26 أمثلة من اختلافات قراآت القرآن تنفي عصمته من الاختلاف

أمثلة من اختلافات قراآت وروايات القرآن تنفي عصمته وتثبت الاختلاف على نصوصه

 

بمكتبتي العشرات من الكتب عن السبع قراآت واختلافاتها وكلها رائعة كتبها علماء القراآت المسلمون، وتكشف كم التناقض وعدم سلامة وتوحيد النص القرآني بصورة كافية، فما يقرؤه بعضهم يفعلون، يكون عند قراءة الآخرين: تفعلون، وهكذا، وسأذكر قائمة بهذه الكتب في آخر المبحث للراغبين في الاستزادة، وقد اكتفيت بالاقتباس من معجم القراآت للدكتورين أحمد مختار عمر وعبد العال سالم مكرم، على أساس أني أذكر أمثلة فقط، وإلا فقد كان تحت يدي كذلك معجم القراآت للدكتور عبد اللطيف البغدادي كعمل موسوعي موجز مماثل، ومصحف الصحابة بالقراآت العشر وغيرها.

 

1- لقد مر نص القرآن الإسلامي بعدة مراحل، ففي عصر محمد اتسم النص بالمرونة ولم يكن محمد يهتم كثيرًا بالدقة الشديدة في حفظه، بل يكتفي بالمعنى:

 

روى البخاري:

 

5061 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ جُنْدَبٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ

تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبَانُ وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَوْلَهُ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ عُمَرَ قَوْلَهُ وَجُنْدَبٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ

 

رواه البخاري 5060 و7364 ومسلم 2667 وأحمد 18816 والنسائي في "الكبرى" (8097) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وأخرجه أبو عبيد بن سلام في "فضائل القرآن" ص212، وسعيد بن منصور (166) (تفسير) - ومن طريقه أبو عوانة (كما في "إتحاف المهرة" 4/83) ، والطبراني في "الكبير" (1673) ، والبيهقي في "الشعب" (2260) -، وابن أبي شيبة 1/5280، والدارمي (3361) - ومن طريقه الحافظ في "تغليق التعليق" 4/390- وأبو يعلى (1519) ، وأبو عوانة (كما في "إتحاف المهرة" 4/83) ، وابن حبان (732) و (759) ، والطبراني في "الكبير" (1673) ، والخطيب في "تاريخه" 4/228، والبغوي في "شرح السنة" (1224) من طريق حماد بن زيد، وأخرجه الدارمي (3359) ، والنسائي في "الكبرى" (8098) ، والطبراني في "الكبير" (1674) من طريق هارون بن موسى الأعور. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8096) ، والطبراني (1675) ، والإسماعيلي في "معجم شيوخه" 2/549-550، وأبو نعيم في "الحلية" 3/109 و8/291 من طريق الحجاج بن فرافصة. وأخرجه مسلم (2667) ، وأبو عوانة (كما في "إتحاف المهرة" 4/83) من طريق أبان بن يزيد العطار، خمستهم عن أبي عمران الجوني، به مرفوعاً.

فهذه تعاليم بعدم التفكير وتجنب التفكير لدرجة القيام عند الاختلاف مع بعضهم على اللاهوتيات أو التفاسير والشرعيات والفقه أو القراآت وغيرها. وإنه لطبيعي أن يختلف أتباع الأديان ويتنافروا لأن أساسات أديانهم نفسها غير منطقية من نواحٍ كثيرة.

 

روى أحمد:

 

3724 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً، وَسَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهَا، فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ عَرَفْتُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَرَاهِيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ، إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَأَهْلَكَهُمْ "

قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنِي مِسْعَرٌ، عَنْهُ، وَرَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَلَا تَخْتَلِفُوا "

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير النزال بن سبْرة -وهو الهلالي الكوفي- فمن رجال البخاري. شعبة: هو ابن الحجاج، وعبد الملك بن ميسرة: هو الهلالي، ومسعر: هو ابن كِدام.

وأخرجه الطيالسي (387) ، وابن أبي شيبة 10/529، والبخاري (2410) و (3476) و (5062) ، والنسائي في "الكبرى" (8094) ، وأبو يعلى (5262) و (5341) ، والشاشي (770) و (771) ، والبغوي (1229) ، من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وسيأتي من طريق شعبة برقم (3907) و (3908) و (4364) ، ومن طريق عاصم برقم (3803) و (3981) و (3992) و (3993) .

وانظر: (3845) .

قوله: "سمعت رجلاً يقرأ آية": قال الحافظ في "الفتح" 9/102: هذا الرجل يحتمل أن يكون هو ابن بن كعب، فقد أخرج الطبري من حديث أبي بن كعب أنه سمع ابن مسعود يقرأ آية قرأ خلافَها، وفيه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "كلاكما محسن" الحديث.

 

3981 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةً مِنَ الثَّلَاثِينَ، مِنْ آلِ حم قَالَ: يَعْنِي الْأَحْقَافَ قَالَ: وَكَانَتِ السُّورَةُ إِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً سُمِّيَتِ الثَّلَاثِينَ، قَالَ: فَرُحْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَجُلٌ يَقْرَؤُهَا عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأَنِي، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقُلْتُ لِآخَرَ: اقْرَأْهَا، فَقَرَأَهَا عَلَى غَيْرِ قِرَاءَتِي وَقِرَاءَةِ صَاحِبِي، فَانْطَلَقْتُ بِهِمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَيْنِ يُخَالِفَانِي فِي الْقِرَاءَةِ ؟ قَالَ: فَغَضِبَ، وَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: " إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ (1) الِاخْتِلَافُ " - قَالَ: قَالَ زِرٌّ: وَعِنْدَهُ رَجُلٌ - قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ كَمَا أُقْرِئَ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الِاخْتِلَافُ قَالَ قال: عَبْدُ اللهِ: " فَلَا أَدْرِي أَشَيْئًا أَسَرَّهُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ عَلِمَ مَا فِي نَفْسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ " قَالَ: " وَالرَّجُلُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، صَلَوَاتُ (2) اللهِ عَلَيْهِ " (3)

 

(1) في (ظ14) : من قبلكم.

(2) في (ظ14) : عليه السلام.

(3) إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي بكر- وهو ابن عياش - فمن رجال البخاري، وأخرج له مسلم في المقدمة، وهو ثقة، وكتابه صحيح.

وأخرجه أبو يعلى (5057) ، والطبري في "التفسير" 1/12 من طريق أبي كريب، عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولا ومختصراً الطبري في "التفسير" 1/13، وابن حبان (746) و (747) ، والحاكم 2/223-224 من طريقين عن عاصم، به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة، ووافقه الذهبي.

وقد تقدم بأخصر منه برقم (3724) بإسناد صحيح.

قوله: من آل حم: أي: مما في أوله: حم، قال الفراء: نسب السورة كلها إلى حم التي في أولها، وقد يقع آل الشيء على ذاته، كما في "مزامير آل داود"، فيمكن حمل آل حم على ذلك.   إذا كانت أكثر، أي: تسمى بهذا الاسم وإن كانت أكثر، وأما إذا كانت ثلاثين فبالأولى، وكأن المراد كثرة لا يعتد بها مثل الكسر، والله تعالى أعلم.   فقلت لآخر: بفتح الخاء، أي: لرجل ثالث.  وتمعًر بالتشديد، أي: تغير. قاله السندي.

 

3845 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ، مِنْ هَمْدَانَ - مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، وَمَا سَمَّاهُ لَنَا -، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ عَبْدُ اللهِ، أَنْ يَأْتِيَ الْمَدِينَةَ، جَمَعَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: وَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصْبَحَ الْيَوْمَ فِيكُمْ مِنْ أَفْضَلِ مَا أَصْبَحَ فِي أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الدِّينِ وَالْفِقْهِ وَالْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى حُرُوفٍ، وَاللهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلَانِ لَيَخْتَصِمَانِ أَشَدَّ مَا اخْتَصَمَا فِي شَيْءٍ قَطُّ، فَإِذَا قَالَ الْقَارِئُ: هَذَا أَقْرَأَنِي،قَالَ: أَحْسَنْتَ (1) . وَإِذَا قَالَ الْآخَرُ، قَالَ: كِلَاكُمَا (2) مُحْسِنٌ، فَأَقْرَأَنَا: إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَالْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَالْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَالْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَاعْتَبِرُوا ذَاكَ بِقَوْلِ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ: كَذَبَ وَفَجَرَ، وَبِقَوْلِهِ إِذَا صَدَّقَهُ: صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ، إِنَّ (3) هَذَا الْقُرْآنَ، لَا يَخْتَلِفُ وَلَا يُسْتَشَنُّ، وَلَا يَتْفَهُ لِكَثْرَةِ الرَّدِّ، فَمَنْ قَرَأَهُ عَلَى حَرْفٍ، فَلَا يَدَعْهُ رَغْبَةً عَنْهُ، وَمَنْ قَرَأَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْحُرُوفِ، الَّتِي عَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يَدَعْهُ رَغْبَةً عَنْهُ، فَإِنَّهُ (4) مَنْ يَجْحَدْ بِآيَةٍ مِنْهُ، يَجْحَدْ بِهِ كُلِّهِ، فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ: اعْجَلْ، وَحَيَّ هَلًا، وَاللهِ لَوْ أَعْلَمُ رَجُلًا أَعْلَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي لَطَلَبْتُهُ، حَتَّى أَزْدَادَ عِلْمَهُ إِلَى عِلْمِي. إِنَّهُ سَيَكُونُ قَوْمٌ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ، فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " يُعَارَضُ بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَمَضَانَ، وَإِنِّي عَرَضْتُ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ مَرَّتَيْنِ، فَأَنْبَأَنِي أَنِّي مُحْسِنٌ، وَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةً " (5)

 

(1) في (ص) : أحسن. (2) في (ظ1) : كلاهما. (3) لفظ: "إن" لم يرد في (ص). (4) في هوامش النسخ الخطية: فإن.

(5) إسناده ضعيف لجهالة الرجل من همْدان، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. شعبة: هو ابن الحجاج، وعبد الرحمن بن عابِس: هو النخعي الكوفي.

وقوله: "إن الصدق يهدي إلى البر.... والفجور يهدي إلى النار": تقدم تخريجه مرفوعاً برقم (3638) .

وقوله: "سيكون قوم يميتون الصلاة...." سلف بنحوه برقم (3601) .

وقوله: قرأت من كل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعين سورة، سلف برقم (3599) ، وسيأتي برقم (3846) و (3906) .

والخطبة من أولها حتى قوله: "فإنما هو كقول أحدكم لصاحبه: اعجل وحي هلا"، أوردها الهيثمي في "المجمع" 7/153، وقال: رواه الإمام أحمد في حديث طويل، والطبراني، وفيه من لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح.

قلنا: قوله: وإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعارض بالقرآن في كل رمضان: هو عند

البخاري (4998) من حديث أبي هريرة.

قال السندي: قوله: فإذا قال القارىء: هذا أقرأني، قال: أي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

أحسن: أي الذي أقرأك. وفي نسخة: أحسنت، أي أنت حيث قرأت منه.

 

وروى البخاري:

 

2410 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ أَخْبَرَنِي قَالَ سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً سَمِعْتُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَهَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ قَالَ شُعْبَةُ أَظُنُّهُ قَالَ لَا تَخْتَلِفُوا فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا

 

وروى أحمد:

 

16366 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ ثَابِتٍ كَانَ يَسْكُنُ بَنِي سُلَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ عُمَرَ فَغَيَّرَ عَلَيْهِ فَقَالَ: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيَّ، قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا (1) عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَقَرَأَ الرَّجُلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: " قَدْ أَحْسَنْتَ "، قَالَ: فَكَأَنَّ عُمَرَ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ، (2) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا عُمَرُ، إِنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ صَوَابٌ مَا لَمْ يُجْعَلْ عَذَابٌ مَغْفِرَةً أَوْ مَغْفِرَةٌ عَذَابًا "، وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ مَرَّةً أُخْرَى أَبُو (3) ثَابِتٍ مِنْ كِتَابِهِ (4)

 

(1) في (م) : فاجتمعنا، وفي (ق) : فاجتمع.  (2) في (ظ12) و (ص) ، وهامش (س) : ذاك.  (3) ضبب فوق لفظ "أبو" في (س) . قلنا: هي كنية حرب بن ثابت.

(4) إسناده حسن، حرب بن ثابت هو أبو ثابت المِنْقَري، ويقال: ابن أبي حرب، ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 3/62، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/252 وفرق بين حرب بن أبي حرب وبين حرب بن ثابت، ولكنه قال في ترجمة الأخير: كأنه حرب بن أبي حرب الذي ذكرناه،

وفرق بينهما كذلك ابن حبان في "الثقات" 6/231 وقال مثل قول ابن أبي حاتم، وجزم الحافظ في "التعجيل" 1/439 أنهما واحد، ورَدَ على ابن حبان تفريقه بينهما، وقال: جعله اثنين، ثم شك فيه. وقد اشتبه الأمر على الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري، فقال: إنهما اثنان يقيناً. وكان قد اختلط عليه حرب بن أبي حرب براوِ آخر يروي عن شريح، والصواب أنهما واحد كما جزم بذلك الحافظ في "التعجيل"، وهو ما ذهب إليه البخاري في ترجمته، فقال: حرب بن أبي حرب أبو ثابت، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري، قاله عبد الصمد، وقال موسى: حدثنا حرب بن ثابت المنقري، يعد في البصرين.

ثم إن هناك من وَهَّم عبد الصمد في قوله بالإسناد: إسحاق بن عبد الله بن أبي طَلحة، فقال البخاري في "تاريخه الكبير" 1/382: وقال بعضهم: لُقِّن عبد الصمد، فقالوا: ابن عبد الله بن أبي طلحة، ولم يكن في كتابه ابن عبد الله، وقال كذلك 3/62: ويقال: إن هذا إسحاق ليس بابن أبي طلحة، وهم فيه

عبد الصمد من حفظه، وأصله صحيح.

قلنا: أتى البخاري بهذا القول مجهِّلا من قال ذلك في المرة الأولى، وممرِّضاً لقول في المرة الثانية، وهذا إشارة منه إلى رَدِّه، ثم إن الإمام أحمد أثبت هذا الحديث في مسند أبي طلحة دون شك، وعقب الحديث بقول عبد الصمد: أبو ثابت من كتابه، مستبعداً التلقين أو الوهم من الحفظ، وهو الموافق " يقول به الحفاظ فيما نقله ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/239-240 بقوله: سمعت أبي يقول: يرون أنه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري.

قلنا: وهذا إثبات لا يزول بصيغة تمريض أو جهالة قائل. وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه الطبري في "التفسير" (16) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث العنبري، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/151، وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات.

وذكره الحافظ في "الفتح" 9/26، ونسبه إلى الطبري، وفاته أن ينسبه لأحمد.

وذكره كذلك الحافظ ابن كثير في "فضائل القرآن" ص21، وقال: وهذا إسناد حسن، وحرب بن ثابت هذا يكنى بأبي ثابت، لا نعرف أحداً جرحه.

قلنا: وأصله الصحيح الذي أشار إليه البخاري، سلف من حديث عمر برقم (277) وهو عند البخاري (2419) ، ومسلم (818) .

قال السندي: قوله: فغير، أي: عمر.  قوله: عليه: أي: على ذلك الرجل، أي: رَدَ عليه. قوله: وجد من ذلك: وكان عمر أخذ من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على وجه آخر، فتعجب من ذلك.  قوله: "ما لم يُجْعل عذابٌ مغفرةً": بأن يقرأ بعد: (إنَّ الذين كفروا) : (أولئك أصحاب الجنة) أو بالعكس، والحاصل أن القراءة غير المغيرة لأصل المعنى على الوجوه السبعة المنزلة جائزة، وخفي ذلك على عمر، ثم ظهر له.

 

هذا من باب العمل بالقراءة بالمعنى، ولم يعد يعمل به المسلمون منذ زمن قديم جدًّا.

 

 

 

قصة عبد الله بن أبي سرح وارتداده نظرًا لإتاحة محمد له تغيير نصوص القرآن بلا مبالاة:

 

روى ابن أبي شيبة:

 

38068- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ : حدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ : زَعَمَ السُّدِّيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، أَمَّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ : اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ : عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ خَطَلٍ، وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ.

فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارٌ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا، وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ فَقَتَلُوهُ. ...إلخ الحديث

 

وروى أبو داوود:

 

2683 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال ثنا أحمد بن المفضل قال ثنا أسباط بن نصر قال زعم السدي عن مصعب بن سعد عن سعد قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وسماهم وابن أبي سرح فذكر الحديث قال وأما ابن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان فلما دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا نبي الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال " أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟ "فقالوا ما ندري يا رسول الله ما في نفسك ألا أومأت إلينا بعينك قال "إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين"

 قال أبو داود كان عبد الله أخا عثمان من الرضاعة وكان الوليد بن عقبة أخا عثمان لأمه وضربه عثمان الحد إذ شرب الخمر . صحيح

 

وفي مصنف عبد الرزاق برقم 9739، من حديث طويل مهم:

 

...... فدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمر أصحابه بالكف فقال كفوا السلاح إلا خزاعة عن بكر ساعة ثم أمرهم فكفوا فأمن الناس كلهم إلا بن أبي سرح وبن خطل ومقيس الكناني وامرأة أخرى....

 

ورواه النسائي 4067 في سننه الصغرى، وفي سننه الكبرى برقم 3530، وابن أبي شيبة 38068، والحاكم النيسابوري في المستدرك 4360

 

وروى الواقدي:

 

وَأَمَرَ بِقَتْلِ سِتّةِ نَفَرٍ وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِى جَهْلٍ، وَهَبّارِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَعَبْدِ اللّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ، وَمِقْيَسِ بْنِ صُبَابَةَ اللّيْثِىّ، وَالْحُوَيْرِثِ بْنِ نُقَيْذٍ، وَعَبْدِ اللّهِ بْنِ هِلالِ بْنِ خَطَلٍ الأَدْرَمِىّ، وَهِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَسَارَةَ مَوْلاةَ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ، وَقَيْنَتَيْنِ لأَبِى خَطَلٍ قُرَيْنَا وَقُرَيْبَةَ وَيُقَالُ: فَرْتَنَا وَأَرْنَبَةَ.

 

وروى ابن إسحاق:

 

قال ابن إسحاق: وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد عَهِد إلى أمرائه من المسلمين، حين أمرهم أن يدخلوا مكة، أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، إلا أنه قد عَهِد في - نفر سمَّاهم أمر بقتلهم وإن وُجدوا تحت أستار الكعبة، منهم عبد اللّه بن سعد، أخو بني عامر بن لؤي.

وإنما أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه قد كان أسلم، وكان يكتب - لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم الوحى، فارتدَّ مُشركا راجعاً إلى قريش، ففر إلى عثمان ابن عفان، وكان أخاه للرضاعة، فغيَّبه حتى أتى به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعد أن اطمأن الناس وأهل مكة، فاستأمن له. فزعموا أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صمت طويلا، ثم قال: نعم، فلما انصرف عنه عثمان، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمن حوله من أصحابه؛ لقد صمت ليقوم إليه بعضُكم فيضرب عنقه. فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأتَ إلىَّ يا رسول اللّه؟ قال: إن النبي لا يقتل بالإشارة.

قال ابن هشام: ثم أسلم بعدُ، فولاه عمر بن الخطاب، بعضَ أعماله، ثم ولاه عثمان بن عفان بعد عمر.

 

قال ابن إسحاق: وعبد اللّه بن خطل، رجل من بني تَيْم بن غالب: إنما أمر بقتله أنه كان مسلما فبعثه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مُصدِّقا، وبعث معه لا رجلا من الأنصار، وكان معه مولى له يخدمه، وكان مسلماً، فنزل منزلا،، وأمر المولى أن يذبح له تَيْساً، فيصنع له طعاما، فنام، فاستيقظ ولم يصنع له شيئا، فعدا عليه فقتله، ثم ارتد مشركا. وكانت له قَيْنتان: فَرْتَنى وصاحبتُها، وكانتا تغنيان بهجاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقتلهما معه.

والحُوَيْرث بن نُقَيْذ بن وهب بن عَبد بن قُصىَ، وكان ممن يؤذيه بمكة.

 

وسارة، مولاة لبعض بني عبد المطلب. وعكرمة بن أبي جهل. وكانت سارة ممن يؤذيه بمكة...إلخ

 

وأما قينتا ابن خَطَل فَقُتِلت إحداهما، وهربت الأخرى، حتى استؤمن لها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعدُ، فأمَّنها. وأما سارة فاستُؤمن لها فأمَّنها، ثم بقيت حتى أوطأها رجل من الناس فرساً في زمن عمر بن الخطاب بالأبطح فقتلها.

وأما الحُوَيْرث بن نُقَيذ فقتله علي بن أبي طالب.

 

وقصة قتل القينتين قينتي عبد الله بن خطل رواها البيهقي بسنده إلى ابن إسحاق في السنن الكبرى 16657

 

وروى الطبراني في المعجم الكبير:

 

5529 - حدثنا معاذ بن المثنى ثنا علي بن المديني ( ح ) وحدثنا موسى بن هارون ثنا علي بن حرب الموصلي قالا ثنا زيد بن الحباب حدثني عمرو بن عثمان بن عبدالرحمن بن سعيد المخزومي حدثني جدي عن أبيه سعيد وكان يسمى الضرم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يوم فتح مكة : أربعة لا أومنهم في حل ولا حرم الحويرث بن نفيل و مقيس بن ضبابة و هلال بن خطل و عبدالله بن سعد بن أبي سرح فأما حويرث فقتله علي رضي الله عنه وأما مقيس بن ضبابة فقتله ابن عم له لحاء وأما هلال بن خطل فقتله الزبير وأما عبدالله بن سعد بن أبي سرح فاستامن له عثمان بن عفان وكان أخاه من الرضاعة وقينتين كانتا لمقيس تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم قتلت إحداهما وأفلتت الأخرى فأسلمت

 

قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني ورجاله ثقات، وأخرج أبو دواد طرفًا منه 2667، وعمرو بن عثمان لم يوثقه الا بن حبان فلذلك قال الحافظ مقبول.

 

لو كان رسول الإله الخرافي حقًّا لما كان خشي من سلاح الكلمة والتعبير بهذه الصورة، لدرجة قتل نساء وفتيات لمجرد غنائهن الشعر ضده، وحشية وهمجية إسلامية متجذرة في أساس دينهم، فهم لا يقبلون بأي انتقاد أو تعبير ضد أوهامهم وخرافاتهم وإرهابهم وتشريعاتهم الشاذة، لهذا يشعلون الكوكب حرائق وعنف لمجرد رسم كاريكاتير قد يتخذه أهل أديان أخرى صاروا اليوم أكثر تحضرًا كاليهود ومسيحيي الغرب كدعابة موفقة بروح رياضية. إن قتل إنسان لأنه عبر عن رأيه وفكره ومحاسبة الكلمة والفكر هو جريمة همجية وتعصبية بحق الإنسانية وحرية التعبير وحقوق البشر. من حق الإنسان ألا يُقتل ما دام لم يَقتل إنسانًا آخر، أول حقوق الإنسان هي حق الحياة ولا يجوز هدره لأسباب متخلفة كهذه.

 

أما قصة عبد الله بن أبي السرح، فوقع في تفسير الطبري:

 

القول في تأويل قوله : {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنزلُ مِثْلَ مَا أَنزلَ اللَّهُ...} سورة الأنعام: 93

 
...إلخ


وهذا تسفيهٌ من الله لمشركي العرب، وتجهيلٌ منه لهم، في معارضة عبد الله بن سعد بن أبي سرح، والحنفيِّ مسيلمة، لنبي الله صلى الله عليه وسلم، بدعوى أحدهما النبوّة، ودعوى الآخر أنه قد جاء بمثل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفْيٌ منه عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم اختلاقَ الكذب عليه ودعوى الباطل.

* * *
وقد اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا فيه

 ذكر من قال ذلك :

13555 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قوله : " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوح إليه شيء "، قال : نزلت في مسيلمة أخي بني عدي بن حنيفة، فيما كان يسجع ويتكهن به " ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله "، نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أخي بني عامر بن لؤي، كان كتب للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان فيما يملي " عزيز حكيم "، فيكتب " غفور رحيم "، فيغيره، ثم يقرأ عليه " كذا وكذا "، لما حوَّل، فيقول : " نعم، سواءٌ " . فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم : لقد كان ينزل عليه " عزيز حكيم " فأحوِّله، ثم أقرأ ما كتبت، فيقول : " نعم سواء " ! ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة، إذ نزل النبي صلى الله عليه وسلم بمرّ

* * *
وقال بعضهم : بل نزل ذلك في عبد الله بن سعد خاصة.

* ذكر من قال ذلك :


13556 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط، عن السدي : " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوحَ إليه شيء " إلى قوله : " تجزون عذاب الهون " . قال : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أسلم، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه : " سميعًا عليمًا "، كتب هو : " عليمًا حكيمًا "، وإذا قال : " عليمًا حكيمًا " كتب : " سميعًا عليمًا "، فشكّ وكفر، وقال : إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحي إليّ، وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله ! قال محمد : " سميعًا عليمًا " فقلت أنا : " عليمًا حكيمًا " ! فلحق بالمشركين، ووشى بعمار وجبير عند ابن الحضرمي، أو لبني عبد الدار. فأخذوهم فعُذِّبوا حتى كفروا، وجُدِعت أذن عمار يومئذ.

 

وفي مقدمة تفسير الطبري/عنوان في بيان اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب يقول:

 

57- حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: حدثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب: أن الذي ذكر الله تعالى ذكره [أنه قال] {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [سورة النحل:103] إنما افتُتِن أنه كان يكتب الوحيَ، فكان يملي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سميعٌ عليمٌ، أو عزيزٌ حكيمٌ، أو غير ذلك من خواتم الآي، ثم يشتغل عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عَلى الوحي، فيستفهمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيقول: أعزيز حكيمٌ، أو سميعٌ عليم أو عزيز عليم؟ فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ ذلك كتبت فهو كذلك. ففتنه ذلك، فقال: إن محمدًا وكَلَ ذلك إليّ، فأكتبُ ما شئتُ. وهو الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة.

 

هذا رجل اقترب كثيرًا من محمد حتى وصل لمنصب ومسؤولية كتابة وحيه المزعوم، فوجد أنه يمكنه أن يعدّل على كلامه ويكتب شيئًا شبيهًا به ومحمد باستهتار لا يبالي، وقربه من محمد كشف له حقيقة كذبه، فقد وجد نفسه يكتب قرآنًا بكلماته! يكتب كإله لو استعملنا أسلوبًا ساخرًا لوصف الأمر، فترك ديانة الإسلام ووهمها، وهو لم يسلم بعد ذلك إلا بالإكراه وحماية لحياته ثم انضم كسائر عرب الجزيرة للفتوحات وسفك الدم لاحقًا. ونسأل لو كان هذا نبيًّا ورسولًا وما يقوله وحي أفلم يكن الله الخرافي المزعوم كفيلًا بألا يسمح بأن يتولى شخص كهذا بهذا الذكاء والتلاعب والقدرة على كشف الأكذوبة مسؤولية كهذه، ألم يكن قادرًا على حماية تصريحاته ونصوصه المقدّسة، وهذا ما هاج محمد أكثر شيء على قتله غضبًا منه لأنه افتضح أمره ومحمد كان  لا يترك من يعارضه أو يفسد خططه حيًّا أبدًا.

 

وتوجد قصة ملفقة مشوهة مختلقة وأسطورية هي تحوير لقصة سعد بن أبي سرح، فروى البخاري:

 

3617 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ

 

وروى أحمد:

 

12215 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ كَانَ قَرَأَ: الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ: الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، جَدَّ فِينَا - يَعْنِي عَظُمَ -، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُمْلِي عَلَيْهِ غَفُورًا رَحِيمًا، فَيَكْتُبُ عَلِيمًا حَكِيمًا، فَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اكْتُبْ كَذَا وَكَذَا، اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ " وَيُمْلِي عَلَيْهِ عَلِيمًا حَكِيمًا، فَيَقُولُ: أَكْتُبُ سَمِيعًا بَصِيرًا ؟ فَيَقُولُ: " اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ " . فَارْتَدَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ، وَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِمُحَمَّدٍ إِنْ كُنْتُ لَأَكْتُبُ كَيْفَمَا شِئْتُ، فَمَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَقْبَلْهُ " وقَالَ أَنَسٌ: فَحَدَّثَنِي أَبُو طَلْحَةَ: " أَنَّهُ أَتَى الْأَرْضَ الَّتِي مَاتَ فِيهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَوَجَدَهُ مَنْبُوذًا، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: مَا شَأْنُ هَذَا الرَّجُلِ ؟ قَالُوا: قَدْ دَفَنَّاهُ مِرَارًا فَلَمْ تَقْبَلْهُ الْأَرْضُ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه البيهقي في "إثبات عذاب القبر" (54) ، والبغوي (3725) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3212) من طريق يحيي بن أيوب المصري، وابن حبان (744) من طريق معتمر بن سليمان، كلاهما عن حميد، به.

وأخرجه البخاري (3617) ، وأبو يعلى (3919) من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.

وسيأتي الحديث برقم (12216) من طريق حميد، ومن طريق ثابت برقم (13324) .

 

13324 - حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ " . قَالَ: " فَرَفَعُوهُ، وَقَالُوا: " هَذَا كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ، وَأُعْجِبُوا بِهِ، فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ، فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا"

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان- وهو ابن المغيرة- فمن رجال مسلم، وروى له البخاري مقروناً وتعليقاً.

وأخرجه عبد بن حميد (1278) ، ومسلم (2781) ، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (53) من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الاسناد.

وأخرجه عبد بن حميد (1280) عن سلم بن قتيبة، وأبو عوانة في المنافقين كما في "إتحاف المهرة" 1/526 من طريق موسى بن إسماعيل، كلاهما عن سليمان بن المغيرة، به.

وسيأتي بنحوه برقم (13573) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت.

وانظر ما سلف برقم (12215)

 

هذه قصة ملفقة، أو لو صح وجود شخص آخر يثربي من بني النجار غير ابن أبي سرح وهو قرشي مكي فعل نفس الفعلة مع محمد ثم فر، فهي فضيحة مزدوجة لتناقض القرآن ومرونة وعدم دقة النص الأساسي له. والقصة غرضها عامة تلفيق مصير خرافي لمن أثبت تناقض وبشرية قرآن محمد.

 

ومع وجود قراآت وروايات مختلفة حوالي عشر قراآت رسمية، هذا غير القراآت التي حرقها عثمان بنسخ قرآنية مختلفة ولا يزال لدينا الكثير منها في كتب القراآت والتفاسير وغيرها، فكيف يمكن ألا يختلفوا؟! ومن غير المعلوم هل كان محمد يقرأ بالمعنى ويغير من نصوصه بإساءة حفظ ومرونة نصية أم أن الأحاديث كهذه ملفقة لتبرير الاختلافات في الروايات للقرآن؟! لكن الشيء المؤكد في رأيي هو أن الأحاديث عن القراآت المنزلة والسبع قراآت كلها أحاديث ملفقة للتبرير وهو تبرير واهن فالاختلاف حادث ولا عصمة للقرآن لاختلاف ألفاظ ومعاني تلك القراآت.

 

خرافة نسبة سبع قراآت بعينها وعددها إلى محمد

 

مع أن القراآت الرسمية ليست سبعة! بل أربعة عشر، روايتان لكل راوٍ من السبعة المختارين كمحاولة للتوفيق مع الرقم المزعوم، وهناك قراآت ثلاثة أخرى تعرف بالشواذ وكل واحدة لها روايتان أو ثلاث!

 

روى أحمد:

 

158 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ ، فَقَرَأَ فِيهَا حُرُوفًا لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللهِ أَقْرَأَنِيهَا ، قَالَ : فَأَرَدْتُ أَنْ أُسَاوِرَهُ (1) وأنا فِي الصَّلاةِ ، فَلَمَّا فَرَغَ ، قُلْتُ : مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ ؟ قَالَ : رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : كَذَبْتَ ، وَاللهِ مَا هَكَذَا أَقْرَأَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ أَقُودُهُ ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّكَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ ، وَإِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ فِيهَا حُرُوفًا لَمْ تَكُنْ أَقْرَأْتَنِيهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اقْرَأْ يَا هِشَامُ " فَقَرَأَ كَمَا كَانَ قَرَأَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَكَذَا أُنْزِلَتْ " ، ثُمَّ قَالَ : " اقْرَأْ يَا عُمَرُ " فَقَرَأْتُ ، فَقَالَ : " هَكَذَا أُنْزِلَتْ " ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْقُرْآنَ أنَزَلَ (2) عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ " (3) .

 

(1) أي أواثبه وأقاتله .

(2) في (م) و (ق) : نزل .

(3) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه النسائي 2 / 150 من طريق عبد الأعلى ، بهذا الإسناد . وسيأتي برقم (277) .

 

وروى البخاري:

 

2419 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَنِيهَا وَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا فَقَالَ لِي أَرْسِلْهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ اقْرَأْ فَقَرَأَ قَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ لِي اقْرَأْ فَقَرَأْتُ فَقَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ

 

5041 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَبْتُهُ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ كَذَبْتَ فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُودُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا وَإِنَّكَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ فَقَالَ يَا هِشَامُ اقْرَأْهَا فَقَرَأَهَا الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ يَا عُمَرُ فَقَرَأْتُهَا الَّتِي أَقْرَأَنِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ

 

3219 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ

 

ومما روى مسلم:

 

[ 820 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن جده عن أبي بن كعب قال كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقا فقال لي يا أبي أرسل إلي أن اقرإ القرآن على حرف فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثانية اقرأه على حرفين فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثالثة اقرأه على سبعة أحرف فلك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها فقلت اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم

 

[ 821 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة ح وحدثناه بن المثنى وابن بشار قال بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار قال فأتاه جبريل عليه السلام فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف فقال أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم أتاه الثانية فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين فقال أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم جاءه الثالثة فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف فقال أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم جاءه الرابعة فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا  

 

وروى أحمد:

 

7989 - حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو حازم: هو سلمة بن دينار.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8093) ، وأبو يعلى (6016) ، والطبري 1/11، وابن حبان (74) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 11/26 من طريق أنس بن عياض، بهذا الإسناد.

وسيأتي الشطر الأول منه برقم (8390) و (9678) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، به - وزاد فيه "عليماً حكيماً، غفوراً رحيماً".

وأما قوله: "المراء في القرآن كفر"، فقد سلف برقم (7508) .

وللشطر الأول شاهد عن عمر بن الخطاب، سلف برقم (158) .

وعن ابن عباس، سلف برقم (2375) .

وعن أبي جهم وعمرو بن العاص وسمرة بن جندب وأبي بن كعب وحذيفة وأم أيوب، وستأتي أحاديثهم في "المسند" على التوالي 4/169-170 و204 و5/16 و114 و385 و6/433.

وفي القراءة بالأحرف السبعة يرى الإِمامان الطحاوي والطبري وغيرهما من أهل العلم أن القراءة بها كانت في أول الأمر خاصة للضرورة، لاختلاف لغات العرب ومشقة أخذ جميع الطوائف بلغة، فلما كَثُر الناس والكُتَّاب وارتفعت الضرورة، كانت قراءة واحدة. انظر "شرح مشكل الآثار" للطحاوي 8/108-137، و"جامع البيان " للطبري 1/8-34، و"التمهيد" لابن عبد البر 8/290-294

 

8390 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، عَلِيمًا، حَكِيمًا، غَفُورًا، رَحِيمًا "

 

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- فقد روى له البخاري مقروناً، ومسلم متابعةً، وهو صدوق حسن الحديث.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 1/11-12 و12 من طريق أسباط بن محمد وعبدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو، بهذا الِإسناد.

وأخرجه الطبري 1/19، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/288، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3101) من طريق محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة. ولفظه عند الطبري وابن عبد البر: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكرَ رحمةٍ بعذاب، ولا ذكرَ  عذابٍ برحمة"، ولفظه عند الطحاوي: "... فاقرؤوا ولا حرج، غير أن لا تجمعوا بين ذكرِ رحمةٍ بعذاب، ولا ذكر عذابٍ برحمة".

وسيأتي من طريق ابن نمير، عن محمد بن عمرو برقم (9678) . وانظر ما سلف برقم (7989) .

قوله: "عليماً حكيماً، غفوراً رحيماً"، أي: كان من الجائز أن يقول في موضع "عليماً حكيماً": "غفوراً رحيماً"، وبالعكس، والله تعالى أعلم. قاله السندي.

 

9678 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ: عَلِيمٌ حَكِيمٌ، غَفُورٌ رَحِيمٌ

 

17542 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، أَخْبَرَنِي بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جُهَيْمٍ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ هَذَا: تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الْآخَرُ: تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَسَأَلَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " الْقُرْآنُ يُقْرَأُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَلَا تُمَارُوا فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ مِرَاءً فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو سلمة الخزاعي: هو منصور ابن سلمة.

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 1/19 من طريق عبد الله بن وهب، عن سليمان بن بلال، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص337 و354 عن إسماعيل بن جعفر، عن يزيد بن خصيفة، به.

ولقصة الرجلين شاهد من حديث عمر بن الخطاب، سلف برقم (158) .

ويشهد للمرفوع منه غير ما حديث، انظرها عند حديثي أبي هريرة السالفين برقم (7508) و (7989) .

 

17819 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ يَعْنِي الْمَخْرَمِيَّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْقُرْآنُ نَزَلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ، عَلَى أَيِّ حَرْفٍ قَرَأْتُمْ، فَقَدْ أَصَبْتُمْ، فَلَا تَتَمَارَوْا فِيهِ، فَإِنَّ الْمِرَاءَ فِيهِ كُفْرٌ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2266) من طريق ابن أبي الوزير، عن عبد الله بن جعفر المخرمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن، ص337-338 عن عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن بسر بن سعيد، به. وزاد في أوله: أن رجلاً قرأ آية من القرآن، فقال له عمرو بن العاص: إنما هي كذا وكذا بغير ما قرأ الرجل، فقال الرجل: هكذا اقرأنيها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فخرجا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أتياه، فذكرا ذلك له، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن هذا القرآن...، وذكره. وعبد الله بن صالح سيئ الحفظ، وقد زاد في إسناده محمد بن إبراهيم التيمي بين يزيد بن عبد الله وبين بسر بن سعيد، وسيأتي عند المصنف برقم (17821) من طريق أبي سلمة الخزاعي بدونها وهو ثقه.

وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (7989) ، وانظر تتمة شواهده هناك.

ويشهد لقوله: "فإن المراء فيه كفر" فقط حديث أبي هريرة أيضاً السالف برقم (7508) ، وإسناده صحيح، وانظر تتمة شواهده هناك.

 

17821 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: مَنْ أَقْرَأَكَهَا ؟ قَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَيْرِ هَذَا، فَذَهَبَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللهِ آيَةُ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ قَرَأَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَكَذَا أُنْزِلَتْ " فَقَالَ الْآخَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَقَرَأَهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَلَيْسَ هَكَذَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " هَكَذَا أُنْزِلَتْ " فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ، فَأَيَّ ذَلِكَ قَرَأْتُمْ فَقَدْ أَصَبْتُمْ (2) ، وَلَا تَمَارَوْا فِيهِ، فَإِنَّ الْمِرَاءَ فِيهِ كُفْرٌ " أَوْ " آيَةُ الْكُفْرِ " (3)

 

(2) في (م) وبعض النسخ: فقد أحسنتم. والمثبت من (ظ 13) وغيرها.

(3) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن جعفر المخرمي، فمن رجال مسلم، وصورة هذا الحديث صورة المرسل، لكن قد ثبت في رواية أبي سعيد مولى بني هاشم وكذا في رواية الليث أنه رواه عن عمرو بن العاص، انظر الحديث (17819) .

ويشهد له بطوله حديث عمر بن الخطاب السالف برقم (158) و (277) ، وهو في "الصحيحين".

 

21171 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَقُمْنَا جَمِيعًا، فَدَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ هَذَا، فَقَرَأَ قِرَاءَةً غَيْرَ قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَآ " فَقَرَآ، قَالَ: "أَصَبْتُمَا " فَلَمَّا قَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَالَ، كَبُرَ عَلَيَّ، وَلَا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَى الَّذِي غَشِيَنِي، ضَرَبَ فِي صَدْرِي، فَفِضْتُ عَرَقًا، وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللهِ فَرَقًا، فَقَالَ: "يَا أُبَيُّ إِنَّ رَبِّي أَرْسَلَ إِلَيَّ: أَنْ اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ: أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ: أَنْ اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْنِ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ: أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ: أَنْ اقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، وَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ مَسْأَلَةٌ تَسْأَلُنِيهَا " قَالَ: "قُلْتُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي، اللهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي، وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ إِلَيَّ فِيهِ الْخَلْقُ، حَتَّى إِبْرَاهِيمَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله بن عيسى: هو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري.

وأخرجه أبو عوانة (3844) من طريقين عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/516، ومسلم (820) ، والطبري في مقدمة "تفسيره" 1/16 و16-17 و30، وأبو عوانة (3844) ، وابن حبان (740) ، والبيهقي 2/383-384، والبغوي (1227) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به. ورواية ابن أبي شيبة والطبري في الموضع الأخير مختصرة، وزاد فيها الطبري بعد قوله: سبعة أحرف: من سبعة أبواب من الجنة.

وأخرجه بنحوه الطبري 1/16-17 و17 و17-18، وأبو نعيم في "الحلية" 1/252 من طرق عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به. ورواية أبي نعيم مختصرة بلفظ: انطلقت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فضرب بيده صدري، ثم قال: "أعيذك بالله من الشك والتكذيب" قال: ففضت عرقاً، وكأني أنظر إلى ربي فرقاً.

وأخرجه بنحوه مرسلاً الطبري 1/18 من طريق سيار أبي الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، رفعه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وسيأتي الحديث بالأرقام (21172) و (21175) و (21176) و (21177) و (21179) .

وانظر ما سلف برقم (21091) .

 

21092 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً، وَأَقْرَأَهَا آخَرَ غَيْرَ قِرَاءَةِ أُبَيٍّ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَهَا؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: وَاللهِ لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا كَذَا وَكَذَا، قَالَ أُبَيٌّ: فَمَا تَخَلَّجَ فِي نَفْسِي مِنَ الْإِسْلَامِ مَا تَخَلَّجَ يَوْمَئِذٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَمْ تُقْرِئْنِي آيَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: "بَلَى " قَالَ: فَإِنَّ هَذَا يَدَّعِي أَنَّكَ أَقْرَأْتَهُ كَذَا وَكَذَا، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، فَذَهَبَ ذَاكَ، فَمَا وَجَدْتُ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَقَالَ مِيكَائِيلُ: اسْتَزِدْهُ، قَالَ: اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْنِ، قَالَ: اسْتَزِدْهُ، حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ، قَالَ: كُلٌّ شَافٍ كَافٍ ".

 

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه بنحوه النسائي 2/153، والطبراني في "الأوسط" (1048) من طريق ابن عباس، عن أُبيِّ بن كعب. وليس فيه قصة إتيان الملكين، وفيه: "سورة" بدل: "آية".

وأخرجه بنحوه أيضاً عبد الرزاق (20371) عن معمر، عن قتادة، قال: قال لي أُبيٌّ، فذكره. وزاد في آخره: "ما لم تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، فإذا كانت"عزيز حكيم" فقلت: "سميع عليم" فإن الله سميع عليم" وليس فيه قصة إتيان الملكين.

وقوله: "عن قتادة، قال: قال لي أُبيٌّ" هكذا وقع في المطبوع من مصنف عبد الرزاق، وهو خطأ بلا ريب، فإن قتادة لم يدرك أُبيَّ بن كعب، فقتادة مولده سنة ستين، وأُبيٌّ وفاته سنة اثنتين وثلاثين على أبعد تقدير. وانظر ما قبله.

وقوله: "تَخَلَّجَ في نفسي"، أي: تَحَرَّكَ فيها شيء من الرِّيبة والشَّكِّ، وأصل الاختلاج : الحركة والاضطراب.

وانظر ما قبله وبعده من أحاديث، وسيأتي الحديث أيضاً مطولاً ومختصراً من طريق أنس بن مالك (21093) ، ومن طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى (21171) ، ومن طريق زِرِّ بن حُبَيشٍ (21204) ، ومن طريق سليمان بن صُرَد (21149) ، أربعتهم عن أُبيِّ ابن كعب.

وفي الباب عن أبي هريرة سلف برقم (7989) ، وانظر تتمة شواهده والكلام على معناه هناك.

 

21149 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَرَأْتُ آيَةً، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ خِلَافَهَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: أَلَمْ تُقْرِئْنِي آيَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: "بَلَى " فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَلَمْ تُقْرِئْنِيهَا كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: "بَلَى، كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ مُجْمِلٌ " قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَضَرَبَ صَدْرِي، فَقَالَ: "يَا أُبَيُّ بْنَ كَعْبٍ، إِنِّي أُقْرِئْتُ الْقُرْآنَ، فَقُلْتُ: عَلَى حَرْفَيْنِ، فَقَالَ: عَلَى حَرْفَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ؟ فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي: عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَقُلْتُ: عَلَى ثَلَاثَةٍ، حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ، لَيْسَ مِنْهَا إِلَّا شَافٍ كَافٍ، إِنْ قُلْتَ: غَفُورًا رَحِيمًا، أَوْ قُلْتَ: سَمِيعًا عَلِيمًا، أَوْ عَلِيمًا سَمِيعًا فَاللهُ كَذَلِكَ، مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ، أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. همام: هو ابن يحيى العَوْذي، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدُوسي البصري.

وأخرجه الضياء في "المختارة" (1173) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (1477) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3112) ، والبيهقي 2/384 من طرق عن همام بن يحيى، به. ورواية أبي داود أخصر مما هنا.

وسيأتي الحديث بالأرقام (21150) و (21151) و (21152) و (21153) . وانظر ما سلف برقم (21091) .

 

خرافة نسبة القراآت مختلفة الألفاظ والضمائر والتنقيط والتشكيل إلى محمد أو الله الخرافي نفسه لا تبرر ولا تنفي رغم ذلك حقيقة تناقض واختلافات القراآت كنسخ متعددة للقرآن فالنص غير موحَّد في الأصل. فخرافة وحدة النص وحفظه غير حقيقية في الواقع.

 

ولفترة بعد موت محمد رغم قمع عثمان وسعيه لتوحيد النص، توجد أدلة على استمرار تقليد المرونة والتعدد، فقرأ أنس بن مالك من صحابة محمد: وأصوب، بدلا من: وأقوم، وهذا من باب اتباع التقليد المحمدّي الأقدم الخاصّ بمرونة النص القرآنيّ في البداية والقراءة بالمعنى، وروى أبو يعلي الموصليّ في مسنده:

 

4022 - حدثنا إبراهيم حدثنا أبو أسامة حدثنا الأعمش أن أنس بن مالك قرأ هذه الآية {إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا} فقال له رجل: إنما نقرؤها {وأقوم قيلا} [ المزمل : 6 ] فقال : إن أقوم وأصوب وأهيأ وأشباه هذا واحد

 

سنورد بعد هذا المبحث صفحات من الكتاب القيِّم الثمين لثيودور نولدكه العلّامة الألماني وتلاميذه (تاريخ القرآن) عن هذا الموضوع وأن القراءة بالقراآت الخاصة بالصحابة وبالمعنى والقراآت الشاذة انتهت بمحاكمة آخر من مارسها وهو ابن شنبوذ عقب التحريض ضده من أصحاب منهج توحيد القراءة على مصحف عثمان.

 

جمع لجنة تحت إشراف أبي بكر وعمر للقرآن وهو الجمع الأول

 

2- ثم بعد موته وربما نتاجًا لذلك ولاختلاف حفظ البشر اختلف أصحابه على قراءة وحفظ القرآن، ومن أشهر النسخ المختلفة نسخة عبد الله بن مسعود ونسخة أبي بن كعب ونسخة أبي موسى الأشعري، وتوجد قراآت منسوبة لعمر بن الخطاب نفسه الذي يزعمون أن له دورًا أساسيًّا في كتابة مصحف عثمان الذي بين أيدينا وحفصة وعائشة زوجتي محمد بل وينسب لمحمد نفسه قراآت مختلفة عن المصحف الحالي، أدناه بعض الأمثلة من كتب الحديث، ويمكن للقارئ العودة لكتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني للاستزادة، والعودة لقائمة المراجع للاستزادة بآخر المبحث. الأمثلة سنورد بعضها في هذا الباب. ورغم جمع لجنة أبي بكر للقرآن فقد ظل الخلاف على النص قائمًا ربما لعدم العمل على تعميم النسخة كنسخة رسمية قانونية وحذف وتحريم ما سواها، وهو ما سيقوم به عثمان لاحقًا.

 

وروى أبو عبيد في فضائل القرآن والسجستاني في كتاب المصاحف، واللفظ للأول: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ الضَّالِّينَ)

 

وفي كتاب المصاحف:

 

حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، وَسَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقْرَأُ «فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ يَا فُلَانُ مَا سَلَكَكَ فِي سَقَرَ» قَالَ عَمْرٌو: فَأَخْبَرَنِي لَقِيطٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَذْكُرُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ

 

وروى أحمد:

 

21111 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ يَسْأَلُهُ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَنْظُرُ إِلَى رَأْسِهِ مَرَّةً، وَإِلَى رِجْلَيْهِ أُخْرَى، هَلْ يَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْبُؤْسِ شَيْئًا؟ ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ: كَمْ مَالُكَ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ مِنَ الْإِبِلِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُلْتُ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ: "لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ ذَهَبً لَابْتَغَى الثَّالِثَ، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ " فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذَا؟ فَقُلْتُ: هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا أُبَيٌّ، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا إِلَيْهِ. قَالَ: فَجَاءَ إِلَى أُبَيٍّ، فَقَالَ: مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ أُبَيٌّ: هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: أَفَأُثْبِتُهَا، قَالَ: نَعَمْ فَأَثْبَتَهَا.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن الأصمِّ -واسم الأصم: عمرو بن عبيد البَكَّائي- فمن رجال مسلم. وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (1209) من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه محمد بن حفص الدُّوري في زياداته على كتاب أبيه "قراءات النبي" (59) عن عبد الله بن محمد، عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، به. وأخرجه أبو عوانة في الزكاة كما في "إتحاف المهرة" 1/229-230 من طريق يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني، عن أبي إسحاق الشيباني، به.

 

معنى هذا أن عثمان لم يأخذ بشي من جمع عمر للقرآن، وبدأ العمل من جديد لسببٍ ما ارتآه، ولا توجد هذه النصوص في مصحف القرآن المعروف اليوم. في حين يقول الراوي هنا أن عمر أثبتها وأضافها لنسخة مصحفه وجمعه وتنقيحه للقرآن.

 

بعض الروايات ذكرت جمعًا أول قام به أبو بكر، مع أن عثمان قام بالجمع من جديد، ربما هي سنة وعادة حكام العرب في مسح وهدم كل ما قام به من قبلهم، وروى البخاري:

 

7425 - حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ } حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ بِهَذَا وَقَالَ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ

 

4679 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْيَ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى عُمَرُ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلَا نَتَّهِمُكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَتَبَّعْ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلَانِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } إِلَى آخِرِهِمَا وَكَانَتْ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَاللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَقَالَ مُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ وَتَابَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ مَعَ خُزَيْمَةَ أَوْ أَبِي خُزَيْمَةَ

 

4987 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ { مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ

 

4784 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ { مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ }

المسند (5/188) رقم 21640 و21643 و21652، وسنن الترمذي برقم (3104) والنسائي في السنن الكبرى برقم (11401)

 

هذا جمع مخالف لأمر عمر بأن يكون على كل آية شاهدان على الأقل بصحتها عن محمد (كما روي في الإتقان في علوم القرآن للسيوطي)، لكن لم يستطيعوا ترك هذا النص، ولذلك زعموا أن راوي هذه النصوص بالذات هو نفسه من جعل محمد شهادته بمحل شهادة رجلين (راجع باب محمد أول من انتهك وخالف الشريعة التي وضعها). وقالت رواية عن عمر في الإتقان وفي مسند أحمد 1715 وستأتي أنه قال عن هاتين الآيتين أنهما لو كانا ثلاث لجعلهن سورة منفصلة عن سورة التوبة حسب رواية، فهناك تناقض بين الروايات وتحديد الآيات التي انفرد بروايتها خزيمة وأين تم وضعها بأي سورة.

 

وروى أحمد:

 

57 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ : أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا زَيْدُ بْنَ ثَابِتٍ ، إنْك غُلامٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ.

 

إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي كامل - وهو مظفر بن مدرك - فقد روى له الترمذي والنسائي وهو ثقة . إبراهيم بن سعد : هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري .

وأخرجه الطيالسي (3) ، والبخاري (4986) و (7191) و (7425) ، والترمذي (3103) والبزار (31) ، والمروزي (45) ، والنسائي في " الكبرى " (7995) و (8288) ، وأبو يعلى (63) و (64) و (65) و (91) ، وابن أبي داود في " المصاحف " 12 و13 و14 ، وابن حبان (4506) من طرق عن إبراهيم بن سعد ، بهذا الإسناد .

وأخرجه البخاري (4679) و (4989) ، والمروزي (46) ، وأبو يعلى (71) ، وابن أبي داود ص 14، وابن حبان (4507) من طرق عن ابن شهاب الزهري ، به . وانظر الحديث (76) .

 

76 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ ، فَإِذَا عُمَرُ عِنْدَهُ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي ، فَقَالَ : إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ بِأَهْلِ الْيَمَامَةِ مِنْ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ لَا يُوعَى ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ ، فَقُلْتُ لِعُمَرَ : وَكَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللهُ بِذَلِكَ صَدْرِي ، وَرَأَيْتُ فِيهِ الَّذِي رَأَى عُمَرُ ، قَالَ زَيْدٌ : وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ .

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّكَ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاجْمَعْهُ . قَالَ زَيْدٌ : فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ ، فَقُلْتُ : كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . عثمان بن عمر : هو ابن فارس العبدي ، ويونس : هو ابن يزيد الأيلي ، وابن السبَّاق : هو عبيد . وقد تقدم الحديث برقم (57) .

 

نسخة عثمان الموحدة وحرق عثمان لباقي النسخ الخاصة بالصحابة الآخرين المختلفة

 

3- ثم على إثر إحساس عثمان بخطورة ذلك عندما نبهه أبو حذيفة اليماني، قام بجمع وإعدام كل مصاحف الصحابة الأخرى بإحراقها وتتبعها بقوة الدولة، وجمع المسلمين على مصحف واحد، لكن يظل لدينا الكثير من الروايات عن اختلافات القراآت والترتيب في هذه المصاحف من خلال كتب التفسير والأحاديث والقراآت، خاصة أن بعض القراآت المحذوفة لا غنى عنه في فهم وتفسير بعض الآيات، والعمل ببعض الأحكام الإسلامية، وإنه لغير مفهوم ألم يكن مصحف لجنة تكليف أبي بكر وعمر كفيلًا بتوحيد القراءة أم أنه كان دون المستوى أو أن عمر لم يجتهد في تعميمه كنسخة رسمية أم لم تقم اللجنة بعملية جمع وافية كاملة للقرآن فيه أم أن قصة جمع لجنة أبي بكر هذه لم تحدث أصلًا؟!:

 

يروي البخاري:

 

4987 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ {مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ

 

وقال أبي عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن:

 

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ حَفْصَةَ  قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، كَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ، فَأَفْزَعُهُ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ كَمَا اخْتَلَفَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ «أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا عَلَيْكِ» . فَأَرْسَلَتْ حَفْصَةُ بِالصُّحُفِ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَإِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: «مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ أَنْتُمْ وَزَيْدٌ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ» . قَالَ: فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، بَعَثَ عُثْمَانُ فِي كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِنْ تِلْكَ الْمَصَاحِفِ الَّتِي نَسَخُوهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ، كُلُّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ تُخْرَقَ أَوْ تُحْرَقَ

 

وليس عندي شك أن نسخة أبي بكر كانت مختلفة عن نسخة عثمان ولجنته! ولذلك أحرق مصحف حفصة. وهناك رواية أخرى أنه تم إعدامه بزمن مروان الأمويّ:

 

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ». حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي الْيَمَانِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ زَيْدٍ، وَمَثَلَ حَدِيثِهِ عَنْ أَنَسٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا سِوَى ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ: فَلَمَّا كَانَ مَرْوَانُ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ أَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ يَسْأَلُهَا الصُّحُفَ لِيُمَزِّقَهَا، وَخَشِيَ أَنْ يُخَالِفَ الْكِتَابُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَمَنَعْتُهُ إِيَّاهَا. قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَحَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ أَرْسَلَ مَرْوَانُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَاعَةَ رَجَعُوا مِنْ جَنَازَةِ حَفْصَةَ بِعَزِيمَةٍ لَيُرْسِلَنَّهَا، فَأَرْسَلَ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى مَرْوَانَ فَمَزَّقَهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ خِلَافٌ لِمَا نَسْخَ عُثْمَانُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَمْ يُسْمَعْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ مَرْوَانَ هُوَ الَّذِي مَزَّقَ الصُّحُفَ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ

 

جمع لجنة عثمان وتقيحها للقرآن وإعدام روايات الصحابة المختلفة

 

وذكر ابن أبي داوود في كتاب المصاحف:

 

حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمُحَيَّاةِ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ: " دَفَنَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ السَّعْدِيُّ مِنْ وَلَدِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، رَوَى عَنْهُ الْمِنْجَابُ كِتَابَ الْمُبْتَدَأِ عَنْ زِيَادٍ وَهُوَ لَا بَأْسَ بِهِ

 

هناك أخبار أنه أحرقها فقط، لكن لو كانت هناك نسخ دفنها عثمان، فربما كان هناك بعض الأمل في العثور على قصاصات سليمة منها إن كانت لا تزال موجودة لم يخرجها أحد ويهلكها أو لم يبلها الماء والحشرات.

 

ومن الأدلة على اختلافه ما رواه أبو عبيد في فضائل القرآن والسجستاني في كتاب المصاحف، واللفظ للأول: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ الضَّالِّينَ)

 

وروى أحمد بن حنبل في مسنده:

 

21111 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ يَسْأَلُهُ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَنْظُرُ إِلَى رَأْسِهِ مَرَّةً، وَإِلَى رِجْلَيْهِ أُخْرَى، هَلْ يَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْبُؤْسِ شَيْئًا؟ ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ: كَمْ مَالُكَ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ مِنَ الْإِبِلِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُلْتُ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ: "لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ ذَهَبً لَابْتَغَى الثَّالِثَ، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ " فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذَا؟ فَقُلْتُ: هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا أُبَيٌّ، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا إِلَيْهِ. قَالَ: فَجَاءَ إِلَى أُبَيٍّ، فَقَالَ: مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ أُبَيٌّ: هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: أَفَأُثْبِتُهَا، قَالَ: نَعَمْ فَأَثْبَتَهَا.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن الأصمِّ -واسم الأصم: عمرو بن عبيد البَكَّائي- فمن رجال مسلم. وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (1209) من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه محمد بن حفص الدُّوري في زياداته على كتاب أبيه "قراءات النبي" (59) عن عبد الله بن محمد، عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، به. وأخرجه أبو عوانة في الزكاة كما في "إتحاف المهرة" 1/229-230 من طريق يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني، عن أبي إسحاق الشيباني، به.

 

معنى هذا أن عثمان لم يأخذ بشي من جمع عمر للقرآن، وبدأ العمل من جديد لسببٍ ما ارتآه، ولا توجد هذه النصوص في مصحف القرآن المعروف اليوم. في حين يقول الراوي هنا أن عمر أثبتها وأضافها لنسخة مصحفه وجمعه وتنقيحه للقرآن.

 

وأكثر رجل قاوم إبادة نسخة مصحفه هو ابن مسعود، وقد انتقد وهاجم زيد بن ثابت، فروى أحمد:

 

3906 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: " لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً " وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ غُلَامٌ لَهُ ذُؤَابَتَانِ ، يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عفان: هو ابن مسلم الصفار، وعبد الواحد: هو ابن زياد العبدي.

وأخرجه البخاري (5000) ، ومسلم (2462) (114) ، والنسائي في "المجتبى" 8/134، والفسوي في "المعرفة والتاريخ " 2/537، وابن أبي داود في "المصاحف " ص 15 و16، والطبراني في "الكبير" (8448) من طرق عن الأعمش، بهذا الِإسناد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/134 من طريق الحسن بن إسماعيل، وابن حبان (7064) ، والطبراني في "الكبير" (8437) من طريق إسحاق بن راهويه، كلاهما عن عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن هُبيرة بن يريم، عن عبد الله. وهذا إسناد حسن من أجل هبيرة.

وانظر (3599) و (3846) و (3929) .

 

وروى مسلم عن هذه المسألة وغيرها: 

 

 [ 2462 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عبدة بن سليمان حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله انه قال {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} ثم قال على قراءة من تأمروني أن أقرأ، فلقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة ولقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أعلمهم بكتاب الله ولو أعلم أن أحدا أعلم مني لرحلت إليه. قال شقيق فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه ولا يعيبه

 

رواه البخاري 5000

 

[ 2463 ] حدثنا أبو كريب حدثنا يحيى بن آدم حدثنا قطبة عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله قال والذي لا إله غيره ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت وما من آية إلا أنا أعلم فيما أنزلت ولو أعلم أحدا هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه

 

 [ 2464 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن شقيق عن مسروق قال كنا نأتي عبد الله بن عمرو فنتحدث إليه وقال بن نمير عنده فذكرنا يوما عبد الله بن مسعود فقال لقد ذكرتم رجلا لا أزال أحبه بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خذوا القرآن من أربعة من بن أم عبد فبدأ به ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة

 

رواه أحمد 6795 و6786 و6767 و6523 والبخاري 3760  والنسائي الكبرى 8280 والطبراني الكبير 8411 والطيالسي 2247

 

[ 2461 ] حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا يحيى بن آدم حدثنا قطبة هو بن عبد العزيز عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن أبي الأحوص قال كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله وهم ينظرون في مصحف فقام عبد الله فقال أبو مسعود ما اعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده اعلم بما انزل الله من هذا القائم فقال أبو موسى أما لئن قلت ذاك لقد كان يشهد إذا غبنا ويؤذن إذا حجبنا

 

وروى الطبراني في المعجم الكبير ج9:

 

8438- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ مُعَاذٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ ، أَوِ ابْنِ شَرَاحِيلَ أَبُو مَيْسَرَةَ الْهَمْدَانِيُّ ، قَالَ : أَتَى عَلَيَّ رَجُلٌ وَأَنَا أُصَلِّي ، فَقَالَ : أَلاَ أَرَاكَ تُصَلِّي وَقَدْ أُمِرَ بِكِتَابِ اللهِ فَمُزِّقَ ، فَتَجَوَّزْتُ فِي صَلاَتِي وَكُنْتُ لاَ أُحْبِسُ ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ وَلَمْ أُحْبَسْ ، وَرَقِيتُ فَلَمْ أُحْبَسْ ، فَإِذَا أَنَا بِالأَشْعَرِيِّ ، وَحُذَيْفَةَ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ يَتَقَاوَلاَنِ ، وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ لاِبْنِ مَسْعُودٍ : ادْفَعْ إِلَيْهِمْ هَذَا الْمُصْحَفَ ، قَالَ : لاَ وَاللَّهِ لاَ أَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ مَرَّةً ثُمَّ أَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ ، وَاللَّهِ لاَ أَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ.

 

رواه الحاكم في المستدرك 2896 وصححه، ووافقه الذهبي.

 

8437- حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْهَرَوِيُّ ، وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبَانَ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ يَأْمُرُنِي أَنْ أَقْرَأَ ؟ لَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةً ، وَإِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَصَاحِبُ ذُؤَابَةٍ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ.

 

رواه النسائي في الكبرى 9329 والمجتبى 5063 وقال الألباني: صحيح لغيره.

 

8439- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ الأَزْدِيِّ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، يَقُولُ : لَقَدْ تَلَقَّيْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةً أَحْكَمْتُهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَهُ ذُؤَابَةٌ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ.

 

رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف

 

8440- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانُ ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ الشَّدَّاخِ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : عَجَبًا لِلنَّاسِ وَتَرْكِهِمْ قِرَاءَتِي وَأَخْذِهِمْ قِرَاءَةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةً وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ غُلاَمٌ صَاحِبُ ذُؤَابَةٍ.

 

8441- حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ : لَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً وَإِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَهُ ذُؤَابَتَانِ.

 

ورواه أحمد 4330 و4372 وابن أبي داوود في كتاب المصاحف.

 

8444- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : لَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً ، وَإِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَهُ ذُؤَابَتَانِ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ.

 

8445- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سَهْلٍ ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ مُدْرِكٍ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، حَدَّثَنَا ثُوَيْرٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : لَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةً وَإِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَكَافِرٌ بِاللَّهِ مَا آمَنَ بِهِ.

 

وروى الحاكم في المستدرك:

 

2896 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي ثنا الحسن بن المثنى بن معاذ ثنا أبي ثنا عبد الله بن عوف حدثني عمر بن قيس عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال  أتى علي رجل وأنا أصلي فقال : ثكلتك أمك ألا أراك تصلي وقد أمر بكتاب الله أن يمزق كل ممزق قال : فتجوزت في صلاتي وكنت أجلس فدخلت الدار ولم أجلس ورقيت فلم أجلس فإذا بالأشعري وحذيفة وابن مسعود يتقاولان وحذيفة يقول لابن مسعود : ادفع إليهم هذا المصحف قال : والله لا أدفعه إليهم أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة ثم أدفعه إليهم والله لا أدفعه إليهم

 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

 

قال الذهبي: صحيح

 

2897 - أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب ثنا أبو حاتم الرازي ثنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن حمزة بن مالك قال : قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه  لقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد بن ثابت ذو ذؤابتين يلعب مع الصبيان

 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

 ولهذه الزيادة شاهد عن عبد الله :

 

قال الذهبي: صحيح

 

2898 - أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الحنظلي ببغداد ثنا أبو قلابة ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة حدثني إسماعيل بن سالم بن أبي سعيد الأسدي قال : سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول  اقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة أحكمتها قبل أن يسلم زيد بن ثابت

 

وتقول قصة أسطورية أو فيها جزء أسطوري في صحيح مسلم:

 

[ 800 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب جميعا عن حفص قال أبو بكر حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ علي القرآن قال فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أشتهي أن أسمعه من غيري فقرأت النساء حتى إذا بلغت { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }  رفعت رأسي أو غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل

 

[ 800 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو أسامة حدثني مسعر وقال أبو كريب عن مسعر عن عمرو بن مرة عن إبراهيم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود اقرأ علي قال أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري قال فقرأ عليه من أول سورة النساء إلى قوله { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }  فبكى قال مسعر فحدثني معن عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه عن بن مسعود قال قال النبي صلى الله عليه وسلم شهيدا عليهم ما دمت فيهم أو ما كنت فيهم شك مسعر

 

 [ 801 ] حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنت بحمص فقال لي بعض القوم اقرأ علينا فقرأت عليهم سورة يوسف قال فقال رجل من القوم والله ما هكذا أنزلت قال قلت ويحك والله لقد قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي أحسنت فبينما أنا أكلمه إذ وجدت منه ريح الخمر قال فقلت أتشرب الخمر وتكذب بالكتاب لا تبرح حتى أجلدك قال فجلدته الحد

 

وببعض الأحاديث شهادة من محمد نفسه بجودة وحسن وإتقان عبد الله بن مسعود (ابن أم عبد) للقراءة والحفظ! فيالها من معضلة لمسلمي اليوم، مثل حديث مسلم 2464 السالف. وروى أحمد:

 

35 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ - يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ - عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَشَّرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ".

 

إسناده حسن من أجل عاصم - وهو ابن أبي النجود - فهو حسن الحديث . زر: هو ابن حبيش. وأخرجه ابن حبان (7066) من طريق أحمد بن حنبل ، بهذا الإسناد .

وأخرجه ابن ماجه (138) ، والبزار (12) و (13) من طريق يحيى بن آدم ، به . وانظر الحديث رقم (4255)

 

36 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ : غَضًّا أَوْ رَطْبًا.

 

إسناده صحيح ، أبو بكر - وهو ابن عياش - احتج به البخاري ، وروى له مسلم في المقدمة ، وباقي رجاله على شرطهما . الأعمش : هو سليمان بن مهران ، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي ، وعلقمة : هو ابن قيس النخعي . وسيأتي الحديث في مسند عمر برقم (175).

 

175 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ بِعَرَفَةَ - قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: وَحَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مَرْوَانَ ، أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ - فَقَالَ : جِئْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكُوفَةِ ، وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلًا يُمْلِي الْمَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ ، فَغَضِبَ وَانْتَفَخَ حَتَّى كَادَ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّحْلِ، فَقَالَ : وَمَنْ هُوَ وَيْحَكَ ؟ قَالَ : عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ . فَمَا زَالَ يُطْفَأُ وَيُسَرَّى عَنْهُ الْغَضَبُ ، حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا .

ثُمَّ قَالَ : وَيْحَكَ ، وَاللهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ ذَلِكَ ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَاكَ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنَّهُ سَمَرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَأَنَا مَعَهُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَخَرَجْنَا مَعَهُ ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِعُ قِرَاءَتَهُ ، فَلَمَّا كِدْنَا أَنْ نَعْرِفَهُ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كَمَا أُنْزِلَ ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ " . قَالَ : ثُمَّ جَلَسَ الرَّجُلُ يَدْعُو ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ : " سَلْ تُعْطَهْ ، سَلْ تُعْطَهْ " ، قَالَ عُمَرُ : قُلْتُ : وَاللهِ لَأَغْدُوَنَّ إِلَيْهِ فَلَأُبَشِّرَنَّهُ ، قَالَ : فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ لِأُبَشِّرَهُ فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ فَبَشَّرَهُ ، وَلا وَاللهِ مَا سَابَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنِي إِلَيْهِ.

 

إسناداه صحيحان ؛ الأول على شرط الشيخين ، والثاني رجاله ثقات رجال الشيخين غير قيس بن مروان ، فقد روى له النسائي . أبو معاوية : هو محمد بن خازم ، والأعمش : هو سليمان بن مهران ، وإبراهيم : هو ابن يزيد النخعي ، وعلقمة : هو ابن قيس النخعي ، وخيثمة : هو ابنُ عبد الرحمن بن أبي سبرة .

وأخرجه البزار (327) ، والنسائي في " الكبرى " (8257) ، والطبراني في " الكبير " (8422) من طرق عن الأعمش ، بالإسنادين جميعاً .

وأخرجه ابن أبي شيبة 2 / 280 و10 / 520 ، والترمذي (169) ، والنسائي (8256) ، وأبو يعلى (194) و (195) ، وابن خُزيمة (1156) و (1341) ، وابن حبان (2034) ، ومحمد بن نصر في " قيام الليل " 50 من طريق أبي معاوية ، بالإسناد الأول .

وأخرجه البزار (326) ، والنسائي (8256) ، والطبراني (8420) و (8421) ، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (415) ، وأبو نعيم في " الحلية " 1 / 124 من طرق عن الأعمش ، بالإسناد الأول ، غير ابن السني ، فبالإسناد الثاني ، وبعض هؤلاء يزيدُ فيه على بعض . وسيأتي برقم : (178) و (228) و (265) و (267) .

 

وروى البخاري:

 

3762 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْيِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ فَقَالَ مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ

 

6097 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ أَحَدَّثَكُمْ الْأَعْمَشُ سَمِعْتُ شَقِيقًا قَالَ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ دَلًّا وَسَمْتًا وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ لَا نَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ إِذَا خَلَا

 

روى أحمد:

 

23342 - حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ (2) ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ حُذَيْفَةَ فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: " إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْيًا وَدَلًّا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ فَلَا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ لَعَبْدُ اللهِ (3) بْنِ مَسْعُودٍ "، وَاللهِ لَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ مِنْ أَقْرَبِهِمْ عِنْدَ اللهِ وَسِيلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ (4)

 

(2) قوله: "حدثنا معاوية" أثبتناه من (ظ 5) ، و"أطراف المسند" 2/243، وسقط من النسخ المتأخرة .

(3) في (م) و (ظ 2) و (ق) : كعبد الله .

(4) إسناده صحيح على شرط الشيخين . معاوية: هو ابن عَمرو بن المهلب الأزدي، وزائدة: هو ابن قدامة، وشقيق: هو ابن سلمة الأسدي .

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (8480) من طريق معاوية بن عَمرو، بهذا الإسناد .

وأخرجه مختصراً المصنِّف في "فضائل الصحابة" (1545) ، وابن أبي شيبة 12/115، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/545، والطبراني (8481) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/126 من طرق عن الأعمش، به .

وأخرجه مختصراً يعقوب بن سفيان 2/544، والطبراني (8482) ، وأبو نعيم 1/126 من طرق عن أبي وائل، به .

وانظر ما سلف برقم (23308) .

 

23308 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَتَيْنَا حُذَيْفَةَ فَقُلْنَا: دُلَّنَا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيًا وَسَمْتًا وَدَلًّا (1) نَأْخُذْ عَنْهُ وَنَسْمَعْ مِنْهُ ؟ فَقَالَ: "كَانَ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيًا وَسَمْتًا وَدَلًّا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، حَتَّى يَتَوَارَى عَنِّي فِي بَيْتِهِ، وَلَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إِلَى اللهِ زُلْفَةً" (2)

 

(1) تحرف في (م) إلى: ولاء .

(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين . لكن الجملة الأخيرة، وهي قوله: ولقد علم المحفوظون ... إلخ لم يسمعها أبو إسحاق -وهو السبيعي- من عبد الرحمن بن يزيد -وهو ابن قيس النخعي- كما بين ذلك شعبة في روايته الآتية برقم (23350) ، وصحت من طريق شقيق عن حذيفة برقم (23342) .

وأخرجه تاماً ومختصراً يعقوب بن سفيان في " المعرفة والتاريخ " 2/543-544، والترمذي (3807) ، والطبراني في "الكبير" (8489) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/388 من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد .

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (8488) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، وفي "الأوسط" (2359) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن أبي إسحاق، به .

ورواية "الأوسط" مختصرة .

وأخرجه البزار (2812) ، والطبراني في "الكبير" (8491) من طريق إسماعيل ابن أبي خالد، والطبراني (8490) من طريق الأعمش، كلاهما عن زيد بن وهب، عن حذيفة . مختصراً .

وسيأتي (23350) و (23408) و (23413) .

وسيأتي من طريق شقيق بن سلمة برقم (23341) و (23342) ، ومن طريق أبي عمرو الشيباني برقم (23351) ، كلاهما عن حذيفة .

قوله: "هدياً وسمتاً ودلاً" قال السندي: الهدي بفتح فسكون، وكذا السمت، وأما الدلُّ فبفتح وتشديد لام، قال البيضاوي: قريب من الهدي، والمراد به السكينة والوقار، وبالسمت: القصد في الأمور، وبالهدي: حسن السيرة وسلوك الطريقة المرضية .

"ابن أم عبد" هو عبد الله بن مسعود، وأم عبد كنية أمه .

"زلفة" كقُربة لفظاً ومعنىً .

 

هذه شهادة من صاحب فكرة إعدام ومسح القراآت الأخرى لعبد الله بن مسعود!

 

وروى البخاري:


4582 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَحْيَى بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ عَلَيَّ قُلْتُ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قَالَ أَمْسِكْ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ

 

رواه البخاري 5049 و5050 و5055 و5056 ومسلم 800 وأحمد 3606 و4255 و4118

إذا كان محمد نفسه كان يستمع القرآن من ابن مسعود فكيف تكون قراءته غير معترَف بها وغير شرعية؟! وكيف يتم استبعادها؟!

 

ويقول أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن:

 

قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، كَرِهَ أَنْ يُوَلَّى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ نَسْخَ الْمَصَاحِفِ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَأُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ كِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَوَلَّاهُ رَجُلٌ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَسْلَمْتُ، وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ رَجُلٍ كَافِرٍ؟» يَعْنِي زَيْدًا. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: " يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، أَوْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، اكْتُمُوا الْمَصَاحِفَ الَّتِي عِنْدَكُمْ وَغُلُّوهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] ". فَأَلْقُوا إِلَيْهِ الْمَصَاحِفَ. قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رِجَالٌ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ أَبِي مَيْسَرَةَ، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ رَجُلٌ، وَأَنَا أُصَلِّي، فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَلَا أَرَاكَ تُصَلِّي وَقَدْ أُمِرَ بِكِتَابِ اللَّهِ أَنْ يُمَزَّقَ؟» . قَالَ: فَتَجَوَّزْتُ فِي صَلَاتِي، وَكُنْتُ لَا أَحْبِسُ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ فَلَمْ أَحْبِسْ، وَرَقِيتُ فَلَمْ أَحْبِسْ، فَإِذَا أَنَا بِالْأَشْعَرِيِّ وَإِذَا حُذَيْفَةُ وَابْنُ مَسْعُودٍ يَتَقَاوَلَانِ، وحُذَيْفَةُ يَقُولُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: «ادْفَعْ إِلَيْهِمِ الْمُصْحَفَ» . فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَدْفَعُهُ» . فَقَالَ: «ادْفَعْهُ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يَأْلُونَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ إِلَّا خَيْرًا» . فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ؛ أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً وَأَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ؟ وَاللَّهِ لَا أَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ»

 

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ نَاسًا، مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَدِمُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: إِنَّا قَدِمْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْعِرَاقِ، فَأَخْرِجْ إِلَيْنَا مُصْحَفَ أُبَيٍّ؟ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: «قَدْ قَبَضَهُ عُثْمَانُ» . فَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ أَخْرِجْهُ إِلَيْنَا. فَقَالَ: «قَدْ قَبَضَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ»

 

وهذا الخبر الأخير مذكور كذلك في كتاب المصاحف.

 

ومما روى البخاري عن مقاومة ابن مسعود لحرق مصحفه، وعن قراءته المختلفة:

 

4999 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ

 

5000 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ خَطَبَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ قَالَ شَقِيقٌ فَجَلَسْتُ فِي الْحِلَقِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ فَمَا سَمِعْتُ رَادًّا يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ

 

5001 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنَّا بِحِمْصَ فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ يُوسُفَ فَقَالَ رَجُلٌ مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحْسَنْتَ وَوَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ فَقَالَ أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَتَشْرَبَ الْخَمْرَ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ

 

رواه أحمد 3591 و4033 ومسلم 801

 

5002 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ وَلَا أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللَّهِ تُبَلِّغُهُ الْإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ

 

5003 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ تَابَعَهُ الْفَضْلُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ

 

وشهد له ابن عباس، وابن عباس نفسه قراءته كانت مخالفة لنص نسخة عثمان وقريبة لنسختي ابن مسعود وأبي بن كعب، فروى أحمد:

 

3422 - حَدَّثَنَا يَعْلَى، وَمُحَمَّدٌ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَعُدُّونَ أَوَّلَ ؟ قَالُوا: قِرَاءَةَ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَا، بَلْ هِيَ الْآخِرَةُ، " كَانَ يُعْرَضُ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، عُرِضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، فَشَهِدَهُ عَبْدُ اللهِ، فَعَلِمَ مَا نُسِخَ مِنْهُ وَمَا بُدِّلَ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعلى ومحمدٌ : هما ابنا عبيد بن أبي أمية الكوفي الطًنافسي، وأبو ظبيان: هو حصين بن جندب بن الحارث الجَنْبي.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 2/342، وابن أبي شيبة 10/559، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (382) ، والنسائي في "الكبرى" (7994) و (8258) ، وأبو يعلى (2562) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/356، وفي "شرح مشكل الآثار" 1/115 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (2494)

 

فإن أخذ المسلمون بصحة وصدق ابن عباس وابن مسعود وعمر بن الخطاب، فإن نسخة ابن مسعود كانت آخر شكل وإصدارة وأدقها من قرآن محمد بتشريعاته ولاهوته وخرافاته وما بين أيديهم نسخة غير دقيقة لا تخلو من عيوب وتحتاج تنقيحًا صعبًا جدًّا لكنه ربما ليس مستحيلًا لكثرة مرويات الكتب كالطبري ومسند أحمد والصحيحين وكتب القراآت والتفسير والأحاديث عن قراآت ابن مسعود وغيره المخالفة للمرسوم العثماني الخاص بعثمان ولجنته، ولكن الأولى ترك القرآن وتعاليمه وخرافاته عمومًا فهو غير مفيد عمليًّا، فربما يكون المنتوج غير مختلف كثيرًا من جهة التشريعات أو ربما يصير أسوأ في بعض المسائل.

 

فشل محاولة عثمان إغراء ابن مسعود بالمال

 

روى أحمد:

 

3592 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللهِ بِمِنًى، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ، فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَا نُزَوِّجُكَ جَارِيَةً شَابَّةً، لَعَلَّهَا أَنْ تُذَكِّرَكَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ، فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/126، ومسلم (1400) (1) ، والنسائي في "المجتبى" 6/58، وفي "الكبرى" (5316) ، وأبو يعلى (5192) ، والشاشي (362) ، والبيهقي في "السنن" 7/77، و"شعب الإيمان" (5476) من طريق أبي معاوية -شيخ أحمد-، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الدارمي 2/132، والبخاري (1905) و (5065) ، ومسلم (1400) (2) ، وأبو داود (2046) ، والنسائي في "المجتبى" 4/170 و6/57، وفي "الكبرى" (2549) و (5317) ، وابن ماجه (1845) ، والشاشي (360) و (363) ، وابن حبان (4026) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/156، من طرق عن الأعمش، به. وعند النسائي متابعة الأسود لإِبراهيم، وقال في "المجتبى" 6/57: الأسود في هذا الحديث ليس بمحفوظ.

وورد عند ابن حبان (4026) من رواية زيد بن أبي أنيسة عن الأعمش: أن ابن مسعود لقي عثمان بالمدينة. قال الحافظ في "الفتح" 9/107: وهي شاذة، يعني المحفوظ: بمنى، وقد فاتنا التنبيه عليه في ابن حبان، فيستدرك من هنا.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10027) من طريق المغيرة بن مقسم، عن إبراهيم، به.

وقد أخرجه النسائي في "المجتبى" 4/171 و6/56، وفي "الكبرى" (2551) و (5315) ، وأبو يعلى (5110) ، والشاشي (361) من طريق يونس بن عبيد، عن أبي معشر زياد بن كليب، عن إبراهيم، عن علقمة، من حديث عثمان، وقد تقدم في "مسند عثمان" برقم (411) ، وتقدم التنبيه هناك أن يونس بن عبيد أخطأ في جعله من حديث عثمان، والصواب أنه من حديث ابن مسعود، فانظره. ووقع في "السنن الكبرى" للنسائي في إسناد الحديث (2551) سقط فاحش.

وسيرد من طريق الأعمش برقم (4271) ، ومن طريق آخر برقم (4023) و (4035) و (4112) .

وانظر حديث عبد الله بن عمرو الآتي برقم (6612) .

الباءة، بالمد والهاء على الأفصح: يطلق على الجماع والعقد، ويصح في الحديث كل منهما بتقدير المضاف، أي: مؤنه وأسبابه. أو المراد هاهنا بها المؤن مجازاً. قاله السندي.

وِجاء: قال ابن الأثير: الوِجَاء: أن ترَض أنثيا الفحل رضاً شديداً يذهب شهوة الجماع، ويتنزل في قطعه منزلةَ الخَصْي... أراد أن الصوم يقطع النكاح كما يقطعه الوجاء.

 

4271 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، لَقِيَهُ عُثْمَانُ بِعَرَفَاتٍ، فَخَلَا بِهِ، فَحَدَّثَهُ، ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: هَلْ لَكَ فِي فَتَاةٍ أُزَوِّجُكَهَا ؟، فَدَعَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، عَلْقَمَةَ، فَحَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ الصَّوْمَ، وِجَاؤُهُ ، أَوْ وِجَاءٌ لَهُ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سليمان: هو الأعمش، وإبراهيم: هو النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 4/170 و6/57، وفي "الكبرى" (2548) و (5318) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (272) عن شعبة، به.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير" (10166) من طريق يحيى بن سعيد، عن شعبة، به.

وتقدم برقم (3592) و (4023) و (4035) و (4112) .

 

اختلاف ترتيب السور في مصحف عبد الله بن مسعود

 

روى أحمد:

 

3607 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللهِ، مِنْ بَنِي بَجِيلَةَ، يُقَالُ لَهُ: نَهِيكُ بْنُ سِنَانٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَيْفَ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ، أَيَاءً تَجِدُهَا أَوْ أَلِفًا: {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} (1) [محمد: 15] ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ: أَوَكُلَّ الْقُرْآنِ أَحْصَيْتَ (1) غَيْرَ هَذِهِ (2) ؟ قَالَ: إِنِّي لَأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ ؟ إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ الصَّلَاةِ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَلَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ أَقْوَامٌ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَلَكِنَّهُ إِذَا قَرَأَهُ، فَرَسَخَ فِي الْقَلْبِ نَفَعَ، إِنِّي لَأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، قَالَ: ثُمَّ قَامَ، فَدَخَلَ، فَجَاءَ عَلْقَمَةُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: سَلْهُ لَنَا عَنِ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، قَالَ: فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: " عِشْرُونَ سُورَةً مِنْ أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ "، فِي تَأْلِيفِ عَبْدِ اللهِ (3)

 

(1) يعني: أو (من ماء غَيْرِ "يَاسِنٍ") . وكذا جاء في "صحيح مسلم". قلنا: وهذه القراءة لم ينسبها أحد ممن ألف في القراءات إلى أحد القراء العشرة أو غيرهم سواهم، وذكر مكي في "الكشف" 2/277 أنه حكي في بعض المصاحف: "غير يسن" بالياء أبدلت من الهمزة المفتوحة لانكسار ما قبلها. وجاء في "حجة القراءات" ص 667: قرأ ابن كثير: (من ماء غير أسِن) مقصوراً على وزن فعل، قال أبو زيد: تقول: أسِن الماء يأسَن أسناً، فهو أسِن، كقولك: هَرِمَ الرجل فهو هَرِمٌ، وعرج فهو عرج، ومرض يمرض فهو مرض، وكذلك أسِنَ فهو أسِن: إذا تغيرت رائحته، وأعلم الله أن أنهار الجنة لا تتغير رائحة مائها.

وقرأ الباقون: (من ماء غير آسِن) بالمد على فاعل، والهمزة الأولى فاء الفعل، والألف بعدها مزيدة، فالمد من أجل ذلك، تقول: أسِن الماء يأسن فهو آسن مثل أجِن يأجَن ويأجُن إذا تغير وهو آجن، وذهب فهو ذاهب، وضرب فهو ضارب.

(1) في (ق) : قد أحصيت.

(2) في (ق) و (ظ1) : هذه الآية.

(3) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران.

وأخرجه مسلم (822) (276) ، وأبو يعلى (5222) ، وابن خزيمة (538) ، من طريق أبي معاوية، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (259) و (273) ، والبخاري (4996) ، ومسلم (822) (275) و (277) ، والنسائي في "المجتبى" 2/174، وفي "الكبرى" (1076) ، وابن خزيمة (538) ، وأبو عوانة 2/161-162، والطبراني في "الكبير" (9864) ، من طرق، عن الأعمش، به.

وأخرجه مختصراً مسلم (822) (279) من طريق حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن منصور، عن شقيق، عن عبد الله.

وأخرجه مختصراً الطبراني في "الكبير" (9866) من طريق منصور، عن شقيق، به.

وأخرجه بنحوه الطبراني (9861) و (9862) من طريق سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن شقيق، به.

وأخرجه مختصرا ًالنسائي في "المجتبى" 2/175-176، وفي "الكبرى" (1078) من طريق إسرائيل، والفريابي في "فضائل القرآن" (125) ، من طريق يحيى بن قيس، والطبراني في "الكبير" (9859) من طريق شعبة، ثلاثتهم عن أبي حصين، عن يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن عبد الله.

وسيأتي برقم (3910) و (3958) و (3968) و (3999) و (4062) و (4154) و (4350) و (4410) .

ولم يذكر في هذه الرواية ولا في الروايات الآتية السور التي كان يقرن بينها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ركعة. قال الحافظ في "الفتح" 2/259: سردها أبو إسحاق عن علقمة والأسود عن عبد الله، فيما أخرجه أبو داود [1396] متصلاً بالحديث بعد قوله: كان يقرأ النظائرَ السورتين في ركعة: الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والذاريات والطور في ركعة، والواقعة ونون في ركعة، وسأل والنازعات في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل أتى ولا أقسم في ركعة، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة، وإذا الشمس كورت والدخان في ركعة. ثم قال الحافظ: ويتبين بهذا أن في قوله في حديث الباب: عشرين سورة من المفصل تجوزا، لأن الدخان ليست منه، ولذلك فصلها من المفصل في رواية واصل (يعني الآتية برقم (4410)) ، نعم يصح ذلك على أحد الآراء في حد المفصل.

قوله: "هذّاً" بفتح الهاء وتشديد الذال المعجمة: أي سرداً وإفراطاً في السرعة

 

وروى مسلم:

 

[ 822 ] وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل قال جاء رجل إلى عبد الله يقال له نهيك بن سنان بمثل حديث وكيع غير أنه قال فجاء علقمة ليدخل عليه فقلنا له سله عن النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في ركعة فدخل عليه فسأله ثم خرج علينا فقال عشرون سورة من المفصل في تأليف عبد الله

 

[ 822 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير جميعا عن وكيع قال أبو بكر حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي وائل قال جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله فقال يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف ألفا تجده أم ياء { من ماء غير آسن }  أو { من ماء غير ياسن } قال فقال عبد الله وكل القرآن قد أحصيت غير هذا قال إني لأقرأ المفصل في ركعة فقال عبد الله هذا كهذ الشعر إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع إن أفضل الصلاة الركوع والسجود إني لأعلم النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن سورتين في كل ركعة ثم قام عبد الله فدخل علقمة في إثره ثم خرج فقال قد أخبرني بها قال بن نمير في روايته جاء رجل من بني بجيلة إلى عبد الله ولم يقل نهيك بن سنان

 

[ 822 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا مهدي بن ميمون حدثنا واصل الأحدب عن أبي وائل قال غدونا على عبد الله بن مسعود يوما بعد ما صلينا الغداة فسلمنا بالباب فأذن لنا قال فمكثنا بالباب هنية قال فخرجت الجارية فقالت ألا تدخلون فدخلنا فإذا هو جالس يسبح فقال ما منعكم أن تدخلوا وقد أذن لكم فقلنا لا إلا أنا ظننا أن بعض أهل البيت نائم قال ظننتم بآل بن أم عبد غفلة قال ثم أقبل يسبح حتى ظن أن الشمس قد طلعت فقال يا جارية انظري هل طلعت قال فنظرت فإذا هي لم تطلع فأقبل يسبح حتى إذا ظن أن الشمس قد طلعت قال يا جارية انظري هل طلعت فنظرت فإذا هي قد طلعت فقال الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا فقال مهدي وأحسبه قال ولم يهلكنا بذنوبنا قال فقال رجل من القوم قرأت المفصل البارحة كله قال فقال عبد الله هذا كهذا الشعر إنا لقد سمعنا القرائن وإني لأحفظ القرائن التي كان يقرؤهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر من المفصل وسورتين من آل حم

 

ولا شك أنه رغم إعدام مصاحف عبد الله بن مسعود بالقوة على يد سلطة عثمان بن عفان والخلفاء التالين، فقد ظل تلاميذ ابن مسعود (أصحاب ابن مسعود) وتلاميذ تلاميذه لفترة بعدها يقرؤون بقراءته التي منعتها السلطات، ولمثل هؤلاء يرجع الفضل في حفظ قراآت أصحاب محمد المختلفة ووصول الكثير منها في كتب التفسير والقراآت والأحاديث، وروى البخاري:

 

4391 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَجَاءَ خَبَّابٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيَسْتَطِيعُ هَؤُلَاءِ الشَّبَابُ أَنْ يَقْرَءُوا كَمَا تَقْرَأُ قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ عَلَيْكَ قَالَ أَجَلْ قَالَ اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ أَتَأْمُرُ عَلْقَمَةَ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا قَالَ أَمَا إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ فَقَرَأْتُ خَمْسِينَ آيَةً مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى قَالَ قَدْ أَحْسَنَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلَّا وَهُوَ يَقْرَؤُهُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الْخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ عَلَيَّ بَعْدَ الْيَوْمِ فَأَلْقَاهُ رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ

 

رواه أحمد 4025 بإسناد على شرط الشيخين، وأخرجه أبو يعلى (5008) ، والشاشي (349) من طريق يعلى بن عبيد. وأخرجه البخاري (4391) ، والشاشي (350) من طريقين عن الأعمش.

 

وهناك شهادات كثيرة كذلك لعبد الله بن العباس بن عبد المطلب وهو ابن عم محمد، ومن المشهورين بالقراآت المختلفة عن المصحف العثماني الرسمي، فروى البخاري:

143 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْخَلَاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا قَالَ مَنْ وَضَعَ هَذَا فَأُخْبِرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ

 

رواه مسلم 2477 وأحمد 2879 و2397 و3022 و3032 ومسند أبي يعلى 2553.

 

وروى أحمد:

 

3060 - حدثنا عبد الله بن بكر، حدثنا حاتم بن أبي صغيرة أبو يونس، عن عمرو بن دينار، أن كريبا، أخبره، أن ابن عباس، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي، فجرني، فجعلني حذاءه ، فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته، خنست ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال لي: " ما شأني أجعلك حذائي فتخنس ؟ "، فقلت: يا رسول الله، أوينبغي لأحد أن يصلي حذاءك، وأنت رسول الله الذي أعطاك الله ؟ قال: فأعجبته، فدعا الله لي أن يزيدني علما وفهما

قال: ثم " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتى سمعته ينفخ ، ثم أتاه بلال، فقال: يا رسول الله، الصلاة . فقام فصلى، ما أعاد وضوءا "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله بن بكر: هو ابن حبيب السهمي الباهلي. وانظر (1912) و (2567) .وقصة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس سلفت برقم (2397) .

قوله: "خنست"، قال السندي: أي: تأخرت. وقوله: "فأعجبته"، قال: بصيغة التأنيث، أي: مقالتي، وضبط بصيغة المتكلم.

 

شهادات من محمد وعمر بن الخطاب لصالح أبي بن كعب وقراءته

 

روى البخاري:

 

4959 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ { لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا } قَالَ وَسَمَّانِي قَالَ نَعَمْ فَبَكَى

4960 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ قَالَ أُبَيٌّ أَاللَّهُ سَمَّانِي لَكَ قَالَ اللَّهُ سَمَّاكَ لِي فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي قَالَ قَتَادَةُ فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ { لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ }

 

4961 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنَادِي حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ الْقُرْآنَ قَالَ أَاللَّهُ سَمَّانِي لَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ نَعَمْ فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ

 

رواه مسلم 799 وأحمد 12403 و12919 و12320.

 

ومما نسبوه إلى محمد روى أحمد:

 

12904 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرْحَمُ أُمَّتِي (1) أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهَا فِي دِينِ اللهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهَا حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَقْرَؤُهَا لِكِتَابِ اللهِ أُبَيٌّ، وَأَعْلَمُهَا بِالْفَرَائِضِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ "

 

(1) كذا في الأصول بحذف بأمتي، وفي أكثر المصادر التي خرجته من طريق سفيان: "أرحم أمتي بأمتي" .

(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن سعيد الثوري.

وأخرجه ابن ماجه (155) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1281) ، والضياء في "المختارة" (2242) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. وزاد ابن ماجه فضلاً لعلي بن أبي طالب، فقال: "وأقضاهم علي" ، واقتصر ابن أبي عاصم على قوله: "أشد أمتي حياءً عثمان" .

وأخرجه ابن سعد 3/ 499 و586 و7/388، وابن أبي عاصم (1281) و (1282) ، والطحاوي في "المشكل" (809) و (810) ، والبيهقي 6/210، والبغوي (3930) ، والضياء في "المختارة" (2241) من طرق عن سفيان الثوري، به. وقُرن بخالد الحذاء عاصمٌ الأحولُ عند ابن أبي عاصم وأبي نعيم والبيهقي والضياء، واقتصر ابن سعد في الموضع الأول على قوله: "أقرأ أمتي أبي ابن كعب" ، وفي الثاني والثالث على قوله "أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ" .

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/8 عن ابن علية، وابن ماجه (154) ، والترمذي (3791) ، والنسائي في "الكبرى" (8287) ، وابن حبان (7131) و (7137) و (7252) ، والحاكم 3/422 و4/335، والبيهقي 6/210 من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، كلاهما عن خالد الحذاء، به -واقتصر ابن أبي شيبة على قوله: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر" ، بينما زاد ابن ماجه: "أقضاهم علي" ، ولم يُذكر عثمان عند النسائي، واقتصر الحاكم في الموضع الثاني على قوله: "أفرض أمتي زيد بن ثابت" .

وأخرجه الترمذي (3790) من طريق معمر، وابن أبي عاصم (1252) و (1283) من طريق سعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة، عن أنس. واقتصر ابن أبي عاصم في الموضع الأول على قوله: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدُّهم في دين الله عمر بن الخطاب" ، وفي الثاني على قوله: "أرحم أمتي أبو بكر، وأصدقهم حياء عثمان" . قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث قتادة إلا من هذا الوجه، وقد رواه أبو قلابة عن أنس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه، والمشهور حديث أبي قلابة.

وسيأتي الحديث برقم (13990) من طريق وهيب بن خالد، عن خالد الحذاء.

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حق أبي عبيدة: "أمين هذه الأمة" سلف ضمن حديث آخر برقم (12261) من طريق ثابت، عن أنس.

وعن عمر موقوفاً عند البيهقي 6/210 أنه خطب الناس بالجابية، فقال: من أراد أن يسأل عن القرآن، فليأت أُبيَّ بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض، فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه، فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال، فليأتني، فإن الله تعالى جعلني له خازناً وقاسماً. وإسناده ضعيف أيضاً.

 

13990 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللهِ عُمَرُ - وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: فِي أَمْرِ اللهِ عُمَرُ - وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عفان: هو ابن مسلم الباهلي، ووهيب: هو ابن خالد، وخالد الحذاء: هو ابن مهران، وأبو قلابة: هو عبد الله ابن زيد الجَرْمي.

وأخرجه ابن سعد 2/341 و347 و3/60 و176 و291 و412 و499 و586 و7/388، والنسائي في "الكبرى" (8242) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (808) ، والبيهقي 6/210 من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد- والحديث عند ابن سعد مقطع.

وأخرجه الطيالسي (2096) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (2240) ، وأخرجه البيهقي 6/210 من طريق سهل بن بكار، كلاهما (الطيالسي وسهل ابن بكار) عن وهيب بن خالد، به.

وانظر (12904) .

 

لكن الحديث يحتمل بشكله هكذا أن يكون ملفَّقًا برأيي وأنه كان من مقولات دائرة أصحاب محمد وأتباعهم بعد موت محمد، لكنْ يظل فيه شهادة لأبي بن كعب.

 

وروى البخاري:

 

5005 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ أُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ لَحَنِ أُبَيٍّ،

وَأُبَيٌّ يَقُولُ: "أَخَذْتُهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَتْرُكُهُ لِشَيْءٍ". قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا }

 

وروى أحمد:

 

21084 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "عَلِيٌّ أَقْضَانَا، وَأُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا، وَإِنَّا لَنَدَعُ كَثِيرًا مِنْ لَحْنِ أُبَيٍّ "

وَأُبَيٌّ، يَقُولُ: "سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا أَدَعُهُ لِشَيْءٍ، وَاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري الكوفي.

وأخرجه الحاكم 3/305، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (754) ، وفي "الحلية" 1/65 من طريق قبيصة بن عقبة، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/155 من طريق أبي أحمد الزبيري، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. ووقع عند الحاكم: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ ننسأهَا) بدل (أَوْ نُنْسِهَا) واقتصر أبو نعيم في "الحلية" على قوله: "علي أقضانا، وأُبيّ اقرؤنا".

وسيأتي الحديث عن يحيى، عن سفيان الثوري في الحديث الآتي بعده.

وسيأتي برقم (21086) من طريق الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، به.

وأخرجه ابن سعد 2/339 من طريق عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، و2/339-340 من طريق عكرمة، كلاهما عن ابن عباس، قال: قال عمر رضي الله عنهما: عليٌّ أقضانا، وأُبيٌّ أقرؤنا. وزاد في الموضع الثاني: وإنا لنرغب عن كثير من لحن أُبيٍّ.

وأخرجه ابن سعد 2/341، والطبراني في "الأوسط" (7717) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن أبي فروة مسلم بن سالم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، سمعت عمر يقول: أقضانا عليٌّ، وأُبيٌّ أقرؤنا. واقتصر ابن سعد على قوله: وأُبيٌّ أقرؤنا.

وأخرجه ابن سعد 2/340 من طريق سعيد بن جبير وعطاء، أن عمر كان يقول: عليٌّ أقضانا للقضاء، وأُبيٌّ أقرؤنا للقرآن.

وأخرجه ابن سعد 2/339 من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال عمر بن الخطاب: عليٌّ أقضانا.

وأخرج ابن سعد 2/339، والبزار (1616) ، والحاكم 3/135 عن عبد الله ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة عليُّ بن أبي طالب. ووقع في "مسند البزار": "أفضل" بدل "أقضى"، والظاهر أنه تحريف؛ فإن ابن حجر نسبه إلى البزار في "الفتح" 8/167، وفيه: "أقضى".

وقوله: "وأُبيٌّ أقرؤنا" سلف مرفوعاً ضمن حديث عن أنس بن مالك برقم (12904) وقد استوفينا تخريجه هناك.

وقوله: "عليٌّ أقضانا" ورد مرفوعاً عن أنس بن مالك أيضاً عند ابن ماجه (154) ، وإسناده صحيح.

وقوله: "من لَحْنِ أُبيٍّ" قال السندي: أي: خطئه؛ حيث ظنه ثابتاً وهو منسوخ، وقيل: أراد به طريقه وروايته، وقيل: لغته، وهذا غير ظاهر، والأقرب منه أن يراد فهمه.

 

21085 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي حَبِيبٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: "عَلِيٌّ أَقْضَانَا، وَأُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أُبَيٍّ ". وَأُبَيٌّ يَقُولُ: "أَخَذْتُ مِنْ فَمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَدَعُهُ، وَاللهُ يَقُولُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن سعيد الثوري الكوفي.

وأخرجه البخاري (4481) ، والنسائي في "الكبرى" (10995) عن عمرو ابن علي، والبخاري (5005) عن صدقة بن الفضل، كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

وقوله تعالى: (نُنْسِهَا) بضم النون وكسر السين بغير همز، كذا وقع في الأصول الخطية التي بين أيدينا من "مسند أحمد"، وفي سائر مصادر تخريج الأثر: (نَنْسَأْها) بفتح النون والسين وبالهمز،والذي يؤيد أن الرواية في هذا الأثر كذلك: ما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسير سورة البقرة (1070) من طريق إسماعيل بن مسلم، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: خطبنا عمر، فقال: يقول الله: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا) ، أي: نؤخرها. لكن في إسناده إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف الحديث.

و (نَنْسَأْها) بفتح النون الأولى والسين وبالهمز، من التأخير، وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير.

و (نُنْسِهَا) بضم النون الأولى وكسر السين من غير همز، من النسيان، هي قراءة الباقين. "انظر الكشف عن وجوه القراءات السبع" 1/258-259، و"حجة القراءات" ص109-110، و"النشر في القراءات العشر" 2/220.

 

والأرجح عندي أن عمر قال فقط جملة (أبي أقرؤنا) والباقي تلفيق لاحق أضافوه على كلامه، لأن عمر كان يعترف أو يسمح بقراءة أبي بن كعب لدرجة تعيينه إمامًا على صلاة الناس كما روى البخاري:


2010 - * وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ قَالَ عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ

 

وشهادة ومديح من عبد الله بن مسعود لأبي بن كعب، وكلاهما كانا صاحبي قراءتين متقاربتين لبعضهما، ومختلفة عن نسخة عثمان، فروى أحمد:

 

4314 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّمَا مُسْلِمَيْنِ مَضَى لَهُمَا ثَلَاثَةٌ مِنْ أَوْلَادِهِمَا، لَمْ يَبْلُغُوا حِنْثًا ، كَانُوا لَهُمَا حِصْنًا حَصِينًا مِنَ النَّارِ "، قَالَ: فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: مَضَى لِي اثْنَانِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " وَاثْنَانِ "، قَالَ: فَقَالَ أُبَيٌّ أَبُو الْمُنْذِرِ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ: مَضَى لِي وَاحِدٌ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَوَاحِدٌ، وَذَلِكَ فِي الصَّدْمَةِ الْأُولَى "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، أبو عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود

 

4077 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ مَوْلًى لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَدَّمَ ثَلَاثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ ، كَانُوا لَهُ حِصْنًا حَصِينًا مِنَ النَّارِ" فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: قَدَّمْتُ اثْنَيْنِ ؟ قَالَ: " وَاثْنَيْنِ "، فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَبُو الْمُنْذِرِ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ: قَدَّمْتُ وَاحِدًا ؟ قَالَ: "وَوَاحِدٌ، وَلَكِنْ ذَاكَ فِي أَوَّلِ صَدْمَةٍ".

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، أبو عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود، ولجهالة حال أبي محمد مولى عمر بن الخطاب - وقيل: محمد بن أبي محمد - كما في الرواية الآتية، وتقدم الكلام عنه في الرواية (3554) . وبقية رجاله ثقات، محمد بن يزيد: هو الكلاعي الواسطي.

وأخرجه أبو يعلى (5116) ، وابن خزيمة فيما ذكر الحافظ في "التعجيل " ص 377 من طريق محمد بن يزيد، بهذا الإسناد.

وقوله هنا: فقال أبو الدرداء، هو في بقية الروايات: قال أبو ذر.

وقد تقدم برقم (3554) ، وذكرنا هناك شواهده.

 

ترتيب مصحف عثمان سيء جدًّا، لأنه ليس على ترتيب النزول أو التأليف الزمنيّ، على عكس مصاحف معدمة كمصحف عائشة ومصحف عليّ فيما قيل مثلًا. وبعض السور تقسيمها اعتباطيّ غير مؤكَّد في الأصل، روى الحاكم في المستدرك:

 

2875 - حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ ثنا الحسن بن الفضل ثنا هوذة بن خليفة ثنا عوف بن أبي جميلة ثنا يزيد الفارسي قال : قال لنا ابن عباس رضي الله عنهما  قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى البراءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال ما حملكم على ذلك ؟ فقال عثمان رضي الله عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي عليه الزمان تنزل عليه السور ذوات عدد فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتبه فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وتنزل عليه الآية فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا فكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة وبراءة من آخر القرآن فكانت قصتها شبيهة بقصتها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم

 هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

 

وروى أحمد:

 

399 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي الْفَارِسِيَّ . قَالَ أَبِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ يَزِيدَ ، قَالَ : قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ : مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي ، وَإِلَى بَرَاءَةٌ ، وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا ، وَلَمْ تَكْتُبُوا - قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ : بَيْنَهُمَا - سَطْرًا : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ ، مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ ؟

قَالَ عُثْمَانُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوَرِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ، وَكَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ يَدْعُو بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ عِنْدَهُ يَقُولُ : " ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا " وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ ، فَيَقُولُ : " ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا " وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ ، فَيَقُولُ : ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا " ، وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ ، فَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهًة بِقِصَّتِهَا ، فَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا ، وَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا ، فَمِنْ ثَمَّ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا ، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرًا : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ : وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ.

 

ورغم أن الترمذي في سننه حسن الحديث وصححه الحاكم في مستدركه ووافقه الذهبي، فقد قال محققو طبعة دار الرسالة للمسند:

إسناده ضعيف ومتنه منكر ، يزيد الفارسي هذا لم يروِ عنه هذا الحديث غير عوف بن أبي جميلة ، وهو في عِداد المجهولين ، وقد انفرد بروايته ، وقال الحافظ في " التقريب " : مقبول ، وهو غير يزيد بن هرمز الثقة الذي خرج له مسلم ، قال البخاري في " التاريخ الكبير " 8 / 367 وفي " الضعفاء " ص 122 : قال لي علي - يعني ابن المديني - : قال عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - : يزيد الفارسي هو ابن هرمز ، قال : فذكرته ليحيى فلم يعرفه ، قال : وكان يكون مع الأمراء .

وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 9 / 293 اختلفوا في يزيد بن هرمز أنه يزيد الفارسي أم لا ؟ فقال عبد الرحمن بن مهدي وأحمد : يزيد الفارسي هو يزيد بن هرمز ، وأنكر يحيى بن سعيد القطان أن يكونا واحداً ، وسمعت أبي يقول : يزيد بن هرمز هذا ليس بيزيد الفارسي ، هو سواه ، فأما يزيد بن هرمز ، فهو والد عبد الله بن يزيد بن هرمز ، وكان ابن هرمز من أبناء الفرس الذين كانوا بالمدينة وجالسوا أبا هريرة ، وليس هو بيزيد الفارسي البصري الذي يروي عن ابن عباس .

وقال المزي في " تهذيب الكمال " : الصحيح أن يزيد الفارسي غير يزيد بن هرمز .

قال العلامة المحدث الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على " المسند " : فهذا يزيد الفارسي الذي انفرد برواية هذا الحديث يكاد يكون مجهولاً حتى شبه على مثل ابن مهدي وأحمد والبخاري أن يكون هو ابنَ هرمز أو غيره ، ويذكره البخاري في " الضعفاء " فلا يقبل منه مثلُ هذا الحديث ينفرد به ، وفيه تشكيكٌ في معرفة سور القرآن الثابتة بالتواتر القطعي قراءةً وسَماعاً وكتابة في المصاحف ، وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور ، كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأيه ، وحاشاه من ذلك ، فلا علينا إذا قلنا: إنه حديث لا أصل له ، تطبيقاً للقواعد الصحيحة التي لا خلاف فيها بين أئمة الحديث .

قال الحافظ ابن حجر في " شرح النخبة " في الكلام على أمارات الحديث الموضوع : ومنها ما يؤخذ من حال المروي ، كأن يكون مناقضاً لنص القرآن ، أو السنة المتواترة ، أو الإجماع القطعي .

وقال الخطيب في كتابه " الكفاية " ص 432 : ولا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل ، وحكم القرآن الثابت المحكم ، والسنة المعلومة ، والفعل الجاري مجرى السنة ، وكل دليل مقطوع به .

وكثيراً ما يُضعِّف أئمة الحديث راوياً لانفراده برواية حديثٍ منكر يُخالف المعلومَ من الدين بالضرورة ، أو يُخالف المشهورَ من الروايات ، فأولى أن نضعف يزيد الفارسي هذا بروايته هذا الحديث منفرداً به ، إلى أن البخاري ذكره في " الضعفاء " وينقل عن يحيى القطان أنه كان يكون مع الأمراء.

ثم بعد كتابة ما تقدَّم ، وجدت الحافظ ابن كثير نقل هذا الحديث في " التفسير " 4 / 106 - 107 ، وفي كتاب " فضائل القرآن " المطبوع في آخر " التفسير " ص 17 - 18 ، ووجدتُ أستاذنا العلامة السيد محمد رشيد رضا رحمه الله علَّق عليه في الموضعين ، فقال في الموضع الأول بعد الكلام على يزيد الفارسي : فلا يصحُّ أن يكونَ ما انفرد به مُعتَبراً في ترتيب القرآن الذي يُطلب فيه التواتر . وقال في الموضع الثاني : فمثل هذا الرجل لا يَصِحُّ أن تكونَ روايته التي انفرد بها مما يؤخذ به في ترتيب القرآن المتواتر .

وهذا يكاد يوافق ما ذهبنا إليه ، فلا عبرة بعد هذا كُلِّه في هذا الموضع بتحسين الترمذي ، ولا بتصحيح الحاكم ، ولا بموافقة الذهبي ، وإنما العبرةُ للحُجَّة والدليل ، والحمد لله على التوفيق .

 

وجاء في فضائل القرآن للقاسم بن سلام:

 

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ: " مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ، وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي، وَإِلَى بَرَاءَةَ وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا سَطْرَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ؟ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ، وَهُوَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوَرِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةٌ يَدْعُو بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ فَيَقُولُ: «ضَعُوا هَذِهِ السُّورَةَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُذْكَرُ فِيهِ كَذَا وَكَذَا» ، وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا، وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا، فَظَنَنْتُهَا مِنْهَا، وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَمْرَهَا، قَالَ: فَلِذَلِكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَجْعَلْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ، وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ "

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا أَدْرِي إِلَى مَنْ أَسْنَدَهُ، «أَنَّ الْأَنْفَالَ وَبَرَاءَةَ جُمِعَتَا؛ لِأَنَّ فِيهِمَا ذِكْرُ الْقِتَالَ» . قَالَ: يَقُولُ: «فَهُمَا جَمِيعًا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ»

 

في الحقيقة الحديث السابق معقول جدًّا وصادق وهو يفسر لنا سبب كون هاتين السورتين في القرآن الإسلامي بهذا الشكل، وبدون بسملة عند سورة التوبة المعروفة ببراءة.

 

وروى أحمد عن كيفية وضع آخر نص سورة التوبة هكذا:

 

1715 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَتَى الْحَارِثُ بْنُ خَزَمَةَ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ بَرَاءَةَ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128] إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، " وَاللهِ إِلا أَنِّي أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَعَيْتُهَا، وَحَفِظْتُهَا "، فَقَالَ عُمَرُ: " وَأَنَا أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَتْ ثَلاثَ آيَاتٍ لَجَعَلْتُهَا سُورَةً عَلَى حِدَةٍ، فَانْظُرُوا سُورَةً مِنَ القُرْآنِ، فَضَعُوهَا فِيهَا " فَوَضَعْتُهَا فِي آخِرِ بَرَاءَةَ.

إسناده ضعيف لتدليس محمد بن إسحاق، ولانقطاعه، قال الشيخ أحمد شاكر: عباد بن عبد الله بن الزبير ثقة، ولكنه لم يدرك قصة جمع القرآن بل ما أظنه أدرك الحارثَ بن خزمة، ولئن أدركه لما كان ذلك مصححاً للحديث، إذ لم يَرْوِه عنه، بل أرسل القصةَ إرسالاً. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" ص 38 من طريق محمد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مجمع الزوائد" 7/35، وقال: رواه أحمد، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس وباقي رجاله ثقات، ولم يتفطن الهيثمي لتعليله بالإرسال، وأورده ابن كثير في "تفسيره" 4/180 عن المسند، ولم يتكلم في تعليله بشيء.

وقال ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/390 في ترجمة الحارث هذا: وقد ذكر ابن منده أن الحارث بن خزمة هو الذي جاء إلى عمر بن الخطاب بالآيتين خاتمة سورة براءة: (لقد جَاءَكُم رَسول من أنفسكم...) إلى آخر السورة، وهذا عندي فيه نظر، ثم روى بإسناده من طريق الترمذي حديث زيد بن ثابت: "بعث إلى أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة، وذكر حديث جمع القرآن، وقال: فوجدت آخر سورة براءة مع خزيمة بن ثابت" ثم قال: وهذا حديث صحيح، وهو في "جامع الترمذي" (3103) .

قلنا: وأخرجه البخاري (4986) أيضا، قال الشيخ أحمد شاكر: فهذا هو الثبت، وأما حديث عباد بن عبد الله بن الزبير الذي هنا، فانه حديث منكر شاذ، مخالف للمتواتر المعلوم من الدين بالضرورة أن القرآن بلغه رسول الله لأمته سوراً معروفة مفصلة، يفصل بين كل سورتين منها بالبسملة إلا في "براءة" ليس لعمر ولا لغيره أن يرتب فيه شيئاً، ولا أن يضع آية مكان آية، ولا أن يجمع آيات وحدها فيجعلها سورة، ومعاذ الله أن يجول شيء من هذا في خاطر عمر، ثم من هذا الذي يقول في هذه الرواية هنا: "فوضعتها في آخر براءة" وفي رواية ابن أبي داود: "فألحقتها في آخر براءة"؟ أهو الحارث بن خزمة؟ لا، فإنه لم يكن ممن عهد إليه بجمع القرآن في المصحف، أهو عمر؟ لا، فالسياق ينفيه، لأن هذه الرواية تزعم أنه أمر بوضعها في براءة، فهو غير الذي نفذ الأمر، أم هو الراوي عباد بن عبد الله بن الزبير؟ لا، إنه متأخر جداً عن أن يدرك ذلك، حتى لقد قال العجلي: "وأما روايته عن عمر بن الخطاب فمرسلة بلا تردد". وأما نصُ تفسير ابن كثير في هذه الكلمة" فوضعوها في آخر براءة" فإنه غير صحيح، ومخالف لنص المسند الذي يروي عنه، ولعلها تحريف أو تغيير من أحد الناسخين، فهذا الحديث ضعيف الإسناد منكر المتن، وهو أحد الأحاديث التي يلعب بها المستشرقون وعبيدهم عندنا، يزعمون أنها تطعن في ثبوت القرآن، ويفترون على أصحاب رسول الله ما يفترون.

 

وللقصة شواهد من الصحيح، فروى البخاري:

 

7425 - حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ } حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ بِهَذَا وَقَالَ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ

 

4784 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ { مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ }

 

مسند أحمد (5/188) حديث رقم 21640، وسنن الترمذي برقم (3104) والنسائي في السنن الكبرى برقم (11401)

 

خلال إشراف عمر على الجمع والظاهر أنه بالإضافة إلى اقتراحه الجمع فهو من أشرف إداريًّا عليه وليس أبو بكر وإن صدر الأمر والرعاية له منه، كان يشترط وجود شاهدين على كل آية، ومنه خبر خزيمة بن ثابت الذي ذكرناه من أحاديث أخرى في الصحيحين، بالتالي فنعلم أنه ليس مستحيلًا قطعًا تقليد نصوص القرآن، وإلا لما كان احتاط عمر بشرط كهذا ولو أنه عمليًّا استثنى منه وعليه مرتين على الأقل حسب الأحاديث وأخبارها. والملحدون العرب والمسيحيون لهم تقليدات بعضها ممتاز لنصوص القرآن. أما هامش طبعة الرسالة فمضحك وكوميدي، فهل ناقدو الإسلام جاؤوا بالمعلومات للنقد من عندياتهم ومن بيوت آبائهم أم هي من متن وجسد كتب نصوص الإسلام الأساسية؟! ولهم أن يرتاحوا فعلى الأقل الآن يوجد ناقدون من إخوتهم وبنيهم، مشرقيون شرقيون ولسنا مستشرقين! فعلهم يقولون عنا الآن مستغربين ميالين للغرب، والدراسة عربية متأصلة كما ترى، لا لغو فيها ولا هذر وبها دراية وفهم للعربية، وإن نولدكه العظيم مثلًا وغيره كانوا كذلك علماء ممتازين في العربية بلا غبار عليهم ولا نقص. ووصفهم لنا بعبيد المستشرقين، فإن العقلاني الحر نصير العقلانية والعلم والحقائق لا يوصف بذلك، بل يوصف به في الحقيقة من يستلبون أنفسهم والناس من العامة للخرافات، فهم عبيد الخرافات وأكاذيب الأديان ولا تاريخيتها.

 

بعض الألفاظ غيّرها أبي بن كعب كمستشار لعثمان تبعًا لحفظه ونسخته:

 

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو وَائِلٍ شَيْخٌ مِنَ أَهْلِ الْيَمَنِ، عَنْ هَانِئٍ الْبَرْبَرِيِّ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ، وَهُمْ يَعْرِضُونَ الْمَصَاحِفَ، فَأَرْسَلَنِي بِكَتِفِ شَاةٍ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فِيهَا «لَمْ يَتَسَنَّ» ، وَفِيهَا «لَا تَبْدِيلَ لِلْخَلْقِ» ، وَفِيهَا «فَأَمْهَلِ الْكَافِرِينَ» . قَالَ: فَدَعَا بِالدَّوَاةِ فَمَحَا إِحْدَى اللَّامَيْنِ، وَكَتَبَ {لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] ، وَمَحَا «فَأَمْهِلِ» ، وَكَتَبَ {فَمَهِّلِ} [الطارق: 17]، وَكَتَبَ {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] أَلْحَقَ فِيهَا الْهَاءَ "

 

ولو أن هناك رواية تكذّب خبر الاستعانة بأي شكل بأبي، وأن المشير بذلك كان عثمان:

 

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ أَبِي الْجَرَّاحِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: كُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَ عُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَقَالَ زَيْدٌ: سَلْهُ عَنْ قَوْلِهِ: «لَمْ يَتَسَنَّ» أَوْ {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] ؟ " فَقَالَ عُثْمَانُ: «اجْعَلُوا فِيهَا الْهَاءَ»

 

 

اختلاف مصاحف الأمصار المنسوبة إلى عثمان رغم سعيه للتوحيد التام للنص

 

4- رغم ما يقال بأن عثمان أرسل عدة مصاحف لكل الأمصار المحكومة بالإسلام كمصر والمغرب والشام والعراق، لكن ولا ندري بأي كيفية نرى أن لك المصاحف بها بعض الاختلافات عن بعضها في بعض الحروف، لننظر مثلًا لكتاب (المقنع في مرسوم مصاحف الأمصار) للداني. وكتاب (المحكم في نقط المصحف) له:

جدول باختلاف مصاحف الأمصار

اختلاف مصاحف الأمصار الخمسة

 

اسم السورة

مصحف المدينة

مصحف مكة

مصحف الكوفة

مصحف البصرة

مصحف الشام

1

البقرة 116

وقالوا اتخذ

وقالوا اتخذ

وقالوا اتخذ

وقالوا اتخذ

قالوا اتخذ

2

البقرة 132

وأوصى

ووصى

ووصى

ووصى

واوصى

3

آل عمران 133

سارعوا

وسارعوا

وسارعوا

وسارعوا

سارعوا

4

آل عمران 184

والزبر والكتاب

والزبر والكتاب

والزبر والكتاب

والزبر والكتاب

وبالزبر وبالكتاب

5

النساء 66

إلا قليل

إلا قليل

إلا قليل

إلا قليل

إلا قليلا

6

المائدة 53

يقول الذين

يقول الذين

ويقول الذين

ويقول الذين

يقول الذين

7

المائدة 54

من يرتدد

من يرتد

من يرتد

من يرتد

من يرتدد

8

الأنعام 32

وللدار

وللدار

وللدار

وللدار

ولدار

9

الأنعام 63

لئن أنجيتنا

لئن أنجيتنا

لئن أنجينا

لئن أنجيتنا

لئن أنجيتنا

10

الأنعام 137

شركاوهم

شركاوهم

شركاوهم

شركاوهم

شركائهم

11

الأعراف 3

تذكرون

تذكرون

تذكرون

تذكرون

يتذكرون

12

الأعراف 43

وما كنا لنهتدي

وما كنا لنهتدي

وما كنا لنهتدي

وما كنا لنهتدي

ما كنا لنهتدي

13

الأعراف 75

قال الملا

قال الملا

قال الملا

قال الملا

وقال الملا

14

الأعراف 141

واذ انجينكم

واذ انجينكم

واذ انجينكم

واذ انجينكم

واذ انجاكم

15

التوبة 100

تجري تحتها

تجري من تحتها

تجري تحتها

تجري تحتها

تجري تحتها

16

التوبة 107

الذين اتخذوا

والذين اتخذوا

والذين اتخذوا

والذين اتخذوا

الذين اتخذوا

17

يونس 22

يسيركم

يسيركم

يسيركم

يسيركم

ينشركم

18

الإسراء 93

قل سبحان

قال سبحان

قل سبحان

قل سبحان

قال سبحان

19

الكهف 36

خيرا منهما

خيرا منهما

خيرا منها

خيرا منها

خيرا منهما

20

الكهف 95

ما مكني

ما مكنني

ما مكني

ما مكني

ما مكني

21

الأنبياء 4

قل ربي

قل ربي

قال ربي

قل ربي

قل ربي

22

الأنبياء 30

اولم ير الذين

الم ير الذين

اولم ير الذين

اولم ير الذين

اولم ير الذين

23

المؤمنون 87

سيقولون لله

سيقولون لله

سيقولون لله

سيقولون الله

سيقولون لله

24

المؤمنون 89

سيقولون لله

سيقولون لله

سيقولون لله

سيقولون الله

سيقولون لله

25

المؤمنون 112

قال كم لبثتم

قال كم لبثتم

قل كم لبثتم

قال كم لبثتم

قال كم لبثتم

26

المؤمنون 114

قال إن لبثتم

قال إن لبثتم

قل إن لبثتم

قال إن لبثتم

قال إن لبثتم

27

الفرقان 25

ونزل الملئكة

وننزل الملئكة

ونزل الملئكة

ونزل الملئكة

ونزل الملئكة

28

الشعراء 217

فتوكل

وتوكل

وتوكل

وتوكل

فتوكل

29

النمل 21

لياتيني

لياتينني

لياتيني

لياتيني

لياتيني

30

القصص 37

وقال موسى

قال موسى

وقال موسى

وقال موسى

وقال موسى

31

يس 35

وما عملته

وما عملته

وما عملت

وما عملته

وما عملته

32

الزمر 64

تامروني

تامروني

تامروني

تامروني

تامرونني

33

غافر 21

اشد منهم

اشد منهم

اشد منهم

اشد منهم

اشد منكم

34

غافر 26

وان يظهر

وان يظهر

وان يظهر

او ان يظهر

وان يظهر

35

الشورى 30

بما كسبت

فبما كسبت

فبما كسبت

فبما كسبت

بما كسبت

36

الزخرف 68

يعبادي

يعباد

يعباد

يعباد

يعبادي

37

الزخرف 71

ما تشتهيه

ما تشتهي

ما تشتهي

ما تشتهي

ما تشتهيه

38

الأحقاف 15

حسنا

حسنا

احسنا

حسنا

حسنا

39

محمد 18

ان تاتيهم

ان تاتهم

ان تاتهم

ان تاتيهم

ان تاتيهم

40

الرحمن 12

ذو العصف

ذو العصف

ذو العصف

ذو العصف

ذا العصف

41

الرحمن 78

ذي الجلل

ذي الجلل

ذي الجلل

ذي الجلل

ذو الجلل

42

الحديد 10

وكلا وعد الله

وكلا وعد الله

وكلا وعد الله

وكلا وعد الله

وكل وعد الله

43

الحديد 24

الغني

هو الغني

هو الغني

هو الغني

الغني

44

الشمس 15

فلا يخاف

ولا يخاف

ولا يخاف

ولا يخاف

فلا يخاف

 

 

وفي فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام سرد لهذه الاختلافات: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ، أَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ، وَأَهْلَ الْعِرَاقِ اخْتَلَفَتْ مَصَاحِفُهُمْ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ. قَالَ: كَتَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ (وَأَوْصَى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ) بِالْأَلِفِ، وَكَتَبَ أَهْلُ الْعِرَاقِ {وَوَصَّى} [البقرة: 132] بِغَيْرِ أَلِفٍ. وَفِي آلِ عِمْرَانَ، كَتَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ (سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) بِغَيْرِ وَاو، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: {وَسَارِعُوا} [آل عمران: 133] بِالْوَاوِ. وَفِي الْمَائِدَةِ (يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ) بِغَيْرِ وَاو، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: {وَيَقُولُ} [المائدة: 53] بِالْوَاوِ. وَفِيهَا أَيْضًا أَهْلُ الْمَدِينَةِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) بِدَالَيْنِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ {مَنْ يَرْتَدُّ} [المائدة: 54] بَدَالٍ وَاحِدَةٍ. وَفِي سُورَةِ بَرَاءَةَ، أَهْلُ الْمَدِينَةِ (الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا) بِغَيْرِ وَاو، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا} [التوبة: 107] بِالْوَاوِ. وَفِي الْكَهْفِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ (لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهُمَا مُنْقَلَبًا) عَلَى اثْنَيْنِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: {خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف: 36] عَلَى وَاحِدَةٍ. وَفِي الشُّعَرَاءِ، أَهْلُ الْمَدِينَةِ (فَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) بِالْفَاءِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: {وَتَوَكَّلْ} [الشعراء: 217] بِالْوَاوِ. وَفِي الْمُؤْمِنِ، أَهْلُ الْمَدِينَةِ (وَأَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ {أَوْ أَنْ} [هود: 87] بِأَلِفٍ. وَفِي عسق، أَهْلُ الْمَدِينَةِ: (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) بِغَيْرِ فَاءٍ. وَأَهْلُ الْعِرَاقِ {فَبِمَا كَسَبَتْ} [الشورى: 30] بِالْفَاءِ. وَفِي الزُّخْرُفِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: {تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ} [الزخرف: 71] بِالْهَاءِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ (تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ) بِغَيْرِ هَاءٍ. وَفِي الْحَدِيدِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ (إِنَّ اللَّهَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) بِغَيْرِ هُوَ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: {هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الحديد: 24] . وَفِي الشَّمْسِ وَضُحَاهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ: (فَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا) بِالْفَاءِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس: 15] بِالْوَاوِ.

إلخ لا حاجة لسرد كل القائمة لأنها في الجدول.

 

على أي حال اليوم وربما منذ فترة طويلة وحَّدَ المسلمون مصاحفهم على واحد فقط فيما أرى، وسارعوا لإخفاء هذا التناقض، لكنه موجود كحقيقة وتاريخ، واليوم مملكة السعودية كما ظهر لي تطبع مصحف المدينة بدون هذه الاختلافات عن المصحف المعتاد لمصر ومكة، وهي طريقتهم المفهومة لدفن التناقض.

 

أخطاء الكتابة والتسجيل وبقع الحبر والإملاء والنحو

 

5- بعض الكتب كفضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام والإتقان في علوم القرآن للسيوطي تذكر أن بعض ما في نسخة عثمان الحالية هي نتاج أخطاء كتابة وأحيانًا بقعة حبر، ونتاج أخطاء نحوية من غير متقن لقواعد اللغة باعتراف هذه الروايات، للاستزادة يمكن العودة لكتاب (الإتقان في تحريف القرآن) ليوسف درة الحداد وغيرها، وسنضع جزءً من بحث نولدكه (تاريخ القرآن) بآخر المبحث، الأمثلة:

 

في فضائل القرآن:

 

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا كُتِبَتِ الْمَصَاحِفُ عُرِضَتْ عَلَى عُثْمَانَ، فَوَجَدَ فِيهَا حُرُوفًا مِنَ اللَّحْنِ، فَقَالَ: " لَا تُغَيِّرُوهَا فَإِنَّ الْعَرَبَ سَتُغَيِّرُهَا، أَوْ قَالَ: سَتُعَرِّبُهَا بِأَلْسِنَتِهَا، لَوْ كَانَ الْكَاتِبُ مِنْ ثَقِيفٍ، وَالْمُمَلِّي مِنْ هُذَيْلٍ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ هَذِهِ الْحُرُوفُ "

 

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ لَحْنِ الْقُرْآنِ: عَنْ قَوْلِهِ {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: 63] ، وَعَنْ قَوْلِهِ {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [النساء: 162] وَعَنْ قَوْلِهِ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} فَقَالَتْ: «يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذَا عَمَلُ الْكُتَّابِ أَخْطَئُوا فِي الْكِتَابِ»

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: [ص:288] " فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَكَانَ قَوْلِهِ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 62] : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ ". قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَيُرْوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ أَبِي عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ: قُلْتُ لَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ: مَا شَأْنُهَا كُتِبَتْ {وَالْمُقِيمِينَ} [النساء: 162] ؟ قَالَ: إِنَّ الْكَاتِبَ لَمَّا كَتَبَ قَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ فَقِيلَ لَهُ: اكْتُبْ {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} [النساء: 162]

 

{وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)} الرعد

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ «أَفَلَمْ يَتَبَيَّنِ الَّذِينَ آمَنُوا»

 

وهي في البحر المحيط والطبري والتبيان والقراآت الشاذة لابن خالويه، وتنسب كذلك لجماعة منهم علي وابن مسعود وجعفر بن محمد، وقال ابن خالويه: "قال ابن عباس: إنما كتبها الكاتب وهو ناعس!" وورد نحو ذلك في الدر المنثور.

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)} النور

 

روى الحاكم في المستدرك:

 

3496 - حدثنا أبو علي الحافظ أنبأ عبدان الأهوازي ثنا عمرو بن محمد الناقد ثنا محمد بن يوسف ثنا سفيان عن شعبة عن جعفر بن إياس عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما  في قوله تعالى : {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا} قال : أخطأ الكاتب حتى تستأذنوا

 هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

قال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم

 

وهي في فضائل القرآن لأبي عبيد والطبري ومعاني القرآن للفراء والقراآت الشاذة والأدب المفرد للبخاري1056.

 

وفي بعض الكتب سنوردها بمراجعها من كتاب نولدكه بآخر المبحث أن آية {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)} الإسراء:23، هي نتيجة بقعة حبر جعلت الناسخ لا ينقلها بشكل سليم وأنها كانت {ووصَّى ربك}.

 

6- تنقيط القرآن تم برعاية وإشراف الوالي الحجّاج بن يوسف الثقفي، وقام كذلك بتغيير وضبط بعض ألفاظه!

 

رغم الأحاديث السنية الملفقة صحيحة الإسناد بزعمهم عن إدانة محمد للحجاج كسفاح وقاتل بمسمى (مبير ثقيف) راجع باب (مما أحدثوه في دينهم)، فإنه له دورًا مهمًّا في صياغة نص القرآن الحالي قام به تحت رعاية ورضا الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، فجاء في كتاب المصاحف لابن أبي داوود:

 

بَابُ مَا كَتَبَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ فِي الْمُصْحَفِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ غَيَّرَ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا قَالَ: كَانَتْ فِي الْبَقَرَةِ (لَمْ يَتَسَنَّ وَانْظُرْ) بِغَيْرِ هَاءٍ فَغَيَّرَهَا {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] بِالْهَاءِ، وَكَانَتْ فِي الْمَائِدَةِ (شَرِيعَةً وَمِنْهَاجًا) فَغَيَّرَهَا {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] ، وَكَانَتْ فِي يُونُسَ (هُوَ الَّذِي يَنْشُرُكُمْ) فَغَيَّرَهُ {يُسَيِّرُكُمْ} [يونس: 22] ، وَكَانَتْ فِي يُوسُفَ (أَنَا آتِيكُمْ بِتَأْوِيلِهِ) فَغَيَّرَهَا {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: 45] ، وَكَانَتْ فِي الْمُؤْمِنِينَ (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ لِلَّهِ لِلَّهِ) ثَلَاثَتُهُنَّ، فَجَعَلَ الْأُخْرَيَيْنِ (اللَّهُ اللَّهُ) ، وَكَانَتْ فِي الشُّعَرَاءِ فِي قِصَّةِ نُوحٍ (مِنَ الْمُخْرَجِينَ) ، وَفِي قِصَّةِ لُوطٍ (مِنَ الْمَرْجُومِينَ) فَغَيَّرَ قِصَّةَ نُوحٍ {مِنَ الْمَرْجُومِينَ} [الشعراء: 116] وَقِصَّةَ لُوطٍ {مِنَ الْمُخْرَجِينَ} [الشعراء: 167] ، وَكَانَتِ الزُّخْرُفُ (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعَايشَهُمْ) فَغَيَّرَهَا {مَعِيشَتَهُمْ} [الزخرف: 32] ، وَكَانَتْ فِي الَّذِينَ كَفَرُوا (مِنْ مَاءٍ غَيْرِ يَاسِنٍ) فَغَيَّرَهَا {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} [محمد: 15] ، وَكَانَتْ فِي الْحَدِيدِ (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاتَّقَوْا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) ، فَغَيَّرَهَا {وَأَنْفَقُوا} [البقرة: 195] ، وَكَانَتْ فِي إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ) فَغَيَّرَهَا {بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] "

 

واضح إذن أن بعض تغييراته كانت تصويبات جيدة لتصحيفات وأخطاء

 

الحجاج كوالٍ وممثل للدولة الأموية ومطاردته للقراآت المخالفة ورواتها وتهديدهم

 

جاء في تاريخ دمشق لابن عساكر والبداية والنهاية لابن كثير والكامل في التاريخ لابن الأثير، نقلي من البداية والنهاية عن تهديد وتهجم الحجاج على أصحاب قراءة عبد الله بن مسعود وذكرى ابن مسعود نفسه حيث سماه عبد هذيل:

 

قال أبو داود : ثنا محمد بن العلاء ، ثنا أبو بكر ، عن عاصم قال : سمعت الحجاج ، وهو على المنبر يقول : اتقوا الله ما استطعتم ليس فيها مثنوية واسمعوا وأطيعوا ليس فيها مثنوية لأمير المؤمنين عبد الملك ، والله لو أمرت الناس أن يخرجوا من باب المسجد فخرجوا من باب آخر لحلت لي دماؤهم وأموالهم ، والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي من الله حلالا ، وما عذيري من عبد هذيل يزعم أن قرآنه من عند الله ، والله ما هي إلا رجز من رجز الأعراب ما أنزلها الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعذيري من هذه الحمراء ، يزعم أحدهم يرمي بالحجر فيقول : إلى أن يقع الحجر حدث أمر . فوالله لأدعنهم كالأمس الدابر . قال : فذكرته للأعمش ، فقال : وأنا والله سمعته منه

 
وروراه أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن محمد بن يزيد ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود والأعمش ، أنهما سمعا الحجاج قبحه الله يقول ذلك ، وفيه : والله لو أمرتكم أن تخرجوا من هذا الباب ، فخرجتم من هذا الباب ، لحلت لي دماؤكم ، ولا أجد أحدا يقرأ على قراءة ابن أم عبد إلا ضربت عنقه ، ولأحكنها من المصحف ولو بضلع خنزير .


وروراه غير واحد عن أبي بكر بن عياش بنحوه وفي بعض الروايات : والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه . وهذا من جراءة الحجاج - قبحه الله وإقدامه على الكلام السيئ والدماء الحرام . وإنما نقم على قراءة ابن مسعود رضي الله عنه لكونه خالف القراءة على المصحف الإمام ، الذي جمع الناس عليه عثمان ، والظاهر أن ابن مسعود رجع إلى قول عثمان وموافقيه ، والله أعلم .

 

أما عن تاريخ اضطهاد مطاردة قارئي قراآت الصحابة المخالفة للرسم العثماني للمصحف فانظر الملحق مع هذا المبحث المأخوذ من تأريخ القرآن للعلامة الجرمانيّ المستعرب ثيودور نولدكه.

 

اختلاف القراآت الرسمية المعترف بها الموجودة اليوم

 

7- وختامًا القراآت العشر التي قد نعتبرها أكثر من ذلك إذا علمنا أن كل قارئ له راويان على الأقل أو أكثر مختلفان عن بعضهما في بعض القراآت، تحتمل كل القراآت الممكنة لغويًّا ومنطقيًّا للرسم العثماني الذي كان بلا نقط ولا تشكيل، ويمكن إضافة ألف مد وفقًا لهذا الرسم أو حذفها لأنها كانت لا تكتب أحيانًا وهكذا وسنذكر أمثلة أدناه على هذه القراآت وعلى قراآت الصحابة. ولمن شاء فليقم بتحميل كتاب معجم القراآت لعبد اللطيف البغدادي أو معجم القراآت للدكترين أحمد مختار عمر وعبد العال سالم مكرم، وبمكبتي عشرات الكتب عن علم القراآت يطول ذكرها، لكن كل من المرجعين المذكورين وكتاب تأريخ القرآن لنولدكه وتلاميذه، وما فيهم من ثبت مراجع فيه كفاية لمن شاء.

 

 

 

 

 

 

نماذج نوردها أدناه من سورة العلق وحتى سورة الفجر (بترتيب السور حسب التأليف حسب محاولة نولدكه التقريبية لترتيبها)

 

من سور الفترة المكية الأولى

 

96 سورة العلق

 

قرأ عبد الله بن الزبير: علَّم الخط بالقلم، بدلاً من: علّم بالقلم، وقرأ ابن مسعود: لأسفعًا، بدلًا من: لنسفعًا، وقرأ ابن أبي أبو حيوة: ناصيةً كاذبةً بالنصب بدلًا من الكسر، وقرأ عبلة وزيد بن علي خاطئةٍ بالضم بدل الكسر، وقرأ الكسائي ناصيةٌ كاذبةٌ خاطئةٌ الثلاثة بالضم، وقرأ ابن مسعود فليدعُ إليَّ ناديه، بدلا من فليدعُ ناديه، وقرأ ابن أبي عبلة سيُدعى بدل سندعُ، وقرأ ابن مسعود سأدعو، وفي قراءة أخرى ستُدعى.

 

74 المدثر

 

قرأ أبي بن كعب: المتدَثِّر، بدلًا من: المُدَّثِّر، وقرأها عكرمة المُدَثَّر بدون شدة على الدال، وقرأ الحسن وابن أبي عبلة: تستكثرْ بسكون لجذم الفعل كنهي، بدلًا من: تستكثرُ بالضم كاستئناف للكلام وشرح، وقرأها الحسن والأعمش ويحيى بفتح الراء كشرح محذوف من أنْ، وقرأها ابْنِ مَسْعُودٍ: "وَلَا تَمْنُنْ أَنْ تَسْتَكْثِرَ". وفي قراءة أخرى منسوبة لابن مسعود: تستكثرْ من الخير، وقرأ الحسن: عسِر، بدلًا من: عسير، وقرأ عطية العوفي وزيد بن علي والحسن وابن أبي عبلة ونصر بن عاصم وعيسى الهمداني بن عمر: لواحةٌ، بالنصب بدلًا من الضم، وقرأ أنس بن مالك: تسعةُ عشرَ وقرأ: تسعةُ أعشرَ، وقرأ تسعةُ وعْشُرَ، وقرأها تسعةُ وعشَر، وتسعةُ وعَشْرُ، وتسعةَ أعشرَ، وله قراآت أخرى لها منسوبة له، وقرأها سليمان بن قتة: تسعةُ أعشرٍ، وقرأ أبو جعفر المدني: تسعةَ أعْشَرَ، كل هذه القراآت بدلا من: تسعةَ عشرَ، وقرأ الكثير من القراء الآية33: إذا دَبَرَ، بدلًا من: إذْ أدْبَرَ، وقرأها آخرون: إذا أدبر، وقرأ محمد بن السميفع وعيسى الهمداني بن الفضل في الآية34: سَفَر، بدلًا من: أَسْفَرَ، وقرأ أبي وابن أبي عبلة في الآية 36: نذيرٌ بالضم بدلًا من النصب،  وقرأ ابن الزبير وعمرو بن دينار وعمر بن الخطاب في الآية42: يا فلان ما سلكك، بدلًا من: ما سلككم، وقرأ عدة قراء: مستفَرَة، بفتح الفاء كمفعول به، بدلًا من مُستنفِرة بكسرها، وفي الآية53 قرأ ابن عامر وأبو حيوة: تخافون، بدلًا من يخافون في قراءة حفص وقراآت أخرى، وفي الآية 56 قرأ نافع وسلام ويعقوب وأبو حاتم: تَذْكُرون، بدلا من: يَذْكُرُون، وقرأها أبو حيوة: يَذَّكَّرُون، وقرأها أبو جعفر: تَذَّكَّرُون

 

111 المسد

 

قرأ في الآية1 ابن مسعود وأبي بن كعب والأعمش: وقد تبَّ، بدلا من: وتبَّ، وقرأ ابن مسعود والأعمش في الآية2: اكتسب، بدلا من كسَبَ، وقرأ عدة منهم ابن مسعود وأبو حيوة وعباس سيُصلَّى مبنيا للمجهول وبشدة على اللام، بدلا من سيَصلى، وقرأها آخرون: سيُصْلَى، وقرأ ابن مسعود في الآية4: ومُرَيْئَتَه بالتصغير كتحقير، بدلا من: وامرأته، وقرأ عدة قراء: حمالةُ الحطب بالضم بدل الفتح، وقرأ ابن مسعود: حمالةٌ للحطب، وقرأ أبو قلابة حاملةَ الحطب.

 

105 الفيل (مع مخالفة لترتيب نولدكه للتأليف، لسبب ارتأيناه)

 

قرأ في الآية4 أبو حنيفة وابن يعمر وعيسى الهمداني وطلحة والأعرج: يرميههم بضمير يعود على الله، بدلا من ترميهم كضمير يعود على الطير، وفي الآية 5 قرأ أبو المليح الهذلي: فتركهم، بدلا من: فجعلهم.

 

106 قريش

 

يعتقد كثير من المفسّرين أن سياق سورة قريش تكملة لما في سورة الفيل، وأن لجنة عثمان في جمعها أخطأت حينما جعلت النص سورتين وأنها في الأصل سورة واحدة، وحقيقة نجد أن سياق الكلام مبتور فعلًا، يبدأ بجملة وحدها تعتبر ناقصة غير مكتملة المعنى.

 

يقول ابن كثير في تفسيره:

 

هَذِهِ السُّورَةُ مَفْصُولَةٌ عَنِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ، كَتَبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِمَا قَبْلَهَا. كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عِنْدَهُمَا: حَبَسْنَا عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَأَهْلَكْنَا أَهْلَهُ {لإيلافِ قُرَيْشٍ} أَيْ: لِائْتِلَافِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي بَلَدِهِمْ آمِنِينَ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا كَانُوا يَأْلَفُونَهُ مِنَ الرِّحْلَةِ فِي الشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ، وَفِي الصَّيْفِ إِلَى الشَّامِ فِي الْمَتَاجِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى بَلَدِهِمْ آمِنِينَ فِي أَسْفَارِهِمْ؛ لِعَظَمَتِهِمْ عِنْدَ النَّاسِ، لِكَوْنِهِمْ سُكَّانَ حَرَمِ اللَّهِ، فَمَنْ عَرَفهم احْتَرَمَهُمْ، بَلْ مَنْ صُوفِيَ إِلَيْهِمْ وَسَارَ مَعَهُمْ أَمِنَ بِهِمْ. هَذَا (5) حَالُهُمْ فِي أَسْفَارِهِمْ وَرِحْلَتِهِمْ فِي شِتَائِهِمْ وَصَيْفِهِمْ. وَأَمَّا فِي حَالِ إِقَامَتِهِمْ فِي الْبَلَدِ، فَكَمَا قَالَ اللَّهُ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [الْعَنْكَبُوتِ:67] وَلِهَذَا قَالَ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ} بَدَلٌ مِنَ الْأَوَّلِ وَمُفَسِّرٌ لَهُ. ولهذا قال: {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الصَّوَابُ أَنَّ "اللَّامَ" لَامُ التَّعَجُّبِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: اعْجَبُوا لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ وَنِعْمَتِي عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ. قَالَ: وَذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُمَا سُورَتَانِ مُنْفَصِلَتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ.

 

ويقول ابن إسحاق كما يروي عنه ابن هشام في السيرة:

 

قال ابن إسحاق: فلما بعث الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم - كان مما يَعُدُّ الله على قريش من نعمته عليهم وفضله، ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم، فقال الله تبارك وتعالى: {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل:1-5] وقال: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ. إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش:1-4] أي لئلا يغير شيئاً من حالهم التي كانوا عليها، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه. تفسير مفردات سورتي الفيل وقريش: قال ابن هشام...إلخ

 

ونلاحظ أن هذه المرة الوحيدة التي يعامل فيها ابن هشام سورتين على أنهما واحدة ويورد معانيهما سويًّا وليس كل واحدة على حدة.

 

توجد عدة قراآت لكلمة لإيلاف قد نعتبرها لهجات فيها، لكن أسوأها قراءة أبي جعفر: لإِلْفِ، وقرأها ابن مسعود: لَيَأْلَفْ/ لِيَأْلَفْ، وقرأها عكرمة لِتَأْلَفْ، ونسب لعكرمة وهلال بن فتيان: لَتَأْلَفْ، ونسب لمحمد نفسه في مختصر شواذ القراآت: ويلُ أمِّكم قريش إِلْفِهِم! وجاء في تفسير ابن كثير: وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو العَدَني، حَدَّثَنَا قَبِيصة، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "وَيْلُ أُمِّكُمْ، قُرَيْشٍ، لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ" ثُمَّ قَالَ:حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا المؤَمَّل بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى -يعني ابن يونس-عن عُبَيد الله ابن أَبِي زِيَادٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. وَيَحْكُمُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَكُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَكُمْ مِنْ خَوْفٍ".

 

وروى أحمد:

 

27607 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَدَّاحُ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: 2] " وَيْحَكُمْ يَا قُرَيْشُ، اعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَكُمْ مِنْ جُوعٍ، وَآمَنَكُمْ مِنْ خَوْفٍ ".

 

إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وعبيدُ الله بن أبي زياد القدَّاح -وإن كان ضعيفاً كذلك- توبع. وبقية رجاله ثقات. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السَّبِيعي.

وأخرجه ابن أبي حاتم -فيما ذكر ابن كثير في "تفسيره" –عن أبيه، عن المؤمل بن الفضل، عن عيسى بن يونس، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن شهر بن حوشب، عن أسامة بن زيد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال ابن كثير: هكذا رأيته عن أسامة بن زيد، وصوابُه عن أسماء بنت يزيد بن السكن أم سلمة الأنصارية، فلعله وقع غلط في النسخة أو في أصل الرواية، والله أعلم.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 318، وحفص الدوري في "قراءات النبي" (133) ، وابن أبي حاتم -فيما ذكر ابن كثير-، والطبراني في "الكبير" 24/ (447) من طريق قبيصة بن عقبة، والطبري في "تفسيره" 30/305 من طريق مهران بن أبي عمر الرازي، كلاهما عن سفيان الثوري، عن ليث بن أبي سليم، عن شهر، عن أسماء بنت يزيد، أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ: "ويل أمِّكم قريش إيلافهم رِحْلَةَ الشِّتَاءِ والصَّيف"

وأخرجه الحاكم 2/256 من طريق عبد الحميد بن بهرام، عن شهر، عن أسماء، قالت: سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ: (لإيلاف قريش إيلافهم، رحلة الشتاء والصيف) . وقال: هذا حديث غريب عالٍ في هذا الباب، والشيخان لا يحتجان بشهر بن حوشب.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/143، وقال: رواه أحمد والطبراني باختصار، وفيه عبيد الله بن أبي زياد القداح وشهر بن حوشب، وقد وثقا، وفيهما ضعف، وبقية رجال أحمد ثقات.

 

وقرأ أبو السمال: رُحلة، بضم الراء ومعناها الجهة التي يُرحَل إليها، بدلًا من رِحلة مصدر رحل وبمعنى السفر.

 

108 الكوثر

قرأ في الآية1 الحسن وطلحة وابن محيصن والزعفراني وأم سلمة: أنطيناك، بمعنى ولهجة في أعطيناك.

 

104 الهمزة

 

قرأ ابن مسعود  وأبو وائل والنخعي والأعمش: ويل للهمزة واللمزة، وفي رواية أخرى عن ابن مسعود للهمزة واللمزة، وقرأ الحسن لننبذنَّه بدلا من لينبذنَّ، وقرأ أبي بن كعب بدلًا من مؤصدة: مطبَقة، وقرأ ابن مسعود بدلًا من في عمد: بعمد وهي أوضح معنى.

 

107 الماعون

 

قرأ ابن مسعود: أرأيتك، بدلا من: أرأيت،  وقرأ: يكذّب الدين، بدلا من: يكذب بالدين، وقرأ أبو رجاء وعلي والحسن واليماني: يَدَعُ بدلا من يّدَّع، وقرأ يد بن علي: يَحاضُّ، بدلا من يَحُضُّ، وقرأ ابن مسعود: لاهون، بدلا من ساهون.

 

102 التكاثر

 

قرأ كثير من القراء منهم ابن عامر وعائشة وابن عباس ومالك بن دينار: آلهاكم بصيغة الاستفهام، بدلا من ألهاكم، وقرأ الكسائي والشعبي وأبو العالية وأبو بكر وابن أبي عبلة: أألهاكم، وقرأ مالك بن دينار: يعملون بدلا من تعملون، وقرأ ابن عامر والكسائي وعلي بن أبي طالب و مجاهد والأشهب وابن أبي عبلة والسلمي لَتُرَوُنَّ مبنيا للمجهول بدلا من: لَتَرَوُنَّ، وقرأ ابن كثير وعاصم وعلي ومجاهد والأشهب وابن أبي عبلة والسلمي: لَتُرَوُنَّها بدلا من: لَتَرَوُنَّها.

 

92 الليل

 

{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)}

 

روى البخاري:

 

4943 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ دَخَلْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّأْمَ فَسَمِعَ بِنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَتَانَا فَقَالَ أَفِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ فَقُلْنَا نَعَمْ قَالَ فَأَيُّكُمْ أَقْرَأُ فَأَشَارُوا إِلَيَّ فَقَالَ اقْرَأْ فَقَرَأْتُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ أَنْتَ سَمِعْتَهَا مِنْ فِي صَاحِبِكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَأَنَا سَمِعْتُهَا مِنْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَؤُلَاءِ يَأْبَوْنَ عَلَيْنَا

 

4944 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَدِمَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَطَلَبَهُمْ فَوَجَدَهُمْ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُلُّنَا قَالَ فَأَيُّكُمْ أَحْفَظُ فَأَشَارُوا إِلَى عَلْقَمَةَ قَالَ كَيْفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} قَالَ عَلْقَمَةُ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَكَذَا وَهَؤُلَاءِ يُرِيدُونِي عَلَى أَنْ أَقْرَأَ {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} وَاللَّهِ لَا أُتَابِعُهُمْ

 

3742 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَدِمْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْتُ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَقُلْتُ إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا فَيَسَّرَكَ لِي قَالَ مِمَّنْ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ وَفِيكُمْ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ يَعْنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ يَقْرَأُ عَبْدُ اللَّهِ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ

 

3743 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشَّأْمِ فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا فَجَلَسَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِمَّنْ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ أَوْ مِنْكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ يَعْنِي حُذَيْفَةَ قَالَ قُلْتُ بَلَى قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ أَوْ مِنْكُمْ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي مِنْ الشَّيْطَانِ يَعْنِي عَمَّارًا قُلْتُ بَلَى قَالَ أَلَيْسَ فِيكُمْ أَوْ مِنْكُمْ صَاحِبُ السِّوَاكِ وَالْوِسَادِ أَوْ السِّرَارِ قَالَ بَلَى قَالَ كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} قُلْتُ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ مَا زَالَ بِي هَؤُلَاءِ حَتَّى كَادُوا يَسْتَنْزِلُونِي عَنْ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

3761 - حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ دَخَلْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا فَرَأَيْتُ شَيْخًا مُقْبِلًا فَلَمَّا دَنَا قُلْتُ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اسْتَجَابَ قَالَ مِنْ أَيْنَ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ أَفَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ الَّذِي أُجِيرَ مِنْ الشَّيْطَانِ أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ كَيْفَ قَرَأَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ {وَاللَّيْلِ} فَقَرَأْتُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ أَقْرَأَنِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاهُ إِلَى فِيَّ فَمَا زَالَ هَؤُلَاءِ حَتَّى كَادُوا يَرُدُّونِي

 

وروى مسلم:

 

[ 824 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب واللفظ لأبي بكر قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال قدمنا الشام فأتانا أبو الدرداء فقال أفيكم أحد يقرأ علي قراءة عبد الله فقلت نعم أنا قال فكيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية {والليل إذا يغشى} قال سمعته يقرأ {والليل إذا يغشى} والذكر والأنثى قال وأنا والله هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ وما خلق فلا أتابعهم

 

 [ 824 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال أتى علقمة الشام فدخل مسجدا فصلى فيه ثم قام إلى حلقة فجلس فيها قال فجاء رجل فعرفت فيه تحوش القوم وهيئتهم قال فجلس إلى جنبي ثم قال أتحفظ كما كان عبد الله يقرأ فذكر بمثله

 

 [ 824 ] حدثنا علي بن حجر السعدي حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة قال لقيت أبا الدرداء فقال لي ممن أنت قلت من أهل العراق قال من أيهم قلت من أهل الكوفة قال هل تقرأ على قراءة عبد الله بن مسعود قال قلت نعم قال فاقرأ {والليل إذا يغشى} قال فقرأت {والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى}  والذكر والأنثى قال فضحك ثم قال هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها

 

ومن مرويات أحمد بن حنبل:

 

27538 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ قَدِمَ الشَّامَ فَدَخَلَ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: اللهُمَّ ارْزُقْنِي جَلِيسًا صَالِحًا قَالَ: فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ يَقْرَأُ: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى؟ قَالَ عَلْقَمَةُ: " وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى " فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: " لَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا زَالَ هَؤُلَاءِ حَتَّى شَكَّكُونِي " ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ الْوِسَادِ، وَصَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ، وَالَّذِي أُجِيرَ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَصَاحِبُ الْوِسَادِ: ابْنُ مَسْعُودٍ، وَصَاحِبُ السِّرِّ حُذَيْفَةُ، وَالَّذِي أُجِيرَ مِنَ الشَّيْطَانِ عَمَّارٌ.

 

ورواه أحمد(27535) و (27539) و (27544) و (27549) و (27554). والنسائي في "الكبرى" (11677) -وهو في "التفسير" له (697) - والطبري في "تفسيره" 30/217 ،والطبري 30/217-218، والخطيب في "تاريخه" 14/3 والترمذي (2939)، وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (في تفسير سورة الليل)، والحميدي (396)، وابن حبان (6330)

 

معنى هذا أن النص الأصلي كان يقسم فيه الله بطاقة الذكورة والأنوثة، وهذا ممكن جدًّا لأن هناك قسم في القرآن بالشمس والقمر والليل والضحى ونفس وما سوّاها وغيرها مما يتخيل العقل الديني أنه من خلق وإيجاد الله، لكن لجنة عثمان كان حفظها لهذه الآية مختلف أو أقل جودة أو أنهم غيّروها حسبما تراءى لهم أدبيًّا ولاهوتيًّا. هذه القراءة المذكورة هي قراءة ابن مسعود وأبي الدرادء وعلي وابن العباس وهي في كتب التفسير والقراآت. وهي شبيهة بقوله في سورة البلد: 3 {ووالدٍ وما ولدَ}.

 

90 البلد

 

قرأ ابن كثير والحسن والأعمش: لأقسم بصيغة التوكيد، بدلًا من: لا أقسم، وهو نفي للإثبات، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي وابن محيصن واليزيدي والحسن وأبو رجاء وعلي بن أبي طالب وابن أبي إسحاق: فكَّ رقبةً أو أطعمَ (فعل ومفعول به)، بدلًا من فكُّ رقبةٍ أو إطعامٌ (خبر محذوف مبتدؤه تقديره هي، و إطعام معطوف عليه)، وقرأ الحسن و أبو رجاء وعلي: ذا مسغبة بمعنى شخصا جائعا (مفعول به)، بدلا من ذي مسغبة كصفة لليوم.

 

94 الشرح

 

قرأ ابن مسعود وأنس بن مالك: وحللنا، بدلا من: ووضعنا عن وزرك، وقرأ ابن مسعود: وِقْرَك، بدلا من: وزرك، وحذف ابن مسعود تكرار جملة {إن مع العسر يسرا}، وقرأ زيد بن علي وعلي بن أبي طالب: وإلى ربك فرغِّب، بدلا من: فارغب.

 

93 الضحى

 

ينسب لابن مسعود إحدى القراءتين: وسيعطيك، أو: ولسيعطيك، بدلا من ولسوف يعطيك، وقرأ ابن مسعود: عديمًا، بدلا من عائلا وهذه من قراآته بالمعنى والتفسير بمعنى فقيرًا، وقرأ ابن مسعود وإبراهيم النخعي والشعبي: فلا تكهر، بدلا من فلا تقهر، والكهر هو القهر أو عبوس الوجه أو الشتم.

 

97 القدر

 

قرأ طلحة بن مصرف ومحمد بن السميفع: تُنَزَّل الملائكة، بدلا من تَنَزَّل، وقرأ ابن عباس وعكرمة وعلي والكلبي: امرئٍ، بدلا من: أمرٍ، وقرأ أبي بن كعب: إلى مطلع، بدلا من: حتى مطلع.

 

86 الطارق

 

في الآية4 قرئت قراءة شاذة بحذف لفظة لمّا، انظر البحر المحيط، وقرأ بعضهم أنَّ بدلا من: إنْ كما في مختصر شواذ القراآت، وفي الآية6 قرأ زيد بن علي: مدفوق، بدلًا من: دافق، وفي7 قرأ ابن أبي عبلة وابن مقسم: يُخْرَجُ، بدلا من يَخرُجُ، كما في البحر المحيط، وقرأ ابن عباس في الآية17: مهِّلهم، بدلا من: أمهلهم كما في البحر المحيط والمجمع للطبرسي والمحتسب لابن جني.

 

91 الشمس

 

في الآية14 قرأ ابن الزبير: فدهدم، بدلا من فدمدم، ربما لهجة أو لغة، وفي الآية15 قرأ بعض القراء السبعة هم نافع وابن عامر وأبو جعفر والصحابي أبي بن كعب والأعرج وأبو عبد الله: فلا يخاف، بدلًا من: ولا يخاف، وهي من اختلافات مصاحف الأمصار كما ذكرنا وهي مرئية لكل من قارن بين المصاحف، مثلا مصاحف القراآت مختلفة، ومرسوم مصحف المدينة يختلف قليلا عن مصحف مكة ومصر، ولو صحت قصة إرسال عثمان لمصاحفه لكل الجهات فهناك شيء ما حدث خطأ، ربما لم تكن تلك المصاحف واحدة تمامًا، أو ربما احتفظ كل إقليم في النهاية بأثر خفيف من قراآت الصحابيّ التي كانت سائدة قبل فعل عثمان كمقاومة أخيرة وأثر باهت.

 

80 عبس

 

في الآية10 قرأ أبو جعفر وأبو جعفر الباقر: تُلَهَّى، بدلًا من:تَلَّهَى، وقرأ طلحة بن مصرف تتلَهّى وقرأ تَلْهَى، وفي الآية22 قرأ نافع وأبو حيوة وشعيب بن الحبحاب: نشره، بدلًا من: أنشره، وقرأ في الآية25 عدة قراء منهم بعض السبعة: إنَّا صببنا، بدلًا من: أنَّا، وقرأ في الآية37 الزهري وابن محيصن وحميد وابن أبي عبلة ومحمد بن السميفع: شأن يَعْنِيه، بدلا من: شأن يُغْنِيِه، وهذا يؤدّي إلى اختلاف المعنى.

 

68 القلم

 

في الآية9 قرأ بعضهم: فيُدهِنوا، بدلًا من فيدهنون، حيث اعتبروها جملة جواب الطلب، انظر تفسير فخر الدين الرازي والبحر المحيط لابن حيان والألوسي ج29 ومغني اللبيب ج1 وشرح التصريح ج2، وفي الآية14 قرأ عاصم وابن عامر وحمزة وشعبة وروح وأبو جعفر والمفضل والحسن البصري: أأنْ كان بصيغة الاستفهام، بدلًا من أنْ التفسيرية، وقرأها نافع واليزيدي: إنْ كأداة شرط، وفي الآية 15 قرأ الحسن: أإذا تُتلى، بدلًا من إذا تُتلى، وقرأ ابن مسعود وابن أبي عبلة في الآية 24: لا يَدخُلَنَّها: بدلا من: أن لا يدخلنَّها، وفي الآية39 قرأ نافع وأبو عمرو وأبو جعفر: يُبدِّلَنا، بدلا من: يُبْدِلَنا، وقرأ الحسن في الآية38: آنَ لكم، بصيغة الاستفهام، بدلا من: إنَّ لكم كصيغة خبرية، وقرأها الأعرج: أإِنَّ، وقرأها طلحة والضحّاك: أنّ، ونسب للأعرج بن هرمز قراءة: أَيْنَ، وقرأ في الآية39 الحسن وزيد بن علي: بالغةً، على أنها حال نصوب، بدلا من: بالغةٌ كصفة، وقرأ الأعرج: أإنَّ لكم، بصيغة الاستفهام، بدلا من: إنَّ لكم، وقرأ الأعرج (ابن هرمز) أين لكم، وقرأ ابن مسعود الصحابي في الآية41: شِرْكٌ، بدلا من: شُركاءُ، وقرأ ابن مسعود وابن أبي عبلة: بشِرْكِهِم، بدلا من: بشركائهم، وقرآ في 42 يَكشِف، بدلا من: يُكشَف، وقرأها ابن عباس وابن هرمز: نكشف، وقرأها الحسن وأبو العالية: تُكْشَفُ، وفي الآية49 قرأ الحسن والأعرج والأعمش: تدّاركه (فعل مضارع بلهجة قريش) بدلا من: تَدَاركه (فعل ماضٍ، بغير شدة على الدال)، وقرأها ابن مسعود وابن عباس: تداركته، وفي الآية51 قرأ ابن مسعود والأعمش وعيسى الهمداني ومجاهد وأبو وائل: لَيُزْهِقونَك، بدلا من: لَيُزْلِقونَك.

 

87 الأعلى

 

قرأ في الآية1 أبي بن كعب وعبد الله بن عمر بن الخطاب الصحابيين: سبحان ربيَ الأعلى، بدلا من: سبِّح اسمَ ربِّكَ الأعلى، كأنهم فهموا الأمر هكذا، وفي الآية16 قرأ أبي بن كعب: بل أنتم تؤثرون، بإضافة كلمة أنتم، وقرأ ابن مسعود والحسن وأبو عمرو وابن أبي عبلة ونصر بن عاصم واليزيدي وأبو رجاء وأبو حيوة والزعفراني وابن مقسم وروح وزيد وقتيبة ورويس وابن مهران: يؤثرون، بدلا من: تؤثرون، يعني تحويل صيغة المخاطب إلى صيغة الغائب.

 

95 التين

 

لا يوجد شيء اسمه سينين، هذه قالها محمد للسجع، وقرأ عمر بن الخطاب وابن مسعود وطلحة والحسن من الصحابة: سِيِناء، وقرأ زيد بن علي ونسبت لابن مسعود وعمر: سَيْناء، وقرأ ابن مسعود في الآية5: السافلين، بدلا من: سافلين.

 

103 العصر

 

قرأ علي بن أبي طالب في الآية1: والعصر نوائب الدهر، بدلا من: والعصر، كما ورد في تفسير القرطبي، وقرأ علي في الآية2 جملة إضافية: وإنه فيه إلى آخر الدهر، كما ورد في تفسيري القرطبي والطبري. يعني عنده الآية كالتالي: (وَالْعَصْرِ وَنَوَائِب الدَّهْرِ، إنَ الإنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، وإنه فيه إلى آخر الدهر) .

 

85 البروج

 

في الآية15 قرأ ابن عامر: ذي العرش، بدلا من: ذو العرش، وقرأ عدة قراء: المجيدِ بالكسر بدل الضم وهكذا تعود الصفة على العرش وليس على الله، وقرأ في الآية21 محمد بن السميفع وأبو حيوة: قرآنُ مجيدٍ، أي قرآن الله بالإضافة، بدلا من: قرآنٌ مجيدٌ كصفة للقرآن نفسه، وقرأ نافع وابن محيصن والأعرج وزيد بن علي وأبو جعفر وشيبة في الآية22: في لوٍح محفوظٌ، بدلا من: في لوحٍ محفوظٍ، فجعلوا محفوظ صفة للقرآن لا للوح.

 

73 المزمّل

 

قرأ في الآية1 أبي بن كعب: المُتَزَمِّل، بدلا من: المُزَّمِّل، وقرأها عكرمة: المُزَمِّل بدون شدة على الزاي، وفي قراة أخرى منسوبة له: المُزَمَّل كاسم مفعول، وفي الآية6 قرأ عديد من القراء: وِطاءً، بدلا من: وَطْئًا، وفي الآية6 قرأ أنس بن مالك من صحابة محمد: وأصوب، بدلا من: وأقوم، وهذا من باب اتباع التقليد المحمدّي الأقدم الخاصّ بمرونة النص القرآنيّ في البداية والقراءة بالمعنى، وروى أبو يعلي الموصليّ في مسنده:

 

4022 - حدثنا إبراهيم حدثنا أبو أسامة حدثنا الأعمش أن أنس بن مالك قرأ هذه الآية {إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا} فقال له رجل: إنما نقرؤها {وأقوم قيلا} [ المزمل : 6 ] فقال : إن أقوم وأصوب وأهيأ وأشباه هذا واحد

 

وقرأ في الآية7 ابن يعمر وعكرمة وابن أبي عبلة والضحّاك وأبو وائل: سَبْخًا، بدلا من: سَبْحًا، ومعنى سبخ أي خفة من التكاليف أو راحة، كما فسره الألوسي، ومنه سبخ الله عنك الحمّى أي خفّفها، وفي حديث محمد لعائشة: لا تسبخي بدعائك، وفي الآية9 قرأ عدة قراء: رَبِّ، بدلا من: ربُّ، وقرأها زيد بن علي: ربَّ، وقرأ ابن مسعود وابن عباس الصحابيان: رب المشارق والمغارب، بدلا من: رب المشرق والمغرب، وفي الآية14 قرأ زيد بن علي: تُرْجَفُ، بدلا من: تَرْجُفُ، وفي الآية17 قرأ زيد بن علي: يومَ نجعل، بدلا من: يومًا يَجعل، وفي الآية20 قرأ عدة قراء: ونصفِه وثلثِه، بدلا من: ونصفَه وثلثَه، وهذا يغير من المعنى، وقرأ أبو السمال ومحمد بن السميفع: هو خيرٌ، كخبر، بدلا من: هو خيرًا على اعتبارها في مصحف عثمان اعتُبِرت مفعولًا به مؤخَّر.

 

 

101 القارعة

 

في الآية5 قرأ  عبد الله بن مسعود الصحابي: كالصوف، بدلا من: كالعهن، وهذا من باب القراءة بالمعنى.

 

99 الزلزلة

 

في الآية4 قرأ ابن مسعود: تُنَبِّئ، وقرأ سعيد بن جبير: تُنْبِئ، وقرأ عدة قراء في الآية6 لِيَرَوْا (يعني هم الفاعلون)، بدلا من: لِيُرَوْا (مبني للمجهول أي يُريهم الله)، وفي الآية7 حسب كتاب مختصر شواذ القراآت قرأ بعضهم: شرًّا يره...خيرًا يره، بحيث عكسوا ترتيب النص في المصحف العثماني: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}

 

82 الانفطار

 

قرأ في الآية3 مجاهد والربيع بن خيثم والزعفراني وسفيان الثوري: فُجِرَت، بدلا من: فُجِّرَت، ونُسِب إلى مجاهد قراءة: فَجَرَتْ (أي انبعثت)، وفي الآية6 قرأ سعيد بن جبير والأعمش: ما أَغرَّك، بدلا من: غرَّك، والمعنى واحد، وفي الآية سبعة قرأ بعض من القراء العشرة: فعَدَّلك، بدلا من: فعَدَلَك، والمعنى واحد. وفي الآية10 قرأ أبو جعفر من القراء العشرة والحسن وشيبة وأبو بشر: يُكذِّبون (بصيغة الغائب)، بدلا من: تُكذِّبون بصيغة المخاطَب، وفي الآية15 قرأ ابن مقسم: يُصلَّوْنَها (مبني للمجهول)، بدلا من: يَصْلَونَها (مبني للمعلوم وهم الفاعلون)، وقرأ عدة من القراء السبعة وغيرهم: يومُ (كخبر لمبتدأ تقديره هو، والخبر مضاف للجملة بعده وهي في محل مضاف إليه، لذلك لم ينوَّن الخبر)، بدلا من: يومَ (كظرف زمان منصوب)، وقرأها أبو عمرو من السبعة في رواية ومحبوب: يومٌ بالتنوين.

 

81 التكوير

 

قرأ في الآية4 ابن كثير من القراء السبعة: العشار عَطَلَتْ، بدلا من: عُطِّلَت (بالمبني للمجهول)، وقرأ في الآية5 الحسن وعمرو بن ميمون: الوحوش حُشِّرَت (بفعل يفيد المبالغة)، بدلا من: حُشِرَتْ (بدون تشديد الشين)، وقرأ في الآية6 عدة من القراء السبعة وغيرهم: البحار سُجِرَت، بدلا من: سُجِّرَتْ، وقرأ في الآية8 ابن مسعود وعلي وابن عباس وأبي بن كعب من الصحابة وجابر بن زيد وأبو الضحى ومجاهد والربيع بن خثيم وابن يعمر والضحاك وأبو صالح: وإذا المؤودة سَأَلَتْ (باعتبارها هي السائلة)، بدلا من: سُئِلَتْ. وقرأ أبو جعفر من القراء العشرة: قُتِّلَت (بشدة على الياء للدلالة على المبالغة والشدة)، بدلا من: قُتِلَت، وقرأ ابن مسعود وعلي وابن عباس من الصحابة وجابر بن زيد وأبو الضحى ومجاهد: قُتِلْتُ (ضمير المفعول به يعود على المؤودة كضمير متكلم فهي من تتكلم)، بدلا من: قُتِلَتْ (المفعول به ضمير للغائب).

 

وذكر الطبريّ في تفسيره:

 

وقوله: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك فقرأه أبو الضحى مسلم بن صبيح (وَإذَا المَوْءُودَةُ سألَتْ بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ) بمعنى: سألت الموءودة الوائدين: بأي ذنب قتلوها.

* ذكر الرواية بذلك:

حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، في قوله: (وَإذَا المَوْءُودَةُ سألَتْ) قال: طلبت بدمائها.

حدثنا سوّار بن عبد الله العنبري، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن الأعمش، قال: قال أبو الضحى (وَإذَا المَوْءُودَةُ سألَتْ) قال: سألت قَتَلَتها.

 

ولو قرأ قارئ ممن قرأ (سألَتْ بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ) كان له وجه، وكان يكون معنى ذلك من قرأ (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) غير أنه إذا كان حكاية جاز فيه الوجهان، كما يقال: قال عبد الله: بأيّ ذنْبٍ ضُرب؛ كما قال عنترة:

الشَّاتِمَيْ عِرْضِي ولم أشْتُمْهُما ... والنَّاذِرَيْنِ إذَا لَقِيتُهُما دَمي

وذلك أنهما كانا يقولان: إذا لقينا عنترة لنقتلنَّه، فحكى عنترة قولهما في شعره؛ وكذلك قول الآخر:

رَجُلانِ مِنْ ضَبَّةَ أخْبَرَانا ... أنَّا رأيْنا رَجُلا عُرْيانا

بمعنى: أخبرانا أنهما، ولكنه جرى الكلام على مذهب الحكاية. وقرأ ذلك بعض عامة قرّاء الأمصار: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتُ) بمعنى: سُئلت الموءودة بأيّ ذنب قُتلَتْ، ومعنى قُتلْتُ: قُتِلَتْ غير أن ذلك ردّ إلى الخبر على وجه الحكاية على نحو القول الماضي قبل، وقد يتوجه معنى ذلك إلى أن يكون: وإذا الموءودة سألت قتلتها ووائديها، بأيّ ذنب قتلوها؟ ثم ردّ ذلك إلى ما لم يسمّ فاعله، فقيل: بأيّ ذنب قتلت.

 

.... حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ) هي في بعض القراءات: (سأَلَتْ بِأيّ ذَنْب قُتلَتْ) لا بذنب، كان أهل الجاهلية يقتل أحدهم ابنته، ويغذو كلبه، فعاب الله ذلك عليهم.

 

... حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ) قال: البنات التي كانت طوائف العرب يقتلونهنّ، وقرأ: (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ).

 

وفي الآية10 قرأ عدة من القراء السبعة وغيرهم: نُشِّرت، بدلا من: نُشِرَت، وقرأ في الآية12 عدة منهم كذلك وغيرهم: سُعِرَت، بدلا من: سُعِّرَتْ، وقرأ في الآية 24 عدة من القراء السبعة والصحابة واللافت للنظر منسوبة لزيد بن ثابت رئيس لجنة جمع القرآن بالرسم العثماني كذلك: بظنين (أي متهم)، بدلا من: بضنين (يعني بخيل، كما في رواية حفص عن عاصم وعدة من القراء العشر الآخرين).

 

ووقع في تفسير الطبري:

 

(وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة (بِضَنِينٍ) بالضاد، بمعنى أنه غير بخيل عليهم بتعليمهم ما علَّمه الله، وأنزل إليه من كتابه. وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض البصريين وبعض الكوفيين (بِظَنِينٍ) بالظاء، بمعنى أنه غير متهم فيما يخبرهم عن الله من الأنباء.

ذكر من قال ذلك بالضاد، وتأوّله على ما وصفنا من التأويل من أهل التأويل:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عاصم، عن زِرّ (وَما هوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ) قال: الظَّنين: المتهم. وفي قراءتكم: (بِضَنِينٍ) والضنين: البخيل، والغيب: القرآن.

حدثنا بشر، قال: ثنا خالد بن عبد الله الواسطي، قال: ثنا مغيرة، عن إبراهيم (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) ببخيل.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) قال: ما يضنّ عليكم بما يعلم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) قال: إن هذا القرآن غيب، فأعطاه الله محمدا، فبذله وعلَّمه ودعا إليه، والله ما ضنّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عاصم، عن زرّ (وَما هُوَ عَلى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ) قال: في قراءتنا بمتهم، ومن قرأها (بِضَنِينٍ) يقول: ببخيل.

حدثنا مهران، عن سفيان (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) قال: ببخيل.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) الغيب: القرآن، لم يضنّ به على أحد من الناس أدّاه وبلَّغه، بعث الله به الروح الأمين جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدّى جبريل ما استودعه الله إلى محمد، وأدّى محمد ما استودعه الله وجبريل إلى العباد، ليس أحد منهم ضَنَّ، ولا كَتَم، ولا تَخَرَّص.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن عامر (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم.

ذكر من قال ذلك بالظاء، وتأوّله على ما ذكرنا من أهل التأويل.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، أنه قرأ: (بظَنينٍ) قال: ليس بمتهم.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي المعلَّى، عن سعيد بن جُبير أنه كان يقرأ هذا الحرف (وَما هُوَ عَلى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ) فقلت لسعيد بن جُبير: ما الظنين؟ قال: ليس بمتهم.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي المعلى، عن سعيد بن جُبير أنه قرأ: (وَما هُوَ عَلى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ) قلت: وما الظنين؟ قال: المتهم.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَما هُوَ عَلى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ) يقول: ليس بمتهم على ما جاء به، وليس يظنّ بما أوتي.

حدثنا بشر، قال: ثنا خالد بن عبد الله الواسطيّ، قال: ثنا المغيرة، عن إبراهيم (وَما هُوَ عَلى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ) قال: بمتهم.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن زِرّ (وَما هُوَ عَلى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ) قال: الغَيب: القرآن. وفي قراءتنا (بِظَنِينٍ) متهم.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (بِظَنِينٍ) قال: ليس على ما أنزل الله بمتهم.

وقد تأوّل ذلك بعض أهل العربية أن معناه: وما هو على الغيب بضعيف، ولكنه محتمِل له مطيق، ووجهه إلى قول العرب للرجل الضعيف: هو ظَنُون.

 

53 النجم

 

قرأ في الآية9 زيد بن علي: قاد قوسين، بدلا من: قاب قوسين، وقرأ ابن عامر وأبو جعفر من القراء العشرة وعدة قراء في الآية11: كذَّب (بشدّة)، بدلا من: كذَبَ، وقرأ في الآية12 عدة من القراء العشرة والصحابة والتابعين والقراء: أفَتَمْرُونه، أي تجحدونه وتكذبونه، بدلا من: تمارونه أي تجادلونه، وقرأها ابن مسعود في رواية والشعبي والأعرج ومجاهد: أفَتُمْرُونه، وقرأ عدة من الصحابة في الآية15: جنَّهُ (فعل بمعنى آواه)، بدلا من: جَنَةُ، وقرأ في الآية23 عدة من الصحابة والتابعين والقراء: تَتَّبعون، بدلا من: يتَّبعون، وفي الآية26 قرأ ابن مقسم: شفاعاتهم، بدلا من: شفاعتهم، وقرأها زيد بن علي: شفاعته، وفي الآية28 قرأ ابن مسعود: إلا اتّباع الظن، بدلا من: إن يتَّبعون إلا الظن، وقرأ أبي بن كعب: بها، بدلا من: به، وفي الآية31 قرأ ابن محيصن وزيد بن علي: لنجزي، بدلا من: ليجزي، وقرآ: ونجزي، بدلا من: ويجزي، وفي الآية32 قرأ بعض القراء السبعة والتابعين: كبير، بدلا من: كبائر، وقرأ عدة من التابعين والقراء في الآية37: وفّى، بدلا من: وفَّى، وفي الآية40 قرأ بعضهم: يَرى، بدلا من: يُرى، وفي الآية42 قرأ أبو السمال: وإنَّ (توكيد)، بدلا من: وأنَّ (تعبر عن محتوى كلام)، وكذلك في43 قرأ: وإنه، بدلا من: وأنَّه، واختلف القراء على تصريف كلمتي عاد وثمود في الآية 50 و51 وبالتالي بعضهم نوّنها والآخر لا، فأبي بن كعب قرأ: وعادَ (بلا تنوين، بخلاف قول النحويين أن العلم الأعجمي ساكن الوسط يصرّف ويعامل كالأسماء العربية، وبعض القراء العشرة نوّنوا ثمود(ًا)، وفي الآية53 قرأ الحسن: والمؤتفكات، بدلا من: والمؤتفكة، وفي الآية58 قرأ طلحة بن عبيد الله الصحابي: ليس لها من دون الله كاشفة، وهي على الظالمين ساءت الغاشية، بدلا من: ليس لها من دون الله كاشفة، كما ورد في تفسير الكشاف للزمخشري والمحتسب لابن جني، وقرأ في الآية60 الحسن: تُضحِكون (مبني للمجهول وبدون واو عطف)، بدلا من: وتَضحَكون، كما في البحر المحيط، وقرأها بعض القراء كما في الكشاف للزمخشري: تَضحَكون (بدون واو عطف).

 

84 الانشقاق

 

قرأ زيد بن علي في الآية9: ويُقلَب، بدلا من: وينقلب، وفي الآية 12 قرأ عدة من القراء السبعة والتابعين والحسن: ويُصَلَّى (مبني للمجهول وبالتشديد)، بدلا من: وَيَصْلَى، وفي قراءة لبعض القراء السبعة والتابعين: ويُصْلَى، وفي الآية19 قرأ عدة من القراء السبعة والصحابة والقراء: لَتَرْكَبَنَّ (يعني يا محمد)، بدلا من: لَتَرْكَبُنَّ (يعني الكلام موجه لقريش)، وقرأ عمر وابن عباس: ليَرْكَبَنَّ (ضمير الغائب يعود على محمد) وفي قراءة أخرى: لَيَرْكَبُنَّ ونسبت لعمر، وفي الآية22 قرأ الضحاك وابن أبي عبلة: يَكْذِبون، بدلا من: يُكَذِّبون، وقرأ أبو رجاء في الآية23: يَعُوُن، بدلا من: يُوُعُون.

 

100 العاديات

 

قرأ في الآية 4 أبو حيوة وابن أبي عبلة: فأثَّرْنَ، بدلا من: فأَثَرْنَ، وفي الآية5 قرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة وعلي بن أبي طالب وزيد بن علي وقتادة وابن أبي ليلى وابن مسعود وابن رجاء: فَوَسَّطْنَ، بدلا من: فَوَسَطْنَ، وفي الآية9 قرأ نصر بن عاصم: بَعْثَرَ (مبني للمعلوم)، بدلا من: بُعْثِر (مبني للمجهول)، وفي قراءة أخرى له: بَحْثَر (لهجة)، وقرأها ابن مسعود الصحابي: بُحْثِرَ، وقرأها الأسود بن زيد ونُسِبت لابن مسعود: بُحِثَ، وفي الآية10 قرأ نصر بن عاصم وابن يعمر ومحمد بن أبي سعدان: وَحَصَّل (مبني للمعلوم) بدلا من: وحُصِّلَ، وقرأها آخرون منهم سعيد بن جبير وعبيد بن عمير: وَحَصَلَ، وفي الآية 11 قرأ أبو السمال والحجّاج: أنَّ، بدلا من: إنَّ، وقرأ ابن مسعود: بأنه، بدلا من: إن ربَّهم.

 

79 النازعات

 

في الآية10 قرأ أبو حيوة وأبو بحرية: الحَفِرة، بدلا من: الحافِرة، وقرأ عدة من الصحابة وبعض القراء السبعة: ناخِرة، بدلا من: نَخِرة، ويقول الطبري في تفسيره:

 

وقوله: (أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً) اختلفت القرّاء قي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والحجاز والبصرة (نَخِرَةً) بمعنى: بالية. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة (ناخِرَةً) بألف، بمعنى: أنها مجوّفة تنخَر الرياح في جوفها إذا مرّت بها. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين يقول: الناخرة والنخرة سواء في المعنى، بمنزلة الطامع والطمِع، والباخل والبَخِل؛ وأفصح اللغتين عندنا وأشهرهما عندنا (نَخِرَةً) ، بغير ألف، بمعنى: بالية، غير أن رءوس الآي قبلها وبعدها جاءت بالألف، فأعجب إليّ لذلك أن تُلْحق ناخرة بها ليتفق هو وسائر رءوس الآيات، لولا ذلك كان أعجب القراءتين إليّ حذف الألف منها.

 

وفي الآية 16 اختلفوا في قراءة طُوًى، فبعض القراء العشرة: طُوَى، والحسن وعكرمة: طِوًى، وأبو عمرو من السبعة: طِوَى،  والضحاك وعيسى الهمداني: طَاوِ، وفي الآية17 قرأ ابن مسعود: أن اذهب، بدلا من: اذهب، في الآية30 قرأ الحسن وأبو حيوة وأبو السمال وعمرو بن عبيد وابن أبي عبلة وعيسى الهمداني وعمرو بن ميمون: والأرضُ (مبتدأ بجملة استئنافية)، بدلا من: والأرضَ (مفعول به)، وقرأ الأعمش ومجاهد: مع ذلك، بدلا من: بعد ذلك، وفي الآية32 قرأ نفس من ضموا كلمة الأرض السابقة ونصر بن عاصم: والجبالُ، بدلا من: والجبالَ، وفي الآية36 قرأ أبو عمرو من السبعة وهارون وأبو نهيك وأبو السمال: وبُرِزَت، بدلا من: وبُرِّزَتْ، وقرأها زيد بن علي وعكرمة ومالك بن دينار: وبَرَزَتْ، وفي الآية36 قرأت عائشة وعكرمة وزيد بن علي ومالك بن دينار: تَرَى، بدلا من: يَرَى، وقرأ ابن مسعود: رأى، وقرأ في الآية45 أبو عمرو من السبعة في رواية وابن محيصن والحسن وطلحة بن عبيد الله وعباس من الصحابة وعمر بن عبد العزيز وابن محيصن وحميد وشيبة وخالد الحذاء وابن هرمز وعيسى الهمداني وابن مقسم، ومن العشرة أبو جعفر: منذرٌ بالتنوين( ما بعدها يكون في محل مفعول به)، بدلا من: منذرُ (بالضم بلا تنوين، فيكون ما بعدها في محل جر مضاف إليه.

 

77 المرسلات

 

في الآية5 قرأ ابن عباس: فالمُلَقِّقيات ذكرًا، وفي رواية: فالمُلقَّيات، وكلاهما مختلفتا المعنى فهما اسم فعول بدلا من اسم الفاعل في القراآت العثمانية المعتمدة، وقرأ في الآية8 و9 و10 عمرو بن ميمون: طُمِّسَت وفُرِّجَت ونُسِّفَت، كلها بشدة كأفعال مبالغة، وفي الآية17 قرأ ابن مسعود الصحابي: ثم سنُتْبعُهم، بدلا من: ثم نتبعهم، وقرأ في الآية30 رويس ويعقوب: انْطَلَقوا (فعل ماضِ) بدلا من انْطَلِقوا (أمر)، وفي الآية32 قرأ عيسى الهمداني بشَرار، وقرأها ابن عباس وابن مقسم: بشِرار، بدلا من: بِشرَرٍ، وقرأ ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن وابن مقسم وحميد والسلمي: كالقَصَر، بدلا من: كالقَصْر، وقرأها بعض هؤلاء في رواية: كالقِصَر، وقرأها ابن مسعود: كالقُصُر، وكل هذه الكلمات مختلفة المعنى، فيقول الطبري في تفسيره:

 

وقوله: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) يقول تعالى ذكره: إن جهنم ترمي بشرر كالقصر، فقرأ ذلك قرّاء الأمصار: (كالْقَصْرِ) بجزم الصاد.

واختلف الذين قرءوا ذلك كذلك في معناه، فقال بعضهم: هو واحد القصور.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) يقول: كالقصر العظيم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال: ذكر القصر.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يزيد بن يونس، عن أبي صخر في قول الله: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال: كان القرظي يقول: إن على جهنم سورا فما خرج من وراء السور مما يرجع فيها في عظم القصر، ولون القار.

وقال آخرون: بل هو الغليظ من الخشب، كأصول النخل وما أشبه ذلك.

* ذكر من قال ذلك.

حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، قال: سألت ابن عباس عن قوله: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال: القصر: خشب كنا ندّخره للشتاء ثلاث أذرع، وفوق ذلك، ودون ذلك كنا نسميه القصر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، قال: سمعت عبد الرحمن بن عابس، قال: سمعت ابن عباس يقول في قوله: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال: القصر: خشب كان يُقْطع في الجاهلية ذراعا وأقلّ أو أكثر، يُعْمَد به.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، قال: سمعت ابن عباس يقول في قوله: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال: كنا في الجاهلية نقصر ذراعين أو ثلاث أذرع، وفوق ذلك ودون ذلك نسميه القصر.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) فالقصر: الشجر المقطع، ويقال: القصر: النخل المقطوع.

سعيد بن جُبير، عن ابن عباس في هذه الآية (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال: مثل قَصْر النخلة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) أصول الشجر، وأصول النخل.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال: كأصل الشجر.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) القصر: أصول الشجر العظام، كأنها أجواز الإبل الصفر وسط كل شيء جوزُه، وهي الأجواز.

حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، قال: قرأها الحسن: (كالْقَصْرِ) وقال: هو الجزل من الخشب قال: واحدته: قصرة وقصر، مثله: جمرة وجمر، وتمرة وتمر.

وذُكر عن ابن عباس أنه قرأ ذلك (كالْقَصَرِ) بتحريك الصاد.

حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، قال: أخبرني حسين المعلم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه قرأها (كالقَصَرِ) بفتح القاف والصاد.

قال: وقال هارون: أخبرني أبو عمر أن ابن عباس قرأها: (كالقَصَرِ) وقال: قصر النخل، يعني الأعناق.

 

وفي الآية 33 قرأ بعضهم من صحابة وتابعين وقراء: جُمالة بالضم، بدل جِمالة بالكسر، قرأها بعض القراء العشرة أصحاب القراآت المعتمدة: جِمالاتٌ (بالجمع) لاحتمال تلك القراءة تبعًا للرسم العثماني الذي يفتقد بعض ألفات المد وهي قراءة عمر بن الخطاب وشعبة، وقراها قراء آخرون من صحابة وتابعين وقراء بالضم: جُمالات، ويقول الطبري في تفسيره:

 

وقد اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين (جِمالاتٍ) بكسر الجيم والتاء على أنها جمع جِمال وقد يجوز أن يكون أريد بها جمع جِمالة، والجمالة جمع جَمَل كما الحجارة جمع حَجَر، والذِّكارة جمع ذَكَر. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين (كأنه جمالات) بكسر الجيم على أنها جمع جمل جُمع على جمالة، كما ذكرت مِن جمع حجَر حِجارة. ورُوي عن ابن عباس أنه كان يقرأ (جُمالاتٌ) بالتاء وضمّ الجيم كأنه جمع جُمالة من الشيء المجمل.

حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال. ثنا حجاج، عن هارون، عن الحسين المعلم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس.

 

وفي الآية36 قرأ زيد بن علي وأبو علي الأهوازي: يأذَن (مبني للمعلوم) بدلا من يؤذَن (مبني للمجهول)، وفي الآية 50 قرأ يعقوب وفي رواية لابن عامر حسب البحر المحيط: تؤمنون (بصيغة المخاطَب) بدلا من: يؤمنون (بصيغة الغائب).

 

78 النبإ

 

في الآية4 وكذلك 5 قرأ الضحاك والحسن وابن ذكوان ومن القراء السبعة في رواية عن ابن عامر (ليست هكذا في الروايتين المطبوعتين عندي لمصحفه، خاصة أنها تنقل بأمانة اختلاف حروفه بمواضع أخرى كالبقرة آية58 يُغَفَر بدل نغفِر) أنهم قرؤوا: ستعلمون، بدلا من: سيَعلمون، وفي الآية6 قرأ مجاهد وعيسى الهمداني: مَهْدًا، بدلا من: مِهادًا، وفي الآية14 قرأ الصحابة ابن الزبير وابن عباس وعكرمة والفضل بن عباس والتابعيان عبد الله بن يزيد وقتادة: بالمعصرات، بدلا من: من المعصرات، وقرأ في الآية14 الأعرج: ثجّاحًا، بدلا من: ثجّاجًا، وقرأها عكرمة: ثجّاخًا، وفي الآية19 قرأ عدة من القراء السبعة وغيرهم: وفُتِّحَت (بالتشديد)، بدلا من: وفُتِحَت، وقرأ في الآية28 علي بن أبي طالب وعوف الأعرابي وأبو رجاء والأعمش وعيسى البصرة: وكذَبوا...كِذَابًا، بدلا من: وكذَّبُوا كِذَّابًا، وقرأ عمر بن عبد العزيز وابنه عبد الله والماجشون: كُذَّابًا (كجمع لكاذب مثل فُسَّاق)، بدلا من النطق بالكسر كمصدر للفعل، وفي الآية29 قرأ أبو السمال: وكلُّ بالضم بدلا من النصب، فمن قرأ بالنصب اتبع قاعدة الاشتغال (اعتبر المفعول به سابقًا للفعل) أما أبو السمال فاعتبرها مبتدأ، وفي الآية35 قرأ الكسائي من أصحاب القراآت السبعة وعلي: كِذَابًا، بدلا من: كِذَّابًا، وفي الآية 36 قرأ أبو هاشم وابن قطيب: حَسَّابًا، بدلًا من: حِسابًا، وقرأها شريح بن يزيد الحمصي وأبو البرهسم: حِسَّابًا (كمصدر ككِذَّابا)، في حين قرئت منسوبة لابن عباس وسراج: حَسَنًا (بسبب غياب التنقيط في اللغة العربية الأصلية المكتوب بها وغياب بعض الألفات)، وقرأها المهدوي ونسبت لسراج كذلك: حَسْبًا (كقولك حسبك كذا يعني يكفيك)، وقرأ عدة من القراء العشرة وابن مسعود وزيد بن علي والحسن وشيبة والأعرج والمفضل واليزيدي ويعقوب في الآية37: ربُّ...الرحمنُ، كلاهما بالضم حيث اعتبروهما خبر ومعطوفه لجملة جديدة تقديرها هو، على عكس من اعتبروها صفة لما قبلها من كلام وجرُّوا الكلمتين تبعًا لذلك بالكسر.

 

88  الغاشية

 

في الآية3 قرأ ابن كثير من القراءة السبعة وعكرمة والسدي وابن محيصن وعيسى وحميد وعبيد وشبل واليزيدي: عاملةً ناصبةً (بالنصب كحال)، بدلًا من الرفع بالضم المنون كعطف بيان على خبر، وفي الآية4 قرأ أبو عمرو وعاصم من السبعة وشعبة ويعقوب والحسن واليزيدي وأبو رجاء وابن محيصن: تُصْلَى (مبني للمجهول)، بدلا من: تَصْلَى، وفي قراءة لأبي  عمرو وخارجة: تُصَلَّى، وفي الآية11 قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو من القراء السبعة وابن محيصن والأعرج: لا تُسْمَعُ فيها لاغيةٌ (مبني للمجهول ونائب فاعل) (وهكذا هي في المصاحف المروية بتلك الروايتين عندي)، بدلا من: لا تَسمَعُ فيها لاغيةً ، وفي قراءة نُسِبت في رواية لابن كثير وأبي عمرو (وليست في مصاحفهم كما هي نسخها عندي) وابن محيصن ورويس والحسن واليزيدي وعيسى وأبو عبيدة: لا يُسمَع فيها لاغيةٌ (ويجوز في العربية تأنيث وتذكير المؤنث اللفظيّ فلا فارق في المعنى)، وفي قراءة للفضل والجحدري أراها لا تستقيم نحويًّا: لا يُسمَعُ فيها لاغيةً، وفي الآيات 17 و18 و19 و20 قرأ علي بن أبي طالب وأبو حيوة وابن أبي عبلة ومحمد بن السميفع وأبو العالية: خَلَقْتُ، رَفَعْتُ، نَصَبْتُ، سَطَحْتُ (كلها مبنية للمعلوم بصيغة المتكلِّم باعتبار الله يتكلم عن نفسه)، بدلا مما في قراءات العشرة بالمبني للمجهول: خُلِقَتْ، رُفِعَتْ، نُصِبَتْ، سُطِحَتْ، وفي قراءة أخرى للآية20 قرأ الحسن وهارون وأبو حيوة وأبو رجاء: سُطِّحَت، وفي الآية23 قرأ ابن عباس وزيد بن علي وقتادة وزيد بن أسلم: ألَا من تولى وكفر (ألا حرف تنبيه واستفتاح)، بدلا من: إلا (أداة استثناء)، وفي الآية24 قرأ ابن مسعود الصحابي: فإنه يعذِّبه، بدلا من: فيُعَذِّبُه.

 

89 الفجر

 

في الآية6 و7 قرأ الحسن والضحاك: بعادَ، فمنعوها من الصرف كعلم أجنبي وجروها بالفتح، على خلاف قراءتنا: بعادٍ، على اعتبار النحويين العلم الأعجمي ساكن الوسط مصرَّفًا، وقرأ أبو العالية وفي رواية عن عن الحسن: بعادِ إِرَمَ (أضاف اسم القبيلة إلى مدينتهم)، ونحو ذلك قراءة ابن الزبير، لكنه قرأها: بعادِ أَرِمَ، أما ابن عباس قرأها كفعل ماضٍ: أرَمَّ ذاتَ العمادِ: أي أهلكها، ويقول الطبري فيما يتعلَّق بذلك نوعًا ما:

 

 حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ) يعني بالإرم: الهالك؛ ألا ترى أنك تقول: أرم بنو فلان؟

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (بِعَادٍ إِرَمَ) الهلاك؛ ألا ترى أنك تقول أُرِمَ بنو فلان: أي هَلَكوا.

 

وهناك قراآت أخرى لهذه الكلمة تراجع في معجم القراآت للدكترين أحمد مختار عمر وعبد العال سالم مكرم وانظر كتابًا آخر له نفس العنوان لعبد اللطيف البغدادي، وفي الآية8 قرأ ابن الزبير: يَخلُقُ مثلَها (مبني للمعلوم)، بدلا من: يُخْلَقُ مثلُها، وقرأها ابن مسعود: يُخْلَقُ مثلُهُم، وفي الآية9 قرأ ابن وثاب: وثمودًا (منونة) على عكس قراءتنا لها بلا تنوين كممنوعة من الصرف، وقرأ في الآية16 ابن عامر وأبو جعفر من القراء العشرة وعيسى الهمداني وخالد والحسن: فقدَّر (بشدة)، بدلا من القراءة بغير شدة،أما الآية 17 فقرأ أبو عمرو من القراء السبعة المعتمدين: يُكْرِمون (بضمير للغائب، وهكذا هو في نسخة مصحفه)  ويعقوب واليزيدي والحسن ومجاهد وأبو رجاء وقتادة والجحدري بدلا من: تُكْرِمون، وفي الآية 18 قرأ نفس هؤلاء القراء السابقون: يَحُضُّون، بدلًا من: تَحاضُّون، وقرأها من السبعة ابن كثير ونافع وابن عامر: تَحُضُّون (ومصاحفهم عندي هكذا ولو أن أحتاج في التالي لتكرار هذه الملاحظة)،  وقرأ الكسائي من السبعة وابن مسعود وعلقمة وزيد بن علي وعبد الله بن المبارك : تُحَاضُّون، وفي قراءة أخرى لابن مسعود الصحابة وأبي عمرو من السبعة واليزيدي ويعقوب والحسن ومجاهد وأبور رجاء وقتادة والجحدري: يُحاضُّون، وفي الآية19 تبعًا لذلك قرأ أبو عمرو من السبعة واليزيدي ويعقوب والحسن ومجاهد وأبو رجاء وقتادة والجحدري: ويأكلون، بدلا من : وتأكلون، وتبعًا لذلك قرؤوا في الآية20: ويُحِبُّون، بدلا من: وتُحِبُّون، وفي الآية25 قرأ الكسائي وأبو عمرو من القراء السبعة والحسن وابن سيرين وابن أبي سيرين وابن أبي إسحاق وسوار القاضي وأبو حيوة ويعقوب وابن أبي عبلة وأبو بحرية وسلام وسهل وخارجة وأبو عبيدة وأبو حاتم وأبو قلابة والمفضل: يُعذَّبُ (مبني للمجهول فهو يعود على الإنسان غير المؤمن)، بدلًا من: يُعذِّبُ (مبني للمعلوم ويعود على الله)، ، وتبعًا لذلك قرأ نفس القراء في الآية26 يُوُثَقُ، بدلا من: يُوُثِقُ،

 

{يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)}

 

وروى أحمد من الأحاديث الملفقة غالبًا التي نسب بعضهم فيها قراءته ووجهة نظره إلى محمد نفسه:

 

20691 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ: " {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذَّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلَا يُوثَقُ} [الفجر: 26] وَثَاقَهُ أَحَدٌ "، يَعْنِي: يُفْعَلُ بِهِ، قَالَ خَالِدٌ: وَسَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكَرَةَ، فَقَالَ: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ} [الفجر: 25] أَيْ: " يُفْعَلُ بِهِ "

 

رجاله ثقات رجال الشيخين. وقد اختلف في إسناده على أبي قلابة- وهو عبد الله بن زيد الجَرْمي- كما سيأتي. خالد الحذاء: هو ابن مهران.

وأخرجه أبو داود (3996) من طريق حفص بن عمر الحوضي، عن شعبة، بهذا الإسناد. قال أبو داود: بعضهم أدخل بين خالد وأبي قلابة رجلاً.

وأخرجه أبو عمر الدوري في "قراءات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (126) (127) ، والطبري

30/189، والحاكم 2/255 من طرق عن خالد الحذاء، به. وقد صرح أبو قلابة بالتحديث عند الدوري والطبري، وفي إسناد الدوري أبو عمارة حمزة بن القاسم، وهو لا يعرف بجرح ولا تعديل، وفي إسناد الطبري خارجة بن مصعب بن خارجة، وهو متروك.

وأخرجه أبو داود (3997) من طريق حماد بن زيد، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، قال: أنبأني من أقرأه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو من أقرأه من أقرأه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فزاد في الإسناد رجلاً مبهماً.

 

والملاحَظ أن بعض نسخ كتب صيغة الشاملة للمسند ولتفسير الطبري وتفسير ابن كثير فيها تحريف متعمد لتحويل معظم القراآت المخالفة المختلفة إلى صيغة النص الرسمي، ولا يخفى عليك بلاهة من يفعل ذلك، لأن سياق النص يوضح أن الكلام عن نص وقراءة مختلفة، ولأنك يمكنك دومًا العودة إلى النصوص المطبوعة الدقيقة الأصيلة، ونظرًا لعملي في دور نشر بها سلفيون متخلفون كهؤلاء فيمكنك التأكد أن عمليات تحريف غير أمينة كهذه والحذف والتعديل من الكتب التراثية يقومون به اليوم كمحاولة من باب التقوى لإخفاء فضائح وتناقضات الدين، لذلك ننصح دومًا بتحميل الكتب الأصيلة القديمة من الإنترنت وهي مجانية أو شرائها من المكتبات المحترمة مثل النسخ القديمة من سور الأزبكية بالنسبة للمصريين، وعدم الشراء من مكتبات حالية مشبوهة غير أمينة الإصدارات كهذه، إنهم يقومون حتى بتعديلات وحذف وتغيير على كتاب البخلاء للجاحظ وعلى مؤلفات المنفلوطي بأسلوب رقابة دينية مهووسة قرون وسطية مقززة.

 

وفي الآية27 قرأ زيد بن علي: يا أيها، بدلا من: يا أيتها، وقرأ أبي بن كعب: الآمنة المطمئنة، بزيادة كلمة الآمنة، وفي 28 قرأ أبي: ائتي، بدلا من: ارجعي (قد تمثل هذه اختلافا عقائديا)، وفي 29 قرأها: ادخلي، بدلا من: فادخلي، وقرأ ابن عباس وعكرمة ومجاهد وأبو جعفر (في رواية وليس كذلك في نسختي روايتي قراءته عندي) والضحاك وأبو صالح والكلبي وأبو شيخ الهنائي واليماني وابن السميفع: فادخلي في عبدي، بدلا من: فادخلي في عبادي، وقرأها من ابن مسعود: فادخلي في جسدِ عبدي، ويقول ابن كثير في تفسيره:

...{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} أَيْ: فِي جُمْلَتِهِمْ، {وَادْخُلِي جَنَّتِي} وَهَذَا يُقَالُ لَهَا عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، وَفِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَيْضًا، كَمَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُبَشِّرُونَ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ احْتِضَارِهِ وَعِنْدَ قِيَامِهِ مِنْ قَبْرِهِ، وَكَذَلِكَ هَاهُنَا.  ........

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُقَالُ لِلْأَرْوَاحِ الْمُطْمَئِنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} يَعْنِي: صَاحِبُكِ، وَهُوَ بَدَنُهَا الَّذِي كَانَتْ تُعَمِّرُهُ فِي الدُّنْيَا، {رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقرؤها: "فَادْخُلِي فِي عَبْدِي وَادْخُلِي جَنَّتِي". وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ وَالْكَلْبِيُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَهُوَ غَرِيبٌ،

 

وقرأ ابن مسعود في الآية29: في جنتي، بدلا من: جنتي.

 

وبعد، فهذه أمثلة من بعض أوائل السور المكية، وهكذا هي سائر السور بمراجعة كتب القراآت والتفسير بها اختلافات كثيرة على النص وقراءته، فادعاء المسلمين سلامة النص من الاختلاف والشك فيه غير صحيح كما نرى، ولمن شاء فليراجع المراجع التي سنضعها بآخر الباب، ولم أشأ وضع كل محتوى كتاب (معجم القراآت) وغيره من كتب هنا لأن هذا سيكون مرهقًا وبلا فائدة، والأهم في الموضوع أن بعض الاختلافات في الآيات تؤدِّي إلى اختلافات وشواهد تدعم الآراء المختلفة في بعض مسائل العقائد (اللاهوت) والشعائر (كالوضوء والحج وغيره)، وغيرها.

 

 

 

 

 

 

 

 

نكتفي في التالي بأمثلة قليلة فقط جدًّا من بعض القراآت التي ورد ذكرها في ما طالعتُ من بعض كتب الحديث، وبعض القراآت التي يُشكِّل الاختلاف فيها اختلافات بين المذاهب والتوجهات والآراء مما أمكن تلخيصه هاهنا. تنبيه: كل التالي فيها أمثلة مجتزئة فقط وليس كل الاختلافات. لأن نقل كل اختلافات القراآت سيكون بلا فائدة لوجودها فعليًّا في المراجع المتاحة ولأن هذا يكون مشروعًا مستقلًّا في حد ذاته.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

75 القيامة

 

قرأ ابن كثير من أصحاب القراآت السبعة وقنبل والحسن والأعرج والبزي والزهري والقواس في الآيتين1 و2: لأُقْسِم (توكيد)، بدلا من: لا أقسم (نفي بمعنى الإثبات).

 

وأورد ابن كثير أن ابن مسعود قرأ في الآية9: وجُمِعَ بين الشمس والقمر، بدلًا من: وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ.

 

وهذه فات نولدكه ذكرها في قائمته كما يبدو. وأنبه أني لا أذكر كل اختلافات القراآت من هاهنا والتالي، بل أمثلة فقط، خاصة ما يتعلق بأحكام أو ورد في كتب الحديث.

 

51 الذاريات

 

{مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)}

 

روى أحمد بن حنبل:

 

3741- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسرائيل -وهو ابن يونس بن أبي إسحاق- سماعه من جده أبي إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السبيعي- في غاية الإتقان للزومه إياه. عبد الرحمن بن يزيد: هو ابن قيس النخعي.

وأخرجه أبو داود (3993) ، والترمذي (2940) ، والنسائي في "الكبرى" (7707) و (11527) -وهو في "التفسير" (547) -، والدوري في "قراءات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (108) ، والشاشي (464) و (468) ، والحاكم في "المستدرك" 2/234 و249، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 43 و66 و129 من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وأخرجه الشاشي (465) من طريق يحيى بن آدم، به، لكن فيه زيادة جابر بن يزيد الجعفي وقيس بن الربيع بين إسرائيل وبين جده أبي إسحاق، وهذا من المزيد في متصل الأسانيد.

وأخرجه الطيالسي (317) ، والشاشي (466) من طريق أبي غسان -وهو مالك بن إسماعيل النهدي- عن قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق السبيعي، به.

وأخرجه ابن حبان (6329) عن أبي يعلى، حدثنا روح بن عبد المؤمن المقرىء، عن علي بن نصر، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله، به، وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.

وسيأتي برقم (3771) و (3970) .

 

52 الطور

 

في الآية21 قرأ نافع من السبعة القراء: وذرياتهم، بدلًا من: وذريتهم، وهي قراءة رواها ابن جرير الطبري في تفسيره عن ابن عباس، مع فرق أن نافع قرأ التكرار الثاني فقط للكلمة بالجمع، وابن عباس قرأهما كليهما كجمع. وهي منسوبة لمحمد نفسه لكن في حديث ضعيف بمسند أحمد برقم 1131

 

56 الواقعة

 

في الآية52 يقول الطبري: وفي قراءة عبد الله (لآكِلُونَ مِنْ شجرة مِنْ زَقُّومٍ) على واحدة. اهـ يعني بدلًا من لفظ (شجرٍ)، وقد يكون أنسب للسياق بعدها لقوله {فمالئون منها البطون}. وفي الآية79 يقول: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} قَالَ: لَا يَمَسُّهُ عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَمَسُّهُ الْمَجُوسِيُّ النَّجِسُ، وَالْمُنَافِقُ الرَّجِسُ. وَقَالَ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: {مَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ}، وفي الآية82 قال ابن كثير في تفسيرها: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} قَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ بِمَعْنَى شُكْرِكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ، أَيْ: تُكَذِّبُونَ بَدَلَ الشُّكْرِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَرَآهَا: "وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ". وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ: أَنَّ مِنْ لُغَةِ أَزْدِ شَنوءةَ: مَا رُزِقَ فُلَانٌ بِمَعْنَى: مَا شَكَرَ فُلَانٌ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا مُطِرَ قَوْمٌ قَطُّ إِلَّا أَصْبَحَ بَعْضُهُمْ كَافِرًا يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ".

وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.

 

{فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)}، هذه لها قراءة مختلفة منسوبة لمحمد نفسه مخالفة لقراءة كل القراء يعني جمهور القراء عدا قراءة يعقوب فقط!، روى أحمد بن حنبل:

 

(24352) 24856- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ {فَرُوحٌ وَرَيْحَانٌ} بِرَفْعِ الرَّاءِ.

 

ورواه أحمد (25785) 26304 و 3547/2، إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير بُدَيْل بن ميسرة، وعبد الله بن شقيق- وهو العقيلي- فمن رجال مسلم، وهارون: هو ابن موسى الأعور النحوي البصري صاحب القراءات. قال أبو حاتم السجستاني- فيما نقله ابنُ الجزري في "غاية النهاية" 2/348-: كان أول من سمع بالبصرة وجوه القراءات وألفَّها وتتبع الشاذَّ منها، فبحث عن إسنادها هارون بن موسى الأعور، وكان من القراء.وأخرجه الطيالسي (1557) - ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 3/63- وأخرجه أبو داود (3991) ، وتمَّام في "فوائده" (1390) والترمذي (2938) ، والنسائي في "الكبرى" (11566) - وهو في "تفسيره" (586) - وأبو يعلى (4644) و(4515)، والحاكم في "المستدرك" 2/236 ، وتمَّام في "فوائده" أيضاً (1391)، وأبو نعيم في "الحلية" 8/302، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث هارون الأعور. ورواه أبو بكر القطيعي في زوائده على "المسند"- كما ذكرنا في تعليقنا على الحديث رقم (2989) في مسند ابن عباس 5/130- عن محمد بن يونس - وهو الكديمي، عن عبد الله بن أبي بكر العتكي، عن هارون النحوي، به. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/223، والطبراني في "الصغير" (617) ، وتمام في "فوائده" (1389) من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن أبي بكر العتكي، عن شعبة، عن هارون، به. ثم قال: قال أبو عبد الرحمن العتكي: ثم لقيت هارون المعلم، فسألته عن هذا الحديث، فحدثنيه كما حدثني به شعبة. وأخرجه الحاكم 2/250 من طريق حماد- وهو ابن زيد- عن ببديل، به. وفي الباب عن ابن عمر عند الطبراني في "الأوسط" (4431) وفي "الصغير" (608) أخرجه فيهما عن ابن عمر قال: قرأت على النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سورة الواقعة، فلما بلغتُ: {فروح وريحان} قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فرُوح وريحان يا ابن عمر". هذا لفظ الطبراني في "الأوسط"، ولفظه في "الصغير": عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ: {فرُوح وريحان} . وابن راهويه (1308)

وقولهم (فروح) قال الطبري: اختلف القراء في قراءةِ ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار (فَرَوح) بفتح الراء بمعنى: فله يرد... وقرأ ذلك الحسن البصري (فروح) بضم الراء بمعنى أن روحه تخرج في ريحانة. وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" 8/156-157 بتحقيقنا: الجمهور يفتحون الراء، وفي معناها: الفرح أو الراحة، أو المغفرة، أو الجنة، أو روح من الغَمِّ الذي كانوا فيه، أو روح في القبر، أي: طيب نسيم. وقرأ أبو بكر الصديق وأبو رزين والحسن وعكرمة وابن يعمر، وقتادة ورويس عن يعقوب وابن أبي جريج عن الكسائي (فَرُوح) برفع الراء، وفي معنى هذه القراءة قولان أحدهما: أن معناها فرحمة، والثاني: فحياة وبقاء، قال الزجاج: معناه فحياة دائمة لا موت معها.

 

أما نسبة هذه القراءة حسب ابن أبي جريج للكسائي فلا توجد في روايتي المصحفين اللذين عندي بروايتيه، بالتالي هذا يثبت صحة قولي أن القراآت أكثر بكثير من سبعة أو أربعة عشر بالإضافة إلى الثلاثة الشواذّ، وحسب نولدكه فقد كان هاك قبل تحديدها في سبعة أو عشرة قراآت أكثر بكثير حوالي خمسين، لكني لم أتتبع هذه النقطة فلعل غيري يفيد الباحثين بها.

 

{وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)}

 

روى أحمد عن قراءة ابن مسعود:

 

18283 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، قَالَ : كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ عَرَفْتُ فِيهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى ، رَأَيْتُ شَيْخًا أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ عَلَى حِمَارٍ ، وَهُوَ يَتْبَعُ جِنَازَةً ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : حَدَّثَنِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ ، أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ . وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ " قَالَ : فَأَكَبَّ الْقَوْمُ يَبْكُونَ ، فَقَالَ : " مَا يُبْكِيكُمْ ؟ " فَقَالُوا : إِنَّا نَكْرَهُ الْمَوْتَ ، قَالَ : " لَيْسَ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ إِذَا حَضَرَ : {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ، فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [سورة : الواقعة ، آية رقم : 89] فَإِذَا بُشِّرَ بِذَلِكَ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ ، وَاللهُ لِلِقَائِهِ أَحَبُّ {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ، فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ} [سورة : الواقعة ، آية رقم : 92] " قَالَ عَطَاءٌ وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ : " ثُمَّ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ، فَإِذَا ، بُشِّرَ بِذَلِكَ يَكْرَهُ لِقَاءَ اللهِ ، وَاللهُ لِلِقَائِهِ أَكْرَهُ "

 

إسناده حسن من أجل عطاء بن السائب روى له البخاري حديثاً واحدا متابعة، وأصحابُ السنن، ورواية همام عنه قبل الاختلاط فيما ذكر الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/149. وإبهامُ صحابيه لا يضر، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. عفان : هو ابن مسلم الصفار، وهمام: هو ابن يحيى.

وقد أورده الهيثمي في "المجمع" 2/321، ولم يعزه إلى غير أحمد.

وفي الباب عن أبي هريرة سلف (8133) وانظر بقية أحاديث الباب هناك.

قال السندي: قوله: فأكبَّ القوم، بتشديد الباء، أي: سقطوا.  إذا حُضر. على بناء المفعول، أي: حضره الموت، أو ملائكة الموت.

 

 وهي في (معجم القراآت) موثقة بالمراجع كذلك.

 

هذه أمثلة قليلة ولم نتوسّع في سرد الاختلافات للاختصار.

 

55  الرحمن

 

في الآية 7 قرأ عبد الله بن مسعود: وخفض الميزان، بدلا من: ووضع الميزان، وهذا ربما من باب القراءة بالمعنى ومرونة النص تبعًا لتقليد لمحمد.

 

وفي الآية70 يذكر لنا ابن كثير وغيره في التفسير مثالا للقراآت المختلفة التي تؤدي إلى تغيير المعنى:

ثُمَّ قَالَ: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} قِيلَ: الْمُرَادُ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ حَسَنَةٌ فِي الْجَنَّةِ، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَقِيلَ: خَيْرَاتٌ جَمْعُ خَيِّرَةٍ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ الْحَسَنَةُ الخُلُق الْحَسَنَةُ الْوَجْهِ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَرُوِيَ مَرْفُوعًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي سَنُورِدُهُ فِي سُورَةِ "الْوَاقِعَةِ": أَنَّ الْحُورَ الْعِينَ يُغَنِّينَ: نَحْنُ الْخَيْرَاتُ الْحِسَانُ، خُلِقْنَا لِأَزْوَاجٍ كِرَامٍ. وَلِهَذَا قَرَأَ بَعْضُهُمْ: "فِيهِنَّ خَيّرات"، بِالتَّشْدِيدِ {حِسَانٌ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} .

ثُمَّ قَالَ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} ، وَهُنَاكَ قَالَ: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الَّتِي قَدْ قَصَرَت طَرْفَهَا بِنَفْسِهَا أَفْضَلُ مِمَّنْ قُصرت، وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مُخَدَّرَاتٍ.

 

ولا نذكر كل الاختلافات اختصارًا ولكي لا أنقل كل محتويات كتب أخرى بلا داعٍ.

 

113 الفلق

 

لم يكن عبد الله بن مسعود يعترف بسورتي الفلق والناس كجزء من القرآن، وكان يرفض التعبد والصلاة بهما، ويعتبرهما دعاء، ورغم أن رأيه قد لا يكون صحيحًا، فإنه يدل على عدم إجماعهم على نصه واختلاف أحد حفظة محمد للقرآن مع لجنة عثمان في طريقتها لتنقيح وجمع وترتيب القرآن. وروى أحمد بن حنبل عن هذا:

 

21188 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَشْكَابٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مَعْنٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ، " يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللهِ "،

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. وأخرجه الطبراني (9148) إلى (9152) والبزار (1586)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المطالب العالية" (4198)

 

21189 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدةَ، وَعَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيٍّ: إِنَّ أَخَاكَ يَحُكُّهُمَا مِنَ الْمُصْحَفِ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: ابْنِ مَسْعُودٍ؟ فَلَمْ يُنْكِرْ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "قِيلَ لِي، فَقُلْتُ " فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَاَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ سُفْيَانُ: يَحُكُّهُمَا: الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَلَيْسَا فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ " كَانَ يَرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ بِهِمَا الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ يَقْرَؤُهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ "، فَظَنَّ أَنَّهُمَا عُوذَتَانِ، وَأَصَرَّ عَلَى ظَنِّهِ، وَتَحَقَّقَ الْبَاقُونَ كَوْنَهُمَا مِنَ الْقُرْآنِ، فَأَوْدَعُوهُمَا إِيَّاهُ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين من جهة عبدة -وهو ابن أبي لُبابة الأسدي مولاهم الكوفي، وحسن من جهة عاصم- وهو ابن بَهْدلة الأَسدي مولاهم الكوفي. وأخرجه الشافعي في "السنن المأثورة" (94) ، ومن طريقه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (118) ، وأخرجه الحميدي (374) ، ومن طريقه الطحاوي (119) ، والبيهقي 2/394، وأخرجه البخاري (4976) ، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 1/15 عن قتيبة بن سعيد، وأخرجه البخاري (4977) وليس عندهم جميعاً قول سفيان. وأخرجه البيهقي 2/393 من طريق آخر عنه، وليس عنده قول سفيان.

وقوله: "عُوذَتان": العُوذَة: هي الرُّقْيةُ يُرْقى بها الإنسانُ من فَزَع أو جنون أو مرض؛ لأنه يعاذ بها.

 

 

21186 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لَا يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ، فَقَالَ: "أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنِي: "أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، فَقُلْتُهَا ". فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن بَهْدلة، فهو صدوق حسن الحديث، وقد توبع. عفان: هو ابن مسلم الصفَّار البصري.وأخرجه ابن الضُريس في "فضائل القرآن" (292)، وابن حبان (797) ، والواحدي في "الوسيط" 4/575

 

21181 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيٍّ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا، فَقَالَ: "قِيلَ لِي، فَقُلْتُ " فَأَنَا أَقُولُ كَمَا قَالَ.

 

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر بن عياش -وهو الأسدي الكوفي المقرئ-، وعاصم بن بَهْدلة -وهو ابن أبي النجود الأَسَدي الكوفي المقرئ- فهما صدوقان حسنا الحديث، وقد توبعا. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (120) و(121) عبد الرزاق في "تفسيره" 2/411 عن معمر بن راشد، وابن حبان (4429)، والطبراني في "الأوسط" (1143) و (4348). وزاد فيه ابن حبان قصة النسخ في سورة الأحزاب. وهي في مسند أُبيِّ بن كعب برقم (21206) من مسند أحمد. وأحمد بالأرقام (21181)  (21182) و (21183) و (21184) و (21185) و (21186) و (21187) و (21188) و (21189) و(21188)

 

وروى البخاري:

 

4977 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ح وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ قَالَ سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ أُبَيٌّ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي قِيلَ لِي فَقُلْتُ قَالَ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

4976 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ وَعَبْدَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنْ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قِيلَ لِي فَقُلْتُ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

والخبر عند الشيعة في بحار الأنوار ج82/ باب23:

 

51 - تفسير على بن إبراهيم : عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن سيف بن عميرة ، عن أبيه ، عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف ، فقال : كان أبي يقول : إنما فعل ذلك ابن مسعود برأيه ، وهما من القرآن .


52 - طب الأئمة : عن أبى عبد الله عليه السلام أنه سئل عن المعوذتين أهما من القرآن ؟ فقال عليه السلام : هما من القرآن ، فقال الرجل : إنهما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ولا في مصحفه ؟ فقال عليه السلام : أخطأ ابن مسعود ، أو قال : كذب ابن مسعود ، هما من القرآن ، فقال الرجل فأقرأ  أبهما في المكتوبة ؟ فقال : نعم.

 

1 الفاتحة

 

روى أبو عبيد في فضائل القرآن والسجستاني في كتاب المصاحف، واللفظ للأول: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ الضَّالِّينَ)

 

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ الْيَشْكُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقْرَأُ: (صِرَاطَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)

 

 

الفترة المكية الثانية

 

37 الصافّات

 

{فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (11)} قرأها ابن مسعود: (أم من عدَّدْنا) يعني من ذكرناهم في الآيات السابقة. وفي الآية 52 قرأ بعضهم: المُصَّدِّقين، يعني المتصدّقين، بدلا من: المُصَدِّقين. وفي الآية68: { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)} يقول ابن كثير في التفسير: وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي قراءة عبد الله رضي الله عنه «ثُمَّ إِنَّ مَقِيلَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ» وَكَانَ عَبْدُ الله رضي الله عنه يَقُولُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَنْتَصِفُ النَّهَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَقِيلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ، ثُمَّ قَرَأَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا [الْفُرْقَانِ: 24].

 

20 طه

 

{إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)}

 

ذكر ابن كثير في التفسير أن الصحابيين ابن عباس وابن مسعود لهما نسخة ورواية أخرى لها أوضح في المعنى:

 

وَقَوْلُهُ: أَكادُ أُخْفِيها قَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي، يَقُولُ: لِأَنَّهَا لَا تَخْفَى مِنْ نَفْسِ اللَّهِ أَبَدًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنْ نَفْسِهِ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنُ رَافِعٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَكادُ أُخْفِيها يَقُولُ: لَا أُطْلِعُ عَلَيْهَا أَحَدًا غَيْرِي. وَقَالَ السُّدِّيُّ: ليس أحد من أهل السموات والأرض إلا قد أخفى الله تعالى عَنْهُ عِلْمَ السَّاعَةِ وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ إِنِّي أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي، يَقُولُ: كتمتها من الْخَلَائِقِ حَتَّى لَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أَكْتُمَهَا مِنْ نَفْسِي لَفَعَلْتُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَكَادُ أُخْفِيهَا، وَهِيَ في بعض القراءات: أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي...

 

15 الحِجر

 

قال الطبري في التفسير: القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22)}

 

اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة القرّاء (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) وقرأه بعض قرّاء أهل الكوفة (وأرْسَلْنا الرّيحَ لَوَاقِحَ" فوحَّد الريح وهي موصوفة بالجمع: أعني بقوله: لواقح. وينبغي أن يكون معنى ذلك: أن الريح وإن كان لفظها واحدا، فمعناها الجمع

 

وذكر ابن كثير في التفسير لآية {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41)}:  وَقَرَأَ قَيْسُ بن عبادة وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَقَتَادَةُ هَذَا صِراطٌ عَلِيٌّ مُسْتَقِيمٌ كَقَوْلِهِ: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [الزُّخْرُفِ: 4] أَيْ رَفِيعٌ وَالْمَشْهُورُ الْقِرَاءَةُ الْأُولَى.

 

19 مريم

 

{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ قَرَأَهَا (فَخَاطَبَهَا مِنْ تَحْتِهَا)

 

وهي في البحر المحيط والطبري والدر المنثور والقراآت الشاذة وحجة القراآت، وبها قرأ زر بن حبيش كذلك.

 

وفي قراءة ابن عباس: من تحتها مَلَكٌ،

 

في الآية2 قرأ الحسن وابن يعمر والكلبي: ذَكَر رحمةَ، بدلا من: ذكْرُ رحمةِ، وقرأها ابن يعمر وابن عباس: ذكِّر رحمةَ، وقرأها الحسن ورواية عن ابن يعمر: ذَكَّر رحمةَ، ولذلك في كلمة (عبدَه) من قرؤوا ذكَّر أو ذَكَر رفعوا كلمة (عبدُه) كفاعل، وفي الآية5 قراءة منسوبة لعدة صحابة وتابعين منهم عثمان بن عفان جامع القرآن نفسه تقرأ : (خَفَّتْ المواليِ) يعني قَلَّتْ، بدلا مما في مصحفنا: خِفْتُ المواليَ، وفي الآية6 قرأ عدة من الصحابة والقراء: يرثْني وارثٌ، بدلا من: يَرِثُنِي وَيَرِثُ، وهناك قراآت أخرى بعضها من شواذ القراآت فراجعها،

 

وفي الآيتين 8 و69 قرأ أبي بن كعب وابن عباس ومجاهد/ عُسُيًّا، بدلا من: عِتِيًّا، وهي قراءة منسوبة إلى عبد الله بن مسعود، وروى أحمد:

 

2246 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدْ " حَفِظْتُ السُّنَّةَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنِّي لَا أَدْرِي أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، أَمْ لَا وَلا أَدْرِي، كَيْفَ كَانَ يَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ: (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عُتِيًّا (1) أَوْ عُسُيًّا ؟ " (2)

 

(1) بضم العين كما في الأصول، وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وأبي بكر عن عاصم، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: "عِتِياً" بكسر العين. انظر "زاد المسير" 5/211.

(2) تحرف هذا الحرف في (م) و (س) و (غ) و (ق) و (ص) إلى: "عِتياً"، والتصويب من (ظ9) و (ظ14) وهامش (س) ، و"غاية المقُصَد في زوائد المسند" ورقة 281، و"مجمع الزوائد" 7/155، و"تفسير الطبري" 16/51، وانظر "زاد المسير" لابن الجوزي 5/211، وهي قراءة ابن عباس ومجاهد. قال ابن قتيبة (عُتياً) أي: يُبساً، يقال: عتا وعسا بمعنى واحد، قال الزجاج: كل شيء انتهى، فقد عتا يعتو عُتياً وعتواً وعسواً وعِسياً.

والحديث إسناده صحيح على شرط البخاري. حصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي.

وأخرجه أبو داود (809) ، والطحاوي 1/205، والطبري 16/51 من طرق عن هشيم، بهذا الإسناد. واقتصر أبو داود والطحاوي على القسم الأول.

وأخرج القسم الأول منه الحاكم 2/244 من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عن حصين، به. وصححه على شرط البخاري، ووافقه الذهبي. وسيأتي برقم (2332) .

 

وفي الآية9 قرأ الحسن: وهو علَيَّ، بإضافة واو عطف، وقرأ حمزة والكسائي من القراء السبعة المعتمدين والأعمش وطلحة وابن وثاب في الآية9: خلقناك، بدلا من: خلقتُكَ، وقد طالعتُ مصاحفهم فوجد اختلاف القراءة فعلا، وفي الآية 19 قرأ بعض أصحاب القراآت السبع المعتمدة (كما مذكور في معجم القراآت وكتب التفسير، لكن لم أجدها في المصاحف التي عندي للأمانة) وبعض الصحابة والقراء : ليهب، بدلا من: لأهب، وفي الآية 24 قرأ عدة من القراء السبعة: مَنْ تحتَها (ضمير)، بدلا من : مِنْ تحتَها (حرف جر)، وفي 25 اختلافات وتباينات عديدة لقراءة كلمة (تساقط) للقراء السبعة وغيرهم، تؤدي لتغيير ضمير الفعل وتغيير موقع كلمة رطب كفاعل مرفوع أو مفعول به منصوب، وفي25 قرأ ابن مسعود: جنَنِيًّا بَرْنيًّا، بإضافة كلمة برنيًّا، وفي 26 قرأها ابن مسعود وأنس بن مالك: صمتًا، بدلا من: صيامًا، وقرأها أبي بن كعب: صومًا صمتًا، وفي 34 قرأ ابن مسعود: قالُ اللهِ الحقُّ، بدلا من: قولُ الحقِّ، وقرأ أبي بن كعب: الذي كان الناس فيه، بدلا من: فيه، وتوجد اختلافات كثيرة في قراءة السورة لم يتح لي الوقت عرضها فراجع معجم القراآت، ومنها اختلافات بين السبعة قراآت.

 

36 يس

 

يقول الطبري في تفسيره للآية {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8)}: يقول تعالى ذكره: إنا جعلنا أيمان هؤلاء الكفار مغلولة إلى أعناقهم بالأغلال، فلا تُبسط بشيء من الخيرات. وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَيْمَانِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأذْقَانِ) وقوله (إِلَى الأذْقَانِ) يعني: فأيمانهم مجموعة بالأغلال في أعناقهم، فكُني عن الأيمان، ولم يجر لها ذكر لمعرفة السامعين بمعنى الكلام، وأن الأغلال إذا كانت في الأعناق لم تكن إلا وأيدي المغلولين مجموعة بها إليها، فاستغنى بذكر كون الأغلال في الأعناق من ذكر الأيمان، كما قال الشاعر:

وَما أدْرِي إذا يَمَّمْتُ وَجْهًا ... أُرِيدُ الخَيْرَ أيُّهُما يَلِينِي

أألخَيرُ الذي أنَا أبْتَغِيهِ ... أم الشَّرُّ الَّذي لا يَأتَلِيني

فكنى عن الشر، وإنما ذكر الخير وحده لعلم سامع ذلك بمعني قائله، إذ كان الشر مع الخير يذكر. والأذقان: جمع ذَقَن، والذَّقَنُ: مجمع اللَّحيين.

وقال الفراء في معاني القرآن (الورقة 267) وقوله: (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان) فكنى عن هي، وهي للأيمان، ولم تذكر. وذلك أن الغل لا يكون إلا في اليمين والعنق جامعا لليمين والعنق، فيكفي ذكر أحدهما من صاحبه، ومثله قول الشاعر: "وما أدري...." البيتين. فكنى عن الشر، وإنما ذكر الخير وحده. وذلك أن الشر يذكر مع الخير. وهي في قراءة عبد الله: (إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا فهي إلى الأذقان) فكفت من ذكر (الأعناق) في حرف عبد الله، وكفت (الأعناق) من "الأيمان" في قراءة العامة. والذقن: أسفل اللحيين.

 

{وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)} يقول ابن كثير عن اختلاف القرَّاء على قراءتها:

 

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي أَدَاءِ هَذَا الْحَرْفِ، فمنهم من قرأ وإن كلا لَمَا بِالتَّخْفِيفِ فَعِنْدَهُ أَنَّ إِنْ لِلْإِثْبَاتِ، وَمِنْهُمْ من شدد لَمَّا وجعل أن نافية، ولما بِمَعْنَى إِلَّا، تَقْدِيرُهُ وَمَا كُلٌّ إِلَّا جَمِيعٌ لدينا محضرون، ومعنى القراءتين واحد

{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)}، يقول ابن كثير: وفي بعض القراءات: يا حسرة العباد على أنفسهم، وَمَعْنَى هَذَا يَا حَسْرَتَهُمْ وَنَدَامَتَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...إلخ      

 

43 الزخرف

 

{أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5)}

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة"إنْ كُنْتُمْ" بكسر الألف من"إن" بمعنى: أفنضرب عنكم الذكر صفحا إذ كنتم قوما مسرفين. وقرأه بعض قرّاء أهل مكة والكوفة وعامة قرّاء البصرة"أنْ" بفتح الألف من"أنْ"، بمعنى: لأن كنتم.

واختلف أهل العربية في وجه فتح الألف من أن في هذا الموضع، فقال بعض نحويي البصرة: فتحت لأن معنى الكلام: لأن كنتم. وقال بعض نحويي الكوفة: من فتحها فكأنه أراد شيئا ماضيا، فقال: وأنت تقول في الكلام: أتيت أن حرمتني، تريد: إذ حرمتني، ويكسر إذا أردت: أتيت إن تحرمني. ومثله: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ) و (أنْ صَدُّوكُمْ) بكسر وبفتح.

(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) قال: والعرب تنشد قول الفرزدق:

أتَجْزَعُ أنْ أُذْنا قُتَيْبَةَ حُزَّتا ... جِهارًا وَلمْ تَجْزَعْ لقَتْلِ ابنِ حَازِمِ

قال: وينشد:

أتَجْزَعُ أنْ بانَ الخَلِيطُ المُوَدّعُ ... وَحَبْلُ الصَّفَا مِنْ عَزَّةَ المُتَقَطِّعُ

 

{أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18)}

يقول الطبري: واختلف القرّاء في قراءة قوله: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض المكيين والكوفيين"أوْ مَنْ يَنْشَأُ" بفتح الياء والتخفيف من نَشَأَ ينشأ. وقرأته عامة قرّاء الكوفة (يُنَشَّأُ) بضم الياء وتشديد الشين من نَشَّأْتُهُ فهو يُنَشَّأُ. والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى، لأن المُنَشَّأ من الإنشاء ناشئ، والناشئ منشأ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله"أوَ مَنْ لا يُنشَّأُ إلا فِي الحلْية"

 

{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)}

...واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة"الذين هم عند الرحمن" بالنون، فكأنهم تأولوا في ذلك قول الله جلّ ثناؤه: (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ) فتأويل الكلام على هذه القراءة: وجعلوا ملائكة الله الذين هم عنده يسبحونه ويقدسونه إناثا، فقالوا: هم بنات الله جهلا منهم بحق الله، وجرأة منهم على قيل الكذب والباطل. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا) بمعنى: جمع عبد. فمعنى الكلام على قراءة هؤلاء: وجعلوا ملائكة الله الذين هم خلقه وعباده بنات الله، فأنثوهم بوصفهم إياهم بأنهم إناث.

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن الملائكة عباد الله وعنده.

واختلفوا أيضًا في قراءة قوله: (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة"أشهدوا خلقهم" بضم الألف، على وجه ما لم يسمّ فاعله، بمعنى: أأشهد الله هؤلاء المشركين الجاعلين ملائكة الله إناثا، خلق ملائكته الذين هم عنده، فعلموا ما هم، وأنهم إناث، فوصفوهم بذلك، لعلمهم بهم، وبرؤيتهم إياهم، ثم رد ذلك إلى ما لم يسمّ فاعله.

وقرئ بفتح الألف، بمعنى: أشهدوا هم ذلك فعلموه؟ والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وفي الآية 33 قال الطبري: واختلفت القرّاء في قراءة قوله:"سقفا" فقرأته عامة قرّاء أهل مكة وبعض المدنيين وعامة البصريين (سَقْفا) بفتح السين وسكون القاف اعتبارا منهم ذلك بقوله: (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) وتوجيها منهم ذلك إلى أنه بلفظ واحد معناه الجمع. وقرأه بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء الكوفة (سُقُفًا) بضم السين والقاف، ووجهوها إلى أنها جمع سقيفة أو سقوف. وإذا وجهت إلى أنها جمع سقوف كانت جمع الجمع، لأن السقوف: جمع سقف، ثم تجمع السقوف سقفا،

 

{حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38)}، يقول ابن كثير: وقرأ بعضهم (حتى إذا جاءانا) يعني القرين والمقارَن. وقال الطبري: اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا} [الزخرف: 38] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ سِوَى ابْنِ مُحَيْصِنٍ، وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ وَبَعْضُ الشَّامِيِّينَ (حَتَّى إِذَا جَاءَانَا) عَلَى التَّثْنِيَةِ بِمَعْنَى: حَتَّى إِذَا جَاءَنَا هَذَا الَّذِي عَشِيَ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ وَقَرِينُهُ الَّذِي قُيِّضَ لَهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا} [الزخرف: 38] عَلَى التَّوْحِيدِ بِمَعْنَى: حَتَّى إِذَا جَاءَنَا هَذَا الْعَاشِي مِنْ بَنِي آدَمَ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى وَذَلِكَ أَنَّ فِيَ خَبَرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ حَالِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ عِنْدَ مَقْدَمِهِ عَلَيْهِ فِيمَا أَقَرَّنَا فِيهِ فِي الدُّنْيَا، الْكِفَايَةُ لِلسَّامِعِ عَنْ خَبَرِ الْآخَرِ، إِذْ كَانَ الْخَبَرُ عَنْ حَالِ أَحَدِهِمَا مَعْلُومًا بِهِ خَبَرُ حَالِ الْآخَرِ، وَهُمَا مَعَ ذَلِكَ قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قَرَأَةِ الْأَمْصَارِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ.

 

{وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)}، هنا أنا باب الأمور غير المنطقية انتقدت النص وقلت كيف كان سيسأل من ماتوا من آلاف السنوات، ويقول ابن كثير في تفسيره: 

 

...قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: واسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رُسُلَنَا. وَهَكَذَا حَكَاهُ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ عَنِ ابن مسعود رضي الله عنه، وَهَذَا كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَا تِلَاوَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

 

ويقول الطبري:

 

...حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في بعض الحروف"واسْأَلْ الَّذِينَ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا" سل أهل الكتاب: أما كانت الرسل تأتيهم بالتوحيد؟ أما كانت تأتي بالإخلاص؟.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله: (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا) في قراءة ابن مسعود"سَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ" يعني: مؤمني أهل الكتاب.

 

يلوح لي أن لفظًا وقع فعلًا من جامعي نسخة عثمان، وأنهم لو أخذوا بآراء آخرين ممن استبعدوهم من العمل لكان أفضل للنص النهائي للقرآن لإزالة السقطات، وهذا مثال لاستعمال القراآت المخالفة لحرف عثمان لفهم ما سقط وغمض من حرفه ونسخته.

 

جاء عن ابن مريم هكذا: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)}، يقول ابن كثير: وقوله سبحانه وتعالى: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ مَا بُعِثَ بِهِ عيسى عليه الصلاة والسلام، مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْقَامِ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ وَأَبْعَدُ مِنْهُ مَا حَكَاهُ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وسعيد بن جبير، أن الضَّمِيرُ فِي وَإِنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ، بَلِ الصحيح أنه عائد على عيسى عليه الصلاة والسلام فَإِنَّ السِّيَاقَ فِي ذِكْرِهِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِذَلِكَ نُزُولُهُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء: 159] أَيْ قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثم يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى الْقِرَاءَةَ الْأُخْرَى (وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ) أَيْ أَمَارَةٌ وَدَلِيلٌ عَلَى وُقُوعِ السَّاعَةِ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ أَيْ آيَةٌ للساعة خروج عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ يَوْمِ القيامة

 

وروى أحمد:

 

2918 - حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، مَوْلَى ابْنِ عُقَيْلٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ: لَقَدْ عُلِّمْتُ آيَةً مِنَ القُرْآنِ مَا سَأَلَنِي عَنْهَا رَجُلٌ قَطُّ، فَمَا أَدْرِي أَعَلِمَهَا النَّاسُ، فَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْهَا، أَمْ لَمْ يَفْطِنُوا لَهَا، فَيَسْأَلُوا عَنْهَا ؟ ثُمَّ طَفِقَ يُحَدِّثُنَا، فَلَمَّا قَامَ، تَلاوَمْنَا أَنْ لَا نَكُونَ سَأَلْنَاهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: أَنَا لَهَا إِذَا رَاحَ غَدًا، فَلَمَّا رَاحَ الْغَدَ، قُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، ذَكَرْتَ أَمْسِ أَنَّ آيَةً مِنَ القُرْآنِ، لَمْ يَسْأَلْكَ عَنْهَا رَجُلٌ قَطُّ، فَلا تَدْرِي أَعَلِمَهَا النَّاسُ، فَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْهَا، أَمْ لَمْ يَفْطِنُوا لَهَا ؟ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْهَا، وَعَنِ اللاتِي قَرَأْتَ قَبْلَهَا . قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِقُرَيْشٍ: " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ فِيهِ خَيْرٌ " وَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ النَّصَارَى تَعْبُدُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، وَمَا تَقُولُ فِي مُحَمَّدٍ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى كَانَ نَبِيًّا وَعَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللهِ صَالِحًا، فَلَئِنْ كُنْتَ صَادِقًا، فَإِنَّ آلِهَتَهُمْ لَكَمَا تَقُولُونَ . قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57] قَالَ: قُلْتُ: مَا يَصِدُّونَ ؟ قَالَ: يَضِجُّونَ، {وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61] ، قَالَ: هُوَ خُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

 

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عاصم- وهو ابن أبي النجود- فقد روى له أصحاب السنن، وحديثه في الصحيحين مقرون، وهو صدوق حسن الحديث. أبو رَزِين: اسمه مسعود بن مالك الأسدي، وأبو يحيى: هو المعرقَب، واسمه مِصْدَع، وفي "التهذيب": أنه مولى عبد الله بن عمرو، ويقال: مولى معاذ بن عفراء الأنصاري، والذي هنا أنه مولى ابن عَقِيل الأنصاري، قلنا: فلعل أحد الرواة حَرَّف كلمة "عفراء" إلى: عقيل، والله تعالى أعلم. شيبان: هو ابن عبد الرحمن النَحْوي.

وأخرجه دون قصة ابن عباس في أوله الطبراني (12740) من طريق الوليد بن مسلم، عن سفيان الثوري وشيبان، بهذا الإسناد. ولم يزد على قوله: "أبي يحيى" في إسناده.

وأخرجه مختصراً ابن حبان (6817) من طريق الوليد بن مسلم، عن شيبان بن عبد الرحمن، عن عاصم، عن أبي رَزين، عن أبي يحيى مولى ابن عفراء، عن ابن عباس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: (وإنه لعلم للساعة) ، قال: "نزول عيسى ابن مريم من قبل يوم القيامة". هكذا جعله مرفوعاً.

وأخرجه بضحوه موقوفاً على ابن عباس الطبري 25/90 من طريق سفيان الثوري وشعبة وقيس، ثلاثتهم عن عاصم بن أبي النجود، به. إلا أن شعبة وقيساً لم يذكرا في إسناده أبا يحيى.

وأخرجه كذلك الحاكم 2/448 من طريق إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، به. وصحح إسناده، ووافقه الذهبي!

وأخرجه الطبري 25/90 من طريق عطية العَوْفي، عن ابن عباس، موقوفاً.

وأخرجه الطبري أيضاً 25/90 من طريق فضيل بن مرزوق، عن جابر قال: كان ابن عباس يقول: ما أدري عَلِمَ الناس بتفسير هذه الآية، أم لم يفطنوا لها؟ (وإنه لعلم للساعة) قال: نزول عيسى ابن مريم.

قلنا: قوله تعالى: (وإنه لعلم للساعة) ، هكذا قرأ ابن عباس وغيره "عَلَم" بفتح العين واللام، وقال الطبري: اجتمعت قراء الأمصار في قراءة قوله: (وإنه لَعِلْم للساعة) على كسر العين من العلم، وروي عن ابن عباس ما ذكرت عنه في فتحها، وعن قتادة والضحاك، والصواب من القراءة في ذلك الكسر في العين، لِإجماع الحجة من القراء عليه.

وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" 7/325: قرأ الجمهور "لَعِلْم" بكسر العين وتسكين اللام، وقرأ ابن عباس وأبو رزين وأبو عبد الرحمن وقتادة وحميد وابن محيصن بفتحهما. قال ابن قتيبة: من قرأ بكسر العين، فالمعنى أنه يعلم به قرب الساعة، ومن فتح العين واللام، فإنه بمعنى العلامه والدليل. وانظر "تفسير ابن كثير" 7/222-223.

قلنا: وقد تواترت الأخبار في نزول عيسى ابن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة، وللمحدث محمد أنور شاه الكَشْمِيري رحمه الله كتاب جمع فيه هذه إلأخبار، وسماه "التصريح بما تواتر في نزول المسيح"، مطبوع بتحقيق الشيخ العلامة عبد الفتاح أبو غدة.

يضِجُّون، قال السندي: بكسر الضاد المعجمة، من أضَح أو ضَجَّ: إذا صاح، والأول أنسب، فإن الثاني يستعمل في صياح المغلوب الذي أصابه مشقة وجَزَع، والأول بخلافه.

 

فهذه أمثلة لاختلاف القراآت على سبيل المثال لا الحصر.

 

23 المؤمنون

 

{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69)}

 

نلاحظ أن وثنيي العرب فعلًا وباعتراف محمد نفسه كما في أول سورة الكهف وغيرها لم يأتهم نبيٌّ قط منذ النبي الخرافي إسماعيل وبعض الخرافيين المرسلين لكن ليس لهم بل للعرب"البائدة" حسب خرافات الإسلام، لذلك هناك قراءة أخرى تزيل التناقض، يقول الطبري:

 

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الأوَّلِينَ) قال: لعمري لقد جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين، ولكن (أو لم يأتهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين).

 

{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60)}

 

روى أحمد بن حنبل:

 

(24641) 25148- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو خَلَفٍ مَوْلَى بَنِي جُمَحَ ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي سَقِيفَةِ زَمْزَمَ ، لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ ظِلٌّ غَيْرَهَا ، فَقَالَتْ : مَرْحَبًا ، وَأَهْلاً بِأَبِي عَاصِمٍ ، يَعْنِي عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا ، أَوْ تُلِمَّ بِنَا ؟ فَقَالَ : أَخْشَى أَنْ أُمِلَّكِ ، فَقَالَتْ : مَا كُنْتَ تَفْعَلُ ، قَالَ : جِئْتُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا ؟ فَقَالَتْ : أَيَّةُ آيَةٍ ؟ فَقَالَ : الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا ، أَوِ الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا ، فَقَالَتْ : أَيَّتُهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لإِحْدَاهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا ، أَوِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، قَالَتْ : أَيَّتُهُمَا ؟ قُلْتُ : الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا ، قَالَتْ : أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا ، وَكَذَلِكَ أُنْزِلَتْ ، أَوْ قَالَتْ : أَشْهَدُ لَكَذَلِكَ أُنْزِلَتْ ، وَكَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا ، وَلَكِنَّ الْهِجَاءَ حُرِّفَ.

 

إسناده ضعيف، أبو خلف مولى بني جمح ، من رجال "التعجيل" مجهول الحال، روى عنه اثنان، أحدهما طلحة بن عمرو المكي ، وهو متروك، ولم يؤثر توثيقه عن أحد ، وجهَّله الحسيني جهالة عين ، فقال : لا يعرف. وإسماعيل المكي اختلف في تعيينه، فقد جاء هنا غير منسوب ، وكذلك في رواية يزيد الآتية برقم (25169) ، وصرح يزيد بن هارون في روايته -كما ساقها البخاري في "تاريخه" 9 / 28 ، وأبو أحمد في "الكنى" ونقلها عنه الحافظ في "التعجيل"- أنه إسماعيل بن أمية ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9 / 366 أنه إسماعيل بن مسلم المكي الضعيف ، وكذلك ابن كثير في "تفسيره" ، والهيثمي في "المجمع" 7 / 72 - 73 . وقد خطأ ذلك ابن حجر ، ونبه على ذلك في "التعجيل". وأخرجه إسحاق بن راهويه (1644) ، والطبري في "تفسيره" 18 / 33 من طريق طلحة بن عمرو، عن أبي خلف ، بهذا الإسناد مختصراً. وطلحة متروك. وأخرجه الحاكم 2 / 235 و246 من طريق يحيى بن راشد، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي، عن أبيه ، عن عائشة ، بنحوه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وتعقبه الذهبي بقوله : يحيى ضعيف. ورواه أحمد برقم (25115).

 

رغم ضعف إسناده، لكنه يدل على تعدد قراآت النص عند المسلمين وسعيهم لإثبات وجهة نظره ربما بتلفيق أحاديث. هذه القراءة تعكس معنى الكلام تمامًا فالأولى معناها من يقومون بالإحسان للفقراء، والثانية معناها من يقومون بالآثام، ويقول محققو مسند أحمد طبعة الرسالة: وقرأت عائشة وابن عباس وقتادة والأعمش والحسن والنخعي : {يأتون ما أَتَوا} بالقصر من الإتيان، أي : يفعلون ما فعلوا.

 

وهناك رواية أخرى منسوبة لعائشة كأنها لمحاربة ومنافسة السابقة، (ونلاحظ أنهم نسبوا لعائشة كل ما اختلفوا فيه فتجد في مسندها عند أحمد وغيره أقوالهم المتضاربة كنفي وإثبات سنة ما بعد صلاة العصر كليهما على لسانها):

 

(25263) 25777- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ فِي هَذِهِ الآيَةِ : {الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ يَا رَسُولَ اللهِ ، هُوَ الَّذِي يَسْرِقُ وَيَزْنِي وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ ، وَهُوَ يَخَافُ اللَّهَ ؟ قَالَ : لاَ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ، يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يُصَلِّي وَيَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَهُوَ يُخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، عبد الرحمن بن سعيد بن وهب -وهو الخيواني- لم يدرك عائشة فيما قال أبو حاتم ونقله عنه ابنه في "المراسيل" ص127.

وقد اختلف عليه فيه:

فرواه مالك بن مِغْوَل-كما في هذه رواية- عنه، عن عائشة.

وخالفه عمرو بن قيس الملائي -فيما أخرجه الطبري في "تفسيره" 18/33، والطبراني في "الأوسط" (3977) -فرواه عنه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن عائشة.

والمحفوظ عن عبد الرحمن بن سعيد هو المرسل فيما قال الدارقطني في "العلل" 11/193.

قلنا: وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الحميدي (275) ، والترمذي (3175) ، والطبري في "تفسيره" 18/33، والحاكم 2/393-394، والبيهقي في "الشعب" (762) ، وفي "معرفة السنن والآثار" (20854) من طرق عن مالك بن مغول، بهذا الإسناد.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 18/34 من طريق ابن إدريس، عن ليث، عن مغيث، عن رجل من أهل مكة، عن عائشة، نحوه.

وأخرجه أيضاً 18/34 من طريق جرير، عن ليث بن أبي سُليم، وهشيم عن العوام بن حوشب جميعاً، عن عائشة، نحوه.

وأخرجه أبو يعلى (4917) من طريق جرير، عن ليث، عن رجل، عن عائشة، نحوه.

قلنا: وهذه الأسانيد ضعيفة كلها.

وسيرد برقم (25705) ، وانظر (24641) .

 

{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)}

 

هنا وقع خطأ بالتأكيد ربما من محمد نفسه وليس من لجنة عثمان التي جمعت النص، لأن الإجابة السليمة لُغويًّا على السؤالين الثاني والثالث هي (اللهُ) وليس {للهِ}. لكن محمدًا ألحق حرف الجر المناسب للإجابة على السؤال الأول بالإجابتين الأخريين، وهذا سهو منه. ولو أخذنا بما وروه ونقله القاسم بن سلام في كتابه فضائل القرآن، من أن مصحف أبي بن كعب به نفس الخطأ فيكون الخطأ أصليّ ومرتكبه محمد نفسه:

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: وَفِي مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ. . . . . . . . . لِلَّهِ) ، كُلُّهُنَّ بِغَيْرِ أَلْفٍ

 

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: كَانَتْ فِي الْإِمَامِ مُصْحَفِ عُثْمَانَ الَّذِي كَتَبَهُ لِلنَّاسِ (لِلَّهِ. . . لِلَّهِ) كُلُّهُنَّ بِغَيْرِ أَلْفٍ. فَقَالَ: قَالَ عَاصِمٌ: وَأَوَّلُ مَنْ أَلْحَقَ هَاتَيْنِ الْأَلِفَيْنِ فِي الْمُصْحَفِ نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَرَأْتُ أَنَا فِي مُصْحَفٍ بِالثَّغْرِ قَدِيمٍ، بُعِثَ بِهِ إِلَيْهِمْ، فِيمَا أَخْبِرُونِي بِهِ قَبْلَ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَإِذَا كُلُّهُنَّ (لِلَّهِ لِلَّهِ) بِغَيْرِ أَلْفٍ

 

والملاحظ أن أبا عمرو من القراء السبعة المعتمدين خالفهم فقرأ الثانية والثالثة: اللهُ. بإثبات ألف. هكذا هي في المصحف بروايته، وكذلك قراء آخرون مثله، واختلاف القراآت في هذه السورة وغيرها عندما نطالع معجم القراآت وغيره تنفي أي زعم لسلامة القرآن من الاختلاف. فمثلًا الآية71 قرؤوها أتيتُهم، و: أتَيْتَهم، و: آتيناهم، وقرؤوا: بذكرهم، بذكراهم، نُذكِّرُهم. ولم أتفرغ لسرد كل اختلاف فراجعه.

 

21 الأنبياء

 

{إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (98) لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (99)}

 

قال ابن كثير في التفسير:

 

وَقَالَ ابن عباس أيضا: حصب جهنم يعني شَجَرِ جَهَنَّمَ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: حَصَبُ جَهَنَّمَ يَعْنِي حَطَبَ جَهَنَّمَ بِالزِّنْجِيَّةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ: حَطَبُهَا، وَهِيَ كَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

 

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)}

 

توجد قراءة أخرى لابن عباس معقولة جدًّا وربما على الأرجح أصح، يقول القاسم بن سلام في فضائل القرآن:

 

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا أَدْرِي أَهُوَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَمْ لَا، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ ضِيَاءً وَذِكْرًى) وَيَقُولُ: حَوِّلُوا الْوَاوَ إِلَى مَوْضِعِهَا (وَالَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ)

 

وكما أرى كلا قراءتيه معقولتان وأصح على الأغلب، وهو هنا ينتقد عدم وجود واو قبل كلمة {الذين} في الآية 6 من سورة غافر كان يقرأ هو بها، لأن الكلام قبلها عن أهل الجحيم، فالواو ابتدائية تفصل الجملة عما قبلها. وعلى هذا يكون إعراب ضياءً حال أو مفعول لأجله.

 

25 الفرقان

 

{ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18)}

 

 توجد في معجم القراآت ومصحف رواية أبي جعفر وكتب القراآت وتفسير ابن كثير  قراءة لأبي جعفر من القراء العشرة المعتمدين ولبعض الصحابة والتابعين والقراء، تقرؤها: (أن نُتَّخَذ) لأنه معلوم أنهم لم يتخذوا لله شركاء حسب الإسلام، وقال الطبري في تفسيره:

...واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ) فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار (نَتَّخِذَ) بفتح النون سوى الحسن ويزيد بن القعقاع، فإنهما قرآه: (أنَّ نُتَّخَذَ) بضم النون. فذهب الذين فتحوها إلى المعنى الذي بَيَّنَّاه في تأويله من أن الملائكة وعيسى، ومن عُبِد من دون الله من المؤمنين، هم الذين تبرّءوا أن يكون كان لهم وليّ غير الله تعالى ذكره. وأما الذين قرءوا ذلك بضمّ النون، فإنهم وجهوا معنى الكلام إلى أن المعبودين في الدنيا إنما تبرّءوا إلى الله أن يكون كان لهم أن يعبدوا من دون الله.

 

ملاحظة: وقرأها علقمة (ما ينبغي لنا).

 

17 الإسراء

 

{وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (16)}

 

قال ابن كثير في التفسير:

 

اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ أَمَرْنا، فَالْمَشْهُورُ قِرَاءَةُ التَّخْفِيفِ، وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَاهَا، فَقِيلَ: مَعْنَاهَا أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا أَمْرًا قَدَرِيًّا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً [يُونُسَ: 24] فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ، قَالُوا: مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَخَّرَهُمْ إِلَى فِعْلِ الْفَوَاحِشِ، فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَمَرْنَاهُمْ بِالطَّاعَاتِ فَفَعَلُوا الْفَوَاحِشَ، فَاسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ، رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَيْضًا. وَقَالَ ابن جرير: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ جَعَلْنَاهُمْ أُمَرَاءَ، قُلْتُ إِنَّمَا يَجِيءُ هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ أَمَّرْنا مُتْرَفِيها، قَالَ عَلِيُّ بْنُ طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: (أَمَّرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها)، يَقُولُ: سَلَّطْنَا أَشْرَارَهَا فَعَصَوْا فِيهَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذلك أهلكهم الله بِالْعَذَابِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها [الأنعام: 123] الآية، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.

 

{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13)}

 

وفي فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (وَكُلُّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ يَقْرَؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا)

 

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا (23)}

 

قال ابن كثير في تفسيره:

 

يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ فَإِنَّ الْقَضَاءَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْأَمْرِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: {وَقَضَى} يَعْنِي: وَصَّى، وَكَذَا قَرَأَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ: "وَوَصَّى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ"

 

وكما سنورد في مقتبسات من كتاب نولدكه من كتب التراث والقراآت أن هذه غلطة نتيجة بقعة حبر.

 

وفي الآية 37 قال ابن كثير (ومثله ابن جرير الطبري):

 

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} أُمَّا مَنْ قَرَأَ "سَيِّئَةٌ" أَيْ: فَاحِشَةٌ. فَمَعْنَاهُ عِنْدَهُ: كُلُّ هَذَا الَّذِي نَهَيْنَا عَنْهُ، مِنْ قَوْلِهِ: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} إِلَى هَاهُنَا، فَهُوَ سَيِّئَةٌ مُؤَاخَذٌ عَلَيْهَا {مَكْرُوهًا} عِنْدَ اللَّهِ، لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ.

وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ {سَيِّئُهُ} عَلَى الْإِضَافَةِ فَمَعْنَاهُ عِنْدَهُ: كُلُّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} إِلَى هَاهُنَا فَسَيِّئُهُ، أَيْ: فَقَبِيحُهُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ اللَّهِ، هَكَذَا وجَّه ذَلِكَ ابن جرير، رحمه الله.

 

{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " كُنْتُ لَا أَدْرِي مَا الزُّخْرُفُ؟ حَتَّى وَجَدْتُ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ (أَوْ يَكُونُ لَكَ بَيْتٌ مِنْ ذَهَبٍ)

 

وهي في الطبري والدر المنثور والبحر المحيط والقراآت الشاذة.

 

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)}

 

روى البخاري:


125 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَرِبِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَسْأَلُوهُ لَا يَجِيءُ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَنَسْأَلَنَّهُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا الرُّوحُ فَسَكَتَ فَقُلْتُ إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقُمْتُ فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ قَالَ{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}وَمَا أُوتُوا مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا قَالَ الْأَعْمَشُ هَكَذَا فِي قِرَاءَتِنَا

 

ورواه مسلم:

 

[ 2794 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج قالا حدثنا وكيع ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وعلي بن خشرم قالا أخبرنا عيسى بن يونس كلاهما عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة بنحو حديث حفص غير أن في حديث وكيع { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا }  وفي حديث عيسى بن يونس وما أوتوا من رواية بن خشرم

 

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101)}

 

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ (فَسَأَلَ مُوسَى فِرْعَوْنَ أَنْ أَرْسِلَ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي فِي قَوْلِهِ: (فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)

وهي في الطبري والدر المنثور والبحر المحيط والقراآت الشاذة.

 

{قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102)}

 

قال ابن كثير في تفسيره: وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ بِرَفْعِ التَّاءِ مِنْ قَوْلِهِ: "عَلِمْتُ" وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَلَكِنْ قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ لِفِرْعَوْنَ

 

وفي الآية 106 يقول: وَقَوْلُهُ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} أَمَّا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِالتَّخْفِيفِ، فَمَعْنَاهُ: فَصَّلْنَاهُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ مُفرقًا مُنَجَّمًا عَلَى الْوَقَائِعِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. قَالَهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ {فَرَقْنَاهُ} بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: أَنْزَلْنَاهُ آيَةً آيَةً، مُبَيَّنًا مُفَسَّرًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ} أَيْ: لِتُبَلِّغَهُ النَّاسَ وَتَتْلُوهُ عَلَيْهِمْ {عَلَى مُكْثٍ} أَيْ: مَهَل {وَنزلْنَاهُ تَنزيلا} أَيْ: شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ.

 

27 النمل

 

بعض ما ورد عند الطبري من الاختلافات كأمثلة فقط:

{أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) }

 

اختلف القرّاء في قراءة قوله (أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ) فقرأ بعض المكيين وبعض المدنيين والكوفيين "ألا" بالتخفيف، بمعنى: ألا يا هؤلاء اسجدوا، فأضمروا "هؤلاء"اكتفاء بدلالة "يا" عليها. وذكر بعضهم سماعا من العرب: ألا يا ارحمنا، ألا يا تصدّق علينا; واستشهد أيضا ببيت الأخطل:

ألا يا اسْلَمي يا هِنْدَ هنْدَ بَنِي بَدرٍ ... وَإنْ كان حَيَّانا عِدًا آخِرَ الدَّهْر

فعلى هذه القراءة اسجدوا في هذا الموضع جزم، ولا موضع لقوله "ألا"في الإعراب. وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة والبصرة (أَلا يَسْجُدُوا) بتشديد ألا بمعنى: وزيَّن لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا لله "ألا" في موضع نصب لما ذكرت من معناه أنه لئلا (ويسجدوا) في موضع نصب بأن.

 

وفي 36-37 ذكر: (فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) فإن كان الرسول كان واحدا، فكيف قيل (بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) وإن كانوا جماعة فكيف قيل: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ) قيل: هذا نظير ما قد بيَّنا قبل من إظهار العرب الخبر في أمر كان من واحد على وجه الخبر، عن جماعة إذا لم يقصد قصد الخبر عن شخص واحد بعينه، يُشار إليه بعينه، فسمي في الخبر. وقد قيل: إن الرسول الذي وجَّهته ملكة سبأ إلى سليمان كان امرأ واحدا، فلذلك قال: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ) يُراد به: فلما جاء الرسول سليمان; واستدلّ قائلو ذلك على صحة ما قالوا من ذلك بقول سليمان للرسول: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ) وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله، فلما جاءوا سليمان على الجمع، وذلك للفظ قوله: (بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) فصلح الجمع للفظ والتوحيد للمعنى.

 

وفي 48-49 ذكر: ويتوجه قوله (تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ) إلى وجهين: أحدهما النصب على وجه الخبر، كأنه قيل: قالوا متقاسمين وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: "ولا يصلحون تقاسموا بالله" وليس فيها "قالوا"، فذلك من قراءته يدل على وجه النصب في "تقاسموا"على ما وصفت. والوجه الآخر: الجزم، كأنهم قال بعضهم لبعض: اقسموا بالله، فعلى هذا الوجه الثاني تصلح قراءة (لَنُبَيِّتَنَّهُ) بالياء والنون، لأن القائل لهم تقاسموا، وإن كان هو الآمر فهو فيمن أقسم، كما يقال في الكلام: انهضوا بنا نمض إلى فلان، وانهضوا نمضي إليه. وعلى الوجه الأوّل الذي هو وجه النصب القراءة فيه بالنون أفصح، لأن معناه: قالوا متقاسمين لنبيتنه، وقد تجوز الياء على هذا الوجه، كما يقال في الكلام: قالوا لنكرمنّ أباك، وليكرمنّ أباك، وبالنون قرأ ذلك قرَّاء المدينة، وعامة قراء البصرة وبعض الكوفيين. وأما الأغلب على قرّاء أهل الكوفة، فقراءته بالياء وضمّ التاء جميعا. وأما بعض المكيين، فقرأه بالياء.

وأعجب القراءات في ذلك إليّ النون، لأن ذلك أفصح الكلام على الوجهين اللذين بيَّنت من النصب والجزم، وإن كان كل ذلك صحيحا غير فاسد لما وصفت، وأكرهها إليّ القراءة بها الياء، لقلة قارئ ذلك كذلك. وقوله: (لَنُبَيِّتَنَّهُ) قال: ليبيتنّ صالحا ثم يفتكوا به.

 

وفي 51قال الطبري: وقوله: (أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) ....واختلفت القرّاء في قراءة قوله "إنا" فقرأ بكسرها عامة قرّاء الحجاز والبصرة على الابتداء، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: (أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ) بفتح الألف. وإذا فُتحت كان في (أَنَّا) وجهان من الإعراب: أحدهما الرفع على ردّها على العاقبة على الاتباع لها، والآخر النصب على الرد على موضع كيف؛ لأنها في موضع نصب إن شئت، وإن شئت على تكرير كان عليها على وجه، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم كان عاقبة مكرهم تدميرنا إياهم.

 

وفي63-64 قال: وقوله: (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ) اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة سوى أبي جعفر وعامة قرّاء أهل الكوفة: (بَلِ ادَّارَكَ) بكسر اللام من "بل" وتشديد الدال من "ادراك "، بمعنى: بل تدارك علمهم أي تتابع علمهم بالآخرة هل هي كائنة أم لا ثم أدغمت التاء في الدال كما قيل: (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأرْضِ) وقد بينا ذلك فيما مضى بما فيه الكفاية من إعادته.

وقرأته عامة قرّاء أهل مكة: "بَلْ أدْرَك عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ" بسكون الدال وفتح الألف، بمعنى هل أدرك علمهم علم الآخرة. وكان أبو عمرو بن العلاء يُنكر فيما ذكر عنه قراءة من قرأ: "بَلْ أدْرَكَ"ويقول: إن "بل" إيجاب والاستفهام في هذا الموضع إنكار. وكأن ابن عباس وجه ذلك إلى أن مخرجه مخرج الاستهزاء بالمكذّبين بالبعث.

 

وفي الهامش من لسان العرب:

 

وفي (اللسان: درك) . فأما من قرأ: "بل أدارك"، فإن الفراء قال: معناه لغة: تدارك، أي تتابع علمهم في الآخرة؛ يريد بعلم الآخرة: تكون أو لا تكون: ولذلك قال: (بل هم في شك منها بل هم منها عمون) قال: وهي في قراءة أبي: (أم تدارك) ؛ والعرب تجعل (بل) مكان (أم) ، و (أم) مكان (بل) إذا كان في أول الكلام استفهام، مثل قول الشاعر: "فوالله ما أدري.." البيت. معنى (أم) : (بل) . وقال أبو معاذ النحوي: ومن قرأ: "بل أدرك"، ومن قرأ: "بل أدارك" فمعناهما واحد. يقول: هم علماء في الآخرة، كقول الله تعالى: (أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا) ونحو ذلك

 

وفي 65 {لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ إلا الله}، يقول الطبري: واختلف أهل العربية في وجه رفع الله، فقال بعض البصريين: هو كما تقول: إلا قليل منهم. وفي حرف ابن مسعود: قليلا بدلا من الأوّل، لأنك نفيته عنه وجعلته للآخر.

 

وفي 81 قال: اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (وَمَا أَنْتَ بِهَادِي) بالياء والألف وإضافته إلى العمي بمعنى: لست يا محمد بهادي من عمي عن الحقّ (عَنْ ضَلالَتِهِمْ) . وقراءة عامة قرّاء الكوفة "وَمَا أنْتَ تَهْدِي العُمْيَ" بالتاء ونصب العمي، بمعنى: ولست تهديهم (عَنْ ضَلالَتِهِمْ) ولكن الله يهديهم إن شاء.

 

وهذا اختلاف كبير ينفي عصمة القرآن وعدم اختلافهم على نصه، وهو ضمن اختلاف القراآت السبعة المعترف بها من جمهور المسلمين وعلمائهم، في الروايتين عن القارئ خلف!

 

وفي {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)} قال: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (تُكَلِّمُهُمْ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار: (تُكَلِّمُهُمْ) بضم التاء وتشديد اللام، بمعنى تخبرهم وتحدثهم، وقرأه أبو زرعة بن عمرو: "تَكْلِمُهُمْ" بفتح التاء وتخفيف اللام بمعنى: تسمهم.

 

وقوله: (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والبصرة والشام: "إنَّ النَّاسَ"بكسر الألف من "إن"على وجه الابتداء بالخبر عن الناس أنهم كانوا بآيات الله لا يوقنون; وهي وإن كسرت في قراءة هؤلاء فإن الكلام لها متناول. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة وبعض أهل البصرة: (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا) بفتح أن بمعنى: تكلمهم بأن الناس، فيكون حينئذ نصب بوقوع الكلام عليها.

 

وفي 87 قال: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار: "وَكُل آتَوهُ"بمدّ الألف من أتوه على مثال فاعلوه (1) سوى ابن مسعود، فإنه قرأه: "وكُلٌّ أتُوهُ"على مثال فعلوه، واتبعه على القراءة به المتأخرون الأعمش وحمزة، واعتلّ الذين قرءوا ذلك على مثال فاعلوه بإجماع القراء على قوله: (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ) قالوا: فكذلك قوله: "آتَوهُ"في الجمع. وأما الذين قرءوا على قراءة عبد الله، فإنهم ردوه على قوله: (فَفَزِعَ) كأنهم وجَّهوا معنى الكلام إلى: ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض، وأتوه كلهم داخرين، كما يقال في الكلام: رأى وفر وعاد وهو صاغر.

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، ومتقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

 

وفي91 ذكر: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) فقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة: "وَهُمْ مِنْ فَزعِ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ" بإضافة فزع إلى اليوم. وقرأ ذلك جماعة قرّاء أهل الكوفة: (مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ) بتنوين فزع. والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن الإضافة أعجب إليّ، لأنه فزع معلوم. وإذا كان ذلك كذلك كان معرفة على أن ذلك في سياق قوله: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ) فإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أنه عني بقوله: (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) من الفزع الذي قد جرى ذكره قبله. وإذا كان ذلك كذلك، كان لا شك أنه معرفة، وأن الإضافة إذا كان معرفة به أولى من ترك الإضافة; وأخرى أن ذلك إذا أضيف فهو أبين أنه خبر عن أمانه من كلّ أهوال ذلك اليوم منه إذا لم يضف ذلك، وذلك أنه إذا لم يضف كان الأغلب عليه أنه جعل الأمان من فزع بعض أهواله.

 

18 الكهف

 

في الآية5 قال الطبري: وقوله: (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدنيين والكوفيين والبصريين: (كَبُرَتْ كَلِمَةً) بنصب كلمةً بمعنى: كبُرت كلمتهم التي قالوها كلمةً على التفسير، كما يقال: نعم رجلا عمرو، ونعم الرجل رجلا قام، ونعم رجلا قام، وكان بعض نحوييّ أهل البصرة يقول: نُصبت كلمة لأنها في معنى: أكْبِر بها كلمة، كما قال جل ثناؤه (وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) وقال: هي في النصب مثل قول الشاعر:

ولقدْ عَلِمْتُ إذَا اللِّقاحُ تَرَوَّحتْ هَدَجَ ... الرّئالِ تكُبُّهُنَّ شَمالا (1)

أي تكبهنّ الرياح شمالا فكأنه قال: كبرت تلك الكلمة، وذُكِر عن بعض المكيين أنه كان يقرأ ذلك: (كَبُرَتْ كَلِمَةٌ) رفعا، كما يقال: عَظُمَ قَولك وكَبُر شأنُك. وإذا قرئ ذلك كذلك لم يكن في قوله (كَبُرَتْ كَلِمةٌ) مُضمر، وكان صفة للكلمة.

(1) البيت غير منسوب. واللقاح: هي النوق ذوات اللبن، تنتج في أول الربيع فتكون لقاحا، واحدتها لقحة (بفتح اللام وكسرها) فلا تزال لقاحا حتى يدبر الصيف عنها. (انظر اللسان: لقح) . وتروحت: عادت من مراعيها إلى مراحها. أو تروحت: أصابتها الريح. والهدج (بسكون الدال) مصدر هدج يهدج هدجا وهدجانا، وهو المشي الرويد في ضعف. يقال: هدج الظليم يهدج هدجانا والرئال: جمع رأل، وهو ولد النعام، وخص بعضهم به الحولي. ويقال في جمعه: أرؤل، ورئلان، ورئال، ورئالة (اللسان: رأل) وتكبهن: تلقيهن على صدورهن في الأرض. والشمال: الريح تهب من جهة الشمال. شبه سير اللقاح في رجوعها إلى مراحها بهدجال الرئال، وهو مشي ضعيف يريد أن اللقاح في ذلك الوقت تهدج في سيرها هدج الرئال حين تسوقهن ريح الشمال.

والشاهد في قوله: تكبهن شمالا، فإن شمالا منصوب على التمييز، وهو محول عن الفاعل. والأصل تكبهن شمال. وهو نظير نصب كلمة من قوله تعالى: (كَبُرَتْ كَلِمَةً) فإن كلمة منصوبة على التمييز، وهو تمييز نسبة محول عن الفاعل والأصل كبرت كلمة (بالرفع) .

 

 

وفي الآية 17 قال الطبري: وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء المدينة ومكة والبصرة: "تزَّاور" بتشديد الزاي، بمعنى: تتزاور بتاءين، ثم أدغم إحدى التاءين في الزاي، كما قيل: تظَّاهرون عليهم. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: (تَزَاوَرُ) بتخفيف التاء والزاي، كأنه عنى به تفاعل من الزور، ورُوي عن بعضهم: "تَزْوَرّ" بتخفيف التاء وتسكين الزاي وتشديد الراء مثل تحمرُّ، وبعضهم: تَزْوَارّ: مثل تحمارّ.

والصواب من القول في قراءه ذلك عندنا أن يقال: إنهما قراءتان..إلخ

 

وفي 19 قال: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا) فقرأته عامة قراء المدينة بتشديد اللام من قوله: (وَلَمُلِّئْتَ) بمعنى أنه كان يمتلئ مرّة بعد مرّة. وقرأ ذلك عامة قراء العراق: (وَلَمُلِئْتَ) بالتخفيف، بمعنى: لملئت مرّة، وهما عندنا قراءتان مستفيضتان في القراءة، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وفي الآية 25 قال: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين (ثَلاثِ مِئَةٍ سِنِينَ) بتنوين: ثلاث مئةٍ، بمعنى: ولبثوا في كهفهم سنين ثلاث مئة، وقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة (ثلاثَ مئةِ سِنينَ) بإضافة ثلاث مئة إلى السنين: غير منون.

 

وفي28 قال: والقرّاء على قراءة ذلك (بالغَدَاةِ والعَشيّ) ، وقد ذُكر عن عبد الله بن عامر وأبي عبد الرحمن السلمي أنهما كانا يقرآنه (بالغَدَوةِ والعَشِيّ) ، وذلك قراءة عند أهل العلم بالعربية مكروهة، لأن غدوة معرّفة، ولا ألف ولا لام فيها، وإنما يعرف بالألف واللام ما لم يكن معرفة، فأما المعارف فلا تعرّف بهما، وبعد، فإن غدوة لا تضاف إلى شيء، وامتناعها من الإضافة دليل واضح على امتناع الألف واللام من الدخول عليها، لأن ما دخلته الألف واللام من الأسماء صلحت فيه الإضافة، وإنما تقول العرب: أتيتك غداة الجمعة، ولا تقول: أتيتك غدوة الجمعة، والقراءة عندنا في ذلك ما عليه القرّاء في الأمصار لا نستجيز غيرها لإجماعها على ذلك، وللعلة التي بيَّنا من جهة العربية.

 

وفي 34: وقوله: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والعراق: "وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ" بضم الثاء والميم. واختلف قارئو ذلك كذلك، فقال بعضهم: كان له ذهب وفضة، وقالوا: ذلك هو الثمر، لأنها أموال مثمرة، يعني مكثرة.

 

... وقرأ ذلك بعض المدنيين: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ) بفتح الثاء والميم، بمعنى جمع الثمرة، كما تجمع الخشبة خشبا، والقصبة قَصبا.

وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأ " وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ " بضمّ الثاء والميم لإجماع الحجة من القرّاء عليه وإن كانت جمع ثمار، كما الكتب جمع كتاب.

 

وفي 42 قال: واختلفت القرّاء في قراءة قوله الولاية، فقرأ بعض أهل المدينة والبصرة والكوفة (هُنَالِكَ الْوَلايَةُ) بفتح الواو من الولاية، يعنون بذلك هنالك المُوالاة لله، كقول الله: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) وكقوله: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) يذهبون بها إلى الوَلاية في الدين. وقرأ ذلك عامَّة قراء الكوفة (هُنالِك الوِلايَةُ) بكسر الواو: من الملك والسلطان، من قول القائل: وَلِيتُ عمل كذا، أو بلدة كذا أليه ولاية.

 

واختلفوا أيضا في قراءة قوله (الحَقِّ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء المدينة والعراق خفضا، على توجيهه إلى أنه من نعت الله، وإلى أن معنى الكلام: هنالك الولاية لله الحقّ ألوهيته، لا الباطل بطولَ ألوهيته التي يدعونها المشركون بالله آلهة، وقرأ ذلك بعض أهل البصرة وبعض متأخري الكوفيين (للهِ الحَقُّ) برفع الحقّ توجيها منهما إلى أنه من نعت الولاية، ومعناه: هنالك الولاية الحقّ، لا الباطل لله وحده لا شريك له.

 

وفي 55 قال: في قوله (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا)....وقد اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته جماعة ذات عدد (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا) بضم القاف والباء، بمعنى أنه يأتيهم من العذاب ألوان وضروب، ووجهوا القُبُل إلى جمع قبيل، كما يُجمع القتيل القُتُل، والجديد الجُدُد، وقرأ جماعة أخرى: "أو يَأتِيَهُمُ العَذَابُ قِبَلا" بكسر القاف وفتع الباء،. بمعنى أو يأتيهم العذاب عيانا من قولهم: كلمته قِبَلا. وقد بيَّنت القول في ذلك في سورة الأنعام بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

 

وفي 59 قال: ....(لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا) قال: أجلا.

حدثنا القاسم، قال: ثني الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله (لِمَهْلِكِهِمْ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الحجاز والعراق: "لِمُهْلَكِهِمْ" بضمّ الميم وفتح اللام على توجيه ذلك إلى أنه مصدر من أهلكوا إهلاكا، وقرأه عاصم: "لِمَهْلَكِهِمْ" بفتح الميم واللام على توجيهه إلى المصدر من هلكوا هلاكا ومهلكا.

 

وفي72 قال: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين (لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا) بالتاء في لتُغرِق، ونصب الأهل، بمعنى: لتُغرِق أنت أيها الرجل أهل هذه السفينة بالخرق الذي خرقت فيها. وقرأه عامة قرّاء الكوفة: (لِيَغْرَقَ (بالياء أهلها بالرفع، على أن الأهل هم الذين يغرقون.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، متفقتا المعنى وإن اختلفت ألفاظهما، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيب.

 

وفي 74 قال: يقول تعالى ذكره: (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ) العالم، ف (قال) له موسى: (أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً) .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والبصرة: (أقَتَلْتَ نَفْسا زَاكِيَةً) وقالوا معنى ذلك: المطهرة التي لا ذنب لها، ولم تذنب قطّ لصغرها، وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة: (نَفْسا زَكِيَّةً) بمعنى: التائبة المغفور لها ذنوبها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً) والزكية: التائبة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً) قال: الزكية: التائبة.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر " أقتلت نفسا زاكية" قال: قال الحسن: تائبة، هكذا في حديث الحسن وشهر زاكية.

 

{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)}

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: فِي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ: {لَوْ شِئْتَ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77] قَالَ: وَفِي حَرْفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: (لَأُوتِيتَ عَلَيْهِ أَجْرًا)

 

بالنسبة لقراءة ابن مسعود فهي لهجة فلا وجه للطعن بها وهي من ضمن القراآت السبع، لكن المشكلة في الثانية لأبي بن كعب.

 

{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)}

 

روى البخاري:

 

2728 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَغَيْرُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} كَانَتْ الْأُولَى نِسْيَانًا وَالْوُسْطَى شَرْطًا وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} {لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ} فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ

 

ومن حديث3401:..... وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ.....

 

وانظر أحمد 21119 وهامش طبعة الرسالة للمسند عند رقم رقم 21114 ومسلم 2380.

 

وفي الآية 80 قال الطبري: {وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) }

يقول تعالى ذكره: وأما الغلام، فإنه كان كافرا، وكان أبواه مؤمنين، فعلمنا أنه يرهقهما: يقول: يغشيهما طغيانا، وهو الاستكبار على الله، وكفرا به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وقد ذُكر ذلك في بعض الحروف. وأما الغلام فكان كافرا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: (وأمَّا الغُلامُ فكَانَ كافِرًا) في حرف أُبيّ، وكان أبواه مؤمنين (فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ) وكان كافرا في بعض القراءة. وقوله: فَخَشِينا) وهي في مصحف عبد الله: (فَخَافَ ربُّكَ أنْ يُرْهَقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا) .

 

وفي 84 قال الطبري: وقوله: (فَأَتْبَعَ سَبَبًا) اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة، فاتبع بوصل الألف، وتشديد التاء، بمعنى: سلك وسار، من قول القائل: اتَّبعت أثر فلان: إذا قفوته؛ وسرت وراءه. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة (فَأَتْبَعَ) بهمز الألف، وتخفيف التاء، بمعنى لحق.

 

وفي 86 قال الطبري: يقول تعالى ذكره: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ) ذو القرنين (مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) ، فاختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قراء المدينة والبصرة (فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) بمعنى: أنها تغرب في عين ماء ذات حمأة، وقرأته جماعة من قراء المدينة، وعامَّة قرّاء الكوفة (فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ) يعني أنها تغرب في عين ماء حارّة.

 

وفي 92قال الطبري: وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله (يَفْقَهُون) فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة (يَفَقَهُونَ قَوْلا) بفتح القاف والياء، من فقَه الرجل يفقَه فقها: وقرأ ذلك عامَّة قرّاء أهل الكوفة (يُفْقِهُون قَوْلا) بضمّ الياء وكسر القاف: من أفقهت فلانا كذا أفقهه إفقاها: إذا فهّمته ذلك.

وفي 94:... وقوله (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا) كأنهم نَحَوا به نَحو المصدر من خَرْج للرأس، وذلك جعله، وقرأته عامَّة قرّاء الكوفيين (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرَاجا) بالألف، وكأنهم نحوا به نحو الاسم. وعنوا به أجرة على بنائك لنا سدّا بيننا وبين هؤلاء القوم.

 

وفي 97 قال: (قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) فاختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض أهل الكوفة (قَالَ آتُونِي) بمد الألف من (آتُونِي) بمعنى: أعطوني قطرا أفرغ عليه. وقرأه بعض قرّاء الكوفة، قال (ائْتُونِي) بوصل الألف، بمعنى: جيئوني قِطْرا أفرغ عليه

 

وفي102 قال: القول في تأويل قوله تعالى: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نزلا (102) }

 

.....وبهذه القراءة، أعني بكسر السين من (أفَحَسِبَ) بمعنى الظنّ قرأت هذا الحرف قرّاء الأمصار ورُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وعكرمة ومجاهد أنهم قرءوا ذلك (أَفَحَسْبُ الَّذِينَ كَفَرُوا) بتسكين السين، ورفع الحرف بعدها، بمعنى: أفحسبهم ذلك: أي أفكفاهم أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء من عباداتي وموالاتي.

كما حُدثت عن إسحاق بن يوسف الأزرق، عن عمران بن حدير، عن عكرمة (أَفَحَسْبُ الَّذِينَ كَفَرُوا) قال: أفحسبهم ذلك، والقراءة التي نقرؤها هي القراءة التي عليها قرّاء الأمصار (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ) بكسر السين، بمعنى أفظنّ، لإجماع الحجة من القرّاء عليها.

هذه نماذج على سبيل المثال لا على سبيل الحصر لاختلاف القراآت بسورة الكهف.

 

الفترة المكية الثالثة

 

32 السجدة

 

في الآية7 قال الطبري: وقوله: (الَّذِي أحْسَنَ كُلّ شَيْء خَلَقَهُ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قراء مكة والمدينة والبصرة (أحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) بسكون اللام. وقرأه بعض المدنيين وعامة الكوفيين (أحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) بفتح اللام.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء صحيحتا المعنى، وذلك أن الله أحكم خلقه، وأحكم كل شيء خلَقه، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

 

وفي17 قال الطبري: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ) فقرأ ذلك بعض المدنيين والبصريين، وبعض الكوفيين: (أُخْفِيَ) بضم الألف وفتح الياء بمعنى فُعِل. وقرأ بعض الكوفيين: (أُخْفِي لَهُمْ) بضم الألف وإرسال الياء، بمعنى أفعل، أخفي لهم أنا.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان، متقاربتا المعنى، لأن الله إذا أخفاه فهو مخفي، وإذا أخفي فليس له مخف غيره،

 

{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} السجدة

 

روى البخاري:

 

4780 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ

 

وفي24 قال الطبري: وقوله: (لَمَّا صَبرُوا) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض أهل الكوفة (لَمَّا صَبرُوا) بفتح اللام وتشديد الميم، بمعنى: إذ صبروا، وحين صبروا، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة (لِمَا) بكسر اللام وتخفيف الميم بمعنى: لصبرهم عن الدنيا وشهواتها، واجتهادهم في طاعتنا، والعمل بأمرنا، وذُكر أن ذلك فى قراءة ابن مسعود (بِمَا صَبَرُوا)

 

ملاحظة: الميم المخففة هنا هي ما يسمّى في علم الصرف والنحو بما المصدرية_لؤي.

16 النحل

 

{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)}

 

قال ابن كثير في تفسيره: وقرأ ابن مسعود: (ومنكم جائر).

 

{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48)}

 

قال الطبري في تفسيره: اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الحجاز والمدينة والبصرة (أَوَلَمْ يَرَوْا) بالياء على الخبر عن الذين مكروا السيئات، وقرأ ذلك بعض قراء الكوفيين "أوَلم تَرَوا" بالتاء على الخطاب.

 

30 الروم

 

قال الطبري في 1: قوله: (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأرْضِ) اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأته عامة قرّاء الأمصار (غُلِبَتِ الرُّومُ) بضمّ الغين، بمعنى أن فارس غَلَبت الروم.

وروي عن ابن عمر وأبي سعيد في ذلك ما حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن الحسن الجفريّ، عن سليط، قال: سمعت ابن عمر يقرأ (الم غَلَبَتِ الرُّومُ) فقيل له: يا أبا عبد الرحمن، على أيّ شيء غَلَبوا؟ قال: على ريف الشام.

 

وفي 39 ذكر: واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة وبعض أهل مكة، (لِيَرْبُو) بفتح الياء من يربو، بمعنى: وما آتيتم من ربا ليربو ذلك الربا في أموال الناس، وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة: (لِتَرْبُوا) بالتاء من تربوا وضمها، بمعنى: وما آتيتم من ربا لتربوا أنتم في أموال الناس.

والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان مشهورتان في قرّاء الأمصار مع تقارب معنييهما

 

وفي 41 ذكر: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (لِيُذِيقَهُمْ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار (لِيُذِيقَهُمْ) بالياء، بمعنى: ليذيقهم الله بعض الذي عملوا، وذُكر أن أبا عبد الرحمن السلمي قرأ ذلك بالنون على وجه الخبر من الله عن نفسه بذلك.

 

وفي50: اختلفت القرّاء في قوله: (فانْظُرْ إلَى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ) فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة، وبعض الكوفيين: (إلَى أَثَرِ رَحْمَةِ اللهِ) على التوحيد، بمعنى: فانظر يا محمد إلى أثر الغيث الذي أصاب الله به من أصاب من عباده، كيف يحيي ذلك الغيث الأرض من بعد موتها. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: (فَانْظُرْ إلى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ) على الجماع، بمعنى: فانظر إلى آثاء الغيث الذي أصاب الله به من أصاب، كيف يحيي الأرض بعد موتها.

والصواب من القول فى ذلك، أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى

 

11 هود

 

{أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5)}

 

روى البخاري:

 

4681 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ

 

4682 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ قُلْتُ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ مَا تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ فَيَسْتَحِي أَوْ يَتَخَلَّى فَيَسْتَحِي فَنَزَلَتْ أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ

 

وهي في فضائل القرآن ومعاني القرآن للفراء والبحر المحيط والطبري ولسان العرب مادة ثنى والقراآت الشاذة لابن خالويه حيث يورد للكلمة ست قراآت.

 

وقال الطبري:

 

قال أبو جعفر: اختلفت القراء في قراءة قوله: (ألا أنهم يثنون صدورهم) ، فقرأته عامة الأمصار: (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) ، على تقدير "يفعلون" من "ثنيت"، و"الصدور" منصوبة.

.... روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: (أَلا إِنَّهُمْ تَثْنَونِي صُدُورُهُمْ) ، على مثال: "تَحْلَولِي الثمرة"، "تَفْعَوْعِل".

17951- حدثنا. . . قال، حدثنا أبو أسامة، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة قال: سمعت ابن عباس يقرأ (أَلا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ) ، قال: كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط إلا وقد تغشوا بثيابهم، كراهة أن يُفْضُوا بفروجهم إلى السماء.

17952- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول، سمعت ابن عباس يقرؤها: (أَلا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ) ، قال: سألته عنها فقال: كان ناس يستحيون أن يتخلَّوا فيُفْضُوا إلى السماء، وأن يصيبوا فيْفضُوا إلى السماء.

 

وفي 27 ذكر الطبري: وقوله: (بادي الرأي) ، اختلفت القراء في قراءته.

فقرأته عامة قراء المدينة والعراق: (بَادِيَ الرَّأْيِ) ، بغير همز "البادي" وبهمز "الرأي"، بمعنى: ظاهر الرأي، من قولهم: "بدا الشيء يبدو"، إذا ظهر، كما قال الراجز:

أَضْحَى لِخَالِي شَبَهِيَ بَادِي بَدِي ... وَصَارَ لِلْفَحْلِ لِسَانِي وَيَدِي

"بادي بدي" بغير همز، وقال آخر:

وقَدْ عَلَتْنِي ذُرْأَةٌ بادِي بَدِي

* * *

وقرأ ذلك بعض أهل البصرة: (بَادِئَ الرَّأْيِ) ، مهموزًا أيضًا، بمعنى: مبتدأ الرأي، من قولهم: "بدأت بهذا الأمر"، إذا ابتدأت به قبل غيره.

وفي 28 ذكر الطبري: واختلفت القراء في قراءة ذلك.

فقرأته عامة قراء أهل المدينة وبعض أهل البصرة والكوفة: (فَعَمِيَتْ) بفتح العين وتخفيف الميم، بمعنى: فعَمِيت الرحمة عليكم فلم تهتدوا لها، فتقرّوا بها، وتصدّقوا رسولكم عليها.

وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) بضم العين وتشديد الميم، اعتبارًا منهم ذلك بقراءة عبد الله، وذلك أنها فيما ذكر في قراءة عبد الله: (فَعَمَّاهَا عَلَيْكُمْ) .

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه: (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) بضم العين وتشديد الميم للذي ذكَروا من العلة لمن قرأ به، ولقربه من قوله: (أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده) ، فأضَاف "الرحمة" إلى الله، فكذلك "تعميته على الآخرين"، بالإضافة إليه أولى.

 

وذكر كذلك فيها كلامًا إضافيًّا في قراءة أبي بن كعب:  18108- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي قال، حدثنا سفيان، عن داود، عن أبي العالية قال: في قراءة أبيّ: (أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ أَنْفُسِنَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) .

 

18109- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة قال، أخبرنا عمرو بن دينار قال، قرأ ابن عباس: (أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ أَنْفُسِنَا) ، قال، عبد الله: "من شَطْر أنفسنا"، من تلقاء أنفسنا.

18110- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، مثله.

18111- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب: (أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ قُلُوبِنَا وأَنْتُمْ لَهَا كارِهُونَ)

 

ولا يوجد في نسخة عثمان عبارة (من شطر أنفسنا) أي من عند أنفسنا.

 

وفي41 ذكر: واختلفت القراء في قراءة قوله: (بسم الله مجراها ومرساها) ، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (بِسْمِ اللهِ مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) ، بضم الميم في الحرفين كليهما. وإذا قرئ كذلك كان من "أجرى" و"أرسى"، وكان فيه وجهان من الإعراب:

حدهما: الرفع بمعنى: بسم الله إجراؤها وإرساؤها = فيكون "المجرى" و"المرسى" مرفوعين حينئذ بالباء التي في قوله: (بسم الله) .

والآخر: النصب، بمعنى: بسم الله عند إجرائها وإرسائها، أو وقت إجرائها وإرسائها = فيكون قوله: (بسم الله) ، كلامًا مكتفيًا بنفسه، كقول القائل عند ابتدائه في عمل يعمله: "بسم الله"، ثم يكون "المجرى" و"المرسى" منصوبين على ما نصبت العرب قولهم: "الحمد لله سِرارَك وإهلالك"، يعنون الهلال أوّله وآخره، كأنهم قالوا: "الحمد لله أوّل الهلال وآخره"، ومسموع منهم أيضا: "الحمدُ لله ما إهلالك إلى سِرارِك". (1)

* * *

وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: (بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) ، بفتح الميم من "مجراها"، وضمها من "مرساها"، فجعلوا "مجراها" مصدرًا من "جري يجري مَجْرَى"، و"مرساها" من "أرسَى يُرْسي إرساء". (2)

وإذا قرئ ذلك كذلك، كانَ في إعرابهما من الوجهين، نحو الذي فيهما إذا قرئا: (مُجراها ومُرساها) ، بضم الميم فيهما، على ما بيَّنتُ.

* * *

وروي عن أبي رجاء العطاردي أنه كان يقرأ ذلك: (بِسْمِ اللهِ مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا) ، بضم الميم فيهما، ويصيرهما نعتًا لله. وإذا قرئا كذلك، كان فيهما أيضًا وجهان من الإعراب، غير أن أحدهما الخفضُ، وهو الأغلب عليهما من وجهي الإعراب، لأن معنى الكلام على هذه القراءة: بسم الله مُجْرى الفلك ومرسيها = ف"المجرى" نعت لاسم الله. وقد يحتمل أن يكون نصبًا، وهو الوجه الثاني، لأنه يحسن دخول الألف واللام في "المجري" و"المرسي"

 

وفي 46 ذكر الطبري: واختلفت القراء في قراءة قوله: (فلا تسألن ما ليس لك به علم) ، فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار (فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم) ، بكسر النون وتخفيفها = ونحْوًا بكسرها إلى الدلالة على "الياء" التي هي كناية اسم الله [في] : فلا تسألني.

وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض أهل الشام: (فَلا تَسْأَلَنَّ) ، بتشديد النون وفتحها بمعنى: فلا تسألنَّ يا نوح ما ليس لك به علم.

{قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)}

 

وذكر  الطبري كذلك قراءة للحسن: ... كَانَ يَقْرَؤُهَا: « (إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ) » بدلا من {عَمَلٌ غيرُ صالحٍ}.

 

... أَمَّا قَوْلُهُ: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] فَإِنَّ الْقُرَّاءَ اخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] بِتَنْوِينِ عَمَلٍ وَرَفْعِ غَيْرٍ، وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: إِنَّ مَسْأَلَتَكَ إِيَّايَ هَذِهِ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ، ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ....إلخ

 

.... وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ: (إِنَّهُ عَمِلَ غيرَ صَالِحٍ) عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ عَنِ الْفِعْلِ الْمَاضِي، وَ «غَيْرَ» مَنْصُوبَةً. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ [ص:435] كَذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ

 

... حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: { «عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ» } [هود: 46] وَوَجَّهُوا تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى مَا حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا غُنْدَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] قَالَ: كَانَ مُخَالِفًا فِي النِّيَّةِ وَالْعَمَلِ

 

وروى أحمد:

 

27569 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ: (إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ) ، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَلَا يُبَالِي (1) إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " (2)

 

(1) قوله: "ولا يبالي " ليس في (ظ2) .

(2) الشطر الأول محتمل للتحسين بشاهده، وهذا إسناد ضعيف، وقد سلف الكلام عليه في مسند أم سلمة عند الرواية (26518) .

وأخرجه أبو عمر الدُّوري في "قراءات النبي" (60) و (98) ، والحاكم 2/249 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. واقتصر الحاكم على شطره الثاني، وقال: هذا حديث غريب عال، ولم أذكر في كتابي هذا عن شهر غير هذا الحديث الواحد.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 311، والطيالسي (1631) ، وحفص الدوري في "قراءات النبي" (61) ، وأبو داود (3982) من طرق عن حماد بن سلمة، به. مختصراً بشطره الأول.

وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (1577) ، والترمذي (3237) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (411) من طرق عن حماد بن سلمة، به مختصراً بشطره الثاني، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ثابت، عن شهر بن حوشب. قال: وشهر بن حوشب يروي عن أم سلمة الأنصارية، وهي أسماء بنت يزيد.

وسيأتي بتمامه برقم (27606) ، وبشطره الأول برقم (27595) ، وبشطره الثاني برقمي (27596) و (27613) .

وسلف شطره الأول في مسند أم سلمة برقم (26518) من طريق هارون النحوي، عن ثابت البناني، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة به.

 

26518 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ النَّحْوِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَهَا (1) (إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ) [هود: 46] (2) .

(1) في (ظ6) :أقرأها.

(2) حديث محتمل للتحسين بشاهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف شَهْر بن حَوْشب، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.

ثم إنه اختُلف فيه، فقد رواه ثابت البناني عن شَهْر بنِ حَوْشَب، واختُلف عليه فيه:

فرواه هارون بن موسى النَّحوي- كما في هذه الرواية، والرواية (26732) ، وهو عند حفص الدوري في "قراءات النبي" (63) ، والترمذي (2932) ، وأبي يعلى (7020) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (776) - وسعيد ابن أبي عروبة عند حفص (63) ، ومحمد بنُ ثابت البناني- فيما أخرجه الطيالسي (1594) ، وأبو نُعيم في "الحلية" 8/301- وعبد العزيز بن المُختار - فيما أخرجه أبو داود (3983) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (775) - وعبد اللّه ابنُ حفص- فيما أخرجه الترمذي (2931) - وموسى بنُ خلف، وداود بنُ أبي هند، وعثمان بنُ مطر- فيما أخرجه الطبراني 23/ (774) و (777) و (778) (على الترتيب) ثمانيتهم عن ثابت البناني، به.

ورواه حماد بن سلمة- كما سيرد بالأرقام: (27569) و (27595) و (27596) و (27606) - عن ثابت البناني، عن شَهْر بن حَوْشب فقال: عن أسماء بنت يزيد.

ورواه زيد العمي- فيما أخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (784) - عن شهر، عن أمِّ سلمة. وزيد ضعيف.

قال الترمذي: هذا حديث قد رواه غير واحد عن ثابت البناني نحو هذا، ومو حديث ثابت البناني، وروي هذا الحديث أيضاً عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد. وسمعتُ عبد بنَ حُميد يقول: أسماء بنت يزيد هي أمُّ سلمة الأنصارية. وكلا الحديثين عندي واحد، وقد روى شهر بنُ حوشب غيرَ حديث عن أمِّ سلمة الأنصارية، وهي أسماء بنت يزيد، وقد روى عن عائشة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو هذا. قلنا: وبنحوه قال ابن كثير في "تفسيره".

لكن ابن جرير الطبري في "تفسيره" (الآية 46 من سورة هود) أعلَّ هذا الحديث، فقال: غير صحيح السند، وذلك حديث روي عن شهر بن حوشب، فمرة يقول: عن أمِّ سلمة، ومرة يقول: عن أسماء بنت يزيد، ولا نعلم: أبنت يزيد [يريد] ؟ ولا نعلم لشهر سماعاً يصحُّ عن أمِّ سلمة.

قلنا: وفي كلام الترمذي بيان يدفع ما استشكله ابن جرير، وسماع شهر من أمِّ سلمة الأنصارية- وهي أسماء بنت يزيد- صحيح، إذ هي مولاته، وسماعُه من أمِّ سلمة أم المؤمنين كذلك غير بعيد، فإن شهراً عاش ثمانين عاماً، ومات سنة 100هـ. وقد نصَّ البخاري في "التاريخ الكبير" 4/259 إنه سمع من أمّ سلمة، لكن لم ينسبها، فيحتمل أن تكون أمّ سلمة أسماء بنت يزيد، أو أمّ سلمة أم المؤمنين. قال الحافظ في "النكت الظراف" 13/11: جزم جماعة من الأئمة بأن أمّ سلمة التي روى عنها شهر هي أسماء بنت يزيد الأنصارية، لكن وقع في بعض حديثه وصفها بأمّ المؤمنين، فإن ثبت، تعيَّنت أنها زوجُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلنا: وممن أعلَّ هذا الحديث أيضاً صالح بن محمد البغدادي جَزَرة

فيما نقله المزّي في "تهذيبه" (في ترجمة شهر) ، وقال: روى أحاديث يتفرَّد بها لم يشركه فيها أحد مثل حديث ثابت البناني عن شهر بن حوشب، عن أمّ سلمة أنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ: (إنه عَمِلَ غيرَ صالح) ... وتابعه الذهبي في "الميزان" 2/285، و"السير" 4/377-378، فاستنكر هذا الحديث، وقال في "السير": وما ذاك بالمنكر جدّاً.

وله شاهد من حديث عائشة أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/286-287، والفراء في "معاني القرآن" 2/17-18، وحفص الدوري في "قراءات النبي" (62) ، والحاكم 2/241 رقم 2947 من طريق محمد بن جحادة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ: (إنه عَمِل غير صالح) . وجحادة لم يرو عنه غير ابنه. (قال الذهبي في تحقيقه للمستدرك: إسناده مظلم)

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (4312) من طريق بشر بن خالد، عن عطية بن الحارث، عن حميد الأزرق، عن مسروق، عن عائشة.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/155، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه حميد الأزرق، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

قلنا: ونقل الطبري في "تفسيره" أنه روي عن جماعة من السلف أنهم قرؤوا: (إنه عَمِلَ غيرَ صالح) على وجه الخبر عن الفعل الماضي و"غير" منصوبة، وممن روي عنه أنه قرأ ذلك ابن عباس.

قلنا: وهي قراءة الكسائي ويعقوب.

قال السندي: قوله: قرأها، بالتشديد على أن الضمير لأمّ سَلَمة، أو بالتخفيف على أن الضمير للآية.  إنه عَمِل: بلفظ الفعل.

 

يحتمل أن بعضهم لفقوا هذا الحديث منسوبًا إلى محمد لإضفاء الشرعية على قراءتهم وحدها دون غيرها.

 

وفي 69 جاء في معجم القراآت: ورد في قراءة الأعمش (قالوا سِلْمٌ) بدلا من (قالوا سَلامًا)، و كذلك (قال سَلامٌ) قرأها حمزة والكسائي من القراء السبعة ويحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي: (قال سِلمٌ).

وذكر الطبري: وقد زعم بعضهم أن معناه إذا قرئ كذلك: نحن سِلْمٌ لكم = من "المسالمة" التي هي خلاف المحاربة.

وهذه قراءة عامَّة قراء الكوفيين.

* * *

وقرأ ذلك عامة قراء الحجاز والبصرة، (قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ) ، على أن الجواب من إبراهيم صلى الله عليه وسلم لهم، بنحو تسليمهم: عليكم السلام.

* * *

والصواب من القول في ذلك عندي: أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، لأن "السلم " قد يكون بمعنى "السلام " على ما وصفت، و"السلام " بمعنى "السلم"

 

وفي 71 ذكر: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ وَهُوَ جَالِسٌ) = في قراءة ابن مسعود

 

ولا يوجد في تنقيح عثمان الذين بين أيدينا عبارة (وهو جالس).

 

وفي معجم القراآت في81: قراءة ابن مسعود وأبي بن كعب (فأسرِ بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك) بحذف جملة (ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتَك) الموجودة في تنقيح عثمان. وعلى الأرجح هنا نسخة لجنة عثمان أصدق وهو تصحيح من ابن مسعود.

 

ويقول الطبري: وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلَ إلا امْرَأَتَكَ) .

* * *

18423- حدثني بذلك أحمد بن يوسف قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، حدثنا حجاج، عن هارون، قال في حرف ابن مسعود: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلَ إلا امْرَأَتَكَ) .

* * *

قال أبو جعفر: وهذا يدل على صحة القراءة بالنصب.

 

وفي 87 قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو من السبعة القراء وأبو جعفر من القراء العشرة وشعبة ويعقوب: أصلواتك، بدلا من: (أصلاتك).

 

وفي 87 قرأ الضحاك بن قيس وابن أبي عبلة وزيد بن علي وأبو عبد الرحمن (تفعل ما تشاء) بدلا من (نفعل ما نشاء)، وقرأها طلحة وابن عباس وفي رواية عن أبي عبد الرحمن (نفعل ما تشاء).

 

وفي 123 قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي من أصحاب القراآت السبعة المعتمدة وخلف عن حمزة من السبعة القراء والحسن وعيسى بن عمر وشعبة: يعملون، بدلا من : تعملون

هذه أمثلة على سبيل المثال لا الحصر وراجع معجم القراآت، وتفسير الطبري بحث إلكتروني في نسخة الشاملة عن كلمات مثل (قراءة) و (حرف) و(الحروف). وهناك قراءتان أخريان ذكرتهما في باب النقد اللغوي من هذه السورة لارتباطهما بأخطاء وركاكة لغوية.

 

14 إبراهيم

 

قال الطبري في 2: لقول في تأويل قوله عز ذكره {اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)}

قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأته عامة قَرأة المدينة والشأم: " اللهُ الَّذِي لَهُ مَا فِي السماوات" برفع اسم "الله" على الابتداء، وتصيير قوله: (الذي له ما في السماوات) ،خبرَه.

* * *

وقرأته عامة قرأة أهل العراق والكوفة والبصرة: (اللهِ الَّذِي) بخفض اسم الله على إتباع ذلك (العزيزِ الحميدِ) ، وهما خفضٌ.

* * *

وقد اختلف أهل العربية في تأويله إذ قرئ كذلك.

فذكر عن أبي عمرو بن العَلاء أنه كان يقرؤه بالخفض. ويقول: معناه: بإذن ربهم إلى صرَاط الله العزيز الحميدِ الذي له ما في السماوات. ويقول: هو من المؤخَّر الذي معناه التقديم، ويمثله بقول القائل: " مررتُ بالظَّريف عبد الله"، والكلام الذي يوضع مكانَ الاسم النَّعْتُ، ثم يُجْعَلُ الاسمُ مكان النعت، فيتبع إعرابُه إعرابَ النعت الذي وُضع موضع الاسم، كما قال بعض الشعراء:

لَوْ كُنْتُ ذَا نَبْلٍ وَذَا شَزِيبِ ... مَا خِفْتُ شَدَّاتِ الخَبِيثِ الذِّيبِ

* * *

وأما الكسائي فإنه كان يقول فيما ذكر عنه: مَنْ خفضَ أراد أن يجعلَه كلامًا واحدًا، وأتبع الخفضَ الخفضَ، وبالخفض كان يَقْرأ.

 

وفي 19 قال الطبري: واختلفت القرأة في قراءة قوله: (ألم تر أن الله خلق) .

فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (خَلَقَ) على "فعَل".

وقرأته عامة قرأة أهل الكوفة: "خَالِقُ"، على "فاعل".

* * *

وهما قراءتان مستفيضتان، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القرأة، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.

 

وفي 30 قال الطبري: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) }

.... وقوله (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الكوفيين (لِيُضِلُّوا) بمعنى: كي يضلوا الناس عن سبيل الله بما فعلوا من ذلك. وقرأته عامَّة قرّاء أهل البصرة: "ليَضَلُّوا" بمعنى: كي يضلّ جاعلو الأنداد لله عن سبيل الله.

 

{وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ يَقْرَؤُهَا (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ) بِالدَّالِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَإِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُذُنَانِ، قَالَ: وَقَالَ إِسْرَائِيلُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَانْيَلَ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ يَقْرَؤُهَا (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ)

 

وفي تفسير الطبري: (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) وهي في قراءة ابن مسعود: "وَإنْ كَادَ مَكْرُهُمْ".

 

وقال كذلك: ....كَذَا قَرَأَهَا مُجَاهِدٌ: «كَادَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ»....

 

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) "

 

حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى نَحْوِ: (لَتَزُولُ) ، بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى وَرَفْعِ الثَّانِيَةِ "

 

... حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسًا كَانَ يَقْرَأُ: (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) ". وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ مَكْرُهُمْ شِرْكُهُمْ بِاللَّهِ وَافْتِرَاءُهُمْ عَلَيْهِ

 

.... حُدِثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) في حرف ابن مسعود: " وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ " هو مثل قوله (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) .

 

... واختلفت القرّاء في قراءة قوله (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الحجاز والمدينة والعراق ما خلا الكسائي (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وقرأه الكسائي: " وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ " بفتح اللام الأولى ورفع الثانية على تأويل قراءة من قرا ذلك: " وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ " من المتقدمين الذين ذكرت أقوالهم، بمعنى: اشتدّ مكرهم حتى زالت منه الجبال، أو كادت تزول منه، وكان الكسائي يحدّث عن حمزة، عن شبل عن مجاهد، أنه كان يقرأ ذلك على مثل قراءته " وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ " برفع تزول.

حدثني بذلك الحارث عن القاسم عنه.

 

12 يوسف

 

{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَرَأَ «لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَةٌ لِلسَّائِلِينَ» قَالَ: قَالَ هَارُونُ: وَفِي حَرْفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «عِبْرَةٌ لِلسَّائِلِينَ» تَصْدِيقٌ لِقَوْلِ مُجَاهِدٍ، أَوْ قَالَ: لِقِرَاءَةِ مُجَاهِدٍ

 

وهي في البحر المحيط والطبري، وهي (لفظ آية) لا تزال في بعض القراآت السبع رغم ذلك! انظر حجة القراآت والحجة في القراآت والنشر والتيسير والتحبير وكتاب السبعة

 

وفي 10 يقول الطبري: وقوله: (وألقوه في غيابت الجب) يقول وألقوه في قَعْرِ الجبّ، حيث يَغيبُ خبره.

* * *

واختلفت القراء في قراءة ذلك.

فقرأته عامة قراء أهل المدينة:"غيَابَاتِ الجُبِّ" على الجماع.، وقرأ ذلك عامة قراء سائر الأمصار: (غَيابَةِ الجُبِّ) بتوحيد"الغيابة".

 

وفي 12: القول في تأويل قوله تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) }

قال أبو جعفر: واختلفت القراء في قراءة ذلك.

فقرأته عامة قراء أهل المدينة:"يَرْتَعِ وَيَلْعَبْ"، بكسر العين من"يرتع"، وبالياء في"يرتع ويلعب"، على معنى:"يفتعل"، من"الرعي":"ارتعيت فأنا أرتعي"، كأنهم وجَّهوا معنى الكلام إلي: أرسله معنا غدًا يرتَع الإبل ويلعب، (وإنّا له لحافظون) .

وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة:" أرْسِلهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ"، بالياء في الحرفين جميعًا، وتسكين العين، من قولهم:"رتع فلانٌ في ماله"، إذا لَهَا فيه ونَعِم وأنفقه في شهواته. ومن ذلك قولهم في مثل من الأمثال:"القَيْدُ والرَّتَعَة"، (1) ومنه قول القطامي:

أكُفْرًا بَعْدَ رَدِّ المَوْتِ عَنِّي ... وَبَعْدَ عَطَائِكَ المِئَةَ الرِّتَاعَا (2)

* * *

وقرأ بعض أهل البصرة:"تَرْتَعْ" بالنون"ونَلْعَبْ" بالنون فيهما جميعًا، وسكون العين من"نرتع".

18813- حدثني أحمد بن يوسف قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا حجاج، عن هارون، قال: كان أبو عمرو يقرأ:"نَرْتَعْ ونَلْعَبْ" بالنون، قال: فقلت لأبي عمرو: كيف يقولون" نلعب"، وهم أنبياء؟ قال: لم يكونوا يومئذٍ أنبياء.

* * *

 

وفي19: واختلفت القراء في قراءة ذلك:

فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة:" يا بُشْرَيَّ" بإثبات ياء الإضافة، غير أنه أدغم الألف في الياء طلبا للكسرة التي تلزم ما قبل ياء الإضافة من المتكلم، في قولهم": غلامي" و"جاريتي"، في كل حال، وذلك من لغة طيئ، (1) كما قال أبو ذؤيب:

سَبَقوا هَوَيَّ وأَعْنَقُوا لِهَوَاهُمُ ... فَتُخِرِّمُوا وَلِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ

وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: (يا بُشْرَى) بإرسال الياء وترك الإضافة.

 

وفي23: وقوله: (وقالت هيت لك) ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة الكوفة والبصرة: (هَيْتَ لَكْ) بفتح، الهاء والتاء، بمعنى: هلمَّ لك، وادن وتقرَّب، كما قال الشاعر لعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه: (1)

أَبْلِغْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ... أَخَا العِرَاقِ إذَا أَتَيْنَا ... أَنَّ العِرَاقَ وَأَهْلَهُ ... عُنُقٌ إِلَيْكَ فَهَيْتَ هَيْتَا (2)

يعني: تعال واقرب.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك تأوّله من قرأه كذلك:

18967 - حدثني محمد بن عبد الله المخرمي، قال: حدثنا أبو الجواب، قال: حدثنا عمار بن رزيق، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (هيت لك) قال: هلمَّ لك. ....إلخ

 

وقرأ ذلك جماعة من المتقدمين:"وَقَالَتْ هِئْتُ لَكَ" بكسر الهاء، وضم التاء، والهمزة، بمعنى: تهيَّأت لك، من قول القائل:"هئت للأمر أهِيء هَيْئَةً".

وممن روي ذلك عنه ابن عباس، وأبو عبد الرحمن السلمي، وجماعة غيرهما.

18990 - حدثنا أحمد بن يوسف، قال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحجاج، عن هارون، عن أبان العطار، عن قتادة: أن ابن عباس قرأها كذلك، مكسور الهاء، مضمومة التاء. قال أحمد: قال أبو عبيدة: لا أعلمها إلا مهموزة.

18991 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عبد الوهاب، عن أبان العطار، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن السلمي:"هِئْتُ لَكَ" أي: تهيأت لك.

 

وقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة:"هِيْتَ لَكَ" بكسر الهاء، وتسكين الياء، وفتح التاء.

* * *

وقرأه بعض المكيين:"هَيْتُ لَكَ" بفتح الهاء، وتسكين الياء، وضم التاء.

* * *

وقرأه بعض البصريين، وهو عبد الله بن إسحاق:"هَيْتِ لَكَ" بفتح الهاء، وكسر التاء.

* * *

وقد أنشد بعض الرواة بيتًا لطرفة بن العبد في"هيت" بفتح الهاء، وضم التاء، وذلك:

لَيْسَ قَومِي بِالأبْعَدِينَ إذَا مَا ... قَالَ دَاعٍ مِنَ الْعَشِيرَةِ هَيْتُ

 

.... إلخ

18998 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال ابن مسعود: قد سمعت القرأة، فسمعتهم متقاربين، فاقرءوا كما عُلِّمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف، فإنما هو كقول أحدكم:"هلم" و"تعال". ثم قرأ عبد الله: (هَيْتَ لَكَ) فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إن ناسًا يقرءونها:"هَيْتُ لَكَ" فقال عبد الله: إني أقرؤها كما عُلِّمْت، أحبُّ إليَّ.

وفي24: وقوله: (إنه من عبادنا المخلصين) اختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأته عامة قرأة المدينة والكوفة (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) بفتح اللام من"المخلصين"، بتأويل: إن يوسف من عبادنا الذين أخلصناهم لأنفسنا، واخترناهم لنبوّتنا ورسالتنا.

 

وقرأ بعض قرأة البصرة:"إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ" بكسر اللام = بمعنى: إن يوسف من عبادنا الذين أخلَصوا توحيدنا وعبادتنا، فلم يشركوا بنا شيئًا، ولم يعبدُوا شيئًا غيرنا.

 

وفي30: وقد اختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأته عامة قرأة الأمصار بالغين: (قَدْ شَغَفَهَا) ، على معنى ما وصفت من التأويل.

* * *

وقرأ ذلك أبو رجاء:"قَدْ شَعَفَهَا" بالعين. (2)

19158 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا أبو قطن، قال: حدثنا أبو الأشهب، عن أبي رجاء:"قَدْ شَعَفَهَا".

19159 -.... قال: حدثنا خلف، قال: حدثنا هشيم، عن أبي الأشهب، أو عوف عن أبي رجاء:"قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا"، بالعين.

19160 -.... قال: حدثنا خلف، قال: حدثنا محبوب، قال: قرأه عوف:"قَدْ شَعَفَهَا".

 

...ووجَّه هؤلاء معنى الكلام إلى أنَّ الحبَّ قد عمَّها.

 

وفي31: 19169 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية عن علي، عن ابن عباس: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: مجلسًا.

19170 -.... قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن أبي الأشهب، عن الحسن أنه كان يقرأ: (مُتَّكَآءً) ، ويقول: هو المجلس والطعام. (1)

19171 -.... قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد: من قرأ:"مُتْكَأً"، خفيفة، يعني طعامًا. ومن قرأ (مُتَّكَأً) ، يعني المتكأ.

 

وفي36: وعني بقوله: (أعصر خمرًا) ، أي: إني أرى في نومي أني أعصر عنبًا. وكذلك ذلك في قراءة ابن مسعود فيما ذكر عنه.

 

19273 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن أبي سلمة الصائغ، عن إبراهيم بن بشير الأنصاري، عن محمد بن الحنفية قال في قراءة ابن مسعود:"إنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ عِنَبًا.

 

وفي45: قال أبو جعفر: وهذا التأويل على قراءة من قرأ: (بَعْدَ أُمَّةٍ) بضم الألف وتشديد الميم، وهي قراءة القرأة في أمصار الإسلام.

* * *

وقد روي عن جماعة من المتقدمين أنهم قرءوا ذلك:" بَعْدَ أَمَةٍ" بفتح الألف، وتخفيف الميم وفتحها بمعنى: بعد نسيان.

* * *

وذكر بعضهم أن العرب تقول من ذلك:"أمِهَ الرجل يأمَهُ أمَهًا"، إذا نسي.

ذكر من قال ذلك:

19354 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عفان قال، حدثنا همام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ:"بَعْدَ أمَهٍ" ويفسّرها، بعد نسيان.

19355- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا بهز بن أسد، عن همام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قرأ:"بَعْدَ أَمَهٍ" يقول: بعد نسيان.

19356 - حدثني أبو غسان مالك بن الخليل اليحمدي قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن أبي هارون الغنوي، عن عكرمة أنه قرأ:"بَعْدَ أَمَهٍ"، و"الأمه": النسيان

 

... وقد ذكر فيها قراءة ثالثة، وهي ما:-

19365- حدثني به المثنى قال،أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان، عن حميد قال،قرأ مجاهد:"وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمْهٍ"، مجزومة الميم مخففة.

* * *

وكأنّ قارئ ذلك كذلك أراد به المصدرَ من قولهم:"أمه يأمَهُ أمْهًا"، وتأويل هذه القراءة، نظير تأويل من فتح الألف والميم.

 

وفي49: واختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأه بعض قرأة أهل المدينة والبصرة والكوفة: (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) ، بالياء، بمعنى ما وصفت، من قول من قال: عصر الأعناب والأدهان.

* * *

وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين:"وَفِيهِ تَعْصِرُونَ"، بالتاء.

 

وقرأ بعضهم:"وَفِيهِ يُعْصَرُونَ"، بمعنى: يمطرون.

وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها، لخلافها ما عليه قرأة الأمصار.

 

مثال لسقوط عصمة نص القرآن المزعومة لأصحاب العقول!

 

وفي 63: واختلفت القرأة في قراءة قوله: (نكتل) .

فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة، وبعض أهل مكة والكوفة (نَكْتَلْ) ، بالنون، بمعنى: نكتل نحن وهو.

* * *

وقرأ ذلك عامة قرأة أهل الكوفة:"يَكْتَلْ"، بالياء؛ بمعنى يكتل هو لنفسه، كما نكتال لأنفسنا.

* * *

سلم لي على وحدة وحفظ وعصمة وسلامة النص القرآني!

 

وفي64: واختلفت القرأة في قراءة قوله: (فالله خير حافظا) .

فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة وبعض الكوفيين والبصريين: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حفِظًا) ، بمعنى: والله خيركم حفظًا.

* * *

وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين وبعض أهل مكة: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا) بالألف على توجيه"الحافظ" إلى أنه تفسير للخير، كما يقال:"هو خير رجلا"، والمعنى: فالله خيركم حافظًا، ثم حذفت"الكاف والميم".

وفي72: { قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) }

...واختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فذكر عن أبي هريرة أنه قرأه:"صَاعَ المَلِكِ"، بغير واوٍ، كأنه وجَّهه إلى"الصاع" الذي يكال به الطعام.

* * *

وروي عن أبي رجاء أنه قرأه:"صَوْعَ المَلِكِ".

* * *

وروي عن يحيى بن يعمر أنه قرأه:"صَوْغَ المَلِكِ"، بالغين، كأنه وجَّهه إلى أنه مصدر من قولهم:"صاغ يَصُوغ صوغًا".

 

وفي76: وقوله: (نرفع درجات من نشاء) ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأه بعضهم:"نَرْفَعُ دَرَجَاتِ مَنْ نَشَاءُ" بإضافة"الدرجات" إلى"من" بمعنى: نرفع منازل من نشاء رفع منازله ومراتبه في الدنيا بالعلم على غيره، كما رفعنا مرتبة يوسف في ذلك ومنزلته في الدنيا على منازل إخوته ومراتبهم. (3)

* * *

وقرأ ذلك آخرون: (نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) بتنوين"الدرجات"، بمعني: نرفع من نشاء مراتب ودرجات في العلم على غيره، كما رفعنا يوسف. فـ"مَنْ" على هذه القراءة نصبٌ، وعلى القراءة الأولى خفض. وقد بينا ذلك في"سورة الأنعام"

 

وفيها كذلك: 19595- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وفوق كل ذي علم عليم) ، حتى ينتهي العلم إلى الله، منه بدئ، وتعلَّمت العلماء، وإليه يعود. في قراءة عبد الله:"وَفَوْقَ كُلِّ عَالِمٍ عَلِيمٌ".

 

وفي81: والقرأة على قراءة هذا الحرف بفتح السين والراء والتخفيف: (إن ابنك سرق) .

* * *

ورُوي عن ابن عباس:"إنَّ ابْنَكَ سُرِّقَ"بضم السين وتشديد الراء، على وجه ما لم يسمَّ فاعله، بمعنى: أنه سَرَق= (وما شهدنا إلا بما علمنا) .

وفي90: قد اختلف القرأة في قراءة قوله: (أإنك لأنت يوسف) .

فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار: (أَإِنّكَ) ، على الاستفهام.

وذكر أن ذلك في قراءة أبيّ بن كعب:"أَوَأَنْتَ يُوسُفُ.

* * *

وروي عن ابن محيصن أنه قرأ:"إِنَّكَ لأَنْتَ يُوُسُفُ"، على الخبر، لا على الاستفهام.

 

وفي96: 19865- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد: (فلما أن جاء البشير) ، قال: هو يهوذا بن يعقوب.

= قال سفيان: وكان ابن مسعود يقرأ:" وَجَاءَ البَشِيرُ مِنْ بَيْنِ يَدَي العِيرِ" (1) .

 

وفي110: 20021 -.... قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: حتى إذا استيأس الرسل أن يصدّقهم قومهم، وظن قومُهم أن الرسل قد كَذَبوهم.

20022 - حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل) ، يقول: استيأسوا من قومهم أن يجيبوهم، ويؤمنوا بهم ="وظنوا"، يقول: وظن قوم الرسل أن الرسل قد كَذَبوهم الموعد.

* * *

قال أبو جعفر: والقراءة على هذا التأويل الذي ذكرنا في قوله: (كُذِبُوا) بضم الكاف وتخفيف الذال. وذلك أيضًا قراءة بعض قرأة أهل المدينة وعامة قرأة أهل الكوفة.

 

عن عائشة قال: قلت لها قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، قال: قالت عائشة: لقد استيقنوا أنهم قد كُذِّبوا. قلت:"كُذِبوا". قالت: معاذ الله، لم تكن الرُّسل تظُنُّ بربها، (1) إنما هم أتباع الرُّسُل، لما استأخر عنهم الوحيُ، واشتد عليهم البلاء، ظنت الرسل أن أتباعهم قد كذَّبوهم = (جاءهم نصرنا) .

20032 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: حتى إذا استيأس الرجل ممن كذبهم من قومهم أن يصدّقوهم، وظنَّت الرسل أن من قد آمن من قومهم قد كَذَّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك.

* * *

قال أبو جعفر: فهذا ما روي في ذلك عن عائشة، غير أنها كانت تقرأ:"كُذِّبُوا"، بالتشديد وضم الكاف، بمعنى ما ذكرنا عنها: من أن الرسل ظنَّت بأتباعها الذين قد آمنوا بهم، أنهم قد كذَّبوهم، فارتدُّوا عن دينهم، استبطاءً منهم للنصر.

 

.... وروي عن مجاهد في ذلك قولٌ هو خلاف جميع ما ذكرنا من أقوال الماضين الذين سَمَّينا أسماءهم وذكرنا أقوالهم، وتأويلٌ خلاف تأويلهم، وقراءةٌ غير قراءة جميعهم، وهو أنه، فيما ذُكِر عنه، كان يقرأ:"وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا" بفتح الكاف والذال وتخفيف الذال.

* ذكر الرواية عنه بذلك:

20035 - حدثني أحمد بن يوسف، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، أنه قرأها:"كَذَبُوا" بفتح الكاف بالتخفيف.

* * *

=وكان يتأوّله كما: -

20036 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: استيأس الرجل أن يُعَذَّبَ قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبوا = (جاءهم نصرنا) ، قال: جاء الرسلَ نصرنا. قال مجاهد: قال في"المؤمن" (1) (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) ، قال: قولهم:"نحن أعلم منهم ولن نعذّب". وقوله: (وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) ، [سورة غافر: 83] ، قال: حاق بهم ما جاءت به رسلهم من الحق.

* * *

قال أبو جعفر: وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها، (2) لإجماع الحجة من قرأة الأمصار على خلافها. ولو جازت القراءة بذلك، لاحتمل وجهًا من التأويل، وهو أحسن مما تأوله مجاهد، وهو: حتى إذا استيأس الرسل من عذاب الله قومَها المكَذِّبة بها، وظنَّت الرسل أن قومها قد كَذَبوا وافتروا على الله بكفرهم بها = ويكون"الظن" موجِّهًا حينئذ إلى معنى العلم، على ما تأوَّله الحسن وقتادة.

 

وفيها كذلك: وأما قوله: (فنجي من نشاء) فإن القرأة اختلفت في قراءته.

فقرأه عامة قرأة أهل المدينة ومكة والعراق:"فَنُنْجِى مَنْ نَشَاء"، مخفّفة بنونين، بمعنى: فننجي نحنُ من نشاء من رسلنا والمؤمنين بنا، دون الكافرين الذين كَذَّبوا رُسلنا، إذا جاء الرسلَ نصرُنا.

* * *

واعتلّ الذين قرءوا ذلك كذلك، أنه إنما كتب في المصحف بنون واحدة، وحكمه أن يكون بنونين، لأن إحدى النونين حرف من أصل الكلمة، من:"أنجى ينجي"، والأخرى"النون" التي تأتي لمعنى الدلالة على الاستقبال، من فعل جماعةٍ مخبرةٍ عن أنفسها، لأنهما حرفان، أعني النونين، من جنس واحدٍ يخفى الثاني منهما عن الإظهار في الكلام، فحذفت من الخط، واجتزئ بالمثبتة من المحذوفة، كما يفعل ذلك في الحرفين اللذين يُدْغم أحدهما في صاحبه.

* * *

وقرأ ذلك بعض الكوفيين على هذا المعنى، غير أنه أدغم النون الثانية وشدّد الجيم.

* * *

وقرأه آخر منهم بتشديد الجيم ونصب الياء، على معنى فعل ذلك به من:"نجَّيته أنجّيه".

* * *

وقرأ ذلك بعض المكيين:"فَنَجَا مَنْ نَشَاءُ" بفتح النون والتخفيف، من:"نجا ينجو".

 

40 غافر

 

في 6 قال الطبري: (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) :...... وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله"برسولها"، يعني برسول الأمة.

 

وفي18: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة:"وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ" بالتاء على وجه الخطاب. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بالياء على وجه الخبر.

 

وفي26: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والشأم والبصرة:"وَأَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الفَسَادَ" بغير ألف، وكذلك ذلك في مصاحف أهل المدينة، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: (أوْ أن) بالألف، وكذلك ذلك في مصاحفهم"يَظْهَرَ فِي الأرْضِ" بفتح الياء ورفع الفساد.

وفي32: اختلفت القرّاء في قراءة قوله: (يَوْمَ التَّنَادِ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار: (يَوْمَ التَّنَادِ) بتخفيف الدال، وترك إثبات الياء، بمعنى التفاعل، من تنادى القوم تناديا....

 

وقرأ ذلك آخرون:"يَوْمَ التَّنَادِّ" بتشديد الدال، بمعنى: التفاعل من النَّدّ، وذلك إذا هربوا فنَدُّوا في الأرض، كما تَنِدّ الإبل: إذا شَرَدَت على أربابها.

 

... حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله (يَوْمَ التَّنَادِ) قال: تَنِدون ورُوِي عن الحسن البصري أنه قرأ ذلك:"يَوْمَ التَّنَادِي" بإثبات الياء وتخفيف الدال.

 

وفي35: واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار، خلا أبي عمرو بن العلاء، على: (كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ) بإضافة القلب إلى المتكبر، بمعنى الخبر عن أن الله طبع على قلوب المتكبرين كلها; ومن كان ذلك قراءته، كان قوله"جبار". من نعت"متكبر". وقد روي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ ذلك "كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ على قَلْبِ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ".

حدثني بذلك ابن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثني حجاج، عن هارون أنه كذلك في حرف ابن مسعود، وهذا الذي ذُكر عن ابن مسعود من قراءته يحقق قراءة من قرأ ذلك بإضافة قلب إلى المتكبر، لأن تقديم"كل" قبل القلب وتأخيرها بعده لا يغير المعنى، بل معنى ذلك في الحالتين واحد. وقد حُكي عن بعض العرب سماعا: هو يرجِّل شعره يوم كلّ جمعة، يعني: كلّ يوم جمعة. وأما أبو عمرو فقرأ ذلك بتنوين القلب وترك إضافته إلى متكبر، وجعل المتكبر والجبار من صفة القلب.

 

وفي37: وقوله: (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة: (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) بضم الصاد، على وجه ما لم يُسَمّ فاعله.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) قال: فُعِل ذلك به، زين له سوء عمله، وصُدَّ عن السبيل.

وقرا ذلك حميد وأبو عمرو وعامة قرّاء البصرة"وَصَدَّ" بفتح الصاد، بمعنى: وأعرض فرعون عن سبيل الله التي ابتُعث بها موسى استكبارا.

 

وفي46: وقوله: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك فقرأته عامة قرّاء أهل الحجاز والعراق سوى عاصم وأبي عمرو (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ) بفتح الألف من أدخلوا في الوصل والقطع بمعنى: الأمر بإدخالهم النار. وإذا قُرئ ذلك كذلك، كان الآل نصبا بوقوع أدخلوا عليه، وقرأ ذلك عاصم وأبو عمرو:"وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أُدْخِلُوا" بوصل الألف وسقوطها في الوصل من اللفظ، وبضمها إذا ابتدئ بعد الوقف على الساعة، ومن قرأ ذلك كذلك، كان الآل على قراءته نصبا بالنداء، لأن معنى الكلام على قراءته: ادخلوا يا آل فرعون أشدّ العذاب.

 

وفي51: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة (وَيَوْمَ يَقُومُ) بالياء. وينفع أيضا بالياء، وقرأ ذلك بعض أهل مكة وبعض قرّاء البصرة:"تَقُومُ" بالتاء، و"تَنْفَعُ" بالتاء.

 

وفي57: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (تَتَذَكَّرُونَ) فقرأت ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة:"يَتَذَكَّرُونَ" بالياء على وجه الخبر، وقرأته عامة قرّاء الكوفة: (تَتَذَكَّرُونَ) بالتاء على وجه الخطاب، والقول في ذلك أن القراءة بهما صواب.

 

28 القصص

 

قال الطبري في 7: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز والبصرة، وبعض الكوفيين: (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ) بمعنى: ونري نحن، بالنون عطفا بذلك على قوله: (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ) . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: "وَيَرَى فِرْعَوْنُ" على أن الفعل لفرعون، بمعنى: ويعاين فرعون، بالياء من يرى، ورفع فرعون وهامان والجنود.

 

وفي 18: (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ) ....وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: "فَلا تَجْعَلْنِي ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ"

 

وفي23: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز سوى أبي جعفر القارئ وعامة قرّاء العراق سوى أبي عمرو: (يُصْدِرَ الرِّعَاءُ) بضم الياء، وقرأ ذلك أبو جعفر وأبو عمرو بفتح الياء من يصدر الرعاء عن الحوض. وأما الآخرون فإنهم ضموا الياء، بمعنى: أصدر الرعاء مواشيهم..إلخ

 

وفي 28 ورد ببعض الكتب غير الطبري: وهي في قراءة عبد الله: (أي الأجلين ما قضيت فلا عدوان علي)، بدلا من: {قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)}

 

وفي47: واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: "وَقَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا" بمعنى: أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل، وقالوا له ولمحمد صلى الله عليه وسلم في قول بعض المفسرين، وفي قول بعضهم لموسى وهارون عليهما السلام، وفي قول بعضهم: لعيسى ومحمد ساحران تعاونا. وقرأ عامة قرّاء الكوفة: (قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا) بمعنى: وقالوا للتوراة والفرقان في قول بعض أهل التأويل، وفي قول بعضهم للإنجيل والفُرقان.

وفي82: اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى شيبة: "لخُسِفَ بِنَا" بضم الخاء، وكسر السين وذُكر عن شيبة والحسن: (لَخَسَفَ بِنَا) بفتح الخاء والسين، بمعنى: لخسف الله بنا.

 

39 الزمر

 

في 3 ذكر الطبري: وقوله: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) يقول تعالى ذكره: والذين اتخذوا من دون الله أولياء يَتَوَلَّوْنَهُم، ويعبدونهم من دون الله، يقولون لهم: ما نعبدكم أيها الآلهة إلا لتقربونا إلى الله زُلْفَى، قربة ومنزلة، وتشفعوا لنا عنده في حاجاتنا، وهي فيما ذُكر في قراءة أبي:"ما نَعْبُدُكُمْ"، وفي قراءة عبد الله:" (قالوا ما نعبدهم) وإنما حسن ذلك لأن الحكاية إذا كانت بالقول مضمرا كان أو ظاهرا، جعل الغائب أحيانا كالمخاطب، ويترك أخرى كالغائب، وقد بيَّنت ذلك في موضعه فيما مضى.

حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: هي في قراءة عبد الله:"قالُوا ما نَعْبُدُهُمْ".

 

وفي9: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {أَمَّنْ} [البقرة: 283] فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَبَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ وَعَامَّةُ الْكُوفِيِّينَ: (أَمَنْ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ؛ وَلِقِرَاءَتُهُمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْأَلِفُ فِي «أَمَّنْ» بِمَعْنَى الدُّعَاءِ، يُرَادُ بِهَا: يَا مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَالْعَرَبُ تُنَادِي بِالْأَلِفِ كَمَا تُنَادِي بِيَا، فَتَقُولُ: أَزِيدُ أَقْبِلْ، وَيَا زَيْدُ أَقْبِلْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ:

[البحر الكامل]

أَبَنِي لُبَيْنَى لَسْتُمُ بِيَدٍ ... إِلَّا يَدٌ لَيْسَتْ لَهَا عَضُدُ

وَإِذَا وُجِّهَتِ الْأَلِفُ إِلَى النِّدَاءِ كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ: قُلْ تَمَتَّعْ أَيُّهَا الْكَافِرُ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ، وَيَا مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا إِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَيَكُونُ فِي النَّارِ عَمًى لِلْفَرِيقِ الْكَافِرِ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْجَزَاءِ فِي الْآخِرَةِ، الْكِفَايَةَ عَنْ بَيَانِ مَا لِلْفَرِيقِ الْمُؤْمِنِ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا اخْتِلَافُ أَحْوَالُهُمَا فِي الدُّنْيَا، وَمَعْقُولًا أَنَّ أَحَدَهُمَا إِذَا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ لِكُفْرِهِ بِرَبِّهِ أَنَّ الْآخَرَ مِنْ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، فَحُذِفَ الْخَبَرُ عَمَّا لَهُ، اكْتِفَاءٌ بِفَهْمِ السَّامِعِ الْمُرَادَ مِنْهُ مِنْ ذِكْرِهِ، إِذْ كَانَ قَدْ دَلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ بِالْمَذْكُورِ وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: «أَمَّنْ» أَلْفُ اسْتِفْهَامِ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: أَهَذَا كَالَّذِي جَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ، ثُمَّ اكْتَفَى بِمَا قَدْ سَبَقَ مِنْ خَبَرِ اللَّهِ عَنْ فَرِيقِ الْكُفْرِ بِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ، إِذْ كَانَ مَفْهُومًا الْمُرَادُ بِالْكَلَامِ...

 

وفي29: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَرَجُلا سَلَمًا) فقرأ ذلك بعض قرّاء أهل مكة والبصرة:"ورَجُلا سَالِمًا" وتأوّلوه بمعنى: رجلا خالصا لرجل. وقد رُوي ذلل أيضا عن ابن عباس.

حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن جرير بن حازم، عن حميد، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه قرأها:"سَالِمًا لِرَجُلٍ" يعني بالألف، وقال: ليس فيه لأحد شيء.

وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة: (وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ) بمعنى: صلحًا.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن السلم مصدر من قول القائل: سَلِم فلان لله سَلما بمعنى: خَلَص له خُلوصا...إلخ

 

وفي33: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) عَقيب قوله: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ) .....في قراءة ابن مسعود."وَالَّذِينَ جَاءُوا بِالصِّدْقِ وَصَدَّقُوا بِهِ"

والمسألة هنا متعلقة بنقد لغوي وركاكة عرضتها بباب النقد اللغوي في سورة الزمر.

 

وفي36: اختلفت القرّاء في قراءة: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء أهل الكوفة:"أليس الله بكاف عباده"على الجماع، بمعنى: أليس الله بكاف محمدا وأنبياءه من قبله ما خوّفتهم أممهم من أن تنالهم آلهتهم بسوء، وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض قرّاء الكوفة: (بِكَافٍ عَبْدَهُ) على التوحيد، بمعنى: أليس الله بكاف عبده محمدا.

 

{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}

 

وفي 53 جاء في كتب القراآت، وكذلك روى أحمد:

 

27569 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ: (إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ) ، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَلَا يُبَالِي (1) إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " (2)

 

(1) قوله: "ولا يبالي " ليس في (ظ2) .

(2) الشطر الأول محتمل للتحسين بشاهده، وهذا إسناد ضعيف، وقد سلف الكلام عليه في مسند أم سلمة عند الرواية (26518) .

وأخرجه أبو عمر الدُّوري في "قراءات النبي" (60) و (98) ، والحاكم 2/249 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. واقتصر الحاكم على شطره الثاني، وقال: هذا حديث غريب عال، ولم أذكر في كتابي هذا عن شهر غير هذا الحديث الواحد.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 311، والطيالسي (1631) ، وحفص الدوري في "قراءات النبي" (61) ، وأبو داود (3982) من طرق عن حماد بن سلمة، به. مختصراً بشطره الأول.

وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (1577) ، والترمذي (3237) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (411) من طرق عن حماد بن سلمة، به مختصراً بشطره الثاني، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ثابت، عن شهر بن حوشب. قال: وشهر بن حوشب يروي عن أم سلمة الأنصارية، وهي أسماء بنت يزيد.

وسيأتي بتمامه برقم (27606) ، وبشطره الأول برقم (27595) ، وبشطره الثاني برقمي (27596) و (27613) .

وسلف شطره الأول في مسند أم سلمة برقم (26518) من طريق هارون النحوي، عن ثابت البناني، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة به.

 

29 العنكبوت

 

في 25 ذكر الطبري: واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والشأم وبعض الكوفيين: (مَوَدَّةً) بنصب "مودة" بغير إضافة (بَيْنَكُمْ) بنصبها. وقرأ ذلك بعض الكوفيين: (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) بنصب "المودّة" وإضافتها إلى قوله: (بَيْنِكُمْ) ، وخفض (بَيْنِكُمْ) . وكأن هؤلاء الذين قرءوا قوله: (مَوَدَّةَ) نصبا، وجَّهوا معنى الكلام إلى: (إنَّمَا اتَّخَذْتُمْ) أيها القوم (أَوْثَانًا مَّوَدَّةً بَيْنَكُمْ) ، فجعلوا إنما حرفا واحدا، وأوقعوا قوله: (اتخَذْتُمْ) على الأوثان، فنصبوها بمعنى: اتخذتموها مودّة بينكم في الحياة الدنيا، تتحابُّون على عبادتها، وتتوادّون على خدمتها، فتتواصلون عليها، وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل مكة والبصرة: (مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ) برفع المودة وإضافتها إلى البَيْنِ، وخفض البين، وكأن الذين قرءوا ذلك كذلك، جعلوا "إنَّ مَا" حرفين، بتأويل: إن الذين اتخذتم من دون الله أوثانا إنما هو مودّتكم للدنيا، فرفعوا "مَوَدَّةُ" على خبر إن.

 

وفي42: اختلف القرّاء في قراءة قوله: (إنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَدْعُونَ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار (تَدْعُونَ) بالتاء بمعنى الخطاب لمشركي قريش (إنَّ اللهَ) أيها الناس، (يَعْلَمُ مَا تَدْعُونَ إلَيْهِ مِن دُونِهِ مِن شَيءٍ) . وقرأ ذلك أبو عمرو: (إنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ) بالياء بمعنى الخبر عن الأمم، إن الله يعلم ما يدعوا هؤلاء الذين أهلكناهم من الأمم (مِنْ دُونِهِ مِن شَيء) .

وفي 55: وقوله: (وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يقول جلّ ثناؤه: ويقول الله لهم: ذوقوا ما كنتم تعملون في الدنيا من معاصي الله، وما يسخطه فيها. وبالياء في (وَيقُولُ ذُوقُوا) قرأت عامة قرّاء الأمصار خلا أبي جعفر، وأبي عمرو، فإنهما قرآ ذلك بالنون: (وَنَقُولُ) .

 

وفي58: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58)}

 

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض الكوفيين: (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) بالباء، وقرأته عامة قرّاء الكوفة بالثاء (لَنَثْوِيَنَّهُمْ) .

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قرّاء الأمصار، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن قوله: (لَنُبِّوَئَّنُهْم) من بوأته منزلا أي أنزلته، وكذلك لنثوينهم، إنما هو من أثويته مسكنا، إذا أنزلته منزلا من الثواء، وهو المقام.

 

نماذج تجعل الإنسان المنصف العاقل ينفي تمامًا أسطورة عصمة القرآن من الاختلاف، ويتيقن أنها أسطوةر جوفاء وهشّ’

 

31 لقمان

 

لم أعرض شيئا هنا توفير الوقت والمساحة وفي معظم السور التالية سوى أمثلة من كتب الحديث ومن كتاب فضائل القرآن

 

42 الشورى

 

{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)}

 

قال أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش فيما نقله عنه النحاس في "إعراب القرآن" 4/83 بجواز حذف فاء الربط في الكلام إذا علم، وجعل منه قوله تعالى: (ما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم) [الشورى: 30] ، بحذف الفاء من قوله: "بما" وهي قراءة نافع وابن عامر، وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام فيما ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" 7/288، وكذلك جوزه ابن مالك في "شواهد التوضيح" ص 133، قال: ومنه حديث اللقطة: "فإن جاء صاحبها، وإلا استمتع بها

 

10 يونس

 

{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ. . . . .} [يونس: 24] إِلَى قَوْلِهِ: (كَذَلِكَ نُفَصَّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَمَا أَهْلَكْنَاهَا إِلَّا بِذُنُوبِ أَهْلِهَا) قَالَ: هَكَذَا قَرَأَهَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ

 

وهي في الطبري والبحر المحيط والدر المنثور، وقالوا بها قرأ ابن عباس وأم سلمة والخليفة الأموي مروان على المنبر.

 

{فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ: فِي حَرْفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: (مَا أَتَيْتُمْ بِهِ سِحْرٌ) وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (مَا جِئْتُمْ بِهِ سِحْرٌ)

 

والقراءتان في البحر المحيط والطبري والدر المنثور، وقراءة ابن مسعود في القراآت الشاذة ومعاني القرآن للفراء

{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)}

 

روى أبو داوود:

 

3980 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أسلم المِنْقَرِيِّ، عن عبدِ الله، عن أبيه عبدِ الرحمن بنِ أبزى، قال: قال أُبيُّ بن كعب: (بفضْل الله وبِرحمتِه فَبِذلِكَ فلتَفْرحوا) [يونس: 58].

 

إسناده حسن من أجل عبد الله بن عبد الرحمن بن أبْزَى، فهو صدوق حسن الحديث. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه أحمد (21137)، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (534) و (535)، والطبري 11/ 126، والشاشي (1438)، والحاكم 3/ 304، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 251، وفي "معرفة الصحابة" (751) و (752)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2594)، والضياء المقدسي في "المختارة" (1228) من طريق أسلم المنقري، بهذا الإسناد. وقد تصحفت الآية عند بعضهم في المطبوع إلى: "فليفرحوا" بالياء، وإنما هي في قراءة أبيّ بالتاء، كما قال أبو داود بإثر الحديث.

وقوله: {فلتفرحوا}، بالتاء المثناة من فوق على أمر المخاطبين، وهي قراءة يعقوب الحضرمي أحد القراء العشرة في رواية رُوَيس اللؤلؤي، وقرأ الباقون: {فليَفرَحُواْ}، بالياء المثناة من تحت على أمر الغائبين، وقرأ أبي بن كعب أيضاً في تتمة الآية: {هُوَ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ} [يونس:58] بالتاء الفوقية على الخطاب، وبها قرأ ابن عامر الدمشقي وأبو جعفر المدني ورُوَيس اللؤلؤي وقرأ الباقون: {يَجْمَعُونَ} بالياء التحتية على الغيبة، ورجح ابن جرير الطبري قراءة الياء التحتانية في الحرفين جميعاً. انظر "جامع البيان" 11/ 126، و"حجة القراءات" ص 424، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 285.

 

3981 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله، حدَّثنا المغيرةُ بنُ سَلَمَةَ، حدَّثنا ابنُ المبارَك، عن الأجْلَح، حدَّثني عبدُ الله بنُ عبدِ الرحمن بن أبزى، عن أبيه عن أُبيٍّ أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قرأ: (بفضلِ الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا، هو خيرٌ مما تجمعون.

قال أبو داود: بالتاء.

 

حديث حسن. الأجلح -وهو ابن عبد الله بن حُجَيَّه الكِنْدي- ضعيف يعتبر به، وقد توبع في الحديث السابق.

وأخرجه الطيالسي (545)، وأبو عُبيد في "فضائل القرآن" ص 358، وأحمد (21136)، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (536) و (537) و (538)، والطبري في "تفسيره" 11/ 126، والشاشي في "مسنده" (1437)، والحاكم 2/ 240 - 241، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 251، وفي "معرفة الصحابة" (750)، والضياء المقدسي (1227)، والمزي في ترجمة عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى من "تهذيب الكمال"، وابن الجزري في "النشر في القراءات العشر" 2/ 285 من طريق الأجلح بن عبد الله الكندي، به. وقد تصحفت الآية عند بعضهم في المطبوع إلى: {فليَفرَحُواْ} بالياء، وإنما هي في قراءة أبي بن كعب بالتاء كما قال المصنف بإثر الحديث. وقد جاء إسناد الطيالسي في المطبوع: عن الأجلح، عن زر، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه عن أبي بن كعب، وهو خطأ.

 

روى أحمد:

 

21136 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَجْلَحَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَعْرِضَ الْقُرْآنَ عَلَيْكَ " قَالَ: وَسَمَّانِي لَكَ رَبِّي؟ قَالَ: (بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا) هَكَذَا قَرَأَهَا أُبَيٌّ

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل أجلح -وهو ابن عبد الله بن حُجَيَّةِ الكِنْدي-، لكنه قد توبع، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أَبزى الخزاعي الكوفي، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان وابن خلفون في "ثقاتهما"، وقال أحمد بن حنبل: حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. يحيى بن سعيد: هو القَطَّان البصري.

وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (1227) من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص358، والشاشي (1437) ، والمزي في ترجمة عبد الله بن عبد الرحمن بن أَبزى من "تهذيب الكمال" 15/195 من طريق يحيى بن سعيد القطان، به. وسقط من إسناد مطبوع "تهذيب الكمال": "بن سعيد، عن الأجلح، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن"، ووقع فيه: "فليفرحوا" بالياء التحتانية، وهو تصحيف.

وأخرجه الطيالسي (545) ، وابن أبي شيبة 10/564 و12/141، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (536) و (537) و (538) ، وأبو داود (3981) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1848) ، والطبري في "تفسيره" 11/126، والحاكم 2/240-241، وأبو نعيم في "الحلية" 1/251، وفي "معرفة الصحابة" (750) ، والضياء في "المختارة" (1227) ، والجزري في "النشر في القراءات العشر" 2/285 من طرق عن الأَجلح بن عبد الله الكندي، به. واقتصر الطيالسي وأبو داود والحاكم والطبري على القراءة في الآية، وليس عند ابن أبي عاصم ذكر الآية، ووقع عندهم جميعاً خلا البخاري وأبي داود والطبري والضياء: "فليفرحوا" بالياء التحتانية، وهو تصحيف، ووقع في مطبوع الطيالسي: "عن الأَجلح، عن ذر، عن عبد الرحمن بن أَبزى، عن أبيه"، وهو خطأ.

وسيأتي الحديث من طريق أسلم المِنْقري، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أَبزى في الذي بعده

وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7998) و (8239) ، والطبراني في "الأوسط" (1700) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/251، والمزي في ترجمة سليمان بن عامر من "تهذيب الكمال" 12/14 من طريق محمد بن يحيى بن أيوب، عن سليمان بن عامر الكِنْدي، عن الربيع بن أنس، قال: قرأت القرآنَ على أبي العالية، وقرأَ أبو العالية على أُبَيِّ بن كعب، قال: وقال أُبَيٌّ: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمرت أن أُقرئك القرآن" قلت: أوَذكرتُ هناك؟ قال: "نعم" قال: فبكى أُبيٌّ. قال: فلا أدري شوقاً، أو خوفاً؟ وهذا إسناد حسن.

وقوله: "إن الله أمرني أَن أَقرأَ عليك القرآنَ" سيأتي ضمن الرواية (21202) من طريق زر بن حبيش، عن أُبيِّ بن كعب.

وقد سلف الحديث دون ذكر الآية برقم (12403) ، عن أنس بن مالك: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأُبيِّ بن كعب، فذكره.

وقوله: "هكذا قرأَها أُبيّ" يعني: قوله تعالى: (فَلْتَفْرَحُوا) بالتاء المثناة من فوق على أمر المخاطبين، وهي قراءة يعقوب الحضرمي في رواية رُوَيس اللؤلؤي، وقَرأَ الباقون: (فَلْيَفْرَحُوا) بالياء المثناة من تحت على أمر الغائبين، وقرأ أُبيُّ بن كعب أيضاً في تتمة الآية: (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ) بالتاء الفوقية على الخطاب، وبها قرأ ابن عامر الدمشقي وأبو جعفر المدني ورُوَيس اللؤلؤي، وقرأ الباقون: (يَجْمَعُونَ) بالياء التحتية على الغيبة. ورجح ابن جرير الطبري قراءة الياء التحتانية في الحرفين جميعاً. انظر "جامع البيان" 1/126، و"حجة القراءات" ص424، و"النشر في القراءات العشر"2/285.

 

21137 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَسْلَمُ الْمِنْقَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُبَيُّ، أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَقَدْ ذُكِرْتُ هُنَاكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ ". قَالَ (1) : فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، فَفَرِحْتَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَاللهُ يَقُولُ: (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ) قَالَ مُؤَمَّلٌ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: هَذِهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْحَدِيثِ؟ قَالَ: "نَعَمْ " (2)

 

(1) ليست في (م) .

(2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل مؤمل بن إسماعيل البصري، فهو ضعيف لسوء حفظه، لكنه قد توبع. سفيان: هو ابن سعيد الثوري الكوفي.

وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (749) ، والضياء المقدسي في "المختارة" (1228) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. ورواية أبي نعيم مختصرة.

وأخرجه ابن أبي عاصم (1849) من طريق مؤمل بن إسماعيل، به.

وروايته مختصرة أيضاً.

وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" (534) و (535) ، وأبو داود (3980) ، والطبري 11/126، والشاشي (1438) ، والحاكم 3/304، وأبو نعيم في "الحلية" 1/251، وفي "معرفة الصحابة" (749) و (751) و (752) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2594) من طرق عن سفيان الثوري، به.

واقتصر أبو داود والطبري على ذكر القراءة في الآية، ولم يذكر الآية بتمامها سوى الطبري، ووقع عندهم جميعاً خلا أبي داود والطبري والشاشي: "فليفرحوا" بالياء التحتانية، وهو تصحيف.

 

ونلاحظ أن قراآتي أبي بن كعب المخالفتين لرسم حفص  المذكوريتين هنا كل واحدة منهما هي قراءة رسمية لأحد القراءة المعترَف بهم، وذلك لأن عدم تنقيط المصحف العثماني سمح لاحقًا بوجود اختلافات في قراءة الضمائر كهذه، لذلك فإن الحديث عن سلامة ووحدة وعدم الاختلاف على نص القرآن محض أكذوبة.

 

7 الأعراف

{إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ الْأَصْفَرُ فِي سَمِّ الْخَيَّاطِ)

 

وفي معاني القرآن للفراء والقراآت الشاذة: في سم المخيط.

 

{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127)}

 

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخَيَّاطِ} [الأعراف: 40] قَالَ: «الْقَلْسُ مِنْ قَلُوسِ الْبَحْرِ» . قَالَ: وَكَانَ يَقْرَأُ (وَيَذَرُكَ وَإِلَاهَتُكَ) قَالَ هَارُونُ: وَفِي حَرْفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي مُصْحَفِهِ (وَقَدْ تَرَكُوكَ أَنْ يَعْبُدُوكَ وَآلِهَتُكَ)

 

وهي في البحر المحيط وتفسير الطبري.

 

وفي تفسير الطبري: القول في تأويل قوله: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، هو الذي يرسل الرياح نشرًا بين يدي رحمته. (1)

* * *

و"النشر" بفتح"النون" وسكون"الشين"، في كلام العرب، من الرياح، الطيبة اللينة الهبوب، التي تنشئ السحاب. وكذلك كل ريح طيبة عندهم فهي"نشر"، ومنه قول امرئ القيس:

كَأَنَّ المُدَامَ وَصَوْبَ الغَمَامِ ... وَرِيحَ الخُزَامَى وَنَشْرَ القُطُرْ (2)

* * *

وبهذه القراءة قرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين، خلا عاصم بن أبي النجود، فإنه كان يقرؤه:"بشرًا" على اختلاف عنه فيه.

 

فروى ذلك بعضهم عنه: (بُشْرًا) ، بالباء وضمها، وسكون الشين.

وبعضهم، بالباء وضمها وضم الشين.

وكان يتأوّل في قراءته ذلك كذلك قوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ) [سورة الروم: 46] ، تبشر بالمطر، وأنه جمع"بشير" يبشر بالمطر، جُمِع"بُشُرًا"، كما يجمع"النذير""نُذُرًا". (1)

* * *

وأما قرأة المدينة وعامة المكيين والبصريين، فإنهم قرؤوا ذلك: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِل الرِّيَاحَ نُشُرَا) ، بضم"النون"، و"الشين" بمعنى جمع"نَشور" جمع"نشرًا"، كما يجمع"الصبور""صُبُرًا"، و"الشكور""شُكُرًا".

* * *

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: معناها إذا قرئت كذلك: أنها الريح التي تهبّ من كل ناحية، وتجيء من كل وجه.

 

القراءتان موجودتان في القراآت السبعة الشرعية ومن روايات قراآت الصحابة على اختلاف لفظيهما ومعنيهما، وأورد البخاري قبل حديثي 4637  عنوان تبويب و3205 من تفسير تلك الآية باللفظ المخالف لرواية حفص الشائعة أكثر اليوم بين معظم المسلمين:

 

بَاب مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}

 

... { نُشُرًا } مُتَفَرِّقَةً....

 

6 الأنعام

 

{قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)} الأنعام: 57

 

في فضائل القرآن: أبو عبيد قال: حدثنا حجاج عن هارون: قال: في حرف ابن مسعود: (يقضي بالحق وهو خير الفاصلين).

 

وهذه القراءة في الإبانة عن معاني القراآت لمكي القيرواني  والمقنع للداني والنشر ومعاني القرآن للفراء والبحر المحيط وتفسير الطبري وحجة القراآت لابن زنجلة والبرهان في علوم القرآن للزركشي ودفاع عن القراآت لدكتر لبيب سعيد.

 

{قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)}

 

جاء في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى بَيِّنًا)

 

وهي في تفسير الطبري والبحر المحيط ومعاني القرآن للفراء والقراآت الشاذة.

 

{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: (وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قَبِيلًا) الَّتِي فِي الْأَنْعَامِ

 

وهي في البحر المحيط وسرد عدة قراآت أخرى لهذه الكلمة وبنفس القراءة قرأ الأعمش وانظر تفسير الطبري والحجة لابن خالويه وحجة القراآت.

 

{وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138)}

 

في فضائل القرآن: قال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن هارون قال: في جزء أبي بن كعب: (هذه أنعام وحرث حرج).

 

وهي في الدر المنثور والبحر المحيط والقراآت الشاذة وتفسير الطبري ولسان العرب مادة حرج، وبها قرأ ابن عباس وابن مسعود وابن الزبير وعكرمة وعمرو بن دينار والأعمش.

 

13 الرعد

 

{وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ «أَفَلَمْ يَتَبَيَّنِ الَّذِينَ آمَنُوا»

 

وهي في البحر المحيط والطبري والتبيان والقراآت الشاذة لابن خالويه، وتنسب كذلك لجماعة منهم علي وابن مسعود وجعفر بن محمد، وقال ابن خالويه: "قال ابن عباس: إنما كتبها الكاتب وهو ناعس!" وورد نحو ذلك في الدر المنثور.

 

 

الفترة المدنية

 

2 البقرة

 

في الآية 148 قال ابن كثير:

 

وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَابْنُ عَامِرٍ: "ولكلٍ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلاها".

 

(يعني بدلا من قراءة مُوَلِّها)

 

البقرة 106

 

{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)}

 

جاء في كتاب المصاحف:

 

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَذْرَمِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ أَبُو هَاشِمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقْرَأُ: " {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] قَالَ زِيَادٌ: (أَوْ نَنْسَاهَا) ، فَقُلْتُ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقْرَأُ {أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] قَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى الْمُسَيِّبِ، وَلَا عَلَى آلِ الْمُسَيِّبِ قَالَ اللَّهُ: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} وَ {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] " قَالَ الْأَذْرَمِيُّ: عَنْ يَعْلَى

 

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَائِقٍ قَالَ: قُلْتُ لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقْرَأُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] ، فَقَالَ سَعْدٌ: " إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلِ الْقُرْآنَ عَلَى الْمُسَيِّبِ، وَلَا عَلَى ابْنِهِ، ثُمَّ قَرَأَ: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا) ، ثُمَّ قَرَأَ {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} ، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] " هَذَا لَفْظُ ابْنِ الرَّبِيعِ، وَأَمَّا بُنْدَارٌ قَبَّحَهُ وَلَمْ يُقِمْهُ

 

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَرَأَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: «مَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى الْمُسَيِّبِ، وَلَا عَلَى ابْنِهِ، إِنَّمَا هِيَ (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَاهَا يَا مُحَمَّدُ) ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} » حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: قَالَ مِسْكِينٌ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ شُعْبَةَ

 

البقرة158

 

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}

 

يوجد لهذا النص قراءة عند ابن عباس وابن مسعود تعكس المعنى وتجعل السعي بين الصفا والمروة مجرد تطوع غير واجب، قال الطبري في تفسيره:

 

ذكر من قال: الطوافُ بينهما تطوّعٌ، ولا شيء على من تركه، ومنْ كان يقرأ: (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما)

2356- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا ابن جريج قال، قال عطاء: لو أن حاجًّا أفاضَ بعدما رمى جمرة العقبة، فطاف بالبيت ولم يَسع، فأصابها -يعني: امرأته- لم يكن عليه شيء، لا حجٌّ ولا عمرة، من أجل قول الله في مصحف ابن مسعود:"فمنْ حَج البيتَ أو اعتمر فَلا جُناح عليه أن لا يَطَّوَّفَ بهما". فعاودته بعد ذلك فقلت: إنه قد ترك سُنة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ألا تسمعه يقول:"فمن تَطوَّع خَيرًا"، فأبى أن يجعل عليه شيئًا؟

2357- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك، عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يقرأ:"إن الصفا والمروَة منْ شعائر الله" الآية"فلا جُناح عليه أنْ لا يَطَّوَّف بهما".

2358- حدثني علي بن سهل قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن عاصم قال: سمعت أنسًا يقول: الطواف بينهما تطوع.

2359- حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد قال، أخبرنا عاصم الأحول قال، قال أنس بن مالك: هما تطُّوع.

2360- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه.

2361- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"إن الصفا والمروة من شعائر الله فمنْ حَجّ البيتَ أو اعتمر فلا جناح عليه أن يَطَّوفَ بهما" قال، فلم يُحرِّج من لم يَطُفْ بهما.

2362- حدثنا المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا أحمد، عن عيسى بن قيس، عن عطاء، عن عبد الله بن الزبير قال: هما تطوع.

 

عن الآية 184 في البخاري

 

روى البخاري: 4505 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه: 7573 - عبد الرزاق عن معمر عن أيوب قال سمعت عكرمة يحدث عن بن عباس أنها ليست بمنسوخة فكان يقرؤها يطوقونه هي في الشيخ الذي كلف الصيام ولا يطيقه فيفطر ويطعم

 

وروى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب فضائل القرآن: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ» . وَقَالَ: «يُكَلَّفُونَهُ وَلَا يُطِيقُونَهُ»

 

البقرة 196

 

في فضائل القرآن لأبي عبيد وتفسير الطبري وغيره: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: هِيَ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ إِلَى الْبَيْتِ) . قَالَ: «لَا يُجَاوَزُ بِالْعُمْرَةِ الْبَيْتَ»

{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)}

 

وقال الطبري:

 

3185 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهَبّاري، قال. ثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة:" وأتِمّوا الحجّ والعمرة لله" قال: هو في قراءة عبد الله:"وَأَقِيمُوا الْحَجَّ والْعُمْرَةَ إِلى الْبَيْتِ" قال: لا تجاوزُوا بالعمرة البيتَ= قال إبراهيم: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير، فقال: كذلك قال ابن عباس.

3186 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم أنه قرأ:" وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت".

3187 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة أنه قرأ:" وأقِيموا الحجَّ والعمرة إلى البيت".

 

كثير من المفسرين كابن كثير والطبري هنا يستشهدون بقراآت الصحابة المبادة لأجل الأحكام والشرح، يقول ابن كثير:

 

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ يَجِبُ فِيهَا التَّتَابُعُ، أَوْ يُسْتَحَبُّ وَلَا يَجِبُ وَيُجْزِئُ التَّفْرِيقُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ، هَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ "الْأَيْمَانِ"، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى الْمَجْمُوعَةِ وَالْمُفَرَّقَةِ، كَمَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ؛ لِقَوْلِهِ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [الْبَقَرَةِ: 184] .

وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي "الْأُمِّ" عَلَى وُجُوبِ التَّتَابُعِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْرَءُونَهَا: "فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ".

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: "فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ". وَحَكَاهَا مُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: "فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ". وَقَالَ الْأَعْمَشُ: كَانَ أَصْحَابُ ابن مسعود يقرؤونها كَذَلِكَ.

وَهَذِهِ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهَا قُرْآنًا مُتَوَاتِرًا، فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا وَاحِدًا، أَوْ تَفْسِيرًا مِنَ الصَّحَابِيِّ، وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ.

 

وروى عبد الرزاق في المصنف:

 

16102 - عبد الرزاق عن بن جريج قال سمعت عطاء يقول بلغنا في قراءة بن مسعود فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام متتابعات قال وكذلك نقرؤها

 

16103 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أبي إسحاق والأعمش قالا في حرف بن مسعود فصيام ثلاثة ايام متتابعات قال أبو إسحاق وكذلك نقرؤها

 

ورى الحاكم في المستدرك:

 

3091 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ثنا محمد بن عبد الوهاب بن حبيب العبدي ثنا جعفر بن عون أنبأ أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب رضي الله عنه  أنه كان يقرأها { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } متتابعات

 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

 

قال الذهبي: صحيح

 

 وهي في نكت الانتصار ومعاني القرآن للفراء وتفسير الطبري والبحر المحيط والبرهان في علوم القرآن للزركشي، وبها قرأ أبي بن كعب والنخعي وعطاء.

 

البقرة 198

روى البخاري: 2050 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا فِيهِ فَنَزَلَتْ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ

 

ورواه الحاكم في المستدرك 1771 و3095

 

وفي فضائل القرآن: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ» حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ: «فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ»

 

البقرة 203

 

في فضائل القرآن لأبي عبيد: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: " هِيَ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ»

 

وهذه القراءة في تفسير الطبري والدر المنثور في التفسير بالمأثور وغيرها

 

{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)} البقرة

 

روى الحاكم في المستدرك قراءة أخرى:

 

4009 - أخبرني أبو نصر محمد بن أحمد بن عمر الخفاف ثنا أحمد بن سلمة ثنا محمد بن بشار ثنا أبو داود ثنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال  كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين قال : وكذلك في قراءة عبد الله (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا)

 هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه

 

قال الذهبي: على شرط البخاري

 

وذكرها الطبري وابن كثير في تفسيريهما.

 

توجد كذلك جملة إضافية على الآية حسب قراءة أبي بن كعب، ذكر ابن كثير:

 

وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: (وَلِيَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)

 

بزيادة جملة: وَلِيَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ولا توجد في تنقيح عثمان ولجنته الذي صار المعتمد للمسلمين.

 

 

{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)}

 

روى عبد الرزاق في المصنف: 11643 - عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء أن بن عباس كان يقرأ للذين يقسمون من نسائهم فإن عزموا السراح

 

وفي فضائل القرآن لأبي عبيد: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: «لِلَّذِينَ يُقْسِمُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ»

 

وفي فضائل القرآن وهو في الدر المنثور وغيره: وَحُدِّثْنَا عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَرَأَهَا: «فَإِنْ فَاءُوا فِيهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»

 

البقرة238

 

روى مسلم:

 

[ 629 ] وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال قرأت على مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة أنه قال أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا وقالت إذا بلغت هذه الآية فآذني {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}  فلما بلغتها آذنتها فأملت علي {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}  وصلاة العصر {وقوموا لله قانتين}  قالت عائشة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم  

 

[ 630 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا يحيى بن آدم حدثنا الفضيل بن مرزوق عن شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال نزلت هذه الآية حافظوا على الصلوات وصلاة العصر فقرأناها ما شاء الله ثم نسخها الله فنزلت {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}  فقال رجل كان جالسا عند شقيق له هي إذن صلاة العصر فقال البراء قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله والله أعلم قال مسلم ورواه الأشجعي عن سفيان الثوري عن الأسود بن قيس عن شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال قرأناها مع النبي صلى الله عليه وسلم زمانا بمثل حديث فضيل بن مرزوق

 

وروى أحمد:

 

24448 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، مَوْلَى عَائِشَةَ قَالَ: أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا، قَالَتْ: إِذَا بَلَغْتَ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] ، فَآذِنِّي، فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا ، فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ " قَالَتْ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، إسحاق: وهو ابن عيسى ابن الطباع من رجاله، وأبو يونس مولى عائشة: روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الحافظان الذهبي وابن حجر. وأخرج له مسلم هذا الحديث، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.

وهو عند مالك في "الموطأ" 1/138-139، ومن طريقه أخرجه الشافعي في "السنن" (25) ، ومسلم (629) ، وأبو داود (410) ، والترمذي (2982) ، والنسائي في "المجتبى" 1/236، وفي "الكبرى" (366) و (11046) - وهو في "التفسير" (66) - وأبو عوانة 1/353، وابن أبي داود في "المصاحف" ص84، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/172، والبيهقي في "السنن" 1/462، وفي "معرفة السنن والآثار" 2/304، والبغوي في "شرح السنة" (386) ، والمزي في "تهذيب الكمال" في (ترجمة أبي يونس مولى عائشة) .

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وسيرد برقم (25450) .

 

وفي فضائل القرآن لأبي عبيد: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنِ ابْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ رَافِعٍ، قَالَ: أَمَرْتَنِي حَفْصَةُ فَكَتَبْتُ لَهَا مُصْحَفًا، فَقَالَتْ: إِذَا بَلَغَتْ آيَةَ الصَّلَاةِ فَأَخْبِرْنِي. فَلَمَّا بَلَغْتُ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] قَالَتْ: « (وَصَلَاةِ الْعَصْرِ) ، أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ مُصْحَفًا لِحَفْصَةَ. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ اللَّيْثِ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْهُ مَالِكٌ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَفْصَةَ، مِثْلَ ذَلِكَ، غَيْرَ مَرْفُوعٍ أَيْضًا، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَتْ: صَلَاةِ الْعَصْرِ بِغَيْرِ وَاو حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَمَرَتِ الَّذِي يَكْتُبُ مُصْحَفَهَا بِمِثْلِ مَا أَمَرَتْ بِهِ حَفْصَةُ، غَيْرِ مَرْفُوعٍ أَيْضًا، وَلَيْسَ فِيهَا وَاوٌ.

 

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ»

 

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَزِينِ بْنِ عُبَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ: «وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ»

 

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا بِالْوَاوِ: «وَصَلَاةِ الْعَصْرِ». قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَنْ قَرَأَهَا بِغَيْرِ وَاو فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَعَلَهَا الْعَصْرَ نَفْسَهَا، وَتَصْدِيقُهُ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...إلخ

 

في البقرة 229 روى الطبري:

 

4845 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع أنه كان يقول: لا يصلح له أن يأخذ منها أكثر مما ساق إليها، ويقول: إن الله يقول:" فلا جناح عليهما فيما افتدت به" منه، يقول: من المهر - وكذلك كان يقرؤها:"فيما افتدت به منه".

 

وقال ابن كثير:

 

...رَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَيْثُ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا يَعْنِي الْمُخْتَلِعَةَ وَحَمَلُوا مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى مَعْنَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} أَيْ: مِنَ الَّذِي أَعْطَاهَا؛ لِتَقَدُّمِ قَوْلِهِ: {وَلا [يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ] تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} أَيْ: مِنْ ذَلِكَ. وَهَكَذَا كَانَ يَقْرَؤُهَا الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: "فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِه مِنْهُ" رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ

 

البقرة 275

 

في فضائل القرآن لأبي عبيد: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

 

وهذا في الانتصار ومعاني القرآن للفراء والدر المنثور وتفسير الطبري والبحر المحيط لان حيان كذلك.

 

{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283)} البقرة: 283

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «وَلَمْ تَجِدُوا كِتَابًا» حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَ ذَلِكَ: «كِتَابًا» حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ قَرَأَهَا كَذَلِكَ أَيْضًا: «وَلَمْ تَجِدُوا كِتَابًا» حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَرَأَهَا مِثْلَ ذَلِكَ: وَلَمْ تَجِدُوا كِتَابًا. وَقَالَ: قَدْ يُوجَدُ الْكَاتِبُ، وَلَا تُوجَدُ الصَّحِيفَةُ

 

وهي في تفسير الطبري والبحر المحيط والدر المنثور.

 

روى أحمد:

 

9344 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لِلَّهِ مَا فِي السَّماَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284] ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ: الصَّلَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَالْجِهَادَ، وَالصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ، وَلَا نُطِيقُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا، وَأَطَعْنَا، غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ "، فَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا الْقَوْمُ، وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِثْرِهَا: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: 285]- قَالَ عَفَّانُ: قَرَأَهَا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ (1) : يُفَرِّقُ (2) - فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285] ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] ، فَصَارَ لَهُ مَا كَسَبَ مِنْ خَيْرٍ، وَعَلَيْهِ مَا اكْتَسَبَ (3) مِنْ شَرٍّ، فَسَّرَ الْعَلَاءُ هَذَا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] ، قَالَ: نَعَمْ، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286] ، قَالَ: نَعَمْ، {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] ، قَالَ: نَعَمْ، {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286].(4)

 

(1) سلام أبو المنذر: هو ابن سليمان المزني مولاهم البصري، قال ابن الجزري في "غاية النهاية": ثقة جليل، ومقرىء كبير مات سنة إحدى وسبعين ومئة، أخذ القراءة عرضاً عن عاصم بن أبي النجود وأبي عمرو بن العلاء وغيرهما.

وهذه القراءة قرأ بها ابن جبير وابن يعمر وأبو زرعة بن عمرو، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي أحد القراء العشرة، ورويت عن أبي عمرو بن العلاء، حملاً على لفظ (كل) أي: لا يفرق ذلك الكل من المؤمنين بين أحد من رسله. انظر "البحر المحيط" و"الدر المصون".

(2) قول عفان هذا جاء في (م) والنسخ المتأخرة بعد قوله في الآية: (لا نفرق بين أحد من رسله) .

(3) في (ظ3) وحدها: كسب.

(4) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه.

وأخرجه مسلم (125) ، وأبو عوانة 1/76-77 و77، وابن حبان (139) من طريق روح بن القاسم، والطبري 3/143 من طريق مصعب بن ثابت، كلاهما عن العلاء بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن ابن عباس، سلف برقم (2070)

 

62 الجمعة

 

روى الطبري في تفسيره:

 

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أَبي عديّ، عن شعبة، قال: أخبرني مغيرة، عن إبراهيم أنه قيل لعمر رضي الله عنه: إن أبيًّا يقرؤها (فَاسْعَوْا) قال: أما إنه أقرؤنا وأعلمنا بالمنسوخ وإنما هي فامضوا.

حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري، قال: أخبرنا سفيان، عن الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، قال: ما سمعت عمر يقرؤها قطّ إلا فامضوا.

حدثنا أبو كُرَيْب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا حنظلة، عن سالم بن عبد الله، قال: كان عمر رضي الله عنه يقرؤها: (فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللهِ) .

 

... حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا حنظلة بن أَبي سفيان الجمحّي، أنه سمع سالم بن عبد الله يحدّث عن أبيه، أنه سمع عمر بن الخطاب يقرأ (إذَا نُودِيَ لِلْصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمْعَةِ فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) .

قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر، أن عبد الله قال: لقد توفى الله عمر رضي الله عنه، وما يقرأ هذه الآية التي ذكر الله فيها الجمعة: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) إلا فامضوا إلى ذكر الله.

حدثني أَبو السائب، قال: ثنا معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان عبد الله يقرؤها "فامضوا إلى ذكر الله" ويقول: لو قرأتها فاسعوا، لسعيت حتى يسقط ردائي.

 

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أَبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: لو كان السعي لسعيت حتى يسقط ردائي، قال: ولكنها (فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) قال: هكذا كان يقرؤها.

 

حدثني عليّ بن الحسين الأزدي، قال: ثنا يحيى بن يمان الأزدي، عن أَبي جعفر الرازي، عن الربيع عن أَبي العالية أنه يقرؤها (فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) .

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أَبي العالية، أنه قرأها (فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) .

 

وقال ابن كثير مستدلا على صحة قراءة عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود:

 

وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقْرَآنِهَا: "فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ". فَأَمَّا الْمَشْيُ السَّرِيعُ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ، لِمَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَبِي هُرَيرة، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَلَا تُسرِعوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا". لَفَظُ الْبُخَارِيِّ [صحيح البخاري برقم (636) وصحيح مسلم برقم (602)]

 

وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَمِعَ جَلَبة رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: "مَا شَأْنُكُمْ؟ ". قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: "فَلَا تَفْعَلُوا، إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَامْشُوا وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا". أَخْرَجَاهُ. [ البخاري 635  ومسلم 602 و603 وأحمد (22608) 22982]

 

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَلَكِنِ ائْتُوهَا تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ كَذَلِكَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيع، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِمَثَلِهِ [سنن الترمذي برقم (327) و (328) وأحمد (9514) 9510 و (10340) 10345]

 

قَالَ الْحَسَنُ أَمَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالسَّعْيِ عَلَى الْأَقْدَامِ، وَلَقَدْ نُهُوا أَنْ يَأْتُوا الصَّلَاةَ إِلَّا وَعَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَلَكِنْ بِالْقُلُوبِ وَالنِّيَّةِ وَالْخُشُوعِ.

 

وذكر أبو نعيم في حلية الأولياء عن الآية9:

 

 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ أَيُّوبَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «مَا سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ إِلَّا فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ» فَقَالَ شُعْبَةُ: وَجَبَ عَلَيْكَ ضَرْبُ مِائَةٍ يَكُونُ عِنْدَكَ مِثْلُ هَذَا، فَلَمْ تُحَدِّثُنِي بِهِ

 

 

8 الأنفال

 

روى أحمد بن حنبل:

 

1567 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي أَبِي أَرْبَعُ آيَاتٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي: أَصَبْتُ سَيْفًا . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَفِّلْنِيهِ ، قَالَ: " ضَعْهُ " . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَفِّلْنِيهِ، أُجْعَلُ كَمَنْ لَا غَنَاءَ لَهُ ؟ قَالَ: " ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ " فَنَزَلَتْ: " يَسْأَلُونَكَ الْأَنْفَالَ " - قَالَ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ كَذَلِكَ {قُلِ الْأَنْفَالُ} وَقَالَتْ أُمِّي: أَلَيْسَ اللهُ يَأْمُرُكَ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ ؟ وَاللهِ لَا آكُلُ طَعَامًا، وَلا أَشْرَبُ شَرَابًا، حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ . فَكَانَتْ لَا تَأْكُلُ حَتَّى يَشْجُرُوا فَمَهَا بِعَصًا، فَيَصُبُّوا فِيهِ الشَّرَابَ - قَالَ شُعْبَةُ: وَأُرَاهُ قَالَ: وَالطَّعَامَ - فَأُنْزِلَتْ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} وَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 14-15]، وَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ ؟ فَنَهَانِي . قُلْتُ: النِّصْفُ ؟ قَالَ: " لَا " قُلْتُ: الثُّلُثُ ؟ فَسَكَتَ . فَأَخَذَ النَّاسُ بِهِ، وَصَنَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طَعَامًا، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَانْتَشَوْا مِنَ الخَمْرِ، وَذَاكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ، فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ فَتَفَاخَرُوا، وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: الْأَنْصَارُ خَيْرٌ، وَقَالَتِ الْمُهَاجِرُونَ: الْمُهَاجِرُونَ خَيْرٌ . فَأَهْوَى لَهُ رَجُلٌ بِلَحْيِ جَزُورٍ ، فَفَزَرَ أَنْفَهُ، فَكَانَ أَنْفُ سَعْدٍ مَفْزُورًا ، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إِلَى قَوْلِهِ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90-91]

 

قراءة عبد الله بن مسعود مخالفة لما في مصحف المسلمين العثماني بلفظ {يسألونك عن الأنفال}. معنى رواية عبد الله أي يطلبون منك ويستوهبونك، أما نسخة عثمان فمعناها الاستفسار والاستعلام.

 

{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ، وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا)

 

هكذا تلاها ابن عباس بإضافة لفظ (من الله)، وفي القراآت الشاذة: ولن يغني عنكم فئتكم، وهي قراءة سليمة حسب قواعد اللغة لأن الكلمة مؤنث معنوي فصل بينها وبين الفعل بفصل، وبها قرأ يحيى وإبراهيم.

 

47 محمد

 

روى أحمد:

 

3607 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللهِ، مِنْ بَنِي بَجِيلَةَ، يُقَالُ لَهُ: نَهِيكُ بْنُ سِنَانٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَيْفَ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ، أَيَاءً تَجِدُهَا أَوْ أَلِفًا: {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} (1) [محمد: 15] ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ: أَوَكُلَّ الْقُرْآنِ أَحْصَيْتَ (1) غَيْرَ هَذِهِ (2) ؟ قَالَ: إِنِّي لَأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ ؟ إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ الصَّلَاةِ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَلَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ أَقْوَامٌ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَلَكِنَّهُ إِذَا قَرَأَهُ، فَرَسَخَ فِي الْقَلْبِ نَفَعَ، إِنِّي لَأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، قَالَ: ثُمَّ قَامَ، فَدَخَلَ، فَجَاءَ عَلْقَمَةُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: سَلْهُ لَنَا عَنِ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، قَالَ: فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: " عِشْرُونَ سُورَةً مِنْ أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ "، فِي تَأْلِيفِ عَبْدِ اللهِ (3)

 

(1) يعني: أو (من ماء غَيْرِ "يَاسِنٍ") . وكذا جاء في "صحيح مسلم". قلنا: وهذه القراءة لم ينسبها أحد ممن ألف في القراءات إلى أحد القراء العشرة أو غيرهم سواهم، وذكر مكي في "الكشف" 2/277 أنه حكي في بعض المصاحف: "غير يسن" بالياء أبدلت من الهمزة المفتوحة لانكسار ما قبلها. وجاء في "حجة القراءات" ص 667: قرأ ابن كثير: (من ماء غير أسِن) مقصوراً على وزن فعل، قال أبو زيد: تقول: أسِن الماء يأسَن أسناً، فهو أسِن، كقولك: هَرِمَ الرجل فهو هَرِمٌ، وعرج فهو عرج، ومرض يمرض فهو مرض، وكذلك أسِنَ فهو أسِن: إذا تغيرت رائحته، وأعلم الله أن أنهار الجنة لا تتغير رائحة مائها.

وقرأ الباقون: (من ماء غير آسِن) بالمد على فاعل، والهمزة الأولى فاء الفعل، والألف بعدها مزيدة، فالمد من أجل ذلك، تقول: أسِن الماء يأسن فهو آسن مثل أجِن يأجَن ويأجُن إذا تغير وهو آجن، وذهب فهو ذاهب، وضرب فهو ضارب.

(1) في (ق) : قد أحصيت.

(2) في (ق) و (ظ1) : هذه الآية.

(3) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه مسلم (822) (276) ، وأبو يعلى (5222) ، وابن خزيمة (538) ، من طريق أبي معاوية، بهذا الإِسناد. وأخرجه الطيالسي (259) و (273) ، والبخاري (4996) ، ومسلم (822) (275) و (277) ، والنسائي في "المجتبى" 2/174، وفي "الكبرى" (1076) ، وابن خزيمة (538) ، وأبو عوانة 2/161-162، والطبراني في "الكبير" (9864) ، من طرق، عن الأعمش، به. وأخرجه مختصراً مسلم (822) (279) من طريق حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن منصور، عن شقيق، عن عبد الله. وأخرجه مختصراً الطبراني في "الكبير" (9866) من طريق منصور، عن شقيق، به. وأخرجه بنحوه الطبراني (9861) و (9862) من طريق سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن شقيق، به. وأخرجه مختصرا ًالنسائي في "المجتبى" 2/175-176، وفي "الكبرى" (1078) من طريق إسرائيل، والفريابي في "فضائل القرآن" (125) ، من طريق يحيى بن قيس، والطبراني في "الكبير" (9859) من طريق شعبة، ثلاثتهم عن أبي حصين، عن يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن عبد الله. وسيأتي برقم (3910) و (3958) و (3968) و (3999) و (4062) و (4154) و (4350) و (4410) .

ولم يذكر في هذه الرواية ولا في الروايات الآتية السور التي كان يقرن بينها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ركعة. قال الحافظ في "الفتح" 2/259: سردها أبو إسحاق عن علقمة والأسود عن عبد الله، فيما أخرجه أبو داود [1396] متصلاً بالحديث بعد قوله: كان يقرأ النظائرَ السورتين في ركعة: الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والذاريات والطور في ركعة، والواقعة ونون في ركعة، وسأل والنازعات في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل أتى ولا أقسم في ركعة، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة، وإذا الشمس كورت والدخان في ركعة. ثم قال الحافظ: ويتبين بهذا أن في قوله في حديث الباب: عشرين سورة من المفصل تجوزا، لأن الدخان ليست منه، ولذلك فصلها من المفصل في رواية واصل (يعني الآتية برقم (4410)) ، نعم يصح ذلك على أحد الآراء في حد المفصل.  

قوله: "هذّاً" بفتح الهاء وتشديد الذال المعجمة: أي سرداً وإفراطاً في السرعة، وهو منصوب علي المصدر.   وقوله: "كهَذِّ الشعر"، قال الحافظ: قال ذلك لأن تلك الصفة كانت عادتهم في إنشاد الشعر. قال الخطابي في "معالم السنن" 1/283: وإنما عاب عليه ذلك، لأنه إذا أسرع القراءة ولم يرتلها، فاته فهم القرآن، وإدراك معانيه.   وقوله: "النظائر"، أي: السور المتماثلة في المعاني كالموعظة، أو الحكم، أو القصص، لا المتماثلة في عدد الآي. قاله الحافظ، وقال السندي: هي السور المتقاربة في الطول.    قوله: "إن من أحسن الصلاة الركوع والسجود": قال السندي: أي صلاة ذات ركوع كثير، ويحتمل أن المراد من أحسن أجزاء الصلاة الركوع والسجود، فيغي الإِكثار منهما.  قوله: "في تأليف عبد الله": يعني في ترتيبه، لأن ترتيب السور في مصحفه كان يغاير ترتيبها في مصحف عثمان. انظر "الفتح" 2/260 و9/38-43 و90.

 

وروى مسلم:

 

[ 822 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير جميعا عن وكيع قال أبو بكر حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي وائل قال جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله فقال يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف ألفا تجده أم ياء { من ماء غير آسن }  أو { من ماء غير ياسن } قال فقال عبد الله وكل القرآن قد أحصيت غير هذا قال إني لأقرأ المفصل في ركعة فقال عبد الله هذا كهذ الشعر إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع إن أفضل الصلاة الركوع والسجود إني لأعلم النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن سورتين في كل ركعة ثم قام عبد الله فدخل علقمة في إثره ثم خرج فقال قد أخبرني بها قال بن نمير في روايته جاء رجل من بني بجيلة إلى عبد الله ولم يقل نهيك بن سنان

 

قال الطبري:

 

{وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نزلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20)}

 

يقول تعالى ذكره: ويقول الذين صدّقوا الله ورسوله: هلا نزلت سورة من الله تأمرنا بجهاد أعداء الله من الكفار (فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ) يعني: أنها محكمة بالبيان والفرائض. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله (فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةٌ مُحْدَثَةٌ) .

 

{إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25)}

قال الطبري:

 

وقوله (الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ) يقول تعالى ذكره: الشيطان زين لهم ارتدادهم على أدبارهم، من بعد ما تبين لهم الهدى.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ) يقول: زين لهم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (سَوَّلَ لَهُمْ) يقول: زين لهم.

وقوله (وَأَمْلَى لَهُمْ) يقول: ومدّ الله لهم في آجالهم مُلاوة من الدهر، ومعنى الكلام: الشيطان سوّل لهم، والله أملى لهم.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والكوفة (وَأَمْلَى لَهُمْ) بفتح الألف منها بمعنى: وأملى الله لهم. وقرأ ذلك بعض أهل المدينة والبصرة (وَأُمْلِيَ لَهُمْ) على وجه ما لم يسمّ فاعله. وقرأ مجاهد فيما ذُكر عنه (وَأُمْلِي) بضم الألف وإرسال الياء على وجه الخبر من الله جلّ ثناؤه عن نفسه أنه يفعل ذلك بهم.

 

3 آل عمران

 

آل عمران2

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَاسْتَفْتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَ: «الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيَّامُ» . قَالَ هَارُونُ: هِيَ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ مَكْتُوبَةٌ: «الْحَيُّ الْقَيِّمُ»

 

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ قَرَأَهَا: «الْحَيُّ الْقَيَّامُ» . قَالَ: قُلْتُ: " أَأَنْتَ سَمِعْتَهَا مِنْهُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي "

 

وفي صحيح البخاري من كتاب التفسير له:

 

سُورَةُ نُوحٍ {إِنَّا أَرْسَلْنَا} {أَطْوَارًا} طَوْرًا كَذَا وَطَوْرًا كَذَا يُقَالُ عَدَا طَوْرَهُ أَيْ قَدْرَهُ وَالْكُبَّارُ أَشَدُّ مِنْ الْكِبَارِ وَكَذَلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ لِأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً وَكُبَّارٌ الْكَبِيرُ وَكُبَارًا أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ وَالْعَرَبُ تَقُولُ رَجُلٌ حُسَّانٌ وَجُمَّالٌ وَحُسَانٌ مُخَفَّفٌ وَجُمَالٌ مُخَفَّفٌ {دَيَّارًا} مِنْ دَوْرٍ وَلَكِنَّهُ فَيْعَالٌ مِنْ الدَّوَرَانِ كَمَا قَرَأَ عُمَرُ الْحَيُّ الْقَيَّامُ وَهِيَ مِنْ قُمْتُ

 

وفي كتاب التوحيد من صحيحه:

 

7442 - حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ وَبِكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُسٍ قَيَّامُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ {الْقَيُّومُ} الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَقَرَأَ عُمَرُ الْقَيَّامُ وَكِلَاهُمَا مَدْحٌ

 

 

وهذه القراءة في كتاب المصاحف للسجستاني كذلك، وهي من الأدلة على اختلاف مصحف عمر وجمعه عن ما قامت به لجنة عثمان.

 

آل  عمران 97

 

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقْرَأُ {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} [آل عمران: 97] , ثُمَّ قَالَ: «لَا،» فِيهِ آيَةٌ بَيِّنَةٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ «، وَهُوَ هَذَا الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ»

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ وَضَّاحٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: «فِيهِ آيَةٌ بَيِّنَةٌ»

 

وهذه في معاني القرآن للفراء وتفسير الطبري والبحر المحيط وغرائب القرآن والقراآت الشاذة وتفسير مجاهد

 

4 النساء

 

{....وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} النساء12

 

هذه الآية بهذه الصيغة غير واضحة من جهة معنى التشريع، لأن الكلالة هو الذي ليس له أقارب يستحقون الميراث الشرعيّ فكيف يقال أن له إخوة على العموم، وتوضحها قراآت الصحابة التي اضطر المفسرون للاستعانة بها لأجل ذلك كما نرى في كل كتب التفسير الكبيرة الأمهات كابن كثير والطبري وغيرهما أن المقصد إخوة من جهة أمه غير أشقاء.

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ قَانِفٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقْرَأُ: «وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌّ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمِّهِ»

وفي بعض كتب التفسير أنه قرأها {من أم} وقرأ أبي بن كعب {من الأم} انظر الطبري ونكت الانتصار والنشر والبحر المحيط

 

{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}

 

هذه الآية كان يقرؤها ابن عباس على نصها الأصليّ، ويرى البعض أنها تختص بتشريع زواج المتعة الذي يرى السنة أن محمدًا حرّمه بعد ذلك، ويبيحه الشيعة، روى عبد الرزاق في المصنف:

 

14022 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عطاء أنه سمع بن عباس يراها الآن حلالا وأخبرني أنه كان يقرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل فآتوهن أجورهن وقال بن عباس في حرف إلى أجل قال عطاء وأخبرني من شئت عن أبي سعيد الخدري قال لقد كان أحدنا يستمتع بملء القدح سويقا وقال صفوان هذا ابن عباس يفتي بالزنى فقال ابن عباس إني لا أفتي بالزنى أفنسي صفوان أم أراكة فوالله إن ابنها لمن ذلك أفزنا هو قال واستمتع بها رجل من بني جمح

 

وروى الحاكم في المستدرك:

 

3192 - أخبرنا أبو زكريا العنبري ثنا محمد بن عبد السلام ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ النضر بن شميل أنبأ شعبة ثنا أبو سلمة قال : سمعت أبا نضرة يقول  قرأت على ابن عباس رضي الله عنهما {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} قال ابن عباس : فما استمعتم به منهن إلى أجل مسمى قال أبو نضرة : فقلت ما نقرأها كذلك فقال ابن عباس : والله لأنزلها الله كذلك

 هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه

قال الذهبي: على شرط مسلم

 وهي في المصاحف لابي أبي داوود السجستاني والبحر المحيط وتفسير الطبري وتلخيص الذهبي2/ 305

 

{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَنَا كَتَبْتُهَا عَلَيْكَ»

 

ووردت في نكت الانتصار وفيها "عليكم" وفي مصحف ابن مسعود "وأنا قضيتها عليك"، وفي البحر المحيط أن ابن عباس قرأها مثله وروى أبو عمرو أنها في مصحف ابن مسعود "وأنا كتبتها".

 

{إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقْرَأُ: «إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَوْثَانًا»

 

وتوجد عدة قراآت لهذه الكلمة أوردها ابن حيان في البحر المحيط ومعجم القراآت: أوثانًا، أنثى، أُنُثًا، وَثَنًا،وُثُنًا، أُنْثًا، وُثْنًا! وانظر معاني القرآن للفراء وعلل الحديث2/ 79 وتفسير الطبري وتفسير مجاهد والقراآت الشاذة

 

65 الطلاق

 

 في الآية 1 قرأ ابن عباس (في قبل عدتهن) بدلا من (لعدتهن)، قال الطبري:

 

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا أيوب، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، قال: كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل فقال: إنه طلق امرأته ثلاثًا، فسكت حتى ظننا أنه رادّها عليه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة، ثم يقول: يا ابن عباس يا ابن عباس، وإن الله عزّ وجلّ قال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) وإنك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجًا، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، قال الله: (يا أَيُّهَا الْنَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ الْنِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهنَّ) .

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت مجاهدًا يحدّث عن ابن عباس في هذه الآية: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) قال ابن عباس: في قبل عدتهنّ.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أُمية، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، أنه قرأ (فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهنَّ) .

 

وروى أحمد:

 

5269- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ}.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير- وهو محمد بن مسلم بن تدرس - فقد روى له البخاري مقروناً، ومسلم احتجاجاً، وقد صرح بالتحديث، هو وابن جريج، فانتفت شبهة تدليسهما. ابنُ جُريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وسيأتي تخريجه عند الرواية المطولة (5524) .

ومعنى في قُبُل عِدتهن، أي: في إقباله وأوله حين يُمكنها الدخولُ في العدة والشروعُ فيها، فتكون لها محسوبة، وذلك في حالة الطهر، يقال: كان ذلك في قُبُل الشتاء، أي: إقباله، قاله ابن الأثير في "النهاية".

 

6246 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: 1] " فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ ".

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير- وهو محمدُ بنُ مسلم بن تدرس- فهو من رجال مسلم، وروى له البخاري مقروناً، وقد صرًح بالتحديث هو وابن جُريج، فانتفت شبهة تدليسهما. عبدُالرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وابن جُريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وأخرجه مسلم مطولًا (1471) (14) ، والنسائي 6/139 من طريق حجاج بن محمد، بهذا الِإسناد.

وهو عند عبد الرزاق (10960) .

وقد سلف برقم (5269) ، ومطولاً برقم (5524) .

 

وروى مسلم:

 

[ 1471 ] وحدثني هارون بن عبد الله حدثنا حجاج بن محمد قال قال بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة يسأل بن عمر وأبو الزبير يسمع ذلك كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا فقال طلق بن عمر امرأته وهى حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهى حائض فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعها فردها وقال إذا طهرت فليطلق أو ليمسك قال بن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن }  في قبل عدتهن

 

هذه قراءة مروية عن محمد نفسه تخالفها نسخة عثمان الرسمية.

 

33 الأحزاب

 

روى أحمد بن حنبل:

 

(21206) 21525- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ، حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : كَمْ تَقْرَؤُونَ سُورَةَ الأَحْزَابِ ؟ قَالَ : بِضْعًا وَسَبْعِينَ آيَةً . قَالَ : لَقَدْ قَرَأْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ الْبَقَرَةِ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا ، وَإِنَّ فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ.

 

لا يشير أبي إلى أي حذف أو نسخ للتلاوة بأمر محمد، مما قد يشير إلى أنها مما لم تجمعه لجنة عثمان وتضمه للقرآن.

 

روى البيهقي في السنن الكبرى:

 

13197 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنبأ أبو منصور النضروي ثنا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ثنا سفيان عن عمرو عن بجالة أو غيره قال: مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بغلام وهو يقرأ في المصحف النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم فقال يا غلام حكها قال هذا مصحف أبي فذهب إليه فسأله فقال إنه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق

 

لا يوجد في مصحف عثمان جملة (وهو أبٌ لهم).

 

24 النور

 

{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ: (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ لَهُنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قَالَ: كَذَلِكَ قَرَأَهَا

 

5 المائدة

 

جاء في تفسير ابن كثير: وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الْأُخْرَى، وَهِيَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: {وَأَرْجُلِكُمْ} بِالْخَفْضِ. فَقَدِ احْتَجَّ بِهَا الشِّيعَةُ فِي قَوْلِهِمْ بِوُجُوبِ مَسْحِ الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ. وَقَدْ رُوي عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ مَا يُوهِمُ الْقَوْلَ بِالْمَسْحِ، فَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ:

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا حُمَيْد قَالَ: قَالَ مُوسَى بْنُ أَنَسٍ لِأَنَسٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّ الْحَجَّاجَ خَطَبَنا بِالْأَهْوَازِ وَنَحْنُ مَعَهُ، فَذَكَرَ الطَّهُورَ فَقَالَ: اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ، وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ، وَأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ ابْنِ آدَمَ أَقْرَبَ مِنْ خَبَثِهِ مِنْ قَدَمَيْهِ، فَاغْسِلُوا بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا عَرَاقيبهما (6) فَقَالَ أَنَسٌ: صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ الْحَجَّاجُ، قَالَ اللَّهُ [تَعَالَى] (7) {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} قَالَ: وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا مَسَحَ قَدَمَيْهِ بَلَّهما (8) إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَيْهِ.

 

.... ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ:

قَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَمِيرَيِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ (5) فِي وُضُوئِهِ، إِمَّا مَرَّةً، وَإِمَّا مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، عَلَى اخْتِلَافِ رِوَايَاتِهِمْ.

وَفِي حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "هَذَا وُضُوء لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ ".

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانة، عَنْ أَبِي بِشْر، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَك، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّف عَنَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فأدرَكَنا وَقَدْ أرْهَقَتْنَا الصلاةُ، صلاةُ الْعَصْرِ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: "أسبِغوا الْوُضُوءَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ". (6)

وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (7) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ". (8)

وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ حَيْوة بْنِ شُرَيْح، عَنْ عُقْبة بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ (9) أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "وَيْلٌ للأعْقَاب وبُطون الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ (10) وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.

__________

(6) صحيح البخاري برقم (60) وصحيح مسلم برقم (241) .

(7) صحيح البخاري رقم (165) وصحيح مسلم برقم (242) .

(8) صحيح مسلم برقم (240) .

 

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شعبة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ أَبِي كَرْبٍ -أَوْ شُعَيْبَ بْنَ أَبِي كَرْبٍ (1) -قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ (2) -يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ". (3)

وَحَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَخْبَرْنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي كَرْبٍ (4) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِجْل رَجُل مِنَّا مثْل الدِّرْهَمِ لَمْ يَغْسِلْهُ، فَقَالَ: "وَيْلٌ للعَقِبِ مِنَ النَّارِ".

وَرَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي شيبة، عَنِ الأحْوص (5) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ، بِهِ نَحْوَهُ (6) وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي كَرْبٍ (7) عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ. ثُمَّ قَالَ:

حَدَّثَنَا (8) عَلِيُّ (9) بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ، لَمْ يُصِبْ أعْقابهم الماءُ، فَقَالَ: "وَيْلٌ للعَراقِيبِ مِنَ النَّارِ". (10)

__________

 (3) المسند (3/369) .

 (6) المسند (3/390) وسنن ابن ماجة برقم (454) وقال البوصيري في الزوائد (1/182) : "هذا إسناد رجاله ثقات".

 (10) تفسير الطبري (10/71)

 

...وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ظَاهِرَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْض الرِّجْلَيْنِ مَسْحهما، أَوْ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِمَا لَمَا توَعّد عَلَى تَرْكِهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الرِّجْلِ، بَلْ يَجْرِي (3) فِيهِ مَا يَجْرِي (4) فِي مَسْحِ الْخُفِّ، وَهَكَذَا وَجْهُ (5) الدَّلَالَةِ عَلَى الشِّيعَةِ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؛ أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ (6) فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ". (7)

 

(7) صحيح مسلم برقم (243) .

 

لكن العجيب والمتناقض رغم هذه الأحاديث أن السنة رغم ذلك_على عكس الشيعة_عندهم جواز المسح على الخفين أو النعلين في حال السفر أو البرد أو المرض، لعلهم لم يلفقوا الأحاديث عن ذلك وأنه تناقض أصيل من تعاليم وأفعل محمد نفسه، يقول ابن كثير:

 

....وَلَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ آمِرًا بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ -كَمَا فِي قِرَاءَةِ النَّصْبِ، وَكَمَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي حَمْلِ قِرَاءَةِ الْخَفْضِ عَلَيْهَا-تَوَهَّمَ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِرُخْصَةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلَكِنْ لَمْ يَصِحَّ إِسْنَادُهُ، ثُمَّ الثَّابِتُ عَنْهُ خِلَافُهُ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوهُ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلاثة، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الجَزَري، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلي قَالَ: أَنَا أَسْلَمْتُ بَعْدَ نُزُولِ (4) الْمَائِدَةِ، وَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ بَعْدَمَا أَسْلَمْتُ. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. (5)

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّام قَالَ: بَالَ جَرِيرٌ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقِيلَ: تَفْعَلُ هَذَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. قَالَ الْأَعْمَشُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ. لَفْظُ مُسْلِمٍ. (6)

وَقَدْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْرُوعِيَّةُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَوْلًا مِنْهُ وَفِعْلًا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كِتَابِ "الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ"، وَمَا (7) يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِهِ هُنَاكَ، مِنْ تَأْقِيتِ الْمَسْحِ أَوْ عَدَمِهِ أَوِ التَّفْصِيلِ فِيهِ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَدْ خَالَفَتِ الرَّوَافِضُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِلَا مُسْتَنَدٍ، بَلْ بِجَهْلٍ وَضَلَالٍ...إلخ

__________

 (2) المسند (4/8) وسنن أبي داود برقم (160) وتفسير الطبري (10/76) .

 (5) المسند (4/363)

(6) صحيح البخاري برقم (387) وصحيح مسلم برقم (272) .

 

 

{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)}

 

في فضائل القرآن: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «بَلْ يَدَاهُ بُسْطَانِ»

 

وهي في المصاحف للسجستاني ومعاني القرآن للفراء والقراآت الشاذة والبحر المحيط، ووردت كذلك منسوبة له: بسطتان، أو بسيطتان.

 

{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)}

في فضائل القرآن: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَحُدِّثْتُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ نُصَيْرٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّلْتُ، عَنْ حَامِيَةَ بْنِ رِئَابٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَلْمَانَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} [المائدة: 82] فَقَالَ: دَعِ الْقِسِّيسِينَ فِي الصَّوَامِعِ وَالْخِرَبِ، أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ صِدِّيقِينَ وَرُهْبَانًا»

 

وعند الطبراني في الكبير ج6: 6175 - حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا يحيى الحماني ثنا نصير بن زياد الطائي عن الصلت الدهان عن حامية بن رباب قال: سمعت سلمان وسئل عن قوله ( ذلك بأن منهم قسيسن ورهبانا ) قال : الرهبان الذين في الصوامع قال سلمان : نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ذلك بأن منهم صديقين ورهبانا )

 

وهي في المصاحف لابن أبي داوود السجستاني ونوادر الأصول ومرقاة الوصول.

 

{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)}

 

روى عبد الرزاق في المصنف:

 

16104 - عبد الرزاق عن بن عيينة عن بن أبي نجيح قال جاء رجل إلى طاووس فسأله عن صيام ثلاث أيام في كفارة اليمين قال صم كيف شئت فقال له مجاهد يا أبا عبد الرحمن فإنها في قراءة بن مسعود متتابعات قال فأخبر الرجل

 

وفي الموطأ برواية يحيى الليثي:

 

675 - وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي أنه أخبره قال: كنت مع مجاهد وهو يطوف بالبيت فجاءه إنسان فسأله عن صيام أيام الكفارة أمتتابعات أم يقطعها قال حميد فقلت له نعم يقطعها إن شاء قال مجاهد لا يقطعها فإنها في قراءة أبي بن كعب ثلاثة أيام متتابعات قال مالك وأحب إلي أن يكون ما سمى الله في القرآن يصام متتابعا ...إلخ

 

وفي رواية الزهري للموطأ:

 

804 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أطُوفُ مَعَ مُجَاهِدٍ المكي، فَجَاءَهُ إِنْسَانٌ يسَأَلَهُ عَنْ صِيَامِ الْكَفَّارَةِ , أَيتَابِعَ؟ قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ: لا، فضرب مجاهد في صدري ثم قَالَ: إِنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مُتَتَابِعَاتٍ.

 

وأخرج ابن المنذر والدارقطني والبيهقي في سننه عن عائشة نزلت {فعدة من أيام أخر متتابعات} فسقطت متتابعات

 

{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)}

 

هنا رواية عجيبة جدًّا تنسب لعثمان أنه كان قد كتب في المصحف الأصلي شيئًا مختلفًا، في فضائل القرآن:

 

حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، عَنْ بَقِيَّةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، أَنَّ عُثْمَانَ، كَتَبَ فِي آخِرِ الْمَائِدَةِ: «لِلَّهِ مَلَكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ سُمَيْعٌ بَصِيرٌ» ، وَكَتَبَ: «وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا»

 

وهناك أخبار أصح تدل على اختلاف مصحفه عما بأيدينا اليوم، وكذلك اختلاف مصاحف الأمصار دليل كبير.

 

أود الإشارة إلى أني ذكرت أمثلة فقط هنا، وإلا لصرت بصدد تأليف كتاب مستقل عن الموضوع أكرر فيه ما ورد بكتب القراآت والتفسير بلا داعٍ، وهذه قائمة مراجع للراغبين في الاستزادة:

 

صورة لمكتبتي الخاصة بعلم القراآت ومرسوم المصاحف

 


ومنار الهدى في بيان الوقف والابتدا

 

 

مكتبتي في نقد الإسلام بها مئات الكتب بالعربية والإنجليزية والفارسية والجرمانية، وكذلك مكتبتي للإلحاد --العقلانية وقسم تراث الإلحاد، والعلمانية والتنوير والعلوم والتطور البيولوجي وعلم النفس التطوري، مكتبة بها آلاف الكتب، أتمنى أن أتيحها على النت للناس من كل اللغات يومًا ما.

 

 

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.