهِ، فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةً مَانِعَةً مِنْ الْحَدِّ، بِخِلَافِ التَّلَوُّطِ.

 

وقال ابن حزم في المحلى بالآثار عارضًا الآراء المتطرفة للحكم الشمولي الديني، ثم متبنيًا حكمًا مخففًا بالتعزير (بضع جلدات وما شابه):

 

حكم من فعل فعل قوم لوط

...

2299 - مسألة : فعل قوم لوط:

قال أبو محمد رحمه الله: فعل قوم لوط من الكبائر الفواحش المحرمة : كلحم الخنزير , والميتة , والدم , والخمر , والزنى , وسائر المعاصي , من أحله أو أحل شيئا مما ذكرنا فهو كافر , مشرك حلال الدم والمال . وإنما اختلف الناس في الواجب عليه : فقالت طائفة : يحرق بالنار الأعلى والأسفل وقالت طائفة : يحمل الأعلى والأسفل إلى أعلى جبل بقرية - فيصب منه , ويتبع بالحجارة . وقالت طائفة : يرجم الأعلى والأسفل - سواء أحصنا أو لم يحصنا . وقالت طائفة : يقتلان جميعا . وقالت طائفة : أما الأسفل فيرجم - أحصن أم لم يحصن - وأما الأعلى فإن أحصن رجم , وإن لم يحصن جلد جلد الزنى . وقالت طائفة : الأعلى والأسفل كلاهما سواء - أيهما أحصن رجم , وأيهما لم يحصن جلد مائة , كالزنى . وقالت طائفة : لا حد عليهما ولا قتل , لكن يعزران . فالقول الأول - كما نا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب أخبرني ابن سمعان عن رجل أخبره قال : جاء ناس إلى خالد بن الوليد فأخبروه عن رجل منهم أنه ينكح كما توطأ المرأة , وقد أحصن ؟ فقال أبو بكر : عليه الرجم - وتابعه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك من قوله : فقال علي : يا أمير المؤمنين إن العرب تأنف من عار المثل وشهرته , أنفا لا تأنفه من الحدود التي تمضي في الأحكام فأرى أن تحرقه بالنار ؟ فقال أبو بكر : صدق أبو الحسن وكتب إلى خالد بن الوليد : أن أحرقه بالنار ؟ ففعل . قال ابن وهب : لا أرى خالدا أحرقه بالنار إلا بعد أن قتله , لأن النار لا يعذب بها إلا الله تعالى . قال ابن حبيب من أحرق بالنار فاعل فعل قوم لوط لم يخطئ . وعن ابن حبيب : نا مطرف بن عبد الله بن عبد العزيز بن أبي حازم عن محمد بن المنكدر , وموسى بن عقبة وصفوان بن سليم : أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق : أنه وجد في بعض سواحل البحر رجلا ينكح كما تنكح المرأة , وقامت عليه بذلك البينة , فاستشار أبو بكر في ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أشدهم فيه يومئذ قولا علي بن أبي طالب قال : إن هذا ذنب لم يعص به من الأمم إلا أمة واحدة صنع الله بها ما قد علمتم , أرى أن تحرقهما بالنار , فاجتمع رأي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحرقه بالنار ؟ فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن أحرقه بالنار - ثم حرقهما ابن الزبير في زمانه - ثم حرقهما هشام بن عبد الملك - ثم حرقهما القسري بالعراق . حدثنا إسماعيل بن دليم الحضرمي قاضي ميورقة قال : نا محمد بن أحمد بن الخلاص نا محمد بن القاسم بن شعبان ني محمد بن إسماعيل بن أسلم نا محمد بن داود بن أبي ناجية نا يحيى بن بكير عن عبد العزيز بن أبي حازم عن داود بن أبي بكر , ومحمد بن المنكدر , وموسى بن عقبة , وصفوان بن سليم : أنه وجد في بعض ضواحي البحر رجلا ينكح كما تنكح المرأة - قال أبو إسحاق : كان اسمه الفجاءة - فاستشار أبو بكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثل حديث عبد الملك الذي ذكرنا حرفا حرفا نصا سواء . وأما من قال يصعد به إلى أعلى جبل في القرية : فكما نا أحمد بن إسماعيل بن دليم نا محمد بن أحمد بن الخلاص نا محمد بن القاسم بن شعبان نا أحمد بن سلمة بن الضحاك عن إسماعيل بن محمود بن نعيم نا معاذ نا عبد الرحمن نا حسان بن مطر نا يزيد بن مسلمة عن أبي نضرة عن ابن عباس سئل عن حد اللوطي فقال : يصعد به إلى أعلى جبل في القرية ثم يلقى منكسا ثم يتبع بالحجارة . وأما من قال : يرجم الأعلى والأسفل أحصنا أو لم يحصنا : فكما نا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع نا ابن أبي ليلى عن القاسم بن الوليد المهراني عن يزيد بن قيس أن عليا رجم لوطيا . حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق نا ابن جريج أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم أنه سمع مجاهدا , وسعيد بن جبير يحدثان عن ابن عباس أنه قال في البكر يوجد على اللوطية : أنه يرجم . وعن إبراهيم النخعي أنه قال : لو كان أحد ينبغي له أن يرجم مرتين لكان ينبغي للوطي أن يرجم مرتين . وعن ربيعة أنه قال : إذا أخذ الرجل لوطيا رجم , لا يلتمس به إحصان , ولا غيره . وعن الزهري أنه قال : على اللوطي الرجم أحصن أو لم يحصن . وحدثنا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب أخبرني الشمر بن نمير , ويزيد بن عياض بن جعدبة , ومن أثق به , وكتب إلى ابن أبي سبرة , قال الشمر : عن حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب , وقال يزيد بن عياض بن جعدبة : عن عبد الملك بن عبيد عن سعيد بن المسيب , وقال ابن أبي سبرة : سمعت أبا الزناد , وقال الذي يثق به : عن الحسن , ثم اتفق علي , وسعيد بن المسيب , وأبو الزناد , والحسن , كلهم مثل قول الزهري المذكور . وبه يقول الشافعي - وهو قول مالك , والليث , وإسحاق بن راهويه . وأما من قال : يقتلان : فكما روينا عن ابن عباس , قال : "اقتلوا الفاعل والمفعول به". وأما من قال : هو كالزنى يرجم المحصن منهما ويجلد غير المحصن مائة جلدة : فكما نا أحمد بن إسماعيل بن دليم نا محمد بن أحمد بن الخلاص نا محمد بن القاسم بن شعبان نا أحمد بن سلمة , والضحاك عن إسماعيل بن محمد بن نعيم نا معاذ بن الحارث نا عبد الرحمن بن قيس الضبي عن اليماني بن المغيرة نا عطاء بن أبي رباح , قال : شهدت عبد الله بن الزبير وأتي بسبعة أخذوا في اللواط فسأل عنهم ؟ فوجد أربعة قد أحصنوا , فأمر بهم فأخرجوا من الحرم - ثم رجموا بالحجارة حتى ماتوا , وجلد ثلاثة الحد - وعنده ابن عباس , وابن عمر , فلم ينكرا ذلك عليه . وعن الحسن البصري أنه قال في الرجل يعمل عمل قوم لوط : إن كان ثيبا رجم , وإن كان بكرا جلد . وأما من قال : إن الفاعل إن كان محصنا فإنه يرجم وإن كان غير محصن فإنه يجلد مائة وينفى سنة , وأما المنكوح فيرجم أحصن أو لم يحصن : فقول ذهب إليه أبو جعفر محمد بن علي بن يوسف - أحد فقهاء الشافعيين . وأما من قال : لا حد في ذلك : فكما نا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع نا سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر , وأبي إسحاق الشيباني , كلاهما عن الحكم بن عتيبة أنه قال فيمن عمل عمل قوم لوط : يجلد دون الحد . وبه يقول أبو حنيفة , ومن اتبعه , وأبو سليمان , وجميع أصحابنا

قال أبو محمد رحمه الله: فلما اختلفوا - كما ذكرنا - وجب أن ننظر فيما احتج به من رأى حرقه بالنار , فوجدناهم يقولون : إنه إجماع الصحابة , ولا يجوز خلاف إجماعهم . فإن قيل : فقد روي عن علي , وابن عباس , وابن الزبير , وابن عمر , بعد ذلك الرجم , وحد الزنى , وغير ذلك ؟ قيل : هذا لا يجوز , لأنه خلاف لما أجمعوا . فهذا كل ما ذكروا في ذلك , لا حجة لهم غير هذا . ووجدناه لا تقوم به حجة , لأنه لم يروه إلا ابن سمعان عن رجل أخبره - لم يسمعه - أن أبا بكر - وعبد الملك بن حبيب عن مطرف عن أبي حازم عن محمد بن المنكدر , وموسى بن عقبة , وصفوان بن سليم , وداود بن بكر : أن أبا بكر وابن شعبان عن محمد بن العباس بن أسلم عن محمد بن داود بن أبي ناجية عن يحيى بن بكير عن ابن أبي حازم عن ابن المنكدر , وموسى بن عقبة , وصفوان بن سليم , وداود بن بكر : أن أبا بكر . فهذه كلها منقطعة ليس منهم أحد أدرك أبا بكر . وأيضا - فإن ابن سمعان مذكور بالكذب وصفه بذلك مالك بن أنس . ووجه آخر - وهو أن الإحراق بالنار قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك: كما نا عبد الله بن ربيع نا عمر بن عبد الملك الخولاني نا محمد بن بكر نا أبو داود نا سعيد بن منصور نا المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد عن محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره على سرية وقال : "إن وجدتم فلانا فأحرقوه بالنار , فوليت فناداني فرجعت , فقال : إن وجدتم فلانا فاقتلوه ولا تحرقوه , فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار". ثم نظرنا في قول من رأى قتلهم : فوجدناهم يحتجون : بما نا عبد الله بن ربيع نا محمد بن إسحاق نا ابن الأعرابي نا الدبري نا أبو داود نا عبد الله بن محمد النفيلي نا عبد العزيز بن محمد - هو ابن محمد الدراوردي - عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به". حدثنا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب أخبرني القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص ثني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اقتلوا الفاعل والمفعول به". وبه - إلى ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك . وبه - إلى يحيى بن أيوب عن رجل حدثه عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه" وهذا الرجل - هو عباد بن كثير .

قال أبو محمد رحمه الله: فهذا كل ما موهوا به , وكله ليس لهم منه شيء يصح : أما حديث ابن عباس - فانفرد به عمرو بن أبي عمرو - هو ضعيف , وإبراهيم بن إسماعيل ضعيف . وأما حديث أبي هريرة - فانفرد به القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص - وهو مطرح في غاية السقوط . وأما حديث جابر - فعن يحيى بن أيوب - وهو ضعيف - عن عباد بن كثير - وهو شر منه . وأما حديث ابن أبي الزياد - فابن أبي الزناد ضعيف , ومحمد بن عبد الله مجهول - وهو أيضا مرسل . فسقط كل ما في هذا الباب . ولا يحل سفك دم يهودي - أو نصراني من أهل الذمة , نعم , ولا دم حربي بمثل هذه الروايات , فكيف دم فاسق أو تائب ؟ ولو صح شيء مما قلنا منها لقلنا به , ولما استجزنا خلافه أصلا - وبالله تعالى التوفيق . ثم نظرنا في قول من قال : يرجمان معا – أحصنا أو لم يحصنا - فوجدناهم يحتجون : بأنه هكذا فعل الله بقوم لوط , قال الله تعالى: {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك} . واحتجوا من الآثار التي ذكرنا آنفا : بما نا أحمد بن إسماعيل بن دليم نا محمد بن أحمد بن الخلاص نا محمد بن القاسم بن شعبان ثني محمد بن أحمد عن يونس بن عبد الأعلى , وأبي الربيع بن أبي رشدين نا عبيد الله بن رافع عن عاصم بن عبيد الله عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الذي يعمل عمل قوم لوط فارجموا الأعلى والأسفل" وقال فيه : وقال: "أحصنا أو لم يحصنا". فهذا كل ما شغبوا به قد تقصيناه - وكله لا حجة لهم فيه على ما نبين - إن شاء الله تعالى . أما فعل الله تعالى في قوم لوط - فإنه ليس كما ظنوا , لأن الله تعالى قال: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ إنا أرسلنا عليهم حاصباً} إلى قوله تعالى: {فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} . وقال تعالى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}. قال تعالى: {إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} الآية , فنص تعالى نصا جليا على أن قوم لوط كفروا , فأرسل عليهم الحاصب . فصح : أن الرجم الذي أصابهم لم يكن للفاحشة وحدها , لكن للكفر ولها : فلزمهم أن لا يرجموا من فعل فعل قوم لوط , إلا أن يكون كافرا , وإلا فقد خالفوا حكم الله تعالى فأبطلوا احتجاجهم بالآية , إذ خالفوا حكمها . وأيضا - فإن الله تعالى أخبر : أن امرأة لوط أصابها ما أصابهم , وقد علم كل ذي مسكة عقل أنها لم تعمل عمل قوم لوط . فصح : أن ذلك حكم لم يكن لذلك العمل وحده , بلا مرية . فإن قالوا : إنها كانت تعينهم على ذلك العمل ؟ قلنا : فارجموا كل من أعان على ذلك العمل بدلالة أو قيادة وإلا فقد تناقضتم وأبطلتم احتجاجكم بالقرآن , وخالفتموه . وأيضا - فإن الله تعالى أخبر أنهم راودوه عن ضيفه , فطمس أعينهم , فيلزمهم ولا بد أن يسملوا عيون فاعلي فعل قوم لوط , لأن الله تعالى لم يرجمهم فقط , لكن طمس أعينهم , ثم رجمهم , فإذ لم يفعلوا هذا , فقد خالفوا حكم الله تعالى فيهم , وأبطلوا حجتهم . ويلزمهم أيضا - أن يطمسوا عيني كل من راود آخر . ويلزم أيضا - أن يحرقوا بالنار من أنقص المكيال والميزان , لأن الله تعالى أحرق بالنار قوم شعيب في ذلك . ويلزمهم - أن يقتلوا من عقر ناقة آخر , لأن الله تعالى أهلك قوم صالح إذ عقروا الناقة , إذ لا فرق بين عذاب الله تعالى قوم لوط بطمس العيون , والرجم - إذ أتوا تلك الفاحشة - وبين إحراق قوم شعيب إذ بخسوا المكيال والميزان - وبين إهلاكه قوم صالح إذ عقروا الناقة , قال الله تعالى: {ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها} إلى آخر السورة.

ثم نظرنا في قول من لم ير في ذلك حدا : فوجدناهم يحتجون بقول الله تعالى: {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} إلى قوله: {إلا من تاب}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان وزنى بعد إحصان أو نفسا بنفس". وقال عليه السلام: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام" فحرم الله تعالى دم كل امرئ - مسلم وذمي - إلا بالحق , ولا حق إلا في نص أو إجماع . وحرم النبي صلى الله عليه وسلم الدم إلا بما أباحه به من الزنى بعد الحصان , والكفر بعد الإيمان والقود والمحدود في الخمر ثلاثا , والمحارب قبل أن يتوب - وليس فاعل فعل قوم لوط واحدا من هؤلاء , فدمه حرام إلا بنص أو إجماع , وقد قلنا : إنه لا يصح أثر في قتله ؟ نعم , ولا يصح أيضا - في ذلك شيء عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - لأن الرواية في ذلك عن أبي بكر , وعلي , والصحابة إنما هي منقطعة : وإحداها - عن ابن سمعان عن مجهول . والأخرى عمن لا يعتمد على روايته . وأما الرواية عن ابن عباس , فإحداهما - عن معاذ بن الحارث عن عبد الرحمن بن قيس الضبي عن حسان بن مطر - وكلهم مجهولون - والرواية عن ابن الزبير , وابن عمر مثل ذلك عن مجهولين . فبطل أن يتعلق أحد في هذه المسألة عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - بشيء يصح - وأما من رأى دون الحد , فالحكم بن عتيبة ؟

قال أبو محمد رحمه الله: فإذ قد صح ذلك أنه لا قتل عليه ولا حد , لأن الله تعالى لم يوجب ذلك ولا رسوله - عليه السلام - فحكمه أنه أتى منكرا - فالواجب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيير المنكر باليد , فواجب أن يضرب التعزير الذي حده رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك لا أكثر , ويكف ضرره عن الناس فقط . كما روينا من طريق البخاري نا مسلم بن إبراهيم نا هشام - هو الدستوائي - نا يحيى هو ابن أبي كثير - عن عكرمة عن ابن عباس : قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء , وقال : أخرجوهم من بيوتكم , وأخرج فلانا , وأخرج فلانا". وأما السجن - فلقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . وبيقين يدري كل ذي حس سليم أن كف ضرر فعلة قوم لوط - الناكحين والمنكوحين - عن الناس عون على البر والتقوى , وإن إهمالهم عون على الإثم والعدوان , فوجب كفهم بما لا يستباح به لهم دم , ولا بشرة , ولا مال ؟ قال أبو محمد رحمه الله: فإن شنع بعض أهل القحة والحماقة أن يقول : إن ترك قتلهم ذريعة إلى هذا الفعل ؟ قيل لهم : وترككم أن تقتلوا كل زان ذريعة إلى إباحة الزنى منكم , وترككم أن تقتلوا المرتد - وإن تاب - تطريق منكم وذريعة إلى إباحتكم الكفر , وعبادة الصليب , وتكذيب القرآن والنبي - عليه السلام - وترككم قتل آكل الخنزير والميتة...إلخ

وصل ابن حزم إذن إلى حكم مخفف للغاية بخلاف أحكام المسلمين في عصورهم المظلمة، وهذا طبيعي من رجل على قدر ما من الاستنارة، من أهل الأندلس القديمة في إسبانيا، وله كتاب (الملل والنحل) و(طوق الحمامة في الألفة والإيلاف) عن الحب والعشق! فشخص لديه قدر استنارة مثله لم يكن ليتبنى أحكام العنف والقتل، لكنه كان مضطرًا لتبني فكرة التعزير، ربما لأنهم لم يكونوا يعرفون الأسباب العلمية الجينية للمثلية وتماشيًا مع مجتمعه. لكن ليس الكل على رأيه بل المعظم بخلافه تمامًا من فقهائهم كارهي الاختلاف والمختلف في أي شيء.

 

ولو أن عصر بني العباس اشتهر بمجاهرة المثليين وشعر تعشق الشبان والغلمان وما شابه، من شهراء ذلك أبو نواس الشاعر والخليفة محمد الأمين وغيرهما، ولا شك يعتبر التولع الجنسي بالأطفال مرفوضًا أخلاقيًّا وقانونيًّا، أما المثلية بين ناس بالغين راشدين هي حرية شخصية. لقد عرفت خلال عملي في عدة أعمال على مدار هذه السنوات شخصين كبيري السن كان معروفًا عنهما جيدًا من كلامهما وسلوكياتهما أنهما مثليان جنسيا، كل منهما عرفته في عمل مختلف، أحدهما كان يحترمه كثير من الناس مع معرفتهم بميوله جيدًا رغم كل الأفكار التقليدية لحسن صفاته الأخرى كالكرم واللطافة ودماثة الخلق. ليس معنى الجملة الأخيرة لي أن المثلية مما يشين أو أنه صفة سيئة لصاحبها بالتأكيد.

 

أما بالنسبة للنساء، فروى ابن أبي شيبة:

 

29622- حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ؛ فِي الْمَرْأَةِ تَقَعُ عَلَى الْمَرْأَةِ ، قَالَ : تُضْرَبُ أَدْنَى الْحَدَّيْنِ.

 

29623- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ الْحَاطِبِيَّ ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ زَيْدٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ؛ فِي الْمَرْأَةِ تَرْكَبُ الْمَرْأَةَ ، قَالَ : لَيَلْقَيْنَ اللَّهَ وَهُمَا زَانِيَتَانِ.

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

13383 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني بن شهاب قال أدركت علماءنا يقولون في المرأة تأتي المرأة بالرفغة وأشباهها تجلدان مئة مئة الفاعلة والمفعولة بها

 

وقال ابن قدامة في الممغني:

 

[فَصْلٌ تدالكت امْرَأَتَانِ]

(7169) فَصْلٌ: وَإِنْ تَدَالَكَتْ امْرَأَتَانِ، فَهُمَا زَانِيَتَانِ مَلْعُونَتَانِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا أَتَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، فَهُمَا زَانِيَتَانِ:» . وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ إيلَاجًا، فَأَشْبَهَ الْمُبَاشَرَةَ دُونَ الْفَرْجِ، وَعَلَيْهِمَا التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ زِنًى لَا حَدَّ فِيهِ، فَأَشْبَهَ مُبَاشَرَةَ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ. وَلَوْ بَاشَرَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ، اسْتَمْتَعَ بِهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي لَقِيت امْرَأَةً، فَأَصَبْت مِنْهَا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الْجِمَاعَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاةَ} [الإسراء: 78] الْآيَةُ. فَقَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ الْآيَةُ؟ فَقَالَ: لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وَلَوْ وُجِدَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَة، يُقَبِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ وَطِئَهَا أَوْ لَا، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ قَالَا: نَحْنُ زَوْجَانِ، وَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا. وَبِهِ قَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَإِنْ شُهِدَ عَلَيْهِمَا بِالزِّنَى، فَقَالَا: نَحْنُ زَوْجَانِ. فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ بِالنِّكَاحِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالزِّنَى تَنْفِي كَوْنَهُمَا زَوْجَيْنِ، فَلَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمَا.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ الْحَدُّ إذَا لَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهَا أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا ادَّعَيَاهُ مُحْتَمَلٌ، فَيَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً، كَمَا لَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ، فَادَّعَى أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِلْكُهُ.

 

وذكر ابن كثير في البداية والنهاية، أحداث سنة 107 ه:

 

وَذَكَرَ عِيسَى بْنُ دَأَبٍ قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ الْهَادِي، إِذْ جِيءَ بِطَسْتٍ فِيهِ رَأْسَا جَارِيَتَيْنِ، لَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْهُمَا، وَلَا مِثْلَ شُعُورِهِمَا، وَفِي شُعُورِهِمَا اللَّآلِئُ وَالْجَوَاهِرُ مُنَضَّدَةً، وَلَا مِثْلَ طِيبِ رِيحِهِمَا، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا شَأْنُ هَاتَيْنِ؟ قُلْنَا: لَا. فَقَالَ: إِنَّهُ ذُكِرَ لِي عَنْهُمَا أَنَّهُمَا يَرْتَكِبَانِ الْفَاحِشَةَ، فَأَمَرْتُ الْخَادِمَ، فَرَصَدَهُمَا ثُمَّ جَاءَنِي فَقَالَ: إِنَّهُمَا مُجْتَمِعَتَانِ. فَجِئْتُ فَوَجَدْتُهُمَا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ وَهُمَا عَلَى الْفَاحِشَةِ، فَأَمَرْتُ بِحَزِّ رِقَابِهِمَا. ثُمَّ أَمَرَ بِرَفْعِ رُءُوسِهِمَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَرَجَعَ إِلَى حَدِيثِهِ الْأَوَّلِ، كَأَنْ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا.

وقال ابن حزم في المحلى بالآثار واصلًا في النهاية إلى حكم بالتعزير يعني جلدات بسوط أخف من عدد الحد:

 

2303 - مسألة : السحق:

قال أبو محمد رحمه الله: اختلف الناس في السحق : فقالت طائفة : تجلد كل واحدة منهما مائة - كما نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق ثني ابن جريج أخبرني ابن شهاب قال : أدركت علماءنا يقولون في المرأة تأتي المرأة ب " الرفعة " وأشباهها يجلدان مائة - الفاعلة والمفعول بها . وبه - إلى عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب بمثل ذلك . ورخصت فيه طائفة - كما نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني من أصدق عن الحسن البصري أنه كان لا يرى بأسا بالمرأة تدخل شيئا , تريد الستر تستغني به عن الزنى . وقال آخرون - هو حرام ولا حد فيه , وفيه التعزير ؟

قال أبو محمد رحمه الله: فلما اختلفوا - كما ذكرنا - وجب أن ننظر في ذلك : فنظرنا في قول الزهري فلم نجد له حجة أصلا , إلا أن يقول قائل : كما جعل فعل قوم لوط أشد الزنى , فجعلوا فيه أعظم حد في الزنى , فكذلك هذا أقل الزنى , فجعل فيه أخف حد الزنى ؟ . قال أبو محمد رحمه الله: وهذا قياس لازم واجب على من جعل الرجم في فعل قوم لوط , لأنه أعظم من الزنى , ولا مخلص لهم من هذا أصلا , وأن يجعلوا " السحق " أيضا أشد الزنى , كفعل قوم لوط , فيلزمهم أن يجعلوا فيه الرجم , كما جعلوا في فعل قوم لوط ولا بد , لأن كلا الأمرين عدول بالفرج إلى ما لا يحل أبدا . ولكن القوم لا يحسنون القياس , ولا يعرفون الاستدلال , ولا يطردون أقوالهم , ولا يلزمون تعليلهم , ولا يتعلقون بالنصوص , وهلا قالوا هاهنا : إن الزهري أدرك الصحابة وكبار التابعين ؟ فلا يقول هذا إلا عنهم , ولا نعرف خلافا في ذلك ممن يرى تحريم هذا العمل , فيأخذون بقوله , كما كانوا يفعلون لو وافق تقليدهم قال أبو محمد رحمه الله: وأما نحن فإن القياس باطل عندنا , ولا يلزم اتباع قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم " والسحق " " والرفعة " ليسا زنى , فإذ ليسا زنى فليس فيهما حد الزنى , ولا لأحد أن يقسم برأيه - أعلى وأخف - فيقسم الحدود في ذلك كما يشتهي بل هو تعد لحدود الله تعالى , وشرع في الدين ما لم يأذن به الله تعالى - وهو يقول تعالى : {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} . وإنما يلزم هذا من قامت عليه الحجة فتمادى على الخطأ ناصرا للتقليد ؟

قال أبو محمد رحمه الله: وإذ لم يأت بمثل قول الزهري قرآن , ولا سنة صحيحة , فالأبشار محرمة والحدود , فلا حد في هذا أصلا - وبالله تعالى التوفيق . فإن ذكروا : ما ناه أحمد بن قاسم نا أبي قاسم بن محمد بن قاسم نا جدي قاسم بن أصبغ نا محمد بن وضاح نا هشام بن خالد نا بقية بن الوليد ثني عثمان بن عبد الرحمن ني عنبسة بن سعيد نا مكحول عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "السحاق زنى بالنساء بينهن" فإن هذا لا يصح , لأنه عن بقية - وهو ضعيف - ولم يدرك مكحولا , وواثلة , فهو منقطع . ثم لو صح لما كان فيه ما يوجب الحكم بالحد في ذلك , لأنه عليه السلام قد بين في حديث الأسلمي ما هو الزنى الموجب للحد , وإنما هو إتيان الرجل من المرأة حراما ما يأتي من أهله حلالا . وأخبر عليه السلام أن الأعضاء تزني , وأن الفرج يكذب ذلك أو يصدقه فصح أن لا زنى بين رجل وامرأة إلا بالفرج الذي هو الذكر في الفرج الذي هو مخرج الولد فقط . ولقد كان يلزم هذا الخبر من رأى برأيه أن فعل قوم لوط أعظم الزنى , فإنه ليس معهم فيه نص أصلا , ولو وجدوا مثل هذا لطغوا وبغوا . فسقط هذا جملة واحدة . ثم نظرنا في قول الحسن في إباحة ذلك - فوجدناه خطأ , لأن الله تعالى يقول: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} إلى قوله: {العادون}. وصح بالدليل من القرآن , وبالإجماع : أن المرأة لا تحل لملك يمينها وأنه منها ذو محرم , لأن الله تعالى أسقط الحجاب عن أمهات المؤمنين عن عبيدهن مع ذي محارمهن من النساء . فصح أن العبد من سيده ذو محرم فالمرأة إذا أباحت فرجها لغير زوجها فلم تحفظه , فقد عصت الله تعالى بذلك - وصح أن بشرتها محرمة على غير زوجها الذي أبيحت له بالنص , فإذا أباحت بشرتها لامرأة أو رجل غير زوجها فقد أباحت الحرام . وقد روينا من طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا زيد بن الحباب - هو العكلي - نا الضحاك بن عثمان - هو الحزامي - أخبرني زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل , ولا المرأة إلى عورة المرأة , ولا يفض الرجل إلى الرجل في ثوب واحد , ولا تفض المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد". حدثنا أحمد بن قاسم نا أبي قاسم بن محمد بن قاسم نا جدي قاسم بن أصبغ نا محمد بن وضاح نا أبو بكر بن أبي شيبة نا أبو الأحوص - هو سلام بن سليم - عن منصور بن المعتمر عن أبي وائل - هو شقيق بن سلمة - عن عبد الله بن مسعود قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباشر المرأة المرأة في ثوب واحد - لعل أن تصفها إلى زوجها كأن ينظر إليها". وبه - إلى قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن بشار - بندار - أنا محمد بن جعفر - غندر - نا شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء , والمتشبهات من النساء بالرجال".

قال أبو محمد رحمه الله: فهذه نصوص جلية على تحريم مباشرة الرجل الرجل , والمرأة المرأة , على السواء , فالمباشرة منها لمن نهى عن مباشرته عاص لله تعالى , مرتكب حراما على السواء , فإذا استعملت بالفروج كانت حراما زائدا , ومعصية مضاعفة , والمرأة إذا أدخلت فرجها شيئا غير ما أبيح لها من فرج زوجها , أو ما ترد به الحيض , فلم تحفظ فرجها , وإذ لم تحفظه فقد زادت معصية - فبطل قول الحسن في ذلك - وبالله تعالى التوفيق قال أبو محمد رحمه الله: فإذ قد صح - أن " المرأة المساحقة " للمرأة عاصية , فقد أتت منكرا , فوجب تغيير ذلك باليد , كما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من رأى منكرا أن يغيره بيده" فعليها التعزير

 

مصادرة حقوق البشر وقتلهم وتعذيبهم لأجل حريات شخصية أمر غير طبيعي، القانون المدني يعاقب على الجرائم الحقيقية فقط وبالسجن والغرامات والإعدام فقط، في جرائم حقيقية تؤذي آخرين غير الفاعل أو الفاعلين للجريمة أذىً ملموسًا واقعًا وقع بالفعل، ما سوى ذلك من تدخل في حيوات الناس فهو هوس وجنون وتابوهات خرافية وضلالات عقلية.

 

اعتبار الأبناء وأملاكهم ملكًا للأب

 

روى أحمد:

 

6678 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ الْأَخْنَسِ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ؟ قَالَ: " أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ، إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوهُ هَنِيئًا "

 

 صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابنُ الجارود في "المنتقى" (995) ، والبيهقي في "السنن" 7/480 من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/158 من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، به. ورواه أحمد برقم (6902) و (7001) . وله شاهد صحيح من حديث عائشة، سيرد 6/31 و42، وانظر ابن حبان (410) .وآخر من حديث جابر عند ابن ماجه (2291) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/158، وفي "شرح مشكل الآثار" (1598) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/304-305 في قصة مطولة، وإسناده صحيح على شرط البخاري كما قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 2/25. وثالث من حديث ابن مسعود عند الطبراني في "الكبير" (10019) ، و"الأوسط" (57) ، و"الصغير" (2) و (947) في قصة طويلة. ورابع من حديث سمرة عند الطبراني في "الكبير" (6961) ، والبزار (1260) . وزاد الهيثمي في "المجمع" 4/154 نسبته إلى الطبراني في "الأوسط"، وقال: وفيه عبد الله بن إسماعيل الجُوداني، قال أبو حاتم: لين، وبقية رجال البزار ثقات. وخامس من حديث عبد الله بن عمر عند البزار (1259) ، وأبي يعلى (5731) . وذكر الزيلعي في "نصب الراية" 3/338-339، والحافظ ابن حجر في "الفتح" 5/211 شاهداً له من حديث عمر قد أخرجه البزار (1261) ، وابن عدي في "الكامل" 3/1212 من طريق سعيد بن بشير، عن مطر (تحرف عند البزار إلى مطرف) الوراق، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، مرفوعاً. وهذا الشاهد أورده ابنُ أبي حاتم في "العلل" 1/469، ثم قال: قال أبي: هذا خطأ، إنما هو عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأعله ابنُ عدي أيضا بسعيد بن بشير، وقال فيه: ولعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط. قلنا: وعلى هذا فلا يصح ذكر حديث عمر شاهداً لحديثنا.

وقوله: "يجتاح مالي" معناه: يستأصله ويأتي عليه، أخذاً وإنفاقاً. قاله ابنُ الأثير في "النهاية".

 

24148 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ "

 

حديث حسن لغيره، وهذا إسناد اختلف فيه على إبراهيم وهو ابن يزيد النخعي، وقد سلف الكلام عليه في الرواية (24032) . وأخرجه ابنُ أبي شيبة 7/157 و14/196، وإسحاق بن راهوية في "مسنده" (1507) ، وأبن ماجه (2137) ، وابن حبان (4261) ، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (232) ، وابن حزم في "المحلّى" 8/102، والبيهقي في "السنن" 7/480 من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وقال البيهقي: وهو بهذا الإسناد غير محفوظ. وأخرجه إسحاق بن راهويه (1507) والبيهقي في "معرفة السنن" (15993) والبغوي في "شرح السنة" (2398) من طريق يعلى بن عبيد، به. وأخرجه ابن راهوية (1561) ، والنسائي في "المجتبى" 7/241، وفي "الكبرى" (6045) و (6046) ، والطبراني في "الأوسط" (4483) من طرق عن الأعمش، به. وأخرجه البيهقي في "السنن" 8/480 من طريق إبراهيم الصائغ، عن حماد ابن أبي سليمان، عن إبراهيم، به. وأخرجه البيهقي كذلك في "السنن" 7/480 من طريق عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن حماد، عن إبراهيم، به. قال سفيان: وهذا وهمٌ من حماد، قال عبد الله: سألت أصحاب سفيان عن هذا الحديث، فلم يحفظوا. قال عبد الله: وهذا من حديثه عن عمارة بن عمير ليس فيه الأسود. قلنا: وقد سلفت رواية سفيان برقم (24032)

 

نعم إن للأب لو كان بارًّا أحسن رعاية أولاده في صغرهم حق عليهم قانونيًّا في الدول المتحضرة أن ينفقوا عليه لو كان كبر سنهم أو عجز، هذه مسؤوليتهم الاجتماعية، لكن ليس معنى هذا استعباد الأب لهم أو أن يستولي على أموالهم، هذه قيم البطريركية الدينية الكريهة الظالمة، وفي السعودية قرأت عن أحد أحكامهم الشاذة بالقبض على رجل ليلة عرسه لأن الأب لم يكن وافق على الزواج! أي مهزلة وأبوية ومصادرة للحريات والحقوق وشمولية اجتماعية؟! وعمومًا يفترض الإسلام تدخل الوالدين كيفما يشاءان، ويرتبط بكلامي هذا هذه الوصية السيئة لمحمد المتضمنة للتدخل في الحياة الخاصة بالأبناء:

 

5011 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ تَحْتِي امْرَأَةٌ أُحِبُّهَا، وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُهَا، فَأَمَرَنِي أَنْ أُطَلِّقَهَا، فَأَبَيْتُ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ امْرَأَةً كَرِهْتُهَا لَهُ، فَأَمَرْتُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَأَبَى، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا عَبْدَ اللهِ طَلِّقِ امْرَأَتَكَ " فَطَلَّقْتُهَا

 

إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحارث بن عبد الرحمن - وهو خال ابن أبي ذئب - فمن رجال أصحاب السنن، وهو صدوق. وأخرجه ابن أبي شيبة 5/222 (19397) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. لكن فيه: عن حمزة بن عبد الله بن عمر، قال: كانت تحت ابن عمر امرأته... فذكره، وصورته صورة الإرسال.

 

4711 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ تَحْتِي امْرَأَةٌ، كَانَ عُمَرُ يَكْرَهُهَا فَقَالَ: طَلِّقْهَا، فَأَبَيْتُ ، فَأَتَى عُمَرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَطِعْ أَبَاكَ "

 

إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحارث خال ابن أبي ذئب -وهو الحارث بن عبد الرحمن القرشي- فمن رجال أصحاب السنن، وهو صدوق.ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث. وأخرجه أبو داود (5138) ، وابن ماجه (2088) ، وابن حبان (426) من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (1822) ، والترمذي (1189) ، والنسائي كما في "التحفة" 5/339 (ليس هو في "المجتبي"، ولعله في "الكبرى") ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1386) و (1387) و (1388) ، وابن حبان (427) ، والطبراني في "الكبير" (13250) ، والحاكم 2/197 و4/152-153، والبيهقي في "السنن" 7/322، والبغوي في "شرح السنة" (2348) من طرق عن ابن أبي ذئب، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وسيأتي بالأرقام (5011) و (5144) و (6470) . وأخرجه عبد بن حميد (835) عن عبد الملك بن عمرو.

 

والوصية الحمقاء لأبي الدرداء الصحابي الزاهد عديم الهمة المتصوف، تبعًا لنفس التشريع المعيب:

 

21717 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَتْهُ أُمُّهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ كِلَاهُمَا، قَالَ: شُعْبَةُ يَقُولُ ذَلِكَ، أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ مِائَةَ مُحَرَّرٍ، فَأَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي الضُّحَى يُطِيلُهَا، وَصَلَّى مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَوْفِ نَذْرَكَ، وَبَرَّ وَالِدَيْكَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْوَالِدُ أَوْسَطُ بَابِ الْجَنَّةِ " فَحَافِظْ عَلَى الْوَالِدِ أَوْ اتْرُكْ

 

إسناده حسن من أجل عطاء بن السائب . أبو عبد الرحمن السلمي: هو عبد الله بن حبيب بن رُبَيِّعة المقرئ، مشهور بكنيته . وأخرجه ابن ماجه (2089) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد . وأخرجه الطيالسي (981) ، ومن طريقه البغوي (3422) ، وأخرجه الحاكم 4/152 من طريق خالد بن الحارث، كلاهما (الطيالسي وخالد بن الحارث) عن شعبة، به . واقتصر الطيالسي والبغوي على المرفوع منه . وأخرجه ابن أبي شيبة 8/540، وهناد في "الزهد" (987) ، وابن حبان (425) ، والحاكم 2/197، والبغوي في "شرح السنة" (3421) من طرق عن عطاء بن السائب، به . واقتصر ابن أبي شيبة على المرفوع . وسيأتي (21726) و6/445 و447-448 و451 . وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (4711) .

 

21726 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي بِنْتُ عَمِّي وَأَنَا أُحِبُّهَا، وَإِنَّ وَالِدَتِي تَأْمُرُنِي أَنْ أُطَلِّقَهَا، فَقَالَ: لَا آمُرُكَ أَنْ تُطَلِّقَهَا، وَلَا آمُرُكَ أَنْ تَعْصِيَ وَالِدَتَكَ، وَلَكِنْ أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ الْوَالِدَةَ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ " فَإِنْ شِئْتَ فَأَمْسِكْ وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ

 

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ شريك، وقد توبع . انظر (21717) .

 

27511 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: كَانَ فِينَا رَجُلٌ لَمْ تَزَلْ بِهِ أُمُّهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ حَتَّى تَزَوَّجَ، ثُمَّ أَمَرَتْهُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَرَحَلَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ بِالشَّامِ، فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي لَمْ تَزَلْ بِي حَتَّى تَزَوَّجْتُ، ثُمَّ أَمَرَتْنِي أَنْ أُفَارِقَ قَالَ: مَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُفَارِقَ، وَمَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُمْسِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ " فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ، أَوْ احْفَظْهُ قَالَ: فَرَجَعَ وَقَدْ فَارَقَهَا

 

إسناده حسن من أجل عطاء بن السائب، وقد سمع منه سفيان الثوري قبل اختلاطه، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1385) من طريق أبي حُذيفة موسى بن مسعود، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. ورواه أحمد 27552 وأخرجه الحميدي (395) ، والترمذي (1900) ، وابن ماجه (3663) ، والحاكم 4/152، والبيهقي في "الأربعون الصغرى" (95) من طريق سفيان بن عُيينة.

 

شخصيًّا انفصلت عن أبٍّ أصولي منذ سنين تمامًا، ولم تكن نهاية علاقتنا سارة، بسبب إصراره منذ الصغر وحتى الكبر على التدخل في شؤوني الخاصة ومحاولة التسلط ومصادرة حرياتي وجعلي مجرد نسخة مكررة منه ومنهم بلا معنى ولا تميز، ومع اختياري للفكر الحر كانت نهاية علاقتنا كأب وابن لأصوليته وتدينه.

 

 

 

حد شرب الخمر حسب محمد، وعمر هو من ابتدع "عقوبة" شرب الخمر بثمانين جلدة كعقوبة وحشية

 

روى البخاري:

 

6779 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الجُعَيْدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ "

 

6773 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ضَرَبَ فِي الخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ»

 

6775 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِنُعَيْمَانَ، أَوْ بِابْنِ نُعَيْمَانَ، وَهُوَ سَكْرَانُ، فَشَقَّ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ مَنْ فِي البَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ، فَضَرَبُوهُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَكُنْتُ فِيمَنْ ضَرَبَهُ»

 

6776 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ»

 

6777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ، قَالَ: «اضْرِبُوهُ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ القَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ، قَالَ: «لاَ تَقُولُوا هَكَذَا، لاَ تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ»

 

ورواه أحمد 7985 ووأخرجه البخاري و (6781) ، وأبو داود (4477) ، والنسائي في "الكبرى" (5287) ، وابن حبان (5730) ، والبيهقي في الكبرى 8/312، والبغوي (2607) وأخرجه بنحوه أبو داود (4478).

 

6778 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ سَمِعْتُ عُمَيْرَ بْنَ سَعِيدٍ النَّخَعِيَّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ فَيَمُوتَ فَأَجِدَ فِي نَفْسِي إِلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ

وروى مسلم:

 

1706- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : سَمِعْتُ قَتَادَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ.

قَالَ : وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ.

 

[ 1707 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وعلي بن حجر قالوا حدثنا إسماعيل وهو بن علية عن بن أبي عروبة عن عبد الله الداناج ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي واللفظ له أخبرنا يحيى بن حماد حدثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا عبد الله بن فيروز مولى بن عامر الداناج حدثنا حضين بن المنذر أبو ساسان قال شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر وشهد آخر أنه رآه يتقيأ فقال عثمان إنه لم يتقيأ حتى شربها فقال يا علي قم فاجلده فقال علي قم يا حسن فاجلده فقال الحسن ول حارها من تولى قارها فكأنه وجد عليه فقال يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال أمسك ثم قال جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي زاد علي بن حجر في روايته قال إسماعيل وقد سمعت حديث الداناج منه فلم أحفظه

 

 [ 1707 ] حدثني محمد بن منهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سفيان الثوري عن أبي حصين عن عمير بن سعيد عن علي قال ما كنت أقيم على أحد حدا فيموت فيه فأجد منه في نفسي إلا صاحب الخمر لأنه إن مات وديته لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه

 

وروى أحمد:

 

624- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الدَّانَاجِ ، عَنْ حُضَيْنٍ أَبِي سَاسَانَ الرَّقَاشِيِّ ، قَالَ : إِنَّهُ قَدِمَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَى عُثْمَانَ ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْوَلِيدِ ، أَيْ بِشُرْبِهِ الْخَمْرَ ، فَكَلَّمَهُ عَلِيٌّ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : دُونَكَ ابْنَ عَمِّكَ ، فَأَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ . فَقَالَ : يَا حَسَنُ ، قُمْ فَاجْلِدْهُ . قَالَ : مَا أَنْتَ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ ، وَلِّ هَذَا غَيْرَكَ . قَالَ : بَلْ ضَعُفْتَ وَوَهَنْتَ وَعَجَزْتَ ، قُمْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ . فَجَعَلَ عَبْدُ اللهِ يَضْرِبُهُ ، وَيَعُدُّ عَلِيٌّ ، حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ ، ثُمَّ قَالَ : أَمْسِكْ ، أَوْ قَالَ : كُفَّ ، جَلَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ ، وَكَمَّلَهَا عُمَرُ ثَمَانِينَ ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ.

 

1184- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الدَّانَاجِ ، عَنْ حُضَيْنٍ ، قَالَ : شُهِدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ عِنْدَ عُثْمَانَ ؛ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ ، فَكَلَّمَ عَلِيٌّ عُثْمَانَ فِيهِ ، فَقَالَ : دُونَكَ ابْنُ عَمِّكَ فَاجْلِدْهُ . فَقَالَ : قُمْ يَا حَسَنُ . فَقَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا وَلِّ هَذَا غَيْرَكَ . فَقَالَ : بَلْ عَجَزْتَ ، وَوَهَنْتَ ، وَضَعُفْتَ ، قُمْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَجَلَدَهُ ، وَعَدَّ عَلِيٌّ ، فَلَمَّا كَمَّلَ أَرْبَعِينَ ، قَالَ : حَسْبُكَ ، أَوِ امْسِكْ ، جَلَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ ، وَكَمَّلَهَا عُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ.

 

(12139) 12163- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، وَأَبُو نُعَيْمٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ : أَرْبَعِينَ . فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ وَدَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى ، قَالَ لأَصْحَابِهِ : مَا تَرَوْنَ ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : اجْعَلْهَا كَأَخَفِّ الْحُدُودِ فَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ.

 

(15719) 15810- حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ إِمْرَةِ عُمَرَ ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ فَنَضْرِبُهُ بِأَيْدِينَا ، وَنِعَالِنَا ، وَأَرْدِيَتِنَا ، حَتَّى كَانَ صَدْرًا مِنْ إِمْرَةِ عُمَرَ ، فَجَلَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا فِيهَا ، وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ. (3/449)

 

16809 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُ النَّاسَ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، " فَأُتِيَ بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ بِمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ "

 

وروى أبو داوود:

 

4479 - حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا هشام ح وثنا مسدد ثنا يحيى عن هشام المعنى عن قتادة عن أنس بن مالك

  أن النبي صلى الله عليه و سلم جلد في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر رضي الله عنه أربعين فلما ولي عمر دعا الناس فقال لهم إن الناس قد دنوا من الريف وقال مسدد منن القرى والريف فما ترون في حد الخمر ؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف نرى أن تجعله كأخف الحدود فجلد فيه ثمانين

 قال أبو داود رواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه جلد بالجريد والنعال أربعين ورواه شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ضرب بجريدتين نحو الأربعين . قال الألباني:  صحيح

 

4480 - حدثنا مسدد بن مسرهد وموسى بن إسماعيل المعنى قالا ثنا عبد العزيز بن المختار ثنا عبد الله الداناج حدثني حضين بن المنذر الرقاشي هو أبو ساسان قال

  شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد بن عقبة فشهد عليه حمران ورجل آخر فشهد أحدهما أنه رآه شربها يعني الخمر وشهد الآخر أنه رآه يتقيأها فقال عثمان إنه لم يتقيأها حتى شربها فقال لعلي [ رضي الله عنه ] أقم عليه الحد فقال علي للحسن أقم عليه الحد فقال الحسن ول حارها من تولى قارها ( مثل أي ول العقوبة والضرب من توليه العمل والنفع . والقار البارد ) فقال علي لعبد الله بن جعفر أقم عليه الحد قال فأخذ السوط فجلده وعلي يعد فلما بلغ أربعين قال حسبك جلد النبي صلى الله عليه و سلم أربعين أحسبه قال وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي . قال الألباني:  صحيح

 

4481 - حدثنا مسدد ثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن الداناج عن حضين بن المنذر عن علي رضي الله عنه قال

  جلد رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخمر وأبو بكر أربعين وكملها عمر ثمانين وكل سنة

 قال أبو داود وقال الأصمعي ول حارها من تولى قارها ول شديدها من تولى هينها

 قال أبو داود هذا كان سيد قومه حضين بن المنذر أبو ساسان . قال الألباني:  صحيح

 

4487 - حدثنا سليمان بن داود المهري المصري ابن أخي رشدين بن سعد أخبرنا ابن وهب أخبرني أسامة بن زيد أن ابن شهاب حدثه عن عبد الرحمن بن أزهر قال

  كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الآن وهو في الرحال يلتمس رحل خالد بن الوليد فبينما هو كذلك إذ أتي برجل قد شرب الخمر فقال للناس " [ ألا ] اضربوه " فمنهم من ضربه بالنعال ومنهم من ضربه بالعصا ومنهم من ضربه بالميتخة وقال ابن وهب الجريدة الرطبة ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم ترابا من الأرض فرمى به في وجهه .

 

قال الألباني:  حسن صحيح. سميت ميتخة لأنها متوخ أي تأخذ في المضروب

 

4488 - حدثنا ابن السرح قال وجدت في كتاب خالي عبد الرحمن بن عبد الحميد عن عقيل عن ابن شهاب أخبره أن عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر أخبره عن أبيه قال

  أتي النبي صلى الله عليه و سلم بشارب وهو بحنين فحثى في وجهه التراب ثم أمر أصحابه فضربوه بنعالهم وما كان في أيديهم حتى قال لهم " ارفعوا " فرفعوا فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم جلد أبو بكر في الخمر أربعين ثم جلد عمر أربعين صدرا من إمارته ثم جلد ثمانين في آخر خلافته ثم جلد عثمان الحدين كليهما ثمانين وأربعين ثم أثبت معاوية الحد ثمانين .

 

قال الألباني:  صحيح

 

4489 - حدثنا الحسن بن علي ثنا عثمان بن عمر ثنا أسامة بن زيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن أزهر قال

رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم غداة الفتح وأنا غلام شاب يتخلل الناس يسأل عن منزل خالد بن الوليد فأتي بشارب فأمرهم فضربوه بما في أيديهم فمنهم من ضربه بالسوط ومنهم من ضربه بعصا ومنهم من ضربه بنعله وحثى رسول الله صلى الله عليه و سلم التراب فلما كان أبو بكر أتي بشارب فسألهم عن ضرب النبي صلى الله عليه و سلم الذي ضربه فحرزوه ( بتقديم الراء المهملة عن الزاي أي حفظوه ووعوه ) أربعين فضرب أبو بكر أربعين فلما كان عمر كتب إليه خالد بن الوليد إن الناس قد انهمكوا في الشرب وتحاقروا الحد والعقوبة قال هم عندك فسلهم وعنده المهاجرون الأولون فسألهم فأجمعوا على أن يضرب ثمانين قال وقال علي إن الرجل إذا شرب افترى فأرى أن يجعله كحد الفرية

 قال أبو داود أدخل عقيل بن خالد بين الزهري وبين ابن الأزهر في هذا الحديث عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر عن أبيه .

 

قال الألباني:  حسن

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

28998- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الدَّانَاجِ ، عَنْ حُضَيْنٍ أَبِي سَاسَانَ ؛ أَنَّهُ رَكِبَ أناسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَى عُثْمَانَ ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ ، فَكُلِّمَهُ فِي ذَلِكَ عَلِيٌّ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : دُونَك ابْنَ عَمِّكَ ، فَأَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ ، فَقَالَ : فِيمَ أَنْتَ مِنْ هَذَا ؟ َولِّ هَذَا غَيْرَك ، قَالَ : بَلْ ضَعُفْتَ ، وَوَهَنْتَ وَعَجَزْتَ ، قُمْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ ، فَجَعَلَ يَجْلِدُهُ ، وَيَعُدُّ عَلِيٌّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ ، فَقَالَ : كُفَّ ، أَوْ أَمْسِكْ ، جَلَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ ، وَكَمَّلَهَا عُمَرُ ثَمَانِينَ ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ.

 

28999- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ أَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ.

 

29000- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : شَرِبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الْخَمْرَ ، وَعَلَيْهِمْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، وَقَالُوا : هِيَ لَنَا حَلاَلٌ ، وَتَأَوَّلُوا هَذِهِ الآيَةَ : {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآيَةَ ، قَالَ : فَكَتَبَ فِيهِمْ إِلَى عُمَرَ ، فَكَتَبَ : أَنَ ابْعَثْ بِهِمْ إِلَيَّ قَبْلَ أَنْ يُفْسِدُوا مَنْ قِبَلِكَ ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ ، اسْتَشَارَ فِيهِمَ النَّاسَ ، فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، نَرَى أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا عَلَى اللهِ ، وَشَرَعُوا فِي دِينِهِمْ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ، فَاضْرِبْ رِقَابَهُمْ ، وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ ، فَقَالَ : مَا تَقُولُ يَا أَبَا الْحَسَنِ فِيهِمْ ؟ قَالَ : أَرَى أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ ، فَإِنْ تَابُوا جَلَدْتَهُمْ ثَمَانِينَ لِشُرْبِهم الْخَمْرِ ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا ضَرَبْتَ أَعْنَاقَهِمْ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا عَلَى اللهِ ، وَشَرَعُوا فِي دِينِهِمْ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ، فَاسْتَتَابَهُمْ فَتَابُوا ، فَضَرَبَهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ.

 

29001- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ ،وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَالزُّهْرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَزْهَرِ ، قَالَ : أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَارِبٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلنَّاسِ : قُومُوا إِلَيْهِ ، فقام إِلَيْهِ النَّاسُ فَضَرَبُوهُ بِنِعَالِهِمْ.

 

29002- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ ، فَجَعَلَ عُمَرُ مَكَانَ كُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا.

 

يقول الواقدي بسياق غزوة خيبر:

 

وَعَمِدَ يَوْمئِذٍ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَشَرِبَ مِنْ الْخَمْرِ فَرَفَعَ إلَى النّبِىّ ÷ فَكَرِهَ حِينَ رَفَعَ إلَيْهِ فَخَفَقَهُ بِنَعْلَيْهِ وَمَنْ حَضَرَهُ فَخَفَقُوهُ بِنِعَالِهِمْ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللّهِ الْخَمّارِ، وَكَانَ رَجُلاً لا يَصْبِرُ عَنْ الشّرَابِ قَدْ ضَرَبَهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِرَارًا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ: اللّهُمّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُضْرَبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “لا تَفْعَلْ يَا عُمَرُ فَإِنّهُ يُحِبّ اللّهَ وَرَسُولَهُ”، قَالَ: ثُمّ رَاحَ عَبْدُ اللّهِ فَجَلَسَ مَعَهُمْ كَأَنّهُ أَحَدُهُمْ.

 

وبسياق حنين:

 

قَالَ: حَدّثَنِى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: رَأَيْت النّبِىّ ÷ بِحُنَيْنٍ يَتَخَلّلُ الرّجَالَ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَأَنَا مَعَهُ فَأُتِىَ يَوْمَئِذٍ بِشَابّ فَأَمَرَ مَنْ عِنْدَهُ فَضَرَبُوهُ بِمَا كَانَ فِى أَيْدِيهِمْ وَحَثَا عَلَيْهِ التّرَابَ

 

أؤمن تمامًا بحرية الشخص في شرب الخمور طالما لا يمارس قيادة السيارة ولا يعربد أو يؤذي أحدًا، وهو ما تقول به كل القوانين المتحضرة.  كانت عقوبة محمد أخف، بمثابة ضرب عادي، لكن أبا بكر ثم عمر هما من جعلوها عقوبة أكثر وحشية ودموية، وأصبح هذا ملمحًا أساسيًّا من ديانة الإسلام المتدخلة في الحريات الشخصية حتى انتهى الحكم بالشريعة الهمجية، عدا دولًا نادرة اليوم في القرن الحادي والعشرين كالسعودية. لم يخطئ مالك مسلماني في كتابه عن عمر بن الخطاب عندما قال أن عمر ليس مجرد متبع للمقدس، بل هو صانع للمقدس. كثير من ملامح الإسلام وتعاليمه اقترحها هو على محمد وأخرى غيرها بعد موت محمد مغيرًا لبعض تعاليم محمد الفاسد منها بجرأة.

 

نبوآت لفقوها في العصر العباسي لمحاولة تخويف المتمدنين والعقلانيين المتحررين متذوقي الفنون والملذات والحريات:

 

روى البخاري معلَّقًا:

 

5590- وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

 

حديث أبي عامر وأبي مالك الأشعريين عند أبي داود (4039) ، وابن حبان (6754) ، والطبراني في "الكبير" (3417) ، والبيهقي 3/272 و10/221، وابن حجر في "تغليق التعليق" 5/17 و18 و19 و20، وعلقه البخاري (5590) : "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف، ولينزلنَّ أقوام إلى جنب عَلَمٍ يَرُوح عليهم بسارحةٍ لهم، يأتيهم -يعني الفقير- لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غداً، فيبيِّتُهم الله، ويَضَع العَلَم، ويمسخ آخرين قردةً وخنازيرَ إلى يوم القيامة" واللفظ للبخاري . وقال بعضهم: عن أبي عامر أو أبي مالك، على الشك .

 

وروى أحمد:

 

18073 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ، يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو بكر بن حفص: هو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وابن مُحَيريز: هو عبد الله. وأخرجه الطيالسي (586) ، وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/312 من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (17055) عن سفيان الثوري، وابن أبي شيبة 8/112 عن علي بن مسهر، كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني- واسمه سليمان بن أبي سليمان- عن أبي بكر بن حفص، عن ابن محيريز، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرسلاً. وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 6/205 من طريق محمد بن عبد الواهب أبي شهاب، عن أبي إسحاق الشيباني، عن أبي بكر بن حفص، عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأبو شهاب لم نتبينه. وأخرجه عبد الرزاق (17052) من طريق إبراهيم بن أبي بكر، عن عبد الله ابن محيريز، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرسلاً. ورواه بلال بن يحيى العبسي، عن أبي بكر بن حفص، عن ابن محيريز، عن ثابت بن السِّمط، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسيأتي 5/318. قلنا: ورواية المصنف هنا: عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أصح إسناداً. وهي الصواب إن شاء الله. وله شاهد من حديث أبي مالك الأشعري: سيرد 5/342 (22900). وآخر من حديث أبي أمامة الباهلي عند ابن ماجه (3384) . وعند أحمد (22790) و(22231). وثالث من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (11228) . قال الهيثمي في "المجمع " 5/57: رجاله ثقات. ورابع من حديث عائشة عند الحاكم 4/147، والبيهقي 8/294-295، وصححه الحاكم على شرطهما، وفي إسناده محمد بن عبد الله بن مسلم. قال الذهبي في "تلخيص المستدرك": هو مجهول، وإن كان ابن أخي الزهري فالسند منقطع.

 

خرافات لا تحدث في الواقع وتهديدات جوفاء، ولن تساوي شيئًا عند إنسان عقلاني يحترم الفن وقيمة الحياة والحرية وحرية الناس.

 

 

تحطيم البارات والخمّارات وصالات الرقص والديسكو والممتلكات الخاصة لعدم اتفاقها مع رجعية الإسلام

 

روى أحمد:

 

5390 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو طُعْمَةَ - قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: لَا أَعْرِفُ إِيشٍ اسْمُهُ - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمِرْبَدِ فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَكُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ، وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَتَأَخَّرْتُ لَهُ، فَكَانَ عَنْ يَمِينِهِ وَكُنْتُ عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ فَتَنَحَّيْتُ لَهُ فَكَانَ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِرْبَدَ، فَإِذَا بِأَزْقَاقٍ عَلَى الْمِرْبَدِ فِيهَا خَمْرٌ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَدَعَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُدْيَةِ قَالَ: وَمَا عَرَفْتُ الْمُدْيَةَ إِلَّا يَوْمَئِذٍ، فَأَمَرَ بِالزِّقَاقِ فَشُقَّتْ، ثُمَّ قَالَ: " لُعِنَتِ الْخَمْرُ، وَشَارِبُهَا، وَسَاقِيهَا، وَبَائِعُهَا، وَمُبْتَاعُهَا ، وَحَامِلُهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَعَاصِرُهَا، وَمُعْتَصِرُهَا، وَآكِلُ ثَمَنِهَا "

 

حديث حسن، عبد الله بن لهيعة - وإن كان ضعيفاً - قد رواه عنه أيضاً عبدُالله بن وهب، وسماعه منه قبل احتراق كتبه، وبقية رجاله ثقات. والمرفوع منه صحيح بطرقه وشواهده. وأبو طعمة سلف الكلام عليه في الرواية رقم (4787) . وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3343) ، والبيهقي في "السنن" 8/287 من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، به. وأورده الهيثمي في "المجمع"5/53-54، وقال: رواه أحمد بإسنادين في أحدهما أبو بكر بن أبي مريم، وقد اختلط [قلنا: سيأتي برقم (6165)] وفي الآخر أبو طعمة، وقد وثقه محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وضعفه مكحول، وبقية رجاله ثقات. أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3342) ، والحاكم 4/144، والبيهقي في "السنن " 8/287، وفي "الشعب " (5584) من طريق عبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن شُريح وابنِ لَهِيعة والليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن ثابت بن يزيد الخولاني، عن ابن عمر، نحوه. وثمة سقط في الِإسناد في مطبوع الحاكم. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.// قلنا: ثابت بن يزيد الخولاني روى عنه عمرو بن الحارث وخالد بن يزيد، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يؤثَر توثيقه عن أحد غيره. ثم إن في الإسناد انقطاعاً، فقد قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/459 في ترجمة ثابت بن يزيد الخولاني: روى عن ابن عمر، وقال بعضهم: عن ابن عمه، عن ابن عمر، وهو الصحيح.// وأخرجه بنحوه الطيالسي (1957) عن محمد بن أبي حميد، عن أبي توبة المصري، عن ابن عمر. وفيه زيادة: لعن غارسها ومديرها. قلنا: محمد بن أبي حميد ضعيف، وأبو توبة المصري لم نقع على ترجمته.

قوله: إلى المربد، قال السندي: بكسر ميم وفتح باء، موضع يجعل فيه التمر لينشف، ومربد الغنم. موضع على ميلين من المدينة.  بأزقاق: جمع زِق بكسر فتشديد: السقاء. المدية: بالضم والكسر، وقيل: بتثليث الميم، هي السكين.

 

6165 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ آتِيَهُ بِمُدْيَةٍ وَهِيَ الشَّفْرَةُ - فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَرْسَلَ بِهَا، فَأُرْهِفَتْ ، ثُمَّ أَعْطَانِيهَا وَقَالَ: " اغْدُ عَلَيَّ بِهَا "، فَفَعَلْتُ، فَخَرَجَ بِأَصْحَابِهِ إِلَى أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ، وَفِيهَا زِقَاقُ خَمْرٍ قَدْ جُلِبَتْ مِنَ الشَّامِ، فَأَخَذَ الْمُدْيَةَ مِنِّي، فَشَقَّ مَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الزِّقَاقِ بِحَضْرَتِهِ، ثُمَّ أَعْطَانِيهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَنْ يَمْضُوا مَعِي، وَأَنْ يُعَاوِنُونِي، وَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْأَسْوَاقَ كُلَّهَا، فَلَا أَجِدُ فِيهَا زِقَّ خَمْرٍ إِلَّا شَقَقْتُهُ، فَفَعَلْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ فِي أَسْوَاقِهَا زِقًّا إِلَّا شَقَقْتُهُ

 

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم الغساني، وبقية رجاله ثقات. ضمرة بن حبيب: هو ابن صهيب الزبيدي الحمصي. وقد سلفت القصة برقم (5390) .

قوله:"فأرهفت" ، قال السندي: على بناء المفعول، أي: سنت وجعلت حديدة. وقوله: "اغد علي بها"، أي: جىء بها عندي من الغد.

 

وروى مسلم:

 

[ 1980 ] حدثني أبو الربيع سليمان بن داود العتكي حدثنا حماد يعني بن زيد أخبرنا ثابت عن أنس بن مالك قال كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة وما شرابهم إلا الفضيخ البسر والتمر فإذا مناد ينادى فقال اخرج فانظر فخرجت فإذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت قال فجرت في سكك المدينة فقال لي أبو طلحة اخرج فاهرقها فهرقتها فقالوا أو قال بعضهم قتل فلان قتل فلان وهي في بطونهم قال فلا أدري هو من حديث أنس فأنزل الله عز وجل { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات } 

 

وروى أحمد:

 

(12189) 12213- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا ، فَقَالَ : أَهْرِقْهَا قَالَ : أَفَلاَ نَجْعَلُهَا خَلاًّ ؟ قَالَ : لاَ. (3/119).

 

إسناده حسن من أجل السدي -وهو إسماعيل بن عبد الرحمن- وهو وإن كان من رجال مسلم، فيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو هبيرة: هو يحيي بن عباد بن شيبان الأنصاري. وسيأتي مكرراً برقم (12854) . وأخرجه ابن أبي شيبة 8/202، وأبو داود (3675) ، وأبو يعلى (4051) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عبيد في "الأموال" (282) ، ومسلم (1983) ، والترمذي (1294) ، وابن الجارود (854) ، وأبو يعلى (4045) ، وأبو عوانة 5/274 و274-275 و275، والدارقطني 4/265، والبيهقي 6/37 من طرق عن سفيان الثوري، به- وبعضهم يرويه مختصراً. وسيأتي برقم (13732) و (13733) . وانظر أيضاً ما سيأتي برقم (13275) .

 

13733 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وَحُسَيْنٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ حُسَيْنٌ: عَنِ السُّدِّيِّ، وَقَالَ أَسْوَدُ، حَدَّثَنَا السُّدِّيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ أَبِي هُبَيْرَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ فِي حِجْرِ أَبِي طَلْحَةَ يَتَامَى، فَابْتَاعَ لَهُمْ خَمْرًا، فَلَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَصْنَعُهُ خَلًّا ؟ قَالَ: " لَا "، قَالَ: فَأَهْرَاقَهُ

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. حسين: هو ابن محمد المرُوذي، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق، والسدي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن. وأخرجه الدارمي (2115) ، والبيهقي 6/37 من طريق عبيد الله بن موسى، والدارقطني 4/265 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وانظر (12191) .

 

11205 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُجَالِدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قُلْنَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ: إِنَّ عِنْدَنَا خَمْرًا لِيَتِيمٍ لَنَا " فَأَمَرَنَا فَأَهْرَقْنَاهَا "

 

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف مجالد -وهو ابن سعيد الهمداني- وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الودّاك -وهو جبْرُ بن نوْف- فمن رجال مسلم، وهو ثقة. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه الترمذي (1263) ، وأبو يعلى (1277) من طريق عيسى بن يونس، عن مجالد، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث أنس أخرجه أحمد -فيما سيرد 3/119- عن وكيع، عن سفيان -وهو الثوري-، عن السدي -وهو إسماعيل بن عبد الرحمن-، عن أبي هُبيرة -وهو يحيى بن عباد الأنصاري-، عن أنس بن مالك، أن أبا طلحة سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أيتام ورثوا خمراً، فقال: "أهرقها"، قال: أفلا نجعلها خلا؟ قال: "لا". وإسناده حسن في الشواهد. وأخرجه الترمذي مختصراً (1294) من طريق يحيي بن سعيد، عن سفيان، به. وقد أخرجه الترمذي (1293) من حديث أبي طلحة، رواه من طريق الليث، عن يحيى بن عبّاد، عن أنس، عن أبي طلحة، أنه قال: يا نبي الله، إني اشتريت خمراً لأيتام في حجري، قال: "أهرق الخمر، واكسر الدنان" . وقد أعلّ الترمذي حديث أبي طلحة هذا، فقال: روى الثوريُ هذا الحديث عن السُّدي، عن يحيى بن عباد، عن أنس، أن أبا طلحة... وهذا أصح من حديث الليث.

 

14656 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، أَهْرَاقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَمْرَ، وَكَسَرَ جِرَارَهُ ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِهِ، وَبَيْعِ الْأَصْنَامِ "

صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة، وانظر 14472.

 

وروى مسلم:

 

[ 1983 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي ح وحدثنا زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن السدي عن يحيى بن عباد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر تتخذ خلا فقال لا

 

 

وأخرجه الترمذي مختصراً (1294) من طريق يحيي بن سعيد، عن سفيان، به. وقد أخرجه الترمذي (1293) من حديث أبي طلحة، رواه من طريق الليث، عن يحيى بن عبّاد، عن أنس، عن أبي طلحة، أنه قال: يا نبي الله، إني اشتريت خمراً لأيتام في حجري، قال: "أهرق الخمر، واكسر الدنان" . وقد أعلّ الترمذي حديث أبي طلحة هذا، فقال: روى الثوريُ هذا الحديث عن السُّدي، عن يحيى بن عباد، عن أنس، أن أبا طلحة... وهذا أصح من حديث الليث.

 

وروى أحمد:

 

13275 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَقَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ قَالَ: إِنِّي يَوْمَئِذٍ لَأَسْقِيهِمْ لَأَسْقِي أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَمَرُونِي، فَكَفَأْتُهَا، وَكَفَأَ النَّاسُ آنِيَتَهُمْ بِمَا فِيهَا حَتَّى كَادَتِ السِّكَكُ أَنْ تُمْتَنَعَ مِنْ رِيحِهَا، قَالَ أَنَسٌ: وَمَا خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ مَخْلُوطَيْنِ . قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ عِنْدِي مَالُ يَتِيمٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهِ خَمْرًا، أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَبِيعَهُ، فَأَرُدَّ عَلَى الْيَتِيمِ مَالَهُ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الثُّرُوبُ فَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا " وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْعِ الْخَمْرِ

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو عند المصنف في "الأشربة" (182) ، وعند عبد الرزاق في "المصنَف " (16970) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو يعلى (3042) و (3439) ، وابن حبان (4945) . وقرن فيه عبد الرزاق بثابتٍ وقتادةَ أبانَ بن أبي عياش، إلا أن ابن حبان لم يسمه بل قال: وآخر، من أجل أنه ليس من شرطه. وأخرج الشطر الأول البخاري في "الادب المفرد" (1241) من طريق سليمان بن المغيرة، وأبو عوانة 5/256، والطحاوي 4/213-214، وابن حبان (5363) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن ثابت دون ذكر قتادة، به. وقرن حماد بثابت حميداً الطويل.  وأخرج البخاري في "الصحيح " (5580) ، والبيهقي 8/290 من طريق يونس بن عبيد، والبغوي في "الجعديات " (3317) من طريق المبارك بن = فضالة، كلاهما عن ثابت وحده، عن أنس قال: حرمت علينا الخمر حين حرمت، وما نجد- يعني بالمدينة- خمر الأعناب الا قليلاَ، وعامة خمرنا البسر والتمر. وسيأتي من طريق حماد بن زيد، عن ثابت برقم (13376) . وأخرج الشطر الأول بنحوه أحمد في "الأشربة" (181) و (187) ، والبخاري (5600) ، ومسلم (1980) (7) ، والنسائي 8/287- البزار، (2922- كشف الأستار) ، والطبري في "التفسير" 7/37، وأبو عوانة 5/254-255 و255 و255-256، وأبو يعلى له (3008) ، والطحاوي 4/214، والبيهقي 8/290 من طرق عن قتادة وحده، به. وأخرجه مسلم (1981) ، وأبو عوانة 5/254-255 من طريق عمرو بن الحارث، عن قتادة أنه سمع أنساَ يقول: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يخلط التمر والزَّهو ثم يشرب، وإنَ ذلك كان عامة خمورهم يوم حرمت الخمر. وعلقه من هذا الطريق البخاري بإثر الحديث (5600) . وللشطر الأول انظر ما سلف برقم (12869) من طريق حميد. وانظر للنهي عن انتباذ البسر والتمر جميعاَ ما سلف برقم له (12378) . وللشطر الثاني- دون النص المرفوع منه- انظر ما سلف برقم (12189) من طريق أبي هبيرة عن أنس. ويشهد لقوله: "قاتل الله اليهود... الخ " حديث ابي مريرة السالف برقم (8745) . وحديث عبد الله بن عمرو السالف برقم (6997) ، وانظر تتمة شواهده هناك.

قوله: "حرمت عليهم الثروب " جمع ثَرْب بفتح فسكون: وهو شحم رقيق يغشى الكرش والأمعاء.

 

ما فعله محمد كان عدوانًا على ممتلكات شخصية لمواطنين وأملاك خاصة وإتلاف لأموال ناس دون وجه حق. ثورة 25 يناير في مصر وإسقاط نظام حكم محمد حسني مبارك كان فرصة لإخراج الهمجية الإسلامية لدى بعض عوام ودهماء شعب مصر المتسمم للغاية بالفكر السلفي الإسلامي، في تلك الثورة عديمة الرأس والعقل دُمِّرَت ونُهِبَت تمامًا حتى الأبواب والكنب والكراسي وأدوات الموسيقى كل محتويات أماكن السهر في مصر، تحديدًا تم تحطيم كل صالات شارع الهرم الشهيرة، عدا واحدة تمكن أصحابها من تأمينها ربما بسلاح ومال واستعداد، هذا يكشف عن العقلية المصرية المعادية للحداثة والحرية ومسؤولية الحرية، وهي العقلية الإسلامية عمومًا، يصعب أن تجد شعبًا مسلمًا أو مسلمين يذهبون لأماكن سهر للحديث وقضاء الوقت والتعارف بصورة متحضرة كبعض اللبنانيين وأغلب الغربيين. هذا غريب عن ثقافتهم الظلامية المحدودة، ورغم وجود دعارة في بعض هذه الأماكن مستترة وأنه يندر أن يكون منها ما تأتيه بنات ناس عاديات، فبعضها يقدم موسيقى وفنًّا راقيًا حقيقيًّا، نذكر منه المغنية والراقصة العراقية عنان ذات الصوت المتميز القوي والحسن الخلاب مع ذلك. من أراد شرب الخمر فهو حر على ألا يعربد ولا يؤذي أو يزعج أحدًا، ولا يقود سيارة. مصر من الدول التي تباع فيها الخمر علنًا في بعض المحلات وهناك أماكن للشرب والسهر لمن يشاء، من غريب أمور ازدواجية القوانين المصرية المتناقضة أنهم يسمحون بشربها ومن وجدوه في الشارع سكرانًا دون إزعاج لأي أحد ولا قيادة عربة يسجنونه بمحضر سُكْر! طبعًا لو كان شخصًا عاديًّا لا يُأبَه له من غير الأثرياء ذوي الخطورة وأصحاب المناصب وأبناء هؤلاء، ولو أنك في رمضان فإنهم يسمحون ببيعها للأجانب فقط، ولكن لا للمصريين! دولة بنظام هجين في قوانينه. من الدول المشهورة في بعض أجزائها بحرية نسبية الإمارات خاصة في دبي عدا الجزء القديم التقليدي منها، هناك يمكنك الشرب داخل مكان سهر، لكن ليس خارجه علنًا وربما أمكنك اصطحاب صديقة لمنزلك أو منزلها بدون إزعاج، لكن كأي بلد عربي مجرد قبلة أو احتضان في الشارع علنًا كفيل بإيداعك السجن أو لو كلمت قنصل بلادك وكنت من دولة قوية فيرحلونك عنها! هناك حاليًّا كتب في التطور البيولوجي والفكر العلماني صادرة من الدولة الإماراتية كذلك، وهي دولة ربما لها أمل أكثر من أي دولة خليجية في تحقيق تطور فكري في حدود معرفتي بأحوالها. وبالنسبة لتحريم محمد حتى مجرد تحويل الخمر إلى خل بكميات أكثر لكي لا يخسر يتيم لا معيل له أو تاجر بائس ماله فهذا تشريع جاهل، لأننا نعلم اليوم أن أي خل علميًّا يُصنَع من تحلل الخمر، وأن كل خل فيه نسبة قليلة جدًّا كذا في المليون من الكحول، فهذا تشريع فاسد بلا معنى. وخلال عملية تخمر الفاكهة لعمل الخل تساهم دودة الخل vinegar eel الدقيقة جدًّا في الحجم المتغذية على المتعضيات المجهرية (الكائنات الدقيقة جدًّا) بعملية التخمير تلك.

 

 

وجاء في المغني لابن قدامة:

 

[فَصْلٌ ضَرَبَ حَيَوَانًا مَأْكُولًا فَوَقَعَ فِي مَاءٍ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا]

 

....قُلْنَا: اللَّفْظُ عَامٌّ فِي كُلِّ شَرَابٍ بَارِدٍ، أَوْ حَارٍّ، أَوْ دُهْنٍ، مِمَّا يَمُوتُ بِغَمْسِهِ فِيهِ، فَلَوْ كَانَ يُنَجِّسُ الْمَاءَ كَانَ أَمْرًا بِإِفْسَادِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِسَلْمَانَ: يَا سَلْمَانُ، أَيُّمَا طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ مَاتَتْ فِيهِ دَابَّةٌ لَيْسَتْ لَهَا نَفْسٌ سَائِلَةٌ، فَهُوَ الْحَلَالُ: أَكْلُهُ، وَشُرْبُهُ، وَوُضُوءُهُ» . وَهَذَا صَرِيحٌ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: يَرْوِيهِ بَقِيَّةُ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ، فَإِذَا رَوَى عَنْ الثِّقَاتِ جَوَّدَ

وَلِأَنَّهُ لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ النَّجَاسَةِ، فَأَشْبَهَ دُودَ الْخَلِّ إذَا مَاتَ فِيهِ، فَإِنَّهُمْ سَلَّمُوا ذَلِكَ وَنَحْوَهُ، أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ الْمَائِعَ الَّذِي تَوَلَّدَ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يُؤْخَذَ ثُمَّ يُطْرَحَ فِيهِ، أَوْ يَشُقَّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، أَشْبَهَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ، لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ نَجِسًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لَنَجَّسَ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ.

 

[مَسْأَلَةٌ الْخَمْرَةُ إذَا أُفْسِدَتْ فَصُيِّرَتْ خَلًّا]

 

(7367) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْخَمْرَةُ إذَا أُفْسِدَتْ، فَصُيِّرَتْ خَلًّا، لَمْ تَزُلْ عَنْ تَحْرِيمِهَا، وَإِنْ قَلَبَ اللَّهُ عَيْنَهَا فَصَارَتْ خَلًّا، فَهِيَ حَلَالٌ) رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَنَحْوُهُ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ أُلْقِيَ فِيهَا شَيْءٌ يُفْسِدُهَا كَالْمِلْحِ، فَتَخَلَّلَتْ، فَهِيَ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَإِنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ، أَوْ مِنْ ظِلٍّ إلَى شَمْسٍ فَتَخَلَّلَتْ، فَفِي إبَاحَتِهَا قَوْلَانِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَطْهُرُ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِهَا زَالَتْ بِتَخْلِيلِهَا فَطَهُرَتْ، كَمَا لَوْ تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا، يُحَقِّقُهُ أَنَّ التَّطْهِيرَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَا حَصَلَ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِعْلِ الْآدَمِيِّ، كَتَطْهِيرِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْأَرْضِ. وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَالْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ. وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَجْهًا فِي مَذْهَبِنَا، فَقَالَ: وَإِنْ خُلِّلَتْ لَمْ تَطْهُرْ. وَقِيلَ: تَطْهُرُ.

وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: «كَانَ عِنْدَنَا خَمْرٌ لِيَتِيمٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمَائِدَةُ، سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ لِيَتِيمٍ؟ قَالَ: أَهْرِيقُوهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَتَّخِذُ الْخَمْرَ خَلًّا؟ قَالَ: لَا» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ، «أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا؟ فَقَالَ: أَهْرِقْهَا قَالَ: أَفَلَا أُخَلِّلُهَا؟ قَالَ: لَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَهَذَا نَهْيٌ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَلَوْ كَانَ إلَى اسْتِصْلَاحِهَا سَبِيلٌ، لَمْ تَجُزْ إرَاقَتُهَا، بَلْ أَرْشَدَهُمْ إلَيْهِ، سِيَّمَا وَهِيَ لِأَيْتَامٍ يَحْرُمُ التَّفْرِيطُ فِي أَمْوَالِهِمْ؛ وَلِأَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، فَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: لَا يَحِلُّ خَلُّ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ، حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ تَوَلَّى إفْسَادَهَا. وَلَا بَأْسَ عَلَى مُسْلِمٍ ابْتَاعَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ خَلًّا، مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ لِإِفْسَادِهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ النَّهْيُ. رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي " الْأَمْوَالِ " بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى. وَهَذَا قَوْلٌ يَشْتَهِرُ؛ لِأَنَّهُ خَطَبَ بِهِ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يُنْكَرْ. فَأَمَّا إذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا، فَإِنَّهَا تَطْهُرُ وَتَحِلُّ، فِي قَوْلِ جَمِيعِهِمْ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَوَائِلِ، أَنَّهُمْ اصْطَبَغُوا بِخَلِّ خَمْرٍ؛ مِنْهُمْ عَلِيٌّ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ. وَرَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِهِمْ أَنَّهُمْ اتَّخَذُوهُ خَلًّا، وَلَا أَنَّهُ انْقَلَبَ بِنَفْسِهِ، لَكِنْ قَدْ بَيَّنَهُ عُمَرُ بِقَوْلِهِ: لَا يَحِلُّ خَلُّ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ، حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ يَتَوَلَّى إفْسَادَهَا. وَلِأَنَّهَا إذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا، فَقَدْ زَالَتْ عِلَّةُ تَحْرِيمِهَا، مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ خَلَّفَتْهَا، فَطَهُرَتْ، كَالْمَاءِ إذَا زَالَ تَغَيُّرُهُ بِمُكْثِهِ.

وَإِذَا أُلْقِيَ فِيهَا شَيْءٌ تَنَجَّسَ بِهَا، ثُمَّ إذَا انْقَلَبَتْ، بَقِيَ مَا أُلْقِيَ فِيهَا نَجِسًا، فَنَجَّسَهَا وَحَرَّمَهَا. فَأَمَّا إنْ نَقَلَهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ، فَتَخَلَّلَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلْقِيَ فِيهَا شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَصَدَ تَخْلِيلَهَا، حَلَّتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَخَلَّلَتْ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا. وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ تَخْلِيلَهَا، اُحْتُمِلَ أَنْ تَطْهُرَ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا الْقَصْدُ، فَلَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَطْهُرَ؛ لِأَنَّهَا خُلِّلَتْ، فَلَمْ تَطْهُرْ، كَمَا لَوْ أُلْقِيَ فِيهَا شَيْءٌ.

 

فانظر وتأمل حال انعدام العلم واستعمال العقل لدى الفقهاء ورواة الأحاديث وكذلك محمد وأتباعه الأوائل، فأي هراء هذا؟! ما يفسده الله يعني وحده من خمر وما يفسد البشر قصديًّا؟! أي تناقض، كل الخل أصله كحول. وممن استعملوا العقل وكان من أكثرهم تعقلًا أبو حنيفة، لذلك جاءت كثير من أحكامه واجتهاداته مخالفة للامنطق المحمدي!

 

الإلزام بتطويل اللحى

 

روى البخاري:

 

5893 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْهَكُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى

 

5892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ

 

ورواه مسلم 259-260 وانظر أحمد 8785 بنحوه

 

وروى مسلم:

 

[ 259 ] حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى يعني بن سعيد ح وحدثنا بن نمير حدثنا أبي جميعا عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى

 

 [ 259 ] وحدثناه قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحية

 

 [ 259 ] حدثنا سهل بن عثمان حدثنا يزيد بن زريع عن عمر بن محمد حدثنا نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى

 

 [ 260 ] حدثني أبو بكر بن إسحاق أخبرنا بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس

 

 [ 261 ] حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالوا حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء قال زكريا قال مصعب ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة زاد قتيبة قال وكيع انتقاص الماء يعني الاستنجاء

 

 [ 261 ] وحدثناه أبو كريب أخبرنا بن أبي زائدة عن أبيه عن مصعب بن شيبة في هذا الإسناد مثله غير أنه قال قال أبوه ونسيت العاشرة

 

ورواه أحمد:

 

25060 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقٌ بِالْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ " يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ " الْمَضْمَضَةَ "

 

إسناده على شرط مسلم ، مصعب بن شيبة انفرد برفعه ، وقد وثقه ابن معين والعجلي ، وقال أحمد : روى أحاديث مناكير ، وقال أبو حاتم : لا يحمدونه ، وليس بقوي ، وقال النسائي : منكر الحديث ، وقال في موضع آخر: في حديثه شيء ، وقال ابن سعد : كان قليل الحديث ، وقال الدارقطني : ليس بالقوي ولا بالحافظ ، وقال ابن عدي : تكلموا في حفظه ، وقال الحافظ في "التقريب" : لين الحديث ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير طلق بن حبيب فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" ، ومسلم وأصحاب السنن .// وأخرجه بتمامه ومختصراً ابن أبي شيبة 1 / 195 و8 / 567 - 568 ، وإسحاق (547) ، ومسلم (261) (56) ، وأبو داود (53) ، والترمذي (547) ، والنسائي في "المجتبى" 8 / 126 ، وفي "الكبرى" (9286) ، وابن ماجه (293) ، وأبو يعلى (4517) ، وابن خزيمة (88) ، وأبو عوانة 1 /190 و191 ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (685) ، والعقيلي في "الضعفاء" 4 / 197 ، والدارقطني في "السنن" 1 / 94 - 95 ، والبيهقي في "السنن" 1 / 36 و52 ، وفي "معرفة السنن والآثار" 1 / 442 ، وفي "الصغير" (82) ، والبغوي في "شرح السنة" (205) من طريق وكيع بهذا الإسناد ، وقال الترمذي : حديث حسن .//وأخرجه مسلم (261) (56) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وابن خزيمة (88) من طريق عبد الله بن نمير ومحمد بن بشر ، ثلاثتهم عن زكريا ، به .// ورواه سليمان التيمي - فيما أخرجه النسائي في "المجتبى" 8 / 128 ، وفي "الكبرى" (9297) ، وأبو بشر جعفر بن إياس فيما أخرجه النسائي كذلك في "المجتبى" 8 / 128 ، وفي "الكبرى" (9288) كلاهما عن طلق بن حبيب قوله وقال النسائي : وحديث سليمان التيمي وجعفر بن إياس أشبه بالصواب من حديث مصعب بن شيبة ، ومصعب منكر الحديث ، وقال الدارقطني في "العلل" 5 / الورقة 24 : وهما أثبت من مصعب بن شيبة ، وأصح حديثاً . وانظر الحافظ في "التلخيص" 1 / 77 و"الفتح" 1 / 77 .//وفي الباب: عن عبد الله بن عمر ، وقد سلف (5988) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب ، ونزيد عليها : حديث عمار بن ياسر ، سلف (18327) .

 

تربية وإطالة اللحى كانت لعصور طوال إجبارية على المسلمين والعرب كلهم، وكانوا في العصور الوسطى "يجرّسون" ويعيبون من يرتكب خطأ بحلق لحيته، مع أن التمدن والأناقة في حلق اللحية. ولا يزال أصحاب الفكر السلفي المتعفن يحرصون على تطويل لحاهم، وهي حرية شخصية طبعًا. وحتى عهد قريب قبل تطور الأزهر كان حلق اللحية معناه خروجك من الأزهر وعدم إجازتك في أي اختبار، حاليًّا كثير من علماء الأزهر الكبار كالطنطاوي طيب الذكرى الذي كان أقرب إلى التسامح على حد ما عرفت عنه وغيره حليقو اللحى، أو خفيفو اللحى. فلا يربونها على طريقة السلفيين المضحكة، بعض هؤلاء تصل لحيته فعليًّا إلى نصف بطنه أو كرشه!

 

 

 

تحديد طريقة النومة والجلسة

 

يقول المثل المصري العامي (كل واحد ينام على الجنب اللي يريحيه)، لكن رأي محمد ورواة الأحاديث مختلف، فهم هدفهم جعل البشر مبرمجين على منهج واحد كأنهم آلات بلا حرية ولا تميز فتدخلوا في كل شيء في حياة الناس حتى طريقة نومتهم!

 

روى أحمد:

 

7862 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى بَطْنِهِ، فَقَالَ: " إِنَّ هَذِهِ لَضِجْعَةٌ مَا يُحِبُّهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ "

 

حديث قوي، وظاهر هذا الإسناد أنه حسن كسابقه، لكن أخطأ فيه محمد بن عمرو، فرواه عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، والصواب: عن أبي سلمة، عن يعيش بن طخفة، عن أبية، كما يأتي في "المسند" 3/429-430، بيَّن ذلك البخاريُّ في "تاريخه" 4/366، وابن أبي حاتم في "العلل" 2/233. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 9/115، والترمذي (2768) ، وابن حبان (5549) ، والحاكم 4/271، والبيهقي في "الآداب" (838) من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط مسلم! فأخطأ، فمحمد بن عمرو قد أخرج له مسلم متابعة، ولم يحتجَّ به. وسيأتي برقم (8041) .

 

8041 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا مُضْطَجِعًا عَلَى بَطْنِهِ، فَقَالَ: " إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ لَا يُحِبُّهَا اللهُ "

 

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي-، وباقي رجاله ثقات.

 

 

(15543) 15628- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَعِيشَ بْنِ طِخْفَةَ بْنِ قَيْسٍ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ : كَانَ أَبِي مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْقَلِبُ بِالرَّجُلِ ، وَالرَّجُلُ بِالرَّجُلَيْنِ ، حَتَّى بَقِيتُ خَامِسَ خَمْسَةٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْطَلِقُوا فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ ، فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ أَطْعِمِينَا ، فَجَاءَتْ بِجَشِيشَةٍ، فَأَكَلْنَا ، ثُمَّ جَاءَتْ بِحَيْسَةٍ مِثْلَ الْقَطَاةِ ، فَأَكَلْنَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ اسْقِينَا فَجَاءَتْ بِعُسٍّ فَشَرِبْنَا ، ثُمَّ جَاءَتْ بِقَدَحٍ صَغِيرٍ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبْنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنْ شِئْتُمْ بِتُّمْ ، وَإِنْ شِئْتُمْ انْطَلَقْتُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ : لاَ بَلْ نَنْطَلِقُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا مِنَ السَّحَرِ مُضْطَجِعٌ عَلَى بَطْنِي ، إِذَا رَجُلٌ يُحَرِّكُنِي بِرِجْلِهِ ، فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ يَبْغُضُهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (3/429)

النهي عن النوم على البطن فيه، حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه ولجهالة ابن طخفة، وقد اضطربوا في اسمه واسم أبيه، قال ابن = عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة طهفة الغفاري: اختُلف فيه اختلافاً كثيراً، واضطُرب فيه اضطراباً شديداً، فقيل: طهفة بن قيس- بالهاء-، وقيل: طخفة ابن قيس- بالخاء-، وقيل: طغفة- بالغين-، وقيل: طقفة- بالقاف والفاء-، وقيل: قيس بن طخفة، وقيل: يعيش بن طخفة عن أبيه، وقيل: عبد الله بن طخفة عن أبيه، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقيل: طهفة، عن أبي ذر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحديثهم كلُّهم واحدٌ ، وكان من أصحاب الصُّفَّة، ثم قال: حديثه عن يحيى بن أبي كثير، وعليه اختلفوا فيه. اهـ. قلنا: قد ذَكَرَ اضطرابَه والاختلافَ الشديد فيه- كما سيرد- البخاريُّ في "التاريخ الكبير" 4/365-367. وقال المزي في "تهذيب الكمال" 13/375 في ترجمة طخفة: رواه يحيى بن أبي كثير وفيه عنه اختلاف طويل عريض، ثم سَرَدَه مفصلاً. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرّج له سوى أبي داود والنسائي وابن ماجه. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلَية. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاريُّ في "التاريخ الكبير" 4/365، وفي "الأوسط" 1/151، وأبو داود (5040) ، والنسائي في "الكبرى" (6622) من طريق معاذ بن هشام، والنسائي (6695) من طريق خالد بن الحارث، والطبراني في "الكبير" (8228) من طريق إبراهيم بن طهمان، والطبراني (8227) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/373-374 من طريق حجاج بن نصير، ثلاثتهم عن هشام، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/365، وفي "الأوسط" 1/153 من طريق عبد الله بن المبارك، عن هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن يعيش بن طغفة الغفاري، عن أبيه، وقال: طغفة خطأ أيضاً. ووقع في المطبوع "الأوسط": يعيش بن طقفة بالقاف، وقال: وهو وهم أيضاً. وأخرجه البخاري في "الكبير" 4/365، وفي "الأوسط" 1/153 عن معاذ ابن فضالة، عن هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن يعيش بن طخفة بن قيس الغفاري، وقال: لا يصح ابن قيس فيه. لكن جاء في "الأوسط": عن يعيش بن طخفة، عن قيس الغفاري، وقال: ولا يصح فيه: عن قيس. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1187) ، وفي "تاريخه الكبير" 4/366، وفي "الأوسط" 1/152 من طريق موسى بن خلف، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن يعيش بن طخفة الغفاري، أن أباه أخبره به. وجاء في "الأدب المفرد": ابن طخفة، بدل يعيش بن طخفة. وأخرجه الطبراني (8229) من طريق أبي إسماعيل القَنَاد، عن يحيى، به. وسماه: يعيش بن طهفة أو طخفة، عن أبيه. وأخرجه الطبراني أيضاً (8231) من طريق يحيى بن عبد العزيز، عن يحيى، به. وفيه: يعيش الغفاري، عن أبيه. وأخرجه عبد الرزاق (19802) عن معمر، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن رجل من أصحاب الصُّفَّة لم يذكر اسمه. وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (6620) من طريق شعيب بن إسحاق، والطبراني (8230) من طريق ابن المبارك، كلاهما عن الأوزاعي، عن يحيى، به. وسماه شعيب: قيس بن طخفة عن أبيه، وابن المبارك: يعيش بن طهفة، عن أبيه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6696) ، والحاكم 4/270-271 من طريق الوليد بن مزيد، عن يحيى، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي. قال النسائي: عن ابن ليعيش بن طخفة، عن أبيه، وقال الحاكم: عن قيس الغفاري، عن أبيه، ولم يذكر في إسناده أبا سلمة. وقال الحاكم: هذا حديث مختلف في إسناده على يحيى بن أبي كثير، وآخره أن الصواب: قيس بن طخفة الغفاري، وشاهده حديث أبي هريرة. قلنا: ليس بشاهد بل أخطأ محمد ابن عمرو فيه كما سيرد. وقال الذهبي: هو ابن طخفة واختلف في سنده على يحيى. وأخرجه النسائي (6697) ، وابن ماجه (3723) ، وابن حبان (5550) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى، قال النسائي: عن ابن قيس ابن طخفة، وقال ابن ماجه: عن قيس بن طخفة، وقال ابن حبان: عن ابن قيس بن طغفة الغفاري، كلهم: عن أبيه، من غير ذكر لأبي سلمة ولا لمحمد ابن إبراهيم بينهما. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6619) من طريق مبشر بن إسماعيل الحلبي، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن عطية بن قيس، عن أبيه، وقال المزي: وهو وهم. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/366 من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن نعيم بن محمد، عن يعيش بن طهفة، عن طهفة الغفاري. وأخرجه البخاري في "تاريخه" 4/366، وفي "الأوسط" 1/152 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال البخاري: لا يصح أبو هريرة. قلنا: وقد سلف حديث أبي هريرة برقم (7862) فانظره. وسيأتي برقم (15544) و (15545) و5/426 و426-427 و427 (الطبعة الميمنية) . ورواه أحمد 23616 و23617 وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 4/366، وفي "الأوسط" 1/152 عن آدم بن أبي إياس، وأبو نعيم في "الدلائل" (336) من طريق أبي داود الطيالسي، كلاهما عن ابن أبي ذئب، وفيه اسم الصحابي عبد الله بن طهفة.

بِجَشِيشَة ، بالجيم ، هي أن تُطْحَن الحِنْطَة طَحنًا جَلِيلاً ، ثم تُجْعَل في القُدُور ، ويُلقَى عليها لَحْم ، أو تَمْر ، وتُطْبَخ ، وقد يُقال لها دَشِيشَة بالدَّال.

 

روى مسلم:

 

[ 2099 ] حدثنا قتيبة حدثنا ليث ح وحدثنا بن رمح أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره

 

 [ 2099 ] وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن حاتم قال إسحاق أخبرنا وقال بن حاتم حدثنا محمد بن بكر أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تمش في نعل واحد ولا تحتب في إزار واحد ولا تأكل بشمالك ولا تشتمل الصماء ولا تضع إحدى رجليك على الأخرى إذا استلقيت

 

 [ 2099 ] وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا روح بن عبادة حدثني عبيد الله يعني بن أبي الأخنس عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يستلقين أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على الأخرى

 

ورواه أحمد:

 

14178 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، وَرَوْحٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ: سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا تَحْتَبِيَنَّ فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ، وَلَا تَأْكُلْ بِشِمَالِكَ، وَلَا تَشْتَمِلْ الصَّمَّاءَ، وَلَا تَضَعْ إِحْدَى رِجْلَيْكَ عَلَى الْأُخْرَى إِذَا اسْتَلْقَيْتَ "، قُلْتُ لِأَبِي الزُّبَيْرِ: أَوَضْعُهُ رِجْلَهُ عَلَى الرُّكْبَةِ مُسْتَلْقِيًا ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قَالَ: " أَمَّا الصَّمَّاءُ: فَهِيَ إِحْدَى اللِّبْسَتَيْنِ، تَجْعَلُ دَاخِلَةَ إِزَارِكَ، وَخَارِجَتَهُ عَلَى إِحْدَى عَاتِقَيْكَ "، قُلْتُ لِأَبِي الزُّبَيْرِ: فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَا يَحْتَبِي فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ مُفْضِيًا، قَالَ: كَذَلِكَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: " لَا يَحْتَبِي فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ "، قَالَ حَجَّاجٌ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ عَمْرٌو لِي: " مُفْضِيًا "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم، وروى له البخاري مقروناً. حجاج: هو ابن محمد المِصيصي، وروح: هو ابن عُبادة القيسي، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعمرو المذكور في آخر الحديث: هو عمرو بن دينار المكي. وأخرجه أبو عوانة 5/508 من طريق حجاج بن محمد المصيصي، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً أبو داود (4865) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/277 من طريق حماد بن سلمة، والترمذي (2766) ، وأبو يعلى (2031) ، والطحاوي 4/277 من طريق خداش بن عياش، وأبو يعلى (2181) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، والطحاوي 4/277 من طريق سفيان الثوري،وابن حبان (5551) من طريق الوليد بن مسلم، وأبو عوانة 5/358 و508، وابن حبان (1273) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، ستتهم عن ابن جريج، به- واقتصروا جميعاً على القطعة الأخيرة من الحديث، وهي قوله: "لا تضع إحدى رجليك على الأخرى إذا استلقيت" إلا أبا عاصم فإنه روى الحديث دونها، واقتصر عند أبي عوانة على النهي عن المشي بالنعل الواحدة، والأكل بالشمال، وفي الحديث عند ابن حبان زيادة.// وسيأتي الحديث عن محمد بن بكر، عن ابن جريج برقم (14452) . وانظر ما سلف برقم (14118) . //وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ولا تضع إحدى رجليك على الأخرى إذا استلقيت" قد يُفهِم ظاهره التعارضَ بينه وبين حديث عبد الله بن زيد المازني الآتي في "المسند" 4/38: أنه رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستلقياً في المسجد، واضعاً إحدى رجليه على الأخرى. وهو في الصحيح. ولأهل العلم في التوفيق بينهما ودفع هذا التعارض أقوالٌ: أحدها: أن النهي الوارد في ذلك منسوخ، وجَزَمَ به الطحاوي وابن بطال ومن تبعهما.

 

معنى ذلك أنه لا يجوز للنائم وبالإجبار وفق القيم الشمولية أن يضع رجلًا على الأخرى وهو مستلقٍ. أعرف ناسًا مسلمين لا يعرفون النوم إلا بهذه الطريقة! ربما يريح هذا بعض عضلاتهم. وبالتناقض كان محمد نفسه أول مخالف لهذه التعاليم العقيمة العجيبة، روى مسلم:

 

[ 2100 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن بن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى

 

ورواه أحمد:

 

(16430) 16544- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (ح) وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، (قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي حَدِيثِهِ : فِي الْمَسْجِدِ) ، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. (4/38)

 

 

وكان المسلمون المتشددون_ولا يزال بعضهم إلى اليوم_يفرضون هذه القواعد بالإكراه على الناس، روى أحمد:

 

11375 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، كَانَ يَشْتَكِي رِجْلَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَخُوهُ وَقَدْ جَعَلَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، فَضَرَبَهُ بِيَدِهِ عَلَى رِجْلِهِ الْوَجِعَةِ فَأَوْجَعَهُ، فَقَالَ: أَوْجَعْتَنِي، أَوَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ رِجْلِي وَجِعَةٌ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ ؟ قَالَ: " أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ هَذِهِ " ؟

 

مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، أبو النضر -وهو سالم بن أبي أمية القرشي- لم يسمع من أبي سعيد، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. يونس: هو ابن محمد بن مسلم البغدادي، وليث: هو ابن سعد. وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير" 19/ (18) بإسنادٍ ضعيفٍ من طريق سعيد بن الحارث، عن عبيد بن حنين، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/100، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا النضر لم يسمع من أبي سعيد.// وله شاهد من حديث جابر عند مسلم (2099) (72) و (73) ، وسيأتي 3/297-298، ولفظه عند مسلم: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن اشتمال الصماء، والاحتباء في ثوب واحد، وأن يرفع رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره.// ويعارضه حديث عبد الله بن زيد الأنصاري المازني عند البخاري (475) ، ومسلم (2100) (75) ، وسيأتي (16430) ، ولفظه عند البخاري: أنه رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستلقياً في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى.

 

لا يوجد في الإسلام وخاصة مذهب السنة أي حرية في أي شيء ولا أدنى شيء. كل شيء يحدده لك نص ديني صدئ قديم. ولم أجد أمثال تلك النصوص لدى الشيعة الاثناعشرية، لكن السنة هم أتقن جامعين لتراث محمد الإسلامي بغثه وسخيفه وشاذه.

 

***

وروى البخاري:

 

5856 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا أَوْ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا

 

وروى مسلم:

 

[ 2097 ] حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحي حدثنا الربيع بن مسلم عن محمد يعني بن زياد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا خلع فليبدأ بالشمال ولينعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا

 

 [ 2097 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمش أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا

 

 [ 2098 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب واللفظ لأبي كريب قالا حدثنا بن إدريس عن الأعمش عن أبي رزين قال خرج إلينا أبو هريرة فضرب بيده على جبهته فقال ألا إنكم تحدثون أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لتهتدوا وأضل ألا وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها

 

ورواه أحمد (7447) و(14118) و(14121) و (14178) و (14198) و (14452) و (14489) و (14587) و (14705) و (14770) و (14856) و (14897) و (14899) و (14951) و (15153) و(14546) .

 

وروى أحمد:

 

(19454) 19683- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شَرِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ : مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَالِسٌ هَكَذَا ، وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِي الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي ، وَاتَّكَأْتُ عَلَى أَلْيَةِ يَدِي فَقَالَ : أَتَقْعُدُ قَعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ. (4/388)

 

ابن جريج- وهو عبد الملك بنُ عبد العزيز- مدلس، وقد عنعن، ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير علي بن بحر، فمن رجال أبي داود والترمذي، وروى له البخاري تعليقاً، وهو ثقة، وصحابيُّه كذلك لم يرو له سوى مسلم. وأخرجه أبو داود (4848) - ومن طريقه البيهقي في "السنن" 3/236، و"الآداب" (313) - عن علي بن بحر، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان (5674) ، والطبراني في "الكبير" (7242) ، والحاكم 4/269، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/236 من طرق عن عيسى بن يونس، به. قال أبو داود: قال القاسم: أليَةُ الكفَ أصل الإبهام وما تحته. وجاء عند ابن حبان: قال ابن جريج: وضع راحتيه على الأرض وراء ظهره. وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7243) من طريق مندل بن علي، عن ابن جريج، به، نحوه. وانظر (19458) . وفي باب الهيئات المنهي عنها عن طِخْفَة بن قيس الغفاري سلف برقم (15543) . وعن جابر سلف (14178) . وعن أبي أمامة عند البخاري في "الأدب المفرد" (1188) ، وابن ماجه (3725) .

قال السندي: قوله: على ألْية يدي؛ الأَلْية بفتح الهمزة: اللحمة التي في أصل الإبهام والتي تقابلها، وبكسر الهمزة بمعنى الجانب.  قِعْدَة المغضوب عليهم؛ بكسر القاف للهيئة، والمغضوب عليهم هم اليهود، كما جاء في تفسير الفاتحة، ويُحتمل أن المراد ها هنا أهل النار، وتكون هذه هيئة قعودهم فيها، والله تعالى أعلم.

 

 

وأيضًا نهي عن الجلوس وجزء من الجسد في الشمس والآخر لا، روى أحمد:

 

15421 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُجْلَسَ بَيْنَ الضِّحِّ وَالظِّلِّ، وَقَالَ: " مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ ".

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير كثير بن أبي كثير: وهو البصري، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه العجلي. بهز: هو ابن أسد العَمِّي، وعفان: هو ابن مسلم الصفار. وهمام: هو ابن يحيى العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو عياض: هو عمرو بن الأسود العنسي. وأخرجه الحاكم 4/271- دون قوله: مجلس الشيطان- من طريق عبد الله ابن رجاء وهو الغُدَاني، عن همام، به، إلا أنه سمى الصحابي أبا هريرة، وعبد الله بن رجاء صدوق يهم قليلاً فيما قاله الحافظ في "التقريب"، فلعله وهم في تسمية الصحابي، مخالفاً في ذلك شيخي أحمد: بهز وعفان. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/60. وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير كثير بن أبي كثير، وهو ثقة. وله شاهد من حديث بريدة- دون قوله: مجلس الشيطان- عند ابن أبي شيبة 8/680، وابن ماجه (3722) ، وإسناده حسن. وآخر نحوه من حديث أبي هريرة، سلف برقم (8976) .

قال السندي: قوله: "الضِّحِّ" بكسر الضاد المعجمة، وتشديد الحاء، هو في الأصل ضوء الشمس، والمراد النهي عن الجلوس على وجهٍ يكون بصفة في الشمس، وبصفة في الظل، وقد جاء ما يدل على جوازه، فيحمل النهي على التنزيه.

 

8976 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ جَالِسًا فِي الشَّمْسِ، فَقَلَصَتْ عَنْهُ، فَلْيَتَحَوَّلْ مِنْ مَجْلِسِهِ "

 

حسن لغيره، وهذا إسناد منقطع، فإن محمد بن المنكدر لم يسمعه من أبي هريرة، كما في رواية ابن عيينة الآتية في التخريج ، ثم اختُلِفَ في رفع الحديث ووقفه ، فرواه عبد الوارث وابن عيينة مرفوعاً، ورواه معمر وإسماعيل بن إبراهيم بن أبان موقوفاً. وأخرجه الحميدي (1138) ، وأبو داود (4821) ، ومن طريقه البيهقي 3/236-237 من طريق سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، قال: أخبرني من سمع أبا هريرة، فذكره مرفوعاً. وأخرجه موقوفاً عبد الرزاق (19799) ، ومن طريقه البيهقي 3/237، والبغوي (3335) عن معمر، عن ابن المنكدر، عن أبي هريرة. دون ذكر الواسطة بين ابن المنكدر وأبي هريرة. وأخرجه عبد الرزاق (19801) ، ومن طريقه البيهقي 3/237 عن إسماعيل بن إبراهيم بن أبان، قال: سمعت ابن المنكدر يحدث بهذا الحديث عن أبي هريرة، قال: وكنت جالساً في الظل وبعضي في الشمس، قال: فقمت حين سمعته، فقال لي ابن المنكدر: اجلس لا بأسَ عليك إنك هكذا جلست. وأخرجه الحاكم 4/271 من طريق عبد الله بن رجاء، عن همام، عن قتادة، عن كثير بن أبي كثير، عن أبي عياض عمرو بن الأسود، عن أبي هريرة رفعه: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجلس الرجل بين الشمس والظل، وقال: صحيح الِإسناد. قلنا: وعبد الله بن رجاء صدوق إلا عندَ المخالفة، والحديث رواه غيره عن همام، فجعله من حديث رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما سيأتي في "المسند" 3/413-414.//وعن بريدة الأسلمي عند ابن أبي شيبة 8/680، وابن ماجه (3722) . وإسناده حسن.

قوله: "فقلصت عنه"، قال السندي: يقال: قَلَص بفتحتين، مخفف، ويشدد للمبالغة، أي: ارتفع، والمعنى: ارتفع الظل عنه، وبقي في الشمس. "فليتحول" قيل: أي: فليقم

 

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه:

25728- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابِ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو الْمُنِيبِ الْعَتَكِيُّ , قَالَ : حدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ أَنَّهُ نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ ،وَعَنْ مَجْلِسَيْنِ ، أَمَّا اللِّبْسَتَانِ : فَتُصَلِّي فِي السَّرَاوِيلِ لَيْسَ عَلَيْك شَيْءٌ غَيْرُهُ ، وَالرَّجُلُ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لاَ يَتَوَشَّحُ بِهِ ، وَالْمَجْلسَانِ : يَحْتَبِيَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَتُبْصَرُ عَوْرَتُهُ ، وَيَجْلِسُ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ. (8/298).

 

حسن

 

أي سخافات هذه وأي عقول سمجة تافهة صاغت هراء كهذا وجنون، ومن الساذج الغر الذي سيصادق على هذه السخافات؟! مجلس الشيطان! ربما كان المرء سقيم الصحة فاحتاج لتدفئة ظهره بالشمس لوجعٍ فيه من برد في العضلات والعظام، بدون تعريض رأسه للشمس لكي لا تصيبه ضربة شمسية، ما المشكلة في ذلك؟! العقل يقول أنه لا مشكلة، لكن كتبة الأحاديث السنية كان لديهم هوس بالتدخل في حياة البشر وخاصة السذج منهم والتحكم فيهم في كل شؤون حيواتهم بحكم تصديقهم لخرافات الدين وسلطة كلمة قال الله وقال رسول الله، تلك الجملتان الخرافيتان، عليهم. ربما لإشباع شعور بالنقص لدى رواة الأحاديث هؤلاء، وخاصة أبا هريرة.

 

تحريم صبغ الشعر الأشيب بالصبغ أو الحناء السوداء

 

روى أحمد:

 

2470 - حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَحْمَدُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُونَ بِهَذَا السَّوَادِ - قَالَ حُسَيْنٌ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ - لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأحمد بن عبد الملك ثقة من رجال البخاري وحده. عبد الكريم: هو ابن مالك الجزري أبو سعيد مولى بني أمية الثقة، وأخطأ ابن الجوزي فظنه عبدَ الكريم بن أبي المخارق البصري الضعيف، قال الحافظ  في "القول المسدد" ص 49: أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" 3/55 من طريق أبي القاسم البغوي عن هاشم بن الحارث، عن عبيد الله بن عمرو، به، وقال: هذا حديث لا يصحُّ عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمتهم به عبدُ الكريم بن أبي المخارق أبو أمية البصري. ثم نقل تجريحه عن جماعة. قلت (القائل الحافظ ابن حجر) : وأخطأ في ذلك، فإن الحديث من رواية عبد الكريم الجزري الثقة المخرج له في الصحيح. عبيد الله بن عمرو: هو الرقي. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "النكت الظراف" 4/424، وأبو داود (4212) ، والنسائي 8/138، وأبو يعلى (2603) ، والطبراني (12254) ، والبيهقي 7/311، والبغوي (3180) من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد. ولفظه عند إسحاق: "يخضبون لحاهم بالسواد".

 

روى مسلم:

[ 2102 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير عن جابر قال أتي بأبي قحافة أو جاء عام الفتح أو يوم الفتح ورأسه ولحيته مثل الثغام أو الثغامة فأمر أو فأمر به إلى نسائه قال غيروا هذا بشيء

 

وروى أحمد:

 

12635 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ خِضَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ شَابَ إِلَّا يَسِيرًا، وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَهُ خَضَبَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ . قَالَ: وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَحْمِلُهُ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: " لَوْ أَقْرَرْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ، لَأَتَيْنَاهُ تَكْرُمَةً لِأَبِي بَكْرٍ " . فَأَسْلَمَ وَلِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " غَيِّرُوهُمَا، وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن سلمة الحراني، فمن رجال مسلم. هشام: هو ابن حسان القُرْدُوسي. وأخرجه أبو عوانة في المناقب كما في "إتحاف المهرة" 1/123-124 عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في "تاريخ دمشق" (22) ، والبزار (2981- كشف الأستار) ، وأبو يعلي (2831) ، وأبو عوانة، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3686) ، وابن حبان (5472) ، والحاكم 3/244 من طرق عن محمد بن سلمة، به -ولم يذكر أبو زرعة في حديثه قصة أبي قحافة، في حين اقتصر عليها البزار وابن حبان والحاكم. وصحح الحاكم الإسناد على شرط الشيخين، فوهم، فإن محمد بن سلمة من رجال مسلم دون البخاري. وأخرجه دون قصة أبي قحافة: مسلم (2341) (100) ، وأبو عوانة، والطحاوي (3685) من طريق عبد الله بن إدريس، وأبو عوانة، والطحاوي (3691) من طريق وهب بن جرير، كلاهما عن هشام بن حسان، به. وأخرجه كذلك ابن سعد في "الطبقات" 1/432 و3/189 و191، والبخاري (5894) ، ومسلم (2341) (101) و (102) ، وأبو عوانة، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/229-230 من طرق عن ابن سيرين، به- وبعضهم يختصره. وسيأتي أيضاً دون قصة أبي قحافة برقم (13143) عن روح بن عبادة، عن هشام. وانظر ما سلف برقم (11965) و (12054) . ويشهد لقصة أبي قحافة حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (2102) ، وسيأتي 3/316. وحديث أسماء بنت أبي بكر، سيأتي 6/349-350، وإسناده حسن.

قال النووي في "شرح مسلم" 14/79: الثَّغامة بثاء مثلَّثة مفتوحة ثم غين معجمة مخفَّفة، قال أبو عبيد: هو نبْت أبيض الزَّهْر والثمر، شُبِّه بياض الشيب به، وقال ابن الأعرابي: شجرة تبيضُّ كأنها الملح.

 

(14402) 14455- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، أَخْبَرَنَا لَيْثٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : جِيءَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَأَنَّ رَأْسَهُ ثَغَامَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَلْيُغَيِّرْهُ بِشَيْءٍ ، وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ.(3/316).

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ليث- وهو ابن أبي سليم- لكنه متابع، وأبو الزبير لم يصرح بسماعه من جابر. إسماعيل: هو ابن إبراهيم ابن مِقْسَم المعروف بابن عُليّة. = وأخرجه ابن أبي شيبة 8/432، وابن ماجه (3624) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. وسيأتي من طريق ليث بن أبي سليم برقم (14455) . وأخرجه مسلم (2102) (79) ، وأبو داود (4204) ، والنسائي 8/138، والطحاوي في "شرح المشكل" (3683) ، وأبو عوانة 5/512، وابن حبان (5471) ، والحاكم 3/244، والبيهقي 7/310 من طريق ابن جريج، والنسائي 8/185، والحاكم 3/245 من طريق عزرة بن ثابت، وأبو يعلى (1819) ، والطبراني في "الصغير" (483) ، والخطيب في "تاريخه" 9/136 من طريق الأجلح، وأبو عوانة 5/513 من طريق أيوب السختياني، أربعتهم عن أبي الزبير، به. وسيأتي برقم (14641) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي الزبير. ولم يصرح أبو الزبير في شيء من هذه الطرق بسماعه من جابر. وقد سلفت القصة في مسند أنس برقم (12635) ، وإسناده صحيح. وعن أسماء بنت أبي بكر، سيأتي 6/349 (26956)، وإسناده حسن.

 

وروى البخاري:

 

5896 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ وَقَبَضَ إِسْرَائِيلُ ثَلَاثَ أَصَابِعَ مِنْ قُصَّةٍ فِيهِ شَعَرٌ مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ إِذَا أَصَابَ الْإِنْسَانَ عَيْنٌ أَوْ شَيْءٌ بَعَثَ إِلَيْهَا مِخْضَبَهُ فَاطَّلَعْتُ فِي الْجُلْجُلِ فَرَأَيْتُ شَعَرَاتٍ حُمْرًا

 

5897 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سَلَّامٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا شَعَرًا مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْضُوبًا وَ قَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا نُصَيْرُ بْنُ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ ابْنِ مَوْهَبٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَرَتْهُ شَعَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْمَرَ

 

وروى أحمد:

 

13051 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ أَبُو أَحْمَدَ الطَّالَقَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَكْحُولًا يُحَدِّثُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " " لَمْ يَبْلُغْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّيْبِ مَا يَخْضِبُ " " وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ حَتَّى يَقْنَأَ شَعَرُهُ.

 

إسناده قوي، محمد بن راشد -وهو المكحولي- صدوق لا بأس به، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الطيالسي (2072) ، وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3687) من طريق أحمد بن خالد الوهْبي، كلاهما (الطيالسي والوهبي) عن محمد بن راشد، بهذا الإسناد. وسيأتي من طريق موسى بن أنس برقم (13329) و (13757) . وانظر ما سلف برقم (11965) و (12054) . وانظر 12635

قوله "حتى يقنأ" كيمْنع، آخره همزة، أي: تشتد حُمرتُه، وفيه لغة أخرى بترك الهمز، يقال: قنا، يقنو، فهو قانٍ. قاله ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" 4/111.

 

صبغ الشعر بأي لون شاء الشخص هو حرية شخصية، حرية الملبس والهيئة والسلوكيات الشخصية أساسية لكل إنسان. كذلك إنه لواضحٌ أن محمدًا نسي شيئًا هنا، وهو أن نهيه عن صباغة الشعر بالأسود لن يكون مشكلة لقوم شقر صفر وحمر الشعور كالأتراك المسلمين (معظمهم أحفاد البيزنطيين الروم الشرقيين) وشعوب القوقاز المسلمة وحتى بعض العرب أنفسهم، بالنسبة للشقر فإن صبغ الشعر بالأحمر والأصفر سيكون هو الأنسب، هذا مثال تافه لبشرية وصايا الإسلام وعدم إلهيتها، نظرًا لضيق الرؤية بالإضافة إلى شذوذ وبطلان الوصايا نفسها.

 

تحريم نتف الشعرات البيضاء الشائبة

 

روى أبو داوود:

 

4202 - حدثنا مسدد ثنا يحيى ح وثنا مسدد قال ثنا سفيان المعنى عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تنتفوا الشيب ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام " قال عن سفيان " إلا كانت له نورا يوم القيامة " وقال في حديث يحيى " إلا كتب الله له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة ".

 

حسن صحيح، وأخرجه ابن حبان عن محمد بن عمرو بن علقمة 2985 و"2983" وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "457" من طريق عنبسة الحداد، عن مكحول، عن أبي هريرة. وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو. وأخرجه أبو داود "4202" في الترجل: باب في نتف الشيب، والترمذي "2821" في الأدب: باب ما جاء في النهي عن نتف الشيب، والنسائي "8/136" في الزينة: باب النهي عن نتف الشيب، وأحمد "2/179"، و"207" و"210"، وابن ماجه "3731" في الأدب: باب نتف الشيب، والبغوي "3181"، والبيهقي "7/311". وقال الترمذي: حديث حسن. وفي الباب عن أنس موقوفاً عند مسلم "2341" "104" في الفضائل: باب شيبه صلى الله عليه وسلم، بلفظ: "يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته". ورواه أحمد بنحو رواية أبي داوود بإسناد ضعيف لكنه متابَع 6672، وأخرجه البيهقي في "السنن" 7/311 من طريق ابن لهيعة، وفي "شعب الإيمان" (6387) من طريق عبد الرحمن بن الحارث، كلاهما عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً النسائي في "المجتبى" 8/136، و"الكبرى" (9337) من طريق عمارة بن غزية، والبيهقي في "الشعب" (6386) من طريق عبد الرحمن بن الحارث، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. ورواه أحمد مختصراً برقم (6675) و (6924) ، ومطولاً برقم (6937) و (6962) . وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن حبان (2985) ، وإسناده حسن. وعن عمرو بن عبسة -أبي نجيح السلمي-، رواه أحمد 4/113 (17020)، بلفظ: "من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة". وعن فضالة بن عُبيد، رواه أحمد 6/20 (23952). وعن كعب بن مرة، رواه أحمد 4/236 (18064).

 

وروى أحمد:

 

(23952) 24452- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي الصَّعْبَةِ ، عَنْ حَنَشٍ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللهِ ، كَانَتْ نُورًا لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ ذَلِكَ : فَإِنَّ رِجَالاً يَنْتِفُونَ الشَّيْبَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ شَاءَ فَلْيَنْتِفْ نُورَهُ. (6/20).

 

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن لهيعة سيىء الحفظ، لكنه قد تُوبع. وهو صحيح لغيره. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/ (783) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6388) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار في "مسنده" (3755) من طريق أبي الأسود النضر بن عبد الجبار، وابن عدي في "الكامل" 4/1470 من طريق محمد بن معاوية، كلاهما عن ابن لهيعة، به - لكن سقط من إسناد ابن عدي حنشٌ الصنعاني. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (168) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (782) ، وفي "الأوسط" (5489) ، والبيهقي في "الشعب" (6388) من طريق يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وسنده حسن.

 

مرة أخرى تدخل في الحريات الشخصية بصورة متهوسة غير معقولة.

 

حداد إجباري للمتوفى عنها زوجها

 

روى أحمد:

 

26581 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُدَيْلٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ ، وَلَا الْحُلِيَّ ، وَلَا تَخْتَضِبُ ، وَلَا تَكْتَحِلُ"

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بُدَيْل بن مَيْسَرة، فمن رجال مسلم. وأخرجه أبو داود (2304) ، والنسائي في "المجتبى" 6/203- 204، وفي "الكبرى" (5729) ، وابن الجارود في "المنتقى" (767) ، وأبو يعلى (7012) ، وابن حبان (4306) ، والبيهقي في "السنن" 7/440، وفي "السنن الصغير" (2819) ، وفي "معرفة السنن" 11/223 من طرق عن يحيى بن أبي بُكير، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7728) من طريق عيسى بن أبي حرب، عن يحيى بن أبي بكير، عن إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة، عن الحسن بن مسلم، عن صفية بنت شيبة، عن أم عثمان، عن أم سلمة، به. زاد أم عثمان في الإسناد. وعيسى بن أبي حرب لم نقف له على ترجمة. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (838) من طريق سفيان الثوري، عن معمر، عن بُديل، عن الحسن بن مسلم، عن صفية بنت شيبة، عن أم سلمة، به. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (12114) - ومن طريقه البيهقي في "السنن" 7/440- عن معمر، عن بديل، عن الحسن بن مسلم، عن صفية، عن أم سلمة، موقوفاً. وفي الباب عن أم عطية، سلف برقم (20794) ، وهو عند البخاري (5342) ، ومسلم 1488 إلى 1490 و938.

 

20794 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَيَزِيدُ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ يَزِيدُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، " لَا تُحِدُّ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا عَصْبًا ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا إِلَّا عِنْدَ طُهْرِهَا، قَالَ يَزِيدُ: أَدْنَى طُهْرِهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ مَحِيْضِهَا، نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ "

 

إسناده من جهة محمد بن عبد الرحمن حسن لأجله، فهو من رجال البخاري إلا أن فيه كلاماً ينزله عن رتبة الصحيح، ومن جهة يزيد- وهو ابن هارون- صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم 938 ، وأبو داود (2303) ، وابن حبان (4305) ، والطبراني 25/ (140) ، والبيهقي 7/440 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارمي (2286) ، والبخاري (5342) ، ومسلم ص 1128 (66) ، وأبو داود (2302) ، والنسائي 6/202، وابن الجارود في "المنتقى" (766) ، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/66، والطبراني 25/ (141) ، والبيهقي 1/183، والبغوي (2390) من طرق عن هشام بن حسان، به. وعلقه البخاري بإثر الحديث (313) ، وبرقم (5343) من طريق هشام، به . وأخرجه البخاري (313) ، ومسلم ص 1128 (67) ، والطحاوي 3/76، والطبراني 25/ (137) ، والبيهقي 1/183 من طريق أيوب السختياني، والنسائي 6/204، والطبراني 25/ (138) من طريق عاصم الأحول، كلاهما عن حفصة، به . وأخرجه النسائي 6/206 من طريق زائدة، عن هشام، به- مختصراً: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخَّص للمتوفَّى عنها عند طهرها في القُسْط والأَظفار. وأخرج آخره موقوفاً عبد الرزاق (12129) عن هشام بن حسان، عن أم الهذيل حفصة بنت سيرين، عن أم عطية من قولها. وأخرجه مطولاً ومختصراً عبد الرزاق (12128) ، والبخاري (1279) و (5340) ، والطبراني 25/ (116) و (117) و (118) من طريق محمد بن سيرين، عن أم عطية. وسيأتي عن عبد الله بن نمير، عن هشام 6/408.

 

وروى البخاري:

 

5342 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا لَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَتْنَا حَفْصَةُ حَدَّثَتْنِي أُمُّ عَطِيَّةَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَمَسَّ طِيبًا إِلَّا أَدْنَى طُهْرِهَا إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ وَأَظْفَارٍ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الْقُسْطُ وَالْكُسْتُ مِثْلُ الْكَافُورِ وَالْقَافُورِ

 

5336 - قَالَتْ زَيْنَبُ وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ قَالَ حُمَيْدٌ فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِي ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ قَالَ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا

 

ذكرت ناقدًا في باب التشريعات الشاذة وباب العنصرية ضد المرأة هذا التشريع ومصادرات أخرى كثيرة لحرية النساء كبشر لهن كرامة وحقوق، ومنها حداد إجباري على زوج ربما كانت لا تحبه، وعدم ترك الأمر لحريتها الشخصية، وعدة لا تتوافق مع العلم كما قلت في البابين المذكورين وباب الأخطاء العلمية. وبعض باب العنصرية ضد المرأة جزء لا يتجزأ من بابنا هذا: مصادرة الحريات.

 

 

اعتبار جسد المرأة عورة

 

روى أحمد:

 

5173 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قَالَ: وَأَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتِ النِّسَاءَ فَقَالَ: " تُرْخِي شِبْرًا "، قَالَتْ: إِذَنْ تَنْكَشِفَ، قَالَ " فَذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ "

 

في الحديث إسنادان : أحدهما عن ابن عمر، والثاني عن أم سلمة، وكلاهما صحيح على شرط الشيخين، وحديثَ أم سلمة، وإن كان صورته صورة الِإرسال، سيأتي في مسندها متصلًا من رواية سليمان بن يسار، عنها، فهو فيه 6/293 عن ابن نمير، و315 عن محمد بن عبيد، كلاهما عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، وُيخرَّجَ هناك. وأخرجه على صورة الإرسال النسائي في "الكبرى" (9744) من طريق خالد بن الحارث، عن عبيد الله بن عمر، به. وأما حديث ابن عمر فأخرجه مسلم (2085) (42) ، وأبو عوانة 5/477 من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/199 (25305 وبعده) و8/ 220 (25388)، ومسلم (2085) (42) ، وابن ماجه (3569) ، والنسائي 8/206، وأبو عوانة 5/477 من طرق، عن عبيد الله بن عمر، به. وسيأتي برقم (5776) عن محمد بن عبيد، عن عبيد الله بن عمر، وانظر (4489) .

 

(26511) 27046- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : قُلْتُ : فَكَيْفَ بِالنِّسَاءِ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : تُرْخِينَ شِبْرًا قُلْتُ : إِذَنْ يَنْكَشِفَ عَنْهُنَّ ؟ قَالَ : فَذِرَاعٌ لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ. (6/293)

 

حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على نافع: فقد رواه عُبيد الله بن عُمر العمري، عن نافع، واختلف عليه فيه: فرواه ابن نمير- كما في هذه الرواية، وعند أبي يعلى (6890) - ومحمد ابنُ عُبيد - كما سيأتي في الرواية (26681) - ومعتمر بنُ سليمان- كما عند ابن أبي شيبة 8/408، والنسائي في "المجتبى" 8/209، وفي "الكبرى" (9742) ، وابنِ ماجه (3580) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (916) - وعيسى بنُ يونس - كما عند أبي داود (4118) - وعبد الرحيم بنُ سليمان الرازي- كما عند النسائي في "الكبرى" (9744) - وأبو أسامة- كما عند الطبراني 23/ (916) - ستتُهم عن عُبيد الله، بهذا الإسناد. ورواه يحيى القطان - كما سلف برقم (5173) - وخالد بن الحارث - كما عند النسائي في "الكبرى" (9744) - كلاهما عن عُبيد الله، عن نافع، عن سليمان بن يسار، أن أمَّ سلمة ذكرت ذيول النساء... قال النسائي: مرسل. ورواه ابن لَهِيعة عن محمد بن عجلان - كما عند ابن عبد البر في "التمهيد" 24/147- عن نافع، عن ابن عمر، أن أمَّ سَلَمة، به. ثم قال ابن عبد البر: وهذا الإسناد عندي خطأ. ورواه أيوب عن نافع، واختلف عليه فيه: فرواه مَعْمَر فيما روى عنه عبد الرزاق (19984) - ومن طريقه الترمذي (1731) ، والنسائي في "المجتبى" 8/209، وفي "الكبرى" (9735) – ورواه أيضاً حماد بنُ زيد - كما عند أبي نعيم في "أخبار أصبهان" 1/130، والبيهقي في "السنن" 2/233- كلاهما عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من جرَّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة". فقالت أمُّ سلمة: فكيف يصنعُ النساء يا رسول اللّه بذيولهنَّ؟... فذكر الحديث. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه إسماعيل ابنُ عُلَيَّة - كما سلف بالرواية (4489) - عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، فذكر حديث ابن عمر، ثم قال: قال نافع: فأُنبئتُ أنَّ أمَّ سلمة قالت: فكيف بنا؟... فذكر الحديث. ورواه عبد الله العمري عن نافع، واختلف عليه فيه: فرواه ابن طهمان (47) عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... ورواه وكيع - كما سلف برقم (4773) - عن عبد اللّه العمري، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخَّص للنساء... فذكره، ولم يذكر أمَّ سَلَمة في الإسناد. ورواه الليث عن محمد بن عبد الرحمن بن غَنَج - كما عند النسائي في "الكبرى" (9745) - عن نافع، أن أم سلمة ذكرت ذيول النساء... مرسلاً. ورواه حنظلة بن أبي سفيان، عن نافع واختلف عليه فيه: فرواه حماد بن مسعدة- كما عند النسائي في "الكبرى" (9738) - عن حنظلة بن أبي سفيان، قال: سمعت نافعاً قال: حدثتنا أمُّ سلمة أنها لما ذكر في النساء ما ذكر قالت: يا رسول اللّه، أرأيتَ النساء؟ قال: "شبراً" قالت: لا يكفيهنَّ، قال: " فذراع". ورواه الوليد بن مسلم - كما عند النسائي في "الكبرى" (9739) - عن حنظلة بن أبي سفيان، سمعتُ نافعاً يحدِّث قال: حدثني بعض نسوتنا عن أمِّ سلمة، قالت: لما ذكر رسولُ اللّه من الإسبال ما ذكر، قلت: يا رسول اللّه، أرأيتَ النساء، كيفَ بهنَّ؟ قال: "يُرخين ذراعاً". ورواه الأوزاعي، واختلف عنه فيه: فرواه الوليد بنُ مسلم - كما عند النسائي في "الكبرى" (9736) - عن الأوزاعي، عن نافع، عن أمِّ سَلَمة، قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تُرخي المرأةُ من ذيلها شبراً" قلتُ: إذاً تنكشف؟ قال: "ذراعاً لا تزيد عليه". ورواه الوليد بنُ مزيد - كما عند النسائي في "المجتبى" 8/209، وفي "الكبرى" (9737) - عن الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن نافع، عن أمِّ سلمة، به. أدخلَ يحيى بنَ أبي كثير بين الأوزاعيِّ ونافع. ورواه محمد بن إسحاق- كما سيأتي برقمي (26532) و (26636) - وأبو بكر بن نافع - كما عند مالك في "الموطأ" 2/915، ومن طريقه أبو داود (4117) ، وابنُ حبان (5451) ، والبيهقي في "الآداب" (617) ، وفىِ "الشعب" (6143) ، والبغوي في "شرح السنة" (3082) - وأيوب بنُ موسى- كما عند النسائي في "المجتبى" 8/209، وفي "الكبرى" (9740) ، وأبو يعلى (6891) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (1007) و (1008) - ثلاثتهم عن نافع، عن صفيَّة بنت أبي عُبيد، عن أمِّ سَلَمة، به. قال ابن عبد البرّ في "التمهيد" 24/148 بعد أن أخرجه من طريق محمد بن إسحاق: وهذا هو الصواب عندنا في هذا الإسناد، كما قال مالك، واللّه أعلم. وسيأتي بالأرقام: (26532) و (26636) و (26681) . قلنا: وحديث ابن عمر في النهي عن جَرِّ الثوب هو في "صحيح مسلم" برقم (2085) ، لكن دون زيادة حديث أمِّ سلمة في ذيول النساء. قال الحافظ في "الفتح" 10/259: وكأنَّ مسلماً أعرضَ عن هذه الزيادة للاختلاف فيها على نافع... وذكر الحافظ بعضاً من هذه الاختلافات، ثم قال: ومع ذلك، فله شاهدٌ من حديث ابن عمر، أخرجه أبو داود من رواية أبي الصِّدِّيق الناجي، عن ابن عمر. قلنا: وهو في "المسند" كذلك، وقد سلف برقم (4683) ، وقد ذكرنا هناك بقية شواهده.

 

(26681) 27216- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ بِالنِّسَاءِ ؟ قَالَ : يُرْخِينَ شِبْرًا . قُلْتُ : إِذَنْ يَنْكَشِفَ عَنْهُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ : فَذِرَاعٌ لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ.

 

21786 - حدثنا أبو عامر، حدثنا زهير يعني ابن محمد، عن عبد الله يعني ابن محمد بن عقيل، عن ابن أسامة بن زيد، أن أباه أسامة، قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما لك لم تلبس القبطية ؟ " قلت: يا رسول الله، كسوتها امرأتي . فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مرها فلتجعل تحتها غلالة، إني أخاف أن تصف حجم عظامها "

 

حديث محتمل للتحسين، عبد الله بن محمد بن عقيل يعتبر به في المتابعات والشواهد، وباقي رجال الإسناد لا بأس بهم . أبو عامر: هو عبد الملك ابن عمرو العقدي، وابن أسامة: اسمه محمد. وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (1368) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 4/64-65 من طريق أبي عامر العقدي، به. وأخرجه ابن سعد أيضا 4/64-65 عن عبد الملك بن عمرو وأبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، كلاهما عن زهير بن محمد، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (5496) من طريق أبي مالك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. وسيأتي برقم (21788) من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي عن ابن عقيل. وخالفهم بشر بن المفضل، فرواه عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن عمر بنحوه، أخرجه مسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (5495) ، و"المطالب العالية" لابن حجر (2433). وفي الباب عن خالد بن يزيد بن معاوية عن دحية بن خليفة الكلبي، عند أبي داود (4116) ، والحاكم 4/187، والبيهقي 2/234، قال دحية: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباطي، فأعطاني قبطية، فقال: "اصدعها صدعين فاقطع أحدهما قميصا وأعط الآخر امرأتك تختمر به" فلما أدبر قال: "وأمر امرأتك أن تجعل تحته ثوبا لا يصفها" . وإسناده ضعيف، رواية خالد بن يزيد عن دحيه منقطعة، فهو لم يدركه، قال الذهبي في "تهذيب السنن" وفي إسناده أيضا موسى بن جبير وعباس بن عبيد الله بن عباس لم يوثقهما غير ابن حبان، وقال في الأول: يخطئ ويخالف . وأخرج البيهقي 2/234-235 عن عبد الله بن أبي سلمة: أن عمر بن الخطاب كسا الناس القباطي ثم قال: لا تدرعها نساؤكم . فقال رجل: يا أمير المؤمنين قد ألبستها امرأتي فأقبلت في البيت وأدبرت، فلم أره يشف . فقال عمر: إن لم يكن يشف فإنه يصف . وإسناده إلى عبد الله بن أبي سلمة حسن، وعبد الله ثقة إلا أنه لم يدرك عمر، فهو مرسل .

قوله: "القبطية": هي ثياب من كتان رقيق كانت تعمل بمصر، نسبة إلى القبط على غير قياس فرقا بينها وبين الإنسان . قاله الفيومي في "المصباح المنير".  وقوله: "كثيفة" أي: غليظة لا تشف ما تحتها، لكنها لنعومتها ورقتها تصف حجم ما تحتها.

 

بالطبع هذا اعتقاد سخيف، النساء نصف الجنس البشري، فهل نصف الجنس البشري عورة؟! هذا تفكير خرافي ذكوري شمولي ينظر إلى النساء على أنهن أدوات جنسية، من حق المرأة أن يمس جلدها وشعرها الهواء والنسيم، وأن تمارس الرياضة بحرية وتنزل البحر وحمام السباحة كيفما تشاء وتستمتع بحياتها. لا يوجد من هن أكثر عبودية من النساء العربيات ضحلات الثقافة الخاضعات للقمع المستمرئات له، لدرجة اعتبار أقدامهن عورة، كيف يمكن أن تكن امرأة لنفسها الاحترام والتقدير وتعتز بنفسها ويكون لها كرامة وهي تعتقد أنها عورة؟!

 

وروى أحمد:

 

25407 - حدثنا محمد بن جعفر، وحجاج، قالا: حدثنا شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي المليح، قال حجاج: عن رجل، قال: دخل نسوة من أهل الشام على عائشة، فقالت: أنتن اللاتي تدخلن الحمامات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من امرأة وضعت ثيابها في غير بيتها إلا هتكت سترا بينها وبين الله عز وجل " قال حجاج: " إلا هتكت سترها "

 

إسناده صحيح. أبو المليح: هو ابن أسامة الهذلي ثقة من رجال الشيخين، وقد ابهمه الحجاج بن محمد المصيصي في روايته عن شعبة، فقال: عن رجل، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه أبو داود (4010) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (1518) -ومن طريقه الترمذي (2803) ، والبيهقي في "السنن" 7/308- والحاكم 4/288-289 من طريق ادم بن أبي إياس، كلاهما (الطيالسي وآدم) عن شعبة، عن منصور، عن سالم، عن أبي المليح، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. ورواه أحمد برقم (24140) وهو حديث حسن إسناده فيه انقطاع، سالم بن أبي الجعد لم يسمع من عائشة، بينهما أبو المليح: وهو ابن أسامة الهذلي، كما سيأتي في التخريج، وهو ثقة من رجال الشيخين، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وقد اختلف فيه على الأعمش: فرواه حفص بن غياث -كما في هذه الرواية- عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن عائشة. وخالفه يعلى بن عبيد -فيما أخرجه الدارمي (2651) - فرواه عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عائشة. وأخرجه إسحاق (1605) ، وأبو داود (4010) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، عن سالم، عن عائشة. ورواه شعبة -كما سيرد في الرواية (25407) ، وسفيان الثوري- كما سيرد في الرواية (25408) - كلاهما فرواه عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي المليح، عن عائشة بزيادة أبي المليح بين سالم وعائشة. قال الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 95: وقول شعبة والثوري عن منصور أشبه بالصواب. قلنا: وتابعهما إسرائيل -فيما أخرجه الدارمي (2652) -وورقاء- فيما أخرجه الخطيب في "تاريخه" 3/58 -فروياه كذلك عن منصور، عن سالم، عن أبي المليح، عن عائشة. وأخرجه أبو يعلى (4390) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن محمد ابن عبد الله، عن أبي مسلم الخولاني، عن عائشة. ومحمد بن عبد الله لم نعرفه. وأخرجه أبو يعلى كذلك (4680) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي، عن معاوية بن يحيى الصدفي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به. قال = البخاري في معاوية: روى عنه إسحاق بن سليمان أحاديث مناكير كأنها من حفظه. وله شاهد من حديث أم الدرداء سيأتي 6/362 وسنده حسن وقواه المنذري في "الترغيب والترهيب". وآخر من حديث أم سلمة، سيرد 6/301، وفي سنده ضعف.

 

كانت عائشة بطبيعتها كامرأة بدوية نشأت في مجتمع ذكوري تميل للمحافظة والرجعية، ولا تميل للتمدن، من حق المرأة أن تغير ثيابها تضعها كيفما شاءت، وأن تنزل البحر وحمام السباحة بملابس البحر، أو لأخذ حمام شمس في المنزل أو حديقة المنزل أو على الشاطئ، وأن تدخل أماكن العناية بالجسم كالحمام المغربي والمساج والعلاج الطبيعي كيفما تريد.

 

تعذيب وقتل البشر لمجرد اختلاف المذهب والفكر (مثال من عصر هشام بن عبد الملك بن مروان)

 

روى عبد الله بن أحمد:

 

• 5881 -[قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ] : حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: "أَنَا رَأَيْتُ غَيْلَانَ يَعْنِي الْقَدَرِيَّ مَصْلُوبًا عَلَى بَابِ دِمَشْقَ"

 

هذا الأثر إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن أحمد، وسوار بن عبد الله- وهو ابن سوار بن عبد الله العنبري- فمن رجال أصحاب السنن.

وهو في كتاب"العلل" (5249) من رواية عبد الله بن أحمد، عن سوار، بهذا الإسناد.

وأخرجه العقيلي في"الضعفاء"3/437 عن عبد الله بن أحمد، به.

ورواه البخاري في " التاريخ الكبير"7/103 عن محمد بن بشار، عن معاذ بن معاذ، به.

وغيلان، قال الذهبي في"تاريخ الِإسلام"ص 441، وفيات 101-120: غيلان القدري أبو مروان صاحب معبد الجهني، ناظره الأوزاعي بحضرة هشام بن عبد الملك، فانقطع غيلان، ولم يتب، وكان قد أظهر القدر في خلافة عمر بن عبد العزيز، فاستتابه عمر، فقال: لقد كنت ضالاً فهديتني، وقال عمر: اللهم إن كان صادقاً، وإلا فاصلبه واقطع يديه ورجليه، ثم قال: أمَّن يا غيلان فأمَّن على دعائه .

وقد حج بالناس هشام بن عبد الملك سنة ست ومئة في أول خلافته، وكان معه غيلان يفتي الناس ويحدثهم، وكان ذا عبادة وتأله وفصاحة وبلاغة، ثم نفذت فيه دعوة الإمام الراشد عمر بن عبد العزيز، فأخذ، وقطعت أربعته، وصلب بدمشق بالقدر، نسأل الله السلامة، وذلك في حياة عبادة بن نسي، فإنه أحد من فرح بصلبه.

 

شيء مقزز لا يتوافق مع حق كل إنسان في حرية الاعتقاد والتعبير.

 

 

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.