25 مما أحدثه المسلمون في دينهم ولم يكن فيه أو تركوه

مما جعله وابتدعه المسلمون في دينهم أو تركوه أو غيَّروه وكان من دينهم

 

محمد كان يرفض تلقيبه بسيدنا على عكس عادة المسلمين الثابتة عندهم، وكان ينهى عنها بشدة

 

روى أحمد بن حنبل في المسند:

 

16307 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَنْتَ سَيِّدُ قُرَيْشٍ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " السَّيِّدُ اللهُ "، قَالَ: أَنْتَ أَفْضَلُهَا فِيهَا قَوْلًا وَأَعْظَمُهَا فِيهَا طَوْلًا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيَقُلْ أَحَدُكُمْ بِقَوْلِهِ، وَلَا يَسْتَجِرُّهُ الشَّيْطَانُ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (211) ، وأبو داود (4806) ، والنسائي في "الكبرى، (10076) - وهو في "عمل اليوم والليلة" (247) - وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1484) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص22 من طريق أبي نضرة، عن مُطَرِّف، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 5/318 من طريق أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، قال: وَفَدَ أبي.. فذكره نحوه. ورواه أحمد برقم (16311) و (16316) .

 

16311 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا: أَنْتَ وَلِيُّنَا، وَأَنْتَ سَيِّدُنَا، وَأَنْتَ أَطْوَلُ عَلَيْنَا، قَالَ يُونُسُ: وَأَنْتَ أَطْوَلُ لَنَا عَلَيْنَا طَوْلًا، وَأَنْتَ أَفْضَلُنَا عَلَيْنَا فَضْلًا، وَأَنْتَ الْجَفْنَةُ الْغَرَّاءُ ، فَقَالَ: " قُولُوا قَوْلَكُمْ، وَلَا يَسْتَجِرَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ "، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ: " وَلَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن صحابيه لم يخرج له سوى مسلم، وسويد بن عمرو: وهو الكلبي من رجال مسلم، ولكنه توبع. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد العنبري، ومهدي: هو ابن ميمون الأزدي، وغيلان: هو ابن جرير الأزدي المِعْوَلي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10075) - وهو في "عمل اليوم والليلة" (246) - وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1482) من طريقين عن مهدي بن ميمون، بهذا الإسناد.

 

قال السندي: قوله: "السيد الله": أشار إلى أن اسم السيد يطلق على المالك، وهذه الصفة حقيقة لله تعالى، ففي إطلاقه إيهام تركه أَوْلى. نعم، قد يطلق على معانِ يصح بها إطلاقه على غيره تعالى أيضاً، لكن تركه أقرب، سيما إذا كان فيه خوف الافتخار.

 

 

 

 

وقال الحَلِيمي في تفسير "السيد" من كتابه "المنهاج في شعب الإيمان" 1/192: ومعناه المحتاجُ إليه على الإطلاقِ، فإن سيدَ الناسِ هو رأسُهم الذي إليه يرجِعُونَ، وبأمره يعملُون، وعن رأيه يصدرون، ومن قوته يستمدون، فإذا كانت الملائكة والإنسُ والجن خلقاً للباري جَلَّ ثناؤه ولم يكن بهم غُنيةٌ عنه

 

وقوله في الحديث الآخر: وأنت الجَفْنة الغَرَّاء: قال ابن الأثير في "النهاية": كانت العرب تدعو السيد المطْعام جَفْنة، لأنه يضعها ويُطْعم الناس فيها فسمي باسمها، والغراء: البيضاء: أي أنها مملوءة بالشَّحْم والدُّهْن.

 

12551 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا، وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ، لَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللهُ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. وسيتكرر برقم (13530). وأخرجه الضياء في "المختارة" (1627) من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد بن حميد (1309) ، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/11، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (248) و (249) ، وابن حبان (6240) ، والبيهقي في "الدلائل" 5/498، والضياء (1626) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وقرن النسائي في روايته الأولى بثابت حميداً، واقتصر البخاري على المرفوع دون القصة. وسيأتي برقم (13529) عن مؤمل بن إسماعيل، وبرقم (13530) و (13597) عن عفان، كلاهما عن حماد، به. وانظر ما سيأتي برقم (12826). وفي الباب عن عمر سلف برقم (164). وعن عبد الله بن الشخير، سيأتي 4/24

وقوله: "لا يستهوينكم" كقوله تعالى: (كالذي اسْتهوتْه الشياطينُ) [الأنعام: 71] : أي: ذهبت بهواه أو عقله.

 

وقال ابن سعد في الطبقات الكبير ج1/ وفادات العرب على رسول الله/ وفد عامر بن صعصعة:

 

.... وكان فِي ذَلِكَ الوفد عَبْد اللَّه الشخير أَبُو مطرف فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ أَنْتَ سَيِّدُنَا وَذُو الطَّوْلِ علينا. فَقَالَ: السيد اللَّه لا يستهوينكم الشيطان

 

وبلفظ آخر رواه ابن سعد في ج7/ 2854- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الشِّخِّيرِ:

 

قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: حدثنا أبو بكر ابن ثُمَامَةَ بْنِ النُّعْمَانِ الرَّاسِبِيُّ عَنْ أَبِي الْعَلاءِ يَزِيدَ قَالَ: وَفَدَ أَبِي فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ أَنْتَ سَيِّدُنَا وَذُو الطَّوْلِ عَلَيْنَا. قَالَ: مَهْ مَهْ. قُولُوا بِقَوْلِكُمْ وَلا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ. السَّيِّدُ اللَّهُ. السَّيِّدُ اللَّهُ. السَّيِّدُ اللَّهُ.

 

وروى أحمد:

164 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . ورواه أحمد برقم (391) والبخاري 6830 مطولًا في خطبة عمر.

 

 ورواه البخاري:

 

3445 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ

 

قراءة القرآن عند مقابر الموتى وعلى الأموات بدعوى وصول ثوابها للميت بدعة

 

{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)} النجم

 

قال ابن كثير في تفسيره:

 

ثُمَّ شَرَعَ تَعَالَى يُبَيِّنُ مَا كَانَ أَوْحَاهُ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى فَقَالَ: {أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أَيْ: كُلُّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ نَفْسَهَا بِكُفْرٍ أَوْ شَيْءٍ مِنَ الذُّنُوبِ فَإِنَّمَا عَلَيْهَا وِزْرُهَا، لَا يَحْمِلُهُ عَنْهَا أَحَدٌ، كَمَا قَالَ: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [فَاطِرٍ: 18] ، {وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} أَيْ: كَمَا لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ وِزْرُ غَيْرِهِ، كَذَلِكَ لَا يُحَصِّلُ مِنَ الْأَجْرِ إلا ما كسب هو لنفسه. ومن وهذه الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ اسْتَنْبَطَ الشَّافِعِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ اتَّبَعَهُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا يَصِلُ إِهْدَاءُ ثَوَابِهَا إِلَى الْمَوْتَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهِمْ وَلَا كَسْبِهِمْ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَنْدُبْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ وَلَا حَثَّهُمْ عَلَيْهِ، وَلَا أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ بِنَصٍّ وَلَا إِيمَاءٍ، وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلَوْ كَانَ خَيْرًا لَسَبَقُونَا إِلَيْهِ، وَبَابُ الْقُرُبَاتِ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى النُّصُوصِ، وَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِأَنْوَاعِ الْأَقْيِسَةِ وَالْآرَاءِ، فَأَمَّا الدُّعَاءُ وَالصَّدَقَةُ فَذَاكَ مُجْمَعٌ عَلَى وُصُولِهِمَا، وَمَنْصُوصٌ مِنَ الشَّارِعِ عَلَيْهِمَا.

وَأَمَّا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: مِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ، أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ مِنْ بَعْدِهِ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ"، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ مِنْ سَعْيِهِ وَكَدِّهِ وَعَمَلِهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ". وَالصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ كَالْوَقْفِ وَنَحْوِهِ هِيَ مِنْ آثَارِ عَمَلِهِ وَوَقْفِهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُم} الْآيَةَ [يس: 12] . وَالْعِلْمُ الَّذِي نَشَرَهُ فِي النَّاسِ فَاقْتَدَى بِهِ النَّاسُ بَعْدَهُ هُوَ أَيْضًا مِنْ سَعْيِهِ وَعَمَلِهِ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: "مَنْ دَعَا إِلَى هَدْيٍ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا".

وَقَوْلُهُ: {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ...إلخ

 

هذا نموذج لملمح من ملامح وممارسات الإسلام التي أدخلوها فيه كبشر يحتاجون العزاآت والمطمئنات الوهمية، يمارس في معظم أو كل الدول الإسلامية على حد علمي بشكلٍ أو آخر، في مصر يوجد ناس يتعيَّشون ويرتزقون من المعيشة داخل المقابر ببيوت حولها مقابل قراءة القرآن للزوّار المتردّدين أو الآتين لحضور دفن حديث بالنسبة لحفظة القرآن من أردأ الحفّاظ قراءةً ونحوًا غالبًا وللعناية بالقبر على أيدي بعض الرجال أو النساء الشعبيات...إلخ و(كله أكل عيش) من خلال هراء كهذا كالاعتناء بما لا يحتاج لعناية بعد الآن، لا أدري إن كان هناك أشياء كهذه في دول أكثر تقدمًا وازدهارًا ورخاءً كتركيا وماليزيا وغيرها، لكن أقل درجة من الممارسة ستكون قراءة الزوَّار أنفسهم لشيء ما كسورة الفاتحة أو يس حسب البدعة السائدة، وهي مما لم يقم به محمد من الشعائر أو الليتورجيات أساسًا. وانظر الأحاديث الملفقة عن قراءة سورة يس في أول تفسيرها عند ابن كثير وغيره. وهذه ممارسة يمارسونها لطمأنة نفوسهم المعتلة المضطربة بسبب تخويفات الدين وتصديق لهراء كهذا، وهو من باب موضوع تخدير الضمائر الدينية المتهوسة المعتلة كما عرضت بباب التشريعات والتعاليم الشاذة والباطلة.

 

وروى أحمد:

 

16969 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنِي الْمَشْيَخَةُ، أَنَّهُمْ حَضَرُوا غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ الثُّمَالِيَّ، حِينَ اشْتَدَّ سَوْقُهُ، فَقَالَ: " هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَقْرَأُ يس ؟ " قَالَ: فَقَرَأَهَا صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ السَّكُونِيُّ، فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ مِنْهَا قُبِضَ، قَالَ: وَكَانَ الْمَشْيَخَةُ يَقُولُونَ: إِذَا قُرِئَتْ عِنْدَ الْمَيِّتِ خُفِّفَ عَنْهُ بِهَا قَالَ صَفْوَانُ: " وَقَرَأَهَا عِيسَى بْنُ الْمُعْتَمِرِ عِنْدَ ابْنِ مَعْبَدٍ"

 

أثر إسناده حسن، وإبهامُ المشيخة لا يضر، كما بينا في رواية أبي سعيد الخدري السالفة برقم (11737) . وحسَّن إسناده الحافظ في "الإصابة" (ترجمة غُضَيف) ، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح غير غُضَيف فروايته عند أصحاب السنن ما عدا الترمذي. وصالح بن شُرَيح السكوني أحد رجال المشيخة روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، لكن قال أبو زرعة- كما في "الجرح والتعديل" 4/405-: مجهول، ولم يحك فيه البخاري جرحاً ولا تعديلاً. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وصفوان: هو ابن عمرو السكسكي. وأخرجه ابن سعد 7/443 عن أبي اليمان، عن صفوان، بهذا الإسناد. وفي الباب عن معقل بن يسار مرفوعاً، سيرد 5/26 بلفظ: "اقرؤوها على موتاكم " يعني يس. وإسناده ضعيف، وسنبين حاله هناك. ونقل الحافظ في "التلخيص" 2/104 عن الدارقطني أنه لا يصح في الباب حديث

 

وقد لفقوا أحاديث منسوبة على نحو أكثر صراحة إلى محمد بأسانيد لناس ملفِّقين ممن يسمونهم بالضعفاء، فروى أحمد:

 

×20300 - حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْبَقَرَةُ سَنَامُ الْقُرْآنِ وَذُرْوَتُهُ، نَزَلَ مَعَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ثَمَانُونَ مَلَكًا، وَاسْتُخْرِجَتْ {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، فَوُصِلَتْ بِهَا، أَوْ فَوُصِلَتْ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَيس قَلْبُ الْقُرْآنِ، لَا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللهَ والدَّارَ الْآخِرَةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ، وَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ ".

 

إسناده ضعيف لجهالة أبي عثمان وأبيه. ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/104 عن ابن القطان أنه أعلَّه، ونقل عن أبي بكر بن العربي عن الدارقطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإسناد، مجهول المتن، ولا يصح في الباب حديث.

وأخرجه الطبراني 20/ (510) ، والحاكم 1/565 من طريق عارم محمد بن الفضل، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (931) ، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 252-253، وابن أبي شيبة 3/237، وأبو داود (3121) ، وابن ماجه (1448) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (1074) ، وابن حبان (3002) ، والبيهقي 3/383، والبغوي (1464) من طرق عن عبد الله بن المبارك، به- ولم يسمَّ الطيالسي أبا عثمان، وإنما قال: عن رجل عن أبيه، وبعضهم لم يقل فيه: عن أبيه.

وسيأتي برقم (20314) .

وانظر ما سلف في مسند غضيف بن الحارث برقم (16969) .

 

بدعة عمر بن الخطاب في تغيير مكان ما يسمونه زعمًا بمقام إبراهيم

 

قال ابن كثير في تفسير سورة البقرة: 125

 

...وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: رَأَيْتُ الْمَقَامَ فِيهِ أَثَرُ أَصَابِعِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وإخْمَص قَدَمَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ أَذْهَبَهُ مَسْحُ النَّاسِ بِأَيْدِيهِمْ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيع، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} إِنَّمَا أُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا عِنْدَهُ وَلَمْ يُؤَمَرُوا بِمَسْحِهِ. وَلَقَدْ تَكَلَّفَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ شَيْئًا مَا تَكَلَّفَتْهُ الْأُمَمُ قَبْلَهَا، وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا مَنْ رَأَى أَثَرَ عَقِبِه وَأَصَابِعِهِ فِيهِ فَمَا زَالَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ يَمْسَحُونَهُ حَتَّى اخْلَوْلَقَ وَانْمَحَى.

قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ الْمَقَامُ مُلْصَقًا بِجِدَارِ الْكَعْبَةِ قَدِيمًا، وَمَكَانُهُ مَعْرُوفٌ الْيَوْمَ إِلَى جَانِبِ الْبَابِ مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ يُمْنَةَ الدَّاخِلِ مِنَ الْبَابِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُسْتَقِلَّةِ هُنَاكَ، وَكَانَ الْخَلِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ وَضَعَهُ إِلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ أَوْ أَنَّهُ انْتَهَى عِنْدَهُ الْبِنَاءُ فَتَرَكَهُ هُنَاكَ؛ وَلِهَذَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-أُمِرَ بِالصَّلَاةِ هُنَاكَ عِنْدَ فَرَاغِ الطَّوَافِ، وَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ حَيْثُ انْتَهَى بِنَاءُ الْكَعْبَةِ فِيهِ، وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ عَنْ جِدَارِ الْكَعْبَةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [وَهُوَ] أحدُ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، الَّذِينَ أُمِرْنا بِاتِّبَاعِهِمْ، وَهُوَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ فِيهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْتَدَوْا باللَّذَين مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ". وَهُوَ الذِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِوِفَاقِهِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَهُ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

 

قَالَ عبد الرزاق في مصنفه:

 

 8955 - عبد الرزاق عن بن جريج قال سمعت عطاء وغيره من أصحابنا يزعمون أن عمر أول من رفع المقام فوضعه موضعه الآن وإنما كان في قبل الكعبة

 

8953 - عبد الرزاق عن معمر عن حميد عن مجاهد قال كان المقام إلى جنب البيت وكانوا يخافون عليه غلبة السيول وكانوا يطوفون خلفه فقال عمر للمطلب بن أبي وداعة السهمي هل تدري أين يكون موضعه الأول قال نعم قدرت ما بينه وبين الحجر الأسود وما بينه وبين الباب وما بينه وبين زمزم وما بينه وبين الركن عند الحجر قال فأين مقداره قال عندي قال تأتي بمقداره فجاء بمقداره فوضعه موضعه الآن

 

8956 - عبد الرزاق عن بن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر وعمرو بن عبد الله بن صفوان وغيرهما أن عمر قدم فنزل في دار بن سباع فقال يا ابا عبد الرحمن لعبدالله بن السائب فأمره أن يجعل المقام في موضعه الآن قال وكان عمر اشتكى رأسه فقال يا أبا عبد الرحمن صل بالناس المغرب قال فصليت وراءه وكنت أول من صلى وراءه حين وضع ثم قال فأحسست عمر وقد صليت ركعة فصلى ورائي ما بقي

 

8958 - أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري عن نسير بن ذعلوق أن بن الزبير رأى الناس يمسحون المقام فنهاهم وقال إنكم لم تؤمروا بالمسح وقال إنما أمرتم بالصلاة

 

ومن بدع هوسهم شبه الوثنية مسح المقام والحجر الأسود، حتى انمحى بعض رسم الأصابع في المقام، ويُعتقد أن المقام كان موضع رجلي تمثال صنم ضخم ولعل الوثنيين قبل محمد ادعى كهنتهم أنه أثر قدمي إله ما لهم، وتحطم الحجر من كثرة مسه وتقبيله، خصوصًا مع سرقة القرامطة له لسنين حيث كانوا بنوا كعبة في البحرين فيما يُزعَم ووضعوه فيها، حاليًّا للحفاظ على الأثرين الخرافيين تحافظ السعودية عليهما من لمس الناس. ومحمد هو من تابع التقاليد الوثنية في لمس وتقبيل الحجر الأسود كما حكت كتب الأحاديث.

 

بدعة الإعجاز العلمي

 

مما ابتدعه المسلمون خاصة في القرن العشرين بصورة أكمل وأوضح هو تحريف معاني نصوص القرآن بصورة عبثية تنطوي على مزيج من الاستهتار الحقيقي المضمر بنص القرآن ودين الإسلام، وكذلك الاستهتار والاستخفاف بعقول العوام لجهلهم بحيث يسوقونهم كيفما شاؤوا ويلعبون بعقولهم طالما هم لا يفكرون، وقد جمع من قبل ملفًا ضخمًا لمقالات الإخوة اللادينيين في تفنيد هذه الادّعاآت، التي أحيانًا يؤدي التأمل في معانيها الحقيقية للكشف عن أخطاء علمية وليس إعجازًا علميًّا، مثل ادعاء أن القرآن قال بالانفجار العظيم دون أن يشرحوا للناس تفاصيل ومعنى تلك النظرية وتناقضها التام مع القرآن الذي يقول أن الأرض والسماء كانت موجودة منذ لحظة الخلق الأولى، في حين أن العلم يقول أن عمر الكون 14, 5 مليار عام تقريبًا، في حين أن عمر الأرض 4, 5  مليار عام، وموازنة الكون كله بتعبير السماء مساواة مع كوكب الأرض الذرة المهملة الضئيلة بلا شك سخيف وساذج، ومثله تفسيرهم الإعجازي العاجز لآية {والشمس تجري لمستقر لها} فحقيقة النص ومعناه بالقول أن الأرض تتحرك على أرضٍ مسطحة هي تصور القرآن البدائي لكوكبنا تنفي أي علمية مزعومة له، وأحيانًا كما قلت يصل الأمر بوضوح_خاصة من أشخاص متمكّنين في كلٍ من اللغة العربية وعلوم الدين وأحد فروع العلم_إلى حد التلاعب بشكل مستهتر بالنص ومعناه بما قد يعتبره المرء عدم احترام حقيقيّ مضمَر وتكسُّبًا ببيع الأوهام للعاجزين والعديمي التفكير كتعويض لشعور بالدونية وتخلف الحضارة الشرقية وأحوال شعوبها، فمثلًا يقول زغلول النجار عن آية {فلا أقسم بمواقع النجوم} أنها معجزة على حد زعمه لأن الله رفض القسم بمواقعها المرئية لنا، لأن ما يصلنا هو ضوؤها بعد ملايين السنين من تحركها إلى موقع آخر، بحكم البعد الشاسع بيننا وبينها، وهذا تفسير رائع حقًّا، لكن فقط لو كان يتّسق مع تفسير كل الآيات التي ورد فيها تعبير (لا أقسم) هذا، ففي كل الحالات فسره المفسِّرون بمعنى النفي للإيجاب، أي: أُقسِم، كقول العامّة: مالك عليَّ يمين، ولنقرأ مثلًا من تفسير ابن كثير لسورة القيامة بآية شبيهة:

 

{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ الإنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلا لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)}

 

قَدْ تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مُنْتَفِيًا، جَازَ الْإِتْيَانُ بِلَا قَبْلَ الْقَسَمِ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ. وَالْمَقْسُومُ عَلَيْهِ هَاهُنَا هُوَ إِثْبَاتُ الْمِيعَادِ، وَالرَّدُّ عَلَى مَا يَزْعُمُهُ الْجَهَلَةُ مِنَ الْعِبَادِ مِنْ عَدَمِ بَعث الْأَجْسَادِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} قَالَ الْحَسَنُ: أَقْسَمَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يُقْسِمْ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بَلْ أَقْسَمَ بِهِمَا جَمِيعًا.

 

أما في الآية نفسها التي ذكرها زغلول النجار فقال ابن كثير (ومثله ونحوه باقي المفسرين):

 

قَالَ جُوَيبر، عَنِ الضَّحَّاكِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُقْسِمُ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَكِنَّهُ اسْتِفْتَاحٌ يَسْتَفْتِحُ بِهِ كَلَامَهُ.

وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ. وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ قَسَمٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يُقْسِمُ بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى عَظَمَتِهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: "لَا" هَاهُنَا زَائِدَةٌ، وَتَقْدِيرُهُ: أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر. وَيَكُونُ جَوَابُهُ: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} .

وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَتْ "لَا" زَائِدَةً لَا مَعْنًى لَهَا، بَلْ يُؤْتَى بِهَا فِي أَوَّلِ الْقَسَمِ إِذَا كَانَ مُقْسَمًا بِهِ عَلَى مَنْفِيٍّ، كَقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "لَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ" وَهَكَذَا هَاهُنَا تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: "لَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمْتُمْ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ سِحْرٌ أَوْ كِهَانَةٌ، بَلْ هُوَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ".

 

وهناك أمثلة أسوأ على استهتارهم بكل من القرآن والجمهور والعلم والمنهج العلمي بصورة أكثر افتضاحية، لكن لنترك القارئ الراغب في الاستزادة يطالع كتاب (تفنيد مزاعم الإعجاز العلمي) وهو مقالات مجموعة تغطِّي كل مزاعم هؤلاء تقريبًا علميًّا ولُغَويًّا.

 

ترك التسمِّي بأسماء الأنبياء الأسطوريين الإسرائيليين التي تسمى بها قدماؤهم وسلفهم

 

من الأسماء التي ترك مسلمو اليوم التسمي بها هو أحد أسماء النبي الخرافي (يعقوب)، وهو اسم إسرائيل وورد صريحًا كدلالة على يعقوب نفسه مرتين في القرآن:

 

{أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)} مريم

 

{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)} آل عمران

 

من أسماء قدمائهم التي ترد في أسماء الرواة في كتب أحاديث محمد: إسرائيل (اسم آخر ليعقوب)، و العيزار (تعريب أليعازر أو عزرا) وجريج (كتعرب لجرجس أو جرجوريُس أو جورج على اختلاف النطق)، واليَسَع (تعريب إليشع من أنبياء اليهود وخليفة إيليَّا (إلياس) ) حسب خرافات كتاب اليهود. وقد انقطعوا منذ زمن طويل عن أسماء كهذه، فتخيل أن يكون مسلم اسمه إسرائيل؟!

 

 

روى البخاري:


126 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الْكَعْبَةِ قُلْتُ قَالَتْ لِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَائِشَةُ لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ

 

527 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ أَخْبَرَنِي قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا قَالَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَالَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي

 

570 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ يَعْنِي ابْنَ غَيْلَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ رَقَدْنَا ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُبَالِي أَقَدَّمَهَا أَمْ أَخَّرَهَا إِذَا كَانَ لَا يَخْشَى أَنْ يَغْلِبَهُ النَّوْمُ عَنْ وَقْتِهَا وَكَانَ يَرْقُدُ قَبْلَهَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ


2482 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ قَالَ الرَّاعِي قَالُوا نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ

 

2069 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ ح حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ أَبُو الْيَسَعِ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعُ بُرٍّ وَلَا صَاعُ حَبٍّ وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ

 

وروى مسلم:

 

[ 1873 ] وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ح وحدثنا بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر كلاهما عن شعبة عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن عروة بن الجعد عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا ولم يذكر الأجر والمغنم

 

[ 85 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن الوليد بن العيزار عن سعد بن إياس أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال الصلاة لوقتها قال قلت ثم أي قال بر الوالدين قال قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله فما تركت أستزيده إلا إرعاء عليه

 

الظاهرة الجديدة لعوام مسلمي المصريين ولا أدري إن كانت هذه الظاهرة في باقي العالم العربي والإسلامي، خاصةً جهال المصريين وهم الأغلبية الساحقة وهم غلاة غالوا في التشدد والانغلاق والتطرف وكره الآخرين، هي كراهية التسمي بأسماء الأنبياء الإسرائيليين الخرافيين الوارد أسماؤهم في القرآن والذين تسمى بأسمائهم سلفهم، ولا يزال كثير من مشايخهم يحملون أسماءهم، كإسحاق ويعقوب، ككره للمسيحيين الذين يتشاركون معهم في تلك الأسماء وكانغلاق وحتى تزيد وتطرف أكثر من الإسلام الأصلي نفسه، على ما فيه من سوء كافٍ!

 

الصلاة والسلام لم يكونا مخصصين للأنبياء المزعومين فقط

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)} الأحزاب

 

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} البقرة

 

{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)} التوبة

 

وروى البخاري:

 

بَابُ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ وَقَوْلِهِ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}


1497 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى

 

ورواه مسلم:

 

باب الدعاء لمن أتى بصدقة

 

 [ 1078 ] حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم قال يحيى أخبرنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن أبي أوفى ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ واللفظ له حدثنا أبي عن شعبة عن عمرو وهو بن مرة حدثنا عبد الله بن أبي أوفى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صل عليهم فأتاه أبي أبو أوفى بصدقته فقال اللهم صل على آل أبي أوفى

 

 [ 1078 ] وحدثناه بن نمير حدثنا عبد الله بن إدريس عن شعبة بهذا الإسناد غير أنه قال صل عليهم

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

19111 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ صَلَّى عَلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُ بِصَدَقَةِ مَالِ أَبِي، فَقَالَ: " اللهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وكيع: هو ابن الجراح. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/519- ومن طريقه مسلم (1078) (176) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2363) - ومسلم (1078) (176) ، وابن ماجه (1796) ، وأبو عوانة كما في "إتحاف المهرة" 6/509- 510، وابن حبان (3274) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (819) - ومن طريقه ابن الجارود في "المنتقى" (361) ، وابن خزيمة (2345) ، وابن حبان (917) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/96-، وعبد الرزاق (6957) ، والبخاري (1497) و (4166) و (6332) و (6359) ، ومسلم (1078) (176) ، وأبو داود (1590) ، والنسائي في "المجتبى" 5/31، وفي "الكبرى" (2239) ، وأبو عوانة- كما في "إتحاف المهرة" 6/509-510- وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (59) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3052) ، والطبراني في "الدعاء" (2012) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/96، والبيهقي في "السنن" 2/152 و4/157 و7/5، وفي "الدعوات الكبير" (486) ، والخطيب في "تاريخه"  4/235، وابن عبد البر في "الاستذكار" (8688) ، والبغوي في "شرح السنة" (1566) ، وفي "التفسير" (التوبة: 103) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه الخطيب في "تاريخه" 12/319 من طريق عبد الله بن عمرو بن مرة، عن أبيه عمرو بن مرة، به.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/2121 من طريق ابن إسحاق، عن شعبة، عن سماك بن حرب، عن عبد الله بن أبي أوفى، فذكره.

وقال ابن عدي: قال لنا ابن صاعد: ابن إسحاق فيه عن سماك بن حرب، إنما الحديث حديث عمرو بن مرة.

وسيرد بالأرقام: (19115) و (19133) و (19405) و (19416) .

وفي باب الصلاة على غير الأنبياء عن جابر، سلف برقم (14245) وعن أبي مالك الأشعري، سيرد 5/343.

 

19115 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِصَدَقَةٍ قَالَ: " اللهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ "، وَإِنَّ أَبِي أَتَاهُ بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: " اللهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى ".

 

(18621) 18824- حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، قَالَ عَبْدُ اللهِ : وَأَظُنُّ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيَّ يَقُولُ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينَا ، فَيَمْسَحُ عَوَاتِقَنَا وَصُدُورَنَا وَيَقُولُ : لاَ تَخْتَلِفْ صُفُوفُكُمْ فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ ، أَوِ الصُّفُوفِ الأُولَى.

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عبدِ الرحمن بن عوسجة، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد"، وروى له أصحاب السنن، وعبدِ الله بنِ أحمد، فقد روى له النسائي، وهما ثقتان. وأخرجه ابن خزيمة (1552) من طريق عيسى بن إبراهيم، وابنُ أبي حاتم في "العلل" 1/146 من طريق حرملة، كلاهما عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وذكر ابنُ أبي حاتم في الموضع المذكور آنفا، وفي 1/124 عن أبيه قوله: إنما يروونه عن أبي إسحاق، عن طلحة، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد سقط من الموضع الأول قوله: عن البراء. قلنا: وقد سلف ذكر روايات أبي إسحاق، عن طلحة، عن عبد الرحمن ابن عوسجة، عن البراء، ضمن تخريج الحديث (18516) من مسند أحمد.

 

18616 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ النَّهْمِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ . وَزَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ . وَمَنْ مَنَحَ مَنِيحَةَ لَبَنٍ، أَوْ مَنِيحَةَ وَرِقٍ، أَوْ هَدَى زُقَاقًا، فَهُوَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ "

 

إسناده صحح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عبد الرحمن بن عوسجة، فقد روى له البخاري في "الأدب" وروى له أصحاب السنن. وهو في "مصنف" عبد الرزاق برقم (4175) . وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (817) من طريق أبي حذيفة، عن سفيان ، عن الأعمش، عن طلحة، به. وفيه: "إن الله وملائكته يُصلُّون على الذين يصِلُون الصف الأول...". وأخرجه عبد الرزاق (4176) عن معمر، عن منصور، عن طلحة، به، إلا أنه قال: "زيَّنوا أصواتكم بالقرآن". قلبَ معمرٌ متنه. وأخرجه دون قوله: "من منح منيحة ...." الحاكم 1/571 من طريق إسحاق بن إبراهيم وأحمد، عن عبد الرزاق، ومن طريق مؤمل بن إسماعيل، كلاهما عن سفيان ، عن منصور، عن طلحة، به. وفيه: "زينوا أصواتكم بالقرآن". ولم يفرّق الحاكم بين المتن ومقلوبه، بل اعتبرهما واحداً عند إيراده مختلف الروايات، فكان المعنى عنده هو نفسه، لأن كثيراً من الأئمة فسروا قوله: "زينوا القرآن بأصواتكم" على أنه من باب المقلوب، كقولهم: عرضت الناقة على الحوض، أي: عرضت الحوض على الناقة. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/177 عن قبيصة، عن سفيان ، به. وأخرجه ابن خزيمة (1556) ، والبيهقي في "السنن" 10/229 من طريق جرير، والحاكم 1/575 من طريق إبراهيم بن طهمان ، كلاهما عن منصور، به، بلفظ: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول" قال: وحسبتُ أنه قال: "وزينوا القرآن بأصواتكم". قال البيهقي: هذا حديث طويل قد رواه جماعة عن طلحة بن مصرف، إلا أن عبد الرحمن بن عوسجة كان يشك في هذه اللفظة، وقال في رواية شعبة عن طلحة بن مصرف عنه: كنتُ نسيتُ هذه الكلمة، حتى ذكَّرنيها الضحاك بن مزاحم، والله أعلم. قلنا: وقرن الحاكم بمنصور الحَكَمَ. وسيرد قول ابن عوسجة في رواية شعبة في مسند أحمد برقم (18704) . وأخرجه دون قوله: "زينوا القرآن بأصواتكم": عبد الرزاق (2431) عن معمر، عن منصور، به، نحوه. وقوله: "إن الله وملائكته يصلون ...." أخرجه عبد الرزاق (2449) عن معمر، وأبو داود (664) - ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (818) - والنسائي في "المجتبى" 2/89-90، وابن حبان (2161) من طريق أبي الأحوص، كلاهما عن منصور، عن طلحة، به، نحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/378 عن ابن فضيل، عن الأعمش، عن طلحة، به.

 

(18516)18712- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " ....إلخ قَالَ: وَكَانَ يَأْتِي نَاحِيَةَ الصَّفِّ إِلَى نَاحِيَتِهِ، يُسَوِّي صُدُورَهُمْ، وَمَنَاكِبَهُمْ يَقُولُ: "لَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ" قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ". وَكَانَ يَقُولُ: " زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ "

 

حديث صحيح، محمد بن طلحة- وهو ابن مصرف، وإن كان ضعيفا- تابعه شعبة في الرواية رقم (18518) من مسند أحمد، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. عفان : هو ابن مسلم الصفار. وأخرجه بتمامه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/178، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" 4/86 من طريقين عن محمد بن طلحة، بهذا الإسناد. وفي رواية العقيلي: "من قال: لا إله إلا الله.... عشر مرات". وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7202) ، وفي "مسند الشاميين" (767) من طريقين عن طلحة بن مصرف، به. وأخرجه دون قوله: "زيِّنوا القرآن بأصواتكم" يعقوبُ بن سفيان 3/177-178، والطبراني في "الأوسط" (2611) من طريق جرير بن حازم، عن زُبيد بن الحارث، عن طلحة بن مصرف، به، وعند الطبراني تحديد - قول: "لا إله إلا الله... بعشر مرات". وقوله: "إن الله وملائكته يصلون ..." أخرجه تمام الرازي (313) ، والبيهقي 3/103 من طريق مالك بن مِغوَل، وتمام (314) من طريق أبي إسحاق، وابنُ حبان (2157) من طريق زبيد اليامي، ثلاثتهم عن طلحة بن مصرف، به.

ورواه أحمد (18364) 18554 و(18616) 18817و(18640) 18843و (18643) 18846  وأخرجه البزار (508) (زوائد) وأورده المنذري في "الترغيب والترهيب" (688) وقال: رواه أحمد بإسناد جيد. وابن أبي شيبة في مصنفه  1/378 ، بأسانيدهم.

 

24381 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ "

 

حديث حسن، وهذا إسناد اختلف فيه على أسامة- وهو ابن زيد الليثي-: فرواه عنه سفيان الثوري، واختلف عنه: فرواه عبد الله بن الوليد كما في هذه الرواية، وعبد الرزاق في "المصنف" (2470) ، ويزيد بن أبي حكيم فيما ذكر الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 49 عن الثوري، عن أسامة، عن عبد الله بن عروة، عن عروة، عن عائشة غير أن لفظ عبد الرزاق: "إن الله وملائكته يُصلُّون على الذي يُصلي في الصف الأول". ورواه أبو أحمد الزُّبيري كما سيرد في الرواية (25270) ، وعُبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي، كما عند البيهقي في "السنن" 3/103، ومعاوية بنُ هشام كما عند أبي داود (676) ، وابنِ ماجه (1005) ، وابنِ حبان (2160) ، والبيهقيِّ في "السنن" 3/103، والبغويِّ في "شرح السنة" (819) ، وقبيصةُ بنُ عقبة، كما عند عبدِ بنِ حُميد (1513) ، والبيهقيِّ في "السنن" 3/103، كلُّهم رَوَوْه عن الثوري، عن أسامة بن زيد، عن عثمان بن عروة، عن عروة، عن عائشة. غير أن لفظ رواية معاوية بن هشام: "إن الله وملائكته يُصلُّون على ميامن الصفوف". قال البيهقي: كذا قال، والمحفوظ بهذا الإسناد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله وملائكته يصلُّون على الذين يَصِلُون الصفوف". ومعاوية بن هشام ينفرد بالمتن الأول، فلا أراه محفوظاً. قلنا: ومع ذلك حسينه الحافظ في "الفتح" 2/213. ورواه عن الثوري كذلك حسين بن حفص، واختلف عنه: فرواه أسيد بن عاصم كما عند البيهقي في "السنن" 3/103، عن حسين بن حفص، عن الثوري، عن أسامةَ بنِ زيد، عن عبد الله بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. ورواه عبد الرحمن بن عُمر رُسْتَه، كما عند ابن حبان (2164) ، عن حسين، عن الثوريّ، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة، لم يذكر أسامة. قال الدارقطني: والصحيح قولُ من قال: عن أسامة بن زيد، عن عثمان بن عروة، وكذلك رواه هشام بن سعد، عن عثمان بن عروة. وقال الدارقطني أيضاً: ورواه محمد بن معمر البحراني عن قبيصة، عن الثوري، عن أسامة بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وذلك وهم منه. ورواه عبدُ الله بنُ وَهْب كما عند ابن خزيمة (1550) ، وابنِ المنذر في "الأوسط" (1983) ، وابنِ حبان (2163) ، والحاكم 1/214، والبيهقيِّ 3/101. وسليمانُ بنُ بلال، وعبد الوهَّاب بنُ عطاء، وحاتِمُ بنُ إسماعيل، وأبو ضمرة، فيما ذكر الدارقطنيُّ في "العلل"، كلُّهم عن أسامة بن زيد، عن عثمان بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. قال الطبراني، فيما نقله البيهقي عنه فى "السنن": كلاهما صحيحان. قال البيهقي: يريد كلا الإسنادين. قلنا: يعني الذي فيه عبد الله بن عروة، وعثمان ابن عروة. وسيرد بالإسناد الذي فيه عثمان بن عروة في مسند أحمد برقم (25270) . وبإسناد آخر برقم (24587) . وفي الباب عن ابن عمر مرفوعاً عند أبي داود (666) ، وصححه ابن خزيمة (1549) ، والحاكم 1/213 بلفظ: "من وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله".

 

ورواه أحمد (25270) 25784 و(24381) 24885 وأخرجه عَبْدُ بن حُميد (1513) (المنتخب) ، والبيهقي في "السنن" 3/103 من طريق قَبيصة بن عقبة، وأخرجه أبو داود (676) ، وابن ماجه (1005) ، وابن حبان (2160) ، والبيهقي 3/103، والبغوي في "شرح السنة" (819) من طريق معاوية بن هشام. وأخرجه البيهقي 3/103 كذلك من طريق عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد، غير أن لفظ

 

(15281) 15355- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ لِيُقَاتِلَهُمْ ، وَقَالَ لِي أَبِي عَبْدُ اللهِ : يَا جَابِرُ ، لاَ عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ فِي نَظَّارِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَتَّى تَعْلَمَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُنَا ، فَإِنِّي وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنِّي أَتْرُكُ بَنَاتٍ لِي بَعْدِي ، لأَحْبَبْتُ أَنْ تُقْتَلَ بَيْنَ يَدَيَّ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا فِي النَّظَّارِينَ إِذْ جَاءَتْ عَمَّتِي بِأَبِي ، وَخَالِي عَادِلَتَهُمَا عَلَى نَاضِحٍ ، فَدَخَلَتْ بِهِمَا الْمَدِينَةَ لِتَدْفِنَهُمَا فِي مَقَابِرِنَا ، إِذْ لَحِقَ رَجُلٌ يُنَادِي : أَلاَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا بِالْقَتْلَى ، فَتَدْفِنُوهَا فِي مَصَارِعِهَا حَيْثُ قُتِلَتْ. فَرَجَعْنَا بِهِمَا فَدَفَنَّاهُمَا حَيْثُ قُتِلاَ فَبَيْنَمَا أَنَا فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ : يَا جَابِرُ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَثَارَ أَبَاكَ عُمَّالَ مُعَاوِيَةَ ، فَبَدَا فَخَرَجَ طَائِفَةٌ مِنْهُ ، فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي دَفَنْتُهُ ، لَمْ يَتَغَيَّرْ إِلاَّ مَا لَمْ يَدَعِ الْقَتْلُ ، أَوِ الْقَتِيلُ ، فَوَارَيْتُهُ.

قَالَ : وَتَرَكَ أَبِي عَلَيْهِ دَيْنًا مِنَ التَّمْرِ فَاشْتَدَّ عَلَيَّ بَعْضُ غُرَمَائِهِ فِي التَّقَاضِي ، فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّ أَبِي أُصِيبَ يَوْمَ كَذَا ، وَكَذَا ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا مِنَ التَّمْرِ ، وَ قدِ اشْتَدَّ عَلَيَّ بَعْضُ غُرَمَائِهِ فِي التَّقَاضِي ، فَأُحِبُّ أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ لَعَلَّهُ أَنْ يُنَظِّرَنِي طَائِفَةً مِنْ تَمْرِهِ إِلَى هَذَا الصِّرَامِ الْمُقْبِلِ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، آتِيكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَرِيبًا مِنْ وَسَطِ النَّهَارِ ، وَجَاءَ مَعَهُ حَوَارِيُّوهُ ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ ، فَدَخَلَ وَقَدْ قُلْتُ لاِمْرَأَتِي : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَنِي الْيَوْمَ وَسَطَ النَّهَارِ ، فَلاَ أَرَيَنَّكِ ، وَلاَ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي بِشَيْءٍ ، وَلاَ تُكَلِّمِيهِ ، فَدَخَلَ فَفَرَشَتْ لَهُ فِرَاشًا ، وَوِسَادَةً ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ. قَالَ : وَقُلْتُ لِمَوْلًى لِيَ : اذْبَحْ هَذِهِ الْعَنَاقَ ، وَهِيَ دَاجِنٌ سَمِينَةٌ ، وَالْوَحَى ، وَالْعَجَلَ افْرُغْ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَا مَعَكَ ، فَلَمْ نَزَلْ فِيهَا حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهَا ، وَهُوَ نَائِمٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَيْقَظَ يَدْعُو بِالطَّهُورِ ، وَإِنِّي أَخَافُ إِذَا فَرَغَ أَنْ يَقُومَ ، فَلاَ يَفْرَغَنَّ مِنْ وُضُوئِهِ حَتَّى تَضَعَ الْعَنَاقَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ : يَا جَابِرُ ائْتِنِي بِطَهُورٍ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ طُهُورِهِ حَتَّى وَضَعْتُ الْعَنَاقَ عِنْدَهُ ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ : كَأَنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ حُبَّنَا لِلَّحْمِ ، ادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ قَالَ : ثُمَّ دَعَا حَوَارِيَّيْهِ الَّذِيْنَ مَعَهُ فَدَخَلُوا ، فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ وَقَالَ : بِسْمِ اللهِ كُلُوا ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ، وَفَضَلَ لَحْمٌ مِنْهَا كَثِيرٌ قَالَ : وَاللَّهِ إِنَّ مَجْلِسَ بَنِي سَلِمَةَ لَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَعْيُنِهِمْ ، مَا يَقْرُبُهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَخَافَةَ أَنْ يُؤْذُوهُ ، فَلَمَّا فَرَغُوا قَامَ ، وَقَامَ أَصْحَابُهُ فَخَرَجُوا بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَكَانَ يَقُولُ : خَلُّوا ظَهْرِي لِلْمَلاَئِكَةِ ، وَاتَّبَعْتُهُمْ حَتَّى بَلَغُوا أُسْكُفَّةَ الْبَابِ ، قَالَ : وَأَخْرَجَتْ امْرَأَتِي صَدْرَهَا ، وَكَانَتْ مُسْتَتِرَةً بِسَفِيفٍ فِي الْبَيْتِ ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ صَلِّ عَلَيَّ ، وَعَلَى زَوْجِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ . فَقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ ، وَعَلَى زَوْجِكِ...إلخ

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير نبيح العنزي، فقد روى له أصحاب السنن، وهو ثقة، وقول الحافظ عنه في "التقريب": مقبول! غير مقبول. عفان: هو ابن مسلم، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه الحكم 4/110-111 من طريق عفان، بهذا الإسناد. ولم يسقه بتمامه، وصحح إسناده. وأخرجه الدارمي (45) ، وأبو داود (1533) ، وإسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي" (77) ، وأبو يعلى (2077) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2074) ، وابن حبان (918) و (3184) ، والبيهقي 2/152-153 من طرق عن أبي عوانة، به. ورواية أبي داود وإسماعيل وأبي يعلى والبيهقي والموضع الأول من ابن حبان مختصرة بلفظ: أن امرأة قالت للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَ عَلَيَّ وعلى زوجي، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صلى الله عليك وعلى زوجك"، ورواية الطحاوي مختصرة بقصة: "خلوا ظهري للملائكة"، ورواية ابن حبان الثانية مقتصرة على أول الحديث إلى قوله: إن النبي يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت.

 

وقال ابن كثير:

 

وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ: "اللَّهُمَّ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ"، فَهَذَا جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِيمَا إِذَا أَفْرَدَ غير الأنبياء بالصلاة عليهم: فَقَالَ قَائِلُونَ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} ، وَبِقَوْلِهِ {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [الْبَقَرَةِ: 157] ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التَّوْبَةِ: 103] ، وَبِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوْفَى قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ". وَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَبِحَدِيثِ جَابِرٍ: أَنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي. فَقَالَ: "صَلَّى اللَّهُ عليكِ وَعَلَى زَوْجِكِ".

وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لَا يَجُوزُ إِفْرَادُ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ صَارَ شِعَارًا لِلْأَنْبِيَاءِ إِذَا ذُكِرُوا، فَلَا يَلْحَقُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ، فَلَا يُقَالُ: "قَالَ أَبُو بَكْرٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ". أَوْ: "قَالَ عَلِيٌّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ". وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى صَحِيحًا، كَمَا لَا يُقَالُ: "قَالَ مُحَمَّدٌ، عَزَّ وَجَلَّ"، وَإِنْ كَانَ عَزِيزًا جَلِيلًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ شِعَارِ ذِكْرِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ. وَحَمَلُوا مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الدُّعَاءِ لَهُمْ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَثْبُتْ شِعَارًا لِآلِ أَبِي أَوْفَى، وَلَا لِجَابِرٍ وَامْرَأَتِهِ. وَهَذَا مَسْلَكٌ حَسَنٌ.

وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ صَارَتْ مِنْ شِعَارِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، يُصَلُّونَ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُونَ فِيهِمْ، فَلَا يُقْتَدَى بِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَانِعُونَ مِنْ ذَلِكَ: هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ التَّحْرِيمِ، أَوِ الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ، أَوْ خِلَافِ الْأَوْلَى؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ. ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ؛ لِأَنَّهُ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ شِعَارِهِمْ، وَالْمَكْرُوهُ هُوَ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَالْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ صَارَتْ مَخْصُوصَةً فِي اللِّسَانِ بِالْأَنْبِيَاءِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، كَمَا أَنَّ قَوْلَنَا: "عَزَّ وَجَلَّ"، مَخْصُوصٌ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَكَمَا لَا يُقَالُ: "مُحَمَّدٌ عَزَّ وَجَلَّ"، وَإِنْ كَانَ عَزِيزًا جَلِيلًا لَا يُقَالُ: "أَبُو بَكْرٍ -أَوْ: عَلِيٌّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ". هَذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ. قَالَ: وَأَمَّا السَّلَامُ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الجُوَيني مِنْ أَصْحَابِنَا: هُوَ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْغَائِبِ، وَلَا يُفْرَدُ بِهِ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ، فَلَا يُقَالُ: "عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ، وَأَمَّا الْحَاضِرُ فَيُخَاطَبُ بِهِ، فَيُقَالُ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَوِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْكُمْ. وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ.

قُلْتُ: وَقَدْ غَلَبَ هَذَا فِي عِبَارَةِ كَثِيرٍ مِنَ النُّسَّاخِ لِلْكُتُبِ، أَنْ يُفْرَدَ عَلَيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِأَنْ يُقَالَ: "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، مِنْ دُونِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ، أَوْ: "كَرَّمَ الله وجهه" وهذا وإن كان معناه صَحِيحًا، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُسَاوى بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْظِيمِ وَالتَّكْرِيمِ، فَالشَّيْخَانِ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّاد بْنِ حُنَيف، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ يُدْعَى لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسَلِّمَاتِ بِالْمَغْفِرَةِ (1) .

وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقان قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أُنَاسًا مِنَ النَّاسِ قَدِ الْتَمَسُوا الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ نَاسًا مِنَ الْقُصَّاصِ قَدْ أَحْدَثُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى خُلَفَائِهِمْ وَأُمَرَائِهِمْ عدْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فمُرْهم أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُمْ عَلَى النَّبِيِّينَ وَدُعَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً، وَيَدْعُوا مَا سِوَى ذَلِكَ. أَثَرٌ حَسَنٌ. (2)

 

(1) فضل الصلاة على النبي برقم (75) ولفظه عنده "لا تصلوا عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار".

(2) فضل الصلاة على النبي (76) .

 

ما نراه بوضوح أن التقاليد والابتداعات الدينية عند المسلمين أقوى من تعاليم وعقائد القرآن والأحاديث ذاتها، فهم يخالفون صريح نص القرآن لأجل قواعد اخترعوها أي اخترعها بعض أسلافهم بعد محمد، كان محمد يعمل ويوصي بعكسها تمامًا. وعند الشيعة اختلاف قليل في هذه البدعة، فهم كالسنة قصروا الصلاة والسلام على الأنبياء الخرافيين، وضموا إليهم أئمتهم التاريخيين من نسل علي وبنت ملك الفُرس.

 

تركهم رخصة السماح بعدم التشدد في الثياب للنساء العجائز

 

{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)} النور

 

قال الطبري:

 

يقول تعالى ذكره: واللواتي قد قعدن عن الولد من الكبر من النساء، فلا يحضن ولا يلدن، واحدتهنّ قاعد (اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا) يقول: اللاتي قد يئسن من البعولة، فلا يطمعن في الأزواج (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) يقول: فليس عليهنّ حرج ولا إثم أن يضعن ثيابهنّ، يعني جلابيبهنّ، وهي القناع الذي يكون فوق الخمار، والرداء الذي يكون فوق الثياب، لا حرج عليهن أن يضعن ذلك عند المحارم من الرجال، وغير المحارم من الغرباء غير متبرجات بزينة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا) وهي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار، وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرّج لما يكره الله وهو قوله: (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ثُمَّ قَالَ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) .

 

.... قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) قال: جلابيبهنَّ.

وقوله: (غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) يقول: ليس عليهنّ جناح في وضع أرديتهنّ إذا لم يردن بوضع ذلك عنهنّ أن يبدين ما عليهنّ من الزينة للرجال. والتبرّج: هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما ينبغي لها أن تستره.

وقوله: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) يقول: وإن تعففن عن وضع جلابيبهنّ وأرديتهنّ، فيلبسنها خير لهنّ من أن يضعنها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) قال: أن يلبسن جلابيبهنّ.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبيّ (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) قال: ترك ذلك، يعني: ترك وضع الثياب.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) والاستعفاف: لبس الخمار على رأسها....إلخ

 

في حدود ما رأيت حيث أني نشأت في زمن المد الديني الشمولي المتعصب الإسلامي في بلاد العرب، فلم أر عجوزًا منهم تفعل ذلك، بل يتشددن بلا أدنى داعٍ كأنهن صبايا حسان، فترى امرأة عجوزًا جدًّا لن ينظر لها أحد إلا كجدة مختمرة متشددة في ثوبها وأحيانًا حتى منتقبة!

 

النهي عن التربح من الدين وعن تعليمه مقابل أجر

 

روى أحمد:

 

15529 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي الدَّسْتُوَائِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحَبْرَانِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِبْلٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَغْلُوا فِيهِ، وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أبي راشد الحُبراني، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وروى عنه جمع، ووثقه العجلي، وابن حبان، والحافظ ابن حجر في "التقريب". إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلَيَّه. وقوّى إسناده الحافظ في "الفتح" 9/101. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (2595) من طريق وهيب بن خالد، عن أيوب- وهو السختياني- عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. قال ابن أبي حاتم في "العلل" 2/62-63: سألت أبي عن حديث رواه وهيب، عن أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي راشد الحبراني، عن عبد الرحمن بن شبل، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "اقرؤوا القرآن؟" قال أبي: رواه بعضهم، فقال: عن يحيى، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي راشد الحبراني، عن عبد الرحمن بن شبل، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلاهما صحيح، غير أن أيوب ترك من الإسناد رجلين. قلنا: قد ذكر هشام الدستوائي في إسناد الحاكم سماع يحيى بن أبي كثير من أبي راشد، وسنذكره في تخريج الفقرة الآتية. وأخرجه البزار (2320) "زوائد" من طريق حماد بن يحيى، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال البزار: هذا الحديث أخطأ فيه حماد بن يحيى، لأنه ليّن الحديث، والحديث الصحيح الذي رواه يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي راشد الحبراني، عن عبد الرحمن بن شبل. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/295، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجاله ثقات. قلنا: حديث أبي يعلى سنذكره في موضعه في الرواية (15670) ، وحديث الطبراني هو في القسم المفقود من الكتاب، فلم يرد في المطبوع منه. وهذا الحديث مع الحديثين الآتيين رواها بعضهم في حديث واحد، كما سيرد برقم (15666) ، وروى بعضهم بعض فقراته كما سيرد في تخريج الحديثين الآتيين. وهذه الفقرة سترد بالأرقام: (15535) و (15666) و (15668) و (15670) و (15671) ، وذكرنا أحاديث الباب في مسند أبي سعيد الخدري في الرواية (11319) .

قوله: "ولا تغلوا فيه" من الغُلوّ، وهو التجاوز عن الحد، أي: لا تجاوزوا حدَّه من حيث لفظه أو معناه بأن تتأولوه بباطل، أو المراد: لا تبذلوا جهدكم في قراءته وتتركوا غيره من العبادات.

 

15666/1 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ أَنْ عَلِّمِ النَّاسَ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَهُمْ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، فَإِذَا عَلِمْتُمُوهُ، فَلَا تَغْلُوا فِيه، وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير زيد بن سلاّم وجده- وهو أبو سلاّم ممطور الحبشي- فمن رجال مسلم.

عبد الرزاق: هو ابن همّام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد البصري.

والحديث جاء في أربع فقرات رواه بعضهم بتمامه، وروى آخرون بعض فقراته كما سيرد.

وهو بتمامه عند عبد الرزاق في "المصنف" (19444) ، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (314) .

وهذا القسم الأول أخرجه البيهقي في "السنن" 2/170 من طريق عبد الرزاق، به.

وأورده بتمامه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/36، وقال: رواه الطبراني، واللفظ له، وأحمد،ورجالهما رجال الصحيح.

قلنا: ورواية الطبراني في "الكبير" هي في الجزء المفقود من الكتاب، وليست في المطبوع منه.

وانظر (15529) ، وأشرنا إلى أحاديث الباب هناك.

 

22766 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ يَسَارٍ السُّلَمِيَّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشْغَلُ، فَإِذَا قَدِمَ رَجُلٌ مُهَاجِرٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنَّا يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ، فَدَفَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا، فَكَانَ مَعِي فِي الْبَيْتِ أُعَشِّيهِ عَشَاءَ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَكُنْتُ أُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَانْصَرَفَ انْصِرَافَةً إِلَى أَهْلِهِ، فَرَأَى أَنَّ عَلَيْهِ حَقًّا فَأَهْدَى إِلَيَّ قَوْسًا لَمْ أَرَ أَجْوَدَ مِنْهَا عُودًا وَلَا أَحْسَنَ مِنْهَا عِطْفًا، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: مَا تَرَى يَا رَسُولَ اللهِ فِيهَا ؟ قَالَ: " جَمْرَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْكَ تَقَلَّدْتَهَا " أَوْ " تَعَلَّقْتَهَا "

 

إسناده حسن من أجل بشر بن عبد الله السُّلمي، وباقي رجاله ثقات . أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني . وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 1/444، والطبراني في "مسند الشاميين" (2237) ، والحاكم 3/356 من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد . وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه . وأخرجه أبو داود (3417) ، والبيهقي 6/125 من طريق بقية بن الوليد، عن بشر بن عبد الله، به . وانظر ما سلف برقم (22689) .

قوله: "عطفاً" العطف بكسر فسكون، سِيَةُ القوس، وهو ما ثُنِيَ من طرفيها .

 

14855 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا فِيهِ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، قَالَ: " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَابْتَغُوا بِهِ اللهَ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُقِيمُونَهُ إِقَامَةَ الْقِدْحِ، يَتَعَجَّلُونَهُ، وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ"

 

حديث صحيح وهذا إسناد رجاله ثقات غير أسامة بن زيد، فحسن الحديث. وأخرجه أبو يعلى (2197) من طريق وكيع، والبيهقي في "الشعب" (2643) من طريق سليمان بن بلال، و (2644) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، ثلاثتهم عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (6034) عن ابن عيينة، وابن أبي شيبة 10/480، والبيهقي في "الشعب" (2641) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن محمد ابن المنكدر، مرسلاً. قال البيهقي: هكذا رواه الثوري مرسلاً وكذلك رواه ابن عيينة عن ابن المنكدر مرسلاً. وسيأتي الحديث برقم (15273) من طريق حميد بن قيس الأعرج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر موصولاً وإسناده صحيح. وفي الباب عن أنس بن مالك، سلف برقم (12484) وهو حسن في الشواهد، وفاتنا أن نذكر تحسينه هناك، فليستدرك من هنا. وعن عمران بن حُصين سيأتي 4/432-433 و436، وعن عبد الرحمن بن شبل، وسنده قوي، وسيأتي برقم (15529) وعن أبي سعيد الخدري عن أبي عبيد في "فضائل القرآن" ص 205-206، والبغوي في "شرح السنة" (1182) وسلف نحوه برقم (11340) وعن سهل بن سعد عن ابن حبان (1786) .

القِدْح: السَهْم.

 

روى أبو داود:

 

3416 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت قال: علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل ؟ لآتين رسول الله صلى الله عليه و سلم فلأسألنه فأتيته فقلت يا رسول الله رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله قال " إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها " .

 

قال الألباني: صحيح، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 21237

قال فريق شعيب الأرنؤوط: حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، وهو في "مسند أحمد" (22689)

 

3417 - حدثنا عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد قالا ثنا بقية حدثني بشر بن عبد الله بن يسار قال عمرو وحدثني عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت نحو هذا الخبر والأول أتم فقلت ما ترى فيها يا رسول الله ؟ فقال " جمرة بين كتفيك تقلدتها " أو " تعلقتها " .

 

قال الألباني: صحيح

قال فريق شعيب الأرنؤوط: حديث حسن. بشر بن عبد الله بن يسار صدوق حسن الحديث، وبقية -وهو ابن الوليد- تابعه أبو المغيرة عبد القدوس الخولاني، وهو ثقة.

وأخرجه أحمد (22766)، والبخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 444، والطبراني في "مسند الشاميين" (2237)، والحاكم 3/ 356 من طريق أبي المغيرة عبد القدوس ابن الحجاج الخولاني، والبيهقي 6/ 125 من طريق بقية بن الوليد، كلاهما عن بشْر ابن عبد الله السُّلمي، بهذا الإسناد.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

21238- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ الْجُرَيرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ ، قَالَ : يُكْرَهُ أَرْشُ الْمُعَلِّمِ ، فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَكْرَهُونَهُ وَيَرَوْنَهُ شَدِيدًا

 

21240- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَأْخُذُوا عَلَى الْغِلْمَانِ فِي الْكُتَّابِ أَجْرًا.

 

وروى أحمد:

 

19885 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: مَرَّ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَى قَوْمٍ، فَلَمَّا فَرَغَ سَأَلَ فَقَالَ عِمْرَانُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللهَ بِهِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ "

 

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، خيثمة- وهو ابن أبي خيثمة- قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ في "التقريب": لين. وقوله في الإسناد: أو عن رجل عن عمران، هكذا وقع في هذا الإسناد، والمحفوظ فيه: خيثمة عن الحسن البصري عن عمران- ولم يسمع منه- كما سيأتي في الروايتين (19917) و (19944) ، ويأتي تخريجه وأحاديث الباب هناك. وسيأتي من طريق الأعمش عن خيثمة عن عمران برقم (19997) وفي إسنادها مؤمل بن إسماعيل، وهو سيئ الحفظ.

قوله: "فلما فرغ سأل" أي: الناس.

 

19917 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَحَدُنَا آخِذٌ بِيَدِ صَاحِبِهِ، فَمَرَرْنَا بِسَائِلٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَاحْتَبَسَنِي عِمْرَانُ وَقَالَ: قِفْ نَسْتَمِعِ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا فَرَغَ سَأَلَ، فَقَالَ عِمْرَانُ: انْطَلِقْ بِنَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَاسْأَلُوا اللهَ بِهِ ؛ فَإِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ "

 

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، شريك بن عبد الله وخيثمة- وهو ابن أبي خيثمة البصري- ضعيفان، والحسن- وهو البصري- لم يسمع من عمران. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/ (372) ، والآجري في "أخلاق حملة القرآن" (42) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه سعيد بن منصور في التفسير من "سننه" 1/187، والبزار في "مسنده" (3553) و (3554) ، والعقيلي في "الضعفاء" 2/29، والطبراني 18/ (370) و (371) و (373) ، والبيهقي في "الشعب" (2629) من طرق عن منصور بن المعتمر، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/479 من طريق يزيد بن إبراهيم، و10/480 من طريق هشام بن حسان، كلاهما عن الحسن البصري، عن عمران قوله. وانظر (19885) . وفي الباب عن أنس وجابر وعبد الرحمن بن شبل، سلفت أحاديثهم بالأرقام (12483) و (14855) و (15529) ، والأخيران صحيحان. وعن سهل بن سعد الساعدي، سيأتي 5/338، وصححه ابن حبان (760) . وعن أبي سعيد الخدري عند أبي عبيد في "فضائل القرآن" ص 206، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2630) ، والبغوي (1182) . وعن بريدة عند البيهقي (2625) . وانظر حديث عبادة بن الصامت الآتي في "المسند" 5/315 و324، وحديث أبي بن كعب عند عبد بن حميد (175) ، وابن ماجه (2158) ، وحديث أبي الدرداء عند أبي عبيد ص 207.

 

لو تم تنفيذ ذلك لما ازدهر الدين والخرافات ولما قامت له قائمة، فكل هؤلاء المشايخ مشايخ الخرافة والجهل والهراء والآمال الوهمية يتعيشون من عطايا الأتباع، وبعضهم صاروا أثرياء للغاية لهم أملاك من مهنتهم هذه فقط، مع ذلك فإن مهنة رجل الدين وظيفة اجتماعية لها دور لدى الأتباع، فهو قد يقدم مؤازرة نفسية أو كما قلت مرارا يؤدي دورا لحل مشاكل الدين وخرافاته وتشريعاته الفاسدة نفسها بإبطالها بالتأويل، وبحكم تفرغه لعله فله الحق في الأجر والمرتب، حتى وإن كنا كملحدين نراه لا يقوم بشيء نافع، أو أنه يقوم بنشر الجهالات، لم يعمل أحد إذن منذ القدم من رجال الدين المتربحين به بوصية محمد، فالحكمة القديمة تقول (نشأ الدين عندما التقى أول نصاب مع أول غبي) ومحمد نفسها لطالما استغل الدين الذي أسسه للتعيش منه، وإلا فهل لك أن تخبرني ماذا كانت مهنة محمد منذ بدأ دعوته الدينية؟! لا شيء على الإطلاق. الوظيفة مؤسس دين ورجل دين وداعية، عاش فترة في مكة ويثرب على إحسانات الأتباع ودعمهم بما طابت به نفوسهم، حتى بدأ غزواته الإجرامية وأعلن نفسه سيدًا على الجميع بالعنف وتربح من ذلك أكثر. لأجل ذلك ذكر أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه أن عمر أعطى للمعلمين أجورًا، وأن كثيرين رأوا على استحياء بسبب وصية محمد الصريحة أنه لا مانع أن يأخذ المعلم بدون اشتراط أجر محمد ولا سؤال، كصيغة شكلية لحل المشكلة والحرج:

 

فِي أجرِ المعلِّمِ.

21224- حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا قِلاَبَةَ عَنِ الْمُعَلِّمِ يُعَلِّمُ وَيَأْخُذُ أَجْرًا ، فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا.

21225- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يُعَلِّمَ الْمُعَلِّمُ ، وَلاَ يُشَارِطَ ، فَإِنْ أُعْطِيَ شَيْئًا أَخَذَهُ.

21226- حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الفَزَارِيُّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : لاَ يَشْتَرِطُ الْمُعَلِّمُ ، وَإِنْ أُعْطِيَ شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ.

21227- حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ : أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْخُذَ الْمُعَلِّمُ مَا أُعْطِيَ مِنْ غَيْرِ شَرْطِهِ.

21228- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ صَدَقَةَ الدِّمَشْقِيِّ ، عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ ، قَالَ : كَانَ بِالْمَدِينَةِ ثَلاَثَةُ مُعَلِّمِينَ يُعَلِّمُونَ الصِّبْيَانَ ، فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرْزُقُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ كُلَّ شَهْرٍ.

21229- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُشَارِطَ الْمُعَلِّمُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنَ.

21230- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ مُوسَى ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، أَنَّهُ كَرِهَ للْمُعَلِّمَ أَنْ يُشَارِطَ.

21231- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : لاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْكِتَابَةِ أَجْرًا ، وَكَرِهَ الشَّرْطَ.

21232- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُعَلِّمَ بِشَرْطٍ.

21233- حَدَّثَنَا يزيد بن هارون ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شعبة ، عن الحكم ، قَالَ : ما علمت أن أحدا كرهه . يعني : أجر المعلم.

21234- حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، قَالَ : إنِّي لاَرْجُو أَنْ يَأْجُرهُ اللَّهُ ، يُؤَدِّبُهُمْ وَيُعَلِّمُهُمْ.

21235- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عَائِذٍ الطَّائِيِّ ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ : الْمُعَلِّمُ لاَ يُشَارِطُ ، فَإِنْ أَهْدَى لَهُ شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ.

21236- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : كَانَ بِالْمَدِينَةِ مُعَلِّمٌ عِنْدَهُ مِنْ أَبْنَاءِ أُولئك الْضخَامِ ، قَالَ : فَكَانُوا يَعْرِفُونَ حَقَّهُ فِي النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ.

 

وقال البغوي في شرح السنة:

 

ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن أخذ الأجرة والعِوَض على تعليم القرآن غير مباح، وهو قول الزهري وأبي حنيفة وإسحاق.

وذهب إلى جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وجواز شرطه: عطاء والحكم، وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور، قال الحكم: ما سمعت فقيهاً يكرهه!

وذهب قوم إلى أنه لا بأس بأخذ المال ما لم يشرط، وهو قول الحسن وابن سيرين والشعبي .

 

وعلى النقيض وبالتناقض وجدت في البخاري ما يدل على تعليم معاكس تمامًا:

 

محمد كان يروج للدجل

 

وروى البخاري:

 

2276 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اقْسِمُوا فَقَالَ الَّذِي رَقَى لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَصَبْتُمْ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَقَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ سَمِعْتُ أَبَا الْمُتَوَكِّلِ بِهَذاَ

 

5737 - حَدَّثَنِي سِيدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَصْرِيُّ هُوَ صَدُوقٌ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْبَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَخْنَسِ أَبُو مَالِكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ فَقَالَ هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ فَبَرَأَ فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ

 

ورواه مسلم 2201 وأحمد 10985 و11070 و11399 و11472 و11787

 

أسلوب علاج مرض أو لدغة بتعويذة وبصاق (يتفل) أسلوب معتاد عند البدائيين، لا نزال نراه وقد رأيته في التلفزيون عند بدائيي أفريقيا وغيرها، هذه خرافات الشامانيين  Shamanismوالعرافين البدائيين وهي غير مفيدة وخزعبلات، لعل الرجل في القصة لو صحت قد شفي وحده، أحيانًا تقاوم أجساد البشر السم وتشفى وحدها، وفي القصة طلب محمد حصة مالية مما كسبوه من هذا الدجل، لعله اعتبر نفسه "صاحب حقوق نشر" القرآن وسورة الفاتحة، أو كرئيس لعمليات الدجل والخداع هذه. هل لو قلت أن محمدًا ونصوصه من قرآن وأحاديث تدعم وتساعد على نشر الخرافة وممارسات الدجل والنصب أكون جانبت الصواب؟!

 

استغلال بعضهم الدين للاحتيال والتكسب بجشع

 

بالتأكيد لا يخلو عصر أو دين من ذلك، لأن الدين نفسه يقوم على الخداع وعلى سذاجة الأتباع وعدم تفكيرهم، لذلك ألفوا أحاديث ملفقة تتنبأ بذلك وتدينه كوسيلة للوعظ ضد ذلك، روى أحمد:

 

14855 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا فِيهِ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، قَالَ: " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَابْتَغُوا بِهِ اللهَ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُقِيمُونَهُ إِقَامَةَ الْقِدْحِ، يَتَعَجَّلُونَهُ، وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ "

 

حديث صحيح وهذا إسناد رجاله ثقات غير أسامة بن زيد، فحسن الحديث. وأخرجه أبو يعلى (2197) من طريق وكيع، والبيهقي في "الشعب" (2643) من طريق سليمان بن بلال، و (2644) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، ثلاثتهم عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (6034) عن ابن عيينة، وابن أبي شيبة 10/480، والبيهقي في "الشعب" (2641) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن محمد ابن المنكدر، مرسلاً. قال البيهقي: هكذا رواه الثوري مرسلاً وكذلك رواه ابن عيينة عن ابن المنكدر مرسلاً. وسيأتي الحديث برقم (15273) من طريق حميد بن قيس الأعرج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر موصولاً وإسناده صحيح. وفي الباب عن أنس بن مالك، سلف برقم (12484) وهو حسن في الشواهد، وفاتنا أن نذكر تحسينه هناك، فليستدرك من هنا. وعن عمران بن حُصين سيأتي 4/432-433 و436، وعن عبد الرحمن بن شبل، وسنده قوي، وسيأتي برقم (15529) وعن أبي سعيد الخدري عن أبي عبيد في "فضائل القرآن" ص 205-206، والبغوي في "شرح السنة" (1182) وسلف نحوه برقم (11340) وعن سهل بن سعد عن ابن حبان (1786) .

القِدح: السهم.

 

22865 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، عَنْ وَفَاءِ بْنِ شُرَيْحٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " فِيكُمْ كِتَابُ اللهِ يَتَعَلَّمُهُ الْأَسْوَدُ وَالْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ . تَعَلَّمُوهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ زَمَانٌ يَتَعَلَّمُهُ أُنَاسٌ وَلَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَيُقَوِّمُونَهُ كَمَا يُقَوَّمُ السَّهْمُ، فَيَتَعَجَّلُونَ أَجْرَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ "

 

حديث حسن، عبد الله بن لهيعة سيىء الحفظ وقد اضطَرَب فيه كما سلف بيانه عند حديث أنس بن مالك برقم (12484) وأصحُّ الطرق عنه حديث سهل هذا، فقد رواه عن ابن لهيعة على هذا الوجه عبد الله بن وهب، وروايته عنه صالحة مقبولة عند أهل العلم، ثم إنه قد تابعه عمرُو بن الحارث المصري، وهو ثقة، لكن يبقى في الإسناد وفاء الحميري -وهو وفاء بن شريح- فقد روى عنه اثنان ولم يوثقه غير ابن حبان، فهو مجهول الحال . وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 69 من طريق حجاج بن محمد الأعور، وأبو داود (831) ، وابن حبان (760) ، والبيهقي في "الشعب" (2647) من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن عبد الله بن لهيعة، بهذا الإسناد . وقرن ابن وهب بابن لهيعة عمرَو بنَ الحارث، وابن حبان سمَّاه ولم يسمِّ ابن لهيعة، لأنه ليس من شرط كتابه . وأخرجه ابن حبان (6725) ، والطبراني (6024) ، والمزي في ترجمة وفاء من "التهذيب" 30/454-455 من طريق عمرو بن الحارث وحده، عن بكر بن سوادة، به . وأخرجه الحسين المروزي في زياداته على "زهد ابن المبارك" (813) ، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 68، وعبد بن حميد (466) ، والفريابي في "فضائل القرآن" (176) ، والطبراني (6021) و (6022) ، والبيهقي (2645) و (2646) من طريق موسى بن عُبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة، عن سهل بن سعد . وإسناده ضعيف لضعف موسى بن عبيدة . ويشهد له حديث جابر بن عبد الله السالف برقم (14855) . وانظر أحاديث الباب عنده، وعند حديث عمران بن حصين السالف برقم (19917) .

 

6633 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، مِنْ كِتَابِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، سَمِعْتُ شَرَاحِيلُ (1) بْنَ يَزِيدَ الْمَعَافِرِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ هُدَيَّةَ الصَّدَفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَكْثَرَ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا " (2)

 

(1) كذا في هذه الرواية من طريق زيد بن الحباب، وهو خطأ، فقد نقل البيهقي في "الشعب" 5/363 عن الإمام أحمد قوله: كذا قال زيد بن الحباب: شرحبيل. اهـ. وقال البخاري في "التاريخ الكبير" 1/257-258: وقال بعضهم: شرحبيل بن يزيد المعافري، ولا يصح. قلنا: يعني أن الصواب: شراحيل، وهو ما سيرد في رواية ابن المبارك الآتية برقم (6637) .

(2) حديث صحيح، وهذا اسناد حسن، شراحيل بن يزيد: هو المعافري المصري، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الذهبي في "الكاشف"، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق. ومحمد بن هدية -بالياء المثناة التحتية، وتصحف في غير ما كتاب الى هدْبة، بالموحدة-، ذكره يعقوب بن سفيان في "تاريخه" 2/528 في الثقات من تابعي أهل مصر. وقال ابن حجر في

"التقريب": مقبول، ونقل في "التهذيب" عن ابن يونس قوله: ليس له غير حديث واحد.

قلنا: يعني هذا الحديث، وباقي رجاله ثقات، رجال الصحيح.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة في "المصنف" 13/228، ومن طريقه الفريابي في "صفة المنافق" (37) عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.

وزاد الهيثمي في "المجمع" 6/229-230 نسبته الى الطبراني.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6958) من طريق الحسن بن علي بن عفان، عن زيد بن الحباب، به.

وأخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/528، والبيهقي في "الشعب" (6959) من طريق ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شريح، به.

وأشار إلى متابعة ابن وهب البخاري في "التاريخ الكبير" 1/257.

وسيرد برقم (6634) و (6637) ، وإسناد الأول حسن في الشواهد والمتابعات.

وفي الباب عن عقبة بن عامر، سيرد 4/151 و154-155، وسنده حسن.

 

17367 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا مِشْرَحٌ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا "

 

حسن لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، عبد الله بن لهيعة قد روى عنه هذا الحديث عبد الله بن المبارك وغيره ممن مشَّى بعضُ أهل العلم أحاديثهم عن ابن لهيعة وقبلوها من أجل أنهم سمعوا منه قبل احتراق كتبه واختلاطه، ومشرح- وهو ابن هاعان المعافري- اختُلف فيه، وهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد لا سيما في روايته عن عقبة.

وأخرجه الفريابي في "صفة المنافق" (33) من طريق عبد الله بن المبارك، والفريابي أيضا (32) ، وابن عدي في "الكامل" 4/1466، والخطيب في "تاريخه" 1/357 من طريق قتيبة بن سعيد، وابن وضاح في "البدع والنهي عنها" ص88 من طريق أسد بن موسى، والطبراني في "الكبير" 17/ (841) من طريق سعيد بن أبي مريم وأسد بن موسى ويحيى بن إسحاق السَّيلحيني، خمستهم عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (17410) و (17411) .

ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو، وقد سلف بالأرقام (6633) و (6634) و (6637) . وانظر الكلام على معناه هناك.

 

هذا ذم وتوصية أخلاقية اتخذت شكل نبوءة مزعومة بصيغة تقريرية منسوبة إلى محمد.

 

 

 

النهي عن الرشوة والفساد

 

روى أحمد:

 

6532 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: " لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ "

 

إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير الحارث بن عبد الرحمن، فقد روى له أصحاب السنن، وقال أحمد والنسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي وابن حجر: صدوق. وقال ابن معين -فيما نقله عنه الذهبي في "السير" 7/147-: كل من روى عنه ابن أبي ذئب فثقة، إلا أبا جابر البياضي. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب.

وأخرجه الطيالسي (2276) ، وعبد الرزاق (14669) ، وابنُ أبي شيبة 6/549-550 و588، وأبو داود (3580) ، والترمذي (1337) ، وابن ماجه (2313) ، وابن الجارود في "المنتقى" (586) ، وابن حبان (5077) ، والطبراني في "الصغير" (58) ، والحاكم 4/102-103، والبغوي (2493) ، والبيهقي في "السنن" 10/138- 138، وفي "شعب الإيمان" (5502) من طرق عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/199 من رواية الطبراني في "الصغير"، وقال: ورجاله ثقات.

وسيأتي بالأرقام (6778) و (6779) و (6830) و (6984) .

 

9023 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه وكيع في "أخبار القضاة" 1/47، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/254 من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (1336) ، وابن الجارود (585) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5661) و (5662) ، وابن حبان (5076) ، والحاكم 4/103، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/254 من طرق عن أبي عوانة، به.

 

وروى الطبراني في المعجم الكبير في ج 9:

 

9100- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأَبَحُّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ كُفْرٌ ، وَهِيَ بَيْنَ النَّاسِ سُحْتٌ.

 

قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (4/202): رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. وقال السخاوي في (المقاصد الحسنة) (394): إسناده صحيح. وقال الألباني في) صحيح الترغيب والترهيب) (2213): رواه الطبراني موقوفا بإسناد صحيح.

 

وفي ج 23 من المعجم الكبير له:

 

951- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دُحَيْمٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيِّ ، عَنْ عَمَّتِهِ قُرَيْبَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ ، عَنْ أَبِيهَا ، قَالَ : أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ.

 

قال الهيثمي في "المجمع" 4/199: ورجاله ثقات.

 

وجاء في صحيح البخاري:

 

وَقَالَ الْحَكَمُ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ الْمُعَلِّمِ وَأَعْطَى الْحَسَنُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِأَجْرِ الْقَسَّامِ بَأْسًا وَقَالَ كَانَ يُقَالُ السُّحْتُ الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ...

 

على خلاف ذلك فالفساد مستشرٍ بين معظم شعوب المسلمين، خاصة العرب منهم وبعض الدول الآسيوية، فما أسهل تخلصك من مخالفة مرورية باهظة بدفع رشوة أقل للضابط المسؤول، وما أسهل حصولك على أرض في ملك الدولة والشعب كمال عام بمال بخس أقل من الثمن القانوني وبدون مزاد أو بلعب في المزاد والمضاربة عن طريق المظاريف المغلقة مقابل رشوة لمسؤول أو وزير، أو حتى استيلاء ثري على أرضٍ بدون وجه حق ولا دفع أي مال بتمشية الحال برشوة وعرفت حالات كهذه معروفة في التجمع الخامس بمصر بالقاهرة الجديدة لأحد أثرى الأثرياء (ع. ح) الذي كما حكى لي الثقات قام بليلٍ بهدم جزء من سور أرض وضم جزء مما خارجها إلى أرضه ثم بناء السور مجددًا بساطة، وكان بعد ثورة يناير بمصر يهرب من وقت إلى آخر إلى ألمانيا (جرمانيا) لكي لا يُقبَض عليه ويحاكَم، وكان رجلًا حاصلًا على جنسية مصرية من أصل إماراتي ومناسبًا لوزير إسكان في علاقة زواج ما وكان للوزير بحكم المصالح والرشاوى له ثلاث ﭬلل في كومبوند صحابنا الراشي. وفي بعض الهيئات لا يمكنك إنجاز أي مصلحة بدون دفع رشوة أو "شاي" للموظف وإلا سيعطلك كثيرًا ويتعنت لك حتى لو كانت إجراءتك قانونية، وحال الفساد هذا هم فيه منذ عصور الفترة العباسية الثانية في القاهرة وفي حكم المماليك ثم العثمانيين الأتراك وإلى اليوم. وفضائح الفساد الحكومية دائمة مشهورة.

النهي عن البخل والاستغلال

 

روى أحمد:

 

6792 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، وَيَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُكْتِبِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَمَرَهُمْ بِالظُّلْمِ فَظَلَمُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا ، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا، وَإِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ "

قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: " مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ (1) مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ "...إلخ

 

(1) في (س) و (ص) و (ق) : الناس. وعلى هامشها: المسلمون.

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير المسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود-، فقد روى له أصحابُ السنن، وقد رُمي بالاختلاط، إلا أن سماع وكيع منه قديم، ثم هو متابع. يزيد: هو ابنُ هارون، وعبد الله بن الحارث: هو الزبيدي المُكْتب.

وأخرجه بطوله الطيالسى (2272) عن المسعودي، به.

 

على النقيض فإن رجال الأعمال والشركات والمصانع المسلمين في معظمهم من أبخل البشر وأسوئهم، لذلك ضاقت أحوال المواطنين العاملين وهم غالبية الشعوب  في دول كمصر وسوريا ولبنان وباكستان غيرها، وعادة لا تكفي مرتبات الوظائف لأي حياة كريمة أو حتى أقل من كريمة في تلك الدول، ومعظم الوظائف بدون وضع قانوني ولا تأمينات صحية وضد الحوادث ولا تأمينات معاشات ولا حق للموظف بعدم فصله بدون عذر وبدون إنذار.

 

النهي عن الاستئثار بالمال والأملاك

 

روى مسلم:

 

[ 2084 ] حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح أخبرنا بن وهب حدثني أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن يقول عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له فراش للرجل وفراش لامراته والثالث للضيف والرابع للشيطان

 

رواه أحمد مطولًا:

 

14124 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، يَقُولُ: إِنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيَّ بَرَكَ بِهِ بَعِيرٌ قَدْ أَزْحَفَ بِهِ، فَمَرَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: " مَا لَكَ يَا جَابِرُ ؟ "، فَأَخْبَرَهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَعِيرِ، ثُمَّ قَالَ: " ارْكَبْ يَا جَابِرُ "، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَا يَقُومُ، فَقَالَ لَهُ: " ارْكَبْ "، فَرَكِبَ جَابِرٌ الْبَعِيرَ، ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَعِيرَ بِرِجْلِهِ، فَوَثَبَ الْبَعِيرُ وَثْبَةً، لَوْلَا أَنَّ جَابِرًا تَعَلَّقَ بِالْبَعِيرِ لَسَقَطَ مِنْ فَوْقِهِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَابِرٍ: " تَقَدَّمْ يَا جَابِرُ الْآنَ عَلَى أَهْلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، تَجِدْهُمْ قَدْ يَسَّرُوا لَكَ كَذَا وَكَذَا " حَتَّى ذَكَرَ الْفُرُشَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ، وَفِرَاشٌ لِامْرَأَتِهِ، وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، عبد الله بن يزيد: هو أبو عبد الرحمن المكي المقرئ، وحَيْوَة: هو ابن شُريح بن صفوان التجِيبي، وأبو هانئ: هو حُمَيد بن هانئ الخَولاني المصري، وأبو عبد الرحمن الحُبُلِي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافري.

وأخرج قصة الفرش منه أبو عوانة 5/470، والبيهقي في "شعب الإيمان"  (6295) و (6583) و (9623) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وأخرجها أيضاً مسلم (2084) ، وأبو داود (4142) ، والنسائي في "المجتبى" 6/135، وفي "الكبرى" (5574) ، وأبو عوانة 5/471، وابن حبان (673) ، والبيهقي في "الشعب" (6296) من طريق عبد الله بن وهب، عن حميد بن هانئ، به. وفي أوله عند البيهقي: "تقدم يا جابر... " كما عند أحمد.

وأخرجها أيضاً ابن المبارك في "الزهد" (762) ، ومن طريقه البغوي (3127) عن حيوة بن شريح، عن أبي هانئ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجابر... الحديث. هكذا هو بصورة المرسل.

وستأتي من الطريق نفسها برقم (14475) . ولقصة الجمل انظر ما سيأتي برقم (14195) .

وقوله: "أزْحَف به" بفتح الهمزة وسكون الزاي وفتح الحاء المهملة، أي: أعْيا وكَل، فقام ووقف بجابر. وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فراش للرجل..." قال السندي: أي: لا ينبغي للإنسان أن يتخِذَ من الفرش فوق ثلاث، وهذا إذا لم يكن له ولد أو خادم، ولا تنبغي الزيادة على قدر الحاجة. وقوله: "للشيطان"، أي: للافتخار والإسراف الذي هو مما يحمل عليه الشيطان، ويرضى به، فكأنه له أو هو من عمل الشيطان، والله أعلم.

 

إذا نظرت لحالهم علمت أنهم لا يعملون بذلك البتة، بل المواطن العادي لا يحصل على أدنى حقوقه ومتطلباته الأساسية، ربما عدا دول الخليج العربي فقط.

 

 

 

بعضهم مارس الاحتكار رغم لعن محمد للمحتكر

 

روى مسلم:

 

[ 1605 ] حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا سليمان يعني بن بلال عن يحيى وهو بن سعيد قال كان سعيد بن المسيب يحدث أن معمرا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احتكر فهو خاطئ. فقيل لسعيد فإنك تحتكر قال سعيد إن معمرا الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر

 

ورواه أحمد (15758) 15850 والأحاديث التي بعده و (15760) و (15761) و6/400 (الطبعة الميمنية) وعبد الرزاق 14890 والترمذي 1267.

 

وروى أحمد:

 

15761 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مَعْمَرٍ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئٌ "

وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَحْتَكِرُ الزَّيْتَ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، يحيى بن سعيد الأموي من رجاله، وروى له البخاري متابعة. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرجه مسلم (1605) (129) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (1086) ، والبيهقي في "السنن" 6/29، والبغوي في "شرح السنة" (2127) من طريق سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد، وفيه قيل لسعيد: فإنك تحتكر، قال سعيد: إن معمراً الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر. وسلف(15757) .

 

وروى الترمذي:

 

1267 - حدثنا إسحق بن منصور أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن إسحق عن محمد بن إبراهيم عن سعيد بن المسيب عن معمر بن عبد الله بن فضلة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحتكر إلا خاطئ"، فقلت لسعيد: يا أبا محمد ! إنك تحتكر. قال: ومعمر قد كان يحتكر

 قال أبو عيسى وإنما روي عن سعيد بن المسيب أنه كان يحتكر الزيت والحنطة ونحو هذا

 

قال الألباني: صحيح

 

قال أبو عيسى وفي الباب عن عمر و علي و أبي أمامة و ابن عمر وحديث معمر حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم كرهوا احتكار الطعام ورخص بعضهم في الاحتكار في غير الطعام وقال ابن المبارك لا بأس بالاحتكار في القطن والسختيان ونحو ذلك

 قال أبو عيسى حديث معمر حديث حسن صحيح 

 

وروى البخاري:


2590 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِيَ مَالٌ إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ فَأَتَصَدَّقُ قَالَ تَصَدَّقِي وَلَا تُوعِي فَيُوعَى عَلَيْكِ

 

منذ قديم الأزل والكثير من المتدينين المتاجرين بالدين هم مجرد منافقين، يقولون ما لا يفعلون، كهذا الذي ينصح بعد استغلال الشعوب وهو يستغل شعبًا أو مدينة بالاحتكار. وانظر ما كتبه فرج فودة من فضائح تاريخ الصحابة في (الحقيقة الغائبة) كفساد المغيرة بن شعبة وعبد الله بن عباس ونهب بيت المال.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

22512- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّهُ كَانَ يَحْتَكِرُ الزَّيْتَ.

 

22513- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ مُسْلِمٍ الْخَبَّاطِ ، قَالَ : كُنْتُ أَبْتَاعُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ النَّوَى ، وَالْعَجَمَ ، وَالْخَبَطَ فَيَحْتَكِرُهُ.

 

قارن مع وصية محمد ضد استغلال الشعوب كما سلفت من مسلم وأحمد، وروى أحمد:

 

(15755) 15847- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنْ لُؤْلُؤَةَ ، عَنْ أَبِي صِرْمَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ. (3/453)

 

حديث حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف، لجهالة لؤلؤة مولاة الأنصار، وقد ذكرها الحافظ الذهبي في المجهولات في "الميزان" 4/610. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. قتيبة: هو ابن سعيد، وليث: هو ابن سعد، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرج أبو داود (3635) ، والترمذي (1940) ، كلاهما عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن غريب. وأخرجه ابن ماجه (2342) ، والطبراني في "الكبير" 22/ (829) ، والمزي في "تهذيب الكمال" 35/299-300 من طريقين عن ليث، به. وأخرجه الدولابي في "الكنى" 1/40 من طريق عبيد الله بن عمرو، والطبراني 22/ (830) ، والبيهقي في "السنن" 6/70 من طريق سليمان بن بلال، والبيهقي 10/133 من طريق زهير بن معاوية، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به. وفي رواية عبيد الله بن عمرو وزهير بن معاوية: عن مولاة لهم، لم يسمياها. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2169) من طريق عبد العزيز ابن محمد: وهو الدراوردي، عن يحيى بن سعيد، به، دون ذكر لؤلؤة، وهو خطأ فيما ذكر أبو حاتم في "العلل" 2/202. وأخرجه الدارقطني 3/77، والحاكم 2/57-58، والبيهقي 6/69، من طريق عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رفعه: "لا ضرر ولا ضرار، من ضار ضره الله، ومن شاق شق الله عليه" وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي مع أن فيه عثمان بن محمد ابن عثمان... لم يخرج له مسلم، وقد ضعفه الدارقطني، وقال عبد الحق في "أحكامه" الغالب على حديثه الوهم، وقد وهم في هذا الحديث فجعله من حديث أبي سعيد الخدري. وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/745 عن عمرو بن يحيى، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار" وهذا سند صحيح، لكنه مرسل وهذه القطعة من الحديث رويت من غير صحابي، بأسانيد ضعيفة، لكن يتقوى بعضها ببعض كما قال النووي، ووافقه الحافظ ابن رجب. انظر "جامع العلوم والحكم" 2/210.

 

منهج علمائهم عمومًا هو الأخذ بالحديث الضعيف في مكارم الأخلاق، وما شهدت له الأحاديث الصحيحة، وحكم تحريم الاحتكار ثابت بحديث صحيح رواه الممارسون للاحتكار!

 

(8617) 8602- حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً ، يُرِيدُ أَنْ يُغْلِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَهُوَ خَاطِئٌ. (2/351).

 

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي معشر: واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني. وأخرجه الحاكم 2/12، وعنه البيهقي 6/30 من طريق إبراهيم بن إسحاق بن عيسى الغسيلي، عن عبد الأعلى بن حماد النرسي، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. بلفظ: "من احتكر يريد أن يتغالى بها على المسلمين، فهو خاطىء، وقد برئت منه ذمة الله". وإبراهيم الغسيلي قال ابن حبان: كان يسرق الحديث. وانظر حديث ابن عمر الذى سلف برقم (4880) ، وذكرت شواهده هناك

 

يبدو أن القدماء كان لديهم حقوق نشر للحديث، هذه ظاهرة لاحظتها كثيرًا في دراستي، يسرق الحديث، يعني يسمع من علماء ويرويه عن نفسه.

 

اعتراف قدماء المسلمين بأن الأوربيين وحكوماتهم والمسيحيين الغربيين أفضل منهم وأعدل وأحكم

 

روى مسلم:

 

[ 2898 ] حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني عبد الله بن وهب أخبرني الليث بن سعد حدثني موسى بن علي عن أبيه قال قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقوم الساعة والروم أكثر الناس فقال له عمرو أبصر ما تقول قال أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالا أربعا إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة وأوشكهم كرة بعد فرة وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك

 

ورواه أحمد (18022) وأخرجه أبو عوانة في "الفتن" كما في "إتحاف المهرة" 4/ورقة 150 من طريق علي بن عياش، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/16، ومسلم (2898) ، وأبو عوانة، والطبراني في "الكبير" 20/ (737) ، وفي "الأوسط" (8663) ، وأبو عمرو الداني في "الفتن" (601) من طرق عن الليث بن سعد، به. وعند مسلم وأبي عمرو الداني زيادة خصلة: وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (737) من طريق حجين بن المثنى، عن الليث، به. وعنده أن المستورد قال لعمرو بن العاص: لا أقول إلا ما سمعتُ من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يذهب الصالحون أسلافاً، وتبقى حثالة، كحثالة التمر والشعير، لا يبالي الله بهم". ولم تذكر عنده الخصال. والجمع بين متن حديثنا وهذا الحديث تفرد به حجين بن المثنى. وروي الحديث الثاني مفرداً عند الطبراني في "الكبير" 20/ (718) و (719) ، و"الأوسط" (2698) ، و"الصغير" (1698) . قال الهيثمي في "المجمع" 7/321: ورجاله ثقات.

وأخرجه البزار في "مسنده" (3463) من طريق زيد بن الحباب، عن موسى ابن عُلي، به. وليس فيه كلام عمرو.

وأخرجه مسلم (2898) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (736) من طريق ابن وهب، عن أبي شريح، عن عبد الكريم بن الحارث بن يزيد، عن المستورد، به

 

ترك القيم الأخلاقية الإنسانية الحقيقية والاكتفاء بالطقوس الشكلية

 

روى أحمد:

 

21700 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا أَبُو الدَّرْدَاءِ، مُغْضَبًا، فَقَالَتْ: مَا لَكَ ؟ فَقَالَ: " وَاللهِ مَا أَعْرِفُ فِيهِمْ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا (2) " (3)

 

(2) لفظة "جميعاً" ليست في (ظ 5) و (ر) ، وهي مثبتة فيما سيأتي 6/443 .

(3) إسناده صحيح على شرط الشيخين . أبو معاوية: هو محمد بن خازم، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وسالم: هو ابن أبي الجعد .

وهو عند أحمد في "الزهد" ص 172 .

وأخرجه البخاري (650) من طريق حفص عن الأعمش، بهذا الإسناد.

 

27500 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مُغْضَبٌ فَقُلْتُ مَنْ أَغْضَبَكَ قَالَ: " وَاللهِ لَا أَعْرِفُ فِيهِمْ مِنْ أَمْرِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٍ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر (21700) ، غير شيخ أحمد فهو هنا محمد بن عبيد الطَّنافسي.

 

11977 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ أَبُو خِدَاشٍ الْيُحْمَدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: " مَا أَعْرِفُ شَيْئًا الْيَوْمَ مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ: قُلْنَا لَهُ: فَأَيْنَ الصَّلَاةُ ؟ قَالَ: " أَوَلَمْ تَصْنَعُوا فِي الصَّلَاةِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ "

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، زياد بن الربيع من رجال  البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين. أبو عمران الجوْني: هو عبد الملك ابن حبيب.

وأخرجه أبو يعلى (4184) عن نصر بن علي، عن زياد بن الربيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (2447) عن محمد بن عبد الله بن بزيع، عن أبي عمران الجوني، به.

وسيأتي برقم (13168) من طريق عثمان بن سعد، و (13861) من طريق ثابت، كلاهما عن أنس.

وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 13/366 و15/70 من طريق حصين بن عبد الله، والبخاري (529) من طريق غيلان بن جرير، و (530) من طريق الزهري، وأبو يعلى (4149) من طريق معاوية بن قرة، أربعتهم عن أنس بن مالك.

وسبب قول أنس هذا أن بعض الأمراء كان يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها، انظر ما سيأتي برقم (13862) ، و"فتح الباري" 2/13.

 

13861 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، قَالَ أَنَسٌ: " مَا أَعْرِفُ فِيكُمُ الْيَوْمَ شَيْئًا كُنْتُ أَعْهَدُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْسَ قَوْلَكُمْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ "، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ الصَّلَاةَ ؟ قَالَ: " قَدْ صَلَّيْتُمْ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، أَفَكَانَتْ تِلْكَ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ " قَالَ: فَقَالَ: " عَلَى أَنِّي لَمْ أَرَ زَمَانًا خَيْرًا لِعَامِلٍ مِنْ زَمَانِكُمْ هَذَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ زَمَانًا مَعَ نَبِيٍّ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن المغيرة، فمن رجال مسلم، وروى له البخاري تعليقاً ومقروناً.

وأخرجه أبو يعلى (3330) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات " (3195) ، والضياء في "المختارة" (1723) من طريق هدبة بن خالد، وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (1512) ، ومن طريقه الضياء (1724) ، كلاهما (هدبة وابن المبارك) عن سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (11977) .

 

وروى البخاري:

 

529 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ عَنْ غَيْلَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ الصَّلَاةُ قَالَ أَلَيْسَ ضَيَّعْتُمْ مَا ضَيَّعْتُمْ فِيهَا

 

530 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ أَخِي عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ وَقَالَ بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ نَحْوَهُ

 

 

ترك معاقبة أثريائهم وذوي السلطة على جرائمهم

 

روى البخاري:

 

6788 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمْ الْمَرْأَةُ الْمَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا

 

بصرف النظر عن وحشية وهمجية أسلوب معاقبة السارق، الذي انتقدته في باب همجية التشريعات، لكن مبدأ العدالة والمساواة سليم صحيح، ولم يعد المسلمون في عمومهم إلا دول متقدمة قليلة منهم يعملون بهذا، بل أثرياؤهم وأصحاب المناصب فيهم يسرقون ويختلسون ويتلاعبون للنهب واستغلال النفوذ والرشاوى، ولا يكلمهم أحد، لا يُحاسَب مسؤول عما فعل عمومًا إلا بعدما يفقد سلطته، فلم يحدث أن حوكم وروجع رئيس عربي وهو ما يزال في السلطة، ويندر أن يدينوا ثريًّا فاسدًا ممن يدخلون موادًا ضارة للبلاد كأغذية فاسدة ومبيدات مسرطنة، وفي مصر حالات قليلة فقط يدان فيها هؤلاء إذا ثبتت ضدهم أدلة قوية للغاية، كحالة يوسف والي وزير الزراعة الفاسد، وحالة تأجير هشام طلعت مصطفى رجل الأعمال الثريّ جدًّا وقريب سوزان مبارك لقاتل مأجور لقتل الفنانة اللبنانية زوجته السابقة سوزان تميم في دبي بدافع الغيرة، لكن لو سُجِن أحد هؤلاء يوضع في سجن خمس نجوم بقدر ما يستطيعون، ولا يُعامَل كالمسجونين العاديين، هذا لو تم سجنه، وقد يهرب المدانين قبل القبض عليهم خارج البلاد وقبل منعهم من السفر إلى دولة لا اتفاقية تسليمات متبادلة ولا إنتربول فيها، حيث يحصلون على المعلومات من مصادر عليا مقربة من دوائر القضاء والمباحث وصنع القرار وغيرها، قبل اتخاذ القضاء والمدعي العام بقرار القبض عليهم ومنعهم من السفر. ومنذ العصور القديمة كان الخليفة من بني أمية ثم بني العباس ثم الأيوبيين فالمماليك فالعثمانيين يسرق وينهب مال الفقراء ويمتص دماءهم هو وحاشيته وملتزمو جباية الأموال له كما شاؤوا، ولم يكن عليهم أي محاسبة.

 

تحديد نِصاب أو حد أدنى للسرقة لتطبيق العقوبة الوحشية بقطع اليد واستثناء بعض أشكال السرقات

 

لم يقل القرآن بأي مقدار محدد أو حد أدنى لتطبيق عقوبة السرقة، وفقًا للتشريع الأصلي لو سرق فقير مجرد تفاحة أو رغيف خبز ستقطع يده، وروى البخاري:

 

6799 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ

 

لكنهم رووا أحاديث مناقضة وحاولوا تبرير حديث أبي هريرة بأن أحد معاني البيضة هو الخوذة، وهذا صحيح، لكن من قال أن الحبل أيًّا كان نوعه سيكون بثمن الدروع والخوذ المعدنية الأغلى؟!

 

قال ابن حبان: يشبه أن يكون أراد به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخطابه هدا بيضة الحديد، أو بيضة النعامة التي قيمتها تبلغ ربع دينار فصاعدا، وكذلك الحبل، أراد به الحبال الكبار التي تكون للآبار العميقة القعر أو للمراكب العمالة في البحر، وذلك أن أهل الحجاز الغالب عليهم الآبار العميقة القعر، وعليها بكرات لهم بحبال الدلاء تدور، فتترك بالليل على حالها، وهكذا حبال المراكب، لأن المركب إذا أرسى ربما طرحت المراسي بحالها برا فيمر به السابلة، فزجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا الخطاب مس شيء منها على سبيل الاستحلال دون الانتفاع بها.

وقال الخطابي في "أعلام الحديث" 4/2291 متعقبا تأويل الأعمش الذي ذكرناه آنفا: تأويل الأعمش هذا غير مطابق لمذهب الحديث ومخرج الكلام فيه، وذلك أنه ليس بالسائغ في الكلام أن يقال في مثل ما ورد فيه هذا الحديث من اللوم والتثريب: أخزى الله فلانا عرض بفسه للتلف في مال له قدر ومزية، وفي عرض له قيمة. إنما يضرب المثل في مثله بالشيء الوتح (أي: الشيء القليل التافه) الذي لا وزن له ولا قيمة، هذا عادة الكلام وحكم العرف الجاري في مثله.

وإنما وجه الحديث وتأويله: ذم السرقة وتهجين أمرها وتحذير سوء مغبتها فيما قل وكثر من المال. يقول: إن سرقة الشيء اليسير الذي لا قيمة له كالبيضة المذرة، والحبل الخلق الذي لا قيمة له إذا تعاطاها المسترق، فاستمرت به العادة لم ينشب أن يؤديه ذلك إلى سرقة ما فوقها، حتى يبلغ قدر ما يقطع فيه اليد، فتقطع يده، يقول: فليحذر هذا الفعل وليتوقه قبل أن تملكه العادة، ويمرن عليها، ليسلم من سوء مغبته ووخيم عاقبته.

وقال البغوي: وقيل: كان هذا في الابتداء، وهو قطع اليد في الشيء القليل، ثم نسخ بقوله: "القطع في ربع دينار" . وانظر "فتح الباري" 12/82-83.

 

هذه هي وظيفة رجال فقهاء وشيوخ الدين القديمة: التربح منه، تخفيف وحل مشاكله قدر الإمكان وتقليل أضراره، وأحيانًا لو تخلفوا عقليًّا زيادتها أكثر وتعقيدها، تبرير التناقضات وتلفيق تبريرات وتأويلات لها...إلخ. نص القرآن واضح لا حد أدنى فيه للسرقة عمومًا.

 

وروى البخاري:

 

6789 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَمَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ

 

6790 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ

 

6791 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدَّثَتْهُمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ

 

6792 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ يَدَ السَّارِقِ لَمْ تُقْطَعْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي ثَمَنِ مِجَنٍّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ

6793 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمْ تَكُنْ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي أَدْنَى مِنْ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذُو ثَمَنٍ رَوَاهُ وَكِيعٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا

 

6794 - حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَمْ تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ تُرْسٍ أَوْ حَجَفَةٍ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ

 

6795 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي نَافِعٌ قِيمَتُهُ

 

6796 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ

 

6797 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ

 

6798 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ سَارِقٍ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي نَافِعٌ قِيمَتُهُ

 

وانظر مسلم (1684) ، وأحمد 24078

 

وهناك تناقض في الأحاديث من جهة تحديد قيمة الحد الأدنى الذي نسبوه إلى محمد هل هو ربع دينار (قالوا أنه كانت قيمته ثلاثة درهم والدينار 12 درهمًا) أم أربعة دراهم؟!

فقد روى الترمذي:

 

1446 - حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع عن آبن عمر قال: قطع رسول الله صلى الله عليه و سلم في مجن قيمته ثلاثة دراهم

 

قال الألباني: صحيح

 

قال وفي الباب عن سعيد و عبد الله بن عمرو و ابن عباس و أبي هريرة و أيمن

قال ابو عيسى حديث ابن عمر حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم منهم أبو بكر الصديق قطع في خمسة دراهم وروي عن عثمان و علي أنهما قطعا في ربع دينار وروي عن ابي هريرة و ابي سعيد أنهما قالا تقطع اليد في خمسة دراهم والعمل على هذا عند بعض فقهاء التابعين وهو قول مالك بن أنس و الشافعي و أحمد و إسحق رأوا القطع في ربع دينار فصاعدا وقد روي عن ابن مسعود أنه قال لا قطع إلا في دينار أو عشرة دراهم وهو حديث مرسل رواه القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود و القاسم لم يسمع من ابن مسعود والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة قالوا لا قطع في أقل من عشرة دراهم وروي عن علي أنه قال لا قطع في أقل من عشرة دراهم وليس إسناده بمتصل

 قال ابو عيسى حديث ابن عمر حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي –

 

وروى النسائي في المجتبى:

 

4938 - أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال حدثني قدامة بن محمد قال أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت عثمان بن أبي الوليد يقول سمعت عروة بن الزبير يقول كانت عائشة تحدث عن نبي الله صلى الله عليه و سلم أنه قال Y لا تقطع اليد إلا في المجن أو ثمنه وزعم أن عروة قال المجن أربعة دراهم

 

قال الألباني: صحيح

 

وروى أحمد:

 

24515 - حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ عَامِلٌ عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: أُتِيتُ بِسَارِقٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ خَالَتِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْ لَا تَعْجَلَ فِي أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى آتِيَكَ، فَأُخْبِرَكَ مَا سَمِعْتُ مَنْ عَائِشَةَ فِي أَمْرِ السَّارِقِ، قَالَ: فَأَتَتْنِي، وَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ، تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْطَعُوا فِي رُبُعِ الدِّينَارِ، وَلَا تَقْطَعُوا فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ "، وَكَانَ رُبُعُ الدِّينَارِ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَالدِّينَارُ اثْني (1) عَشَرَ دِرْهَمًا، قَالَ: "وَكَانَتْ سَرِقَتُهُ دُونَ رُبُعِ الدِّينَارِ، فَلَمْ أَقْطَعْهُ " (2)

 

(1) في (ظ8) : اثْنَا .

(2) إسناده صحيح . محمد بن راشد - وهو الخُزاعي - ثقة من رجال أصحاب السنن ، ويحيى بن يحيى الغساني من رجال أبي داود ، وهو ثقة ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين . هاشم : هو ابن القاسم أبو النضر . وأخرجه البيهقي 8 / 255 من طريق أبي النضر ، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1684) (4) ، والنسائي في "المجتبى" 8 / 79 - 80 و80 ، وفي "الكبرى" (7415) و (7416) ، وابن نصر المروزي في "السنة" (322) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3 / 165 و166 ، والبيهقي في "السنن" 8 / 254 و255 من طرق عن أبي بكر بن حزم، بنحوه .

واختُلف فيه على يحيى بن يحيى الغساني:

فقد أخرجه محمد بن نصر المروزي (326) ، والطبراني في "الأوسط" (2282) من طريق هشام بن يحيى الغساني ، عن أبيه يحيى بن يحيى ، عن عمرة ، به ، لم يذكر بينهما أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم.

قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن يحيى بن يحيى الغساني إلا ابنُه هشام .

قلنا : قال الدارقطني في "العلل" : والصحيح قول من قال : محمد بن راشد ، عن يحيى الغساني ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عن عمرة، عن عائشة.

وسلف برقم (24078) .

 

24078 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْطَعُ فِي رُبُعِ الدِّينَارِ فَصَاعِدًا "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عُيينة، وعَمرة: هي بنت عبد الرحمن الأنصارية. وأخرجه أبو داود (4383) عن الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الشافعي في "الأم" 6/133، وفي "مسنده" 2/83 (بترتيب السندي) ، والحميدي (279) ، وإسحاق بن راهوية (740) و (983) ، ومسلم (1684) ، والترمذي (1445) ، والنسائي في "المجتبى" 8/78-79، وفي "الكبرى" (7408) ، وابن نصر المَرْوزي في "السنَّة" (319) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/163 و166 و167، وابن حبان (4459) ، والبيهقي في "السنن الكبري" 8/254، وفي "معرفة السنن والآثار" 12/356، والبغوي في "شرح السنة" (2595) من طريق سفيان بن عيينه، بهذا الإسناد. وجاء عند الشافعي والحميدي وإسحاق بن راهوية (740) وابن نصر المروزي والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/166-167، والبيهقي بلفظ: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "تُقطع اليد في ربع دينار" ، وقد علَّل الطحاوي الحديث بالاختلاف في روايتيه بين الفعلي منه والقولي، فردَّ عليه الحافظ في "الفتح" 12/102-103، وقال ما خلاصته: لا معارضة بين روايتيه، فتكون عائشة أخبرت بالفعل والقول معاً.

قال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وقد رُوي هذا الحديث من غير وجه عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً، ورواه بعضُهم عن عمرة، عن عائشة موقوفاً. قلنا: سيأتي قريباً ذكرُ مَنْ وقفه.

وقال البغوي: هذا حديث متفق على صحته.

وأخرجه الطيالسي (1582) عن زمعة، وأحمد كما سيرد (24079) من طريق يونس، و (25359) من طريق معمر، وابنُ أبي شيبة 6/468-469، والبخاري (6789) ، ومسلم (1684) ، وابن ماجه (2585) ، والدارمي (2300) ، وأبو يعلى (4411) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/167، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/254، وفي "ومعرفة السنن والآثار" 12/364-365 و365، وابن عبد البر في "الاستذكار" 24/157 من طريق إبراهيم بن سعد (وقرن به ابن أبي شيبة - ومن أخرجه من طريقه- والبيهقيُ في إحدى روايتيه سليمانَ بنَ كثير) . وأخرجه الخطيب البغدادي في "التاريخ" 8/398 من طريق ابن أخي الزهري، ستتهم عن الزهري، به، مرفوعاً من قوله عليه الصلاة والسلام.

وذكر البخاري بإثر الحديث أنه تابع إبراهيمَ بنَ سعد عبدُ الرحمن بنُ خالد، وابنُ أخي الزهري ومعمر، عن الزهري. قال الحافظ في قول البخاري: تابعه، أي: في الاقتصار على عَمرة.

ومتابعةُ معمر وصلها أحمد، كما سيرد برقم (24079) ، ومتابعة عبد الرحمن بن خالد -وهو ابن مسافر- وصلها الذهلي في "الزهريات" عن عبد الله بن صالح، عن الليث، عنه، فيما ذكر الحافظ في "الفتح" 12/101.

ورواه أربعةٌ عن عمرة عن عائشة موقوفاً.

فأخرجه الحميدي (280) ، والنسائي في "المجتبى" 8/79، وفي "الكبرى" (7413) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/165، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" 12/370-371، وابن عبد البر في "الاستذكار" 24/158 من طريق سفيان بن عيينة قال: حدثناه أربعة عن عمرة، عن عائشة، لم يرفعوه: عبدُ الله بنُ أبي بكر، ورُزَيْق بن حُكَيْم الأَيْلي، ويحيى بن سعيد، وعبد ربه بن سعيد. قلنا: لم يرد عند النسائي ذكر عبد الله بن أبي بكر. قال ابن عيينة: والزهري أحفظُهم كلِّهم، إلا أن في حديث يحيى ما دلَّ على الرفع (يعني قول عائشة) . ما نسيت ولا طال علي: "القطع في ربع دينار فصاعداً".

قلنا: قال الحافظ في "الفتح" 12/102: وهو وإن لم يكن رفعُه صريحاً، لكنه في معنى المرفوع.

وأخرجه ابن حبان (4465) عن الحسين بن أحمد بن بسطام، عن إبراهيم ابن سعيد الجوهري، عن سفيان بن عيينة قال: سمعتُ من أربعة: يحيى بن سعيد، ورُزيق، وسعد بن سعيد، والزُّهري، عن عمرة، عن عائشة، مرفوعاً من رواية الزهري، وموقوفاً من رواية الثلاثة الباقين.

وذكر الدارقطنيّ في "العلل" 5/لوحة 99 أن الحسين بن أحمد بن بسطام وهم في قوله: سعد بن سعيد، وأنه إنما أراد أن يقول: عبد ربه بن سعيد.

قلنا: وقد اختُلف فيه على يحيي بن سعيد:

فأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/79، وفي "الكبرى" (7409) ، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" 12/371-372 ممن طريق سعيد بن أبي عروبة، وأخرجه النسائي كذلك في "المجتبى" 8/79، وفي "الكبرى" (7410) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/164 من طريق أبان، كلاهما عن يحيى ابن سعيد الأنصاري، عن عمرة، به، مرفوعاً. قال النسائي: حديث أبان وسعيد خطأ. قلنا: يعني أنهما أخطآ في رفعه، وقد رواه أربعة حفاظ عن يحيى بن سعيد موقوفاً: فأخرجه مالك 2/832، ومن طريقه النسائي في "المجتبى" 8/79، وفي "الكبرى" (7414) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/165، وابن حبان (4462) ، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" 12/371. وأخرجه النسائي أيضاً 8/80، وفي "الكبرى" (7412) من طريق عبد الله بن إدريس، و8/79 و (7411) من طريق عبد الله بن المبارك، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/165 من طريق أنس بن عياض، أربعتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة، موقوفاً. قال النسائي: هذا هو الصواب من حديث يحيى.

قلنا: قد قال الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 99: وأما الخلاف فيه على يحيى ابن سعيد، فإن أيوب السختياني بيَّنَ في روايته عن يحيى أن ذلك من يحيى، وأنه رفعه مرة، ثم ترك رَفْعَه، فهو عنه على الوجهين صواب.

واختلف فيه على الزهري:

فأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/77، وفي "الكبرى" (7401) ، والطبراني في "الأوسط" (1705) من طريق حفص بن حسان، و (1027) من طريق الأوزاعي، و (4521) من طريق حميد الأعرج، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" 12/374 من طريق قتادة، أربعتهم عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به مرفوعاً.

قال الدارقطني في "العلل" - فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 12/100: اقتصر إبراهيم بن سعد وسائرُ من رواه عن ابن شهاب على عمرة، ورواه يونس عنه، فزاد مع عَمرة عُروة. قلناه سترد رواية يونس برقم (24079) .

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/80، وفي "الكبرى" (7418) من طريق  عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة، مرفوعاً بلفظ: "تقطع يد السارق في ثمن المِجَنّ" وثمنُ المِجنّ ربع دينار. ووقع فيه: عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي الرجال، وهو خطأ، فأبو الرجال هو محمد بن عبد الرحمن، وقد جاء على الصواب في "تحفة الأشراف" 12/416.

وأخرجه مسلم (1684) (3) ، والنسائي في "المجتبى" 8/81، وفي "الكبرى" (7423) و (7425) ، وابن نصر المروزي في "السنَّة" (323) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/164، وابنُ حبان (4464) ، والدارقطني في "السنن" 3/189، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" 12/366 من طريق مَخْرمة بن باكير بن عبد الله بن الأشج، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن عمرة، به، مرفوعاً.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/81، وفي "الكبرى" (7422) ، والدارقطني في "السنن" 3/189، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/256 من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن سليمان بن يسار، عن عمرة أنها سمعت عائشة تقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لا تُقطع يد السارق فيما دون ثمن المِجنّ" . قيل لعائشة: ما ثمنُ المجني؟ قالت: ربع دينار. وقد جمع الدارقطني رواية يزيد بن أبي حبيب إلى رواية مخرمة.

وأخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 8/326 من طريق ابن لهيعة، عن أبي النضر، عن عمرة، بنحو رواية سليمان بن يسار المذكورة آنفاً.

وأخرجه مالك 2/832-833 وفيه قصة- ومن طريقه الشافعي في "المسند" 2/84-85 (بترتيب السندي) ، والنسائي في "المجتبى" 8/80، وفي "الكبرى" (8417) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/166- عن عبد الله ابن أبي بكر بن محمد. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (18964) عن سفيان الثوري، كلاهما عن عمرة، عن عائشة موقوفاً. ووقع في مطبوع النسائي عبد الله بن محمد بن أبي بكر، وهو خطأ.

وأخرج ابن نصر المروزي (325) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/166 ، والطبراني في "الأوسط" (8705) من طريق يحيى بن أيوب، عن جعفر بن ربيعة، عن الأسود بن العلاء بن جارية وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الملك بن المغيرة وكثير بن خنيس أنهم تنازعوا في القطع، فدخلوا على عَمرة يسألونها، فقالت: قالت عائشة: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا قطعَ إلا في ربع دينار" . وأخرجه البخاري كذلك في "التاريخ الكبير" 7/209-210 غير أنه وقع فيه: دخلوا على عائشة. لم يذكر عمرة. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الأسود بن العلاء وأبي سلامة وعبد الملك بن المغيرة وكثير بن خنيس إلا جعفر بن ربيعة، تفرد به يحيى بن أيوب.

قلنا: لم يذكر المروزي في روايته سوى الأسود بن العلاء بن جارية، وجاء اسمه عند الطحاوي: العلاء بن الأسود وأشار إلى ورود الاسمين في الرواية البخاري في "التاريخ الكبير" 7/209، وثم يذكر الطحاوي عبد الملك بن المغيرة.

ووقع في مطبوع "الأوسط" : عن أبي سلمة، وهو خطأ، وتحرف فيه اسم خنيس إلى حسين.

وأخرج السلمي في "تاريخ جرجان" ص256 من طريق الفرات أبي السائب، عن ميمون بن مهران، عن عروة، عن عائشة قالت: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقطع السارق في أقلَّ من ربع دينار.

ونقل عن ابن عدي قوله: هذا حديث غريب من رواية ميمون، عن عروة، ليس له إلا هذا الطريق.

وأخرج النسائي في "المجتبى" 8/81، وفي "الكبرى" (7424) (7425) ، والدارقطني في "السنن" 3/190 من طريق مخرمة بن باكير، عن أبيه، قال: سمعت عثمان بنَ أبي الوليد مولى الأخنسيين يقول: سمعتُ عروةَ بنَ الزبير يقول: كانتْ عائشة تحدِّثُ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تُقطع اليدُ إلا في المِجنِّ أو ثمنه" . قال: وزعم أن عروة قال: وثمنُ المِجنّ أربعةُ دراهمَ.

قال: وسمعتُ سليمان بن يسار يقول: لا تقطع اليد إلا في ربع دينار، فما فوقَه.

وأخرج البخاري (6792) و (6793) و (6794) ، ومسلم (1685) ، والنسائي في "المجتبى" 8/82، وفي "الكبري" (7427) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: لم تكن تُقطعُ يد السارق في أدنى من حَجَفَة أو تُرْس، كلُّ واحد منهما ذو ثمن.

وذكر الحافظ في "الفتح" 12/103-104 أن الإسماعيلي أخرجه من وجه آخر، وفيه زيادة قصة في السند، ولفظه عن هشام، عن عروة أن رجلاً سرق قدحان فأُتيَ به عمرَ بنَ عبد العزيز، فقال هشام بن عروة: قال أبي: إن اليد لا تقطع في الشيء التافه، ثم قال: حدثني عائشة...

وقد رواد وكيع مرسلاً فيما أخرجه ابن أبي شيبه في "مصنفه" عنه، ولفظه: عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان السارق في عهد النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُقطع في ثمن المجنّ، وكان المجنُّ يومئذٍ له ثمن، ولم يكن يُقطع فى الشيء التافه.

وسيرد بالأرقام (24078) و (24515) و (24725) و (25304) و (26116) و (26141) .

وفي الباب عن عبد الله بن عمر، سلف برقم (4503) .

وعن عبد الله بن عمرو، سلف برقم (6687) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

 

ويذكر ابن أبي شيبة أن بعضهم كانوا متشددين في تطبيق العقوبة الوحشية:

 

28674- حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَن حُمَيْدٍ ، قَالَ : سُئِلَ أَنَسٌ : فِي كَمْ يُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ ؟ فَقَالَ : قَدْ قَطَعَ أَبُو بَكْرٍ فِيمَا لاَ يَسُرُّنِي أَنَّهُ لِي بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ ، أَوْ ثَلاَثَةِ دَرَاهِمَ.

 

صحيح، حميد الطويل كان يدلس عن أنس لكن عامة ما دلسه عنه أخذه من ثابت البناني وهو ثقة.

 

28681- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ (ح) وَإِسْمَاعِيلُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ عُمَرَ ، قَالَ : لاَ تُقْطَعُ الْخَمْسُ إِلاَّ فِي خَمْسٍ.

 

28682- حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ : لاَ تُقْطَعُ الْخَمْسُ إِلاَّ فِي خَمْسٍ.

 

28683- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ سُفْيانَ ، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَطَعَ فِي نَعْلَيْنِ.

 

صحيح

 

روى عبد الرزاق:

 

18970 - أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال قطع ابو بكر في مجن ما يساوي أو ما يسرني أنه لي بثلاثة دراهم

 

18965 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن سليمان بن يسار قال لا تقطع الخمس إلا في الخمس الدنانير

18966 - أخبرنا عبد الرزاق عن بن جريج عن رجل عن الحسن مثل قول قتادة

 

18971 - أخبرنا عبد الرزاق قال الثوري وأخبرني شعبة عن قتادة عن أنس قال خمسة دراهم

 

بعض آراء فقهائهم هنا قالت بخمسة دنانير، لكن ليس منها ما هو مرفوع إلى محمدد يعني من وصاياه، بل من آرائهم وهو مناقض لحديثي الثلاثة أو الأربعة دراهم.

 

وارتأى آخرون عدم التشدد محاولة الإعفاء عن السرقات البسيطة، قال عبد الرزاق:

 

18974 - أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري أو غيره عن نافع عن بن عمر أن شرط عثمان كانوا يسرقون السياط فبلغ ذلك عثمان فقال أقسم بالله لتتركن هذا أو لا أوتى برجل منكم سرق سوط صاحبه إلا فعلت به وفعلت

 

ورواه ابن أبي شيبة:

 

28684- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَن عُبَيْدِ اللهِ ، عَن نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : كَانُوا يَتَسَارَقُونَ السِّيَاطَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : لَئِنْ عُدْتُمْ لأَقْطَعَن فِيهِ.

 

صحيح

 

والأحاديث التالية من مصنف ابن أبي شيبة حُكِم عليها بأنها مرسلة وضعيفة، لكنها تشهد لوجود رأيٍ عند بعض قدمائهم كان يحاول التهرب ما أمكن من تطبيق حد السرقة باعتبار القرآن اعتُبِر عند السلطات والعامة نصًّا مقدسًا، فلا يمكن توقيف حدود الوحشية بدون الالتفاف عليه بالاستنثناآت الحديثية والتفاسير:

 

×28687- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حدَّثَنَي أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : لاَ يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي دُونِ ثَمَنِ الْمِجَنِّ ، وَثَمَنُ الْمِجَنِّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ.

28688- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : كَانَ يَقُولُ : ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ.

28689- حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ ، وَوَكِيعٌ ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ قَالَ : لاَ يُقْطَعُ إِلاَّ فِي دِينَارٍ ، أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ.

28690- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَن حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ : قيمَةُ الْمِجَنِّ دِينَارٌ ، الَّذِي تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ.

28691- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : أَدْنَى مَا يُقْطَعُ فِيهِ السَّارِقُ ثَمَنُ الْمِجَنِّ ، وَكَانَ يُقَوَّمُ الْمِجَنُّ فِي زَمَانِهِمْ دِينَارًا ، أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ.

28692- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَن حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ : لاَ تُقْطَعُ الْيَدُ إِلاَّ فِي تُرْسٍ ، أَوْ حَجَفَةٍ ، قَالَ : قُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ : كَمْ قِيمَتُهُ ؟ قَالَ : دِينَارٌ.

28693- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ السَّارِقُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُقْطَعُ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ ، وَكَانَ الْمِجَنُّ يَوْمَئِذٍ لَهُ ثَمَنٌ ، وَلَمْ يَكُنْ يُقْطَعُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ.

28694- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : يُقْطَعُ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ.

28695- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن ، عَنِ الْقَاسِمِ ، قَالَ : أُتِيَ عُمَرُ بِسَارِقٍ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : إِنَّ سَرِقَتَهُ لاَ تَسْوَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، قَالَ : فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ فَقُوِّمَتْ ثَمَانيَةَ دَرَاهِمَ ، فَلَمْ يَقْطَعْهُ.

28697- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَمْ يَكُنْ يُقْطَعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ.×

 

لا قطع في ثمر

 

وروى أحمد:

 

6683 - حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ يَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الضَّالَّةِ مِنَ الْإِبِلِ ؟ قَالَ: " مَعَهَا حِذَاؤُهَا ، وَسِقَاؤُهَا، تَأْكُلُ الشَّجَرَ، وَتَرِدُ الْمَاءَ، فَدَعْهَا حَتَّى يَأْتِيَهَا بَاغِيهَا " قَالَ: الضَّالَّةُ مِنَ الْغَنَمِ ؟ قَالَ: " لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ، تَجْمَعُهَا حَتَّى يَأْتِيَهَا بَاغِيهَا " قَالَ: الْحَرِيسَةُ الَّتِي تُوجَدُ فِي مَرَاتِعِهَا ؟ قَالَ: " فِيهَا ثَمَنُهَا مَرَّتَيْنِ، وَضَرْبُ نَكَالٍ ، وَمَا أُخِذَ مِنْ عَطَنِهِ فَفِيهِ الْقَطْعُ ، إِذَا بَلَغَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ "

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالثِّمَارُ، وَمَا أُخِذَ مِنْهَا فِي أَكْمَامِهَا ؟ قَالَ: " مَنْ أَخَذَ بِفَمِهِ، وَلَمْ يَتَّخِذْ خُبْنَةً ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَمَنِ احْتَمَلَ، فَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ مَرَّتَيْنِ وَضَرْبًا وَنَكَالًا، وَمَا أَخَذَ مِنْ أَجْرَانِهِ ، فَفِيهِ الْقَطْعُ، إِذَا بَلَغَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ "

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللُّقَطَةُ نَجِدُهَا فِي سَبِيلِ الْعَامِرَةِ ؟ قَالَ: " عَرِّفْهَا حَوْلًا ، فَإِنْ وُجِدَ بَاغِيهَا ، فَأَدِّهَا إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ "، قَالَ: مَا يُوجَدُ فِي الْخَرِبِ الْعَادِيِّ ؟ قَالَ: " فِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ "

 

حديث حسن، محمد بن إسحاق متابع. وأخرجه مطولاً البغوي (2211) من طريق يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (1710) ، والنساني في "المجتبى" 8/85-86، والطبراني في "الأوسط" (5030) ، والدارقطني 3/194-195 و4/236، والحاكم 4/381، والبيهقي في "السنن" 4/152 و6/190 من طرق، عن عمرو بن شعيب، به. وسيأتي برقم (6746) و (6891) و (6936) . وسيرد منه حكم الأكل من الثمر المعلق برقم (7094) من طريق هشام بن سعد، عن عمرو بن شعيب.//وحكم ضالة الإبل والغنم: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/135-13، والطبراني في "الأوسط" (2671) ، والبيهقي في "السنن" 6/197، من طرق عن عمرو بن شعيب، به، وسنده حسن.//وحكم ضالة الغنم: أخرجه أبو داود (1713) من طريق ابن إدريس، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.// وأخرجه أبو داود أيضاً (1712) من طريق عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، به، وسنده حسن.//وحكم سرقة الحريسة والثمار: أخرجه النسائي في "المجتبى" 8/84-85 من طريق عبيد الله بن الأخنس، وابن ماجه (2596) من طريق الوليد بن كثير، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به، (وعبيد الله تحرف في مطبوع النسائي إلى عبد الله) وسنده حسن. // وحكم الأكل من الثمر المعلق: أخرجه أبو داود (1710) ، والترمذي (1289) ، والنسائي في "المجتبى" 8/85 من طريق ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، به، وسنده حسن.//وحكم اللقطة: أخرجه أبو داود (1708) ، والبيهقي في "السنن" 6/197 من طريق عبيد الله بن عمر، عن عمرو بن شعيب، به. وسنده حسن.// وأخرجه الدولابي في "الكنى" 2/107 من طريق أبي المحل خداش بن عياش، عن عمرو بن شعيب، به.//وحكم الركاز والخرب العادي: أخرجه الشافعي في "الأم " 2/43-44 -ومن طريقه البيهقي في "السنن" 4/155-، والحميدي (596) ، -ومن طريقه الحاكم 2/65-، وأبو عبيد في "الأموال" (859) و (860) و (861) ، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (1259) ، وابن الجارود في "المنتقى" (670) من طرق عن عمرو بن شعيب، به. وصححه ابنُ خزيمة (2327) و (2328) ، وتحرف فيه عمرو بن شعيب إلى: محمد.//ولضالة الإبل والغنم شاهد من حديث أبي هريرة عند الطحاوي في"شرح معاني الآثار" 4/135.//وحكمُ اللقطة وضالة الإبل والغنم له شاهد من حديث زيد بن خالد الجهني عند البخاري (2372) و (2427) و (2428) ، ومسلم (1722) ، وسيرد 4/116.//ولحكم اللقطة شاهد أيضاً من حديث أبي بن كعب عند البخاري (2426) ، ومسلم (1723) ، وسيرد 15/26. ولحكم الأكل من الثمر المعلق شاهد من حديث ابن عمر عند الترمذي (1287) ، وابن ماجه (2301) وهو حسن في الشواهد.

قوله: "حذاؤها" بكسر حاء وبذال معجمة، أي: خفافها، فتقوى بها على السير وقطع البلاد البعيدة. وقوله: "سقاؤها": أريد به الجوف، أي: حيث وردت شربت ما يكفيها حتى ترد ماء آخر. قال الخطابي في "معالم السنن" 2/88: وأما ضالة الإبل فإنه لم يجعل لواجدها أن يتعرض لها، لأنها قد تردُ الماء، وترعى الشجر، وتعيش بلا راع، وتمتنع على أكثر السباع، فيجب أن يُخلى سبيلها حتى يأتي ربها. وقوله: "باغيها"، أي: طالبها الذي غابت وضلت عنه. قوله: "لك أو لأخيك"، قال السندي: أي إن أخذت وأخذه أحد غيرك. "أو للذئب" أي: إن لم يأخذه أحد، أي: فأخذها أحب. وقوله: "تجمعها" خبر بمعنى الأمر، أي: اجمعها إليك. قلنا: رواية أبي داود: "فاجمعها" بلفظ الأمر، وفي رواية أخرى: "فخذها"، وفي ثالثة: "فاجمعها حتى يأتيها باغيها" قال الخطابي في "المعالم" 2/88: قوله: "هي لك أو لأخيك أو للذئب "فيه دليل على أنه إنما جعل هذا حكمها إذا وجدت بأرض فلاة يُخاف عليها الذئاب فيها، فأما إذا وجدت في قرية وبين ظهراني عمارة فسبيلها سبيل اللقطة في التعريف، إذ كان معلوماً أن الذئاب لا تأوي إلى الأمصار والقرى. و"الحريسة"، قال السندي: أراد بها الشاة المسروقة من المرعى، والاحتراس: أن يؤخذ الشيء من المرعى، يقال: فلان يأكل الحريسات إذا كان يسرق أغنام الناس يأكلها. وقال ابن الأثير: الحريسة: فعيلة بمعنى مفعولة، أي إن لها من يحرسها ويحفظها، ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها... ويقال للشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها: حريسة. قوله: "فيها ثمنها مرتين وضرب نكال": أي: يؤخذ منه ضعف القيمة، ويجمع بينه وبين العقوبة، وهذا من باب التعزير بالمال والجمع بينه وبين العقوبة. قوله: "من عطنه" العطن بفتحتين: مبرك الإبل حول الماء. قوله: "ثمن المجن": المجن: الترس، والمراد بثمنه قيمته، وكان ثمنه يومئذ ربع دينار، وسيجيء في أحاديث ابن عمرو خلاف ذلك، قاله السندي. قلنا: سيجيء تحديد قيمة المجن في الرواية الآتية برقم (6687) . قوله: "ولم يتخذ خُبْنة": الخبنة: معطف الإزار وطرف الثوب، أي: من أكل ولم يأخذ في ثوبه. = وقوله: "فليس عليه شيء، قال السندي: ظاهره ليس عليه عقوبة ولا إثم... وقيل: بل ذلك إذا علم مسامحة صاحب المال كما في بعض البلاد. وقوله: "في أجرانه": الجرين: موضع تجفيف التمر، وهو له كالبيدر للحنطة. قاله ابنُ الأثير. قوله: "في سبيل العامرة"، أي: في سبيل القرية العامرة. قوله: "الخرب العادي"، أي: القديم الذي لا يعرف مالكه، وكل قديم ينسبونه إلى عاد وإن لم يدركهم، كأن مالكه كان من قبيلة عاد. قال الخطابي: فأما الخراب الذي كان مرة عامراً ملكاً لمالك ثم خرب، فإن المال الموجود فيه ملك لصاحب الخراب، ليس لواجده منه شيء، فإن لم يُعرف صاحبه فهو لقطة. والركاز: كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض.

 

6746 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا، مِنْ مُزَيْنَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَاذَا تَقُولُ، يَا رَسُولَ اللهِ، فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا لَكَ وَلَهَا ؟ مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا "، قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ ؟ قَالَ: " لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ "، قَالَ: فَمَنْ أَخَذَهَا مِنْ مَرْتَعِهَا ؟ قَالَ: " عُوقِبَ وَغُرِّمَ مِثْلَ ثَمَنِهَا، وَمَنِ اسْتَطْلَقَهَا مِنْ عِقَالٍ ، أَوِ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ حِفْشٍ - وَهِيَ الْمَظَالُّ - فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ "

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالثَّمَرُ يُصَابُ فِي أَكْمَامِهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ عَلَى آكِلٍ سَبِيلٌ، فَمَنِ اتَّخَذَ خُبْنَةً غُرِّمَ  مِثْلَ ثَمَنِهَا وَعُوقِبَ، وَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهَا بَعْدَ أَنْ أَوَى إِلَى مِرْبَدٍ أَوْ كَسَرَ عَنْهَا بَابًا، فَبَلَغَ مَا يَأْخُذُ ثَمَنَ الْمِجَنِّ ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ "

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْكَنْزُ نَجِدُهُ فِي الْخَرِبِ وَفِي الْآرَامِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ "

 

صحيح، وهذا إسناد حسن. الحسين: هو ابن محمد المروذي، وابنُ أبي الزناد: هو عبد الرحمن. وهو مكرر (6683) ، وسلف هناك تخريجه وشرح غريبه.

قوله: "من حفْش"، بكسر فسكون: هو البيت الصغير القريب السطح. وقوله: "المظال" هو تفسير من بعض الرواة لكلمة "حفْش"، أي: المحال المطلوبة للظل في الحر. قوله: "وفي الآرام": هي الأعلام تنصب في المفازة. قال ابن الأثير: وكان من عادة الجاهلية أنهم إذا وجدوا شيئاً في طريقهم لا يمكنهم استصحابه، تركوا عليه حجارة يعرفونه بها، حتى إذا عادوا أخذوه.

 

وروى النسائي في الكبرى:

 

7445 - أخبرنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو عوانة عن عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال Y سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم في كم تقطع اليد قال لا تقطع اليد في ثمر معلق فإذا ضمه الجرين قطعت في ثمن المجن ولا يقطع في حريسة الجبل فإذا آواه المراح قطعت في ثمن المجن

 

7449 - أخبرنا عمرو بن علي قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن رافع بن خديج قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول Y لا قطع في ثمر ولا كثر

 

7456 - أخبرنا أحمد بن محمد بن عبيد الله هو بن أبي رجاء قال حدثنا وكيع قال ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم Y لا قطع في ثمر ولا كثر والكثر الجمار خالفه عبد العزيز بن محمد

 

7446 - أخبرنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث عن بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه و سلم Y أنه سئل عن الثمر المعلق فقال من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة ومن سرق شيئا منه بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة

 

وروى أبو داوود:

 

1710 - حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص

 Y عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه سئل عن الثمر المعلق فقال " من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شىء عليه ومن خرج بشىء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع " [ ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة ] وذكر في ضالة الغنم والإبل كما ذكره غيره قال وسئل عن اللقطة فقال " ما كان منها في طريق الميتاء أو القرية الجامعة فعرفها سنة فإن جاء طالبها فادفعها إليه وإن لم يأت فهي لك وما كان في الخراب يعني ففيها وفي الركاز الخمس " .

 

قال الألباني: حسن

 

خبنة: هي ما يأخذه الرجل في ثوبه فيرفعه إلى فوق  الميثاء بكسر الميم أي الطريق المسلوك

 

هذه النصوص تستثني ما كان أقل من مقدار ومبلغ معين، وهذا مخالف لصريح نص القرآن، فهو محاولة منهم للتقليل من تنفيذ الحدود الرهيبة البشعة اللاإنسانية، ومن أكل من ثمار ليست له بقدر ما شاء أو سرق غنما في المرعى ليست في الحظيرة فكل هذه الحالات معفاة من عقوبة السرقة بقطع اليد، وعلى غرار تشريع التوراة (المشابه بدوره لتشريعات حمورابي وشعوب الشرق القديمة) سيعاقب بدفع ضعفي ثمن المسروق مع تعرضه للضرب، أما من يسرق من مخزن الثمار والغلال أو من الحظيرة نفسها فهو من سيتعرق فقط لعقوبة السرقة القرآنية، هذه التشريعات إما اخترعوها هم ونسبوها إلى محمد أو اخترعها محمد للتقليل من تنفيذ العقوبة الهمجية المشرعة في الإسلام. وذكرنا كذلك أحاديث عدم معاقبة المختلس بالقطع ممن كان المال تحت يده مؤتمَنًا عليه فخان فيه.

عقوبة المختلس أقل من السارق الاعتيادي أم تُقطَع يده؟!

 

روى أحمد:

 

15070 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ عَلَى الْمُنْتَهِبِ قَطْعٌ، وَمَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً مَشْهُورَةً فَلَيْسَ مِنَّا، وَقَالَ: لَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ قَطْعٌ "

 

إسناده على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم، وهو وابن جريج قد عنعنا، لكن ابن جريج قد صرح بسماعه من أبي الزبير عند غير واحد ممن خرجه، وقيل: لم يسمعه منه، ثم هو متابع كما سنبينه. وأخرجه أبو داود (4391) و (4392) من طريق محمد بن بكر، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (18844) و (18858) و (18860) ، وابن أبي شيبة 10/45 و47، والدارمي (2310) ، وأبو داود (4393) ، وابن ماجه (2591) و (3935) ، والترمذي (1448) ، والنسائي في "المجتبى" 8/88 و89، وفي "الكبرى" (7463) و (7464) و (7465) و (7466) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/171، وفي "شرح مشكل الآثار" (1314) ، وابن حبان(4456) و (4457) ، والدارقطني 3/187، وابن حزم في "المحلى" 11/359- 360، والبيهقي 8/279، والخطيب في "تاريخه" 1/256 و11/153، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1326) من طرق عن ابن الزبير بسماعه من جابر، لكن ياسين ضعيف، فلا يعتمد عليه في تثبيت سماع أبي الزبير من جابر. وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند الطبراني في "الأوسط" (513) ، ورجال إسناده ثقات. ولحكم المختلس شاهد من حديث عبد الرحمن بن عوف عند ابن ماجه (2592) ، وصححه الحافظ في "التلخيص" 4/66.

 

وروى ابن ماجه:

 

2592- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ.

 

وروى مالك في الموطأ برواية الزهري:

 

1797 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، أُتِيَ بِإِنْسَانٍ قَدِ اخْتَلَسَ مَتَاعًا , فَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ زَيْدُ: لَيْسَ فِي الْخُلْسَةِ قَطْعٌ فأرسله مروان.

 

1803 - قَالَ مَالِكٌ: الَّذِي يَسْتَعِيرُ الْعَارِيَةَ فَيَجْحَدُهَا: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ , مَثَلُ الرَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَى الرَجُلٍ دَيْنٌ فَجَحَدَهُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ فِيمَا جَحَدَهُ قَطْعٌ.

 

1798 - قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا؛ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخُلْسَةِ قَطْعٌ.

هذا تشريع منتقد، فالمختلس أسوأ من اللص الاعتيادي، فاللص الاعتيادي يتسلل ليسرق من الخارج، أما المختلس فيسرق مما أُؤتُمِن عليه، وقد يكون موكلًا على مال للشعب مال حكومي، فينبغي المساواة في الجرم وعقوبته، بل جريمة المختلس تستحق سنوات سجن أكثر لخيانته الأمانة وفي حالة إذا كان اختلس من مال الدولة كذلك.

 

وعلى النقيض روى أحمد ومسلم حالة قطع لمختلسة، روى مسلم:

 

[ 1688 ] وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ثم ذكر نحو حديث الليث ويونس

 

ورواه أحمد 6863 ورواه أبو داوود4395 والنسائي في الكبرى 7374 إلى 7377 وهو في المجتبى كذلك وعبد الرزاق في مصنفه 18830 والطبراني في ج12 13360 عن عبد الله بن أحمد بن حنبل.

 

هذا مناقض لحكم جمهور فقهائهم أنه لا قطع على مختلس، بل على السارق بالنشل أو النقب أو التهجم على بيت...إلخ

 

قال ابن قدامة في المغني:

 

[مَسْأَلَةٌ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ لَا يَجِبُ إلَّا بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ]

(7251) مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِذَا سَرَقَ رُبْعَ دِينَارٍ مِنْ الْعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الْوَرِقِ، أَوْ قِيمَةَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ، قُطِعَ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْقَطْعِ لَا يَجِبُ إلَّا بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ؛ أَحَدُهَا: السَّرِقَةُ، وَمَعْنَى السَّرِقَةِ: أَخْذُ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الْخِفْيَةِ وَالِاسْتِتَارِ. وَمِنْهُ اسْتِرَاقُ السَّمْعِ، وَمُسَارَقَةُ النَّظَرِ، إذَا كَانَ يَسْتَخْفِي بِذَلِكَ، فَإِنْ اخْتَطَفَ أَوْ اخْتَلَسَ، لَمْ يَكُنْ سَارِقًا، وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَحَدٍ عَلِمْنَاهُ غَيْرَ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: أَقْطَعُ الْمُخْتَلِسَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَخْفِي بِأَخْذِهِ، فَيَكُونُ سَارِقًا، وَأَهْلُ الْفِقْهِ وَالْفَتْوَى مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ وَلَا الْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ» . وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ عَلَى الْمُنْتَهِبِ قَطْعٌ» . رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد. وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُمَا ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ. وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ السَّارِقِ، وَهَذَا غَيْرُ سَارِقٍ؛ وَلِأَنَّ الِاخْتِلَاسَ نَوْعٌ مِنْ الْخَطْفِ وَالنَّهْبِ، وَإِنَّمَا يَسْتَخْفِي فِي ابْتِدَاءِ اخْتِلَاسِهِ، بِخِلَافِ السَّارِقِ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ، عَنْ أَحْمَدَ، فِي جَاحِدِ الْعَارِيَّةِ، فَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْقَطْعُ. وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ يَدِهَا، فَأَتَى أَهْلُهَا أُسَامَةَ فَكَلَّمُوهُ، فَكَلَّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا أَرَاك تُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا، فَقَالَ: إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَنَّهُ إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَطَعْت يَدَهَا. قَالَتْ: فَقَطَعَ يَدَهَا» . قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْرِفُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلَا، وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا قَطْعَ عَلَى الْخَائِنِ» .

وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ السَّارِقِ، وَالْجَاحِدُ غَيْرُ سَارِقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ خَائِنٌ، فَأَشْبَهَ جَاحِدَ الْوَدِيعَةِ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ إنَّمَا قُطِعَتْ لِسَرِقَتِهَا، لَا بِجَحْدِهَا، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: «إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ» . وَقَوْلَهُ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، لَقَطَعْت يَدَهَا» . وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ رِوَايَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، وَذَكَرَتْ الْقِصَّةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَفِي حَدِيثٍ أَنَّهَا سَرَقَتْ قَطِيفَةً، فَرَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: «لَمَّا سَرَقَتْ الْمَرْأَةُ تِلْكَ الْقَطِيفَةَ مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْظَمْنَا ذَلِكَ، وَكَانَتْ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ، فَجِئْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَا: نَحْنُ نَفْدِيهَا بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً. قَالَ: تُطَهَّرَ خَيْرٌ لَهَا. فَلَمَّا سَمِعْنَا لِينَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ، أَتَيْنَا أُسَامَةَ، فَقُلْنَا: كَلِّمْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ سِيَاقِ عَائِشَةَ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ، وَأَنَّهَا سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ بِسَرِقَتِهَا، وَإِنَّمَا عَرَّفَتْهَا عَائِشَةُ بِجَحْدِهَا لِلْعَارِيَّةِ؛ لِكَوْنِهَا مَشْهُورَةً بِذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا، كَمَا لَوْ عَرَّفَتْهَا بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهَا، وَفِيمَا ذَكَرْنَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَمُوَافَقَةٌ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ وَالْقِيَاسِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، فَيَكُونُ أَوْلَى. فَأَمَّا جَاحِدُ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمَانَاتِ، فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَقُولُ بِوُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَيْهِ.

 

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ نِصَابًا، وَلَا قَطْعَ فِي الْقَلِيلِ، فِي قَوْلِ الْفُقَهَاءِ كُلِّهِمْ، إلَّا الْحَسَنَ، وَدَاوُد، وَابْنَ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ، وَالْخَوَارِجَ، قَالُوا: يُقْطَعُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ؛ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ سَارِقٌ مِنْ حِرْزٍ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ، كَسَارِقِ الْكَثِيرِ.

وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا قَطْعَ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ. وَهَذَا يَخُصُّ عُمُومَ الْآيَةِ، وَالْحَبْلُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُسَاوِيَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْبَيْضَةُ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا بَيْضَةُ السِّلَاحِ، وَهِيَ تُسَاوِي ذَلِكَ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي قَدْرِ النِّصَابِ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ، فَرَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ، أَنَّهُ رُبْعُ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الْوَرِقِ، أَوْ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَإِسْحَاقَ. وَرَوَى عَنْهُ الْأَثْرَمُ، أَنَّهُ إنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، مَا قِيمَتُهُ رُبْعُ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ. فَعَلَى هَذَا يُقَوَّمُ غَيْرُ الْأَثْمَانِ بِأَدْنَى الْأَمْرَيْنِ، مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ.

وَعَنْهُ، أَنَّ الْأَصْلَ الْوَرِقُ، وَيُقَوَّمُ الذَّهَبُ بِهِ، فَإِنْ نَقَصَ رُبْعُ دِينَارٍ عَنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ.

وَهَذَا يُحْكَى عَنْ اللَّيْثِ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا قَطْعَ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا قَطْعَ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا.» وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: تُقْطَعُ الْيَدُ فِي دِرْهَمٍ، فَمَا فَوْقَهُ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ الْيَدَ تُقْطَعُ فِي أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا. وَعَنْ عُمَرَ أَنَّ الْخَمْسَ لَا تُقْطَعُ إلَّا فِي الْخَمْسِ. وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ.

وَقَالَ أَنَسٌ: قَطَعَ أَبُو بَكْرٍ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ. رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي دِينَارٍ، أَوْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ؛ لِمَا رَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا قَطْعَ إلَّا فِي عَشْرَةِ دَرَاهِمَ» . وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ: «قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَ رَجُلٍ فِي مِجَنٍّ، قِيمَتُهُ دِينَارٌ، أَوْ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ» . وَعَنْ النَّخَعِيِّ: لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ، لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ. وَحَدِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ يَرْوِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَاَلَّذِي يَرْوِيهِ عَنْ الْحَجَّاجِ ضَعِيفٌ أَيْضًا. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِمَا دُونَهُ، فَإِنَّ مَنْ أَوْجَبَ الْقَطْعَ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، أَوْجَبَهُ بِعَشْرَةٍ، وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْعَرْضَ يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الْمِجَنَّ قُوِّمَ بِهَا؛ وَلِأَنَّ مَا كَانَ الذَّهَبُ فِيهِ أَصْلًا، كَانَ الْوَرِقُ فِيهِ أَصْلًا، كَنُصُبِ الزَّكَاةِ، وَالدِّيَاتِ وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ.

وَقَدْ رَوَى أَنَسٌ، أَنَّ سَارِقًا سَرَقَ مِجَنًّا مَا يَسُرُّنِي أَنَّهُ لِي بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، فَقَطَعَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَأُتِيَ عُثْمَانُ بِرَجُلٍ قَدْ سَرَقَ أُتْرُجَّةً، فَأَمَرَ بِهَا عُثْمَانُ فَأُقِيمَتْ، فَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا رُبْعَ دِينَارٍ، فَأَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ فَقُطِعَ.

 

لم يجد ابن قدامة ما يوفق به تناقض قطع محمد ليد المختلسة سوى حديث ابن الأثرم المنسوب إلى مسعود بن الأسود أيْ ابن العجماء، وقد رواه آخرون كذلك قبله زمنيًّا، وهو حديث ملفق مفضوح، انظر رواية أحمد له وتعليق المحققين عليها:

 

×23479 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، أَنَّ خَالَتَهُ أُخْتَ مَسْعُودِ ابْنِ الْعَجْمَاءِ حَدَّثَتْهُ، أَنَّ أَبَاهَا، قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ قَطِيفَةً نَفْدِيهَا ـ يَعْنِي بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ـ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَأَنْ تُطَهَّرَ خَيْرٌ لَهَا "، فَأَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا وَهِيَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَسَدِ (1)

 

إسناده ضعيف، ابن إسحاق مدلِّس وقد عنعن، وقول الحافظ في "الفتح": إن في رواية الحاكم تصريحاً بالتحديث، وهم منه رحمه الله، ثم إن جَعْلَ هذا الحديث عن مسعود ابن العجماء -وهو مسعود بن الأسود، والعجماء أمُّه- خطأ، فإن مسعوداً قد استُشهد في مؤتة كما ذكر ابن إسحاق نفسه في مغازيه، وقصة المخزومية إنما كانت في فتح مكة، ولم يتنبه الحافظ ابن حجر إلى هذا فحسَّن إسناده في "الإصابة" 6/94 وفي "الفتح" 12/89 . يونس: هو ابن محمد المؤدِّب، وليث: هو ابن سعد .

وسيأتي مكرراً برقم (26792) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (791) من طريق كامل بن طلحة الجحدري، عن ليث بن سعد، بهذا الإسناد -وفيه "أن خالته بنت مسعود ابن العجماء حدثته" وليست أخت مسعود، وهو الصواب، وكذلك وقع في "كتاب السرقة" لأبي الشيخ -كما في "الفتح" 12/89- من طريق يزيد بن أبي حبيب . وأخرجه ابن أبي شيبة 9/466-467، وابن ماجه (2548) ، والطبراني في  "الكبير" 20/ (792) و (793) ، والحاكم 4/379-380، والبيهقي في "السنن" 8/281، وفي "معرفة السنن والآثار" (17261) من طريقين عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود، عن أبيها مسعود -وذكر فيه قصة شفاعة- أسامة بن زيد لها عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وردِّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهذه الشفاعة من أجل أنها في حدٍّ من حدود الله. وسيكرر سنداً ومتناً برقم (26792) ، إلا أنه نسبها هناك إلى بني عبد الأشهل أو بني عبد الأسد، على الشك .

وقصة المرأة المخزومية قد رواها غير واحد من الصحابة، انظر حديث عبد الله ابن عمرو السالف برقم (6657) ، وأصحها وأتمها حديث عائشة برواياته.

 

ربما تكون جثة مسعود دبت فيها الحياة بعدما دُفنت وتحلّلت وأكلها الدود والحشرات، فشاهد ذلك واستمر حيًّا بعدها ليحكيه لمن ادعى أنه سمعه منه! المسلمون ولا سيما السنة هنا شرعوا تشريعات للتخفيف من وحشية دين الإسلام والتهرب من أحكامه، لأن الكثير من حكامهم ومسؤوليهم من خلفاء وولاة وجباة ومشرفي بيوت المال في كثير من العصور كانوا فاسدين مرتشين ومختلسين وسُرّاق، وبرعايتهم استحسنوا عمل تشريعات كهذه لم يعمل بها محمد نفسه بتشريعه الوحشي الأساسي. ولإزالة التناقض تلاعبوا بتلفيق حديث كهذا بلا حياء من الكذب فالمصلحة تأسيس الملة والتشريع حسب رؤيتهم فقط وإزالة الناقض ليتكسب رجال الدين من مهنة احتراف نشر الخرافات والتشريعات الوحشية والرجعية والعنصرية، ويستعمله الحكام كأساس لشرعيتهم الوهمية.

 

وقد تفنن القدماء في تعطيل العقوبات الإسلامية في كثير من الحالات، فروى أحمد عن تشريع عجيب لمنع قطع يد السارق في أثناء الغزو لدولة أخرى غير إسلامية:

 

17626 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ شِيَيْمِ بْنِ بَيْتَانَ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: بِرُودِسَ حِينَ جَلَدَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ سَرَقَا غَنَائِمَ النَّاسِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ قَطْعِهِمَا إِلَّا أَنَّ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ وَجَدَ رَجُلًا سَرَقَ فِي الْغَزْوِ يُقَالُ لَهُ مَصْدَرٌ، فَجَلَدَهُ وَلَمْ يَقْطَعْ يَدَهُ، وَقَالَ: " نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقَطْعِ فِي الْغَزْوِ "

 

(1) بسر بن أرطاة، ويقال: ابن أبي أرطاة، واسمه: عمير بن عويمر بن عمران القرشي العامري. سكن دمشق وشهد صفين مع معاوية، وولاه معاويهّ اليمن. قال ابن سعد عن الواقدي: قبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبسرٌ صغير، ولم يسمع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال ابن عدي: مشكوك في صحبته. وقال الدارقطني: له صحبة، ولم يكن له استقامة بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال ابن معين: أهل المدينة ينكرون أن يكون بسر سمع من النبي، وأهل الشام يروون عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان بسر رجل سَوْء.

(2) رجاله موثَّقون، عبد الله بن لهيعة- وإن كان سيئ الحفظ- قد رواه عنه قتيبة بن سعيد، وروايته عن ابن لهيعة مقبولة عند بعض أهل العلم، ثم هو متابع، لكن قد اختلف في صحبة بسر بن أرطاة. وأخرجه الدارمي (2492) عن بشر بن عمر، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص260، والطبراني في "الكبير" (1195) من طريق أسد بن موسى، والترمذي (1450) ، وابن عدي في "الكامل" 2/439، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1203) من طريق قتيبة بن سعيد، وابن عبد الحكم ص260 عن النضر بن عبد الجبار، أربعتهم عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد، وبعضهم يختصره. قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد روى غير ابن لهيعة بهذا الإسناد نحو هذا، ويقال بسر بن أبي أرطاة أيضاً، والعمل على هذا عند أهل العلم منهم الأوزاعي، لا يرون أن يقام الحد في الغزو بحضرة العدو، مخافة أن يلحق من يقام عليه الحد بالعدو، فإذا خرج الإمام من أرض الحرب ورجع إلى دار الإسلام، أقام الحدَّ على مَنْ أصابه، كذلك قال الأوزاعي. وأخرجه مختصراً أبو داود (4408) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (860) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/84، وابن عدي في "الكامل" 2/439، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1203) ، والبيهقي 9/104، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/213-214، من طريق حيوة بن شريح، عن عياش، عن شييم ويزيد بن صبح، به. وعند بعضهم: "لا تقطع الأيدي في السفر" بدل الغزو. وقوَّى ابن حجر في "الإصابة" 1/243 إسناده. وقال البيهقي 9/104: هذا إسناد شامي، وكان يحيى بن معين يقول: أهل المدينة ينكرون أن يكون بسر بن أرطاة سمع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال يحيى: بسر ابن أرطاة رجل سَوء. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/91، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/84 من طريقين عن عياش، عن جنادة، وأسقطا من إسناده شييم. ولفظه: "لا تقطع الأيدي في السفر". وسيأتي برقم (17627). وفي الباب عن حذيفة موقوفاً عند سعيد بن منصور (2501) ، وابن أبي شيبة 10/103، وإسناده صحيح.

قوله: "نهانا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن القطع في الغزو"، قال ابن قدامة في "المغني" 13/172-173: من أتى حداً من الغزاة أو ما يوجب قصاصاً في أرض العرب لم يُقَمْ عليه حتى يقفُلَ، فيقام عليه حدُه، وبهذا قال الأوزاعي وإسحاق. وقال مالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر: يقام الحد في كل موضع، لأن أمر الله تعالى بإقامته مطلَق في كل مكان وزمان. وانظر حديث عبادة بن الصامت الآتي 5/314 و316 (ومنه رقم 22699) و5/ 326، وفيه: أقيموا حدود الله في الحضر والسفر وهو ضعيف الإسناد.

 

هذا القول يظهر أنه قاله بسر بن أرطأة كرهًا منه لخسارة قوة عسكرية من قوته وقطع يد جندي من جيشه، بسر بن أرطأة من قادة الأمويين قام بعنف شديد وسبي واستعباد ضد المسلمين أنفسهم لإخماد أي محاولات انفصالية ضد الدولة الأموية، ومع ذلك فهذه المقولة منسوبة لصحابة آخرين من قولهم كما ترى من الهامش، وواضح أن غرض بعضهم الشريف كان تعطيل الوحشية الإسلامية بقدر ما استطاعوا باختلاق أي استثناآت أو إعفاآت ولو كانت غير منطقية، وحكمه بالجلد التأديبي الهمجي يعني الإعفاء التام من قطع اليد، فهو بالتالي لن يطبقه أبدًا على الفاعل حتى بعد رجوعهم من الغزو وإلا يكن قام بزيادة على الحد الديني. وكما سترى من المغني لابن قدامة ضرب معظم الفقهاء بهذا الاستثناء عمومًا عرضَ الحائط لأنه استثناء غير منطقي لا مبرر له للإعفاء من عقوبة في العموم، رغم تأكيدنا على عدم صلاحية أسلوب القطع كعقوبة، بل السجن هو المناسب كحل وعلاج.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

136- فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الرَّجُلِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ.

29464- حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَلاَّ لاَ يَجْلِدَنَّ أَمِيرُ جَيْشٍ ، وَلاَ سَرِيَّةٍ أَحَدًا الْحَدَّ ، حَتَّى يَطْلُعَ الدَّرْبِ ، لِئَلاَ تَحْمِلَهُ حَمِيَّةُ الشَّيْطَانِ أَنْ يَلْحَقَ بِالْكُفَّارِ. (10/102).

 

29465- حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، عنْ حُمَيْدِ بْنِ فُلاَنِ بْنِ رُومَانَ ؛ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ نَهَى أَنْ يُقَامَ عَلَى أَحَدٍ حَدٌّ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ.

 

29466- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، قَالَ : غَزَوْنَا أَرْضَ الرُّومِ وَمَعَنا حُذَيْفَةُ ، وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَشَرِبَ الْخَمْرَ ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَحُدَّهُ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ : أَتَحُدُّونَ أَمِيرَكُمْ ، وَقَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ ، فَيَطْمَعُونَ فِيكُمْ ؟ فَقَالَ : لأَشْرَبَنَّهَا ، وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً ، وَلأَشْرَبَنَّهَا عَلَى رَغْمِ مَنْ رَغِمَ. (10/103).

 

وروى سعيد بن منصور في سننه:

 

2501 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنَّا فِي جَيْشٍ فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَمَعَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَعَلَيْنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، فَشَرِبَ الْخَمْرَ، فَأَرَدْنَا أَنَّ نُحِدَّهُ، قَالَ حُذَيْفَةُ: «أَتُحِدُّونَ أَمِيرَكُمْ؟ وَقَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فَيَطْمَعُونَ فِيكُمْ» فَبَلَغَهُ، فَقَالَ: لَأَشْرَبَنَّ وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً، وَلَأَشْرَبَنَّ عَلَى رَغْمِ مَنْ رَغِمَ

 

قال ابن قدامة في المغني:

 

[مَسْأَلَة لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مُسْلِمٍ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ]

(7608) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مُسْلِمٍ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ. وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَنْ أَتَى حَدًّا مِنْ الْغُزَاةِ، أَوْ مَا يُوجِبُ قِصَاصًا، فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْفِلَ، فَيُقَامَ عَلَيْهِ حَدُّهُ. وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: يُقَامُ الْحَدُّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ؛ لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِإِقَامَتِهِ مُطْلَقٌ فِي كُلِّ مَكَان وَزَمَانٍ، إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ أَمِيرُ الْجَيْشِ الْإِمَامَ، أَوْ أَمِيرَ إقْلِيمٍ، فَلَيْسَ لَهُ إقَامَةُ الْحَدِّ، وَيُؤَخَّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْإِمَامَ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْحُدُودِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ إلَى الْمَحْدُودِ، أَوْ قُوَّةٌ بِهِ، أَوْ شُغْلٌ عَنْهُ، أُخِّرَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا حَدَّ وَلَا قِصَاصَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا إذَا رَجَعَ.

 

تحريم إكراه المرأة والفتاة على الزواج

 

روى البخاري:

 

5136 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ أَنْ تَسْكُتَ

 

وانظر أحمد (7404) و(7527) وعن ابن عباس برقم (1888) وعن عائشة سيأتي في مسندها 6/45.

 

وروى أحمد:

 

(24185) 24689- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، (ح) وَيَحْيَى الْمَعْنَى ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْتَأْمِرُوا النِّسَاءَ فِي أَبْضَاعِهِنَّ قَالَ : قِيلَ : فَإِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحْيِي أَنْ تَكَلَّمَ ؟ قَالَ : سُكُاتُهَا إِذْنُهَا. (6/45)

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو معاوية: هو محمد بن حازم الضرير، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز، وقد صرَّح بسماعه من ابن أبي مليكة، وهو عبد الله بنُ عُبيد الله.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 6/85-86، وفي "الكبرى" (5376) ، وابن الجارود في "المنتقى" (708) ، وأبو يعلى (4803) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. ولفظه عند أبي يعلىْ "استأمروا النساء في أبضاعهن، فإن البكر تستحي، فتسكت، فهو إذنها" وفي إسناده موسى بن محمد بن حيان، قال الذهبي: ضعفه أبو زرعة. اهـ. وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وقال: ربما خالف. قلنا: وقد خالف هنا، فجعل قول عائشة: فإن البكر تستحي، مرفوعاً.

وأخرجه أبو يعلى (4890) من طريق أبي معاوية، به. وتحرف أبو معاوية في المطبوع إلى: معاذ.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/136، وابن راهوية (1746) ، والبخاري (6946) و (6971) ، ومسلم (1420) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/367، وابن حبان (4080) و (4081) ، وتمّام الرازي في "فوائده" (767) (الروض البسام) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/119 و122-123 و123، والبغوي في "شرح السنة" (2255) من طرق عن ابن جريج، به، بألفاظ متقاربة.

ولفظه عند البخاري (6946) : قلت: يا رسول الله: يُستأمرُ النساء في أوضاعهن؟ قال: "نعم.." إلى آخر الحديث. 

وأخرجه البخاري (5137) ، وابن حبان (4082) من طريق ليث بن سعد، عن ابن مليكة، به. مختصراً.

وسيرد برقمي (25324) و (25672) .

 

1888 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا ، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الدارقطني 3/240-241 و241 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مالك 2/524-525، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/12، وعبد الرزاق (10282) ، وسعيد بن منصور (556) ، وابن أبي شيبة 4/136، والدارمي (2188) ، ومسلم (1421) (66) ، وأبو داود (2098) ، وابن ماجه (1870) ، والترمذي (1108) ، والنسائي 6/84، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/11 و4/366، وابن حبان (4084) و (4087) ، والطبراني (10743) و (10744) و (10745) ، والدارقطني 3/239- 240 و240 و240-241 و241، والبيهقي 7/118 و122، والبغوي (2254) .

وأخرجه عبد الرزاق (10282) ، وابن أبي شيبة 4/136، والطبراني (10746) والبيهقي 7/118 من طرق عن عبد الله بن الفضل، به.

وأخرجه عبد الرزاق (10284) عن ابن جريج، عن عثمان بن أبي سليمان، عن رجل، عن عبد الله بن الفضل، به.

وسيأتي برقم (1897) و (2163) و (2365) و (2481) ، و (3087) و (3222) و (3343) و (3421) .

 

(26789) 27325- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّ ، وَمُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّ ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ يُدْعَى خِذَامًا أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ ، فَكَرِهَتْ نِكَاحَ أَبِيهَا فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ ، فَرَدَّ عَنْهَا نِكَاحَ أَبِيهَا ، فَتَزَوَّجَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فَذَكَرَ يَحْيَى ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا. (6/328)

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، وهو مكرر (26786) ، إلا أن شيخ أحمد فيه هو يزيد بن هارون. وأخرجه ابن أبي شيبة 4/134، والبخاري (5139) ، وابن ماجه (1873) ، والدارمي (2191) ، والبيهقي في "السنن" 7/119 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

• 26786 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وحَدَّثَنَا مُصْعَبٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ، ابْنَيْ يَزِيدَ ابْنِ جَارِيَةَ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ " أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، وَكَانَتْ ثَيِّبًا ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحَهُ "

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن ومُجَمَّع ابنا يزيد بن جارية من رجاله، وكذلك صحابيَّة الحديث روى لها البخاري دون مسلم.

وبقيةُ رجاله في الإسناد الآخر ثقات رجال الشيخين، غير إسحاق بن عيسى - وهو ابن الطباع - فمن رجال مسلم، وقد توبع، وكذلك رواه عبد اللّه بنُ أحمد في (زوائده) عن مصعب، وهو ابن عبد اللّه الزبيري، وعبد اللّه من رجال النسائي، ومصعب روى له النسائي وابنُ ماجه، وقد تُوبعا. عبد الرحمن بنُ القاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر.

وهو عند مالك في "الموطأ" 2/535، وأخرجه من طريقه الشافعي في "المسند" 2/12 (بترتيب السندي) ، وابن سعد 8/456، والبخاري (5138) و (6945) ، وأبو داود (2101) ، والنسائي في "المجتبى" 6/86، وفي "الكبرى" (5380) و (5383) ، والدارمي (2192) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3392) ، وابن الجارود في "المنتقى" (710) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (640) ، والبيهقي في "السنن" 7/119، وفي "السنن الصغير" (2399) ، والبغوىِ في "شرح السنة" (2256) .

وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5382) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (641) من طريق سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عبد اللّه ابن يزيد بن وديعة، عن خنساء، به.

قال الحافظ في "الفتح" 9/195: وهي رواية شاذَّة...

وسيأتي بالأحاديث الخمسة بعده.

وقد سلف من حديث ابن عباس برقم (3440) فانظره.

قال السندي: قوله: وكانت ثيِّباً، قيل: وجاء في بعض الروايات أنها كانت يومئذٍ بكراً، وبالجملة؛ فالحديث يحتمل أن لا يكون الردُّ لكونها ثيّباً، كما هو المتبادر إلى الذِّهن من هذه الرواية، بل لكونها بالغة.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

16202- حَدَّثَنَا سَلاَّمٌ وَجَرِيرٌ , عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم , فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إنَّ عَمَّ وَلَدِي خَطَبَنِي فَرَدَّهُ أَبِي وَزَوَّجَنِي وَأَنَا كَارِهَةٌ ، قَالَ : فَدَعَا أَبَاهَا ، فَسَأَلَهُ , عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : إنِّي أَنْكَحْتُهَا وَلَمْ آلُوهَا خَيْرًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ نِكَاحَ لَكِ ، اذْهَبِي فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ.

 

إسناده مرسل، فأبو سلمة من التابعين.

 

16203- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ وَمُجَمِّع بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّيْنِ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ يُدْعَى خِذَامًا أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ ، فَكَرِهَتْ نِكَاحَ أَبِيهَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَرَدَّ عَنْهَا نِكَاحَ أَبِيهَا ، فَخُطِبَتْ فَنَكَحَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ ، وَذَكَرَ يَحْيَى أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا.

 

صحيح وأخرجه البخاري مختصرًا موصولًا.

 

على النقيض في كثير من الأماكن الريفية وحتى المدن من دول الإسلام يتم إكراه الفتيات والنساء على الزواج بدون رضاهن عن الزوج الإجباري، وهو فعل غير قانوني واغتصاب رسمي. وقال الترمذي إثر حديث 1107 وهو بنفس المعنى:

 

قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم أن الثيب لا تزوج حتى تستأمر وإن زوجها الأب من غير أن يستأمرها فكرهت ذلك فالنكاح مفسوخ عند عامة أهل العلم واختلف أهل العلم في تزويج الأبكار إذا زوجهن الآباء فرأى أكثر أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم أن الأب إذا زوج البكر وهي بالغة بغير أمرها فلم ترض بتزويج الأب فالنكاح مفسوخ وقال بعض أهل المدينة تزويج الأب على البكر جائز وإن كرهت ذلك وهو قول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحق.

 

يعني ثلاثة من الأربعة فقهاء أصحاب مذاهب السنة قالوا بسريان زواج الإكراه والاغتصاب هذا، ولم يعترض ويُبطِله سوى أبي حنيفة النعمان، المسلمون فضلوا التقليد والهمجية والعادات أكثر من تعاليم الإسلام.

 

ورغم أن محمدًا شرع بأنه لا يمكن تزويج امرأة بدون موافقتها، فهو نفسه كان أول من انتهك ذلك، ألا ترى أنه زوج زينب بنت جحش من زيد ثم من نفسه في المرتين بدون رضاها ولا إذنها، وكذلك حاول أن يفعل مع الجونية، وربما على الأغلب فعل مع الشنباء، وأكره زينب بنت جحش على الزواج من زيد بن حارثة، وأم كلثوم على الزواج من آخر، كما عرضت في باب مخصص لهذا الموضوع، كذلك فكتب الفقه مجمعة عمومًا أن الزوجة الطفلة الصغيرة إذا زوجها الأب حيث يبيح الإسلام يبيح زوجات الطفلات فله أن يجبرها على ذلك لأنها طفلة فلا رأي لها في ذلك لقصر عقلها عن الاختيار، ولو كان لها اختيار لما كانت ستختار هتك براءتها بالطبع من الأساس! ورغم تشريع محمد كانت المرأة كسلعة تباع وتشترى في شكل زواج.

 

روى البخاري:


5142 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَقُولُ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ

وروى أحمد:

 

17349 - حدثنا سويد بن عمرو الكلبي، ويونس، قالا: حدثنا أبان، قال: حدثنا قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أنكح الوليان ، فهو للأول منهما، وإذا باع من رجلين، فهو للأول منهما " وقال يونس: " وإذا باع الرجل بيعا من رجلين "

 

إسناده ضعيف، رجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن فيه عنعنة الحسن البصري وقد قال ابن المديني: لم يسمع الحسن من عقبة بن عامر شيئا. وقد روي هذا الحديث عن الحسن عن عقبة أو سمرة بن جندب، ومرة عن الحسن عن سمرة وحده، وسيأتيان في مسند سمرة 5/8، ولم يصرح هناك أيضا بسماعه، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي (1110) ، وصححه الحاكم 2/174-175، وأبو زرعة وأبو حاتم كما في "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حجر 3/165، والعمل عليه عند أهل العلم كما قال الترمذي. يونس: هو ابن محمد المؤدب، وأبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه البيهقي 7/139 من طريق موسى بن إسماعيل، عن أبان العطار؛ بهذا الإسناد. وسيأتي 5/8 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة أو سمرة، وانظر تمام تخريجه هناك.

قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، لا نعلم بينهم في ذلك اختلافا إذا زوج أحد الوليين قبل الآخر، فنكاح الأول جائز، ونكاح الآخر مفسوخ، وإذا زوجا جميعا، فنكاحهما جميعا مفسوخ، وهو قول الثوري وأحمد وإسحاق. وانظر "المغني" لابن قدامة 9/428-429.

 

وروى ابن أبي شيبة من آرائهم المخالفة لسنة محمد الواضحة في البخاري ومسلم وغيرهما:

 

16225- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ يَقُولاَنِ : إذَا زَوَّجَ أَبُو الْبِكْرِ الْبِكْرَ فَهُوَ لاَزِمٌ لَهَا , وَإِنْ كَرِهَتْ.

 

16226- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : إِنْ أَبُو الْبِكْرِ دَعَاهَا إلَى رَجُلٍ وَدَعَتْ هِيَ إلَى آخَرَ ، قَالَ : يَتْبَعُ هَوَاهَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي دَعَاهَا إلَيْهِ أَبُوهَا أَسْنى فِي الصَّدَاقِ أَخْشَى أَنْ يَقَعَ فِي نَفْسِهَا ، وَإِنْ أَكْرَهَهَا أَبُوهَا فَهُوَ أَحَقُّ

 

16265- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , عَنْ جَابِرٍ , عَنْ عَامِرٍ قَالَ : لاَ يُجْبِرُ عَلَى النِّكَاحِ إلاَّ الأَبُ.

 

16266- حَدَّثَنَا عُبَيْدِ اللهِ بْنُ مُوسَى , عَنِ الْحَسَنِ , عَنْ لَيْثٍ , عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : إذَا أَنْكَحَ الرَّجُلُ ابْنَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَنِكَاحُهُ جَائِزٌ وَلاَ طَلاَقَ لَهُ.

 

وهو ما لا يزال بعضهم يعمل به في الأماكن الفقيرة الظلامية كبعض قرى مصر وأحيانًا يفعله أثرياؤهم لأجل الحفاظ على علاقات الثروة والانتساب للأثرياء من نظرائهم، الفقهاء والمسلمون يفضّلون عاداتهم الهمجية أكثر من تعاليم الإسلام الأقل همجية والحسنة جدًّا في بعض الحالات كحالتنا هذه. وكما قلت لو أن الإسلام سيء ولعنة فممارسات المسلمين أسوأ وألعن وأكثر همجية وتخلفًا.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

16230- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ كَهْمَسٍ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ : جَاءَتْ فَتَاةٌ إلَى عَائِشَةَ , فَقَالَتْ : إنَّ أَبِي زَوَّجَنِي من ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بي خَسِيسَتِهِ وَإِنِّي كَرِهْت ذَلِكَ ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ : انْتَظِرِي حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ إلَى أَبِيهَا ، فَجَعَلَ الأَمْرَ إلَيْهَا ، فَقَالَتْ : أَمَّا إذَا كَانَ الأَمْرُ إلَيَّ فَقَدْ أَجَزْت مَا صَنَعَ أَبِي ، إنَّمَا أَرَدْت أَنْ أَعْلَمَ هَلْ لِلنِّسَاءِ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ؟.

 

صحيح ورواه أحمد 25043

 

ومما ورى أبو بكر بن أبي شيبة من آراء عن زواج الصغيرة الطفلة:

 

16257- حَدَّثَنَا عَبَّادٌ , عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ , عَنْ حَمَّادٍ قَالَ : النِّكَاحُ جَائِزٌ وَلاَ خِيَارَ لَهَا.

 

وذكر رأيًا آخر نظريًّا لم يعمل به أحد أنها لها الخيار لما تكبر، لكن كيف ذلك في مجتمع ذكوري العصمة فيه بيد الرجل؟!

 

واستكمالًا لما ورد في كتب الفقه عن مسألة الولي في الزواج، نقول، قال السندي في حاشيته على مسند أحمد:

 

قوله: "لا نكاح إلا بولي"، أي: بإذنه، ولا دلالة فيه على عدم صحة النكاح بعبارة النساء، ومن لا يقول باشتراط الولي في النكاح يقول: في إسناد الحديث مقال، أشار إلى بعضه الترمذي، وقالوا على تقدير الصحة: يحمل على نكاح امرأة تحت ولي بصغر أو جنون، والله تعالى أعلم.

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[مَسْأَلَةٌ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيِّ وَشَاهِدَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ]

[فَصَلِّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِوَلِيٍّ]

(5136) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ:

(5137) أَحَدُهَا: أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِوَلِيٍّ، وَلَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا وَلَا غَيْرِهَا، وَلَا تَوْكِيلَ غَيْرِ وَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا. فَإِنْ فَعَلَتْ، لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ. رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَأَبِي يُوسُفَ: لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ، فَإِنْ فَعَلَتْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا، وَتُوَكِّلَ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] . أَضَافَ النِّكَاحَ إلَيْهِنَّ، وَنَهَى عَنْ مَنْعِهِنَّ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهَا، وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْمُبَاشَرَةِ، فَصَحَّ مِنْهَا، كَبَيْعِ أَمَتِهَا، وَلِأَنَّهَا إذَا مَلَكَتْ بَيْعَ أَمَتِهَا، وَهُوَ تَصَرُّفٌ فِي رَقَبَتِهَا وَسَائِرِ مَنَافِعِهَا، فَفِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ عَقْدٌ عَلَى بَعْضِ مَنَافِعِهَا أَوْلَى

وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» . رَوَتْهُ عَائِشَةُ، وَأَبُو مُوسَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَأَلْت أَحْمَدَ وَيَحْيَى عَنْ حَدِيثِ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» . فَقَالَا: صَحِيحٌ.

وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ، فَإِنْ أَصَابَهَا، فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ رَوَاهُ وَقَدْ أَنْكَرَهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَأَلْت الزُّهْرِيَّ عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ. قُلْنَا لَهُ: لَمْ يَقُلْ هَذَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٌ غَيْرُ ابْنِ عُلَيَّةَ، كَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى، وَلَوْ ثَبَتَ هَذَا لَمْ يَكُنْ حُجَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَقَلَهُ ثِقَاتٌ عَنْهُ، فَلَوْ نَسِيَهُ الزُّهْرِيُّ لَمْ يَضُرَّهُ؛

لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَمْ يُعْصَمْ مِنْهُ إنْسَانٌ. قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَسِيَ آدَم، فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ» . وَلِأَنَّهَا مَوْلَى عَلَيْهَا فِي النِّكَاحِ، فَلَا تَلِيهِ، كَالصَّغِيرَةِ، وَأَمَّا الْآيَةُ، فَإِنَّ عَضْلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ تَزْوِيجِهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نِكَاحَهَا إلَى الْوَلِيِّ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، حِينَ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِ أُخْتِهِ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَزَوَّجَهَا. وَأَضَافَهُ إلَيْهَا لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لَهُ.

وَجْهِ الْمَفْسَدَةِ، وَهَذَا مَأْمُونٌ فِيمَا إذَا أَذِنَ فِيهِ وَلِيُّهَا. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» . وَهَذَا يُقَدَّمُ عَلَى دَلِيلِ الْخِطَابِ، وَالتَّخْصِيصُ هَاهُنَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّهَا لَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا إلَّا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا، وَالْعِلَّةُ فِي مَنْعِهَا، صِيَانَتُهَا عَنْ مُبَاشَرَةِ مَا يُشْعِرُ بِوَقَاحَتِهَا وَرُعُونَتِهَا وَمَيْلِهَا إلَى الرِّجَالِ، وَذَلِكَ يُنَافِي حَالَ أَهْلِ الصِّيَانَةِ وَالْمُرُوءَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(5138) فَصْلٌ: فَإِنْ حَكَمَ بِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ حَاكِمٌ، أَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي لِعَقْدِهِ حَاكِمًا، لَمْ يَجُزْ نَقْضُهُ

وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ. وَخَرَّجَ الْقَاضِي فِي هَذَا وَجْهًا خَاصَّةً أَنَّهُ يُنْقَضُ. وَهُوَ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ نَصًّا. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَيَسُوغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ، فَلَمْ يَجُزْ نَقْضُ الْحُكْمِ لَهُ، كَمَا لَوْ حَكَمَ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ، وَهَذَا النَّصُّ مُتَأَوَّلٌ وَفِي صِحَّتِهِ كَلَامٌ، وَقَدْ عَارَضَهُ ظَوَاهِرُ.

 

هؤلاء القوم يعتقدون أن النساء عديمات العقل وأقل عقلا من الرجال، وهذا خطأ، طالما الفتاة بلغت سن الرشد فيمكنها اتخاذ قراراتها بحرية، لا بأس أن ينصحها الأب طبعًا وأقاربها، لكنه لا يفرض عليها جبرًا ومنعًا لحريتها بأي حال، القوانين الغربية تمنع أي محاولة من أب لمصادرة حرية الأبناء الكاملة في كل شيء من عقيدة وفكر وكتابة وزواج وجنس حر وأي مما شاؤوا، إذا حاول ممارسة العنف ضدها أو ضده (الابنة أو الابن) فالحكومة تعرف كيف تتصرف مع متطرف كهذا بالسجن الطويل الأمد. لكن على الأقل منهم أبو حنيفة وهو أعقلهم أجاز زيجة بدون موافقة الأب أو ما يسمونه بالولي.

 

وقال ابن قدامة عن زواج الأطفال من ضمن ما قال:

 

[مَسْأَلَةٌ زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ فَوَضَعَهَا فِي كَفَاءَةٍ]

(5200) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ، فَوَضَعَهَا فِي كَفَاءَةٍ، فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ، وَإِنْ كَرِهَتْ، كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً. أَمَّا الْبِكْرُ الصَّغِيرَةُ، فَلَا خِلَافَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ نِكَاحَ الْأَبِ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الصَّغِيرَةَ جَائِزٌ، إذَا زَوَّجَهَا مِنْ كُفْءٍ، وَيَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا مَعَ كَرَاهِيَتِهَا وَامْتِنَاعِهَا. وَقَدْ دَلَّ عَلَى جَوَازِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] فَجَعَلَ لِلَّائِي لَمْ يَحِضْنَ عِدَّةَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا تَكُونُ الْعِدَّةُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إلَّا مِنْ طَلَاقٍ فِي نِكَاحٍ أَوْ فَسْخٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا تُزَوَّجُ وَتَطْلُقُ، وَلَا إذْنَ لَهَا فَيُعْتَبَرُ

وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا ابْنَةُ سِتٍّ، وَبَنَى بِي وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي تِلْكَ الْحَالِ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهَا. وَرَوَى الْأَثْرَمُ، أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ تَزَوَّجَ ابْنَةَ الزُّبَيْرِ حِين نَفِسَتْ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: ابْنَةُ الزُّبَيْرِ إنْ مِتّ وَرِثَتْنِي، وَإِنْ عِشْت كَانَتْ امْرَأَتِي. وَزَوَّجَ عَلِيٌّ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ وَهِيَ صَغِيرَةٌ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَأَمَّا الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ، فَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ، وَتَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا، كَالصَّغِيرَةِ

وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ وَالثَّانِيَةُ، لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ إذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا، أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» وَلِأَنَّهَا جَائِزَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا، فَلَمْ يَجُزْ إجْبَارُهَا، كَالثَّيِّبِ، وَالرَّجُلِ

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.

فَلَمَّا قَسَمَ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ، وَأَثْبَتَ الْحَقَّ لِأَحَدِهِمَا، دَلَّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْ الْآخَرِ، وَهِيَ الْبِكْرُ فَيَكُونُ وَلِيُّهَا أَحَقَّ مِنْهَا بِهَا، وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْمَارَ هَاهُنَا، وَالِاسْتِئْذَانَ فِي حَدِيثِهِمْ مُسْتَحَبٌّ، لَيْسَ بِوَاجِبٍ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «آمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَحَدِيثُ الَّتِي خَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلٌ،

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا الَّتِي زَوَّجَهَا أَبُوهَا مِنْ ابْنِ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِهَا خَسِيسَتَهُ، فَتَخْيِيرُهَا لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِي نِكَاحِ الصَّغِيرَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِي نِكَاحِ الْكَبِيرَةِ، كَالنُّطْقِ. وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ فَوَضَعَهَا فِي كَفَاءَةٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، فَلَمْ يَصِحَّ. كَسَائِرِ الْأَنْكِحَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَلِأَنَّهُ عَقَدَ لِمُوَلِّيَتِهِ عَقْدًا لَا حَظَّ لَهَا فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا، فَلَمْ يَصِحَّ، كَبَيْعِهِ عَقَارَهَا مِنْ غَيْرِ غِبْطَةٍ وَلَا حَاجَةٍ، أَوْ بَيْعِهِ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَلِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهَا شَرْعًا، فَلَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ لَهَا شَرْعًا بِمَا لَا حَظَّ لَهَا فِيهِ كَالْوَكِيلِ

وَالثَّانِيَةُ، يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَمْنَعْ الصِّحَّةَ، كَشِرَاءِ الْمَعِيبِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ عَيْبُهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ النِّكَاحُ، إذَا عَلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ بِكُفْءٍ، وَيَصِحُّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ حَرُمَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، فَبَطَلَ لِتَحْرِيمِهِ، بِخِلَافِ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهَا مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُ الضَّرَرِ، بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهَا، فَتُفْسَخُ إنْ كَرِهَتْ، وَإِنْ لَمْ تَفْسَخْ كَانَ كَإِجَازَتِهَا وَإِذْنِهَا، بِخِلَافِ نِكَاحِ الصَّغِيرَةِ.

وَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ؛ فَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً، فَلَهَا الْخِيَارُ، وَلَا خِيَارَ لِأَبِيهَا إذَا كَانَ عَالِمًا؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِرِضَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، فَعَلَيْهِ الْفَسْخُ، وَلَا يَسْقُطُ بِرِضَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَفْسَخُ لِحَظِّهَا، وَحَقُّهَا لَا يَسْقُطُ بِرِضَاهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الْفَسْخُ، وَلَكِنْ يَمْنَعُ الدُّخُولَ عَلَيْهَا حَتَّى تَبْلُغَ فَتَخْتَارَ. وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ غَيْرَ الْأَبِ، فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى مَا مَضَى. وَعَلَى كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، وَلَا مِنْ مَعِيبٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقَامَهُ مُقَامَهَا، نَاظِرًا لَهَا فِيمَا فِيهِ الْحَظُّ، وَمُتَصَرِّفًا لَهَا، لِعَجْزِهَا عَنْ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ مَا لَا حَظَّ لَهَا فِيهِ، كَمَا فِي مَالِهَا، وَلِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهَا بِمَا لَا حَظَّ فِيهِ، فَفِي نَفْسِهَا أَوْلَى.

 

[مَسْأَلَةٌ لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ إجْبَارُ كَبِيرَةٍ وَلَا تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ جِدًّا]

(5201) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا لِغَيْرِ الْأَبِ. يَعْنِي لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ إجْبَارُ كَبِيرَةٍ، وَلَا تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ، جِدًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَّا فِي الْجَدِّ، فَإِنَّهُ جَعَلَهُ كَالْأَبِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ وِلَايَةُ إيلَادٍ، فَمَلَكَ إجْبَارَهَا كَالْأَبِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لِغَيْرِ الْأَبِ تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ، وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ. وَقَالَ هَؤُلَاءِ غَيْرُ أَبِي حَنِيفَةَ: إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَيْنِ غَيْرُ الْأَبِ، فَلَهُمَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَا. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَقَدْ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] .

فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ، فَلَهُ تَزْوِيجُ الْيَتِيمَةِ، وَالْيَتِيمُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» . قَالَ عُرْوَةُ: سَأَلْت عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3] . فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا، فَيُشْرِكُهَا فِي مَالِهَا، وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إلَّا أَنْ يُقْسِطُوا فِيهِنَّ، وَيَبْلُغُوا أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ وَلِيٌّ فِي النِّكَاحِ، فَمَلَكَ التَّزْوِيجَ كَالْأَبِ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُهَا، وَإِنْ أَبَتْ، فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.

وَرُوِيَ ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ زَوَّجَ ابْنَ عُمَرَ ابْنَةَ أَخِيهِ عُثْمَانَ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّهَا يَتِيمَةٌ، وَلَا تُنْكَحُ إلَّا بِإِذْنِهَا» . وَالْيَتِيمَةُ: الصَّغِيرَةُ الَّتِي مَاتَ أَبُوهَا. وَلِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ قَاصِرُ الشَّفَقَةِ، فَلَا يَلِي نِكَاحَ الصَّغِيرَةِ، كَالْأَجْنَبِيِّ، وَغَيْرُ الْجَدِّ لَا يَلِي مَالَهَا، فَلَا يَسْتَبِدُّ بِنِكَاحِهَا، كَالْأَجْنَبِيِّ. وَلِأَنَّ الْجَدَّ يُدْلِي بِوِلَايَةِ غَيْرِهِ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْعَصَبَاتِ، وَفَارَقَ الْأَبَ، فَإِنَّهُ يُدْلِي بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَيُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَالْجَدَّ، وَيَحْجُبُ الْأُمَّ عَنْ ثُلُثِ الْمَالِ إلَى ثُلُثِ الْبَاقِي فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ. وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْبَالِغَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} [النساء: 127] . وَإِنَّمَا يُدْفَعُ إلَى الْكَبِيرَةِ، أَوْ نَحْمِلُهَا عَلَى بِنْتِ تِسْعٍ.

 

[فَصْلٌ الْحُكْمِ إذَا بَلَغْت الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فِي إذْنهَا فِي النِّكَاح]

(5202) فَصْلٌ: وَإِذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ، فَفِيهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّهَا كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ. قَالُوا: حُكْمُ بِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ، حُكْمُ بِنْتِ ثَمَانٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ بَالِغَةٍ، وَلِأَنَّ إذْنَهَا لَا يُعْتَبَرُ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ، فَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، حُكْمُهَا حُكْمُ الْبَالِغَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ؛ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ، وَدَلَالَةِ الْخَبَرِ بِعُمُومِهَا، عَلَى أَنَّ الْيَتِيمَةَ تُنْكَحُ بِإِذْنِهَا، وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا، وَقَدْ انْتَفَى بِهِ الْإِذْنُ فِي مَنْ دُونَهَا، فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ بَلَغَتْ تِسْعًا. وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ وَرَوَاهُ الْقَاضِي بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. بِمَعْنَاهُ: فِي حُكْمِ الْمَرْأَةِ.

وَلِأَنَّهَا بَلَغَتْ سِنًّا يُمْكِنُ فِيهِ حَيْضُهَا، وَيَحْدُثُ لَهَا حَاجَةٌ إلَى النِّكَاحِ، فَيُبَاحُ تَزْوِيجُهَا كَالْبَالِغَةِ. فَعَلَى هَذَا إذَا زُوِّجَتْ ثُمَّ بَلَغَتْ، لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ، كَالْبَالِغَةِ إذَا زُوِّجَتْ. وَقَدْ خَطَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أُمَّ كُلْثُومٍ ابْنَةَ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَأَجَابَتْهُ، وَهِيَ لِدُونِ عَشْرٍ، لِأَنَّهَا إنَّمَا وُلِدَتْ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ وِلَايَةُ عُمَرَ عَشْرًا، فَكَرِهَتْهُ الْجَارِيَةُ، فَتَزَوَّجَهَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ مُنْكِرٌ، فَدَلَّ عَلَى اتِّفَاقِهِمْ عَلَى صِحَّةِ تَزْوِيجِهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا بِوِلَايَةِ غَيْرِ أَبِيهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

 

[مَسْأَلَةٌ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ بِغَيْرِ إذْنِهَا]

(5205) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ بِغَيْرِ إذْنِهَا، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَإِنْ رَضِيَتْ بَعْدُ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الثَّيِّبَ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ؛ كَبِيرَةً، وَصَغِيرَةً، فَأَمَّا الْكَبِيرَةُ، فَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ وَلَا لِغَيْرِهِ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا الْحَسَنَ قَالَ: لَهُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ كَرِهَتْ. وَالنَّخَعِيُّ قَالَ: يُزَوِّجُ بِنْتَهُ بِالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ، لَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَهَذِهِ ثَيِّبٌ، وَلِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهَا فَائِدَةً، وَهُوَ أَنْ تَبْلُغَ فَتَخْتَارَ لِنَفْسِهَا وَيُعْتَبَرَ إذْنُهَا، فَوَجَبَ التَّأْخِيرُ، بِخِلَافِ الْبِكْرِ. الْوَجْهُ الثَّانِي، أَنَّ لِأَبِيهَا تَزْوِيجَهَا، وَلَا يَسْتَأْمِرُهَا. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ، فَجَازَ إجْبَارُهَا كَالْبِكْرِ وَالْغُلَامِ يُحَقِّقُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ بِالثُّيُوبَةِ عَلَى مَا حَصَلَ لِلْغُلَامِ بِالذُّكُورِيَّةِ، ثُمَّ الْغُلَامُ يُجْبَرُ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَكَذَا هَذِهِ، وَالْأَخْبَارُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْكَبِيرَةِ، فَإِنَّهُ جَعَلَهَا أَحَقَّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالصَّغِيرَةُ لَا حَقَّ لَهَا. وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنَّ ابْنَةَ تِسْعِ سِنِينَ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّهَا بِإِذْنِهَا، وَمَنْ دُونَ ذَلِكَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْبِكْرِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

 

[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِالنِّكَاحِ مِنْ كُلِّ ذِي وِلَايَةٍ]

(5169) فَصْلٌ: فَعَلَى هَذَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالنِّكَاحِ مِنْ كُلِّ ذِي وِلَايَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ مُجْبِرًا كَالْأَبِ، أَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ كَغَيْرِهِ، وَوَصِيُّ كُلِّ وَلِيٍّ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ لَهُ الْإِجْبَارُ فَكَذَلِكَ لِوَصِيِّهِ. وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فَوَصِيُّهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، فَهُوَ كَالْوَكِيلِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ عَيَّنَ الْأَبُ الزَّوْجَ، مَلَكَ الْوَصِيُّ إجْبَارَهَا، صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الزَّوْجَ، وَكَانَتْ ابْنَتُهُ كَبِيرَةً، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ، وَاعْتُبِرَ إذْنُهَا، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، انْتَظَرْنَا بُلُوغَهَا، فَإِذَا أَذِنَتْ، جَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِإِذْنِهَا

وَلَنَا، أَنَّ مَنْ مَلَكَ التَّزْوِيجَ إذَا عُيِّنَ لَهُ الزَّوْجُ، مَلَكَ مَعَ الْإِطْلَاقِ، كَالْوَكِيلِ، وَمَتَى زَوَّجَ وَصِيُّ الْأَبِ الصَّغِيرَةَ فَبَلَغَتْ، فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي، فَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَزْوِيجِهِ خِيَارٌ، كَالْوَكِيلِ.

 

سبق وخصصت بابًا لمسألة إباحة الإسلام لزواج الأطفال.

 

النهي عن لبس الحسن الجيد من الثياب، وأكل الجيد الشهيّ من الطعام

 

روى أحمد:

 

15631 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَرْحُومٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ تَرَكَ اللِّبَاسَ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، دَعَاهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي حُلَلِ الْإِيمَانِ أَيَّهَا شَاءَ "

 

 إسناده حسن. وأخرجه الترمذي (2481) والحارث بن أبي أسامة (567) (زوائد) ، وأبو يعلى (1484) و (1499) ، والحاكم 4/183-184، وأبو نعيم في "الحلية" 8/47-48، والبيهقي في "الشعب" (6148) ، وفي "الآداب" (595) من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. ورواه أحمد مطولاً برقم (15619) .

 

15619 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا زَبَّانُ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَنْتَصِرَ دَعَاهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي حُورِ الْعِينِ أَيَّتَهُنَّ شَاءَ، وَمَنْ تَرَكَ أَنْ يَلْبَسَ صَالِحَ الثِّيَابِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، دَعَاهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي حُلَلِ الْإِيمَانِ، أَيَّتَهُنَّ شَاءَ "

 

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (415) ، وأبو نعيم في "الحلية" 8/48 من طريق أسد بن موسى، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني 20/ (416) من طريق رشدين، والحاكم مختصراً 1/61، والبيهقي في "الشعب" (6149) من طريق يحيى بن أيوب، كلاهما عن زَبَّان، به. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/48 من طريق خير بن نُعيم، عن سهل بن معاذ، به. وأخرجه بنحوه الطبراني في "الأوسط" (9252) ، وفي "الصغير" (1112) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 8/47 من طريق كثير بن عُبيد الحَذَّاء، عن بقية بن الوليد، قال: حدثنا إبراهيم بن أدهم، عن محمد بن عجلان، عن فروة ابن مجاهد، عن سهل بن معاذ، به. وفيه زيادة: "ومن أنكح عبداً وضع الله على رأسه تاج الملك يوم القيامة" وهذا إسناد ضعيف، بقية مدلس تدليس تسوية، ولم يصرح بالسماع في جميع طبقات الإسناد، وقد اختلف عنه كذلك. فأخرجه أبو نعيم 8/47 من طريق محمد بن عمرو بن حَنَان الكلبي، عن بقية بن الوليد، عن إبراهيم بن أدهم أنه سمع رجلاً يحدث عن محمد بن عجلان، عن فروة بن مجاهد، عن سهل بن معاذ، به. فزاد رجلاً مبهماً بين إبراهيم بن أدهم ومحمد بن عجلان. وبهذه الزيادة أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/276، وقال: رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، وفيه بقية مدلس. وقوله: "من كظم غيظه.. إلخ "، سيرد (15637) بإسناد حسن. وقوله: "من ترك أن يلبس صالح الثياب".. إلخ، سيرد (15631) بإسنادٍ حسن.

 

وروى الطبراني:

 

6119- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بُنْدَارٍ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ : جَاءَ قَوْمٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ : أَلَكُمْ طَعَامٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَلَكُمْ شَرَابٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فَقَالَ : فَتُصَفُّونَهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : وَتُبَرِّدُونَهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنَّ مَعَادَهُمَا كَمَعَادِ الدُّنْيَا ، يَقُومُ أَحَدُكُمْ إِلَى خَلْفِ بَيْتِهِ ، فَيُمْسِكُ عَلَى أَنْفِهِ مِنْ نَتْنِهِ.

 

أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/288، وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

 

وروى أحمد:

 

15747 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ الْكِلَابِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " يَا ضَحَّاكُ مَا طَعَامُكَ ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ ؟ قَالَ: " ثُمَّ يَصِيرُ إِلَى مَاذَا ؟ " قَالَ: إِلَى مَا قَدْ عَلِمْتَ، قَالَ: " فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ضَرَبَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ابْنِ آدَمَ مَثَلًا لِلدُّنْيَا "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف علي بن زيد- وهو ابن جُدعان- ولانقطاعه، فالحسن-وهو البصري-لم يسمع من الضحاك بن سفيان، فيما نقل ابن أبي حاتم في"المراسيل"ص42 عن علي ابن المديني. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. أحمد بن عبد الملك: هو ابن واقد الحرّاني. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (8138) من طريق مسدّد، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/288، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال الطبراني رجال الصحيح، غير علي بن زيد بن جُدعان، وقد وُثِّق.//وله شاهد من حديث سلمان، أخرجه يحيى بن صاعد في زوائد "الزهد" (492) ، والطبراني في "الكبير" (6119) من طرق عن محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا سفيان- وهو الثوري-، عن عاصم- وهو الأحول-، عن أبي عثمان النهدي، قال سفيان: أراه عن سلمان- وجاء عند الطبراني عن سلمان من غير شك- قال: جاء رجلٌ إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ألكم طعام؟ إلى أن قال: "فإن معادهما كمعاد الدنيا، يقوم أحدكم خلف بيته، فيُمسِكُ على أنفه من نتَن ريحه"، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، فالحديث يصح به.وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/288، وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.//وقد أخرجه ابن المبارك (491) عن سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان، مرسلاً. ثم نقل ابن المبارك عن يحيى بن صاعد قوله: وقد رُوي هذا الحديث عن أبي بن كعب، ووقفه بعض، ورفعه بعض.//قلنا: أخرجه موقوفاً ومرفوعاً يحيى بنُ صاعد أيضاً في زوائد "الزهد"، الموقوف برقم (493) من طريق هُشيم، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عُتَيّ السعدي، عن أُبي بن كعب قال: إن الله جعل مطعم ابنِ آدَمَ مثلاً للدنيا، وإن مَلَحَهُ وقَزَّحه، فقد علم إلى ما يصير". ورفعه الثوريُ وعبدُ السلام بنُ حرب برقمي (494) و (495) عن يونس بن عبيد، بالإسناد المذكور، وصححه مرفوعاً من طريق الثوري ابنُ حِبّان (702) "الإحسان"، وفي إسنادهم جميعاً الحسن البصري، وقد عنعن، إلا أن عنعنته هنا عن التابعي، وهي محتملة. وعنعنته في حديث الضحاك بن سفيان، إنما هي عن الصحابي، وهي أشد.

 

تعاليم فاسدة الغرض منها تزهيد الناس في الحياة لأجل أوهام ووعود زائفة أخروية لا وجود لها، وسيلة لجعل الفقراء يرتضون بالعيش في بؤسهم وقاذوراتهم دون أن يطالبوا بحقوقهم من الدولة في توفير فرص عمر ومرتبات كافية. ولم يعمل بوصايا بائسة زهدية سخيفة كهذه أي من حكام المسلمين عمومًا لا النزيهين منهم ولا الناهبين الجشعين، ربما عدا أبا بكر وعمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز كمتشددين متطرفين حقيقيين بأصالة، وحتى عمر ذكر أبو الفرج الجوزي في كتابه عن عمر عنه:

 

عن عتبة بن فرقد السلمي قال: قدمت على عمر رضوان الله عليه وكان ينحر جزورا ( جملًا) كل يوم يعطي أطيبها للمسلمين وأمهات المؤمنين ويأمر بالعنق والعلباء فيأكلها هو وأهله.

 

مما يقلل من مدى صحة قصة زهده الشديد هذه على الأقل من جهة الطعام وذبائح الصدقة. وعلى نقيض هذه الوصية توجد وصايا مناقضة:

 

{يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)} الأعراف

 

وروى أحمد:

 

15887 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ أَطْمَارٌ، فَقَالَ: " هَلْ لَكَ مَالٌ ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: " مِنْ أَيِّ الْمَالِ ؟ " قُلْتُ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ، قَدْ آتَانِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الشَّاءِ ، وَالْإِبِلِ ، قَالَ: " فَلْتُرَ نِعَمُ اللهِ، وَكَرَامَتُهُ عَلَيْكَ " فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ شُعْبَةَ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو الأحوص الجشمى: وهو عوف ابن مالك من رجاله، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غّير أن صحابيه لم يرو له إلا البخاري في "خلق أفعال العباد"، وأصحاب السنن. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.// وهو عند عبد الرزاق في "المصنف" (20513) ، ومن طريقه أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3043) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (617) ، والبيهقي في "السنن" 10/10، والبغوي في "شرح السنة" (3118) .//وأخرجه مطولاً ومختصراً أبو داود (4063) ، والنسائي في "المجتبى" 8/180-181 و181 و196، والطبري في "التفسير" (12825) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (610) و (612) و (613) و (615) و (616) و (617) و (618) و (619) و (620) و (621) ، والبيهقي في "الشعب" (6199) من طرق عن أبي إسحاق، به. ورواه أحمد من حديث شعبة برقم (15888) و (15891) ، وسيأتي مختصراً برقم (15889) و (15892) .

 

15888 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَشِفُ الْهَيْئَةِ ، فَقَالَ: " هَلْ لَكَ مَالٌ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: " نَعَمْ " قَالَ: " مِنْ أَيِّ الْمَالِ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ مِنَ الْإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ وَالْغَنَمِ، فَقَالَ: " إِذَا آتَاكَ اللهُ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ " ثُمَّ قَالَ: " هَلْ تُنْتِجُ إِبِلُ قَوْمِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا، فَتَعْمَدُ إِلَى مُوسَى فَتَقْطَعُ آذَانَهَا، فَتَقُولُ: هَذِهِ بُحُرٌ ، وَتَشُقُّهَا، أَوْ تَشُقُّ جُلُودَهَا، وَتَقُولُ: هَذِهِ صُرُمٌ وَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ، وَعَلَى أَهْلِكَ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَإِنَّ مَا آتَاكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ، وَسَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ ، وَمُوسَى اللهِ أَحَدُّ - وَرُبَّمَا قَالَ: سَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ ، وَمُوسَى اللهِ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ - " قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا نَزَلْتُ بِهِ، فَلَمْ يُكْرِمْنِي، وَلَمْ يَقْرِنِي ، ثُمَّ نَزَلَ بِي أَجْزِيهِ بِمَا صَنَعَ، أَمْ أَقْرِيهِ؟ قَالَ: "اقْرِهِ"

 

إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه. وأخرجه الطبري في "تفسيره" (12826) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً ومختصراً الطيالسي (1303) و (1304) ، وابن أبي الدنيا في "الشكر" (52) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3041) ، وابن حبان (5416) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (608) ، والحاكم 1/24- 25 و4/181، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 341-342 من طرق عن شعبة، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وانظر أحمد بأسنايد أخرى 15889 و15891 و15892

قال السندي: قوله: وأنا قشف الهيئة، ضبط بفتح قاف وكسر شين معجمة، أي: تارك للتنظيف والغسل، والقَشَفَ: يبس العيش. قوله: "هل تنتج": على بناء المفعول. قوله: "بُحُر"، بضمتين: جمع بَحِيْرَة. قوله: "صُرُم"، بضمتين: جمع صريمة، وهي التي صرمت آذانها. قوله: "وتحرمها": من التحريم. قوله: "لك"، أي: لانتفاعك، لا لما تفعل فيه من قطع وتحريم. قوله: "أشد": من الشدة. قوله: "أَحَدّ'": من الحدة، وهذا كناية عن كونه أقدر على القطع منكم، فحيث ما قطع مع ذلك، فكيف لكم أن تقطعوا. قوله: "لم يقرني"، بفتح الياء، من القِرى- بكسر القاف- بمعنى الضيافة. وقال ابن الأثير: كانوا إذا ولدت إبلُهم سَقْباً بحروا أذنه، أي: شقوها، وقالوا: اللهم إن عاش فَفَتِيّ، وإن مات فَذَكيّ، فإذا مات كلوه وسمَّوْه البحيرة. وقيل: البحيرة هي بنت السائبة، كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يركب ظهرها، ولم يُجَزَّ وبرها، ولم يَشْرَبْ لبنها إلا ولدُها أو ضيف، وتركوها مسيَّبة لسبيلها، وسمَّوها السائبة، فما ولدتْ بعد ذلك من أنثى شقُّوا أُذُنَها وخلَّوا سبيلها، وحَرُم منها ما حرم من أمها، وسموها البحيرة.

 

وحتمًا هذه كانت وصايا محمد الحقيقية، أما الأخرى فلفقوها عنه لتخدير الشعوب لكي لا تطالب بأي حقوق أو حياة كريمة.

 

إدانة القتال بين المقاتلين وتكفير كل أطراف القتال

 

روى البخاري:

 

6875 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَيُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ قَالَ ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ

 

الرجل المذكور هو علي.

 

7083 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ خَرَجْتُ بِسِلَاحِي لَيَالِيَ الْفِتْنَةِ فَاسْتَقْبَلَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أُرِيدُ نُصْرَةَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ قِيلَ فَهَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَيُّوبَ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ يُحَدِّثَانِي بِهِ فَقَالَا إِنَّمَا رَوَى هَذَا الحَدِيثَ الْحَسَنُ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بِهَذَا وَقَالَ مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَهِشَامٌ وَمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْأَحْنَفِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ وَرَوَاهُ بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَقَالَ غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ

 

7084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ

 

3349 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ قَرَأَ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِي أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي إِلَى قَوْلِهِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

 

6576 - و حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلَيُرْفَعَنَّ مَعِي رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

وروى مسلم:

 

[ 2616 ] حدثني عمرو الناقد وابن أبي عمر قال عمرو حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن بن سيرين سمعت أبا هريرة يقول قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه

 

[ 2614 ] حدثنا يحيى وأبو الربيع قال أبو الربيع حدثنا وقال يحيى واللفظ له أخبرنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله أن رجلا مر بأسهم في المسجد قد أبدى نصولها فأمر أن يأخذ بنصولها كي لا يخدش مسلما

 

[ 2615 ] حدثنا هداب بن خالد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي بردة عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مر أحدكم في مجلس أو سوق وبيده نبل فليأخذ بنصالها ثم ليأخذ بنصالها ثم ليأخذ بنصالها قال فقال أبو موسى وقاله ما متنا حتى سددناها بعضنا في وجوه بعض

 

 [ 2615 ] حدثنا عبد الله بن براد الأشعري ومحمد بن العلاء واللفظ لعبد الله قالا حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين منها بشيء أو قال ليقبض على نصالها

 

[ 2888 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح فهما في جرف جهنم فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعا

 

رواه أحمد 20424 وإسناده صحيح على شرط الشيخين. شعبة: هو ابن الحجاج، ومنصور: هو ابن المعتمر.

وأخرجه الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" 5/280 من طريق عبد الله ابن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وعلقه البخاري بإثر الحديث (7083) ، ووصله ابن أبي شيبة 15/106، ومسلم (2888) (16) ، وابن ماجه (3965) من طريق محمد بن جعفر، به.

وأخرجه الطيالسي (884) ، ومن طريقه النسائي 7/124، وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4086) ، وأبو عمرو الداني في "الفتن وغوائلها" (91) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، كلاهما (الطيالسي وعبد الصمد) عن شعبة، به.

وأخرجه النسائي 7/124، ومن طريقه ابن حجر في "تغليق التعليق" 5/280 من طريق سفيان الثوري، عن شعبة، به موقوفاً من قول أبي بكرة، وذكر البخاري هذه الرواية معلقة بإثر الحديث (7083) ، ومن أجل هذه الرواية ذكر الدارقطني هذا الحديث في "التتبع" ص 321 متعقباً به الإمام مسلم. قال النووي في "شرح مسلم" 18/12-13: وهذا الاستدراك غير مقبول، فإن شعبة إمام حافظ، فزيادته الرفع مقبولة كما سبق بيانه مرات. قلنا: وقد جاء الحديث مرفوعاً من غير هذا الطريق، ورفعه ثابت في "الصحيحين"، فلا تقدح الرواية الموقوفة في صحة الرواية المرفوعة. وعلقه البخاري بإثر (7083) ، ورواه أحمد من طريق الحسن البصري، عن الأحنف بن قيس، عن أبي بكرة برقم (20439) و (20519) ، ومن طريق الحسن عن أبي بكرة دون ذكر الأحنف برقم (20472) و (20518) ، ومن طريق مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه برقم (20493) .

وفي الباب عن أبي موسى الأشعري، عند أحمد برقم (19590) .

قوله: "جرف جهنم" قال السندي: بجيم وراء مضمومتين، أو بسكون الراء، أي على طرف جهنم، وأصله المكان الذي أكله السيل من المسيل.

 

[ 2888 ] حدثني أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري حدثنا حماد بن زيد عن أيوب ويونس عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال خرجت وأنا أريد هذا الرجل فلقيني أبو بكرة فقال أين تريد يا أحنف قال قلت أريد نصر بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني عليا قال فقال لي يا أحنف ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا تواجه المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار قال فقلت أو قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه قد أراد قتل صاحبه

 

[ 2860 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي كلاهما عن شعبة ح وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا بموعظة فقال يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا { كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين }  ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح { وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }  قال فيقال لي إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم وفي حديث وكيع ومعاذ فيقال إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك

 

ومما روى أحمد:

 

19754 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ بِسُوقٍ أَوْ مَجْلِسٍ أَوْ مَسْجِدٍ وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيَقْبِضْ عَلَى نِصَالِهَا ، فَلْيَقْبِضْ عَلَى نِصَالِهَا " ثَلَاثًا . قَالَ أَبُو مُوسَى: فَمَا زَالَ بِنَا الْبَلَاءُ حَتَّى سَدَّدَ بِهَا بَعْضُنَا فِي وُجُوهِ بَعْضٍ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (19577) غير شيخ أحمد، فهو هنا يزيد، وهو ابن هارون، ثقة من رجال الشيخين. وسلف مطولاً برقم (19488) .

  

للأسف فرغم أن السنة أكثر من توجد هذه النصوص في كتبهم شهادةً منهم للمسألة وعلى أنفسهم تاريخيًّا، فهم أكثر فئة إسلامية رفع أفرادها السيوف على بعضهم الآخر، منذ عصر أصحاب وأتباع محمد الأوائل بعد موت محمد، وللعجب فإن السنة رفضوا العمل به اعتقادًا ولم يكفروا الصحابة المتقاتلين كعثمان ومن كانوا ضده، ، وعلي ضد طلحة والزبير في موقعة الجمل، وعلي ومعاوية والخوارج ومن كان مع كل فئة من الثلاثة، وعبد الملك بن مروان الأموي وعبد الله بن الزبير، وغيرهم، ويقول السنة مقولات باردة عديمة المنطق عديدة مثل: كل الصحابة كانوا مجتهدين متأولين المصيب والمخطئ فيهم له أجر، ولنعرض بعض تخبطات تفاسيرهم من فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بعد ذكره حديث (7083 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ خَرَجْتُ بِسِلَاحِي لَيَالِيَ الْفِتْنَةِ فَاسْتَقْبَلَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أُرِيدُ نُصْرَةَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ قِيلَ فَهَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ):

 

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَوَائِلَ الصَّحِيحِ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَى كَوْنِهِمَا فِي النَّارِ أَنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَمْرَهُمَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُمَا ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا مِنَ النَّارِ كَسَائِرِ الْمُوَحِّدِينَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُمَا فَلَمْ يُعَاقِبْهُمَا أَصْلًا وَقِيلَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْخَوَارِجِ وَمَنْ قَالَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِي مُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَهُمَا فِي النَّارِ اسْتِمْرَارُ بَقَائِهِمَا فِيهَا وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَرَ الْقِتَالَ فِي الْفِتْنَةِ وَهُمْ كُلُّ مَنْ تَرَكَ الْقِتَالَ مَعَ عَلِيٍّ فِي حُرُوبِهِ كَسَعْدِ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ وَغَيْرِهِمْ وَقَالُوا يَجِبُ الْكَفُّ حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ قَتْلَهُ لَمْ يَدْفَعْهُ عَنْ نَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَدْخُلُ فِي الْفِتْنَةِ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدٌ قَتْلَهُ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَذهب جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إِلَى وُجُوبِ نَصْرِ الْحَقِّ وَقِتَالِ الْبَاغِينَ وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ ضَعُفَ عَنِ الْقِتَالِ أَوْ قَصُرَ نَظَرُهُ عَنْ مَعْرِفَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ مَنْعِ الطَّعْنِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ عَرَفَ الْمُحِقَّ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ إِلَّا عَنِ اجْتِهَادٍ وَقَدْ عَفَا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْمُخْطِئِ فِي الِاجْتِهَادِ بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُؤْجَرُ أَجْرًا وَاحِدًا وَأَنَّ الْمُصِيبَ يُؤْجَرُ أَجْرَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ الْوَعِيدَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ قَاتَلَ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ سَائِغٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ طَلَبِ الْمُلْكِ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَنْعُ أَبِي بَكْرَةَ الْأَحْنَفَ مِنَ الْقِتَالِ مَعَ عَلِيٍّ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَنِ اجْتِهَادٍ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ أَدَّاهُ إِلَى الِامْتِنَاعِ وَالْمَنْعِ احْتِيَاطًا لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ نَصَحَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الطَّبَرِيُّ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ اخْتِلَافٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الْهَرَبُ مِنْهُ بِلُزُومِ الْمَنَازِلِ وَكَسْرِ السُّيُوفِ لَمَا أُقِيمَ حَدٌّ وَلَا أُبْطِلَ بَاطِلٌ وَلَوَجَدَ أَهْلُ الْفُسُوقِ سَبِيلًا إِلَى ارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ أَخْذِ الْأَمْوَالِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ وَسَبْيِ الْحَرِيمِ بِأَنْ يُحَارِبُوهُمْ وَيَكُفَّ الْمُسْلِمُونَ أَيْدِيَهُمْ عَنْهُمْ بِأَنْ يَقُولُوا هَذِهِ فِتْنَةٌ وَقَدْ نُهِينَا عَنِ الْقِتَالِ فِيهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَمْرِ بِالْأَخْذِ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاءِ انْتَهَى وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ فِي حَدِيثِ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ زِيَادَةً تُبَيِّنُ الْمُرَادَ وَهِيَ إِذَا اقْتَتَلْتُمْ عَلَى الدُّنْيَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ فَقِيلَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قَالَ الْهَرْجُ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فَبَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ الْقِتَالَ إِذَا كَانَ عَلَى جَهْلٍ مِنْ طَلَبِ الدُّنْيَا أَوِ اتِّبَاعِ هَوًى فَهُوَ الَّذِي أُرِيدَ بِقَوْلِهِ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ قُلْتُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الَّذِينَ تَوَقَّفُوا عَنِ الْقِتَالِ فِي الْجَمَلِ وَصِفِّينَ أَقَلَّ عَدَدًا مِنَ الَّذِينَ قَاتَلُوا وَكُلُّهُمْ مُتَأَوِّلٌ مَأْجُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخِلَافِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ قَاتَلَ عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِالْعَزْمِ وَإِنْ لَمْ يَقَعِ الْفِعْلُ وَأَجَابَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَنَّ فِي هَذَا فِعْلًا وَهُوَ الْمُوَاجَهَةُ بِالسِّلَاحِ وَوُقُوعُ الْقِتَالِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ فِي النَّارِ أَنْ يَكُونَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْقَاتِلُ يُعَذَّبُ عَلَى الْقِتَالِ وَالْقَتْلِ وَالْمَقْتُولُ يُعَذَّبُ عَلَى الْقِتَالِ فَقَطْ فَلَمْ يَقَعِ التَّعْذِيبُ عَلَى الْعَزْمِ الْمُجَرَّدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَقَالُوا فِي قَوْلُهُ تَعَالَى لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت اخْتِيَارُ بَابِ الِافْتِعَالِ فِي الشَّرِّ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْمُعَالَجَةِ بِخِلَافِ الْخَيْرِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ أَوْ يَعْمَلُوا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ ثَلَاثٌ الْهَمُّ الْمُجَرَّدُ وَهُوَ يُثَابُ عَلَيْهِ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ وَاقْتِرَانُ الْفِعْلِ بِالْهَمِّ أَوْ بِالْعَزْمِ وَلَا نِزَاعَ فِي الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ وَالْعَزْمُ وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الْهَمِّ وَفِيهِ النِّزَاعُ.

 

 فأي تأوُّل واجتهاد كارثيّ هذا الذي يؤدي إلى اقتتال وموت مئات وآلاف الناس؟! لم يكن لدى هؤلاء آلية سلمية ديمقراطية لتداول السلطة وفقًا لآراء ورغبات الشعوب، بل بالقتال والسيف فقط، لم يوجد لديهم مفهوم ونظام متحضر كاليونان الجريكيين والرومان القدماء وغيرهم للانتخاب والاقتراع، ولعل الأقرب إلى الصدق والصحة من الناحية الإسلامية القرآنية هم أتباع مذهب الإباضية بالنسبة لهذه المسألة فرغم أنك لا تقرأ في كتبهم تكفيرًا تامًّا صريحًا للصحابة المتقاتلين، لكنهم قالوا بأنهم كلهم كانوا مخطئين آثمين فيما فعلوه، وهو الصواب وفقًا لنص القرآن:

 

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)} النساء

 

وتكلمت أكثر عن الإباضية وخلافهم مع السنة والشيعة في هذه المسألة وغيرها بباب (تناقضات الأحاديث) ولو أنه تناقض بين أحاديث المذاهب وتوجهاتها، لكن هناك كذلك تناقضًا في موقف السنة وأحاديثهم داخليًّا. وعلى أية حال يوجد تناقض بين النهي عن قتل المؤمن لمجرد أنه يتبع نفس الدين وآية قتال الفئة الباغية:

 

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} الحجرات

 

وروى البخاري:

 

3855 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَوْ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَكَمُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى قَالَ سَلْ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مَا أَمْرُهُمَا { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَمَّا أُنْزِلَتْ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ قَالَ مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ فَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ وَدَعَوْنَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَقَدْ أَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ } الْآيَةَ فَهَذِهِ لِأُولَئِكَ وَأَمَّا الَّتِي فِي النِّسَاءِ الرَّجُلُ إِذَا عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَشَرَائِعَهُ ثُمَّ قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ. فَذَكَرْتُهُ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ إِلَّا مَنْ نَدِمَ


4590 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ آيَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْكُوفَةِ فَرَحَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } هِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ

4766 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ وَعَنْ { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ } قَالَ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ


121 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ اسْتَنْصِتْ النَّاسَ فَقَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

 

 1739 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

 

يعني مذهب السنة نفسه على الأقل وفقًا لرأي ابن عباس قال بأن قتل مسلمًا مثله فلا توبة له وقد انتهى مصيره الأبدي النهائي إلى النار، لكن السلطة والثروة المادية والسلطة الحقيقية والحصول عليها بأي طريقة غير أخلاقية كانت أهم عند هؤلاء_ ربما إلى حدٍّ ما عدا عليًّا الذي وجد نفسَه مساقًا إلى العنف كرجلٍ له بيعة شرعية سلطوية وفقًا لتقاليد المسلمين غير تامة الديمقراطية لخروج المنشقين الانقلابيين على سلطته_من تعاليم القرآن والتخويف بمصير أبدي أخروي، مما يدل على أن منطلقات الأخلاق الدينية القائمة على النصوص والتخويف والترغيب الغيبي تفشل في كثير من الأحيان في النهاية، لأنها لا تقوم على زرع وإيقاظ الحس الأخلاقي الغريزي السليم القائم على الحس البشري المشترك عمومًا، وأولى من النهي عن قتل وقتال من هم من نفس الدين، النهي عن قتل أي بشر إلا دفاعًا عن النفس أو لكونه قام بقتل شخصٍ ظلمًا فاستحق الإعدام وفقًا لحكم محكمة قانونية (رغم اختلافات الفكر الغربي حول حكم الإعدام ورغم أن معظم الفكر العلماني ينادي بإلغائه وتحقق هذا في كثير من دول أوربا وبعض ولايات أمِرِكا، فإني أراه عقوبة عادلة)، أو دفاعًا عن حدود بلدك من عدوان لا شك فيه.

وروى البخاري:

 

بَاب { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ }

4650 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا حَيْوَةُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ لَا تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَا أُقَاتِلُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } إِلَى آخِرِهَا قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ } قَالَ ابْنُ عُمَرَ قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَلِيلًا فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا يَقْتُلُونَهُ وَإِمَّا يُوثِقُونَهُ حَتَّى كَثُرَ الْإِسْلَامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ قَالَ فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا قَوْلِي فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ أَمَّا عُثْمَانُ فَكَانَ اللَّهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ وَأَمَّا عَلِيٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنُهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَهَذِهِ ابْنَتُهُ أَوْ بِنْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ

 

4651 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا بَيَانٌ أَنَّ وَبَرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا أَوْ إِلَيْنَا ابْنُ عُمَرَ فَقَالَ رَجُلٌ كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ فَقَالَ وَهَلْ تَدْرِي مَا الْفِتْنَةُ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ

 

وتوجد أحاديث كثيرة تزعم تنبؤ محمد بالقتال بين المسلمين، وهي على الأغلب ملفقة، مثل ما رواه أحمد:

 

15917 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لِلْإِسْلَامِ مِنْ مُنْتَهَى ؟ قَالَ: " أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ ؟ " وَقَالَ: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ: " نَعَمْ، أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ، أَوِ الْعُجْمِ أَرَادَ اللهُ بِهِمْ خَيْرًا، أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ " قَالَ: ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ: " ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ " قَالَ: كَلَّا وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ قَالَ: " بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، ثُمَّ تَعُودُونَ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا ، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ "(1)

وَقُرِئَ عَلَى سُفْيَانَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَسَاوِدَ صُبًّا ؟ قَالَ سُفْيَانُ: " الْحَيَّةُ السَّوْدَاءُ تُنْصَبُ: أَيْ تَرْتَفِعُ "(2)

 

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه فإنه لم يرو له أصحاب الكتب الستة. سفيان: هو ابن عُيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم بن عبيد الله، وعروة: هو ابن الزبير. وأخرجه الطيالسي (1290) ، وابن أبي شيبة 15/13، والحميدي (574) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2305) ، والبزار (3353) (زوائد) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (443) ، والحاكم 1/34، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 152، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/172 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح وليس له عِلَّة ولم يخرجاه، لتفرد عروة بالرواية عن كرز بن علقمة، وكرز بن علقمة صحابي مخرج حديثه في مسانيد الأئمة، سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: مما يلزم مسلم والبخاري إخراجه حديث كرز بن علقمة هل للإسلام منتهى، فقد رواه عروة بن الزبير، ورواه الزهري وعبد الواحد بن قيس، عنه (انظر الإلزامات للدارقطني) . قال الحاكم: والدليل الواضح على ما ذكره أبو الحسن أنهما جميعاً اتفقا على حديث عتبان ابن مالك الأنصاري الذي صلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيته، وليس له راوٍ غير محمود بن الربيع. وأخرجه البزار (3354) (زوائد) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (444) و (445) و (446) من طرق عن الزهري، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/305، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني بأسانيد، وأحدها رجاله رجال الصحيح. وسيأتي برقم (15918) و (15919) .

قال السندي: قوله: ثم مه، أي: ثم ماذا يكون.  قوله: "الظُّلل"، بضم ففتح: جمع ظلة تحيط به. قوله: كلا: لم يقل إنكاراً لذلك، وإنما قال إظهاراً لمحبته أن يبقى إلى آخر الأمد.  قوله: "أساود": حيات، جمع أسود.  قوله: "صباً"، بضم فتشديد، أي: كأنهم حيات مصبوبة على الناس من السماء.

(1) المفسر لقوله: "الأساود صُبّاً" عند الحميدي والبيهقي وابن عبد البر: هو الزهري، وليس سفيان. ولفظه عندهم: قال الزهري: أساود صباً يعني الحية إذا أراد أن ينهش، ارتفع ثم انصبَّ.

 

15918 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لِلْإِسْلَامِ مِنْ مُنْتَهَى ؟ قَالَ: "نَعَمْ أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ، أَوِ الْعُجْمِ أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمْ خَيْرًا، أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ" قَالَ: ثُمَّ مَاذَا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: "ثُمَّ تَقَعُ فِتَنٌ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ " فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: كَلَّا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ"

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو عند عبد الرزَّاق في "المصنف" (20747) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (442) ، والحاكم 4/454-455، والبغوي في "شرح السنة" (4235). وأخرجه الحاكم 1/34 من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، به.

 

16907 - حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ - وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: " كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ، إِلَّا الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِرًا، أَوِ الرَّجُلُ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ".

 

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، أبو عون- وهو الأنصاري الشامي- روى عنه جمع، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، ووثقه العجلي، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. صفوان بن عيسى: هو القرشي الزهري، وثور بن يزيد: هو الرحبي، وأبو إدريس: هو عائذ الله بن عبد الله الخولاني.

وأخرجه المزي في ترجمة أبي عون من "تهذيب الكمال" 34/155، من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/81، والحاكم 4/351، من طريق صفوان بن عيسى، به، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (858) من طريقين عن ثور. بن يزيد، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (856) و (857) ، وفي "مسند الشاميين" (1892) من طريقين عن أبي عون، به.

وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند أبي داود (4270) ، وصححه ابن حبان (5980) ، والحاكم 4/351، ووافقه الذهبي. وآخر من حديث عبادة بن الصامت عند البزار (3325) .

قال السندي: قوله: "إلا الرجل"، أي: إلا ذنب الرجل.

"أو الرجل يقتل" ظاهر الحديث موافق لظاهر القرآن، وكان ابن عباس يقول بما يوافقه، والجمهور يقول: إنه محمول على التغليظ، وإلا فقد قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 48] .

 

وروى البزار في مسنده:

 

2730- قَالَ خَالِدٌ ، وَحَدَّثَنِي هَانِئ بْنُ كُلْثُومٍ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا.

وروى مسلم:

 

[ 99 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير قالا حدثنا مصعب وهو بن المقدام حدثنا عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سل علينا السيف فليس منا

 

 [ 100 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن براد الأشعري وأبو كريب قالوا حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حمل علينا السلاح فليس منا

 

رواه أحمد 16500 و16541 وأخرجه ابن أبي شيبة 10/121، والدارمي 2/241، وأبو عوانة 1/58، وابن حبان (4588) ، وابن عدي في "الكامل" 5/1912، وابن منده في "الإيمان" (554) ، والطبراني في "الكبير" (6242/2) ، والبغوي في "شرح السنة" (2565) من طريقين عن عكرمة، بهذا الإسناد.

 

ومما روى أحمد:

 

6724 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ (1) قَالَ: " مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَلَا رَصَدَ بِطَرِيقٍ " (2)

 

(1) لفظ أنه لم يرد في (ق) .

(2) صحيح، وهذا إسناد حسن. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، ومحمد: هو ابن راشد المكحولي، وسليمان بن موسى: هو الأشدق.

وسيكرر برقم (6742) و (7033) و (7088) .

وقوله: "من حمل علينا السلاح فليس منا": له شاهد من حديث ابن عمر عند البخاري (7070) ، ومسلم (98) (161) ، سلف بأرقام كثيرة منها (4467) و (4649) و (5149) .

وآخر من حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (7071) ، ومسلم (100) (163) .

وثالث من حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم (99) (162) .

ورابع من حديث أبي هريرة، سيرد (8359) .

وخامس من حديث أبي بكرة عند البزار (3338) أورده الهيثمي في "المجمع" 7/291، وقال: وفيه سويد بن إبراهيم ضعفه النسائي، ووثقه أبو زرعة، وهو لين.

وسادس من حديث عمرو بن عوف عند البزار (3339) . قال الهيثمي في "المجمع" 7/291: وفيه كثير بن عبد الله، وهو ضعيف عند الجمهور، وحسن الترمذي حديثه.

وسابع من حديث سمرة عند البزار (3340) ، والطبراني (7042) ، قال الهيثمي في "المجمع" 7/291: وفي إسناد الطبراني من لم أعرفه، وفي إسناد البزار يوسف بن خالد السمتي، وهو متروك.

وقد أشار الحافظ في "الفتح" 13/24 إلى حديث هؤلاء الثلاثة، وقال: وفي سند كل منها لين، لكن يعضد بعضها بعضاً.

وثامن من حديث ابن الزبير عند الطبراني فيما نقله الهيثمي في "المجمع" 7/291، وقال: وفيه مسلم بن خالد الزنجي، وقد وثق على ضعفه.

وتاسع من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الأوسط" فيما نقله الهيثمي في "المجمع" 7/291، وقال: وفيه أيوب بن عتبة، وهو ضعيف، ووثقه ابن معين في روايته.

وقوله: "ولا رصد بطريق" لم نجده في غير "المسند"، ولا ذكره الهيثمي في "المجمع"، وهو على شرطه، أي: ولا من رصد وترقب بالسلاح بطريق، يريد قاطع الطريق، وهذا عطف على ما يفهم من الكلام المتقدم، كأنه قال: ليس منا من حمل ولا من رصد. قاله السندي.

 

وروى أبو داوود:

 

4270 - حدَّثنا مُؤمَّل بنُ الفضْلِ الحرَّانيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ شُعيبٍ، عن خالدِ بنِ دِهقانَ، قال: كنا في غزوة القُسطنطينيه بِذُلُقيَةَ، فأقبلَ رجلٌ مَن أهلِ فلسطين من أشرافهم وخيارِهم، يعرفوُن ذلك له، يقال له: هانئُ بنُ كُلثوم بنِ شَريكٍ الكِنانيُّ، فسلَّم على عبد الله بن أبي زكريا، وكان يَعْرِفُ له حقَّه، قال لنا خالدٌ: فحدَّثنا عبدُ الله بن أبي زكريا، قال: سمعتُ أمَّ الدرداءِ تقولُ: سمعتُ أبا الدرداء يقول: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "كلُّ ذنبٍ عسى اللهُ أن يغفِرَهُ، إلا مَن ماتَ مُشرِكاً، أو من قَتَلَ مؤمناً مُتعَمداً".

فقال هانئ بنُ كلثوم: سَمِعتُ محمودَ بنَ الربيعِ يُحدث عن عُبادَةَ بنِ الصَّامت، أنه سمعه يُحدث عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَنْ قَتَلَ مؤمناً، فاغتَبَطَ بقتله، لم يَقبلِ اللهُ منه صَرْفاً ولا عَدْلاً".

قال لنا خالد: ثم حدَّثنا ابنُ أبي زكريا، عن أمِّ الدرداء عن أبي الدرداء، أن رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يزالُ المؤمِنُ مُعنِقاً صالحاً ما لم يُصِت دماً حَرَاماً، فإذا أصابَ دماً حَرَاماً بَلَّح".

وحدَّث هانئُ بنُ كلثوم، عن محمودِ بن الربيعِ، عن عُبادَةَ بنِ الصامتِ، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله سواءً (2).

 

قال شعيب الأرنؤوط: إسناداه صحيحان. محمَّد بن شعيب: هو ابن شابور. وأخرج الحديث الأول: أبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ" (495)، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 6 - 7، والبزار (2729)، وابن حبان (5980)، والطبراني في "الأوسط" (9228)، وفي "الشاميين"، (1308)، وأبو بكر الأسماعيلي في "معجم شيوخه" ترجمة (233)، والحاكم 4/ 351، وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" عند تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: 92]، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 153، والبيهقي 8/ 21، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 18 - 19 من طريق خالد بن دهقان، بهذا الإسناد.

وأخرج الحديث الثاني: أبو عُبيد القاسم (496)، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 7، والطبراني في "الشاميين" (1311)، وأبو عمرو الدانى في "السنن الواردة في الفتن" (96) والبيهقي 8/ 21، وابن عساكر 16/ 18 - 19، والضياء المقدسي في "المختارة" (415) و (416) و (417) من طريق خالد بن دهقان، به. وقد جاء عند بعضهم تسمية محمود بن الربيع: محمود بن ربيعة، خطأ.

وأخرج الحديث الثالث: ابن أبي عاصم في "الديات" ص 6، والطبراني في "الأوسط" (9229)، وفي "الصغير" (1108)، وفي "الشاميين" (1309)، والخطابي في "غريب الحديث" 1/ 203، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 153، والبيهقي 8/ 21 من طريق خالد بن دهقان، عن عبد الله بن أبي زكريا، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء.

وأخرجه أيضاً البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 230، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 6، والطبراني في "الشاميين" (1310)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 119، والبيهقي 8/ 21، والضياء في "المختارة" (418) و (419) من طريق خالد بن دهقان، عن هانئ بن كلثوم، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت. ووقع الخطأ أيضاً في تسمية محمود بن الربيع عند بعضهم إلى: محمود بن ربيعة.

وأخرج البزار الحديث الأول (2730) من طريق خالد بن دهقان، عن هانئ بن كلثوم، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت. فذكره بإسناد عُبادة، ولم نجده لغير.

قوله: "فاغتَبَطَ" بالغين المعجمة من الغبطة قال ابن الأثير في "النهاية": هكذا جاء الحديث في "سنن أبي داود" بالغين المعجمة ... (ونقل تفسير يحيى بن يحيى الغسّاني الآتي عند المصنف بعده) قال: وهذا التفسير يدل على أنه من الغبطة بالغين المعجمة، وهي الفرح والسرور، وحسنُ الحال؛ لأن القاتل يفرح بقتل خصمه، فإذا كان المقتول مؤمناً، وفرح بقتله، دخل في هذا الوعيد.

وأما الخطابي فقد شرح هذا الحديث في معالم "السنن" فقال: "اعتبط قتله" [بالعين المهملة] أي: قتله ظلماً لا عن قصاص، يقال: عَبطتُ الناقةَ واعتَبَطْتُها: إذا نحرتَها من غير داء أو آفة تكون بها، ومات فلان عَبطة إذا كان شابّاً، واحتُضِر قبل أوانِ الشيبِ والهَرَم. قلنا: وكذلك ضبطها أبو علي الغسَّاني بخطّه بالعين المهملة كما ضبطها الخطابي، وهي عندنا كذلك في (ب). وفي بقية الأصول: "فاغتبط" كما ضبطه ابن الأثير، وتفسير يحيى بن يحيى الغساني الآتي يؤيد أنه بالغين المعجمة.

قال الخطابي: وقوله: "مُعنقاً"، يريد: خفيف الظهر، يُعنِق في مشيه سير المُخِفّ، والعَنَق: ضرب من السير وسيع، يقال: أعنق الرجلُ في سَيْره فهو مُعنِق، ورجل مُعنق، وهو من نعوت المبالغة.

و"بلَّح،: معناه: أعيا وانقطع، يقال: بلَّح عليَّ الغريم، إذا قام عليك فلم يُعطك حقك، وبَلَّحت الرَّكيّة: إذا انقطع ماؤها.

وقوله: بذُلُقْيَة: بضم الذال واللام، وسكون القاف، وفتح الياء: اسم مدينة بالروم. نقلَه أبو الطيب العظيم آبادي.

 

وروى أحمد:

 

18320 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ ثَرْوَانَ بْنِ مِلْحَانَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَمَرَّ عَلَيْنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَقُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ فِي الْفِتْنَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " يَكُونُ بَعْدِي قَوْمٌ يَأْخُذُونَ الْمُلْكَ، يَقْتُلُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا " قَالَ: قُلْنَا لَهُ: لَوْ حَدَّثَنَا غَيْرُكَ مَا صَدَّقْنَاهُ، قَالَ: فَإِنَّهُ سَيَكُونُ.

 

إسناده ضعيف لجهالة ثروان بن ملحان ، فقد انفرد بالرواية عنه سماك ابن حرب، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان والعجلي، وهو من رجال التعجيل، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير سماك- وهو ابن حرب- فمن رجال مسلم، وهو صدوق في غير روايته عن عكرمة. إسرائيل: هو ابن يونس. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/45- ومن طريقه أبو يعلى (1650) - ومن طريق محمد بن عبد الله بن الزبير، بهذا الإسناد. ولفظه: سيكون بعدي أمراء يقتتلون على الملك....

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/292، وزاد نسبته إلى الطبراني، وقال: ورجاله رجال الصحيح، غير ثروان ، وهو ثقة!

وفي الباب عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شر قتيل قتل بين صفين، أحدهما يطلب الملك". أخرجه الطبراني في "الأوسط" (6465) من طريق أبي نعيم عبد الأول المعلم، عن عبد الله بن وهب، عن أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر. وقال: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا أسامة بن زيد، ولا عن أسامة إلا ابن وهب، تفرَد به عبد الأول المعلم. قلنا: وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/292 وقال: فيه عبد الأول أبو نعيم، لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

 

ألم يجد ملفق الحديث سوى عمار لينسب له تعليمًا كهذا؟! أفلا كان عمار بن ياسر نفع نفسه بهذا الحديث المزعوم، وهو من ساهم في قتل عثمان وجاء مع الثوار من مصر وكان مؤيدًا لقتله، وهو من شارك مع علي في موقعة الجمل ثم معركة صفين، وروى ابن أبي شيبة:

 

38938- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ : قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ : إِنَّ أُمَّنَا سَارَتْ مَسِيرَنَا هَذَا ، وَإِنَّهَا وَاللهِ زَوْجَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلاَنَا بِهَا لِيَعْلَمَ إيَّاهُ نُطِيعُ أَمْ إيَّاهَا.

 

38989- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : دَخَلَ أَبُو مُوسَى ، وَأَبُو مَسْعُودٍ عَلَى عَمَّارٍ وَهُوَ يَسْتَنْفِرُ النَّاسَ ، فَقَالاَ: مَا رَأَيْنَا مِنْك مُنْذُ أَسْلَمْت أَمْرًا أَكْرَهَ عِنْدَنَا مِنْ إسْرَاعِكَ فِي هَذَا الأَمْرِ ، فَقَالَ عَمَّارٌ : مَا رَأَيْت مِنْكُمَا مُنْذُ أَسْلَمْتُمَا أَمْرًا أَكْرَهَ عِنْدِي مِنْ إبْطَائِكُمَا عَنْ هَذَا الأَمْرِ ، قَالَ : فَكَسَاهُمَا حُلَّةً حُلَّةً ، وَخَرَجُوا إِلَى الصَّلاَةِ جَمِيعًا.

 

وفي معركة صفين:

 

38992- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ : حدَّثَنَا يزيد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ ، أَوْ كَانَتْ شَكَّ يَحْيَى رَايَةُ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَكَانَ رَجُلاً أَعْوَرَ فَحَمَلَ عَلَيْهِ عَمَّارٌ يَقُولُ : أَقْدِمْ يَا أَعْوَرُ ، لاَ خَيْرَ فِي أَعْوَرَ ، لاَ يَأْتِي الْفَزَعُ فَيَسْتَحِي فَيَتَقَدَّمُ ، قَالَ : يَقُولُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : إنِّي لأَرَى لِصَاحِبِ الرَّايَةِ السَّوْدَاءِ عَمَلاً لَئِنْ دَامَ عَلَى مَا أَرَى لَتُفَانَنَّ الْعَرَبُ الْيَوْمَ ، قَالَ : فَمَا زَالَ أَبُو الْيَقظَانِ حَتَّى كَفَّ بَيْنَهُمْ ، قَالَ : وَهُوَ يَقُولُ كُلُّ الْمَاءِ وِرْدَ ، والماء مورود ، صَبْرًا عِبَادَ اللهِ ، الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ.

 

38993- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الأَجْدَعِ اللَّيْثِي ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ صِفِّينَ ، قَالَ : كَانَ عَمَّارٌ يَخْرُجُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ ، وَقَدْ أُخْرِجَتِ الرَّايَاتُ ، فَيُنَادِي حَتَّى يُسْمِعَهُمْ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : رُوحُوا إِلَى الْجَنَّةِ ، قَدْ تَزَيَّنَتِ الْحُورُ الْعِينُ.

 

38995- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلِمَةَ ، أَوْ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، عَنْ عَمَّارٍ ، قَالَ : لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يُبْلِغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَى الْحَقِّ , وَأَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ.

 

39021- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلِمَةَ ، قَالَ : رَأَيْتُ عَمَّارًا يَوْمَ صِفِّينَ شَيْخًا آدَمَ طِوَالاً وَيَدَاهُ تَرْتَعِشُ وَبِيَدِهِ الْحَرْبَةُ ، فَقَالَ : لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يبْلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْت أَنَّ مُصْلِحِيَنَا عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ.

 

38996- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ رياح بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : كُنْتُ إِلَى جَنْبِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بِصِفِّينَ ، وَرُكْبَتِي تَمَسُّ رُكْبَتَهُ ، فَقَالَ رَجُلٌ : كَفَرَ أَهْلُ الشَّامِ ، فَقَالَ عَمَّارٌ : لاَ تَقُولُوا ذَلِكَ نَبِيُّنَا وَنَبِيُّهُمْ وَاحِد ، وَقِبْلَتُنَا وَقِبْلَتُهُمْ وَاحِدَةٌ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ مَفْتُونُونَ جَارُوا عَنِ الْحَقِ ، فَحَقَّ عَلَيْنَا أَنْ نُقَاتِلَهُمْ حَتَّى يَرْجِعُوا إلَيْهِ.

 

38997- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ حَنَشِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ رَيَاحٌ ، قَالَ : قَالَ عَمَّارٌ : لاَ تَقُولُوا : كَفَرَ أَهْلُ الشَّامِ ، وَلَكِنْ قُولُوا : فَسَقُوا ظَلَمُوا.

 

38998- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ مِسْعَرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ رَيَاحٍ ، عَنْ عَمَّارٍ ، قَالَ : لاَ تَقُولُوا : كَفَرَ أَهْلُ الشَّامِ وَلَكِنْ قُولُوا : فَسَقُوا ظَلَمُوا.

محاولة تبريرية بالأحاديث بالتناقض مع صريح نص القرآن وإدانته لتقاتل أصحاب محمد ضد بعضهم البعض طمعًا في السلطة والثروات والنفوذ بعد موت محمد

 

روى أحمد:

 

19678 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، وهَاشِمٌ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ . إِنَّمَا عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْقَتْلُ والْبَلَابِلُ وَالزَّلَازِلُ " قَالَ أَبُو النَّضْرِ " بِالزَّلَازِلِ وَالْقَتْلِ وَالْفِتَنِ ".

 

ضعيف، يزيد- وهو ابن هارون- وهاشم بن القاسم، رويا عن المسعودي- وهو عبدُ الرحمن بنُ عبد الله- بعد الاختلاط، وقد اختُلف فيه على أبي بردة- كما سيرد- اختلافاً كثيراً.

وأخرجه عبدُ بنُ حميد (536) ، والحاكم في "المستدرك" 4/444 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد!

ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!. وأخرجه أبو داود (4278) من طريق كثير بن هشام، والقضاعي في "مسند الشهاب" (969) من طريق معاذ بن معاذ، كلاهما عن المسعودي، به.

واختُلف فيه على أبي بُردة:

فرواه عن أبي بردة عن أبي موسى:

سعيدُ بنُ أبي بردة، كما في هذه الرواية. ومعاويةُ بنُ إسحاق، كما في الرواية (19658) ، وفي إسنادها مجهول. وعمرو بن قيس السَّكوني، وفي طريقه أبو القاسم الحمصي لم نعرفه. والوليدُ بنُ عيسى أبو وهب- قال البخاري: فيه نظر. وليثُ بنُ أبي سُلَيْم، وهو ضعيف. ومحمدُ بنُ إسحاق بن طلحة التيمي. وروايات هؤلاء الأربعة المذكورين آخراً أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" 1/38-39. ومحمد بنُ إسحاق ابن طلحة التيمي هذا؛ قال فيه أبو حاتم- كما في "الجرح والتعديل" -195-: لا أعرفُ محمد بن إسحاق بن طلحة يحدث عن أبي بردة، إنما يروي عن أبي بردة إسحاقُ بنُ يحيى بن طلحة. قلنا: وهو ضعيف.

ورواه رياحُ بنُ الحارث، كما عند البخاري في "التاريخ الكبير" 1/39، والحاكم في "المستدرك" 4/253-354 (7649)- حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا محمد بن فضيل بن غزوان ثنا صدقة بن المثنى ثنا رباح بن الحارث عن عن أبي بردة، قال: بينا أنا واقف في السوق في إمارة زياد، إذ ضربتُ بإحدى يديَّ على الأخرى تعجباً، فقال رجلٌ من الأنصار قد كانت لوالده صحبةٌ مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ممَّ تعجبُ يا أبا بردة؟ قلتُ: أعجبُ من قومٍ دينُهم واحد، ونبيُّهم واحد، ودعوتُهم واحدة، وحجُّهم واحد، وغزوهُم واحد، يستحل بعضُهم قتل بعض! قال: فلا تعجب، فإني سمعتُ والدي أخبرني أنه سمع رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إنَّ أمتي أمةٌ مرحومة، ليس عليها في الآخرة حساب ولا عذاب، إنما عذابُها في القتل والزلازل والفتن". قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد! ولم يخرجاه.

ووافقه الذهبي! قلنا: شيخ أبي بردة في هذا الإسناد مبهم، فلا يصح.

ورواه أبو بكر بن عياش، عن أبي حَصِين (وهو عثمان بن عاصم الأسدي) عن أبي بُردة، قال: كنتُ عند عُبيد الله بن زياد، فأُتي برؤوس الخوارج، فكلما مرُوا عليه برأس قال: إلى النار، فقال له عبدُ الله بنُ يزيد: أولا تدري! سمعتُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "عذابُ هذه الأمة جُعل بأيديها في دنياها". أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/38، والحاكم في "المستدرك" 1/49-50 و4/254، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1000) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 4/205 من طرق عن أبي بكر بن عياش، عن أبي حَصِين. وهذا إسنادٌ رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي بكر بن عياش، فروايته في مقدمة مسلم.

وصححه الحاكم على شرط الشيخين! وقال: لا أعلم له علة، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي! مع أن أبا بكر بن عياش روايته في مقدمة مسلم، كما ذكرنا.

وهذه الروايةُ قد ضعَّفها أحمدُ بنُ حنبل، فيما حكاه ابن أبي حاتم في "المراسيل" ص91-92، فقد نقل عن الأثرم قولَه: قيل لأبي عبد الله أحمد ابن حنبل: ليست لعبد الله بن يزيد صحبةٌ صحيحةٌ ؟ قال: أما صحيحة فلا. ثم قال: شيءٌ يرويه أبو بكر بن عياش، عن أبي حَصِين، عن أبي بردة، عن عبد الله بن يزيد قال: سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وضعَّفه أبو عبد الله، وقال: ما أرى ذاك بشيء.

قلنا: وقد أورد الحاكم 1/50 شاهداً تابع أبا حَصِين فيه الحسنُ بنُ الحكم النخعي، وصححه، لكن سكت عنه الذهبي.

وقال الحاكم في 4/254: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، إنما أخرج مسلمٌ وحده حديثَ طلحة بن يحيى، عن أبي بردة، عن أبي موسى: "أمتي أمةٌ مرحومة".

قلنا: إنما انتقى مسلمٌ منه لفظَ حديثِ الفداء السالف برقم (19485) .

ورواه حُميد- وهو ابن هلال- عن أبي بردة، أنه خرج من عند زياد أو ابن زياد، فجلس إلى رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: سمعتُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...

أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/39 عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، عن حماد بن سلمة، عن يونس بن عبيد، عنه.

ورواه عليُّ بنُ مدرك عند البخاري كذلك 1/39-40 عن أبي بردة قال: حدثني رجل من الأنصار، عن بعض أهله يرفعه: "هذه أمة مرحومة". وشيخُ أبي بردة الرجلُ من الأنصار مبهم.

وقد أشار شيخُ الصنعة الإمام أبو عبد الله البخاري في كتابه "التاريخ الكبير" 1/39 بعد أن أورد طرق هذا الحديث وبيَّن ما فيها من اضطراب: والخبرُ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الشفاعة وأن قوماً يعذَّبون ثم يخرجون كثر وأبينُ وأَشهَر. وهذا يدلُّ على أن البخاري رحمه الله أضاف إلى اضطراب السند نقد المتن وأنه مخالف للأحاديث الصحيحة التي تكاد تكون متواترة بأن أناساً من أمة محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدخلون النار ثم يخرجون منها بشفاعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وسيتكرر برقم 19753

 

27410 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ يَتْلُو أَحَادِيثَ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَقَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " رَأَيْتُ مَا تَلْقَى أُمَّتِي بَعْدِي وَسَفْكَ بَعْضِهِمْ دِمَاءَ بَعْضٍ، وَسَبَقَ ذَلِكَ مِنَ اللهِ تَعَالَى، كَمَا سَبَقَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُوَلِّيَنِي شَفَاعَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيهِمْ فَفَعَلَ "، قَالَ عَبْدُ اللهِ (1) : قُلْتُ لِأَبِي: هَاهُنَا قَوْمٌ يُحَدِّثُونَ بِهِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ (2)

 

(1) قوله: قال عبد الله، ليس في (ظ6) .

(2) حديث صحيح، وهذا إسنادٌ رجاله ثقات رجال الشيخين. وقد رواه أبو اليَمان الحَكَم بنُ نافع مرتين، كما سيأتي:

فرواه -كما في هذه الرواية، وفيما أخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (410) - عن شُعيب بن أبي حمزة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن أنس بن مالك، به.

ورواه -فيما أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (215) و (800) ، وفي "الآحاد والمثاني" (3077) ، وفي "الديات" (97) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (409) ، وفي "الأوسط" (4645) ، وفي "مسند الشاميين" (2990) ، والدارقطني في "العلل" 5/ورقة 184، والحاكم 1/68- عن شعيب، عن الزهري، عن أنس، به.

وذكر الإمام أحمد عقب هذه الرواية، والدارقطني، أن هذا الحديث ليس محفوظاً من حديث الزُّهري، وأن الصواب فيه أنه من حديث ابن أبي حسين.

لكن الحاكم نقل بإسناده إلى أبي اليمان أنه قال: الحديث حديث الزهري، والذي حدثتكم به عن ابن أبي حسين غلطتُ فيه بورقة قلبتُها.

قلنا: والخطب في ذلك يسير، فإنه انتقال من ثقة إلى ثقة، والله أعلم.

 

ما أسهل أن تقوم بجريمة ثم تقول أنها كتبها إله خرافي؟! هل يصلح هذا كعذر في محكمة للص أو قاتل أو معتدٍ أثيم؟!

 

وقد وصل الأمر ببعضهم في الزمن القديم إلى تحريق بيوت بعضهم البعض لحرق من فيها، روى أحمد والبخاري ومسلم، واللفظ من أحمد وكلهم واحد تقريبًا:

 

20407 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكَرَةَ، وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ وَهُوَ فِي نَفْسِي أَفْضَلُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكَرَةَ، عَنْ أَبِي بَكَرَةَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ غَيْرُ أَبِي: عَنْ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ: " أُفَضِّلُ فِي نَفْسِي حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ"، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ بِمِنًى، فَقَالَ: " أَلَا تَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا ؟ " قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: " أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: " أَيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟ " قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " أَلَيْسَ بِالْبَلْدَةِ ؟ " قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ ، وَأَبْشَارَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ ‍ " قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: " اللهُمَّ اشْهَدْ، لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ " فَكَانَ كَذَلِكَ وَقَالَ: " لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ "،

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ حَرْقِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ، حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ: أَشْرَفُوا عَلَى أَبِي بَكَرَةَ، فَقَالُوا: هَذَا أَبُو بَكَرَةَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَحَدَّثَتْنِي أُمِّي، أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ: " لَوْ دَخَلُوا عَلَيَّ مَا بَهَشْتُ إِلَيْهِمْ بِقَصَبَةٍ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. قرة: هو ابن خاِلد السَّدوسي.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 8/19-20 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "الصحيح" (7078) ، وفي "خلق أفعال العباد" (397) ، ومسلم (1679) (31) ، وابن ماجه (233) ، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 24، والبزار في "مسنده" (3617) من طريق يحيى بن سعيد القطان، به. وبعضهم اختصره، ولم تذكر حادثة تحريق ابن الحضرمي إلا عند البخاري والبزار.

وأخرجه الطيالسي (859) ، ومن طريقه أبو عوانة في الحدود كما في "إتحاف المهرة" 5/ورقة 51، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 1/41 من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، كلاهما عن قرة بن خالد، به.

واقتصر الطيالسي على قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ترجعوا بعدي كفاراً"، واقتصر بن

عبد البر على قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مُبَلِّغ أوعى من سامع".  وأخرجه إبراهيم بن طهمان في "مشيخته" (115) ، والطبراني في "الصغير" (427) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 8/246 من طريق أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه. واقتصروا على قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" زاد ابن طهمان وحده: "ليبلغ الشاهد الغائب". ووقع الإسناد عنده: عن بعض بني أبي بكرة، عن أبي بكرة. لم يصرح باسم عبد الرحمن.

وانظر ما سلف برقم (20386) .

ابن الحضرمي المذكور في القصة: هو عبد الله بن عمرو بن الحضرمي.

ذكر الطبري في حوادث سنة ثمان وثلاثين 5/110-112 عن عمر بن شبة أن عبد الله بن عباس خرج من البصرة وكان عامله لعلي، واستخلف زياد ابن سُمَيَّة على البصرة، فأرسل معاوية عبد الله بن عمرو بن الحضرمي ليأخذ له البصرة، فنزل في بني تميم وانضمت إليه العثمانية، فكتب زياد إلى علي يستنجده، فأرسل إليه أيمن بن ضبيعة المجاشعي، فقُتِلَ غيلةً، فبعث علي بعده جارية بن قدامة، فحصر ابن الحضرمي في الدار الذي نزل فيها، ثم أحرق الدار عليه وعلى من معه، وكانوا سبعين رجلاً أو أربعين.

وجارية بن قدامة: هو التميمي السعدي، وهو القائل: اشرفوا على أبي بكرة. وأم عبد الرحمن بن أبي بكرة: هي هالة بنت غليظ العجلية، وسماها ابن سعد: هولة.

وقوله: قال أشرفوا على أبي بكرة... قال العيني: جواب قوله: فلما كان ... وذلك أن جارية لما أحرق ابن الحضرمي أمر جيشه أن يُشرفوا على أبي بكرة هل هو على الاستسلام والانقياد أم لا، فقال له جيشه: هذَا أبو بكرة يراك وما صنعت بابن الحضرمي وما أنكر عليك بكلام ولا بسلاح، فلما سمع أبو بكرة ذلك وهو في غرفة له، قال: لو دخلوا علي ما بَهَشْتُ إليهم بقصبة...

وقوله: "وأبشاركم" قال السندي: كان المراد بالأعراض: البواطن، وبالأبشار: الظواهر.

وقوله: "ما بهشت"، قال في "لسان العرب": بهش إليه بيده يَبْهَشُ بَهْشَاً، وبهشه بها: تَناولَتْه، نالَتْه أو قَصُرَتْ عنه. وبَهَشَ القوم بعضهم إلى بعض، يَبْهَشُون بَهْشاً، وهو من أدنى القتال.

ويعني أبو بكرة بقوله هذا: لو دخلوا عليَّ داري ما رفعت عليهم قصبة، لأني لا أرى قتال المسلمين، فكيف أن أقاتلهم بسلاح.

 

وصية محمد في حجة الوداع متواترة ومتكررة بأسانيد عديدة كثيرة جدًّا في مسند أحمد عن كثير من أصحاب محمد ولم أوردها كلها هنا من مسودة الدراسة الأولى منعًا للتكرار والإملال، لكن تأويل أبي بكَرَة لها على أنه يعني السلبية وعدم منع الجرائم ضد الإنسانية كحرق البشر وعدم الدفاع عن النفس هو تفكير سلبي واتخاذ لتعاليم عدم الاقتتال الداخلي كستار للسلبية وعدم القيام بخطوة إيجابية لمنع العدوان المتبادل والاقتتال والانتهاكات ضد الإنسانية.

 

وروى أحمد:

 

20429 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكَرَةَ، قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكَرَةَ، قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ يَتَعَاطَوْنَ سَيْفًا مَسْلُولًا ، فَقَالَ: "لَعَنَ اللهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا! أَوَ لَيْسَ قَدْ نَهَيْتُ عَنْ هَذَا ؟!"، ثُمَّ قَالَ: "إِذَا سَلَّ أَحَدُكُمْ سَيْفَهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُنَاوِلَهُ أَخَاهُ، فَلْيُغْمِدْهُ ، ثُمَّ يُنَاوِلْهُ إِيَّاهُ".

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير المبارك- وهو ابن فضالة- فهو صدوق. وقد صرح بالتحديث هو والحسن البصري في رواية عفان، فانتفت شبهة تدليسهما. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وعفان: هو ابن مسلم الباهلي.

وأخرجه الحاكم 4/290 من طريق الخصيب بن ناصح، عن المبارك، بهذا الإسناد. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/290، وزاد نسبته للطبراني.

وقد روي عن الحسن مرسلاً، وسلف برقم (14885) مقروناً بإسناد أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، ووقع في التعليق عليه هناك ما نصه: "هو من جهة الحسن منقطع فإنه لم يسمع من جابر" وهذا ذهول، فإن الحسن إنما رواه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً، فيصحح من هنا، والله ولي التوفيق.

وقد أخرجه هكذا مرسلاً ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/582-583 و583 من طرق عن الحسن، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وحديث جابر الذي سلف ذكره صحيح على شرط مسلم، وسلف أيضاً برقم (14201) ، وهو يشهد لحديث أبي بكرة هذا ويقوِّيه.

 

هذا الحديث يحتمل التلفيق، لكنه قد يكون صحيحًا كذلك لأني قد عرضت في باب (محمد أول من خالف التشريع الذي وضعه) عدة أمثلة على تشاؤمه من أمور خرافية، من باب الفأل الخرافي وجوالب الشؤم بظنه.

 

النهي عن أكل الجلالة وشرب لبنها وهي المواشي التي يطعمها أصحابها القمامة

 

روى أحمد:

1989 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَبَنِ شَاةِ الْجَلالَةِ ، وَعَنِ الْمُجَثَّمَةِ ، وَعَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ ".

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، عكرمة من رجاله، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي.

وأخرجه ابن الجارود (887) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (3786) ، والنسائي 7/240، والبيهقي 9/333 من طريقين عن هشام الدستوائي، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/397 و8/207 - 208، والدارمي (1975) و (2117) ، وأبو داود (3719) ، وابن خزيمة (2552) ، والطبراني (11819) ، والبيهقي 5/254 و9/333 من طريق حماد بن سلمة، والطبراني، (11820) من طريق مُجاعة بن الزبير، كلاهما عن قتادة، به. وسيأتي برقم (2161) و (2671) و (2949) و (3142) و (3143).

وأخرجه الترمذي (1825) من طريق ابن أبي عدي، والحاكم 2/34، وعنه البيهقي 9/334 من طريق عبد الوهاب الخفاف، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. قال الترمذي: حسن صحيح.

الجَلالة: هي الحيوان الذي يأكل العَذِرة، من الجَلَة- بفتح الجيم- وهي البَعْرة.

والمجثمة: هي كل حيوان يُنصَب وبُرمى ليقتل، إلا أنها تكثر في الطير والأرانب، وأشباه ذلك مما يَجثُم على الأرض، فإذا ماتت من ذلك لم يَحِل أكلُها.

 

وروى البخاري:

 

4220 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ يَوْمَ خَيْبَرَ فَإِنَّ الْقُدُورَ لَتَغْلِي قَالَ وَبَعْضُهَا نَضِجَتْ فَجَاءَ مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا وَأَهْرِقُوهَا قَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَهَى عَنْهَا الْبَتَّةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

25098- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَحْبِسُ الدَّجَاجَةَ الْجَلاَلَةَ ثَلاَثًا.

 

إسناده صحيح.

 

بعض رعاة الأغنام في مصر والعالم الإسلامي هم الأسوأ والأخبث على الإطلاق، فتراهم يطعمونها من مقالب القمامة الملقية في الشوارع، بدون أي ضمير ومراعاة لحقوق الحيوانات التي في رعايتهم وأسْرِهم ولا لحقوق الناس الذين سيشترونها كلحوم وبدون أي حساب من الحكومة ووزارة الصحة في كل بلد فوضوي بدائي من هذه، ويكثر هذا المشد في موسم ما قبل عيد الأضحى الخاص بهم. ما الذي يجعلهم يحرمون لحم الخنزير ويبيحون مواشي أكلت بهذه الطريقة الغير صحية؟! إن خنزيرًا مرعيًّا مربَّىً جيدًا سيكون صحيًّا جدًّا وأفضل من مواشٍ وأغنام رعت على القمامة.

 

تحقير المسلمين غير العرب واعتبارهم مواطنين درجة ثانية

 

كان العرب بعد فتوحاتهم وحكمهم لكثير من الشعوب التي أسلم الكثير منها يعتبرون من هم غير عرب كمواطنين درجة ثانية، وأنهم "موالي" وهي كلمة تعني في الأصل العبيد والعبيد المعتَقين والأشخاص المنتسبين إلى قوم ليسوا منهم في الأصل بالتحالف، وكل تلك الممارسات تدل على العنصرية والتعصب والانغلاق والتكبر القومي الأجوف على باقي البشر، وكانوا يعتبرون القائلين بتساوي كل البشر وعدم وجود مزية للعرب (متبعي مذهب الشعبية كما سماه أعداؤه) بمثابة زنادقة ومخطئين لقولهم بمساواة البشر! وروى أحمد:

 

23563 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حَنَشُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ لَقِيطٍ النَّخَعِيُّ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: جَاءَ رَهْطٌ إِلَى عَلِيٍّ بالرَّحْبَةِ فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَانَا قَالَ: كَيْفَ أَكُونُ مَوْلَاكُمْ وَأَنْتُمْ قَوْمٌ عَرَبٌ ؟ قَالُوا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ "

قَالَ رِيَاحٌ: فَلَمَّا مَضَوْا تَبِعْتُهُمْ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالُوا: نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ.

 

إسناده صحيح .

وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 12/60، وابن أبي عاصم في "السنة" (1355) ، والطبراني (4052) و (4053) من طريق شريك، عن حنش بن الحارث، بهذا الإسناد .

وأخرجه الطبراني (4053) من طريق شريك، عن الحسن بن الحكم، عن رياح بن الحارث، نحوه . وشريك سيئ الحفظ .

وفي الباب عن علي، سلف برقم (950). وعن زيد بن أرقم، سلف برقم (952) .

 

في كتاب نثر الدر في المحاضرات لمنصور بن الحسين الآبي أبي سعد:

 

خطب سلمان إلى عمر بن الخطاب ابنته فلم يستجز رده، فأنعم له وشق ذلك عليه وعلى ابنه عبد الله بن عمر. فشكى عبد الله ذلك إلى عمرو بن العاص فقال له: أفتحب أن أصرف سلمان عنكم؟ فقال له: هو سلمان، وحاله في المسلمين حاله. قال: أحتال له حتى يكون هو التارك لهذا الأمر، والكاره له. قال: وددنا ذلك. فمر عمرو بسلمان في طريق فضرب بيده على منكبه وقال له: هنيئاً لك أبا عبد الله. قال: وما ذاك؟ قال: هذا عمر يريد أن يتواضع بك فيزوجك. قال: وإنما يزوجني ليتواضع بي؟! قال: نعم. قال: لا جرم والله لا خطبت إليه أبداً.

 

وعلى النقيض جاء في القرآن:

 

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} الحجرات: 13

 

صحيح أن قياس قيمة الناس يتقييمات دينية يدخل في الشمولية والعنصرية والتمييز ضد غير المتدينين وأتباع الأديان الأخرى، لكن فكرة المساواة على الأقل بين المسلمين كانت موجودة في فكر محمد على عنصريته وشموليته وتشويهه للقيم الإنسانية الحقيقية. وروى أحمد من نصٍّ عن خطبة الوداع في حجة محمد الأخيرة:

 

23489 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ (1) ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ (2) عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ "، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَيُّ يَوْمٍ هَذَا ؟ "، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ: " أَيُّ شَهْرٍ هَذَا ؟ "، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: " أَيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟ "، قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: " فَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ " ـ قَالَ: وَلَا أَدْرِي قَالَ: أَوْ أَعْرَاضَكُمْ، أَمْ لَا ـ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَلَّغْتُ "، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: " لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ " (3)

 

(1) في (م) و (ظ 2) و (ق) : أعجمي .

(2) في (م) و (ق) : ولا لأحمر .

(3) إسناده صحيح: إسماعيل: هو ابن عُليَّة، وسعيد الجريري: هو ابن إياس، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي .

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 3/100 من طريق أبي قلابة القيسي، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن جابر قال: خطبنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسط أيام التشريق ... فذكره مختصراً .

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سلف برقم (11762) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب .

وفي باب قوله: "إن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ... إلا بالتقوى" عن أبي هريرة، سلف برقم (8736). وعن عقبة بن عامر، سلف برقم (17313). وعن أبي ذرٍّ، سلف برقم (21407).

 

8736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ فَخْرَهُمْ بِرِجَالٍ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عِنْدَ اللهِ مِنْ عِدَّتِهِمْ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتَنَ "

 

إسناده حسن، هشام بن سعد -وإن كان من رجال مسلم- تنزل رتبته عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/60، والبيهقي في "الشعب" (5127) و (5128) من طريق سفيان الثوري، والبيهقي في "السنن" 10/232، وفي "الشعب" (5126) ، وفي "الآداب" (422) من طريق حسين بن حفص، كلاهما عن هشام بن سعد، بهذا الِإسناد.

وأخرجه أبو داود (5116) ، وعنه البيهقي في "الآداب" (423) من طريق المعافى بن عمران وابن وهب، والترمذي (3956) من طريق موسى بن أبي علقمة، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3458) من طريق ابن وهب، والخطيب في "تاريخه" 6/188 من طريق المعافى بن عمران، ثلاثتهم عن هشام بن سعد، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. بزيادة أبي سعيد المقبري. رواية الترمذي مختصرة، وقال: حسن غريب.

وسيأتي الحديث برقم (8792) مختصراً، و (10781) .

وفي الباب عن ابن عباس، سلف برقم (2739) ، وإسناده صحيح.

قوله: "عبِّيَّة الجاهلية"، قال السندي: بضم عين مهملة، وكسر موحدة مشددة، وفتح ياء مثناة من تحت مشددة: الكبر والنخوة.  "مؤمن تقي، وفاجر شقي"، أي: الناس رجلان: مؤمن تقي فهو الخير الفاضل، وإن لم يكن حسيباً في قومه. وفاجر شقي فهو الدنيء، وإن كان في أهله شريفاً رفيعاً.  "من عدتِهم" بتشديد الدال، أي: من عَدَدهم. "الجِعْلان" بكسر جيم وسكون عين، جمع جُعَل، بضم ففتح: دويبة سوداء تدير الأوساخ بأنفها.

 

17313 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ أَنْسَابَكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِسِبَابٍ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ وَلَدُ آدَمَ، طَفُّ الصَّاعِ لَمْ تَمْلَئُوهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالدِّينِ أَوْ عَمَلٍ صَالِحٍ، حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا بَذِيًّا ، بَخِيلًا جَبَانًا "

 

إسناده حسن، لأنه من رواية قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة، وروايته عنه صالحة، وكذلك رواه عن ابن لهيعة عبدُ الله بن وهب كما سيأتي، وروايته عنه أيضاً صالحة. الحارث بن يزيد: هو الحضرمي المصري.

وأخرجه الطبري في "التفسير" 26/140، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3459) من طريق عبد الله بن وهب، والطبراني في "الكبير" 17/ (814) من طريق سعيد بن أبي مريم، كلاهما عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (17446) .

قال السندي: قوله: "طفّ الصاع" هو ما قَرُب من ملئِه... أي: قريبٌ بعضكم من بعض، وكلكم في الانتساب إلى أبٍ واحد بمنزلةٍ واحدة في النقص والتقاصر عن غاية التمام، وشبَّههم في نقصانهم بالمَكِيل الذي لم يبلغ أن يملأ المكيال، وهو بالرفع خبرٌ بعد خبر، وقيل: بدلٌ أو خبرُ محذوف، أو بالنصب حال مؤكدة.

 

وللاطلاع على باقي تناولي لمسألة العنصرية العربية ضد الشعوب والبشر في عصور الخلافة راجع باب (قريش القبيلة المقدسة للانفراد بالحكم).

 

عمر هو من ابتدع عقوبة شرب الخمر بثمانين جلدة كعقوبة وحشية

 

روى البخاري:

 

6779 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الجُعَيْدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ "

 

6773 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ضَرَبَ فِي الخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ»

 

6775 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِنُعَيْمَانَ، أَوْ بِابْنِ نُعَيْمَانَ، وَهُوَ سَكْرَانُ، فَشَقَّ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ مَنْ فِي البَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ، فَضَرَبُوهُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَكُنْتُ فِيمَنْ ضَرَبَهُ»

 

6776 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ»

 

6777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ، قَالَ: «اضْرِبُوهُ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ القَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ، قَالَ: «لاَ تَقُولُوا هَكَذَا، لاَ تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ»

 

ورواه أحمد 7985 ووأخرجه البخاري و (6781) ، وأبو داود (4477) ، والنسائي في "الكبرى" (5287) ، وابن حبان (5730) ، والبيهقي في الكبرى 8/312، والبغوي (2607) وأخرجه بنحوه أبو داود (4478).

 

6778 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ سَمِعْتُ عُمَيْرَ بْنَ سَعِيدٍ النَّخَعِيَّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ فَيَمُوتَ فَأَجِدَ فِي نَفْسِي إِلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ

وروى مسلم:

 

1706- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : سَمِعْتُ قَتَادَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ.

قَالَ : وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ.

 

[ 1707 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وعلي بن حجر قالوا حدثنا إسماعيل وهو بن علية عن بن أبي عروبة عن عبد الله الداناج ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي واللفظ له أخبرنا يحيى بن حماد حدثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا عبد الله بن فيروز مولى بن عامر الداناج حدثنا حضين بن المنذر أبو ساسان قال شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر وشهد آخر أنه رآه يتقيأ فقال عثمان إنه لم يتقيأ حتى شربها فقال يا علي قم فاجلده فقال علي قم يا حسن فاجلده فقال الحسن ول حارها من تولى قارها فكأنه وجد عليه فقال يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال أمسك ثم قال جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي زاد علي بن حجر في روايته قال إسماعيل وقد سمعت حديث الداناج منه فلم أحفظه

 

 [ 1707 ] حدثني محمد بن منهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سفيان الثوري عن أبي حصين عن عمير بن سعيد عن علي قال ما كنت أقيم على أحد حدا فيموت فيه فأجد منه في نفسي إلا صاحب الخمر لأنه إن مات وديته لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه

 

وروى أحمد:

 

624- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الدَّانَاجِ ، عَنْ حُضَيْنٍ أَبِي سَاسَانَ الرَّقَاشِيِّ ، قَالَ : إِنَّهُ قَدِمَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَى عُثْمَانَ ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْوَلِيدِ ، أَيْ بِشُرْبِهِ الْخَمْرَ ، فَكَلَّمَهُ عَلِيٌّ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : دُونَكَ ابْنَ عَمِّكَ ، فَأَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ . فَقَالَ : يَا حَسَنُ ، قُمْ فَاجْلِدْهُ . قَالَ : مَا أَنْتَ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ ، وَلِّ هَذَا غَيْرَكَ . قَالَ : بَلْ ضَعُفْتَ وَوَهَنْتَ وَعَجَزْتَ ، قُمْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ . فَجَعَلَ عَبْدُ اللهِ يَضْرِبُهُ ، وَيَعُدُّ عَلِيٌّ ، حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ ، ثُمَّ قَالَ : أَمْسِكْ ، أَوْ قَالَ : كُفَّ ، جَلَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ ، وَكَمَّلَهَا عُمَرُ ثَمَانِينَ ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ.

 

1184- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الدَّانَاجِ ، عَنْ حُضَيْنٍ ، قَالَ : شُهِدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ عِنْدَ عُثْمَانَ ؛ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ ، فَكَلَّمَ عَلِيٌّ عُثْمَانَ فِيهِ ، فَقَالَ : دُونَكَ ابْنُ عَمِّكَ فَاجْلِدْهُ . فَقَالَ : قُمْ يَا حَسَنُ . فَقَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا وَلِّ هَذَا غَيْرَكَ . فَقَالَ : بَلْ عَجَزْتَ ، وَوَهَنْتَ ، وَضَعُفْتَ ، قُمْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَجَلَدَهُ ، وَعَدَّ عَلِيٌّ ، فَلَمَّا كَمَّلَ أَرْبَعِينَ ، قَالَ : حَسْبُكَ ، أَوِ امْسِكْ ، جَلَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ ، وَكَمَّلَهَا عُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ.

 

(12139) 12163- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، وَأَبُو نُعَيْمٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ : أَرْبَعِينَ . فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ وَدَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى ، قَالَ لأَصْحَابِهِ : مَا تَرَوْنَ ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : اجْعَلْهَا كَأَخَفِّ الْحُدُودِ فَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ.

 

(15719) 15810- حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ إِمْرَةِ عُمَرَ ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ فَنَضْرِبُهُ بِأَيْدِينَا ، وَنِعَالِنَا ، وَأَرْدِيَتِنَا ، حَتَّى كَانَ صَدْرًا مِنْ إِمْرَةِ عُمَرَ ، فَجَلَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا فِيهَا ، وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ. (3/449)

 

16809 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُ النَّاسَ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، " فَأُتِيَ بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ بِمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ "

 

وروى أبو داوود:

 

4479 - حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا هشام ح وثنا مسدد ثنا يحيى عن هشام المعنى عن قتادة عن أنس بن مالك

  أن النبي صلى الله عليه و سلم جلد في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر رضي الله عنه أربعين فلما ولي عمر دعا الناس فقال لهم إن الناس قد دنوا من الريف وقال مسدد منن القرى والريف فما ترون في حد الخمر ؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف نرى أن تجعله كأخف الحدود فجلد فيه ثمانين

 قال أبو داود رواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه جلد بالجريد والنعال أربعين ورواه شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ضرب بجريدتين نحو الأربعين . قال الألباني:  صحيح

 

4480 - حدثنا مسدد بن مسرهد وموسى بن إسماعيل المعنى قالا ثنا عبد العزيز بن المختار ثنا عبد الله الداناج حدثني حضين بن المنذر الرقاشي هو أبو ساسان قال

  شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد بن عقبة فشهد عليه حمران ورجل آخر فشهد أحدهما أنه رآه شربها يعني الخمر وشهد الآخر أنه رآه يتقيأها فقال عثمان إنه لم يتقيأها حتى شربها فقال لعلي [ رضي الله عنه ] أقم عليه الحد فقال علي للحسن أقم عليه الحد فقال الحسن ول حارها من تولى قارها ( مثل أي ول العقوبة والضرب من توليه العمل والنفع . والقار البارد ) فقال علي لعبد الله بن جعفر أقم عليه الحد قال فأخذ السوط فجلده وعلي يعد فلما بلغ أربعين قال حسبك جلد النبي صلى الله عليه و سلم أربعين أحسبه قال وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي . قال الألباني:  صحيح

 

4481 - حدثنا مسدد ثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن الداناج عن حضين بن المنذر عن علي رضي الله عنه قال

  جلد رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخمر وأبو بكر أربعين وكملها عمر ثمانين وكل سنة

 قال أبو داود وقال الأصمعي ول حارها من تولى قارها ول شديدها من تولى هينها

 قال أبو داود هذا كان سيد قومه حضين بن المنذر أبو ساسان . قال الألباني:  صحيح

 

4487 - حدثنا سليمان بن داود المهري المصري ابن أخي رشدين بن سعد أخبرنا ابن وهب أخبرني أسامة بن زيد أن ابن شهاب حدثه عن عبد الرحمن بن أزهر قال

  كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الآن وهو في الرحال يلتمس رحل خالد بن الوليد فبينما هو كذلك إذ أتي برجل قد شرب الخمر فقال للناس " [ ألا ] اضربوه " فمنهم من ضربه بالنعال ومنهم من ضربه بالعصا ومنهم من ضربه بالميتخة وقال ابن وهب الجريدة الرطبة ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم ترابا من الأرض فرمى به في وجهه .

 

قال الألباني:  حسن صحيح. سميت ميتخة لأنها متوخ أي تأخذ في المضروب

 

4488 - حدثنا ابن السرح قال وجدت في كتاب خالي عبد الرحمن بن عبد الحميد عن عقيل عن ابن شهاب أخبره أن عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر أخبره عن أبيه قال

  أتي النبي صلى الله عليه و سلم بشارب وهو بحنين فحثى في وجهه التراب ثم أمر أصحابه فضربوه بنعالهم وما كان في أيديهم حتى قال لهم " ارفعوا " فرفعوا فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم جلد أبو بكر في الخمر أربعين ثم جلد عمر أربعين صدرا من إمارته ثم جلد ثمانين في آخر خلافته ثم جلد عثمان الحدين كليهما ثمانين وأربعين ثم أثبت معاوية الحد ثمانين .

 

قال الألباني:  صحيح

 

4489 - حدثنا الحسن بن علي ثنا عثمان بن عمر ثنا أسامة بن زيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن أزهر قال

رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم غداة الفتح وأنا غلام شاب يتخلل الناس يسأل عن منزل خالد بن الوليد فأتي بشارب فأمرهم فضربوه بما في أيديهم فمنهم من ضربه بالسوط ومنهم من ضربه بعصا ومنهم من ضربه بنعله وحثى رسول الله صلى الله عليه و سلم التراب فلما كان أبو بكر أتي بشارب فسألهم عن ضرب النبي صلى الله عليه و سلم الذي ضربه فحرزوه ( بتقديم الراء المهملة عن الزاي أي حفظوه ووعوه ) أربعين فضرب أبو بكر أربعين فلما كان عمر كتب إليه خالد بن الوليد إن الناس قد انهمكوا في الشرب وتحاقروا الحد والعقوبة قال هم عندك فسلهم وعنده المهاجرون الأولون فسألهم فأجمعوا على أن يضرب ثمانين قال وقال علي إن الرجل إذا شرب افترى فأرى أن يجعله كحد الفرية

 قال أبو داود أدخل عقيل بن خالد بين الزهري وبين ابن الأزهر في هذا الحديث عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر عن أبيه .

 

قال الألباني:  حسن

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

28998- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الدَّانَاجِ ، عَنْ حُضَيْنٍ أَبِي سَاسَانَ ؛ أَنَّهُ رَكِبَ أناسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَى عُثْمَانَ ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ ، فَكُلِّمَهُ فِي ذَلِكَ عَلِيٌّ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : دُونَك ابْنَ عَمِّكَ ، فَأَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ ، فَقَالَ : فِيمَ أَنْتَ مِنْ هَذَا ؟ َولِّ هَذَا غَيْرَك ، قَالَ : بَلْ ضَعُفْتَ ، وَوَهَنْتَ وَعَجَزْتَ ، قُمْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ ، فَجَعَلَ يَجْلِدُهُ ، وَيَعُدُّ عَلِيٌّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ ، فَقَالَ : كُفَّ ، أَوْ أَمْسِكْ ، جَلَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ ، وَكَمَّلَهَا عُمَرُ ثَمَانِينَ ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ.

 

28999- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ أَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ.

 

29000- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : شَرِبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الْخَمْرَ ، وَعَلَيْهِمْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، وَقَالُوا : هِيَ لَنَا حَلاَلٌ ، وَتَأَوَّلُوا هَذِهِ الآيَةَ : {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآيَةَ ، قَالَ : فَكَتَبَ فِيهِمْ إِلَى عُمَرَ ، فَكَتَبَ : أَنَ ابْعَثْ بِهِمْ إِلَيَّ قَبْلَ أَنْ يُفْسِدُوا مَنْ قِبَلِكَ ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ ، اسْتَشَارَ فِيهِمَ النَّاسَ ، فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، نَرَى أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا عَلَى اللهِ ، وَشَرَعُوا فِي دِينِهِمْ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ، فَاضْرِبْ رِقَابَهُمْ ، وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ ، فَقَالَ : مَا تَقُولُ يَا أَبَا الْحَسَنِ فِيهِمْ ؟ قَالَ : أَرَى أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ ، فَإِنْ تَابُوا جَلَدْتَهُمْ ثَمَانِينَ لِشُرْبِهم الْخَمْرِ ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا ضَرَبْتَ أَعْنَاقَهِمْ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا عَلَى اللهِ ، وَشَرَعُوا فِي دِينِهِمْ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ، فَاسْتَتَابَهُمْ فَتَابُوا ، فَضَرَبَهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ.

 

29001- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ ،وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَالزُّهْرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَزْهَرِ ، قَالَ : أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَارِبٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلنَّاسِ : قُومُوا إِلَيْهِ ، فقام إِلَيْهِ النَّاسُ فَضَرَبُوهُ بِنِعَالِهِمْ.

 

29002- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ ، فَجَعَلَ عُمَرُ مَكَانَ كُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا.

 

روى الواقدي في المغازي:

 

قَالَ: حَدّثَنِى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: رَأَيْت النّبِىّ ÷ بِحُنَيْنٍ يَتَخَلّلُ الرّجَالَ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَأَنَا مَعَهُ فَأُتِىَ يَوْمَئِذٍ بِشَابّ فَأَمَرَ مَنْ عِنْدَهُ فَضَرَبُوهُ بِمَا كَانَ فِى أَيْدِيهِمْ وَحَثَا عَلَيْهِ التّرَابَ.

 

كانت عقوبة محمد أخف، بمثابة ضرب عادي، لكن أبا بكر ثم عمر هما من جعلوها عقوبة أكثر وحشية ودموية، وأصبح هذا ملمحًا أساسيًّا من ديانة الإسلام المتدخلة في الحريات الشخصية حتى انتهى الحكم بالشريعة الهمجية، عدا دولًا نادرة اليوم في القرن الحادي والعشرين كالسعودية. لم يخطئ مالك مسلماني في كتابه عن عمر بن الخطاب عندما قال أن عمر ليس مجرد متبع للمقدس، بل هو صانع للمقدس. كثير من ملامح الإسلام وتعاليمه اقترحها هو على محمد وأخرى غيرها بعد موت محمد مغيرًا لبعض تعاليم محمد الفاسد منها بجرأة.

 

من مرويات الشيعة:

 

أما مرويات الشيعة فبعضها اعتبر ذلك بدعة منكرة ابتدعها عمر، وقال آخرون أنها بدعة يقومون كشيعة بها ابتدعها علي مقترحًا إياها على عمر الخليفة.

 

 

علل الشرائع : عن إسحاق بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل شرب حسوة خمر ، قال : يجلد ثمانين جلدة قليلها وكثيرها حرام .


15 - شى : عن أبي الصباح ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن النبيذ والخمر بمنزلة واحدة هما ؟ قال : لا إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر ، إن الله حرم

_________________________________________________________
( 1 ) فقالوا أولا أنه كان يتلكأ في حده شهادة جارود سيد عبدالقيس وأبى هريرة ، ثم عزم على حده بشهادة زوجته هند عليه ، مع أنه بعد تكامل الحد برجلين عدلين لا وجه لتأخيره الحد على قدامة وتهديد الجارود بأنه ليسوءنه .
وقالو ثانيا أنه استشار الصحابة فقالوا بتأخير الحد عليه لاجل مرضه ، فلم يعبأ بقولهم وجلده مع كونه مريضا ، قائلا لان يلقى الله تحت السياط أحب اليه من أن يلقاه وهو في عنقى .
مع أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن اقامة الحدود على المرضى ، فالصحيح ما رواه الخاصة وبعض العامة أن عمر انقطع وارتج عليه بعد ما احتج به قدامة في درء الحد عن نفسه فأشار عليه على بن أبى طالب أولا بانه ليس من أهل هذه الاية من ارتكب ما حرم الله ، وثانيا بأنه يجلده ثمانين لان شرب الخمر بمثابة القذف راجع في ذلك ( مشكاة المصابيح : 314 ) حديث ثور بن يزيد الدئلى برواية مالك ، وحديث ابن عباس في الدر المنثور ج 2 ص 316 قال : أخرجه أبوالشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه ، ومثله ما أخرج عن ابن أبى شيبة وابن المنذر من طريق عطاء بن السائب عن محارب بن دثار وان لم يسموا قدامة باسمه .
( 1 ) ارشاد المفيد : 97 ، ومثله في المناقب ج 2 ص 366 .


الخمر قليلها وكثيرها ، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير ، وحرم النبي من الاشربة المسكر ( 1 ) وما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله فقد حرمه الله .
قلت : أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله كيف كان يضرب في الخمر ؟ فقال : كان يضرب بالنعال ، ويزيد كلما أتى بالشارب ، ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف على ثمانين أشار بذلك علي عليه السلام على عمر ( 2 ) .
16 - شى : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : اتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر ، وقامت عليه البينة فسأل عليا عليه السلام فأمره أن يجلده ثمانين ، فقال قدامة : يا أمير المؤمنين ليس على جلد ، أنا من أهل هذه الآية " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا " ( 3 ) فقرأ الاية حتى استتمها ، فقال له علي عليه السلام : كذبت لست من أهل هذه الآية ما طعم أهلها فهو لهم حلال ، وليس يأكلون ولا يشربون إلا ما يحل لهم ( 4 ) .
17 - شى : عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله ، وزاد فيه : وليس يأكلون ولا يشربون إلا ما أحل لهم ، ثم قال : إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يشرب ، فاجلدوه ثمانين [ جلدة ] ( 5 ) .

_________________________________________________________
( 1 ) يعنى قليله وكثيره ، روى عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام وقد ورد بذلك من طرق الفريقين أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله لكن قال أبوحنيفة وأصحابه والثورى ونقلوه عن عمر وابن مسعود أن الخمر قليله وكثيره حرام ، وأما النبيذ فما أسكر منه فهو حرام ومالم يسكر فلا ، ولا حد عليه .

( 2 ) تفسير العياشى ج 1 ص 340 .
( 3 ) المائدة : 93 .
( 4 ) تفسير العياشى ج 1 ص 341 .
( 5 ) تفسير العياشى ج 1 ص 342 .

18 - شى : عن أبي الربيع ، عن أبي عبدالله عليه السلام في الخمر والنبيذ ، قال : إن النبيذ ليست بمنزلة الخمر ( 1 ) إن الله حرم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها حرام ، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير ، وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله الشراب من كل مسكر ، فما حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله فقد حرمه الله .
قلت : فكيف كان يضرب رسول الله صلى الله عليه وآله في الخمر ؟ فقال : كان يضرب بالنعل ويزيد وينقص ، وكان الناس بعد ذلك يزيدون وينقصون ، ليس بحد محدود ، حتى وقف علي بن أبي طالب عليه السلام في شارب الخمر على ثمانين جلدة ، حيث ضرب قدامة بن مظعون .
قال : فقال قدامة : ليس على جلد ، أنا من أهل هذه الآية : " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا " فقال عليه السلام له : كذبت ما أنت منهم إن اولئك كانوا لا يشربون حراما .
ثم قال علي عليه السلام : إن الشارب إذا شرب فسكر لم يدر ما يقول وما يصنع ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اتي بشارب الخمر ضربه ، فاذا اتي به ثانية ضربه ، فاذا اتي به ثالثة ضرب عنقه .
قلت : فان اخذ شارب نبيذ مسكر قد انتشى منه قال : يضرب ثمانين جلدة ، فان اخذ ثالثة قتل كما يقتل شارب الخمر .
قلت : إن اخذ شارب الخمر نبيذ مسكر سكر منه ، أيجلد ثمانين ؟ قال : لا دون ذلك كا ما أسكر كثيره فقليله حرام ( 2 ) .
19 - يب : زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن الوليد بن عقبة

_________________________________________________________
( 1 ) يعنى أن الخمر لا يجوز صنعتها واتخاذها وقد حرم بيعها وشراؤها وأجرة الحالمين لها وهكذا ، وأما النبيذ فليس كذلك يجوز اتخاذها وبيعها وشراؤها وحملها ، لكنه لا يشرب الا بعد ذهاب الثلثين .
( 2 ) تفسير العياشى ج 1 ص 342 .


حين شهد عليه بشرب الخمر قال عثمان لعلي عليه السلام : اقض بيني وبين هؤلاء الذين يزعمون أنه شرب الخمر ، فأمر علي أن يضرب بسوط له شعبتان أربعين جلدة ( 1 ) 20 - يب : زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : اقيم عبيدالله بن عمر وقد شرب الخمر فأمر به عمر أن يضرب فلم يتقدم إليه أحد يضربه حتى قام علي عليه السلام بنسعة مثنية فضرب بها أربعين ( 2 ) .
21 - قب : ( 3 ) روت الخاصة والعامة أن أبا بكر أراد أن يقيم الحد على رجل شرب الخمر ، فقال الرجل : إني شربتها ولا علم لي بتحريمها ، فارتج عليه فأرسل إلى علي عليه السلام يسأله عن ذلك ، فقال : مر نقيبين من رجال المسلمين يطوفان به على مجالس المهاجرين والانصار وينشدانهم : هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريم أو أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فان شهد بذلك رجلان منهم فأقم الحد عليه ، وإن لم يشهد بذلك فاستتبه وخل سبيله ، فكان الرجل صادقا في مقاله فخلى سبيله ( 4 ) .
22 - ضا : عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد فاجلدوه ، فان عاد الثالثة فاقتلوه ( 5 ) .
23 - كش : روي عن زرارة قال جئت إلى حلقة بالمدينة فيها عبدالله بن محمد وربيعة الرأب ، فقال عبدالله : يا زرارة سل ربيعة عن شئ مما اختلفتم فيه !

_________________________________________________________
( 1 و 2 ) التهذيب ج 10 ص 90 .
ومثله في الكافى ج 7 ص 215 و 214 .
( 3 ) في الاصل رمز التهذيب ، لكنه سهو ونص الحديث ولفظه في المناقب ، نعم الحديث مذكور في التهذيب ج 10 ص 94 مسندا عن أبى عبدالله ( ع ) بغير هذه الالفاظ وهو أطول من هذا .
( 4 ) مناقب آل أبى طالب ج 2 ص 356 .
( 5 ) فقه الرضا : 37 .


فقلت : إن الكلام يورث الضغائن ، فقال لي ربيعة الرأي : سل يا زرارة ، قال : قلت : بما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يضرب في الخمر ؟ قال : بالجريد تحت النعل ، فقلت : لو أن رجل اخذ اليوم شارب خمر وقدم إلى الحاكم ما كان عليه ؟ قال يضربه بالسوط ، لان عمر ضرب بالسوط ، قال : فقال عبدالله بن محمد : يا سبحان الله يضرب رسول الله صلى الله عليه وآله بالجريد ويضرب عمر بالسوط ؟ فيترك ما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ويؤخذ ما فعل عمر ( 1 ) ؟ 24 - نوادر الراوندى : [ بالاسناد ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن علي ابن أبي طالب عليهم السلام أنه اتي برجل شرب خمرا في شهر رمضان فضربه الحد فضربه تسعة وثلاثين سوطا لمجئ شهر رمضان ] ( 2 ) .

_________________________________________________________
( 1 ) رجال الكشى : 137 .
( 2 ) نوادر الراوندى ص 37 ، وما بين العلامتين أخرجناه من المصدر ، ولعل الرجل كان النجاشى الشاعر - واسمه قيس بن عمرو بن مالك بن معاوية الحارثى - أتى به وقد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه ثمانين جلدة ، ثم حبسه ليلة ثم دعا به من الغد فضربه عشرين سوطا فقال له : يا أمير المؤمنين ضربتنى ثمانين جلدة في شرب الخمر ، وهذه العشرون ما هى ؟ قال : هذا لتجريك على شرب الخمر في شهر رمضان .
راجع مناقب ابن شهرآشوب ج 2 ص 147 ، التهذيب ج 10 ص 94 ، الكافى ج 7 ص 216 ، الفقيه ج 4 ص 40 ، وقد ذكر هذا أصحاب التراجم في ترجمة الرجل .

 

القسامة

 

انظر الموضوع في باب التشريعات الشاذة، والقسامة تشريع محمدي تبناه محمد من تقاليد وثنية عربية قبل إسلامية يقول بأن قسم خمسين شخصًا مدعيًا بدون بينة ولا دليل ولا شهادة بالرؤية يؤدي إلى حكم بالإعدام على المدعَّى عليه بتهمة القتل! ولا يعمل به المسلمون منذ عصر عمر بن عبد العزيز حيث أبطله وألغاه لفساده التشريعي وعدم صلاحيته قانونيًّا. تعديلات عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز على تشريع الإسلام لتحسينه يدل على فساده وعيوبه وبشريته.

 

الجار أحق بشراء منزل جاره أو أرضه لو أراد بيعه أو بيعها

 

عندما نريد بيع منزل لنا فإننا نختار من يدفع أكثر لتحقيق أكبر فائدة لنا، توجد تعاليم من عصر محمد وأتباعه الأوائل كانت تقول بأن الجار أحق بالبيت أو الأرض حتى لو دفع أقل مما سيدفعه الآخرون!

 

روى البخاري:

 

بَاب عَرْضِ الشُّفْعَةِ عَلَى صَاحِبِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْحَكَمُ إِذَا أَذِنَ لَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ مَنْ بِيعَتْ شُفْعَتُهُ وَهْوَ شَاهِدٌ لَا يُغَيِّرُهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ


2258 - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ وَقَفْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى إِحْدَى مَنْكِبَيَّ إِذْ جَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا سَعْدُ ابْتَعْ مِنِّي بَيْتَيَّ فِي دَارِكَ فَقَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ مَا أَبْتَاعُهُمَا فَقَالَ الْمِسْوَرُ وَاللَّهِ لَتَبْتَاعَنَّهُمَا فَقَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُكَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ مُنَجَّمَةً أَوْ مُقَطَّعَةً قَالَ أَبُو رَافِعٍ لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَ مِائَةِ دِينَارٍ وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا أَعْطَيْتُكَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ

 

6978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ سَعْدًا سَاوَمَهُ بَيْتًا بِأَرْبَعِ مِائَةِ مِثْقَالٍ فَقَالَ لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ لَمَا أَعْطَيْتُكَ

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ اشْتَرَى نَصِيبَ دَارٍ فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ وَهَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ يَمِينٌ

 

وروى الطبراني في ج1 بلفظ أصح وأكثر معقولية عن فرق المبلغين:

 

980- حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ (ح) وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ (ح) وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ ، قَالَ : أَخَذَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ بِيَدِي ، فَقَالَ : انْطَلِقْ بِنَا إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ وَإِنَّ يَدَهُ لَعَلَى أَحَدِ مَنْكِبِيَّ ، فَجَاءَ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ لِلْمِسْوَرِ : أَلاَ تَأْمُرُ هَذَا - يَعْنِي سَعْدًا - يَشْرِي مِنِّي بَيْتَيَّ اللَّذَيْنِ فِي دَارِهِ ؟ فَقَالَ سَعْدٌ : لاَ وَاللَّهِ أَزِيدُكُ عَلَى أَرْبَعِ مِئَةِ دِينَارٍ - إِمَّا قَالَ : مُقَطَّعَةً ، أَوْ قَالَ : مُنَجَّمَةً - فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ : وَاللَّهِ ، إِنْ كُنْتُ لأَبِيعُهَا بِخَمْسِمِئَةِ دِينَارٍ نَقْدًا ، وَلَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا بِعْتُكَ وَاللَّفْظُ لِلْحَمِيدِيِّ.

 

ورواه أحمد 23871 و2780 وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (14381) ، والبخاري (6978) و (6980) و (6981) ، والطبراني في "الكبير" (976) ، والدارقطني في "السنن" 4/223، والبيهقي 6/105، والبغوي في "شرح السنة" (2172) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2258) ، وابن حبان (5181) و (5183) ، والطبراني (978) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (974) ، والدارقطني 4/223، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/366، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (12008) من طرق عن إبراهيم بن ميسرة، به. في سياق قصة. وروي عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه الشريد بن سويد، فقد أخرجه النسائي في الشروط من "الكبرى" كما في "التحفة" 4/152 من طريق عبد الله عن معمر، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/343 من طريق محمد بن مسلم الطائفي، كلاهما عن إبراهيم بن ميسرة، به. وقد تحرف "عبد الله عن معمر" في المطبوع من "التحفة" إلى: عبد الله بن معمر! وعبد الله: هو ابن المبارك. وقد سلف حديث الشريد بن سويد برقم (19461) من طريق عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه. قال الترمذي في "سننه" عقب الحديث (1368) : سمعت محمداً (يعني البخاري) يقول: كلا الحديثين عندي صحيح. قلنا: يعني حديث أبي رافع وحديث الشريد بن سويد، فيحتمل أن يكون عمرو بن الشريد سمعه من أبيه ومن أبي رافع، والله تعالى أعلم.

 

 

كيف حاول المسلمون إبطال هذا التشريع الفاسد المزعج؟!

 

حسب البيهقي في معرفة السنن والآثار فبعضهم (ويبدو أننا هنا نتكلم عن الشافعي و أحمد بن حنبل ومذهبهما كمثال) حاول إنكاره ورده رغم صحة إسناده هو وغيره:

 

12009 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَبُو رَافِعٍ فِيمَا رُوِّيتُ عَنْهُ، مُتَطَوِّعٌ بِمَا صَنَعَ، وَحَدِيثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَّلَهُ، وَقَوْلُنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْصُوصٌ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا

 

12019 - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِنَا: ورَوَى غَيْرُنَا، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ يُنْتَظَرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، إِذَا كَانَتِ الطَّرِيقُ وَاحِدَةً»،

 

12020 - تَكَلَّمَ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْخَبَرِ ثُمَّ قَالَ: سَمِعْنَا بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَقُولُ: نَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثَ مَحْفُوظًا، 12021 - قِيلَ لَهُ: وَمِنْ أَيْنَ؟ 12022 - قُلْتُ: إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه 12023 - وَقَدْ رَوَى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرٍ، مُفَسَّرًا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ» 12024 - قَالَ: وَأَبُو سَلَمَةَ مِنَ الْحُفَّاظِ، 12025 - وَرَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ، وَهُوَ مِنَ الْحُفَّاظِ، عَنْ جَابِرٍ، مَا يُوَافِقُ قَوْلَ أَبِي سَلَمَةَ، وَيُخَالِفُ مَا رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ 12026 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِيهِ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَبَيْنَ الْمُقَاسِمِ، فَكَانَ أَوْلَى الْأَحَادِيثِ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ عِنْدَنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتُهَا إِسْنَادًا، وَأَبْيَنُهَا لَفْظًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعْرُفُهَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقَاسِمِ وَغَيْرِ الْمَقَاسِمِ

 

12027 - قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ شُعْبَةَ، أَنَّهُ رَغِبَ عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي [ص:316] سُلَيْمَانَ، وَسُئِلَ، أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ حَدِيثِهِ فِي الشُّفْعَةِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، 12028 - وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ، عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ غَيْرُ عَبْدِ الْمَلِكِ تَفَرَّدَ بِهِ، 12029 - وَيُرْوَى عَنْ جَابِرٍ، خِلَافُ هَذَا

 

12030 - قَالَ أَبُو عِيسَى: وَإِنَّمَا تَرَكَ شُعْبَةُ حَدِيثَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِحَالِ هَذَا الْحَدِيثِ

12031 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَالِدٍ، يَقُولُ: قُلْتُ لِشُعْبَةَ: مَا لَكَ لَا تُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ حَدِيثَهُ قَالَ: قُلْتُ: يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ، وَتَدَعُ حَدِيثَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الْحَدِيثِ؟ قَالَ: " مِنْ حُسْنِهَا فَرَرْتُ

 

12032 - أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً، عَنِ الدَّارِمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُسَدَّدًا، وَغَيْرَهُ، مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: لَوْ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا بِمِثْلِهِ آخَرَ وَاثْنَيْنِ لِتُرِكَ حَدِيثُهُ، يَعْنِي الشُّفْعَةَ، 12033 - وَرَوَاهُ أَبُو قُدَامَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، مِنْ قَوْلِهِ: قَالَ: لَوْ رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، حَدِيثًا آخَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الشُّفْعَةِ لَتَرَكْتُ حَدِيثَهُ

 

وفي نفس الوقت حاولوا اللعب على تعطيله بالتأويل:

 

12011 - وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ لَا شُفْعَةَ فِيمَا قُسِمَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ دُونَ الْجَارِ الْمَقَاسِمِ

 

12034 - قَالَ أَحْمَدُ: وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا صُرِّفَتِ الْحُدُودُ وَعَرَفَ النَّاسُ حُدُودَهُمْ فَلَا شُفْعَةَ بَيْنَهُمْ»

 

12035 - ورُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فِي الْأَرْضِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا»،

 

12036 - وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ ذَلِكَ 12053 - قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْهُ

 

12054 - قَالَ أَحْمَدُ: ورُوِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ. وَحَكى الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنِ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُمَا قَالَا: لَا شُفْعَةَ إِلَّا لِشَرِيكٍ لَمْ يُقَاسَمْ، 12055 - وَنَحْنُ لَا نَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ، 12056 - وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ يَدَّعِي تَسْوِيَةَ الْأَخْبَارِ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ حَدِيثَكَمْ فِي الشُّفْعَةِ لَا يُخَالِفُ حَدِيثَنَا؛ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، وَكَانَ بِذَلِكَ مُخْبِرًا عَمَّا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، 12057 - ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ قَوْلًا مِنْ رَأْيِهِ لَمْ يَحْكِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، 12058 - وَهَذَا لَا يَصِحُّ، فَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ مَنْقُولًا مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

12059 - وَرُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ»، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ، وَلَيْسَ لِلصَّحَابِيِّ أَنْ يَقْطَعَ بِمِثْلِ هَذَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

لكن هذا تأويل باطل متعسف، فالحديث تكلم عن دارين مختلفين، فبينهما حدود، ولا شراكة بينهما، فهو لا يبيع حصته معه، بل يبيع ملكه الخاص به وحده، ومن قال أن المرء لا يعرف داره وأرضه المعروفة الحدود حتى بدون وضع علامات حدود؟! وفعل الصحابي وكلامه واضح لا يحتمل كل هذه التلفيقات، وواضح أنهم لفقوا ودمجوا كلام صحابة مدرجًا فجعلوه من كلام محمد نفسه بالتزوير لحل المشكلة التي تسببها نصوص مقدسة غبية مؤذية. والأحاديث التي روااه أحمد أدناه تنفي مزاعمهم التأويلية لتعطيل التشريع المعيب:

 

19461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرْضٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا شِرْكٌ وَلَا قَسْمٌ إِلَّا الْجِوَارُ ؟ قَالَ: " الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا كَانَ "

 

حديث صحيح، عبد الوهَّاب بنُ عطاء- وهو الخفاف- تابعه رَوْحُ بنُ عُبادة ويحيى بن سعيد في الروايتين (19462) و (19477) ، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمرو بن شعيب، فمن رجال أصحاب السنن، وروى له البخاري في "جزء القراءة" ، وهو ثقة. حُسين المعلم: هو ابنُ ذكوان. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/168- ومن طريقه ابنُ ماجه (2496) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/124، والطبراني في "الكبير" (7253) - عن أبي أسامة، والنسائي في "المجتبى" 7/320، و"الكبرى" (6302) من طريق عيسى بن يونس، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/342 من طريق بشر ابن المفضل، ثلاثتهم عن حسين المعلم، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى"- كما في "تحفة الأشراف" 4/152- من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، والدارقطني في "السنن" 4/224 من طريق الأوزاعي، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. واختُلف فيه على ابن جريج، فرواه النسائي أيضاً من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن جُريج، عن عمرو بن شعيب، عن عمرو بن الشَّريد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسَلاً. لم يَقُلْ: عن أبيه، وذكر هذا الإسناد المرسَلَ ابنُ أبي حاتم في "العلل" 1/477، وذكر أن أباه وأبا زرعة قالا: الصحيح حديث حسين المعلم. وأخرجه الدارقطني في "السنن" 4/223 من طريق المثنى بن الصَّبَّاح، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن الشريد، به، بلفظ: "الشريك أحق بشُفْعته حتى يأخذ أو يترك". والمثنى بن الصَّبَّاح ضعيف، اختلط بآخرة. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7256) من طريق يعقوب بن عطاء، عن عمرو بن الشَّريد، عن أبيه، به. وأخرجه الطبراني كذلك (7255) من طريق يونس بن الحارث الطائفي، عن عمرو بن الشريد، مرسلاً، بلفظ: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقضي بالشُفعة في البئر والدار والحائط قبل أن يقسم. وأخرجه النسائي في "الكبرى"- كما في "تحفة الأشراف" 4/152- وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/343 من طريق عبد الله بن معمر، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد، عن الشريد، به. واختلف فيه على إبراهيم بن ميسرة، فرواه جمعٌ - منهم السفيانان- عنه، عن عمرو بن الشريد، عن أبي رافع. وسيرد من حديث أبي رافع في مسنده 6/10 و390، ويرد تخريجه هناك، وهو عند البخاري (2258) . قال الترمذي عقب حديث سمرة (1368) : سمعت محمداً (يعني البخاري) يقول: كلا الحديثين عندي صحيح. وقال الحافظ في "الفتح" عقب هذا الحديث: فيحتمل أن يكون (يعني عمرو بن الشريد) سمعه من أبيه ومن أبي رافع. وفي الباب عن سمرة سيرد 5/12، وقال الترمذي: حديث سمرة حديث حسن صحيح. وعن أنس عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/122، وابن حبان  (5182) غير أن البخاري قال- كما في "علل الترمذي الكبير" 1/568: الصحيح حديثُ الحسن عن سمرة، وحديث قتادة عن أنس غير محفوظ، ولم يُعرف أن احداً رواه... غير عيسى بن يونس اهـ. وقال مثلَه الترمذيُّ عقب حديث سمرة (1368) . وانظر حديث جابر (14157) ، ففيه ذكر بقية أحاديث الباب.

 

14253 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ، يَنْتَظِرُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا "

 

رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الملك- وهو ابن أبي سليمان العَرْزَمي- فمن رجال مسلم، وهو- وإن كان ثقة- قد أخطأ في هذا الحديث في رأي بعضهم. قال ابن معين: هو حديث لم يُحدِّث به أحد إلا عبد الملك عن عطاء، وقد أنكره عليه الناس، ولكن عبد الملك ثقة صدوق لا يُرَدُّ على مثله. وقال: قال شعبة: لو جاء عبد الملك بآخر مثل هذا لرميتُ بحديثه.// وقال أحمد بن حنبل: ثقة يخطئ، وكان من أحفظ أهل الكوفة إلا أنه رفع أحاديث عن عطاء. ونقل أبو زرعة الدمشقي عن أحمد وابن معين في حديث الشفعة قولهما: قد كان هذا الحديثُ يُنكَرُ عليه.// وقال صاحب "التنقيح" محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي، ونقله عنه الإمام الزيلعي في "نصب الراية" 4/174: واعلم أن حديث عبد الملك بن أبي سليمان حديث صحيح، ولا منافاةً بينه وبينَ روايةِ جابرٍ المشهورةِ وهي "الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدودُ فلا شفعة"، فإن في حديث عبد الملِكِ إذا كان طريقها واحداً، وحديث جابر المشهور لم يَنْفِ فيه استحقاقَ الشفعة إلا بشرطِ تَصَرُّفِ الطرق، فنقول: إذا اشترك الجارانِ في المافع كالبئر، أو السطح أو الطريق، فالجارُ أحق بسقب جاره لحديث عبد الملك، وإذا لم يشتركا في شيء مِن المنافع، فلا شُفعة لحديث جابرِ المشهور، وطعن شعبة في عبد الملك بسبب هذا الحديث لا يقدحُ فيه، فإنه ثقة، وشعبة لم يكن من الحُذَّاق في الفقه ليجمع بينَ الأحاديث إذا ظهر تعارُضها، إنما كان حافظاً، وغيرُ شعبة إنما طعن فيه تبعاً لشعبة وقد احتجَّ بعبدِ الملك مسلم في "صحيحه"، واستشهد به البخاريُّ، ويُشبه أن يكون إنما لم يخرجا حديثه هذا لِتفرده به، وإنكارِ الأئمة عليه فيه، وجعله بعضهم رأياً لعطاء أدرجه عبد الملك في الحديث. ووثقه أحمد والنسائي وابن معين والعجلي، وقال الخطيب: لقد أساء شعبةُ حيث حدث عن محمد بن عبيد الله العرزمي، وترك التحديث عن عبد الملك بن أبي سليمان، فإن العرزمي لم يختلف أهل الأثر في سقوط روايته، وعبد الملك ثناؤهم عليه مستفيض. وانظر لزاماً كلام الإمام ابن القيم في "تهذيب السنن" 5/167. //وأخرجه أبو داود (3518) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد.// وأخرجه ابن ماجه (2494) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/121 من طريق هشيم بن بشير، به.// وأخرجه عبد الرزاق (14396) ، وابن أبي شيبة 7/165-166، والدارمي (2627) ، والترمذي (1369) ، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 2/229، والطحاوي 4/120، والعقيلي في "الضعفاء" 3/31، وابن عدي في "الكامل" 1941، والبيهقي 6/106 من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان، به، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ولا نعلم أحداً روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر. وقد تكلم شعبة في عبد الملك بن أبي سليمان من أجل هذا الحديث، وعبد الملك هو ثقة مأمون عند أهل الحديث، لا نعلم أحداً تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن الرجل أحق بشفعته وإن كان غائباً، فإذا قدم فله الشفعة وإن تتطاول ذلك.//وانظر ما سلف برقم (14157) .

"يُنتَظر" بصيغة المفعول، أي: الجار. "بها" أي: بشفعته.  "إذا كان طريقهما" أي: طريق الجارين أو الدارين.

قال الشافعي في كتاب "اختلاف الحديث" المطبوع في حاشية "الأُم" 4/6: روى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله مفسراً أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الشفعة فيما لم يقسَم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة" وأبو سلمة من الحفاظ، وروى أبو الزبير- وهو من الحفاظ- عن جابر ما يوافق قول أبي سلمة، ويخالف ما روى عبدُ الملك، قال: سمعنا بعضَ أهل العلم بالحديث يقول: نخاف أن لا يكون هذا الحديث محفوظاً. يعني: حديث عبد الملك عن عطاء.

 

20088 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ غَيْرِهِ"

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن الحسن البصري مدلس ولم يصرح بسماعه من سمرة. وأخرجه الطحاوي 4/123 من طريق إبراهيم بن مرزوق، والبيهقي 6/106 من طريق جعفر بن محمد، كلاهما (إبراهيم وجعفر) عن عفان وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (6802) من طريق أبي عمر الحوضي عن همام، به. وأخرجه أبو داود (3517) ، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 4/69، وابن الجارود (644) ، وابن عدي في "الكامل"2/729، والطبراني في "الكبير" (6801) من طريق شعبة، والطبراني في "الكبير" (6805) من طريق عمر بن عامر، و (6806) من طريق عمر بن إبراهيم، ثلاثتهم عن قتادة، به. ولفظ الطبراني في الموضع الثاني: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بالجوار. وأخرجه النسائي كما في "التحفة" 4/74، والطحاوي 4/123، والطبراني في "الكبير" (6920) و (6923) و (6941) ، وابن أبي طاهر الذهلي في "جزئه" (51) من طرق عن الحسن، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 4/74 من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن مرسلاً. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7067) من طريق سليمان بن سمرة، عن أبيه. ولفظه: "من باع أرضاً أو داراً، فإن جار الأرض وجار الدار أحق بابتياعها إذا أقام ثمنها" . وسيأتي من طريق قتادة عن الحسن بالأرقام (20128) و (20147) و (20183) و (20195) و (20199) و (20251) . ورواه عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أخرجه من هذا الطريق الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/122، وابن حبان (5182) . ووهَم عيسى فيه الدارقطني، وقال ابن حجر في "الإتحاف" 2/207: هو معلول، وإنما المحفوظ عن قتادة عن الحسن عن سمرة. قلنا: وستأتي رواية سعيد عن قتادة عن الحسن برقم (20128) و (20147) . وروي مرة أخرى عن عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة كما في "الإتحاف" 2/207 و208، ونقل ابن حجر عن ابن القطان أنه صحح رواية عيسى بن يونس، وقال: روايته للوجهين دليل على أنه كان عند سعيد كذلك، ولا يُعلَل أحدهما بالآخر. ورواه همام مرةً عن قتادة عن عمرو بن شعيب، عن الشريد بن سويد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسلف برقم (19459) ، فهذا خلاف ثالث على قتادة. ويشهد له حديث أبي رافع عند البخاري (6977) ، وسيأتي 6/10 و390. وفي الباب أيضاً عن غير واحد، انظر حديثي جابر بن عبد الله السالفين (14157) و (14253) .

 

923 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَمَّنْ سَمِعَ عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولانِ: " قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِوَارِ "

 

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الراوي عن علي وابن مسعود. وهو في "مصنف عبد الرزاق " (14383) باب الشفعة بالجوار، وقد تحرف "الحكم" في المطبوع منه إلى؟ الحسن. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/164 عن وكيع، وابن حزم في "المحلى" 9/101 من طريق محمد بن كثير، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد . ولفظه عند ابن أبي شيبة: قضى بالشفعة للجوار. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/163-164 عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، به. وفي الباب عن أبي رافع "الجار أحق بسَقَبهِ" عند البخاري (6977) وصححه ابن حبان (5180) ، وعن أنس بن مالك "جارَ الدَار أحق بالدار" عند الطحاوي 4/122 وصححه ابن حبان (5181) ، وعن جابر بن عبد الله عند أبي داود (3518) ، والترمذي (1369) ، وابن ماجه (2494) وسنده قوي، وحسنه الترمذي، ولفظه "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً".

 

أما الحديث التالي الذي رواه أحمد وغيره كذلك، واللفظ لأحمد:

 

14157 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو داود (3514) ، ومن طريقه البيهقي 6/102-103 عن أحمد ابن حنبل، بهذا الإسناد. والحديث عند عبد الرزاق في "المصنف" (14391) ، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد (1080) ، والبخاري (2213) ، وابن ماجه (2499) ، والترمذي (1370) ، وابن الجارود (643) ، والطحاوي4/122،وابن حبان (5184) و (5186) ،والدارقطني 4/232،والبيهقي6/102 و103. وأخرجه البخاري (2495) و (6976) من طريق هشام بن يوسف، والشافعي 2/165 عن الثقة، كلاهما عن معمر، به. وأخرجه النسائي 7/321 من طريق صفوان بن عيسى، عن معمر، به، مرسلاً، ثم يذكر فيه جابراً. وأخرجه البيهقي 6/103 من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر رفعه: "إذا وقعت الحدود فلا شفعة". وفي إسناده سلم بن إبراهيم الوراق، وهو ضعيف. وسيأتي الحديث من طريق أبي سلمة برقم (14999) و (15289) . وانظر ما سيأتي برقم (14253) و (14292) و (14854) . وفي الباب عن علي وابن مسعود، سلف برقم (923) . وعن الشريد بن سويد، سيأتي 4/389 (19461). وعن سمرة بن جندب، سيأتي 5/8 و13 (20088) و(20147). وعن أبي رافع، سيأتي 6/10 و390 (23871) و(27180). وعن أبي هريرة عند أبي داود (3515) ، وابن ماجه (2497) ، وصححه ابن حبان (5185) . وعن ابن عباس، عند ابن ماجه (2493) . وعن أنس عند الطحاوي 4/122، وصححه ابن حبان (5182) .

 

تنبيه: قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/437: حكى ابن أبي حاتم، عن أبيه ("العلل" 1/478) أن قوله: "فإذا وقعت الحدود... إلخ" مدرج من كلام جابر، وفيه نظر، لأن الأصل أن كل ما ذكر في الحديث فهو منه حتى يثبت الإدراج بدليل، وقد نقل صالح بن أحمد عن أبيه أنه رجَّح رفعها. اهـ.

قوله: "وصرفت الطرق" قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/436: أي: بُينت مصارف الطرق وشوارعها، كأنه من التصرف أو من التعريف، وقال ابن مالك: معناه خلصت وبانت، وهو مشتق من الصرْف بكسر الصاد، الخالص، من كل شيء.

 

فهو حديث ملفق من كلام ورأي الصحابي، لكنه مخالف تمامًا للفعل الذي فعله الصحابي الذي باع بيته في الحديث الذي أوردنا أولًا وكلامه المروي عن محمد واضح وصريح وهو لن يكذب ليضر نفسه، ولو كان كلام جابر هذا صحيحًا لما كانوا اختلفوا حول العمل بهذا التشريع والوصية من عدمه:

 

وقال الإمام البغوي في "شرح السنة" 8/241: اتفق أهل العلم على ثبوت الشفعة للشريك في الرَّيع المنقسم إذا باع أحدُ الشركاء نصيبه قبل القسمة، فللباقين أخذه بالشفعة بمثل الثمن الذي وقع عليه البيع، وإن باع بشيء متقوِّم من ثوب أو عبد، فيأخذه بقيمة ما باعه به. واختلفوا في ثبوت الشفعة للجار، فذهب أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومَنْ بعدهم إلى أن لا شفعة للجار، وأنها تختص بالمشاع دون المقسوم، هذا قول عمر وعثمان رضي الله عنهما، وهو قول أهل المدينة سعيد ابن المسيب، وسليمان بن يسار، وعمر بن عبد العزيز والزهري ،ويحيى بن سعيد الأنصاري،وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وهو مذهب مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وذهب قوم من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم إلى ثبوت الشفعة للجار، وهو قول الثوري، وابن المبارك وأصحاب الرأي غير أنهم قالوا: الشريك مقدم على الجار.

 

وبالنظر إلى كتاب المغني لابن قدامة، سنجد أنهم وصلوا إلى عكس وصية محمد بالضبط، وأنكروا أولوية الجار بالملكية والشفعة (يعني ضم ملكية الجار الآخر إليه شفعة إلى ملكيته هو يعني زيادة):

 

... وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، إذْ هِيَ انْتِزَاعُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ رِضَاءٍ مِنْهُ، وَإِجْبَارٌ لَهُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ، مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصَمُّ، لَكِنْ أَثْبَتَهَا الشَّرْعُ

لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ

، فَلَا تَثْبُتُ إلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ: أَحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ.

فَأَمَّا الْجَارُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةُ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: الشُّفْعَةُ بِالشَّرِكَةِ، ثُمَّ بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ بِالْجِوَارِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُقَدَّمُ الشَّرِيكُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، وَكَانَ الطَّرِيقُ مُشْتَرَكًا، كَدَرْبٍ لَا يَنْفُذُ، تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الدَّرْبِ، الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوا، ثَبَتَتْ لِلْمُلَاصِقِ مِنْ دَرْبٍ آخَرَ خَاصَّةً.

وَقَالَ الْعَنْبَرِيُّ، وَسَوَّارٌ: تَثْبُتُ بِالشَّرِكَةِ فِي الْمَالِ، وَبِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ. وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى أَبُو رَافِعٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد. وَرَوَى الْحَسَنُ، عَنْ سَمُرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «الْجَارُ أَحَقُّ بِدَارِهِ بِشُفْعَتِهِ يُنْتَظَرُ بِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا، إذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا» . وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَلِأَنَّهُ اتِّصَالُ مِلْكٍ يَدُومُ وَيَتَأَبَّدُ، فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ بِهِ، كَالشَّرِكَةِ.

وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ، وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ» . وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَوْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَوْ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا قُسِّمَتْ الْأَرْضُ، وَحُدَّتْ، فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَتْ فِي مَوْضِعِ الْوِفَاقِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، لِمَعْنًى مَعْدُومٍ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَلَا تَثْبُتُ فِيهِ، وَبَيَانُ انْتِفَاءِ الْمَعْنَى، هُوَ أَنَّ الشَّرِيكَ رُبَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ شَرِيكٌ، فَيَتَأَذَّى بِهِ، فَتَدْعُوهُ الْحَاجَةُ إلَى مُقَاسَمَتِهِ أَوْ يَطْلُبُ الدَّاخِلُ الْمُقَاسَمَةَ، فَيَدْخُلُ الضَّرَرُ عَلَى الشَّرِيكِ بِنَقْصِ قِيمَةِ مِلْكِهِ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَى إحْدَاثِهِ مِنْ الْمَرَافِقِ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي الْمَقْسُومِ.

 

... قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فِي رَجُلٍ لَهُ أَرْضٌ تَشْرَبُ هِيَ وَأَرْضُ غَيْرِهِ مِنْ نَهْرٍ وَاحِدٍ: وَلَا شُفْعَةَ لَهُ مِنْ أَجْلِ الشُّرْبِ، إذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ.

وَقَالَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَمُثَنَّى، فِي مَنْ لَا يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ، وَقُدِّمَ إلَى الْحَاكِمِ فَأَنْكَرَ: لَمْ يَحْلِفْ إنَّمَا هُوَ اخْتِيَارٌ، وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا هَذَا لِأَنَّ يَمِينَ الْمُنْكِرِ هَاهُنَا عَلَى الْقَطْعِ وَالْبَتِّ، وَمَسَائِلُ الِاجْتِهَادِ مَظْنُونَةٌ، فَلَا يُقْطَعُ بِبُطْلَانِ مَذْهَبِ الْمُخَالِفِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ أَحْمَدَ هَاهُنَا عَلَى الْوَرَعِ، لَا عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِبُطْلَانِ مَذْهَبِ الْمُخَالِفِ. وَيَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي الِامْتِنَاعُ بِهِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.

 

وهذا أحد التأويلات والتبريرات السخيفة الباردة التي نقلها ابن قدامة:

 

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثُ جَابِرٍ، الَّذِي رَوَيْنَاهُ، وَمَا عَدَاهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِيهَا مَقَالٌ. عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَارِ الشَّرِيكَ؛ فَإِنَّهُ جَارٌ أَيْضًا، وَيُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ جَارًا، قَالَ الشَّاعِرُ:

أَجَارَتَنَا بِينِي فَإِنَّك طَالِقَهْ ... كَذَاك أُمُورُ النَّاسِ غَادٍ وَطَارِقَهْ

قَالَهُ الْأَعْشَى.

وَتُسَمَّى الضَّرَّتَانِ جَارَتَيْنِ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الزَّوْجِ. قَالَ حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ: كُنْت بَيْنَ جَارَتَيْنِ لِي، فَضَرَبَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ، فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا. وَهَذَا يُمْكِنُ فِي تَأْوِيلِ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ أَيْضًا. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الطَّرِيقِ مُفْرَدَةً أَوْ مُشْتَرَكَةً.

حقًّا فقهاء بعقول أطفال يبررون أي شيء بأي طريقة ضعيفة غير منطقية لا تمسك ماءً كما يقول الإنجليز.

 

هذه التخبطات والتلفيقات والتناقضات بين الحكمين في الأحاديث تدل على عيوب تشريع محمد والأضرار والمشاكل التي كانت تسببها، ولا أحد يعمل بهذا الحكم اليوم البتة على حد علمي، وهو من المهملات. تناقضات الأحكام في هذه الأحاديث تكشف عن تلفيق المسلمين رواة الأحاديث لأحاديث لحل المشاكل التي يسببها تشريع محمد، ليجعلوا تشريع الإسلام وديانة الإسلام صالحة للعمل بها والاتباع والاعتقاد، ورغم كل إصلاحاتهم، فهل تعتقد من خلال قراءتك لنقدي للتشريعات هذا المطول أنها ديانة تصلح للتشريع بأي حال بباطلها وبطلانها وعيوبها وهمجيتها التشريعية والخلل فيها.

 

تحريم تأجير الأراضي

 

راجع باب التشريعات الشاذة ولم يعمل به أحد، على الأقل من بعد عصر الصحابة وتابعيهم حيث التزم به بعضهم لتشددهم واستلابهم فكريًّا.

 

نموذج لرفض بعض فقهائهم ومشرعيهم لتشريع محمديٍّ فاسد

 

إذا أتلفت ماشية حقلًا زراعيًّا لغير مالكها في النهار، فلا تعويض للمالك

 

روى أحمد:

 

23691 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ: أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا "

 

إسناده مرسل صحيح، رجاله ثقات. وهو في "الموطأ" 2/747-748. ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في "المسند" 2/107، وفي "السنن المأثورة" (526) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/203، وفي "شرح المشكل" (6159) ، والدارقطني 3/156، والبيهقي 8/279 و341 - وقرن الدارقطني بمالكٍ يونسَ بن يزيد./مقال ابن عبد البر في "التمهيد" 11/81: هكذا رواه جميع رُواة "الموطأ" فيما علمتُ مرسلاً.//وأخرجه ابن ماجه (2332) من طريق الليث بن سعد، عن الزهري، به.//وسيأتي برقم (23694) عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وحرام بن سعد بن محيصة: أن ناقة للبراء... فتابع سعيد بن المسيب حراماً عليه.//وخالف عبدُ الرزاق كما سيأتي برقم (23697) فرواه عن معمر عن الزهري فقال فيه: عن حرام بن محيِّصة عن أبيه: أن ناقةً للبراء..//قال ابن عبد البر: ولم يُتابَع عبد الرزاق على ذلك، وأنكروا عليه قولَه فيه: "عن أبيه"، ثم أَسند ابن عبد البر هذا القول عن أبي داود، وعقَّب عليه بقوله: هكذا قال أبو داود: لم يتابع عبدُ الرزاق، وقال محمد بن يحيى الذُّهلي: لم يتابَع معمر على ذلك، فجعل محمد بن يحيى الخطأَ فيه من معمر، وجعله أبو داود من عبد الرزاق، على أن محمد بن يحيى لم يرو حديث معمر هذا، ولا ذكره في كتابه في علل حديث الزهري إلا عن عبد الرزاق لا غير. قلنا: لكن ذكر الدارقطني في "السنن" 3/155، والبيهقي 8/342 أن وهيب بن خالد وأبا مسعود الزجاج قد خالفا عبدَ الرزاق فروياه عن معمر فلم يقولا: عن أبيه. ورواه كرواية عبد الرزاق وغيره عن معمر محمدُ بنُ كثير بن أبي عطاء الثقفي عن الأوزاعي عن الزهري، أخرجه من طريقه النسائي في العاريَّة من "الكبرى" (5784) ، وهذا الطريق أخطأ فيه محمد بن كثير، فقد كان كثير الغلط.//وأما ما أخرجه الدارقطني 3/155 من طريق الشافعي، عن أيوب بن سويد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حرام بن محيِّصة، عن أبيه إن شاء الله، عن البراء ابن عازب: أن ناقة... فهو وهمٌ، فإنه في "مسند" الشافعي 2/107 ومن طريقه أخرجه البيهقي 8/341 دون قوله: "عن أبيه"، وكذلك رواه على الصواب شعيبُ ابن إسحاق، وبقية بن الوليد عن الأوزاعي عند الطحاوي في "شرح المشكل" (6157) و (6158) .//وقد سلف الحديث في مسند البراء برقم (18606) من طريق الأوزاعي عن الزهري، عن حرام بن محيِّصة، عن البراء بن عازب، وذُكِر في تخريجه هناك رواية بعض أصحاب الأوزاعي عنه عن الزهري، عن حرام بن محيِّصة مرسلاً.

 

قال ابن عبد البر في "التمهيد" 11/82: هذا الحديث وإن كان مرسلاً، فهو حديث مشهور، أرسله الأئمة وحدَّث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز وتَلقَّوْه بالقبول، وجَرَى في المدينة به العمل، وقد زعم الشافعي أنه تتبَّع مراسيل سعيد بن المسيّب فألْفاها صِحاحاً، وأكثر الفقهاء يحتجُّون بها، وحَسبُك باستعمال أهل المدينة وسائر أهل الحجاز لهذا الحديث.

ونقل عن الإمام مالك أنه قال: إذا انفلتت دابَّة بالليل فوطئت على رجلٍ نائمٍ لم يَغرَم صاحبُها شيئاً، وإنما هذا في الحوائط والزَّرع والحَرْث.

وقال الطحاوي في "اختلاف العلماء" كما في "مختصره" للجصَّاص 5/211: قال أصحابنا -يعني الحنفية-: لا ضمان على أرباب البهائم فيما تفسده أو تجني عليه لا في الليل ولا في النهار، إلا أن يكون راكباً أو قائداً أو سابقاً أو مرسلاً.

وقال مالك والشافعي: ما أفسدت المواشي بالنهار فليس على أهلها منه شيء، وما أفسدت بالليل فضمانه على أربابها.

وقال ابن المبارك عن الثوري: لا ضمان على صاحب الماشية.

وروى الواقدي عنه في شاةٍ وقعت في غزل حائك بالنهار: أنه يضمن.

وتصحيح الروايتين: إذا أرسلها سائبةً ضمن بالليل والنهار، وإذا أرسلها محفوظةً لم يضمن لا بالليل ولا بالنهار.

وقال الليث: يضمن بالليل والنهار، ولا يضمن أكثر من قيمة الماشية.

وانظر تفصيل المسألة في "التمهيد" 11/82-90.

 

23694 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: وَسَمِعَهُ الزُّهْرِيُّ، مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَحَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ: أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بِحِفْظِ الْأَمْوَالِ عَلَى أَهْلِهَا بِالنَّهَارِ، وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَصَابَتْ بِاللَّيْلِ "

 

إسناده مرسل صحيح، رجاله ثقات. وأخرجه الشافعي في "السنن المأثورة" (525) ، وابن أبي شيبة 9/435-436، وابن الجارود (796) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (6160) ، والبيهقي 8/342، وابن عبد البر في "التمهيد" 11/89 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وانظر (23691) .

 

18606 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ ، فَدَخَلَتْ حَائِطًا ، فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، " فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ مَا أَصَابَتِ الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ، فَهُوَ عَلَى أَهْلِهَا "

 

إسناده ضعيف لانقطاعه. حرام بن مُحَيِّصة لم يسمع البراء بن عازب فيما ذكر ابن حبان وابن حزم وعبد الحق، وهذا يعكر على الشافعي قوله باتصاله، كما في "اختلاف الحديث" له 7/401، وقد روي مرسلاً من طريق مالك، عن الزهري، عن حرام بن مُحَيِّصَة، أن ناقة للبراء... وسيرد 5/435، وسنذكر من تابعه في إرساله هناك.//قال ابنُ عبد البر في "التمهيد" 11/82: هذا الحديث وإن كان مرسلاً، فهو حديث مشهور، أرسله الأئمة، وحدث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز، وتلقوه بالقبول، وجرى في المدينة به العمل.//قلنا: وقد ذكر الحافظ في "تلخيص الحبير" 4/86-87 الاختلاف فيه على الزهري، وسيرد في سياق التخريج. محمد بن مصعب: هو القرقساني، وقد ذكرنا حاله في تخريج الرواية (3047) ، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن  عمرو، وحرام بن مُحَيِّصَة: هو حَرام بن سعد بن مُحَيِّصة.//وأخرجه الدارقطني 3/155- ومن طريقه البيهقي 8/341- من طريق محمد بن مصعب، بهذا الإسناد.//وأخرجه الشافعي في مسنده 2/107 (بترتيب السندي) ، وفي "اختلاف الحديث" 7/400-401- ومن طريقه الدارقطني 3/155، والبيهقي 8/341- عن أيوب بن سويد، وأبو داود (3570) - ومن طريقه البيهقي 8/341، وابن عبد البر في "التمهيد" 11/89- والحاكم 2/47-48 من طريق الفريابي، والنسائي في "الكبرى" (5785) من طريق الوليد بن مسلم، والحاكم أيضاً 2/47-48 من طريق محمد بن كثير، أربعتهم عن الأوزاعي، به. غير أن الدارقطني قال: عن حرام بن مُحيصة، عن أبيه إن شاء الله، عن البراء بن عازب، فزاد: "عن أبيه" بين حرام والبراء، على الشك، مع أنها ليست عند الشافعي!.//وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/203، والدارقطني3/155 من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن أيوب بن سويد، عن الأوزاعي، به، غير أنه قال: إن ناقة لرجل من الأنصار دخلت حائطاً...//وأخرجه ابن أبي عاصم في "الديات" (205) من طريق الوليد بن مسلم، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6157) من طريق شعيب بن إسحاق، و (6158) من طريق بقية بن الوليد، والبيهقي في "السنن" 8/341 من طريق أبي المغيرة، أربعتهم عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حرام بن محيّصة أن البراء بن عازب كانت له ناقة...//ورواه محمد بن كثير كذلك- عند النسائي في "الكبرى" (5784) من طريق العباس بن عبد الله بن العباس الأنطاكي- عنه، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حرام بن مُحيّصة، عن أبيه، أن ناقة للبراء، فجعله من مسند مُحيصة.//واختلف فيه على الزهري كذلك://فأخرجه ابن أبي شيبة 14/220-221- ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الديات" (206) - وابن ماجه (2332) ، والنسائي في "الكبرى" (5786) - ومن طريقه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6156) - والدارقطني 3/155، والبيهقي 8/341-342 من طريق عبد الله بن عيسى، عن الزهري، عن حرام بن محيصة، عن البراء، أن ناقة لآل البراء أفسدت... وقرن النسائي بعبد الله بن عيسى إسماعيلَ بنَ أمية، ولهذه متابعة منهما للأوزاعي فيما سلف.//ورواه مالك فيما سيرد 5/435، وابن عيينة فيما سيرد 5/436، والليث ابن سعد عند ابن ماجه (2332) ، ويونس بن يزيد عند الدارقطني 5/153، أربعتهم عن الزهري، عن حرام بن محيصة أن ناقة للبراء كانت ضارية... غير أن الليث قال: ابن محيصة، لم يسمه، وقرن ابنُ عيينة بحرام سعيدَ بنَ المسيب.//ورواه محمد بن ميسرة- عند إبراهيم بن طهمان (198) ، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (5787) - عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن البراء، أن ناقة له... قال النسائي: محمد بن ميسرة: هو ابن أبي حفصة، وهو ضعيف.//ورواه معمر- فيما سيرد 5/436- عن الزهري، عن حرام بن محيصة، عن أبيه، أن ناقة للبراء... قال الحافظ: ولم يتابع فيه معمر. قلنا: قد سلف كذلك من طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي، فيما ذكرنا آنفاً.//ورواه ابن جريج- عند عبد الرزاق (18438) ، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" 11/88- عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن ناقة دخلت في حائط قوم، فأفسدته،... وذكر نحوه.//قال الحافظ في "التلخيص" 4/86-87: ورواه معن بن عيسى، عن مالك، عن الزهري، عن حرام بن محيصة، عن جده. ورواه ابن أبي ذئب، عن الزهري، قال: بلغني أن ناقة للبراء...

قال السندي: قوله: ناقة ضارية: هي تعتاد رَعْيَ زرع الناس. الحوائط، أي: البساتين، يريد أنها إن تُفْلِتُ نهاراً، فالتقصير من صاحب البستان ، فلا ضمان ، وإن تفلت بالليل، فالتقصير من صاحبها، فعليه الضمان ، وبه قال الجمهور، وقيل: إذا لم يكن معها صاحبها، فلا ضمان ، لا ليلاً، ولا نهاراً، والله تعالى أعلم.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

37453- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدٍ ، وَحَرَامِ بْنِ سَعْدٍ ؛ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ عَلَيْهِمْ ، فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ أَنَّ حِفْظَ الأَمْوَالِ عَلَى أَهْلِهَا بِالنَّهَارِ ، وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَصَابَتِ الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ. (14/220)

 

إسناده مرسل، سعيد بن المسيب وحرام بن سعد من التابعين، وإن كان مرسل ابن المسيب من أقوى المراسيل. ورواه ابن أبي شيبة مكررًا برقم 28555 بنفس الإسناد والمتن.

 

37454- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ؛ أَنَّ نَاقَةً لآلِ الْبَرَاءِ أَفْسَدَتْ شَيْئًا ، فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ حِفْظَ الأَمْوَالِ عَلَى أَهْلِهَا بِالنَّهَارِ ، وَضَمَّنَ أَهْلُ الْمَاشِيَةِ مَا أَفْسَدَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ.(14/220)

 

37456- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ طَارِقٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ؛ أَنَّ شَاةً دَخَلَتْ عَلَى نَسَّاجٍ فَأَفْسَدَتْ غَزْلَهُ ، فَلَمْ يُضَمِّنَ الشَّعْبِيُّ مَا أَفْسَدَتْ بِالنَّهَارِ.

- وذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ : يضمَّن. (14/221).

 

28553- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ الْحَكَمَ ، وَحَمَّادًا عَن غَنَمٍ سَقَطَتْ فِي زَرْعِ قَوْمٍ ؟ قَالَ حَمَّادٌ : لاَ يُضَمَّنُ ، وَقَالَ الْحَكَمُ : يُضَمَّنُ.

 

28554- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَن طَارِقٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ؛ أَنَّ شَاةً دَخَلَتْ عَلَى نَسَّاجٍ فَأَفْسَدَتْ غَزْلَهُ ، فَلَمْ يُضَمِّنْ الشَّعْبِيُّ صَاحِبَ الشَّاةِ بِالنَّهَارِ.

 

28556- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ (ح) وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ؛ أَنَّ شَاةً أَكَلَتْ عَجِينًا ، وَقَالَ الآخَرُ : غَزْلاً نَهَارًا ، فَأَبْطَلَهُ شُرَيْحٌ ، وَقَرَأَ : {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}، فَقَالَ فِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ : إِنَّمَا كَانَ النَّفْشُ بِاللَّيْلِ.

 

28557- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى شُرَيْحٍ ، فَقَالَ : إِنَّ شَاةَ هَذَا قَطَعَتْ غَزْلِي ، فَقَالَ : لَيْلاً ، أَوْ نَهَارًا ؟ فَإِنْ كَانَ نَهَارًا ، فَقَدْ بَرِئَ ، وَإِنْ كَانَ لَيْلاً ، فَقَدْ ضَمِنَ ، وَقَرَأَ : {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} ، وَقَالَ : إِنَّمَا كَانَ النَّفْشُ بِاللَّيْلِ.

 

تشريع باطل، لأن المالك قد لا يتواجد في أرضه الزراعية نهارًا لسبب أو آخر، ربما كان في الخارج لمشوار أو في مستشفى لعلاج، ولا أجير أو بديل له، فيظل في كل الحالات حقه في تعويض ما أكلته المواشي وأتلفته محفوظًا له على من هو صاحب ومالك المواشي أو الأغنام.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَمَا أَفْسَدَتْ الْبَهَائِمُ]

(7392) : (وَمَا أَفْسَدَتْ الْبَهَائِمُ بِاللَّيْلِ مِنْ الزَّرْعِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى أَهْلِهَا، وَمَا أَفْسَدَتْ مِنْ ذَلِكَ نَهَارًا، لَمْ يَضْمَنُوهُ)

يَعْنِي إذَا لَمْ تَكُنْ يَدُ أَحَدٍ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا أَوْ غَيْرُهُ، فَعَلَى مَنْ يَدُهُ عَلَيْهَا ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْهُ؛ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ. وَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَدُ أَحَدٍ عَلَيْهَا، فَعَلَى مَالِكِهَا ضَمَانُ مَا أَفْسَدَتْهُ مِنْ الزَّرْعِ، لَيْلًا دُونَ النَّهَارِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ.

وَقَالَ اللَّيْثُ: يَضْمَنُ مَالِكُهَا مَا أَفْسَدَتْهُ لَيْلًا وَنَهَارًا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ؛ مِنْ قِيمَتِهَا، أَوْ قَدْرِ مَا أَتْلَفَتْهُ، كَالْعَبْدِ إذَا جَنَى. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِحَالٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» . يَعْنِي هَدْرًا.

وَلِأَنَّهَا أَفْسَدَتْ وَلَيْسَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا، فَلَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ. كَمَا لَوْ كَانَ نَهَارًا، أَوْ كَمَا لَوْ أَتْلَفَتْ غَيْرَ الزَّرْعِ. وَلَنَا، مَا رَوَى مَالِكٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ، أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ، فَأَفْسَدَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَمَا أَفْسَدَتْ بِاللَّيْلِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمْ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنْ كَانَ هَذَا مُرْسَلًا، فَهُوَ مَشْهُورٌ حَدَّثَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثِّقَاتُ، وَتَلَقَّاهُ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ بِالْقَبُولِ. وَلِأَنَّ الْعَادَةَ مِنْ أَهْلِ الْمَوَاشِي إرْسَالُهَا فِي النَّهَارِ لِلرَّعْيِ، وَحِفْظُهَا لَيْلًا، وَعَادَةُ أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظُهَا نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ لَيْلًا كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْلِهَا بِتَرْكِهِمْ حِفْظَهَا فِي وَقْتِ عَادَةِ الْحِفْظِ، وَإِنْ أَتْلَفَتْ نَهَارًا، كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْلِ الزَّرْعِ، فَكَانَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ فَرَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا، وَقَضَى عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ بِالْحِفْظِ فِي وَقْتِ عَادَتِهِ.

وَأَمَّا غَيْرُ الزَّرْعِ، فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْبَهِيمَةَ لَا تُتْلِفُ ذَلِكَ عَادَةً، فَلَا يُحْتَاجُ إلَى حِفْظِهَا، بِخِلَافِ الزَّرْعِ.

(7393) فَصْلٌ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنَّمَا يَضْمَنُ مَالِكُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا، إذَا كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْهُ، بِإِرْسَالِهَا لَيْلًا، أَوْ إرْسَالِهَا نَهَارًا، وَلَمْ يَضْمَنْهَا لَيْلًا، أَوْ ضَمِنَهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ. أَمَّا إذَا ضَمِنَهَا فَأَخْرَجَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَوْ فَتَحَ عَلَيْهَا بَابَهَا، فَالضَّمَانُ عَلَى مُخْرِجِهَا، أَوْ فَاتِحِ بَابِهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ.

قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدِي مَحْمُولَةٌ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ مَزَارِعُ وَمَرَاعٍ، أَمَّا الْقُرَى الْعَامِرَةُ الَّتِي لَا مَرْعَى فِيهَا إلَّا بَيْنَ قراحين، كَسَاقِيَةٍ وَطَرِيقٍ وَطَرَفِ زَرْعٍ، فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا إرْسَالُهَا بِغَيْرِ حَافِظٍ عَنْ الزَّرْعِ، فَإِنْ فَعَلَهُ، فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِتَفْرِيطِهِ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

 

[فَصْلٌ وَإِنْ أَتْلَفَتْ الْبَهِيمَةُ غَيْرَ الزَّرْعِ]

(7394) وَإِنْ أَتْلَفَتْ الْبَهِيمَةُ غَيْرَ الزَّرْعِ لَمْ يَضْمَنْ مَالِكُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ، لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا، مَا لَمْ تَكُنْ يَدُهُ عَلَيْهَا. وَحُكِيَ عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ قَضَى فِي شَاةٍ وَقَعَتْ فِي غَزْلِ حَائِكٍ لَيْلًا، بِالضَّمَانِ عَلَى صَاحِبِهَا، وَقَرَأَ شُرَيْحٌ {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} [الأنبياء: 78] . قَالَ: وَالنَّفْشُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللَّيْلِ. وَعَنْ الثَّوْرِيِّ: يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِإِرْسَالِهَا.

وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. أَيْ هَدْرٌ. وَأَمَّا الْآيَةُ، فَإِنَّ النَّفْشَ هُوَ الرَّعْيُ بِاللَّيْلِ، فَكَانَ هَذَا فِي الْحَرْثِ الَّذِي تُفْسِدُهُ الْبَهَائِمُ طَبْعًا بِالرَّعْيِ، وَتَدْعُوهَا نَفْسُهَا إلَى أَكْلِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ.

 

[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَمَا جَنَتْ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا]

(7397) : (وَمَا جَنَتْ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا، ضَمِنَ رَاكِبُهَا مَا أَصَابَتْ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ جُرْحٍ، أَوْ مَالٍ، وَكَذَلِكَ إنْ قَادَهَا أَوْ سَاقَهَا)

وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» . وَلِأَنَّهُ جِنَايَةُ بَهِيمَةٍ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ عَلَيْهَا.

وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرِّجْلُ جُبَارٌ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَتَخْصِيصُ الرِّجْلِ بِكَوْنِهِ جُبَارًا، دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الضَّمَانِ فِي جِنَايَةِ غَيْرِهَا، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ حِفْظُهَا عَنْ الْجِنَايَةِ إذَا كَانَ رَاكِبَهَا، أَوْ يَدُهُ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَنْ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهَا، وَحَدِيثُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهَا.

 

[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَمَا جَنَتْ بِرِجْلِهَا]

(7398) : (وَمَا جَنَتْ بِرِجْلِهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يَضْمَنُهَا. وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَةِ بَهِيمَةٍ، يَدُهُ عَلَيْهَا، فَيَضْمَنُهَا، كَجِنَايَةِ يَدِهِ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرِّجْلُ جُبَارٌ» . وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ رِجْلِهَا عَنْ الْجِنَايَةِ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ عَلَيْهَا.

فَأَمَّا إنْ كَانَتْ جِنَايَتُهَا بِفِعْلِهِ، مِثْلَ أَنْ كَبَحَهَا بِلِجَامِهَا، أَوْ ضَرَبَهَا فِي وَجْهِهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، ضَمِنَ جِنَايَةَ رِجْلِهَا؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي جِنَايَتِهَا، فَكَانَ ضَمَانُهَا عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ السَّبَبَ فِي جِنَايَتِهَا غَيْرُهُ، مِثْلَ أَنْ نَخَسَهَا، أَوْ نَفَرَهَا، فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، دُونَ رَاكِبِهَا وَسَائِقِهَا وَقَائِدِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ فِي جِنَايَتِهَا.

 

تناقضات تامة ما بين أحكامهم وتخبطات واختلاف وخلاف مع التشريع الأصلي لمحمد، لأنه في الأصل معيب ولا يصلح.

 

ترك الاغتسال من (يعني بعد، وبسبب) تغسيل جثة الميت

 

روى أحمد:

 

7689 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " مِنْ غُسْلِهَا الْغُسْلُ، وَمِنْ حَمْلِهَا الْوُضُوءُ ".

 

قال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند: إسناده صحيح، ورواه ابن حبان في صحيحه 2: 424 (من مخطوطة الإحسان)، من طريق إبراهيم بن الحجاج السام، عن حمّاد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإِسناد، مرفوعًا، بلفظ: "من غسَّل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ". وأشار البخاري في الكبير 1/ 1/ 397 إلى رواية حمّاد بن سلمة هذه. ورواه الترمذي 2: 132، عن محمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، عن عبد العزيز بن المختار، عن سهيل، بهذا الإِسناد، بلفظ: "مِنْ غُسْله الغسل، ومن حمله الوضوء". ورواه البيهقي في السنن الكبرى 1: 300 - 301، من طريق محمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، مثل رواية الترمذي. وروى ابن ماجة: 1463 شطره الأول، عن محمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، بمثل إسناد الترمذي، بلفظ: "من غسل ميتاً فليغتسل". وقال البيهقي بعد روايته كرواية الترمذي: "وكذلك رواه ابن جُريج، وحماد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة". فهؤلاء ثلاثة ثقات: ابن جُريج، هنا في المسند، وحماد بن سلمة، عند ابن حبان، وعبد العزيز بن المختار، عند الترمذي، والبيهقي، وابن ماجة -: رووه عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، مرفوعاً. وإسناد المسند هنا صحيح على شرطي الشيخين، والأسانيد الآخر صحيحة على شرط مسلم. ومع ذلك يقول الترمذي عقب روايته: "حديث أبي هريرة حديث حسن، وقد روي عن أبي هريرة موقوفاً"! كأنه يريد إعلال المرفوع بالموقوف. وما هذه بعلة، فالرفع زيادة من ثقة - بل من ثقات، فهي مقبولة دون تردد. ثم أعله بعض الأئمة بعلة أخرى، هي زيادة رجل في الإِسناد، بين أبي صالح وأبي هريرة: فرواه أبو داود: 3162، عن حامد بن يحيى، عن سفيان - وهو ابن عيينة - عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن إسحق مولى زائدة، عن أبي هريرة، مرفوعًا - "بمعناه". ورواه البخاري في الكبير 1/ 396 - 397، موجزًا كعادته، عن عمران بن ميسرة، عن ابن علية، عن سهيل، عن أبيه، عن إسحق مولى زائدة، عن أبي هريرة. ثم قال: "وتابعه ابن عيينة عن سهيل". وما هذه بعلة أيضاً، فلعل أبا صالح سمعه من أبي هريرة، ومن إسحق مولى زائدة عن أبي هريرة. وأيا ما كان فالحديث صحيح. فإن "إسحق مولى زائدة": هو "إسحق أبو عبد الله"، الذي مضى توثيقه وبيانه، في: 7673. فلن تضر زيادته في الإِسناد شيئًا. بل لعله يزيده صحة وتوثيقًا. ثم إن سهيلاً لم ينفرد بروايته عن أبيه، بل تابعه عليه القعقاع بن حكيم: فرواه أيضاً البيهقي 1: 300، من طريق محمَّد بن جعفر بن أبي كثير، عن محمَّد بن عجلان، عن

القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به، مرفوعًا. وأشار البخاري أيضاً إلى هذه الرواية 1/ 1/ 397. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. ثم للحديث إسناد آخر صحيح، ليست له علة: فرواه ابن حزم في المحلى 1: 250، و 23:2 - من طريق الحجاج بن المنهال، عن حمّاد بن سلمة، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، مرفوع. وهذا الإِسناد ذكره البخاري أيضاً إشارة 1/ 1/ 397، قال: "وقال لنا موسى، عن حمّاد، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم -، مثله". وهذا إسناد كالشمس، لا شك في صحته.

ومع هذا فإن البخاري الإِمام، رضي الله عنه، أعقبه بقوله: "ولا يصح"! لماذا؟ قال: "وقال لي الأديسي، عن الدراوردي، عن محمَّد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قوله" - يعني أنه رواه الدراوردي موقوفًا من قول أبي هريرة، غير مرفوع، مخالفًا في ذلك حمّاد ابن سلمة، الذي رواه مرفوع. وهذا هو التعليل الذي قلده فيه الترمذي، كعادته في اتباع شيخه البخاري. وقد بينا آنفًا أن المرفوع لا يعل بالموقوف، إذا كان الراويه مرفوعاً ثقة.

وللحديث أسانيد أخر، فيها ضعف، سيأتي بعضها: 7757، 7758، 9599، 9862، 10112. وغيرها في السنن الكبرى - في بحث طويل هناك 1: 299 - 307، وفي الكبير للبخاري 1/ 1/ 396 - 397. ولم نر حاجة إلى الإطالة بذكرها في ذا الموضع. وانظر ما مضى في مسند علي بن أبي طالب: 759، 807، 1074، 1093. وانظرفى وجوب الوضوء من حمل الميت، والغسل من غسله - المحلى لابن حزم 1: 250 - 251، و 2: 23 - 25. وانظر أيضاً التلخيص الحبير، ص: 50، 138.

 

قال محمد بن عبد المحسن التركي في تحقيقه لمسند الطيالسي برقم 2433 : والحديث حسنه الترمذي والبغوي والحافظ [ابن حجر] وصححه ابن حبان وابن حزم وقواه الذهبي وابن القبم، وله شواهد من حديث ابن عمر وغيره. انظر الخلافيات للبيهقي3/ 291، وتهذيب سنن البيهقي1/ 302 وتهذيب السنن لابن القيم 4/ 306 والتلخيص الحبير1/ 137 وجنة المرتاب ص237، ومن صحح الحديث فلا يحمله إلا على الاستحباب، وما قال بالوجوب أحد من الفقهاء بعد  التابعين سوى ابن حزم، وانظر معالم سنن أبي داوود للخطابي، والمحلى لابن حزم2/ 25، وشرح السنة للبغوي.

 

قال فريق محققي طبعة الرسالة للمسند: رجاله ثقات رجال الشيخين غير سهيل بن أبي صالح، فمن رجال مسلم، لكن اختلف في رفعه ووقفه كما سيأتي بيان ذلك في التعليق الآتي. وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/279 من طريق هشام بن سليمان، عن ابن جريج، عن ابن أبي ذئب، عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1463) ، والترمذي (993) ، والبيهقي 1/300-301 من طريق عبد العزيز بن المختار، وابن حبان (1161) من طريق حماد بن سلمة، والطبراني في "الأَوسط" (989) من طريق زهير بن محمد، ثلاثتهم عن سهيل ابن أبي صالح، به. ولم يذكر فيه ابنُ ماجه الوضوء من الحمل. وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه عبد الرزاق (6111) فقال: عن غيره (يعني عن غير معمر) ، عن سهيل بن أبي صالح (زاد الأعظمي بين معقوفين: عن أبيه) ، عن أبي هريرة. ولم يذكر فيه الوضوء من الحمل.

وأخرجه أبو داود (3162) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 1/301، وفي "معرفة السنن والآثار" (2115) من طريق سفيان بن عيينة، عن سهيل، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة. فأدخل سهيل هنا إسحاق بين أبيه وبين أبي هريرة، وإسحاق ثقة.

وتابع سفيانَ إسماعيلُ ابن عُلية عند البخاري في "التاريخ الكبير" 1/396-397، إلا أنه جعله موقوفاً على أبي هريرة.

وأخرجه البيهقي 1/301 من طريق وهيب بن خالد، عن سهيل، عن أبيه، عن الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة مرفوعاً. والحارث مجهول.

وقال الدارقطني في "العلل" 3/ورقة 154 بعد أن أشار إلى روايات سهيل هذه: ويشبه أن يكون سهيل كان يضطرب فيه.

وأخرجه البيهقي 1/300 من طريق محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/269 عن عبدة بن سليمان، و369 عن يزيد بن هارون، والبيهقي 1/302 من طريق عبد الوهَّاب عطاء، والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/397 من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، أربعتهم عن محمد ابن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة موقوفاً. قال البخاري: وهذا أشبه. قلنا: يعني من المرفوع، ومحمد بن عمرو حسن الحديث، وباقي رجال هذه الأسانيد ثقات.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/397، وابن حزم في "المحلى" 1/250 و2/23 من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، به مرفوعاً.

قلنا: والوقف في حديث محمد بن عمرو أصحُّ، وقد خطَّأَ أبو حاتم -كما في "العلل" لابنه 1/351- رواية حماد بن سلمة هذه، وقال: إنما هو موقوف عن أبي هريرة لا يرفعه الثقات.

وأخرجه البيهقي 1/302 من طريق ابن لهيعة، عن حنين بن أبي حكيم، عن صفوان بن أبي سليم، عن أبي سلمة، به مرفوعاً. وقال: ابن لهيعة وحنين بن أبي حكيم لا يحتج بهما، والمحفوظ من حديث أبي سلمة، ما أشار إليه البخاري أنه موقوف من قول أبي هريرة.

وأخرجه أبو داود (3161) ، ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" 2/23، والبيهقي 1/303 من طريق ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عمرو ابن عمير، عن أبي هريرة مرفوعاً. وعمرو بن عمير مجهول، تفرد بالرواية عنه القاسم بن عباس، ولم يوثقه أحد.

وأخرجه البيهقي 1/303 من طريق عبد الله بن صالح، عن يحيى بن أيوب، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة موقوفاً: من غسل الميت فليغتسل، ومن أدخله قبره فليتوضأ.  وأورده الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/137 من هذا الطريق، وقال: ذكره الدارقطني، وقال: فيه نظر.

وأخرج البيهقي 1/303 من طريق الوليد بن مسلم، حدثني ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة رفعه، قال: "من أراد أن يحمل ميتاً فليتوضأ". وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة.

قلنا: وسيأتي الحديث في "المسند" برقم (9862) من طريق ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. وصالح مختلف فيه.

وسيأتي برقم (7770) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن رجلٍ يُقال له: أبو إسحاق، عن أبي هريرة مرفوعاً؛ بالأمر بالاغتسال من غسله فقط. وإسناده ضعيف لجهالة أبي إسحاق هذا.

 

وفي باب الاغتسال من غسل الميت، عن المغيرة بن شعبة، سيرد 4/246، وفي إسناده جهالة. وعن عائشة، سيرد 6/152، واسناده ضعيف. وعن حذيفة عند الطبراني في "الأَوسط" (2781) ، والبيهقي 4/301، وفي إسناده جهالة. وقال الحافظ في "التلخيص" 1/137: ذكره ابن أبي حاتم والدارقطني في "العلل"، وقالا: إنه لا يثبت، وأعله كذلك أبو بكر بن إسحاق الصبغي، نقله عنه البيهقي. وعن أبي سعيد الخدري عند البيهقي 1/301، وإسناده ضعيف لجهالة أحد رواته. ونحوه عن علي بن أبي طالب سلف في مسنده برقم (807) ، وإسناده ضعيف.

 

قلنا: وقد اختلف أهل العلم في حديث أبي هريرة، فمنهم من صحح وقفه: كالبخاري وأبي حاتم والبيهقي والرافعي، ومنهم من صحح رفعه كالترمذي وابن حزم وابن حبان والذهبي وابن حجر، وقال أحمد وعلي ابن المديني: لا يصح في هذا الباب شيء، وبنحوه قال محمد بن يحيى الذهلي وابن المنذر، وضعفه النووي، وقال الشافعي: إن صحَّ قلتُ به. انظر "التلخيص الحبير"1/136-137.

 

قال البغوي في "شرح السنة" 2/169: واختلف أهل العلم في الغسل من غسل الميت، فذهب بعضهم إلى وجوبه، وذهب أكثرُهم إلى أَنه غيرُ واجب، قال ابن عمر وابن عباس: ليس على غاسل الميت غسلٌ.

ورُوي عن عبد الله بن أبي بكر، عن أسماء بنت عُميس امرأة أبي بكر أنها غسلت أبا بكر حين تُوفي، فسألت مَنْ حضرها من المهاجرين، فقالت: إني صائمة، وهذا يوم شديد البرد، فهل عليّ من غسل؟ فقالوا: لا. (وهو في الموطأ 1/223، وسنده منقطع) .

وقال مالك والشافعي: يستحب له الغسل ولا يجب.

قلنا: ويؤيد قول من حمل الأمر في الحديث على الاستحباب ما رواه الخطيب [في تاريخ بغداد] في ترجمة محمد بن عبد الله المخرمي من "تاريخه" 5/424 من طريق عبد الله بن الإِمام أحمد، قال: قال لي أبي: كتبتَ حديثَ عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل؟ قال: قلت: لا، قال: في ذلك الجانب شابٌّ يقال له: محمد بن عبد الله يحدث به عن أبي هشام المخزومي، عن وهيب، فاكتب عنه، وإسناده صحيح كما قال الحافظ في "التلخيص" 1/138.

وأخرج الحاكم 1/386، والبيهقي 3/398 من حديث ابن عباس: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم ". وسنده جيد، وهو عند الحاكم مرفوع وصححه، وعند البيهقي موقوف، ورواية الوقف أصح.

 

وروى الترمذي:

 

993 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشواب حدثنا عبد العزيز بن المختار عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من غسله الغسل ومن حمله الوضوء يعني الميت

قال وفي الباب عن علي و عائشة

 

قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن وقد روي هذا عن أبي هريرة موقوفا وقد اختلف أهل العلم في الذي يغسل الميت فقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وغيرهم إذا غسل ميتا فعليه الغسل وقال بعضهم عليه الوضوء وقال مالك بن أنس استحب الغسل من غسل الميت ولا أرى ذلك واجبا وهكذا قال الشافعي وقال أحمد من غسل ميتا أرجوا أن لا يجب عليه الغسل وأما الوضوء فأقل ما قيل فيه وقال إسحق لابد من الوضوء قال وقد روي عن عبد الله بن المبارك أنه قال لا يغتسل ولا يتوضأ من غسل الميت

 

قال الألباني: صحيح

قال الدكتور بشار عواد معروف في تحقيقه لسنن الترمذي: قد أعل بعض الحفاظ هذا الحديث بانقطاعه فقالوا: إن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة، وقد رواه أبو صالح عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة، وهو ثقة، لكن قال أبو حاتم الرازي: "هذا خطأ. إنما هو موقوف عن أبي هريرة لا يرفعه الثقات" (العلل1035)، وقال الذهبي في مختصر البيهقي: طرق هذا الحديث أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاءُ ولم يعلّوها بالوقوف، بل قدَّمُوا الرفع". قلتُ: وقد صححه ابن حبان والعلامة الألباني.

أخرجه عبد الرزاق6111 وأحمد2/ 272 وابن ماجه1463 وابن حبان1161 والطبراني في الأوسط989 والبيهقي في الكبرى1/ 300و301 وتحفة الأشراف 9/ 414 والمسند الجامع17/ 9-10 حديث13218 وإرواء الغليل للألباني1/ 173، وأخرجه البخاري في تاريخه الكبير1/ الترجمة1162 وأبو داوود3162 وابن حزم 1/ 250 والبيهقي في الكبرى1/ 301 من طريق أبي صالح عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة.

وأخرجه الطيالسي2314 وابن أبي شيبة3/ 269 و369 وأحمد2/ 433 و454 و472 والبيهقي1/ 3030 والبغوي 339 من طريق صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة به، وانظر المسند الجامع17/ 10 حديث 13220.

وأخرجه عبد الرزاق6110 وأحمد2/ 280 من طريق يحيى بن أبي كثير عن رجل يقال له أبو إسحاق، عن أبي هريرة به. وانظر المسند الجامع17/ 10 حديث 13221.

 

تعليق من لؤي: تعليق البيهقي وانتقاده يدل على ذاتية ومزاجية خرافة الإسناد فهم يصححون على هواهم ويضعفون ويتركون ما شاؤوا على هواهم، لا توجد موضوعية أو مقياس محايد حقيقي للموضوع.

 

وروى أبو داوود:

 

3162 - حدَّثنا حامدُ بن يحيى، عن سفيانَ، عن سُهيلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن إسحاقَ مولى زائدةَ عن أبي هريرة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، بمعناه.

 

قال أبو داود: هذا منسوخٌ، سمعتُ أحمد بن حنبل سُئِلَ عن الغُسل من غَسلِ الميت، فقال: يجزئُه الوضوءُ.

قال أبو داود: أدخلَ أبو صالحٍ بينه وبين أبي هُريرةَ في هذا الحديث إسحاقَ مولى زائدةَ.

 

قال الألباني: صحيح.

قال شعيب الأرنؤوط ومحمد كامل قروبللي: رجاله ثقات، وقد اختلف في رفعه ووقفه كما سلف بيانه في الطريق السالف قبله.

وأخرجه ابن ماجه (1463)، والترمذي (1014) من طريق عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. دون ذكر إسحاق مولى زائدة.

وهو في "مسند أحمد" (7689) من طريق ابن جريج، و"صحيح ابن حبان" (1161) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وليس هذا الاختلاف بضارٍّ لأن إسحاق مولى زائدة ثقة. فسواء صح وجوده في الإسناد أو لم يصح، لا يضر ذلك، وإنما الشأن في الاختلاف في الوقف والرفع كما أسلفنا.

3161 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، حدَّثني ابنُ أبي ذئب، عن القاسم بن عبَّاس، عن عَمرو بن عُمير عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "مَنْ غَسَّلَ الميتَ فليغتسِل، ومن حَمَلَهُ فليتوضأ".

 

قال الألباني: صحيح [ربما يقصد لغيره؟ لأن عمرو بن عمير قال محققون آخرون لم يوثقه أحد_لؤي]

قال شعيب الأرنؤوط ومحمد كامل قروبللي: إسناده ضعيف لجهالة عَمرو بن عُمير، وقد روي الحديث من وجوه أخرى عن أبي هريرة منها الطريق الآتي عند المصنف بعده، لكن اختُلف في رفع هذا الحديث ووقفه، فممن صحح وقفه البخاريُّ وأبو حاتم والرافعي والبيهقي، وممن صحح رفعه الترمذيُّ وابنُ حبان وابن حزم والبغوي والذهبي وابن الملقن وابن دقيق العيد وابن حجر. وقال أحمد وعلي بن المديني: لا يصح في هذا الباب شيء، وبنحوه قال محمد بن يحيى الذهلي وابن المنذر، وضعفه ابن القطان الفاسي والنووي، وقال عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 3/ 177: اختلف في إسناد هذا الحديث، وقال الشافعي: إن صح قلت به. انظر "شرح السنة" للبغوي (339)، و "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان 3/ 283 - 285، و"البدر المنير" لابن الملقن 2/ 524 - 536، و"التلخيص الحبير" لابن حجر 1/ 136 - 137.

وأخرجه ابن حزم في "المحلى" 2/ 23، والبيهقي 1/ 303 من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

وانظر تفصيل طرقه وشواهده والكلام عنها في "مسند أحمد" (7689)، و"البدر المنير" لابن الملقن 2/ 524 - 543.

قال البغوي في "شرح السنة" 2/ 169: واختلف أهل العلم في الغسل من غسل الميت، فذهب بعضهم إلى وجوبه، وذهب أكثرهم إلى أنه غير واجب، قال ابن عمر وابن عباس: ليس على غاسل الميت غسل.

وروي عن عبد الله بن أبي بكر، عن أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر أنها غسلت أبا بكر حين توفي، فسألَت من حضرها من المهاجرين، فقالت: إني صائمة، وهذا يوم شديد البرد، فهل عليّ غسل؟ فقالوا: لا (وهو في "الموطا"1/ 223، وسنده منقطع).

وقال مالك والشافعي: يستحب له الغسل ولا يجب.

قلنا: ويؤيد قول من حمل الأمر في الحديث على الاستحباب ما رواه الخطيب في ترجمة محمد بن عبد الله المخرمي من "تاريخه" 5/ 424 من طريق عبد الله بن الإِمام أحمد، قال: قال لي أبي: كتبت حديث عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل؟ قال: قلت: لا، قال في ذلك الجانب شابٌّ يقال له: محمد بن عبد الله يحدث به عن أبي هشام المخزومي عن وهيب، فاكتب عنه، وإسناده صحيح كما قال الحافظ في "التلخيص" 1/ 138. والحديث أخرجه أيضاً الدارقطني (1820)، والبيهقي 1/ 306.

وأخرج الحاكم 1/ 386، والبيهقي 3/ 398 من حديث ابن عباس: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" وسنده جيد. وهو عند الحاكم مرفوعاً وصححه، وعند البيهقي موقوفاً، ورواية الوقف أصح.

 

وروى ابن ماجه:

 

1463 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ ابْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ".

 

قال الألباني: صحيح.

قال شعيب الأرنوؤط: رجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، فممن صحيح وقفَه البخاريُّ وأبو حاتم والرافعي والبيهقي، وممن صحح رفعَه الترمذي وابنُ حبان وابنُ حزم وابنُ حجر، وقال أحمد وعلي ابن المديني: لا يصح في هذا الباب شيء، وبنحوه قال محمَّد بن يحيى الذهلي وابن المنذر، وضغَفه النووي، وقال الشافعي: إن صح قلتُ به. انظر "التلخيص الحبير" 1/ 136 - 137. وأخرجه الترمذي (1014) عن محمَّد بن عبد الملك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (3162) من طريق سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة مرفوعًا. وإسحاق هذا ثقة.

وأخرجه أبو داود (3161) من طريق عمرو بن عمير، عن أبي هريرة، مرفوعًا. وهو في "مسند أحمد" (7689) و (7771)، و"صحيح ابن حبان" (1161).

وفي الباب عن غير واحد من الصحابة ذكرناهم في "المسند"، وأسانيد أحاديثهم ضعيفة.

قال البغوي في "شرح السنة" 2/ 169: اختلف أهل العلم في الغُسل من غسل الميت، فذهب بعضهم إلى وجوبه، وذهب أكثرهم إلى أنه غيرُ واجب، قال ابن عمر وابن عباس: ليس على غاسل الميت غسل ... وقال مالك والشافعي: يستحب له الغسل ولا يجب.

 

وروى أحمد:

 

759 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ نَاجِيَةَ بْنَ كَعْبٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَبَا طَالِبٍ مَاتَ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اذْهَبْ فَوَارِهِ "، فَقَالَ: إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا . فَقَالَ: " اذْهَبْ فَوَارِهِ " قَالَ: فَلَمَّا وَارَيْتُهُ رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: " اغْتَسِلْ "

 

صححه الألباني.

 

وقال محمد بن عبد المحسن التركي في تحقيقه لمسند الطيالسي برقم 122: حديث صحيح، وناجية بن كعب ثقة، وثقه العجلي وقال ابن معين: صالح.

 

قال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند: إسناده صحيح. ناجية بن كعب: هو الأسدي، وهو تابعي كوفى ثقة، ترجم له البخاري في الكبير 4/ 2 / 107 ولم يذكرفيه جرحاً، وخلط بعضهم بينه وبين "ناجية بن خفاف أبى خفاف العنزي" الراوي عن عمار بن ياسر، وهما اثنان قطعاً، فرق بينهما البخاري في الكبير، فترجم لكل منهما وحده، وفرق بينهما أيضا مسلم وأبو حاتم، كما حقق ذلك الحافظ في التهذيب. والحديث رواه أبو داود 3: 206 والنسائى 1: 282 - 283. وسيأتي مطولا 1093 وانظر 807 و 1074.

 

قال فريق شعيب الأرنؤوط المحقق لطبعة الرسالة للمسند: إسناده ضعيف، ناجية بن كعب: هو الأسدي كما حققه الحافظ في "التهذيب"، قال ابنُ المديني: لا أعلم أحداً روى عنه غيرَ أبي إسحاق وهو مجهول، ولم يوثقه غير العجلي، وقد وَهِمَ الحافظُ في "التقريب" فقال عنه: ثقة! وأما قوله في "التهذيب": إن ابن حبان ذكره في "الثقات" فهو وَهَم منه أيضاً فإنه ليس فيه، وإنما ذكره  في "المجروحين" 3/57 وقال: ناجية بن كعب من أهل الكوفة، وهو الأسدي، يروي عن علي، روى عنه أبو إسحاق وأبو حسان الأعرج، كان شيخاً صالحاً، إلا أن في حديثه تخليطاً لا يشبه حديثَ أقرانه الثقات عن علي، فلا يعجبني الاحتجاجُ به إذا انفرد، وفيما وافق الثقاث، فإن احتج به محتج أرجو أنه لم يجرح في فعله ذلك.

قلنا: وقد ضعف الحديث البيهقي في "السنن"، وتبعه النووي في "المجموع" 5/144 فضعفه، ونقل البيهقي عن علي بن المديني أنه قال: في إسناده بعض الشيء.

وأخرجه النسائي في المجتبى 1/110 حديث 190عن محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (120) ، ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/348 عن شعبة، به.

وأخرجه الشافعي في "مسنده" 1/207 عن عمرو بن الهيثم، وابن الجارود (550) من طريق وهب بن جرير، كلاهما عن شعبة، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/347 عن أبي الأحوص، وأبو يعلي (423) من طريق إبراهيم بن طهمان، والبيهقي في "السنن" 1/304 من طريق إسرائيل، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به. زاد أبو يعلى: وعلمني دعواتٍ هن أحب إلي من حُمر النعَم، ولفظ الزيادة عند البيهقي: ثم دعا لي بدعوات ولا يسرني بها ما على الأرض من شيء، ولم يذكر ابن أبي شيبة أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر عليا بالغسل، وزاد: ثُم رجعت إليه وعلى أثر التراب والغبار، فدعا لي بدعوات... مثل رواية البيهقي.

وأخرجه عبد الرزاق (9936) عن معمر والثوري، عن ناجية بن كعب الأسدي: أن أبا طالب لما مات... فذكر الحديث مرسلاً، وأسقط منه أبا إسحاق بين معمر والثوري وبين ناجية، وهو خطأ والصواب إثباته، فلعله من النساخ. وسيأتي الحديث برقم (1093) .

وللحديث طريق أخرى سيأتي الكلام عليها برقم (807) عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي.

وأورد له البيهقي في "السنن" 1/305 طريقين آخرين، وهما معلولان، وأعلهما البيهقي نفسه.

 

قال أسامة بن إبراهيم بن محمد في تحقيقة لمصنف ابن أبي شيبة عند رقم11259: إسناده ضعيف، فيه عنعنة أبي إسحاق وهو مدلس، وناجية بن كعب قال ابن المديني: مجهول، وقال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم: شيخٌ، أي: يُكتَب حديثه ولا يُحتَج به.

 

كما ترى تناقض ولا موضوعية ومرواغة وكذب تام، بعضهم يصححه وبعضهم يضعفه، كلٌّ حسب هواه، الإسناد دجل وليس علمًا.

 

807 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الْأَصَمُّ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ إِسْمَاعِيلَ، يَذْكُرُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ قَدْ مَاتَ . قَالَ: " اذْهَبْ فَوَارِهِ ، ثُمَّ لَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي " قَالَ: فَوَارَيْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ، قَالَ: " اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ، ثُمَّ لَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي " . قَالَ: فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ، قَالَ: فَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا حُمْرَ النَّعَمِ وَسُودَهَا قَالَ: " وَكَانَ عَلِيٌّ، إِذَا غَسَّلَ الْمَيِّتَ اغْتَسَلَ "

 

صححه الألباني

قال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند: إسناده صحيح. وسيأتي معناه في 1074، 1093، الحسن بن يزيد الأصم: وثقة أحمد والدارقطني وغيرهما، وترجمه البخاري في الكبير1/ 2/ 306فلم يذكر فيه جرحاً.

إسمعيل السدي: هو السدي الكبير، واسمه إسمعيل بن عبد الرحمن بن أبى كريمة، وهو ثقة, وثقه أحمد وغيره، وقال البخاري في الكبير1/ 1/ 361: "قال على: وسمعت يحيى يقول: ما رأيت أحداً يذكر السديَّ إلا بخير، وماتركه أحد" وتكلم فيه بعضهم بغير حجة، وعاب بعضهم على مسلم إخراج حديثه، فقال الحاكم: "تعديل عبد الرحمن بن مهدي أقوى عند مسلم ممن جرحه بجرح غير مفسر". وانظر 759، 1074.

 

وقال فريق شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف، الحسن بن يزيد الأصم- وإن كان وُثًق- قال ابن عدي في "الكامل" 2/738: عن السدي ليس بالقوي، وحديثه عنه ليس بالمحفوظ، ثم ذكر له ثلاثة أحاديث هذا منها وقال: وللحسن بن يزيد أحاديث غير ما ذكرته، وهذا أنكر ما رأيت له عن السُّدي، ونقل البيهقي 1/304 عن الإمام أحمد أنه ضعفه من هذا الوجه. والسدي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، وأبو عبد الرحمن السلمي: هو عبد الله بن حبيب. وأخرجه البزار (592) عن حاتم بن الليث، عن إبراهيم بن ابي العباس، بهذا الإسناد. إلا أنه زاد فيه سعد بن عبيدة بين إسماعيل السدي وبين ابي عبد الرحمن السلمي، قال الدارقطني فى "العلل" 4/159: وهو وهم، والقول الأول اصح. يعني بإسقاط سعد بن عبيدة من السند. وأخرجه البيهقي 1/304 و305 من طريق سعيد بن منصور، به بإسقاط سعد بن عبيدة. وسيأتي برقم (1074) ، وانظر (759) .

 

• 1074 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى زحْمَوَيْهِ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَبُو مَعْمَرٍ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الْأَصَمُّ، قَالَ: أَبُو مَعْمَرٍ مَوْلَى قُرَيْشٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي السُّدِّيُّ، وَقَالَ زَحْمَوَيْهِ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ قَدْ مَاتَ . قَالَ: " اذْهَبْ فَوَارِهِ وَلا تُحْدِثْ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي " فَوَارَيْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ . فَقَالَ: " اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ وَلا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي " فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي بِهِنَّ حُمْرُ النَّعَمِ وَسُودُهَا

وقَالَ ابْنُ بَكَّارٍ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ السُّدِّىُّ: " وَكَانَ عَلِيٌّ: رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا غَسَلَ مَيِّتًا اغْتَسَلَ "

 

صححه الألباني

صححه حسين سليم أسد في تحقيقه لمسند أبي يعلى في حديث رقم 423

قال أحمد شاكر: إسناده صحيح، سبق الكلام عليه 807، ولكن هذا من زيادات عبد الله بن أحمد.

 قال فريق شعيب الأرونؤوط: إسناده ضعيف، الحسن بن يزيد بن الأصم تقدم الكلام فيه برقم (807) . وأخرجه أبو يعلى (424) عن زكريا بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابنُ عدي 2/738 عن صدقة بن منصور، عن أبي معمر، به. وقال: وهذا لا أعلم يرويه عن السدي غير الحسن هذا، ومدار هذا الحديث المشهور على أبي إسحاق السبيعي، عن ناجية بن كعب، عن علي رضي الله عنه.

 

وروى أبو داوود:

 

3214 - حدثنا مسدد ثنا يحيى عن سفيان حدثني أبو إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي [ عليه السلام ] قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إن عمك الشيخ الضال قد مات قال " اذهب فوار أباك ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني " فذهبت فواريته وجئته فأمرني فاغتسلت ودعا لي .

 

قال الألباني: صحيح

 

وروى النسائي:

2006 - أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال حدثنا يحيى عن سفيان قال حدثني أبو إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي قال: قلت للنبي صلى الله عليه و سلم إن عمك الشيخ الضال مات فمن يواريه قال اذهب فوار أباك ولا تحدثن حدثا حتى تأتيني فواريته ثم جئت فأمرني فاغتسلت ودعا لي وذكر دعاء لم أحفظه

 

قال الألباني: صحيح

 

ومن آراء من قالوا بوجوب الغسل بعد تغسيل جثة الميت، روى ابن أبي شيبة:

 

11260- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ حُذَيْفَةَ كَيْفَ أَصْنَعُ ، قَالَ اغْسِلْهُ كَيْتَ وَكَيْتَ فَإِذَا فَرَغْت فَاغْتَسِلْ.

 

مرسل فمكحول لم يسمع من حذيفة كما قال البزار وغيره.

 

11262- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ مِنَ السُّنَّةِ ، مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا اغْتَسَلَ.

 

مرسل، سعيد بن المسيب من التابعين.

 

11263- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ غَسَّلاَ مَيِّتًا فَاغْتَسَلَ الَّذِي مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَتَوَضَّأَ الَّذِي مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ.

 

وروى عبد الزراق:

 

6108 - عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال من غسل ميتا فليغتسل وبه نأخذ

 

6112 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن بن المسيب قال من غسل ميتا فليغتسل ومن دلاه في حفرته فليتوضأ

 

6113 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني بن شهاب قال السنة أن يغتسل الذي يغسل الميت

 

6114 - عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أن بن سيرين كان إذا غسل ميتا اغتسل

 

ومن آراء من قالوا بالوضوء فقط بعدها روى ابن أبي شيبة:

 

11254- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : حدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيّ ، قَالَ : غَسَّلَ أَبَاك أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا زَادُوا عَلَى أَنْ كَفُّوا أَكْمَامَهُمْ وَأَدْخَلُوا قُمُصَهُمْ فِي حُجَزِهِمْ ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ غُسْلِهِ تَوَضَّؤُوا وُضُوءَهُمْ لِلصَّلاَةِ.

 

صحيح

 

11255- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَوْفٍ ، قَالَ : حدَّثَنِي خُزَاعِيُّ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ، قَالَ أَوْصَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ أَنْ لاَ يَحْضُرَهُ ابْنُ زِيَادٍ وَأَنْ يَلِيَنِي أَصْحَابِي فَأَرْسَلُوا إلَى عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو ، وَأَبِي بَرْزَةَ وَأُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَمَا زَادُوا عَلَى أَنْ كَفُّوا أَكِمَّتَهُم وَجَعَلُوا مَا فَضَلَ منْ قُمُصِهِمْ فِي حُجَزِهِمْ ، فَلَمَّا فَرَغُوا لَمْ يَزِيدُوا عَلَى الْوُضُوءِ.

 

في إسناده خزاعي بن زياد وهو مجهول الحال، لا أعلم له توثيقا يعتد به، ولا أدري أدرك ذلك من جده أم لا. [لكن يشهد له السابق_لؤي].

 

11265- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ.

 

صالح بن التوأمة مختلف فيه، قال بعضهم لا يحتج به لاختلاطه، إلا أن ابم عين ذكر أن رواية ابن أبي ذئب عنه قبل اختلاطه، ورد ذلك البخاري فقال: ما أرى أنه سمع منه قديمًا، يروي عنه مناكير، كما أورد الترمذي في علل الترمذي الكبير عند حديث رقم 537.

 

11263- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ غَسَّلاَ مَيِّتًا فَاغْتَسَلَ الَّذِي مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَتَوَضَّأَ الَّذِي مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ.

 

11266- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، أَنَّهُ كَانَ إذَا غَسَّلَ مَيِّتًا اغْتَسَلَ.

 

وروى عبد الرزاق:

 

6101 - عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء قال سئل بن عباس أعلى من غسل ميتا غسل قال لا قد إذن نجسوا صاحبهم ولكن وضوء

 

ليس في رواية ابن أبي شيبة ذكر ابن عباس للوضوء

 

6102 - عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن إبراهيم أنه سئل هل يغتسل من غسل الميت قال إن كان نجسا فاغتسلوا وإلا فإنما يكفي أحدكم الوضوء

 

ليس في رواية ابن أبي شيبة ذكر إبراهيم النخعي للوضوء

 

6103 - عبد الرزاق عن هشام بن حسان عن بكر بن عبد الله المزني قال أخبرني علقمة المزني قال غسل أباك أربع من أصحاب الشجرة فما زادوا على أن احتجزوا على ثيابهم فلما فرغوا توضؤوا وصلوا عليه قال وسمعت أبا الشعثاء يقول ألا تتقون الله تغتسلون من موتاكم أأنجاس هم

 

6107 - عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال إذا غسلت الميت فأصابك منه أذى فاغتسل وإلا إنما يكفيك الوضوء

 

أخرجه البيهقي في الكبرى 1/ 306 من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن العمري.

 

ومن آراء من قالوا بعدم الغسل بعد تغسيل جثة الميت، قال البخاري في صحيحه:

 

بَاب غُسْلِ الْمَيِّتِ وَوُضُوئِهِ بِالْمَاءِ وَالسَّدْرِ وَحَنَّطَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَلَهُ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الْمُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا وَقَالَ سَعِيدٌ لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسِسْتُهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

11246- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لاَ تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِنَجِسٍ حَيًّا ، وَلاَ مَيِّتًا.

 

صحيح

 

11248- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لاَ تُنَجِّسُوا مَيِّتُكُمْ يَعْنِي لَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ.

 

يشهد له الإسناد السابق

 

11251- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنِ الْجَعْدِ ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ أُوذِنَ سَعْدٌ بِجِنَازَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ، وَهُوَ بِالْبَقِيعِ فَجَاءَ فَغَسَّلَهُ وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ ، ثُمَّ أَتَى دَارِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ قَالَ : إنِّي لَمْ أَغْتَسِلْ مِنْ غُسْلِهِ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا مَا غَسَّلْتُهُ وَلَكِنِّي اغْتَسَلْت مِنَ الْحَرِّ.

 

صحيح

 

11253- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ ، عَنْ مُعَاذَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَلَى الَّذِي يُغَسِّلُ الْمُتَوَفِّينَ غُسْلٌ ؟ قَالَتْ : لاَ.

 

إسناده لا بأس به

 

11256- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَفَّنَ مَيِّتًا وَحَنَّطَهُ ، وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً.

 

صحيح

 

11250- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : سُئِلَ عَبْدُ اللهِ عَنِ الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ ، فَقَالَ : إِنْ كَانَ صَاحِبُكُمْ نَجِسًا فَاغْتَسِلُوا مِنْهُ.

مرسل منقطع، إبراهيم النخعي لم يدرك عبد الله بن مسعود، وقد اختلفوا في قبول مراسيل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود خاصةً.

 

11257- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ إِنْ كَانَ صَاحِبُكُمْ نَجِسًا فَاغْتَسَلُوا مِنْهُ.

 

11258- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ إِنْ كَانَ صَاحِبُكُمْ نَجِسًا فَاغْتَسَلُوا مِنْهُ.

 

وروى عبد الرزاق:

 

6105 - عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن بن مسعود وعائشة كانا لا يريان على من غسل ميتا غسلا وقالا إن كان صاحبكم نجسا فاغتسلوا

 

6106 - عبد الرزاق عن الثوري عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير قال سألت بن عمر أغتسل من الميت قال أمؤمن هو قلت أرجو قال فتمسح من المؤمن ولا تغتسل منه

 

وأخرجه البيهقي في الكبرى1/ 306 من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير ولفظه في آخره: فتمسح بالمؤمن ما استطعت.

 

يفهم من هذا السابق أنه يغتسل من غسل جثة غير المسلم فقط لأن بعض المسلمين اعتبروا غيرهم أنجاسًا! وورد نحوه عن علي بن أبي طالب عن محمد لما دفن علي أباه وهو عم محمد. وكما لك أن تتوقع لا وجود لهذا الحديث عند الشيعة لتقديسهم لأسرة محمد.

 

6115 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع أن بن عمر حنط سعيد بن زيد ثم صلى عليه وحمله ثم دخل المسجد يصلي ولم يتوضأ وبه يأخذ عبد الرزاق

 

أخرجه البيهقي في الكبرى1/ 307 من حديث شعيب قال قال نافع،وأخرجه ابن أبي شيبة4/ 94 بمعناه عن طريق هشام عن أبيه عن ابن عمر.

 

6116 - أخبرنا عبد الرزاق عن مالك عن نافع أن بن عمر حنط سعيد بن زيد وحمله ثم دخل المسجد يصلي ولم يتوضأ

 

فكما ترى بعض الأحاديث قالت بوجوب اغتسال من غسل جثة ميت والوضوء على من حملها أو حمل النعش في الجنازة، واختلف الصحابة على الغسل والوضوء أم الوضوء فقط أم عدم فعل أي من ذلك. وقد حاول اللاحقون التهرب من هذا الحديث لتطور العقيدة والتصورات البشرية الإسلامية أعلى وأبعد من هذه الأفكار التابوهية الخرافية كما سنشرح مصدرها القديم، إن بعض صحب محمد قالوا بوجوب الاغتسال تبعًا للتقاليد القديمة الوثنية واليهودية والزردشتية، وقال آخرون من صحابته بوجوب الوضوء فقط كأه حكم تخفيفي رمزي لحكم الغسل، ورأى مالك والشافعي وأحمد استحباب الاغتسال وتحبيذه لا وجوبه وقال أحمد وإسحاق بوجوب الوضوء منه. من بعد عصر الصحابة وتابعيهم لم يعد أحد من الفقهاء يقول بوجوب الغسل من تغسيل الميت إلا فقهاءُ نادرون، وزعم كتبة كتب الفقه كما ترى من الهوامش أنه لا أحد من بعد الصحابة والتابعين قال بوجوب ذلك سوى ابن حزم الظاهري في كتابه المحلى بالآثار:

 

مَسْأَلَةٌ: وَحَمْلُ الْمَيِّتِ فِي نَعْشٍ أَوْ فِي غَيْرِهِ.

حدثنا عبد الله بن ربيع, حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الأَسَدِيُّ, حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ, حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ, حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ, حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهَا فَلْيَتَوَضَّأْ" . قال أبو محمد: " يَعْنِي الْجِنَازَةَ.

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ, عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِسْحَاقُ مَوْلَى زَائِدَةَ ثِقَةٌ مَدَنِيٌّ وَتَابِعِيٌّ, وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْكُوفِيُّ وَغَيْرُهُ, وَرَوَى, عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَرُوِّينَاهُ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ, عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كُنْت مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فِي جِنَازَةٍ, فَلَمَّا جِئْنَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ, فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْتَهُ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ لِي: أَمَا تَوَضَّأْتَ قُلْت: لاَ, فَقَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَنْ دُونَهُ مِنْ الْخُلَفَاءِ إذَا صَلَّى أَحَدُهُمْ عَلَى الْجِنَازَةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ تَوَضَّأَ, حَتَّى إنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَدْعُو بِالطَّشْتِ فَيَتَوَضَّأُ فِيهَا.

قال أبو محمد: " لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وُضُوءُهُمْ, رضي الله عنهم,, لإِنَّ الصَّلاَةَ عَلَى الْجِنَازَةِ حَدَثٌ, وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ إلاَّ إتْبَاعُ السُّنَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا, وَالسُّنَّةُ تَكْفِي. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَالِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ الَّتِي لَمْ يَقُلْهَا أَحَدٌ قَبْلَهُمْ كَثِيرًا, كَالأَبْوَابِ الَّتِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ بِبَابَيْنِ, وَكَنَقْضِ الْوُضُوءِ بِمِلْءِ الْفَمِ مِنْ الْقَلْسِ دُونَ مَا لاَ يَمْلَؤُهُ مِنْهُ, وَسَائِرُ الأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْهُمْ, لَمْ يَتَعَلَّقُوا فِيهَا بِقُرْآنٍ, وَلاَ سُنَّةٍ, وَلاَ بِقِيَاسٍ, وَلاَ بِقَوْلِ قَائِلٍ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

 

وفي باب القطع في الدراهم:

 

... قال أبو محمد رحمه الله: وروينا من طريق سعيد بن المسيب أنه قال : وددت أني رأيت الأيدي تقطع في قرض الدنانير والدراهم ؟ قال أبو محمد رحمه الله: معنى هذا : أنه كانت الدراهم يتعامل بها عددا دون وزن , فكان من عليه دراهم أو دنانير يقرض بالجلم من تدويرها , ثم يعطيها عددا , ويستفضل الذي قطع من ذلك.

قال أبو محمد رحمه الله: فهذا عمل ابن الزبير - وهو صاحب - لا يعرف له مخالف من الصحابة - رضي الله عنهم - والحنفيون يجعلون نزحه زمزم من زنجي وقع فيها حجة وإجماعا لا يجوز خلافه في نصر باطلهم , في أن الماء ينجسه ما وقع فيه - وإن لم يغيره - وليس في خبرهم : أن زمزم لم تكن تغيرت , ولعلها قد كانت تغيرت , ولعل الماء كان فيها قدر أقل من قلتين كما يقول الشافعي . وكيف , وقد صح أن المؤمن لا ينجس , وهم يحتجون بهذا , وإسقاطهم السنة الثابتة في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتا فليغتسل" فهم يحتجون بأن المؤمن لا ينجس حيث لا مدخل له فيه , وليس الغسل من غسل الميت تنجيسا من الميت , ولا كرامة , بل هو طاهر - إن كان مؤمنا - لكنها شريعة , كالغسل من الإيلاج - وإن كان كلا الفرجين طاهرا - وكالغسل من الاحتلام .

 

وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار:

 

2116 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ , سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَسُئِلَ عَنِ الْغُسْلِ، مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ , فَقَالَ: يُجْزِئُهُ الْوُضُوءُ.

 

2109 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ:  «وَأَوْلَى الْغُسْلِ عِنْدِي أَنْ يُعْمَلَ بَعْدَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، الْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ , وَلَا أُحِبُّ تَرْكَهُ بِحَالٍ» 2110 - ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ إِيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ أَنَّ فِيَ إِسْنَادِهِ رَجُلًا لَمْ أَقَعْ مِنْ مَعْرِفَةِ ثَبْتِ حَدِيثِهِ إِلَى يَوْمِي هَذَا عَلَى مَا يُقْنِعُنِي 2111 - فَإِنْ وَجَدْتُ مَنْ يُقْنِعُنِي مِنْ مَعْرِفَةِ ثَبْتِ حَدِيثِهِ أَوْجَبْتُهُ , وَأَوْجَبْتُ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الْمَيِّتِ مُفْضِيًا إِلَيْهِ , فَإِنَّهُمَا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ،

 

2112 - وَقَالَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقْوَ عِنْدِي أَنْ يُرْوَى عَنْ سُهَيْلٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَيُدْخِلَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ بَيْنَ أَبِي صَالِحٍ. وَبَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ , فَدُلَّ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،2113 - وَلَيْسَ مَعْرِفَتِي بِإِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ مِثْلَ مَعْرِفَتِي بِأَبِي صَالِحٍ , وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ ثِقَةً

 

2131 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا , وَأَبُو بَكْرٍ , وَأَبُو سَعِيدٍ , قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ , قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْهَيْثَمِ الثِّقَةِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنَّ أَبِي قَدْ مَاتَ قَالَ: «اذْهَبْ فَوَارِهِ»، قُلْتُ: إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا , قَالَ: «اذْهَبْ فَوَارِهِ». فَوَارَيْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ , قَالَ: «اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ»

 

2133 - وَنَاجِيَةُ بْنُ كَعْبٍ هَذَا , لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى عَنْهُ غَيْرَ أَبِي إِسْحَاقَ , قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ، 2134 - وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَضْعَفَ مِنْ ذَلِكَ،

 

2135 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ , قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ فَارِسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلِيٌّ: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ.

 

2136 - قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِّينَا تَرْكَ إِيجَابِ الْغُسْلِ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ , وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ

 

2137 - وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

 

 وقال ابن قدامة:

 

[مَسْأَلَة الْوُضُوء مِنْ غَسْل الْمَيِّت]

(268) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَغَسْلُ الْمَيِّتِ. اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ؛ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ بِوُجُوبِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْسُولُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا. وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَالنَّخَعِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَأْمُرَانِ غَاسِلَ الْمَيِّتِ بِالْوُضُوءِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَقَلُّ مَا فِيهِ الْوُضُوءُ. وَلَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا فِي الصَّحَابَةِ. وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ أَنْ تَقَعَ يَدُهُ عَلَى فَرْجِ الْمَيِّتِ، فَكَانَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ قَائِمًا مَقَامَ حَقِيقَتِهِ، كَمَا أُقِيمَ النَّوْمُ مَقَامَ الْحَدَثِ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ: لَا وُضُوءَ فِيهِ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ الشَّرْعِ. وَلَمْ يَرِدْ فِي هَذَا نَصٌّ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ. وَلِأَنَّهُ غَسْلُ آدَمِيٍّ. فَأَشْبَهَ غَسْلَ الْحَيِّ. وَمَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي هَذَا يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْإِيجَابِ؛ فَإِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي نَفْيَ الْوُجُوبِ، فَإِنَّهُ تَرَكَ الْعَمَلَ بِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ.

فَإِذَا لَمْ يُوجِبْ الْغَسْلَ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَأَنْ لَا يُوجِبَ الْوُضُوءَ بِقَوْلِهِ، مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ، أَوْلَى وَأَحْرَى.

 

وقال الشوكاني في نيل الأوطار:

 

باب الغسل من غسل الميت

متن:

 

بَابُ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ 317 - ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ } . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ مَاجَهْ الْوُضُوءَ ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد : هَذَا مَنْسُوخٌ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ مَنْ أَرَادَ حَمْلَهُ وَمُتَابَعَتَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ مِنْ أَجْلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ) . 

 

شرح:

 

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَفِيهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ . وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ ثَلَاثِ طُرُقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ . وَقَالَ الْبُخَارِيُّ الْأَشْبَهُ مَوْقُوفٌ . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : لَا يَصِحُّ فِي الْبَابِ شَيْءٌ وَهَكَذَا قَالَ الذَّهَبِيُّ فِيمَا حَكَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ : لَيْسَ فِيمَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ حَدِيثٌ صَحِيحٌ . وَقَالَ الذُّهْلِيُّ : لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا ثَابِتًا وَلَوْ ثَبَتَ لَلَزِمَنَا اسْتِعْمَالُهُ . وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ . قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ : لَا يَرْفَعُهُ الثِّقَاتُ إنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ . وَقَالَ الرَّافِعِيُّ : لَمْ يُصَحِّحْ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا مَرْفُوعًا . قَالَ الْحَافِظُ قَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ مُوَثَّقُونَ . وَقَدْ صَحَّحَ الْحَدِيثُ أَيْضًا ابْنُ حَزْمٍ ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ : إِسْحَاقُ مَوْلَى زَائِدَةٍ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَحَّحَ الْحَدِيثُ قَالَ وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِسْنَادُهَا حَسَنٌ إلَّا أَنَّ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو رَوَوْهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدِيثَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ : هُوَ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ أَسْوَأُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا ، فَإِنْكَارُ النَّوَوِيِّ عَلَى التِّرْمِذِيِّ تَحْسِينَهُ مُعْتَرَضٌ . قَالَ الذَّهَبِيُّ : هُوَ أَقْوَى مِنْ عِدَّةِ أَحَادِيثَ احْتَجَّ بِهَا الْفُقَهَاءُ . وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ وَالْبَيْهَقِيِّ ، وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ : لَا يَثْبُتُ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ خَرَّجَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِائَةً وَعِشْرِينَ طَرِيقًا . وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ وَالْوُضُوءِ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ ، وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَحَدِ قَوْلَيْ النَّاصِرِ وَالْإِمَامِيَّةِ أَنَّ مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِهَذَا الْحَدِيثِ . وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي ، وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعِتْرَةِ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَحَمَلُوا الْأَمْر عَلَى النَّدْبِ لِحَدِيثِ : { إنَّ مَيِّتَكُمْ يَمُوتُ طَاهِرًا فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ } أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ . وَلِحَدِيثِ { كُنَّا نُغَسِّلُ الْمَيِّتَ فَمِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ وَمِنَّا مَنْ لَا يَغْتَسِلُ } أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ ، وَصَحَّحَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْضًا إسْنَادَهُ . وَلِحَدِيثِ أَسْمَاءَ الْآتِي . وَقَالَ اللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ : لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ لِحَدِيثِ { لَا غُسْلَ عَلَيْكُمْ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَصَحَّحَ الْبَيْهَقِيُّ وَقْفَهُ وَقَالَ : لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ . وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ : { لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ يَنْجُسُ حَيًا وَلَا مَيِّتًا } ، إسْنَادُهُ صَحِيحٌ ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ ، وَوَرَدَ أَيْضًا مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ( لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ ) أَيْ لَا تَقُولُوا هُمْ نَجَسٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ { الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ } وَسَيَأْتِي حَدِيثُ أَسْمَاءَ وَهَذَا لَا يَقْصُر عَنْ صَرْفِ الْأَمْرِ عَنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ الْوُجُوبُ إلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ أَعْنِي الِاسْتِحْبَابَ يَكُونُ الْقَوْلُ بِذَلِكَ هُوَ الْحَقّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ بِوَجْهٍ مُسْتَحْسَنٍ . وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ : الْجَمْعُ حَاصِلٌ بِغَسْلِ الْأَيْدِي فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالِاغْتِسَالِ لَا يَتِمُّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ إلَّا بِغَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَمَا وَقَعَ مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْوُضُوءِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ فَمَجَازٌ لَا يَنْبَغِي حَمْلُ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ عَلَيْهِ بَلْ الْوَاجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ الْأَعَمُّ الْأَغْلَبُ ، وَلَكِنَّهُ يُمْكِنُ تَأْيِيدُهُ بِمَا سَلَفَ مِنْ حَدِيثِ : { فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ } . 318 - ( وَعَنْ مُصْعَبِ بْن شَيْبَةَ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { يُغْتَسَلُ مِنْ أَرْبَعٍ : مِنْ الْجُمُعَةِ ، وَالْجَنَابَةِ ، وَالْحِجَامَةِ ، وَغَسْلِ الْمَيِّتِ } . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ : إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ . وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ لَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَا بِالْحَافِظِ ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَمُصْعَبٌ الْمَذْكُورُ ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ ، وَصَحَّحَ الْحَدِيثَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ مَشْرُوعٌ لِهَذِهِ الْأَرْبَع . أَمَّا الْجُمُعَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ . وَأَمَّا الْجَنَابَةُ فَظَاهِرٌ . وَأَمَّا الْحِجَامَةُ فَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : ( الْغُسْلُ مِنْ الْحِجَامَةِ سُنَّةٌ وَإِنْ تَطَهَّرْتَ أَجْزَأَك ) وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيّ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى غَسْلِ مَحَاجِمِهِ } وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ مُقَاتِلٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ . وَأَمَّا غَسْلُ الْمَيِّتِ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا . 319 - ( وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ امْرَأَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ غَسَّلَتْ أَبَا بَكْرٍ حِينَ تُوُفِّيَ ثُمَّ خَرَجَتْ فَسَأَلَتْ مَنْ حَضَرَهَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَتْ : إنَّ هَذَا يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ وَأَنَا صَائِمَةٌ فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ غُسْلٍ قَالُوا : لَا . رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْهُ ) . الْحَدِيثُ هُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَضَعُفَتْ فَاسْتَعَانَتْ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَلَهُ شَوَاهِدُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَكُلُّهَا مَرَاسِيلُ وَهُوَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ دُونَ وُجُوبِهِ ، وَهُوَ أَيْضًا مِنْ الْقَرَائِنِ الصَّارِفَةِ عَنْ الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ غَايَةَ الْبَعْدِ أَنْ يَجْهَلَ أَهْلُ ذَلِكَ الْجَمْعِ الَّذِينَ هُمْ أَعْيَانُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاجِبًا مِنْ الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَعَلَّ الْحَاضِرِينَ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ جُلَّهُمْ وَأَجَلَّهُمْ ؛ لِأَنَّ مَوْتَ مِثْلِ أَبِي بَكْرٍ حَادِثٌ لَا يُظَنُّ بِأَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ الْمَوْجُودِينَ فِي الْمَدِينَةِ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ وَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَتَفَرَّقُوا كَمَا تَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدُ . 

 

أصل شعيرة الاغتسال بعد دفن الميت أو مسه عند اليهود والزردشتيين وغيرهم:

 

ما جاء في التوراة أن كل من مس أو حمل جثة ميتة أو كان متواجدًا في نفس الحجرة التي مات فيها الفقيد فيجب عليه الغسل

 

(4كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ وَهُوَ أَبْرَصُ أَوْ ذُو سَيْل، لاَ يَأْكُلْ مِنَ الأَقْدَاسِ حَتَّى يَطْهُرَ. وَمَنْ مَسَّ شَيْئًا نَجِسًا لِمَيْتٍ، أَوْ إِنْسَانٌ حَدَثَ مِنْهُ اضْطِجَاعُ زَرْعٍ، 5أَوْ إِنْسَانٌ مَسَّ دَبِيبًا يَتَنَجَّسُ بِهِ، أَوْ إِنْسَانًا يَتَنَجَّسُ بِهِ لِنَجَاسَةٍ فِيهِ، 6فَالَّذِي يَمَسُّ ذلِكَ يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ، وَلاَ يَأْكُلْ مِنَ الأَقْدَاسِ، بَلْ يَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ. 7فَمَتَى غَرَبَتِ الشَّمْسُ يَكُونُ طَاهِرًا، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنَ الأَقْدَاسِ لأَنَّهَا طَعَامُهُ.) اللاويين 22: 4-7

 

(9فَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: 10«كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيل قَائِلاً: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ أَوْ مِنْ أَجْيَالِكُمْ كَانَ نَجِسًا لِمَيْتٍ، أَوْ فِي سَفَرٍ بَعِيدٍ، فَلْيَعْمَلِ الْفِصْحَ لِلرَّبِّ. 11فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، فِي الْيَوْمِ الرَّابعَ عَشَرَ بَيْنَ الْعَشَاءَيْنِ يَعْمَلُونَهُ. عَلَى فَطِيرٍ وَمُرَارٍ يَأْكُلُونَهُ.) العدد9: 0-11

 

(11«مَنْ مَسَّ مَيْتًا مَيْتَةَ إِنْسَانٍ مَا، يَكُونُ نَجِسًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 12يَتَطَهَّرُ بِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ يَكُونُ طَاهِرًا. وَإِنْ لَمْ يَتَطَهَّرْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ لاَ يَكُونُ طَاهِرًا. 13كُلُّ مَنْ مَسَّ مَيْتًا مَيْتَةَ إِنْسَانٍ قَدْ مَاتَ وَلَمْ يَتَطَهَّرْ، يُنَجِّسُ مَسْكَنَ الرَّبِّ. فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ إِسْرَائِيلَ. لأَنَّ مَاءَ النَّجَاسَةِ لَمْ يُرَشَّ عَلَيْهَا تَكُونُ نَجِسَةً. نَجَاسَتُهَا لَمْ تَزَلْ فِيهَا.

14«هذِهِ هِيَ الشَّرِيعَةُ: إِذَا مَاتَ إِنْسَانٌ فِي خَيْمَةٍ، فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ الْخَيْمَةَ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ فِي الْخَيْمَةِ يَكُونُ نَجِسًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 15وَكُلُّ إِنَاءٍ مَفْتُوحٍ لَيْسَ عَلَيْهِ سِدَادٌ بِعِصَابَةٍ فَإِنَّهُ نَجِسٌ. 16وَكُلُّ مَنْ مَسَّ عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ قَتِيلاً بِالسَّيْفِ أَوْ مَيْتًا أَوْ عَظْمَ إِنْسَانٍ أَوْ قَبْرًا، يَكُونُ نَجِسًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 17فَيَأْخُذُونَ لِلنَّجِسِ مِنْ غُبَارِ حَرِيقِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ مَاءً حَيًّا فِي إِنَاءٍ. 18وَيَأْخُذُ رَجُلٌ طَاهِرٌ زُوفَا وَيَغْمِسُهَا فِي الْمَاءِ وَيَنْضِحُهُ عَلَى الْخَيْمَةِ، وَعَلَى جَمِيعِ الأَمْتِعَةِ وَعَلَى الأَنْفُسِ الَّذِينَ كَانُوا هُنَاكَ، وَعَلَى الَّذِي مَسَّ الْعَظْمَ أَوِ الْقَتِيلَ أَوِ الْمَيْتَ أَوِ الْقَبْرَ. 19يَنْضِحُ الطَّاهِرُ عَلَى النَّجِسِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَالْيَوْمِ السَّابعِ. وَيُطَهِّرُهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ، فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ بِمَاءٍ، فَيَكُونُ طَاهِرًا فِي الْمَسَاءِ. 20وَأَمَّا الإِنْسَانُ الَّذِي يَتَنَجَّسُ وَلاَ يَتَطَهَّرُ، فَتُبَادُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ لأَنَّهُ نَجَّسَ مَقْدِسَ الرَّبِّ. مَاءُ النَّجَاسَةِ لَمْ يُرَشَّ عَلَيْهِ. إِنَّهُ نَجِسٌ. 21فَتَكُونُ لَهُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً. وَالَّذِي رَشَّ مَاءَ النَّجَاسَةِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ، وَالَّذِي مَسَّ مَاءَ النَّجَاسَةِ يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَا مَسَّهُ النَّجِسُ يَتَنَجَّسُ، وَالنَّفْسُ الَّتِي تَمَسُّ تَكُونُ نَجِسَةً إِلَى الْمَسَاءِ».) العدد 19: 11-22

 

أما في الزردشتية فمن خلال قرائتي للترجمة العربية للأﭬستا ترجمة دكتُر خليل عبد الرحمن منذ فترة ألخص القول بدون تفصيل لمواضع النصوص بأن عندهم هناك فئة من الكهنة مخصصة للتعامل مع جثث الموتى ودفنها لدرجة أن هذه الفئة تكون معزولة عن باقي جماعة الزردشتيين، ولا يزال لهم بقية في إيران والهند، وكتابهم ينص على أن ممارستهم كانت تتضمن أن على من مس جثة إنسان أو غيره من الكائنات يجب عليه عمل اغتسال طقسيّ، ومن لم يقم به واكتُشِف أمره يتعرض للإعدام!

 

(1 إذا مات إنسان أو والدته فكم ستطول فترة حداد الابن على والده، والابنة على والدتها؟ كم تطول للتقي؟ وكم تطول للآثم؟

أجاب آهورامازدا: "يجب عليهم أن يظلوا ثلاثين يومًا [للأتقياء]، وستين يومًا [للآثمين]".

2 يا خالف العالم الدنيوي، أيها المقدس! كيف سأطهِّر المنزلَ؟

أجاب آهورامازدا: "يجب عليك أن تغسل جسدك ثلاثَ مراتٍ، تغسل ملابسك ثلاث مرات، تنشد الجات ثلاث مرات، تقدم القرابين لناري، تحزم باقات البارسمان، وتقدم القرابين للمياه الفاضلة، ثم يصير المنزل طاهرًا، وتستطيع إدخال الماء والنار وآميشا سـﭙينتا إليه يا زردشت سـﭙيتاما!") فارجارد 12: 1-2 (عن ترجمة د. عبد الرحمن وفريقه).

 

من فارجارد 8:

 

97- أيها الصادق وخالق العالم الدنيوي! هل يستطيع الرجلان أن يتطهرا بعد أن اصطدما بجثة في غابة في مكان موحش؟

‏98- أجاب آهورامازدا: يستطيعان يا زر ادشت الصالح!.

"وكيف؟"

‏"إذا كانت هذه الجثة قد مزقتها الطيور الجارحة والكلاب فليغسلا جسديهما ببول الثور ثلاثين مرة، ليغتسلا ثلاثين مرة، ليغتسلا اغتسالأ أساسيأ ثلاثين مرة"

‏99- وإذا لم تمزق الطيور الجارحة والكلاب الجثةَ فيجب عليهما أن يغسلا جسديهما خمسين مرة، أن يغتسلا خمسين مرة.

‏100- إذا اجتاز "هاترا" الأولى فعليه أن يركض أبعد من ذلك ليطلق صيحته عندما يلتقي بأي كائن مادي: "هنا اصطدمتُ بجسد ميت ولم أكن باحثأ عن تلك الأفكار، ‏باحثأ عن تلك الكلمات، باحثأ عن تلك الأفعال، فليكن مقررأ لي أن أتطهر.

وإذا ركض والتقى [بالناس] الأوائل [على الطريق] ولم يطهروه، فهم يتحملون ثلث [ذنب] عمله.

‏101- إذا اجتاز `"هاترا`" الثانية فعليه أن يركض أبعد من ذلك ليطلق صيحته عندما يلتقي بأي كائن مادي: "هنا اصطدمت بجسد ميت ولم أكن باحثأ عن تلك الأفكار، باحثأ عن تلك الكلمات،  ‏باحثأ عن تلك الأفعال، فليكن مقررأ لى أن أتطهر".

‏واذا ركض والتقى (بالناس) الأوائل (على الطريق) ولم يطهروه، فهم يتحملون نصف (ذنب) عمله.

 

...إلخ...

 

104 – "أيها الصادق، وخالق العالم المادي! إذا كان هناك ماء على هذه الطريق التي تتطلب عقابا "لأجل الماء"، فأي عقاب سيحدد له؟".

‏105-  أجاب آهور امازدا: "فليجلدوه أربعمئة ضربة سوط الخيل، أربعمئة (ضربة سوط) تجعله مطيعًا".

106 – "أيها الصادق وخالق العالم المادي! وإذا كان نباتا على هذه الطريق التي تتطلب عقوبة "من أجل النار"، فأي عقاب سيحدد له؟".

107- أجدث آهورامازدا: "فليجلدوه أربعمئة ضربة سوط الخيل» أربعمئة [ضربة سوط] تجعله مطيعأ. هذا هي كفارته، كفارة الصالح هنا، ولن تكفر لنزلاء بيت الكذب (جهنم)".

 

 

‏من فارجارد 9

 

‏ا - سأل زرادشت آهورامازدا: "أيها الروح الأكثر خيرأ، يا خالق العالم الدنيوي، أيها ‏المقدس! لمن سيلتجأ المتطهر هنا في الأسفل (على الأرض) لتطهير نفسه من نجاسة لمس الجثة؟".

­2- أجاب آهورامازدا: "يجب عليه أن يقصد رجلا تقيا يا زرادشت سبيتاما! (فهو) يعرف كيف يتحدث بصدق لأنه تعلم الكلمات المقدسة. ‏يعرف الأفضل عن طقوس الطهارة وفق قانون مازدا، ويجز هذا الرجل النباتات بمسافة تسع أبواع مربعة.

‏3- في ذلك الجزء من الأرض يقل الماء والنباتات، تكون التربة فيه أطهر وأجف، ‏وحيث يندر مرور الأغنام والثيران، ونار آهورامازدا، وباقات البارسمان المباركة، والمؤمن سواء أكان رجلا أم امرأة".

 

بعد ذلك يتناول النص في ترجمته العربية المنشورة طقسًا خرافيًّا معقدًا مرهقًا دون داعٍ للتخلص من الروح الشرير الخرافي دوروج والشياطين والأبالسة الخرافية التي أصابت أو حامت حول من مس جثة الميت ويتضمن طقسًا معقدًا بطلب الحماية من أهورامازدا وملائكته أو الآلهة الصغيرة المساعدة له، وطقس تابوهي معقد يتضمن حفر ثمان حفر وعدة أخاديد ومرور الذي مس الجثة عليها بجوار تلك الحفر بينما يردد الكاهن تعاويذه في مهزلة بدائية مضحكة ويرش عليه الماء ويقول النص بطريقة طقسية تكرارية أن بينما يرش الكاهن كل عضو ينزلق عن روح الشر حتى يرحل، ثم يجب عليه أن يظل تسع ليالٍ في بيته لا يخرج منه ضمن الطقس! والطقس مذكور له تكاليف عالية. ومن لا يتلزم بالدفع للكاهن لأجل هذه السخافة ويكتفي بغسل يديه أو الاستحمام يتعرض للإعدام:

 

38- يجب عليك أن تطهر كاهنًا لأجل بركة العدل.

‏تطهر مالك مقاطعة مقابل جمل عالي القيمة.

تطهر مالك بلدة مقابل فحل عال القيمة.

‏تطهر مالك قصبة مقابل ثور عالي القيمة.

‏تطهر سيد المنزل مقابل بقرة عمرها ثلاث سنوات. 38- تطهر زوجة سيد المنزل مقابل بقرة للحراثة. تطهر عبيدا مقابل بقرة تستخدم لجر الأثقال.

تطهر صبيا مقابل حَمَل صغير.

39- يجب أن يمنح عباد مازدا هذه الأثمان للرجل الذي طهّرهم إن استطاعوا ذلك، وإن لم يستطيعوا فيجب منحه أي شيء يجعله راضيا وسعيدا عندما يغادر منازلهم.

40 ‏- وإذا غادر منازلهم مستاء وغاضبا تعود دروج ناسو فتهجم على المتطهر من أنف [الميت]، من عينه، من لسانه وفكيه، ومن أعضائه التناسلية وأطرافه الخلفية.

‏41- وتستولي دروج ناسو عليه حتى نهاية أظفاره، فيصير منذ تلك اللحظة فصاعدا نجسا إلى أبد الأبدين. إن الشمس تتألم يا زر ادشت سبيتاما وهي تشع على رجل دنسه الميت وكذلك يتألم القمر والنجوم.

42- وهي تبتهج يا زرادشت سبيتاما بالرجل الذي يطهر نفسه من نجاسة الجثة، إنه يبهج النار، المياه والأرض، يبهج البقر، النباتات والمؤمن رجلا كان أو امرأة.

‏43- سأل زرادشت آهورامازدا: "يا خالق العالم الدنيوي، أيما المقدس أنت! ما هو جزاء من يخلص الرجل المدنس بجثة، عندما تكون روحه قد فارقت جسده؟".

44-أجاب آهور امازدا: "بشر هذا الرجل بالجنة كمكافأة له في العالم الآخر".

45- ‏سأل زر ادشت آهور امازدا: "يا خالق العالم الدنيوي، أيما المقدس! كيف لي أن أحارب دروج التي تندفع مهاجِمةً من الميت إلى الحي؟ كيف أقاتل ضد الجثة تلك التي تدنس الحي من الميت؟".

‏46- أجاب آهورامازدا: "رتل تلك الكلمات من الجات مرتين وبصوت عالٍ. رتل تلك الكلمات من الجات ثلاث مرات وبصوت عال. رتل تلك الكلمات من الجات أربع مرات وبصوت عال، فتطير دروج ناسو بعيدأ كالسهم المرمي بشدة.

 

47- يا خالق العالم الدنيوي، أيها المقدس! إذا رش إنسانٌ نفسَه، ‏وهو لا يعرف طقوس الطهارة وفق قانون مازدا، فكيف أستطع أن أحارب الدروج التي تندفع مهاجمة من الميت إلى الحي؟ كيف لي أن أقاتل الجثة التي تدنس الحي من الميت؟.

48- أجاب آهورامازدا: "عندها يا زرادشت سبيتاما ستظهر دروج ناسو لتتعاظم وتتقوى أكثر من السابق، وستكون الأمراض، الموت والبلايا أشد من ذي قبل".

49- يا خالق العالم الدنيوي، أيها المقدس! ما هو جزاؤه؟.

‏أجاب آهورامازدا: "يجب على عباد مازدا أن يقيدوا يديه أولًا،  يجردوه من ثيابه، يقطعوا رأسه، ويتركوا جثته للطيور الجارحة قائلين هذه الكلمات: إن هذا الرجل يندم على جميع أفكاره، كلماته وأفعاله الشريرة".

5-فإن كان قد ارتكب أعمالا شريرة أخرى تكون مغفورة بندامته، وإن لم يرتكب أعمالا شريرة أخرى تقدر ندامته إلى أبد الآبدين.

51- من هو ذاك يا آهورامازدا الذي يهدد بإقصاء الكمال والوفرة من العالم ويجلب المرض والموت؟.

52- أجاب آهور امازدا: "إنه الشرير (الكافر) آيشما، يا زر ادشت سبيتاما! الذي يتطهر في هذا العالم الدنيوي المدنس دون أن يعرف طقوس الطهارة وفق قانون مازدا.

‏53- وإلى ذلك الوقت_يا زرادشت سبيتاما_ لم يأت من هذا المكان ومن هذا البلد سوى العسل، الخصب، الصحة، العافية، الكمال، الوفرة، النماء والكلأ"؟

 

يبدو أن نهج السلفيين للتربح وإقصاء أي معترض على تربحهم واستغلالهم بالقتل والإرهاب قديم وكان موجودًا في أديان أخرى غير الإسلام واليهودية والعنصرية. فهذه طقوس خرافية لا لزوم لها مفروضة بالإجبار ومقابل مال وثروة على قدماء الفرس لأجل خرافات وترهات، وطبعًا كان القدماء يصدقون تابوهات كهذه وأن عدم الالتزام بها سيسبب الفقر والمجاعة والأمراض والحروب للدولة والشعب، تمامًا مثلما يصدق المسلمون وغيرهم اليوم خرافات مشابهة من نوعية (الصلاة والطاعة مفتاح للرزق) (المعصية تسبب الفقر) (يرتفع الغلاء إذا تحجبت النساء) وهي ترهات وهراء محله ومكانه القمامة.

 

وللاطلاع أكثر على طقوس التطهر من لمس الجثث أو موتها في المنزل حسب الديانة الزردشتية راجع فارجارد 6 و7 و8 إلى 10 وفي هذه النصوص كذلك تحريم دفن وحرق الجثث لتقديسهم الأرض والنار، ووضعها من خلال كهنة مخصصين فقط على الأبراج (الدخمات) لتأكلها النسور والغربان والحدآت والطيور، وأنه في حالة تعذر ذلك لحلول فصل الشتاء وعدم وجود طيور توضع الجثث في مكان خاص معزول.

 

ويبدو أن هذا الطقس له علاقة بالخوف من الأرواح الشريرة الخرافية أو الأرواح التي لا تزال تهيم حسب تصوراتهم ولم ترحل بعد إلى مملكة الموتى الخرافية خشية أن تتسبب لهم بأذى وهي أفكار خرافية.

 

أما رأي الشيعة الاثناعشرية فكان بوجوب الغسل على أكثر الأقوال من كلام الأئمة في حين قال فقهاء قليلون بأنه على وجه الاستحباب لا الوجوب:

 

الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي ، عن عبدالله بن سنان ، عن ابي عبدالله عليه السلام قال : إن الغسل في أربعة عشر موطنا ، غسل الميت ، وغسل الجنب ، وغسل من غسل الميت ، وغسل الجمعة ، والعيدين ، ويوم عرفة ، وغسل الاحرام ، ودخول الكعبة ، ودخول المدينة ، ودخول الحرم ، والزيارة ، وليلة تسع عشرة ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين من شهر رمضان.

بيان : لا خلاف في وجوب غسل الميت وغسل الجنب ، وغسل من غسل الميت هو غسل المس ويحمل على من مسه لا مطلقا وفيه دلالة على أن المقلب غاسل ، بل هو الغاسل والمشهور أن الصاب غاسل ، وتظهر الفائدة في النية وفي النذر وأشباهه والمشهور وجوبه ، وذهب السيد إلى الاستحباب والاشهر اقوى ، وغسل الجمعة والاحرام ، قيل فيهما بالوجوب ، والمشهور الاستحباب ، والباقية مستحبة إجماعا .

 

الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن ابيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : الغسل في سبعة عشر موطنا : ليلة سبع عشرة من شهر رمضان ، وهي ليلة التقاء الجمعين ليلة بدر ، وليلة تسع عشرة و فيها يكتب الوفد وفد السنة ، وليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي مات فيها أوصياء النبيين عليهم السلام ، وفيها رفع عيسى بن مريم وقبض موسى عليهما السلام ، وليلة ثلاث وعشرين ترجى فيها ليلة القدر .
وقال عبدالرحمان بن ابي عبدالله البصري : قال لي أبوعبدالله : اغتسل في ليلة أربعة وعشرين ، ما عليك ان تعمل في الليلتين جميعا .
رجع الحديث إلى محمد بن مسلم في الغسل : ويوم العيدين ، وإذا دخلت الحرمين ويوم تحرم ، ويوم الزيارة ، ويوم تدخل البيت ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، و غسل الميت ، وإذا غسلت ميتا أوكفنته أو مسسته بعد ما يبرد ، ويوم الجمعة ، وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل فاغتسل واقض الصلاة.


توضيح : لعل الغرض عد أغسال الرجال ، فلذا لم يذكر أغسال الدماء الثلاثة ، وربما كان الاقتصار على ذكر بعض الاغسال المسنونة لشدة الاهتمام بشأنها وإلا فهي تقرب من الستين كما ستعرف . ثم لا يخفى أن الاغسال التي تضمنها تسعة عشر فلعله عليه السلام عد الغسل في قوله يوم العيدين ، وإذا دخلت الحرمين غسلين لا أربعة ، أو أن غرضه عليه السلام تعداد الاغسال المسنونة ، فغسل الميت وغسل مسه غير داخلين في العدد ، وإن دخلا في الذكر أو أن يكون غسل ميتا أوكفنه أو مسه واحدا ، ولعله اظهر .

 

..... وظاهر الخبر لزوم الغسل بعد تكفين الميت ويمكن حمله على الاستحباب كما يظهر من غيره أيضا استحباب الغسل للمس بعد الغسل ، أو على ميت لم يغسل وإن تيمم فان الظاهر وجوب الغسل لمسه ، ولا يبعد هذا الحمل كثيرا بل مقابلته للتغسيل ربما يؤمي إلى ذلك ، وفي بعض النسخ بالواو فيكون ذكر التكفين استطرادا ، وعلى أكثر التقادير ذكر المس بعد ذلك تعميم بعد التخصيص ، ويفهم من بعض الاصحاب حمله على ما بعد الغسل استحبابا وهو بعيد جدا ، وربما يستأنس للسيد بأن عد غسل المس في سياق الاغسال المندوبة ، يدل على استحبابه ، وغسل الميت ليس من أغسال الاحياء وفيه نظر .

 

كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن رجل مس ميتا عليه الغسل ؟ قال : إن كان الميت لم يبرد فلا غسل عليه ، وإن كان قد برد فعليه الغسل إذا مسه.

 

الخصال : عن أحمد بن محمد بن هثيم وأحمد بن الحسن القطان ومحمد ابن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم المكتب وعبدالله بن محمد الصائغ وعلي ابن عبدالله الرواق جميعا عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب عن تميم بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن الصادق عليه السلام في خبر طويل قال : الاغسال منها غسل الجنابة ، والحيض ، وغسل الميت ، وغسل من مس الميت بعد ما يبرد ، وغسل من غسل الميت ، وغسل يوم الجمعة ، وغسل العيدين ، وغسل دخول مكة ، وغسل دخول المدينة ، وغسل الزيارة ، وغسل الاحرام ، وغسل يوم عرفة ، وغسل ليلة سبع عشرة من شهر رمضان ، وغسل ليلة تسع عشرة من شهر رمضان ، وغسل ليلة إحدى وعشرين منه ، وليلة ثلاث و عشرين منه ، أما الفرض فغسل الجنابة وغسل الجنابة والحيض واحد ( 1 ) .
بيان : " وغسل من غسل الميت " تخصيص بعد التعميم إن حملناه على الغسل بعده ، ويحتمل أن يكون المراد استحباب الغسل لتغسيل الميت قبله ، كما عرفت ، بل هو الظاهر للمقابلة ، والمراد بالفرض ما ظهر وجوبه من القرآن .

 

فقه الرضا : قال عليه السلام : متى مسست ميتا قبل الغسل بحرارته فلا غسل عليك ، فان مسست بعد ما برد فعليك الغسل ، وإن مسست شيئا من جسد من أكله السبع فعليك الغسل ، إن كان فيما مسست عظم ، وما لم يكن فيه عظم فلا غسل عليك في مسه ، وإن مسست ميتة فاغسل يديك ، وليس عليك غسل ، إنما يجب عليك ذلك في الانسان وحده

 

تقريب قال الكراجكي رحمه الله في كنز الفوائد : ذكر شيخنا المفيد في كتاب الاشراف : رجل اجتمع عليه عشرون غسلا فرض ، وسنة ، ومستحب أجزأه عن جميعها غسل واحد ، هذا رجل احتلم وأجنب نفسه بانزال الماء ، وجامع في الفرج وغسل ميتا ، ومس آخر بعد برده بالموت قبل تغسيله ، ودخل المدينة لزيارة رسول الله صلى الله عليه وآله وأراد زيارة الائمة عليهم السلام هنا ، وادرك فجر يوم العيد .
وكان يوم جمعة وأراد قضاء غسل يوم عرفة ، وعزم على صلاة الحاجة ، واراد أن يقضي صلاة الكسوف وكان عليه في يومه بعينه صلاة ركعتين بغسل ، واراد التوبة من كبيرة على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله ، واراد صلاة الاستخارة ، وحضرت صلاة الاستسقاء ، ونظر إلى مصلوب ، وقتل وزغة ، وقصد إلى المباهلة ، وأهرق عليه ماء غالب النجاسة انتهى .
أقول : في عد الاخير في الاغسال تمحل ، ويظهر منه استحباب قضاء غسل عرفة ، ولم نقف له على مستند .

 

فقه الرضا : قال عليه السلام : ..... وإذا أردت ان تغسل ميتا وأنت جنب فتوضأ للصلاة ، ثم اغسله ، فاذا أردت الجماع بعد غسلك الميت من قبل أن تغتسل من غسله فتوضأ ثم جامع .........

 

في الكافي والتهذيب (1) عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته ، عن الجنب يغسل الميت أو من غسل ميتا له أن يأتي أهله ، ثم يغتسل ؟ فقال : سواء لا بأس بذلك ، إذا كان جنبا غسل يده وتوضأ وغسل الميت ، وإن غسل ميتا توضأ ثم أتى أهله ، ويجزيه غسل واحد لهما .
ولا يخفى أن ظاهر الخبر استحباب الوضوء لمريد غسل الميت إذا كان جنبا ولمن عليه غسل المس إذا أراد الجماع قبله ، وإن لم يكن جنبا كما يدل عليه عبارة الفقيه والفقه .
وقال السيد في المدارك في سياق ما يستحب من الوضوء : وجماع عاسل الميت ولما يغتسل ، إذا كان الغاسل جنبا وتبعه بعض من تأخر عنه ، ولا يخفى ما فيه من الغفلة ، ويدل على جواز مباشرة الجنب غسل الميت ، ومنع الجعفي من مباشرة الجنب والحائض للغسل كما ذكره في الدروس ، وقال : وهو نادر .

_____________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 3 ص 250 ، التهذيب ج 1 ص 127 .

 

أما الإباضية فأخذوا كذلك بالرأي القائل بعدم الاغتسال بعد غسل الميت، جاء في (غاية المطلوب في الأثر المنسوب) من تأليف عامر بن خميس مسعود المالكي العماني الإباضي:

 

...قال عمر بن المفضل يتوضأ من مس كل ميت فقيل ذلك لهاشم بن عيلان فقال رأيت عبد الله بن نافع وهو يحشوا فم بن أبي قيس بالنفك وقد فغر فاه ثم قام وصلى ولم يتوضأ

 وقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ): مس الميت ينقض الطهارة.

 

...وقد روى عن عبد الله عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن الغسل من غسل الميت فقال ( صلى الله عليه وسلم ) لا تنجسوا موتاكم فإن المؤمن لا ينجس وعن معاذ قال سألت عائشة عن الذين يغسلون الميت هل عليهم غسل قالت لا وروى أن ابن عمر كفن ميتا وحنطه ولم يمس ماء وروى أن سعد بن أبي وقاص غسل سعيد بن زيد ثم اغتسل وقال أما والله ما اغتسلت من أجله ولكني وجدت حرا وعن عبد الله أنه سأل عمن يغسل الميت أيغتسل؟ فقال: أن كان صاحبكم نجسا فاغتسلوا منه. خالد بن الحواري رجل من الحبشة وكان من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أتى أهله فلما حضره الموت فقال اغسلوني غسلين غسل للجنابة وغسلا للموت. ولم يوجب جابر بن زيد رحمه الله على غاسل الميت نقض طهارة وقال المسلم أطهر من أن يغتسل من طهوره....

 

معظم اقتباساتهم هنا _عدا الأخير وهو عن إمام مذهبهم الرئيسي المؤسس جابر بن زيد الأزدي العماني اليحمدي الجوفي البصري، وهو ليس جابر بن زيد الصحابي، بل آخر صحب ابن عباس_من كتب السنة والتي عرضناها من قبل، لأنهم لا يجدون مشكلة في استعمالها وهي من مصادرهم، عدا تحفظهم على أحاديث فيها.

 

وفي المدونة الصغرى لأبي غانم الخرساني ج1:

 

وسألته: أيغتسل الذي غسل الميت إذا فرغ من غسله؟.

قال: لا؛ وقد سمعت أبا عبيدة يقول: ليس عليه من غسل الميت المسلم غسل إلا أن يكون مس منه قذراً، فليتوضأ وضوءه للصلاة.

قال: وقال أبو عبيدة: لسنا بأنجاس أحياء ولا أمواتاً.

قال: وقال عبدالله بن عبدالعزيز: بلغنا عن ابن مسعود أنه قال: إن علم أن بصاحبه نجساً فليغتسل منه.

قال: وكان علي بن أبي طالب يقول: الغسل أحب إليّ.

قال: وقال حاتم بن منصور: أي ذلك فعلت فحسن جميل؛ إن توضأت أو اغتسلت.

 

والمسؤول في الحوار السابق ما يفهم مما قبله هو أحد أئمتهم فقهائهم عبد الله بن عبد العزيز.

 

وفي شرح النيل للقطب أطفيش:

 

...وَقِيلَ: مَسُّ الْمَيِّتِ مَبْلُولًا أَوْ بِمَبْلُولٍ مُنَجِّسٌ، لَا يَابِسٌ بِيَابِسٍ، فَالْوُضُوءُ فَقَطْ، وَرُخِّصَ فِي عَظْمِ مُشْرِكٍ نَخِرٍ لَا وَدَكَ بِهِ.

.... وَلَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ وَلَمْ يَمَسَّ نَجَسًا، وَكَانَ بَعْضٌ يَتَوَضَّأُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا مَنْ تَوَضَّأَ لِلْمَيِّتِ، وَذَكَرَ نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ حَنَّطَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ مَسِّهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَفِي " الْأَثَرِ " قَالَ أَصْحَابُنَا: الْمَيِّتُ نَجَسٌ حَتَّى يُغَسَّلَ؛ وَقَالَ بَعْضُ مُخَالِفِيهِمْ: هُوَ طَاهِرٌ وَغُسْلُهُ تَعَبُّدٌ أَوْ تَنْظِيفٌ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا}، فَنَقُولُ حُلُولُ الْمَوْتِ فِيهِ لَا يُنْقَلُ حُكْمُهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الطَّهَارَةِ، وَلَمْ يُوجِبْ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ عَلَى غَاسِلِ الْمَيِّتِ نَقْضَ طَهَارَةٍ، وَقَالَ: إنَّ الْمُسْلِمَ أَطْهَرُ مِنْ أَنْ يُغْسَلَ مِنْ طَهُورِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا غُسْلَ عَلَى غَاسِلِ الْمَيِّتِ،

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ: عَلَيْهِ الْغُسْلُ،

وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ: إنَّ عَلَى غَاسِلِهِ الْوُضُوءَ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: يَتَوَضَّأُ غَاسِلُهُ إنْ لَمْ يَمَسَّ نَجَسًا وَلَا فَرْضًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُتَوَلًّى فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَإِلَّا انْتَقَضَ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَا نَقْضَ بِمَيِّتٍ مُوَافِقٍ أَوْ مُخَالِفٍ إلَّا بِمَسِّ عَوْرَتِهِ نَجَسٌ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ الطَّهَارَةُ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا فَلَا يُغْمَزْ بَطْنُهَا).

 

وفي معارج الآمال لنور الدين السالمي:

 

الْمَسأَلة الثالثة: في الغُسْل لِمن غسل الْمَيِّت:

ويَدُلُّ عَلَى أنَّه مسنون حديث عائشة أَنَّهَا سَمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الغُسْل مِن خَمسَة: مِنَ الْجَنَابَةِ، وَالْحِجَامَةِ، وَغسلِ يَوم الْجُمعَة، وغَسل الْمَيِّت، والغُسْل مِن مَاءِ الْحَمَّام».

ويدلُّ عَلَى ذَلِكَ أيضا مَا روي عن علي أَنَّهُ قال: لَمَّا مات أبو طالب أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: "إنَّ عمَّك الشيخ الضالّ قد مات. قال: «اذهَبْ فَوَارِ أَباكَ، ثُمَّ لاَ تُحْدِثَنَّ شَيئًا حَتَّى تَأتِينِي»، فواريته ثُمَّ جئته فأمرني فاغتسلت فدعا لِي".

وقد يقال: لا دليل في هذا الْحَدِيث لاحتمال أن يكون إِنَّمَا أمره بذَلِكَ تنظُّفا من مباشرة ميتة الْمُشرِك. ثُمَّ إنَّ الْمُستَدلَّ عَلَيْهِ إِنَّمَا هو الاغتسال لِمن غسل الْمَيِّت، والْحَدِيث إِنَّمَا هو في الاغتسال عن مواراة الْمُشرِك فلا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أصلا، وكفى بِحديث عائشة الْمتَقَدِّم دليلا عَلَى ذَلِكَ.

وقد يبحث فيه أيضا بأنَّ عائشة قالت: إِنَّمَا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغُسْل لِمن حصل له عرق من شدَّة الْحرِّ، وَإِلاَّ فهل هو إِلاَّ رجل أخذ عودا فحمله، وإنَّ ابن عباس قال: "إنَّ الْمؤمن لا ينجس بالْموت، فحسبكم غسل أيديكم إذا غسلتموه"، وَأَنَّهُ لَمَّا غسلت أسماء بنت عميس (امرأة أبي بكر) أبا بكر - رضي الله عنه - حين توفِّي خرجت فسألت من حضرها من الْمهاجرين، فقالت: إِنِّى صائمة، وإنَّ هذا يوم شديد البرد: فهل عليَّ من غسل؟ قالوا: لا.

ويُجَابُ: بأنَّ هذا كُلّه إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى رفع الوُجُوب بالغُسْل، ولا يَدُلُّ عَلَى رفع الاستحباب الْمَسنُون.

ونَحن نقول: إِنَّه مسنون لا واجب. وعَلَى هذا تُحمل مسائل الأثر التي منها: أنَّ الذين يغسلون الْمَيِّت لا يغتسلون ويتوضَّؤون وضوء الصلاة، أي: لا يَجب عَلَيْهِم ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَجب عَلَيْهِم إعادة الوضوء لِما تَقَدَّم أنَّ مسَّ الْمَيِّت ناقض للوضوء بالسنَّة.

وَمِنها: أنَّ من غسل الْمسلم لَيس عَلَيْهِ غسل؛ لأَنَّ الْمسلم أطهر من ذَلِكَ.

وَمِنها: أنَّ جابر بن زيد لَمْ يوجب عَلَى غاسل الْمَيِّت نقض طهارة، وقال: "الْمسلم أطهر من أن تَغسِل من طهوره".

 

ومقتضى مذهبه -رحمه الله تَعَالَى- أنَّ مسَّ الْمَيِّت لا ينقض الوضوء، وهو مذهب لبعضهم في مسِّ الولِيّ، وقد تَقَدَّم ذكره في نواقض الوضوء، وَاللهُ أَعلَم.

 

... الْفَرعُ الثاني: في نقض الْوُضُوء بالْميتة

واعلَم أنَّ الْميتة: إِمَّا أن تَكون ميتَة آدمي، أَو غَيْر آدمي؛ فإن كانت مِن غَيْر الآدمي فهي نَجسة اِتِّفَاقا. وإن كانت من الآدمي فإمَّا أن يَكُون الْميِّت مسلما أَو مشركا، فإن كَانَ مشركا فميتته نَجسة اِتِّفَاقا. وإن كَانَ مُسلما فإمَّا أن يَكُون وليًّا أو غَيْر وَلِي، فإن كَانَ غَيْر ولِي فهو نَجس عِندَ أَصحَابنَا -رحمهم الله تَعَالَى- حَتَّى يطهر.

وإن كَانَ ولِيًّا فَفيه قَولان: أحدهُما: أَنَّهُ طاهر ولَو لَمْ يَطهر، وأنَّ تطهيره عبادة شُرعت حقًّا له عَلَى الأحياء.

والْقَوْل الثاني: أَنَّهُ لا يطهر حَتَّى يطهر بِمنزلة غَيْره من أهل القبلة.

احتجَّ القائلون بطهارته بِما رُوِيَ عنه - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «الْمؤمِنُ لاَ يَنجُسُ حيًّا ولاَ مَيِّتًا»، والْمؤمن اسم يَختصُّ به الولِيّ دون غَيْره، فمن جهل حاله فحُكمه كَحُكم سَائِر أهل الإقرار.

احتجَّ القائلون بِأَنَّهُم لا يطهرون حَتَّى يطهروا بأنَّ حصول الْموت فيهم نقلهم عن حُكمهم الذي كَانُوا عَلَيهِ حَتَّى صاروا ميتة كغَيْرهم من أهل الإقرار، فلا يطهرون حَتَّى يطهروا لِحلول الْموت فيهم.

قال أبو مُحَمَّد: إن كَانَ الْخَبَر صَحيحا فَحلول الْموت فيه لا ينقل حُكمه عمَّا كَانَ عَلَيهِ قبل ذَلِكَ، وهَذَا اِعتِرَاض لا مَخلص منه إذا صحَّ الْخَبَر، وَالله أَعلَم.

واتَّفَقُوا عَلَى أنَّ مسَّ الْميتة مِن غَيْر الآدمي نَاقضة للوُضُوء إذا كانَت رطبة. واختَلَفُوا في مسها إذا كانت يابسة:

فقِيلَ: نَاقض للوُضُوء؛ لأَنَّ مسَّها نَاقض للوُضُوء بِخِلاَفِ سَائِر النجاسات.

وقِيلَ: لا ينقض مسّها يابسة، وليست هي بأشدّ من سَائِر النجاسات.

وينبغي أن يَكُون الْقَوْل في ميتة الْمشرك كالْقَوْل في ميتة البهائم لَكِنِّي لَمْ أجد في النقض بِمسِّ ميتته خِلاَفا مَنصوصا، إِلاَّ ما وجدته في عظام الْمشرك، فقِيلَ: لا بأس بِمسِّها إذا كانت يَابسة. وقِيلَ: إذا كانَت نَخِرة لا لَحم فيها ولاَ ودَك فلا بأس بذَلِكَ ولا تنقض، وَأَمَّا العظام الرطبَة فتنقض وُضُوء من مسَّها.

ثُمَّ وجدت في الأثر حكاية الْقَوْل بِأَنَّهُ إذا كانت الْميتة يابسة والرجل يابسا فلا بأس عَلَى وُضُوئه، مذكورة عقب حكاية الْخِلاَف في النقض بِمسِّ عظام الْمشرك، فهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنَّ الْخِلاَف شامل لِميتة الْمشرك وغَيْره، وَالله أَعلَم.

واختَلَفُوا في النقض بِمسِّ الْميِّت مِن أهل الإقرار:

فقِيلَ: إنَّ مسَّه نَاقض للوُضُوء، كَانَ وليًّا أو غَير ولِيّ. وقِيلَ: لانقض عَلَى من مسَّه بعد أن يَطهر وهو رطب أو يابس.

قال أبو مالك: فقد قِيلَ في مسِّ الولِيِّ إِنَّه لا ينقض وليس عَلَيهِ عمل. قال ابن مَحبُوب: هو ميت وإن كَانَ وليًّا.

وقال عمر بن الْمفضل: يتَوَضَّأ من مسَّ كُلّ ميِّت، فقِيلَ ذَلِكَ لِهاشم بن غيلان فَقَالَ: رَأيت عبد الله بن نافع وهو يَحشو فمَ ابن أبِي قيس بالنفك وقَد فَغَر فَاه، ثُمَّ صَلَّى ولَم يتَوَضَّأ.

قال أبو سَعِيد: لا غسل عَلَى مَن غسل ميِّتا، ولا مَعنَى يَدُلُّ عَلَيهِ.

قال أبو مُحَمَّد: كُلّ من مسَّ ميتة يابسة كانت أو رطبة، رطبا كَانَ أو يَابسا انتقضَ وضوؤه بالسُّنَّة.

قال أبو الْحَسَن: حجَّة مَن لا يرى النقض عَلَى من مسَّ الْميّت الْمؤمن قَول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : «الْمؤمنُ لاَ يَكُون نَجسًا»، وفي خبر: «لاَ يَنجسُ حَيًّا ولاَ مَيِّتا»، فَإِذَا لَمْ يَكن نَجسا لا ينقض.

وَحُجَّة من رَأَى النقض قوله - صلى الله عليه وسلم - : «مسُّ الْميِّت يَنقُض الطَّهَارَة»، فهو وإن لَمْ يكن نَجسا ينقض بالسُّنَّة. قال أبو مُحَمَّد: وليس في الْخَبَر بَعد أن يَغسِل أو قبل أن يَغسِل.

ومَن يَحكُم عَلَى الأخبار وادَّعى تَخصيصا فيها بغَيْر دَلِيل من كِتَاب أو سُنَّة أو إجماع، كَانَ قوله خارجا عن ثبوت الْحجَّة.

قالَ في الْمُصَنَّف: ولَيس في الْخَبَر التفرقَة بين ولِيٍّ وغَيْر ولِيّ، قَالَ: ولو جاز أن يَكُون الولِيُّ خارجا جاز أن تكون البهائم خارجة، فلمَّا ورد الْخَبَر عامًّا وجبَ إجراؤه عَلَى عمومه، والْمدَّعي لتخصيصه عَلَيهِ إقامة الدَّلِيل.

وحاصل كَلاَمهم: أنَّ مسَّ الْميِّت ناقض بالسُّنَّة الواردة في النقض بِمسِّه، كَانَ وليًّا أو غَيْر ولِيّ، طاهرا أو غَيْر طاهر، فلا يعارض بالْخَبَر الوارد عَن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : «الْمؤمنُ لا يَنجُسُ حيًّا ولاَ مَيّتًا»؛ لأَنَّ أغلبَ القائلين بنقضِ الْوُضُوء بِمسِّه لا يُعلِّلون ذَلِكَ النقض بِكونه نَجسا، وإِنَّمَا يَقُولونَ: إِنَّه ناقض بالسُّنَّة كما أنَّ الفرج طَاهر ومسّه ناقض للوُضُوء بالسُّنَّة، فكَذَلِكَ الْميّت وإن كَانَ طاهرا.

وَأَمَّا القائلون: بأنَّ الْميت الْمسلم نَجس حَتَّى يَطهر، فَإِنَّهم إِنَّمَا يعلِّلون نقض الْوُضُوء بِمسِّه بكونه نَجسا، فَإِذَا طهر لَمْ يَنقض مسّه لكونه طاهرا.

ويردُّ عَلَيهِم: أنَّ الْمؤمن لا يَنجسُ حيًّا ولا مَيِّتًا، وَمن قال بطَهَارَة الولِيّ ولو لَمْ يطهر دون غَيْره مِن أهل الإقرار، قَالَ: إنَّ مسَّه غَيْر ناقض لكونه طاهرا، وجعلوا مسَّ غَيْره ناقضا لكونه نَجسا حَتَّى يطهر.

فجُملَة الأقوال ثَلاَثة:

أحدها: أنَّ مسَّ الْميِّت نَاقض مُطلقا، طهر أو لَمْ يَطهر، وليًّا كَانَ أو غَيْر ولِيّ؛ لورود السُّنَّة بذَلِكَ.

وثانيها: أنَّ مسَّه قبل التطهير نَاقض، وبعده ليس بناقض؛ لكونه نَجسا قبل التطهير، طاهرا بَعد التطهير.

وثَالِثها: إن كَانَ وليًّا فَلا يَنقض مسُّه مُطلقا، طهر أو لَمْ يطهر؛ لأَنَّ الْمؤمنَ لا ينجس حيًّا ولا ميِّتا، وإن كَانَ غَيْر ولِيّ نقض مسّه قبل التطهير ولا ينقض بعده.

ولله العجبُ من الْقَوْل بنجاسَة الْميِّت الْمسلم قَبل التطهير وطهارته بعدَ ذَلِكَ، فَإِنَّه إن كَانَ نَجسا لِكونه ميتة، فالْميتة لا يطهِّرها الْمَاء؛ لِكونِها نَجسة لِذاتِها، كما لا يُطهّر ميتة الأَنعام وغَيْرها مِن الأموات، وإن كَانَ نَجسا لغَيْر ذَلِكَ فَلم يَقم عَلَى تَنجيسه دَلِيل، وقد كَانَ في حال الْحياة طاهرا إجْماعا لِحُكم الله فيه بالطَّهَارَة، فلاَ ينقل ذَلِكَ الْحُكم إِلاَّ دَلِيل يُصرِّح بنجاسته بعد الْموت.

أَمَّا مَشروعيَّة الغسل للميِّت فلا تَدُلُّ عَلَى نَجاسة؛ لأَنَّهُ إِنَّمَا شرع عبادة عَلَى الأحياء وحقًّا للأموات، كمَا شرع الغسل من الْجَنَابَة مع إجْماعهم عَلَى أنَّ بدن الْجُنُب طاهر، وكما شرع الاغتسال للجمعة عَلَى مَن كَانَ طاهرا أَيضًا، فلاَ يَدُلُّ مَشروعيَّة الاغتسال للميِّت عَلَى نَجاسته، فَينبغي أن لا يُختلف في طهارته، وَالله أَعلَم.

 

ومن التوثيقات لمراجع مقولات الإمام جابر بن زيد:

 

ولم يوجب جابر بن زيد على غاسل الميت نقض طهارة ، وقال : إن المسلم أطهر من أن يغسل من طهوره (1) .

 

(1) الكندي : بيان الشرع، ج16، ص203 . الكندي : المصنف، ج31، ص22 . اطفيش : شرح النيل، ج02، ص674 .

 

ومما جاء في بيان الشرع لمحمد الكندي:

 

مسألة: ومن غسل ميتا توضأ لحال مسه إياه وذلك على قول من رأى النقض في مس الميت، ومن كتاب الشرح، الذي ذكره من انتقاض وضوء من مس الأذى أو من مس الفرج إذا غسل المريض الجنب فهو كذلك، وأما من مس الجنب حيا أو ميتا فلا ينقض الطهارة على من مسها أو غسلهما، وقد قال أكثر أصحابنا: إن من غسل الميت أو مسه لغير غسل أن طهارته منتقضة، لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أوجب على من مس الميتة نقض الطهارة، والإنسان إذا مات فاسم ميتة يقع عليه.

مسألة: ومن جامع أبي محمد: واختلف الناس في حكم الميت هل هو نجس بعد الموت أو طاهر؟ فقال أصحابنا: نجس حتى يطهر، وقال بعض مخالفيهم: هو طاهر وغسله ليس يطهره لأنه نجس وإنما هو عبادة على الأحياء، روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا»، فإن كان الخبر صحيحا فحلول الموت فيه لا ينتقل حكمه عما كان عليه قبل ذلك والله أعلم.

مسألة: من الزيادة المضافة من الضياء: ومن مات على فراش أو وضع بعدما مات فلا يغسل بالماء ويستعمل وهو طاهر. رجع إلى كتاب بيان الشرع.

 

وأعتقد أن عموم عامة المسلمين سواءً سنة أم شيعة أم إباضية لا يأخذون بتشريع كهذا، لأن الأفكار البدائية كهذه انقرضت جدًّا، ولا أحسب أن أحدًا سيعمل بها بمدلولها على نجاسة الميت سوى قلة متعصبة قليلة جدًّا. وحتى اليهود لا أحسب أنه يعمل معظمهم بشيء كهذا سوى الحريديم أي المتعصبين والربيين ومن على شاكلتهم.

حديث تحريم جلد الميتة

 

هو حديثٌ حسنه الترمذي في جامعه وصححه الألباني وأحمد حمزة الزين وغيرهم لأن رجاله ثقات، وفيه شهادة شاهد من الصحابة أن من أواخر وصايا محمد لقبيلته في رسالة أرسلها لهم عدم استعمال جلد الميتة، وهو مخالف لكل فقه وأحاديث السنة الأخرى.

 

روى أحمد:

 

18780 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَابْنُ جَعْفَرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: " أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ: أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ ، وَلَا عَصَبٍ ".

 

قال حمزة أحمد الزين في تكملته لطبعة تحقيق أحمد شاكر للمسند (بسبب موت  أحمد شاكر بدون إكماله) برقم 18684: إسناده صحيح. وحسنه الترمذي في جامعه. وصحح كذلك الأحاديث المكررات له بعده في المسند.

قال محققو طبعة الرسالة: إسناده ضعيف، فيه عِلَّتان، أولاهما: الانقطاع، فقد قال البخاري في "تاريخه الكبير" 5/39: عبد الله. بن عكيم أدرك زمان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يعرف له سماع صحيح، ومثله قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" 5/121.   ثانيهما: الاضطراب، فقد اختلف فيه ألواناً، فرواه شعبة- كما في هذه الرواية والرواية الآتية برقم (18785) - عن الحكم: وهو ابن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم. / ورواه خالد الحذاء عن الحكم، واختلف عليه، فرواه عبد الوهَاب بن عبد المجيد الثقفي- كما في الرواية (18782) - عنه، عن الحكم، عن عبد الله ابن عكيم، ورواه عباد بن عباد المهلبي- كما في الرواية (18783) - عنه عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم، ورواه عبد الملك بن حميد ابن أبي غَنِيةَ- كما عند الطبراني في الأوسط (6712) و (6827) - عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن عبد الله بن عكيم، به. ورواه يزيد بن أبي مريم- كما عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2575) ، والطبري في "تهذيب الآثار" (1227) (مسند ابن عباس) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/468، وفي "شرح مشكل الآثار" (3241) ، وابن حبان (1279) ، والبيهقي في "السنن" 1/25- عن القاسم بن مخيمرة، عن عبد الله ابن عكيم قال: حدثنا مشيخة لنا من جهينة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب ... فذكر الحديث.  // ورواه شريك- كما في الرواية (18784) - عن هلال بن أبي حميد، عن عبد الله بن عكيم. // وقد أشار إلى اضطرابه الحازمي في "الاعتبار" ص39، فقال: كثير الاضطراب، ثم لا يقاوم حديث ميمونة في الصحة.   قلنا: يشير إلى حديث ميمونة الذي أخرجه البخاري (1493) ومسلم (363) (100) ، وسيأتي عند أحمد 6/329. ولفظه عند مسلم: تُصُدِّق على مولاةٍ لميمونة بشاة، فماتت، فمرَ بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "هلا أخذتم إهابها، فدبغتموه، فانتفعتم به" فقالوا: إنها ميتة، فقال: "إنما حُرِّمَ أكلها".   ومن ثَمَّ قال الترمذي في حديث عبد الله بن عكيم عقب الرواية (1729) : وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وقد روي هذا الحديث عن عبد الله ابن عكيم أنه قال: أتانا كتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل وفاته بشهرين. ثم قال الترمذي: وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لِما ذُكِرَ فيه: قبل وفاته بشهرين، وكان يقول: كان آخر أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده، حيث روى بعضهم، فقال: عن عبد الله بن عكيم، عن أشياخ لهم من جهينة. قلنا: ومع اضطرابه فقد حَسَنه الترمذي، فقال: هذا حديث حسن. وانظر "التلخيص الحبير" 1/ 47-48. وأخرجه الطيالسي (1293) ، وعبد الرزاق في "مصنفه" (202) ، وابن سعد 6/113، وأبو داود (4127) ، والنسائي في "المجتبى" 7/175 حديث رقم 4249، وفي "الكبرى" (4575) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/468 وفي "شرح مشكل الآثار" (3236) ، وابن حبان (1278) ، والطبراني في "الأوسط" (104) ، وابن عدي في "الكامل" 4/1374، وتمام في "فوائده" (143) ، والبيهقي في "السنن" 1/14، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/162-163، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/339، والمزي في "تهذيب الكمال" 15/320 من طرق عن شعبة، به. // وأخرجه ابن سعد 6/113، وعبد بن حميد في "المنتخب" (488) ، والطبراني في "الأوسط" (826) من طريق الأجلح بن عبيد، وابن أبي شيبة  8/502-503، والنسائي في "المجتبى" 7/175، وابن ماجه (3613) ، والطبري في "تهذيب الآثار" (مسند ابن عباس) (1226) من طريق منصور بن المعتمر، وابن أبي شيبة 8/503، والترمذي (1729) ، وابن ماجه (3613) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ا/468، وفي "شرح مشكل الآثار" (3238) ، والإسماعيلي في "معجمه" (97) من طريق سليمان بن أبي سليمان الشيباني، والترمذي (1729) من طريق الأعمش، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/468، وفي "شرح مشكل الآثار" (3237) من طريق عبد الملك بن أبي غَنيَّة، وابن حبان (1277) ، والطبراني في "الأوسط" (7638) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/199، من طريق أبان بن تغلب، والطبراني في "الأوسط" (826) من طريق أشعث بن سوار، و (2121) من طريق خالد بن كثير، و (2428) من طريق إبراهيم بن عثمان، و (5521) من طريق معاوية ابن ميسرة بن شريح، عشرتهم عن الحكم، به. وفيه: كتب إلينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو أتانا أو جاءنا كتاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.  وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (1228) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/108 من طريق زيد بن وهب، والطبري (1229) من طريق أبي إسحاق، والطبراني في "الأوسط" (7664) من طريق أبي فروة مسلم الجهني، و (9374) من طريق عبد الله بن عبيد الله الهاشمي، أربعتهم عن عبد الله بن عكيم، به. وفي رواية عبد الله الهاشمي: عن عبد الله بن عكيم قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكره. وسيأتي بالأرقام: (18782) و (18783) و (18784) و (18785) .

 

18782 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: " كَتَبَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ: " أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ ، وَلَا عَصَبٍ ".

 

قال حمزة أحمد الزين في تكملته لطبعة تحقيق أحمد شاكر للمسند (بسبب موت  أحمد شاكر بدون إكماله) برقم 18684: إسناده صحيح. وحسنه الترمذي في جامعه. وصحح كذلك الأحاديث المكررات له بعده في المسند.

قال محققو طبعة الرسالة: إسناده ضعيف، وقد بينا عِلَّتَيه برقم (18780) ، خالد: هو ابن مهران الحَذَّاء. وأخرجه أبو داود (4128) ، والبيهقي في "السنن" 1/15، وفي "معرفة السنن والآثار" (543) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/163، والحازمي في "الاعتبار" ص38 من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" -مسند ابن عباس- (1223) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن خالد الحذاء، به. ورواه غير الثقفي وعبد الوارث بن سعيد عن خالد الحذاء، فخالفوا فيه. فأخرجه الطبري (1224) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3240) من طريق المعتمر بن سليمان، عن خالد الحذاء، عن الحكم قال: أتينا عبد الله ابن عكيم، فدخل الأشياخ وجلست بالباب، فخرجوا، فأخبروني عن عبد الله ابن عكيم، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى جهينة، فذكر الحديث. وسيأتي في الرواية التالية (18783) من طريق عباد بن عباد، عن خالد الحذاء، عن الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم، قال: أتانا كتاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأرض جهينة... فذكره.

 

وروى الترمذي:

 

1729 - حدثنا محمد بن طريف الكوفي حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش والشيباني عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال: أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب

 قال أبو عيسى هذا حديث حسن ويروى عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ لهم هذا الحديث وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن عكيم أنه قال أتانا كتاب النبي صلى الله عليه و سلم قبل وفاته بشهرين قال وسمعت أحمد بن الحسن يقول كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين وكان يقول كان هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه و سلم ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده حيث روى بعضهم فقال عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ لهم من جهينة

 

صححه الألباني في الإرواء 38 والروض النضير 477 و478 وقيام رمضان/ المقدمة

 

ورواه أبو داوود:

 

4128 - حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم قال ثنا الثقفي عن خالد عن الحكم بن عتيبة أنه انطلق هو وناس معه إلى عبد الله بن عكيم رجل من جهينة قال الحكم فدخلوا وقعدت على الباب فخرجوا إلي فأخبروني أن عبد الله بن عكيم أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب

[ قال أبو داود إليه يذهب أحمد ]

 قال أبو داود قال النضر بن شميل يسمى إهابا ما لم يدبغ فإذا دبغ لايقال له إهاب إنما يسمى شنا وقربة .

 

 

قال الألباني: صحيح

 

التبرير السخيف للنضر بن شميل سأعلق عليه لاحقًا أدناه بعد إيراد كلام كتاب التخليص الحبير.

 

وبسبب كون إسناده رجالٌ ثقات فقد أحرجهم الأمر وأعلُّوه كالعادة بطريقتهم المضحكة باضطراب وتنوع أسانيده، وهل تخلو معظم أحاديثهم من ذلك، وعندما يكون هناك حديث يعجبهم فيه اضطرابات وتعدد أسانيد كهذا يقولون لك عبارات من نوع: من المزيد في متصل المسانيد، أو: فلعله كان يرويه مرة عن هذا بذلك الإسناد ومرة عن ذاك بإسناد آخر.

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

202 - عبد الرزاق عن عبد الله بن كثير عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في أرض جهينة وأنا غلام شاب ألا تستمتعوا من الميتة بشيء بإهاب ولا عصب

 

196 - عبد الرزاق عن بن جريج قال قلت لعطاء أيبيع الرجل جلود الضأن الميتة لم تدبغ قال ما أحب أن تأكل ثمنها وإن تدبغ

 

199 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرنا نافع مولى بن عمر عن القاسم بن محمد بن أبي بكر أن محمد بن الأشعث كلم عائشة في أن يتخذ لها لحافا من الفراء فقالت إنه ميتة ولست بلابسة شيئا من الميتة قال فنحن نصنع لك لحافا ندبغ وكرهت أن تلبس من الميتة

197 - عبد الرزاق عن معمر عمن سمع الحسن يقول في جلود الميتة طهورها دباغها قال وكان الحسن يقول ينتفع بها ولا تباع

 

وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ» .

 

إِسْنَادُهُ حَسَنٌ حسب رأي وقول ابن قدامة في المغني، لكن هناك رأيًا آخر لعلماء إسناد خزعبلي غير موضوعي آخرين في هذا الإسناد يمكننا اقتباسه: أبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس - رمي بالتدليس ولم يصرح هنا بالسماع. والحديث أخذته عن كتاب المغني لابن قدامة كما سيأتي أدناه، ولو أجده في فوائد أبي بكر الشافعي المعروف بالغيلانيات ولا في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، فلا أدري مصدره.

 

ماذا لو تصرفنا بطريقة ظريفة وقلنا يتقوى الحديث بمجموع طرقه والرواية السابقة شاهد يتقوى ويصح به، أو طبعًا لا يجوز ذلك، هذه طريقة يستعلمونها عندما يوجد حديث ما يحبونه ويريدون نشر تعاليمه حتى لو كان ملفقًا أو ضعيف الإسناد، لأن علم الإسناد غير موضوعي وخرافي وليس علمًا بل حسب الهوى، ولعل أشهر التصرفات القذرة لعلماء السنة خاصة السلفيين منهم هو نشر حديث الحث على ارتكاب جريمة خفاض أو ختان الإناث (البتر والتشويه التناسلي) رغم أن كل مروياته ضعيفة، ولنذكر منهم محمد حسان في مصر من ناشري الظلام والإجرام.

 

قارن مع الحديث المنسوخ الذي يعمل به المسلمون السنة خصوصًا، روى البخاري:


1492 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا قَالُوا إِنَّهَا مَيْتَةٌ قَالَ إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا

 

وروى الترمذي:

 

1727 - حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح قال سمعت ابن عباس يقول: ماتت شاة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأهلها ألا نزعتم جلدها ثم دبغتموه فاستمتعتم به

 

قال الألباني: صحيح

1728 - حدثنا قتيبة وحدثنا سفيان بن عيينة و عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أيما إهاب دبغ فقد ظهر والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم قالوا في جلود الميتة إذا دبغت فقد طهرت

 قال ابو عيسى قال الشافعي أيما إهاب ميتة دبغ فقد طهر إلا الكلب والخنزير واحتج بهذا الحديث وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وغيرهم أنهم كرهوا جلود السباع وإن دبغ وهو قول عبد الله بن المبارك و أحمد و إسحق وشددوا في لبسهما والصلاة فيهما قال إسحق بن إبراهيم يؤكل لحمه هكذا فسره النضر بن شميل وقال إسحق قال النضر بن شميل إنما يقال الإهاب لجلد ما يؤكل لحمه

 قال أبو عيسى وفي الباب عن سلمة بن المحبق و ميمونة و عائشة و حديث ابن عباس حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم نحو هذا وروي عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه و سلم وروى عنه عن سودة وسمعت محمدا يصحح حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم وحديث ابن عباس عن ميمونة وقال احتمل أن يكون روى ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه و سلم وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم ولم يذكر فيه عن ميمونة

 قال ابو عيسى والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك و الشافعي و أحمد و إسحق

 

قال الألباني: صحيح

 

وروى أبو داوود:

 

4120 - حدثنا مسدد ووهب بن بيان وعثمان بن أبي شيبة وابن أبي خلف قالوا ثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال مسدد ووهب عن ميمونة قالت: أهدي لمولاة لنا شاة من الصدقة فماتت فمر بها النبي صلى الله عليه و سلم فقال " ألا دبغتم إهابها واستمتعتم به " قالوا يا رسول الله إنها ميتة قال " إنما حرم أكلها " .

 

قال الألباني: صحيح. والإهاب هو الجلد ويجمع على الأهب.

 

4123 - حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " إذا دبغ الإهاب فقد طهر " .

 

قال الألباني: صحيح

 

4126 - حدثنا أحمد بن صالح ثنا ابن وهب أخبرني عمرو يعني ابن الحارث عن كثير بن فرقد عن عبد الله بن مالك بن حذافة حدثه عن أمه العالية بنت سبيع أنها قالت: كان لي غنم بأحد فوقع فيها الموت فدخلت على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك لها فقالت لي ميمونة لو أخذت جلودها فانتفعت بها فقالت أو يحل ذلك ؟ قالت نعم مر على رسول الله صلى الله عليه و سلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم " لو أخذتم إهابها " قالوا إنها ميتة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يطهرها الماء والقرظ "

 

القرظ شجر تدبغ به الأهب.

قال الألباني: صحيح. اهـ. ورواه النسائي في الكبرى 4574

 

ومما روى عبد الرزاق ولا نكرر ما أوردناه من الكتب الأخرى ووجد عنده:

 

189 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال حدثني غير عطاء أن النبي صلى الله عليه و سلم استوهب وضوء فقيل له ما نجد لك إلا في مسك ميتة قال أدبغتموه قالوا نعم قال هلم فإن ذلك طهور

 

190 - عبد الرزاق عن الثوري عن زيد بن أسلم قال حدثني عبد الرحمن بن وعلة عن بن عباس قال قلت له إنا نغزو أهل المشرق فنؤتى بالأهب بالأسقية قال ما أدري ما أقول لك إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول أيما إهاب دبغ فقد طهر

 

192 - عبد الرزاق عن الثوري عن بن أبي ليلى عن ثعلبة عن أبي وائل عن عمر أنه سئل عن ميتة فقال طهورها دباغها

 

194 - عبد الرزاق عن الثوري عن حماد عن إبراهيم قال سألته عن الرجل تكون له الإبل والبقر والغنم فتموت فتدبغ جلودها قال يبيعها أو يلبسها

 

198 - عبد الرزاق عن الثوري عن عيسى بن أبي عزة عن عامر الشعبي قال ذكاة الجلود دباغها فالبس

 

201 - عبد الرزاق عن بن جريج قال عطاء ما نستمتع من الميتة إلا بجلودها إذا دبغت فإن دباغها طهوره وذكاته

 

وغيرها من أحاديث وهي الأكثر عند السنة وعليها عملهم.

 

وجاء في التلخيص الحبير هكذا:

 

41 - (3) - حَدِيثُ: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ، وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالْأَرْبَعَةُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ (قَالَ) : «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ مَوْتِهِ: أَلَّا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد، قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، وَرِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَذْهَبُ إلَيْهِ وَيَقُولُ: هَذَا آخِرُ الْأَمْرِ، ثُمَّ تَرَكَهُ لَمَّا اضْطَرَبُوا فِي إسْنَادِهِ، حَيْثُ رَوَى بَعْضُهُمْ فَقَالَ: عَنْ ابْنِ عُكَيْمٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَقَالَ الْخَلَّالُ: لَمَّا رَأَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تَزَلْزُلَ الرُّوَاةِ فِيهِ، تَوَقَّفَ فِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: بَعْد أَنْ أَخَرَجَهَا: هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَوْهَمَتْ عَالِمًا مِنْ النَّاسِ، أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ شَهِدَ كِتَابَ رَسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قُرِئَ عَلَيْهِمْ فِي جُهَيْنَةَ، وَسَمِعَ مَشَايِخَ جُهَيْنَةَ يَقُولُونَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْخَبَرُ مُرْسَلٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ، عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ صُحْبَةٌ، وَإِنَّمَا رِوَايَتُهُ كِتَابَةٌ، وَأَغْرَبَ الْمَاوَرْدِيُّ فَزَعَمَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ، وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ سَنَةٌ، وَقَالَ صَاحِبُ الْإِمَامِ: تَضْعِيفُ مَنْ ضَعَّفَهُ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ، فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الضَّعْفُ عَلَى الِاضْطِرَابِ، نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ.

وَمِنْ الِاضْطِرَابِ فِيهِ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُبَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْهُ، وَلَفْظُهُ: جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ: «إنِّي كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي إهَابِ الْمَيْتَةِ وَعَصَبِهَا، فَلَا تَنْتَفِعُوا بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَتَابَعَهُ فَضَالَةُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ فَدَخَلُوا، وَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ، فَخَرَجُوا إلَيَّ، وَأَخْبَرُونِي: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ أَخْبَرَهُمْ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَا سَمِعَهُ مِنْ ابْن عُكَيْمِ، لَكِنْ إنْ وُجِدَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَن مِنْهُ، حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ ابْنُ شَاهِينَ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَفِيهِ عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ جَابِرٍ، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَزَمْعَةُ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَدْ تَكَلَّمَ الْحَازِمِيُّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ عَلَى الْحَدِيثِ فَشَفَى، وَمُحَصَّلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ عَنْهُ التَّعْلِيلُ بِالْإِرْسَالِ، وَهُوَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالِانْقِطَاعُ بِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، وَالِاضْطِرَابُ فِي سَنَدِهِ؛ فَإِنَّهُ تَارَةً قَالَ: عَنْ كِتَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَتَارَةً: عَنْ مَشْيَخَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ. وَتَارَةً: عَنْ مَنْ قَرَأَ الْكِتَابَ.

وَالِاضْطِرَابُ فِي الْمَتْنِ، فَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، وَمِنْهُمْ مِنْ رَوَاهُ بِقَيْدِ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالتَّرْجِيحُ بِالْمُعَارَضَةِ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى الدِّبَاغِ أَصَحُّ، وَالْقَوْلُ بِمُوجِبِهِ بِأَنَّ الْإِهَابَ اسْمُ الْجِلْدِ قَبْل الدِّبَاغِ، وَأَمَّا بَعْدَ الدِّبَاغِ فَيُسْمَى شَنًّا وَقِرْبَةً، حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، وَالْجَوْهَرِيِّ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ شَاهِينَ: لَمَّا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ وَجَاءَ قَوْلُهُ: " أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ " فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِالتَّخْصِيصِ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ جِلْدُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، فَإِنَّهُمَا لَا يُدْبَغَانِ، وَقِيلَ: مَحْمُولٌ عَلَى بَاطِنِ الْجِلْدِ فِي النَّهْيِ، وَعَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْإِبَاحَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

 

يعني تخبطات مضحكة لا نهائية، وأي بلاهة هذه التي تقول أن الإهاب وهو معروف في اللغة أن معناه الجلد كقولك (غض الإهاب) يعني شخص ناعم البشرة، إذا دُبِغ يصير شنًّا وقربة، هل ستصنع القربة نفسها بنفسها تلقائيًّا بمجرد دباغة الجلد؟! وكما ترى فابن حبان وضعه في صحيحه وعده من الصحاح وأحمد بن حنبل حكم به في فتواه لزمن طويل على الأقل. وحكم الشيخ الألباني بصحته.

 

هذا الحكم والتشريع إذن كان آخر أحكام محمد وفيه تشدد غير عاديّ بعدم استعمال جلود الحيوانات النافقة الهالكة قبل ذبحها، ولم أجد فتوى هوسية كهذه في حدود ما أعلم عند اليهود لا في الكتاب المقدس ولا في الكتابات الربينية للأحبار بمراجعة مادة الجِلد Leather في الموسوعة اليهودية The Jewish encyclopedia، ولم يعمل أحد من المسلمين السنة بحكم محمد الأخير هذا لشدة تشدده وتعنته وتضييقه على الناس، واستمروا على حكمه الأول المنسوخ متجاهلين لحديث إسناده صحيح.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[بَابُ الْآنِيَةِ] [مَسْأَلَةٌ نَجَاسَةُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ]

(73) مَسْأَلَةٌ، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَكُلُّ جِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ أَوْ لَمْ يُدْبَغْ فَهُوَ نَجِسٌ) لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِيهِ، وَأَمَّا بَعْدَ الدَّبْغِ فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ نَجِسٌ أَيْضًا، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ يَطْهُرُ مِنْهَا جِلْدُ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي حَالِ الْحَيَاةِ.

وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا هُوَ طَاهِرٌ فِي الْحَيَاةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ يَرَى طَهَارَةَ الْحَيَوَانَاتِ كُلِّهَا، إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ، فَيَطْهُرُ عِنْدَهُ كُلُّ جِلْدٍ إلَّا جِلْدَهُمَا. وَلَهُ فِي جِلْدِ الْآدَمِيِّ وَجْهَانِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَطْهُرُ كُلُّ جِلْدٍ بِالدَّبْغِ إلَّا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّهُ يَطْهُرُ كُلُّ جِلْدٍ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَمَذْهَبُ مَنْ حَكَمَ بِطَهَارَةِ الْحَيَوَانَاتِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَجَدَ شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنْ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟ قَالُوا: إنَّهَا مَيْتَةٌ. قَالَ: إنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا.» وَفِي لَفْظٍ: «أَلَا أَخَذُوا إهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا نَجُسَ بِاتِّصَالِ الدِّمَاءِ وَالرُّطُوبَاتِ بِهِ بِالْمَوْتِ، وَالدَّبْغُ يُزِيلُ ذَلِكَ، فَيَرْتَدُّ الْجِلْدُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ.

وَلَنَا مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ إلَى جُهَيْنَةَ إنِّي كُنْت رَخَّصْت لَكُمْ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ، فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِي هَذَا فَلَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، فِي " سُنَنِهِ "، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي " مُسْنَدِهِ " وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إسْنَادٌ جَيِّدٌ، يَرْوِيهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ. وَفِي لَفْظٍ: «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ» وَهُوَ نَاسِخٌ لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي آخِرِ عُمُرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَفْظُهُ دَالٌّ عَلَى سَبْقِ التَّرْخِيصِ، وَأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ، لِقَوْلِهِ " كُنْت رَخَّصْت لَكُمْ " وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُرْسَلٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كِتَابٍ لَا يُعْرَفُ حَامِلُهُ. قُلْنَا: كِتَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلَفْظِهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكْتُبْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَحَدٍ، وَقَدْ كَتَبَ إلَى مُلُوكِ الْأَطْرَافِ، وَإِلَى غَيْرِهِمْ فَلَزِمَتْهُمْ الْحُجَّةُ بِهِ، وَحَصَلَ لَهُ الْبَلَاغُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً لَمْ تَلْزَمْهُمْ الْإِجَابَةُ، وَلَا حَصَلَ بِهِ بَلَاغٌ، وَلَكَانَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَة؛ لِجَهْلِهِمْ بِحَامِلِ الْكِتَابِ وَعَدَالَتِهِ.

وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ» . وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَيْتَةِ، فَكَانَ مُحَرَّمًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] فَلَمْ يَطْهُرْ بِالدَّبْغِ كَاللَّحْمِ؛ وَلِأَنَّهُ حَرُمَ بِالْمَوْتِ، فَكَانَ نَجِسًا كَمَا قَبْلَ الدَّبْغِ.

وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ إنَّمَا نَجِسَ لِاتِّصَالِ الدِّمَاءِ وَالرُّطُوبَاتِ بِهِ، غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لِذَلِكَ لَمْ يَنْجُسْ ظَاهِرُ الْجِلْدِ، وَلَا مَا ذَكَّاهُ الْمَجُوسِيُّ وَالْوَثَنِيُّ، وَلَا مَا قُدَّ نِصْفَيْنِ، وَلَا مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ؛ لِعَدَمِ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ، وَلَوَجَبَ الْحُكْمُ بِنَجَاسَةِ الصَّيْدِ الَّذِي لَمْ تَنْسَفِحْ دِمَاؤُهُ وَرُطُوبَاتُهُ. ثُمَّ كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ يَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَالْعَظْمِ؟ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُطَهِّرُ جِلْدَ الْكَلْبِ وَهُوَ نَجِسٌ فِي الْحَيَاةِ.

(74) فَصْلٌ: هَلْ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْيَابِسَاتِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ؛ لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ» وَقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا أَخَذُوا إهَابَهَا فَانْتَفَعُوا بِهِ» .

وَفِي لَفْظٍ: «أَلَا أَخَذُوا إهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ؛» وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، لَمَّا فَتَحُوا فَارِسَ، انْتَفَعُوا بِسُرُوجِهِمْ وَأَسْلِحَتِهِمْ وَذَبَائِحُهُمْ مَيْتَةٌ؛ وَلِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، أَشْبَهَ الِاصْطِيَادَ بِالْكَلْبِ، وَرُكُوبَ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ.

[فَصْلٌ أَكْلُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدَّبْغِ]

(77) فَصْلٌ: وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ بَعْدَ الدَّبْغِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ: أَنَّهُ يَحِلُّ. وَهُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دِبَاغُ الْأَدِيمِ ذَكَاتُهُ» وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُفِيدُ الطَّهَارَةَ فِي الْجِلْدِ، فَأَبَاحَ الْأَكْلَ كَالذَّبْحِ، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] ، وَالْجِلْدُ مِنْهَا، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَيْتَةِ، فَحَرُمَ أَكْلُهُ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ إبَاحَةُ الْأَكْلِ، بِدَلِيلِ الْخَبَائِثِ مِمَّا لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ لَا يُسْمَعُ قِيَاسُهُمْ فِي تَرْكِ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (78) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِجَارَتُهُ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ فِي كُلِّ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهِ، سِوَى الْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُذَكَّى فِي غَيْرِ الْأَكْلِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ؛ لِأَنَّهُ نَجِسٌ، مُتَّفَقٌ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِهِ، فَأَشْبَهَ الْخِنْزِيرَ.

 

قول ابن قدامة في المذهب يعني مذهب أحمد بن حنبل وهو مذهبه الشخصيّ، وقال ابن قدامة أن هناك رواية فتوى عن أحمد وعن مالك قالت بحرمة استعمال جلود الميتة وهي فتوى مروية عن عدة صحابة ذكرهم كذلك، وواضح أن ابن قدامة كان يقول بتحريمها. وفي النهاية وقع الرجل في تناقض وتخبط لا حل له لأنه كما يقول المثل: كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟!...كيف سيلغي التناقض ويوفقه ونصوص محمد نفسها متناقضة.

 

أما الشيعة الاثناععشرية فبعض أئمتهم قالوا بتحريم جلد الميتة وآخرون أحلوا استعماله، نقتبس من بحار الأنوار:

 

6 - كتاب المسائل ( 3 ) لعلى بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميت ، هل يصلح الصلاة فيه قبل أن يغسله ؟ قال : ليس عليه غسله ، فليصل فيه فلا بأس .

__________________________________________
 ( 3 ) كتاب المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص 255 .

 
قال : وسألته عن الماشية تكون لرجل فيموت بعضها أيصلح له بيع جلودها ودباغها ويلبسها ؟ قال : لا ، وإن لبسها فلا يصلي فيها ( 1 ) .
بيان : الجواب الاول محمول على ما إذا كان الحمار والثوب يابسين ، أو على ما إذا وقع الثوب على شعره ، وأما قوله " وإن لبسها " ففيه إيهام لجواز اللبس في غير الصلاة ويمكن أن يجعل مؤيدا لمذهب ابن الجنيد ، حيث ذهب إلى أن الدباغ مطهر لجلد الميتة ، ولكن لا يجوز الصلاة فيه ، ونسب إلى الشلمغايي أيضا ( 2 ) بل ظاهر الصدوق في الفقيه أيضا ذلك ، لكن لم يصرح بالدباغ ولا يبعد حمل كلامه عليه ، والمشهور عدم جواز الاستعمال مطلقا وهو أحوط .

__________

( 1 ) المصدر نفسه ج 10 ص 264 .
( 2 ) قال في الكتاب التكليف المشهور بفقة الرضا ( ع ) ( ص 41 ) كل شئ حل أكل لحمه فلا بأس بلبس جده الذكى وصوفه وشعره ووبره وريشه وعظامه ، وان كان الصوف والوبر والشعر والريش من الميتة وغير الميتة بعد ما يكون مما أحل الله أكله فلا بأس به ، وكذلك الجلد فان دباغته طهارته ، إلى أن قال : وزكاة الحيوان ذبحه وزكاة الجلود الميتة دباغته .
( 3 - 4 ) نوادر الراوندى ص 50 .


30 - الخصال : عن أحمد بن محمد بن الهيثم وأحمد بن الحسن القطان و محمد بن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم المكتب وعبدالله بن محمد الصايغ وعلي بن عبدالله الوراق جميعا ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : لا يصلى في جلود الميتة وإن دبغت سبعين مرة ، ولا في جلود السباع ( 1 ) .
بيان : عدم جواز الصلاة في جلد الميتة مما لا خلاف ، فيه حتى أن القائل بطهارته بالدباغ كابن الجنيد منع من الصلاة فيه ، وقال الشيخ بهائي قدس سره لا يخفى أن المنع من الصلاة في جلد الميتة يشمل بإطلاقه ميتة ذي النفس وغيره سواء كان مأكول اللحم أو لا ، وفي كلام بعض علمائنا جواز الصلاة في ميتة غير ذي نفس من مأكول اللحم كالسمك الطافي مثلا والمنع من الصلاة في ذلك متجه لصدق الميتة عليه ، وكونه طاهرا لا يستلزم الصلاة فيه ، وكان والدي قدس سره يميل إلى هذا القول ولا بأس به انتهى ، ولا يخفى أن النهي عن الصلاة في جلود السباع يشمل أكثر ما اختلف في الصلاة في جلده ووبره .
31 - دعائم الإسلام : عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الصلاة بجلود الميتة وإن دبغت ( 2 ) .
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال : لا يصلى بجلد الميتة ولو دبغ سبعين مرة إنا أهل بيت لا نصلي بجلود الميتة وإن دبغت ( 3 ) .
وعنه عليه السلام أنه سئل عن جلود الغنم يختلط الذكى منها بالميتة ، ويعمل منها الفراء ، قال : إن لبستها فلا تصل فيها ، وإن علمت أنها ميتة فلا تشترها ولا تبعها ، وإن لم تعلم اشتر وبع ( 4 ) .
وقال : كان علي بن الحسين عليهما السلام له جبة من فراء العراق يلبسها فاذا حضرت الصلاة نزعها ( 5 ) .

__________________________________________________
( 1 ) الخصال ج 2 ص 151 .
( 2 - 4 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 126. 
(5) دعائم الاسلام ج 1 ص 126

 

8 - عوالى اللئالى : روي أن الصادق عليه السلام لبس ثياب الخز وصلى فيها .
وروي أنه عليه السلام كان عليه جبة خز بسبع مائة درهم .
وروي أن الرضا عليه السلام لبس الخز فوق الصوف ، فقال له بعض جهلة الصوفية لما رأى عليه ثياب الخز : كيف تزعم أنك من أهل الزهد وأنت على ما نراه من التنعم بلباس الخز ؟ فكشف عليه السلام عما تحته فرأوا تحته ثياب الصوف ، فقال : هذا لله ، وهذا للناس .
وسئل الباقر عليه السلام عن جلد الميتة أيلبس في الصلاة ؟ فقال : لا ولو دبغ سبعين دبغة ( 4 ) .

_____________________________

( 4 ) ورواه في التهذيب ج 1 ص 193 .

 

10 - قرب الإسناد : بإسناده عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يصلي ومعه دبة من جلد الحمار ، وعليه نعل من جلد الحمار ، وهو يصلي ، هل تجزيه صلاته أو عليه إعادة ؟ قال لا يصلح له أن يصلي وهي معه إلا أن يتخوف عليها ذهابها فلا بأس أن يصلي وهي معه ( 1 ) .
بيان : يدل على كراهة الصلاة فيما يظن اتخاذه من الميتة ، والتجويز مع خوف الذهاب والتعبير عن المنع بلا يصلح يدلان على الكراهية ، مع أنه ورد في الرواية : ما علمت أنه ميتة فلا تصل فيه .

 

15 - فقه الرضا : قال عليه السلام : كل شيء حل أكل لحمه فلا بأس بلبس جلده الذكى وصوفه وشعره ووبره وريشه وعظامه ، وإن كان الصوف والشعر والوبر والريش من الميتة وغير الميتة بعد أن يكون مما حلل الله تعالى أكله فلا بأس به ، وكذلك الجلد فان دباغته طهارته ، وقد يجوز الصلاة فيما لم تنبته الأرض ولم يحل أكله مثل السنجاب والفنك والسمور والحواصل ، إذا كان مما لا يجوز في مثله وحده الصلاة ، مثل القنسوة من الحرير ، والتكة من الابريشم ، والجورب والخفتان وألوان رجاجيلك يجوز لك الصلاة فيه ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام : ( وكذلك الجلد ) يدل على جواز استعمال جلد الميتة  بعد الدباغ ، ويمكن حمله على غير الميتة ، ويكون الدباغ محمولا على الاستحباب على المشهور وعلى الوجوب على مذهب الشيخ والمرتضى ، ويدل على جواز الصلاة فيما لا تتم الصلاة فيه من جلد غير المأكول وصوفه وشعره ووبره ، وقد مر الكلام فيه ، ويمكن تخصيص الحكم بخصوص هذه الجلود ، يكون وجه جمع بين الأخبار ، ولعل المراد بالرجاجيل أنواع ما يلبس في الرجل ولعله من المولدات .

__________________________________________________
 ( 1 ) فقه الرضا ص 41 ، وقوله ( فان دباغته طهارته ) يؤيد ما قلناه من أن هذا الكتاب كتاب التكليف للشلمغانى : وقد نسب اليه القول بذلك كما مر في ج 80 ص 78 .

 

ترك وضع قطرات من دم ذبيحة العقيقة على رأس الرضيع

 

روى أحمد:

 

20083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَيَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، وَبَهْزٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَقَالَ بَهْزٌ فِي حَدِيثِهِ: وَيُدَمَّى ، وَيُسَمَّى فِيهِ، وَيُحْلَقُ "، قَالَ يَزِيدُ: " رَأْسُهُ ".

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد صرح الحسن البصري بسماعه لهذا الحديث من سمرة، فقد روى البخاري في "صحيحه"بإثر الحديث (5472) ، والترمذي بإثر الحديث (182) ، والنسائي 7/166، والطحاوي في "شرح المشكل" (1030) ، والبيهقي 9/299، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/307 عن قريش بن أنس قال: أخبرنا حبيب بن الشهيد أن ابن سيرين أمره أن يسأل الحسنَ: ممَّن سمع حديثه في العقيقة؟ قال: فسألتُه فقال: سمعته من سمرة. ومع ذلك فقد توقف بعض أهل العلم في تصحيح رواية قريش هذه كما ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/593. يزيد: هو ابن هارون، وبهز: هو ابن أسد العَمَّي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي. وأخرجه الترمذي (1522) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحيح. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (910) من طريق يزيد بن هارون، عن شعبة، عن قتادة، به. وأخرجه أبو داود (2837) ، والطبراني في "الكبير" (6828) من طريق حفص بن عمر أبي عمر الحوضي، عن همام بن يحيى، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/236 و240 و14/222، وأبو داود (2838) ، وابن ماجه (3165) ، والنسائي 7/166، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1032) و (1033) ، والطبراني في "الكبير" (6831) و (6832) ، والبيهقي في "السنن" 9/299، وفي "الشعب" (8630) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة وحده، به. وأخرجه الطيالسي (909) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1031) ، والطبراني في "الكبير" (6827) و (6829) و (6830) ، وأبو نعيم في "الحلية" 6/191، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/306-307 من طرق عن قتادة، به. وأخرجه الترمذي (1522) ، والطبراني في "الكبير" (6931) و (6936) و (6955) ، والحاكم كما في "إتحاف المهرة"6/33 من طرق عن الحسن، به. وأخرجه مرسلاً الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1030) من طريق أشعث، عن الحسن، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسيأتي بالأرقام (20133) و (20139) و (20188) و (20193) و (20194) و (20256). وله شاهد من حديث سلمان بن عامر الضبعي، سلف برقم (16226) .

قلنا: قوله في الحديث: "ويُدَمَّى" هو في رواية همام فقط عن قتادة، فقد تفرّد بهذا الحرف عنه، وذكر أبو داود أنه وهمٌ من همام ولا يؤخذ به، قال: ويُسَمَّى أصحُّ.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/593: واستُشكل ما قاله أبو داود بما في بقية رواية همام عنده (وسيأتي برقم: 20194) أنهم سألوا قتادة عن الدم كيف يصنع به؟ فقال: إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت به أوداجها، ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط، ثم يغسل رأسه بعدُ ويحلق. فيَبْعُد مع هذا الضبط أن يقال: إن هماماً وهم عن قتادة في قوله: "ويدمَّى" إلا أن يقال: إن أصل الحديث: "ويسمَّى"، وإن قتادة ذكر الدم حاكياً عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، ومن ثَم قال ابنُ عبد البر: لا يُحتَمَل همامٌ في هذا الذي انفرد به، فإن كان حفظه فهو منسوخ.

وروى عبد الرزاق (في "مصنفه": 7971) عن معمر، عن قتادة: يُسمَّى يوم يُعَق عنه ثم يحلق، وكان يقول: يطلى رأسه بالدم.

وقد ورد ما يدلُّ على النسخ في عدة أحاديث، منها: ما أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (5308) عن عائشة قالت: كانوا في الجاهلية إذا عَقوا عن الصبي خضبوا قطنة بدم العقيقة، فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها على رأسه، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اجعلوا مكان الدم خَلُوقاَ". زاد أبو الشيخ: ونهى أن يُمسَّ رأسُ المولود بدم.

وأخرج ابن ماجه (3166) من رواية أيوب بن موسى، عن يزيد بن عبد الله المزني، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يُعَق عن الغلام، ولا يُمسُّ رأسه بدم" وهذا مرسل، فإن يزيد لا صحبة له، وقد أخرجه البزار من هذا الوجه فقال: عن يزيد بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومع ذلك فقالوا: إنه مرسل.

ولأبي داود (2843) ، والحاكم 4/238 من حديث عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: كنا في الجاهلية... فذكر نحو حديث عائشة، ولم يصرح برفعه، قال: فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران. وهذا شاهد لحديثِ عائشة، ولهذا كره الجمور التدمية.

نقل ابن حزم استحباب التدمية عن ابن عمر وعطاء. ولم ينقل ابن المنذر استحبابها إلا عن الحسن وقتادة، بل عند ابن أبي شيبة (في "مصنفه" 8/89) بسند صحيح عن الحسن: أنه كره التدمية.

 

20194 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " وَيُسَمَّى "، قَالَ هَمَّامٌ فِي حَدِيثِهِ: وَرَاجَعْنَاهُ: " وَيُدَمَّى "، قَالَ هَمَّامٌ: فَكَانَ قَتَادَةُ يَصِفُ الدَّمَ فَيَقُولُ: " إِذَا ذَبَحَ الْعَقِيقَةَ تُؤْخَذُ صُوفَةٌ، فَتُسْتَقْبَلُ أَوْدَاجُ الذَّبِيحَةِ، ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ الصَّبِيِّ، حَتَّى إِذَا سَالَ غُسِلَ رَأْسُهُ، ثُمَّ حُلِقَ بَعْدُ ".

 

إسناده صحيح وهو مكرر 20188

 

20193 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ، وَيُدَمَّى ".

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجالا الشيخين، والحسن- وهو البصري- قد صرح بأنه سمع حديث العقيقة من سمرة كما سلف بيانه عند الحديث رقم (20083) . همام: هو ابن يحيى العَوْذي. وأخرجه الدارمي (1969) عن عفان، بهذا الإسناد.

 

 

وروى عبد الرزاق:

 

7971 - عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال يسمي ثم يعق يوم سابعه ثم يحلق وكان يقول يطلى رأسه بالدم

7963 - عبد الرزاق عن بن جريج قال حدثت حديثا رفع إلى عائشة انها قالت عق رسول الله صلى الله عليه و سلم عن حسن شاتين وعن حسين شاتين ذبحهما يوم السابع قال ومشقهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اذبحوا على اسمه وقولوا بسم الله اللهم لك وإليك هذه عقيقة فلان قال وكان أهل الجاهلية يخضبون قطنة بدم العقيقة فإذا حلقوا الصبي وضعوها على رأسه فأمرهم النبي صلى الله عليه و سلم أن يجعلوا مكان الدم خلوقا يعني مشقهما وضع على رأسهما طين مشق مثل الخلوق

 

أما رواية أبي داوود فلا تذكر محمدًا في الموضوع، وقد توحي بتطور الطقوس والأفكار فقط:

 

2843 - حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت قال ثنا علي بن الحسين قال ثنا أبي قال حدثني عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي بريدة يقول: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران

 

قال الألباني: حسن صحيح

 

2837 - حدثنا حفص بن عمر النمري قال ثنا همام قال ثنا قتادة عن الحسن عن سمرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه ويدمى" فكان قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به ؟ قال إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت به أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق

قال أبو داود وهذا وهم من همام . " ويدمى " قال أبو داود خولف همام في هذا الكلام وهو وهم من همام وإنما قالوا " يسمى " فقال همام " يدمى "

قال أبو داود وليس يؤخذ بهذا .

 

وروى ابن ماجة:

 

3166- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدٍ الْمُزَنِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ : يُعَقُّ عَنِ الْغُلاَمِ ، وَلاَ يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ.

 

وصححه الألباني في الإرواء 4/ 388-389، والسلسة الصحيحة 2452

 

والرأي عندي أنه حديث ظاهر التلفيق بصورة مفضوحة جدًّا ومفصَّل تفصيلًا، فقال محمد فؤاد عبد الباقي في تحقيق لسن ابن ماجه: يعقوب بن حميد مختلف فيه، وليس ليزيد سوى هذا الحديث وليس له شيء في بقية كتب الحديث. والحديث ضعيف لأنه مرسل فيزيد هذا ليس صحابيًّا ولم يذكر عمن روى الحديث الذي زعمه. وقال المحققون لابن ماجه وهم شعيب الأرنؤوط وسعيد اللحام وعادل مرشد: إسناده ضعيف لجهالة يزيد بن عبد المزي، ثم إنه قد أرسله كما قال البخاري وأبو حاتم، وقد رواه بعضهم عن أبيه، لكن تبقى جهالة يزيد، ويعقوب بن حميد متابع. وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 1108 والطبراني الأوسط 333 وابن الأثير في أسد الغابة 3/ 517 من طرق عبد الله بن وهب بهذا الإسناد. ونقل ابن القيم في تهذيب السنن4/ 127 عن مهنا بن يحيى قال: ذكرت لأبي عبد الله بن أحمد بن حنبل حديث يزيد بن عبد المزني عن أبيه أن النبي ص قال: "يعق عن الغلام...) الحديث، فقال أحمد: ما أظرفه.

 

وروى البيهقي في الكبرى:

 

19071 - أخبرنا أبو علي الروذباري أنبأ محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا أحمد بن محمد بن ثابت ثنا علي بن الحسين ثنا أبي ثنا عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي بريدة رضي الله عنه يقول: كنا في الجاهلية إذا ولد لاحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران

قال الشيخ رحمه الله وفي حديث أيوب بن موسى عن يزيد بن عبد الله المزني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في الإبل فرع وفي الغنم فرع ويعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم

 

19072 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأ الحسن بن علي بن زياد ثنا أبو حمة محمد بن يوسف أنبأ أبو قرة عن بن جريج حديثا ذكره عن يحيى بن سعيد ح وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهاني أنبأ أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن عبد الله بن رسته ثنا محمد بن بكار الصيرفي ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن بن جريج عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها في حديث العقيقة قالت: وكان أهل الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ويجعلونه على رأس الصبي فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل مكان الدم خلوقا

قال الفقيه رحمه الله وقوله في حديث سلمان بن عامر أميطوا عنه الأذى يحتمل أن يكون المراد به حلق الرأس والنهي عن أن يمس رأسه بدمها

 

19073 - وأما الحديث الذي أخبرنا أبو الحسين بن بشران ثنا أبو جعفر الرزاز ثنا جعفر بن محمد بن شاكر ثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة ح وأخبرنا أبو طاهر الفقيه أنبأ أبو بكر القطان أنبأ محمد بن جبلة ثنا أبو عمر حفص بن عمر صاحب الحوض ثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: كل غلام رهينة بعقيقته يذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه ويدمى زاد الحوضي في روايته قال وكان قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به قال إذا ذبحت العقيقة أخذت صوفة منها فاستقبل بها أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى تسيل مثل الخيط ثم يغسل رأسه ويحلق بعد

 

هذا بلا شك تقليد كان شائعًا عند الوثنيين، وليس العرب فقط، وكان القدماء يعتقدون أن تلطيخ الطفل أو البيت بدم قربان لإلهٍ ما يؤدي إلى حماية الإله له ولعدم أذيته له كذلك، ولا شك أن هذه العادة المذكورة في بعض الأحاديث تعود إلى الأصل الوثني ككثير من الأمور الإسلامية الطقسية والتشريعية، ومع تطور الإنسان وعقله عن الطقوس البدائية تملَّص المسلمون من هذه الرواية وهذا الطقس بادعاء أنه منسوخ كعادتهم بدون دليل أو تفسيره بوهم ما من الراوي. لهذا نحن أمام نصوص وآراء متناقضة متضاربة كالعادة. ورغم أني لم أطالع نصوص الوثنية الرومانية واليونانية والخاصة بالـﭭايكنج والآيسلنديين والسلت والجرمان ووثني الأنجلوالسكسكونيين أو السكسونيين والفرانكيين القدماء رغم توفر ترجماتها الإنجليزية لكن لضيق الوقت أقول من نظر لبعض الأعمال الأجنبية كالأفلام والمسلسلات عنهم يرى طقوس الدم الكثيرة عندهم ومنها ولعله من أكثرها بشاعة وغرابة كما في  مسلسل Vikings دهن الرأس أو الجبهة بدم الذبيحة وعند مباركة أرض زراعية بفتح الأرض للبذر ثم رش الدم في المجاري المحفورة، وجاء في توراة اليهود:

 

ختان الذكور كقربان دم جسديّ

 

(24وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 25فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». 26فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ».) الخروج 4: 24-26

 

طقوس عيد العبور أو الفصح اليهودي الخرافي

 

(1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ فِي أَرْضِ مِصْرَ قَائِلاً: 2«هذَا الشَّهْرُ يَكُونُ لَكُمْ رَأْسَ الشُّهُورِ. هُوَ لَكُمْ أَوَّلُ شُهُورِ السَّنَةِ. 3كَلِّمَا كُلَّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ قَائِلَيْنِ: فِي الْعَاشِرِ مِنْ هذَا الشَّهْرِ يَأْخُذُونَ لَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ شَاةً بِحَسَبِ بُيُوتِ الآبَاءِ، شَاةً لِلْبَيْتِ. 4وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا عَنْ أَنْ يَكُونَ كُفْوًا لِشَاةٍ، يَأْخُذُ هُوَ وَجَارُهُ الْقَرِيبُ مِنْ بَيْتِهِ بِحَسَبِ عَدَدِ النُّفُوسِ. كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ تَحْسِبُونَ لِلشَّاةِ. 5تَكُونُ لَكُمْ شَاةً صَحِيحَةً ذَكَرًا ابْنَ سَنَةٍ، تَأْخُذُونَهُ مِنَ الْخِرْفَانِ أَوْ مِنَ الْمَوَاعِزِ. 6وَيَكُونُ عِنْدَكُمْ تَحْتَ الْحِفْظِ إِلَى الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ. ثُمَّ يَذْبَحُهُ كُلُّ جُمْهُورِ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعَشِيَّةِ. 7وَيَأْخُذُونَ مِنَ الدَّمِ وَيَجْعَلُونَهُ عَلَى الْقَائِمَتَيْنِ وَالْعَتَبَةِ الْعُلْيَا فِي الْبُيُوتِ الَّتِي يَأْكُلُونَهُ فِيهَا. 8وَيَأْكُلُونَ اللَّحْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَشْوِيًّا بِالنَّارِ مَعَ فَطِيرٍ. عَلَى أَعْشَابٍ مُرَّةٍ يَأْكُلُونَهُ. 9لاَ تَأْكُلُوا مِنْهُ نِيئًا أَوْ طَبِيخًا مَطْبُوخًا بِالْمَاءِ، بَلْ مَشْوِيًّا بِالنَّارِ. رَأْسَهُ مَعَ أَكَارِعِهِ وَجَوْفِهِ. 10وَلاَ تُبْقُوا مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ. وَالْبَاقِي مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ، تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ. 11وَهكَذَا تَأْكُلُونَهُ: أَحْقَاؤُكُمْ مَشْدُودَةٌ، وَأَحْذِيَتُكُمْ فِي أَرْجُلِكُمْ، وَعِصِيُّكُمْ فِي أَيْدِيكُمْ. وَتَأْكُلُونَهُ بِعَجَلَةٍ. هُوَ فِصْحٌ لِلرَّبِّ. 12فَإِنِّي أَجْتَازُ فِي أَرْضِ مِصْرَ هذِهِ اللَّيْلَةَ، وَأَضْرِبُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ. وَأَصْنَعُ أَحْكَامًا بِكُلِّ آلِهَةِ الْمِصْرِيِّينَ. أَنَا الرَّبُّ. 13وَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ، فَلاَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَةٌ لِلْهَلاَكِ حِينَ أَضْرِبُ أَرْضَ مِصْرَ. 14وَيَكُونُ لَكُمْ هذَا الْيَوْمُ تَذْكَارًا فَتُعَيِّدُونَهُ عِيدًا لِلرَّبِّ. فِي أَجْيَالِكُمْ تُعَيِّدُونَهُ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً.) من الخروج 12

 

(21فَدَعَا مُوسَى جَمِيعَ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْحَبُوا وَخُذُوا لَكُمْ غَنَمًا بِحَسَبِ عَشَائِرِكُمْ وَاذْبَحُوا الْفِصْحَ. 22وَخُذُوا بَاقَةَ زُوفَا وَاغْمِسُوهَا فِي الدَّمِ الَّذِي فِي الطَّسْتِ وَمُسُّوا الْعَتَبَةَ الْعُلْيَا وَالْقَائِمَتَيْنِ بِالدَّمِ الَّذِي فِي الطَّسْتِ. وَأَنْتُمْ لاَ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ بَابِ بَيْتِهِ حَتَّى الصَّبَاحِ، 23فَإِنَّ الرَّبَّ يَجْتَازُ لِيَضْرِبَ الْمِصْرِيِّينَ. فَحِينَ يَرَى الدَّمَ عَلَى الْعَتَبَةِ الْعُلْيَا وَالْقَائِمَتَيْنِ يَعْبُرُ الرَّبُّ عَنِ الْبَابِ وَلاَ يَدَعُ الْمُهْلِكَ يَدْخُلُ بُيُوتَكُمْ لِيَضْرِبَ. 24فَتَحْفَظُونَ هذَا الأَمْرَ فَرِيضَةً لَكَ وَلأَوْلاَدِكَ إِلَى الأَبَدِ. 25وَيَكُونُ حِينَ تَدْخُلُونَ الأَرْضَ الَّتِي يُعْطِيكُمُ الرَّبُّ كَمَا تَكَلَّمَ، أَنَّكُمْ تَحْفَظُونَ هذِهِ الْخِدْمَةَ. 26وَيَكُونُ حِينَ يَقُولُ لَكُمْ أَوْلاَدُكُمْ: مَا هذِهِ الْخِدْمَةُ لَكُمْ؟ 27أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: هِيَ ذَبِيحَةُ فِصْحٍ لِلرَّبِّ الَّذِي عَبَرَ عَنْ بُيُوتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي مِصْرَ لَمَّا ضَرَبَ الْمِصْرِيِّينَ وَخَلَّصَ بُيُوتَنَا». فَخَرَّ الشَّعْبُ وَسَجَدُوا. 28وَمَضَى بَنُو إِسْرَائِيلَ وَفَعَلُوا كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ. هكَذَا فَعَلُوا.

29فَحَدَثَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ أَنَّ الرَّبَّ ضَرَبَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، مِنْ بِكْرِ فِرْعَوْنَ الْجَالِسِ عَلَى كُرْسِيِّهِ إِلَى بِكْرِ الأَسِيرِ الَّذِي فِي السِّجْنِ، وَكُلَّ بِكْرِ بَهِيمَةٍ. 30فَقَامَ فِرْعَوْنُ لَيْلاً هُوَ وَكُلُّ عَبِيدِهِ وَجَمِيعُ الْمِصْرِيِّينَ. وَكَانَ صُرَاخٌ عَظِيمٌ فِي مِصْرَ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْتٌ لَيْسَ فِيهِ مَيْتٌ. 31فَدَعَا مُوسَى وَهَارُونَ لَيْلاً وَقَالَ: «قُومُوا اخْرُجُوا مِنْ بَيْنِ شَعْبِي أَنْتُمَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعًا، وَاذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ. 32خُذُوا غَنَمَكُمْ أَيْضًا وَبَقَرَكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ وَاذْهَبُوا. وَبَارِكُونِي أَيْضًا». 33وَأَلَحَّ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى الشَّعْبِ لِيُطْلِقُوهُمْ عَاجِلاً مِنَ الأَرْضِ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «جَمِيعُنَا أَمْوَاتٌ».) من الخروج 12

 

ملاحظة: ولا تزال عادة المصريين وغيرهم عند الذبح تلطيخ الأبواب بالدم بسكبه على العتبات وعمل بصمات أيدي به كبركة حسب خرافاتهم الشعبية.

 

العهد بالدم

 

(3فَجَاءَ مُوسَى وَحَدَّثَ الشَّعْبَ بِجَمِيعِ أَقْوَالِ الرَّبِّ وَجَمِيعِ الأَحْكَامِ، فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ وَقَالُوا: «كُلُّ الأَقْوَالِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ نَفْعَلُ». 4فَكَتَبَ مُوسَى جَمِيعَ أَقْوَالِ الرَّبِّ. وَبَكَّرَ فِي الصَّبَاحِ وَبَنَى مَذْبَحًا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ، وَاثْنَيْ عَشَرَ عَمُودًا لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 5وَأَرْسَلَ فِتْيَانَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ، وَذَبَحُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ مِنَ الثِّيرَانِ. 6فَأَخَذَ مُوسَى نِصْفَ الدَّمِ وَوَضَعَهُ فِي الطُّسُوسِ. وَنِصْفَ الدَّمِ رَشَّهُ عَلَى الْمَذْبَحِ. 7وَأَخَذَ كِتَابَ الْعَهْدِ وَقَرَأَ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ، فَقَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ وَنَسْمَعُ لَهُ». 8وَأَخَذَ مُوسَى الدَّمَ وَرَشَّ عَلَى الشَّعْبِ وَقَالَ: «هُوَذَا دَمُ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَكُمْ عَلَى جَمِيعِ هذِهِ الأَقْوَالِ».) من الخروج 24

 

وكانت عادة العرب كما نقرأ من كتب السيرة ذبح الذبائح عند أقدام الأصنام وهي عادة كل وثنيي التاريخ عامة مثل الـﭭاكينج، واستعمل اليهود الدم في طقوس الهيكل القديمة حسب اللاويين 1 و3 و و17، ويبدو لي أن هدم تيتُس الروميّ للهيكل أفاد اليهود في التخلص من طقوس بدائية قديمة خاصة بالبشرية القديمة البدائية.

وجاء في السيرة لابن هشام:

 

الاختلاف بين قريش في وضع الحجر: قال ابن إسحاق: ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها، كل قبيلة تجمع على حِدَةٍ، ثم بَنَوْها، حتى بلغ البنيانُ موضعَ الركن، فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعَه إلى موضعِه دون الأخرى، حتى تحاوروا وتحالفوا؛ وأعدُّوا للقتال.

لعقَة الدم: فقرَّبتْ بنو عبد الدار جَفْنة مملوءة دماً؛ ثم تعاقدوا هم وبنو عَدي بن كعب بن لُؤَي على الموت، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجَفْنة، فسُمُّوا: لَعَقَةَ الدم، فمكثت قريش على ذلك أربعَ ليالٍ أو خمساً، ثم إنهم اجتمعوا في المسجدِ، وتشاوروا وتناصفوا.

 

وجاء في كتاب الأصنام لابن الكلبي:

 

صنم يقال له سعد وكان صخرةً طويلةً‏.‏ فأقبل رجل منهم بإبلٍ له ليقفها عليه يتبرك بذلك فيها‏.‏ فلما أدناها منه نفرت منه وكان يهراق عليه الدماء‏.‏ فذهبت في كل وجهٍ وتفرقت عليه‏.‏ وأسف فتناول حجراً فرماه به وقال‏: لا بارك الله فيك إلها‏!‏ أنفرت على إبلي‏!‏‏.‏ ثم خرج في طلبها حتى جمعها وانصرف عنه وهو يقول‏:‏

 

أتينا إلى سعدٍ ليجمع شملنا                      فشتتنا سعد‏  فلا نحن من سعد‏!‏

وهل سعد إلا صخرة بتنوفةٍ                     من الأرض لا يدعى لغِيٍّ ولا رشد‏.‏

 

 

وجاء في المغني لابن قدامة:

 

[فَصْلٌ يُكْرَهُ أَنْ يُلَطَّخَ رَأْسُ الْمَوْلُود بِدَمِ]

(7900) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُلَطَّخَ رَأْسُهُ بِدَمٍ. كَرِهَ ذَلِكَ أَحْمَدُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَحُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ؛ لِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ، وَيُدْمَى» . رَوَاهُ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ هَذَا إلَّا الْحَسَنَ وَقَتَادَةَ، وَأَنْكَرَهُ سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَرِهُوهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يُمَسَّ بِدَمٍ؛ لِأَنَّهُ أَذًى. وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ عَبْدٍ الْمُزَنِيّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُعَقُّ عَنْ الْغُلَامِ، وَلَا يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ» . قَالَ مُهَنَّا: ذَكَرْت هَذَا الْحَدِيثَ لِأَحْمَدَ، فَقَالَ: مَا أَظْرَفَهُ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ أَبِيهِ. وَلِأَنَّ هَذَا تَنْجِيسٌ لَهُ، فَلَا يُشْرَعُ، كَلَطْخِهِ بِغَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ، وَقَالَ بُرَيْدَةَ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، إذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ، ذَبَحَ شَاةً، وَيُلَطِّخُ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ، كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً، وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

فَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى: " وَيُدْمَى " فَقَالَ أَبُو دَاوُد " وَيُسَمَّى " أَصَحُّ. هَكَذَا قَالَ سَلَّامٍ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَإِيَاسُ بْنُ دَغْفَلٍ، عَنْ الْحَسَنِ، وَوَهَمَ هَمَّامٌ، فَقَالَ: " وَيُدْمَى "، قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ فِيهِ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ " يُسَمَّى ". وَقَالَ هَمَّامٌ " يُدْمَى " وَمَا أُرَاهُ إلَّا خَطَأً. وَقَدْ قِيلَ: هُوَ تَصْحِيفٌ مِنْ الرَّاوِي.

 

أما ابن حزم فباعتباره من الظاهريين فقال بصحة الحديث في كتابه (المحلى بالآثار):

 

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ نَا يَزِيدُ، هُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ نَا قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ غُلاَمٍ مُرْتَهِنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى". وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ نَا هَمَّامٌ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى نَا قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ غُلاَمٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ حَتَّى تُذْبَحَ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُدَمَّى" فَكَانَ قَتَادَةَ إذَا سُئِلَ، عَنِ الدَّمِ كَيْفَ يُصْنَعُ قَالَ: "إذَا ذُبِحَتْ الْعَقِيقَةُ أُخِذَتْ مِنْهَا صُوفَةٌ فَاسْتُقْبِلَتْ بِهَا أَوْدَاجُهَا, ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَسِيلَ عَلَى رَأْسِهِ مِثْلُ الْخَيْطِ, ثُمَّ يُغْسَلُ رَأْسُهُ بَعْدُ وَيُحْلَقُ" . قَالَ أَبُو دَاوُد: أَخْطَأَ هَمَّامٌ إنَّمَا هُوَ يُسَمَّى.

قال أبو محمد: بَلْ وَهَمَ أَبُو دَاوُد; لأَنَّ هَمَّامًا ثَبَّتَ وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ سَأَلُوا قَتَادَةَ، عَنْ صِفَةِ التَّدْمِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَوَصَفَهَا لَهُمْ. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ نَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ قَالَ: أَمَرَنِي ابْنُ سِيرِينَ أَنْ أَسْأَلَ الْحَسَنَ مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ فَسَأَلْته فَقَالَ: مِنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ.

قَالَ عَلِيٌّ: لاَ يَصِحُّ لِلْحَسَنِ سَمَاعٌ مِنْ سَمُرَةَ إِلاَّ حَدِيثُ الْعَقِيقَةِ وَحْدَهُ

 

وقال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء/ باب مسائل من العقيقة:

 

وقد اختلفوا في طلبي رأس الصبى يوم العقيقة، فكان الحسن، وقتادة يقولان: يطلي رأس الصبي بدم يوم العقيقة، فأنكر ذلك غيرهم، وكرهه، وممن كره ذلك الزهري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

قال أبو بكر: وكذلك نقول.

 

إن في حديث عائشة أن أهل الجاهلية كان يخضبون قطنة بدم العقيقة، فإذا حلقوا وضع على رأسه.

 

وأمرهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يجعلوا مكان الدم خلوقاً.

وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "أهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى".

فإذا كان النبي- صلى الله عليه وسلم - قد أمرنا يإماطة الأذى عنه والدم أذى، وهو من أكبر الأذى، فغير جائز أن ينجس رأس الصبي بدم.

وقد تكلم في حديث سمرة الذي فيه: "ويدمى".

 

وجاء في مصنف ابن أبي شيبة/ كتاب الطب/ 46- فِي دَمِ الْعَقِيقَةِ يُطْلَى بِهِ الرَّأْسُ.

 

24167- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، وَمُحَمَّدٍ ؛ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ أَنْ يُطْلَى رَأْسُ الصَّبِيِّ مِنْ دَمِ الْعَقِيقَة ، وَقَالَ الْحَسَنُ : رِجْسٌ.

 

النهي عن لبس الخواتم الذهبية للرجال، وعن الشرب في الأواني الفضية والذهبية لكلا الجنسين من المسلمين، ومخالفة بعض أصحاب محمد أتباعه الأوائل لذلك الأمر بعد موته

 

تحريم الحرير والذهب على الرجال، وتحريم الأواني الفضية والذهبية

 

تعليم تقشفي شاذَ مستمدّ من تعاليم الدسقولية المسيحية (المسمى تعاليم الرسل الاثني عشر)، لا يعمل به أحد في العالم سوى المسلمين ومتقشفي رهبان المسيحيين، نوع من الزهد السخيف

روى البخاري:

 

1239 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَشْعَثِ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَخَاتَمِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْقَسِّيِّ وَالْإِسْتَبْرَقِ

 

5650 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَعَنْ الْقَسِّيِّ وَالْمِيثَرَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَتْبَعَ الْجَنَائِزَ وَنَعُودَ الْمَرِيضَ وَنُفْشِيَ السَّلَامَ

 

وانظر مسلم 2066 وأحمد 18504 و18505 و18532 و18645 و18644 و1849 و8271 و8397 و5751 و4731

 

والإستبرق والحرير والديباج: كل ذلك من أنواع الحرير. والميثرة. بكسر ميم، فسكون ياءٍ : وِطَاؤٌ محشوَ، يُترك على رَحْل البعير، تحت الراكب، والحرمة إذا كان من حرير، أو أحمر، كذا قيل. والقَسي؛ بفتح قاف، وتشديد سين وياء: ثياب فيها حرير، يؤتى بها من مصر، ويقال: إنها منسوبة إلى بلاد يقال لها: القسّ، ويقال: النسبة إلى القزّ، بمعنى الحرير، والزاي والسين أختان.

 

2615 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا

 

5426 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَاسْتَسْقَى فَسَقَاهُ مَجُوسِيٌّ فَلَمَّا وَضَعَ الْقَدَحَ فِي يَدِهِ رَمَاهُ بِهِ وَقَالَ لَوْلَا أَنِّي نَهَيْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ كَأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَفْعَلْ هَذَا وَلَكِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَةِ

 

5833 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ يَقُولُ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ

بعد 5589: بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

 

5829 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا وَصَفَّ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِصْبَعَيْهِ وَرَفَعَ زُهَيْرٌ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ

 

5830 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُلْبَسُ الْحَرِيرُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لَمْ يُلْبَسْ فِي الْآخِرَةِ مِنْهُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ وَأَشَارَ أَبُو عُثْمَانَ بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى

 

5634 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ

 

5632 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَايِنِ فَاسْتَسْقَى فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِقَدَحِ فِضَّةٍ فَرَمَاهُ بِهِ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أَرْمِهِ إِلَّا أَنِّي نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنْ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ هُنَّ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَهِيَ لَكُمْ فِي الْآخِرَةِ

 

وروى مسلم:

 

[ 2090 ] وفي حديث بن المثنى قال سمعت النضر بن أنس حدثني محمد بن سهل التميمي حدثنا بن أبي مريم أخبرني محمد بن جعفر أخبرني إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى بن عباس عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

[ 2091 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ومحمد بن رمح قالا أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة حدثنا ليث عن نافع عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطنع خاتما من ذهب فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه فصنع الناس ثم إنه جلس على المنبر فنزعه فقال إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل فرمى به ثم قال والله لا ألبسه أبدا فنبذ الناس خواتيمهم ولفظ الحديث ليحيى

 

[ 2065 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن زيد بن عبد الله عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم

 

[ 2065 ] وحدثني زيد بن يزيد أبو معن الرقاشي حدثنا أبو عاصم عن عثمان يعني بن مرة حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن عن خالته أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه نارا من جهنم

 

حتمًا كان النهي مناسبًا جدًّا لقوم معظمهم كانوا آنذاك قبل الفتوحات جوعى فقراء، وبحيث لا يلبسها أغنياؤهم التجار فيتزلزل السلام الاجتماعي الهش ويكثر الإجرام والسرقات والقتل.

 

وروى أحمد:

 

123 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ - يَعْنِي الرِّشْكَ – عَنْ مُعَاذَةَ ، عَنْ أُمِّ عَمْرٍو ابْنَةِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ، يَقُولُ: سَمِعَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ يَلْبَسِ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا ، فَلا يُكْسَاهُ فِي الْآخِرَةِ ".

 

حديث صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أم عمرو ابنة عبد الله بن الزبير فقد روى لها البخاري تعليقاً والنسائي ، وقد تابعها أبو ذبيان خليفة بن كعب ، وسيأتي برقم (251) . عبد الصمد : هو ابن عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ويزيد الرِّشك : هو يزيد بن أبي يزيد الضبعي ، ومعاذة : هي بنت عبد الله العدوية . وانظر أحمد 16118 و11179 و5364

 

92 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، قَالَ :

جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ : يَا عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرِ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ ، وَقَالَ : " إِلَّا هَكَذَا " وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِصْبَعَيْهِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . زهير : هو ابن معاوية بن حُديج ، وأبو عثمان : هو عبد الرحمن بن ملّ النهدي . وأخرجه البخاري (5829) ، ومسلم (2069) (12) عن أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن زهير بن معاوية ، بهذا الإسناد . وأخرجه ابن أبي شيبة 8 / 348 و349 ، ومسلم (2069) (13) ، وأبو داود (4042) ، وابن ماجه (2820) و (3593) ، والبزار (307) ، وأبو يعلى (213) و (214) ، والبغوي في " الجعديات " (1031) من طرق عن عاصم الأحول ، به . وأحمد برقم (242) و (243) و (301) و (356) و (357) .

 

301 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ : اتَّزِرُوا وَارْتَدُوا ، وَانْتَعِلُوا وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَالسَّرَاوِيلاتِ ، وَأَلْقُوا الرُّكُبَ وَانْزُوا نَزْوًا ، وَعَلَيْكُمْ بِالْمَعَدِّيَّةِ ، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ ، وَذَرُوا التَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ وَإِيَّاكُمْ وَالْحَرِيرَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ : " لَا تَلْبَسُوا مِنَ الْحَرِيرِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا " وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعَيْهِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . عاصم : هو ابن سليمان الأحول ، وأبو عثمان النهدي : هو عبد الرحمن بن ملّ . وقد تقدم برقم (92) . وقوله : " عليكم بالمعدِّية " : يريد خشونة العيش واللباس تشبهاً بمعد بن عدنان جد العرب . والرُّكُب : جمع رِكاب ، وهو موضع القدم من السَّرْج . وقوله : " انزوا نزواً " : أي : ثبوا على الخيل وثباً .

 

(18290) 18479- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنَّا مِنْ أَشْجَعَ ، قَالَ : رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَطْرَحَهُ ، فَطَرَحْتُهُ إِلَى يَوْمِي هَذَا. (4/260).

 

إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين. وإبهام صحابيه لا يضر، حُصَين: هو ابن عبد الرحمن السلمي الكوفي. وأورده الحافظ في "تعجيل المنفعة" فيمن لم يسم، وقال: سنده صحيح. وسيرد بسياق آخر برقم 5/272. وانظر حديث أبي ثعلبة الخشني السالف برقم (17749)

 

17749 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَى فِي أَصْبُعِهِ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَقْرَعُ يَدَهُ بِعُودٍ مَعَهُ، فَغَفَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَأَخَذَ الْخَاتَمَ، فَرَمَى بِهِ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرَهُ فِي أَصْبَعِهِ، فَقَالَ: " مَا أُرَانَا إِلَّا قَدْ أَوْجَعْنَاكَ وَأَغْرَمْنَاكَ "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف النعمان بن راشد، وهو مع ضعفه قد خولف كما سيأتي في التخريج. عفان: هو ابن مسلم، ووهيب: هو ابن خالد الباهلي مولاهم. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/416، والنسائي 8/171، والطبراني في "الكبير" 22/ (578) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.//وأخرجه ابن وهب في "جامعه" 98-99، ومن طريقه النسائي 8/171 عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني أن رجلاً ممن أدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبس خاتماً، فذكره. قال النسائي: وحديث يونس أولى بالصواب من حديث النعمان (يعني ابن رشد) .//وأخرجه النسائي 8/171 من طريق الأوزاعي، و8/171-172 من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن الزهري، عن أبي إدريس أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في يد رجل.. فذكره مرسلاً: قال النسائي: والمراسيل أشبه بالصواب.//وقال الدارقطني في "العلل" 6/320: ورواه الحفاظ من أصحاب الزهري عنه، عن أبي إدريس الخولاني: أن رجلاً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبس خاتماً. وهو الصحيح.//وسيأتي الحديث برقم (17751) من طريق النعمان بن راشد.//ويشهد له حديث الرجل الأشجعي الذي سيأتي 4/260، وإسناده صحيح.//وفي باب النهي عن خاتم الذهب عن ابن مسعود، سلف برقم (3582) ، وذكرت شواهده هناك.

 

17751 - حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: جَلَسَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ بِقَضِيبٍ كَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ غَفَلَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَمَى الرَّجُلُ بِخَاتَمِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَيْنَ خَاتَمُكَ ؟ " قَالَ: أَلْقَيْتُهُ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَظُنُّنَا قَدْ أَوْجَعْنَاكَ وَأَغْرَمْنَاكَ"

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف النعمان بن راشد. وهب: هو ابن جرير بن حازم. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/261، وابن حبان (303) ، والطبراني في "الكبير" 22/ (579) ، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/200 من طرق عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وانظر (17749) . وقال ابن حبان: النعمان بن راشد ربما أخطأ على الزهري.

 

(22336) 22692- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنْ قَوْمِهِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَخَذَ جَرِيدَةً فَضَرَبَ بِهَا كَفِّي وَقَالَ : اطْرَحْهُ . قَالَ : فَخَرَجْتُ فَطَرَحْتُهُ ، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ : مَا فَعَلَ الْخَاتَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : طَرَحْتُهُ . قَالَ : إِنَّمَا أَمَرْتُكَ أَنْ تَسْتَمْتِعَ بِهِ وَلاَ تَطْرَحَهُ.(5/272).

 

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن عاصم . حصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي . وسلف مختصراً برقم (18290) بإسناد صحيح، ولفظه: رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليَّ خاتماً من ذهب، فأمرني أن أطرحه، فطرحته إلى يومي هذا .

 

23364 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ إِلَى بَعْضِ هَذَا السَّوَادِ فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِإِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ، قَالَ: فَرَمَاهُ بِهِ فِي وَجْهِهِ، قَالَ: قُلْنَا اسْكُتُوا اسْكُتُوا، وَإِنَّا إِنْ سَأَلْنَاهُ لَمْ يُحَدِّثْنَا، قَالَ فَسَكَتْنَا، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ رَمَيْتُ بِهِ فِي وَجْهِهِ ؟ قَالَ: قُلْنَا: لَا، قَالَ: إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُهُ، قَالَ: فَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ ـ قَالَ مُعَاذٌ: لَا تَشْرَبُوا فِي الذَّهَبِ ـ وَلَا فِي الْفِضَّةِ، وَلَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ"

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . معاذ: هو ابن معاذ العنبري، وابن عون: هو عبد الله، ومجاهد: هو ابن جبر المكي . وأخرجه البخاري (5633) ، ومسلم (2067) ، والبزار في "مسنده" (2950) من طريق محمد بن أبي عدي، بهذا الإسناد . وأخرجه الدارمي (2130) ، والنسائي في "الكبرى" (6870) ، وأبو عوانة  (8448) و (8449) و (8450) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/246، وفي "شرح المشكل" (1419) ، والخطيب البغدادي في "تاريخه" 10/200 من طرق عن ابن عون، به. وأخرجه الحميدي بإثر الحديث (440) ، والبخاري (5426) و (5837) ، ومسلم (2067) ، وابن ماجه (3414) ، والبزار (2949) و (2951) ، والنسائي في "المجتبى" 8/198-199، وفي "الكبرى" (6631) ، وابن الجارود (865) ، وأبو عوانة (8446) و (8447) و (8452) و (8485) و (8487) ، وابن قانع 1/191، وابن حبان (5339) ، والدارقطني 4/293، والبيهقي في "السنن" 1/27 و28، وفي "الشعب" (6380) ، والبغوي (3031) من طرق عن مجاهد، به. وانظر (23269) و(23357) وتحريم الأواني الفضية والذهبية عند أحمد 18504 و26611 و26568 و24662 و23269 و23314 و23357 و23364 و23374 و23401 و23427 و23464 و11179 و16833 و6339 و750 و17310 و17431  وغيرها.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

24618- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّهُ أُتِيَ بِجَامٍ مِنْ فِضَّةٍ فِيهِ خَبِيصٌ ، فَأَمَرَ بِهِ فَحُوِّلَ عَلَى رَغِيفٍ ، ثُمَّ أَكَلَهُ.

 

24619- حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، قَالَ : كَانَ زَاذَانُ ، وَمَيْسَرَةُ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لاَ يَشْرَبُونَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَلاَ يَدَّهِنُونَ فِي مَدَاهِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

 

24620- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ مِسْعَرٍ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ ؛ أَنَّهُ أُتِيَ بِإِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ ، فَكَرِهَهُ.

 

ديانة تقشف وخشونة وجهاد وقتال وعنف لا تناسب أناسًا طبيعيين متحضرين أسوياء النفوس. ونلاحظ كره العرب المنغلقين القدماء وعلى نهجهم الأصوليين لارتداء الملابس العصرية.

 

وعلى النقيض ذكر ابن أبي شيبة:

 

25661- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أُمِّهِ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَتْ : كَانَ فِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ يَاقُوتَةٌ.

 

25662- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ سَعْدٍ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ.

 

25663- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ ، وَسَعْدًا ، وَذَكَرَ سِتَّةً ، أَوْ سَبْعَةً عَلَيْهِم خَوَاتِيمَ الذَّهَبِ.

 

فِي الشُّرِبِ مِنَ الإِنَاءِ الْمُفَضَّضٍ ، مَنْ رَخَّصَ فِيهِ.

24621- حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، قَالَ : كَانَ زَاذَانُ ، وَمَيْسَرَةُ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَشْرَبُونَ مِنَ الآنِيَةِ الْمُفَضَّضَةِ.

 

24622- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَشْرَبُ فِي إِنَاءٍ مُضَبَّبٍ بِفِضَّةٍ ، وَيَشْرَبُ فِي قَدَحٍ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ وَرِقٍ.

 

24623- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ عِمْرَانَ أَبِي الْعَوَّامِ الْقَطَّانِ ، عَنْ قَتَادَةَ ؛ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَانَا يَشْرَبَانِ فِي الإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ.

24624- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ مَحْمُومٌ ، وَعَلَى صَدْرِهِ قَدَحٌ مُفَضَّضٌ فِيهِ مَاءٌ.

 

24625- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : رَأَيْتُ طَاوُوسًا يَشْرَبُ فِي قَدَحٍ مُضَبَّبٍ بِوَرِقٍ.

 

24627- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَشْرَبُ فِي قَدَحٍ جيَشَّانِيٍّ كَثِيرِ الْفِضَّةِ ، وَسَقَانِي.

 

24628- حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ ، قُلْتُ : آتِي الصَّيَارِفَ فَأُوتَى بِقَدَحٍ مِنْ فِضَّةٍ ، أَشْرَبُ فِيهِ ؟ قَالَ : لاَ بَأْسَ.

 

النهي عن بيع الماء

 

وروى مسلم:

 

[ 1566 ] وحدثنا أحمد بن عثمان النوفلي حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد حدثنا بن جريج أخبرني زياد بن سعد أن هلال بن أسامة أخبره أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ

 

[ 1565 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة أخبرنا وكيع ح وحدثني محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد جميعا عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء

 

وروى البخاري:

 

6962 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الْكَلَإِ

 

2369 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ قَالَ عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

وروى أحمد:

 

15444 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ أَبَا الْمِنْهَالِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ إِيَاسَ بْنَ عَبْدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا تَبِيعُوا فَضْلَ الْمَاءِ، " فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ " قَالَ: وَالنَّاسُ يَبِيعُونَ مَاءَ الْفُرَاتِ فَنَهَاهُمْ

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين غير أن صحابِيَّهُ لم يرو له إلا أصحاب السنن، روح: هو ابن عبادة، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وقد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، وعمرو بن دينار: هو المكي، وأبو المنهال: هو عبد الرحمن بن مُطْعِم البُناني.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/307، وفي "الكبرى" (6259) ، والحاكم 2/44، والبيهقي في "السنن" 6/15 من طريقين عن ابن جريج، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (3478) ، والترمذي (1271) ، والنسائي في "المجتبى" 7/307، وفي "الكبرى" (6258) , والطبراني في "الكبير" (783) ، والحاكم 2/61، والبيهقي في "السنن" 6/15 من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، عن عمرو بن دينار، به.

وقد سلف نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (6673) و (6722) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

وسيأتي برقم 4/138.

 

وقال الترمذي: حديث إياس حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أنهم كرهوا بيع الماء وهو قول ابن المبارك و الشافعي و أحمد و إسحق وقد رخص بعض أهل العلم في بيع الماء منهم الحسن البصري

 

قال السندي: قوله: "نهى عن بيع" منهم من منع بيع الماء مطلقاً بظاهر هذا الحديث، والجمهور على أن المراد ماء السماء والعيون والآبار التي لا مالك لها، فما ملكه يملأ الوعاء منه فله بيعه.

 

17236 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْمِنْهَالِ، سَمِعَ إِيَاسَ بْنَ عَبْدٍ الْمُزَنِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَبِيعُوا الْمَاءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَنَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ".

 لَا يَدْرِي عَمْرٌو أَيَّ مَاءٍ هُوَ

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، إلا أن صحابيه لم يرو له إلا أصحاب السنن. سفيان: هو ابن عُيينة، وعمرو: هو ابن دينار المكي، وأبو المنهال: هو عبد الرحمن بن مُطْعِم البُناني.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (14495) ، والحميدي (912) ، وابن أبي شيبة 6/256، والنسائي في "المجتبى" 7/307، وفي "الكبرى" (6257) ، وابن ماجه (2476) ، والدارمي 2/269، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1107) ، والطبراني في "الكبير" (782) ، والحاكم 2/44، والبيهقي في "السنن" 6/15 من طريق سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد.

وزاد الحميدي والدارمي قول عمرو بن دينار: ولا أدري أيُ ماء هو؟ جارياً، أو الماء المستسقى، وقال سفيان: هو عندنا أن يباع في موضعه الذي أخرجه إليه منه.

 

(23082) 23471- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا ثَوْرٌ الشَّامِيُّ ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي خِدَاشٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ : الْمَاءِ وَالْكَلإِ وَالنَّارِ.(5/364).

 

إسناده صحيح . ثور الشامي: هو ابن يزيد أبو خالد الحمصي، وحريز بن عثمان: هو الرحبي الحمصي، وأبو خِداش: هو حِبَّان بن زيد الشَّرْعبي. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/304 عن وكيع، بهذا الإسناد .

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/857، والبيهقي 6/150 من طريق يحيى ابن سعيد القطان، عن ثور الشامي، به .

وأخرجه أبو عبيد في "الأموال" (729) ، وأبو داود (3477) ، وابن عدي 2/857، والبيهقي 6/150 من طرق عن حريز بن عثمان، به .

وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (315) ، والبيهقي 6/150 من طريق سفيان الثوري عن ثور بن يزيد يرفعه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قال البيهقي: أرسله الثوري عن ثور، إنما أخذه ثور عن حريز .

وفي الباب عن أبي هريرة عند أبي عبيد (731) ، وابن ماجه (2473). وإسناده صحيح .

قوله: "الكلأ" قال السندي: المرعَى، يريد أنه لا ينبغي لأحد أن يمنع آخرَ مِن هذه الثلاثة .

 

24741 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ نَقْعِ الْبِئْرِ، وَهُوَ الرَّهْوُ"

 

قال فريق شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح ، رجاله ثقات رجال الصحيح ، غير ابن أبي الرِّجال -وهو عبد الرحمن- فمن رجال أصحاب السنن ، وهو صدوق . أبو سعيد : هو مولى بني هاشم عبد الرحمن بن عبد الله بن عُبيد ، وأبو الرِّجال : هو محمد ابن عبد الرحمن بن حارثة الأنصاري ، وعمرة : هي بنت عبد الرحمن أم أبي الرجال .

وقد اختلف على أبي الرِّجال في وصله وإرساله : فرواه عبد الرحمن بنُ أبي الرِّجال ، كما في هذه الرواية ، وكما عند ابنِ عديٍّ في "الكامل" 4 / 1595 ، والحاكم في "المستدرك" 2 / 61 - 62 ، والبيهقى في "السنن" 6 / 152 ، وأبو أويس ، كما في الرواية (24811) ، ومحمد بن إسحاق ، كما في الروايتين (25087) و (26311) ، وخارجةُ بن عبد الله ، كما في الرواية (26147) ، وصالح بنُ كَيْسان ، كما عند الطبراني في "الأوسط" (268) ، وسفيانُ الثوري ، كما عند الدارقطني في "العلل" 5 / ورقة 104 ، وأبو نُعيم في "الحلية" 7 / 95 ، والبيهقيُّ في "السنن" 6 / 152 ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10 / 349 ، ستتهم عن أبي الرجال ، به موصولاً .

لكن اختلف فيه على سفيان الثوري:

فرواه عبد الرزاق في "المصنف" (14493) ، وأبو نُعيم الفضل بن دُكين، كما عند البيهقي 6 / 152 ، كلاهما عن سفيان ، عن أبي الرِّجال ، عن عَمْرة ، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً.

واختلف فيه على عبد الرزاق أيضاً:

فرواه أحمد بن الأزهر ، كما عند البيهقي 6 / 152 عن عبد الرزاق ، عن سفيان الثوري عن أبي الرِّجال ، موصولاً . قال البيهقي : هكذا أتى به موصولاً ، وإنما يُعرف موصولاً من حديث عبد الرحمن بن أبي الرِّجال ، عن أبيه . قلنا : بل ومن حديث غيره ، كما تقدم.

ورواه مرسلاً كذلك مالك في "الموطأ" 2 / 745 ، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 6 / 152 ، رواه عن أبي الرِّجال ، عن عمرة ، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

واختلف فيه على مالك:

فرواه أبو صالح كاتب الليث - فيما ذكر الدارقطني ، ونقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد" 13 / 123 - عن الليث بن سعد ، عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن مالك ، عن أبي الرِّجال ، عن عَمرة ، عن عائشة . قال ابن عبد البر : وهذا الإسناد - وإن كان غريباً عن مالك - قد رواه أبو قرة موسى بن طارق ، عن مالك أيضاً ، إلا أنه في "الموطأ" مرسل عند جميع رواته ، والله أعلم.

قلنا : وقد صحح إرساله البيهقي في "السنن" 6 / 152 ، فقال : هذا هو المحفوظ ، مرسل.

وصحح وصلَه الدارقطني ، فقال : هو صحيح عن عائشة ، وأشار إلى تصحيحه ابنُ عبد البر في "التمهيد" 13 / 126 ، وصححه الحاكم أيضاً ، ووافقه الذهبي.

قلنا : إنما صححوه ، لأن الذين وصلوه عن أبي الرجال خمسة ، ليس فيهم ضعيف ، سوى أبي أويس ، وسفيانُ الثوري قد اختلف عليه فيه بين وصله وإرساله ، ولذا رجحوا رواية الوصل على الإرسال عند مالك.

وأخرجه ابن راهويه (998) ، وابنُ ماجه (2479) ، والبيهقي 6 / 152 - 153 ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12 / 435 من طريق حارثة بن أبي الرِّجال ، عن عَمرة ، عن عائشة ، به . لم يذكر أبا الرجال ، وحارثة ضعيف.

وسيرد بالأرقام : (24811) و (25087) و (26147) و (26311) .

وله شاهد من حديث أبي هريرة سلف برقم (7324) بلفظ : "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ" وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

وعنه أيضاً سلف برقم (7442) بلفظ : "ثلاثة لا يكلمهم الله ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : رجل على فضل ماء بالفلاة ، يمنعه من ابن السبيل ..." وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

وآخر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، سلف برقم (6673) بلفظ: "من منع فضل مائه - أو فضل كلئه ، منعه الله فضلَه يوم القيامة" وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

وانظر حديث إياس بن عبد ، السالف برقم (15444)

وقال ابن الأثير في "النهاية" : نهى أن يُمنع نَقع البئر ، أي : فضلُ مائها ، لأنه يُنقع به العطش ، أي: يروى ، وشربَ حتى نقع ، أي : رَوِيَ ، وقيل: النَّقْع : الماء الناقع ، وهو المجتمع ، ومنه الحديث: "لا يباعُ نَقْعُ البئر ، ولا رَهْوُ ماء".

ونقل ابن عبد البَر في "التمهيد" 13 / 126 عن ابن وهب في تفسير قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُمنع نَقْعُ بئر" قال : هو ماتبقى فيها من الماء بعد منفعة صاحبها.

 ورَهْو الماء : هو مجتمعه ، سُمِّي رَهْواً باسم الموضع الذي هو فيه ، لانخفاضه. قاله ابن الأثير. وفسَّره يزيد بن هارون كذلك في الرواية الآتية برقم (25087) ، فقال: يعني فضل الماء.

 

وروى ابن ماجه:

 

2479 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ، وَلَا يُمْنَعُ نَقْعُ الْبِئْرِ".

 

قال فريق شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح، حارثة -وهو ابن أبي الرجال محمَّد بن عبد الرحمن، وإن كان ضعيفًا- متابع، وباقي رجاله ثقات. وقد اختلف في وصله وإرساله على أبي الرجال، فصحح إرساله البيهقي في "السُّنن" 6/ 152، وصحح وصله الدارقطني وابن عبد البر والحاكم والذهبي.

وأخرجه ابن راهويه في "مسنده" (998)، والخطيب في "تاريخه" 12/ 435، والبيهقي 6/ 152 - 153 من طريق حارثة بن أبي الرجال، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (24741)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 1595، والحاكم 2/ 61 - 62، والبيهقي 6/ 52 من طريق عبد الرحمن بن أبي الرجال، وأحمد (24811) من طريق أبي أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس، وابن أبي شيبة 6/ 257 - 258، وأحمد (25087) و (26311)، وابن حبان (4955)، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 124 و125 من طريق محمَّد بن إسحاق، وأحمد (26147)، وابن عبد البر 13/ 125 من طريق خارجة بن عبد الله، والطبراني في "الأوسط" (266) من طريق صالح بن كيسان، خمستهم عن أبي الرجال، عن أمه عمرة، عن عائشة مرفوعًا.

ورواه سفيان الثوري عن أبي الرجال، واختلف عليه:

فرواه عبد الرزاق في "مصنفه" (14493)، والفضل بن دكين عند البيهقي 6/ 152، عنه، عن أبي الرجال، عن عمرة مرسلًا.

ورواه عبد الرحمن بن مهدي عند الخطيب في "تاريخ بغداد"10/ 349 - 350، وأبو نباتة يونس بن يحيى عند أبي نعيم في "الحلية" 7/ 95، وعبد الرزاق عند البيهقي 6/ 152، ثلاثتهم عنه، عن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة.

ورواه مالك عن أبي الرجال، واختلف عليه:

فرواه جميع رواة "الموطأ" عنه، عن أبي الرجال، عن عمرة مرسلًا. وهو في "موطا يحيى" 2/ 745.

ورواه أبو صالح كاتب الليث وأبو قرة موسى بن طارق كما في "التمهيد" 13/ 123 عنه، عن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة.

قوله: "نَقْعُ البئر" أي: فضل مائها، لأنه يُنقَع به العطشُ، أي: يُروى، وشرب حتى نَقَعَ، أي: رَويَ، وقيل: النقع: الماءُ الناقع، وهو المجتمعُ. "النهاية" (نقع).

 

نلاحظ أن ما يصححون إسناده في كتاب يضعفون إسناده في آخر، مسألة مطاطية ذاتية جدًّا. فهم صححوه في مسند أحمد وضعفوه وقالوا صحيح بشواهده في ابن ماجه!

 

2473 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "ثَلَاثٌ لَا يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ".

 

إسناده صحيح، سفيان: هو ابن عيينة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وأخرجه أبو عبيد في "الأموال" (731) من طريق الليث بن سعد، عن أبي الزناد، بهذا الإسناد.

 

قال محمد أن الناس شركاء في الماء والكلإ والنار كما قالت أحاديث كثيرة، ورفضت تعاليمه بيع الماء باعتباره حقًّا إنسانيًّا لكل إنسان ولكل كائن حي، ومنذ قديم أيام المسلمين مارسوا تجارة الماء في الأماكن التي لا توجد بها مصادر قريبة للمياه، وكانت هناك تجارة للماء ووظيفة السقّاء، وترى اليوم بيع معلبات المياه المعدنية وبيع الماء بثمن الزجاجة والكوب في المطاعم المتكلفة الفخيمة وأخذ حكومات الدول جباية ورسومًا على الماء الذي هو من خيرات الأرض وحق الشعوب. لكنْ درجت عادة محلات العصائر الشعبية مثلًا والمقاهي أن من طلب كوب ماء يحصل عليه بلا ثمن.

 

وجاء في مصنف ابن أبي شيبة:

 

فِي بيعِ الماءِ وشِرائِهِ.

 

21336- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ سَلْمِ بْنِ أَبِي الذَّيَّالِ ، قَالَ : سأَلْتُ الْحَسَنَ عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الأَرْضُ وَلاَ يَكُونُ لَهُ مَاءٌ يَشْتَرِي ماء لأِرْضِهِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.

 

21337- حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِيمَا قُرِىء عَلَيْهِ عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : بَيْعُ الْمَاءِ فِي الْقِرَبِ ؟ قَالَ : لاَ بَأْسَ بِهِ ، هُوَ يَسْتَقِيهِ هُوَ يَحْمِلُهُ ، لَيْسَ كَفَضْلِ الْمَاءِ الَّذِي يَذْهَبُ فِي الأَرْضِ.

 

21341- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا مِسْعَرٌ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ ، قَالَ : كَانَ مَسْرُوقٌ يُعْجِبُهُ ثَمَنُ الْمَاءِ.

قَالَ وَكِيعٌ : يَعْنِي السِّقَايَةَ عَلى الْجَمَلِ وَالظَّهْرِ يَبِيعه.

 

21338- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ.

 

رواه مسلم 1565

 

21339- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ لِيَمْنَعَ بِهِ فَضْلَ الْكَلاَء مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

 

مرسل فأبو قلابة من التابعين

 

21340- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : مَنَعَنِي جَارٌ لي فَضْلَ مَاءٍ ، فَسَأَلْت عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ؟ فَقَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : لاَ يَحِلُّ بَيْعُ فَضْلِ الْمَاءِ.

 

عمران بن عمير مجهول الحال، لكنه يصح بشواهده مرفوعًا إلى محمد.

 

21342- حَدَّثَنَا يَحْيَى بن زَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، قَالَ : يُكْرَهُ بَيْعُ فَضْلِ الْمَاءِ.

 

21343- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ : حدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ غُلاَمًا لَهُمْ بَاعَ فَضْلَ مَاءٍ لَهُمْ مِنْ عَيْنٍ لَهُمْ بِعِشْرِينَ أَلْفًا ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو : لاَ تَبِيعُوهُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ بَيْعُهُ.

 

ضعيف

 

21344- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ ، قَالَ : سَمِعْتُ إيَاسَ بْنَ عَبْدٍ الْمُزَنِيَّ ، وَرَأَى أُنَاسًا يَبِيعُونَ الْمَاءَ فَقَالَ : لاَ تَبِيعُوا الْمَاءَ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى أَنْ تُبَاعَ.

 

 

 

 

إسناده جيد

 

21345- حَدَّثَنَا وكيع ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلأ.

 

رواه البخاري ومسلم

 

21347- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُمْنَعَ نَقْعُ الْبِئْرِ يَعْنِي : فَضْلَ الْمَاءِ.

 

ضعفوه لأجل عنعنة ابن إسحاق.

 

ومما روى عبد الرزاق:

 

14496 - عبد الرزاق قال أخبرنا بن عيينة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه قال كان يعجب مسروقا أن يشترى له روايا من الفرات فيبيعها ويتصدق بثمنها قال وسأل بن جريج عطاء عن الرجل يحمل الماء أيبيعه قال لا بأس قد حمله وتعنى فيه

 

14491 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن بن طاووس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من منع فضل ماء منعه الله فضله يوم القيامة

 

14492 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من منع فضل ماء ليمنع به فضل الكلإ منعه الله تعالى فضله يوم القيامة

 

14493 - أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري عن أبي الرجال عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يمنع نقع بئر

 

14495 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي المنهال قال سمعت إياس بن عبد يقول لا تمنعوا الماء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم ينهى عن بيع الماء

 

صحيح وأخرجه الترمذي والحميدي وهو عند أحمد

 

إعطاء ميراث من مات ولا وريثَ له إلى أهل قريته أو مدينته

 

روى أحمد:

 

25054 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ مَوْلًى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعَ مِنْ نَخْلَةٍ فَمَاتَ، وَتَرَكَ شَيْئًا، وَلَمْ يَدَعْ وَلَدًا وَلَا حَمِيمًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَعْطُوا مِيرَاثَهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ "

 

قال أحمد حمزة الزين في تحقيقه للمسند: إسناده صحيح. ابن الأصبهاني هو عبد الرحمن بن عبد الله بن الأصبهاني ثقة حديثه عند الجماعة، ومجاهد بن وردان موثق حديثه في السنن، والحديث رواه أبو داوود2902 والترمذي2105 وحسنه وابن ماجه2733، كلهم في الفرائض.

إسناده حسن، مجاهد بن وردان . قال ابن معين : لا أعرفه ، وقال أبو حاتم : ثقة ، وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين . ابن الأصبهاني : هو عبد الرحمن بن عبد الله الجدلي .

وأخرجه المزي في "التهذيب" (ترجمة مجاهد بن وردان) من طريق الإمام أحمد ، بهذا الإسناد .

وأخرجه ابن أبي شيبة 11 / 412 ، وأبو داود (2902) ، وابن ماجه (2733) ، والبيهقي في "السنن" 6 / 243 من طريق وكيع ، به. وأخرجه الترمذي (2105) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4 / 404 من طريق يزيد بن هارون ، عن سفيان ، به . قال الترمذي : هذا حديث حسن. وسيرد بالأرقام (25420) و (25478) و (25479) .

وفي الباب عن بريدة ، سلف برقم (22944) .

 

25420 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَبَهْزٌ، وَحَجَّاجٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ - قَالَ حَجَّاجٌ، وَبَهْزٌ: أَخْبَرَنِي شُعْبَةُ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ - قَالَ بَهْزٌ: ابْنُ وَرْدَانَ، وَقَالَ حَجَّاجٌ: مُجَاهِدُ بْنُ وَرْدَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ خَيْرًا - عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تُوُفِّيَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِيرَاثِهِ، فَقَالَ: " هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ ؟ "، قَالَ بَهْزٌ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ".

 

قال أحمد حمزة الزين: إسناده صحيح وسبق في 25296 ومجاهد بن وردان موثق حديثه في السنن. [الرقم هنا بترقيم نسخة دار الحديث-القاهرة].

قال فريق شعيب الأرنؤوط بطبعة الرسالة: إسناده حسن، وهو مكرر (25054) غير أن شيوخ أحمد هنا: هم محمد بن جعفر وبهز بن أسد العمي، وحجاج بن محمد المصيصي الأعور، وشيخهم هو شعبة. وأخرجه أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (917) من طريق محمد بن جعفر، والنسائي في "الكبرى" (6392) من طريق حجاج، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (1465) ، وإسحاق (853) ، وأبو داود (2902) ، والنسائي في "الكبرى" (6391) ، والبيهقي في "السنن" 6/243، والبغوي في "شرح السنة" (2230) من طرق عن شعبة، به. قال أبو داود: وحديث سفيان أتم. يعني السالف برقم (25054) .

قال السندي: قوله: "هاهنا أحد من أهل قريته" لعله أعطاه، إما لأن المال له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالولاء، فأراد به التصدق على من له اختصاص بالمولى، أو لأن المال لبيت المال، إن قلنا: أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرث، كما أنه لا يورث، فاختار به بعضَ المستحقِّين ممن كان له اختصاص بالمولى، واللّه تعالى أعلم.

25478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ مَوْلًى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَّ مِنْ عَذْقِ نَخْلَةٍ، فَمَاتَ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " هَلْ لَهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَحِمٍ " قَالُوا: لَا . قَالَ: " أَعْطُوا مِيرَاثَهُ بَعْضَ أَهْلِ قَرْيَتِهِ (2) " . (3)

 

(2) في (ظ2) : "أعطوا ميراثه إلى أهل قريته" وفي هامش (ق) : لأهل (نسخة) .

(3) إسناده حسن، وهو مكرر (25054) ، غير أن شيخ أحمد هنا: هو عبد الرحمن بن مهدي.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6393) من طريق عبد الرحمن، بهذا الإسناد.

 

وهذا لم يصبح عليه بعد ذلك كل فقه فقهاء الإسلام، بل الذي حكموا به تشريعيًّا بطريقة نظامية بأسلوب الحكم والقانون نصف المتمدن والمنظم هو عودة مال الميت إلى خزانة الدولة (بيت المال) كمال عامٍّ في حالات كهذه، ولم يأخذوا بتشريع محمد ذي الطابع القَبَلي العشائري هنا برد المال إلى أهل مدينة أو قرية الميت أو فقرائها أو معارف الميت.

 

قال البغوي في "شرح السنة" 8 / 361 - 362 :

 

ليس هذا عند أهل العلم على سبيل توريث أهل القرية والقبيلة ، بل مالُ من لا وارث له لعامة المسلمين ، يضعه الإمام حيث يراه على وجه المصلحة ، فوضعه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أهل قبيلته على هذا الوجه. والله أعلم.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[فَصْلٌ مَاتَ الذِّمِّيُّ وَلَا وَارِثَ لَهُ]

(4958) فَصْلٌ: وَمَتَى مَاتَ الذِّمِّيُّ، وَلَا وَارِثَ لَهُ، كَانَ مَالُهُ فَيْئًا، وَكَذَلِكَ مَا فَضَلَ مِنْ مَالِهِ عَنْ وَارِثِهِ، كَمَنْ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنَّ الْفَاضِلَ عَنْ مِيرَاثِهِ يَكُونُ فَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَيْسَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ، فَكَانَ فَيْئًا، كَمَالِ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ.

 

وقال الشوكاني في نيل الأوطار:

....قَوْلُهُ : ( هَلْ لَهُ مِنْ نَسِيبٍ أَوْ رَحِمٍ ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ : ( أَعْطُوا مِيرَاثَهُ بَعْضَ أَهْلِ قَرْيَتِهِ ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ صَرْفِ مِيرَاثِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مَعْلُومٌ إلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ : " ادْفَعُوا إلَى أَكْبَرِ خُزَاعَةَ " إنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّوْرِيثِ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ يَجْتَمِعُ هُوَ وَقَبِيلَتُهُ فِي جَدٍّ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ وَارِثٌ مِنْهُمْ عَلَى التَّعْيِينِ فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ نَسَبًا ، لِأَنَّ ، كِبَرَ السِّنِّ مَظِنَّةٌ لِعُلُوِّ الدَّرَجَةِ قَوْلُهُ : ( وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ : أَرَادَ بِالْآيَةِ أَنَّ الْعَصَبَاتِ وَذَوِي السِّهَامِ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ الْحُلَفَاءِ وَالْمُدَّعِينَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : نَسَخَتْ مِيرَاثَهُمَا قَوْله تَعَالَى : { إلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } أَيْ إلَى حُلَفَائِكُمْ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَمُقَاتِلُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَطَاءٌ : بَلْ إلَى قَرَابَتِهِمْ الْمُشْرِكِينَ فَأَجَازُوا الْوَصِيَّةَ لَهُمْ لِلْآيَةِ قَالَ الْمَهْدِيُّ : وَهُوَ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ } فَكَيْفَ سَمَّاهُمْ أَوْلِيَاءَ الْمُؤْمِنِينَ ا هـ . 

 

تلفيق حديث لدعم عادتهم المبتدَعة في الأذان في أذن الطفل الرضيع حديث الولادة

 

من عاداتهم الشعبية وهي عديمة الفائدة فالطفل لن يفهم شيئًا مما يقولونه، ولا شك أن كثيرًا من ملحدينا أذّن آباؤهم في آذانهم وفقًا لهذه العادة الشعبية، فهل أفادهم هذا بشيء؟! وهي ليست من سنة محمد على أية حال ولا طقوسه.

 

روى أحمد الأحاديث الملفقة التالية:

 

23869 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَذَّنَ فِي أُذُنَيِ الْحَسَنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلَاةِ"

 

إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عُبيد الله: وهو ابن عاصم بن عمر بن الخطاب، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي.

وأخرجه الترمذي (1514) من طريقي يحيى وعبد الرحمن، بهذا الإسناد، فقال فيه. هذا حديث حسن صحيح!

وأخرجه أبو داود (5105) من طريق يحيى وحده، به.

وأخرجه عبد الرزاق (7986) ، والطبراني في "الكبير" (931) ، والحاكم 3/179، والبيهقي في "السنن" 9/305، وفي "شعب الإيمان" (8618) من طرق عن سفيان الثوري، به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فتعقَّبه الذهبي بقوله: عاصم ضُعّف.

وسيأتي برقم (27186) و (27194) من طريق سفيان الثوري به.

وأخرجه الطبراني (926) من طريق حماد بن شعيب، عن عاصم بن عبيد الله، عن علي بن الحسين، عن أبي رافع: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذَّن في أُذن الحسن والحسين رضي الله عنهما حين وُلِدا، وأَمر به. وهذا إسناد ضعيف جداً، ففيه -غير عاصم ابن عبيد الله- حماد بن شعيب متفق على ضعفه.

وله شاهد لا يفرح به عند البيهقي في "شعب الإيمان" (8620) من حديث ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذَّن في أُذن الحسن بن علي يوم وُلِدَ، فأذَن في أُذنه اليمنى وأقام في أُذنه اليسرى. وفي إسناده الحسن بن عمرو بن سيف السدوسي وهو متروك، واتهمه علي ابن المديني والبخاري بالكذب.

وآخر أشدُّ هلاكاً من الأول، عند أبي يعلى (6780) ، وعنه ابن السُّنِّي في "عمل اليوم والليلة" (623) من حديث حسين بن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَن وُلِدَ له فأَذَّن في أُذنه اليمنى، وأقام في أُذنه اليسرى، لم تضرَّه أمُّ الصِّبيان".

وفي إسناده يحيى بن العلاء ومروان بن سالم، وهما متهمان بالوضع، وشيخ أبي يعلى فيه جُبارة بن مغلِّس، وهو ضعيف.

وأُم الصِّبيان، قال المناوي في "الفيض" 6/238: ريحٌ تعرض لهم فربما غُشِيَ عليهم منها، كذا قيل، وأَولى منه قول الحافظ ابن حجر: أم الصبيان هي التابعة من الجنِّ.

قلنا: ومع ضعف الحديث الوارد في هذه المسألة، فقد عمل به جمهور الأمة قديماً وحديثاً، وهو ما أشار إليه الترمذي عقبَه بقوله: والعمل عليه. وقد أورده أهل العلم في كتبهم وبوَّبُوا عليه واستحبُّوه. وانظر "تحفة المودود بأحكام المولود" لابن القيِّم ص39-540

 

جمهور أمة محمد اجتمع على بدعة ليست من سننه، فأين زعمهم في حديث ملفق نسبوه إلى محمد كذلك بأنهم لن يجتمعوا على ضلالة وأنهم أمة معصومة من الخطإ بزعمهم وقراراتهم مقدسة لا تخالف الدين؟!

 

تلفيق حديث التصدق بوزن شعر الطفل حديث الولادة فضةً أو ذهبًا

 

وهي عادة شعبية من تراثنا الشعبي العربي شائعة جدًّا وهي في حد ذاتها عادة طريفة لا اعتراض عليها فيها إحسانٌ للفقراء والمساكين، لكنها ليست من طقسيات وشعائر وتشريعات محمد.

 

روى أحمد:

 

27183 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، وَأَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: لَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ حَسَنًا قَالَتْ: أَلَا أَعُقُّ عَنْ ابْنِي بِدَمٍ؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنْ احْلِقِي رَأْسَهُ ثُمَّ َتَصَدَّقِي (3) بِوَزْنِ شَعْرِهِ مِنْ فِضَّةٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوِ الْأَوْفَاضِ " (4) ، وَكَانَ الْأَوْفَاضُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجِينَ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ فِي الصُّفَّةِ، وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ: " مِنَ الْوَرِقِ عَلَى الْأَوْفَاضِ ـ يَعْنِي أَهْلَ الصُّفَّةِ ـ أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ " فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، قَالَتْ: فَلَمَّا وَلَدْتُ حُسَيْنًا فَعَلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ (5)

 

(3) في (م) : وتصدقي.

(4) في (م) : والأوفاض.

(5) إسناده ضعيف لضعف عبدِ الله بن محمد بن عَقِيل، وشريك - وإن كان سيِّىءَ الحفظ - تابعه عُبيدُ الله بنُ عمرو الرَّقِّي في الرواية (27196) ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. ابن نمير: هو عبد الله، وأبو النَّضْر: هو هاشم ابنُ القاسم.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 8/235، والطبراني في "الكبير" (917) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/304 من طرق عن شريك، به.

وأخرجه الطبراني (918) ، والبيهقي 9/304 من طريق سعيد بن سلمة ابن أبي الحسام، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، به.

قال البيهقي: تفرَّد به ابنُ عَقِيل، وهو، إن صحَّ، فكأنه أراد أن يتولَّى العقيقةَ عنهما بنفسه، كما رويناه، فأمرَها بغيرها، وهو التصدُّق بوزن شعرهما من الوَرِق، وبالله التوفيق.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/57، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وهو حديث حسن.

قلنا: وقد روى البزار (1235) (زوائد) ، وأبو يعلى (2945) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1038) ، وابن حبان (5309) ، والبيهقي 9/299 عن أنس، قال: عقَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حسن وحسين بكبشين.

وروى أبو يعلى (4521) ، وابن حبان (5311) ، والحاكم 4/237، والبيهقي 9/299-300 عن عائشة، قالت: عقَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حسن وحسين يوم السابع، وسماهما، وأمر أن يُماط عن رأسه الأذى.

وروى أبو يعلى أيضاً (1933) عن جابر أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عقَّ عن الحسن

والحسين.

وعن بُريدة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عقَّ عن الحسن والحسين، سلف برقم (23001) .

وفي باب حلق رأس المولود عن سمرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "كل غلامٍ رهين

بعقيقته، تُذبح عنه يومَ السابع، ويُحلَقُ رأسُه، ويُسمى"، سلف برقم (20133) .

وفي باب العقيقة: عن سمرة بن جندب، سلف برقم (20083) .

وسيرد برقم (27196) .

قال السندي: قوله: "أو الأوفاض"، قيل: هم الفرق والأخلاط من الناس، وقد جاءت العقيقة عنهما، فلعله قصد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولاً الاقتصار على ذلك لعدم تيسُّر الثمن، ثم حين تيسّر عقَّ، والله أعلم.

 

حديث ملفق ومعروف أن محمدًا لم يسن شيئًا كهذا بل هي بدعة حسنة ابتدعوها وفيها إحسان للمساكين خاصةً لمن لا يملك ثمن خروف، وإنما كان محمد قد عق عن حفيديه الحسن والحسين بكبشين من الخراف ذبحهما. وروى أحمد:

 

23001 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل حسين بن واقد المروزي، فقد روى له البخاري تعليقاً وفي "الأدب المفرد" ومسلم متابعة وأصحاب السنن، وهو صدوق لا بأس به، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح .

وأخرجه العراقي في "تقريب الأسانيد" ص 72 من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد .

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/234 عن زيد بن الحباب، به .

وأخرجه النسائي 7/164، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/236 من طريق الفضل بن موسى السِّيناني، عن حسين بن واقد، به .

وسيأتي عن علي بن الحسن بن شقيق، عن الحسين بن واقد برقم (23058) .

وفي الباب عن عكرمة، عن ابن عباس موصولاً ومرسلاً عند ابن طهمان في "مشيخته" (53) ، وعبد الرزاق (7962) ، وابن أبي شيبة 8/235، وأبي داود (2841) ، وابن أبي الدنيا في "العيال" (46) ، والحربي في "غريب الحديث" 1/42، والنسائي 7/165-166، وابن الجارود (911) و (912) ، وابن أبي حاتم في "العلل" 2/49، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1039) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (1680) و (1681) ، والطبراني في "الكبير" (2567-2570) و (11838) و (11856) ، وفي "الأوسط" (8014) ، وأبو نعيم في "الحلية" 7/116، وفي "أخبار أصبهان" 2/151، والبيهقي في "السنن" 9/299 و302، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/151، ورجح أبو حاتم كما في "العلل" 2/49 إرساله .

وعن عائشة عند ابن أبي الدنيا في "العيال" (43) ، وأبي يعلى (4521) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1051) ، وابن حبان (5311) ، وابن عدي في "الكامل" 6/2231، والحاكم 4/237، والبيهقي 9/299 و303 و303-304 . وهو صحيح لولا عنعنة ابن جريج فيه .

وعن أنس بن مالك، أخرجه ابن أبي الدنيا في "العيال" (47) ، والبزار (1235 - كشف الأستار) ، وأبو يعلى (2945) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1038) ، وابن حبان (5309) ، والطبراني في "الأوسط" (1899) ، وابن عدي في "الكامل" 2/550، والبيهقي 9/299، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ورقة 710 من طريق جرير بن حازم، عن قتادة، عن أنس . وقال البزار عقبه: لا نعلم أحداً تابع جريراً عليه . وكذا قال ابن عدي في "الكامل" 2/551، وقال أبو حاتم كما في "العلل" 2/50: أخطأ جرير في هذا الحديث، إنما هو قتادة، عن عكرمة، قال: عق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسل . قلنا: وجرير في حديثه عن قتادة ضعف .

وعن جابر بن عبد الله عند ابن أبي شيبة 8/234، وابن أبي الدنيا (48) ، وأبي يعلى (1933) ، والطبراني في "الأوسط" (6704) ، وفي "الصغير" (891) ، وابن عدي في "الكامل" 3/1074، والبيهقي 8/324 . وهو صحيح .

وعن عبد الله بن عمرو عند الحاكم 4/237، وإسناده حسن في المتابعات والشواهد .

 

20083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، (1) وَيَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، وَبَهْزٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَقَالَ بَهْزٌ فِي حَدِيثِهِ: وَيُدَمَّى ، وَيُسَمَّى فِيهِ، وَيُحْلَقُ "، قَالَ يَزِيدُ: " رَأْسُهُ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد صرح الحسن البصري بسماعه لهذا الحديث من سمرة، فقد روى البخاري في "صحيحه" بإثر الحديث (5472) ، والترمذي بإثر الحديث (182) ، والنسائي 7/166، والطحاوي في "شرح المشكل" (1030) ، والبيهقي 9/299، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/307 عن قريش بن أنس قال: أخبرنا حبيب بن الشهيد أن ابن سيرين أمره أن يسأل الحسنَ: ممَّن سمع حديثه في العقيقة؟ قال: فسألتُه فقال: سمعته من سمرة. ومع ذلك فقد توقف بعض أهل العلم في تصحيح رواية قريش هذه كما ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/593.

يزيد: هو ابن هارون، وبهز: هو ابن أسد العَمَّي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي.

وأخرجه الترمذي (1522) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحيح.

وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (910) من طريق يزيد بن هارون، عن شعبة، عن قتادة، به.

وأخرجه أبو داود (2837) ، والطبراني في "الكبير" (6828) من طريق حفص بن عمر أبي عمر الحوضي، عن همام بن يحيى، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/236 و240 و14/222، وأبو داود (2838) ، وابن ماجه (3165) ، والنسائي 7/166، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1032) و (1033) ، والطبراني في "الكبير" (6831) و (6832) ، والبيهقي في "السنن" 9/299، وفي "الشعب" (8630) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة وحده، به.

وأخرجه الطيالسي (909) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1031) ، والطبراني في "الكبير" (6827) و (6829) و (6830) ، وأبو نعيم في "الحلية" 6/191، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/306-307 من طرق عن قتادة، به.

وأخرجه الترمذي (1522) ، والطبراني في "الكبير" (6931) و (6936) و (6955) ، والحاكم كما في "إتحاف المهرة"6/33 من طرق عن الحسن، به.

وأخرجه مرسلاً الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1030) من طريق أشعث، عن الحسن، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وسيأتي بالأرقام (20133) و (20139) و (20188) و (20193) و (20194) و (20256) .

وله شاهد من حديث سلمان بن عامر الضبعي، سلف برقم (16226) .

قلنا: قوله في الحديث: "ويُدَمَّى" هو في رواية همام فقط عن قتادة، فقد تفرّد بهذا الحرف عنه، وذكر أبو داود أنه وهمٌ من همام ولا يؤخذ به، قال: ويُسَمَّى أصحُّ.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/593: واستُشكل ما قاله أبو داود بما في بقية رواية همام عنده (وسيأتي برقم: 20194) أنهم سألوا قتادة عن الدم كيف يصنع به؟ فقال: إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت به أوداجها، ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط، ثم يغسل رأسه بعدُ ويحلق. فيَبْعُد مع هذا الضبط أن يقال: إن هماماً وهم عن قتادة في قوله: "ويدمَّى" إلا أن يقال: إن أصل الحديث: "ويسمَّى"، وإن قتادة ذكر الدم حاكياً عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، ومن ثَم قال ابنُ عبد البر: لا يُحتَمَل همامٌ في هذا الذي انفرد به، فإن كان حفظه فهو منسوخ.

وروى عبد الرزاق (في "مصنفه": 7971) عن معمر، عن قتادة: يُسمَّى يوم يُعَق عنه ثم يحلق، وكان يقول: يطلى رأسه بالدم.

وقد ورد ما يدلُّ على النسخ في عدة أحاديث، منها: ما أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (5308) عن عائشة قالت: كانوا في الجاهلية إذا عَقوا عن الصبي خضبوا قطنة بدم العقيقة، فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها على رأسه، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اجعلوا مكان الدم خَلُوقاَ". زاد أبو الشيخ: ونهى أن يُمسَّ رأسُ المولود بدم.

وأخرج ابن ماجه (3166) من رواية أيوب بن موسى، عن يزيد بن عبد الله المزني، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يُعَق عن الغلام، ولا يُمسُُّ رأسه بدم" وهذا مرسل، فإن يزيد لا صحبة له، وقد أخرجه البزار من هذا الوجه فقال: عن يزيد بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومع ذلك فقالوا: إنه مرسل.

ولأبي داود (2843) ، والحاكم 4/238 من حديث عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: كنا في الجاهلية... فذكر نحو حديث عائشة، ولم يصرح برفعه، قال: فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

24714- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : عَقَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ.

 

صحيح رجاله رجال الصحيح وهو عند ابن أبي الدنيا (48) ، وأبي يعلى (1933) ، والطبراني في "الأوسط" (6704) ، وفي "الصغير" (891) ، وابن عدي في "الكامل" 3/1074، والبيهقي في السنن الكبرى 8/324 .

 

وروى أبو داوود:

 

2841 - حدَّثنا أبو معمرٍ عبدُ الله بن عَمرو، حدَّثنا عبدُ الوارث، حدَّثنا أيوبُ، عن عكرمةَ عن ابن عباسٍ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عقَّ عن الحسنِ والحسينِ كبشاً كبشاً.

 

إسناده صحيح. وقد انتقَاه ابنُ الجارُود (911)، وصححه ابن حزم في "المحلى" 7/ 530، وعبدُ الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 4/ 141 وأقره ابن القطان الفاسي، وصححه كذلك ابنُ دقيق العيد في "الاقتراح" ص 458، وابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 1/ 358، وقد أُعل بالإرسال، وليس بشيء.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "العيال" (46)، وابن الجارود (911) و (912)، والدولابي في "الذرية الطاهرة" (105)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1039)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11856)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان " 2/ 151، وابن حزم في "المحلى" 7/ 530، والبيهقي 9/ 299 و 302، وابن عبد البر في " التمهيد" 4/ 314 من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (7962) عن معمر وسفيان الثوري، عن أيوب، عن عكرمة: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عق عن حَسن وحسين كبشين. هكذا روياه مرسلاً.

وأخرجه النسائي (4219) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج بن الحجاج، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: عق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبشين كبشين. وصحح إسناده أيضاً ابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه"1/ 358.

ورواية ابن طهمان هذه تحتمل أن يكون عق عن كل واحدٍ بكبشين، ولذلك كرر، ويحتمل أن التكرير فيها للتأكيد، والكبشان عن الاثنين، على أن كل واحد عق عنه بكبشٍ. أفاده السندي في حاشيته على النسائي.

وفي الباب عن أنس بن مالك عند البزار (1235 - كشف الأستار)، وأبى يعلى (2945)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1038)، وابن حبان (5309)، والطبراني في "الأوسط" (1878)، وابن عدي في "الكامل" في ترجمة جرير بن  حازم، وابن حزم في "المحلى" 7/ 530، والبيهقي 9/ 299، وصححه ابنُ حزم، وعبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 4/ 142، وأقره ابن القطان الفاسي.

وعن علي بن أبي طالب عند الترمذي (1597)، وقال: حديث حسن غريب، وليس إسناده بمتصل.

وعن جابر بن عبد الله عند أبي نعيم في "الحلية" 3/ 191، وقال: غريب من حديث أبي جعفر، عزيز من حديث بسام الصيرفي، وهو أحد من يجمع حديثه من مقلي أهل الكوفة، تفرد به عنه سنان.

قال ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود": احتج بهذا من يقول: الذكر والأنثى في العقيقة سواء، لا يفضل أحدهما على الآخر، وأنها كبش كبش، كقول مالك وغيره.

واحتج الأكثرون بحديث أم كرز المتقدم، واحتجوا بحديث عائشة: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه أحمد بهذا اللفظ.

واحتجوا أيضاً بما رواه أبو داود [وهو الحديث الآتي بعده]، عن عمرو بن شعيب عن أبيه -أُراه عن جده- وفيه: "ومن ولد له فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة".

قالوا: وأما قصة عقه عن الحسن والحسين فذلك يدل على الجواز، وما ذكرناه من الأحاديث صريح في الاستحباب.

 

2837 - حدَّثنا حفصُ بن عُمر النَّمَري، حدَّثنا هَمامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن الحسنِ عن سمرةَ، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "كل غُلامٍ رَهينةٌ بعقيقتِه: تُذبَحُ عنه يومَ السابعِ، ويُحلَقُ رأسُه ويُدمَّى" فكان قتادةُ إذا سُئِل عن الدمِ كيفت يُصنع به؟ قال: إذا ذبحتَ العقيقةَ أخذتَ منها صُوفةَ واستقبلتَ بها أوداجَها، ثم تُوضَع على يافوخِ الصبىّ حتى يسيلَ على رأسه مثل الخيط، ثم يُغسَل رأسُه بعدُ ويُحلَقُ.

قال أبو داود: وهذا وهَم من همام: "ويُدَمَّى".

[قال أبو داود: خولف همام في هذا الكلام، هو وهم من همام، وإنما قالوا: "يُسَمَّى" فقال همام "يُدَمَّى".

قال أبو داود: وليس يؤخذ بهذا]

 

إسناده صحيح، وقد صرح الحسن -وهو البصري- بسماعه لهذا الحديث من سمرة، فقد روى البخاري في "صحيحه" بإثر الحديث (5472) وغيره، عن قريش ابن أنس، عن حبيب بن الشهيد قال: أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته فقال: من سمرة بن جندب.

قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوذي.

قلنا، قوله: "ويُدمى" لم يرد إلا في رواية همام بن يحيى كما بينه المصنف بإثر هذا الحديث، وبإثر الحديث، الآتى بعده. ولكنه لا يُسلَّم له أنه وهمٌ من همام، لأن قتادة شيخ همام في هذا الحديث لما سئل عن التدمية، وصفَها، قال ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود": وهذا يدل على أن هماماً لم يَهِم في هذه اللفظة، فإنه رواها عن قتادة، وهذا مذهبه، فهو -والله أعلم- بريء من عهدتها.

وقال ابن القيم أيضاً في "زاد المعاد" 2/ 327: فإن كان لفظ التدمية هنا وهماً، فهو من قتادة، أو من الحسن.

وقال الخطابي في "معالم السنن": اختلف في تدميته بدم العقيقة، فكان قتادة يقول به. ويفسره ... وقال الحسن: يُطلى بدم العقيقة رأسُهُ.

قلنا: فهذا يدل على أن التدمية مذهب الحسن وقتادة كما ذكره الخطابي وابن عبد البر في "التمهيد" 4/ 318، والبغوي في "شرح السنة" 11/ 269، وابن القيم في "تهذيب السنن "، و"زاد المعاد" 2/ 327. وعليه فلا يكون همامٌ واهماً، ولعل هذا ما دعا الحافظ ابن كثير لأن يقول عند تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ ...} الآية [آل عمران: 35] ويروى: "ويدمَّي"، وهو أثبت وأحفظ.

ونقل ابن حزم استحباب التدمية عن ابن عمر وعطاء أيضاً.

قال الخطابي: وكره أكثر أهل العلم لطخ رأسه بدم العقيقة. وقالوا: إنه كان من عمل الجاهلية. كرهه الزهري ومالك وأحمد وإسحاق. قلنا: زاد ابن القيم في "زاد المعاد": الشافعي.

قال الخطابي: واستحب غير واحد من العلماء أن لا يسمى الصبي قبل سابعه.

وكان الحسن ومالك يستحبان ذلك.

وأخرجه الترمذي (1600) من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، به. وقال: حديث حسن صحيح.

وهو في "مسند أحمد" (20083)، وانظر تمام الكلام عليه هناك. وانظر ما بعده.

وقوله: كل غلام رهينة بعقيقته. قال في "النهاية": الرهينة: الرهن، والهاء للمبالغة كالشتيمة والشّتم، ثم استعملا بمعنى المرهون، فقيل: هو رهنٌ بكذا ورهينة بكذا، ومعنى رهينة بعقيقته أن العقيقة لازمة لا بد منها، فشبهه في لزومها له وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن.

وهذا التفسير يقوي قول من قال بوجوب العقيقة.

 

2838 - حدَّثنا ابنُ المُثنَّى، حدَّثنا ابنُ أبي عَديٍّ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سمرةَ بن جُندب، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "كلُّ غلامٍ رَهينةٌ بعقيقتِه: تُذبَح عنه يومَ سابعِه، ويُحلَقُ، ويُسمَّى".

قال أبو داود: "ويُسمى" أصحُّ، كذا قال سلَّام بن أبي مُطيع عن قتادةَ، وإياسُ بن دَغْفَلٍ وأشعثُ عن الحسنِ.

 

إسناده صحيح كسابقه. سيد: هو ابن أبي عروبة، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عَدي، وابن المثنى: هو محمد بن المثنى.

وأخرجه ابن ماجه (3165)، والترمذي (1601)، والنسائي (4220) من طريق سعيد بن أبي عَروبة، بهذا الإسناد.

وهو في "مسند أحمد" (20083).

 

حديث ملفق يسعى لتنظيم دولة القانون والنظام

 

روى أحمد:

 

22513 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَسْرِقَنِي أَوْ يَأْخُذَ مِنِّي مَالِي مَا تَأْمُرُنِي بِهِ ؟ قَالَ: " تُعْظِمُ عَلَيْهِ بِاللهِ " . قَالَ: فَإِنْ فَعَلْتُ فَلَمْ يَنْتَهِ ؟ قَالَ: " تَسْتَعْدِي السُّلْطَانَ " . قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِقُرْبِي مِنْهُمْ أَحَدٌ ؟ قَالَ: " تُجَاهِدُهُ أَوْ تُقَاتِلُهُ حَتَّى تُكْتَبَ فِي شُهَدَاءِ الْآخِرَةِ أَوْ تَمْنَعَ مَالَكَ ".

 

حسن لغيره وهذا إسناد حسن إن كان متصلاً، ففي صحبة مخارق خلاف، وقابوس وسماك صدوقان . حسن: هو ابن موسى الأشيب، وزهير: هو ابن معاوية .

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"، وإبراهيم الحربي في "كتاب غريب الحديث" كما في "نصب الراية" 4/349، والنسائي 7/113، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/133، والطبراني 20/ (746-749) ، والبيهقي 8/336، والمزي في ترجمة قابوس بن المخارق من "تهذيبه" 23/331-332 من طرق عن سماك بن حرب، بهذا الإسناد .

وأخرجه إبراهيم الحربي من طريق سفيان الثوري، عن سماك، عن قابوس، لم يقل فيه: عن أبيه، وأشير إلى رواية سفيان هذه ضمن حديث أبي الأحوص عن سماك عند النسائي 7/113 . قال الدارقطني في "العلل" كما في "نصب الراية": والمسند أصح .

وفي الباب عن أبي هريرة عند مسلم (140) ، وسلف برقم (8475) .

وعن قهيد بن مطرف سلف برقم (15486) .

وفي باب من قتل دون ماله فهو شهيد، عن عبد الله بن عمرو، سلف برقم (6523) . وانظر تتمة شواهده هناك .

 

النصوص الإسلامية  الأصلية همجية جدًّا وحشية ولنذكر مثالين ذكرتهما في باب التشريعات الشاذة والباطلة الأول:

 

روى البخاري:

6900 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ حُجْرٍ فِي بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ أَوْ بِمَشَاقِصَ وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعُنَهُ

 

6901 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْتَظِرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنَيْكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الْبَصَرِ

 

6902 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ

 

2152 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زَنَتْ الْأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ

 

تشريعات همجية بحتة، الثاني منها كان فيه مصادرة للحريات الشخصية واعتراف باستعباد وتملك البشر، وكلاهما بدون السلطان أو الحاكم أو الوالي أو القاضي أو الشرطة كما ترى، والأحاديث في مسلم وأحمد وغيرهما كذلك. حياة محمد وصحبه كانت حياة بدو همج بلا دستور ولا قانون متحضر.

 

والحديث منتقد تشريعيًّا وكوصية أخلاقية، فإذا كان أضعف من اللص بكثير وليس لديه مهارته القتالية، فليس من الحكمة تضييع الحياة مع المال، فالأولى تركه يأخذ المال ثم محاولة معرفة من هو والاستعانة بالشرطة إن أمكن.

 

 

حديث ملفق متشيع

 

روى أحمد:

 

23329 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: سَأَلَتْنِي أُمِّي: مُنْذُ مَتَى عَهْدُكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَنَالَتْ مِنِّي وَسَبَّتْنِي، قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: دَعِينِي، فَإِنِّي آتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُصَلِّي مَعَهُ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ لَا أَدَعُهُ حَتَّى يَسْتَغْفِرَ لِي وَلَكِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [إِلَى] الْعِشَاءِ، ثُمَّ انْفَتَلَ فَتَبِعْتُهُ، فَعَرَضَ لَهُ عَارِضٌ فَنَاجَاهُ، ثُمَّ ذَهَبَ فَاتَّبَعْتُهُ فَسَمِعَ صَوْتِي فَقَالَ: " مَنْ هَذَا ؟ "، فَقُلْتُ: حُذَيْفَةُ، قَالَ: " مَا لَكَ ؟ "، فَحَدَّثْتُهُ بِالْأَمْرِ، فَقَالَ: " غَفَرَ اللهُ لَكَ وَلِأُمِّكَ "، ثُمَّ قَالَ: " أَمَا رَأَيْتَ الْعَارِضَ الَّذِي عَرَضَ لِي قُبَيْلُ ؟ "، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: " فَهُوَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَمْ يَهْبِطِ الْأَرْضَ قَطُّ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ، وَيُبَشِّرَنِي أَنَّ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ".

 

إسناده صحيح . إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي .

وأخرجه تاماً ومختصراً النسائي في "الكبرى" (381) و (8298) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 6/372-373 من طريق حسين ابن محمد، بهذا الإسناد .

وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن أبي شيبة 2/198 و12/96، والترمذي (3781) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2966) ، وابن نصر في "قيام الليل" (267) ، والنسائي في "الكبرى" (8365) ، وابن حبان (6960) و (7126) ، والطبراني في "الكبير" (2607) ، والقطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (1406) ، والحاكم 3/151 و381، والبيهقي في "الدلائل" 7/78 من طرق عن إسرائيل، به .

وأخرجه مختصراً بقصة فضل فاطمة الحاكم 3/151 من طريق أبي مريم عبد الغفار بن قاسم الأنصاري، عن المنهال بن عَمرو، به .

وأخرجه مقطعاً الطبراني في "الكبير" (2606) و22/ (1005) من طريق عدي ابن ثابت، والطبراني في "الكبير" (2608) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/230-231 من طريق عاصم بن أبي النجود، كلاهما عن زر بن حبيش، به .

ووقع في رواية عاصم: جبريل، بدل ملك لم ينزل!

وسيأتي الحديث بأخصر مما هنا من طريق زر بن حبيش عن حذيفة برقم (23436) ، ومن طريق الشعبي عن حذيفة برقم (23330) .

وأخرج الطبراني في "الكبير" (2609) ، وفي "الأوسط" (6282) من طريق قيس ابن أبي حازم، عن حذيفة قال: بت عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرأيت عنده شخصاً فقال لي: "يا حذيفة، هل رأيت ؟" قلت: نعم يا رسول الله، قال: "هذا ملك لم يهبط إلي منذ بُعِثت، أتاني الليلة فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" .

وفي باب قوله: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" عن أبي سعيد الخدري، سلف برقم (10999) ، وذُكِرت شواهده هناك .

وفي باب قوله: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة" عن ابن عباس، سلف برقم (2668) .

وعن فاطمة، سيأتي برقم (26413) .

وعن أبي هريرة عند الطبراني في "الكبير" 22/ (1006) .

 

23330 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ تَبِعْتُهُ وَهُوَ يُرِيدُ يَدْخُلُ بَعْضَ حُجَرِهِ، فَقَامَ وَأَنَا خَلْفَهُ كَأَنَّهُ يُكَلِّمُ أَحَدًا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: " مَنْ هَذَا ؟ "، قُلْتُ: حُذَيْفَةُ، قَالَ: " أَتَدْرِي مَنْ كَانَ مَعِي ؟ "، قُلْتُ: لَا، قَالَ: " فَإِنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ يُبَشِّرُنِي أَنَّ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ "، قَالَ: فَقَالَ حُذَيْفَةُ: فَاسْتَغْفِرْ لِي وَلِأُمِّي، قَالَ: " غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا حُذَيْفَةُ وَلِأُمِّكَ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين لكن الشعبي -وهو عامر بن شراحيل- لا يعرف له سماع من حذيفة وإن أدركه صغيراً . ابن أبي السَّفَر: هو عبد الله .

وسلف الحديث بسند صحيح في الرواية السابقة وليس فيها أن الملك هو جبريل، بل ملك لم ينزل إلى الأرض .

 

رغم أنه حسب خرافة الإسناد الخزعبلية صحيح الإسناد، لكنه ملفق مختَلَق، فمن نزل حسب الخرافة: ملاك لم يزل من قبل، أم جبريل ملاك الوحي البوسطجي ساعي البريد دائم النزول والصعود حسب الأساطير الإسلامية؟! والشيعة الاثناعشرية يزعمون في كتبهم أن حذيفة وبعض أصحاب محمد كانوا من الشيعة بمعنى مذهبهم الديني الذي لم يكن له وجود في العصر الأول، ولعل الحديث متشيع ودخل كتب السنة، لأن السنة كذلك كما اتضح لي بهم تشيع بدرجة ما.

 

تسرب بعض الأحاديث الشيعية إلى كتب الحديث السنية

 

مسند أحمد كمثال من أقدم كتب الحديث، وقد تسربت إليه مرويات شيعية واضحة الطابع، وكذلك تسربت أحاديث متشيعة أقل شدة في التشيع في مسند أحمد والسيرة النبوية لابن هشام وكتاب المغازي للواقدي وصحيح مسلم من باب محبة علي، لكن هذا لا يمنع حقيقة كون محمد لم يقلها، كقصة قتل علي مرحبًا اليهودي وهو باطل لأن قاتله على الأصح محمد بن سلمة، وقصة قول اليهود لما قيل لهم أن قائد المسلمين علي أنهم أجابوا: علوتم وإله موسى، من باب الفأل، وروى أحمد:

 

19287 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كَانَ لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْوَابٌ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ . قَالَ: فَقَالَ يَوْمًا: " سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ، إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ " قَالَ: فَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ النَّاسُ، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَمَرْتُ بِسَدِّ هَذِهِ الْأَبْوَابِ، إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ وَقَالَ فِيهِ قَائِلُكُمْ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا سَدَدْتُ شَيْئًا وَلَا فَتَحْتُهُ، وَلَكِنِّي أُمِرْتُ بِشَيْءٍ فَاتَّبَعْتُهُ"

 

إسناده ضعيف ومتنه منكر، ميمون أبي عبد الله، وهو البصري الكندي، ضعفه ابن المديني ويحيى القطان وابن معين وأبو داود، والنسائي وأبو أحمد الحاكم، وقال الأثرم عن أحمد: أحاديثه مناكير، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي. وهو في "فضائل الصحابة" لأحمد (985) ، ومن طريقه أخرجه الحاكم في "المستدرك" 3/125، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، فتعقبه الذهبي فقال: رواه عوف عن ميمون أبي عبد الله. قلنا: يعني يشير إلى أنه ضعيف لضعف ميمون هذا: وقد ذكره في "الميزان" 4/235، وذكر فيه هذا الحديث من منكراته. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8423) ، ومن طريقه الطحاوي في "شرح  مشكل الآثار" (3561) من طريق محمد بن جعفر، به. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 4/185 من طريق المعتمر بن سليمان، عن عوف، به. وقال: وقد روي من طريق أصلح من هذا، وفيها لين أيضاً. وذكره الهيثمي في "المجمع" 9/114، وقال: رواه أحمد، وفيه ميمون أبو عبد الله، وثقه ابنُ حبان! وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح. وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص، سلف برقم (1511) ، وفي إسناده عبد الله بن شريك العامري الكوفي مختلف فيه وكان من أصحاب المختار لم يحدث عنه ابن عيينة، وترك حديثه عبد الرحمن بن مهدي، وقال أبو حاتم والنسائي: ليس بقوي، قال العقيلي: كان ممن يغلو، يعني في التشيع، وعبد الله بن الرقيم مجهول.   وعن ابن عباس، سلف برقم (3061) وفي إسناده أبو بَلْج- وهو يحيى بن سُليم- لم يحمده الإمام أحمد، وقال: روى حديثاً منكراً، وقال البخاري: فيه نظر، وقد روى هذا الحديث عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس فزعم عبد الغني ابن سعيد في "إيضاح الإشكال" أن أبا أبلج غلط فيها وإنما هو ميمون أبو عبد الله عن ابن عباس، قلنا: وميمون ضعيف صاحب مناكير كما سلف بيانه.   وعن ابن عمر، سلف برقم (4797) ، وفي إسناده هشامُ بنُ سعد، وهو ضعيف لا يحتج به، ويكتب حديثُه في المتابعات. ورابع من حديث جابر بن سمرة عند الطبراني في "الكبير" (2031) ، وفي إسناده إسماعيل بن عمرو البجلي وهو واه ، وناصحُ بنُ عبد الله المُحَلّمي الكوفي، مجمع على ضعفه، وتركه بعضهم، قال ابن عدي: من متشيعي أهل الكوفة، وقال البخاري: منكر الحديث.   قال ابن الجوزي في "الموضوعات" 1/366: هذه الأحاديثُ كُلها من وضع الرافضة، قابلوا به الحديث المتفق على صحته في سُدُّوا الأبواب إلا باب أبي بكر. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" 5/34-36: وهو يتحدث عن حديث ابن عباس الطويل: وفيه ألفاظ هي كذب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..  وكذلك قوله: "وسَدَّ الأبواب كلها إلا باب علي" فإن هذا مما وضعته الشيعة على طريق المقابلة، فان الذي في "الصحيح" عن أبي سعيد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في مرضه الذي مات فيه: "إن أَمنَّ الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربِّي، لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يَبْقَيَنَّ في المسجد خوخَةٌ إلا سُدَّت إلا خوخَةَ أبي بكر" ورواه ابن عباس أيضاً في "الصحيحين".

 

1511 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الرُّقَيْمِ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ زَمَنَ الْجَمَلِ فَلَقِيَنَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ بِهَا، فَقَالَ: " أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ الشَّارِعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَتَرْكِ بَابِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ "

 

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن الرقَيم، وعبد الله بن شريك مختلف فيه وكان من أصحاب المختار. حجاج: هو ابن محمد المصيصي، وفطر: هو ابن خليفة. وللحافظ ابن حجر كلام طويل في هذا الحديث، انظر "القول المسدد" ص 5-6 و17-23. وأخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" 1/363 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. وأعله بعبد الله بن شريك وابن الرقيم. وأخرجه النسائي في "خصائص علي" (41) من طريق أسباط بن محمد، عن فطر، به.

 

وروى أحمد:

 

4797 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَسِيدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " كُنَّا نَقُولُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَسُولُ اللهِ خَيْرُ النَّاسِ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ " وَلَقَدْ أُوتِيَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ ثَلَاثَ خِصَالٍ ، لَأَنْ (1) تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ " زَوَّجَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ، (2) وَوَلَدَتْ لَهُ، وَسَدَّ (3) الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ " (4)

 

(1) في (ق) : أن.

(2) في هامش (س) و (ص) و (ظ 1) : ابنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوجته.

(3) في (س) وهامش (ص) : وسدت.

(4) إسناده ضعيف. هشام بن سعد ضعفوه، يكتب حديثه للمتابعات، ولا يحتج به.

عمر - وسماه بعضهم عمرو -: هو ابن أبي سفيان بن أسيد بن جابر الثقفي، ثقة، احتج به الشيخان.

وأخرجه الخلال في "السنة" (581) ، وابن الجوزي في "الموضوعات " 1/364 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/12، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "السنة" (1198) ، عن وكيع، به.

وأخرجه أبو يعلى (5601) ، وابن أبي عاصم (1199) من طريق عبد الله بن داود، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3560) من طريق أبي نعيم، كلاهما عن هشام بن سعد، به. ولفظ الطحاوي: كنا نتحدث في زمن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "خيرُ الناس أبو بكر، ثم عمر رضي الله عنهما ... ".

 

ومن حديث رقم 3061: ....قَالَ: وَخَرَجَ بِالنَّاسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَخْرُجُ مَعَكَ ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللهِ: " لَا " فَبَكَى عَلِيٌّ، فَقَالَ لَهُ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ، إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَّا وَأَنْتَ خَلِيفَتِي "، قَالَ: وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْتَ وَلِيِّي فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي " . وَقَالَ: وسَدَّ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ جُنُبًا ، وَهُوَ طَرِيقُهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ، قَالَ: وَقَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ ، فَإِنَّ مَوْلَاهُ عَلِيٌّ " .

 

إسناده ضعيف بهذه السياقة، أبو بلج- واسمه يحيى بن سليم، أو ابن أبي سليم-، وإن وثقه غير واحد، قد قال فيه البخاري: فيه نظر، وأعدل الأقوال فيه أنه يقبل حديثه فيما لا ينفرد به كما قال ابن حبان في "المجروحين"، وفي متن حديثه هذا ألفاظ منكرة، بل باطلة لمنافرتها ما في الصحيح، ولبعضه الآخر شواهد.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" 5/34-36 بعد أن ساق الحديث: وفيه ألفاظ هي كذب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كقوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنك لست بنبي، لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي" فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذهب غيرَ مرة وخليفته على المدينة غير علي، كما اعتمر عمرةَ الحُديبية، وعلى معه وخليفتُه غيره، وغزا بعد ذلك خيبر ومعه علي وخليفته بالمدينة غيره، وغزا غزوة الفتح وعلي معه وخليفته في المدينة غيره، وغزا حُنيناً والطائفَ وعلي معه وخليفته في المدينة غيره، وحج حجة الوداع وعلي معه وخليفته بالمدينة غيره، وغزا غزوة بدر ومعه علي وخليفته بالمدينة غيره.

وكل هذا معلوم بالأسانيد الصحيحة وباتفاق أهل العلم بالحديث، وكان علي معه في غالب الغزوات وإن لم يكن فيها قتال.

فإن قيل: استخلافه يَدُل على أنه لا يستخلِفُ إلا الأفضل، لزم أن يكون علي مفضولاً في عامة الغزوات، وفي عُمرته وحجته، لا سيما وكل مرة كان يكون الاستخلاف على رجال مؤمنين، وعام تبوك ما كان الاستخلاف إلا على النساء والصبيان ومَن عَذَرَ الله، وعلى الثلاثة الذين خلفوا، أو متهم بالنفاق، وكانت المدينة آمنة لا يُخاف على أهلها، ولا يحتاج المستخلفُ إلى جهاد، كما يحتاج في أكثر الاستخلافات.

وكذلك قوله: "وسد الأبواب كلها إلا باب علي" فإن هذا مما وضعته الشيعةُ على طريق المقابلة، فإنَّ الذي في الصحيح عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في مرضه الذي مات فيه: "إن أمنَّ الناسِ علي في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلا غير ربي لاتخذتُ أبا بكر خليلاً، ولكن أخوة الاسلام ومودَّتُه، لا يَبْقَيَنَّ في المسجد خوخة إلا سُدت إلا خوخة أبي بكر" ورواه ابن عباس أيضاً في "الصحيحين".

ومثل قوله: "أنت وليي في كل مؤمن بعدي" فإن هذا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، والذي فيه من الصحيح ليس هو مِن خصائص الأئمة، بل ولا من خصائص علي، بل قد شاركه فيه غيره، مثل كونه يحب اللهَ ورسولَه ويحبه الله ورسولُه، ومثل استخلافه وكونه منه بمنزلة هارون من موسى، ومثل كون علي مَوْلَى مَن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مولاه، فإن كُل مؤمنٍ موال لله ورسوله، ومثل كون "براءة" لا يبلغها إلا رجل من بني هاشم، فإن هذا يشترك فيه جميعُ الهاشميين، لما رُوي أن العادة كانت جارية بأن لا ينقضَ العهود ويحلها إلارجل من قبيلة المطاع.

قلنا: والحديث أخرجه بطوله الحاكم في "المستدرك " 3/132 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. وصحح إسناده، ووافقه الذهبي!!

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1351) ، والنسائي في "خصائص علي" (24) من طريق يحيى بن حماد، به. وفي كلا الروايتين أن الرجل الذي بعثه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو أبو بكر، ولم ترد في رواية ابن أبي عاصم قصة سؤال الرهط لابن عباس، وفي رواية النسائي لم ترد قصة سؤال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبني عمه: "أيكم يُواليني في الدنيا والآخرة".

وأخرج القطعة الأولى منه النسائي في "الكبرى" (8604) من طريق يحيى بن حماد، وأخرجها البزار (2545- كشف الإستار) من طريق حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس بنحوها. وحكيم بن جبير متروك.

وانظر ما تقدم في مسند علي برقم (778) ، وفي مسند سعد برقم (1608) .

وأما القطعة الثانية: فأخرجها الترمذي (3091) ، والطبري 10/64، والطبراني (12127) و (12128) ، وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" 1/589، والحاكم 3/51-52 من طريق مقسم، عن ابن عباس مطولاً ومختصراً. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عباس، وصحح الحاكم إسناده، ووافقه الذهبي!

وانظر ما تقدم في مسند أبي بكر برقم (4) .

وأما القطعة الثالثة: فسيأتي تخريجها عند الحديث التالي (3062) .

وأما القطعة الرابعة: فستأتي برقم (3542) عن سليمان بن داود الطيالسي، عن أبي عوانة، به. وانظر ما تقدم في مسند علي برقم (1191) .

وأخرجها الترمذي (3734) عن محمد بن حميد، عن إبراهيم بن المختار، عن شعبة، عن أبي بلج، به. بلفظ: "أول من صَلى علي"، وقال: حديث غريب لا نعرفه من حديث شعبة عن أبي بلجٍ ، إلا من حديث محمد بن حميد. قلنا: ومحمد بن حميد - وهو الرازي- ضعيف جدا.

وأخرجها عبد الرزاق (2/392) ، ومن طريقه أحمد في "الفضائل" (997) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (2151) ، وفي "الأوائل" (52) عن معمر، عن عثمان الجزري المشاهد، عن مقسم، عن ابن عباس، ولم يقل فيه "بعد خديجة". وهذا إسناد ضعيف، عثمان الجزري قال أبو بكر بن الاثرم فيما نقله ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/174: سالت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، عن عثمان الجزري، فقال: روى أحاديث مناكير زعموا أنه ذهب كتائه.

وأخرجه كذلك ابن أبي عاصم في "الأوائل" (72) عن أبي مسعود أحمد بن الفرات، والطبراني في "الكبير" (10924) من طريق زهير بن محمد بن قمير، كلاهما عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس. وهؤلاء إنما سمعوا من عبد الرزاق بعد ما عمي، فكان يُلَقن ما ليس في كتبه فيتلقن، والصوابُ الذي روي عنه أنه عن معمر، عن عثمان الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس.

وفي الباب عن سلمان الفارسي عند ابن أبي عاصم في "الأوائل" (68) و (70) ، والطبراني في "الكبير (6174) ، وفي "الأوائل" (51) ، والحاكم 3/136.

وعن مالك بن الحويرث عند الطبراني في "الكبير" 19/ (648) . وإسناداهما ضعيفان جداً لا يفرح بهما، وانظر "العلل المتناهية" لابن الجوزي 1/211.

وعن عمرو بن مرة المرادي الجَمَلي، عن أبي حمزة طلحة بن يزيد مولى الانصار، عن زيد بن أرقم، قال: أول من أسلم- وقال مرة: صَلى- مع رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي بن أبي طالب، قال عمرو: فذكرت ذلك للنخعي- يعني إبراهيم بن يزيد- فأنكره وقال: أبو بكر أول من أسلم مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرجه أحمد 4/368و 371، وطلحة بن يزيد هذا في عداد المجهولين، لم يرو عنه غير عمرو بن مرة.

وأما القطعة الخامسة: فلها شواهد عن وائلة بن الأسقع عند أحمد 4/107، وعن أم سلمة عنده أيضاً 6/292، وعن عائشة عند مسلم (2424) ، وعن عمر بن أبي سلمة عند الترمذي (3205) و (3787) . وانظر حديث سعد بن أبي وقاص المتقدم برقم (1608) .

 

حديث منكر واضح لأنه أخذ قصة أبي بكر السنية المعروفة في البخاري ومسلم وأحمد ونسبها إلى علي، ومن غير المعقول ما كان غرض أحمد بن حنبل ممن رواية قصة كهذه، ربما له غرض تعليمي لذكر الأحاديث المنكرة للعلماء مثلًا أو من باب عرض كل الأحاديث التي عرفها وسمعها. والقصة الأصلية الشهيرة هي هكذا كمافي البخاري:

 

466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنْ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْعَبْدَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَبْكِ إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ

 

467 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنْ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ

 

ولا شك أن السنة كذلك أيدوا عليًّا نظريًّا وكتقييم أخلاقي بتلفيق أحاديث تؤيد حروبه ومواقفه ولكن موقفهم كان أكثر معقولية من تقديس الشيعة وأساطيرهم في هذا الصدد، ولا تزال الكتابة في مديح نسل علي وفاطمة بنت محمد وسيلة للتكسب من كتابة النسائي لكتاب خصائص علي وحتى الصوفية راكبي الأحصنة البيضاء في مصر كزعماء طرق، وقد يكون حديث قصة أبي بكر معقولًا، أما الأحاديث الصحاح عند السنة التي تذكر سرد محمد للخلفاء الأربعة الأوائل بالترتيب فغير معقولة، وإلا ففيما كانت نقاشاتهم وتنازعاتهم وحواراتهم وتوصية عمر مثلًا عند اغتياله بستة اختارهم ليختاروا من بينهم خليفةً للمسلمين، كما ذكرت كتب التاريخ والحديث؟!

وروى الطبراني في المعجم الكبير 8:

 

7494- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَوْصِلِيُّ ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ ، قَالاَ : سَمِعْنَا أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهَا سَتَخْرُجُ رَايَاتٌ مِنَ الْمَشْرِقِ لِبَنِي الْعَبَّاسِ ، أَوَّلُهَا مَثْبُورٌ ، وَآخِرُهَا مَثْبُورٌ ، لاَ تَنْصُرُوهُمْ لاَ نَصَرَهُمُ اللَّهُ مَنْ مَشَى تَحْتَ رَايَةٍ مِنْ رَايَاتِهِمْ أَدْخَلَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَهَنَّمَ ، أَلاَ أَنَّهُمْ شِرَارُ خَلْقِ اللَّهُ ، وَأَتْبَاعُهُمْ شِرَارُ خَلْقِ اللهِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنِّي أَلاَ إِنِّي مِنْهُمْ بَرِيءٌ ، وَهُمْ مِنِّي بَرَاءٌ عَلاَمَتُهُمْ ، يُطِيلُونَ الشُّعُورَ ، وَيَلْبَسُونَ السَّوَادَ ، فَلاَ تُجَالِسُوهُمْ فِي الْمَلَأِ ، وَلاَ تُبَايِعُوهُمْ فِي الأَسْوَاقِ ، وَلاَ تُهْدُوهُمُ الطَّرِيقَ ، وَلاَ تُسْقُوهُمُ الْمَاءَ يَتَأَذَّى بِتَكْبِيرِهِمْ أَهْلُ السَّمَاءِ.

 

حديث متشيع له وجود في بحار الأنوار للمجلسي.

 

وفي أخبار دمشق عن أبي الحسين محمد بن عبدالله الرازي قال ثوبان : قال النبي صلى الله عليه واله : يكون لبني العباس رايتان مركزهما كفر وأعلاهما ضلالة ، إن أدركتها يا ثوبان فلا تستظل بظلهما .


ابي بن كعب : أول الرايات السود نصر وأوسطها غدر وآخرها كفر ، فمن أعانهم كان كمن أعان فرعون على موسى .
تاريخ بغداد قال أبوهريرة : قال النبي صلى الله عليه واله : إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق فإن أولها فتنة وأوسطها هرج وآخرها ضلالة .
أخبار دمشق عن النبي صلى الله عليه واله : أبوأمامة في خبر : أولها منشور وآخرها مثبور

 

تلفيق حديث لدعم تفسير بعينه من تفاسير متعددة مختلفة لآية

 

كمثال روى أحمد:

 

24323 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ فَأَرَانِي الْقَمَرَ حِينَ طَلَعَ، فَقَالَ: " تَعَوَّذِي بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الْغَاسِقِ إِذَا وَقَبَ "

 

حديث حسن من أجل الحارث وهو ابن عبد الرحمن القرشي، خال ابن أبي ذئب، فقد تفرد بالرواية عنه ابن أبي ذئب، وقال النَّسائي: ليس به بأس، وقال ابن سعد: كان قليل الحديث، وقال: ابن معين: هو مشهور، وقال أحمد: لا أرى به بأساً، وانفرد علي ابن المديني بتجهيله، ولم يتابعه على ذلك أحد.

وأخرجه الطيالسي (1486) - ومن طريقه البيهقي في "الدعوات" (314) - والحربي في "غريب الحديث" 2/517، وإسحاق بن راهوية (1072) ، وأبو يعلى (4440) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1771) و (1772) ، والحاكم 2/540 من طرق عن ابن أبي ذئب، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

وقد اختلف في هذا الإسناد على أبي داود الحفري، وهو عمر بن سَعْد.

فرواه الإمام أحمد- كما في هذه الرواية- عنه، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث، به.

ورواه محمود بن غيلان- كما عند النسائي في "الكبرى" (10138) - وهو في "عمل اليوم والليلة" (306) - ومن طريقه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (648) - عنه، عن سفيان، وهو الثوري، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث، به. فزاد في الإسناد سفيان، وهو الأشبه.

ومن طريق سفيان الثوري أخرجه الطبري في "تفسيره" 30/352، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1774) عن ابن أبي ذئب، عن الحارث، به.

وسيرد (25711) و (25802) و (26967) و (26000) .

قال السندي: قوله: "من شر هذا الغاسق"، أي: المظلم.

"إذا وقع"، أي: غاب، وإنما سُمِّي غاسقاً، لأنه إذا أخذ في الطلوع والغروب يظلم لونه لما تعرض دونه من الأبخرة المتصاعدة من الأرض عند الأفق، وهو إذا غاب انتشر الفسقة للسرقة، وللفجور بالنساء، والله تعالى أعلم وانظر "شرح مشكل الآثار" 5/31 للطحاوي.

 

25711 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي، فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ، فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ تَعَوَّذِي بِاللهِ مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ، هَذَا غَاسِقٌ إِذَا وَقَبَ "

 

إسناده حسن، وهو مكرر (24323) ، غير أن شيخ أحمد هنا هو وكيع بن الجراح.

وأخرجه البغوي في "تفسيره" 7/324 (تفسير سورة الفلق) ، وفي "شرح السنة" (1367) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

قال ابن قتيبة: ويقال: الغاسق: القمر إذا كسف فاسودّ، ومعنى وقب: دخل في الكسوف.

وقد ذكر الطبري في "تفسيره" 30/352-353 ثلاثة أقوال في تفسير الغاسق:

أحدها: القمر واستدل بهذا الحديث.

ثانيها: أنه النجم رواه أبو هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قلنا: ولا يصح رفعه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال ابن كثير.

ثالثها: أنه الليل، وهو قول ابن عباس والحسن ومحمد بن كعب القرظي ومجاهد، قلنا: وهو قول الفراء وأبو عبيد وابن قتيبة والزجاج.

قال ابن جرير: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب: أن يقال: إن الله أمر نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يستعيذ من شر غاسق، وهو الذي يظلم، يقال: قد غسق الليل يغسق غسوقاً: إذا أظلم (إذا وقب) يعني إذا دخل في ظلامه، والليل إذا دخل في ظلامه غاسق، والنجم إذا أفل غاسق، والقمر غاسق إذا وقب، ولم يُخصِّصْ بعضَ ذلك، بل عَمَّ الأمرَ بذلك، فكل غاسق، فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يؤمر بالإستعاذة من شره إذا وقب.

 

هذه الرواية تحاول نسبة تفسير غريب للفظ أغرب من القرآن اختلفوا على تفسيره، وقد رجح الطبري في تفسيره رغم إيراده لهذه الرواية أن معنى النص كما في تفسير آخر: الليل إذا دخل! ففي ظلامه تكثر الشرور والسرقات والغدر والهجوم من الأعداء. ومن الغير مفهوم ما علاقة القمر بالشر، والاعتقاد بالأنواء وتأثيرات الكواكب يخالف أحكام الإسلام وفق أصح الأحاديث ويعتبر شركًا حسب مفهوم محمد.

 

وقد عرضنا كمثل ذلك في باب (اختلاف القراآت والنسخ) كيف كانوا يوردون روايات ملفقة كلٌّ منهم محاولًا دعم قراءته هو، ولا يمكن الجمع بين هذه الروايات لاختلاف معاني وألفاظ تلك القراآت. ومن ذلك ما روى أحمد:

 

13249 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، أَخِي يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَهَا: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ) [المائدة:45] نَصَبَ النَّفْسَ، وَرَفَعَ الْعَيْنَ "

 

إسناده ضعيف، أبو علي بن يزيد -وهو ابن أبي النجاد الأيلي- تفرد بالرواية عنه أخوه يونس بن يزيد، وجهَّله أبو حاتم كما في "العلل" 2/79، وذكره ابن حبان في "الثقات" .

وأخرجه أبو عمر الدوري في "قراءا ت النبي" (37) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" 9/52، وأبو داود (3976) و (3977) ، والترمذي (2929) ، وأبو يعلى (3566) ، والطبراني في "الأوسط" (153) ، والحاكم 2/236، والمزي في ترجمة أبي علي بن يزيد من "التهذيب" 34/103 من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وسقط من مطبوع الدوري: أبو علي بن يزيد. وتحرف يونس في المطبوع من "تاريخ البخاري" إلى: ثوير.

وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وقال: قال محمد (يعني البخاري) : تفرد ابنُ المبارك بهذا الحديث عن يونس بن زيد، وهكذا قرأ أبو عُبيد: (والعينُ بالعين) لهذا الحديث.

وقال أبو حاتم في "العلل" 2/79: هذا حديث منكر،... ويرويه عُقيل عن الزهري، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأهاب هذا الحديث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جداً.

وقال الطبراني: لم يروه عن الزهري إلا أبوعلي بن يزيد، ولا عن أبي علي إلا يونس، تفرد به ابن المبارك. ومع هذا فقد صحح الحاكم إسناده!.

وأخرجه الحاكم 2/236-237 من طريق محمد بن معاوية النيسابوري، عن ابن المبارك، به، ولفظه: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ: (أن النفسَ بالنفس والعينُ بالعينِ والأنفُ بالأنفِ والأذنُ بالأذنِ والسنُّ بالسن والجروحُ قِصاصٌ) ، وقال محمد بن معاوية ليس من شرط هذا الكتاب. قلنا: وهو متروك.

وأخرجه أبو عمر الدوري (38) من طريق عباد بن كثير الثقفي، عن عُقيل ابن خالد، عن الزهري، به. قلنا: وعباد متروك.

وأخرج الفراء في "معاني القرآن" 1/310 عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ: (والعينُ بالعين) رفعاً. قلنا: إبراهيم وأبان متروكان.

قلنا: والرفع هي قراءة الكسائي من القراء السبعة، وانظر توجيهها في "الدر المصون" للسمين الحلبي 4/273-277.

 

وقراءة الكسائي من القراء السبعة هذه من باب الاستئناف بجملة جديدة.

 

{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60)}

 

روى أحمد بن حنبل:

 

(24641) 25148- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو خَلَفٍ مَوْلَى بَنِي جُمَحَ ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي سَقِيفَةِ زَمْزَمَ ، لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ ظِلٌّ غَيْرَهَا ، فَقَالَتْ : مَرْحَبًا ، وَأَهْلاً بِأَبِي عَاصِمٍ ، يَعْنِي عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا ، أَوْ تُلِمَّ بِنَا ؟ فَقَالَ : أَخْشَى أَنْ أُمِلَّكِ ، فَقَالَتْ : مَا كُنْتَ تَفْعَلُ ، قَالَ : جِئْتُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا ؟ فَقَالَتْ : أَيَّةُ آيَةٍ ؟ فَقَالَ : الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا ، أَوِ الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا ، فَقَالَتْ : أَيَّتُهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لإِحْدَاهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا ، أَوِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، قَالَتْ : أَيَّتُهُمَا ؟ قُلْتُ : الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا ، قَالَتْ : أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا ، وَكَذَلِكَ أُنْزِلَتْ ، أَوْ قَالَتْ : أَشْهَدُ لَكَذَلِكَ أُنْزِلَتْ ، وَكَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا ، وَلَكِنَّ الْهِجَاءَ حُرِّفَ.

 

إسناده ضعيف، أبو خلف مولى بني جمح ، من رجال "التعجيل" مجهول الحال، روى عنه اثنان، أحدهما طلحة بن عمرو المكي ، وهو متروك، ولم يؤثر توثيقه عن أحد ، وجهَّله الحسيني جهالة عين ، فقال : لا يعرف. وإسماعيل المكي اختلف في تعيينه، فقد جاء هنا غير منسوب ، وكذلك في رواية يزيد الآتية برقم (25169) ، وصرح يزيد بن هارون في روايته -كما ساقها البخاري في "تاريخه" 9 / 28 ، وأبو أحمد في "الكنى" ونقلها عنه الحافظ في "التعجيل"- أنه إسماعيل بن أمية ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9 / 366 أنه إسماعيل بن مسلم المكي الضعيف ، وكذلك ابن كثير في "تفسيره" ، والهيثمي في "المجمع" 7 / 72 - 73 . وقد خطأ ذلك ابن حجر ، ونبه على ذلك في "التعجيل". وأخرجه إسحاق بن راهويه (1644) ، والطبري في "تفسيره" 18 / 33 من طريق طلحة بن عمرو، عن أبي خلف ، بهذا الإسناد مختصراً. وطلحة متروك. وأخرجه الحاكم 2 / 235 و246 من طريق يحيى بن راشد، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي، عن أبيه ، عن عائشة ، بنحوه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وتعقبه الذهبي بقوله : يحيى ضعيف. ورواه أحمد برقم (25115).

 

رغم ضعف إسناده، لكنه يدل على تعدد قراآت النص عند المسلمين وسعيهم لإثبات وجهة نظره ربما بتلفيق أحاديث. هذه القراءة تعكس معنى الكلام تمامًا فالأولى معناها من يقومون بالإحسان للفقراء، والثانية معناها من يقومون بالآثام، ويقول محققو مسند أحمد طبعة الرسالة: وقرأت عائشة وابن عباس وقتادة والأعمش والحسن والنخعي : {يأتون ما أَتَوا} بالقصر من الإتيان، أي : يفعلون ما فعلوا.

 

وهناك رواية أخرى منسوبة لعائشة كأنها لمحاربة ومنافسة السابقة، (ونلاحظ أنهم نسبوا لعائشة كل ما اختلفوا فيه فتجد في مسندها عند أحمد وغيره أقوالهم المتضاربة كنفي وإثبات سنة ما بعد صلاة العصر كليهما على لسانها):

 

(25263) 25777- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ فِي هَذِهِ الآيَةِ : {الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ يَا رَسُولَ اللهِ ، هُوَ الَّذِي يَسْرِقُ وَيَزْنِي وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ ، وَهُوَ يَخَافُ اللَّهَ ؟ قَالَ : لاَ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ، يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يُصَلِّي وَيَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَهُوَ يُخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، عبد الرحمن بن سعيد بن وهب -وهو الخيواني- لم يدرك عائشة فيما قال أبو حاتم ونقله عنه ابنه في "المراسيل" ص127.

وقد اختلف عليه فيه:

فرواه مالك بن مِغْوَل-كما في هذه رواية- عنه، عن عائشة.

وخالفه عمرو بن قيس الملائي -فيما أخرجه الطبري في "تفسيره" 18/33، والطبراني في "الأوسط" (3977) -فرواه عنه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن عائشة.

والمحفوظ عن عبد الرحمن بن سعيد هو المرسل فيما قال الدارقطني في "العلل" 11/193.

قلنا: وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الحميدي (275) ، والترمذي (3175) ، والطبري في "تفسيره" 18/33، والحاكم 2/393-394، والبيهقي في "الشعب" (762) ، وفي "معرفة السنن والآثار" (20854) من طرق عن مالك بن مغول، بهذا الإسناد.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!

وأخرجه الطبري في "تفسيره" 18/34 من طريق ابن إدريس، عن ليث، عن مغيث، عن رجل من أهل مكة، عن عائشة، نحوه.

وأخرجه أيضاً 18/34 من طريق جرير، عن ليث بن أبي سُليم، وهشيم عن العوام بن حوشب جميعاً، عن عائشة، نحوه.

وأخرجه أبو يعلى (4917) من طريق جرير، عن ليث، عن رجل، عن عائشة، نحوه.

قلنا: وهذه الأسانيد ضعيفة كلها.

وسيرد برقم (25705) ، وانظر (24641) .

 

ما الطريقة السليمة إسلاميًّا لغسل شعر النساء في الغسل الطقسي من ممارسة الجنس (طقس خرافي لمصطلح الجنابة الخرافي)

 

روى أحمد:

 

24797 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَجْمَرْتُ رَأْسِي إِجْمَارًا شَدِيدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا عَائِشَةُ، أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ عَلَى كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةً"

 

إسناده ضعيف لإبهام الرجل الراوي عن عائشة ، ولضعف شريك : وهو ابن عبد الله النخعي ، وخُصَيْف: وهو ابن عبد الرحمن الجزري مختلف فيه ، وهو إلى الضعف أقرب.

وله شاهد من حديث أبي أيوب الأنصاري ، وهو عند ابن ماجه (598) رواه من طريق طلحة بن نافع ، عنه ، بلفظ : "أداء الأمانة غسل الجنابة ، فإن تحت كل شعرة جنابة" وإسناده ضعيف لانقطاعه ، طلحة بن نافع لم يسمع من أبي أيوب.

وآخر من حديث علي بن أبي طالب، سلف برقم (727) بلفظ : "من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها ماء، فعل الله تعالى به كذا وكذا من النار" وإسناده ضعيف في إسناده عطاء بن السائب ، وقد اختلط ، ومن روى عنه هذا الحديث إنما رواه عنه بعد اختلاطه، والصواب فيه وقفه على عليّ ، كما بينا ثمة .

وثالث لا يفرح به من حديث أبي هريرة عند أبي داود (248) ، والترمذي (106) ، وابن ماجه (597) ، بلفظ : "تحت كل شعرة جنابة ، فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر" . وفي إسناده الحارث بن وجيه ، وهو منكر الحديث . وانظر "تلخيص الحبير" 1 / 142.

قولها: أجمرت رأسي إجماراً شديداً ، قال ابن الأثير في "النهاية" 1 / 293: أي : جمعته وضفرته.

 

وعلى النقيض روى أحمد:

 

24160 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: بَلَغَ عَائِشَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو يَأْمُرُ النِّسَاءَ إِذَا اغْتَسَلْنَ أَنْ يَنْقُضْنَ رُءُوسَهُنَّ، فَقَالَتْ: يَا عَجَبًا لِابْنِ عَمْرٍو، وَهُوَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ إِذَا اغْتَسَلْنَ أَنْ يَنْقُضْنَ رُءُوسَهُنَّ، أَفَلَا يَأْمُرُهُنَّ أَنْ يَحْلِقْنَ، " لَقَدْ كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، فَمَا أَزِيدُ عَلَى أَنْ أُفْرِغَ عَلَى رَأْسِي، ثَلَاثَ إِفْرَاغَاتٍ ".

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- من رجاله، وقد أخرج له البخاري مقروناً، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. إسماعيل: هو ابن عُلَيَّة، وأيوب: هو السختياني، وعبيد بن عمير: هو الليثي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/73، ومسلم (331) ، وابن ماجه (604) ، وابن خزيمة (247) ، والبيهقي في "السنن" 1/181 من طريق إسماعيل بهذا الإسناد.

وأخرجه إسحاق بن راهوية في "مسنده" (1182) و (1773) ، وابن خزيمة (247) ، وأبو عوانة 1/315، والدارقطني في "السنن" 1/52 من طرق عن أيوب، به.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 1/203، وأبو عوانة 1/315، والطبراني في "الأوسط" (5333) ، والبيهقي في "السنن" 1/196 من طرق عن أبي الزبير، به.

وقد سلف برقم (24014) .

 

14113 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا هِشَامٌ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ، قَالَ: سَأَلَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ ، فَقَالَ: " تَبُلُّ الشَّعْرَ، وَتَغْسِلُ الْبَشَرَةَ "، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ ؟ قَالَ: " كَانَ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا "، قَالَ: إِنَّ رَأْسِي كَثِيرُ الشَّعْرِ، قَالَ: " كَانَ رَأْسُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِكَ، وَأَطْيَبَ ".

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير هشام بن سعد- وهو المدني- فمن رجال مسلم، وهو حسن الحديث.

والحسن بن محمد المذكور في القصة: هو الحسن بن محمد (المعروف بابن الحنفية) بن علي بن أبي طالب الهاشمي.

وأخرجه مختصراً الطيالسي (1801) عن خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (996) ، وابن أبي شيبة 1/64 عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر موقوفاً: يغرف الجنب على رأسه ثلاث غرفات من الماء.

وسيأتي برقم (15037) من طريق معمر، عن زيد بن أسلم، به.

وسيأتي من طريق محمد بن علي برقم (14188) ، ومن طريق بشر بن أبي بشير برقم (15021) ، كلاهما عن جابر.

وانظر ما سيأتي بالأرقام (14250) و (14259) و (14752) .

وله شاهد من حديث أبي هريرة، سلف برقم (7418) ، وانظر تتمة شواهده هناك.

 

14259 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا أَنَا فَأُفْرِغُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا "

 

إسناده قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سفيان- وهو طلحة بن نافع- فمن رجال مسلم، وهو صدوق لا بأس به، وهشيم قد صرح بالتحديث عند مسلم. أبو بشر: هو جعفر بن إياس أبي وحشية.

وأخرجه الطيالسي (1778) ، ومسلم (328) (56) ، وأبو يعلى (2011) ، وأبو عوانة تعليقاً 1/297 والبيهقي 1/177-178 من طريق هشيم، بهذا الإسناد. وعندهم جميعاً أن الذي سأل النبي هم ناس من أهل الطائف، وسيأتي هذا الحديث من طريق أبي الزبير عن جابر برقم (14752) . وانظر ما سلف برقم (14113) .

وأخرجه كلفظ الجماعة البيهقي 1/177 من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن حفص بن غياث، عن جعفر الصادق، عن أبيه، عن جابر وأخرجه ابن أبي شيبة 1/64، وعنه ابن ماجه (577) عن حفص بن غياث، به. لكن وقع في روايته أن السائل هو جابر، وهو خطأ.

 

7418 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَجُلٌ: كَمْ يَكْفِي رَأْسِي فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَصُبُّ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا " . قَالَ: إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ ؟ قَالَ: " كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ وَأَطْيَبَ "

 

إسناده قوي. سعيد: هو ابن أبي سعيد المقبري.

وأخرجه بنحوه الحميدي (977) عن سفيان بن عيينة، وابن أبي شيبة 1/64، وعنه ابن ماجه (578) عن أبي خالد الأحمر، والبزار (314- كشف الأستار) عن عمرو بن يحيى، ثلاثتهم عن ابن عجلان، بهذا الإسناد.

وفي الباب عن جابر، سيأتي 3/292. وعن أبي سعيد، سيأتي 3/54. وفي باب الصب على الرأس ثلاثا في الغسل، عن جبير بن مطعم، سيأتي في مسنده 4/81. وعن عائشة، سيأتي 6/52.

 

لا شك كما ترى أن بعضهم لفقوا أحاديث نسبوها إلى محمد زيفًا، وعرضنا هنا وفي باب التناقضات أمثلة كثيرة من ذلك، فهناك كذلك أحاديث كثيرة كلها صحيحة ومتناقضة في الكثير من المسائل ومعظم ذلك نتيجة تلفيق أتباع محمد لها أو لبعضها.

 

تلفيق أحاديث لتبرير نفي عثمان بظلمٍ منه لأبي ذر الغفاري

 

القصة كانت كالتالي:

 

روى البخاري:

 

1404 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنْ كَنَزَهَا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا  فَوَيْلٌ لَهُ إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلْأَمْوَالِ

                                                                                                                                                        
1405 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ

 

وفي الأحاديث الشهيرة الطويلة في مسند أحمد مثل 72 و4634، ومصنف عبد الرزاق في أوله، تحدد نسب معينة على عدد الأغنام والمواشي للزكاة، وعند البخاري 1454 و1448.

 

وعلى النقيض بعض الوعّاظ الزاهدين ذوي الميول الاشتراكية تمسكوا بنصها، لذلك تعرض أحدهم للنفي والتكدير وعزله عن الناس على يد عثمان لفساده هو وحاشيته وعشيرته، وهو أبو ذر الغفاري، روى البخاري:

 

1406 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ سَمِعَ هُشَيْمًا أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا قَالَ كُنْتُ بِالشَّأْمِ فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي {الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قَالَ مُعَاوِيَةُ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ فَقُلْتُ نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْكُونِي فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَنْ اقْدَمْ الْمَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِي إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ فَكُنْتَ قَرِيبًا فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا الْمَنْزِلَ وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ

 

وكانت أحكام محمد المتشددة المبكرة تتضمن ذلك:


2289 - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا فَقَالَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا لَا قَالَ فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا لَا فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ عَلَيْهَا قَالَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قِيلَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَالُوا صَلِّ عَلَيْهَا قَالَ هَلْ تَرَكَ شَيْئًا قَالُوا لَا قَالَ فَهَلْ عَلَيْهِ

 

وروى أحمد:

 

16527 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِجِنَازَةٍ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: " هَلْ تَرَكَ شَيْئًا ؟ "، قَالُوا: لَا، قَالَ: " هَلْ تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا ؟ "، قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: " هَلْ تَرَكَ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ ؟ "، قَالُوا: لَا، قَالَ: " هَلْ تَرَكَ مِنْ شَيْءٍ ؟ "، قَالُوا: ثَلَاثَ دَنَانِيرَ، قَالَ: " ثَلَاثُ كَيَّاتٍ "، قَالَ: فَأُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَالَ: " هَلْ تَرَكَ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: " هَلْ تَرَكَ مِنْ شَيْءٍ ؟ "، قَالُوا: لَا، قَالَ: " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ "، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو قَتَادَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مختصراً النسائي في "المجتبى" 4/65، وابن حبان (3264) ، وبتمامه الطبراني في "الكبير" (6291) ، والبيهقي في "السنن" 6/72 من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وقد سلف برقم (16510) .

 

16510 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: " هَلْ تَرَكَ مِنْ دَيْنٍ ؟ "، قَالُوا: لَا، قَالَ: " هَلْ تَرَكَ مِنْ شَيْءٍ ؟ "، قَالُوا: لَا، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِأُخْرَى فَقَالَ: " هَلْ تَرَكَ مِنْ دَيْنٍ ؟ "، قَالُوا: لَا، قَالَ: " هَلْ تَرَكَ مِنْ شَيْءٍ ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، قَالَ: فَقَالَ: بِأَصَابِعِهِ ثَلَاثَ كَيَّاتٍ، قَالَ: ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ، فَقَالَ: " هَلْ تَرَكَ مِنْ دَيْنٍ ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: " هَلْ تَرَكَ مِنْ شَيْءٍ ؟ "، قَالُوا: لَا، قَالَ: " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ "، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين كسابقه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (6290) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن يزيد، بهذا الإسناد. وسمى الرجل من الأنصار بأنه أبو قتادة. قلنا: سيأتي التصريح به كذلك في الرواية الآتيه برقم (16527) ، وسيأتي من حديث قتادة 5/297. وأخرجه البخاري (2295) مختصراً، والبيهقي 6/75 من طريق أبي عاصم، عن يزيد، به. إلا أن في رواية البيهقي في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أتي بجنازة ثانية: "هل ترك من دين؟" قالوا: نعم أو قالوا: لا، على الشك. وأخرجه بنحوه البخاري (2289) - ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (2153) - عن مكي بن إبراهيم، عن يزيد، به. وأخرجه البيهقي 6/72 من طريق عبد الملك بن محمد الرقاشي، عن مكي ابن إبراهيم، به، إلا أنه خالف في قوله: "هل عليه دين؟ " قالوا: لا، قال: "هل ترك شيئاً؟ " قالوا: نعم، فصلى عليه، ورواية البخاري من طريق مكي: "هل عليه دين؟" قالوا: لا، قال: "فهل ترك شيئاً؟ " قالوا: لا، فصلى عليه. وعبد الملك صدوق يخطئ، قال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، كان يحدث من حفظه فَكثُرَتِ الأوهام في روايته.  وأخرجه بنحوه مختصراً ابن أبي شيبة 3/371، والطبراني في "الكبير" (6258) من طريق إياس بن سلمة، عن أبيه، به. وسيأتي برقم (16527) ، وانظر حديث عبد الله بن مسعود السالف برقم (3843). وفي الباب من حديث أبي هريرة، وقد سلف برقم (7899) ، وذكرنا هناك تتمة أحاديث الباب.

9538 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى رَجُلٍ تَرَكَ دِينَارَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَيَّتَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو حازم: هو سلمان الأشجعي. وأخرجه البزار (3650 - كشف الأستار) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 3/372 عن عبد الله بن نمير، عن فضيل بن غزوان، به. وسيأتي برقم (10400) .

 

3843 - حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ أَسْوَدُ فَمَاتَ، فَأُوذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " انْظُرُوا هَلْ تَرَكَ شَيْئًا ؟ " فَقَالُوا: تَرَكَ دِينَارَيْنِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَيَّتَانِ ".

 

إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. معاوية: هو ابن عمرو الأزدي، وزائدة: هو ابن قدامة، وزر: هو ابن حبيش. وأخرجه ابن أبي شيبة 3/372، وأبو يعلى (4997) ، من طريق أبي أسامة، عن زائدة، بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/240، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وقد وثق. وسيأتي برقم (3943) ، وبنحوه برقم (3914) و (3994) و (4367) . وفي الباب عن علي تقدم برقم (788) و (1155) . وعن أبي هريرة، سيرد 2/356. وعن جابر، سيرد 3/342. وعن أبي أمامة، سيرد 5/253. وأخرجه الطيالسي (357) ، والبزار (3652) "زوائد"، وأبو يعلى (5037) و (5115) ، وابن حبان (3263) ، والبيهقي في "الشعب " (6962) من طرق عن حماد بن زيد. وأورده الهيثمي في "المجمع " 10/240، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، وفيه عاصم بن بهدلة، وقد وثقه غير واحد، وبقية رجاله رجال الصحيح.

 

3914 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنْبَأَنَا عَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ مَاتَ، فَوُجِدَ فِي بُرْدَتِهِ دِينَارَانِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَيَّتَانِ "

 

إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وبقية رجاله ثقات: رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. وسلف بنحوه برقم (3843) ، وسيأتي برقم (3994) و (4367) . وسيرد تخريجه في الثاني منهما. تخريج 4367: وأخرجه الطيالسي (357) ، والبزار (3652) "زوائد"، وأبو يعلى (5037) و (5115) ، وابن حبان (3263) ، والبيهقي في "الشعب " (6962) من طرق عن حماد بن زيد

 

453 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو قَبِيلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الزَّبَادِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ : أَنَّهُ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَأَذِنَ لَهُ وَبِيَدِهِ عَصَاهُ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : يَا كَعْبُ ، إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالًا ، فَمَا تَرَى فِيهِ ؟ فَقَالَ : إِنْ كَانَ يَصِلُ فِيهِ حَقَّ اللهِ فَلا بَأْسَ عَلَيْهِ . فَرَفَعَ أَبُو ذَرٍّ عَصَاهُ فَضَرَبَ كَعْبًا ، وَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا أُحِبُّ لَوْ أَنَّ لِي هَذَا الْجَبَلَ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ وَيُتَقَبَّلُ مِنِّي ، أَذَرُ خَلْفِي مِنْهُ سِتَّ أَوَاقٍ " أَنْشُدُكَ اللهَ يَا عُثْمَانُ ، أَسَمِعْتَهُ - ثَلاثَ مَرَّاتٍ - ؟ قَالَ : نَعَمْ.

 

إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة ، وجهالة مالك بن عبد الله الزبادي. وهو في " فتوح مصر " ص 286 من طريق ابن لهيعة ، بهذا الإسناد . وفيه " البردادي ". وسيأتي المرفوع منه بنحوه في مسند أبي ذر 5 / 52 و160 - 161 .

 

وروى البخاري ما يشهد لقول حديث أحمد بشبه اللفظ المرويّ عن محمدٍ:

1407 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ جَلَسْتُ و حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ بْنُ الشِّخِّيرِ أَنَّ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ وَالثِّيَابِ وَالْهَيْئَةِ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ بَشِّرْ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ يَتَزَلْزَلُ ثُمَّ وَلَّى فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ فَقُلْتُ لَهُ لَا أُرَى الْقَوْمَ إِلَّا قَدْ كَرِهُوا الَّذِي قُلْتَ قَالَ إِنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا  1408 - قَالَ لِي خَلِيلِي قَالَ قُلْتُ مَنْ خَلِيلُكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّهَارِ وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا لَا وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ

 

6957 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَفِرُّ مِنْهُ صَاحِبُهُ فَيَطْلُبُهُ وَيَقُولُ أَنَا كَنْزُكَ قَالَ وَاللَّهِ لَنْ يَزَالَ يَطْلُبُهُ حَتَّى يَبْسُطَ يَدَهُ فَيُلْقِمَهَا فَاهُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَا رَبُّ النَّعَمِ لَمْ يُعْطِ حَقَّهَا تُسَلَّطُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتَخْبِطُ وَجْهَهُ بِأَخْفَافِهَا وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِي رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ فَخَافَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ فَبَاعَهَا بِإِبِلٍ مِثْلِهَا أَوْ بِغَنَمٍ أَوْ بِبَقَرٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ فِرَارًا مِنْ الصَّدَقَةِ بِيَوْمٍ احْتِيَالًا فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ إِنْ زَكَّى إِبِلَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ بِيَوْمٍ أَوْ بِسِتَّةٍ جَازَتْ عَنْهُ

 

وروى مسلم:

 

 

 [ 992 ] وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن أبي العلاء عن الأحنف بن قيس قال قدمت المدينة فبينا أنا في حلقة فيها ملأ من قريش إذ جاء رجل أخشن الثياب أخشن الجسد أخشن الوجه فقام عليهم فقال بشر الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفيه ويوضع على نغض كتفيه حتى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل قال فوضع القوم رؤوسهم فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا قال فأدبر واتبعته حتى جلس إلى سارية فقلت ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم قال إن هؤلاء لا يعقلون شيئا إن خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم دعاني فأجبته فقال أترى أحدا فنظرت ما علي من الشمس وأنا أظن أنه يبعثني في حاجة له فقلت أراه فقال ما يسرني أن لي مثله ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير ثم هؤلاء يجمعون الدنيا لا يعقلون شيئا قال قلت مالك ولإخوتك من قريش لا تعتريهم وتصيب منهم قال لا وربك لا أسألهم عن دنيا ولا أستفتيهم عن دين حتى ألحق بالله ورسوله

 

 [ 992 ] وحدثنا شيبان بن فروخ حدثنا أبو الأشهب حدثنا خليد العصري عن الأحنف بن قيس قال كنت في نفر من قريش فمر أبو ذر وهو يقول بشر الكانزين بكي في ظهورهم يخرج من جنوبهم وبكي من قبل أقفائهم يخرج من جباههم قال ثم تنحى فقعد قال قلت من هذا قالوا هذا أبو ذر قال فقمت إليه فقلت ما شيء سمعتك تقول قبيل قال ما قلت إلا شيئا قد سمعته من نبيهم صلى الله عليه وسلم قال قلت ما تقول في هذا العطاء قال خذه فإن فيه اليوم معونة فإذا كان ثمنا لدينك فدعه

 

وروى أحمد:

 

8185 - وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ " قَالَ: " يَفِرُّ مِنْهُ صَاحِبُهُ وَيَطْلُبُهُ وَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ " قَالَ: " وَاللهِ لَنْ يَزَالَ يَطْلُبُهُ حَتَّى يَبْسُطَ يَدَهُ فَيُلْقِمَهَا فَاهُ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين.ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البخاري (6957) ، والبغوي بإثر الحديث (1561) . وانظر أحمد برقم (7756) و(8933) ومسلم 988 .

 

17137 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْأَشْيَبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَاهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ: " كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ الشِّدَّةُ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى قَوْمِهِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخِّصُ فِيهِ بَعْدُ، فَلَمْ يَسْمَعْهُ أَبُو ذَرٍّ، فَيَتَعَلَّقَ أَبُو ذَرٍّ بِالْأَمْرِ الشَّدِيدِ "

 

حديث حسن، حسن الأشيب- وهو ابن موسى، وإن روى عنه ابن لهيعة بعد الاختلاط- متابع، وباقي رجال الإسناد ثقات. عبيد الله بن المغيرة: هو ابن معيقيب السبئي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7166) من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/154، وقال: رواه أحمد، وفيه ابنُ لهيعة، وهو ضعيف، رواه الطبراني في "الكبير".

 

إذن ليس خطأ أبي ذر كون محمد صاحب تعاليم متناقضة متضاربة بصورة لا تقبل التوفيق بين متنافراتها.

 

وروى أحمد:

 

21384 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي ذَرٍّ، فَخَرَجَ عَطَاؤُهُ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ، فَجَعَلَتْ تَقْضِي حَوَائِجَهُ، قَالَ: فَفَضَلَ مَعَهَا سَبْعٌ، قَالَ: فَأَمَرَهَا أَنْ تَشْتَرِيَ بِهِ فُلُوسًا، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: لَوْ ادَّخَرْتَهُ لِلْحَاجَةٍ تَنُوبُكَ، أَوْ لِلضَّيْفِ يَنْزِلُ بِكَ. قَالَ: إِنَّ خَلِيلِي عَهِدَ إِلَيَّ " أَنْ أَيُّمَا ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أُوكِيَ عَلَيْهِ، فَهُوَ جَمْرٌ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُفْرِغَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت، فمن رجال مسلم. وأخرجه البزار في "مسنده" (3926) ، والطبراني (1634) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/162 من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (1641) من طريق منصور بن زاذان، عن الحسن البصري، عن عبد الله بن الصامت، به- ولم يذكر فيه قصة. وسيأتي برقم (21561) و (21528) عن يزيد بن هارون عن همام. وسيأتي بنحوه برقم (21480) من طريق أبي مجيبٍ عن أبي ذر.  وانظر (21451) و (21470) .

قوله: "تنوبك" قال السندي: أي: تنزل بك.  "أُوكي" بلا همز في آخره، أي: ربط عليه.

 

21451 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْأَقْنَعِ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ يَفِرُّ النَّاسُ مِنْهُ حِينَ يَرَوْنَهُ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا أَبُو ذَرٍّ، صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: قُلْتُ: مَا يُفِرُّ النَّاسَ؟ قَالَ: "إِنِّي أَنْهَاهُمْ عَنِ الْكُنُوزِ بِالَّذِي كَانَ يَنْهَاهُمْ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

 

صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين، عبد الله بن يزيد بن الأقنع روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "ثقاته" 7/27، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. سفيان: هو الثوري. وأخرجه الحاكم 4/522 من طريق عَبْدان، عن عبد الله بن المبارك، عن سفيان، بهذا الإسناد. وصحح إسناده ووافقه الذهبي في "تلخيصه" وهو تساهل منهما. وقد تحرف "عبدان" في المطبوع منه إلى: عبد الرزاق، وصححناه من "إتحاف المهرة" 14/103. وسيأتي برقم (21534) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري. وانظر (21384) و (21425) .

 

21470 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، حَدَّثَنَا خُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ، قَالَ أَبُو جُرَيٍّ: أَيْنَ لَقِيتَ خُلَيْدًا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ أُنَاسٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِذْ جَاءَ أَبُو ذَرٍّ، حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْهُمْ قَالَ: "لِيُبَشَّرِ الْكَنَّازُونَ بِكَيٍّ مِنْ قِبَلِ ظُهُورِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ بُطُونِهِمْ، وَبِكَيٍّ مِنْ قِبَلِ أَقْفَائِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ جِبَاهِهِمْ ". قَالَ: ثُمَّ تَنَحَّى فَقَعَدَ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَبُو ذَرٍّ. قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا شَيْءٌ سَمِعْتُكَ تُنَادِي بِهِ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا إِلَّا شَيْئًا قَدْ سَمِعُوهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْعَطَاءِ؟ قَالَ: خُذْهُ فَإِنَّ فِيهِ الْيَوْمَ مَعُونَةً، فَإِذَا كَانَ ثَمَنًا لِدِينِكَ فَدَعْهُ (1)

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، خُليدٌ العَصَري -وهو ابن عبد الله- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى له مسلم هذا الحديث الواحد متابعةً، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو الأشهب: هو جعفر بن حيَّان. وأخرجه مسلم (992) (35) ، وابن حبان (3260) من طريق شيبان بن فَرُّوخ، والبزار في "مسنده" (3901) من طريق حبان بن هلال، كلاهما عن أبي الأشهب، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (21485) و (21486) من طريق أبي نعامةَ عن الأحنف بن قيس. وأخرجه بنحوه البخاري (1407) ، ومسلم (992) (34) ، وابن حبان (3259) من طريق أبي العلاء بن الشخير، عن الأحنف بن قيس، به. ورواية مسلم وابن حبان مطولة، وفيها: "ما يسرني إن لي مثل أحد ذهباً أُنفقه كُلَّه إلا ثلاثة دنانير" وهذه الزيادة سلفت في "المسند" برقم (21425). وأخرجه البزار في "مسنده" (3902) من طريق أبي عقيل بشير بن عقبة الناجي، عن رجل، عن الأحنف، به. وأخرج عبد الرزاق (6865) عن معمر، عن قتادة، عن أبي ذر موقوفاً قال: بشر أصحاب الكنوز بكيٍّ في الجباه، وفي الجنوب، وفي الظهور، وقتادة لم يدرك أبا ذرّ. وانظر ما سلف برقم (21384) و (21451) .

 

21485 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَعَامَةَ، عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَأَنَا أُرِيدُ الْعَطَاءَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَجَلَسْتُ إِلَى حَلْقَةٍ مِنْ حِلَقِ قُرَيْشٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ أَسْمَالٌ لَهُ قَدْ لَفَّ ثَوْبًا عَلَى رَأْسِهِ، قَالَ: "بَشِّرِ الْكَنَّازِينَ بِكَيٍّ فِي الْجِبَاهِ، وَبِكَيٍّ فِي الظُّهُورِ، وَبِكَيٍّ فِي الْجُنُوبِ "، ثُمَّ تَنَحَّى إِلَى سَارِيَةٍ، فَصَلَّى خَلْفَهَا رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذَا أَبُو ذَرٍّ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَيْءٌ سَمِعْتُكَ تُنَادِي بِهِ؟ قَالَ: "مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا شَيْئًا سَمِعُوهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". فَقُلْتُ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، إِنِّي كُنْتُ آخُذُ الْعَطَاءَ مِنْ عُمَرَ، فَمَا تَرَى؟ قَالَ: خُذْهُ، فَإِنَّ فِيهِ الْيَوْمَ مَعُونَةً، وَيُوشِكُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا، فَإِذَا كَانَ دَيْنًا فَارْفُضْهُ.

 

 صحيح على شرط مسلم. أبو نعامة: هو السَّعدي، وقيل: اسمه عبد ربِّه، وقيل: عمرو.

 

21530 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ يَزِيدَ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ، حَدِيثٌ، فَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاهُ فَلَقِيتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ فَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاكَ فَأَسْأَلَكَ عَنْهُ، فَقَالَ: قَدْ لَقِيتَ فَاسْأَلْ. قَالَ: قُلْتُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ، وَثَلَاثَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللهُ " قَالَ: نَعَمْ، فَمَا أَخَالُنِي أَكْذِبُ عَلَى خَلِيلِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَلَاثًا يَقُولُهَا، قَالَ: قُلْتُ: مَنِ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: رَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ، فَلَقِيَ الْعَدُوَّ مُجَاهِدًا مُحْتَسِبًا فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَأَنْتُمْ تَجِدُونَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4] ، وَرَجُلٌ لَهُ جَارٌ يُؤْذِيهِ، فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ وَيَحْتَسِبُهُ حَتَّى يَكْفِيَهُ اللهُ إِيَّاهُ بِمَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ، وَرَجُلٌ يَكُونُ مَعَ قَوْمٍ فَيَسِيرُونَ حَتَّى يَشُقَّ عَلَيْهِمُ الْكَرَى وَالنُّعَاسُ، فَيَنْزِلُونَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَيَقُومُ إِلَى وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ " قَالَ: قُلْتُ: مَنِ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمُ اللهُ؟ قَالَ: "الْفَخُورُ الْمُخْتَالُ، وَأَنْتُمْ تَجِدُونَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] ، وَالْبَخِيلُ الْمَنَّانُ، وَالتَّاجِرُ أَوِ الْبَيَّاعُ (1) الْحَلَّافُ " قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا الْمَالُ؟ قَالَ: فِرْقٌ لَنَا وَذَوْدٌ، يَعْنِي بِالْفِرْقِ: غَنَمًا يَسِيرَةً، قَالَ: قُلْتُ: لَسْتُ عَنْ هَذَا أَسْأَلُ، إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنْ صَامِتِ الْمَالِ؟ قَالَ: مَا أَصْبَحَ لَا أَمْسَى، وَمَا أَمْسَى لَا أَصْبَحَ. قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا لَكَ وَلِإِخْوَتِكَ قُرَيْشٍ؟ قَالَ: وَاللهِ لَا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينِ اللهِ حَتَّى أَلْقَى اللهَ وَرَسُولَهُ ثَلَاثًا يَقُولُهَا (2)

 

(1) في (م) و (ر) و (ق) : والبيَّاع.

(2) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الأسود بن شيبان، فمن رجال مسلم. يزيد شيخ المصنف: هو ابن هارون، ويزيد أبو العلاء: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2784) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد، دون القطعة الأخيرة منه. وأخرجه الطيالسي (468) ، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (128) ، والبيهقي 9/160، وأخرجه البزار في "مسنده" (3908) ، والطحاوي (2784) من طريق أبي عامر العقدي، والطحاوي أيضاً (2784) ، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 8/132 من طريق أبي نعيم، والطبراني في "الكبير" (1637) ، والحاكم 2/88 - 89 من طريق مسلم بن إبراهيم، أربعتهم (الطيالسي وأبو عامر وأبو نعيم ومسلم بن إبراهيم) عن الأسود بن شيبان، به. وانظر ما سلف برقم (21340) .

 

21425 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَبَيْنَا أَنَا فِي حَلَقَةٍ فِيهَا مَلَأٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ إِلَّا كَرِهُوا مَا قُلْتَ لَهُمْ. فَقَالَ: إِنَّ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَانِي فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ " فَأَجَبْتُهُ فَقَالَ: "هَلْ تَرَى أُحُدًا؟ " فَنَظَرْتُ مَا عَلَا مِنَ الشَّمْسِ وَأَنَا أَظُنُّهُ يَبْعَثُنِي فِي حَاجَةٍ، فَقُلْتُ: أَرَاهُ. قَالَ: "مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مِثْلَهُ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ الدَّنَانِيرِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن عليَّة، والجُريري: هو سعيد بن إياس، وأبو العلاء بن الشخير: هو يزيد بن عبد الله. وأخرجه مسلم (992) (34) ، وابن حبان (3259) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. وساقاه بتمامه. وأخرجه كذلك البخاري (1407) و (1408) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الوارث بن سعيد، عن الجريري، به. وانظر ما سيأتي برقم (21451) و (21534) وانظر ما سلف (21322) .وقصة ملأ قريش التي لم يسق المصنف لفظها ستأتي عنده مفردة بالأرقام (21470) و (21485) و (21486) .

 

وبسبب أسلوب أبي ذر الغليظ نفاه عثمان ونكَّل به ما سأذكر في باب (الأحداث بعد موت محمد) لدرجة حمله على ركوبة عرية بلا سرج من الشام إلى المدينة لتعذيبه وإيلامه، ثم نفيه. الأسلوب الغليظ الشمولي الفارض لنفسه له خيف أن يتحول إلى قيادة ثورة ضد الطبقية التي ازدادت في عصر عثمان بسبب سياساته.

 

وجاء في الكامل في التاريخ لابن الأثير:

 

ذكر تَسْيِيرِ أَبِي ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ مَا ذُكِرَ فِي أَمْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَإِشْخَاصِ مُعَاوِيَةَ إِيَّاهُ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ، مِنْ سَبِّ مُعَاوِيَةَ إِيَّاهُ وَتَهْدِيدِهِ بِالْقَتْلِ، وَحَمْلِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنَ الشَّامِ بِغَيْرِ وِطَاءٍ، وَنَفْيِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّنِيعِ، لَا يَصِحُّ النَّقْلُ بِهِ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَذَرَ عَنْ عُثْمَانَ، فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّبَ رَعِيَّتَهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ، لَا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلطَّعْنِ عَلَيْهِ، كَرِهْتُ ذِكْرَهَا.

وَأَمَّا الْعَاذِرُونَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَمَّا وَرَدَ ابْنُ السَّوْدَاءِ إِلَى الشَّامِ لَقِيَ أَبَا ذَرٍّ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: الْمَالُ مَالُ اللَّهِ! أَلَا إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لِلَّهِ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجِبَهُ دُونَ النَّاسِ، وَيَمْحُوَ اسْمَ الْمُسْلِمِينَ. فَأَتَاهُ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ: مَا يَدْعُوكَ إِلَى أَنْ تُسَمِّيَ مَالَ الْمُسْلِمِينَ مَالَ اللَّهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا ذَرٍّ! أَلَسْنَا عِبَادَ اللَّهِ وَالْمَالُ مَالُهُ؟ قَالَ: فَلَا تَقُلْهُ. قَالَ: سَأَقُولُ مَالَ الْمُسْلِمِينَ. وَأَتَى ابْنُ السَّوْدَاءِ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ: أَظُنُّكَ [وَاللَّهِ] يَهُودِيًّا! فَأَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، فَتَعَلَّقَ بِهِ عُبَادَةُ وَأَتَى بِهِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي بَعَثَ عَلَيْكَ أَبَا ذَرٍّ.

وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ أَكْثَرُ مِنْ قُوتِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، أَوْ شَيْءٍ يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ يُعِدُّهُ لِكَرِيمٍ، وَيَأْخُذُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ {الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] . فَكَانَ يَقُومُ بِالشَّامِ وَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْأَغْنِيَاءِ وَاسُوا الْفُقَرَاءَ، بَشِّرِ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَكَاوٍ مِنْ نَارٍ تُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ، فَمَا زَالَ حَتَّى وَلِعَ الْفُقَرَاءُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَأَوْجَبُوهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، وَشَكَا الْأَغْنِيَاءُ مَا يَلْقَوْنَ مِنْهُمْ. فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي جُنْحِ اللَّيْلِ فَأَنْفَقَهَا. فَلَمَّا صَلَّى مُعَاوِيَةُ الصُّبْحَ دَعَا رَسُولَهُ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقُلْ لَهُ: أَنْقِذْ جَسَدِي مِنْ عَذَابِ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ أَرْسَلَنِي إِلَى غَيْرِكَ وَإِنِّي أَخْطَأْتُ بِكَ. فَفَعَلَ ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ: يَا بُنَيَّ قُلْ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَصْبَحَ عِنْدَنَا مِنْ دَنَانِيرِكَ دِينَارٌ وَلَكِنْ أَخِّرْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى نَجْمَعَهَا. فَلَمَّا رَأَى مُعَاوِيَةُ أَنَّ فِعْلَهُ يَصْدُقُ قَوْلَهُ كَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ: إِنَّ أَبَا ذَرٍّ قَدْ ضَيَّقَ عَلَيَّ، وَقَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، لِلَّذِي يَقُولُهُ الْفُقَرَاءُ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ: إِنَّ الْفِتْنَةَ قَدْ أَخْرَجَتْ خَطْمَهَا وَعَيْنَيْهَا وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ تَثِبَ، فَلَا تَنْكَأِ الْقَرْحَ، وَجَهِّزْ أَبَا ذَرٍّ إِلَيَّ، وَابْعَثْ مَعَهُ دَلِيلًا وَكَفْكِفِ النَّاسَ وَنَفْسَكَ مَا اسْتَطَعْتَ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَبِي ذَرٍّ.

فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَرَأَى الْمَجَالِسَ فِي أَصْلِ جَبَلِ سَلْعٍ قَالَ: بِشِّرْ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِغَارَةٍ شَعْوَاءَ وَحَرْبٍ مِذْكَارٍ. وَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ: مَا لِأَهْلِ الشَّامِ يَشْكُونَ ذَرَبَ لِسَانِكَ؟

فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ عَلَيَّ أَنْ أَقْضِيَ مَا عَلَيَّ، وَأَنْ أَدْعُوَ الرَّعِيَّةَ إِلَى الِاجْتِهَادِ وَالِاقْتِصَادِ، وَمَا عَلَيَّ أَنْ أُجْبِرَهُمْ عَلَى الزُّهْدِ. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: لَا تَرْضَوْا مِنَ الْأَغْنِيَاءِ حَتَّى يَبْذُلُوا الْمَعْرُوفَ، وَيُحْسِنُوا إِلَى الْجِيرَانِ وَالْإِخْوَانِ، وَيَصِلُوا الْقَرَابَاتِ. فَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ، وَكَانَ حَاضِرًا: مَنْ أَدَّى الْفَرِيضَةَ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ. فَضَرَبَهُ أَبُو ذَرٍّ فَشَجَّهُ، وَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْيَهُودِيَّةِ مَا أَنْتَ وَمَا هَاهُنَا؟ فَاسْتَوْهَبَ عُثْمَانُ كَعْبًا شَجَّتَهُ، فَوَهَبَهُ. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لِعُثْمَانَ: تَأْذَنُ لِي فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنِي بِالْخُرُوجِ مِنْهَا إِذَا بَلَغَ الْبِنَاءُ سَلْعًا. فَأَذِنَ لَهُ، فَنَزَلَ الرَّبَذَةَ وَبَنَى بِهَا مَسْجِدًا، وَأَقْطَعَهُ عُثْمَانُ صِرْمَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَاهُ مَمْلُوكَيْنِ وَأَجْرَى عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ عَطَاءً، وَكَذَلِكَ عَلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ أَيْضًا عَنِ الْمَدِينَةِ لِشَيْءٍ سَمِعَهُ.

وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ يَتَعَاهَدُ الْمَدِينَةَ مَخَافَةَ أَنْ يَعُودَ أَعْرَابِيًّا، أَخْرَجَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ أَهْلَهُ، فَخَرَجُوا وَمَعَهُمْ جِرَابٌ مُثْقِلٌ يَدَ الرَّجُلِ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الَّذِي يَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا مَا عِنْدَهُ؟ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: وَاللَّهِ مَا هُوَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، وَلَكِنَّهَا فَلُوسٌ، كَانَ إِذَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ ابْتَاعَ مِنْهُ فُلُوسًا لِحَوَائِجِنَا. وَلَمَّا نَزَلَ الرَّبَذَةَ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَعَلَيْهَا رَجُلٌ يَلِي الصَّدَقَةَ، فَقَالَ: «تَقَدَّمْ يَا أَبَا ذَرٍّ. فَقَالَ: لَا، تَقَدَّمْ أَنْتَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِي: اسْمَعْ وَأَطِعْ وَإِنْ كَانَ عَلَيْكَ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ» ، فَأَنْتَ عَبْدٌ وَلَسْتَ بِأَجْدَعَ، وَكَانَ مِنْ رَقِيقِ الصَّدَقَةِ اسْمُهُ مُجَاشِعٌ.

 

وقد ورد في كتب الحديث قصص تبريرية بأن أبا ذر اختار النفي بنفسه! فمن يصدق هراءً كهذا، ومرويات كهذه موجودة كذلك في تاريخ الطبري، وروى أحمد:

 

21428 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحَجَّاجٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَّلمُ بِثَلَاثَةٍ: "اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِعَبْدٍ مُجَدَّعِ الْأَطْرَافِ. وَإِذَا صَنَعْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَأَصِبْهُمْ مِنْهُ بِمَعْرُوفٍ. وَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَإِذَا وَجَدْتَ الْإِمَامَ قَدْ صَلَّى فَقَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ، وَإِلَّا فَهِيَ نَافِلَةٌ"

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت، فمن رجال مسلم. حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور، وأبو عمران: هو عبد الملك بن حبيب الجَوْني.

وأخرجه تاماً أبو عوانة في الصلاة (1526) ، وفي البر والصلة كما في "إتحاف المهرة" 14/153 من طريق حجاج وحده، بهذا الإسناد.

وأخرجه كذلك البخاري في "الأدب المفرد" (113) ، والبزار في "مسنده" (3957) ، وابن حبان (1718) من طريق عبد الله بن المبارك، وأبو عوانة (2404) من طريق وهب بن جرير، وابن حبان (5964) من طريق النضر بن شميل، والبغوي (391) من طريق شبابة بن سوار، أربعتهم عن شعبة، به.

وفي رواية ابن حبان قصة لأبي ذر مع عثمان.

وأخرجه دون القطعة الثانية مسلمٌ (648) (240) من طريق عبد الله بن إدريس، عن شعبة، به.

وأخرج القطعة الأولى مفردة مسلم (1837) (36) ، وابن ماجه (2862) ، وابن خزيمة في "كتاب السياسة" كما في "إتحاف المهرة" 14/152، والبيهقي 3/88 من طريق محمد بن جعفر وحده، به.

وأخرجها أبو عوانة (2404) من طريق حجاج وحده، به.

وأخرجها مفردة أيضاً الطيالسي (452) ، ومسلم (1837) (36) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1052) ، وأبو عوانة (1522) و (1525) ، والبيهقي 3/88 و8/155 من طرف عن شعبة، به.

وأخرج القطعة الثانية مفردة النسائي في "الكبرى" (6690) ، وابن حبان (514) من طريق محمد بن جعفر وحده، به.

وأخرجها كذلك ابن المبارك في "الزهد" (606) ، والطيالسي (450) ، والدارمي (2079) ، ومسلم (2625) (143) ، والنسائي في الرقائق من "الكبرى" كما في "التحفة" 9/195، وأبو عوانة في البر والصلة من طرف عن شعبة، به. وفي طريقين من طرق أبي عوانة قصة لأبي ذر مع عثمان.

وأخرجها أيضاً أبو عوانة في البر والصلة من طريق أبي عامر الخزاز، عن أبي عمران الجوني، به.

وأخرج القطعة الثالثة مفردة ابن ماجه (1256) ، وابن حبان (1482) من طريق محمد بن جعفر وحده، به.

وأخرجها كذلك أبو عوانة (2404) من طريق حجاج، به.

وسيأتي الحديث بقطعه الثلاث عن يحيى بن سعيد عن شعبة برقم (21501) .

وسلفت القطعة الثانية منه برقم (21326) .

والقطعة الثالثة سلفت برقم (21306) .

 

21291 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ آتِي الْمَسْجِدَ إِذَا أَنَا فَرَغْتُ مِنْ عَمَلِي، فَأَضْطَجِعُ فِيهِ، فَأَتَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَأَنَا مُضْطَجِعٌ، فَغَمَزَنِي بِرِجْلِهِ، فَاسْتَوَيْتُ جَالِسًا فَقَالَ لِي: "يَا أَبَا ذَرٍّ، كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهَا؟ " فَقُلْتُ: أَرْجِعُ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى بَيْتِي. قَالَ: "فَكَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهَا؟ " فَقُلْتُ: إِذَنْ آخُذَ بِسَيْفِي، فَأَضْرِبَ بِهِ مَنْ يُخْرِجُنِي. فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِي، فَقَالَ: "غَفْرًا يَا أَبَا ذَرٍّ، ثَلَاثًا، بَلْ تَنْقَادُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَادُوكَ، وَتَنْسَاقُ مَعَهُمْ حَيْثُ سَاقُوكَ، وَلَوْ عَبْد (1) أَسْوَدُ " قَالَ أَبُو ذَرٍّ: "فَلَمَّا نُفِيتُ إِلَى الرَّبَذَةِ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ أَسْوَدُ كَانَ فِيهَا عَلَى نَعَمِ الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا رَآنِي أَخَذَ لِيَرْجِعَ وَلِيُقَدِّمَنِي، فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ، بَلْ أَنْقَادُ لِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (2)

 

(1) في (م) : عَبْدًا.

(2) إسناده ضعيف، إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده، وهذه منها، وشهر بن حوشب ضعيف، وقد اختلف عليه في إسناده كما سيأتي. عبد الله بن أبي حسين: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي.

وسيأتي الحديث من طريق عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد في مسندها 6/457.

وسيأتي برقم (21382) من طريق أبي حرب بن أبي الأسود عن عمه، وبرقم (21551) من طريق أبي السليل، كلاهما عن أبي ذر. وكلا الإسنادين ضعيف، وفي متنهما بعض اختلاف.

وقصة السمع والطاعة، ستأتي برقم (21428) بسند صحيح عن أبي ذر.

ونذكر شواهدها هناك.

 

21551 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو السَّلِيلِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْلُو عَلَيَّ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] ، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَةِ، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَخَذُوا بِهَا لَكَفَتْهُمْ " قَالَ فَجَعَلَ يَتْلُوهَا، وَيُرَدِّدُهَا عَلَيَّ حَتَّى نَعَسْتُ، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ أُخْرِجْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: إِلَى السَّعَةِ وَالدَّعَةِ، أَنْطَلِقُ حَتَّى أَكُونَ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ. قَالَ: "كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ أُخْرِجْتَ مِنْ مَكَّةَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: إِلَى السَّعَةِ وَالدَّعَةِ، إِلَى الشَّامِ وَالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ. قَالَ: "كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ أُخْرِجْتَ مِنَ الشَّامِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: إِذَنْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ أَضَعَ سَيْفِي عَلَى عَاتِقِي. قَالَ: "أَوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: أَوَخَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا "

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن أبا السليل - وهو ضُريب بن نُقَير - لم يدرك أبا ذر. وأخرجه الدارمي (2725) ، وابن ماجه (4220) ، والنسائي في "الكبرى" (11603) من طريق معتمر بن سليمان، وابن حبان (6669) ، والحاكم 2/492 من طريق النضر بن شميل، والطبراني في "الأوسط" (2495) من طريق عبد الرحمن بن حماد الشعيثي، ثلاثتهم عن كهمس بن الحسن، بهذا الإسناد.

واقتصروا فيه - غير ابن حبان والطبراني - على أوله إلى قوله: "لكفتهم".

وانظر ما سلف برقم (21291) .

 

ومما ذكره الطبري في تاريخه من الأخبار الملفقة:

 

....وَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا لأَهْلِ الشَّامِ يَشْكُونَ ذَرَبَكَ! فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: مَالُ اللَّهِ، وَلا يَنْبَغِي لِلأَغْنِيَاءِ أَنْ يَقْتَنُوا مَالا.

فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، عَلَيَّ أَنْ أَقْضِيَ مَا عَلَيَّ، وَآخُذَ مَا عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَلا أُجْبِرُهُمْ عَلَى الزُّهْدِ، وَأَنْ أَدْعُوهُمْ إِلَى الاجْتِهَادِ وَالاقْتِصَادِ.

قَالَ: فَتَأْذَنْ لِي فِي الْخُرُوجِ، فان المدينة ليست لي بدار؟ فقال:

او تستبدل بِهَا إِلا شَرًّا مِنْهَا! قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ الله ص أَنْ أَخْرُجَ مِنْهَا إِذَا بَلَغَ الْبِنَاءُ سَلْعًا، قَالَ: فَانْفِذْ لِمَا أَمَرَكَ بِهِ قَالَ: فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ الرَّبَذَةَ، فَخَطَّ بِهَا مَسْجِدًا، وَأَقْطَعَهُ عُثْمَانُ صِرْمَةً مِنَ الإِبِلِ وَأَعْطَاهُ مَمْلُوكَيْنِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: أَنْ تَعَاهَدَ الْمَدِينَةَ حَتَّى لا تَرْتَدَّ أَعْرَابِيًّا، فَفَعَلَ.

 

وهذا باطل، فمن يختار العزلة والنفي والانقطاع عن الناس ومعه زوجته كذلك؟!

 

تلفيق حديث زكاة تجارة الملابس

 

روى أحمد:

 

21557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، بَلَغَهُ عَنْهُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ الْنَصْرِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْبَزِّ (1) صَدَقَتُهُ " (2)

 

(1) البز بالزاي: كما في هامش نسخة (ظ5) : الثياب التي هي أمتعة البزاز وكذلك جاء مقيداً بالزاي في "سنن الدارقطني"، ونقله عنه البيهقى في "سننه"، وأدرج هذا الحديث تحت عنوان: باب زكاة التجارة.

وقال النووي في "المجموع" 6/47: هو بفتح الباء والزاي، هكذا رواه جميع الرواة، وصرح بالزاي الدارقطني والبيهقي، وقال في "تهذيب الأسماء واللغات" 3/27: هو بفتح الباء وبالزاي، وهذا وإن كان ظاهراً لا يحتاج إلى تقييد فإنما قيدته، لأنني بلغني أن بعض الكتاب صحفه بالبُر بضم الباء وبالراء.

(2) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - قد صرح بأنه لم يسمعه من عمران بن أبي أنس وإنما بلغه عنه، ونقل الترمذي في "العلل" عن البخاري قوله: ابن جريج لم يسمع من عمران ابن أبي أنس يقول: حدثت عن عمران بن أبي أنس.

وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير" 1/307، والدارقطني 2/102، والحاكم 1/388، والبيهقي 4/147 من طريق محمد بن بكر، بهذا الإسناد. ورواية الترمذي مختصرة، وسقط من رواية البيهقي ذِكر البقر.

وأخرجه مختصراً وضمن حديث مطول ابن أبي شيبة 3/213، والبزار في "مسنده" (3895) و (3896) ، والدارقطني 2/100 - 101 و101، والبيهقي 4/147 من طريق موسى بن عُبيدة الربذي، عن عمران بن أبي أنس، عن مالك ابن الحدثان، عن أبي ذر. وموسى بن عبيدة ضعيف، وقال ابن حجر في "إتحاف المهرة" 14/182: ومدار الحديث عليه.

وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/388 عن دعلج بن أحمد السجزي، حدثنا هشام بن علي السدوسي، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، حدثنا عمران بن أبي أنس، به. وقد سقط من إسناده بين سعيد بن سلمة وبين عمران بن أبي أنس موسى بنُ عبيدة الرَّبذي، فقد رواه الدارقطني في "سننه" 2/101 عن دعلج بن أحمد بإسناد الحاكم، فذكر فيه موسى بن عبيدة الرَّبذي بين سعيد وعمران. ويؤيد رواية الدارقطني روايةُ البيهقي في "سننه" 4/147 من طريق أحمد بن عبيد الصفار، عن هشام بن علي، به.

وانظر تفصيل الصدقة في هذه الأشياء غير البزِّ في حديث أبي بكر الصِّديق السالف برقم (72) ، وحديث ابن عمر السالف برقم (4634) ، وحديث أبي بكر بن محمد بن حزم، عن أبيه، عن جده عند ابن حبان (6559) ، وحديث معاذ بن جبل الآتي 5/230.

 

لم يخطر على ذهن محمد مسألة تجارة الملابس، لكن زكاة المال عامة منصوص عليها في القرآن والأحاديث، ولأن بعض القوم يكرهون مبدأ القياس والاجتهاد، فكان يجب أن يلفقوا حديثًا منسوبًا إلى محمد عن زكاة البُزِّ أو الملابس!

 

عدم النص على القمح ضمن زكاة الفطر بعد رمضان، وتلفيقهم لأحاديث تنص على زكاة الفطر بالقمح

 

روى مسلم:

 

[ 985 ] حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا داود يعني بن قيس عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري قال كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعا من طعام أو صاعا من أقط أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال إني أرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس بذلك قال أبو سعيد فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت

 

 [ 985 ] حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية قال أخبرني عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول كنا نخرج زكاة الفطر ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا عن كل صغير وكبير حر ومملوك من ثلاثة أصناف صاعا من تمر صاعا من أقط صاعا من شعير فلم نزل نخرجه كذلك حتى كان معاوية فرأى أن مدين من بر تعدل صاعا من تمر قال أبو سعيد فأما أنا فلا أزال أخرجه كذلك

 

[ 984 ] وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا يزيد بن زريع عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال فرض النبي صلى الله عليه وسلم صدقة رمضان على الحر والعبد والذكر والأنثى صاعا من تمر أو صاعا من شعير قال فعدل الناس به نصف صاع من بر

 

 [ 984 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن نافع أن عبد الله بن عمر قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر صاع من تمر أو صاع من شعير قال بن عمر فجعل الناس عدله مدين من حنطة

 

[ 984 ] حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب وقتيبة بن سعيد قالا حدثنا مالك ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له قال قرأت على مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين

 

[ 984 ] حدثنا بن نمير حدثنا أبي ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة واللفظ له قال حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل عبد أو حر صغير أو كبير

   

[ 984 ] وحدثنا محمد بن رافع حدثنا بن أبي فديك أخبرنا الضحاك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حر أو عبد أو رجل أو امرأة صغير أو كبير صاعا من تمر أو صاعا من شعير

 

 [ 985 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب

   

[ 985 ] وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري قال كنا نخرج زكاة الفطر من ثلاثة أصناف الأقط والتمر والشعير

 

وروى البخاري:

 

1507 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ

 

1508 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ يَزِيدَ الْعَدَنِيَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ حَدَّثَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتْ السَّمْرَاءُ قَالَ أُرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ

 

1510 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ

 

1511 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ أَوْ قَالَ رَمَضَانَ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعْطِي التَّمْرَ فَأَعْوَزَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ التَّمْرِ فَأَعْطَى شَعِيرًا فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ حَتَّى إِنْ كَانَ يُعْطِي عَنْ بَنِيَّ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ

 

وروى أحمد:

 

11698 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: "كُنَّا نُؤَدِّي صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ، جَاءَتِ السَّمْرَاءُ، فَرَأَى أَنَّ مُدًّا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ"

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو الثوري.

وهو في "مصنف" عبد الرزاق (5780) .

وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (1505) و (1508) ، والترمذي (673) ، والنسائي في "المجتبى" 5/51، وفي "الكبرى" (2291) ، والدارمي 1/393، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/41، وفي "شرح مشكل الآثار" (3399) ، والبيهقي 4/164 من طرق عن سفيان، به. وعندهم زيادة: "أو صاعاً من طعام" .

وستأتي برقم (11932) . وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، يرون من كل شيء صاعاً، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم: من كل شيء

صاع إلا من البر، فإنه يجزىء نصف صاع، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك، وأهل الكوفة يرون نصف صاع من بُر.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/284، ومن طريقه الشافعي في "المسند" 1/251-252 (بترتيب السندي) ، والبخاري (1506) ، ومسلم (985) (17) ، والدارمي 1/393، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/42، وفي "شرح مشكل الآثار" (3400) ، والبيهقي 4/164، والبغوي (1595) ، عن زيد بن أسلم، به.

وفيه الزيادة السالفة.

وبنحوه أخرجه البخاري (1510) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/42، وفي "شرح مشكل الآثار" (3404) ، من طرق عن زيد بن أسلم، به.

وأخرجه الطيالسي (2226) عن زهير بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيد قال: كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صاعاً صاعاً، وإن كان طعامهم يومئذٍ التمر والزبيب.

وقال أبو داود عقب الحديث رقم (1617) . وقد ذكر معاوية بن هشام في هذا الحديث عن الثوري، عن زيد بن أسلم، عن عياض، عن أبي سعيد: "نصف صاع من بر" ، وهو وهم من معاوية بن هشام، أو ممن رواه عنه.

وقد سلف برقم (11182) ويأتي (11932) و(11933) و(4486).

 

وروى ابن خزيمة في صحيحه:

 

2406 - حدثنا محمد بن سفيان بن أبي الزرد الأبلي حدثنا عبيد الله بن موسى أخبرنا فضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر قال: لم تكن الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا التمر و الزبيب و الشعير ولم تكن الحنطة

 

قال الألباني: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير الأبلي ذكره ابن حبان في الثقات وأثنى عليه أبو داود وروى عنه هو وغيره من الحفاظ

 

القمح ويُعرَف كذلك في اللغة العربية بالحنطة والسمراء والبُرّ محصول أساسي لكل شعوب العالم تقريبًا وخصوصًا في العصر الحالي مع تقدم العلم ووسائل المواصلات والتعبئة والتجارة والميكانيكا وخلافه، لو أن محمدًا كان نبيًّا حقًّا لكان من البديهي أنه لن يُغفل مادة غذائية مهمة وحيوية كهذه من قائمة الصدقات والزكوات وبنودها من الخاصة بعيد الفطر الإسلامي، لكن محمدًا ودينه كانا ابني زمنهما وظروفهما ومحدودين بها، فلا توجد إلهية ووحي إلهي كالذي يزعمونه أو نظرة إلى مستقبل أو دول ومجتمعات وظروف أخرى، كان العرب يعتبر خبزهم هو التمر وخبز الشعير والزبيب، لأن القمح كان يحتاج تربة طينية خصبة وماء وفيرًا، وكان استعمالهم لخبز القمح قليلًا، ولم تكن حياتهم تقدمت كما كانت ستتقدم لاحقًا بحلول عصر الفتوحات والخلافات الإسلامية الحاكمة للأقاليم المحتلة. ونجد في الأحاديث تخشب بعضهم والاستمرار في ممارسة حرفية لسنة محمد العقيمة، أيهما أفضل وأفيد أن أعطي الفقير خبزًا وقمحًا (وربما بمقاييس منتجات عصرنا سنضيف كذلك مكرونة كسلعة قمح مجفف جيدة وأرُزًا) أم أن أعطيه تمرًا وزبيبًا وشعيرًا؟!

 

وقد حاول أحدهم تلفيق حديث كعادتهم في محاولة إضفاء غطاء شرعي على آرائهم واجتهاداتهم التي اختلفوا فيها، فروى أحمد:

 

23664 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: سَأَلْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ، عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، فَحَدَّثَنِي عَنْ نُعْمَانَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ عَنْ أبيه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَدُّوا صَاعًا مِنْ قَمْحٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ بُرٍّ، وَشَكَّ حَمَّادٌ، عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ، غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ، أَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللهُ، وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ، فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا يُعْطِي "

 

إسناده ضعيف لضعف نعمان بن راشد وسوء حفظه، وللاختلاف الذي وقع فيه على الزهري كما سيأتي بيانه، وقد ضعَّفه الإمام أحمد وابن عبد البر كما في "نصب الراية" للزيلعي 2/409.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/45، وفي "شرح المشكل" (3410) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/122 من طريق عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "تاريخه" 5/36، وأبو داود (1619) ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/253، والطحاوي في "شرح المعاني" 2/45، وفي "شرح المشكل" (3411) ، وابن قانع 1/122، والدارقطني في "سننه" 2/147-148 و148-149، والبيهقي 4/167، وابن الأثير فى "أسد الغابة" 1/289 من طرق عن حماد بن زيد، به.

وقد انفرد نعمان بن راشد في هذا الحديث بإيجاب صدقة الفطر على الغني والفقير، فقد رواه دون هذا الحرف بكرُ بن وائل الكوفي -وهو صدوق لا بأس به- عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة عن أبيه، أخرجه البخاري في "تاريخه" 5/36، وأبو داود (1620) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (629) ، وابن خزيمة (2410) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (3412) و (3413) ، وابن قانع 1/122، والطبراني في "الكبير" (1389) ، والحاكم 3/279، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1367) ، وابن الأثير 1/288. وذكر أبو نعيم بإثره طريق بحر السقاء عن الزهري مثله، وبحر ضعيف.

وخالف سفيان بن عيينة عند الدراقطني 2/148، فرواه عن الزهري، عن ابن أبي صعير، عن أبي هريرة روايةً -أي: مرفوعاً- أنه قال: "زكاة الفطر على الغني والفقير" ثم قال -أي: سفيان-: أُخبِرت عن الزهري. فهذا يضعف الإسناد، والراوي عن سفيان عنده هو نعيم بن حماد، وهو ليس بذاك.

قلنا: لكنه قد صَحَّ عن أبي هريرة موقوفاً، فقد رواه معمر عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة، بنحو حديث النعمان بن راشد عن الزهري الذي خرَّجه المصنف هنا، وقد سلف حديث أبي هريرة برقم (7724) ، ورجاله ثقات رجال الشيخين.

وقد روي نحوه -دون إيجاب الصدقة على الغني والفقير- من غير وجه عن الزهري عن سعيد بن المسيب وغيره مرسلاً. انظر "مصنف" ابن أبي شيبة 3/170-171، و"شرح معاني الآثار" 2/45 و46، و"سنن البيهقي" 4/169.

قلنا: وقد جاء في "الصحيحين" وغيرهما عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري ما يفيد أن إخراج مُدَّين من الحنطة عن كل رأسٍ في صدقة الفطر لم يكن على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل أحدثه الناس بعده، انظر "المسند" (4486) و (11182) و (11698) .

قال البيهقي في "السنن" 4/170: وقد وردت أخبار عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صاع من بُرٍّ، ووردت أخبار في نصف صاع، ولا يصحُّ شيء من ذلك، قد بيَّنت عِلَّة كل واحد منها في "الخلافيات".

وقال ابن المنذر كما في "فتح الباري" 3/374: لا نعلم في القمح خبراً ثابتاً عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعتَمد عليه، ولم يكن البُرُّ بالمدينة ذلك الوقت إلا الشيءَ اليسير منه، فلما كَثُر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاعٍ من شعير، وهم الأئمة ..

 

الحديث مناقض لصريح نصوص الصحيحين والروايات الصحيحة في مسند أحمد وغيره لذلك اعترفوا ببطلان وتلفيق ووضع هذا الحديث، فأي جرأة كانت عند هذه الأمة على رسولها المزعوم لدرجة أنهم جعلوه لعبة في أيديهم بدون أي احترام له عند الكثير منهم!

حديث قراءة القرآن كله

 

روى أحمد:

 

6546 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فِي كَمْ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ ؟ قَالَ: " اقْرَأْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ "، قَالَ: قُلْتُ: " إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: " اقْرَأْهُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ "، قُلْتُ: إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: " اقْرَأْهُ فِي عِشْرِينَ "، قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: " اقْرَأْهُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ "، قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: " اقْرَأْهُ فِي عشر "، قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: " اقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ "، قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: " لَا يَفْقَهُهُ مَنْ يَقْرَؤُهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يزيد: هو ابن هارون، وهمام: هو ابن يحيى العوذي. وأخرجه أبو داود (1390) من طريق همام، بهذا الإسناد. وهو مطول (6535) و (6810) ، ومختصر (6775). وهو قطعة من حديث ورد مطولاً برقم (6477) .

 

6477 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُغِيرَةَ الضَّبِّيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: زَوَّجَنِي أَبِي امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيَّ جَعَلْتُ لَا أَنْحَاشُ لَهَا، مِمَّا بِي مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى الْعِبَادَةِ، مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى كَنَّتِهِ ، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ وَجَدْتِ بَعْلَكِ ؟ قَالَتْ: خَيْرَ الرِّجَالِ أَوْ كَخَيْرِ الْبُعُولَةِ ، مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا، وَلَمْ يَعْرِفْ لَنَا فِرَاشًا، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، فَعَذَمَنِي ، وَعَضَّنِي بِلِسَانِهِ، فَقَالَ: أَنْكَحْتُكَ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ ذَاتَ حَسَبٍ ، فَعَضَلْتَهَا ، وَفَعَلْتَ، وَفَعَلْتَ ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَانِي، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: " أَتَصُومُ النَّهَارَ ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: " وَتَقُومُ اللَّيْلَ ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: " لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَمَسُّ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي "

قالَ: " اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ "، قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: " فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ "، قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ، - قَالَ أَحَدُهُمَا، إِمَّا حُصَيْنٌ وَإِمَّا مُغِيرَةُ - قَالَ: " فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: " صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ "، قُلْتُ: إِنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يَرْفَعُنِي حَتَّى قَالَ: " صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الصِّيَامِ، وَهُوَ صِيَامُ أَخِي دَاوُدَ " صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

قَالَ حُصَيْنٌ فِي حَدِيثِهِ: ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنَّ لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَّةً، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً ، فَإِمَّا إِلَى سُنَّةٍ، وَإِمَّا إِلَى بِدْعَةٍ ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّةٍ، فَقَدِ اهْتَدَى، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ " قَالَ مُجَاهِدٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، حَيْثُ ضَعُفَ وَكَبِرَ، يَصُومُ الْأَيَّامَ كَذَلِكَ، يَصِلُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، لِيَتَقَوَّى بِذَلِكَ، ثُمَّ يُفْطِرُ بِعَدِّ تِلْكَ الْأَيَّامِ، قَالَ: وَكَانَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ حِزْبِهِ كَذَلِكَ، يَزِيدُ أَحْيَانًا، وَيَنْقُصُ أَحْيَانًا، غَيْرَ أَنَّهُ يُوفِي الْعَدَدَ، إِمَّا فِي سَبْعٍ، وَإِمَّا فِي ثَلَاثٍ، قَالَ: ثُمَّ كَانَ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: " لَأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ أَوْ عَدَلَ، لَكِنِّي فَارَقْتُهُ عَلَى أَمْرٍ أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. هُشَيم: هو ابن بَشِير، وحُصَين بن عبد الرحمن: هو أبو الهُذيل السُّلَمي، ومُغيرةُ الضَّبِّي: هو ابن مِقْسَم. ومن طريق أحمد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 1/285-286. وأخرجه مختصراً النسائي في "المُجتبى" 4/209، و"الكبرى" (2696)، والطحاوي في"شرح معاني الآثار"2/87 من طريق هُشيم، بهذا الإِسناد. وأخرجه ابن خزيمة (2105) من طريق ابن فُضيل، عن حُصَين، به. وأخرجه البخاري (5052) من طريق مغيرة، به. دون قوله: "لكل عابد شِرَّة". وأخرجه النسائي في "المجتبى" 4/210، و"الكبرى" (2698) من طريق عَبْثَر، عن حُصين، به، نحوه، دون قوله: "لكل عابد شِرَّة". وأخرجه أيضاً في"المجتبى"4/209-210، و"الكبرى" (2697) من طريق أبي عَوانة، عن مغيرة، به نحوه، دون ذكر القراءة والشرَّة، وقوله: "وأصوم وأفطر". وأخرجه البخاري (1980) ، ومسلم (1159) (191) ، والنسائي في "المجتبى" 4/215-216، و"الكبرى" (2710) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/86، وابن حبان (3640) من طريق أبي قلابة، عن أبي المليح، عن عبد الله بن عمرو. وقوله: "لكل عابد شرة..." سيرد تخريجه برقم (6764). وهذا الحديث سيورده أحمد بطوله، أو يورد أجزاء منه في مواضع متعددة من طرق مختلفة بالأرقام: (6491) و (6506) و (6516) و (6527) و (534) و (6535) و (6539) و (6540) و (6545) و (6546) و (6760) و (6761) و (6762) و (6764) و (6766) و (6775) و (6789) و (6810) و (6832) و (6841) و (6843) و (6862) و (6863) و (6866) و (6867) و (6873) و (6874) و (6876) و (6877) و (6878) و (6880) و (6914) و (6915) و (6921) و (6951) و (6958) و (6988) و (7023) و (7087) و (7098) .

قوله: "لا أنحاش لها"، قال السندي: من الانحياش، وهو الاكتراث.  وقوله: "إلى كَنَّته": بفتح الكاف وتشديد النون، أي: امرأة ابنه، وجمعها كنائن. والبعولة: جَمع بَعْل، وهو الزوج.  وقولها: لم يفتش لنا كنفاً: قال السندي: أكثر ما يُروى بفتح كاف ونون، بمعنى الجانب، أي إنه لم يقربها... وقيل: بكسر كاف وسكون نون بمعنى وعاء الراعي الذي يجعل فيه آلته، أي: لم يدخل يده مع زوجته في دواخل أمرها.  قوله: "فعَذَمني": العذم، لغة: العض، والمراد هاهنا الأخذ باللسان، فقوله: وعضني بلسانه تفسير له.  وقوله: "فعضلتَها"، أي: حبستها، ففي "الكشاف": العضل: الحبس، أو منعتها الحق الذي لها عليك... من العَضْل: وهو المنع، أي: لم تعاملها معاملة الأزواج لنسائهم، ولم تتركها تتصرف في نفسها.  والشِّرَّة: بكسر الشين المعجمة وتشديد الراء: الحرص على الشيء والنشاط له. والَفتْرة، بفتح فسكون: ضده، أي: العابد يبالغ في عبادته أول الأمر، ويجد في نفسه قوة على ذلك شوقاً ورغبة فيه، وكل مبالغ فلا بد أن تنكسر همته، وتفتر قوته عن ذلك الجد عادة، فمنهم من يرجع حين الفتور إلى الاعتدال في الأمر، ويترك الإِفراط فيه، فهذا مهتد، ومنهم من يرجع حين الفتور إلى ترك العبادة بالكلية، والاشتغال بضدها، فهذا هالك، والله تعالى أعلم. قاله السندي.

 

الحديث مشكوك فيه من ناحيتي، لم يكن تم جمع كل القرآن في كتاب واحد بنظام حتى عصر عمر أو عثمان، ولم يكن أي شخص تقريبًا يحفظ كل نص قرآني، وقبل جمع لجان عمر ثم عثمان للقرآن وتنقيحه كانت توجد فوضى عارمة للتشريعات وتنوعات النصوص وبعض الآيات التي ألغى محمد تلاوتها في حين كان بالتأكيد البعض يحفظونها ولا يعلمون بإلغائها، وغيرها كما نذكر بباب (اختلافات القراآت والنُسَخ)، بالتالي الكلام عن ختم القرآن في عصر محمد مشكوك في صحته تاريخيًّا.

 

كم أقل وقت مسموح له لقراءة القرآن كله؟

 

مثال آخر لتناقض يكشف أن الحديث كله ملفَّق، فالروايات السابقة ذكرت أنه ثلاثة أيام، لكن الرواية التالية تقول سبعة أيام، روى أحمد:

 

6506 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ "، ثُمَّ نَاقَصَنِي، وَنَاقَصْتُهُ، حَتَّى صَارَ إِلَى سَبْعٍ.

 

صحيح، إسماعيل -وهو ابن عُلية، وإن سمع من عطاء بن السائب بعد الاختلاط-، تابعه حماد بن زيد عند أبي داود، وهو صحيح السماع منه، والسائب أبوه: هو ابن مالك، أو ابن زيد، ثقة، روى له الأربعة، والبخاري في "الأدب المفرد". وأخرجه الطيالسي (2273) عن هشام الدستوائي، وأبو داود (1389) من طريق حماد -وهو ابن زيد-، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/86 من طريق زائدة بن قدامة، ثلاثتهم عن عطاء بن السائب، به. وسيكرر مطولاً برقم (7023) .

وقد اختلفت الروايات في كم يختم القرآن: فهذه الرواية، والروايات: (6516) و (6873) و (6876) و (6880) ، و (7023) : في سبع.  وفي الروايات: (6477) و (6535) و (6546) و (6764) و (6775) و (6810) و (6841) و (6863) : في ثلاث. وفي الرواية (6843) : في خمس.

 

وروى البخاري:

5054 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ وَأَحْسِبُنِي قَالَ سَمِعْتُ أَنَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ قُلْتُ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً حَتَّى قَالَ فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ

 

وأخرجه مسلم (1159) (184) ، والبيهقي في "السنن" 2/396 من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، به. وقسم الصيام أخرجه أبو نُعيم في "الحلية" 1/284 من طريق يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، به.

 

والرواية التي ذكرت في خمسة أيام، كالتالي كما روى أحمد:

 

6843 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ "، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُ إِلَيْهِ، حَتَّى قَالَ: " اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ "، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: " فَصُمْ أَحَبَّ الصَّوْمِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، صَوْمِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو العباس: هو السائب بن فروخ. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 4/214، و"الكبرى" (2708) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2256) من طريق عمرو بن مرة، عن أبي العباس، به، بلفظ: "أمره أن يقرأ القرآن في خمس". وقسمُ القراءة أيضاً أخرجه الترمذي (2946) ، والنسائي في "الكبرى" (8065) ، والدارمي 2/471، والبغوي (1223) ، من طريق مطرف بن طريف، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي بردة، عن ابن عمرو، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، يستغرب من حديث أبي بردة، عن عبد الله بن عمرو. وقد سلف مطولاً برقم (6477) .

 

أحد الأحاديث المنسوبة إلى عدي بن حاتم مناقض للتاريخ المعروف

 

روى أحمد:

 

18260 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ، قَالَ: نَعَمْ، لَمَّا بَلَغَنِي خُرُوجُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَرِهْتُ خُرُوجَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، خَرَجْتُ حَتَّى وَقَعْتُ نَاحِيَةَ الرُّومِ، وَقَالَ يَعْنِي يَزِيدَ بِبَغْدَادَ، حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى قَيْصَرَ، قَالَ: فَكَرِهْتُ مَكَانِي ذَلِكَ أَشَدَّ مِنْ كَرَاهِيَتِي لِخُرُوجِهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ، لَوْلَا أَتَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَضُرَّنِي، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا عَلِمْتُ، قَالَ: فَقَدِمْتُ فَأَتَيْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ قَالَ النَّاسُ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ . قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: " يَا عَدِيُّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ " ثَلَاثًا، قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي عَلَى دِينٍ، قَالَ: " أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ " فَقُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِدِينِي مِنِّي ؟ قَالَ: " نَعَمْ، أَلَسْتَ مِنَ الرَّكُوسِيَّةِ ، وَأَنْتَ تَأْكُلُ مِرْبَاعَ قَوْمِكَ ؟ " قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: " فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ "، قَالَ: فَلَمْ يَعْدُ أَنْ قَالَهَا، فَتَوَاضَعْتُ لَهَا، فَقَالَ: " أَمَا إِنِّي أَعْلَمُ مَا الَّذِي يَمْنَعُكَ مِنَ الْإِسْلَامِ، تَقُولُ: إِنَّمَا اتَّبَعَهُ ضَعَفَةُ النَّاسِ، وَمَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ، وَقَدْ رَمَتْهُمْ الْعَرَبُ . أَتَعْرِفُ الْحِيرَةَ ؟ " قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ سَمِعْتُ بِهَا . قَالَ: " فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ، حَتَّى تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِوَارِ أَحَدٍ، وَلَيَفْتَحَنَّ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ " قَالَ: قُلْتُ: كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ ؟ قَالَ: " نَعَمْ، كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ، وَلَيُبْذَلَنَّ الْمَالُ (1) حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ " قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: " فَهَذِهِ الظَّعِينَةُ تَخْرُجُ مِنَ الْحِيرَةِ، فَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِوَارٍ، وَلَقَدْ كُنْتُ فِيمَنْ فَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكُونَنَّ الثَّالِثَةُ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَهَا " (2)

 

(1) في (ظ13) : وليبذلن الله المال.

(2) بعضه صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي عبيدة- وهو ابن حذيفة ابن اليمان - فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه العجلي ولا نعلم فيه جرحاً، وهو من رجال النسائي وابن ماجه، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. يزيد: هو ابن هارون. وقوله: "عن رجل" الصحيح أنه ليس في طريق هشام بن حسان ، كما صرح بذلك حماد بن زيد، فيما سيأتي 4/379 ولم يرد من طريقه عند الحكم والبيهقي، كما سيرد في التخريج، وإنما هو في إسناد يونس بن محمد المؤدب، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، الآتي برقم (18268) . والحديث موصول بين أبي عبيدة بن حذيفة وعدي بن حاتم كما هو ظاهر. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 4/518-519 من طريق عبد الله بن بكر البيهقي، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/343 من طريق مخلد بن الحسين، كلاهما عن هشام بن حسان ، به. لم يذكر الرجل المبهم في الإسناد. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قلنا: أبو عبيدة بن حذيفة ليس من رجال الشيخين، كما سلف. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (3595) من طريق سعد الطائي، عن محل بن خليفة، عن عدي بن حاتم مرفوعاً بلفظ: بينا أنا عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ أتاه رجل، فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر، فشكا إليه قطع السبيل، فقال: "يا عدي، هل رأيت الحيرة؟" قلت: لم أرها، وقد أُنبئت عنها. قال: "فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحداً إلا الله" قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعَار طييء الذين قد سعَروا البلاد؟! "ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوزُ كسرى" قلت: كسرى بن هرمز؟! قال: "كسرى بن هرمز، ولئن طالت بك حياة لترينَّ الرجلَ يُخرجُ مِلْءَ كفه من ذهب أو فضة، يطلب من يقبله منه، فلا يجد أحداً يقبله منه..". وجاء في آخره نحو قول عدي في هذه الرواية. وسيرد بالأرقام (18268) و (18269) و4/378 و379.

 

بالإضافة إلى كونها نبوءة مكتوبة بعد انتهاء الفتوحات والأسلمة بمئات السنين ويحتمل أنها ملفَّقة معجزة مكذوبة لمحمد، فوصف المسلمين فيه بالضعفة والضعفاء غير سليم، فراجع الجزء الأول لي (حروب محمد الإجرامية) فمناسبة الحديث هنا قيام جيش محمد بقيادة علي بن أبي طالب ابن عمه بهجوم على قبيلة طيء من القبائل اليمينة القوية وكان قد أسر أخت أو خالة عدي بن حاتم الطائي في السبايا المخطوفات، وفي الفترة التي وقع الحديث فيها كانت قوة الإسلام كبيرة جدًّا ويفرض سلطانه ويتوسع في كل شبه جزيرة العرب، فالحديث ملفَّق أو على الأقل هذه الكلمة ملفَّقة بوضوح.

 

حذيفة بن اليمان يكشف لنا عن الإضافات التي أضافوها على قصة أسطورة الإسراء والمعراج بعد موت

كشفتُ في كتاب (أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية والهرطقات) أن مصدر نصوص أسطورة الإسراء والمعراج في القرآن والأحاديث مصدرها سفر (صعود أو معراج بولس) من كتب الأبوكريفا لاحقة ومتأخرة التلفيق من خارج الكتاب المقدس للمسيحيين. يكشف لنا حذيفة بن اليمان أن بعض أو معظم أو كل ما سرده المسلمون في الأحاديث مقتبسًا من نفس المصدر الأبوكريفي عن مقابلة محمد للأنبياء وما تخيلوه عن صلاته بهم في المسجد الأقصى (هيكل ومعبد سليمان) لم يكن في الأصل من الكلام الذي حكاه ولفقه محمد في الأسطورة الأصلية، يكفي محمد أنه ادعى السفر إلى مكان لا وجود له (الهيكل كان مهدومًا منذ سنة 70 م على يد تيتُس الروميّ ولم يبن مكانه إلا عمر بن الخطاب لاحقًا المسجد الأقصى، فأن يصلي فيه كذلك يعتبر استمرارًا ومبالغة وتكبيرًا لنفس الغلطة التاريخية). روى أحمد عن تكذيب حذيفة لما يرويه المسلمون مما أضافوه:

 

23285 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: " فَانْطَلَقْتُ ـ أَوْ انْطَلَقْنَا (1) ـ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ "، فَلَمْ يَدْخُلَاهُ، قَالَ: قُلْتُ: بَلْ دَخَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَئِذٍ وَصَلَّى فِيهِ، قَالَ: مَا اسْمُكَ يَا أَصْلَعُ ؟ فَإِنِّي أَعْرِفُ وَجْهَكَ، وَلَا أَدْرِي مَا اسْمُكَ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، قَالَ: فَمَا عِلْمُكَ بِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهِ لَيْلَتَئِذٍ ؟ قَالَ: قُلْتُ: الْقُرْآنُ يُخْبِرُنِي بِذَلِكَ، قَالَ: مَنْ تَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فَلَجَ، اقْرَأْ، قَالَ: فَقَرَأْتُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1] ، قَالَ: فَلَمْ أَجِدْهُ صَلَّى فِيهِ، قَالَ: يَا أَصْلَعُ، هَلْ تَجِدُ صَلَّى فِيهِ ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: وَاللهِ مَا صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَئِذٍ، لَوْ صَلَّى فِيهِ لَكُتِبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةٌ فِيهِ، كَمَا كُتِبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةٌ فِي الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، وَاللهِ مَا زَايَلَا الْبُرَاقَ حَتَّى فُتِحَتْ لَهُمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَرَأَيَا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَوَعْدَ الْآخِرَةِ أَجْمَعَ، ثُمَّ عَادَا عَوْدَهُمَا عَلَى بَدْئِهِمَا، قَالَ: ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ، قَالَ: وَيُحَدِّثُونَ أَنَّهُ رَبَطَهُ (2) أَلِيَفِرَّ مِنْهُ ؟، وَإِنَّمَا سَخَّرَهُ لَهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، قَالَ: قُلْتُ: أَبَا عَبْدِ اللهِ، أَيُّ دَابَّةٍ الْبُرَاقُ ؟ قَالَ: دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ هَكَذَا خَطْوُهُ مَدُّ الْبَصَرِ (3)

 

(1) في (م) والأصول: انطلقنا فلقينا، بزيادة "فلقينا" ولا وجه لها هنا . وأورد هذا الحديث الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 5/19-20 عن "المسند" من هذا الطريق فلم يذكرها .

(2) في (م) : لربطه ليفر، والمثبت من الأصول .

إسناده حسن من أجل عاصم -وهو ابن بهدلة- وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين . أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي .

وأخرجه مختصراً البزار في "مسنده" (2915) من طريق أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري، عن شيبان بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد .

وأخرجه تاماً ومختصراً الحميدي (448) ، والترمذي (3147) من طريق مسعر ابن كدام، وابن حبان (45) من طريق حماد بن زيدٍ، والحاكم 2/359 من طريق أبي بكر بن عياش، ثلاثتهم عن عاصم، به .

وسيأتي مختصراً برقم (23320) من طريق سفيان، وبرقم (23332) و (23333) و (23343) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن عاصم بن بهدلة .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 11/460-461 و14/306-307 عن عفان بن مسلم.

وفي الباب عن أنس بن مالك عند مسلم وسلف برقم (12505) وفيه: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما جاء بيت المقدس ربط الدابة بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء، ثم صلَّى فيه ركعتين .

وعن أبي هريرة عند مسلم (172) أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بالأنبياء .

قال الإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 12/544: وكان ما رويناه عن ابن مسعود، وأنس، وأبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إثباتِ صلاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

هناك أولى من نفي حذيفة أن يكون صلَّى هناك، لأن إثبات الأشياء أولى من نفيها، ولأن الذي قاله حذيفة: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو كان صلى هناك، لوجب على أمته أن يأتوا ذلك المكان، ويصلوا فيه كما فعل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن ذلك مما لا حجة لحذيفة فيه، إذ كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد كان يأتي مواضع، ويصلي فيها، لم يكتب علينا إتيانها، ولا الصلواتُ فيها .

وبنحوه قال الإمام البيهقي في "دلائل النبوة" 2/365 .

فلج: غلب.

 

23332 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَلَمْ نُزَايِلْ ظَهْرَهُ أَنَا وَجِبْرِيلُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَفُتِحَتْ لَنَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَرَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ "، قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: وَلَمْ يُصَلِّ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ زِرٌّ: فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى قَدْ صَلَّى، قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا اسْمُكَ يَا أَصْلَعُ ؟ فَإِنِّي أَعْرِفُ وَجْهَكَ وَلَا أَدْرِي مَا اسْمُكَ؟ فَقُلْتُ: أَنَا زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: يَقُولُ اللهُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1] ، فَقَالَ: فَهَلْ تَجِدُهُ صَلَّى ؟ لَوْ صَلَّى لَصَلَّيْتُمْ فِيهِ كَمَا تُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ زِرٌّ: وَرَبَطَ الدَّابَّةَ بِالْحَلَقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَوَكَانَ يَخَافُ أَنْ تَذْهَبَ مِنْهُ وَقَدْ آتَاهُ اللهُ بِهَا ؟!

 

إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح . يونس: هو ابن محمد المؤدب. وأخرجه الطيالسي (411) ، ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/364، والطحاوي في "شرح المشكل" (5014) من طريق الحجاج بن منهال، كلاهما (الطيالسي وحجاج) عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

 

قارن مع المرويات الكثيرة التي وردت في كتابي عن الأبوكريفا من الأحاديث المنسوبة إلى محمد عن صلاته ببيت المقدس، ومنها ما روى مسلم:

 

[ 172 ] وحدثني زهير بن حرب حدثنا حجين بن المثنى حدثنا عبد العزيز وهو بن أبي سلمة عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربة ما كربت مثله قط قال فرفعه الله لي أنظر إليه ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة وإذا عيسى بن مريم عليه السلام قائم يصلي أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود الثقفي وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم يعني نفسه فحانت الصلاة فأممتهم فلما فرغت من الصلاة قال قائل يا محمد هذا مالك صاحب النار فسلم عليه فالتفت إليه فبدأني بالسلام

 

[ 162 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه قال فركبته حتى أتيت بيت المقدس قال فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء قال ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل صلى الله عليه وسلم اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل فقيل من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا صلوات الله عليهما فرحبا ودعوا لي بخير ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بيوسف صلى الله عليه وسلم إذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل عليه السلام قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قال وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب ودعا لي بخير قال الله عز وجل { ورفعناه مكانا عليا }  ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بهارون صلى الله عليه وسلم فرحب ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل عليه السلام قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بموسى صلى الله عليه وسلم فرحب ودعا لي بخير ثم عرج إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم مسندا ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال قال فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها فأوحى الله إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى صلى الله عليه وسلم فقال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلاة قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف على أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف قال فلم أزل ارجع بين ربي تبارك وتعالى وبين موسى عليه السلام حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه

 

وروى أحمد:

 

12505 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَرَكِبْتُهُ، فَسَارَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ، فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ، بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ . قَالَ جِبْرِيلُ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ ، قَالَ: ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ جِبْرِيلُ: قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَقِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، ...إلخ الحديث.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (162) (259) ، وأبو يعلى (3375) و (3450) و (3451) و (3499) ، وأبو عوانة 1/126-128، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/382-384، والبغوي (3753) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد -وهو في المواضع الثلاثة الأولى عند أبي يعلى مقطع.

وأخرجه أبو عوانة 1/125-126 من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس.

وقوله: "أُعطي يوسف شطر الحسن" سيأتي عن عفان، عن حماد بن سلمة برقم (14050) .

وقصة البيت المعمور ستأتي عن حسن بن موسى، عن حماد بن سلمة برقم (12558) .

وقصة سدرة المنتهى ستأتي من طريق قتادة، عن أنس برقم (12673) .

وقوله: "أتيت على إدريس في السماء الرابعة" سيأتي من طريق قتادة، عن أنس برقم (13739) .

قصة فرض الصلاة ستأتي مختصرة من طريق الزهري، عن أنس برقم (12641) .

وستأتي مطولة من طريق الزهري، عن أنس ضمن حديث أنس، عن أبي بن كعب 5/143.

وسيأتي الحديث بطوله من طريق قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة 4/207-208.

وأخرجه البخاري (349) و (1636) و (3342) ، ومسلم (163) ، وأبو عوانة 1/133-135، والبغوي (3754) من طريق الزهري، عن أنس، عن أبي ذر.

وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (3394) ، ومسلم (168) ، وأبي عوانة 1/129-130.

وعن ابن مسعود عند مسلم (173) ، والبزار (59) ، وأبي يعلى (5036) ، وأبي عوانة 1/128-129، والبغوي (3756) .

الطرْف: البصر. والقلال: بكسر القاف، جمع قُلة -بالضم-: وهي الجرة العظيمة.

 

تحريم مجالس العزاء والتأبين

 

تذكر المفقودين بالموت وعزاء أسرة الفقيد سمة ومظهر من مظاهر الحياة والحضارة البشرية، وثمة تشريع شاذ للسلفيين ضده، وليس عليه عمل المسلمين منذ قديم الزمان، وفي كل البلدان.

 

روى ابن ماجه:

 

1612- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ (ح) وحَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو الْفَضْلِ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ ، قَالَ : كُنَّا نَرَى الاِجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ مِنَ النِّيَاحَةِ.

 

قال البوصيري في "الزوائد": رجال الطريق الأول على شرط البخاري، والثاني على شرط مسلم. وهو كما قال. وأخرجه أحمد 6905 بإسناد آخر ضعيف لكنه متابَع بهذه.

 

اختلاق قصة تنبؤ محمد بالخوارج وإدانته لهم

 

روى البخاري:

 

3610 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ

 

وروى مسلم:

 

[ 1063 ] حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر أخبرنا الليث عن يحيى بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة منصرفه من حنين وفي ثوب بلال فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها يعطي الناس فقال يا محمد اعدل قال ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل فقال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية

 

وروى أحمد:

 

7038- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، عَنْ مِقْسَمٍ أَبِي الْقَاسِمِ ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، قَالَ : خَرَجْتُ أَنَا وَتَلِيدُ بْنُ كِلاَبٍ اللَّيْثِيُّ ، حَتَّى أَتَيْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي ، وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، مُعَلِّقًا نَعْلَيْهِ بِيَدِهِ ، فَقُلْنَا لَهُ : هَلْ حَضَرْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يُكَلِّمُهُ التَّمِيمِيُّ يَوْمَ حُنَيْنٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، يُقَالُ لَهُ : ذُو الْخُوَيْصِرَةِ ، فَوَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يُعْطِي النَّاسَ ، قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، قَدْ رَأَيْتَ مَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَجَلْ ، فَكَيْفَ رَأَيْتَ ؟ قَالَ : لَمْ أَرَكَ عَدَلْتَ قَالَ : فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : وَيْحَكَ ، إِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَدْلُ عِنْدِي ، فَعِنْدَ مَنْ يَكُونُ ؟ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلاَ نَقْتُلُهُ ؟ قَالَ : لاَ ، دَعُوهُ ، فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَهُ شِيعَةٌ يَتَعَمَّقُونَ فِي الدِّينِ ، حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهُ ، كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، يُنْظَرُ فِي النَّصْلِ ، فَلاَ يُوجَدُ شَيْءٌ ، ثُمَّ فِي الْقِدْحِ ، فَلاَ يُوجَدُ شَيْءٌ ، ثُمَّ فِي الْفُوقِ فَلاَ يُوجَدُ شَيْءٌ ، سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ : أَبُو عُبَيْدَةَ هَذَا اسْمُهُ مُحَمَّدٌ ، ثِقَةٌ ، وَأَخُوهُ سَلَمَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ ، لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلاَّ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، وَلاَ نَعْلَمُ خَبَرَهُ ، وَمِقْسَمٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.

وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى ، وَطُرُقٌ أُخَرُ فِي هَذَا الْمَعْنَى صِحَاحٌ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (2/219).

 

صحيح، وهذا إسناد حسن، ابن إسحاق -وهو محمد- صرح بالتحديث، وأبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر: وثقه ابن معين، وعبد الله بن أحمد -كما ذكر هنا-، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وقال في موضع آخر: صحيح الحديث، وذكره أبو أحمد الحاكم فيمن لا يُعرف اسمه، ومقْسم -وهو ابن بُجْرة، ويقال: ابن نجدة، ويقال له أيضاً: مولى ابن عباس للزومه له-، قال أبو حاتم: صالح الحديث، لا بأس به، ووثقه أحمدُ بن صالح المصري والعجلي والفسوي والدارقطني، وضعفه ابن سعد، وذكره البخاري في "الضعفاء" ولم يذكر فيه قدحاً، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/227، 228، وقال: رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجال أحمد ثقات. وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (3344) و (6933) ، ومسلم (1064) (143) ، سيرد 3/68 و73. وآخر من حديث جابر عند مسلم (1063) (142) ، سيرد 3/354، 355. وثالث من حديث أبي برزة، سيرد 4/421. ورابع من حديث أبي بكرة الثقفي، سيرد 5/42. وانظر ما مضى في مسند علي بن أبي طالب (672) .

 

قارن مع أحاديث جعلتها في نهب من اليمن برواية البخاري:

3344 - قَالَ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ قَالُوا يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا قَالَ إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ

 

4351 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا قَالَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ وَأَقْرَعَ بْنِ حابِسٍ وَزَيْدِ الْخَيْلِ وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمَّرُ الْإِزَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ قَالَ وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ قَالَ ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ لَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي فَقَالَ خَالِدٌ وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ قَالَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ فَقَالَ إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ وَأَظُنُّهُ قَالَ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ

 

وروى مسلم:

 

[ 1064 ] حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري قال بعث علي رضى الله تعالى عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر الأقرع بن حابس الحنظلي وعيينة بن بدر الفزاري وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بنى كلاب وزيد الخير الطائي ثم أحد بنى نبهان قال فغضبت قريش فقالوا أيعطي صناديد نجد ويدعنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتىء الجبين محلوق الرأس فقال اتق الله يا محمد قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن يطع الله إن عصيته أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني قال ثم أدبر الرجل فاستأذن رجل من القوم في قتله يرون أنه خالد بن الوليد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من ضئضيء هذا قوما يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد

 

 [ 1064 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد الواحد عن عمارة بن القعقاع حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعم قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول بعث علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها قال فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة بن علاثة وإما عامر بن الطفيل فقال رجل من أصحابه كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء قال فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء قال فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله فقال ويلك أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله قال ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه فقال لا لعله أن يكون يصلي قال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم قال ثم نظر إليه وهو مقف فقال إنه يخرج من ضئضئي هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية قال أظنه قال لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود

 

 [ 1064 ] حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع بهذا الإسناد قال وعلقمة بن علاثة ولم يذكر عامر بن الطفيل وقال ناتىء الجبهة ولم يقل ناشز وزاد فقام إليه عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فقال يا رسول الله ألا أضرب عنقه قال لا قال ثم أدبر فقام إليه خالد سيف الله فقال يا رسول الله ألا أضرب عنقه قال لا فقال إنه سيخرج من ضئضيء هذا قوم يتلون كتاب الله لينا رطبا وقال قال عمارة حسبته قال لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود

قصتان متقاربتان واحدة عن تقسيم غنائم منهوبات معركة حنين، والأخرى عن تقسيم نهب من نهب اليمن، واضح إذن من التناقض كونها مختلقة، لماذا احتاجوا لنص ديني ملفّق إذن؟ كانوا يفترضون أن اختلاق نص مقدس من الأحاديث لأي مسألة يضفي عليها الشرعية، ومن ذلك صراع الحكام مع الخوارج، الخوارج نشؤوا بسبب تطرف نصوص الإسلام وقرآنه نفسه، لكنهم تشددوا ومارسوا الإرهاب فوق الممارسة العادية لمسلمي العصور القديمة تلك معاصريهم، اعتبر الحكام أن تبرير قتال الخوارج لأنهم مسلمون مثلهم بنص ديني وإدانتهم على لسان محمد زعمًا وتكفيرهم أو تفسيقهم وشبه تكفيرهم ستدعم تحركهم العسكري شرعيًّا. ولعبة تلفيق النصوص نراها في كل شيء في هذا البحث بالنسبة للأحاديث لذلك نرى نصوصًا متضاربة متناقضة تتناقض وتكذب بعضها الآخر، وكثيرًا ما كان ذلك لأن كل صاحب وجهة نظر أراد وضع شرعية ملفقة لنفسه، هذه لعبة طفولية سخيفة، ومارسوها بشكل واسع كذلك في شكل تلفيق السنة لأحاديث فيها ترتيب الخلفاء الأربعة الأوائل بالاسم على لسان محمد! وفي المقابل تلفيقات الشيعة المضحكة بتشييع كل الأحاديث بطريقة يعرفها كل من طالع كتبهم، فجعلوا الإيمان مرتبطًا بالتصديق بولاية نسل علي وغيرها.

 

وروى أحمد:

 

(23805) 24215- حَدَّثَنَا يُونُسُ ، وَعَفَّانُ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ : أَنَّ رَجُلاً وُلِدَ لَهُ غُلاَمٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِبَشَرَةِ جَبْهَتِهِ وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ قَالَ : فَنَبَتَتْ شَعَرَةٌ فِي جَبْهَتِهِ كَهَيْئَةِ الْقَوْسِ ، وَشَبَّ الْغُلاَمُ ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ الْخَوَارِجِ أَحَبَّهُمْ ، فَسَقَطَتِ الشَّعَرَةُ عَنْ جَبْهَتِهِ ، فَأَخَذَهُ أَبُوهُ فَقَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ ، مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ ، قَالَ : فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَوَعَظْنَاهُ ، وَقُلْنَا لَهُ فِيمَا نَقُولُ : أَلَمْ تَرَ أَنَّ بَرَكَةَ دَعْوَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَقَعَتْ عَنْ جَبْهَتِكَ ؟ فَمَا زِلْنَا بِهِ حَتَّى رَجَعَ عَنْ رَأْيِهِمْ ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّعَرَةَ بَعْدُ فِي جَبْهَتِهِ وَتَابَ.

 

ضعيف

 

الأسلوب الغير شريف في صراع السنة مع المعتزلة

 

بنفس الطريقة سنجد أسلوب تصفية الحسابات وحسم الأمور لصالح مذهب بدون تفكير أو نقاش في صراع السنة غير الشريف مع مذهب أكثر مسالمة وعقلانية هو مذهب المعتزلة، فتم وصفهم بالقدرية والمكذبين بالقدر ومجوس الأمة ووضعوا ذلك على لسان محمد زعمًا. وباعتبار المعتزلة عمومًا مسالمون غير الخوارج فهذا مظهر لفكرة إقصاء الآخرين حتى لو من نفس الدين لكن من مذهب مختلف.

 

مواجهة المعتزلة بتلفيق الأحاديث ضدهم

 

بدلًا من أن يواجه السنة مذهب المعتزلة بالعقل والحجة والنقاش، والتعايش، فقد عمدوا إلى التهجم عليه بأحاديث ملفقة للتكفير والتخطئة، وكان المعتزلة أفضل من السنة لأنهم يحاولون على الأقل استخدام العقل والتأويل والرأي في الدين والتفسير، فمنهجهم يلطف إرهاب وقبح وبشاعة ولا منطقية نصوص الإسلام بالاتفاف عليها بالتأويلات.

 

روى مسلم:

 

[ 8 ] حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب حدثنا وكيع عن كهمس عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري وهذا حديثه حدثنا أبي حدثنا كهمس عن بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي فقلت أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف قال فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وأنهم برآء مني والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ثم قال حدثني أبي عمر بن الخطاب قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت قال فأخبرني عن الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك قال فأخبرني عن الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل قال فأخبرني عن إمارتها قال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان قال ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي يا عمر أتدري من السائل قلت الله ورسوله أعلم قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم

 

ما علاقة الإحسان وهو فعل الخير للآخرين بالإيمان أو عدمه بخرافات وإله خرافي؟!

 

وروى أحمد:

 

6703- حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ يُؤْمِنُ الْمَرْءُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ.

قَالَ أَبُو حَازِمٍ : لَعَنَ اللَّهُ دِينًا أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ ، يَعْنِي التَّكْذِيبَ بِالْقَدَرِ.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "السنة" (134) ، واللالكائي في "الاعتقاد" (1387) من طريق أنس بن عياض، بهذا الإسناد. وأخرجه الآجري في "الشريعة" ص 188 من طريق يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد القاري، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (134) أيضاً من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، كلاهما عن أبي حازم، به. وأخرجه الآجُري ص 188 أيضاً من طريق ابن لهيعة، واللالكائي في "الاعتقاد" (1108) من طريق هشام بن سعد، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. قال الهيثمي في "المجمع" -فيما نقله السندي في حاشيته على "المسند" ولم نجده في المطبوع-: رواه أحمد، ورجاله ثقات، ورواه الطبراني في "الأوسط". وفي الباب عن عمر عند مسلم (8) (1) ، سلف برقم (191). وعن علي سلف برقم (758). وعن ابن عباس سلف برقم (2926). وعن ابن عمر سلف برقم (5856). وعن أبي عامر الأشعري، سيرد 4/129 و164. وعن زيد بن ثابت، سيرد 5/185. وعن عبادة بن الصامت، سيرد 5/317. وعن أبي هريرة عند مسلم (10) (7). وعن عمرو بن العاص عند ابن أبي عاصم في "السنة" (133).

وقول أبي حازم في آخر الحديث: "لعن الله ديناً": قال السندي: بكسر دال مهملة بعدها ياء ثم نون، يريد مذهب المكذبين ورأيهم، ولذلك فسره الإمام بقوله: يعني التكذيب بالقدر، أي: قبحه وبعّده عن معرض القبول، ثم فسره بلازمه الذي هو أشنع اللوازم وأقبحها، وجعل ذلك اللازم عين ذلك الدين المستلزم له لزيادة التقبيح، فقال: أنا أكبر منه، أعني ذلك الدين الملعون هو هذا القول، وهذه العقيدة، أي: هو قول العبد وعقيدته، أنا أكبر منه، أي: من الخالق تعالى. وقوله: "أنا" يحتمل أن يكون ضميراً للمتكلم الواحد، ويحتمل أن يكون ضميراً للمتكلم مع الغير دخلتْ عليه "إن" المؤكدة، يريد أن دينهم يستلزم أن يكون العبد أكبر من الخالق تعالى عن ذلك علواً كبيراً، حيث يفعل ما لا يريده الخالق، بل يريد خلافه، فالخالق تعالى يريد شيئاً كالطاعة، والعبد يريد آخر كالمعصية، ثم يوجد ما يريده العبد دون ما يريده الخالق، فصار العبد حينئذ أقوى من خالقه، فصار كأن دينهم هذا القول، ولا يخفى أنه دين قبيح حقيق بأن يُلعن.

 

ما الذي سيضر أحدًا منطقيًّا من تكذيبه بالقدر الخرافي أو حتى الله نفسه؟! لا شيء، بل ربما يكون هذا أكثر فائدة له لأنه لن يستسلم لظلم أو فشل وسيسعى إيجابيًّا لحياته.

 

(21611) 21947- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سِنَانٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ وَهْبِ بْنِ خَالِدٍ الْحِمْصِيِّ ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ ، قَالَ : وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ ، فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، فَسَأَلْتُهُ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ ، لَعَذَّبَهُمْ غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ ، كَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ ، وَلَوْ كَانَ لَكَ جَبَلُ أُحُدٍ ، أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ، ذَهَبًا ، أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، وَأَنَّكَ إِنْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا ، دَخَلْتَ النَّارَ. (5/185)

 

إسناده قوي، أبو سنان - وهو سعيد بن سنان - صدوق لا بأس به، وباقي رجاله ثقات. ابن الديلمي: هو عبد الله بن فيروز. وهو عند عبد الله بن أحمد في "السنة" (843) عن أبيه، عن إسحاق بن سليمان، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (77) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (245) ، والطبراني (4940) ، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1092) و (1093) من طريق إسحاق بن سلميان الرازي، به. زاد ابن ماجه واللالكائي في روايته الثانية ذِكرَ أُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وحذيفة، على نحو ما سلف برقم (21589) .

 

6668 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالنَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْقَدَرِ، قَالَ: وَكَأَنَّمَا تَفَقَّأَ (1) فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ مِنَ الْغَضَبِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ: " مَا لَكُمْ تَضْرِبُونَ كِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ؟ بِهَذَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ " قَالَ: " فَمَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِمَجْلِسٍ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَشْهَدْهُ، بِمَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَنِّي لَمْ أَشْهَدْهُ " (2)

 

(1) في (ظ) : يُفْقأ. وهي أيضا في هامش (س) .

(2) صحيح، وهذا إسناد حسن. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه ابن ماجه (85) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وسيأتي بالأرقام (6702) و (6741) و (6801) -وإسناده صحيح- و (6845) و (6846) .

وفي بعض هذه الطرق أنهم كانوا يتنازعون في القرآن، ويجمع بينها الرواية رقم (6846) التي تُصرح أنهم تنازعوا آيات القرآن التي فيها ذكر القدر.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/171، وعزاه إلى الطبراني في "الكبير" بإسناد فيه صالح بن أبي الأخضر، وقال: وهو ممن يكتب حديثه على ضعفه.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 2/6 -عند قوله تعالى في سورة آل عمران: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) -، وزاد نسبته إلى ابن سعد، وابن الضريس في "فضائله"، وابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.

وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي (2133) ، وأبي يعلى (6045) ، وابن عدي في "الكامل" 4/1380، وفي إسناده عندهم صالح المري، وهو ضعيف.

قال الترمذي: وفي الباب عن عمر، وعائشة، وأنس.

وحديث أنس هو عند أبي يعلى (3121) ، وابن عدي في "الكامل" 7/2611، وفي إسناده عمارُ بن هارون ضعيف، ويوسف بن عطية متروك. وهذا شاهد لا يُفرح به.

 

لم يكن أتباع محمد مفكرين وفلاسفة لتنشأ بينهم نقاشات ذا طبيعة معتزلية كهذه، بل كانوا بدوًا همهم الأكبر الطقوس الخرافية الشكلية والقتال والنهب وخطف النساء لا أكثر.

 

6702 - حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: لَقَدْ جَلَسْتُ أَنَا وَأَخِي مَجْلِسًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ أَقْبَلْتُ أَنَا وَأَخِي وَإِذَا مَشْيَخَةٌ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسٌ عِنْدَ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهِ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ، فَجَلَسْنَا حَجْرَةً، إِذْ ذَكَرُوا آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ، فَتَمَارَوْا فِيهَا، حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُغْضَبًا، قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، يَرْمِيهِمْ بِالتُّرَابِ، وَيَقُولُ: " مَهْلًا يَا قَوْمِ، بِهَذَا أُهْلِكَتِ الْأُمَمُ مِنْ قَبْلِكُمْ، بِاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، وَضَرْبِهِمُ الْكُتُبَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، بَلْ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ، فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ، فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ "

 

صحيح، وهذا إسناد حسن، وهو مكرر (6668) ، وذكرنا هناك شواهده. أبو حازم: هو سلمة بن دينار الأعرج.

في هامش (س) و (ص) و (ق) : حجرة، أي: ناحية.

 

6703 - حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يُؤْمِنُ الْمَرْءُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ "

قَالَ أَبُو حَازِمٍ: " لَعَنَ اللهُ دِينًا أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ يَعْنِي التَّكْذِيبَ بِالْقَدَرِ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.

وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "السنة" (134) ، واللالكائي في "الاعتقاد" (1387) من طريق أنس بن عياض، بهذا الإسناد.

وأخرجه الآجري في "الشريعة" ص 188 من طريق يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد القاري، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (134) أيضاً من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، كلاهما عن أبي حازم، به.

وأخرجه الآجُري ص 188 أيضاً من طريق ابن لهيعة، واللالكائي في "الاعتقاد" (1108) من طريق هشام بن سعد، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به.

قال الهيثمي في "المجمع" -فيما نقله السندي في حاشيته على "المسند" ولم نجده في المطبوع-: رواه أحمد، ورجاله ثقات، ورواه الطبراني في "الأوسط".

وفي الباب عن عمر عند مسلم (8) (1) ، سلف برقم (191) . وعن علي سلف برقم (758) .

وعن ابن عباس سلف برقم (2926) . وعن ابن عمر سلف برقم (5856). وعن أبي عامر الأشعري، سيرد 4/129 و164. وعن زيد بن ثابت، سيرد 5/185. وعن عبادة بن الصامت، سيرد 5/317. وعن أبي هريرة عند مسلم (10) (7). وعن عمرو بن العاص عند ابن أبي عاصم في "السنة" (133) .

 

(3054) 3055- حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ بَعْضِ إِخْوَانِهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْمَكِّيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّ رَجُلاً قَدِمَ عَلَيْنَا يُكَذِّبُ بِالْقَدَرِ . فَقَالَ : دُلُّونِي عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَدْ عَمِيَ ، قَالُوا : وَمَا تَصْنَعُ بِهِ يَا أَبَا عَبَّاسٍ ؟ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَئِنِ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ لأَعَضَّنَّ أَنْفَهُ حَتَّى أَقْطَعَهُ ، وَلَئِنْ وَقَعَتْ رَقَبَتُهُ فِي يَدَيَّ ، لأَدُقَّنَّهَا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : كَأَنِّي بِنِسَاءِ بَنِي فِهْرٍ يَطُفْنَ بِالْخَزْرَجِ تَصْطَكُّ أَلْيَاتُهُنَّ مُشْرِكَاتٍ هَذَا أَوَّلُ شِرْكِ هَذِهِ الأُمَّةِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَيَنْتَهِيَنَّ بِهِمْ سُوءُ رَأْيِهِمْ حَتَّى يُخْرِجُوا اللَّهَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ خَيْرًا ، كَمَا أَخْرَجُوهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ شَرًّا.

 

إسناده ضعيف لضعف محمد بن عبيد المكي، ثم هو لم يروعن ابن عباس، وإنما روى هذا الحديث عنه بواسطة مجاهد، والمعني بقول الأوزاعي: "عن بعض إخوانه": هو العلاء بن الحجاج، كما سيأتي في الحديث الذي يليه وكما في مصادر التخريج، وهو مجهول، وضعفه الأزدي. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (79) ، وفي "الأوائل" (59) ، والآجري في "الشريعة" ص 238، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1116) من طريق بقية بن الوليد، عن الأوزاعي، عن العلاء بن الحجاج، عن محمد بن عبيد، عن ابن عباس. ورواية ابن أبي عاصم مختصرة بالمرفوع منه فقط، ورواية الآجري مختصرة بقصة المكذب بالقدر دون المرفوع. وأخرجه مختصراً أيضاً ابن أبي عاصم في "السنة" (79) ، وفي "الأوائل" (59) من طريق بقية قال: ثم لقيت العلاء بن الحجاج، فحدثني عن محمد بن عبيد المكي، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأورده ابن حجر في "المطالب العالية" (2936) ، ونسبه إلي إسحاق بن راهويه. قوله: "يكذب"، قال السندي: من التكذيب، أي: ينكر بأن الله قَدر الشر، ويقول: هو مما أراده الشيطان بالإنسان لا الرحمن، فإنه أجل من أن يريد ذلك، تعالي الله أن يَجريَ في ملكه إلا ما يشاء.  وقوله: "كأني بنساء بني فِهْر"، قال: المشهور في هذا المعنى ما أخرجه مسلم (رقم 2906، وسيأتي في "المسند" 2/271) وغيرُه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب ألياتُ نساءِ دوس حول ذي الخَلَصة" وكانت صنماً=

 

ليس في الإسلام عمومًا وخصوصًا مذهب السنة فكرة النقاش المتحضر أو التفكير عمومًا، بل ما لديهم هو السباب واللعن والشتيمة، وعن تجربة شخصية وضحت لي عمليًّا أكثر من مرة الوجهة القبيح للإسلام وأصولييه. وكما في حديث ابن عباس المزعوم وهو يكشف عمومًا عن العقليات، فدومًا ما تتحول أي فكرة أو مذهب عقلاني أو متعقلن ذو ميول عقلانية ما إلى نوع ما من عبادة الأصنام، عوضًا عن مذهب مترقٍ سامٍ لناس تفكر بأسلوب متقدم، وهذه هي طبيعة المتعصب الجاهل، ومن الطريف قول بعضهم عن الملحدين مثلا بأنهم مشركون! كيف يتم وصف من لا يؤمن بأي خرافات أو آلهة من الأصل بأنهم يؤمنون بتعدد الآلهة ووجود شركاء لإله كبير خرافي!

 

روى أحمد:

 

5639 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ لِابْنِ عُمَرَ صَدِيقٌ مِنْ أَهْلِ الشَّأْمِ يُكَاتِبُهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَرَّةً عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَكَلَّمْتَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَدَرِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكْتُبَ إِلَيَّ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ ".

 

إسناده حسن، أبو صخر- وهو حميد بن زياد -، مختلف فيه، قال أحمد: ليس به بأس، وضعفه النسائي ويحيى بن معين في رواية، وقال في أخرى: ليس =به بأس، واحتج به مسلم، فهو حسن الحديث إلا عند المخالفة، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أبو داود (4613) ، والحاكم 1/84 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 1/84، والبيهقي في "السنن"10/205، وفي "الدلائل" 6/548 من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرىء، به. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

وسيأتي برقم (5867) و (6208) ، وانظر (5584) .

 

6208 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قُعُودًا (1) إِذْ (2) جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ: عَبْدُ اللهِ بَلَغَنِي (3) أَنَّهُ أَحْدَثَ حَدَثًا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَلَا تَقْرَأَنَّ عَلَيْهِ مِنِّي السَّلَامَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي مَسْخٌ ، وَقَذْفٌ ، وَهُوَ فِي الزِّنْدِيقِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ " (4)

(1) في هامش (س) : قعود. نسخة.

(2) قوله: "إذ" من (ظ 14) .

(3) في (ظ 14) : إنه بلغني.

(4) ضعيف. أبو صخر: هو حميد بن صخر مختلف فيه، وهذا الكلام مما أنكر عليه وأخرجه اللالكائي في"شرح أصول الاعتقاد" (1135) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرج المرفوع منه ابن عدي في"الكامل"2/685 من طريق ابن لهيعة، عن أبي صخر، به.

 

5867 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَسْخٌ ، أَلَا وَذَاكَ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ وَالزِّنْدِيقِيَّةِ".

 

إسناده ضعيف لضعف رشدين بن سعد، وهذا الحديث مما أنكر على أبي صخر حميد بن زياد.

وأخرجه الترمذي (2153) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (4061) ، والترمذي (2152) من طريق حيوة بن شريح، وابن عدي في "الكامل"، 2/685 و4/1469 من طريق ابن لهيعة، كلاهما عن أبي صخر، به. وفي رواية حيوة قصة.

وقد سلف برقم (5639) بلفظ آخر. وانظر ابن حبان (6759) ، فإن لقوله: "سيكون في هذه الأمة مسخ"شواهد ذكرناها هناك.

قوله:"مسخ"، قال السندي، أي: تغيير للصورة الظاهرية، أو الباطنية بذهاب العقل الذي هو من خواص الِإنسان كالبهائم.

"ألا وذاك": لفظ ألا المخففة.

"والزندقية" [كذا في نسخة السندي] نسبة إلى الزندقة، ضبط بفتح الزاي وسكون النون، اي: الطائفة المنسوبة إلى الزندقة، وهي اسم لمذهب الزنديق، قيل: وهو المبطن للكفر المظهر للِإسلام، أو من لا دين له، أو الذي يعبد الأصنام، وقيل غيرذلك، وقال عياض: هو من ليس على ملة من الملل المعروفة، ثم استعمل في كل معطل، وفيمن أظهر الإِسلام وأسر غيره.

 

 

 

6077- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى غُفْرَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسًا ، وَإِنَّ مَجُوسَ أُمَّتِي الْمُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ ، فَإِنْ مَاتُوا فَلاَ تَشْهَدُوهُمْ ، وَإِنْ مَرِضُوا فَلاَ تَعُودُوهُمْ.

 

إسناده ضعيف. عبد الرحمن بن صالح بن محمد الأنصاري، ترجمه ابن أبي حاتم في"الجرح والتعديل"، فقال: روى عن سعيد بن رقيش، وعمر مولى غفرة، روى عنه يحيى بن صالح الوحاظي ، سمعت أبي يقول ذلك، وهذا يعني أنه مجهول، وعمر بن عبد الله مولى غفرة ضعيف، وقد اضطرب في إسناده كما سلف بيانه برقم (5584). وأخرجه ابن أبي عاصم (340) ، وابن الجوزي في"العلل المتناهية" (226) من طريق الحكم بن سعيد، عن جعيد بن عبد الرحمن، عن نافع، به. قال ابن الجوزي: لهذا لا يصح، قال البخاري: الحكم عن الجعيد منكر الحديث، وقال ابن حبان: كثر وهم الحكم، وفحش خطؤه، فصار منكرالحديث لا يحتج به. قلنا: وعد الذهبي في"الميزان"1/570 هذا الحديث من مناكيره. وأخرجه ابن أبي عاصم (341) من طريق إسماعيل بن داود بن مخراق، عن سليمان بن بلال، عن أبي حسين، عن نافع، به. بنحوه، قلنا: إسماعيل بن داود ضعفه غير واحد، وقال البخاري: منكر الحديث.

 

روى أحمد:

 

27484 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ السُّوَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَائِذِ اللهِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ"

 

حسن لغيره دون قوله: "ولا مكذّب بقدر"، فقد تفرَّد بها سليمان بن عتبة الدمشقي، وهو ممن لا يُحتمل تفرده، وقد سلف الكلام عليه في مسند ابن عمر عند تخريج الرواية (6180) ، وبقية رجال الإسناد ثقات. أبو جعفر السُّويدي: هو محمد بن النوشجان البغدادي من رجال "التعجيل"، وثَّقه أبو داود، وذكره ابن حبان في "الثقات " وقال: روى عنه أهلُ العراق. وأبو إدريس عائذ الله: هو الخولاني.

وقد اختلف فيه على يونس بن ميسرة:

فرواه سليمان بن عتبة الدمشقي -كما في هذه الرواية، وكما عند ابن ماجه (3376) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (321) ، والبزار (2182) (زوائد) ، والطبراني في "مسند الشاميين" (2212) ، والمِزِّي في "تهذيبه" (في ترجمة سليمان بن عتبة"- عن يونس بن ميسرة، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة بلفظ: "لا يدخل الجنة مُدْمِنُ خمر"، وزاد الطبراني: "ولا منّان".

ورواه عمرو بن واقد الدمشقي -فيما أخرجه الطبراني في "الشاميين" (2200) - عن يونس بن ميسرة، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، به. وعمرو ابن واقد متروك.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/202، وقال: فيه سليمان بن عتبة الدمشقي، وثَّقه أبو حاتم وغيره، وضعّفه ابن معين وغيره.

وله شاهد من حديث ابن عمر، سلف برقم (6180) ، وذكرنا هناك تتمة شواهده.

 

5584 - حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى غُفْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسٌ، ومَجُوسُ (1) أُمَّتِي الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ " (2)

 

(1) في هامش (س) و (ص) : إن لكل أمة مجوساً. خ.

(2) إسناده ضعيف. عمر بن عبد الله مولى غفرة ضعفه ابن معين، وقال: لم يسمع من أحد من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال أحمد: أكثر أحاديثه مراسيل، وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأخبار، ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يحتج به.

وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (227) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (339) من طريق أنس بن عياض، به.

وأخرجه أبو داود (4691) ، والحاكم 1/85، والبيهقي 10/203، من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه أبي حازم سلمة بن دينار، عن ابن عمر. قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 7/58: هذا منقطع، أبو حازم سلمة بن دينار لم يسمع من ابن عمر، وقد روي هذا الحديث من طرق ، عن ابن عمر ليس فيها شيء يثبت.

قلنا: وقد رواه زكريا بن منظور، عن أبي حازم، عن نافع، عن ابن عمر، فأدخل نافعاً بين أبي حازم وابن عمر: أخرجه الآجري في " الشريعة"ص 190، واللالكائي (1150) ، وابن الجوزي (225) ، لكن زكريا بن منظور ضعيف، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً، يروي عن أبي حازم ما لا أصل له  من حديثه.

قال الدارقطني في "العلل"4/98: ورواه الثوري وابن وهب، عن عمر بن محمد، عن نافع، عن ابن عمر، موقوفا، ثم قال: والصحيح الموقوف عن ابن عمر.

وأخرجه أحمد في "المسند" 5/406-407، وابن أبي عاصم (329) من طريق عمر مولى غفرة، عن رجل من الأنصار، عن حذيفة. قلنا: الرجل من الأنصار مجهول، وعمر مولى غفرة ضعيف، وقد اضطرب في إسناده، فرواه كذلك، وجعله من مسند حذيفة، ورواه عن ابن عمر كما في حديثنا، ورواه عن نافع عن ابن عمر كما سيأتي (6077) .

وفي الباب عن أنس عند العقيلي في "الضعفاء" 3/98، وفي سنده عبد الوارث بن غالب العنبري، قال الذهبي في "الميزان" : لا يعرف، وخبره منكر.

وعن جابر بن عبد الله عند ابن ماجه (92) ، وابن أبي عاصم (328) ، والأجري في "الشريعة" ص 190-191، وإسناده ضعيف، فيه محمد بن المصفى الحمصي، وبقية بن الوليد، وهما يدلسان تدليس التسوية، وفيه كذلك عنعنة ابن جريج وأبي الزبير.

 

23456 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسًا، وَمَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ، فَمَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ فَلَا تَعُودُوهُ، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَلَا تَشْهَدُوهُ، وَهُمْ شِيعَةُ الدَّجَّالِ، حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُلْحِقَهُمْ بِهِ "

 

إسناده ضعيف، عمر مولى غفرة -وهو ابن عبد الله المدني- ضعيف وقد اضطرب في إسناده، وفيه رجل مبهم . أبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وسفيان: هو الثوري، وعمر بن محمد: هو ابن زيد العمري المدني .

وأخرجه أبو داود (4692) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (329) ، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1155) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد .

وسقط من سند مطبوع "السنة": عمر بن محمد .

 وأخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة" (959) عن أبيه، عن مؤمل بن إسماعيل، عن عمر بن محمد، به .

وأخرجه الطيالسي (434) عن أبي عتبة، عن عمر مولى غفرة، به .

وأخرجه البزار في "مسنده" (2937) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (238) من طريق أبي معشر، عن عمر مولى غفرة، عن عطاء بن يسار، عن حذيفة . وقال البزار عقبه: وهذا الكلام قد روي عن حذيفة من غير هذا الوجه، ولا نعلم أحداً وصله وسمَّى الرجل الذي بين عمر بن عبد الله مولى غفرة وبين حذيفة إلا أبو معشر، وإنما يرويه غير أبي معشر عن عمر، عن رجل، عن حذيفة .

قلنا: وأبو معشر -وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي- ضعيف .

 

وعند الإباضية في مسند الربيع بن حبيب حديث ملفق:

 

974) ... جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ، أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُرْجِئَةِ، بَرِئَ اللَّهُ مِنْهُمْا وَرَسُولُهُ».

 

وعندهم كذلك التهجم على عقائد المذاهب الأخرى مثلهم مثل أهل السنة كذلك:

 

944) ... جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: الْمُرْجِئَةُ يَهُودُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لأَنَّهُمْ يَعِدُونَ أَهْلَ الْمَعْصِيَةِ الْجَنَّةَ وَقَالُوا: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَعْدُودَةً كَمَا قَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.

 

وتكفير المذاهب الأخرى وخاصة من يسمونهم بالمرجئة أو المتوقفة كثير في كتب السنة وكتبهم عن المذاهب والملل والفقه، وقد كان ملوكهم يقتلون بعض قادة هذه المذاهب ويصلبونهم أو يعلقون جثثهم في الأماكن العامة لمجرد اختلاف المذهب والفكر الديني كما نقرأ في كتب التاريخ والمذاهب والملل والنحل.

 

أما الشيعة الاثناعشرية فعندهم نفس أسلوب التهجم وبعض الأحاديث الملفقة المزورة كنبوآت مزعومة:

 

رجال الكشي: حمدويه وإبراهيم معا ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد ، عن سلام بن سعيد ، عن عبدالله بن عبدياليل ( عن ) رجل من أهل الطائف قال : أتينا ابن عباس رحمة الله عليهما نعوده في مرضه الذي مات فيه ، قال : فاغمي عليه في البيت ، فاخرج إلى صحن الدار ، قال : فأفاق فقال : إن خليلي رسول الله صلى الله عليه واله قال : إنى سأهجر هجرتين ، وإني سأخرج من هجرتي ، فهاجرت هجرة مع رسول الله صلى الله عليه واله وهجرة مع علي عليه السلام ، وإني سأعمى فعميت ، وإني سأغرق فأصابني حكة  فطرحني أهلي في البحر فغفلوا عني فغرقت ، ثم استخرجوني بعد ، وأمرني أن أبرأ من خمسة : من الناكثين وهم أصحاب الجمل ، ومن القاسطين وهم أصحاب الشام ، ومن الخوارج وهم أهل النهروان ، ومن القدرية وهم الذين ضاهوا النصارى في دينهم فقالوا : لا قدر ، ومن المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا : الله أعلم .

 

كشف اليقين في إمرة أمير المؤمنين: .... قال : ثم التفت فإذا أنا برجال يقذف بهم في نار جهنم ، قال : قلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال لي : هؤلاء المرجئة والقدرية والحرورية وبنو امية والناصب لذريتك العداوة ، هؤلاء الخمسة لاسهم لهم في الاسلام ، قال : ثم قال لي : أرضيت عن ربك ما قسم لك ؟ قال : فقلت : سبحان ربي اتخذ إبراهيم خليلا وكلم موسى تكليما وأعطى سليمان ملكا عظيما وكلمني ربي واتخذني خليلا وأعطاني في علي أمرا عظيما ، يا جبرئيل من الذي لقيت في أول الثنية ؟ قال : ذاك أخوك موسى بن عمران عليه السلام قال : " السلام عليك يا أول " فأنت تنشر أول البشر " والسلام عليك يا آخر " فأنت تبعث آخر النبيين " والسلام عليك يا حاشر " فأنت على حشر هذه الامة ، قال : فمن الذي لقيت في وسط الثنية ؟ قال : ذاك أخوك عيسى بن مريم يوصيك بأخيك علي بن أبي طالب عليه السلام فإنه قائد الغر المحجلين وأمير المؤمنين وأنت سيد ولد آدم ، قال : فمن الذي لقيت عند الباب باب المقدس ؟ قال : ذاك أبوك آدم يوصيك بوصيك علي بن أبي طالب عليه السلام  خيرا ويخبرك أنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين.... فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي إن الملا الاعلى ليدعون لك وإن المصطفين الاخيار ليرغبون إلى ربهم عزوجل أن يجعل لهم السبيل إلى النظر إليك وإنك لتشفع يوم القيامة وإن الامم كلهم موقوفون على جرف جهنم، قال : فقال علي عليه السلام : يا رسول الله فمن الذين كانوا يقذف بهم في نار جهنم ؟ قال : اولئك المرجئة والقدرية والحرورية وبنو امية ومناصبك العداوة ، يا علي هؤلاء الخمسة ليس لهم في الاسلام نصيب.

 

ثواب الأعمال: : ابن المتوكل ، عن موسى بن جعفر ، عن موسى بن عمران ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : يجاء بأصحاب البدع يوم القيامة فترى القدرية من بينهم كالشامة البيضاء في الثور الاسود ، فيقول الله عزوجل : ما أردتم ؟ فيقولون : أردنا وجهك ، فيقول الله : قد أقلتكم عثراتكم وغفرت لكم زلاتكم إلا القدرية فإنهم قد دخلوا في الشرك من حيث لا يعلمون . "

 

من نافلة القول أن هذا رأي مناقض للكثير من مرويات الشيعة الإقصائية التكفيرية التي تقول بتكفير المذاهب الأخرى ودخولهم جهنم الخرافية. وقد عرضت بعض نصوص التعصب المتبادل بين السنة والشيعة الاثناعشرية بموضع آخر من الكتاب.

 

الطرائف: روى جماعة من علماء الاسلام ، عن نبيهم صلى الله عليه وآله أنه قال : لعنت  القدرية على لسان سبعين نبيا ; قيل : ومن القدرية يا رسول الله ؟ فقال : قوم يزعمون  أن الله سبحانه قدر عليهم المعاصي وعذبهم عليها .

 

وروى صاحب الفائق وغيره من علماء الاسلام ، عن محمد بن علي المكي  بإسناده قال : إن رجلا قدم على النبي صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : أخبرني بأعجب  شئ رأيت ، قال رأيت قوما ينكحون أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم فإذا قيل لهم : لم تفعلون  ذلك ؟ قالوا : قضاء الله تعالى علينا وقدره ; فقال النبي صلى الله عليه وآله : سيكون من أمتي أقوام  يقولون مثل مقالتهم ، أولئك مجوس أمتي "

 

وروى صاحب الفائق وغيره ، عن جابر بن عبدالله ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال :  يكون في آخر الزمان قوم يعملون المعاصي ، ويقولون : إن الله قد قدرها عليهم ، الراد  عليهم كشاهر سيفه في سبيل الله . "

 

بصائر الدرجات: ابن يزيد ، عن محمد بن الحسن بن زياد ، عن الحسن الواسطي ، عن هشام بن سالم قال : لما دخلت إلى عبدالله بن أبي عبدالله فسألته فلم أر عنده شيئا فدخلني من ذلك مالله به عليم وخفت أن لايكون أبوعبدالله عليه السلام ترك خلفا فأتيت قبر النبي صلى الله عليه وآله ، فجلست عند رأسه أدعو الله ، وأستغيث به ، ثم فكرت فقلت : أصير إلى قول الزنادقة ، ثم فكرت فيما يدخل عليهم ورأيت قولهم يفسد ، ثم قلت : لا بل قول الخوارج فآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأضرب بسيفي حتى أموت ثم فكرت في قولهم ، وما يدخل عليهم ، فوجدته يفسد .
ثم قلت : أصير إلى المرجئة ثم فكرت فيما يدخل عليهم ، فاذا قولهم يفسد فبينا أنا أفكر في نفسي ، وأمشي إذ مر بي بعض موالي أبي عبدالله عليه السلام فقال لي : أتحب أن أستأذن لك على أبي الحسن عليه السلام ؟ فقلت : نعم ، فذهبت فلم يلبث أن عاد إلي فقال : قم وادخل عليه ، فلما نظر إلي أبوالحسن عليه السلام فقال لي مبتدءا : ياهشام لا إلى الزنادقة ، ولا إلى الخوارج ، ولا إلى المرجئة ، ولا إلى القدرية ولكن إلينا ، قلت : أنت صاحبي ، ثم سألته فأجابني عما أردت

 

الهيثم النهدي ، عن إسماعيل بن سهل ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : دخلت على عبدالله بن جعفر ، وأبوالحسن في المجلس قدامه مرآة وآلتها ، مردى بالرداء ، موزرا ، فأقبلت على عبدالله فلم أزل اسائله ، حتى جرى ذكر الزكاة فسألته فقال : تسألني عن الزكاة ! ؟ من كانت عنده أربعون درهما ففيها درهم ، قال : فاستشعرته وتعجبت منه ، فقلت له : أصلحك الله قد عرفت مودتي لابيك وانقطاعي إليه ، وقد سمعت منه كتبا فتحب أن آتيك بها ؟ قال : نعم بنو أخ ، ائتنا فقمت مستغيثا برسول الله ، فأتيت القبر فقلت : يارسول الله إلى من ؟ إلى القدرية ، إلى الحرورية إلى المرجئة إلى الزيدية ، قال : فإني كذلك إذا أتاني غلام صغير دون الخمس فجذب ثوبي فقال لي : أجب ! قلت : من ؟ قال : سيدي موسى بن جعفر ، فدخلت إلى صحن الدار ، فإذا هو في بيت وعلية كلة ( 1 ) فقال : ياهشام قلت : لبيك فقال لي : لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ، ولكن إلينا ثم دخلت عليه


( 1 ) الكلة : الستر الرقيق ، وغشاء رقيق يخاط كالبيت يتوقى به من البعوض .

الإرشاد: ابن قولويه ، عن الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن هشام بن سالم قال : كنا بالمدينة بعد وفاة أبي عبدالله عليه السلام أنا ومحمد بن النعمان صاحب الطاق ، والناس مجتمعون عند عبدالله بن جعفر أنه صاحب الامر بعد أبيه ، فدخلنا عليه والناس عنده فسألناه عن الزكاة في كم تجب ؟ قال : في مائتين درهم خمسة دراهم ، فقلنا ففي مائة درهم ؟ قال : درهمان ونصف قلنا : والله ما تقول المرجئة هذا فقال : والله ما أدري ما تقول المرجئة ، قال : فخرجنا ضلالا ما ندري إلى أين نتوجه أنا وأبوجعفر الاحول ، فقعدنا في بعض أزقة المدينة ناكسين لا ندري أين نتوجه وإلى من نقصد ، نقول : إلى المرجئة أم إلى القدرية أم إلى المعتزلة أم إلى الزيدية .
فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ إلي بيده ، فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور ، وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس على من تجتمع بعد جعفر الناس إليه ، فيؤخذ ويضرب عنقه ، فخفت أن يكون ذلك منهم فقلت للاحول : تنح فاني خائف على نفسي وعليك ، وإنما يريدني ليس يريدك فتنح عني لا تهلك فتعين على نفسك ، فتنحى بعيدا ، وتبعت الشيخ وذلك أني ظننت أني لا أقدر على التخلص منه فما زلت أتبعه وقد عزمت على الموت ، حتى ورد بي على باب أبي الحسن موسى عليه السلام ثم خلاني ومضى ، فاذا خادم بالباب قال لي : ادخل رحمك الله ، فدخلت فاذا أبوالحسن موسى عليه السلام فقال لي ابتدءا منه : إلي إلي لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الزيدية ولا إلى الخوراج .
قلت : جعلت فداك مضى أبوك ؟ قال : نعم ، قلت : مضى موتا قال : نعم ، قلت : فمن لنا من بعده ؟ قال : إن شاء الله تعالى أن يهديك هداك ، قلت : جعلت فداك إن عبدالله أخاك يزعم أنه الامام بعد أبيه فقال : عبدالله يريد أن لا يعبدالله ، قلت : جعلت فداك فمن لنا بعده ؟ قال : إن شاء الله أن يهديك هداك ، قلت : جعلت فداك أنت هو ؟ قال : لا أقول ذلك ، قال : فقلت في نفسي : لم اصب طريق المسألة ، ثم قلت له : جعلت فداك عليك إمام ؟ قال : لا فدخلني شئ لا يعلمه إلا الله إعظاما له وهيبة ثم قلت له : جعلت فداك أسألك كما كنت أسأل أباك ؟ قال : اسأل تخبر ولا تذع فان أذعت فهو الذبح فسألته ، فاذا هو بحر لا ينزف .
فقلت : جعلت فداك شيعة أبيك ضلال فالقي إليهم هذا الامر وأدعوهم إليك فقد أخذت علي الكتمان ؟ قال : من آنست منهم رشدا فألق إليه وخذ عليه الكتمان فإن أذاع فهو الذبح ، وأشار بيده إلى حلقه قال : فخرجت من عنده ولقيت أبا جعفر الاحول فقال لي : ما وراك ؟ قلت : الهدى وحثته بالقصة ، ثم لقينا زرارة وأبابصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وسألاه وقطعا عليه ، ثم لقينا الناس أفواجا و كل من دخل إليه قطع عليه الا طائفة عمار الساباطي ، وبقي عبدالله لا يدخل إليه من الناس إلا قليل .

 

وهو في مناقب آل أبي طالب مرسلًا.

 

رجال الكشي: طاهر بن عيسى ، عن جعفر بن محمد ، عن الشجاعي ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن حمزة بن الطيار ، عن أبيه محمد قال : جئت إلى باب أبي جعفر عليه السلام أستأذن عليه ، فلم يأذن لي فأذن لغيري فرجعت إلى منزلي وأنا مغموم ، فطرحت نفسي على سرير في الدار وذهب عني النوم ، فجعلت افكر وأقول : أليس المرجئة تقول كذا ؟ والقدرية تقول كذا ؟ والحرورية تقول كذا ؟ والزيدية تقول كذا ؟ فنفند عليهم قولهم ، فأنا افكر في هذا حتى نادى المنادي ، فاذا الباب يدق فقلت : من هذا ؟ فقال : رسول لابي جعفر عليه السلام يقول لك أبو جعفر عليه السلام أجب ، فأخذت ثيابي علي ومضيت معه فدخلت عليه فلما رآني قال : يا محمد لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى الحرورية ولا إلى الزيدية ولكن إلينا إنما حجبتك لكذا وكذا فقبلت ، وقلت به.

 

كشف الغمة : من دلائل الحميري ، عن حمزة بن محمد الطيار قال : أتيت باب أبي جعفر عليه السلام وذكر مثله ، وفيه يا ابن محمد لا إلى المرجئة ( 3 ) .

 

كلام أسطوري ملفق للاستغناء عن النقاش بالأدلة والاستدلالات الفلسفية والكلامية للطرفين ولعدم قبول مجرد وجود الطرف الآخر.

 

السرائر : نقلا من كتاب النوادر بن علي بن محبوب ، عن أحمد عن الحسين ، عن محمد بن الفضيل ، عن سعد الجلاب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان أميرالمؤمنين عليه السلام يبرأ من القدرية في كل ركعة ويقول : ( بحول الله وقوته أقوم وأقعد )

 

إن كان المقصود حرفيًّا فهو خبر ملفق، وإن كان مجازًا بمعنى الدلالة فمحتمل وليس ملفقًا.

 

[تفسير العياشي] عمر بن معمر قال أبو عبد الله (ع) لعن الله القدرية لعن الله الحرورية لعن الله المرجئة لعن الله المرجئة قال قلت له جعلت فداك كيف لعنت هؤلاء مرة و لعنت هؤلاء مرتين فقال إن هؤلاء زعموا أن الذين قتلونا مؤمنين فثيابهم ملطخة بدمائنا إلى يوم القيامة أ ما تسمع لقول الله الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ إلى قوله صادِقِينَ قال فكان بين الذين خوطبوا بهذا القول و بين القاتلين خمس مائة عام فسماهم الله قاتلين برضاهم بما صنع أولئك .

 

العدد: كتب الحسن البصري ( 4 ) إلى الحسن بن علي عليهما السلام : أما بعد فأنتم أهل بيت النبوة ، ومعدن الحكمة ، وأن الله جعلكم الفلك الجارية في اللجج الغامرة ، يلجئ إليكم اللاجئ ، ويعتصم بحبلكم الغالي ، من اقتدى بكم اهتدى ونجا ، ومن تخلف عنكم هلك وغوى ، وإني كتبت إليك عندالحيرة واختلاف الامة في القدر ، فتفضي إلينا ما أفضاه الله إليكم ( 5 ) أهل البيت فنأخذ به .فكتب إليه الحسن بن علي عليهما السلام : أما بعد فإنا أهل بيت كما ذكرت عندالله وعند أوليائه ، فأما عندك وعند أصحابك فلو كنا كما ذكرت ما تقدمتمونا ولا استبدلتم بنا غيرنا ، ولعمري لقد ضرب الله مثلكم في كتابه حيث يقول : ( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ) هذا لاوليائك فيما سألوا ولكم فيما استبدلتم ، ولولا ما اريد من الاحتجاج عليك وعلى أصحابك ما كتبت إليك بشئ مما نحن عليه ، ولئن وصل كتابي إليك لتجدن الحجة عليك وعلى أصحابك مؤكدة ، حيث يقول الله عزوجل : ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ) فاتبع ما كتبت إليك في القدر فإنه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقدكفر ، ومن حمل المعاصي على الله فقد فجر ، إن الله عزوجل لا يطاع بإكراه ، ولا يعصى بغلبة ، ولا يهمل العباد من الملكة ، ولكنه المالك لما ملكهم ، والقادر على ما أقدرهم ، فإن ائتمروا بالطاعة لن يكون عنها صادا مثبطا ، وان ائتمروا بالمعصية فشاء أن يحول بينهم وبين ما ائتمروا به فعل ، وإن لم يفعل فليس هو حملهم عليها ولا كلفهم إياها جبرا ، بل تمكينه إياهم وإعذاره إليهم طرقهم ومكنهم فجعل لهم السبيدل إلى أخذما أمرهم به وترك مانهاهم عنه ، ووضع التكليف عن أهل النقصان والزمانة والسلام .

 

( 4 ) هو الحسن بن أبى الحسن البصرى واسم أبيه يسار وكان من فضلاء العامة والثقاة عندهم إلا انهم قالوا : كان يرسل كثيرا ويدلس ويروى عن جماعة لم يسمع منهم ويقول : حدثنا .
وقال ابن أبى الحديد : وممن قيل عنه انه كان يبغض عليا ويذمه الحسن البصرى روى عنه حماد بن سلمة أنه قال : لوكان على يأكل الحشف في المدينة لكان خيرا له مما دخل فيه .
قلت : وقدو ردت روايات كثيرة من طرقنا الخاصة على ذمه منها الخبر المذكور في المتن وما يأتى في الباب الاتى وقد ذكر الكشى في رجاله عن الفضل بن شاذان أنه كان يلقى أهل كل فرق بما يهوون ، ويتضع للرياسة و كان رئيس القدرية .
مات سنة 110 عن 89 سنة .
( 5 ) أفضى إليه : أعلمه به .

 

عن زرارة قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : أتزوج المرجئة أو الحرورية أو القدرية ؟ قال : لا عليك بالبله من النساء ، قال زرارة : فقلت : ما هو إلا مؤمنة أو كافرة ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : فأين أهل استثناء الله ، قول الله أصدق من قولك ، " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان إلى قوله سبيلا "

 

[علل الشرائع] ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيدعن حماد عن ابن أذينة عن زرارة و بكير و فضيل و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية عن أبي جعفر و أبي عبد الله( ع ) أنهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحروريةو المرجئة و العثمانية و القدرية ثم يتوب و يعرف هذا الأمر و يحسن رأيه أ يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج قال ليس عليه إعادة شي‏ء من ذلك غير الزكاة فإنه لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها و إنما موضعها أهل الولاية .

 

المحاسن: عن ابن فضال ، عن ثعلبة ، عن بشير الدهان قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام : إن هذه المرجئة وهذه القدرية ، وهذه الخوارج ليس منهم أحد إلا وهو يرى أنه على الحق وإنكم إنما أجبتمونا في الله ثم تلا " أطيعو الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " ( 6 ) و " ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا " ( 7 ) " من يطع الرسول فقد أطاع الله " ( 8 ) " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " ( 1 ) ثم قال : والله لقد نسب الله عيسى بن مريم في القرآن إلى إبراهيم من قبل النساء قال : " ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله ويحيى وعيسى " ( 2 ) .

 

( 6 ) النساء : 59 .
( 7 ) الحشر : 7 .
( 8 ) النساء : 79 .

( 1 ) آل عمران : 31 .

 

منتخب البصائر : بالاسناد ، عن علي بن الحكم ، عن حنان بن سدير ، عن ابيه قال : سألت أبا جعفر عن الرجعة فقال : القدرية تنكرها ثلاثا .

 

عيون الأخبار: : ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد الصيرفي قال : قال أبوالحسن عليه السلام : من قال بالتناسخ فهو كافر ، ثم قال : لعن الله الغلاة ، ألا كانوا مجوسا ، ألا كانوا نصارى ، ألا كانوا قدرية ، ألا كانوا مرجئة ، ألا كانوا حرورية ، ثم قال عليه السلام : لا تقاعدوهم ولا تصادقوهم وابرأوا منهم برئ الله منهم .

 

بيان : قوله : ألا كانوا مجوسا ، أي هم شر من هؤلاء .

 

الخصال: محمد بن علي بن بشار عن المظفر بن أحمد وعلي بن محمد بن سليمان معا عن علي بن جعفر البغدادي عن جعفر بن محمد بن مالك عن الحسن بن راشد عن علي بن سالم عن أبيه قال : قال أبوعبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : أدنى ما يخرج به الرجل من الايمان أن يجلس إلى غالٍ فيستمع إلى حديثه ويصدقه على قوله ، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلوات الله عليهم قال : صنفان من امتي لا نصيب لهما في الاسلام : الغلاة والقدرية

 

وفي بحار الأنوار ج26/ باب 13:

 

أقول : ذكر والدي رحمه الله أنه رأى في كتاب عتيق جمعه بعض محدثي أصحابنا في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام بهذا الخبر ، ووجدته أيظا في كتاب عتيق مشتمل على أخبار كثيرة .  ...إلخ

 


2 - وحدثني والدي من الكتاب المذكور قال : حدثنا أحمد بن عبيدالله قال : حدثنا سليمان بن أحمد قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن محمد الموصلي قال : أخبرني أبي عن خالد عن جابر بن يزيد الجعفي وقال : حدثنا أبوسليمان أحمد قال .
حدثنا محمد بن سعيد عن أبي سعيد عن سهل بن زياد قال : حدثنا محمد بن سنان عن جابر بن يزيد الجعفي قال : لما أفضت الخلافة إلى بني امية سفكوا فيها الدم الحرام ولعنوا فيها أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر ألف شهر وتبرأوا منه واغتالوا ( 2 ) الشيعة في كل بلدة واستأصلوا بنيانهم من الدنيا لحطام دنياهم فخوفوا الناس في البلدان ، وكل من لم يلعن أمير المؤمنين عليه السلام ولم يتبرأ منه قتلوه كائنا من كان ، قال جابر بن يزيد الجعفي فشكوت من بني امية وأشياعهم إلى الامام المبين أطهر الطاهرين زين العباد وسيد الزهاد وخليفة الله على العباد علي بن الحسين صلوات الله عليهما فقلت : ياابن رسول الله قد قتلونا تحت كل حجرومدر ، واستأصلوا شأفتنا ، وأعلنوا لعن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه على المنابر والمنارات والاسواق والطرقات وتبرأوا منه حتى أنهم ليجتمعون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيلعنون عليا عليه السلام علانية لا ينكر ذلك أحد ولا ينهر فإن أنكر ذلك أحد منا حملوا عليه بأجمعهم وقالوا : هذا رافضي أبوترابي ، وأخذوه إلى سلطانهم وقالوا : هذا ذكر أبا تراب بخير فضربوه ثم حبسوه ثم بعد ذلك قتلوه .
فلما سمع الامام صلوات الله عليه ذلك مني نظر إلى السماء فقال : " سبحانك اللهم سيدي ما أحلمك وأعظم شأنك في حلمك وأعلى سلطانك يا رب قد أمهلت عبادك في بلادك حتى ظنوا أنك أمهلتهم أبدا وهذا كله بعينك ، لا يغالب قضاؤك ولا يرد المحتوم من تدبيرك كيف شئت وأنى شئت ، وأنت أعلم به منا .
قال : ثم دعا صلى الله عليه وآله وسلم ابنه محمدا عليه السلام فقال : يا بني ، قال : لبيك يا سيدي قال : إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وخذ معك الخيط الذي انزل مع جبرئيل على جدنا صلى الله عليه وآله وسلم فحركه تحريكا لينا ولا تحركه شديدا ، الله الله فيهلك الناس كلهم .
قال جابر : فبقيت متفكرا متعجبا من قوله فما أدرى ما أقول لمولاي عليه السلام فغدوت إلى محمد عليه السلام وقد بقي علي ليل حرصا أن أنظر إلى الخيط وتحريكه فبينما أنا على دابتي إذ خرج الامام عليه السلام فقمت وسلمت عليه فرد علي السلام ، و قال : ما غدا بك فلم تكن تأتينا في هذا الوقت ؟ فقلت : يا بن رسول الله سمعت أباك صلى الله عليه وآله يقول بالامس : خذ الخيط وسر إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فتهلك الناس كلهم ، فقال : يا جابر لولا الوقت المعلوم والاجل المحتوم والقدر المقدور لخسفت والله بهذا الخلق المنكوس في طرفة عين لا بل في لحظة لا بل في لمحة ولكننا عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون .
قال : قلت له : يا سيدي ولم تفعل هذا بهم ؟ قال : ما حضرت أبي بالامس و الشيعة يشكون إليه ما يلقون من الناصبية الملاعين والقدرية المقصرين ؟ فقلت : بلى يا سيدي قال : فاني ارعبهم وكنت احب أن يهلك طائفة منهم ويطهر الله منهم البلاد ويريح العباد ، قلت : يا سيدي فكيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصوا ؟ قال امض بنا إلى المسجد لاريك قدرة الله تعالى .
قال جابر : فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده في التراب و كلم بكلمات ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا يفوح منه رائحة المسك وكان أدق في المنظر من خيط المخيط ، ثم قال : خذ إليك طرف الخيط وامش رويدا و إياك ثم إياك أن تحركه .
قال : فأخذت طرف الخيط ومشيت رويدا فقال صلوات الله عليه : قف يا جابر فوقفت فحرك الخيط تحريكا لينا فما ظننت أنه حركه من لينه ثم قال : ناولني طرف الخيط ، قال : فناولته .
فقلت : ما فعلت به يا بن رسول الله ؟ قال : ويحك اخرج إلى الناس وانظر ما حالهم ، قال : فخرجت من المسجد فاذا صياح وولولة من كل ناحية وزاوية وإذا زلزلة وهدة ورجفة ، وإذا الهدة أخربت عامة دور المدينة وهلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف رجل وامرأة .
وإذا بخلق يخرجون من السكك لهم بكاء وعويل وضوضاة ورنة شديدة وهم يقولون : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قد قامت الساعة ووقعت الواقعة وهلك الناس وآخرون يقولون : الزلزلة والهدة ، وآخرون يقولون : الرجفة والقيامة ، هلك فيها عامة الناس .
وإذا اناس قد أقبلوا يبكون يريدون المسجد ، وبعضهم يقولون لبعض : كيف لا يخسف بنا وقد تركنا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وظهر الفسق والفجور وكثر الزنا والربا وشرب الخمر واللواطة ؟ والله لينزلن بنا ما هو أشد من ذلك وأعظم أو نصلح أنفسنا .
قال جابر : فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس يبكون ويصيحون ويولولون و يغدون زمرا إلى المسجد فرحمتهم حتى والله بكيت لبكائهم وإذا لا يدرون من أين اتوا واخذوا ، فانصرفت إلى الامام الباقر عليه السلام وقد اجتمع الناس له وهم يقولون : يا بن رسول الله ! ما ترى ما نزل بنا بحرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد هلك الناس وماتوا ؟ فادع الله عزوجل لنا فقال لهم : افزعوا إلى الصلاة والصدقة والدعاء .
ثم سألني فقال : يا جابر ما حال الناس ؟ فقلت : يا سيدي لاتسأل يا ابن رسول الله خربت الدور والقصور وهلك الناس ورأيتهم بغير رحمة فرحمتهم ، فقال : لا رحمهم الله أبدا ، أما إنه قد بقي عليك بقية ، لولا ذلك ما رحمت أعداءنا وأعداء أوليائنا ثم قال عليه السلام : سحقا سحقا بعدا بعدا للقوم الظالمين ، والله لو حركت الخيط أدنى تحريكة لهلكوا أجمعين وجعل أعلاها أسفلها ولم يبق دار ولا قصر ، ولكن أمرني سيدي ومولاي أن لا احركه شديدا .
ثم صعد المنارة والناس لا يرونه فنادى بأعلا صوته .
ألا أيها الضالون المكذبون فظن الناس أنه صوت من السمآء فخروا لوجوههم وطارت أفئدتهم وهم يقولون في سجودهم : الامان الامان ، فإذا هم يسمعون الصيحة بالحق ولا يرون الشخص .
ثم أشار بيده صلوات الله عليه وأنا أراه والناس لا يرونه فزلزلت المدينة أيضا زلزلة خفيفة ليست كالاولى وتهدمت فيها دور كثيرة ثم تلا هذه الآية : " ذلك جزيناهم ببغيهم " ( 1 ) ثم تلا بعد ما نزل " فلما ( 2 ) جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا ( 3 ) عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين " ( 4 ) وتلا عليه السلام : " فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " .
( 5 ) قال : وخرجت المخدرات في الزلزلة الثانية من خدورهن مكشفات الرؤس وإذا الاطفال يبكون ويصرخون فلا يلتفت أحد ، فلما بصر الباقر عليه السلام ضرب بيده إلى الخيط فجمعه في كفه فسكنت الزلزلة .
ثم أخذ بيدي والناس لا يرونه وخرجنا من المسجد فاذا قوم قد اجتمعوا إلى باب حانوت الحداد وهم خلق كثير يقولون : ما سمعتم في مثل هذا المدرة ( 6 ) من الهمة ؟ فقال بعضهم : بلى لهمهة كثيرة ، وقال آخرون : بل والله صوت وكلام وصياح كثير ولكنا والله لم نقف على الكلام .

________________________________________________
( 1 ) الاعراف : 146 .
( 2 ) هكذا في الكتاب ، والموجود في المصحف الشريف في سورة هود هكذا : " وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هى من الظالمين ببعيد " و لعله من تصحيف الروات او جمع الامام عليه السلام بين الايتين فأخذ شطرا من آية من سورة هود وشطرا من سورة والذاريات .
( 3 ) هود : 82 .
( 4 ) الذاريات : 33 و 34 .
( 5 ) النحل : 26 .
( 6 ) في نسخة : هذا المنارة .
( * )


قال جابر : فنظر الباقر عليه السلام إلى قصتهم ثم قال : يا جابر دأبنا ودأبهم إذا بطروا وأشروا وتمردوا وبغوا أرعبناهم وخوفناهم فإذا ارتدعوا وإلا أذن الله في خسفهم .
قال جابر : ياابن رسول الله فما هذا الخيط الذي فيه الاعجوبة ؟ قال : هذه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إلينا ، يا جابر إن لنا عند الله منزلة ومكانا رفيعا ولولا نحن لم يخلق الله أرضا ولا سماء ولا جنة ولا نارا ولا شمسا ولا قمرا ولا برا ولا بحرا ولا سهلا ولا جبلا ولا رطبا ولا يابسا ولا حلوا ولا مرا ولا ماء ولا نباتا ولا شجرا اخترعنا الله من نور ذاته لا يقاس بنا بشر .
بنا أنقذكم الله عزوجل وبنا هداكم الله ، ونحن والله دللناكم على ربكم فقفوا على أمرنا ونهينا ولا تردوا كل ما ورد عليكم منا فإنا أكبر وأجل وأعظم وأرفع من جميع ما يرد عليكم ، ما فهمتموه فاحمدوا الله عليه ، وما جهلتموه فكلوا أمره إلينا وقولوا : أئمتنا أعلم بما قالوا .
قال : ثم استقبله أمير المدينة راكبا وحواليه حراسه وهم ينادون في الناس : معاشر الناس احضروا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن الحسين عليهما السلام وتقربوا إلى الله عزوجل به لعل الله يصرف عنكم العذاب .
فلما بصروا بمحمد بن علي الباقر عليهما السلام تبادروا نحوه وقالوا : يا ابن رسول الله أما ترى ما نزل بامة جدك محمد صلى الله عليه وآله وسلم هلكوا وفنوا عن آخرهم ، أين أبوك حتى نسأله أن يخرج إلى المسجد ونتقرب به إلى الله ليرفع الله به عن امة جدك هذا البلاء ؟ قال لهم محمد بن علي عليه السلام : يفعل الله تعالى إن شاء الله ، أصلحوا أنفسكم وعليكم بالتضرع والتوبة والورع والنهي عما أنتم عليه ، فانه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون .
قال جابر : فأتينا علي بن الحسين عليهما السلام وهو يصلي فانتظرناه حتى فرغ من صلاته وأقبل علينا فقال : يا محمد ما خبر الناس ؟ فقال : ذلك لقد رأى من قدرة الله عزوجل ما لا زال متعجبا منها ، قال جابر : إن سلطانهم سألنا أن نسألك أن تحضر إلى المسجد حتى يجتمع الناس يدعون ويتضرعون إلى الله عزوجل ويسألونه الاقالة .
قال : فتبسم عليه السلام ثم تلا " أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال، ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون " .
فقلت : سيدي العجب أنهم لا يدرون من أين اتوا ، قال : أجل ، ثم تلا : " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون "  وهي والله آياتنا وهذه أحدها وهي والله ولايتنا ، يا جابر ما تقول في قوم أماتوا سنتنا وتوالوا أعداءنا وانتهكوا حرمتنا  فظلمونا وغصبونا وأحيوا سنن الظالمين وساروا بسيرة الفاسقين قال جابر : الحمد لله الذي من علي بمعرفتكم وألهمني فضلكم ووفقني لطاعتكم موالاة مواليكم ومعاداة أعدائكم .
قال صلوات الله عليه : يا جابر أو تدري ما المعرفة ؟ المعرفة إثبات التوحيد أولا ثم معرفة المعاني ثانيا ثم معرفة الابواب ثالثا ثم معرفة الانام رابعا ثم معرفة الاركان خامسا ثم معرفة النقباء سادسا ثم معرفة النجباء سابعا وهو قوله تعالى : " لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا "....إلخ...... أقول : إنما أفردت لهذه الاخبار بابا لعدم صحة أسانيدها وغرابة مضامينها فلا نحكم بصحتها ولا ببطلانها ونرد علمها إليهم عليهم السلام

 

تحريم التبني في الإسلام وتحريم عمل أسماء وهمية لمجهولي الآباء والأنساب

 

على حد علمي فالإسلام الديانة الوحيدة التي تحرم منح الرجل اسمَه لمن يكفله كيتيم بدون أب، وخاصة بدون أب معروف، كما عرضت في باب (زواج محمد من زينب بنت جحش) بالإكراه والاغتصاب، كان سبب ذلك هو رغبته في الزواج منها بعدما طلقها ابنه بالتبني:

 

{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)} الأحزاب

 

وروى البخاري:

 

6768 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَهُوَ كُفْرٌ

 

6830 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا إِذْ رَجَعَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ فِي فُلَانٍ يَقُولُ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فَلْتَةً فَتَمَّتْ فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ إِنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ ......إلخ.....ثُمَّ إِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَنْ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ أَوْ إِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ ...إلخ

 

3509 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا حَرِيزٌ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ أَوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ

 

وانظر أحمد 16980 و16983 و16008

 

6766 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَذَكَرْتُهُ لِأَبِي بَكْرَةَ فَقَالَ وَأَنَا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

3508 - بَاب حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ

 

 

وانظر مسلم 63 و1370

 

وروى أحمد:

 

5479 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الْكَلْبِيِّ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: " مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ} [الأحزاب: 5] "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 3/43، وابن أبي شيبة 12/140، وابن حبان (7042) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2425) من طريق حَبان بن هلال، عن وهيب، به. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/43، والبخاري (4782) ، ومسلم (2425) ، والترمذي (3209) و (3814) ، والنسائي في "الكبرى" (11396) و (1) 397) ، والطبراني في "الكبير" (13170) ، والبيهقي في "السنن" 7/161، والبغوي في "تفسيره" 3/506 من طرق، عن موسى بن عقبة، به. وأورده السيوطي في "الدر المنثور"6/562، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

 

6592 - حَدَّثَنَا وَهْبٌ يَعْنِي ابْنَ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَرَادَ فُلَانٌ أَنْ يُدْعَى جُنَادَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ قَدْرِ سَبْعِينَ عَامًا أَوْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ عَامًا" قَالَ: " وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهب بن جرير: هو ابن حازم، الحكم: هو ابن عُتيبة، أبو محمد الكندي الكوفي. وأخرجه الخطيب في "تاريخه" 2/347 من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2274) عن شعبة، به. وأخرجه ابن ماجه (2611) عن محمد بن الصباح، عن سفيان، عن عبد الكريم، عن مجاهد، به. وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/98، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/74: رواه أحمد وابن ماجه، ورجالُهما رجالُ الصحيح، وعبد الكريم: هو الجزري، ثقة، احتج به الشيخان وغيرهما، ولا يُلْتفت إلى ما قيل فيه. وفي الباب عن علي عند البخاري (6755) ، ومسلم (1370) ، وسلف برقم (615) وعن سعد بن أبي وقاص عند البخاري (4326) ، ومسلم (63) (114) و (115) وسلف (1454) و (1497) .وعن ابن عباس، سلف (3037) . وعن عمرو بن خارجة، سيرد 17666و18081. وعن أبي بكرة، سيرد 20396 وعن أبي بكرة وسعد بن أبي وقاص20466.وعن أبي ذر عند البخاري. (3508) . ومسلم (61) ، وسيرد 21465.وعن أبي أمامة الباهلي، سيرد 22294. وعن أنس عند أبي داود (5115) ، وإسناده صحيح. وعن جابر عند أبي يعلى في "مسنده" (2071) ، أورده الهيثمي في "المجمع" 8/149 وقال: رواه أبو يعلى، وفيه عمران القطان، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره. وسيكرر الحديث برقم (6834) ، وانظر (7019) .

 

وعلى حد علمي يسبب تشريع كهذا مشاكل كثيرة، فبعض ضحايا الحروب لا يُعرَف لهم أب من أطفال صغار جدًّا، ولا توجد بطاقات هوية اليوم تكون فيها اسم واحد، لا يصلح هذا، لأجل الأوضاع القانونية وتمييز الناس عن بعضهم لمعرفة الحقوق والواجبات والعقوبات وما شابه، الدول الحديثة ليست ببساطة مجتمع محمد البدائي الصغير في يثرب، كذلك ماذا عن ظاهرة الأطفال "اللقطاء" وهي ظاهرة انعدمت في أوربا الحديثة، ولا تزال في دول الإسلام المتخلفة في معظمها، حيث لو حملت أم بدون زواج تلقي طفلها بقسوة بمجرد مولده أحيانًا في الشارع أو في القمامة! وهذه الأخبار كثيرة في صحفهم من ضمن عاداتهم وثقافتهم المتخلفة، بسبب المفاهيم المتخلفة، عكس فرحة الغربيين بابن أنجب بدون زواج حيث يتحمل الأب مسؤوليته وتفرح به الأسرتان والأجداد، هذا الطفل يكون بدون نسب حقيقي، ولا يمكن تركه يواجه مجتمعًا بأفكار عفنة تقلل من قيمته كإنسان، لذلك حسب خبرتي المؤكدة لاتصالي بدوائر دور أيتام كهذه سابقًا خلال بعض أعمالي، فإنهم يصدرون من الدولة بطاقات فيها أسماء لهم بأسماء عائلات وآباء وهميين غير حقيقيين. هل تعتقد أن سلوكًا طيبًا خير المقاصد كهذا يجعلهم ملعونين من إله خرافي؟! ومنذ زمن زياد بن معاوية بن أبي سفيان_القائد العسكري الذي اعترف به معاوية كابن له ومع ذلك سماه المسلمون كرهًا له_ باسم زياد بن أبيه كُسِرَت هذه القاعدة.

 

عدم ضرورة لبس الطفلة خمارًا للصلاة

 

روى أحمد:

 

24646 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ نَزَلَتْ عَلَى صَفِيَّةَ أُمِّ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ، فَرَأَتْ بَنَاتٍ لَهَا يُصَلِّينَ بِغَيْرِ خُمُرٍ قَدْ حِضْنَ ، قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا تُصَلِّيَنَّ جَارِيَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا فِي خِمَارٍ ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيَّ، وَكَانَتْ فِي حِجْرِي جَارِيَةٌ، فَأَلْقَى عَلَيَّ حَقْوَهُ ، فَقَالَ: " شُقِّيهِ بَيْنَ هَذِهِ، وَبَيْنَ الْفَتَاةِ الَّتِي فِي حِجْرِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَإِنِّي لَا أُرَاهَا إِلَّا قَدْ حَاضَتْ، أَوْ لَا أُرَاهُمَا إِلَّا قَدْ حَاضَتَا".

 

حديث صحيح ، وهذا إسناد اختلف فيه على محمد بن سيرين:

فرواه أيوب السختياني كما في هذه الرواية ، وهشام -وهو ابن حسان القردوسي- كما في الرواية (26016) عن محمد بن سيرين ، عن عائشة ، به.

وهو منقطع ، محمد بن سيرين لم يسمع من عائشة شيئاً .

وأخرجه أبو داود (642) ، ومن طريقه البيهقي 6 / 75 عن محمد بن عبيد، عن حماد بن زيد ، بهذا الإسناد.

وقد جاء الحديث من رواية أيوب وهشام متصلاً عند ابن الأعرابي في "معجمه" (1995) و (1996) من طريق حماد بن سلمة عنهما ، عن محمد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة ، فإن كان الوصل عنده محفوظاً فيهما ، فالإسنادان صحيحان . ورواه قتادة ، واختلف عليه فيه :

فرواه عنه حماد بن سلمة كما في الروايات (25167) و (25833) و (26226) عن قتادة، فقال: عن محمد بن سيرين ، عن صفية بنت الحارث ، عن عائشة ، فزاد في الإسناد صفية بنت الحارث بن طلحة العبدرية، وقد ذكرها الحافظ في "الإصابة في القسم الأول" وجزم أنها صحابية في "التقريب" ، وذكرها ابن حبان في ثقات التابعين 4 / 385 - 386 ، وروى عنها محمد بن سيرين وقتادة ، ومن هذه الطريق صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ، وحسَّنه الترمذي .

وتابع حمادَ بنَ سلمة على هذا الطريق حمادُ بن زيد عند ابن حزم في "المحلَّى" 3 / 219.

وقد مال الدارقطني في "العلل" 5 / الورقة 105 إلى ترجيح طريقي أيوب وهشام المرسلتين ، فقال : وقول أيوب وهشام أشبه بالصواب.

ورواه سعيد بن أبي عروبة - فيما أخرجه الحاكم 1 / 251 ، والبيهقي 2 / 233 - عن قتادة ، عن الحسن مرسلاً . وإلى هذه الطريق أشار أبو داود عقب الرواية (641) .

وفي الباب عن أبي قتادة أخرجه الطبراني في "الأوسط" (7602) ، وفي "الصغير" (920) من طريق إسحاق بن إسماعيل عن عمرو بن هاشم البيروتي ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن كثير ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى تواري زينتها ، ولا من جارية بلغت المحيض حتى تختمر" وقال : لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا عمرو بن هاشم ، تفرد به إسحاق بن إسماعيل .

وأورده الهيثمي في "المجمع" 2 / 52 ، وقال : رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" ، وقال : تفرد به إسحاق بن إسماعيل بن عبد الأعلى الأيلي . قلت -القائل الهيثمي- : ولم أجد من ترجمه ، وبقية رجاله موثقون.

قلنا : إسحاق بن إسماعيل : وهو الأيلي ، ترجم له المزي في "تهذيب الكمال" ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وقد روى له النسائي وابن ماجه.

وقد ورد موقوفاً أن النساء كن يصلين بدرع وخمار: عن عائشة عند ابن أبي شيبة 2 / 224 و226 وعبد الرزاق (5029) . وعن أم سلمة عند ابن أبي شيبة 2 / 225 وعبد الرزاق (5028) ، وهو في "الموطأ" 1 / 142. وعن ميمونة عند مالك في "الموطأ" 1 / 142 ، وابن أبي شيبة 2 / 225 . وعن ابن عباس عند ابن أبي شيبة 2 / 225 ، وعبد الرزاق (5030) .

قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 5 / 443 : والذي عليه فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق أن على المرأة الحرةِ أن تغطي جسمها كُلَّه بدرع صفيقٍ سابغ ، وتُخَمِّرَ رأسَها ، فإنها كُلَّها عورة إلا وجهها وكفيها ، وأن عليها سترَ ما عدا وجهها وكفيها .

قال السندي : قوله : "بغير خمر" بضمتين جمع خمار ككتب وكتاب. حقوه، أي : إزاره .

 

26016 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ، نَزَلَتْ عَلَى أُمِّ طَلْحَةَ الطَّلْحَاتِ فَرَأَتْ بَنَاتِهَا يُصَلِّينَ بِغَيْرِ خُمُرٍ ، فَقَالَتْ: إِنِّي لَأَرَى بَنَاتِكِ قَدْ حِضْنَ أَوْ حَاضَ بَعْضُهُنَّ، قَالَتْ: أَجَلْ، قَالَتْ: فَلَا تُصَلِّيَنَّ جَارِيَةٌ مِنْهُنَّ، وَقَدْ حَاضَتْ إِلَّا وَعَلَيْهَا خِمَارٌ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي فَتَاةٌ فَأَلْقَى إِلَيَّ حَقْوَهُ ، فَقَالَ شُقِّيهِ بَيْنَ هَذِهِ، وَبَيْنَ الْفَتَاةِ الَّتِي عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَإِنِّي لَا أُرَاهُمَا إِلَّا قَدْ حَاضَتَا أَوْ لَا أُرَاهَا إِلَّا قَدْ حَاضَتْ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه انقطاع، وقد سلف الكلام عليه في الرواية (24646)

 

هذا هو تشريع محمد الأصلي، لكن جمهور المسلمين كله وصل إلى قمة الهوس لدرجة تخمير البنات الطفلات بالخمار الإسلامي (يسمونه حجابًا ومعنى الحجاب في الفقه شيء آخر هو عزل زوجات محمد عن كل الرجال بنظام الحريم)، وحتى أكثرهم تحررًا ممن لا يخمرون طفلاتهم لا يمكن أن يدعوا طفلة تصلي أو تدخل مسجدًا بدون خمار على رأسها، لن ترى طفلة عمرها ثلاثة أو أربعة سنوات غالبًا تدخل مع أمها المسجد بدون خمار. إذن الدين تغير شكله وهم ليسوا عمومًا على سنة محمد الأصلية، وكما أقول دومًا الإسلام سيء لكن ممارسة المسلمين أسوأ بمراحل. رغم كل شمولية دين محمد فما كان الرجل سيأمر بتغطية رأس طفلة، فهو أفضل بقليل من هؤلاء القوم في بعض النواحي رغم كل إدانتي له في حوالي 39 كتابًا، منها 38 هي أبواب كتابنا هذا!

 

تقديس عمر والمغالاة في تعظيمه واتباع ابتداعاته وتغييراته في الدين

 

خلال هذا الباب ذكرنا الكثير مما غيره عمر من تعاليم الإسلام وتشريعاته، على الأقل في المحيط والممارسة السنية القديمة وما تبقى من ممارساتها المتبقية إلى اليوم بانهيار تطبيق شرائع الهمجية في معظم الدول الإسلامية، بعض ما غيره عمر كان من منظور إنساني وعلماني حسنًا وجيدًا، وأفضل وبعضه كان أسوأ وأكثر منافاة للقيم العلمانية والحريات والمبادئ الإنسانية والحقوق وخلافه، رغم ابتداع عمر فالسنة قدّسوه وجعلوه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، تمامًا كما فعلوا كلهم مع محمد، وكما قدس الشيعة أئمتهم في بدعهم وتغييراتهم كذلك. وأحيانًا زيّف السنة الأحاديث والحقائق ليجعلوا بعض تغييرات عمر على أنها من تشريع محمد وليس عمر. وزعموا أن محمدًا أوصاهم باتباع أعمى لعمر، أو لو كان محمد وعمر كانا يوصيان بما يخالف العقل والعلم والمنطق والقيم الإنسانية، وأولو كان عمر يخالف صريح نص قرآنهم وأحاديث محمد وأفعاله الثابتة وكان ينتهكها ويكسرها ويحكم بغيرها في بعض الأمور؟!

 

وروى أحمد:

 

21295 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَعَفَّانُ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ بُرْدٍ أَبِي الْعَلَاءِ، قَالَ عَفَّانُ: قَالَ: أَخْبَرَنَا بُرْدٌ أَبُو الْعَلَاءِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ مَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٌ، فَلَقِيَهُ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ: أَيْ أُخَيَّ اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ ضَرَبَ بِالْحَقِّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ " قَالَ عَفَّانُ: "عَلَى لِسَانِ عُمَرَ يَقُولُ بِهِ "

إسناده صحيح. يونس: هو ابن محمد المؤدب، وعفان: هو ابن مسلم. وهو عند المصنف في "فضائل الصحابة" (317) عن يونس بن محمد وعفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وسيأتي من طريق محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن غضيف برقم (21457) و (21542). وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1248) ، وابن أبي حاتم في "العلل" 2/386، والطبراني في "الكبير" (1077) ، وفي "مسند الشاميين" (1463) من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن حبيب بن عبيد، عن غضيف بن الحارث، عن بلال بن رباح. مختصراً بالمرفوع. قلنا: وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف. وفي الباب عن ابن عمر سلف برقم (5145) . وذكرت شواهده هناك. قوله: "ضرب بالحق على لسان عمر" قال السندي: أي: جعل الحق لازماً له لا يتعداه إلى الباطل.

 

21457 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ، رَجُلٍ مِنْ أَيْلَةَ، قَالَ: مَرَرْتُ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: نِعْمَ الْغُلَامُ. فَاتَّبَعَنِي رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، ادْعُ اللهَ لِي بِخَيْرٍ. قَالَ: قُلْتُ: وَمَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللهُ؟ قَالَ: أَنَا أَبُو ذَرٍّ، صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: غَفَرَ اللهُ لَكَ، أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَدْعُوَ لِي مِنِّي لَكَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ مَرَرْتُ بِهِ آنِفًا يَقُولُ: نِعْمَ الْغُلَامُ، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ يَقُولُ بِهِ ".

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاق صدوق، وقد صرح بالتحديث عند يعقوب بن سفيان في "تاريخه" 1/416، وهو متابع. وأخرجه ابن سعد 2/335، والبزار في "مسنده" (4059) ، والمزي في ترجمة غضيف من "تهذيب الكمال" 23/114-115 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد- واقتصر ابن سعد والبزار على المرفوع منه. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/21، وأبو داود (2962) ، وابن ماجه (108) ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/461، وابن أبي عاصم في "السنة" (1249) ، الطبراني في "مسند الشاميين" (1543) و (3565) ، والقطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" لأحمد (521) ، والحاكم 3/86-87، والبيهقي في "المدخل" (66) من طرق عن محمد بن إسحاق، به- واقتصر ابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجه ويعقوب بن سفيان وابن أبي عاصم على المرفوع منه أيضاً. وأخرجه الطبراني أيضاً (1543) و (3566) ، والحاكم 3/86-87، والبيهقي (66) من طريق هشام بن الغاز ومحمد بن عجلان، عن مكحول، وسيأتي برقم (21542) عن يعلى بن عبيد عن محمد بن إسحاق.

 

5145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير نافع بن أبي نعيم، فقد روى له ابن ماجه في "التفسير" ، وهو صدوق. وأخرجه ابن سعد 3/335، وعبد بن حميد (857) عن عبد الملك بن عمرو، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"2/327 من طريق القعنبي، وابن عبد البر في "التمهيد"8/109 من طريق سعيد بن أبي مريم، كلاهما عن نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، به. وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة" (395) ، والقطيعي في زياداته عليه (525) ، والطبراني في "الأوسط" (291) من طريق الضحاك بن عثمان، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة" (3875) من طريق عبد الله بن عمر، كلاهما عن نافع، به. وسيأتي برقم (5697). وفي الباب عن أبي هريرة، سيرد 2/401 (9213)، وصححه ابن حبان (6889). وعن أبي ذر، سيرد 5/1450 وعن بلال عند ابن أبي عاصم (2) 48) ، والطبراني في "الكبير" (1077) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (2669) ، ونقل عن أبي زرعة أن حديث أبي ذر أشبه. وعن معاوية عند الطبراني في "الكبير"19/ (707) . وعن عائشة مطولًا عند ابن سعد في "الطبقات"2/3350

 

هذا التقديس لشخص وهذا الهوس شيء مقزز، شخص أبي ذر أصيب بهوس فيتذلل لهذا ثم لذاك ويطلب منه أن يدعو له، العقل الديني مصاب بهوس لعدم تقديره لذاته كعقل ووعي، ويريد لعجزه ضياعه التذلل لأي مادة خارجية قد تكون شخصًا أو فكرةً وما شابه. أما إعلان شخص أو نص دينيّ على أنه سلطة مقدسة ولا يتعرض للخطإ والنقد والمراجعة فوسيلة لنشر الجهل والاستبداد والحكم الشمولي والدكتاتورية وبؤس الشعوب والكوارث والويلات الدولية المستوى.

 

وروى البخاري:

3469 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنْ الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

 

وروى مسلم:

 

[ 2398 ] حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح حدثنا عبد الله بن وهب عن إبراهيم بن سعد عن أبيه سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول قد كان يكون في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم

قال بن وهب تفسير محدثون: ملهمون

 

يعني رفعه رواة الأحاديث إلى رتبة نبي من أنبياء كتاب اليهود ذوي الدرجات الصغرى الذي يتنبؤون ويشعوذون ممن نقرأ أساطيرهم في كتاب اليهود. يعني يأمر بما شاء ويخالف نصوص محمد ويخالف القيم الإنسانية هو ومحمد بلا مشكلة، هذه هي عقلية التقديس الأعمى، نهايته الرجل مات قتيلًا على يد أحد من استعبدهم وخطفهم جيشه العربي من إيران/ فارس إلى يثرب.

 

وروى أحمد:

 

23245 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي (1) بَكْرٍ، وَعُمَرَ " (2)

 

(1) المثبت من (ظ 5) ، وفي (م) وبقية النسخ: أبو .

(2) حديث حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه منقطع، بين عبد الملك بن عمير وربعي بن حراش: مولى لربعي كما سيأتي في رواية الثوري عن عبد الملك (23276) ، وهو ما رجحه أبو حاتم -كما في "العلل" 2/381- ثم عبد الملك قد توبع كما في الرواية الآتية برقم (23386). زائدة: هو ابن قدامة .

وأخرجه الحميدي (449) ، وابن سعد 2/334، والترمذي (3662) ، والبزار في "مسنده" (2827) ، وأبو حاتم -كما في "العلل" لابنه 2/379-، والطحاوي في "شرح المشكل" (1226) و (1227) و (1228) ، والبغوي (3894) و (3895) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد . وحسَّنه الترمذي .

وأخرجه الحاكم 3/75 من طريق الحميدي، عن سفيان، عن عبد الملك، عن هلال مولى ربعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة . قال: وهذا خطأ في حديث الحميدي، فقد رواه الحميدي نفسه في "مسنده"، ومن طريقه أبو حاتم الرازي، والطحاوي (1227) ، والبغوي (3895) . لم يذكر أحد منهم هلالاً .

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (3828) من طريق أبي موسى إسحاق بن موسى الأنصاري، والحاكم 3/75 من طريق إسحاق بن عيسى بن الطباع، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، عن عبد الملك، عن ربعي، عن حذيفة .

وأخرجه الحاكم 3/75 من طريق حفص بن عمر الأيلي ووكيع وعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني -فرَّقهم- عن مسعر، عن عبد الملك، عن ربعي، عن حذيفة .

وقرن في رواية الحماني بمسعر سفيان الثوري، قلنا: المحفوظ في رواية سفيان الثوري زيادة مولى ربعي بين عبد الملك وربعي كما سيأتي في الرواية (23276) .

وأخرجه الخطيب 12/20 من طريق وكيع، عن مسعر، عن عبد الملك، عن مولى لربعي بن حراش، عن ربعي، عن حذيفة . خالف رواية الحاكم عن وكيع بزيادة مولى ربعي في الإسناد.

وفي الباب عن أنس سيأتي في تخريج الرواية (23386). وأخرج مسلم (681) ضمن حديث طويل من حديث أبي قتادة مرفوعاً: "إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا"، وسلف في "المسند" برقم (22546) .

وانظر حديث العرباض السالف برقم (17142) ، وفيه: "عليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين" .

قوله: "اقتدوا باللذين من بعدي" قال السندي: فيه بيان قوة اجتهادهما وإصابتهما الحق غالباً، وفيه إخبار عن خلافتهما إذ لا بعدية في الوجود إلا أن يقال: يمكن البعدية في البقاء، وعلى الوجهين سواءً حُمِلَ على البعدية في الخلافة أو البقاء ففيه معجزة له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث أَخبر عن شيء قبل وجوده، فوُجِدَ كما أخبر، والله تعالى أعلم . قلنا: وحمله على البعدية في البقاء أقوى .

 

حديث جيد منقطع ملفَّق!

 

23386 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ الْمُرَادِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، ورِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنِّي لَسْتُ أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي_يُشِيرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ_وَاهْدُوا هَدْيَ عَمَّارٍ وَعَهْدَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ".

 

حديث حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد لين من أجل سالم المرادي -وهو سالم بن عبد الواحد، ويقال: ابن العلاء، أبو العلاء الأنعمي- فقد اختلف فيه فوثقه الطحاوي في "شرح المشكل" والعجلي وابن حبان، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه . وضعفه ابن معين والنسائي في "ضعفائه" (229) ، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي عبد الله المدائني متابع ربعيٍّ، فلم يرو عنه غير عمرو بن هرم، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/667-668 . وهو في "فضائل الصحابة" للمصنف (479) .

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 2/334 عن محمد بن عبيد، به .

وأخرجه ابن سعد 2/334، وابن أبي شيبة 14/569، والترمذي (3663) ، وابن حبان (6902) من طريق وكيع، والبخاري في "الكنى" 9/50، وأبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 9/402 من طريق يعلى بن عبيد، وعبد الله بن أحمد في زوائد "فضائل الصحابة" (198) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (1233) من طريق إسماعيل بن زكريا الخُلقاني، ثلاثتهم عن سالم أبي العلاء المرادي، به .

وبعضهم يختصره، ولم يقرن الترمذي والطحاوي بربعي أبا عبد الله، وعكسُه عند أبي حاتم الرازي .

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/666 من طريق مسلم بن صالح، عن حماد ابن دليل، عن عمر بن نافع، عن عمرو بن هرم، قال: دخلت أنا وجابر بن زيد على أنس بن مالك فقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره . قلنا: ومسلم بن صالح لم نقف له على ترجمة. ورواه مرة أخرى من طريق مسلم بن صالح، به . لكن أسقط منه عمر بن نافع .

قوله: "واهدوا هديَ عمَّار" قال ابن الأثير: أي: سِيروا بسيرته، وتهيؤوا بهيئتِه، يقال: هَدَى هَدْيَ فلانٍ، إذا سار بسيرتِه .

 

إطالة عمر لصلاة الفجر والصلوات عمومًا بخلاف سنة محمد

 

روى مسلم:

 

[ 473 ] وحدثني أبو بكر بن نافع العبدي حدثنا بهز حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن أنس قال ما صليت خلف أحد أوجز صلاة من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم متقاربة وكانت صلاة أبي بكر متقاربة فلما كان عمر بن الخطاب مد في صلاة الفجر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قام حتى نقول قد أوهم ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم

 

وانظر أحمد 12116 و11967 و13073 و13130 و13466 و13577 والطيالسي 2030

 

وروى عبد الرزاق:

 

2711 - عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك قال صليت خلف أبي بكر الفجر فاستفتح البقرة فقرأها في ركعتين فقام عمر حين فرغ قال يغفر الله لك لقد كادت الشمس تطلع قبل أن تسلم قال لو طلعت لألفتنا غير غافلين

 

2712 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس صليت خلف أبي بكر فاستفتح بسورة آل عمران فقام إليه عمر فقال يغفر الله لك لقد كادت الشمس تطلع قبل أن تسلم قال لو طلعت لألفتنا غير غافلين

 

2715 - عبد الرزاق عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال ما حفظت سورة يوسف وسورة الحج إلا من عمر من كثرة ما كان يقرؤهما في صلاة الفجر فقال كان يقرؤهما قراءة بطيئة

 

2718 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني سليمان بن عتيق أن عمر بن الخطاب قرأ في الصبح سورة آل عمران

 

ومما روى ابن أبي شيبة:

 

3565- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَرَأَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ بِالْبَقَرَةِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ حِينَ فَرَغَ : كَرَبَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ ، قَالَ : لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ.

 

3568- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بِسُورَةِ يُوسُفَ قِرَاءَةً بَطِيئَةً.

 

3569- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ الْفُرَافِصَةِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : تَعَلَّمْتُ سُورَةَ يُوسُفَ خَلْفَ عُمَرَ فِي الصُّبْحِ.

3570- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ ، قَالَ : صَلَّى بِنَا عَبْدُ اللهِ الْفَجْرَ فَقَرَأَ بِسُّورَتَيْنِ ، الآخِرَةُ مِنْهُمَا بَنِو إسْرَائِيلَ.

 

سورة بني إسرائيل هي الإسراء وهي 111 آية.

 

3577- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، قَالَ : صَلَّيْت خَلْفَ عَرْفَجَةَ فَرُبَّمَا قَرَأَ بِالْمَائِدَةِ فِي الْفَجْرِ.

 

وعلى النقيض قالت روايات بإيجاز الصلاة وأنها كانت عادة عند محمد

 

روى البخاري:

 

1171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمَّتِهِ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: هَلْ قَرَأَ بِأُمِّ الكِتَابِ؟ "

 

6464 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ

 

6465- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ وَقَالَ اكْلَفُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ

 

6466 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنْ الْأَيَّامِ قَالَتْ لَا كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطِيعُ

 

5861 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْتَجِرُ حَصِيرًا بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ حَتَّى كَثُرُوا فَأَقْبَلَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ

 

رواه مسلم 782 وانظر أحمد 24125 و24162 و24941 و24043 و24941

 

995 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ أَرَأَيْتَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ أُطِيلُ فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ فَقَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَكَأَنَّ الْأَذَانَ بِأُذُنَيْهِ قَالَ حَمَّادٌ أَيْ سُرْعَةً

 

وروى مسلم:

 

[ 452 ] حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة جميعا عن هشيم قال يحيى أخبرنا هشيم عن منصور عن الوليد بن مسلم عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري قال كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة آلم تنزيل السجدة وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك ولم يذكر أبو بكر في روايته آلم تنزيل وقال قدر ثلاثين آية

 

[ 453 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن أبي عون قال سمعت جابر بن سمرة قال عمر لسعد قد شكوك في كل شيء حتى في الصلاة قال أما أنا فأمد في الأوليين وأحذف في الأخريين وما آلو ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذاك الظن بك أو ذاك ظني بك

 

[ 465 ] حدثني محمد بن عباد حدثنا سفيان عن عمرو عن جابر قال كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي فيؤم قومه فصلى ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف فقالوا له أنافقت يا فلان قال لا والله ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار وإن معاذا صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح بسورة البقرة فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال يا معاذ أفتان أنت اقرأ بكذا واقرأ بكذا قال سفيان فقلت لعمرو إن أبا الزبير حدثنا عن جابر أنه قال اقرأ والشمس وضحاها والضحى والليل إذا يغشى وسبح اسم ربك الأعلى فقال عمرو نحو هذا

 

 [ 465 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح قال وحدثنا بن رمح أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن جابر أنه قال صلى معاذ بن جبل الأنصاري لأصحابه العشاء فطول عليهم فانصرف رجل منا فصلى فأخبر معاذ عنه فقال إنه منافق فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما قال معاذ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتريد أن تكون فتانا يا معاذ إذا أممت الناس فاقرأ بالشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى واقرأ باسم ربك والليل إذا يغشى

 

 [ 465 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن منصور عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة

[ 465 ] حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو الربيع الزهراني قال أبو الربيع حدثنا حماد حدثنا أيوب عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يأتي مسجد قومه فيصلي بهم

 

[ 783 ] وحدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم قال زهير حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال سألت أم المؤمنين عائشة قال قلت يا أم المؤمنين كيف كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان يخص شيئا من الأيام قالت لا كان عمله ديمة وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع

 

 [ 783 ] وحدثنا بن نمير حدثنا أبي حدثنا سعد بن سعيد أخبرني القاسم بن محمد عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل قال وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمته

 

باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام

 

 [ 466 ] وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن أبي مسعود الأنصاري قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة

   

[ 467 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا المغيرة وهو بن عبد الرحمن الحزامى عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء

 

 [ 467 ] حدثنا بن رافع حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ما قام أحدكم للناس فليخفف الصلاة فإن فيهم الكبير وفيهم الضعيف وإذا قام وحده فليطل صلاته ما شاء

 

 [ 467 ] وحدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن في الناس الضعيف والسقيم وذا الحاجة

 

رواه أحمد 7474 ومن طريق ابن أبي ذئب برقم (9104) و (10938). وله عنده طرق أخرى عن أبي هريرة، انظر (7667) و (8218) و (10099) و (10306) و (10522) و (10793). وفي الباب عن عثمان بن أبي العاص، في "المسند" 4/21. وعن أنس 3/124. وعن جابر 3/299.

 

[ 467 ] وحدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي حدثني الليث بن سعد حدثني يونس عن بن شهاب حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله غير أنه قال بدل السقيم الكبير

 

 [ 468 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا موسى بن طلحة حدثني عثمان بن أبي العاص الثقفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أم قومك قال قلت يا رسول الله إني أجد في نفسي شيئا قال أدنه فجلسني بين يديه ثم وضع كفه في صدري بين ثديي ثم قال تحول فوضعها في ظهري بين كتفي ثم قال أم قومك فمن أم قوما فليخفف فإن فيهم الكبير وإن فيهم المريض وإن فيهم الضعيف وإن فيهم ذا الحاجة وإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء

 

[ 468 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت سعيد بن المسيب قال حدث عثمان بن أبي العاص قال آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أممت قوما فأخف بهم الصلاة

 

 [ 469 ] وحدثنا خلف بن هشام وأبو الربيع الزهراني قالا حدثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوجز في الصلاة ويتم

 

 [ 469 ] حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد قال يحيى أخبرنا وقال قتيبة حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أخف الناس صلاة في تمام

 

 [ 469 ] وحدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلى بن حجر قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا إسماعيل يعنون بن جعفر عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك أنه قال ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 [ 470 ] وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني عن أنس قال أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة فيقرأ بالسورة الخفيفة أو بالسورة القصيرة

 

 [ 470 ] وحدثنا محمد بن منهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأدخل الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدة وجد أمه به

 

باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام

 

 [ 471 ] وحدثنا حامد بن عمر البكراوي وأبو كامل فضيل بن حسين الجحدري كلاهما عن أبي عوانة قال حامد حدثنا أبو عوانة عن هلال بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين فسجدته فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريبا من السواء

 

[ 724 ] حدثنا عمرو الناقد حدثنا عبدة بن سليمان حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما

 

[ 724 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى بن سعيد قال أخبرني محمد بن عبد الرحمن أنه سمع عمرة تحدث عن عائشة أنها كانت تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخفف حتى إني أقول هل قرأ فيهما بأم القرآن

 

 [ 724 ] حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري سمع عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر صلى ركعتين أقول هل يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب

 

وروى أحمد:

16270 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي، فَقَالَ: " أَنْتَ إِمَامُهُمْ وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا ".

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. والجريري: وهو سعيد بن إياس فد اختلط إلا أن سماع حماد- وهو ابن سلمة- منه قبل اختلاطه. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري، وأبو العلاء: هو يزيد بن عبد الله بن الشِّخير. وأخرجه مختصراً ابن أبي شيبة 1/228، والطبراني في "الكبير" (8376) و (8378) ، وبتمامه أبو نعيم في "الحلية" 8/134 من طريق الحسن البصري، عن عثمان، بهذا الإسناد. وسيأتي بالأرقام (16271) و (16272) و (16273) و (16275) و (16276) و (16277) و4/216 و217 و218. وفي الباب في الأمر بالتخفيف في الصلاة من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب السالف برقم (4796) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

 

16273 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الصِّيَامُ جُنَّةٌ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ "

وَكَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَعَثَنِي إِلَى الطَّائِفِ، قَالَ: " يَا عُثْمَانُ، تَجَوَّزْ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ فِي الْقَوْمِ الْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث عند الحميدي وغيره، فانتفت شبهة تدليسه، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له سوى مسلم. قوله: "الصيام جُنَة كجنة أحدكم من القتال". أخرجه ابن أبي شيبة 3/4-5، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1543) ، والطبراني في "الكبير" (8361) و (8363) من طريق إسماعيل بن عُلَية، والنسائي في "المجتبى" 4/167، وابن خزيمة (1891) من طريق ابن أبي عدي، كلاهما عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وعندهم زيادة ما عدا النسائي: "وصيام حسن ثلاثة أيام من الشهر"، وستأتي هذه الزيادة برقم (16279). وأخرجه النَسائي في "المجتبى" 4/167 من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي هند، قال: دخل مطرف على عثمان، نحوه مرسل. وسيأتي برقم (16278).

وقوله: "يا عثمان تجوز في الصلاة، فإن في القوم الكبير وذا الحاجة": أخرجه الطبراني في "الكبير" (8357) و (8363) من طريق عارم، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه الشافعي في "السنن" (118) ، والحميدي (905) ، وابن خزيمة (1608) ، والطبراني في "الكبير" (8358) من طريق سفيان بن عيينة، وابن ماجه (987) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1530) و (1542) ، والطبراني في "الكبير" (8359) من طريق إسماعيل ابن عُلَيَّة، وابن خزيمة (1608) من طريق ابن أبي عدي وسلمة بن الفضل، أربعتهم عن ابن إسحاق، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (8377) و (8379) و (8380) من طريق الحسن البصري، عن عثمان، به نحوه. وسيأتي نحوه برقم (16275) ، وانظر (16270).

 

(12247) 12272- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ وَقَالَ مَرَّةً : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَؤُمُّ قَوْمَهُ ، فَدَخَلَ حَرَامٌ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَ نَخْلَهُ ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ ، فَلَمَّا رَأَى مُعَاذًا طَوَّلَ ، تَجَوَّزَ فِي صَلاَتِهِ وَلَحِقَ بِنَخْلِهِ يَسْقِيهِ ، فَلَمَّا قَضَى مُعَاذٌ الصَّلاَةَ ، قِيلَ لَهُ : إِنَّ حَرَامًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَلَمَّا رَآكَ طَوَّلْتَ تَجَوَّزَ فِي صَلاَتِهِ وَلَحِقَ بِنَخْلِهِ يَسْقِيهِ . قَالَ : إِنَّهُ لَمُنَافِقٌ ، أَيَعْجَلُ عَنِ الصَّلاَةِ مِنْ أَجْلِ سَقْيِ نَخْلِهِ قَالَ : فَجَاءَ حَرَامٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعَاذٌ عِنْدَهُ ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَسْقِيَ نَخْلاً لِي ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ لأُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ ، فَلَمَّا طَوَّلَ ، تَجَوَّزْتُ فِي صَلاَتِي وَلَحِقْتُ بِنَخْلِي أَسْقِيهِ ، فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ . فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذٍ فَقَالَ : أَفَتَّانٌ أَنْتَ ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ ، لاَ تُطَوِّلْ بِهِمْ ، اقْرَأْ : بِ{سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، وَ{الشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ، وَنَحْوِهِمَا.

 

صحيح على شرط الشيخين

 (14190) 14239- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَحَجَّاجٌ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ ، قَالَ : أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَمَعَهُ نَاضِحَانِ لَهُ ، وَقَدْ جَنَحَتِ الشَّمْسُ ، وَمُعَاذٌ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ، فَدَخَلَ مَعَهُ الصَّلاَةَ ، فَاسْتَفْتَحَ مُعَاذٌ الْبَقَرَةَ ، أَوِ النِّسَاءَ ، مُحَارِبٌ الَّذِي يَشُكُّ ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلُ ذَلِكَ صَلَّى ، ثُمَّ خَرَجَ ، قَالَ : فَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ ، قَالَ حَجَّاجٌ : يَنَالُ مِنْهُ ، قَالَ : فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ ، أَوْ فَاتِنٌ ، فَاتِنٌ ، فَاتِنٌ ، وَقَالَ حَجَّاجٌ : أَفَاتِنٌ ، أَفَاتِنٌ ، أَفَاتِنٌ ، فَلَوْلاَ قَرَأْتَ {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ، فَصَلَّى وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ ، وَذُو الْحَاجَةِ ، أَوِ الضَّعِيفُ ، أَحْسِبُ مُحَارِبًا الَّذِي يَشُكُّ فِي الضَّعِيفِ.(3/299).

 

20843 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا، عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " كَانَ يُخَفِّفُ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ هَؤُلَاءِ "

قَالَ: وَنَبَّأَنِي " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ: بِـ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وَنَحْوِهَا "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير سماك- وهو ابن حرب- فهو صدوق، لكن قد اختلف عليه في قصة القراءة في صلاة الفجر كما سيأتي. أبو كامل: هو مظفر بن مدرك، وزهير: هو ابن معاوية. فأخرجه أبو عوانة 2/160، والطبراني في "الكبير" (1937) و (1938) من طريقين عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (2000) من طريق جعفر بن الحارث، عن سماك، به مختصراً بقراءة (ق). وأخرجه الطبراني (2052) من طريق يزيد بن عطاء، عن سماك، به مطولاً، وفيه: كان يقرأ بـ (ق) و (يس) . وإسناده ضعيف لضعف يزيد بن عطاء. وسيأتي من طريق زهير بن معاوية برقم (20971) ، ومن طريق زائدة بالأرقام (20845) و (20989) و (21003) كلاهما عن سماك بقراءة (ق). وسيأتي من طريق إسرائيل بن يونس، عن سماك برقم (20995) أنه  كان يقرأ في الفجر الواقعة ونحوَها. وسلف في "المسند" برقم (16396) من طريق أبي عوانة الوضاح، عن سماك، عن رجل من أهل المدينة أنه قرأ في الفجر (ق) و (يس). ولتخفيف الصلاة انظر ما سلف برقم (20826). ويشهد للقراءة في صلاة الفجر بـ (ق) حديث قطبة بن مالك عند مسلم (457) ، وسلف في "المسند" برقم (18903) .

 

20878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، يَقُولُ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَخْطُبُ قَائِمًا، وَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا ، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا، وَيَقْرَأُ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى الْمِنْبَرِ "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك. سفيان: هو الثوري. وسيتكرر برقم (20928) . وهو في "مصنف" عبد الرزاق (5256) ، ومن طريقه أخرجه أبو عوانة في الصلاة كما في "الإتحاف" 3/67، والطبراني (1884) . وانظر (20813) .

 

21048 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ، قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: أَخْبَرَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِـ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ " وَنَحْوِهِمَا قَالَ عَفَّانُ: وَنَحْوِهِمَا مِنَ السُّوَرِ

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سماك. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وعفان: هو ابن مسلم. وأخرجه النسائي 2/166 من طريق عبد الرحمن بن مهدي وحده، بهذا الإسناد. وانظر (20808).

 

وروى مسلم:

 

 [ 866 ] حدثنا حسن بن الربيع وأبو بكر بن أبي شيبة قالا حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا

 

 [ 866 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير قالا حدثنا محمد بن بشر حدثنا زكريا حدثني سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا وفي رواية أبي بكر زكريا عن سماك

 

 [ 457 ] حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن زياد بن علاقة عن عمه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح فقرأ في أول ركعة { والنخل باسقات لها طلع نضيد }  وربما قال ق

 

 [ 458 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن زائدة حدثنا سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بق والقرآن المجيد وكان صلاته بعد تخفيفا

 

 [ 458 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن رافع واللفظ لابن رافع قالا حدثنا يحيى بن آدم حدثنا زهير عن سماك قال سألت جابر بن سمرة عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان يخفف الصلاة ولا يصلي صلاة هؤلاء قال وأنبأني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بق والقرآن ونحوها

 

 [ 459 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى وفي العصر نحو ذلك وفي الصبح أطول من ذلك

 

 [ 460 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر بسبح اسم ربك الأعلى وفي الصبح بأطول من ذلك

   

وانظر أحمد 20845 و20846 و20971 و20989 و21003 و20885 و20995 و20973 و20826 و18903 و20963 و20995 و20982 و21016 و21018 و21048

 

ابتداع عمر لصلاة التراويح

 

روى البخاري:

 

731 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ حُجْرَةً قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ قَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ عَنْ بُسْرٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

1129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ

 

924 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّوْا مَعَهُ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ لَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا * تَابَعَهُ يُونُسُ

 

7290 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا لَيَالِيَ حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ مَا زَالَ بِكُمْ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ


2010 - * وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ قَالَ عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ

 

2012 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّى فَصَلَّوْا مَعَهُ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ

 

6113 - وَقَالَ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَيْرَةً مُخَصَّفَةً أَوْ حَصِيرًا فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيهَا فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ ثُمَّ جَاءُوا لَيْلَةً فَحَضَرُوا وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَحَصَبُوا الْبَابَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مُغْضَبًا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ

2013 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ قَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي

 

بَاب التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ

1187 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا تَابَعَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ

 

وروى مسلم:

 

[ 759 ] وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر على ذلك

 

[ 761 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم قال وذلك في رمضان

 

[ 761 ] وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس يتحدثون بذلك فاجتمع أكثر منهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية فصلوا بصلاته فأصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق رجال منهم يقولون الصلاة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الفجر فلما قضى الفجر أقبل على الناس ثم تشهد فقال أما بعد فإنه لم يخف علي شأنكم الليلة ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها

 

[ 777 ] حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن عبيد الله قال أخبرني نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا

 

 [ 777 ] وحدثنا بن المثنى حدثنا عبد الوهاب أخبرنا أيوب عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا

 

 [ 778 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا

 

وروى أحمد:

 

21582 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ، فَصَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَالِيَ، حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ، فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: "مَا زَالَ بِكُمُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ، وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ، مَا قُمْتُمْ بِهِ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهيب: هو ابن خالد، وأبو النضر: هو سالم بن أبي أمية. وأخرجه عبد بن حميد (250) ، والبخاري (7290) ، والنسائي 3/197 - 198، وابن خزيمة (1204) ، وأبو عوانة (2164) ، والطحاوي في " شرح المعاني" 1/350، وفي "شرح المشكل" (613) ، والبيهقي 3/109 من طريق عفان، بهذا الإسناد. ورواية أبي عوانة وابن خزيمة مختصرة بقوله: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. وأخرجه البخاري (731) ، ومسلم (781) (214) ، وأبو عوانة (2164) ، وبإثر الحديث (2210) و (3058) ، وابن حبان (2491) ، والبيهقي 2/494 من طرق عن وهيب، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4892) من طريق عبد العزيز بن المختار، عن موسى بن عقبة، به. وأخرجه الطحاوي 1/351 من طريق ابن لهيعة، عن أبي النضر، به. مختصراً بقوله: إن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. وأخرجه أبو داود (1044) ، والطحاوي 1/350 - 351، والطبراني في "الكبير" (4893) ، و"الأوسط" (4190) ، و"الصغير" (544) ، وابن عدي في "الكامل" 1/317، وتمام في "فوائده" (415) ، والبغوي (995) ، و (996) من طريق سليمان بن بلال، والطبراني في "الكبير" (4894) من طريق عبد العزيز بن محمد، كلاهما عن إبراهيم بن أبي النضر، عن أبيه، به. مختصراً بلفظ: "صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة ". وأخرجه مالك 1/130، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (1293) عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، موقوفاً. قال الحافظ في "إتحاف المهرة" 4/241: وقد رواه الدارقطني من حديث زيد بن الحباب وأبي مسهر، كلاهما عن مالك مرفوعاً. وسيأتي الحديث بالأرقام (21594) و (21603) و (21624) و (21632). وسيأتي برقم (21608) مختصراً بلفظ: احتجم في المسجد، وهو تصحيف، صوابه: احتجر، كما سنبينه هناك.

وفي الباب عن أنس، سلف برقم (12005). وعن عائشة، سيأتى 6/30 و267. وعن جابر عند ابن خزيمة (1070). ويشهد لقوله: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة" حديث ابن عمر السالف برقم (4511) ، وانظر تتمة شواهده هناك.

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

7723 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارئ وكان يعمل لعمر مع عبد الله بن الأرقم على بيت المال قال فخرج عمر ليلة ومعه عبد الرحمن بن عوف وذلك في رمضان والناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته النفر فقال عمر بن الخطاب إني لأظن أن لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد كان أفضل فعزم أن يجمعهم على قارئ واحد فأمر أبي بن كعب فأمهم فخرج ليلة والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال نعم البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يريد آخر الليل وكانوا يقومون في أول الليل

 

7727 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عمران بن موسى أن يزيد بن خصيفة أخبرهم عن السائب بن يزيد عن عمر قال جمع الناس على أبي بن كعب وتميم الداري فكان أبي يوتر بثلاث ركعات

 

7728 - عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء قال عمر اول من قنت في رمضان في النصف الآخر من رمضان بين الركعة والسجدة

 

7730 - عبد الرزاق عن داود بن قيس وغيره عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أن عمر جمع الناس في رمضان على أبي بن كعب وعلى تميم الداري على إحدى وعشرين ركعة يقرؤون بالمئين وينصرفون عند فروع الفجر

 

7733 - عبد الرزاق عن الأسلمي عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن السائب بن يزيد قال كنا ننصرف من القيام على عهد عمر وقد دنا فروع الفجر وكان القيام على عهد عمر ثلاثة وعشرين ركعة

 

7734 - عبد الرزاق عن مالك عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن بن هرمز قال سمعته يقول ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في شهر رمضان قال فكان القراء يقومون بسورة البقرة في ثمان ركعات فإذا قام بها القراء في أثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف عنهم

 

7735 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عطاء أن القيام كان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان يقوم النفر والرجل كذلك ها هنا والنفر وراء الرجل فكان عمر اول من جمع الناس على قارئ واحد قال بن جريج وأخبرني عمرو بن دينار قال جمعهم عمر على قارئ واحد

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

7811- حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنِ ابْنِ الأَسْوَدِ : أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ أَرْبَعِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ بِهِمْ وَيُصَلِّي بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً ، وَيَقُولُ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ : الصلاة.

 

وكان ابن مسعود والحسن أكثر حكمة من جهة عدم تطويل القيام بهذه البدعة التي سايروا عمر فيها، فكانا أقرب إلى سنة محمد بالتخفيف وعدم الإطالة المملة حسب روايات، فقال عبد الرزاق:

 

7741 - عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن زيد بن وهب قال كان عبد الله يصلي بنا في شهر رمضان فينصرف بليل

 

7739 - عبد الرزاق عن معمر عن مطر عن الحسن قال كان الناس يقومون في رمضان فيصلون العشاء حين يذهب ربع الليل وينصرفون وعليهم ربع آخر

 

ورفض ابن عمر نفسه بدعة أبيه كما يروي عبد الرزاق:

7742 - عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن مجاهد قال جاء رجل إلى بن عمر قال أصلي خلف الإمام في رمضان قال أتقرأ القرآن قال نعم قال أَفَتُنْصِتُ كأنكَ حمارٌ؟!، صلِّ في بيتك!

 

7743 - عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه كان لا يقوم خلف الإمام في رمضان

 

وبذلك قال إبراهيم النخعي:

 

7744 - عبد الرزاق عن الثوري عن أبي حمزة عن إبراهيم قال لو لم تكن معي إلا سورتان لرددتهما أحب إلي

 

وذكر ابن أبي شيبة أن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فعل كأبيه:

 

7796- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ لاَ يَقُومُ مَعَ النَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، قَالَ : وَكَانَ سَالِمٌ وَالْقَاسِمُ لاَ يَقُومُانَ مَعَ النَّاسِ.

 

7797- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ أَقُومُ خَلْفَ الإِمَام فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَقَالَ : تُنْصِتُ كَأَنَّك حِمَارٌ.

 

7798- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِي إِلاَّ سُورَةٌ أَوْ سُورَتَانِ لأَنْ أُرَدِّدَهُمَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُومَ خَلْفَ الإِمَام فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.

 

7799- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، قَالَ : كَانَ إبْرَاهِيمُ يَؤُمُّهُمْ فِي الْمَكْتُوبَةِ ، وَلاَ يَؤُمُّهُمْ فِي صَلاَةِ رَمَضَانَ وَعَلْقَمَةُ وَالأَسْوَدُ.

 

7800- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرِ، عَنِ الأَعْمَشِ ، قَالَ : كَانَ إبْرَاهِيمُ وَعَلْقَمَةُ لاَ يَقُومُانَ مَعَ النَّاسِ فِي رَمَضَانَ.

 

7801- حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو مُرَيٍّ ، عَنْ نَصْرٍ الْمُعَلِّمِ ، قَالَ : حدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ : سَأَلْتُ الْحَسَنَ فَقُلْت : يَا أَبَا سَعِيدٍ يَجِيءُ رَمَضَانُ ، أَوْ يَحْضُرُ رَمَضَانُ، فَيَقُومُ النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ ، فَمَا تَرَى أَقُومُ مَعَ النَّاسِ أَوْ أُصَلِّي أَنَا لِنَفْسِي؟ قَالَ: تَكُونُ أَنْتَ تَفُوهُ الْقُرْآنَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يُفَاهَ عَلَيْك بِهِ.

 

لكن الأكثرية ممن يوردهم ابن أبي شيبة بعد هذه الرواية في مصنفه وهم الأكثر ارتأوا اتباع العادة التي سنها عمر فكانوا يصلون التراويح يعني قيام الليل في جماعة في المساجد، وكذلك في مصنف عبد الرزاق.

 

والحقيقة أن السنة_أعني علماءهم_ لا ينكرون أن التراويح ليست من سنة محمد، وليس من سنته القيام بصلوات تطوعية جماعية علنية، فلعله وفقًا للاهوته اعتبر ذلك من باب النفاق والتظاهر، ولا كان من سنته على أصح الأقوال تطويل الصلوات على الناس بطريقة مرهقة (راجع باب التناقضات وتناقض الروايات عن ذلك)، ومع ذلك روى قدماؤهم أحاديث هي محاولات لشرعنة التراويح ونسبتها إلى محمد نفسه، فنسبوا له عمل صلوات تطوعية رمضانية وهو ما تنفيه الأحاديث الصحيحة على نحوٍ قاطع، ما سيلي أدناه من أحاديث_رغم صحة إسنادهه وفق نظرية الإسناد الدجلية_هي باطلة وكذب كما أحكم عليها لتناقضها مع ما سبق و أصح تاريخيًّا وإسناديّا كذلك، ولنعتبرها من باب (التناقضات) الأول ولو لم أوردها هناك لعدم التكرار، فروى أحمد:

 

21447 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا مِنَ الشَّهْرِ شَيْئًا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ نَحْوٌ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا اللَّيْلَةَ الرَّابِعَةَ، وَقَامَ بِنَا اللَّيْلَةَ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى ذَهَبَ نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ قَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ " ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا السَّادِسَةَ، وَقَامَ بِنَا السَّابِعَةَ، قَالَ: وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِهِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم -سفيان: هو ابن سعيد الثوري وهو في "مصنف" عبد الرزاق (7706) ، ومن طريقه أخرجه ابن الجارود (403) ، والبيهقي 2/494. وأخرجه الدارمي (1778) ، والبزار في "مسنده" (4042) من طريق عبد الله ابن موسى، والبزار (4041) من طريق مهران بن أبي عمر، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/394، والدارمي (1777) ، وأبو داود (1375) ، وابن ماجه (1327) ، والترمذي (806) ، والبزار (4043) ، ومحمد بن نصر المروزي في "مختصر قيام رمضان" (8) ، والنسائي 3/83-84 و202-203، وابن خزيمة (2206) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/349، وابن حبان (2547) ، والبغوي (991) من طرق عن داود بن أبي هند، به- وجاء عندهم: فلم يقم بنا شيئاً حتى بقي سبعٌ... فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا.... فلما كانت الرابعة لم يقم بنا، فلما كانت الثالثة... إلخ. فاعتبروا أن الثالثة هي ليلة سبع وعشرين. قال ابن حبان: قول أبي ذر: "لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة" يريد: مما بقي من العشر لا مما مضى منه، وكان الشهر الذي خاطب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمته بهذا الخطاب فيه تسعاً وعشرين، فليلة السادسة من باقي تسع وعشرين تكون ليلة أربع وعشرين، وليلة الخامسة من باقي تسع وعشرين تكون ليلة الخامس والعشرين. وانظر ما سلف برقم (21419) .

وفي الباب عن النعمان بن بشير، سلف برقم (18402) ، قال وهو على منبر حمص: قمنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا نُدرِكَ الفلاح. فأما نحن فنقول: ليلة السابعة ليلة سبع وعشرين، وأنتم تقولون: ليلة ثلاث وعشرين السابعة. فمن أصوب نحن أو أنتم؟ وإسناده صحيح.

قوله: "لو نفلتنا" قال السندي: بتشديد الفاء، أي: لو زدتنا صلاة بقية الليل.   "إن الرجل.. إلخ" تحريض لهم على اتباع الإمام، وإن الإمام لا يكلف بما زاد على ما فعل.

 

21510 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ، يَرُدُّهُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ، قَالَ: "إِنَّا قَائِمُونَ اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَقُومَ فَلْيَقُمْ " وَهِيَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَصَلَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةً بَعْدَ الْعَتَمَةِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا وَلَمْ يَقُمْ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ قَامَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ يَوْمَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فَقَالَ: "إِنَّا قَائِمُونَ اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللهُ، يَعْنِي لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقُمْ " فَصَلَّى بِالنَّاسِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَلَمْ يَقُمْ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ قَامَ فَقَالَ: "إِنَّا قَائِمُونَ إِنْ شَاءَ اللهُ، يَعْنِي لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَقُومَ فَلْيَقُمْ ". قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَتَجَلَّدْنَا لِلْقِيَامِ فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى قُبَّتِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنْ كُنَّا لَقَدْ طَمِعْنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ تَقُومَ بِنَا حَتَّى تُصْبِحَ. فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ مَعَ إِمَامِكَ وَانْصَرَفْتَ إِذَا انْصَرَفَ، كُتِبَ لَكَ قُنُوتُ لَيْلَتِكَ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، شريح بن عبيد الحضرمي لم يدرك أبا ذر. أبو اليمان: هو الحَكَم بن نافع. وانظر ما سلف برقم (21419) و (21447) .

 

بل وحاول بعضهم تلفيق قصة لمحمد هي خاصة بعمر، مثلما روى أبو داوود:

 

1377 - حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني قال ثنا عبد الله بن وهب أخبرني مسلم بن خالد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا أناس في رمضان يصلون في ناحية المسجد فقال " ما هؤلاء " ؟ فقيل هؤلاء ناس ليس معهم قرآن وأبي بن كعب يصلي وهم يصلون بصلاته فقال النبي صلى الله عليه و سلم " أصابوا ونعم ما صنعوا "

 قال أبو داود ليس هذا الحديث بالقوي مسلم بن خالد ضعيف .

 

قال الألباني: ضعيف

 

لم يكن لدى هؤلاء القدماء مشكلة في تلفيق وتأليف وفبركة أي شيء.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

(1095) فَصْلٌ: وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِيهَا عِشْرُونَ رَكْعَةً. وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ. وَزَعَمَ أَنَّهُ الْأَمْرُ الْقَدِيمُ، وَتَعَلَّقَ بِفِعْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَإِنَّ صَالِحًا مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَقُومُونَ بِإِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً، يُوتِرُونَ مِنْهَا بِخَمْسٍ.

وَلَنَا، أَنَّ عُمَرَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَ يُصَلِّي لَهُمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَكَانَ يُصَلِّي لَهُمْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَلَا يَقْنُتُ بِهِمْ إلَّا فِي النِّصْفِ الثَّانِي. فَإِذَا كَانَتْ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ تَخَلَّفَ أُبَيٌّ، فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: أَبَقَ أُبَيٌّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَرَوَاهُ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ. وَرَوَى مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَنِ عُمَرَ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً. وَعَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمْ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً. وَهَذَا كَالْإِجْمَاعِ، فَأَمَّا مَا رَوَاهُ صَالِحٌ، فَإِنَّ صَالِحًا ضَعِيفٌ، ثُمَّ لَا نَدْرِي مَنْ النَّاسُ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ؟ فَلَعَلَّهُ قَدْ أَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنْ النَّاسِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ، ثُمَّ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ فَعَلُوهُ لَكَانَ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فِي عَصْرِهِ، أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّمَا فَعَلَ هَذَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا مُسَاوَاةَ أَهْلِ مَكَّةَ، فَإِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَطُوفُونَ سَبْعًا بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ، فَجَعَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَكَانَ كُلِّ سَبْعٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى وَأَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ.

 

أبو عبد الله هو أحمد بن حنبل. عدد رهيب مرهق من الركعات يُرْهِقُ بها هؤلاء البؤساءُ السذَّجُ أنفسَهم، ومع تطويل للقراءة والنصوص "السور" المقروءة كذلك، عدد صلوات مبتدَع لم يكن محمد نفسه مصدر دينهم وطقوسهم يقوم به حسب الروايات، فأقل عدد رووه لنوافل محمد الليلية هو أحد عشر ركعة وأقصى عدد رووه هو ثلاث عشرة ركعة وهذه الروايات في مسند أحمد والبخاري ومسلم (راجع باب التناقضات عن الخلاف على عدد ركعات سنة محمد الليلية9، ويظل هذا الرقم الأقصى أقل من أقل ما يقومون به في تراويح رمضان وهو عشرون ركعة!

أما الشيعة فهم يعتبرون التراويح في عداد البدع التي ابتدعها عمر في الدين، ولا يقول أئمتهم بها ويرون أن من قام للتعبد والتهجد فليفعل في بيته، ورغم كثرة ابتداعات الشيعة في أمور كثيرة، فالحق أنهم في بعض الطقسيات أصح من السنة. المذهبان السنة والشيعة وغيرهما ليس فيهم من هو نسخة طبق الأصل تمامًا لكل ممارسات وطقسيات ولاهوت وتعاليم محمد بالتأكيد، ويستحيل ذلك عمومًا حتى لو حاول شخص عمل مذهب كهذا بإخلاصٍ، لأن نصوص محمد قرآنًا واحاديثَ متناقضة من الأصل ومشوشة التعاليم كما نرى في أبواب التناقضات كلها. وكمولود في مجتمع مصري سني أذكر إحراج والدي لي في الطفولة بطلبه حضور التراويح معه والحقيقة أذكر أنها صلوات طويلة مرهقة مملة للغاية خصوصًا لشخص عليل العظام مثلي كما اتضح لاحقًا، وربما شعرت بالجو الخرافي الوهمي الديني الذي يشعر به المتدينون من خلال الروحانية خاصة مع عدم فهم القرآن بدقة واعتباره مجرد ترانيم، بدون تفكير في معاني القتل والأخطاء العلمية وما شابه، ومع ذلك لم أحب الأمر وانصرفت عنه فلم أحضرها معه سوى مرات قلائل لأن درجة الإرهاق البدني كانت كبيرة وبعائد معنوي قليل للغاية وبدون فائدة.

 

أما عن مقولات الشيعة الاثناعشرية في بحار الأنوار، فنقتبس من بعض ما في بحار الأنوار:

 

....وبالجملة إحداث أمر في الشريعة لم يرد فيها نص بدعة ، سواء كانت أصلها مبتدعا أو خصوصيتها مبتدعة ، فما ذكره المخالفون أن البدعة منقسمة بانقسام الأحكام الخمسة تصحيحا لقول عمر في التراويح " نعمت البدعة " باطل إذ لا تطلق البدعة إلا على ما كان محرما كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار وما فعله عمر كان من البدعة المحرمة لنهي النبي صلى الله عليه وآله عن الجماعة في النافلة ، فلم ينفعهم هذا التقسيم " ولن يصلح العطار ما أفسد الدهر " وقد أشبعنا القول في ذلك في كتاب الفتن في باب مطاعن عمر .

 

2 – تحف العقول : روي أن المأمون بعث الفضل بن سهل ذا الرباستين إلى الرضا عليه السلام فقال له : إني أحب أن تجمع لي من الحلال والحرام والفرائض والسنن ، فإنك حجة الله على خلقه ومعدن العلم ، فدعا الرضا عليه السلام بدواة وقرطاس وقال للفضل : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم حسبنا شهادة أن لا إله إلا الله أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولد.........ويصام شهر رمضان لرؤيته ، ويفطر لرؤيتة ، ولا يجوز التراويح ( 1 ) في جماعة ، وصوم ثلاثة أيام في كل شهر من كل عشرة أشهر شهر ، خميس من العشر الأول، والاربعاء من الشعر الاوسط ، والخميس من العشر الآخر ، وصوم شعبان حسن وهو سنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : شعبان شهري ، وشهر رمضان شهر الله .

 

(1) التراويح جمع ترويحة ، وهى في الاصل اسم للجلسة مطلقا ، ثم سميت بها الجلسة التى بعد أربع ركعات في ليالى رمضان لا ستراحة الناس بها ، ثم سمى كل اربع ركعات ترويحة ، وهى ايضا اسم لعشرين ركعة في الليالى نفسها .

 

[كتاب المسائل] ما وصل الينا من أخبار علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام بغير رواية الحميري ، نقلناها مجتمعة لما بينها وبين أخبار الحميرى من اختلاف يسير ، وفرّقنا ما ورد برواية الحميرى على الأبواب

 

1 - أخبرنا أحمد بن موسى بن جعفر بن أبي العباس قال : حدثنا أبو جعفر ابن يزيد بن النضر الخراساني من كتابه في جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانين ومائتين قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، عن علي بن جعفر بن محمد ، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال : سألت أبي جعفر بن محمد........وسألته عن قيام شهر رمضان ( 1 ) هل يصلح ؟ قال : لا يصلح إلا بقراءة القرآن ، تبدء فتقرء فاتحة الكتاب ، ثم تنصت لقراءة الامام ، فإذا أراد الركوع قرأت قل هو الله أحد وغيرها ، ثم ركعت أنت إذا ركع ، فكبر أنت في ركوعك وسجودك كما تفعل إذا صليت وحدك ، وصلاتك وحدك أفضل .

_______________________________________________________
 ( 1 ) هو لا يخلو عن اضطراب ، ولعله سأل عن صلاة التراويح جماعة فقال : لا يصلح إلا بقراءة القران ، أي فذا ، ثم بين حكم من كان في تقية .
 

وفي الكافي للكليني/خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام:

 

... والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الاسلام غيرت سنة عمر ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار.

 

تحريم عمر فعثمان للجمع بين الحج والعمرة (التمتع) بخلاف تعليم محمد وطقسه

 

{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)} البقرة

 

روى البخاري:

 

1564 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَا الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ قَالَ حِلٌّ كُلُّهُ

 

رواه أحمد 2274 وأخرجه البخاري (1564) و (3832) ، ومسلم (1240) ، والنسائي 5/180-181، والطحاوي 2/158 والطبراني (10906) ، والبيهقي 4/345 من طرق عن وهيب، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2505) من طريق ابن جريج، عن طاووس، عن ابن عباس قال: قدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه صبح رابعة... فذكره بنحوه مطولاً. وانظر (2361) .

وقوله: "كانوا يرون"، قال السندي: أي: أهل الجاهلية. صفراً، أي: ليحلوه كما حكى الله تعالى عنهم: (يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً) . الدبر بفتحتين: الجروح التي تكون في ظهر البعير، أي: إذا زال عنها الجروح التي حصلت بسبب سفر الحج عليها.  وقوله: "وعفا الأثر"، قال النووي 8/225: أي: درس وامحى، والمراد أثر الإِبل وغيرها في سيرها عفا أثرها لطول مرور الأيام هذا هو المشهور، وقال الخطابي: المراد أثر الدبر، قال النووي: هذه الألفاظ تقرأ كلها ساكنة الآخر ويوقف عليها، لأن مرادهم السجع.  وقوله: "فأمرهم أن يجعلوها عمرة" قال السندي: ليقطع بذلك أصل أمر الجاهلية.  فتعاظم ذلك: لحبهم موافقته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه بقي محرماً لا لموافقة أمر الجاهلية.

 

1568 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ قَدِمْتُ مُتَمَتِّعًا مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلْنَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ لِي أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ تَصِيرُ الْآنَ حَجَّتُكَ مَكِّيَّةً فَدَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ أَسْتَفْتِيهِ فَقَالَ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا فَقَالَ لَهُمْ أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ الْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَصِّرُوا ثُمَّ أَقِيمُوا حَلَالًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً فَقَالُوا كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ فَقَالَ افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ فَلَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَفَعَلُوا

 

1570 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَقُولُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً


1572 - وَقَالَ أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَقَالَ أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوا إِهْلَالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ وَقَالَ مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ فَإِذَا فَرَغْنَا مِنْ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الْهَدْيُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} إِلَى أَمْصَارِكُمْ الشَّاةُ تَجْزِي فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ فِي عَامٍ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ وَسَنَّهُ نَبِيُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ اللَّهُ {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وَأَشْهُرُ الْحَجِّ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابهِ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ فَمَنْ تَمَتَّعَ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ صَوْمٌ وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِي وَالْجِدَالُ الْمِرَاءُ

 

1565 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ بِالْحِلِّ

 

7367 - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ البُرْسَانِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ قَالَ أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ خَالِصًا لَيْسَ مَعَهُ عُمْرَةٌ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ فَقَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَحِلَّ وَقَالَ أَحِلُّوا وَأَصِيبُوا مِنْ النِّسَاءِ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ فَبَلَغَهُ أَنَّا نَقُولُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا خَمْسٌ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا فَنَأْتِي عَرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا الْمَذْيَ قَالَ وَيَقُولُ جَابِرٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَحَرَّكَهَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَصْدَقُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ وَلَوْلَا هَدْيِي لَحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ فَحِلُّوا فَلَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ فَحَلَلْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا

 

1778 - حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ سَأَلْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمْ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعٌ عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ حَيْثُ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ وَعُمْرَةٌ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ حَيْثُ صَالَحَهُمْ وَعُمْرَةُ الْجِعِرَّانَةِ إِذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ أُرَاهُ حُنَيْنٍ قُلْتُ كَمْ حَجَّ قَالَ وَاحِدَةً

 

وروى مسلم:

 

باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران وجواز إدخال الحج على العمرة ومتى يحل القارن من نسكه

 

 [ 1211 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال قرأت على مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا قالت فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة قالت ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا

  

 [ 1211 ] وحدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة حتى قدمنا مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحرم بعمرة ولم يهد فليحلل ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى ينحر هديه ومن أهل بحج فليتم حجه قالت عائشة رضى الله تعالى عنها فحضت فلم أزل حائضا حتى كان يوم عرفة ولم أهلل إلا بعمرة فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنقض رأسي وامتشط وأهل بحج وأترك العمرة قالت ففعلت ذلك حتى إذا قضيت حجتي بعث معي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر وأمرني أن أعتمر من التنعيم مكان عمرتي التي أدركني الحج ولم أحلل منها

 

 [ 1211 ] وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللت بعمرة ولم أكن سقت الهدي فقال النبي صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهلل بالحج مع عمرته ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا قالت فحضت فلما دخلت ليلة عرفة قلت يا رسول الله إني كنت أهللت بعمرة فكيف أصنع بحجتي قال انقضي رأسك وامتشطي وأمسكي عن العمرة وأهلي بالحج قالت فلما قضيت حجتي أمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني فأعمرني من التنعيم مكان عمرتي التي أمسكت عنها

 

 [ 1211 ] حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل قالت عائشة رضى الله تعالى عنها فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج وأهل به ناس معه وأهل ناس بالعمرة والحج وأهل ناس بعمرة وكنت فيمن أهل بالعمرة

 

 [ 1211 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد منكم أن يهل بعمرة فليهل فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة قالت فكان من القوم من أهل بعمرة ومنهم من أهل بالحج قالت فكنت أنا ممن أهل بعمرة فخرجنا حتى قدمنا مكة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض ولم أحل من عمرتي فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج قالت ففعلت فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني وخرج بي إلى التنعيم فأهللت بعمرة فقضى الله حجنا وعمرتنا ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم

 

 [ 1211 ] وحدثنا أبو كريب حدثنا بن نمير حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت خرجنا موافين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لهلال ذي الحجة لا نرى إلا الحج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب منكم أن يهل بعمرة فليهل بعمرة وساق الحديث بمثل حديث عبدة

 

 [ 1211 ] وحدثنا أبو كريب حدثنا وكيع حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين لهلال ذي الحجة منا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة وعمرة ومنا من أهل بحجة فكنت فيمن أهل بعمرة وساق الحديث بنحو حديثهما وقال فيه قال عروة في ذلك إنه قضى الله حجها وعمرتها قال هشام ولم يكن في ذلك هدي ولا صيام ولا صدقة

 

 [ 1211 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فأما من أهل بعمرة فحل وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر

 

 [ 1211 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب جميعا عن بن عيينة قال عمرو حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا الحج حتى إذا كنا بسرف أو قريبا منها حضت فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال أنفست يعني الحيضة قالت قلت نعم قال إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي قالت وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر

 

 [ 1211 ] حدثني سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الغيلاني حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال ما يبكيك فقلت والله لوددت أني لم أكن خرجت العام قال مالك لعلك نفست قلت نعم قال هذا شيء كتبه الله على بنات آدم افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري قالت فلما قدمت مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه اجعلوها عمرة فأحل الناس إلا من كان معه الهدي قالت فكان الهدي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة ثم أهلوا حين راحوا قالت فلما كان يوم النحر طهرت فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضت قالت فأتينا بلحم بقر فقلت ما هذا فقالوا أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر فلما كانت ليلة الحصبة قلت يا رسول الله يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة قالت فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله قالت فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السن أنعس فيصيب وجهي مؤخرة الرحل حتى جئنا إلى التنعيم فأهللت منها بعمرة جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا

 

[ 1255 ] وحدثنا هارون بن عبد الله أخبرنا محمد بن بكر البرساني أخبرنا بن جريج قال سمعت عطاء يخبر قال أخبرني عروة بن الزبير قال كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن قال فقلت يا أبا عبد الرحمن أعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب قال نعم فقلت لعائشة أي أمتاه ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن قالت وما يقول قلت يقول اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب فقالت يغفر الله لأبي عبد الرحمن لعمري ما اعتمر في رجب وما اعتمر من عمرة إلا وإنه لمعه قال وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم سكت

 

[ 1218 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن حاتم قال أبو بكر حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت أنا محمد بن علي بن حسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى ثم نزع زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب فقال مرحبا بك يا بن أخي سل عما شئت فسألته وهو أعمى وحضر وقت الصلاة فقام في نساجة ملتحفا بها كلما وضعها علي منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى بنا فقلت أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده فعقد تسعا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع قال اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به فأهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته قال جابر رضى الله تعالى عنه لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى }  فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ { إن الصفا والمروة من شعائر الله }  أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل لأبد أبد وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة رضى الله تعالى عنها ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت إن أبي أمرني بهذا قال فكان علي يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة للذي صنعت مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج قال قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسولك قال فإن معي الهدي فلا تحل قال فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة قال فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم بن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمني أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها حصى الحذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منه

 

والإقران وكذلك الفسخ وكذلك إفراد العمرة في موسم شهور الحج مرويّ عن عائشة، روى البخاري:

 

1780 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ وَقَالَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي اعْتَمَرَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَتَهُ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ وَمِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ

1562 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ

 

316 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتِكِ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْتُ الْحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ فَأَعْمَرَنِي مِنْ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي نَسَكْتُ

 

317 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِحَجٍّ فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي قَالَ هِشَامٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا صَدَقَةٌ

 

وروى أحمد:

 

2115 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، وَمُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ، فَقَدْ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد: هو ابن جعفر، والحكم: هو ابن عتيبة. وأخرجه ابن أبي شيبة 4/102، ومسلم (1241) ، وأبو داود (1790) ، والنسائي 5/181 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (2642) ، والدارمي (1856) ، ومسلم (1241) ، والطبراني (11045) ، والبيهقي 5/18، والبغوي (1886) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه الطبراني (11046) من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي، عن أبي مريم، عن الحكم، به. وسيأتي برقم (3172) ، وانظر (2287) .

6126 - حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا نَحْنُ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَجَالَسْنَاهُ، قَالَ: فَإِذَا رِجَالٌ يُصَلُّونَ الضُّحَى، فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ ؟ فَقَالَ: بِدْعَةٌ، فَقُلْنَا لَهُ: كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: " أَرْبَعًا، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ " قَالَ: فَاسْتَحْيَيْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا تَسْمَعِي مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟! يَقُولُ: " اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ "، فَقَالَتْ: " يَرْحَمُ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ عُمْرَةً إِلَّا، وَهُوَ شَاهِدُهَا، وَمَا اعْتَمَرَ شَيْئًا فِي رَجَبٍ "

 

(2) في هامش (س) و (ظ 1) : ألا تسمعين.

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري (1775) و(1776) و(4253) و(4254) ، ومسلم (1255) (220) ، والنسائي في"الكبرى" (1421) ، وابن خزيمة (3070) ، وابن حبان (3945) ، والبيهقي 5/10-11 من طريق جرير بن عبد الحميد، والترمذي (937) من طريق شيبان النحوي، كلاهما عن منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد ورواية بعضهم مختصرة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.// وقد سلف بنحوه برقم (5383).// وقول ابن عمر عن صلاة الضحى: إنها بدعة. قال ذلك لأنه لم يشاهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليها ولا أبو بكر ولا عمر، ومع ذلك فقد استحسنها، وقال: وما أحدث الناس شيئاً أحب إلي منها، فقد روى البخاري (1175) عن مورق، قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أتصلي الضحى؟ قال: لا، قلت: فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر ؟ قال: لا، قلت: فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: لا إخاله. وهذا الحديث سلف برقم (4758).// ومعنى قوله: لا إخاله: لا أظنه، قال الحافظ: وكأن سبب توقف ابن عمر في ذلك أنه بلغه عن غيره أنه صلاها، ولم يثق بذلك عمن ذكره، وقد جاء عنه الجزم بكونها محدثة. فروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد، عن ابن عمر أنه قال: إنها محدثة، وإنها لمن أحسن ما أحدثوا.// وروى ابن أبي شيبة 2/406 بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج، عن الأعرج، قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى، فقال: بدعة ونعمت البدعة.

وروى عبد الرزاق (4868) بإسناد صحيح: عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر، قال: لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها، وما أحدث الناس شيئاً أحب إلي منها.

وأخرج الطبراني في"الكبير" (13524) من طريق سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: صلاة الضحى بدعة.// وأخرج الطبراني في"الكبير"من طريق إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: صلاة الضحى بدعة، ونعمت البدعة.

والاستنان : قال ابن الأثير: استعمال السواك، وهو افتعال من الأسنان، أي: يمره عليها، وقال الحافظ: أي: حس مرور السواك على أسنانها.

 

5383 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سُئِلَ كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: مَرَّتَيْنِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اعْتَمَرَ ثَلَاثَةً، سِوَى الْعُمْرَةِ الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ".

 

رجاله ثقات إلا أن إسحاق السبيعي بأخرة. ومع ذلك فقد روى له البخاري ومسلم من روايته عن أبي إسحاق، وحديثه هذا تابعه عليه شريك فيما يأتي برقم (6242) ، وشريك سيىء الحفظ، وقد خالف أبا إسحاق في متن الحديث منصور بن المعتمر فيما يأتي برقم (6126) و (6430) ، ففي حديثه عن مجاهد أن ابن عمر كان يقول: اعتمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع عمرٍ إحداهن في رجب، فاستدركت عليه السيدة عائشة بأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعتمر شيئاً في رجب. وأخرجه عبد بن حميد (809) ، وأبو داود (1992) ، والنسائي في " الكبرى" (4218) ، والطحاوي 2/150، والبيهقي 5/10 من طرق عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وسيأتي مطولًا ومختصراً بالأرقام (6126) و (6242) و (ه 629) و (6430) من طريق مجاهد، عن ابن عمر. وسيأتي من طريق عروة، عن ابن عمر برقم (5416).

 وله شاهد من حديث ابن عباس، وقد سلف برقم (2211). وآخر من حديث أنس عند البخاري (1778) ، ومسلم 1253، وسيأتي في "المسند"3/134، وثالث من حديث عائشة، يأتي في مسند البراء عند أحمد 4/297. ورابع من حديث عبد الله بن عمرو، سيأتي برقم (6685) و (6686). وخامس من حديث جابر عند البزار (1149) .

 

(12372) 12399- حَدَّثَنَا بَهْزٌ ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ ، الْمَعْنَى ، قَالاَ : حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، قُلْتُ : كَمْ حَجَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : حَجَّةً وَاحِدَةً ، وَاعْتَمَرَ أَرْبَعَ مِرَارٍ . عُمْرَتَهُ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَعُمْرَتَهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ ، وَعُمْرَتَهُ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ، حَيْثُ قَسَمَ غَنِيمَةَ حُنَيْنٍ ، وَعُمْرَتَهُ مَعَ حَجَّتِهِ.

 

إسناده صحح على شرط الشيخين. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث. وأخرجه مسلم (1253) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارمي (1787) ، والبخاري (1778) و (1779) و (1780) و (4148) ، ومسلم (1253) ، وأبو داود (1994) ، والترمذي (815) ، وابن خزيمة (3071) ، وأبو عوانة في الحج كما في "الإتحاف" 2/219، والطحاوي 2/153، وابن حبان (3764) ، والبيهقي 5/10، والبغوي (1846) من طرق عن همام بن يحيي، به. وسيأتي برقم (13565) و (13687) .

وللحديث عن عُمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انظر ما سلف في مسند ابن عمر برقم (5383)

 

13565 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: كَمْ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: " أَرْبَعًا: عُمْرَتَهُ الَّتِي صَدَّهُ عَنْهَا الْمُشْرِكُونَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَتَهُ أَيْضًا فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَتَهُ حَيْثُ قَسَمَ غَنِيمَةَ حُنَيْنٍ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَتَهُ مَعَ حَجَّتِهِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وسيتكرر برقم (13687) . وانظر (12372) .

 

وروى أحمد عن ابن عباس:

 

2211 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْبَعًا عُمْرَةً مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةَ الْقَضَاءِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ قَابِلٍ، وَعُمْرَةَ الثَّالِثَةِ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ، وَالرَّابِعَةَ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه ابن سعد 1/170، والدارمي (1858) ، وأبو داود (1993) ، وابن ماجه (3003) ، والترمذي (816) ، والطحاوي 2/149-150، وابن حبان (3946) ، والطبراني (11629) ، والبيهقي 5/12 من طرق عن داود بن عبد الرحمن العطار، بهذا الإسناد. زاد الطحاوي: "وحج حجة واحدة"، وقال الترمذي: حسن غريب. وأخرجه الترمذي من طريق سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، مرسلاً. وأخرجه ابن سعد 1/170-171 من طريق أبي بكر الهذلي، عن عكرمة قال: اعتمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثَ عُمَرٍ في ذي القعدة قبل أن يَحج. وسيأتي الحديث برقم (2956) 2954 .

وقوله: "عمرة من الحديبية" قال السندي: هكذا في النسخ، وقد جاء هذا الحديث في الترمذي وابن ماجه بلفظ "عمرة الحديبية" بالإضافة وهو الظاهر، ولعل الصواب "عمرة زمن الحديبية" كما في حديث أنس عند مسلم وأبي داود، لكن بلفظ الشك بين لفظ "زمن الحديبية" وبين لفظ "من الحديبية"، ولفظ "زمن الحديبية" هو الصواب إذ ما كانت العمرة من الحديبية إلا أن يقال: التقدير: عمرة رجع فيها من الحديبية، والله تعالى أعلم وعدها عمرة بناء على أن من أحْصِر فقد تم نسكه إذا لم يكن فرضاً، وعلى هذا فعمرة القضاء معناه عمرة كانت بمقاضاته مع قريش على أن يأتي العام القابل، لا أنها وقعت قضاء عما صد عنها، وإلا لما صح عدهما عمرتين. والجِعْرَانَة بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء، وقد تكسر العين وتشدد الراء: منزل بين الطائف ومكة.

 

كان الوثنيون يحرمون الجمع بين الحج والعمرة في موسم الحج (الإقران)، فتعمد محمد مخالفة وكسر هذا التشريع، واخترع كذلك تحويل وفسخ الحج إلى عمرة. أما عمر فأراد العودة إلى التقليد العربي القديم ربما لأنه كان معتادًا عليه.

 

روى البخاري:

 

1571 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ عِمْرَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ

 

والرجل المذكور بطبيعة الحال هو عمر كما سنورد من نصوص أخرى.

 

1559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمٍ بِالْيَمَنِ فَجِئْتُ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ بِمَا أَهْلَلْتَ قُلْتُ أَهْلَلْتُ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْيٍ قُلْتُ لَا فَأَمَرَنِي فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَمَرَنِي فَأَحْلَلْتُ فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَطَتْنِي أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِي فَقَدِمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ قَالَ اللَّهُ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ } وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ

 

1795 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ وَهُوَ مُنِيخٌ فَقَالَ أَحَجَجْتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ بِمَا أَهْلَلْتَ قُلْتُ لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَحْسَنْتَ طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَحِلَّ فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِي ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ فَكُنْتُ أُفْتِي بِهِ حَتَّى كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فَقَالَ إِنْ أَخَذْنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ وَإِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ

 

4346 - حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ هُوَ النَّرْسِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَرْضِ قَوْمِي فَجِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنِيخٌ بِالْأَبْطَحِ فَقَالَ أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كَيْفَ قُلْتَ قَالَ قُلْتُ لَبَّيْكَ إِهْلَالًا كَإِهْلَالِكَ قَالَ فَهَلْ سُقْتَ مَعَكَ هَدْيًا قُلْتُ لَمْ أَسُقْ قَالَ فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَاسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ فَفَعَلْتُ حَتَّى مَشَطَتْ لِي امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ وَمَكُثْنَا بِذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ

 

وروى أحمد:

 

1503 - قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، وحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَامَ حَجَّ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَهُمَا يَذْكُرَانِ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ جَهِلَ أَمْرَ اللهِ، فَقَالَ سَعْدٌ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أَخِي . فَقَالَ الضَّحَّاكُ: فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ سَعْدٌ: " قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ ".

 

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، فقد أخرج له الترمذي والنسائي، ولم يرو عنه غير عمر بن عبد العزيز والزهري، وذكره ابن حبان في "الثقات". والحديث في "موطأ مالك" 1/344.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 1/373-374، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (326) ، والدورقي (124) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/125، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة" 1/363، والترمذي (823) ، والنسائي 5/152، وأبو يعلى (805) ، والشاشي (165) و (166) ، وابن حبان (3939) ، والبيهقي 5/16-17. قال الترمذي: حديث صحيح.

وأخرجه بنحوه الدارمي (1814) ، والبزار (1232) من طريق محمد بن إسحاق، والبخاري في "تاريخه" 1/125 من طريق عقَيل بن خالد، وأبو يعلى (827) ، وابن حبان (3923) من طريق يونس بن يزيد، ثلاثتهم عن الزهري، به.

وأخرج مسلم (1225) من طريق سليمان التيمي، عن غنيم بن قيس قال: سألت سعد بن أبي وقاص عن المتعة، فقال: فعلناها وهذا يومئذٍ كافر بالعُرُش، يعني بيوت مكة (يقصد معاوية بن أبي سفيان) . ومن هذه الطريق سيأتي برقم (1568) .

قال ابنُ عبد البر في "التمهيد" 8/360: قول سعد:"صنعها رسولُ الله جَمعَ، وصنعناها معه" ليس فيه دليل على أن رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمتعَ، لأن عائشة وجابراً يقولان: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفرد الحجَّ، ويقول أنس وابن عباس وجماعة: قَرَنَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال أنس: سمعته يُلبي بعمرة وحجة معاً، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"دَخَلَتِ العمرةُ في الحج إلى يوم القيامة".

ويحتمل قولُه: "صنعها رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" بمعنى: أذِنَ فيها وأباحَهاَ، واذا أمَرَ الرئيسُ بالشيء جاز أن يُضاف فعله إليه، كما يقال: رَجَم رسولُ الله وصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الزنى، وقَطَع في السرقة، ونحو هذا، ومن هذا المعنى قولُ الله عز وجل: (ونادى فرعونُ في قومِهِ) أي: أمَرَ فَنُودِي، والله أعلم.

 

1146 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: اجْتَمَعَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ بِعُسْفَانَ، فَكَانَ عُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَالْعُمْرَةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: " مَا تُرِيدُ إِلَى أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْهَى عَنْهَا (1) ؟ " فَقَالَ عُثْمَانُ: دَعْنَا مِنْكَ (2)

 

(1) كذا الأصل، وله وجه، وفي مسلم وأبي يعلى والبزار: "عنه" وهو الجادة.

(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه مسلم (1223) (159) ، والبزار (527) ، وأبو يعلى (342) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد، وزاد مسلم وأبو يعلى: فقال علي: إني لا أستطيع أن أدعك، فلما أن رأى على ذلك أهل بهما جميعاً.

وأخرجه الطيالسي (100) ، والبخاري (1569) من طريق شعبة، به. وانظر ما تقدم برقم (402) .

 

2277 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: حَتَّى مَتَى تُضِلُّ النَّاسَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ؟ قَالَ: مَا ذَاكَ يَا عُرَيَّةُ ؟ قَالَ: تَأْمُرُنَا بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَقَدْ نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " قَدْ فَعَلَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَقَالَ عُرْوَةُ: " هُمَا كَانَا أَتْبَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعْلَمَ بِهِ مِنْكَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة. وانظر (2664) و (2976) و (3121).

وقوله: "وقد نهى أبو بكر وعمر" قال السندي: لم يشتهر نهي أبي بكر عنه أصلاً، ولعل عروة اعتمد على موافقة عمر لأبي بكر في سائر الأمور، فرأى أنه ما نهى عنه عمر إلا لموافقة أبي بكر، ثم إن عمر ما نهى عن العمرة في أشهر الحج مطلقاً، وإنما نهى عن المتعة فقط، فكأنه اعتمد على ظهور المقصود فسامح في الكلام.  وقوله: "وأعلم به" لا يلزم من الأعلمية على الإطلاق الأعلمية في كل حكم مخصوص على انفراده، فكلام عروة لا يخلو عن أثر الإهمال، وفيه خروج عن طور التحقيق إلى طور التقليد، لذلك أخذ المسلمون بجواز المتعة، والله ولي التوفيق.

2976 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَرْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: " يَا عُرَيَّةُ، سَلْ أُمَّكَ: أَلَيْسَ قَدْ جَاءَ أَبُوكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَحَلَّ ".

 

إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار بن ورد، فقد روى له أبو داود والنسائي، ووثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو داود ويعقوب بن سفيان والعجلي، وقال ابن المديني: لم يكن به بأس، وقال البخاري: يخالف في بعض حديثه، وقال ابن عدي: هو عندي لا بأس به يُكتب حديثه، ولينه الدارقطني في رواية السلمي. ابن أبي مُليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُليكة. وسيتكرر برقم (3351) ، وانظر ما سلف برقم (2277) .

 

وروى مسلم:

 

[ 1221 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر أخبرنا شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء فقال لي أحججت فقلت نعم فقال بم أهللت قال قلت لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم قال فقد أحسنت طف بالبيت وبالصفا والمروة وأحل قال فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ثم أتيت امرأة من بني قيس ففلت رأسي ثم أهللت بالحج قال فكنت أفتي به الناس حتى كان في خلافة عمر رضى الله تعالى عنه فقال له رجل يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس رويدك بعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك فقال يا أيها الناس من كنا أفتيناه فتيا فليتئد فإن أمير المؤمنين قادم عليكم فبه فائتموا قال فقدم عمر رضى الله تعالى عنه فذكرت ذلك له فقال إن نأخذ بكتاب الله فإن كتاب الله يأمر بالتمام وإن نأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى بلغ الهدي محله

 

[ 1221 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن يعني بن مهدي حدثنا سفيان عن قيس عن طارق بن شهاب عن أبي موسى رضى الله تعالى عنه قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء فقال بم أهللت قال قلت أهللت بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم قال هل سقت من هدي قلت لا قال فطف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ثم أتيت امرأة من قومي فمشطتني وغسلت رأسي فكنت أفتي الناس بذلك في إمارة أبي بكر وإمارة عمر فإني لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك فقلت أيها الناس من كنا أفتيناه بشيء فليتئد فهذا أمير المؤمنين قادم عليكم فبه فائتموا فلما قدم قلت يا أمير المؤمنين ما هذا الذي أحدثت في شأن النسك قال إن نأخذ بكتاب الله فإن الله عز وجل قال { وأتموا الحج والعمرة لله }  وإن نأخذ بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى نحر الهدي

 

وانظر أحمد 2273 و19534 و19548 و19671

 

[ 1222 ] وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن عمارة بن عمير عن إبراهيم بن أبي موسى عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة فقال له رجل رويدك ببعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد حتى لقيه بعد فسأله فقال عمر قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم

 

[ 1240 ] وحدثني محمد بن حاتم حدثنا بهز حدثنا وهيب حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ويجعلون المحرم صفر ويقولون إذا برأ الدبر وعفا الأثر وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا يا رسول الله أي الحل قال الحل كله

 

 [ 1240 ] حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أيوب عن أبي العالية البراء أنه سمع بن عباس رضى الله تعالى عنهما يقول أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فقدم لأربع مضين من ذي الحجة فصلى الصبح وقال لما صلى الصبح من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عمرة

 

 [ 1240 ] وحدثناه إبراهيم بن دينار حدثنا روح ح وحدثنا أبو داود المباركي حدثنا أبو شهاب ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن كثير كلهم عن شعبة في هذا الإسناد أما روح ويحيى بن كثير فقالا كما قال نصر أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج وأما أبو شهاب ففي روايته خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهل بالحج وفي حديثهم جميعا فصلى الصبح بالبطحاء خلا الجهضمي فإنه لم يقله

 

 [ 1240 ] وحدثنا هارون بن عبد الله حدثنا محمد بن الفضل السدوسي حدثنا وهيب أخبرنا أيوب عن أبي العالية البراء عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأربع خلون من العشر وهم يلبون بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة

 

 [ 1240 ] وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي العالية عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بذي طوى وقدم لأربع مضين من ذي الحجة وأمر أصحابه أن يحولوا إحرامهم بعمرة إلا من كان معه الهدي

 

 [ 1241 ] وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ واللفظ له حدثنا أبي حدثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده الهدي فليحل الحل كله فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة

 

 [ 1242 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت أبا جمرة الضبعي قال تمتعت فنهاني ناس عن ذلك فأتيت بن عباس فسألته عن ذلك فأمرني بها قال ثم انطلقت إلى البيت فنمت فأتاني آت في منامي فقال عمرة متقبلة وحج مبرور قال فأتيت بن عباس فأخبرته بالذي رأيت فقال الله أكبر الله أكبر سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم

 

[ 1217 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة قال كان عباس يأمر بالمتعة وكان بن الزبير ينهى عنها قال فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام عمر قال إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء وإن القرآن قد نزل منازله ف { أتموا الحج والعمرة لله } كما أمركم الله وأبتوا نكاح هذه النساء فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة

 

 [ 1217 ] وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا قتادة بهذا الإسناد وقال في الحديث فافصلوا حجكم من عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم

وروى البخاري:

 

1569 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ اخْتَلَفَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُمَا بِعُسْفَانَ فِي الْمُتْعَةِ فَقَالَ عَلِيٌّ مَا تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا

 

1563 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنْ الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ قَالَ مَا كُنْتُ لِأَدَعَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَدٍ

 

1567 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ قَالَ تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي نَاسٌ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَمَرَنِي فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلًا يَقُولُ لِي حَجٌّ مَبْرُورٌ وَعُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي أَقِمْ عِنْدِي فَأَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ لِمَ فَقَالَ لِلرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ

 

وروى مسلم:

 

[ 1223 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة قال قال عبد الله بن شقيق كان عثمان ينهى عن المتعة وكان علي يأمر بها فقال عثمان لعلي كلمة ثم قال علي لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أجل ولكنا كنا خائفين

 

[ 1223 ] وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب قال اجتمع علي وعثمان رضى الله تعالى عنهما بعسفان فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة فقال علي ما تريد إلى أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم تنهى عنه فقال عثمان دعنا منك فقال إني لا أستطيع أن أدعك فلما ان رأى علي ذلك أهل بهما جميعا

 

ولأجل حل المشكلة لجؤوا للتبرير، روى مسلم مثلًا:

 

[ 1224 ] وحدثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالوا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضى الله تعالى عنه قال كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة

 

 [ 1224 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن عياش العامري عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضى الله تعالى عنه قال كانت لنا رخصة يعني المتعة في الحج

 

 [ 1224 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن فضيل عن زبيد عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال قال أبو ذر رضى الله تعالى عنه لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة يعني متعة النساء ومتعة الحج

 

 [ 1224 ] حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن بيان عن عبد الرحمن بن أبي الشعثاء قال أتيت إبراهيم النخعي وإبراهيم التيمي فقلت إني أهم أن أجمع العمرة والحج العام فقال إبراهيم النخعي لكن أبوك لم يكن ليهم بذلك قال قتيبة حدثنا جرير عن بيان عن إبراهيم التيمي عن أبيه أنه مر بأبي ذر رضى الله تعالى عنه بالربذة فذكر له ذلك فقال إنما كانت لنا خاصة دونكم

 

 [ 1225 ] وحدثنا سعيد بن منصور وابن أبي عمر جميعا عن الفزاري قال سعيد حدثنا مروان بن معاوية أخبرنا سليمان التيمي عن غنيم بن قيس قال سألت سعد بن أبي وقاص رضى الله تعالى عنه عن المتعة فقال فعلناها وهذا يومئذ كافر بالعرش يعني بيوت مكة

 

 [ 1225 ] وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن سعيد عن سليمان التيمي بهذا الإسناد وقال في روايته يعني معاوية

 

 [ 1225 ] وحدثني عمرو الناقد حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان ح وحدثني محمد بن أبي خلف حدثنا روح بن عبادة حدثنا شعبة جميعا عن سليمان التيمي بهذا الإسناد مثل حديثهما وفي حديث سفيان المتعة في الحج

 

لكنْ من قال لهم ذلك، محمد لم يقل ذلك، وحتى حجته الأخيرة مارس فيها ذلك، ومسلم نفسه رد على الكلام السابق:

 

[ 1226 ] وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا الجريري عن أبي العلاء عن مطرف قال قال لي عمران بن حصين إني لأحدثك بالحديث اليوم ينفعك الله به بعد اليوم واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعمر طائفة من أهله في العشر فلم تنزل آية تنسخ ذلك ولم ينه عنه حتى مضى لوجهه ارتأى كل امرئ بعد ما شاء أن يرتئي

 

 [ 1226 ] وحدثناه إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن حاتم كلاهما عن وكيع حدثنا سفيان عن الجريري في هذا الإسناد وقال بن حاتم في روايته ارتأى رجل برأيه ما شاء يعني عمر

 

 [ 1226 ] وحدثني عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن حميد بن هلال عن مطرف قال قال لي عمران بن حصين أحدثك حديثا عسى الله أن ينفعك به إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حجة وعمرة ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل فيه قرآن يحرمه وقد كان يسلم علي حتى اكتويت فتركت ثم تركت الكي فعاد

   

[ 1226 ] وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن قتادة عن مطرف قال بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه فقال إني كنت محدثك بأحاديث لعل الله أن ينفعك بها بعدي فإن عشت فاكتم عني وإن مت فحدث بها إن شئت إنه قد سلم علي واعلم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حج وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب الله ولم ينه عنها نبي الله صلى الله عليه وسلم قال رجل فيها برأيه ما شاء

 

[ 1226 ] وحدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عيسى بن يونس حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عمران بن الحصين رضى الله تعالى عنه قال اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حج وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب ولم ينهنا عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيها رجل برأيه ما شاء

 

 [ 1226 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثني عبد الصمد حدثنا همام حدثنا قتادة عن مطرف عن عمران بن حصين رضى الله تعالى عنه قال تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل فيه القرآن قال رجل برأيه ما شاء

 

 [ 1226 ] وحدثنيه حجاج بن الشاعر حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا إسماعيل بن مسلم حدثني محمد بن واسع عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عمران بن حصين رضى الله تعالى عنه بهذا الحديث قال تمتع نبي الله صلى الله عليه وسلم وتمتعنا معه

 

 [ 1226 ] حدثنا حامد بن عمر البكراوي ومحمد بن أبي بكر المقدمي قالا حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عمران بن مسلم عن أبي رجاء قال قال عمران بن حصين نزلت آية المتعة في كتاب الله يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات قال رجل برأيه بعد ما شاء

 

 [ 1226 ] وحدثنيه محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد عن عمران القصير حدثنا أبو رجاء عن عمران بن حصين بمثله غير أنه قال وفعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل وأمرنا بها

 

وقد ذكروا أن عبد الله بن عمر بن الخطاب نفسه رفض بدعة أبيه المغيرة لطقس وشعيرة محمد، روى الترمذي:

 

824 - حدثنا عبد بن حميد أخبرني يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب أن سالم بن عبد الله حدثه: أنه سمع رجلان من أهل الشام وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج فقال عبد الله بن عمر: هي حلال. فقال الشامي: إن أباك قد نهى عنه. فقال عبد الله بن عمر: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أأمر أبي نتبع أم أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فقال الرجل: بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: لقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

قال الألباني: صحيح الإسناد

 

قال وفي الباب عن علي وعثمان وجابر وسعد وأسماء بنت أبي بكر وابن عمر

 

قال أبو عيسى حديث ابن عباس حديث حسن وقد اختار قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وغيرهم التمتع بالعمرة والتمتع أن يدخل الرجل بعمرة في أشهر الحج ثم يقيم حتى يحج فهو متمتع وعليه دم ما استيسر من الهدى فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ويستحب للمتمتع إذا صام ثلاثة أيام في الحج أن يصوم العشر ويكون آخرها يوم عرفة فإن لم يصم في العشر صام أيام التشريق في قول بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم منهم ابن عمر و عائشة وبه يقول مالك و الشافعي وأحمد وإسحق وقال بعضهم لا يصوم أيام التشريق وهو قول أهل الكوفة

 قال أبو عيسى وأهل الحديث يختارون التمتع بالعمرة في الحج وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق

 

وروى أحمد:

 

6392 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ ؟ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَأَمَرَ بِهَا، وَقَالَ: " أَحَلَّهَا اللهُ تَعَالَى، وَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (1)

قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَأَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: " الْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ تَامَّةٌ تُقْضَى، عَمِلَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ بِهَا كِتَابُ اللهِ تَعَالَى " (2)

 

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وانظر (4822) و (5068) و (5700) و (6240) .

(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو موصول بالإسناد الذي قبله.

قال السندي: قوله: تامة تُقْضى: على بناء المفعول، أي: تُفعل وتؤدّى، وليس للقضاء في مقابلة الأداء هاهنا، بل هو كما في قوله تعالى: {فإذا قُضِيَت الصلاة} الآية.

قلنا: وقوله: عمل بها رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُؤيده حديث أنس عند البخاري (1780) : اعتمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع عمر في ذي القعدة إلا التي أعتمر مع حجته: عمرته من الحديبية، ومن العام المقبل، ومن الجعرانة حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجته. وانظر (5700) و (6240) .

وروى مالك في الموطأ برواية الزهري وترقيمها:

 

1108 - أخبرنا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ، لأَنْ أَعْتَمِرَ قَبْلَ الْحَجِّ وَأُهْدِيَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَمِرَ بَعْدَ الْحَجِّ فِي ذِي الْحِجَّةِ.

 

1127 - أخبرنا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ، فَإِنَّه أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ، وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِهِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ.

 

وروى مسلم:

 

[ 1227 ] حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج وتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة فاستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة أطواف ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى وساق الهدي من الناس

 

[ 1229 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن حفصة رضى الله تعالى عنهم زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا ولم تحلل أنت من عمرتك قال إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر

[ 1230 ] وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما خرج في الفتنة معتمرا وقال إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فأهل بعمرة وسار حتى إذا ظهر على البيداء التفت إلى أصحابه فقال ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة فخرج حتى إذا جاء البيت طاف به سبعا وبين الصفا والمروة سبعا لم يزد عليه ورأى أنه مجزئ عنه وأهدى

 

رواه البخاري 1639

 

ولأن رواة الأحاديث لم يكونوا يتورعون عن الكذب على محمد وسائر زوجاته وأصحابه بحيث ينسبون له ولهم مرويات متناقضة تكذِّب بعضها الآخر، فبعكس أحاديث عائشة الكثيرة في الإقران والفسخ وإفراد العمرة في أشهر الحج، لفَّقوا لها بأسنايد خزعبلية صحيحة بزعمهم حديثًا مناقضًا بأن محمدًا أفرد الحج ولم يقرنه بعمرة في حجة الوداع، يعني عكس رواية (عمرة مع حجته) وسائر رواياتها عن الإقران وخلافه، روى مسلم:

 

[ 1211 ] حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني خالي مالك بن أنس ح وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج

 

وروى أحمد:

 

24077 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 5/145، وفي "الكبرى" (3695) ، والبيهقي في "السنن" 3/5 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وهو عند مالك في "الموطأ" 1/335 ، ومن طريقه أخرجه الشافعي في "المسند" 1/376 (ترتيب السندي) ، ومسلم (1211) (122) ، وأبو داود (1777) ، والترمذي (820) ، وابن ماجه (2964) ، والدارمي (1812) ، وأبو يعلى (4361) و (4543) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/139، والصيداوي في "معجم الشيوخ" ص107، وتمّام في "فوائده" (608) ، والبيهقي في "السنن" 5/3، وفي "معرفة الآثار" (9313) و (9324) ، والخطيب في "تاريخه" 1/375-376، وابن عبد البر في "التمهيد" 19/259، والبغوي في "شرح السنة" (1873) .

وأخرجه الصيداوي ص200، وابن عبد البر 19/259، والذهبي في "السير" 15/249 من طريقين عن عبد الرحمن بن القاسم، به. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (8481) من طريق عروة، عن عائشة، به. وسيأتي بالأرقام (24727) و (24729) و (24760) و (24763) و (25722) و (26063) و (26064) ، وبنحوه برقم (24615) .

 

قلنا: وقد ثبت عن عائشة أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر مع حجته، فقد روى أبو داود (1992) من حديث أبي إسحاق، عن مجاهد، قال: سئل ابن عمر: كم اعتمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: مرتين، فقالت عائشة: لقد علم ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد اعتمر ثلاثاً سوى التي قرنها بحجة الوداع [ضعفه الألباني]، وقال الحافظ في "الفتح" 3/429: إنّ كل من روى عنه الإفراد حُمِلَ على ما أهل به في أول الحال، وكل من روى عنه التمتع أراد ما أمر به أصحابه، وكل من روى عنه القِران أراد ما استقر عليه أمره، ويترجح من روى القِران بأمور:

منها أن معه زيادة علم على من روى الإفراد وغيره، وبأن من نوى الإفراد والتمتع اختُلف عليه في ذلك: فأشهر من روى عنه الإفراد عائشة، وقد ثبت عنها أنه اعتمر مع حجته كما تقدم، وابنُ عمر، وقد ثبت عنه أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدأ بالعمرة ثم أهلَّ بالحج كما سيأتي في أبواب الهدي، وثبت أنه جمع بين حج وعمرة، ثم حدث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ذلك، وسيأتي أيضاً، وجابرٌ ، وقد تقدم قوله: إنه اعتمر مع حجته أيضاً.

وروى القِرانَ عنه جماعةٌ من الصحابة لم يُختلف عليهم فيه، وبأنه لم يقع في شيء من الروايات النقل عنه من لفظه أنه قال: أفردت ولا تمتعت، بل صح عنه أنه قال: "قرنت" ، وصح عنه أنه قال: "لولا أن معي الهدي لأحللت" . اهـ.

 

وممن أخذوا في ممارستهم الطقسية بالتقليد الوثني العربي الأقدم (منع الجمع بين الحج والعمرة) عبد الله بن الزبير بن العوام، وقد حكم الحجاز أثناء فترة انفصاله وتمرده على دولة الأمويين لفترة لا بأس بها، وهو من الصحابة وابن أسماء بنت أبي بكر أخت عائشة وابن الزبير ابن عمة محمد صفية. روى أحمد:

 

26946 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَرَخَّصَ فِيهَا، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَنْهَى عَنْهَا، فَقَالَ: هَذِهِ أُمُّ ابْنِ الزُّبَيْرِ، تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِيهَا، فَادْخُلُوا عَلَيْهَا فَاسْأَلُوهَا . قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا، فَإِذَا امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ عَمْيَاءُ، فَقَالَتْ: " قَدْ رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا ".

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. مسلم القُرِّي - وهو ابنُ مِخْراق العَبْدي - من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. رَوْح: هو ابنُ عبادة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (202) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (1637) - ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (5540) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (277) - ومسلم (1238) (195) من طريقي عبد الرحمن بن مهدي وغندر محمد بن جعفر، ثلاثتهم عن شعبة، به. قال مسلم عقب حديثه: فأما عبد الرحمن ففي حديثه المتعة، ولم يقل متعة الحج. وأما ابن جعفر فقال: قال شعبة: قال مسلم: لا أدري متعة الحج أو متعة النساء.

قلنا: ورواية الطيالسي جاء فيها: "متعة النساء"، لكنها وقعت عند الطبراني: "المتعة" دون تقييد. قلنا: والصواب أنها متعة الحج كما جاء في رواية روح عن شعبة هنا، وكما سلف في الروايات الأخرى للحديث.

انظر (16103) و (26917) .

 

16103 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: إِنَّا لَبِمَكَّةَ، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَنَهَى عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ صَنَعُوا ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: وَمَا عِلْمُ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِهَذَا، فَلْيَرْجِعْ إِلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَلْيَسْأَلْهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الزُّبَيْرُ قَدْ رَجَعَ إِلَيْهَا حَلَالًا وَحَلَّتْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَسْمَاءَ فَقَالَتْ: يَغْفِرُ اللهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللهِ لَقَدْ أَفْحَشَ ، وَاللهِ قَدْ صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ " لَقَدْ حَلُّوا وَأَحْلَلْنَا وَأَصَابُوا النِّسَاءَ ".

 

إسناده حسن، ابن إسحاق- وهو محمد- صدوق، حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق بن يسار، فقد أخرج له أبو داود في "المراسيل"، وهو ثقة. يعقوب بن إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم الزهري.

وسيأتي نحوه في مسند أسماء بنت أبي بكر 6/350.

وقد سلف بإسنادٍ ضعيف في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب في الرواية رقم (6240) أن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير سئلوا عن العمرة قبل الحج في المتعة، فقالوا: نعم، سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...

وانظر تعليقنا عليه.

والتمتع بالعمرة إلى الحج سلف بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمر ابن الخطاب برقم (4822) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

 

26917 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَفْرِدُوا بِالْحَجِّ (1) ، وَدَعُوا قَوْلَ هَذَا، يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ الْعَبَّاسِ: أَلَا تَسْأَلُ أُمَّكَ، عَنْ هَذَا ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ، " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّاجًا، فَأَمَرَنَا، فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً، فَحَلَّ لَنَا الْحَلَالُ، حَتَّى سَطَعَتْ الْمَجَامِرُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ " (2)

 

(1) في (ظ6) : الحج.

(2) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/103، والطبراني في "الكبير" 24/ (243) من طريق محمد بن فُضيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني 24/ (244) من طريق جرير، عن يزيد بن أبي زياد، به.

وسيأتي دون ذكر القصة برقم (26952) .

وانظر (26946) و (26962) .

وقد رُوي من حديث ابن الزبير- كما سلف برقم (16103) - وإسناده حسن.

وفي باب التمتع بالحج، سلف من حديث ابن عمر بإسناد صحيح برقم (4822) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "سطعت" أي: ارتفعت، أي: تداولوها بينهم للتبخّر بها .

 

2976 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَرْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: " يَا عُرَيَّةُ، سَلْ أُمَّكَ: أَلَيْسَ قَدْ جَاءَ أَبُوكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَحَلَّ "

 

إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار بن ورد، فقد روى له أبو داود والنسائي، ووثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو داود ويعقوب بن سفيان والعجلي، وقال ابن المديني: لم يكن به بأس، وقال البخاري: يخالف في بعض حديثه، وقال ابن عدي: هو عندي لا بأس به يُكتب حديثه، ولينه الدارقطني في رواية السلمي. ابن أبي مُليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُليكة. وسيتكرر برقم (3351) ، وانظر ما سلف برقم (2277) .

 

2277 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: حَتَّى مَتَى تُضِلُّ النَّاسَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ؟ قَالَ: مَا ذَاكَ يَا عُرَيَّةُ ؟ قَالَ: تَأْمُرُنَا بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَقَدْ نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " قَدْ فَعَلَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَقَالَ عُرْوَةُ: " هُمَا كَانَا أَتْبَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعْلَمَ بِهِ مِنْكَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة. وانظر (2664) و (2976) و (3121) .

وقوله: "وقد نهى أبو بكر وعمر" قال السندي: لم يشتهر نهي أبي بكر عنه أصلاً، ولعل عروة اعتمد على موافقة عمر لأبي بكر في سائر الأمور، فرأى أنه ما نهى عنه عمر إلا لموافقة أبي بكر، ثم إن عمر ما نهى عن العمرة في أشهر الحج مطلقاً، وإنما نهى عن المتعة فقط، فكأنه اعتمد على ظهور المقصود فسامح في الكلام.

وقوله: "وأعلم به" لا يلزم من الأعلمية على الإطلاق الأعلمية في كل حكم مخصوص على انفراده، فكلام عروة لا يخلو عن أثر الإهمال، وفيه خروج عن طور التحقيق إلى طور التقليد، لذلك أخذ المسلمون بجواز المتعة، والله ولي التوفيق.

 

وروى البخاري:

1796 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ تَقُولُ كُلَّمَا مَرَّتْ بِالحَجُونِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَا هُنَا وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ قَلِيلٌ ظَهْرُنَا قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنْ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ

 

وأخرجه مسلم (1237) من طريق عمرو بن الحارث، عن أبي الأسود، أن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر حدثه، أنه كان يسمع أسماء كلما مرَّت بالحَجُون تقول: صلى الله على رسوله وسلَّم، لقد نَزَلْنا معه هاهنا، ونحن يومئذٍ خِفافُ الحقائب، قليلٌ ظَهْرُنا، قليلةٌ أزوادُنا، فاعتمرتُ انا وأختي عائشة والزُّبير، وفلان وفلان، فلما مَسَحْنا البيتَ أحْلَلْنا، ثم أهْلَلْنا من العشيّ بالحج.

وقوله: "من أراد منكم أن يُهلَّ بحجة، فليُهلّ، ومن أراد أن يُهلّ بعمرةٍ فليُهلّ" صحيح من حديث عائشة عند أحمد برقم (25587) . وانظر أحمد (16103) و (26917) و (26946) و (26961) .

 

والظاهر أن عمر في أول عهد حكمه كان يتبع شعيرة محمد المعدلة للطقوس الوثنية والمخالفة المنتهكة لقواعدها، فقد روى أحمد:

 

83- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، أَنَّ الصُّبَيَّ بْنَ مَعْبَدٍ ، كَانَ نَصْرَانِيًّا تَغْلِبِيًّا أَعْرَابِيًّا فَأَسْلَمَ ، فَسَأَلَ : أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ فَقِيلَ لَهُ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ . فَأَرَادَ أَنْ يُجَاهِدَ ، فَقِيلَ لَهُ : حَجَجْتَ ؟ فَقَالَ : لاَ . فَقِيلَ : حُجَّ وَاعْتَمِرْ ثُمَّ جَاهِدْ فَانْطَلَقَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْحَوَائطِ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا ، فَرَآهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالا : لَهُوَ أَضَلُّ مِنْ جَمَلِهِ ، أَوْ مَا هُوَ بِأَهْدَى مِنْ نَاقَتِهِ ، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهِمَا فَقَالَ : هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،

قَالَ الْحَكَمُ : فَقُلْتُ لأَبِي وَائِلٍ : حَدَّثَكَ الصُّبَيُّ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ.

 

إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصُّبي بن معبد ، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي ، وهو ثقة .

الحكم : هو ابن عتيبة ، وأبو وائل : هو شقيق بن سلمة .

وأخرجه الطيالسي (58) عن شعبة ، بهذا الإسناد .

وسيأتي برقم (169) و (227) و (254) و (256) و (379) .

 

169 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ : كُنْتُ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ ، فَأَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، فَسَمِعَنِي زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا ، فَقَالا : لَهَذَا أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِ أَهْلِهِ . فَكَأَنَّمَا حُمِلَ عَلَيَّ بِكَلِمَتِهِمَا جَبَلٌ ، فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا فَلامَهُمَا ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ : هُدِيتَ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصُّبي بن معبد ، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي ، وهو ثقة .

وأخرجه الحميدي (18) ، وابن ماجه (2970) ، وابن حبان (3910) و (3911) من طريق سفيان بن عيينة ، بهذا الإسناد . وقد تقدم برقم (83) .

 

254 - حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ حَدَّثَنِي الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَغْلِبَ ، قَالَ : كُنْتُ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ ، فَاجْتَهَدْتُ فَلَمْ آلُ ، فَأَهْلَلْتُ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ، فَمَرَرْتُ بِالْعُذَيْبِ عَلَى سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَبِهِمَا جَمِيعًا ؟ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ : دَعْهُ ، فَلَهُوَ أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِهِ . قَالَ : فَكَأَنَّمَا بَعِيرِي عَلَى عُنُقِي ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ لِي عُمَرُ : إِنَّهُمَا لَمْ يَقُولا شَيْئًا هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصُّبي بن معبد ، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي وهو ثقة . شقيق : هو ابن سلمة . وقد تقدم برقم (83) .

والعذيب : ماء بين القادسية والمغيثة ، وهو من منازل حاج الكوفة .

 

وروى النسائي في المجتبى:

 

2719 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا جرير عن منصور عن أبي وائل قال قال الصبي بن معبد Y كنت أعرابيا نصرانيا فأسلمت فكنت حريصا على الجهاد فوجدت الحج والعمرة مكتوبين علي فأتيت رجلا من عشيرتي يقال له هريم بن عبد الله فسألته فقال اجمعهما ثم اذبح ما استيسر من الهدي فأهللت بهما فلما أتيت العذيب لقيني سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان وأنا أهل بهما فقال أحدهما للآخر ما هذا بأفقه من بعيره فأتيت عمر فقلت يا أمير المؤمنين إني أسلمت وأنا حريص على الجهاد وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي فأتيت هريم بن عبد الله فقلت يا هناه إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي فقال اجمعهما ثم اذبح ما استيسر من الهدي فأهللت بهما فلما أتينا العذيب لقيني سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان فقال أحدهما للآخر ما هذا بأفقه من بعيره فقال عمر هديت لسنة نبيك صلى الله عليه و سلم

 

صحيح

 

2736 - أخبرنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال أنبأنا أبي قال أنبأنا أبو حمزة عن مطرف عن سلمة بن كهيل عن طاوس عن بن عباس قال سمعت عمر: يقول والله إني لأنهاكم عن المتعة وإنها لفي كتاب الله ولقد فعلها رسول الله صلى الله عليه و سلم يعني العمرة في الحج

 

صحيح الإسناد

 

تفضيل معاوية لاتباع طقسيات قريش الوثنية الأصول القديمة في الحج ومنع التمتع والإقران بالعمرة مع الحج في موسم الحج

 

وكان معاوية كذلك يتبع تقليد عمر وعثمان وهو تقليد قرشي وثني الأصل وليس من طقسيات محمد في منعهما الجمع والإقران بين الحج والعمرة وفسخ الحج إلى العمرة وعمل العمرة في موسم الحج عمومًا، وقد ذكرت عشرات الأحاديث التي تدل بوضوح على أن محمدًا كان قد شرع القران والتمتع في الحج بل والتمتع في الحج مذكور في القرآن نفسه.

 

روى أحمد:

 

16864 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْهُنَائِيِّ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ، قَالَ لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ جُلُودِ النُّمُورِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا " ؟ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ . قَالَ: وَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ " نَهَى عَنْ لِبَاسِ الذَّهَبِ إِلَّا مُقَطَّعًا " ؟ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ . قَالَ: وَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ " نَهَى عَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ " ؟ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ . قَالَ: وَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ " نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ - يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ - " ؟ قَالُوا: اللهُمَّ لَا.

 

هو مكرر (16833) غير أن شيخ أحمد هنا هو عبد الرزاق، وشيخه معمر، وهو ابن راشد البصري.

وهو في "مصنف" عبد الرزاق (217) مختصراً، و (19927) ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (824) .

وقد ذكر هنا أنه نهى عن متعة الحج، وذكر في الرواية (16833) أنه نهى عن الجمع بين الحج والعمرة؟

 

16833 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْهُنَائِيِّ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ ؟ " قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ إِلَّا مُقَطَّعًا ؟ " قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ ؟ " قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ ؟ " قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ جَمْعٍ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ ؟ " قَالُوا: أَمَّا هَذَا، فَلَا، قَالَ: أَمَا إِنَّهَا مَعَهُنَّ.

 

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أبي شيخ الهُنائي- واسمه حيوان بن خالد، وقيل: خيوان- فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو حسن الحديث. عفان: هو ابن مسلم الصفار، وهمام: هو ابن يحيى العوذي.

وسيرد عند المصنف مختصراً برقم (16833) من طريق بيهس بن فهدان، أخبرنا أبو شيخ الهنائي، قال: سمعت معاوية وحوله ناس من المهاجرين والأنصار، فقال لهم: أتعلمون أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن لبس الحرير؟ قالوا: نعم. قال: ونهى عن لبس الذهب إلا مقطعاً؟ قالوا: نعم.

وقد رواه النسائي في "الكبرى" برقم (9461) في كتاب الزينة، وأدرجه تحت عنوان: تحريم الذهب على الرجال، وهو واضح الدلالة في ذلك لأن النهي عن الحرير وعن لبس الذهب إنما هو في حق الرجال، لا النساء، وهذا الذي انتهى إليه أهل العلم الذين تُعتمد أقوالهم ويُرجع إليهم في فقاهة النصوص.

وأخرجه مطولاً ومختصراً عبد بن حميد في "المنتخب" (419) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3250) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (825) من طريقين، عن همام، بهذا الإسناد.

ال السندي: قوله: إلا مُقَطَّعاً، أي: مُكَسَّراً مقطوعاً، والمراد الشيء اليسير مثل السِّنِّ والأنف.

عن ركوب النُّمُور، أي: جلودها ملقاةً على السروج والرحال، لما فيه من التكبُّر، أو لأنه زِيُّ العجم، أو لأن الشعر نجس لا يقبل الدباغ.

أما إنها معهن، أي: إن هذه الخصلة، وهي الجمع، أو إن المتعة لمعهن، أي: مع الخصال المنهي عنها، ولا يخفى أنه يبعد كونها معهن، وقد جاء بها الكتاب والسنة، وقد فعل هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفعل الصحابة معه في حجة الوداع، ولا يمكن حملُ الحديث على أنه كذب في ذلك، فالوجه أن يقال: لعله اشتبه عليه بأن سمع النهي عن المتعة، فزعم أن المراد متعةُ الحج، فكان المرادُ متعةَ النساء، وذلك لأن النهي كان في مكة، فزعم أن المناسبَ بها ذكر المناسك، ويحتمل أنه رأى أن نهي عمر وعثمان عنه لا يمكن بلا ثبوت نهي من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه عندهما، وقد ثبت عنده النهي منهما، فبنى على ذلك ثبوت النهي من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والله تعالى أعلم.

 

وبلا شك فهي جرأة وقحة منه في الادعاء والكذب، لأن محمدًا جعل زوجاته يعملن عمرة بعد الحج في حجة الوداع كما ذكرنا في باب (مما أحدثوه في دينهم)، وكذلك أمر بعض أصحابه ممن لم يكن معهم هدي بأن يفسخوا الحج إلى عمرة.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[مَسْأَلَة الْإِحْرَامَ يَقَعُ بِالنُّسُكِ مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ تَمَتُّعٍ وَإِفْرَادٍ وَقِرَانٍ]

(2290) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ أَرَادَ التَّمَتُّعَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْعُمْرَةَ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَقَعُ بِالنُّسُكِ مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ؛ تَمَتُّعٍ، وَإِفْرَادٍ، وَقِرَانٍ. فَالتَّمَتُّعُ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ مِنْ الْمِيقَاتِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ عَامِهِ. وَالْإِفْرَادُ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا. وَالْقِرَانُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ بِهِمَا، أَوْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ يُدْخِلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ قَبْلَ الطَّوَافِ. فَأَيُّ ذَلِكَ أَحْرَمَ بِهِ جَازَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَهَذَا هُوَ التَّمَتُّعُ وَالْإِفْرَادُ وَالْقِرَانُ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى جَوَازِ الْإِحْرَامِ بِأَيِّ الْأَنْسَاكِ الثَّلَاثَةِ شَاءَ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَفْضَلِهَا، فَاخْتَارَ إمَامُنَا التَّمَتُّعَ، ثُمَّ الْإِفْرَادَ، ثُمَّ الْقِرَانَ.

وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ اخْتِيَارُ التَّمَتُّعِ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةُ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَعِكْرِمَةُ. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَرَوَى الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ: إنْ سَاقَ الْهَدْيَ، فَالْقِرَانُ أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ فَالتَّمَتُّعُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَنَ حِينَ سَاقَ الْهَدْيَ وَمَنَعَ كُلَّ مِنْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنْ الْحِلِّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ. وَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ إلَى اخْتِيَارِ الْقِرَانِ؛ لِمَا رَوَى أَنَسٌ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا: لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَحَدِيثُ الصُّبَيّ بْنِ مَعْبَدٍ، حِينَ لَبَّى بِهِمَا، ثُمَّ أَتَى عُمَرَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» وَرُوِيَ عَنْ مَرْوَان بْن الْحَكَمِ، قَالَ: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَسَمِعَ عَلِيًّا يُلَبِّي بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ، فَقَالَ: أَلَمْ نَكُنْ نُهِينَا عَنْ هَذَا؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُلَبِّي بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَمْ أَكُنْ أَدَعُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِك» . رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَلِأَنَّ الْقِرَانَ مُبَادَرَةٌ إلَى فِعْلِ الْعِبَادَةِ، وَإِحْرَامٌ بِالنُّسُكَيْنِ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَفِيهِ زِيَادَةُ نُسُكٍ هُوَ الدَّمُ، فَكَانَ أَوْلَى.

 

وَذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، إلَى اخْتِيَارِ الْإِفْرَادِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَعَائِشَةَ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ، وَجَابِرٌ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ الْحَجَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَلِأَنَّهُ يَأْتِي بِالْحَجِّ تَامًّا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى جَبْرٍ، فَكَانَ أَوْلَى.

قَالَ عُثْمَانُ: أَلَا إنَّ الْحَجَّ التَّامَّ مِنْ أَهْلِيكُمْ، وَالْعُمْرَةَ التَّامَّةَ مِنْ أَهْلِيكُمْ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، كَانُوا يُجَرِّدُونَ الْحَجَّ.

وَلَنَا، مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو مُوسَى، وَعَائِشَةُ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ لَمَّا طَافُوا بِالْبَيْتِ، أَنْ يَحِلُّوا، وَيَجْعَلُوهَا عُمْرَةً» . فَنَقَلَهُمْ مِنْ الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ إلَى الْمُتْعَةِ، وَلَا يَنْقُلُهُمْ إلَّا إلَى الْأَفْضَلِ. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا

وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا، إلَّا مَنْ سَاقَ هَدْيًا، وَثَبَتَ عَلَى إحْرَامِهِ، وَقَالَ: «لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت، مَا سُقْت الْهَدْيَ، وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً» . قَالَ جَابِرٌ: حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ، وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَحِلُّوا مِنْ إحْرَامِكُمْ، بِطَوَافٍ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَقِيمُوا حَلَالًا، حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً. فَقَالُوا: كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ؟ فَقَالَ: افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، فَلَوْلَا أَنِّي سُقْت الْهَدْيَ، لَفَعَلْت مِثْلَ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِهِ» . وَفِي لَفْظٍ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَصْدَقُكُمْ، وَأَبَرُّكُمْ، وَلَوْلَا هَدْيِي لَحَلَلْت كَمَا تَحِلُّونَ، وَلَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت، مَا أَهْدَيْت. فَحَلَلْنَا، وَسَمِعْنَا، وَأَطَعْنَا» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا فَنَقَلَهُمْ إلَى التَّمَتُّعِ، وَتَأَسَّفَ إذْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى فَضْلِهِ. وَلِأَنَّ التَّمَتُّعَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] دُونَ سَائِرِ الْأَنْسَاكِ.

وَلِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَجْتَمِعُ لَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مَعَ كَمَالِهِمَا، وَكَمَالِ أَفْعَالِهِمَا عَلَى وَجْهِ الْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ، مَعَ زِيَادَةِ نُسُكٍ، فَكَانَ ذَلِكَ أُولَى، فَأَمَّا الْقِرَانُ فَإِنَّمَا يُؤْتَى فِيهِ بِأَفْعَالِ الْحَجِّ، وَتَدْخُلُ أَفْعَالُ الْعُمْرَةِ فِيهِ، وَالْمُفْرِدُ فَإِنَّمَا يَأْتِي بِالْحَجِّ وَحْدَهُ، وَإِنْ اعْتَمَرَ بَعْدَهُ مِنْ التَّنْعِيمِ، فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي إجْزَائِهَا عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي إجْزَاءِ عُمْرَةِ الْقِرَانِ، وَلَا خِلَافَ فِي إجْزَاءِ التَّمَتُّعِ عَنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، فَكَانَ أَوْلَى.

فَأَمَّا حُجَّتُهُمْ، فَإِنَّمَا احْتَجُّوا بِفِعْلِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْجَوَابُ عَنْهَا مِنْ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ، أَنَّا نَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحْرِمًا بِغَيْرِ التَّمَتُّعِ، وَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِأَحَادِيثِهِمْ لَأُمُورٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّ رُوَاةَ أَحَادِيثِهِمْ قَدْ رَوَوْا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، رَوَى ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَجَابِرٌ، وَعَائِشَةُ، مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ، فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهَا. الثَّانِي، أَنَّ رِوَايَتَهُمْ اخْتَلَفَتْ، فَرَوَوْا مَرَّةً أَنَّهُ أَفْرَدَ، وَمَرَّةً أَنَّهُ تَمَتَّعَ، وَمَرَّةً أَنَّهُ قَرَنَ، وَالْقَضِيَّةُ وَاحِدَةٌ، وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا، فَيَجِبُ اطِّرَاحُهَا كُلِّهَا، وَأَحَادِيثُ الْقِرَانِ أَصَحُّهَا حَدِيثُ أَنَسٍ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَنَسًا، ذَهِلَ أَنَسٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ أَنَسٌ يَتَوَلَّجُ عَلَى النِّسَاءِ. يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا. وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَوَاهُ حَفْصُ بْنُ أَبِي دَاوُد، وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ كَثِيرُ الْوَهْمِ. قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيّ. الثَّالِثُ، أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُتَمَتِّعًا. رَوَى ذَلِكَ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةُ، وَأَبُو مُوسَى، وَجَابِرٌ، وَعَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، بِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ، وَإِنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ الْحِلِّ الْهَدْيُ الَّذِي كَانَ مَعَهُ، فَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «إنِّي لَا أَنْهَاكُمْ عَنْ الْمُتْعَةِ، وَإِنَّهَا لَفِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَقَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» يَعْنِي الْعُمْرَةَ فِي الْحَجِّ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، أَنَّهُ اخْتَلَفَ هُوَ وَعُثْمَانُ فِي الْمُتْعَةِ بِعُسْفَانَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: «مَا تُرِيدُ إلَى أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنْهَى عَنْهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلنَّسَائِيِّ، وَقَالَ عَلِيٌّ لِعُثْمَانَ: «أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمَتَّعَ؟ قَالَ: بَلَى» . وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ» . وَعَنْهُ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِك؟ فَقَالَ: إنِّي لَبَّدْت رَأْسِي، وَقَلَّدْت هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

وَقَالَ سَعْدٌ: صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ رَاجِحَةٌ؛ لِأَنَّ رُوَاتَهَا أَكْثَرُ وَأَعْلَمُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ بِالْمُتْعَةِ عَنْ نَفْسِهِ، فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ، فَلَا تُعَارَضُ بِظَنِّ غَيْرِهِ. وَلِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ مُتَمَتِّعَةً بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَهِيَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تُحْرِمُ إلَّا بِأَمْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَأْمُرَهَا بِأَمْرٍ، ثُمَّ يُخَالِفُ إلَى غَيْرِهِ. وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، بِأَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ مِنْهَا لِأَجْلِ هَدْيِهِ، حَتَّى أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، فَصَارَ قَارِنًا، وَسَمَّاهُ مَنْ سَمَّاهُ مُفْرِدًا؛ لِأَنَّهُ اشْتَغَلَ بِأَفْعَالِ الْحَجِّ وَحْدَهَا، بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ مَهْمَا أَمْكَنَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى التَّعَارُضِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْجَوَابِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْمُتْعَةِ عَنْ الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ، وَلَا يَأْمُرُهُمْ إلَّا بِالِانْتِقَالِ إلَى الْأَفْضَلِ، فَإِنَّهُ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَنْقُلَهُمْ مِنْ الْأَفْضَلِ إلَى الْأَدْنَى، وَهُوَ الدَّاعِي إلَى الْخَيْرِ، الْهَادِي إلَى الْفَضْلِ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِتَأَسُّفِهِ عَلَى فَوَاتِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِقَالِهِ وَحِلِّهِ، لِسَوْقِهِ الْهَدْيَ، وَهَذَا ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ. الثَّالِثُ، أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِفِعْلِهِ، وَعِنْدَ التَّعَارُضِ يَجِبُ تَقْدِيمُ الْقَوْلِ، لِاحْتِمَالِ اخْتِصَاصِهِ بِفِعْلِهِ دُونَ غَيْرِهِ، كَنَهْيِهِ عَنْ الْوِصَالِ مَعَ فِعْلِهِ لَهُ، وَنِكَاحِهِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ، مَعَ قَوْلِهِ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» . فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ أَبُو ذَرٍّ: كَانَتْ مُتْعَةُ الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قُلْنَا: هَذَا قَوْلُ صَحَابِيٍّ، يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ وَقَوْلَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَعْلَمُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] وَهَذَا عَامٌّ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إبَاحَةِ التَّمَتُّعِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي فَضْلِهِ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَرَوَى سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأْنَا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكٍ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الْمُتْعَةُ لَنَا خَاصَّةً، أَوْ هِيَ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: بَلْ هِيَ لِلْأَبَدِ» .

وَفِي لَفْظٍ قَالَ: «أَلِعَامِنَا أَوْ لِلْأَبَدِ؟ قَالَ: بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ، دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوُ هَذَا، وَمَعْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا لَا يُجِيزُونَ التَّمَتُّعَ، وَيَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ شَرَعَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَجَوَّزَ الْمُتْعَةَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ طَاوُسٌ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْجَرَ الْفُجُورِ، وَيَقُولُونَ: إذَا انْفَسَخَ صَفَرْ، وَبَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الْأَثَرُ، حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ. فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَعْتَمِرُوا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَدَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَقَدْ خَالَفَ أَبَا ذَرٍّ عَلِيٌّ، وَسَعْدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ، وَسَائِرُ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ عِمْرَانُ: «تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ» ، فَقَالَ فِيهَا رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: «فَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي الْمُتْعَةَ» - وَهَذَا يَوْمَئِذٍ كَافِرٌ

بِالْعَرْشِ. يَعْنِي الَّذِي نَهَى عَنْهَا، وَالْعَرْشُ: بُيُوتُ مَكَّةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ، حِينَ ذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ: أَفَيَقُولُ بِهَذَا أَحَدٌ، الْمُتْعَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِهَا.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى عُمَرَ، فَشَهِدَ عِنْدَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ» . قُلْنَا: هَذَا حَالُهُ فِي مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، كَحَالِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، بَلْ هُوَ أَدْنَى حَالًا، فَإِنَّ فِي إسْنَادِهِ مَقَالًا.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ نَهَى عَنْهَا عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَمُعَاوِيَةُ. قُلْنَا: فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ عُلَمَاءُ الصَّحَابَةِ نَهْيَهُمْ عَنْهَا، وَخَالَفُوهُمْ فِي فِعْلِهَا، وَالْحَقُّ مَعَ الْمُنْكِرِينَ عَلَيْهِمْ دُونَهُمْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا إنْكَارَ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ، وَاعْتِرَافَ عُثْمَانَ لَهُ، وَقَوْلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ مُنْكِرًا لِنَهْيِ مَنْ نَهَى، وَقَوْلَ سَعْدٍ عَائِبًا عَلَى مُعَاوِيَةَ نَهْيَهُ عَنْهَا، وَرَدِّهِمْ عَلَيْهِمْ بِحُجَجٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَوَابٌ عَنْهَا، بَلْ قَدْ ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ نَهَى عَنْهَا فِي كَلَامِهِ، مَا يَرُدُّ نَهْيَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاَللَّهِ إنِّي لِأَنْهَاكُمْ عَنْهَا، وَإِنَّهَا لَفِي كِتَابِ اللَّهِ، وَقَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ، وَنَهَى عَمَّا فِيهِمَا، حَقِيقٌ بِأَنْ لَا يُقْبَلَ نَهْيُهُ، وَلَا يُحْتَجَّ بِهِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ سُئِلَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَهَى عُمَرُ عَنْ الْمُتْعَةِ؟ قَالَ: لَا، وَاَللَّهِ مَا نَهَى عَنْهَا عُمَرُ، وَلَكِنْ قَدْ نَهَى عُثْمَانُ. وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَأَمَرَ بِهَا، فَقِيلَ: إنَّك تُخَالِفُ أَبَاك. قَالَ: إنَّ عُمَرَ لَمْ يَقُلْ الَّذِي يَقُولُونَ. وَلَمَّا نَهَى مُعَاوِيَةُ عَنْ الْمُتْعَةِ، أَمَرَتْ عَائِشَةُ حَشَمَهَا وَمَوَالِيَهَا أَنْ يُهِلُّوا بِهَا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ: حَشَمُ أَوْ مَوَالِي عَائِشَةَ. فَأَرْسَلَ إلَيْهَا: مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَتْ: أَحْبَبْت أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الَّذِي قُلْت لَيْسَ كَمَا قُلْت. وَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّ فُلَانًا يَنْهَى عَنْ الْمُتْعَةِ. قَالَ: اُنْظُرُوا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهَا فِيهِ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوهَا فَقَدْ صَدَقَ. فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ، وَأَوْلَى بِالصَّوَابِ، الَّذِينَ مَعَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ، أَمْ الَّذِينَ خَالَفُوهُمَا؟ ثُمَّ قَدْ ثَبَتَتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي قَوْلُهُ حُجَّةٌ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، فَكَيْفَ يُعَارَضُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ؟ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ: «تَمَتَّعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَقَالَ عُرْوَةُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنْ الْمُتْعَةِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَاهُمْ سَيَهْلَكُونَ، أَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَقُولُونَ نَهَى عَنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَأَمَرَ بِهَا، فَقَالَ: إنَّك تُخَالِفُ أَبَاك، فَقَالَ: عُمَرُ لَمْ يَقُلْ الَّذِي يَقُولُونَ. فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ، قَالَ: أَفَكِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعُوا أَمْ عُمَرُ؟ . رَوَى الْأَثْرَمُ هَذَا كُلَّهُ.

 

أما أئمة الشيعة الاثناعشرية فاعتبروا التمتع والإقران في الحج علامة من علامات مذهبهم مخالفةً لعمر وعثمان ولمذهب السنة (الذين يسميهم الشيعة العامة أو المخالفين أحيانًا في كتاباتهم)، وخصوصًا لوروده صريحًا في نص القرآن:

 

[تفسير العياشي] عن حريز عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ قال هو لأهل مكة ليست لهم متعة و لا عليهم عمرة قلت فما حد ذلك قال ثمانية و أربعين ميلا من نواحي مكة كل شي‏ء دون عسفان و دون ذات عرق فهو من حاضري المسجد الحرام .

 

  شي، [تفسير العياشي] علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن أهل مكة هل يصلح لهم أن يتمتعوا في العمرة إلى الحج قال لا يصلح لأهل مكة المتعة و ذلك قول الله ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ .

4-   شي، [تفسير العياشي] عن سعيد الأعرج عنه قال ليس لأهل سرف و لا لأهل مر و لا لأهل مكة متعة يقول الله ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ .

 

  عا، [دعائم الإسلام] و عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ع قال الحج ثلاثة أوجه فحج مفرد و عمرة مفردة أيهما شاء قدم و حج و عمرة مقرونان لا فصل بينهما و ذلك لمن ساق الهدي يدخل مكة فيعتمر و يبقى على إحرامه حتى يخرج إلى الحج من مكة فيحج و عمرة يتمتع بها إلى الحج و ذلك أفضل الوجوه و لا يكون ذلك إلا لمن كان معه هدي لقول الله وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ و المتمتع يدخل محرما فيطوف بالبيت و يسعى بين الصفا و المروة فإذا فعل ذلك يحل من إحرامه و أخذ شيئا من شعره و أظفاره و أبقى من ذلك لحجه و حل ثم يجدد إحراما للحج من مكة ثم يهدي ما اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ كما قال الله عز و جل .

 

5-   الهداية، الحاج على ثلاثة أوجه قارن و مفرد و متمتع بالعمرة إلى الحج و لا يجوز لأهل مكة و حاضريها التمتع بالعمرة إلى الحج و ليس لهم إلا القران و الإفراد لقول الله عز و جل فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ثم قال ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ و حد حاضري المسجد الحرام أهل مكة و حواليها على ثمانية و أربعين ميلا و من كان خارجا من هذا الحد فلا يحج إلا متمتعا بالعمرة إلى الحج و لا يقبل الله غيره فإذا أردت الخروج فوفر شعرك شهر ذي القعدة و عشرا من ذي الحجة و اجمر أهلك و صل ركعتين و ارفع يديك و مجد الله كثيرا و صل على محمد و آله و قل اللهم إني أستودعك اليوم ديني و نفسي و أهلي و مالي و ولدي و جميع قرابتي الشاهد منا و الغائب و جميع ما أنعمت علي فإذا خرجت من منزلك فقل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فإذا رفعت رجلك في الركاب فقل بسم الله و الله أكبر فإذا استويت على راحلتك و استوى بك محملك فقل الحمد لله الذي هدانا للإسلام و علمنا القرآن و من علينا بمحمد ص سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ .

 

6-   ع، [علل الشرائع] أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال خرج رسول الله ص حين حج حجة الوداع خرج في أربع بقين من ذي القعدة حتى أتى مسجد الشجرة فصلى بها ثم قاد راحلته حتى أتى البيداء فأحرم منها و أهل بالحج و ساق مائة بدنة و أحرم الناس كلهم بالحج لا يريدون عمرة و لا يدرون ما المتعة حتى إذا قدم رسول الله ص مكة طاف بالبيت و طاف الناس معه ثم صلى ركعتين عند مقام إبراهيم ع و استلم الحجر ثم أتى زمزم فشرب منها و قال لو لا أن أشق على أمتي لاستقيت منها ذنوبا أو ذنوبين ثم قال أبدأ بما بدأ الله عز و جل به فأتى الصفا فبدأ به ثم طاف بين الصفا و المروة سبعا فلما قضى طوافه عند المروة قام فخطب أصحابه و أمرهم أن يحلوا و يجعلوها عمرة و هي شي‏ء أمر الله عز و جل فأحل الناس و قال رسول الله ص لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم و لكن لم يكن يستطيع أن يحل من أجل الهدي الذي معه إن الله عز و جل يقول وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فقام سراقة بن مالك بن جعشم الكناني فقال يا رسول الله ص علمنا ديننا كأنما خلقنا اليوم أ رأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لكل عام فقال رسول الله ص لا بل لأبد الأبد و إن رجلا قام فقال يا رسول الله ص نخرج حجاجا و رءوسنا تقطر فقال رسول الله ص إنك لن تؤمن بهذا أبدا و أقبل علي ع من اليمن حتى وافى الحج فوجد فاطمة ع قد أحلت و وجد ريح الطيب فانطلق إلى رسول الله مستفتيا و محرشا على فاطمة ع فقال رسول الله ص يا علي بأي شي‏ء أهللت فقال أهللت بما أهل النبي ص فقال لا تحل أنت و أشركه في هديه و جعل له من الهدي سبعا و ثلاثين و نحر رسول الله ص ثلاثا و ستين نحرها بيده ثم أخذ من كل بدنة بضعة فجعلها في قدر واحد ثم أمر به فطبخ فأكلا منها و حسوا من المرق فقال قد أكلنا الآن منها جميعا فالمتعة أفضل من القارن السائق الهدي و خير من الحج المفرد و قال إذا استمتع الرجل بالعمرة فقد قضى ما عليه من الفريضة المتمتعة و قال ابن عباس دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة .

 

7-   ع، [علل الشرائع] و عن الحلبي مثله إلى قوله بل لأبد الأبد .

 

8-   ع، [علل الشرائع] ابن الوليد عن الصفار عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير و صفوان معا عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص في حجة الوداع لما فرغ من السعي قام عند المروة فخطب الناس فحمد الله و أثنى عليه ثم قال يا معشر الناس هذا جبرئيل و أشار بيده إلى خلفه يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحل و لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم و لكني سقت الهدي و ليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله فقام إليه سراقة بن مالك بن جعشم الكناني فقال يا رسول الله ص علمنا ديننا فكأنا خلقنا اليوم أ رأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا فقال رسول الله ص لا بل لأبد الأبد و إن رجلا قام فقال يا رسول الله ص نخرج حجاجا و رءوسنا تقطر فقال له رسول الله ص إنك لن تؤمن بها أبدا .

 

9-   ع، [علل الشرائع] أبي و ابن الوليد معا عن سعد عن الأصبهاني عن المنقري عن فضيل بن عياض قال سألت أبا عبد الله ع عن اختلاف الناس في الحج فبعضهم يقول خرج رسول الله ص مهلا بالحج و قال بعضهم مهلا بالعمرة و قال بعضهم خرج قارنا و قال بعضهم خرج ينتظر أمر الله عز و جل فقال أبو عبد الله ع علم الله عز و جل أنها حجة لا يحج رسول الله ص بعدها أبدا فجمع الله عز و جل له ذلك كله في سفرة واحدة ليكون جميع ذلك سنة لأمته فلما طاف بالبيت و بالصفا و المروة أمره جبرئيل ع أن يجعلها عمرة إلا من كان معه هدي فهو محبوس على هديه لا يحل لقوله عز و جل حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فجمعت له العمرة و الحج و كان خرج خروج العرب الأول لأن العرب كانت لا تعرف إلا الحج و هو في ذلك ينتظر أمر الله عز و جل و هو يقول ع الناس على أمر جاهليتهم إلا ما غيره الإسلام كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج فشق على أصحابه حين قال اجعلوها عمرة لأنهم كانوا لا يعرفون العمرة في أشهر الحج و هذا الكلام من رسول الله ص إنما كان في الوقت الذي أمرهم فيه بفسخ الحج فقال أدخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة و شبك بين أصابعه يعني في أشهر الحج قلت أ فيعتد بشي‏ء من أمر الجاهلية فقال إن أهل الجاهلية ضيعوا كل شي‏ء من دين إبراهيم ع إلا الختان و التزويج و الحج فإنهم تمسكوا بها و لم يضيعوها .

 

10-   ع، [علل الشرائع] أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال إن الحج متصل بالعمرة لأن الله عز و جل يقول فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فليس ينبغي لأحد إلا أن يتمتع لأن الله عز و جل أنزل ذلك في كتابه و سنه رسول الله ص .

 

11-   ب، [قرب الإسناد] علي عن أخيه ع قال سألته عن أهل مكة هل تجوز لهم المتعة قال لا و ذلك لقول الله تبارك و تعالى ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ .

 

12-   ما، [الأمالي للشيخ الطوسي] ابن حمويه عن أبي الحسين عن أبي خليفة عن مكي بن مروك عن علي بن بحر عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال دخلنا على جابر بن عبد الله فقلت أخبرني عن حجة رسول الله ص فقال بيده فعقد تسعا و قال إن رسول الله ص مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله ص حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله ص و يعمل ما عمله فخرج و خرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فذكر الحديث و قدم علي من اليمن ببدن النبي ص فوجد فاطمة فيمن قد أحل و لبست ثيابا صبيغا و اكتحلت فأنكر علي ع ذلك عليها فقالت أبي ص أمرني بهذا و كان علي ع يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله ص محرشا على فاطمة بالذي صنعت مستفتيا رسول الله ص بالذي ذكرت عنه فأنكرت ذلك قال صدقت صدقت .

 

13-   ل، [الخصال] أبي عن سعد عن ابن عيسى عن البزنطي عن البطائني عن زرارة و أبي بصير عن أبي جعفر ع قال الحاج على ثلاثة وجوه رجل أفرد الحج بسياق الهدي و رجل أفرد الحج و لم يسق و رجل تمتع بالعمرة إلى الحج .

 

14-   ن، [عيون أخبار الرضا عليه السلام] فيما كتب الرضا ع للمأمون لا يجوز الحج إلا تمتعا و لا يجوز القران و الإفراد الذي يستعمله العامة إلا لأهل مكة و حاضريها .

 

15-   ل، [الخصال] في خبر الأعمش عن الصادق ع لا يجوز الحج إلا تمتعا و لا يجوز الإقران و الإفراد إلا لمن كان أهله حاضري المسجد الحرام و لا يجوز الإحرام قبل بلوغ الميقات و لا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لمرض أو تقية و قد قال الله عز و جل وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ و تمامها اجتناب الرفث و الفسوق و الجدال في الحج و لا يجزي في النسك الخصي لأنه ناقص و يجوز الموجوء إذا لم يوجد غيره و فرائض الحج الإحرام و التلبية الأربع و هي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك و الطواف بالبيت للعمرة فريضة و ركعتاه عند مقام إبراهيم ع فريضة و السعي بين الصفا و المروة فريضة و طواف الحج فريضة و طواف النساء فريضة و ركعتاه عند المقام فريضة و لا يسعى بعده بين الصفا و المروة و الوقوف بالمشعر فريضة و الهدي للمتمتع فريضة و أما الوقوف بعرفة فهو سنة واجبة و الحلق سنة و رمي الجمار سنة .

 

16-   فس، [تفسير القمي] فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فعليه أن يشترط عند الإحرام فيقول اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك و سنة نبيك فإن عاقني عائق أو حبسني حابس فحلني حيث حبستني بقدرك الذي قدرت علي ثم يلبي من الميقات الذي وقته رسول الله ص فيلبي فيقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك بحجة و عمرة تمامها و بلاغها عليك فإذا دخل و نظر إلى أبيات مكة قطع التلبية و طاف بالبيت سبعة أشواط و صلى عند مقام إبراهيم ركعتين و سعى بين الصفا و المروة سبعة أشواط ثم يحل و يتمتع بالثياب و النساء و الطيب و هو مقيم على الحج إلى يوم التروية فإذا كان يوم التروية أحرم عند الزوال من عند المقام بالحج ثم خرج ملبيا إلى منى فلا يزال ملبيا إلى يوم عرفة عند زوال الشمس فإذا زالت الشمس يوم عرفة قطع التلبية و يقف بعرفات في الدعاء و التكبير و التهليل و التحميد فإذا غابت الشمس يرجع إلى المزدلفة فبات بها فإذا أصبح قام على المشعر الحرام و دعا و هلل الله و سبحه و كبره ثم ازدلف منها إلى منى و رمى الجمار و ذبح و حلق و إن كان غنيا فعليه بدنة و إن كان بين ذلك فعليه بقرة و إن كان فقيرا فعليه شاة فمن لم يجد ذلك فعليه أن يصوم بمكة ثلاثة أيام فإذا رجع إلى منزله صام سبعة أيام فتقوم هذه العشرة أيام مقام الهدي الذي كان عليه و هو قوله فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ و ذلك لمن ليس هو مقيم بمكة و لا من أهل مكة و أما أهل مكة و من كان حول مكة على ثمانية و أربعين ميلا فليست لهم متعة إنما يفردون الحج لقوله ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ .

 

17-   ضا، [فقه الرضا عليه السلام] أدنى ما يتم به فرض الحج الإحرام بشروطه و التلبية و الطواف و الصلاة عند المقام و السعي بين الصفا و المروة و الموقفين و أداء الكفارات و النسك و الزيارة و طواف النساء الحاج على ثلاثة أوجه قارن و مفرد للحج و متمتع بالعمرة إلى الحج و لا يجوز لأهل مكة و حاضريها التمتع بالعمرة إلى الحج و ليس لهما إلا القران و الإفراد لقول الله تبارك و تعالى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ثم قال عز و جل ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ مكة و من حولها على ثمانية و أربعين ميلا من كان خارجا عن هذا الحد فلا يحج إلا متمتعا بالعمرة إلى الحج فلا يقبل الله غيره منه .

 

18-   سر، [السرائر] معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال إن رسول الله ص و أهل بيته أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج ثم أنزل الله عليه أن أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فأمر المؤذنين أن يؤذنوا بأعلى أصواتهم بأن رسول الله ص و أهل بيته يحج من عامه هذا فعلم به حاضرو المدينة و أهل العوالي و الأعراب فاجتمعوا لحج رسول الله ص و أهل بيته و إنما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون به فيتبعونه أو يصنع شيئا فيصنعونه فخرج رسول الله ص و أهل بيته في أربع بقين من ذي القعدة فلما انتهى إلى ذي الحليفة و زالت الشمس اغتسل و خرج حتى أتى مسجد الشجرة فصلى الظهر عنده و عزم إلى الحج مفردا و خرج حتى انتهى إلى البيداء عند الميل الأول فصف له الناس سماطين فلبى بالحج مفردا و مضى و ساق له ستا و ستين بدنة حتى انتهى إلى مكة في السلاح لأربع من ذي الحجة فطاف بالبيت سبعة أشواط ثم صلى ركعتين عند مقام إبراهيم ثم عاد إلى الحجر فاستلمه و قد كان استلمه في أول طوافه ثم قال إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ثم أتى الصفا فصنع عليه مثل ما ذكرت لك حتى فرغ من سبعة أشواط ثم أتاه جبرئيل ع و هو على المروة فأمره أن يأمر الناس أن يحلوا إلا سائق الهدي فقال رجل أ نحل و لم نفرغ من مناسكنا و هو عمر فقال رسول الله ص لعمر لو استقبلت من أمري ما استدبرت فعلت كما فعلتم و لكن سقت الهدي و لا يحل لسائق الهدي حتى يبلغ الهدي محله فقال له سراقة بن مالك بن جعشم يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد فقال بل لأبد الأبد و شبك بين أصابعه دخلت العمرة في الحج ثلاث مرات .

 

5-   ب، [قرب الإسناد] علي عن أخيه ع قال سألته عن رجل قدم مكة متمتعا فأحل فيه أ له أن يرجع قال لا يرجع حتى يحرم بالحج و لا يجاوز الطائف و شبهها مخافة أن لا يدرك الحج فإن أحب أن يرجع إلى مكة رجع و إن خاف أن يفوته الحج مضى على وجهه إلى عرفات .

 

6-   ن، [عيون أخبار الرضا عليه السلام] ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن البزنطي قال قلت لأبي الحسن ع كيف صنعت في عامك فقال اعتمرت في رجب و دخلت متمتعا و كذلك أفعل إذا اعتمرت .

 

7-   ن، [عيون أخبار الرضا عليه السلام] أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الوشاء عن الرضا ع قال إذا أهل هلال ذي الحجة و نحن بالمدينة لم يكن لنا أن نحرم إلا بالحج لأنا نحرم من الشجرة و هو الذي وقت رسول الله ص و أنتم إذا قدمتم من العراق فأهل الهلال فلكم أن تعتمروا لأن بين أيديكم ذات عرق و غيرها مما وقت لكم رسول الله ص فقال له الفضل فلي الآن أن أتمتع و قد طفت بالبيت فقال له نعم فذهب بها محمد بن جعفر ع إلى سفيان بن عيينة و أصحاب سفيان فقال لهم إن فلانا قال كذا و كذا فشنع على أبي الحسن ع .

 

دعائم الإسلام: 18-   و عن أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليهم أنه سئل عن المتمتع يقدم يوم التروية قال إذا قدم مكة قبل الزوال طاف و حل فإذا صلى الظهر أحرم و إن قدم آخر النهار فلا بأس أن يتمتع و يلحق الناس بمنى و إن قدم يوم عرفة فقد فاتته المتعة و يجعلها حجة مفردة .

19-   و عن جعفر بن محمد ع أنه سئل عن امرأة تمتعت بالعمرة إلى الحج فلما حلت خشيت الحيض قال تحرم بالحج و تطوف بالبيت و تسعى للحج و لا بأس أن تقدم المرأة طوافها و سعيها للحج قبل الحج فإذا حاضت قبل أن تطوف للمتعة خرجت مع الناس و أخرت طوافها إلى أن تطهر .

20-   و عنه أنه قال في قول الله ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ قال ليس لأهل مكة أن يتمتعوا و لا لمن أقام بمكة مجاورا من غير أهلها و من دخل مكة بالعمرة في شهور الحج ثم أقام بها إلى أن يحج فهو متمتع و إن انصرف فلا شي‏ء عليه فهي عمرة مفردة .

21-   و عنه أنه قال و من تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فعليه ما اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ كما قال الله شاة فما فوقها فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ يصوم يوما قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة وَ سَبْعَةٍ أيام إذا رجع إلى أهله و له أن يصوم متى شاء إذا دخل في الحج و إن قدم صوم الثلاثة الأيام في أول العشر فحسن و إن لم يصم في الحج فليصم في الطريق فإن لم يصم و جهل ذلك فليصم عشرة أيام إذا رجع إلى أهله .

 

الخصال : حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي ، وأحمدبن الحسن القطان ، و محمدبن أحمد السناني ، والحسين بن إبراهيم بن أحمدبن هشام المكتب ، وعبدالله بن محمد الصائغ ، وعلي بن عبدالله الوراق رضي الله عنهم قالوا : حدثنا أبوالعباس أحمدبن يحيى ابن زكريا القطان قال : حدثنا بكربن عبدالله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول قال : حدثني أبومعاوية ، عن الاعمش ، عن جعفربن محمد عليه السلام قال : هذه شرائع الدين لمن تمسك بها وأراد الله تعالى هداه :..... وحج البيت واجب لمن استطاع إليه سبيلا ، وهو الزاد والراحلة مع صحة البدن وأن يكون للانسان ما يخلفه على عياله وما يرجع إليه بعد حجه ، ولا يجوز الحج إلا تمتعا ، ولا يجوز الاقران والافراد إلا لمن كان أهله حاضري المسجد الحرام ولا يجوز الاحرام قبل بلوغ الميقات ، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لمرض أو تقية، وقد قال الله عزوجل : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) وتمامها اجتناب الرفث والفسوق والجدال في الحج.

 

ما وصل إلينا من أخبار علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام بغير رواية الحميري ، نقلناها مجتمعة لما بينها وبين أخبار الحميرى من اختلاف يسير ، وفرّقنا ماورد برواية الحميرى على الابواب

1 - أخبرنا أحمدبن موسى بن جعفر بن أبي العباس قال : حدثنا أبوجعفر ابن يزيدبن النضر الخراساني من كتابه في جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانين ومائتين قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمربن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، عن علي بن جعفربن محمد ، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال : سألت أبي جعفربن محمد عن...إلخ.......وسألته عن الحج مفردا هو أفضل أوالاقران ؟ قال : إقران الحج أفضل من الافراد .

وسألته عن المتعة والحج مفردا وعن الاقران أيهما أفضل ؟ قال : المتمتع أفضل من المفرد ومن القارن السائق .
ثم قال : إن المتعة هى التي في كتاب الله والتي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم قال : إن المتعة دخلت في الحج إلى يوم القيامة. ثم شبك أصابعه بعضها في بعض ، قال : كان ابن عباس يقول : من أبى حالفته . ......إلخ

 

فيما بيّن الصدوق محمد بن بابويه رحمة الله عليهما من مذهب الامامية ، وأملى على المشائخ في مجلس واحد على ما أورده في كتاب المجالس

فقال رضي الله عنه : دين الامامية هو الاقرار بتوحيد الله تعالى ذكره،  ونفي التشبيه عنه ، وتنزيهه عما لايليق به ، والاقرار بأنبياء الله ورسله وحججه وملائكته و كتبه ، والاقرار بأن محمدا صلى الله عليه وآله هو سيد الانبياء والمرسلين ، وأنه أفضل منهم ومن جميع الملائكة المقربين ، وأنه خاتم النبيين فلا نبي بعده إلى يوم القيامة ، وأن جميع الانبياء والرسل والائمة عليهم السلام أفضل من الملائكة ، وأنهم معصومون مطهرون من كل دنس ورجس ، لا يهمون بذنب صغير ولا كبير ولا يرتكبونه ، وأنهم أمان لاهل الارض ، كما أن النجوم أمان لأهل السماء . ...... والحاج على ثلاثة أوجه : قارن ، ومفرد ، ومتمتع بالعمرة إلى الحج ، ولا يجوز لاهل مكة وحاضريها التمتع بالعمرة إلى الحج ، وليس لهم إلا الاقران والافراد لقول الله عزوجل : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) .....

 

بدعة عثمان في إكمال الصلاة في السفر والحج

 

روى البخاري:

 

4298 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ

 

1080 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا

 

1081 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قُلْتُ أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا قَالَ أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا

 

1082 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا

 

1083 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنَ مَا كَانَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ

 

1084 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَقِيلَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ

 

وروى مسلم:

 

[ 685 ] وحدثني علي بن خشرم أخبرنا بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة أن الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر قال الزهري فقلت لعروة ما بال عائشة تتم في السفر قال إنها تأولت كما تأول عثمان

 

 [ 686 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا عبد الله بن إدريس عن بن جريج عن بن أبي عمار عن عبد الله بن بأبيه عن يعلي بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب { ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا }  فقد أمن الناس فقال عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته

 

[ 695 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد الواحد عن الأعمش حدثنا إبراهيم قال سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع ثم قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين وصليت مع أبي بكر الصديق بمنى ركعتين وصليت مع عمر بن الخطاب بمنى ركعتين فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان

 

[ 694 ] وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن سمع حفص بن عاصم عن بن عمر قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم بمنى صلاة المسافر وأبو بكر وعمر وعثمان ثماني سنين أو قال ست سنين قال حفص وكان بن عمر يصلي بمنى ركعتين ثم يأتي فراشه فقلت أي عم لو صليت بعدها ركعتين قال لو فعلت لأتممت الصلاة

 

 [ 694 ] وحدثناه يحيى بن حبيب حدثنا خالد يعني بن الحارث ح وحدثنا بن المثنى قال حدثني عبد الصمد قالا حدثنا شعبة بهذا الإسناد ولم يقولا في الحديث بمنى ولكن قالا صلى في السفر

     

[ 696 ] وحدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة قال يحيى أخبرنا وقال قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن حارثة بن وهب قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى آمن ما كان الناس وأكثره ركعتين

 

 [ 696 ] حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق حدثني حارثة بن وهب الخزاعي قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى والناس أكثر ما كانوا فصلى ركعتين في حجة الوداع قال مسلم حارثة بن وهب الخزاعي هو أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه

 

وروى أحمد:

 

1958 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " سَافَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَفَرًا، فَأَقَامَ تِسْعَ عَشْرَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا، فَأَقَمْنَا تِسْعَ عَشْرَةَ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا أَقَمْنَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ صَلَّيْنَا أَرْبَعًا "

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة، فمن رجال البخاري. عاصم الأحول: هو عاصم بن سليمان.

وأخرجه الترمذي (549) ، وابن خزيمة (955) ، والطحاوي 1/416، والبيهقي 3/150، والبغوي (1028) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (4337) ، وابن أبي شيبة 2/454، وعبد بن حميد (582) ، والبخاري (4298) و (4299) ، وأبو داود (1230) ، وابن ماجه (1075) ، وابن حبان (2750) ، والدارقطني 1/388، والبيهقي 3/149 و150 من طرق عن عاصم، به. إلا أن بعضهم رواه بلفظ. "تسع عشرة" كما هو عند المؤلف، وبعضهم رواه بلفظ:"سبع عشرة"، وقد جمع بعضهم بين الروايتين باحتمال أن يكون في بعضها لم يَعُدَ يَوْمَي الدخول والخروج، وهي رواية "سبع عشرة"، وعَدها في بعضها وهي رواية "تسع عشرة"، قال الحافظ في "التلخيص" 2/46: وهو جمع متين، ورواية عشرين (وهي عند عبد بن حميد برقم: 582) فهي صحيحة الإِسناد إلا أنها شادة، اللهم إلا أن يُحْمَل على جَبْر الكسر. قال البيهقي في "السنن" 3/151: وأصحها عندي- والله أعلم- رواية من روى تسع عشرهَ، وهي الرواية التي أودعها محمد بن إسماعيل البخاري في "الجامع الصحيح". وأخرجه الطبراني (11892) ، والبيهقي 3/150-151 من طريق عباد بن منصور، عن عكرمة، به.

وأخرجه البخاري (1080) ، وأبو يعلى (2368) ، والدارقطني 1/387 - 388، والبيهقي 3/150 من طريق أبي عوانة، عن عاصم الأحول، وحصين بن عبد الرحمن، عن عكرمة، به. وسيأتي برقم (2758) و (2883) و (2884) .

4652 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعَ عُمَرَ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين، يحيى بن سعيد: هو القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه البخاري (1082) ، ومسلم (694) (17) ، والنسائي في "المجتبي" 3/121، وابنُ الجارود في "المنتقى" (491) من طريق يحيى، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (694) (17) ، والنسائي في "المجتبى" 3/121، وابنُ خزيمة (2963) ، وأبو عوانة 2/339، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/417، وابنُ حبان (3893) من طرق، عن عبيد الله، به

وقد سلف مختصراً برقم (4533) .

 

3593 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: " صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعبد الرحمن: هو ابن يزيد النخعى.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/1/268، ومسلم (695) (19) ، وأبو داود (1960) ، وأبو يعلى (5194) ، وابن خزيمة (2962) ، والشاشي (461) ، والطبراني في "الكبير" (10141) ، والبيهقي في "السنن" 3/143، من طريق أبي معاوية، بهذا  الإِسناد . زاد حفص بن غياث في روايته عند أبي داود: ومع عثمان صدراً من إمامته، ثم أتمها. وزاد أبو معاوية عند ابن أبي شيبة وأبي داود وأبي يعلى: ثم تفرقت بكم الطرق، فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين. قال الأعمش: فحدثني معاوية بن قرة، عن أشياخه، أن عبد الله صلى أربعاً، قال: فقيل له: عبت على عثمان، ثم صليت أربعاً؟ قال: الخلاف شر.

وأخرجه البخاري (1084) ، ومسلم (695) (19) ، وأبو داود (1960) ، والنسائي في "المجتبى" 3/120، وفي "الكبرى" (1906) و (1907) ، والدارمي 2/55، وابن خزيمة (2962) ، وأبو عوانة 2/340، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/416، والطبراني في "الكبير" (10140) و (10142) و (10143) ، والبيهقي في "السنن" 3/143 من طرق، عن الأعمش، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10145) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله.

وأخرجه أيضاً (10146) من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله. والعَرْزمي متروك.

وأخرجه أيضاً (10147) من طريق سهل بن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن عبد الله.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 3/144 من طريق خلاد بن يحيى، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، به.

وأخرجه أبو يعلى (5377) ، والشاشي (460) ، من طريق جرير، عن مغيرة، عن أصحابه، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله.

وأخرجه الطبراني في "الصغير" (759) من طريق أبي حمزة السكري، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله. وقال: لم يروه عن منصور إلا أبو حمزة السكري.

وسيأتي برقم (3953) و (4003) و (4034) و (4427) .

وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري (1082) ، ومسلم (694) (16) ، سيرد برقم (4533) و (4652) و (4760) .

وعن أنس، سيرد 3/144 و145 و168.

وعن حارثة بن وهب عند البخاري (1083) ، ومسلم (696) (20) و (21) .

وعن أبي جحيفة عند ابن أبي شيبة 2/448 بنحوه، والطبراني في "الكبير" 22/ (251) .

وعن ابن عباس مطولاً عند ابن أبي شيبة 2/450.

قال الحافظ في "الفتح" 2/571: المنقول أن سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصاً بمن كان شاخصاً سائراً، وأما من أقام في مكان في أثناء سفره، فله حكم المقيم، فليتم، والحجة فيه ما رواه أحمد بإسناد حسن عن عباد بن عبد الله بن الزبير، قال: لما قدم علينا معاوية حاجاً صلى بنا الظهر ركعتين بمكة، ثم انصرف إلى دار الندوة، فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان، فقالا: لقد عبت أمر ابن عمك لأنه كان قد أتم الصلاة. قال: وكان عثمان حيث أتم الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعاً أربعاً، ثم إذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة، فإذا فرغ من الحج وأقام بمنى أتم الصلاة. ثم قال الحافظ: وأما ما رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، أن عثمان إنما أتم الصلاة لأنه نوى الإِقامة بعد الحج، فهو مرسل، وفيه نظر، لأن الإِقامة بمكة على المهاجرين حرام... ومع هذا النظر في رواية معمر عن الزهري؛ فقد روى أيوب عن الزهري ما يخالفه، فروى الطحاوي وغيره من هذا الوجه عن الزهري، قال: إنما صلى عثمان بمنى أربعاً، لأن الأعراب كانوا كثروا في ذلك العام، فأحث أن يعلمهم أن الصلاة أربع. وروى البيهقي من طريق عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عثمان أنه أتم بمنى، ثم خطب فقال: إن القصر سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصاحبيه، ولكنه حدث طَغَام، فخفت أن يستنوا. وعن ابن جريج أن أعرابياً ناداه في منى: يا أمير المؤمنين، ما زلت أصليها منذ رأيتك عام أول ركعتين. وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً، ولا مانع أن يكون هذا أصل سبب الإِتمام، وليس بمعارض للوجه الذي اخترته، بل يقويه من حيث إن حالة الإقامة في أثناء السفر أقرب إلى قياس الإِقامة المطلقة عليها، بخلاف السائر، وهذا ما أدى إليه اجتهاد عثمان.

 

(12464) 12491- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ ، وَمَعَ عُثْمَانَ رَكْعَتَيْنِ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ. (3/144).

 

(12718) 12748- حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بُكَيْرٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ ، وَمَعَ عُثْمَانَ رَكْعَتَيْنِ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ. (3/168).

 

19865 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، أَنَّ فَتًى سَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَعَدَلَ إِلَى مَجْلِسِ الْعُوقَةِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْفَتَى سَأَلَنِي عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَاحْفَظُوا عَنِّي: " مَا سَافَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَفَرًا إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ، وَإِنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ زَمَانَ الْفَتْحِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ " وَحَدَّثَنَاهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَزَادَ فِيهِ " إِلَّا الْمَغْرِبَ " ثُمَّ يَقُولُ: " يَا أَهْلَ مَكَّةَ قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ؛ فَإِنَّا سَفْرٌ " . ثُمَّ غَزَا حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى جِعِرَّانَةَ فَاعْتَمَرَ مِنْهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، ثُمَّ غَزَوْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَحَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ يُونُسُ: إِلَّا الْمَغْرِبَ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قَالَ يُونُسُ: إِلَّا الْمَغْرِبَ، (1) ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعًا (2)

 

(1) المثبت من (ظ 10) ، وفي (م) و (س) : ومع عثمان صدر إمارته- قال يونس: ركعتين، إلا المغرب-. وسقط الحديث من نسخة (ق) .

(2) إسناده ضعيف، ولبعضه شواهد. علي بن زيد- وهو ابن جدعان- ضعيف، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. عفان: هو ابن مسلم، ويونس: هو ابن محمد بن مسلم المؤدب، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك. وأخرجه مطولاً ومختصراً الطيالسي (840) و (858) ، وأبو داود (1229) ، والدولابي في "الكنى" 2/7-8، وابن المنذر في "الأوسط" (2243) و (2295) ، والطحاوي 1/417، والطبراني في "الكبير" 18/ (513) ، والبيهقي 3/135-136 و151 و153 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (1643) ، والطبراني 18/ (516) ، والبيهقي 3/151 من طريق عبد الوارث بن سعيد، والترمذي (545) ، والطبراني 18/ (514) من طريق هشيم بن بشير، كلاهما عن علي بن زيد بن جدعان، به.

وسيأتي (19871) و (19878) و (19959) .

قال ابن المنذر في "الأوسط" 4/365: قصرُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة ثابت من غير هذا الوجه، لأن علي بن زيد يُتكلم في حديثه، وقد فعل ذلك عمر بن الخطاب حين قدم مكة صلَّى ركعتين، فلما سلّم قال: يا أهل مكة، إنا قوم سَفْر، فأتموا الصلاة، ثم ساقه عن عمر بإسناده.

قلنا: وقصة قصرِ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة صحت من حديث ابن عباس عند البخاري برقم (4298) ، وانظر المسند (1958) .

وقصة قصر الصلاة مع أبي بكر وعمر وعثمان صدراً من خلافته يشهد لها حديث ابن مسعود السالف برقم (3593) ، وحديث ابن عمر السالف برقم (4652) ، وإسناداهما صحيحان.

ويشهد لاعتماره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الجِعرانة حديث أنس السالف برقم (12372) .

قوله: "مجلس العوقة" قال السندي: بفتحتين: بطن من عبد القيس.  "فإنا سفر" بفتح فسكون جمع سافر، كركْب وصَحْب.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

8248- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَنَحْنُ آمِنُونَ لاَ نَخَافُ شَيْئًا رَكْعَتَيْنِ.

 

8249- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ.

 

8262- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ الطَّائِفِيُّ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ ، قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الصَّلاَة بِمِنًى فَقَالَ : هَلْ سَمِعْتَ بِمُحَمَّدٍ وَ آمَنْتَ بِهِ ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ.

 

8280- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أقَامَ حَيْثُ فَتَحَ مَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلاَة حَتَّى سَارَ إلَى حُنَيْنٍ.

 

8258- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، قَالَ : مَرَّ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مَجْلِسِنَا ، فَقَامَ إلَيْهِ فَتًى مِنَ الْقَوْمِ فَسَأَلَهُ عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ وَالْعُمْرَةِ ، فَجَاءَ فَوَقَفَ عَلَيْنَا فَقَالَ : إنَّ هَذَا سَأَلَنِي عَنْ أَمْرٍ فَأَرَدْتُ أَنْ تَسْمَعُوهُ ، أَوْ كَمَا قَالَ : غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُصَلِّ إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَحَجَجْتُ مَعَهُ فَلَمْ يُصَلِّ إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً لاَ يُصَلِّي إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ ، يَقُولُ لأَهْلِ الْبَلَدِ : صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا سَفْرٌ ، وَاعْتَمَرْتُ مَعَهُ ثَلاَثَ عُمَرَ لاَ يُصَلِّي إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ ، وَحَجَجْت مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَغَزَوْت فَلَمْ يُصَلِّ إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَحَجَجْت مَعَ عُمَرَ حَجَّاتٍ فَلَمْ يُصَلِّ إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَحَجَجْت مَعَ عُثْمَانَ سَبْعَ سِنِينَ مِنْ إمَارَتِهِ لاَ يُصَلِّي إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ صَلاَّها بِمِنًى أَرْبَعًا.

 

وقد كان الولاء القبلي والعشائري أهم عند بعضهم كمعاوية والأمويين من صحة وأصالة شكل الطقسيات، روى أحمد:

 

(16857) 16982- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ ، حَاجًّا قَدِمْنَا مَعَهُ مَكَّةَ ، قَالَ : فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ ، قَالَ : وَكَانَ عُثْمَانُ حِينَ أَتَمَّ الصَّلاَةَ ، إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ الآخِرَةَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا ، فَإِذَا خَرَجَ إِلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ قَصَرَ الصَّلاَةَ ، فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ وَأَقَامَ بِمِنًى أَتَمَّ الصَّلاَةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ ، فَلَمَّا صَلَّى بِنَا مُعَاوِيَةُ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ نَهَضَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ، فَقَالاَ لَهُ : مَا عَابَ أَحَدٌ ابْنَ عَمِّكَ بِأَقْبَحِ مَا عِبْتَهُ بِهِ ، فَقَالَ لَهُمَا : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : فَقَالاَ لَهُ : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ أَتَمَّ الصَّلاَةَ بِمَكَّةَ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُمَا : وَيْحَكُمَا ، وَهَلْ كَانَ غَيْرُ مَا صَنَعْتُ ؟ قَدْ صَلَّيْتُهُمَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالاَ : فَإِنَّ ابْنَ عَمِّكَ قَدْ كَانَ أَتَمَّهَا ، وَإِنَّ خِلاَفَكَ إِيَّاهُ لَهُ عَيْبٌ ، قَالَ : فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْعَصْرِ فَصَلاَّهَا بِنَا أَرْبَعًا.

 

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق وهو محمد، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، فمن رجال أصحاب السنن، وأخرج له البخاري في "القراءة"، وهو ثقة. يعقوب: هو ابن إبراهيم ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (765) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد مختصراً. وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/156-157، وقال: رواه أحمد، وروى الطبراني بعضه في "الكبير"، ورجال أحمد موثقون. وحسن الحافظ إسناده في "الفتح" 2/571.

وفي الباب عن ابن مسعود، سلف برقم (3593) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب، وسبب إتمام عثمان للصلاة.

قال السندي: قوله: وهل كان غيرُ ما صنعت، أي: ما وُجد في الدين أو في السُّنَّة إلا ما صنعتُ من القصر لا ما صنع عثمانُ من الإتمام.

 

وقد سألتُ مسلمي اليوم ممن ذهبوا إلى شعيرة الحج، هل كنتم تقصرون الصلاة في مكة؟ فأجابوا بأنهم كانوا يصلونها كاملة بدون قصر، بل وسألوني (ونقصرها ليه؟!) وهذه هي سنة عثمان وليس سنة محمد وطقسه كما ترى، وسألتهم عن قصرها في منى، فأجابوا بأنهم كانوا يقصرونها في منى.

 

لا نفقة للمطلقة ثلاثًا في تشريع محمد الأصلي

 

روى مسلم:

 

[ 1480 ] وحدثني إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم قال سمعت فاطمة بنت قيس تقول أرسل إلى زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عياش بن أبي ربيعة بطلاقي وأرسل معه بخمسة آصع تمر وخمسة آصع شعير فقلت أما لي نفقة إلا هذا ولا أعتد في منزلكم قال لا قالت فشددت على ثيابي وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كم طلقك قلت ثلاثا قال صدق ليس لك نفقة اعتدى في بيت بن عمك بن أم مكتوم فإنه ضرير البصر تلقى ثوبك عنده فإذا انقضت عدتك فآذنينى قالت فخطبني خطاب منهم معاوية وأبو الجهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن معاوية ترب خفيف الحال وأبو الجهم منه شدة على النساء أو يضرب النساء أو نحو هذا ولكن عليك بأسامة بن زيد

 

[ 1480 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله ما لك علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال ليس لك عليه نفقة فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدى عند بن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنينى قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له أنكحي أسامة بن زيد فكرهته ثم قال انكحي أسامة فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت

 

[ 1480 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني بن أبي حازم وقال قتيبة أيضا حدثنا يعقوب يعني بن عبد الرحمن القاري كليهما عن أبي حازم عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس أنه طلقها زوجها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان أنفق عليها نفقة دون فلما رأت ذلك قالت والله لأعلمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان لي نفقة أخذت الذي يصلحنى وإن لم تكن لي نفقة لم آخذ منه شيئا قالت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا نفقة لك ولا سكنى

 

[ 1480 ] وحدثني محمد بن رافع حدثنا حسين بن محمد حدثنا شيبان عن يحيى وهو بن أبي كثير أخبرني أبو سلمة أن فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس أخبرته أن أبا حفص بن المغيرة المخزومي طلقها ثلاثا ثم انطلق إلى اليمن فقال لها أهله ليس لك علينا نفقة فانطلق خالد بن الوليد في نفر فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة فقالوا إن أبا حفص طلق امرأته ثلاثا فهل لها من نفقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست لها نفقة وعليها العدة وأرسل إليها أن لا تسبقيني بنفسك وأمرها أن تنتقل إلى أم شريك ثم أرسل إليها أن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون فانطلقي إلى بن أم مكتوم الأعمى فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك فانطلقت إليه فلما مضت عدتها أنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة

 

[ 1480 ] حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وابن حجر قالوا حدثنا إسماعيل يعنون بن جعفر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس ح وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة عن فاطمة بنت قيس قال كتبت ذلك من فيها كتابا قالت كنت عند رجل من بنى مخزوم فطلقني البتة فأرسلت إلى أهله أبتغي النفقة واقتصوا الحديث بمعنى حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة غير أن في حديث محمد بن عمرو لا تفوتينا بنفسك

 

[ 1480 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم في المطلقة ثلاثا قال ليس لها سكنى ولا نفقة

 

وانظر لأجل حديث فاطمة بنت قيس مسند أحمد 27100 و27323 و27325 و27332 و27338 و27345 و27342 و27346 و27344 و27320 و27322 و27324 و27332 و27329 و27336 و27327 و27332 إلى 27335 و27341 و27347 و27337 و27339 و27338

 

كثيرون ممن ناصروا حق المرأة والزوجة رفضوا هذا الحديث وتجاهلوه رغم علمهم بصحته فلا يوجد سبب للمرأة أن تكذب والقصة معروفة لآخرين بالتأكيد ممن عاصروها، وممن رفضوه الخليفة الحاكم عمر بن الخطاب وعائشة، وأما الخليفة الأموي مروان فقال ببقائها في مسكن الزوجية وأنها لا نفقة لها تبعًا لتقليد وجد الناس عليه:

 

روى البخاري:

 

5321و5322- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِيِنَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدْهَا إِلَى بَيْتِهَا قَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ غَلَبَنِي وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَوَمَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الحَكَمِ إِنْ كَانَ بِكِ شَرٌّ فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنْ الشَّرِّ

 

5324,5323- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا لِفَاطِمَةَ أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ يَعْنِي فِي قَوْلِهَا لَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ

 

5326,5325 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِعَائِشَةَ أَلَمْ تَرَيْ إِلَى فُلَانَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ فَخَرَجَتْ فَقَالَتْ بِئْسَ مَا صَنَعَتْ قَالَ أَلَمْ تَسْمَعِي فِي قَوْلِ فَاطِمَةَ قَالَتْ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا خَيْرٌ فِي ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَزَادَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَابَتْ عَائِشَةُ أَشَدَّ الْعَيْبِ وَقَالَتْ إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

5328,5327- حَدَّثَنِي حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ

 

وروى مسلم:

 

[ 1480 ] وحدثناه محمد بن عمرو بن جبلة حدثنا أبو أحمد حدثنا عمار بن رزيق عن أبي إسحاق قال كنت مع الأسود بن يزيد جالسا في المسجد الأعظم ومعنا الشعبي فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة ثم أخذ الأسود كفا من حصى فحصبه به فقال ويلك تحدث بمثل هذا قال عمر لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة قال الله عز وجل { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } 

 

[ 1481 ] وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن هشام حدثني أبي قال تزوج يحيى بن سعيد بن العاص بنت عبد الرحمن بن الحكم فطلقها فأخرجها من عنده فعاب ذلك عليهم عروة فقالوا إن فاطمة قد خرجت قال عروة فأتيت عائشة فأخبرتها بذلك فقالت ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث

 

[ 1481 ] وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الرحمن عن سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال قال عروة بن الزبير لعائشة ألم تري إلى فلانة بنت الحكم طلقها زوجها البتة فخرجت فقالت بئسما صنعت فقال ألم تسمعي إلى قول فاطمة فقالت أما إنه لا خير لها في ذكر ذلك

 

[ 1480 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد واللفظ لعبد قالا أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة فقالا لها والله ما لك نفقة إلا أن تكوني حاملا فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له قولهما فقال لا نفقة لك فاستأذنته في الانتقال فأذن لها فقالت أين يا رسول الله فقال إلى بن أم مكتوم وكان أعمى تضع ثيابها عنده ولا يراها فلما مضت عدتها أنكحها النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد فأرسل إليها مروان قبيصة بن ذؤيب يسألها عن الحديث فحدثته به فقال مروان لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان فبيني وبينكم القرآن قال الله عز وجل { لا تخرجوهن من بيوتهن }  قالت هذا لمن كانت له مراجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث فكيف تقولون لا نفقة لها إذا لم تكن حاملا فعلام تحبسونها

 

[ 1480 ] حدثنا حسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد جميعا عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن بن شهاب أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن فاطمة بنت قيس أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات فزعمت أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه في خروجها من بيتها فأمرها أن تنتقل إلى بن أم مكتوم الأعمى فأبى مروان أن يصدقه في خروج المطلقة من بيتها وقال عروة إن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة بنت قيس

 

ورواه أحمد 27341

 

[ 1480 ] وحدثنيه محمد بن رافع حدثنا حجين حدثنا الليث عن عقيل عن بن شهاب بهذا الإسناد مثله مع قول عروة إن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة

 

وروى أحمد:

 

27329 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ " لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً "، قَالَ حَسَنٌ: قَالَ السُّدِّيُّ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، فَقَالَا: قَالَ عُمَرُ: " لَا نُصَدِّقُ فَاطِمَةَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ "

 

قوله: لم يجعل لها سكنى ولا نفقة: صحيح، السُدِّي: هو إسماعيل ابن عبد الرحمن، والبهيُّ- وهو عبد الله- قد أخرج له مسلم هذا الحديث في المتابعات. وقول عمر: لا نُصدِّقُ فاطمة، لها السّكْنَى والنفقةُ، سيأتي في التخريج نحوه بإسناد صحيح. وأخرجه مسلم (1480) (51) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3184) ، والطبراني 24/ (932) ، والبيهقي 7/474 من طريق يحيى بن آدم، عن الحسن بن صالح، به. ليس فيه قول عمر. واختلفت الرواية عن أسود بن عامر في لفظ الحديث: فاخرجه الدارقطني في "السنن" 4/22، والبيهقي 7/474 من طريق أسود ابن عامر، بهذا الإسناد، ولفظه: "إنما السكنى والنفقة لمن كان لزوجها عليها الرَّجْعة". قال البيهقي: كذا أتى به الأسود بن عامر شاذان، والصحيح هو الأول. قلنا: وسلف هذا الحرف في حديث مجالد برقم (27100) . وأما قول عمر، فإن إبراهيم- وهو النخعي- والشعبي لم يسمعا منه، وسيرد كذلك برقم (27338) . وقد أخرج مسلم (1480) (46) من طريق عمار بنُ رزُيَق، عن أبي إسحاق، قال: كنتُ مع الأسود بن يزيد جالساً في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدَّث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يجعل لها سُكْنى ولا نفقةً، ثم أخذَ الأسود كفّاً من حصىً، فحصبه به، فقال: ويلك! تُحدِّثُ بمثل هذا! قال عمر: لا نتركُ كتابَ الله وسنةَ نبيِّنا لقول امرأة، لا ندري لعلها حَفِظَتْ أو نسيت، لها السُّكْنى والنفقة. قال الله عز وجل: (لاتُخرِجوهُنَّ من بيوتهنَّ ولا يَخْرُجْنَ إلا أن يأتينَ بفاحشةٍ مبيِّنة) [الطلاق:1] . وأخرج ابن أبي شيبة 5/146، والدارمي (2277) و (2278) ، والدارقطني 4/23 و24 و27، والبيهقي 7/475 من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر، قال: لا نُجيز قول المرأة في دين الله، المطلَّقة ثلاثاً لها السُّكنى والنفقة. وأخرج الدارقطني 4/23 من طريق وكيع، عن داود الأودي، عن الشعبي، قال: لقيني الأسود بن يزيد، فقال: يا شعبي اتق الله، وارجع عن حديث فاطمة بنت قيس، فإن عمر كان يجعل لها السُّكْنى والنفقة، فقلت: لا أرجع عن شيء حدثتني به فاطمة بنت قيس عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

27337 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ خَرَجَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ إِلَى امرأتِه فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْ طَلَاقِهَا، وَأَمَرَ لَهَا الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِنَفَقَةٍ، فَقَالَا لَهَا: وَاللهِ مَا لَكِ مِنْ نَفَقَةٍ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ قَوْلَهُمَا، فَقَالَ: " لَا، إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا "، وَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالِ فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ: أَيْنَ تَرَى يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ "، وَكَانَ أَعْمَى تَضَعُ ثِيَابَهَا عِنْدَهُ وَلَا يَرَاهَا، فَلَمَّا مَضَتْ عِدَّتُهَا أَنْكَحَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مَرْوَانُ، قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ يَسْأَلُهَا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَتْهُ بِهِ، فَقَالَ مَرْوَانُ لَمْ نَسْمَعْ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا مِنَ امْرَأَةٍ، سَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ حِينَ بَلَغَهَا قَوْلُ مَرْوَانَ: بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الْقُرْآنُ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ} [الطلاق: 1] ، حَتَّى بَلَغَ: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] ، قَالَتْ: هَذَا لِمَنْ كَانَ لَهُ مُرَاجَعَةٌ فَأَيُّ أَمْرٍ يُحْدِثُ بَعْدَ الثَّلَاثِ

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (12024) ، وفي "تفسيره" للآية الأولى من سورة الطلاق 2/297، ومن طريقه أخرجه مسلم (1480) (41) ، وأبو داود (2290) ، والطبراني 24/ (924) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/472-473 و473، وفي "السنن الصغير" 3/189.

 وأخرج عبد الرزاق (12025) -ومن طريقه الطبراني 24/ (925) - عن معمر، عن الزُّهري، أخبرني عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عمرو ابن عثمان طلّق -وهو غلام شاب وهو في إمرة مروان- ابنةَ سعيد بنِ زيد، وأمُها ابنةُ قيس، فطلَّقها البتَّة، فأرْسَلَتْ إليها خالتُها فاطمة بنتُ قيس، فأمَرَتْها بالانتقال من بيت زوجها عبد الله بنِ عمرو، فسمع ذلك مروانُ، فأرسل إليها، فأمرها أن ترجعَ إلى مسكنها، فسألها: ما حملَها على الانتقال قبل أن تنقضيَ عِدَّتُها؟ فأرسلت تُخْبِرُه أنَّ فاطمة أفْتَتْها بذلك، وأخبَرتْها أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفتاها بالخروج -أو قال: بالانتقال- حين طلَّقها أبو عمرو بن حفص المخزومي، فأرسل مروانُ قَبيصةَ بنَ ذُؤيب إلى فاطمة يسألها عن ذلك، فأخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص... ثم ذكر مثله.

 

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 6/62-63، وفي "الكبرى" (5332) من طريق الزُّبيدي، وأخرجه النسائي في "المجتبى" 6/210- 211، وفي "الكبرى" (5746) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/67، والطبراني في "مسند الشاميين" (3126) من طريق شُعيب بن أبي حمزة، كلاهما عن الزُّهري، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، أن عبد الله بن عمرو بن عثمان طلَّق... بمثل حديث عبد الرزاق والطبراني المذكور آنفاً. وأخرج مالك 2/579- ومن طريقه الشافعي في "المسند" 2/55، والبخاري (5321-5322) ، وأبو داود (2295) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/68، والبيهقي 7/433- عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم ابن محمد وسليمان بن يسار، أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلَّق بنت عبد الرحمن بن الحكم، فانتقلها عبد الرحمن، فأرسلت عائشة أمُّ المؤمنين إلى مروان -وهو أمير المدينة-: اتَّقِ اللهَ، وارْدُدْها إلى بيتها. قال مروان:... أو مَا بلغكِ شأنُ فاطمةَ بنتِ قيس؟ قالت: لا يضرُّك أن لا تذكرَ حديثَ فاطمة، فقال مروان بن الحكم: إن كان بكِ شرٌّ فحسبُك ما بين هذين من الشرِّ. قال الحافظ: هذا مصيرٌ من مروان إلى الرجوع عن ردِّ خبر فاطمة، فقد كان أنكرَ ذلك على فاطمةَ بنتِ قيس... فكأنَّ مروانَ أنكر الخروج مطلقاً، ثم رجع إلى الجواز بشرط وجود عارض يقتضي جواز خروجها من منزل الطلاق.

 

27347 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَتْهُ فِي خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا: " فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى "، فَأَبَى مَرْوَانُ إِلَّا أَنْ يَتَّهِمَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ فِي خُرُوجِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ بَيْتِهَا، وَزَعَمَ عُرْوَةُ قَالَ: قَالَ فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ عَلَى فَاطِمَةَ

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. رَوْح: هو ابنُ عُبادة. وأخرجه عبد الرزاق (12022) و (12023) - ومن طريقه الطبراني في "الكبير" 24/ (909) ، وأخرجه الدارقطني في "السنن" 4/29- من طريق حجَّاج، كلاهما (عبد الرزاق وحجاج) عن ابن جُرَيْج، به.

 

27339 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ، أَنَّ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ بِنْتَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ خَالَتَهَا وَكَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَبَعَثَتْ إِلَيْهَا خَالَتُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ فَنَقَلَتْهَا إِلَى بَيْتِهَا، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ قَبِيصَةُ: فَبَعَثَنِي إِلَيْهَا مَرْوَانُ: " فَسَأَلْتُهَا: مَا حَمَلَهَا عَلَى أَنْ تُخْرِجَ امْرَأَةً مِنْ بَيْتِهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا؟ قَالَ: فَقَالَتْ: " لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِذَلِكَ "، قَالَ: ثُمَّ قَصَّتْ عَلَيَّ حَدِيثَهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَأَنَا أُخَاصِمُكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] ، إِلَى {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] ، ثُمَّ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [الطلاق: 2] ، الثَّالِثَةَ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] ، وَاللهِ مَا ذَكَرَ اللهُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ حَبْسًا، مَعَ مَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَهَا، فَقَالَ: حَدِيثُ امْرَأَةٍ حَدِيثُ امْرَأَةٍ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِالْمَرْأَةِ، فَرُدَّتْ إِلَى بَيْتِهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا

 

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف؛ ابنُ إسحاق -وهو محمد- مدلِّسٌ، ولم يصرِّح بسماعه من الزُّهري. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه الطبراني 24/ (927) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. وسلف ذكر القصة في تخريج الحديث (27337) .

 

وروى أبو داوود:

2291 - حدثنا نصر بن علي قال أخبرني أبو أحمد ثنا عمار بن زريق عن أبي إسحاق قال: كنت في المسجد الجامع مع الأسود فقال أتت فاطمة بنت قيس عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال ما كنا لندع كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه و سلم لقول امرأة لا ندري أحفظت ذلك أم لا .

 

قال الألباني: صحيح موقوف، يعني الألباني أنه من كلام عمر.

 

نتعاطف مع من رفضوا الحديث فهم على رأينا، لكن في الواقع والحقيقة لم تكن المرأة فاطمة بنت قيس كاذبة، فلو أنها كانت كذلك أو واهمة فأين ذهبت نفقتها وسكناها؟! فاطمة بنت قيس كان كلامها واضحًا، فما بالهم حاولوا الكذب عليها وتقويلها ما لم تقله، عائشة رددت في رواية البخاري ومسلم كلام فاطمة بنت قيس بوضوح قبل أن ترفضه، فكيف تلفق هي وغيرها أو من لفقوا الأحاديث تبريرات لم تقلها ابنة قيس؟! لماذا لا نعترف ببساطة بفساد تشريعات محمد وعدم صلاحيتها؟! ترون من هذه الدراسة أن معظمها تشريعات فاسدة خربة، المسلمون ظلوا يرددون الأكاذيب والترهات ويجعلون أنفسهم يصدقونها بأن تشريع محمد معجزة وروعة! إنه معجزة في البطلان والفساد وعدم الصلاحية الدستورية والقانونية فقط.

 

البعض حتى حاولوا تلفيق كلام لم تقله المرأة، وسأظل أسأل فأين ذهبت نفقتها؟

 

روى مسلم:

 

[ 1482 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا حفص بن غياث حدثنا هشام عن أبيه عن فاطمة بنت قيس قالت قلت يا رسول الله زوجي طلقني ثلاثا وأخاف أن يقتحم علي قال فأمرها فتحولت

 

[ 1480 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد واللفظ لعبد قالا أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة فقالا لها والله ما لك نفقة إلا أن تكوني حاملا فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له قولهما فقال لا نفقة لك فاستأذنته في الانتقال فأذن لها فقالت أين يا رسول الله فقال إلى بن أم مكتوم وكان أعمى تضع ثيابها عنده ولا يراها فلما مضت عدتها أنكحها النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد فأرسل إليها مروان قبيصة بن ذؤيب يسألها عن الحديث فحدثته به فقال مروان لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان فبيني وبينكم القرآن قال الله عز وجل { لا تخرجوهن من بيوتهن }  قالت هذا لمن كانت له مراجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث فكيف تقولون لا نفقة لها إذا لم تكن حاملا فعلام تحبسونها

 

[ 1480 ] حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا خالد بن الحارث الهجيمي حدثنا قرة حدثنا سيار أبو الحكم حدثنا الشعبي قال دخلنا على فاطمة بنت قيس فأتحفتنا برطب بن طاب وسقتنا سويق سلت فسألتها عن المطلقة ثلاثا أين تعتد قالت طلقني بعلي ثلاثا فأذن لي النبي صلى الله عليه وسلم أن أعتد في أهلي

 

في الواقع هو لم يأذن وهي لم تستأذن، بل هو قال بوضوح أنها لا نفقة لها.

 

بل ووصل الأمر إلى محاولة بعضهم اتهامها بسوء العشرة وطول اللسان وهي تلفيقات باطلة بأحاديث ضعيفة منقطعة مشبوهة تدلك على مدى ضيقهم وتحرجهم من خبرها وحديثها، روى أبو داوود:

 

2296 - حدثنا أحمد بن [ عبد الله بن ] يونس ثنا زهير ثنا جعفر بن برقان ثنا ميمون بن مهران قال: قدمت المدينة فدفعت إلى سعيد بن المسيب فقلت فاطمة بنت قيس طلقت فخرجت من بيتها فقال سعيد تلك امرأة فتنت الناس إنها كانت لسنة فوضعت على يدي ابن أم مكتوم الأعمى .

 

مقطوع ورجاله ثقات

 

2294 - حدثنا هارون بن زيد ثنا أبي عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار في خروج فاطمة قال إنما كان ذلك من سوء الخلق .

 

قال الألباني: ضعيف

 

وأخرج الشافعي 2/55، والبيهقي في السنن الكبرى 7/433 من طريق عمرو بن ميمون، وأبو داود (2296) من طريق جعفر بن بُرْقان، كلاهما عن ميمون بن مهران (واللفظ لأبي داود) قال: قدمتُ المدينة، فدُفِعتُ إلى سعيد بن المسيِّب، فقلت: فاطمة بنت قشى طُلِّقَتْ، فخرجت من بيتها، فقال سعيد: تلك امرأةٌ فتنتِ الناسَ، إنها كانت لَسِنَةً، فوُضعت على يدي ابنِ أمِّ مكتوم الأعمى. وأخرج أبو داود (2294) ، والبيهقي 7/433 من طريق يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار في خروج فاطمة قال: إنما كان ذلك من سوء الخلق.

 

وقال مؤلف (المفهم لما أشكل من صحيح مسلم): إنما أذِنَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفاطمةَ أن تخرج من البيت الذي طلقت فيه... من أنها خافت على نفسها من عورة منزلها، وفيه دليل على أن المعتدَّة تنتقل لأجل الضرورة، وهذا أولى من قول من قال: إنها كانت لَسِنةً تُؤذي زوجَها وأحماءَها بلسانها، فإن هذه الصفة لا تليقُ بمن اختارَها رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحبِّه ابنِ حبِّه، وتواردت رغباتُ الصحابة عليها حين انقضت عِدَّتها، ولو كانت على مثل تلك الحال، لكان ينبغي ألا يُرغبَ فيها، ولا يُحرَصَ عليها أيضاً، فلم يثبت بذلك نقلٌ مسندٌ صحيح...

 

الكلام هم أنفسهم ردوا عليه أنه لو كان ذلك صحيحًا لما كان محمد اختارها للزواج من أحب أو أحد أحب الرجال إليه وهو أسامة بن زيد بن حارثة، ابن ابنه بالتبني ومولاه وكفيله.

 

في الحقيقة معظمهم عدا عمر لم يكن تحرجهم لأجل حفظ حق للمرأة المطلقة الشرقية البائسة، لأنهم في معظمهم لم يجعلوا لها نفقة في الطلقة الثالثة فعلًا عملًا بكلام فاطمة بنت قيس، كما ترى من كلام مروان! لكنهم كانوا يعتبرون فرج المرأة ملكًا للرجل بما فيه ليحرسه لثلاثة حيضات (قروء) ليضمن أن النسل نسله، بطريقة حراسة الحيوانات والحشرات لأرحام الإناث!

 

المرأة الشرقية كثيرًا ما تكون لا تعمل متفرغة لبيت زوجها وزوجها والعناية بالمنزل وتنظيفه وغسل الثياب والطبخ...إلخ ثم تفاجأ بالطلقة الثالثة، وفي تشريع محمد الأصلي ستجد نفسها في الشارع ببساطة لو لم يكن لها مسكن بديل أو أسرة تأويها، لأنها مع زوجها خارج وطنهما الأصلي مثلًا كما في حالة صاحبة القصة، وحتى في الدول الغربية المتقدمة فبحكم الطبيعة البيولوجية المتبقية لا تزال بعض النساء أحيانًا يكن متفرغات كأسلوب الشرقيات والنساء التقليديات سواء أنجبن أم لا، ليس لهن عمل ولا وظيفة ولا حرفة ولا تجارة، وستفاجأ المطلقة ثلاثًا (المبتوتة) بأنها بلا مال ولا نفقة، فهذا تشريع فاسد ظالم، القانون العادل يقول أن صاحب الشركة لا يمكنه فصل العمال تعسفيًّا وأن عليه إبلاغهم قبلها بثلاثة شهور لإعطائهم فرصة ليجدوا عملًا آخر وربما يُلزَم بدفع تعويض ما لهم. فما بالك بزوجة كرست وفرّغت كل وقتها وحياتها للزوج؟!

 

وقال ابن قدامة في المغني عن تخبطهم بسبب هذا التشريع المحمدي الفاسد، كتا النكاح/ مسألة المطلقة ثلاثًا:

 

فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَتْ الْمَبْتُوتَةُ حَامِلًا، وَجَبَ لَهَا السُّكْنَى، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَفِيهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُوسٌ، وَالْحَسَنُ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُد. وَالثَّانِيَةُ يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] .

وَقَالَ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] . فَأَوْجَبَ لَهُنَّ السُّكْنَى مُطْلَقًا، ثُمَّ خَصَّ الْحَامِلَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا. وَلَنَا مَا رَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، «أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ، فَتَسَخَّطَتْهُ، فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ. فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى. فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا عُمَرُ، وَقَالَ مَا كُنَّا لِنَدَعَ كِتَابَ رَبِّنَا، وَسُنَّةَ نَبِيَّنَا، لِقَوْلِ امْرَأَةٍ، لَا نَدْرِي أَصَدَقَتْ أَمْ كَذَبَتْ.

وَقَالَ عُرْوَةُ: لَقَدْ عَابَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ أَشَدَّ الْعَيْبِ،؟ وَقَالَ: إنَّهَا كَانَتْ فِي مَكَان وَحْشٍ، فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا.؟ وَقَالَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتْ النَّاسَ، إنَّهَا كَانَتْ لَسِنَةً، فَوُضِعَتْ عَلَى يَدَيْ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى. قُلْنَا: أَمَّا مُخَالَفَةُ الْكِتَابِ، فَإِنَّ فَاطِمَةَ لَمَّا أَنْكَرُوا عَلَيْهَا، قَالَتْ: بَيْنِي وَبَيْنكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، قَالَ اللَّه تَعَالَى: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] . فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلَاثِ؟ فَكَيْفَ تَقُولُونَ: لَا نَفَقَةَ لَهَا، إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَعَلَامَ تَحْبِسُونَهَا؟ فَكَيْفَ تُحْبَسُ امْرَأَةٌ بِغَيْرِ نَفَقَةٍ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ عُمَرَ قَالَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا.

فَقَدْ أَنْكَرَ أَحْمَدُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عُمَرَ، قَالَ وَلَكِنَّهُ قَالَ: لَا نُجِيزُ فِي دِينِنَا قَوْلَ امْرَأَةٍ. وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَدْ أَخَذْنَا بِخَبَرِ فُرَيْعَةَ، وَهِيَ امْرَأَةٌ، وَبِرِوَايَةِ عَائِشَةَ وَأَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَصَارَ أَهْلُ الْعِلْمِ إلَى خَبَرِ فَاطِمَةَ هَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، مِثْلَ سُقُوطِ نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَنَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الرِّجَالِ، وَخِطْبَةِ الرَّجُلِ، عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إذَا لَمْ تَكُنْ سَكَنَتْ إلَى الْأَوَّلِ.

وَأَمَّا تَأْوِيلُ مِنْ تَأَوَّلَ حَدِيثَهَا، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّهَا تُخَالِفُهُمْ فِي ذَلِكَ، وَهِيَ أَعْلَمُ بِحَالِهَا، وَلَمْ يَتَّفِقْ الْمُتَأَوِّلُونَ عَلَى شَيْءٍ، وَقَدْ رُدَّ عَلَى مَنْ رَدَّ عَلَيْهَا، فَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، لَمَّا قَالَ: تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتْ النَّاسَ: لَئِنْ كَانَتْ إنَّمَا أَخَذَتْ بِمَا أَفْتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا فَتَنَتْ النَّاسَ، وَإِنَّ لَنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْوَةً حَسَنَةً، مَعَ أَنَّهَا أَحْرَمُ النَّاسِ عَلَيْهِ، لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، وَلَا بَيْنهمَا مِيرَاثٌ. وَقَوْلُ عَائِشَةَ: إنَّهَا كَانَتْ فِي مَكَان وَحْشٍ. لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ: «يَا ابْنَةَ آلِ قَيْسٍ، إنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ مَا كَانَ لِزَوْجِك عَلَيْك الرَّجْعَةُ» . هَكَذَا رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ، وَالْأَثْرَمُ. وَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ مَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ التَّأْوِيلِ، مَا احْتَاجَ عُمَرُ فِي رَدِّهِ إلَى أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّهُ قَوْلُ امْرَأَةٍ.

ثُمَّ فَاطِمَةُ صَاحِبَةُ الْقِصَّةِ، وَهِيَ أَعْرَفُ بِنَفْسِهَا وَبِحَالِهَا، وَقَدْ أَنْكَرَتْ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا، وَرَدَّتْ عَلَى مِنْ رَدَّ خَبَرَهَا، أَوْ تَأَوَّلَهُ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ، فَيَجِبُ تَقْدِيمُ قَوْلِهَا؛ لِمَعْرِفَتِهَا بِنَفْسِهَا، وَمُوَافَقَتِهَا ظَاهِرَ الْخَبَرِ، كَمَا فِي سَائِرِ مَا هَذَا سَبِيلُهُ.

 

ما أتفق فيه مع ابن قدامة ومن على رأيه هو أن المرأة كانت صادقة، وما أختلف معه فيه هو ظنه أن تشريع محمد الفاسد يصلح للعمل به كقوانين لدولة ومجتمع، وهو تشريع لخراب وفساد تام.

 

عمر هو من جعل الثلاث تطليقات في مرة واحدة جائزًا ونافذًا مؤديًا للبينونة التامة بين الزوج والزوجة

 

روى مسلم:

 

[ 1472 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع واللفظ لابن رافع قال إسحاق أخبرنا وقال بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس قال كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطاب إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم

 

 [ 1472 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا روح بن عبادة أخبرنا بن جريج ح وحدثنا بن رافع واللفظ له حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني بن طاوس عن أبيه أن أبا الصهباء قال لابن عباس أتعلم أنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وثلاثا من إمارة عمر فقال بن عباس نعم

 

 [ 1472 ] وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس أن أبا الصهباء قال لابن عباس هات من هناتك ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واحدة فقال قد كان ذلك فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم

 

وروى أحمد:

 

2875 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "كَانَ الطَّلاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، طَلاقُ الثَّلاثِ: وَاحِدَةً" فَقَالَ عُمَرُ: "إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ، فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ . فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ".

 

صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (11336) وفيه سنين بدل سنتين وهو أنسب لما بعده في مصنف عبد الرزاق ففي رواية (وولاية عمر إلا أقلها) وفي أخرى (وثلاثًا من إمارة عمر) يعني ثلاث سنوات، وبين البيانين تناقض.

 

ومما روى عبد الرزاق في مصنفه:

 

11337 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني بن طاووس عن أبيه أن أبا الصهباء قال لابن عباس تعلم أنها كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وثلاثا من إمارة عمر فقال بن عباس نعم

 

11338 - عبد الرزاق عن عمر بن حوشب قال أخبرني عمرو بن دينار أن طاووسا أخبره قال دخلت على بن عباس ومعه مولاه أبو الصهباء فسأله أبو الصهباء عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا جميعها فقال بن عباس كانوا يجعلونها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وولاية عمر إلا أقلها حتى خطب عمر الناس فقال قد أكثرتم في هذا الطلاق فمن قال شيئا فهو على ما تكلم به

 

11173 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أن عبد الله بن أبي سلمة أخبره أن سليمان بن يسار أخبره أن التوأمة بنت أمية طلقت البتة فجعلها عمر بن الخطاب واحدة

 

11175 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أن محمد بن عباد بن جعفر أخبره أن المطلب بن حنطب جاء عمر فقال إني قلت لامرأتي أنت طالق البتة قال عمر وما حملك على ذلك قال القدر قال فتلا عمر يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وتلا ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم هذه الآية ثم قال الواحدة تبت ارجع امرأتك هي واحدة

 

11342 - عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن بن سيرين عن علقمة بن قيس قال أتى رجل بن مسعود فقال إني طلقت امرأتي عدد النجوم فقال بن مسعود في نساء أهل الأرض كلمة لا أحفظها قال وجاءه رجل آخر فقال إني طلقت امرأتي ثمانيا فقال بن مسعود فيريد هؤلاء أن تبين منك قال نعم قال بن مسعود يا أيها الناس قد بين الله الطلاق فمن طلق كما أمره الله فقد بين ومن لبس جعلنا به لبسه والله لا تلبسون على أنفسكم ثم نحمله عنكم نعم هو كما يقول قال ونرى أن قول بن سيرين كلمة لا أحفظها أنه قال لو كان عنده نساء أهل الأرض ثم قال هذا ذهبن كلهن

 

11343 - عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال جاء رجل إلى بن مسعود فقال إني طلقت امرأتي تسعة وتسعين وإني سألت فقيل لي قد بانت مني فقال بن مسعود لقد أحبوا أن يفرقوا بينك وبينها قال فما تقول رحمك الله - فظن أنه سيرخص له - فقال ثلاث تبينها منك وسائرها عدوان

 

11176 - عبد الرزاق عن الثوري عن حماد عن إبراهيم عن عمر في الخلية والبرية والبتة والبائنة هي واحدة وهو أحق بها قال وقال علي هي ثلاث وقال شريح نيته إن نوى ثلاثا فثلاث وإن نوى واحدة فواحدة قال سفيان ويستحلف مع التديين

 

11178 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر قال في البتة هي ثلاث

 

11179 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان طلق امرأته البتة في إمارة عثمان ففرق بينهما فكان الزهري يجعلها ثلاثا

 

11181 - عبد الرزاق عن بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال جاء بن أخي الحارث بن ربيعة إلى عروة بن المغيرة بن شعبة - وكان أميرا على الكوفة - فقال عروة لعلك أتيتنا زائرا مع امرأتك قال وأين امرأتي قال تركتها عند بيضاء - يعني امرأته - قال فهي إذا طالق البتة قال وإذا هي عندها قال فسأل فشهد عبد الله بن شداد بن الهاد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعلها الواحدة وهو أحق بها ثم سأل فشهد رجل من طىء يقال له رياش بن عدي أن عليا جعلها ثلاثة فقال عروة إن هذا لهو الإختلاف فأرسل إلى شريح فسأله وقد كان عزل عن القضاء فقال شريح الطلاق سنة والبتة بدعة فنقف عند بدعته فننظر ما أراد بها

 

11182 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عطاء أن شريحا دعاه بعض أمرائهم فسأله عن رجل قال لامرأته أنت طالق البتة فاستعفاه فأبى أن يعفيه فقال أما الطلاق فسنة وأما البتة فبدعة أما السنة في الطلاق فأمضوه وأما البدعة البتة فقلدوها إياه ينوي فيها

 

11184 - عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال في الخلية والبرية كان يجعلها ثلاثا ثلاثا

 

وروى أحمد:

 

4500 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً، وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، قَالَ: " وَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ "

فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ، فَيَقُولُ: أَمَّا أَنَا فَطَلَّقْتُهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُرْجِعَهَا، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا "، وَأَمَّا أَنْتَ (1) طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا، فَقَدْ عَصَيْتَ اللهَ بِمَا أَمَرَكَ بِهِ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ (2)

 

(1) في (س) و (ص) : وإذا ما أنت.

(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه مسلم (1471) (3) من طريق اسماعيل ابن عُلية، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (10954) ، ومسلم (1471) (8) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/53 من طرق، عن أيوب، به.

وأخرجه عبد الرزاق (10953) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/53، والطبراني في "الأوسط " (1646) ، والدارقطني في "السنن" 4/9-10، وابن عدي في "الكامل" 6/2445، من طرق، عن نافع، به.

وأخرجه الطيالسي (1871) ، وعبد الرزاق (10952) ، وسعيد بن منصور (1546) ، ومسلم (1471) (6) ، والنسائي في "المجتبى" 6/141، وأبو يعلى (5650) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/52، وابن حبان (4264) ، والبيهقي في "السنن" 7/323، 325 من طريقين عن ابن عمر، به.

وسيأتي بالأرقام (4789) و (5025) و (5121) و (5164) و (5258) و (5268) و (5270) و (5272) و (5299) و (5321) و (5433) و (5434) و (5489) و (5504) و (5524) و (5525) و (5792) و (6061) و (6119) و (6141) و (6329) .

وانظر (5269) و (6246) .

 

2387 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " طَلَّقَ رُكَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَزِيدَ أَخُو بَنِي الْمُطَّلِبِ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا، قَالَ: فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَيْفَ طَلَّقْتَهَا ؟ " قَالَ: طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا، قَالَ: فَقَالَ: " فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَإِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَأَرْجِعْهَا إِنْ شِئْتَ " قَالَ: فَرَجَعَهَا فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " يَرَى أَنَّمَا الطَّلَاقُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ " (2)

 

قال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند: إسناده صحيح، ورواه الضياء في المختارة، كما نقله ابن القيم في إغاثة اللهفان 158، ورواه أبو يعلى، كما ذكر الشوكاني 7: 17 - 18، ورواه البيهقي، كما في الدر المنثور 1: 279. وهذا الحد يث عندي أصل جليل من أصول التشريع في الطلاق، يدل على أن الخلاف في وقوع الطلقات الثلاث مجتمعة وعدم وقوعه إنما هو في الطلاق إذا كرره المطلق، أي طلق مرة ثم مرة ثم ثالثة في العدة، في مجلس واحد أو مجالس. وأنه ليس الخلاف في وصف الطلاق بالعدد، كقولهم "طالق ثلاثَا" مثلا، فإن هذا الوصف لغو في اللغة، باطل في العقل. وقد شرحته وفصلت القول فيه في كتابي "نظام الطلاق في الإسلام "ص 39 وما بعدها.

 

 

قال فريق تحقيق شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف، رواية داود بن الحصين عن عكرمة فيها شيء، قال علي ابن المديني: ما روى عن عكرمة فمنكر، وقال أبو داود: أحاديثه عن شيوخه مستقيمة، وأحاديثه عن عكرمة مناكير، وقال الذهبي في كتابه: "من تُكلم فيه وهو موثق" (105) : ثقة مشهور، له غرائب تُستَنْكَر، وقال الحافظ في "التقريب": ثقة إلا في عكرمة. سعد بن إبراهيم: هو سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه البيهقي 7/339 من طريق عبد الله بن سعد بن إبراهيم، عن عمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، بهذا الإسناد. قال البيهقي: وهذا الإسناد لا تقوم به الحجة مع ثمانية رَوَوْا عن ابن عباس رضي الله عنهما فُتْياه بخلاف ذلك، ومع رواية أولاد ركانة أن طلاق ركانة كان واحدة، وبالله التوفيق. 

وأخرجه أبو يعلى (2500) من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، به.

وأخرج عبد الرزاق (11334) ، ومن طريقه أبو داود (2196) عن ابن جريج، قال: أخبرني بعض بني أبي رافع مولى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: طلق عبدُ يزيد -أبو رُكانة وإخوته- أم ركانة، ونكح امرأة من مزينة... فذكر الحديث، وقال: ثم قال: "راجع امرأتك أم ركانةَ وإخوته" قال: إني طلقتُها ثلاثاً يا رسول الله. قال: "قد علمت، راجعها" وتلا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) .

قال الخطابي في "معالم السنن" 3/236: في إسناد هذا الحديث مقال، لأن ابن جريج إنما رواه عن بعض بني أبي رافع ولم يُسمه، والمجهولُ لا تقومُ به الحجة.

وقد روى أبو داود هذا الحديث [برقم 2206] بإسناد أجود منه: أن رُكانة طَلق امرأته البتة، فأخبر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أردتَ إلا واحدة؟" فقال ركانة: والله ما أردتُ إلا واحدةً. فردها إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطلقها الثانية في زمان عمر، والثالثة في زمان عثمان .

قال أبو داود: حدثنا ابن السرْح وإبراهيم بن خالد الكلبي في آخرين، قالوا: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، حدثني عمي محمد بن علي بن شافع، عن عبيد الله بن علي بن السائب، عن نافع بن عُجير بن عبد يزيد بن ركانة، وذكر الحديث، قال أبو داود: وهذا أوْلى، لأنهم ولد الرجل وأهله، وهم أعلم به.

قال الخطابي: قد يحتمل أن يكون حديث ابن جريج إنما رواه الراوي على المعنى دون اللفظ، وذلك أن الناس قد اختلفوا في البتة، فقال بعضهم: هي ثلاثة، وقال بعضهم: هي واحدة، وكأن الراوي له ممن يذهب مذهب الثلاث، فحكى أنه قال: إني طلقتها ثلاثاً، يريد البتة التي حكمها عنده حكم الثلاث، والله أعلم.

قال الخطابي: وكان أحمد بن حنبل يضعفُ طرق هذه الأحاديث كلها. قلنا: وقد نص ابن قدامة أيضاً في "المغني" 10/366 على أن أحمد ضَغف إسناد حديث ركانة هذا وتركه.

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/363: إن أبا داود رَجح أن رُكانة إنما طلق امرأته البتة، كما أخرجه هو من طريق آل بيت ركانة، وهو تعليل قوي، لجواز أن يكون بعض رواته حَمَل البتة على الثلاث، فقال: طلقها ثلاثا، فبهذه النكتة يقف الاستدلال بحديث ابن عباس.

قلنا: ومع هذا فقد جَود إسناد هذا الحديث شيخ الإسلام في "الفتاوى الكبرى" 3/22، وصححه ابن القيم في "زاد المعاد" 5/263، والشيخ أحمد شاكر في تعليقه على"المسند"!

وقد نُقِل العملُ بهذا الحديث -فيما قاله الحافظ في "الفتح"- عن علي وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف والزبير، ذكر ذلك ابن مغيث في كتاب "الوثائق" له، وعزاه لمحمد بن وضاح، ونقل الغنوي ذلك عن جماعة من مشايخ قرطبة كمحمد بن بقي بن مخلد ومحمد بن عبد السلام الخشني وغيرهما، ونقله ابن المنذرعن أصحاب ابن عباس كعطاء وطاووس وعمرو بن دينار.

وأخرج أحمد في "مسنده" (سقط من الطبعة الميمنية، وهو ثابت في "أطراف المسند" 1/ورقة 257 في ترجمة يزيد بن ركانة) ، وأبو داود (2208) ، وابن ماجه (2051) ، والترمذي (1177) من طرق عن جرير بن حازم، عن الزبير بن سعيد، عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده: أنه طَلق امرأته البتة، فأتى رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "ما أردتَ؟" قال: واحدة. قال: "آلله؟" قال: آلله. قال: "هو على ما أردت".

قال أبو داود: وهذا أصح من حديث ابن جريج: أن ركانة طَلق امرأته ثلاثاً، لأنهم أهل بيته وهم أعلم به، وحديث ابن جريج رواه عن بعض بني رافع، عن عكرمة، عن ابن عباس.

وقال الترمذي في "السنن" وفي "العلل" 1/461: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت محمداً (ويعني البخاري) عن هذا الحديث، فقال: فيه اضطراب، ويروى عن عكرمة، عن ابن عباس: أن ركانة طلق امرأته ثلاثاً.

وذكر الترمذي أيضا فيما نقله عنه المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 3/134 عن البخاري أنه مضطرب فيه: تارةً قيل فيه: ثلاثاً، وتارة قيل فيه: واحدة، وأصحُّه أنه طَلقها البتة، وأن الثلاث ذُكرت فيه على هذا المعنى.

 

وروى أبو داوود:

 

2196 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابُن جُريجٍ، أخبرني بعضُ بني أبي رافع مولى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، عن عِكرِمَة مولى ابن عباس عن ابنِ عباسِ، قال: طلَّق عبدُ يزيد - أبو رُكَانَةَ وإخوته - أُمَّ ركانة، ونكحَ امرأةً مِن مُزينَةَ، فجاءت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقالت: ما يُغْنِي عنِّي إلا كما تُغني هذه الشعرة، لِشعَرةٍ أخذتها مِن رَأسِهَا، فَفَرِّق بيني وبينَه، فأخذتِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - حَمِيَّةٌ، فدعا بُركانة وإخوته، ثم قال: لجلسائه: "أتَرَوْنَ فلاناً يُشبه منه كذا وكذا، مِن عبد يزيد، وفلاناً منه كذا وكذا؟ " قالوا: نعم، قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: لعبد يزيد "طلقها" ففعل، قال: "راجع امرأتَك أُمَّ ركانة وإخوته " فقال: إني طلقتُها ثلاثاً يا رسولَ الله، قال: "قد عَلِمْتُ، راجعها" وتلا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]

 

قال الألباني: حسنٌ.

قال فريق تحقيق شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف. لعلتين: أولاهما: إبهام شيخ ابن جريج. وقد جاء مصرحاً باسمه في رواية محمد بن ثور الصنعاني، أنه محمد بن عبيد الله بن رافع. قال الذهبي في"تلخيص المستدرك" 2/ 491 محمد واهٍ. قال: والخبر خطأ، عبد يزيد لم يدرك الإسلام. قلنا: فهذه علة ثانية.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (113340) عن ابن جريج، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 339. وأخرجه الحاكم 2/ 491 من طريق محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن محمد ابن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، عن عكرمة، عن ابن عباس. وصححه وتعقبه الذهبي بما نقلناه عنه آنفاً.

وقال الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال، لأن ابن جريج إنما رواه عن بعض بني رافع ولم يسمه، والمجهول لا تقوم به حجة وقد نص ابن قدامة في "المغني" 10/ 366 على أن أحمد ضعف إسناد حديث ركانة وتركه، وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 363: إن أبا داود رجح أن ركانة إنما طلق امرأته البتة كما أخرجه هو من طريق آل بيت ركانة وهو تعليل قوي، لجواز أن يكون بعض رواته حمل البتة على الثلاث، فقال: طلقها ثلاثاً، فبهذه النكتة يقف الاستدلال بحديث ابن عباس.

وانظر تمام الكلام على هذا الحديث فيما علقناه في "المسند" رقم الحديث (2387).

 

لا أفهم كيف يوصف شخص (أعني داوود بن الحصين) بالصدق والكذب في آنٍ واحد، المسألة ببساطة أنهم رفضوا أحاديثه بحجة خرافة علم أو مزاج الإسناد الخاص بهم، وفضّلوا تقاليدهم التي وضعها لهم عمر على ما سنه محمد نفسه لمجرد التعود وما عملهم عليه. والحديث صححه أحمد شاكر وحسنه الألباني، بالتالي نعود للقول أن علم الإسناد هو خرافة وباطل ولا منطقية بتوثيق الروايات بروايات! وأحكام ذاتية عن الأشخاص والمتون لا أكثر وحسب هوى وميول الحاكم على الحديث وخصوصًا آراءه اللاهوتية والتشريعية.

 

وروى عبد الرزاق حديثًا رغم جهالة إسناده فهو يصلح كشاهد إضافي كذلك:

 

11335 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني بعض بني أبي رافع عن عكرمة أن بن عباس قال طلق رجل على عهد النبي صلى الله عليه و سلم امرأته ثلاثا فقال النبي صلى الله عليه و سلم أن يراجعها قال إني قد طلقتها ثلاثا قال قد علمت وقرأ النبي صلى الله عليه و سلم يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن الآية قال فارتجعها

 

وروى أبو داوود:

 

2197 - حدَّثنا حميدُ بنُ مسعدة، حدَّثنا إسماعيلُ، أخبرنا أيوبُ، عن عبدِ الله ابنِ كثير عن مُجاهِدِ، قال: كُنتُ عندَ ابنِ عباس، فجاءه رجلٌ فقال: إنه طلَّقَ امرأتَه ثلاثاً، قال: فَسَكَتَ حتى ظننتُ أنه رادُّها إليه، ثم قال: يَنطَلِقُ أحَدُكُم فيركبُ الحَمُوقَةَ ثم يقولُ: يا ابنَ عباس، يا ابنَ عباس، وإن الله قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] وإنك لم تَتَّقِ الله فلا أجِد لك مخرجاً، عَصَيتَ ربَّكَ، وبانَتْ مِنكَ امرأتُكَ، وإنَّ الله قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: 1] في قبل عدَّتهنَّ (1).

__________

(1) إسناده صحيح كما قال الحافظ في "الفتح" 9/ 362. إسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مِقْسَم المعروف بابن علية، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومجاهد: هو ابن جَبر المكي.

وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 331 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5556) مختصراً من طريق شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس.

قلنا: وهذا الأثر عن ابن عباس هكذا أورده المصنف، وقد اختصره بعضُ الرواة، فأفسده، ذلك أن ابن عباس إنما قال لمن طلق امرأته أكثر من ثلاث: عصيتَ ربك، ولم يقل ذلك لمن طلق ثلاثاً. روى ذلك ابن أبي نجيح وحميد الأعرج عن مجاهد، عنه. عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 58، والدارقطني (3926)، والبيهقي 7/ 331 و 337، فقالا في روايتهما: إن الرجل طلق امرأته مئةً. وكذلك رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس عند الطحاوي 3/ 58، والدارقطني (3928)، والبيهقي 7/ 332 و 337 إلا أنه قال عند الدارقطنى والبيهقي: إنه طلق امرأته ألفاً. وأخرج البيهقي 7/ 337 من طريق عمرو بن دينار: أن ابن عباس سئل عن رجل طلق امرأته عدد النجوم، فقال: إنما يكفيك رأس الجوزاء، وكذلك رواه غير واحد عن ابن عباس، انظر "السنن الكبرى" للبيهقي 7/ 331 و 337.

وأما إيقاع الطلاق بالثلاث فلا يُعَدُّ معصية، ولا يخفى ذلك عن مثل ابن عباس.

قال ابن الأثير: الحموقة بفتح الحاء: هي فعولة من الحمق، أي: ذات حمق، وحقيفة الحمق: وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه.

وقوله: (في قبل عدتهن) قال النووي في شرح مسلم 10/ 60: هذه قراءة ابن عباس وابن عمر، وهي شاذة لا تثبت قرآناً بالإجماع، ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا، وعند محققي الأصوليين.

 

قال أبو داود: روى هذا الحديثَ حُميْدٌ الأعرجُ وغيرُه عن مجاهد عن ابنِ عباس (1).

ورواه شعبةُ، عن عمرِو بنِ مُرَّة، عن سعيد بنِ جُبير، عن ابن عباس (2).

وأيوبُ وابنُ جريج جميعاً، عن عكرمة بنِ خالد، عن سعيد بن جُبير، عن ابنِ عباس (3).

وابنُ جريج، عن عبدِ الحميد بن رافع، عن عطاء، عن ابنِ عباس (4).

__________

(1) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (11352) من طريق ابن جريج، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 58 من طريق ابن أبي نجيح وحميد الأعرج، ثلاثتهم عن مجاهد، به.

وأخرجه الدارقطني في"سننه" (3926)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 331 - 332 من طريق عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس: أنه سئل عن رجلٍ طلق امرأته مئة تطليقة؟ قال: عصيت ربك، وباتت منك امرأتك، لم تتق الله فيجعل لك مخرجاً، ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} في قبل عدتهن [الطلاق: 1].

(2) أخرجه عبد الرزاق (11350)، وابن أبي شيبة 5/ 13، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 58، والبيهقي 7/ 332 من طريق سفيان الثوري، والدارقطني (3925) من طريق شعبة، كلاهما عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

(3) أخرجه عبد الرزاق (11350)، وعنه الدارقطني (3924) من طريق ابن جريج، عن عكرمة بن خالد، عن سعيد بن جبير: أن رجلاً جاء إلى ابن عباس، فقال: طلقت امرأتي ألفاً، فقال: تأخذ ثلاثاً، وتدع تسع مئة وسبعة وتسعين.

(4) أخرجه عبد الرزاق (11348)، والبيهقي 7/ 337، عن ابن جريج، عن عبدالحميد بن رافع، عن عطاء: أن رجلاً قال لابن عباس: رجلٌ طلق امرأته مئة، فقال ابن عباس: يأخذ من ذلك ثلاثاً، ويدع سبعاً وتسعين.

 

ورواه الأعمشُ، عن مالك بنِ الحارثِ عن ابنِ عباس (1).

وابنِ جُريج، عن عمرو بنِ دينارٍ عن ابنِ عباس، كلُّهُم قالوا في الطلاقِ الثلاثِ: إنه أجَازَهَا، قال: وبانتْ منك، نحو حديث إسماعيل، عن أيوب، عن عبد الله بنِ كثير.

قال أبو داود: وروى حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوبَ، عن عِكرمَة، عن ابن عباسٍ، إذا قال: "أنتِ طَالِقٌ ثلاثاً " بفم واحد، فهي واحدة، ورواه إسماعيل بنُ إبراهيم، عن أيوب، عن عكرمة، هذا قوله، لم يذكر ابنَ عباس، وجَعَلَه قولَ عكرمة.

 

(1) أخرجه الطحاوي في "شرح معانى الآثار" 3/ 57 من طريق الأعمش، عن مالك بن الحارث، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثاً، فقال: إن عمك عصي الله فأندمه الله، وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجاً، فقلت: كيف ترى في رجل يحلها له؟ فقال: من يخادع الله يخادعه.

ورواه عبد الرزاق (10779) وابن أبي شيبة 5/ 11، والبيهقي 7/ 337.

 

2198 - وصار قول ابن عباس فيما حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح ومحمدُ بنُ يحيي - وهذا حديث أحمد - قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن معمرٍ، عن الزهريِّ، عن أبي سلمة بنِ عبد الرحمن ومحمد بنِ عبد الرحمن بنِ ثوبان، عن محمد بن إياس أن ابنَ عباس وأبا هريرة وعبدَ الله بن عمرو بن العاص سُئِلُوا عن البكر يطلقها زوجها ثلاثاً، فكلهم قال: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره (2).

__________

 (2) إسناده صحيح. محمد بن يحيي: هو الذهلي، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعانى، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب، ومحمد بن إياس: هو ابن البكير الليثي.

وأخرجه البيهقي 7/ 354 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وأخرجه مالك 2/ 570، ومن طريقه الشافعي في "مسنده" 2/ 35 - 36، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 57، والبيهقي 7/ 335.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (11071) عن ابن جريج، وأخرجه الطحاوي في"شرح معاني الآثار" 57/ 3 من طريق ابن أبي ذئب، ثلاثتهم (مالك وابن جريج وابن أبي ذئب) عن الزهري، عن محمد بن عبد الرحمن وحده، به. ولم يذكر مالك في روايته عبد الله بن عمرو بن العاص.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 23 من طريق نافع عن محمد بن إياس بن البُكير، به.

غير أنه ذكر عائشة بدل عبد الله بن عمرو.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (1075)، والطحاوي 3/ 58 من طريق سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة وابن عباس. وأبو سلمة معروف بالرواية عن أبي هريرة فلا يَبْعد أن يكون سمعه أولاً بواسطة محمد بن إياس، ثم لقي أبا هريرة فاستثبته منه.

وأخرجه مالك 2/ 570، وابن أبي شيبة 5/ 22، والبيهقي 7/ 335 من طريق عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

 

قال أبو داود: روى مالك عن يحيى بن سعيد، عن بُكير بنِ الأشج عن معاويةَ بنِ أبي عياش أنه شهد هذه القصة حين جاء محمد ابن إياس بن البُكير إلى ابن الزبير وعاصم بن عمر، فسألهما عن ذلك، فقالا: اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة فإني تركتهما عند عائشة رضي الله عنها، ثم ساق هذا الخبر (1).

 

(1) أخرجه مالك 2/ 571، والشافعي في "مسنده" 2/ 36، وابن أبي شيبة 5/ 22، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 57 والبيهقي 7/ 335 و 354 عن يحيي بن سعيد بهذا الإسناد.

 

[قال أبو داود: وقول ابن عباس هو أن الطلاق الثلاث تبين من زوجها، مدخولاً بها وغير مدخول بها، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، هذا مثلُ خبرِ الصرف، قال فيه، ثم إنه رجع عنه، يعني ابن عباس] (1) (2).

__________

(1) ما بين معقوفين زيادة أثبتناها من (هـ).

(2) قال صاحب "بذل المجهود" 10/ 296: حاصل ذلك أن مسألة الطلاق كمسألة الصرف فإن ابن عباس رضي الله عنه يقول في بيع الصرف أولاً: إنه يحرم بيعها نسيئة، وأما التفاضل في الذهب أو الفضة فلا ربا فيها وهو جائز، ثم رجع ابن عباس في مسألة الصرف، فكذلك رجع في مسألة الطلاق كأنه يقول أولاً بأن الثلاث واحدة، ثم رجع عنه، وقال بوقوع الثلاث.

 

وجاء في موطأ مالك برواية الزهري:

 

1571 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةَ , فَمَاذَا تَرَى؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلُقَتْ ثَلاَثاً، وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ اتَّخَذْتَ بِهَا آيَاتِ اللهِ لعباً هُزُوًا.

 

1630 - أخبرنا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الأََنْصَارِيِّ , أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: فَجَاءَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ , فَقَالَ: إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَمَاذَا تَرَيَانِ؟ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّ هَذَا الأََمْرَ مَا لَنَا فِيهِ قَوْلٌ، فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ , فَإِنِّي تَرَكْتُهُمَا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَسَلْهُمَا , ثُمَّ ائْتِنَا , فَأَخْبِرْنَا، فَذَهَبَ , فَسَأَلَهُمَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لأَبِي هُرَيْرَةَ: أَفْتِهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ , فَقَدْ جَاءَتْكَ مُعْضِلَةٌ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: الْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا، وَالثَّلاَثَةُ تُحَرِّمُهَا، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ , قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ.

 

1570 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي ثَمَانِيَ تَطْلِيقَاتٍ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَمَاذَا قِيلَ لَكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: إِنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنِّك، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أجل، مَنْ طَلَّقَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ , فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ لَبْسًا , جَعَلْنَا لَبْسَهُ بِهِ، لاَ تَلْبِسُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَنَتَحَمَّلُهُ عَنْكُمْ، كَمَا تقُولُونَ.

 

1568 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ قراءة، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِبن محمد بن عمرو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: الْبَتَّةُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: كَانَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ يَجْعَلُهَا وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ كَانَ الطَّلاَقُ أَلْفًا مَا أَبْقَتِ الْبَتَّةُ مِنْهُ شَيْئًا، مَنْ قَالَ: الْبَتَّةَ , فَقَدْ رَمَى الْغَايَةَ الْقُصْوَى.

 

1569 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عن مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَنَّه كَانَ يَقْضِي فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ , أَنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

18152- حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : إذَا طَلَّقَ الْبِكْرَ وَاحِدَةً فَقَدْ بَتَّهَا ، وَإِذَا طَلَّقَهَا ثَلاَثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

18153- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِكْرًا ثَلاَثًا ؟ قَالَ عَطَاءٌ : فَقُلْتُ : ثَلاَثٌ فِي الْبِكْرِ وَاحِدَةٌ ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو : مَا يُدْرِيَك ؟ إنَّمَا أَنْتَ قَاصِّ وَلَسْتَ بِمُفْتٍ ، الْوَاحِدَةُ تُبَينُهَا وَالثَّلاَثُ تُحَرِّمُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

18154- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ : مُعَاوِيَةُ ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ ، وَعَائِشَةَ قَالُوا : لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

18158- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ؛ بِمِثْلِهِ.

18159- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمْر .(ح) وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إيَاسِ بْنِ بُكَيْر ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَائِشَةَ ؛ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، قَالُوا : لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

18160- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَعقلٍ ؛ فِي رَجُلٍ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، قَالَ : لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

18161- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ؛ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيُطَلِّقُهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، قَالَ : إِنْ قَالَ طَالِقٌ ثَلاَثًا ، كَلِمَةً وَاحِدَةً ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، وَإِذَا طَلَّقَهَا ثَلاَثًا طَلاَقًا مُتَّصِلاً فَهُوَ كَذَلِكَ.

18162- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : إذَا طَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

18163- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ؛ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، قَالَ : لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

18164- حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ ، عَنْ خَالِدٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

18165- حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ ، عَنْ بُرْد ، عَنْ مَكْحُولٍ ؛ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، إنَّهَا لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

 

ولا يزال سذّج المسلمين ودهمائهم يقومون بهذه العادات البدائية القديمة، ثم يدندنون ويغنون في الخلافات حول صحة الثلاث تطليقات مرة واحدة ونفاذها من عدمه، وأسئلتهم عن مسألة كهذه تكررت وتتكرر وستتكرر ملايين المرات تقريبًا بصورة مملة، وجاء في المغني في الفقه لابن قدامة:

 

[فَصْلٌ طَلَّقَ ثَلَاثًا بِكَلِمَةِ وَاحِدَةٍ]

(5820) فَصْلٌ: وَإِنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَبْلِ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ التَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمْ. وَكَانَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، يَقُولُونَ: مَنْ طَلَّقَ الْبِكْرَ ثَلَاثَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ. وَرَوَى طَاوُسٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَمَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، خِلَافَ رِوَايَةِ طَاوُسٍ، أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد. وَأَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ طَاوُسٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: أَرَأَيْت لَوْ طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: «طَلَّقَ بَعْضُ آبَائِي امْرَأَتَهُ أَلْفًا، فَانْطَلَقَ بَنُوهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَبَانَا طَلَّقَ أُمَّنَا أَلْفًا، فَهَلْ لَهُ مَخْرَجٌ؟ فَقَالَ: إنَّ أَبَاكُمْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ فَيَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ مَخْرَجًا، بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ، وَتِسْعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَتِسْعُونَ إثْمًا فِي عُنُقِهِ» .

وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مِلْكٌ يَصِحُّ إزَالَتُهُ مُتَفَرِّقًا، فَصَحَّ مُجْتَمِعًا، كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ. فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَدْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِخِلَافِهِ، وَأَفْتَى أَيْضًا بِخِلَافِهِ. قَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِأَيِّ شَيْءٍ تَدْفَعُهُ؟ فَقَالَ: أَدْفَعُهُ بِرِوَايَةِ النَّاسِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ خِلَافَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ عِدَّةٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ، أَنَّهَا ثَلَاثٌ. وَقِيلَ: مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُطَلِّقُونَ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ عُمَرُ مَا كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ، وَلَا يَسُوغُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يَرْوِيَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُفْتِيَ بِخِلَافِهِ.

 

ملاحظة: وقد وصل الأمر بهم للوصول إلى تكريس قوانين عمر وترك قوانين محمد إلى تلفيق أحاديث ضعيفة مكذوبة تنسب هذا التشريع إلى محمد، ما روى عبد الرزاق:

 

×11339 - عبد الرزاق قال أخبرنا يحيى بن العلاء عن عبيد الله بن الوليد العجلي عن إبراهيم عن داود بن عبادة بن الصامت قال طلق جدي امرأة له ألف تطليقة فانطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه و سلم أما اتقى الله جدك أما ثلاث فله وأما تسع مائة وسبعة وتسعون فعدوان وظلم إن شاء الله تعالى عذبه وإن شاء غفر له

 

إسناده ضعيف وهو منكر، إبراهيم بن عبيد الله ذكره ابن حجر في لسان التهذيب ونقل عن الدراقطني أنه ضعيف، وقال مرة مجهول، وأما داود بن عبادة فلم يترجم له أحد من مؤلفي الجرح والتعديل يعني من المجاهيل. وأخرج الحديث الدراقطني في سننه.

 

عمر هو من حرم بيع أمهات الأولاد من المستعبَدات

 

إحدى التحسينات والتغييرات الجريئة الجيدة التي قام بها عمر بن الخطاب هي منعه بيع المستعبدات اللاتي أنجبن للـ"مالكين" الرجال، لأن هذا تفريق بين الأم والأبناء، وعدم مراعاة للعشرة بين الطرفين من الناحية الإنسانيةن وقضى عمر بأنها بعد موت "المالك" "سيدها" تكون حرة. لم يكن هذا التشريع على عهد محمد، فكان الوضع في عهده سيئًا أكثر سوءً، وكان بعض المسلمين يقومون بهذا النوع من البيع بلا مبالاة. تشريع عمر أفضل من تشريع محمد في هذه النقطة إذن.

 

روى أحمد:

 

14446 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: " إِنَّا كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَّنَا أُمَّهَاتِ أَوْلَادِنَا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا حَيٌّ، لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" برقم (13211) ، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (2517) ، والدارقطني 4/135، والبيهقي 10/348. وأخرجه الشافعي في "السنن المأثورة" (286) ، والنسائي في "الكبرى" (5039) من طريق مكي بن إبراهيم، والنسائي (5040) من طريق أبي عاصم، وأبو يعلى (2229) ، وابن حبان (4323) من طريق روح بن عبادة، ثلاثتهم عن ابن جريج، به. وأخرجه أبو داود (3954) ، وابن حبان (4324) ، والحاكم 2/18-19، والبيهقي 10/328 من طريق قيس بن سعد، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر ابن عبد الله قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر، فلما كان عمرُ نهانا فانتهينا. وإسناده صحيح على شرط مسلم. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سلف برقم (11164) .// وأخرج الدارقطني 4/134 من طريق يونس بن محمد المؤدب، عن عبد العزيز بن مسلم القسملي، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع أمهات الأولاد، وقال: "لا يُبَعْنَ، ولا يُوهَبْنَ، ولا يُورَثْنَ، يستمتع بها سيدها ما دام حياَ، فإذا مات فهي حرة".// وخالف يونس بن محمد- وهو ثقة- يحيى بن إسحاق السيلحيني وفليح بن سليمان عند الدارقطني 4/134 عن عبد العزيز بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر موقوفاً. = وتابعَ عبدَ العزيز بن مسلم- في الرواية المرفوعة- عبد الله بنُ جعفر، عن عبد الله بن دينار، به، أخرجه ابن عدي في "الكامل" 4/1494، والدارقطني 4/135، وأعلَّه ابن عدي بعبد الله بن جعفر بن نَجيح المديني، فإنه ضعيف. قلنا: وقع في نسختنا من "سنن" الدارقطني: عبد الله بن جعفر المخرمي، فإن صح ذلك فهو ثقة.

قال الحازمي في "الاعتبار" ص16 وهو يعدد وجوه الترجيح في النسخ: الوجه الخامس والعشرون: أن يكون أحد الحديثين منسوباً إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصاً وقولاً، والآخر ينسب إليه استدلالاً واجتهاداً، فيكون الأول مرجحاً، نحو ما رواه عبد الله بن عمر: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع أمهات الأولاد، وقال: "لا يبعن ولا يوهبن، ويستمتع بها سيدها ما بدا له، فإذا مات فهي حرة"، فهذا أولى بالعمل من الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري (سلف برقم: 11164) : كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأن حديث ابن عمر من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا خلاف في كونه حجة، وحديث أبي سعيد ليس فيه تنصيص منه عليه السلام، فيحتمل أن من كان يرى هذا، لم يَسمَع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلافَه، وكان ذلك اجتهاداَ منه، فكان تقديمُ ما نُسِبَ إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصًّا أوْلَى. قلنا: ويؤيد ما رجحه الحازمي حديث أبي أيوب الذي أخرجه الدارمي (2479) ، والترمذي (1283) وحسَّنه، وصححه الحاكم 2/55، وسيأتي في "المسند" 5/413، ولفظه: "من فَرق بين الوالدة وولدها، فَرَّق الله بينه وبين أحبتِه يوم القيامة". وحديث علي عند أبي داود (2696) ، والدارقطني 3/66، والحاكم 2/55، والبيهقي 9/126: أنه فَرق بين جارية وولدها، فنهاه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، ورد البيع. وحديث أبي موسى عند ابن ماجه (2250) : لَعَن رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فَرَّق بين الوالدة وولدها، وبين الأخ وبين أخيه. ولا بأس بها في الشواهد.

 

11164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زَيْدٍ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الصِّدِّيقِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. وأخرجه الطيالسي (2200) -ومن طريقه البيهقي في "السنن" 10/348-، والنسائي في "الكبرى" (5041) ، والدارقطني 4/135-136، من طريق خالد بن الحارث، والحاكم 2/19 من طريق عمرو بن مرزوق، ثلاثتهم عن شعبة، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث جابر بإسناد صحيح، سيرد 3/321.  وانظر (11647) و (11839) .

 

وروى أبو داوود:

3954 - حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن قيس عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا .

 

قال الألباني: صحيح، قلت:  وأخرجه الحاكم 2/18-19، والبيهقي 10/347 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد، وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ، ووافقه الذهبي.

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

13211 - عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول كنا نبيع أمهات الأولاد والنبي صلى الله عليه و سلم فينا حي لا نرى بذلك بأسا

 

13224 - عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن بن سيرين عن عبيدة السلماني قال سمعت عليا يقول اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن قال ثم رأيت بعد أن يبعن قال عبيدة فقلت له فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة - أو قال في الفتنة - قال فضحك علي

 

قال الحافظ في "التلخيص" 4/219 بعد أن أخرجه عن عبد الرزاق: وهذا الإسناد معدود في أصح الأسانيد.// وأخرجه البيهقي 10/348 من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، به.

 

13210 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني عبد الرحمن بن الوليد أن أبا إسحاق الهمداني أخبره أن أبا بكر كان يبيع أمهات الأولاد في إمارته وعمر في نصف إمارته ثم إن عمر قال كيف تباع وولدها حر فحرم بيعها حتى إذا كان عثمان شكوا أو ركبوا في ذلك

 

13225 - عبد الرزاق عن عبيد الله وعبد الله ابني عمر عن نافع عن بن عمر قال قضى عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن ولا يوهبن ولا يرثن يستمتع بها صاحبها ما كان حيا فإذا مات عتقت

 

13226 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن عمر أعتق أمهات الأولاد إذا مات ساداتهن

 

13243 - عبد الرزاق عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة ان عمر بن الخطاب قال الأمة يعتقها ولدها وإن كان سقطا

 

13231 - عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء عن الأعمش عن إبراهيم قال أعتق عمر أمهات الأولاد إذا مات ساداتهن فأتت امرأة منهن عليا أراد سيدها أن يبيعها في دين كان عليه فقال اذهبي فقد أعتقكن عمر

 

13212 - عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني عطاء أنه بلغه أن عليا كتب في عهده وإني تركت تسع عشرة سرية فأيتهن ما كانت ذات ولد قومت بحصة ولدها بميراثه مني وأيتهن ما لم تكن ذات ولد فهي حرة قال فسألت محمد بن علي بن حسين الأكبر أذلك في عهد علي قال نعم

 

13213 - عبد الرزاق عن بن عيينة عن عمرو بن دينار قال كتب علي في وصيته فإن حدث بي حدث في هذا الغزو أما بعد فإن ولائدي اللاتي أطوف عليهن تسع عشرة وليدة منهن أمهات أولاد معهن أولادهن ومنهن حبالي ومنهن من لا ولد لهن فقضيت إن حدث بي حدث في هذا الغزو فإن من كانت منهن ليست بحبلى وليس لها ولد فهي عتيقة لوجه الله ليس لأحد عليها سبيل ومن كانت منهن حبلى أو لها ولد فإنها تحبس على ولدها وهي من حظه فإن مات ولدها وهي حية فإنها عتيقة لوجه الله هذا ما قضيت في ولائدي التسع عشرة والله المستعان شهد هياج بن أبي سفيان وعبيد الله بن أبي رافع وكتب في جمادى سنة سبع وثلاثين

 

وصية علي تدل على أنه لم يكن تشريعًا إسلاميًّا ثابتًا عن محمد

 

13242 - عبد الرزاق قال وأخبرني عن جرير بن حازم قال قال رجل لسالم بن عبد الله أم ولد لأبي فجرت قال فجورها على نفسها وهي امرأة حرة

 

وهناك صحابة فقهاء تمسكوا بمذهب محمد الأصلي:

 

13216 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني عطاء أن بن عباس قال لا تُعْتَق أم الولد حتى يتكلم بعتقها

 

13218 - عبد الرزاق عن بن عيينة عن عمرو بن دينار - أظنه - عن عطاء عن بن عباس قال في أم الولد والله ما هي إلا بمنزلة بعيرك أو شاتك

 

13214 - عبد الرزاق عن بن عيينة عن الأعمش عن زيد بن وهب قال مات رجل منا وترك أم ولد فأراد الوليد بن عقبة أن يبيعها في دينه فأتينا ابن مسعود فوجدناه يصلي فانتظرناه حتى فرغ من صلاته فذكرنا ذلك له فقال إن كنتم لا بد فاعلين فاجعلوها في نصيب ولدها قال فجاءه رجلان قد اختلفا في آية فقرأ أحدهما فقال عبد الله أحسنت من أقرأك قال أقرأني أبو حكيم المزني فاستقرأ الآخر فقال أحسنت من أقرأك فقال أقرأني عمر بن الخطاب قال فبكى عبد الله حتى خضب دموعه الحصى ثم قال اقرأ كما أقرأك عمر ثم دور داره بيده ثم قال إن عمر كان حصنا حصينا للإسلام يدخل الناس فيه و لا يخرجون قال فلما مات عمر أسلم الحصن والناس يخرجون منه ولا يدخلون فيه

 

ربما يمكنني ربط تأثر عبد الله بن مسعود بمقارنته رحمة عمر في هذه المسألة بحكم عثمان وأقاربه الأمويين الشرير القاسي. من عادة ابن مسعود إباحة كل القراآت وهو تقليد محمدي أقدم بمرونة النص والقراءة المتعددة بالمعنى، لكن لتأثره أوصى بذلك.

 

13228 - عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال لقيه نفر فقال من أين أقبلتم قالوا من العراق قال فمن لقيتم قالوا ابن الزبير قالوا فأحل لنا اشياء كانت تحرم علينا قال ما أحل لكم مما حرم عليكم قالوا بيع أمهات الأولاد قال تعرفون أبا حفص عمر نهى أن تباع أو توهب او تورث وقال يستمتع منها صاحبها ما كان حيا فإذا مات فهي حرة

 

13217 - عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء أن بن الزبير جعلها في نصيب ابنها

 

هذا حل وسط، فهو قيَّمَ قيمتها ماليًّا كبضاعة تجارة نخاسة، ثم جعلها من نصيب ابنها.

وروى ابن أبي شيبة:

 

22010- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرِ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبِيدَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : اسْتَشَارَنِي عُمَرُ فِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ فَرَأَيْتُ أَنَا وَهُوَ إذَا وَلَدَتْ أُعْتِقَتْ فَقَضَى بِهِ عُمَرُ حَيَاتَهُ وَعُثْمَانُ مِنْ بَعْدِهِ ، فَلَمَّا وَلِيتُ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِمَا رَأَيْت أَنْ أُرِقَّهَا

قَالَ الشَّعْبِيُّ : فَحَدَّثَنِي ابْنُ سِيرِينَ ، قَالَ : قُلْتُ لِعَبِيدَةَ : مَا تَرَى ؟ قَالَ : رَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ حِينَ أَدْرَكَ في الاخْتِلاَفَ.

 

22013- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنَ كُهَيْلٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : بَاعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدٍ فِينَا ، ثُمَّ رَدَّهُنَّ فِينَا ، حَتَّى رَدَّهُنَّ حَبَالَى مِنْ تُسْتَرَ.

 

22014- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ الأَعْمَش ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : أَتَتْ عَلِيًّا أُمُّ وَلَدٍ فَقَالَ : إنَّ عُمَرَ قَدْ أَعْتَقَكُنَّ.

 

22015- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ : فَشَا فِي عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ يَرَى بَيْعَ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَذَاكَرَهُ فِي ذَلِكَ ، فَإِذَا عُمَرُ أَشَدُّ فِي عِتْقِهِنَّ مِنَ الرَّجُلِ الَّذِي ذَاكَرَهُ ذَلِكَ ، وَإِذَا عُمَرُ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ رَأْيُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

 

22017- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ : أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ بَيْعَ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ ، فَقَالَ : لَكِنَّ عُمَرَ الْقَوِيَّ الأَمِينَ أَعْتَقَهُنَّ.

 

22012- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : مَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ يَبِيعُهَا ، فَأَتَيْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ : إِنْ كُنْتُمْ لاَ بُدَّ فَاعِلِينَ فَاجْعَلُوهَا مِنْ نَصِيبِ ابْنِهَا.

 

22011- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا نَافِعٌ : أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ سَأَلاَ ابْنَ عُمَرَ بِالأَبْوَاءِ ، قَالاَ : تَرَكْنَا ابْنَ الزُّبَيْرِ يَبِيعُ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ بِمَكَّةَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ أَتَعْرِفَانِهِ ؟ قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ وَلَدَتْ مِنْهُ جَارِيَةٌ فَهِيَ لَهُ مُتْعَةٌ حَيَاتَهُ ، وَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ وَطِئَ جَارِيَةً ، ثُمَّ أَضَاعَهَا فَالْوَلَدُ لَهُ وَالضَّيْعَةُ عَلَيْهِ.

 

22016- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ : قيلَ لاِبْنِ عُمَرَ : إنَّ ابْنَ الزُّبَيْرَ يَبِيعُ أُمَّهَاتِ الأَوْلاَدِ ، فَقَالَ : ابْنُ عُمَرَ : لَكِنَّ عُمَرَ قَضَى أَنْ لاَ تُبَاعَ وَلاَ تُوهَبَ وَلاَ تُورَثَ ، يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا صَاحِبُهَا حَيَاتَهُ ، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ.

 

22018- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ : قَضَى عُثْمَانُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَنَّهَا حُرَّةٌ إذَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا.

 

22019- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ عُرْوَةَ (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهُ جَعَلَ أُمَّ الْوَلَدِ مِنْ نَصِيبِ وَلَدِهَا.

 

202- إذا فَجَرَت يرِقّها أم لاَ ؟.

22020- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : إذَا أَتَتْ أُمُّ وَلَدٍ بِفَاحِشَةٍ لاَ يُرِقُّهَا ذَلِكَ ، فَهِيَ عَلَى حَالِهَا ، إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا عَتَقَتْ.

 

22021- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ لاَ يَرَيَانِ أَنْ تُبَاعَ أُمُّ الْوَلَدِ ، وَإِنْ بَغَتْ ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنْ تُبَاعَ.

 

بعض المسلمين شعروا بالحرج والتناقض؛ كيف أن عمر شرع تشريعًا أفضل وأكثر إنسانية من محمد؟! لذلك لفقوا أحاديث تنسب التشريع إلى محمد، لكن لم يرد ذلك في كتب المتقدمين كالبخاري ومسلم وكتبة السنن، وأما كتابات المتأخرين كالدارقطني (306- 308ه) والطحاوي (229-321ه) وابن حبان (توفي 354ه)، (قارن مع البخاري 194-256 ه، وأحمد 164-241ه مثلًا) وأصحاب التفاسير كابن كثير (متأخر كثيرًا) وكالطبري (رغم كونه قديمًا) ففيها تلفيقات لحل مشاكلهم وتناقضاتهم ومحرجاتهم بصورة رهيبة وفادحة، لذلك في كل بحوثي لم أعتمد إلا على المصادر الأقدم بالذات أكثر شيء. أما نهي محمد فكان عن بيع الأم وأبناؤها لا يزالون أطفالًا فقط، أما لو كبروا عن الرضاعة والرعاية فلم يمانع، كما أذكر في فقرة أخرى من ذلك الباب.

 

توجد حالة واحدة مزعومة حرر فيها محمد أم ولد لكن من مال الدولة بتقديم مستعبَدة أخرى بدلًا منها، وليس بقانون تحرير،  روى أحمد:

 

27029 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْخَطَّابِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي سَلَامَةُ بِنْتُ مَعْقِلٍ، قَالَتْ: كُنْتُ لِلْحُبَابِ بْنِ عَمْرٍو وَلِي مِنْهُ غُلَامٌ، فَقَالَتْ لِيَ امْرَأَتُهُ: الْآنَ تُبَاعِينَ فِي دَيْنِهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ صَاحِبُ تَرِكَةِ الْحُبَابِ بْنِ عَمْرٍو " فَقَالُوا: أَخُوهُ أَبُو الْيُسْرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لَا تَبِيعُوهَا، وَأَعْتِقُوهَا، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَقِيقٍ قَدْ جَاءَنِي، فَأْتُونِي أُعَوِّضُكُمْ " . فَفَعَلُوا، فَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ قَوْمٌ: أُمُّ الْوَلَدِ مَمْلُوكَةٌ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُعَوِّضْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ حُرَّةٌ قَدْ أَعْتَقَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَفِيَّ كَانَ الِاخْتِلَافُ

 

إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدلِّس، وقد عنعن، ووالدة الخطاب بن صالح لم يرو عنها سوى ابنها، ولم يؤثر توثيقها عن أحد، فهي في عداد المجاهيل. وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/345 من طريق إسحاق بن إبراهيم الرازي، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3596) من طريق محمد بن حميد، عن سَلَمة بن الفضل، به. وأخرجه أبو داود (3953) ، والطبراني 24/ (780) من طريقين عن محمد ابن إسحاق، به.

قال السندي: قوله: كنت للحُباب، أي: أمَّ ولد له، أو مملوكةً له، وأما كونها أمَّ ولدٍ له، فيوجد من قولها: ولي منه ولد، أي: حصل لي منه ولد، فصرتُ أمَّ ولدٍ له.

 

وروى عبد الرزاق:

 

13232 - عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن عبد الله عن القاسم بن محمد أن رجلا من الأنصار توفي عن أم ولد له فأعتقها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم أصاب غنيمة فأعاض أهلها

 

هذا حالة فردية تدخل محمد فيها تدخلًا فرديًّا، على طريقة معالجة حكومة فاسدة لمريض ظهر على التلفزيون يتشكى كثيرًا أو وصل للوزير وعرض مشكلته، في حين تترك ملايين يعانون بلا حل ولا قانون ولا وصول لحقوقهم. لم يشرع محمد لتحرير أمهات الأولاد بنفس الطريقة، لكن لأن تلك المرأة جاءته تتشكى من ظلم لإنسانيتها كان سيقع عليها وأن زوجة المتوفي التي كانت بمثابة ضرة ومنافسة لها كانت تريد أذيتها، والحديث عند أحمد رغم تضعيفهم لإسناده لكن حسب منهجي فهو خبر موثَّق تاريخيًّا وموثوق فيه ذكر أسماء الأشخاص وتفاصيل الحدث بوضوح، الحالة الفردية التي قام بها محمد أوحت لعمر بفكرة وتشريع أفضل وهو تعميم الحالة كتشريع دون إلزام الدولة بدفع تعويض، لأنه سيكون قانونًا عامًّا يسري من لحظة إعلانه. محمد عوَّض المستعبَدة المحرَّرة بأخرى، هذا كتضحيتك بغريب لأجل قريبك، فهذه ليست فضيلة، بل رذيلة لا شك فيها. وطبعًا الرقيق الذي جاء إلى محمد هو ببساطة سبايا النساء المخطوفات في حروبه العدوانية الشريرة. محمد كنخّاس وتاجر عبيد وإماء، وأسوأ من القوّاد، على الأقل القوّاد ربما لا يجبر النساء ولا يستعبدهن. الاستعباد باطل.

 

وقال الشيعة الاثناعشرية:

 

كتاب سليم بن قيس (الحديث الرابع عشر) عن أمير المؤمنين (ع) في سياق ذكر بدع عمر (الحديث الرابع عشر): قال (ع) و عتقه أمهات الأولاد و أخذ الناس بقوله و تركوا أمر الله وأمر رسوله و رده سبايا تستر وهن حبالى وإعتاقه سبايا أهل اليمن الحديث

 

رغم مساوئ الإسلام ومساوئ عمر كشخصية وممارسات، فهذا تشريع لا يُعاب عليه، لكن الحق هو منع الاستعباد لأنه باطل من الأساس وغير عادل ولا أخلاقي.

 

ثروة محمد من النهب، ومصادرة أبي بكر وعمر لثروة محمد بعد موته لصالح بيت المال

 

لقد اغتنى محمد بنهبه لأموال اليهود وكذلك وثنيي العرب، ويقول البخاري:

 

2904 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

بَاب كَيْفَ قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ وَمَا أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ فِي نَوَائِبِهِ

3128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخَلَاتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ

 

3151 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ

 

4028 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ حَارَبَتْ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا وَأَجْلَى يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ

 

4031 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ فَنَزَلَتْ { مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ }

 

2328 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ وَعِشْرُونَ وَسْقَ شَعِيرٍ فَقَسَمَ عُمَرُ خَيْبَرَ فَخَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ مِنْ الْمَاءِ وَالْأَرْضِ أَوْ يُمْضِيَ لَهُنَّ فَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الْأَرْضَ وَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الْوَسْقَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتْ الْأَرْضَ

 

ورواه أحمد 4732 و4663 و4946 ومسلم 1551

نصف ريع خيبر كان ملكًا لمحمد

 

روى أحمد:

 

16417 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَهُمْ يَذْكُرُونَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ وَصَارَتْ خَيْبَرُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ ضُعِفَ عَنْ عَمَلِهَا فَدَفَعُوهَا إِلَى الْيَهُودِ يَقُومُونَ عَلَيْهَا وَيُنْفِقُونَ عَلَيْهَا، عَلَى أَنَّ لَهُمْ نِصْفَ مَا خَرَجَ مِنْهَا، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا ، جَمَعَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ، فَجَعَلَ نِصْفَ ذَلِكَ كُلِّهِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَسَهْمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا، وَجَعَلَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِمَنْ يَنْزِلُ بِهِ مِنَ الْوُفُودِ وَالْأُمُورِ وَنَوَائِبِ النَّاسِ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، ولا تضر جهالة الصحابة الذين روى عنهم بُشَيْر، وقد سمى أحدهم في أحد طرق الحديث، وهو سهل ابن أبي حثمة كما سيأتي في التخريج. محمد بن فضيل: هو ابن غزوان الضبي، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (95) ، وأبو داود (3012) ، والبيهقي في "السنن" 6/317 من طريق محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (94) ، ومن طريقه أبو داود (3011) عن أبي شهاب الحناط، عن يحيى بن سعيد، به. وأخرجه أبو داود (3010) ، والبيهقي في "السنن" 6/317 من طريق سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثْمَة، نحوه مختصراً. وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (90) - ومن طريقه البلاذري في "فتوح البلدان" ص39- عن حماد بن سلمة، وأخرجه يحيى بن آدم كذلك (91) عن عبد السلام بن حرب، وأخرجه يحيى بن آدم كذلك (95) ، وأبو عبيد في "الأموال" (142) ، وابن سعد في "الطبقات" 2/113، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (219) ، والبلاذري في "فتوح البلدان " ص 38 من طريق يزيد بن هارون، وأبو داود (3014) من طريق سليمان بن بلال، وأبو داود كذلك (3013) ، والبيهقي في "السنن" 6/317 من طريق أبي خالد الأحمر، خمستهم عن يحيى بن سعيد، عن بُشَيْر، مرسلاً. وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (4663) .

قال السندي: قوله: أدركهم، أي: بُشَيْر أدرك أولئك الصحابة.  قوله: ضَعُفَ، أي: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي لعدم الفراغ عن الحروب ما تيسَر له الاشتغال بأمرها.  قوله: لمن ينزل به، أي: بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي "من" تغليب يظهر ذلك من بيانه بالوفود والأمور والنوائب.

 

مصادرة أبي بكر لأملاك زوجات وبنت محمد لصالح خزانة الدولة

 

3093 - فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ قَالَتْ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ وَصَدَقَتَهُ بِالْمَدِينَةِ فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقَالَ لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكٌ فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ وَقَالَ هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الْأَمْرَ قَالَ فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ

4240و4241 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام بِنْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَالِ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلًا وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الْأَشْهُرَ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ ائْتِنَا وَلَا يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ لَا وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَقَالَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالْأَمْرِ وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصِيبًا حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنْ الْخَيْرِ وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنْ الْبَيْعَةِ وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ نَصِيبًا فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا أَصَبْتَ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ

 

6725 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ عَلَيْهِمَا السَّلَام أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَيْهِمَا مِنْ فَدَكَ وَسَهْمَهُمَا مِنْ خَيْبَرَ فَقَالَ لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَا أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلَّا صَنَعْتُهُ قَالَ فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ

 

وروى أحمد:

 

* 14 - حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة - وسمعته من عبد الله بن أبي شيبة - قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن الوليد بن جميع ، عن أبي الطفيل ،قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت فاطمة إلى أبي بكر : أنت ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أم أهله ؟ قال : فقال : لا ، بل أهله . قالت : فأين سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فقال أبو بكر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله عز وجل ، إذا أطعم نبيا طعمة ، ثم قبضه جعله للذي يقوم من بعده " فرأيت أن أرده على المسلمين . قالت : فأنت ، وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم.

 

إسناده حسن ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الوليد بن جميع - وهو الوليد بن عبد الله بن جميع - فمن رجال مسلم ، وفيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح . أبو الطفيل: هو عامر بن واثلة ، من صغار الصحابة ، وهو آخرهم موتا. وأخرجه عمر بن شبة في " تاريخ المدينة " 1 / 198 ، والمروزي (78) ، وأبو يعلى (37) عن عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، بهذا الإسناد . وأخرجه أبو داود (2973) ، والبزار (54) من طريقين عن محمد بن فضيل ، به. وله شاهد عند البخاري في " تاريخه الكبير " 4 / 46 ، والسهمي في " تاريخ جرجان " ص 493 من طريق سليمان بن عبد الرحمن ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر وغيره أنهما سمعا بلال بن سعد يحدث عن أبيه سعد بن تميم السكوني وكان من الصحابة قال : قيل : يا رسول الله ما للخليفة من بعدك ؟ قال : " مثل الذي لي ما عدل في الحكم وقسط في القسط ورحم ذا الرحم ، فمن فعل غير ذلك فليس مني ولست منه " وهذا سند صحيح وأورده الهيثمي 5 / 231 - 232 وقال : رواه الطبراني ، ورجاله ثقات .

 

25 - حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا أبي ، عن صالح ، قال ابن شهاب : أخبرني عروة بن الزبير ، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أخبرته: أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وكانت فاطمة رضي الله عنها تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك ، وصدقته بالمدينة ، فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال : لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به ، إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ .

فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس ، فغلبه عليها علي ، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر رضي الله عنه ، وقال : هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانتا لحقوقه التي تعروه ، ونوائبه ، وأمرهما إلى من ولي الأمر . قال : فهما على ذلك اليوم.

                      

إسناده صحيح على شرط الشيخين . يعقوب : هو ابن ابراهم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ، وصالح : هو ابن كيسان. وأخرجه مسلم (1759) ، وأبو داود (2970) ، وأبو يعلى (43) من طريق يعقوب بن إبراهيم ، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3092) ، والبيهقي 6 / 300 من طريق عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، عن إبراهيم بن سعد ، به . وقد تقدم برقم (9) .

 

58 - حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة: أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك ، وسهمه من خيبر ، فقال لهما أبو بكر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا نورث ، ما تركنا صدقة ، وإنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المال " وإني والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته.

 

صحيح على شرط الشيخين

 

60 - حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة أن فاطمة قالت لأبي بكر : من يرثك إذا مت ؟ قال : ولدي وأهلي . قالت : فما لنا لا نرث النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : " إن النبي لا يورث " ، ولكني أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعول ، وأنفق على من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق .

 

حديث صحيح لغيره ، وأبو سلمة - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف - لم يدرك أبا بكر ، لكن سيأتي الحديث موصولا برقم (79) عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة . فانظر تخريجه هناك .

 

مصادرة عمر لنصيب آل عبد المطلب وهاشم من خمس الغنائم لصالح خزانة الدولة

 

صراع ورثة محمد على ميراثه ونزع عمر بن الخطاب له منهم

 

روى أحمد:

 

2235 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ أشْيَاءَ، فَشَهِدْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ حِينَ قَرَأَ كِتَابَهُ، وَحِينَ كَتَبَ جَوَابَهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللهِ لَوْلَا أَنْ أَرُدَّهُ عَنْ شَرٍّ يَقَعُ فِيهِ، مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ وَلَا نَعْمَةَ عَيْنٍ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّكَ سَأَلْتَنِي عَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى الَّذِي ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ هُمْ ؟ وَإِنَّا كُنَّا نُرَى أَنَّ قَرَابَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا، وَسَأَلَهُ عَنِ الْيَتِيمِ: مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُهُ ؟ وَإِنَّهُ إِذَا بَلَغَ النِّكَاحَ، وَأُونِسَ مِنْهُ رُشْدٌ، دُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ، وَقَدِ انْقَضَى يُتْمُهُ . وَسَأَلَهُ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُ مِنْ صِبْيَانِ الْمُشْرِكِينَ أَحَدًا ؟، فَقَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلْ مِنْهُمْ أَحَدًا "، وَأَنْتَ فَلَا تَقْتُلْ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَعْلَمُ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ . وَسَأَلَهُ عَنِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ: هَلْ كَانَ لَهُمَا سَهْمٌ مَعْلُومٌ إِذَا حَضَرُوا الْبَأْسَ ؟ وَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَهْمٌ مَعْلُومٌ إِلَّا أَنْ يُحْذَيَا مِنْ غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ

         

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الدارمي (2471) ، ومسلم (1812) (140) ، وابن الجارود (1086) ، والطحاوي 3/220 و235، والطبراني (10830) ، والبيهقي 6/332 من طرق عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد. وبعضهم يزيد فيه على بعض. وأخرجه أبو عبيد في "الأموال" (852) ، ومسلم (1812) (141) ، وأبو داود (2727) ، والطبراني (10831) من طريق الأعمش، عن المختار بن صيفي، عن يزيد بن هرمز، به. ورواية مسلم وأبي داود مختصرة. وأخرجه مختصراً أبو يعلى (2551) من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني من لا أتهم، عن يزيد بن هرمز، به. وأخرج قصة سهم ذوي القربى النسائي في "الكبرى" (11577) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن جرير بن حازم، به. وسيأتي الحديث برقم (2685) و (2811) و (2941) و (3200) و (3264) و (3299) ، وانظر (1967) .

وقوله: "يُحذيا" أي: يعطيا. و"نُعمة عَيْن" أي: قُرة عَيْن.

ونجدة بن عامر: هو نجدة بن عامر الحَروري الحنفي من بني حنيفة من بكر بن وائل، ولد سنة (36) هـ، وقتل سنة (69) هـ. وهو رأس الفرقة النجدية نسبة إليه من الحرورية، ويعرف أصحابها بالنجدات، انفرد عن سائر الخوارج بآراء. قال ابن حجر في "لسان الميزان" 6/148: قدم مكة، وله مقالات معروفة وأتباع انقرضوا، وكان أول أمره من أتباع نافع بن الأزرق، ثم خالفه واستقل بمذهبه، ثم خرج مستقلا باليمامة سنة (66) هـ أيام عبد الله بن الزبير في جماعة كبيرة، وأتى البحرين واستقر بها.

 

روى مسلم:

 

[ 1757 ] وحدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أن مالك بن أوس حدثه قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فجئته حين تعالى النهار قال فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله متكئا على وسادة من آدم فقال لي يا مال إنه قد دف أهل أبيات من قومك وقد أمرت فيهم برضخ فخذه فاقسمه بينهم قال قلت لو أمرت بهذا غيري قال خذه يا مال قال فجاء يرفا فقال هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد فقال عمر نعم فأذن لهم فدخلوا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي قال نعم فأذن لهما فقال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن فقال القوم أجل يا أمير المؤمنين فاقض بينهم وأرحهم فقال مالك بن أوس يخيل إلي أنهم قد كانوا قدموهم لذلك فقال عمر اتئدا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة قالوا نعم ثم أقبل على العباس وعلي فقال أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة قالا نعم فقال عمر إن الله جل وعز كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره قال { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول }  ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا قال فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النضير فوالله ما استأثر عليكم ولا أخذها دونكم حتى بقي هذا المال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة ثم يجعل ما بقي أسوة المال ثم قال أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون ذلك قالوا نعم ثم نشد عباسا وعليا بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك قالا نعم قال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئتما تطلب ميراثك من بن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نورث ما تركنا صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق فوليتها ثم جئتني أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد فقلتما ادفعها إلينا فقلت إن شئتم دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتماها بذلك قال أكذلك قالا نعم قال ثم جئتماني لأقضي بينكما ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فرداها إلي

 

 [ 1757 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد قال بن رافع حدثنا وقال الآخران أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فقال إنه قد حضر أهل أبيات من قومك بنحو حديث مالك غير أن فيه فكان ينفق على أهله منه سنة وربما قال معمر يحبس قوت أهله منه سنة ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله عز وجل

 

روى البخاري:

 

5357 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ قَالَ لِي مَعْمَرٌ قَالَ لِي الثَّوْرِيُّ هَلْ سَمِعْتَ فِي الرَّجُلِ يَجْمَعُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ أَوْ بَعْضِ السَّنَةِ قَالَ مَعْمَرٌ فَلَمْ يَحْضُرْنِي ثُمَّ ذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ

 

5358 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مَالِكٌ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ إِذْ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ قَالَ نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمْ قَالَ فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا فَجَلَسُوا ثُمَّ لَبِثَ يَرْفَا قَلِيلًا فَقَالَ لِعُمَرَ هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمَا فَلَمَّا دَخَلَا سَلَّمَا وَجَلَسَا فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنْ الْآخَرِ فَقَالَ عُمَرُ اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ قَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ قَالَا قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَالِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ { مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ إِلَى قَوْلِهِ قَدِيرٌ } فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ فَعَمِلَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالَا نَعَمْ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ يَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَذَا وَكَذَا وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جِئْتُمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ وَأَتَى هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ وَبِمَا عَمِلْتُ بِهِ فِيهَا مُنْذُ وُلِّيتُهَا وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي فِيهَا فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ فَقَالَ الرَّهْطُ نَعَمْ قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ قَالَا نَعَمْ قَالَ أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا فَأَنَا أَكْفِيَكُمَاهَا

 

4033 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعَاهُ إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ فَقَالَ نَعَمْ فَأَدْخِلْهُمْ فَلَبِثَ قَلِيلًا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ يَسْتَأْذِنَانِ قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا دَخَلَا قَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِي الَّذِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ فَاسْتَبَّ عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ فَقَالَ الرَّهْطُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنْ الْآخَرِ فَقَالَ عُمَرُ اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ قَالُوا قَدْ قَالَ ذَلِكَ فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَالَا نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ { وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ إِلَى قَوْلِهِ قَدِيرٌ } فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَقَسَمَهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ مِنْهَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ وَقَالَ تَذْكُرَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهِ كَمَا تَقُولَانِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهِ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ جِئْتُمَانِي كِلَاكُمَا وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ فَجِئْتَنِي يَعْنِي عَبَّاسًا فَقُلْتُ لَكُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا قُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُنْذُ وَلِيتُ وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي فَقُلْتُمَا ادْفَعْهُ إِلَيْنَا بِذَلِكَ فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهِ بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهُ فَادْفَعَا إِلَيَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهُ قَالَ فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ صَدَقَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ أَنَا سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنْتُ أَنَا أَرُدُّهُنَّ فَقُلْتُ لَهُنَّ أَلَا تَتَّقِينَ اللَّهَ أَلَمْ تَعْلَمْنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَالِ فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ قَالَ فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ مَنَعَهَا عَلِيٌّ عَبَّاسًا فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ كِلَاهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلَانِهَا ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ وَهِيَ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا

 

وكانت مقدرة محمد المادية قوية إلى درجة إعطاء هدي للذبح لأصحابه ممن لم يكن معهم مال لإهدائه للكعبة للفقراء حسب الشعيرة المعروفة، روى أحمد:

 

2802 - حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني عكرمة، مولى ابن عباس، زعم أن ابن عباس، أخبره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم غنما يوم النحر في أصحابه، وقال: " اذبحوها لعمرتكم، فإنها تجزئ عنكم " فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس.

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة، فمن رجال البخاري. وأخرجه بنحوه الطبراني (11561) من طريق داود بن الحصين، عن عكرمة، به.

قوله: "لعمرتكم"، أي: لمتعتكم كما هو مبين عند الطبراني.

 

ولفظ الطبراني في المعجم الكبير ج11 هكذا:

 

11561- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ الأَشْهَلِيُّ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَعَثَ بِغَنَمٍ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَقْسِمُهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ ، وَكَانُوا يَتَمَتَّعُونَ فَبَقِي تَيْسٌ فَضَحَّى بِهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي تَمَتُّعِهِ.

 

مال الدولة ومال محمد واحد

 

وكان محمد لا يفصل بين ذمته المالية أو يحدد لنفسه مرتبًا محدودًا ويفصل بذلك بين دخله الشخصي وعوائد دولته التي أنشأها، وكان يرث كل من لا وارث له باعتباره هو والدولة واحدًا، روى أحمد:

 

17175 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ تَرَكَ كَلًّا ، فَإِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ - وَرُبَّمَا قَالَ: فَإِلَيْنَا - وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَارِثِهِ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، وَأَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، أَرِثُهُ وَأَعْقِلُ عَنْهُ "

 

إسناده جيد، علي بن أبي طلحة صدوق من رجال مسلم، وباقي رجال الإسناد ثقات. بُدَيل: هو ابن ميسرة العُقيلي، وأبو عامر الهوزني: هو عبد الله بن لُحي. وأخرجه ابنُ ماجه (2738) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (172) ، وابن أبي شيبة 11/264، وأبو داود (2899) ، والنسائي في "الكبرى" (6356) ، وابن ماجه (2738) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/397- 398، وفي "شرح مشكل الآثار" (2749) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (625) ، والبيهقي في "السنن" 6/214 من طرق عن شعبة، به، وحسنه أبو زرعة فيما ذكر ابن أبي حاتم في "العلل" 2/50، وصححه ابن حبان (6035) ، وانظر الكلام عليه هناك. وأخرجه بنحوه أبو داود (2901) ، والبيهقي 6/214 من طريق يزيد بن حجر، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه، عن جده المقدام، به. وهذا إسناد مسلسل بالمجاهيل. وأخرجه بنحوه أيضاً النسائي (6357) من طريق ثور بن يزيد، عن راشد ابن سعد، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فذكره مرسلاً. وسيأتي بالأرقام (17176) و (17199) و (17200) و (17203) و (17204) .

قال السندي: قوله: "والخال وارثُ من لا وارث له" من أصحاب الفرائض والعصبات، واستدل به من يقول بتوريث ذوي الأرحام، ومن لا يقول به تمحل بما لا يتم.

 

ورواه أحمد 17204، وأخرجه أبو داود (2900) ، والنسائي في "الكبرى" (6355) ، وابن ماجه (2634) ، وابن الجارود في "المنتقى" (965) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2748) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (626) ، والدارقطني 4/85- 86 و86، والحاكم 4/344، والبيهقي في "السنن " 6/214، والبغوي في "شرح السنة" (2229) من طرق عن حماد بن زيد.

 

17176 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: عَنِ الْمِقْدَامِ، مِنْ كِنْدَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ.

 

حديث جيد، وهو مكرر سابقه، غير أن شيخ أحمد هنا هو حجاج: وهو ابن محمد المصيصي الأعور.

 

17199 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيْعَةً فَإِلَيَّ، وَأَنَا وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، أَفُكُّ عَنْهُ، وَأَرِثُ مَالَهُ، وَالْخَالُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، يَفُكُّ عَنْهُ، وَيَرِثُ مَالَهُ "

 

حديث جيد رجاله ثقات، غير أن معاوية بن صالح- وهو ابن حُدير الحمصي- خالف شعبةَ وحمادَ بن زيد فلم يذكر أبا عامر الهوزني بين راشد بن سعد وبين المقدام، وذكره شعبةُ وحمادُ بن زيد في الروايتين (17175) و (17203) ، وهو الأشبه بالصواب فيما ذكر الدارقطني في "العلل" (5/ورقة 15) ، وراشد بن سعد قد صرح بسماعه من المقدام عند الطحاوي في "مشكل الآثار" (2750) وأشار إليه أبو داود عقب حديثه (2900) ، فيكون راشد رواه مرة بواسطة أبي عامر الهوزني، ومرة بلا واسطة فيما ذكر ابن التركماني. حماد ابن خالد: هو الخياط. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6419) و (64354) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2750) و (2751) ، وفي "شرح معاني الآثار" 4/398 من طرق عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وقد سلف نحوه برقم (17175) .

قال السندي: قوله: أفك عنه: هكذا هاهنا، وسيجيء: وأفك عانه.// قلنا: سيجيء في الرقم (17203) ، قال ابن الأثير في "النهاية"، أي: عانيه، فحذف الياء. وفي رواية: عُنُوَه- وهي الآتية- ومعنى الأسر في هذا الحديث: ما يلزمه ويتعلَّق به بسبب الجنايات التي سبيلها أن تتحمَّلها العاقلة.

 

وقد عرض كما روى البخاري وغيره دفع أي ديون لمن يموت عاجزًا عن سدادها:

 

6731 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ

 

2298 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى وَإِلَّا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ

 

وروى أحمد:

 

9848 - حدثنا حجاج، قال: حدثنا ليث، قال: حدثنا عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين، فيسأل: " هل ترك لدينه من قضاء ؟ " فإن حدث أنه ترك وفاء، صلى عليه، وإلا، قال للمسلمين: " صلوا على صاحبكم "، فلما فتح الله عليه الفتوح، قام فقال: " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري (2298) و (5371) ، ومسلم (1619) (14) ، والترمذي (1070) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وانظر (7899). ورواه أحمد 7861 و7899 و9814 و8236 و8418 و8673 و9875 و9983 و10816 والبخاري 7645

 

وقصة مقابلة علي مع محمد في مكة خلال حجة الوداع وقصة فاطمة زوجته وإحلالها في صحيح مسلم 1218. وفيه ذكر عدد الهدي الذي قدمه محمد وعلي:

 

.... وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِمَّنْ حَلَّ ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا ، وَاكْتَحَلَتْ ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : إِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا ، قَالَ : فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ ، بِالْعِرَاقِ : فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ ، مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ : صَدَقَتْ صَدَقَتْ ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ ؟ قَالَ قُلْتُ : اللَّهُمَّ ، إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ ، قَالَ : فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلاَ تَحِلُّ قَالَ : فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِئَةً ، قَالَ : فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا ، إِلاَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ.

 

وروى أحمد من حديث رقم 14440:

 

... وقال لعلي: " بم أهللت ؟ " قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به بيده ثلاثة وستين، ثم أعطى عليا فنحر ما غبر ، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدر، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها، ثم قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " قد نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر "، ووقف بعرفة، فقال: " وقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف "، ووقف بالمزدلفة، فقال: " قد وقفت هاهنا، والمزدلفة كلها موقف "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير جعفر- وهو ابن محمد بن علي-، فمن رجال مسلم. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابن الجارود (465) ، وأبو يعلى (2126) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف- الجزء الذي نشره العمروي" ص377-381، وعبد بن حميد (1135) ، والدارمي (1850) و (1851) ، ومسلم (1218) (147) ، وأبو داود (1905) ، وابن ماجه (3074) ، وابن الجارود (469) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2434) و (4300) ، وفي "شرح معاني الآثار" 2/190-191، وابن حبان (3944) ، والبيهقي في "السنن" 5/6-9، وفي "الدلائل" 5/433-438 من طريق حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، به، مطولا جدا، لكن ليس فيه قوله في آخره: "قد نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر... إلخ". ورواية الطحاوي مختصرة. وأخرجه مسلم و (1218) (148) ، وأبو يعلى (2027) ، والطحاوي في "شرح المعاني" 2/191، وابن حبان (3943) ، والبغوي (1918) من طرق عن جعفر، به. مطولا- وبعضهم يزيد فيه على بعض. وأخرج قوله: "أذن في الناس."، وقصة الأمر بالإحلال والتمتع: الشافعي 1/371-372، والحميدي (1288) ، والترمذي (817) ، والنسائي 5/155، وابن خزيمة (2534) و (2603) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4301) ، وفي "شرح المعاني" 2/120 و140، والبيهقي 5/6، والبغوي (1876) من طرق عن جعفر بن محمد، به- ورواية ابن خزيمة الأولى مختصرة بدون التمتع. وأخرجه مختصرا بقصة الإهلال من ذي الحليفة: البخاري (1515) ، وابن خزيمة (2612) من طريق الأوزاعي، عن عطاء، عن جابر. وأخرجه مختصرا بقصة الرمل في الوادي أثناء السعي النسائي 5/243 من طريق يحيى القطان، به. وسيأتي مختصرا بهذه القصة برقم (14571) ، وانظر تمام تخريجه هناك. وأخرجه مختصرا: أن النبي صلى الله عليه وسلم ساق هديا في حجه، النسائي 5/176 من طريق ابن جريج، عن جعفر بن محمد، به. وأخرجه مختصرا بقصة أسماء بنت عميس: الدارمي (1812) ، ومسلم (1210) (110) ، والنسائي 1/122 و195، وابن ماجه (2913) ، والنسائي 1/154 و164 و208، وابن خزيمة (2594) ، والبيهقي 5/32، والبغوي (1862) من طرق عن جعفر، به. وأخرجه مختصرا بقصة التلبية: ابن أبي شيبة ص192، وأبو داود (1813) ، وابن ماجه (2919) ، والطحاوي 2/124، والبيهقي 5/45 من طرق عن جعفر، به. وأخرجه مختصرا بقصة الصلاة في المقام أبو داود (3969) ، وابن خزيمة (2754) من طريق يحيى بن سعيد، عن جعفر، به. وأخرجه مختصرا بقصة الطواف والصلاة في المقام والخروج إلى السعي والدعاء عليه، وبعضهم يزيد فيه على بعض الحميدي (1267) ، وابن أبي شيبة ص422 و427، والترمذي (856) و (862) و (869) و (870) و (2967) ، وابن ماجه (1008) و (2960) ، والنسائي 5/228 و235 و236 و240، وابن خزيمة (2620) و (2755) و (2756) ، والبيهقي 5/90 و90-91، من طرق عن جعفر، به، وزاد ابن خزيمة في روايته الأولى قصة قدوم علي وإهلاله. وأخرجه مختصرا بقصة الخروج إلى الصفا والدعاء عليها ابن خزيمة (2757) من طريق يحيى بن سعيد، به. وأخرجه مختصرا بخطبة التمتع وقدوم علي وقصته مع فاطمة النسائي 5/143-144 و157 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن جعفر، به - واقتصر في الموضع الثاني على قصة قدوم علي وإهلاله. وأخرج قوله: "قد نحرت هاهنا ومنى كلها منحر... إلخ" أو داود (1907) عن أحمد بن حنبل، به. وأخرجه مختصرا كذلك مسلم (1218) (149) ، وأبو داود (1936) ، والنسائي في "المجتبى" 5/255-256 و265، وفي "الكبرى" (4051) ، وابن خزيمة (2815) و (2857) و (2858) و (2890) ، والبيهقي 5/115 و170، والبغوي (1926) من طرق عن جعفر، به- وهو عند بعضهم مختصر. وأخرجه أيضا ابن ماجه (3012) ، والبيهقي 5/115 من طريق محمد بن المنكدر، عن جابر. وسيأتي ضمن حديث من طريق عطاء برقم (14498). وفي باب كم نحر النبي صلى الله عليه وسلم وأكله منه عن ابن عباس، سلف برقم (2880) .

 

ومقابلة علي لمحمد ابن عمه عند عودة الأول من اليمن ليقابله في مكة مذكورة في صحيح مسلم الحديث السابق وسنن البيهقي الكبرى 8590 و 8607 و 8633 و 8634 و9137 وغيرهما. وانظر ابن هشام ذكر ذات التفاصيل عن ابن إسحاق ج4 مطابقًا للواقدي، ما عدا عدد بدن الهدي لم يذكره.

 

ثم يقولون أن محمدًا كان فقيرًا زاهدًا، فمن كان يتصدق بما يفيض عن حاجته ولا يبالي به بمقدار مئة جمل، فكم تكون ثروته من خمس الغنائم المنهوبة على يد أتباعه والأراضي والمنهوبات المستولى عليها؟!

 

لقد اغتنى محمد من خلال ما امتلكه من أملاك مستولى عليها من خيبر وعوائد نصف  خيرات وادي القرى وفدك اليهوديتين، ومنها أعطى لزوجاته ولأقاربه وأنفق على التسليح وأحسن لبعض أتباعه الفقراء وأقاربه وهذا يصب في مصلحة انتشار دعوته، وخمس منهوبات الحروب والغارات. تقول كتب السيرة أنه في حجة الوداع ذبح عن نسائه في الهدي للكعبة البقر كما ذكر ابن إسحاق في سرده لها والبخاري 1709 وأحمد 25838، ألا ينبغي أن تكون قصص الأحاديث من أنه مات مدينًا ليهودي لا يملك شيئًا محض نكت وفكاهات ساذجة بالنسبة لنا إذن.

 

روى البخاري:

 

1709 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، لاَ نُرَى إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ»، قَالَتْ: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ، قَالَ: يَحْيَى، فَذَكَرْتُهُ لِلْقَاسِمِ، فَقَالَ: أَتَتْكَ بِالحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ

 

وروى مسلم:

 

[ 1211 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب جميعا عن بن عيينة قال عمرو حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا الحج حتى إذا كنا بسرف أو قريبا منها حضت فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال أنفست يعني الحيضة قالت قلت نعم قال إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي قالت وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

25838 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ، ....إلخ قَالَتْ: وَذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ، ...إلخ الحديث

وأخرجه الطيالسي (1413)، وأبو داود (1782)

 

وروى أحمد:

 

13806 - حدثنا يعمر بن بشر، حدثنا عبد الله، أخبرنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنا كثيرة، وقال: " لبيك بعمرة وحج "، وإني لعند فخذ ناقته اليسرى.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن لأجل يعمر بن بشر: وهو الخراساني، روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات "، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. عبد الله: هو ابن المبارك. وانظر ما سلف برقم (11958) .

 

13831 - حدثنا عفان، حدثنا وهيب بن خالد، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، وبات بها حتى أصبح، فلما صلى الصبح ركب راحلته، فلما انبعثت به سبح وكبر حتى استوت به البيداء، ثم جمع بينهما، فلما قدمنا مكة، أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلوا ، فلما كان يوم التروية أهلوا بالحج، ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع بدنات بيده قياما، وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بكبشين أقرنين أملحين "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي. وأخرجه البخاري (1551) و (1712) و (1714) ، وأبو داود (1796) ، والطحاوي 1/418، والبيهقي 5/9 و9/279، والبغوي (1879) من طرق عن وهيب بن خالد، بهذا الإسناد- والحديث عند بعضهم مختصر. وأخرجه مختصرا بقصة قصر الصلاة أبو عوانة 2/347 من طريق عبد الوهاب الثقفي، وفي الحج كما في "الإتحاف " 2/75 من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب، به- وزاد في الحج قصة الجمع في التلبية بين الحج والعمرة. وأخرج قصة النحر والأضحية أبو داود (2793) ، وأبو عوانة 5/192 من طريق موسى بن إسماعيل، عن وهيب بن خالد، به. وأخرج قصة النحر فقط ابن خزيمة (2794) من طريق أحمد بن إسحاق، عن وهيب بن خالد، به. وأخرج قصة الأضحية فقط البخاري (5554) ، وأبو يعلى (2806) و (2807) ، والبيهقي 9/272-273 من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب السختياني، به. وقد سلف مختصرا بقصة قصر الصلاة برقم (12083) عن سفيان بن عيينة، عن أيوب. ومختصرا بقصة الجمع في التلبية بين الحج والعمرة برقم (12678) من طريق معمر بن راشد، عن أيوب. ولقصة إحلال المحرمين انظر ما سلف برقم (12450) .

 

15044 - حدثنا محمد بن بكر، وروح قالا: أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرا يقول: " نحر النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة بقرة في حجته"

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم. محمد بن بكر: هو البرساني، وروح: هو ابن عبادة، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وأخرجه مسلم (1319) (357) من طريق محمد بن بكر البرساني وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عوانة في الحج كما في "إتحاف المهرة" 3/448-449 من طريق روح وحده، به. وأخرجه مسلم (1319) (356) ، والبيهقي 5/238 من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومسلم (1319) (357) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، وأبو عوانة من طريق أبي عاصم النبيل، ثلاثتهم عن ابن جريج، به. ورواية يحيى بن سعيد: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه. لم يخصص عائشة. وفي الباب عن عائشة رضي الله عنها، سيأتي 6/39. وعن أبي هريرة عند أبي داود (1751) ، والنسائي في "الكبرى" (4128) ، وابن ماجه (3133) ، وصححه ابن خزيمة (2903) ، وابن حبان (4008) ، والحاكم 1/467، ووافقه الذهبي.

 

لاحظ أن السبع بدنات هي ما ذبحه بيده، وكما جاء في كتب السيرة أنه ترك الباقي للحجام ليكمله.

 

 

وتقول عائشة زوج محمد كما روى البخاري:

 

4242 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ»

 

4243 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ»

 

أن تشبع بنهب غيرك ومعاناته لهو تصرف أناني لا إنساني وإجرامي.

 

من الواضح إذن أن مصادر دخل محمد وأملاكه كانت كثيرة وكافية وأكثر من كافية، بالتالي هذا الحديث المزعوم عن عائشة لا يصح تاريخيًّا ولا يصدق به عاقل، ألا تراهم تشاجروا على أملاكه بعد موته مع أبي بكر وعمر، ما يدلك على وفرتها لدرجة إدخالها بيت المال (خزانة الدولة):

 

4467 - بَاب حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ

 

2916 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ وَقَالَ يَعْلَى حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ وَقَالَ مُعَلًّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ وَقَالَ رَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ

 

وروى أحمد:

 

2724 - حدثنا عفان، وأبو سعيد المعنى، قالا: حدثنا ثابت، حدثنا هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم التفت إلى أحد، فقال: " والذي نفس محمد بيده، ما يسرني أن أحدا يحول لآل محمد ذهبا أنفقه في سبيل الله، أموت يوم أموت أدع منه دينارين، إلا دينارين أعدهما لدين إن كان " فمات، وما ترك دينارا ولا درهما، ولا عبدا ولا وليدة، وترك درعه مرهونة عند يهودي على ثلاثين صاعا من شعير

 

إسناده قوي، هلال بن خباب روى له أصحاب السنن، وأطلق القول بتوثيقه يحيى بن معين وأحمد ويعقوب بن سفيان وغيرهم، وقال ابن القطان: تغير بأخرة، ورده يحيى بن معين كما في "تاريخ بغداد" 14/73-74، وباقي رجاله ثقات. عفان: هو ابن مسلم الباهلي، وأبو سعيد: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري مولى بني هاشم، وثابت: هو ابن يزيد الأحول. وأخرجه عبد بن حميد (598) ، والطبراني (11899) و (11901) من طريق عارم أبي النعمان محمد بن الفضل، عن ثابت بن يزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار (3682 - كشف الأستار) ، وأبو يعلى (2684) ، والطبري في "تهذيب الآثار" ص 238، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 263-264، وأبو نعيم في "الحلية" 3/342 من طريق عباد بن العوام، والطبري في "تهذيب الآثار" ص 239 من طريق أبي محمد، كلاهما عن هلال بن خباب، به. ورواية أبي يعلى وأبي الشيخ مختصرة، وزاد الطبري في أوله من حديث أبي محمد: قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات يوم وفي يده قطعة من ذهب، فقال: "يا عبد الله بن عمرو ما كان محمد قائلا لربه لو مات وهذه عنده؟!" ثم قسمها قبل أن يقوم. وزاد أبو الشيخ وأبو نعيم والطبري في آخره: والله إن كان ليأتي على آل محمد الليالي ما يجدون فيها عشاء. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/239: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير هلال بن خباب وهو ثقة. وقال في 10/326: رواه البزار وإسناده حسن. وأخرجه الطبراني (11697) بنحوه عن جبرون بن عيسى، عن يحيى بن سليمان، عن فضيل بن عياض، عن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس. وهذا سند ضعيف. وسيأتي الحديث برقم (2743). وقصة رهن درع النبي صلى الله عليه وسلم سلفت برقم (2109) بإسناد صحيح.

 

عمومًا لا داعي لأن نثق كثيرًا في كلام ابن عباس لأنه نفاق، فانظر ما كتبه فرج فودة نقلًا عن كتب التاريخ الإسلامي في (الحقيقة الغائبة) عن اختلاس عبد الله بن عباس من بيت المال في مكة في عصر خلافة علي واستغلاله لضعف موقف علي في انشغاله بحروبه. لا أعتقد أني سأعطي مصداقية لكلامه الزاهد الذي زعمه هذا.

 

تغيير عمر لصاع زمن محمد الذي كانت تقدَّر به الصدقات كصدقة عيد الفطر، والكفارات على الآثام الدينية للأتباع السذج، حسب أوامر وتشريعات محمد

 

قال ابن أبي شيبة في مصنفه:

 

114- فِي الصَّاعِ ، مَا هُوَ ؟

 

10742- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، قَالَ : عَيَّرْنَا صَاعَ الْمَدِينَةِ فَوَجَدْنَاهُ يَزِيدُ مِكْيَالاً عَلَى الْحَجَّاجِيِّ.

 

10743- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ ، قَالَ : الْحَجَّاجِيُّ صَاعُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

 

10744- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ فُضَيْلٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : الْقَفِيزُ الْحَجَّاجِيُّ هُوَ الصَّاعُ.

 

10745- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، قَالَ : مَا كَانَ يُفْتِي فِيهِ إبْرَاهِيمُ فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ ، أَوْ فِي الشِّرَاءِ ، أَوْ فِي إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، وَفِيمَا قَالَ فِيهِ : الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ ، قَالَ : كَانَ يُفْتِي بِقَفِيزِ الْحَجَّاجِيِّ ، قَالَ : هُوَ الصَّاعُ.

 

10746- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ حَسَنًا يَقُولُ : صَاعُ عُمَرَ ثَمَانيَةُ أَرْطَالٍ . وَقَالَ شَرِيكٌ : أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةِ أَرْطَالٍ وَأَقَلُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ.

 

الذين أفتوا بالقفيز الحجاجي ومقاييس أخرى للوزن تساوي الصاع أو تقاربه، فعلوا ذلك لأن عمر غير مقدار الصاع في موازين الناس آنذاك بكل الأمصار.

 

وانتقد الشيعة ذلك فقالوا:

 

كتاب سليم بن قيس (الحديث الرابع عشر): عن أمير المؤمنين عليه السلام فيما عد من بدع عمر قال : وفي تغييره صاع رسول الله صلى الله عليه وآله ومده ، وفيهما فريضة وسنة ، فما كانت زيادته إلا سوءا لان المساكين في كفارة اليمين والظهار بهما يعطون ، وما يجب في الزرع ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا، لا يحولون بينه وبين ذلك لكنهم رضوا وقبلوا ما صنع.

 

كتاب سليم بن قيس هو كتاب شيعي معظمه قصص خرافية شيعية لا أعتقد بصحتها التاريخية فهي كلام بعيد التصور جدًّا وغير ذي مصداقية تاريخية في أغلبه، لكن مؤلفه في الحديث أي الخبر الرابع عشر سواء أكان صحيحًا أو ملفقًا ذكر بعض بدع عمر المعروفة في الدين الإسلامي في مذهب السنة مما رفضه الشيعة الاثناعشرية، وما ذكره المؤلف صحيح حتى انتهى إلى حديثه عن أمهات الأولاد، ما عدا قصة أمر أبي بكر بقتل علي فهي باطلة على الأرجح، ونضيف من الكلام الذي بعده قصة رفض عمر لكتابة محمد لوصية بالحكم وطريقته قبل موته فعمر بمكر منه خاف أن يوصي محمد لبني هاشم أو بني عبد المطلب فقط، ولا يمكنني حسم اختلافهم على قصة ميراث فاطمة في فدك وغيرها من عدمه، وما بعد ذلك من بعد مسألة أمهات الأولاد هو كلام شيعي ملفق متحامل برأيي كثيرًا على عمر، وهو أمر معهود مألوف منهم اتجاه شخصية عمر الإجرامية لما تم تحت حكمه وقيادته للفرس وشعبهم، لكن المصداقية والحقائق أهم. وبالطبع للشيعة بدعهم الحادثة على أصل الإسلام وخرافاته وطقوسه وتشريعاته الأصلية وإن لم نتعرض لها هنا لأني لم أدرس مذهبهم بالتفصيل، لكن كتب السنة الناقدة لهم وكتب المفكرين الأحرار المنشقين عن التشيع سواء ملحدين أو متشيعين بفكر متحرر بدرجة أخرى تغني عن الكتابة المخصصة للمذهب الشيعي الاثناعشري كما أرى لكثرتها وغناها.

 

شاهد سليم بن قيس رواه البخاري:

 

6372 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا وَصَاعِنَا

 

نافلة ما بعد صلاة فريضة العصر سنة أم محرَّمة؟!

 

نصوص تقول بأن محمدً كان يقوم بها وأمر بها

 

وروى البخاري:

 

590 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ قَالَتْ وَالَّذِي ذَهَبَ بِهِ مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَمَا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنْ الصَّلَاةِ وَكَانَ يُصَلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلَاتِهِ قَاعِدًا تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِهِ وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ

 

591 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَتْ عَائِشَةُ ابْنَ أُخْتِي مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ

 

592 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُهُمَا سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ

 

593 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ رَأَيْتُ الْأَسْوَدَ وَمَسْرُوقًا شَهِدَا عَلَى عَائِشَةَ قَالَتْ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينِي فِي يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ

 

624 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ثَلَاثًا لِمَنْ شَاءَ

 

رواه مسلم 838 وأحمد 16790 و20544 و20560 و20574 و (24235) و (24823) و (25262) و24645 و24783 و24823 و25027 و25262 و25359 و25437 و25506 و26044 و26152 و25126

 

وروى أحمد:

 

25639 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " لَمْ يَدَعْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ"

قَالَتْ وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَلَا تَتَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ، وَلَا غُرُوبَهَا، فَتُصَلُّوا عِنْدَ ذَلِكَ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير إبراهيم بن خالد -وهو الصنعاني المؤذن- ورَباح -وهو ابن زيد- فقد روى لهما أبو داود والنسائي، وهما ثقتان. وأخرجه مسلم (833) (296) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، بهذا الإسناد. وقد سلف نحوه برقم (24931). وانظر (24460) و (25027) .

 

25126 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ ؟ فَقَالَتْ: "صَلِّ، إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَكَ أَهْلَ الْيَمَنِ عَنِ الصَّلَاةِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ".

إسناده صحيح على شرط مسلم. المقدام بن شريح ووالده من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه ابن حبان (1568) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وانظر (24235) .

 

24931 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: "وَهِمَ عُمَرُ، إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ أَنْ يُتَحَرَّى طُلُوعُ الشَّمْسِ وَغُرُوبُهَا".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . وُهَيب : هو ابن خالد الأيلي، وعبد الله بن طاووس : هو ابن كيسان اليماني. وأخرجه أبو عوانة 1 / 382 ، وابن المنذر في " الأوسط " (1087) من طريق عفان ، بهذا الإسناد. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1231) ، ومسلم (833) (295) ، وأبو عوانة 1 / 382 ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1 / 152 ، والبيهقي في "السنن" 2 / 453 من طرق عن وهيب ، به. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 1 / 278 - 279 ، وفي "الكبرى" (370) و (1547) من طريق الفضل بن عنبسة ، عن وهيب ، به . وفي "المجتبى" زيادة: "فإنها تطلع بين قرني شيطان".

قلنا: والظاهر أن هذه الزيادة مقحمة ، إذ إنها ليست في جميع الأصول ، كما أشار إلى ذلك السندي، ثم إن النسائي لم يخرج هذه الزيادة عنده في "الكبرى". 

وسيأتي برقم (26184) ، وبنحوه برقم (25639). وانظر (24460) .

قال السندي : قولها : وهم عمر ، أي : سها في زعمه النهي عن الصلاة بعد الفجر والعصر مطلقاً ، وإنما النهي عن تخصيص وقت الطلوع والغروب بالصلاة لا عن إيقاع الصلاة في الوقتين المذكورين ولو اتفاقاً من غير تخصيص ولا عن الصلاة بعد الفجر والعصر...إلخ

 

26184 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ أَنْ يُتَحَرَّى بِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ وَغُرُوبُهَا"

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (24931) ، إلا أن شيخ الإمام أحمد هنا: هو يحيى بن إسحاق السِّيلحيني، وهو من رجال مسلم.

 

نصوص تقول بأن محمدًا نهى عنها

 

روى أحمد:

 

110 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ ، حَدَّثَنَا أَبَانُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ فيهُمْ عُمَرُ ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ : أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : " لَا صَلاةَ بَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ ، وَلا صَلاةَ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . بهز : هو ابن أسد العمِّي ، وأبان : هو ابن يزيد العطار ، وقتادة : هو ابن دِعامة ، وأبو العالية : هو رُفيع بن مِهران الرياحي. وأخرجه أبو داود (1276) ، والطحاوي 1 / 303 عن مسلم بن إبراهيم ، عن أبان العطار ، بهذا الإسناد . وأخرجه البخاري (581) ، ومسلم (826) ، والترمذي (183) ، والبزار (185) ، والنسائي 1 / 276 ، وأبو يعلى (147) ، وابن خزيمة (1272) و (2146) ، وأبو عوانة 1 / 380 ، والطحاوي 1 / 303 من طرق عن قتادة ، به . وسيأتي برقم (130) و (270) و (271) و (355) و (364) .

 

ومما روى مسلم:

 

 [ 825 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس

 

 [ 826 ] وحدثنا داود بن رشيد وإسماعيل بن سالم جميعا عن هشيم قال داود حدثنا هشيم أخبرنا منصور عن قتادة قال أخبرنا أبو العالية عن بن عباس قال سمعت غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وكان أحبهم إلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس

 

[ 827 ] وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني يونس أن بن شهاب أخبره قال أخبرني عطاء بن يزيد الليثي أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس

 

[ 830 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن خير بن نعيم الحضرمي عن بن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني عن أبي بصرة الغفاري قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالمخمص فقال إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها فمن حافظ عليها كان له أجره مرتين ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد والشاهد النجم

 

وانظر بنحوه أحمد 27225 و27227 و27228

 

[ 831 ] وحدثنا يحيى بن يحيى حدثنا عبد الله بن وهب عن موسى بن علي عن أبيه قال سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب

 

[ 832 ] حدثني أحمد بن جعفر المعقري حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا شداد بن عبد الله أبو عمار ويحيى بن أبي كثير عن أبي أمامة قال عكرمة ولقي شداد أبا أمامة وواثلة وصحب أنسا إلى الشام وأثنى عليه فضلا وخيرا عن أبي أمامة قال قال عمرو بن عبسة السلمي كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا فقعدت على راحلتي فقدمت عليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا جرءاء عليه قومه فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة فقلت له ما أنت قال أنا نبي فقلت وما نبي قال أرسلني الله فقلت وبأي شيء أرسلك قال أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحد الله لا يشرك به شيء قلت له فمن معك على هذا قال حر وعبد قال ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به فقلت إني متبعك قال إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا ألا ترى حالي وحال الناس ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني قال فذهبت إلى أهلي وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكنت في أهلي فجعلت أتخبر الأخبار وأسأل الناس حين قدم المدينة حتى قدم علي نفر من أهل يثرب من أهل المدينة فقلت ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة فقالوا الناس إليه سراع وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك فقدمت المدينة فدخلت عليه فقلت يا رسول الله أتعرفني قال نعم أنت الذي لقيتني بمكة قال فقلت بلى فقلت يا نبي الله أخبرني عما علمك الله وأجهله أخبرني عن الصلاة قال صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ثم أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار...إلخ

 

رواه أحمد  17019 وراجع تخريجه من باقي الكتب في طبعة الرسالة للمسند.

 

وروى البخاري:

 

586 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ الْجُنْدَعِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ

 

587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلَاةً لَقَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ

 

رواه أحمد 16908 و16914 و9953 بعدة أسانيد

 

588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ

 

وروى أحمد:

 

11033 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ضَمْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - قَالَ أَبِي: قُلْتُ: لِسُفْيَانَ (1) : سَمِعَهُ ؟ قَالَ: زَعَمَ (2) - " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ (3) ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ " (4)

 

(1) في (م) : سفيان. وهو خطأ.

(2) قد صرح ضمرة بسماعه من أبي سعيد عند الحميدي (731) ، وأبي يعلى (1121) .

(3) في (ق) : حتى تغرب الشمس. وجاءت كلمة "الشمس" في هامش (س) و (ص) .

(4) إسناده صحيح على شرط مسلم، ضمرة -وهو ابن سعيد بن أبي حنة الأنصاري المدني- من رجاله، وباقي رجال الإسناد من رجال الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه الحميدي (731) ، وابن أبي شيبة 2/348، والنسائي في "المجتبى" 1/277-278، وفي "الكبرى" (1549) ، وأبو يعلى (977) و (1121) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (2242) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/304 من طريقين عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، به. وأخرجه عبد الرزاق (3961) عن عبد الله بن عمر، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن ابن عاصم، عن أبي هريرة، عن أبي سعيد الخدري، به. وأخرجه عبد الرزاق (3962) عن معمر، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، به، مطولا. وسيأتي مطولاً ومختصراً بالأرقام (11040) و (11294) و (11348) و (11409) و (11410) و (11417) و (11483) و (11505) و (11574) و (11609) و (11631) و (11637) و (11681) و (11702) و (11733) و (11900) و (11901) و (11903) و (11910).  وفي الباب عن ابن عمر، سلف برقم (4612) ، وذكرنا هناك تتمة أحاديث الباب.

 

وفي حين أوردنا في أول الموضوع أحاديث لعائشة فيها أنها أكّدت أن محمدًا كان يواظب على سنة العصر عندها، نسبت لها أحاديث صحيحة أخرى أنها نفت سنة العصر وقيام محمد بها على نحوٍ قاطع! وكله صحيح الإسناد وكله عند العرب صابون!

 

روى مسلم:

[ 834 ] حدثني حرملة بن يحيى التجيبي حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو وهو بن الحارث عن بكير عن كريب مولى بن عباس أن عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمسور بن مخرمة أرسلوه إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا اقرأ عليها السلام منا جميعا وسلها عن الركعتين بعد العصر وقل إنا أخبرنا أنك تصلينهما وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما قال بن عباس وكنت أضرب مع عمر بن الخطاب الناس عليها قال كريب فدخلت عليها وبلغتها ما أرسلوني به فقالت سل أم سلمة فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة فقالت أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما ثم رأيته يصليهما أما حين صلاهما فإنه صلى العصر ثم دخل وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاهما فأرسلت إليه الجارية فقلت قومي بجنبه فقولي له تقول أم سلمة يا رسول الله إني أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما فإن أشار بيده فاستأخري عنه قال ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه فلما انصرف قال يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان

 

ثم روى مسلم بعد إيراد هذه الرواية الملفقة التي فيها نفي عائشة لسنة العصر، رواية ملفَّقة أخرى ترد على تلفيق السابقة بقصة أخرى! (شيء كتناقض قصص البورانات Puranas الهندوسية ربما):

 

 [ 835 ] حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر قال بن أيوب حدثنا إسماعيل وهو بن جعفر أخبرني محمد وهو بن أبي حرملة قال أخبرني أبو سلمة أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر فقالت كان يصليهما قبل العصر ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما وكان إذا صلى صلاة أثبتها قال يحيى بن أيوب قال إسماعيل تعني داوم عليها

 

وروى أحمد:

 

25546 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ ؟ فَقَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَشُغِلَ عَنْهُمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَكَعَهُمَا فِي بَيْتِي، فَمَا تَرَكَهُمَا حَتَّى مَاتَ " قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ فَسَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْهُ قَالَ قَدْ كُنَّا نَفْعَلُهُ ثُمَّ قَدْ تَرَكْنَاهُ.

 

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، وقد سلف الكلام عليه في الرواية (24545) ، فانظرها لزاماً. وأخرجه إسحاق (1668) و (1669) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

 

وذكرت نصوص أن عائشة قالت أنها لا تعرف عن هذه المسألة وأنها لم تثبتها ولا تنفِها، وأحالت السائلين إلى زوجة أخرى من زوجات محمد وهي أم سلمة والتي نفت قيام محمد بسنة للعصر، روى البخاري:


1233 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالُوا اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُلْ لَهَا إِنَّا أُخْبِرْنَا عَنْكِ أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ عَنْهَا فَقَالَ كُرَيْبٌ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي بِهِ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ فَفَعَلَتْ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ.

 

وقد روى هذا الحديث بُكير بن الأشج -فيما أخرجه البخاري (1233) و (4370) ، ومسلم (834) ، وأبو داود (1273) ، والدارمي (1436) ، وأبو عوانة 1/384، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/302-303، وابن حبان (1576) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/262 و457، وفي "السنن الصغير" (931) ، وفي "معرفة السنن " 2/427- عن كريب مولى ابن عباس أنهم أرسلوه إلى عائشة، فسألها عن ذلك، فقالت: سل أم سلمة، وأخرجه النسائي في "الكبرى" (348) من طريق عبد الله بن شداد، و (1569) من طريق أبي سلمة، و (1570) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ثلاثتهم عن أم سلمة مختصراً..

 

كل ما نسبوه إلى عائشة متناقض مع بعضه، وهذا يكشف عن كذب خطير، فالفريقان كانا ينسبان إليها كل ما يريد أحدهم دعمه بغلاف مقدس مشرعِن، وهكذا هو حال كل اختلافاتهم التي سعى كل منهم إلى تأكيدها وشرعنتها بنسبتها إلى محمد نفسه وزوجاته وخصوصًا عائشة وسائر أتباع محمد الصحابة.

وروى أحمد:

 

26515 - حَدَّثَنَا يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ، مَا كُنْتَ تُصَلِّيهَا ؟ قَالَ: " قَدِمَ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ، فَحَبَسُونِي عَنْ رَكْعَتَيْنِ كُنْتُ أَرْكَعُهُمَا بَعْدَ الظُّهْرِ "

 

حديث صحيح على وهمٍ في تسمية الوفد الذين حبسوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الركعتين بعد الظهر. قال الحافظ في "الفتح" 3/106: وقوله: "من بني تميم" وهمٌ ، وإنما هم من عبد القيس. قلنا: ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير محمد بن عمرو- وهو ابن علقمة الليثي- فقد روى له البخاري مقروناً، ومسلم في المتابعات، وهو حسن الحديث.

وقد اختلف في هذا الإسناد على أبي سلمة:

فرواه محمد بن عمرو- كما في هذه الرواية، وفيما أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (1531) ، وابنُ خزيمة (1277) - عن أبي سلمة، بهذا الإسناد.

وتابعه يحيى بنُ أبي كثير- كما سيأتي في الروايتين (26598) و (26645) - وعبد الله بنُ أبي لبيد- كما عند الشافعي في "المسند" 1/56 (بترتيب السندي) ، وعبد الرزاق في "مصنفه" (3971) ، والحميدي (295) ، والطحاوي  في "شرح معاني الآثار" 1/302، والطبراني في "الكبير" 23/ (540) ، والبيهقي في "معرفة السنن" 3/426، والبغوي في "شرح السنة" (781) - كلاهما عن أبي سلمة، به. ورواية يحيى ليس فيها تسمية القوم. ورواية عبد اللّه ابن أبي لبيد فيها قصة، وفيها: "قدم وفد بني تميم" أو "قدمت الصدقة" على الشكّ.

وخالفهم محمد بن أبي حرملة - كما عند مسلم (835) ، والنسائي في "المجتبى" 1/281، وفي "الكبرى" (1556) ، وابن خزيمة (1278) ، وابن حبان (1577) ، والبيهقي في "السنن" 2/457، والبغوي في "شرح السنة" (783) - فرواه عن أبي سلمة، أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليهما بعد العصر؟ فقالت: كان يصليهما قبل العصر، ثم إنه شُغل عنهما، أو نسيَهما، فصلاَّهما بعد العصر، ثم أثبتهما، وكان إذا صلَّى صلاة أثبتها.

قلنا: ورواه مطولاً بُكير بن الأشج- فيما أخرجه البخاري (1233) و (4370) ، ومسلم (834) ، وأبو داود (1273) ، والدارمي (1436) ، وأبو عوانة 1/384، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/302-303، وابن حبان (1576) ، والبيهقي في "السنن" 2/262 و457، وفي "السنن الصغير" (931) ، وفي "معرفة السنن" 2/427- عن كُريب مولى ابن عباس أنهم أرسلوه إلى عائشة، فسألها عن ذلك، فقالت: سل أمَّ سلمة، وفيه: أتاني ناسٌ من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان.

قال الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 175: وحديث بكير بن الأشج أثبتُ هذه الأحاديث وأصحُّها، والله أعلم.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 1/282، وفي "الكبرى" (1558) من طريق عِمران بن حُدَيْر، قال: سألتُ لاحقاً - وهو أبو مِجْلَز- عن الركعتين قبل غروب الشمس، فقال: كان عبدُ الله بن الزبير يصلِّيهما، فأرسل إليه معاوية: ما هاتان الركعتان عند غروب الشمس، فاضطَّر الحديثَ إلى أمِّ سلمة، فقالت  أمُّ سَلَمة: إن رسولَ اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي ركعتَين قبل العصر، فشُغل عنهما،

فركعهما حين غابت الشمس، فلم أره يصلِّيهما قبلُ ولا بعدُ.

وأخرجه النسائي (350) ، وأبو يعلى (6946) من طريق عبد الله بن شدَّاد، عن أمِّ سَلَمة، قالت: صلَّى رسول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد العصر في بيتي ركعتين، فقلت: ما هاتان؟ قال: كنت أصلِّيهما قبل العصر.

وسيرد برقم (26560) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أمِّ سلمة. وبرقم (26586) و (26651) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن أمِّ سلمة. وبرقم (26678) من طريق ذكوان مولى عائشة. وبرقم (26614) من طريق عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، كلاهما عن أمِّ سَلَمة.

وقد سلف برقم (25506) من طريق حنظلة السدوسي، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة، عن أم سلمة.

وسيرد برقم (26832) و (26839) من طريق حنظلة، عن عبد الله بن الحارث، عن ميمونة.

وانظر حديثي عائشة: (24545) و (25546) .

 

26645 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: " لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ قَطُّ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، جَاءَهُ نَاسٌ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَشَغَلُوهُ فِي شَيْءٍ، فَلَمْ يُصَلِّ بَعْدَ الظُّهْرِ شَيْئًا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ " . قَالَتْ: " فَلَمَّا صَلَّى الْعَصْرَ دَخَلَ بَيْتِي، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ "

 

حديث صحيح، وهذا إسنادٌ رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد اختُلف فيه على أبي سلمة، كما بيَّنَّا ذلك عند الرواية (26515) .

وهو عند عبد الرزاق في "مصنَّفه" (3970) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (534) ، والبيهقي في "السنن" 2/457.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 1/281-282، وفي "الكبرى" (1557) من طريق معتمر بن سليمان، عن معمر، به.

 

26678 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ بَيْتِي، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صَلَّيْتَ صَلَاةً لَمْ تَكُنْ تُصَلِّيهَا، فَقَالَ: " قَدِمَ عَلَيَّ مَالٌ، فَشَغَلَنِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ (1) كُنْتُ أَرْكَعُهُمَا بَعْدَ الظُّهْرِ، فَصَلَّيْتُهُمَا الْآنَ " . فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَنَقْضِيهِمَا إِذَا فَاتَتْنَا (2) ، قَالَ: " لَا " (3)

 

(1) في (ظ6) : ركعتين.

(2) في (م) : فاتتا، وهي نسخة السندي.

(3) صلاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين بعد العصر صحيح، وهذا إسنادٌ رجاله ثقات رجال الصحيح، غير أنه اختلف فيه كما سيرد. ذكوان: هو مولى عائشة.

فرواه يزيد بن هارون - كما في هذه الرواية، وعند أبي يعلى (7028) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/306، وابن حبان (2653) - وهدبةُ بنُ خالد - فيما أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3084) - وحجّاجُ بن منهال - فيما أخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (501) - ثلاثتُهم عن حمَّاد بن سَلَمة، بهذا الإسناد، إلا أن هُدْبة وحجاجاً لم يذكرا قولها: أفنقضيهما؟ قال: "لا".

وخالفهم أبو الوليد الطيالسي - فيما أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/302- وعبد الملك بنُ إبراهيم الجُدِّي - فيما أخرجه البيهقي في "السنن" 2/457- كلاهما عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن ذكوان مولى عائشة، عن عائشة، عن أمِّ سلمة، به. ليس فيه: أفنقضيهما؟ قال: "لا". وزاد في الإسناد: عائشة.

قلنا: وقوله: أفنقضيهما، قال: لا. زيادة ضعيفة تفرَّد بها يزيد بن هارون من بين الرواة عن حمَّاد بن سلمة.

ورواه محمد بن إسحاق - فيما ذكر الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 175 - عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ذكوان مولى عائشة، عن عائشة، لم يذكر أمَّ سلمة.

وخالفه الوليد بن كثير- فيما أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/302- فرواه عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عبد الرحمن بن أبي سفيان، أن معاويهّ أرسل إلى عائشة رضي اللّه عنها يسألها عن السجدتين، فقالت: ليس عندي صلاّهما، ولكنَّ أمَّ سَلَمة رضي اللّه عنها حدَّثتني أنه صلاّهما عندها... فذكر نحوه.

وقد سلف نحوه برقم (26515) ، وفيه أنه حُبس عن الركعتين بعد الظهر...، وهو حديث صحيح.

وانظر (24945) .

 

نصوص تقول برأي ثالث عجيب

 

روى أحمد:

 

610 - حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلالٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ إِلا أَنْ تَكُونَ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ مُرْتَفِعَةً "

 

رجاله ثقات رجال الصحيح غير وهب بن الأجدع فمن رجال أبي داود والنسائي، روى عنه هلال بن يساف والشعبي، ووثقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأورده ابن سعد في الطبقة الأولى من أهلِ الكوفة، وقال: كان قليلَ الحديث. منصور: هو ابن المعتمر. وقوله في هذا الحديث: "إلا أن تكونَ الشمس بيضاء مرتفعة"، مخالف لما في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وعائشة وغيرهم من النهي المطلقِ عن الصلاة بعد العصر. انظر "سنن البيهقي" 2/459، و"تلخيص الحبير" 1/185. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/348-349، والنسائي 1/280، وأبويعلى (581) ، وابن خزيمة (1284) ، وابن حبان (1562) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد، وصححه في "طرح التثريب" 2/187، وحسنه في "الفتح" 2/61. وسيأتي برقم (1073) و (1194) ، وانظر (1076) وأخرجه أبو يعلى (411) ، وابن خزيمة (1285) ، وابن حبان (1547) من طريق عبد الرحمن بن مهدي. وأخرجه البيهقي 2/459 من طويق عبد الرحمن، عن سفيان وحده. وأخرجه الطيالسي (108) ، وأبو داود (1274) ، وابن الجارود (281) ، والبيهقي 2/459 من طرق عن شعبة وحده.

 قوله: "إلا أن تكون الشمس... "، قال السندي: يدل على أن النهي إنما هو عن الصلاة عند الغروب لا عن الصلاة بعد العصر، وقد جاء النهي بعد العصر مطلقاً، وهذا الحديث رجاله ثقات كأحاديث الإطلاق، وقد جاءت أحاديث أخر موافقة لهذا الحديث الدال على التقييد أيضاً، فالوجه أن يقال: إن النهي عن الصلاة بعد العصر مطلقاً لئلا تكون ذريعة إلى الصلاة وقت الغروب، وعلى هذا التأويل يدل بعض الروايات عن عمر وغيره، والله تعالى أعلم.

 

خبران متناقضان تمامًا، ولا ريب أن هناك تلاعبًا من أتباع محمد المباشرين (الصحابة) والرواة عنهم، فأحد الفريقين كاذب لا محالة، أو أنهم كلهم كاذبون يقولون بآرائهم في هذا الصدد دون خبر من محمد، والأرجح عندي من خلال التناظر مع حالات أخرى أن محمدًا كان يقوم بها وعمر هو من نهى عنها لتجب تشابه التوقيت مع صلوات الوثنيين العرب القدماء والزردشتيين الفرس للشمس. ومما يؤكد ذلك ما رواه مسلم:

 

[ 836 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب جميعا عن بن فضيل قال أبو بكر حدثنا محمد بن فضيل عن مختار بن فلفل قال سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر فقال كان عمر يضرب الأيدي على صلاة بعد العصر وكنا نصلي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب فقلت له أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما قال كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا

 

وروى أحمد:

 

16943 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ عَلَى النَّاسِ يَضْرِبُهُمْ عَلَى السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، حَتَّى مَرَّ بِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، فَقَالَ: "لَا أَدَعُهُمَا، صَلَّيْتُهُمَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" فَقَالَ عُمَرُ: " إِنَّ النَّاسَ لَوْ كَانُوا كَهَيْئَتِكَ لَمْ أُبَالِي"

 

(2) في (م) : أبال وهو الجادة. والمثبت من الأصول الخطية، وقد شرح عليها السندي فقال: "لم أبالي ": بالياء على الإشباع، أو على إجراء المعتل مَجْرى الصَّحيح.

(3) إسناده ضعيف لانقطاعه، عروة- وهو ابن الزبير- لم يسمع عُمر ولا تميماً غير أنه قد ثبت أن عمر نهى عن الصلاة بعد العصر كما سيرد بأسانيد صحيحة. وأخرجه ابن شاهين في "الناسخ" (254) من طريق ابن إسحاق، عن هشام ابن عروة، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً الطبراني في "الكبير" (1281) ، وفي "الأوسط" (8679) من طريق عبد الله بن صالح، وابن حزم في "المحلى" 2/274 من طريق يحيى ابن بكير، كلاهما عن الليث بن سعد، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن ابن نوفل يتيم عروة، عن عروة، أنه قال: أخبرني تميم الدَّاري، أو أُخبرتُ أن تميماً الدَّاري ركع ركعتين ... قال الطبراني في "الأوسط": لا يُروى هذا الحديث عن تميم الداري إلا بهذا الإسناد، تفرد به الليث. قلنا: وليس في روايته الجزم بسماع عروة من تميم الداري. وأخرجه الحارث بن أسامة (214) (زوائد) عن سعيد بن سليمان، عن بيان - وهو ابن بشر-، عن وبرة- وهو ابن عبد الرحمن المُسْلي- قال: رأى عمر رضي الله عنه تميماً الداري... فذكر نحوه. قلنا: وهذا الإسناد منقطع أيضاً، فإن وبرة لم يلق عمر ولا تميماً. وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/222-223، وقال: رواه أحمد، وهذا لفظه، وعروة لم يسمع من عمر، وقد رواه الطبراني- ورجاله رجال الصحيح- في "الكبير" و"الأوسط"، ثم قال: وفيه عبد الله بن صالح، قال فيه عبد الملك ابن شعيب: ثقة مأمون، وضعفه أحمد وغيره. وقد سلف في مسند عمر بن الخطاب برقم (101) أنه نهى علياً عن الركعتين بعد العصر، ثم رفعه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفي باب نهي عمر عن الركعتين بعد العصر كذلك عن زيد بن خالد الجهني، سيرد برقم (17036) وفيه أنه رآه عمر بن الخطاب وهو خليفة ركع بعد العصر ركعتين، فمشى إليه، فضربه بالدرة وهو يصلي كما هو، فلما انصرف قال زيد: يا أمير المؤمنين، فوالله لا أدعهما أبداً بعد أن رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليهما. قال: فجلس إليه عمر، وقال: يا زيد بن خالد لولا أني أخشى أن يتخذها الناسُ سلماً إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما. وفي إسناده مجهولان. وعن السائب بن يزيد- فيما أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/304 عن يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكاً حدثه عن ابن شهاب، عنه- أنه رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب المنكدر في الصلاة بعد العصر. وهذا إسناد صحيح. وعن ابن مسعود- عند الطحاوي أيضاً 1/304 بإسناد صحيح- قال: كان عمر يكره الصلاة بعد العصر، وأنا أكره ما كره عمر رضي الله عنه. وعن ابن عباس عند الطحاوي كذلك 1/305 بإسناد صحيح قال: رأيت عمر رضي الله عنه يضرب الرجل إذا رآه يصلي بعد العصر. وعن ابن عمر وأبي سعيد الخدري كذلك عند الطحاوي 1/304- 305. وقد ثبت النهي عن الصلاة بعد العصر من نهيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (586) ، بلفظ: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس"، وسلف برقم (11033) . ومن حديث معاوية عند البخاري (587) بلفظ: إنكم لتصلون صلاة لقد صحبنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما رأيناه يصليها، ولقد نهى عنهما. يعني الركعتين بعد العصر. وسلف برقم (16908). ومن حديث أبي هريرة عند البخاري (588) قال: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاتين: بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس. وسلف برقم (9953). وسلف من حديث ابن عمر مرفوعاً برقم (4612) بلفظ: "لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها..." وذكرنا هناك تتمة أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: على السجدتين، أي: على الركعتين.  قوله: بعد العصر: يفهم منه أنهم كانوا يصلونهما في وقت عُمر، ويُفهم من حديث تميم أنهم كانوا يصلونهما في وقته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاً.  قوله: كهيئتك: كأنه أراد أن النهي بعد العصر إنما هو لوقوعهما بعد الاصفرار، وهذا مما لا يخاف على مثله تميم، ولكن يخاف على العوام، ولذلك يمنع الكل منهما بعد العصر مطلقاً، خوفاً من الوقوع في المحذور. والله تعالى أعلم.

17036 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ بَكْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْأَعْمَى، يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: السَّائِبُ، مَوْلَى الْفَارِسِيِّينَ، وَقَالَ ابْنُ بَكْرٍ: مَوْلًى لِفَارِسَ، وَقَالَ حَجَّاجٌ: مَوْلَى الْفَارِسِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّهُ رَآهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ رَكَعَ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ، فَمَشَى إِلَيْهِ، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَهُوَ يُصَلِّي كَمَا هُوَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ زَيْدٌ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللهِ لَا أَدَعُهُمَا أَبَدًا بَعْدَ أَنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا " قَالَ: فَجَلَسَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَقَالَ: " يَا زَيْدُ بْنَ خَالِدٍ، لَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُلَّمًا إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى اللَّيْلِ لَمْ أَضْرِبْ فِيهِمَا "

 

إسناده ضعيف لجهالة أبي سعيد الأعمى- ويقال: أبو سعد- فقد روى عنه عطاء وابن جُريج، ولم يؤثر توثيقه عن أحد، وهو من رجال "التعجيل"، ولجهالة السائب مولى الفارسيين، فقد انفرد بالرواية عنه أبو سعيد الأعمى، ولم يُؤثر توثيقه عن غير العجلي وابن حِبَّان، وقد ترجم له الحسيني في "الإكمال" ص 158، وفات الحافظَ ابنَ حجر أن يذكره في "التعجيل"، وهو على شرطه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. ابن بكر: هو محمد بن بكر البُرساني، وحجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (3972) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" (5167) ، وابن حزم في "المحلى" 2/274- 275. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/301، والطبراني (5166) ، من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/223، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وإسناده حسن! وقد ثبت أن عمر رضي الله عنه قد نهى عن الصلاة بعد العصر بأسانيد صحاح، أوردناها في تخريج رواية تميم الداري السالفة برقم (16943) ، وذكرنا هناك أن النهي عن الصلاة بعد العصر إنما ثبت من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكرنا شواهد ذلك. وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (4612) .

 

فرض المذهب والطقوس بالعنف والقوة هو طريقة دولة شمولية إرهابية تعمل بنظام التحكم في حياة وحريات الناس وحقوقهم واختياراتهم. إلى درجة الاعتداء الجسدي على شخص أثناء قيامه بطقس ديني فأي همجية هذه؟!

 

وأرانا أخذنا الموضوع بجدية لا يحتملها الموضوع، فلنذكر طرفة مضحكة من هامش طبعة الرسالة لمسند أحمد:

 

قوله: "لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها"، يعنى أن نهيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مختص بمن قصد الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، لا أن نهيه مطلق، وهذا مذهب ابن عمر وعائشة، ويؤيد ذلك الرواية الآتية برقم (4840) ، وفيه: "لا يتحينن أحدكم طلوع الشمس..."، وقد نقل الحافظ في "الفتح" 2/59 اختلاف أهل العلم في المراد بذلك، فبعضم فهم منه النهي مطلقاً، وعد هذا الحديث مفسراً لحديث عمر رضي الله عنه الذي أخرجه البخاري (581) أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب، وما روي عن عائشة عند البخاري (591) من ان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ترك السجدتين بعد العصر، فحملوه على جواز استدراك ما فات من الرواتب من غير كراهة... وأما مواظبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك فهو من خصائصه. انظر "الفتح" 2/64. وبعضهم فهم منه أن الصلاة لا تكره بعد الصبح ولا بعد العصر إلا لمن قصد بصلاته طلوع الشمس وغروبها. ما ذكر الحافظ في "الفتح" 2/59.

يعني لما يئسوا من إيجاد حل لتوفيق كل هذا التناقض المتنافر قالوا صلاة سنة العصر من خصائص محمد التي ينفرد بها! يا سلام! المهم للذهنية الإسلامية الإبقاء على الخرافة والتناقضات بأي ثمن ولو كان العقل والمنطق نفسه.

 

أما الشيعة فأيدت بعض مروياتهم_ رغم يقيني بأن مصدر التشريع هو عمر_للنهي عن الصلاة بعد العصر، ربما لأنهم هم المقصودون بتشريع عمر لأن ذلك كان للتفريق بين عادات المسلمين والزردشتيين، جاء في بحار الأنوار:

 

وعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان علي عليه السلام لا يصلي من الليل شيئا إذا صلى العتمة حتى ينتصف الليل ، ولا يصلي من النهار حتى تزول الشمس ( 2 ) .
وروى الصدوق في الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يصلي بالنهار شيئا حتى تزول الشمس ، فاذا زالت صلى ثمان ركعات وهي صلاة الاوابين تفتح في تلك الساعة أبواب السماء ، ويستجاب الدعاء ، وتهب الرياح ، وينظر الله إلى خلقه ، فاذا فاء الفيء ذراعا صلى الظهر أربعا ، وصلى بعد الظهر ركعتين ، ثم صلى ركعتين أخروين ، ثم صلى العصر أربعا إذا فاء الفيء ذراعا ، ثم لا يصلي بعد العصر شيئا حتى تؤوب الشمس فاذا آبت وهو أن تغيب صلى المغرب ثلاثا وبعد المغرب أربعا ثم لا يصلي شيئا حتى يسقط الشفق ، فاذا سقط الشفق صلى العشاء ثم أوى رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلى فراشه ولم يصل شيئا حتى يزول نصف الليل ، فاذا زال نصف الليل صلى ثمان ركعات وأوتر في الربع الاخير من الليل بثلاث ركعات ، فقرأ فيهن فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ، ويفصل بين الثلاث بتسليمة ويتكلم ، ويأمر بالحاجة ولا يخرج من مصلاه حتى يصلي الثالثة التي يوتر فيها ، ويقنت فيها قبل الركوع ، ثم يسلم ويصلي ركعتي الفجر قبيل الفجر ، وعنده ، وبعيده ، ثم يصلي ركعتي الصبح ، وهي الفجر إذا اعترض الفجر ، وأضاء حسنا ، فهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله التي قبضه الله عز وجل عليها ( 3 ) ونحوه روى الشيخ عن زرارة عنه عليه السلام ( 4 ) .

 

( 1 - 2 ) التهذيب ج 2 ص 266 ط نجف ، ج 1 ص 212 ط حجر .
( 3 ) الفقيه ج 1 ص 146 - 147 .
( 4 ) التهذيب ج 1 ص 210 .

 

وتناقضت مرويات الشيعة في تحليل سنة ما بعد العصر أو اعتبارها بدعة

 

1 - الاحتجاج : عن محمد بن جعفر الاسدي قال : كان فيما ورد علي من محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه في جواب مسائلي إلى صاحب الزمان عليه السلام : أما ما سألت عنه الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فلئن كان كما يقول الناس : إن الشمس تطلع بين قرني شيطان ، وتغرب بين قرني شيطان .
فما أرغم أنف الشيطان شئ مثل الصلاة ، فصلها وارغم أنف الشيطان ( 1 ) .
اكمال الدين : عن محمد بن أحمد السناني وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق والحسين بن إبراهيم المؤدب وعلي بن عبدالله الوراق قالوا حدثنا أبوالحسين محمد بن جعفر الاسدي قال : كان فيما ورد على الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري في جواب مسائلي إلى صاحب الدار وذكر الحديث بعينه ( 2 ) .
بيان : قال في النهاية في الشمس تطلع بين قرني الشيطان ، أي ناحيتي رأسه وجانبيه ، وقيل : القرن القوة أي حين تطلع يتحرك الشيطان ويتسلط فيكون كالمغلق بها ، وقيل بين قرنيه أي امتيه الاولين والاخرين ، وكل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها ، فكأن الشيطان سول له ذلك ، فاذا سجد لها فكان الشيطان مقترن بها ، وقال في القاموس قرن الشيطان وقرناه امته والمتبعون لرأيه أوقوته وانتشاره أو تسلطه ، وقال الطيبي في شرح المشكوة فيه وجوه : أحدها أنه ينتصب قائما في وجه الشمس عند طلوعها ليكون طلوعها كالمعين لها بين قرنيه أي فوديه فيكون مستقبلا لمن يسجد للشمس ، فتصير عبادتهم له ، فنهوا عن الصلاة في ذلك الوقت مخالفة لعبدة الشيطان ، وثانيها أن يراد بقرنيه حزباه اللذان يبعثهما لاغواء الناس ، وثالثها أنه من باب التمثيل شبه الشيطان فيما يسول لعبدة الشمس ويدعوهم إلى معاندة الحق بذوات القرون التي تعالج الاشياء وتدافعها بقرونها ورابعها أن يراد بالقرن القوة ، من قولهم أنا مقرن له أي مطيق ، ومعنى التثنية تضعيف القوة كما يقال : مالي بهذا الامر يد ولا يدان ، أي لاقدرة ولاطاقة .
__________________________________________________
( 1 ) الاحتجاج : 267 .
( 2 ) اكمال الدين ج 2 ص 198 .


 2 - قرب الاسناد : عن الحسن بن طريف وعلي بن إسماعيل ومحمد بن عيسى جميعا عن حماد بن عيسى قال : رأيت أباالحسن موسى عليه السلام صلى الغداة فلما سلم الامام قام فدخل الطواف ، فطاف اسبوعين بعد الفجر قبل طلوع الشمس ثم خرج من باب بني شيبة ومضى ، ولم يصل ( 1 ) .
بيان : لعل ترك صلاة الطواف في هذا الوقت للتقية ، كما أن قران الطوافين أيضا محمول عليها كما ستعرف .
3 - مجالس الصدوق : في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى عن الصلاة في ثلاث ساعات : عند طلوع الشمس ، وعند غروبها ، وعند استوائها ( 2 ) .
4 - الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز عن زرارة قال : قال أبوجعفر عليه السلام : أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة : صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أديتها ، وصلاة ركعتي طواف الفريضة ، وصلاة الكسوف والصلاة على الميت ، وهؤلاء يصليهن الرجل في الساعات كلها ( 3 ) .
 

__________________________________________________
( 1 ) قرب الاسناد : 170 ط نجف .
( 2 ) أمالى الصدوق ص 255 .
( 3 ) الخصال ج 1 ص 118 .


5 - ومنه : عن عبدالله بن أحمد الفقيه ، عن علي بن عبدالعزيز ، عن عمرو بن عون ، عن خلف بن عبدالله ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن عبدالله بن الاسود ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : صلاتين لم يتركهما رسول الله صلى الله عليه وآله سرا وعلانية ، ركعتين بعد العصر ، وركعتين قبل الفجر ( 1 ) .
6 - ومنه : عن عبدالله بن أحمد ، عن يعقوب بن إسحاق ، عن الحوضي ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن مسروق ، عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وآله عندي يصلي بعد العصر ركعتين ( 2 ) .
7 - ومنه : عن عبدالله بن أحمد ، عن محمد بن علي بن طرخان ، عن عبدالله ابن الصباح ، عن محمد بن سيار ، عن أبي حمزة ، عن أبي بكر بن عبدالله بن قيس عن أبيه قال : رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم : من صلى البردين دخل الجنة ، يعني بعد الغداة وبعد العصر ( 3 ) .
8 - ومنه : عن عبدالله بن أحمد ، عن علي بن عبدالعزيز ، عن أبي نعيم ، عن عبدالواحد بن أيمن ، عن أبيه ، عن عائشة أنه دخل عليها يسألها عن الركعتين بعد العصر ، قالت : والذي ذهب بنفسه - تعني رسول الله صلى الله عليه وآله - ما تركهما حتى لقي الله عزوجل ، وحتى ثقل عن الصلاة ، وكان يصلي كثيرا من صلاته وهو قاعد ، فقلت إنه لما ولي عمر كان ينهى عنهما ، قالت : صدقت ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله كان لا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على امته ، وكان يحب ما خفف عليهم ( 4 ) .
قال الصدوق - ره - كان مرادي بايراد هذه الاخبار الرد على المخالفين لانهم لا يرون بعد الغداة وبعد العصر صلاة ، فأحببت أن ابين أنهم قد خالفوا النبي صلى الله عليه وآله في قوله وفعله .
بيان : اختلف المخالفون في توجيه هذه الصلاة ، فمنهم من قال : إن النبي صلى الله عليه وآله إنما صلى هاتين الركعتين بعد العصر ، لانه أتاه مال فشغله عن اركعتين بعد الظهر ، فصلا هما بعد العصر ولم يعد إليهما ، رووا ذلك عن ابن عباس ورووا عن عائشة أنها قالت كان يصليهما قبل العصر ثم إنه شغل عنهما ، أونسيهما فصلا هما بعد العصر ، ثم أثبتهما فكان إذا صلى صلاة أثبتها ، وهذا بينهم أشهر ، وقالوا إن ذلك كان من خصايصه صلى الله عليه وآله ولا يستحب لغيره ذلك ودعوى الاختصاص اقتراح بلادليل .

__________________________________________________
( 1 - 4 ) الخصال ج 1 ص 36 .
 
9 - الخصال : فيما أجاب به أمير المؤمنين عن مسائل اليهود أن قال : إن الشمس تطلع من قرني الشيطان ( 1 ) .
أقول : قد مضى مسندا في أبواب الاحتجاجات ، وقد سبق أيضا خبر نفر من اليهود في باب علل الصلاة .
10 - مجموع الدعوات : لمحمد بن هارون التلعكبري في وصف صلاة الاستخارة عن الصادق عليه السلام - وسيأتي - قال عليه السلام : فيوقف إلى أن تحضر صلاة مفروضة ، ثم قم فصل ركعتين كما وصفت لك ، ثم صل الصلاة المفروضة أو صلهما بعد الفرض مالم تكن الفجر والعصر ، فأما الفجر فعليك بعدها بالدعاء إلى أن تبسط الشمس ، ثم صلهما وأما العصر فصلهما قبلها .
11 - العلل : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري ، عن أحمد بن يحيى ، عن ابن أسباط ، عن الحسن ابن علي ، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : لا ينبغي لاحد أن يصلي إذا طلعت الشمس لانها تطلع بقرني شيطان ، فاذا ارتفعت وصفت فارقها ، فيستحب الصلاة ذلك الوقت والقضاء وغير ذلك ، فاذا انتصف النهار قارنها ، فلاينبغي لاحد أن يصلي في ذلك الوقت لان أبواب السماء قد غلقت ، فاذا زالت الشمس وهبت الريح فارقها ( 2 ) .
بيان : ( وصفت ) أي عن كدورة الابخرة التي تحول بيننا وبينها عند قربها من الافق ، فلذا يتغير لونها ، ويحتمل أن يكون مقارنة الشيطان لها عند قرب الزوال ، لانها عندذلك في نهاية الارتفاع والضياء فيكون تسويل الشيطان لعبدتها بهذا الوضع أكثر وأشد فلما زالت حصل فيها الافول والانحطاط الذي  هو علامة كونها مخلوقة مدبرة فينتقص استيلاء الشيطان ، وتنحل شبهه ، فكأنه يفارقها .

__________________________________________________
( 1 ) الخصال ج 2 ص 146 و 147 في حديث أخرج تمامه في ج 10 ص 1 - 5 ( 2 ) علل الشرايع ج 2 ص 32 .

 
12 - السرائر : من جامع أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن علي ابن سليمان ، عن محمد بن عبدالله بن زرارة ، عن محمد بن الفضيل البصري قال : قلت لابي الحسن عليه السلام : إن يونس كان يفتي الناس عن آبائك عليهم السلام أنه لا بأس بالصلاة بعد طلوع الفجر إلي طلوع الشمس ، وبعد العصر إلى أن تغيب الشمس ؟ فقال : كذب لعنه الله على أبي ، أو قال على آبائي ( 1 ) .
13 - كتاب الراوندي ( 2 ) عن علي بن مزيد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول إن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان ، إلا صبيحة ليلة القدر .
14 - المجازات النبوية : عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : فاذا طلع حاجب الشمس فلا تصلوا حتى تبرز ، وإذا غاب حاجب الشمس فلا تصلوا حتى تغيب .
 

________________________

( هامش ) ( 1 ) السرائر : 470 .
( 2 ) كتاب زيد النرسى ، خ ل .


قال السيد : المراد بحاجب الشمس أول ما يبدو من قرصها فكأنه صلى الله عليه وآله شبه الشمس عند صعودها من حدبة الارض بالطالع من وراء سترة تستره [ أو غيب يطمره ] فأول ما يبدو منه وجهه ، وأول ما يبدو من مخاطيط وجهه حاجبه ، ثم بقية وجهه ثم ساير جسده شيئا شيئا ، وجزءا جزءا ، وكأنه صلى الله عليه وآله نهى عن الصلاة عند ظهور بعض الشمس للعيون حتى يظهر جميعها وعند مغيب بعضها حتى يغيب جميعها .
وقد يجوز أن يكون لحاجب الشمس ههنا معنى آخر ، وهو أن يراد به ما يبدو من شعاعها قبل أن يظهر جرمها وكذلك ما يغيب من شعاعها قبل أن يغيب قرصها ، فأقام ذلك بها مقام الحاجب ، لانه يدل عليها ، ويظهر بين يديها فكأنه صلى الله عليه وآله نهى عن الصلاة قبل أن يظهر قرص الشمس بعد الشعاع الذي يظهر قبل طلوعها ، وكذا في الغروب ، والصلاة المراد ههنا صلاة التطوع دون صلاة الفرض ، ألا ترى أن أول مايظهر قرص الشمس ليس بوقت لشئ من الصلوات المفروضات ( 1 ) .
ومنه : عنه صلى الله عليه وآله وقد ذكر صلاة العصر : ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد .
قال السيد : المراد بالشاهد هنا النجم و [ العرب يسمون الكواكب شاهد الليل كأنه يشهد بادبار النهار وإقبال الظلام ، وكل شئ يدل على شئ فهو يجري مجرى الشاهد به والمخبر عنه ، إذ ليس كل دال بانسان ولا كل دليل من جهة اللسان ] ( 2 ) .
15 - المناقب : عن علي بن محمد ، عن أبيه رفعه قال : قال رجل لابي عبدالله عليه السلام : إن الشمس تطلع بين قرني الشيطان ؟ قال : نعم ، إن إبليس اتخذ عرشا بين السماء والارض ، فاذا طلعت الشمس وسجد في ذلك الوقت اناس قال : إبليس إن بني آدم يصلون لي ( 3 ) .

__________________________________________________
( 1 ) المجازات النبوية : وزاد في المصدر بعده : في أول هذا الخبر ما يحقق القول الذى قلناه ، وهو قوله عليه السلام : ( لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فانها تطلع بين قرنى شيطان ) وقد اختلف الفقهاء في ذلك ، فقال أبوحنيفة : ولا يجوز أن يتطوع بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس وقال الشافعى : يجوز أن يصلى في هذين الوقتين النفل الذى له سبب مثل تحية المسجد ولايصلى النفل المبتدء الذى لاسبب له .
( 2 ) المجازات النبوية ص 277 ، ومابين العلامتين زيادة اتممناها من المصدر .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 257 .


تحقيق وتوفيق ذهب أكثر الاصحاب إلى كراهة فعل النوافل المبتدآت التي لاسبب لها عند طلوع الشمس إلى أن ترفع ويذهب شعاعها ، وعند ميلها إلى الغروب واصفرارها إلى أن يكمل الغروب بذهاب الحمرة المشرقية ، وعند قيامها في وسط السماء إلى أن يزول إلا يوم الجمعة ، فانه لا يكره فيها الصلاة في هذا الوقت ، وبعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ، وهذا مختار الشيخ في المبسوط .
وقال في الخلاف : الاوقات التي تكره فيها الصلاة خمسة : وقتان تكره الصلاة لاجل الفعل ، وثلاثة لاجل الوقت ، فما كره لاجل الفعل بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، وبعد العصر إلى غروبها وما كره لاجل الوقت ثلاثة عند طلوع الشمس ، وعند قيامها ، وعند غروبها ، والاول إنما يكره ابتداء الصلاة فيه نافلة فأما كل صلاة لها سبب من قضاء فريضة أو نافلة أو تحية مسجد أو صلاة زيارة أو صلاة إحرام أو صلاة طواف أو نذر أو صلاة كسوف أو جنازة فانه لابأس به ولا يكره ، وأما ما نهي فيه لاجل الوقت فالايام والبلاد والصلوات فيها سواء إلا يوم الجمعة ، فان له أن يصلي عند قيامها النوافل .

 

اختلافهم على ركعتي الطواف إذا قيم بهما بعد وقت صلاة العصر والمغرب

 

روى أحمد:

 

21462 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ أَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، إِلَّا بِمَكَّةَ، إِلَّا بِمَكَّةَ "

 

ضعيف الإسناد، وصحيح لغيره دون قوله: "إلا بمكة" ويمكن أن يشهد لهذا الحرف حديث جبير بن مطعم كما سيأتي، وحديث أبي ذر هذا إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن المُؤمَّل، وبينه وبين قيس فيه حميدٌ مولى عفراء كما في مصادر التخريج، وهو غير حميد بن قيس الأعرج الذي روى له الجماعة، فذاك ثقة، وأما حميدٌ مولى عفراء هذا فضعيف فيما قاله البيهقي وابن عبد البر، ومجاهد لم يسمع من أبي ذر فيما قاله أبو حاتم والبيهقي وابن عبد البر والمنذري كما في "التلخيص" للحافظ ابن حجر 1/189. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (851) ، والبيهقي 2/461 من طريق سعيد ابن سليمان الواسطي، والدارقطني 1/424-425، والبيهقي 2/461 من طريق الشافعي، كلاهما عن عبد الله بن مؤمل، عن حميد مولى عفراء، عن قيس ابن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن خزيمة (2748) ، وابن عدي في "الكامل" 4/1455، والدارقطني 2/265-266 من طريق سعيد ابن سالم القدَّاح، عن عبد الله بن المؤمَّل، عن حميد مولى عفراء، عن قيس بن سعد، عن مجاهد، به. ولم يذكر ابن خزيمة وابن عدي فيه قيساً. قال ابن خزيمة: أنا أشك في سماع مجاهد من أبي ذر. وأخرجه البيهقي 2/461-462 من طريق خلاد بن يحيى، عن إبراهيم ابن طهمان، عن حميد مولى عفراء، عن قيس بن سعد، عن مجاهد قال: جاءنا أبو ذر.. فذكره. ثم قال: حميد الأعرج -وهو مولى عفراء- ليس بالقوي، ومجاهد لا يثبت له سماع من أبي ذر، وقوله: "جاءنا" يعني: جاء بلدنا، والله أعلم. ثم أخرجه 2/462 من طريق ابن عدي في "الكامل" 7/2744 بإسناده عن اليسع بن طلحة قال: سمعت مجاهداً يقول: بلغنا أن أبا ذر قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بحلقتي الكعبة يقول ثلاثاً: "لا صلاة بعد العصر إلا بمكة" ثم قال: اليسع بن طلحة قد ضعَّفوه، والحديث منقطع، مجاهد لم يدرك أبا ذر، والله أعلم.

 

قال ابن عبد البرِّ في "التمهيد" 13/45:

 

هذا حديث وإن لم يكن بالقوي، لضعف حميد مولى عفراء، ولأن مجاهداً لم يسمع من أبي ذر، ففي حديث جبير بن مطعم ما يقويه مع قول جمهور علماء المسلمين به، وذلك أن ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، والحسن، والحسين، وعطاء، وطاووس، ومجاهداً، والقاسم بن محمد، وعُروة بن الزبير كانوا يطوفون بعد العصر وبعضهم بعد الصبح أيضاً، ويُصلون بإثر فراغهم من طوافهم ركعتين في ذلك الوقت، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود بن علي، وقال مالك بن أنس: من طاف بالبيت بعد العصر أخر ركعتي الطواف حتى تغرب الشمس، وكذلك من طاف بعد الصبح لم يركعهما حتى تطلع الشمس وترتفع، وقال أبو حنيفة يركعهما إلا عند غروب الشمس وطلوعها واستوائها.

 

قلنا: حديث جبير بن مطعم الذي أشار إليه ابن عبد البر هو السالف في "المسند" برقم (16736) مرفوعاً:

 

16736 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَاهُ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا تَمْنَعُنَّ أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أَوْ صَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، عبد الله بن باباه، ويقال: ابن بابيه، ويقال: ابن بابي، من رجاله، وكذلك ابن الزبير: وهو محمد بن مسلم بن تدرس، وروى له البخاري مقروناَ، وقد صرح بالتحديث في الرواية (16774) ، فانتفت شبهة تدليسه، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه الشافعي في "مسنده" 1/57-58 (ترتيب السندي) ، والحميدي (561) ، وابن أبي شيبة 14/257، والدارمي 2/70، وأبو داود (1894) ، وابن ماجه (1254) ، والترمذي (868) ، والنسائي 1/284 و5/223، وفي "الكبرى" (1561) ، والفاكهي في "أخبار مكة" (487) ، وللفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/206، وأبو يعلى (7396) و (7415) ، وابن خزيمة (1280) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/186، وابن حبان (1552) و (1554) ، والطبراني في "الكبير" (1600) ، والدارقطني 1/423، والحاكم 1/448، وابن حزم في "المحلى" 7/181، والبيهقي في "السنن" 2/461 و5/92، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/109، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/44-45، والبغوي في "شرح السنة" (780) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد وزاد بعضهم: "يا بني عبد المطلب"، وبعضهم: "إن كان إليكم من الأمر شيء". وهذه الزيادة ستأتي برقم (16774). وقال الترمذي: حديث جبير حديث حسن صحيح، قلنا: وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (488) ، وابن حبان (1553) ، والطبراني في "الكبير" (1601) من طريق عمرو بن الحارث، عن أبي الزبير، به.

وقد اختلف فيه على أبي الزبير.

فأخرجه الدارقطني في "السنن" 1/424 من طريق الحجاج بن منهال عن أبي الزبير، عن نافع بن جبير، عن أبيه، به.

وأخرجه البزار (1111) ، والدارقطني 1/424 من طريق أيوب، والدارقطني كذلك 1/424 من طريق معقل بن عبيد الله، كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر، مرفوعاً.

وقال البزار: هكذا حدثناه أبو موسى مع سنة ثمانِ وأربعين في دار بني عمير، ثم إنه حدث به مرة أخرى، فقال: حدثنا عبد الوهَاب، عن أيوب، عن أبي الزبير، ولم يقل عن جابر، وهو الصواب من حديث أيوب، وإنما كان سبقه لسانه عندنا، إنما يعرف عن أبي الزبير، عن عبد الله بن باباه، عن جبير ابن مطعم.

وقال الدارقطني في "العلل" 4/ورقة 107: الصحيح من حديث أيوب المرسل.

وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/273 من طريق ثمامة بن عبدة، عن أبي الزبير، عن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه مرفوعاً.

وأخرجه الدارقطني في "السنن" 1/424 من طريق عكرمة بن خالد، و1/425 من طريق عطاء وعمرو بن دينار، ثلاثتهم عن نافع بن جبير بن  مطعم، عن أبيه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1603) من طريق مجاهد، عن جبير بن مطعم، به.

وذكر الحافظ في "التلخيص" 1/190: أنَ المحفوظ عن أبي الزبير، عن عبد الله بن باباه، عن جُبير. قلنا: وسيأتي من طريق عبد الله بن أبي نجيح عن عبد الله بن باباه في الرقم (16753) و (16769) ، وهو محفوظ كذلك، وقد أشار إلى ذلك الدارقطني في "العلل" 4/ورقة 107، فقال: يرويه عبد الله بن أبي نجيح وأبو الزبير المكي عن عبد الله بن باباه. وسيأتي برقم (16743) و (16753) و (16769) و (16774) .

قال السندي: قوله: "لا تمنعن"، بخطاب الجمع مع النون الثقيلة، واستدلَّ به من يقول بأن الصلاة في مكة لا تكره أصلاً في وقت من الأوقات، لكن الظاهر أن المعنى: لا تمنعوا أحداً دخل المسجد للطواف والصلاة الدخولَ أية ساعة يريد، فقوله: "أي ساعة"، ظرف لقوله: لا تمنعن أحداً طاف أو صلى، ففي دلالة الحديث على المطلوب بِحَثِّ، والظاهر أن الطواف وصلاة التطوع حين يصلي الإمام إحدى المكتوبات الخمس غير مأذون فيهما للرجال، والله تعالى أعلم.

 

يعني الأحكام كلها مناقضة لبعضها البعض، السماح بالصلاة في أي وقت في زمن الحج للحاج مناقض ومستثنٍ على النهي العام عن الصلوات في ذينك الوقتين، وأحاديث النهي نفسها لها ما يناقضها ويحكم باستحباب الصلاة التطوعية في الوقتين المذكورين!

 

سنة الضحى بين مثبت ومنكر لها

 

وسنة الضحى هي غير صلاة الصبح أو الفجر وسنتها، وهي صلاة من ثماني ركعات أو ست أو أربع أو اثنتين حسب اجتهاد المصلي.

روى البخاري:


1175 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ تَوْبَةَ عَنْ مُوَرِّقٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتُصَلِّي الضُّحَى قَالَ لَا قُلْتُ فَعُمَرُ قَالَ لَا قُلْتُ فَأَبُو بَكْرٍ قَالَ لَا قُلْتُ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا إِخَالُهُ

 

ورواه أحمد 4758 و4771

 

روى البخاري:

 

1176 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ مَا حَدَّثَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ فَإِنَّهَا قَالَتْ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فَلَمْ أَرَ صَلَاةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ

 

وانظر أحمد 26907 و26888 و26889 و26892 و26899 و26900 و26904 و27392 و26907.

 

بَاب صَلَاةِ الضُّحَى فِي الْحَضَرِ قَالَهُ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


1178 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ هُوَ ابْنُ فَرُّوخَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلَاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ

 

1179 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَكَانَ ضَخْمًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ مَعَكَ فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَدَعَاهُ إِلَى بَيْتِهِ وَنَضَحَ لَهُ طَرَفَ حَصِيرٍ بِمَاءٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ جَارُودٍ لِأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى فَقَالَ مَا رَأَيْتُهُ صَلَّى غَيْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ

وروى مسلم:

 

[ 336 ] وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ما أخبرني أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى إلا أم هانئ فإنها حدثت أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثماني ركعات ما رأيته صلى صلاة قط أخف منها غير أنه كان يتم الركوع والسجود ولم يذكر بن بشار في حديثه قوله قط

 

[ 336 ] وحدثني حرملة بن يحيى ومحمد بن سلمة المرادي قالا أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب قال حدثني بن عبد الله بن الحارث أن أباه عبد الله بن الحارث بن نوفل قال سألت وحرصت على أن أجد أحدا من الناس يخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح سبحة الضحى فلم أجد أحدا يحدثني ذلك غير أن أم هانئ بنت أبي طالب أخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بعدما ارتفع النهار يوم الفتح فأتي بثوب فستر عليه فاغتسل ثم قام فركع ثماني ركعات لا أدري أقيامه فيها أطول أم ركوعه أم سجوده كل ذلك منه متقارب قالت فلم أره سبحها قبل ولا بعد قال المرادي عن يونس ولم يقل أخبرني

 

[ 336 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي النضر أن أبا مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوب قالت فسلمت فقال من هذه قلت أم هانئ بنت أبي طالب قال مرحبا بأم هانئ فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد فلما انصرف قلت يا رسول الله زعم بن أمي علي بن أبي طالب أنه قاتل رجلا أجرته فلان بن هبيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ قالت أم هانئ وذلك ضحى

 

ومن روايات الإثبات ما رواه أحمد عن أبي هريرة:

 

9758 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى قَطُّ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً "

 

إسناده قوي، عاصم بن كليب الجَرمي وأبوه صدوقان. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/407، والنسائي في "الكبرى" (477) من طريق وكيع بن الجرَّاح، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار (696 - كشف الأستار) من طريق قبيصة بن عقبة، وأبو عوانة في البعث كما في "إتحاف المهرة" 5/ورقة 236 من طريق النعمان بن عبد السلام، كلاهما عن سفيان الثوري، به. وسيأتي مكرراً برقم (10199) دون لفظة: "واحدة"، وهي لم ترد هنا في (م) و (عس) .

 

وروى البخاري:


1981 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ

 

وروى أحمد:

 

9098 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ الْمُخْتَارِ الْأَنْصَارِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ فَيْرُوزَ الدَّانَاجَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ الصَّائِغُ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ثَلَاثَةٌ حَفِظْتُهُنَّ عَنْ خَلِيلِي أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْوَتْرُ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يونس: هو ابن محمد المؤدّب، وأبو رافع: هو نفيع الصائغ. وأخرجه الطيالسي (2447) عن عبد العزيز بن المختار، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (721) ، والبيهقي 3/47 من طريق معلى بن أسد، عن عبد العزيز بن المختار، به. وانظر ما سلف برقم (7138) . ورواه أحمد برقم (7512) و (7595) و (7596) و (7725) و (8106) و (8572) و (9098) و (9217) و (9916) و (10450) و (10483) و (10559) و (10812) من طرق عن أبي هريرة.

 

 

9217 - حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ: " الْوَتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، طارق بن عبد الرحمن -وهو البجلي الأحمسي- روى له البخاري خبراً واحداً متابعةً، واحتج به مسلم والباقون، وهو صدوق لا بأس به، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. سفيان: هو الثوري، زاذان: هو أبو عمر الكندي. وانظر ما سلف برقم (7512) .

 

7512 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْحَدَّادُ، عَنْ خَلَفِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَصَمِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ: " صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَلَا أَنَامُ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير خلف بن مهران أبي الربيع البصري العدوي، فمن رجال النسائي، وهو ثقة. عبد الواحد الحداد: هو عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد.

وهذا الحديث بهذا الإسناد تفرد به الإمام أحمد. وأخرجه عبد الرزاق (2849) ، وأبو يعلى (2619) و (6369) من طريق عطاء ابن أبي رباح، عن أبي هريرة. وأخرجه أبو داود (1432) من طريق أبي سعيد من أزد شنوءة، عن أبي هريرة. وأخرجه ابن خزيمة (1222) من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة. وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/15 و16 من طرق، عن أبي هريرة.  وقد سلف الحديث برقم (7138) من طريق الحسن البصري، عن أبي هريرة بذكر الغسل يوم الجمعة بدل ركعتي الضحى، واستوفينا الكلام عليه هناك وله شاهد من حديث أبي ذر سيأتي 5/173 ، وآخر من حديث أبي الدرداء سيأتي 6/440.

 

7725 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثٍ، لَا أَدَعُهُنَّ أَبَدًا: " لَا أَنَامُ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ، وَفِي صَلَاةِ الضُّحَى، وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سماك -وهو ابنُ حرب-، ومن أجل أبي الربيع -وهو المدني- فقد روى عنه جمع، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: صالحُ الحديث. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (4851) عن إسرائيل بنِ يونس (في المطبوع عن يونس، وهو خطأ) ، عن سماك بن حرب، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2396) ، والترمذي (760) من طريق أبي عوانة، عن سماك، به. وانظر ما سلف برقم (7138) و (7512) .

 

وروى البخاري:


1177 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا

 

رواه أحمد 25444 و25451 و25363 و24056 و24559 و25350 ومسلم 718، وفي بعض طرقه زيادة قولها: وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ "

 

وعلى النقيض نسبت روايات لعائشة نفسها كذلك رؤيتها لمحمد يصليها، مما يدل على كذب وتلفيق الرواة، روى مسلم:

 

[ 719 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا عبد الوارث حدثنا يزيد يعني الرشك حدثتني معاذة أنها سألت عائشة رضى الله تعالى عنها كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى قالت أربع ركعات ويزيد ما شاء

 

رواه أحمد 24638 و24924 و25348 وفي بعضها: ويزيد ما شاء الله.

 

[ 717 ] وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا يزيد بن زريع عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق قال قلت لعائشة هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قالت لا إلا أن يجيء من مغيبه

 

 [ 717 ] وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا كهمس بن الحسن القيسي عن عبد الله بن شقيق قال قلت لعائشة أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قالت لا إلا أن يجيء من مغيبه

 

رواه أحمد 24025 بلفظ: من سفر

 

[ 718 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط وإني لأسبحها وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم

 

وروى أحمد:

 

25385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، وَيَزِيدُ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ: عَنْ كَهْمَسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى ؟ قَالَتْ: " لَا إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ " قَالَ: قُلْتُ: أَكَانَ يُصَلِّي جَالِسًا ؟ قَالَتْ: " بَعْدَمَا حَطَمَهُ النَّاسُ " قَالَ: قُلْتُ: أَكَانَ يَقْرَأُ السُّور؟ فَقَالَتْ: " الْمُفَصَّلَ " قَالَ: قُلْتُ: أَكَانَ يَصُومُ شَهْرًا كُلَّهُ ؟ قَالَتْ: " مَا عَلِمْتُهُ صَامَ شَهْرًا كُلَّهُ إِلَّا رَمَضَانَ، وَلَا أَعْلَمُهُ أَفْطَرَ شَهْرًا كُلَّهُ حَتَّى يُصِيبَ مِنْهُ، حَتَّى مَضَى لِوَجْهِهِ " قَالَ يَزِيدُ: يَقْرِنُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

 

وبنحوه أحمد 25829 وهو عند مسلم مفرقًا في حديثين هما 732 و717

 

وكان لابن عمر شهادة خطيرة لو صح كلامه بأنها بدعة مبتدَعة لم يمارسها الناس قبل حادثة مقتل عثمان، روى أحمد:

 

6126 - حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا نَحْنُ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَجَالَسْنَاهُ، قَالَ: فَإِذَا رِجَالٌ يُصَلُّونَ الضُّحَى، فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ ؟ فَقَالَ: بِدْعَةٌ، فَقُلْنَا لَهُ: كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: " أَرْبَعًا، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ " قَالَ: فَاسْتَحْيَيْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا تَسْمَعِي مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟! يَقُولُ: " اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ "، فَقَالَتْ: " يَرْحَمُ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ عُمْرَةً إِلَّا، وَهُوَ شَاهِدُهَا، وَمَا اعْتَمَرَ شَيْئًا فِي رَجَبٍ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري (1775) و(1776) و(4253) و(4254) ، ومسلم (1255) (220) ، والنسائي في"الكبرى" (1421) ، وابن خزيمة (3070) ، وابن حبان (3945) ، والبيهقي 5/10-11 من طريق جرير بن عبد الحميد، والترمذي (937) من طريق شيبان النحوي، كلاهما عن منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد ورواية بعضهم مختصرة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.// وقد سلف بنحوه برقم (5383).// وقول ابن عمر عن صلاة الضحى: إنها بدعة. قال ذلك لأنه لم يشاهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليها ولا أبو بكر ولا عمر، ومع ذلك فقد استحسنها، وقال: وما أحدث الناس شيئاً أحب إلي منها، فقد روى البخاري (1175) عن مورق، قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أتصلي الضحى؟ قال: لا، قلت: فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر ؟ قال: لا، قلت: فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: لا إخاله. وهذا الحديث سلف برقم (4758).// ومعنى قوله: لا إخاله: لا أظنه، قال الحافظ: وكأن سبب توقف ابن عمر في ذلك أنه بلغه عن غيره أنه صلاها، ولم يثق بذلك عمن ذكره، وقد جاء عنه الجزم بكونها محدثة. فروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد، عن ابن عمر أنه قال: إنها محدثة، وإنها لمن أحسن ما أحدثوا.// وروى ابن أبي شيبة 2/406 بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج، عن الأعرج، قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى، فقال: بدعة ونعمت البدعة.

وروى عبد الرزاق (4868) بإسناد صحيح: عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر، قال: لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها، وما أحدث الناس شيئاً أحب إلي منها.

وأخرج الطبراني في"الكبير" (13524) من طريق سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: صلاة الضحى بدعة.// وأخرج الطبراني في"الكبير"من طريق إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: صلاة الضحى بدعة، ونعمت البدعة.

والاستنان : قال ابن الأثير: استعمال السواك، وهو افتعال من الأسنان، أي: يمره عليها، وقال الحافظ: أي: حس مرور السواك على أسنانها.

 

20460 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكَرَةَ، قَالَ: رَأَى أَبُو بَكَرَةَ نَاسًا يُصَلُّونَ الضُّحَى، فَقَالَ: " إِنَّهُمْ لَيُصَلُّونَ صَلَاةً مَا صَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَامَّةُ أَصْحَابِهِ "

 

إسناده قوي، فضيل بن فضالة وثقه ابن معين وابن شاهين وابن حبان، وقال أبو حاتم: شيخ. ولا يعرف أحد روى عنه غير شعبة، وهو من رجال النسائي، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن عبد الله- وهو ابن المديني- فمن رجال البخاري. وأخرجه الدارمي (1456) ، والبزار (3635) ، والنسائي في "الكبرى" (478) ، والمزي في ترجمة فضيل من "تهذيب الكمال" 23/304 من طرق عن معاذ بن معاذ العنبري، بهذا الإسناد . وفي الباب عن ابن عمر، سلف برقم (4758) ، وأخرجه البخاري (1175). وعن عائشة، سيأتي 6/86، وأخرجه البخاري (1177) .

 

ومن روايات النفي والإنكار ما رواه أحمد:

 

5837 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ"

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. سعيد بن زياد: هو الشيباني، سلف الكلام فيه في الرواية رقم (4849) ، وبقية رجاله ثقات. وأخرجه أبو داود (903) من طريق وكيع، بهذا الِإسناد.

 

أما الشيعة فتناقضوا كذلك في هذه المسألة في مصادرهم وكتبهم، فعندهم ذكر لصلاة مشابهة لكن في وقت آخر، وانتهوا إلى أن صلاة الضحى الخاصة بمذهب السنة أو العامة هي بدعة، نقتبس من بحار الأنوار:

 

1 - ختص : عن أحمد بن محمد يحيي العطار ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الوليد الخزاز ، عن يونس بن يعقوب قال : دخل عيسى بن عبدالله القمي على أبي عبدالله عليه السلام فلما انصرف قال لخادمه ادعه ، فانصرف إليه فأوصاه بأشياء ثم قال : يا عيسي بن عبدالله ، إن الله يقول : ( وأمر أهلك بالصلاة ) ( 1 ) وإنك منا أهل البيت ، فاذا كانت الشمس من ههنا مقدارها من هيهنا من العصر ، فصل ست ركعات ، قال : ثم ودعه وقبل ما بين عيني عيسى وانصرف .
قال يونس بن يعقوب : فما تركت الست ركعات منذ سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول ذلك لعيسى بن عبدالله ( 2 ) .
2 - رجال الكشى : عن حمدويه بن نصير ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن يونس بن يعقوب قال : وحد ثني محمد بن عيسى بن عبدالله ، عن يونس بن يعقوب مثله ( 3 ) .
3 - العيون : عن تميم بن عبدالله بن تميم القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد ابن علي الانصاري ، عن رجاء بن أبي الضحاك ، عن الرضا عليه السلام قال : ما رأيته صلى الضحى في سفر ولاحضر ( 4 ) .

__________________________________________________
( 1 ) طه : 132 .
( 2 ) الاختصاص : 195 - 196 .
( 3 ) رجال الكشى : 282 .
( 4 ) عيون الاخبار ج 2 ص 182 في حديث .


4 - التوحيد : للصدوق ، عن جعفر بن علي بن أحمد ، عن عبدالله الفضل عن محمد بن يعقوب الجعفري ، عن محمد بن أحمد بن شجاع ، عن الحسن بن حماد عن إسماعيل بن عبدالجليل ، عن أبي البختري ، عن الصادق عليه السلام ، عن أبيه في حديث أن أميرالمؤمنين عليه السلام في صفين نزل فصلى أربع ركعات قبل الزوال الحديث ( 1 ) .
5 - العياشى : عن الاصبغ بن نباته قال خرجنا مع علي عليه السلام فتوسط المسجد فاذا ناس يتنفلون حين طلعت الشمس ، فسمعته يقول : نحروا صلاة الاوابين نحرهم الله ، قال : قلت : فما نحروها ؟ قال : عجلوها قال : قلت : يا أميرالمؤمنين ما صلاة الاوابين ؟ قال : ركعتان ( 2 ) .
توضيح وتنقيح النحر الطعن في منحر الابل ، أي ضيعوا صلاة الاوابين وهي نافلة الزوال بتقديمها على وقتها ، فانهم تركوا بعض الثمان ركعات من نافلة الزوال ، وأبدعوا مكانها صلاة الضحى ، فكأنهم نحروها وقتلوها ، أو قدموها ( نحرهم الله ) أي قتلهم الله ، قال في النهاية : في حديث علي عليه السلام إنه خرج وقد بكروا بصلاة الضحى فقال : نحروها نحرهم الله ، أي صلوها في أول وقتها من نحر الشهر وهو أوله و قوله نحرهم الله [ يحتمل أن يكون دعاء لهم أي بكرهم الله بالخير كما بكروا بالصلاة أول وقتها ، و ] يحتمل أن يكون دعاء عليهم بالنحرو الذبح لانهم غيروا وقتها انتهى .
قوله : ( ركعتان ) أي التي قدموها ركعتان ، فانهما أقل صلاة الضحى أو صلاة الاوابين هي نافلة وقت الزوال ، وهي ركعتان وست ركعات اخر نافلة الظهر ، كما يظهر من بعض الاخبار ، أو المعنى أن صلاة الاوابين هى التي يكتفي المخالفون منها بركعتين ، فان نافلة الزوال عند بعضهم ركعتان ، أو قال ذلك تقية .

__________________________________________________
( 1 ) التوحيد ص 89 ط مكتبة الصدوق .
( 2 ) تفسير العياشى ج 2 ص 285 .


وروى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن إسماعيل القمي ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة رفعه قال : مر أمير المؤمنين عليه السلام برجل يصلي الضحى في مسجد الكوفة ، فغمز جنبه بالدرة وقال : نحرت صلاة الاوابين نحرك الله ، قال : فأتركها ؟ قال : فقال : ( أرأيت الذي ينهى * عبدا ( 1 ) إذا صلى ) فقال أبوعبدالله عليه السلام : وكفى بانكار علي عليه السلام نهيا ( 2 ) .
قوله عليه السلام ( أرأيت الذي ينهى ) الظاهر أنه قال عليه السلام : ذلك تقية ، فانه قد ورد في الاخبار أنهم كانوا يعارضونه عليه السلام عند نهيه عنها بهذه الاية ، أو المعنى إنى إذا قلت لا تفعل ، لاتقبل مني وتعارضني بالاية ، وعلى التقديرين أزال الصادق عليه السلام مايتوهم منه من التجويز ، بأن إنكار أميرالمؤمنين عليه السلام أولا كان كافيا في انزجاره ، وعلمه بحرمة الفعل ، إذ الضرب والزجر والاهانة لا تكون إلا على الحرام ، لكن السائل لما كان غبيا أو مخاصما شقيا ، وأعاد السؤال لم ير عليه السلام المصلحة في التصريح وإعادة النهي .
وأما جواب معارضتهم فهو أنه لا ينافي مادلت الاية عليه من استحباب الصلاة في كل وقت أن يكون تعيين عدد مخصوص في وقت معين بغير نص وحجة بدعة محرمة ، كما إذا هلل رجل عند الضحى عشر مرات مثلا من غير قصد تعيين يكون مثابا مأجورا ، وإذا فعلها معتقدا أنها بهذا العدد المعين في هذا الوقت المخصوص مستحبة مطلوبة ، يكون مبتدعا ضالا سبيله إلى النار ، كمامر تحقيقه مفصلا في باب البدعة .
وأما حديث عيسى بن عبدالله فالظاهر أنه عليه السلام أمره بذلك تقية أو اتقاء وإبقاء عليه لئلا يتضرر بترك التقية وكذا فعل أميرالمؤمنين عليه السلام يوم صفين إما للتقية أو لغرض آخر يتعلق بخصوص هذا اليوم من صلاة حاجة أو مثلها ، إذ كون صلاة الضحى بدعة من المتواترات عند الامامية ، لاخلاف بينهم فيه .

__________________________________________________
( 1 ) العلق : 10 .
( 2 ) الكافى ج 3 ص 245 .


قال الشيخ في الخلاف : صلاة الضحى بدعة لا يجوز فعلها ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا إنها سنة ، وقال الشافعي أقل ما يكون فيها ركعتان ، وأفضله اثنتا عشرة ركعة والمختار ثمان ركعات ، ثم قال : دليلنا إجماع الفرقة وأيضا روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : صلاة الضحى بدعة .
وقال العلامة في المنتهى : صلاة الضحى بدعة عند علمائنا ، خلافا للجمهور فانهم أطبقوا على استحبابها ، لنا مارواه الجمهور عن عائشة قالت : ما رأيت النبي صلى الله عليه وآله يصلي الضحي قط وسألها عبدالله بن شقيق أكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الضحى ؟ قالت : لا ، إلا أن يجئ من مغيبة ، وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : ما حدثني أحد قط أنه رأي النبي صلى الله عليه وآله يصلي الضحى إلا ام هاني فانها حدثت أن النبي صلى الله عليه وآله دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثمان ركعات مارأيته قط صلى صلاة أخف منها .
وروى أحمد في مسنده قال : رأى أبو بكرة ناسا يصلون الضحى ، فقال : إنهم ليصلون صلاة ما صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولاعامة أصحابه ، ثم قال : لايقال : الصلاة مستحبة في نفسها ، فكيف حكمتم ههنا بكونها غير مستحبة ؟ لانا نقول : إذا أتى بالصلاة من حيث إنها نافلة مشروعة في هذا الوقت كان بدعة ، أما إذا أوقعها على أنها نافلة مبتدأة فلا يمنع ، وهى عندهم ركعتان وأكثرها ثمان وفعلها وقت اشتداد الحر انتهى .
والعامة رووا عن ام هاني ثماني ركعات ، وعن عايشة أربع ركعات ، فما زاد ، وعن أنس اثنتى عشر ركعة ، وقال الابي في شرح صحيح مسلم : الاحاديث كلها متفقة وحاصلها أن الضحى سنة ، وأقلها ركعتان ، وأكملها ثمان ركعات ، وبينهما أربع وست .
وروى مسلم في صحيحه ، عن زيد بن أرقم قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله على أهل قبا وهم يصلون الضحى ، فقال : صلاة الاوابين ، إذا رمضت الفصال .
قال في النهاية : هو أن تحم الرمضاء وهى الرمل فتبرك الفصال من شدة حرها وإحراقها أخفافها انتهى ، والفصال ككتاب جمع الفصيل وهو ولد الناقة إذا فصل عن امه .
أقول : حمل المخالفون صلاة الاوابين على صلاة الضحى ، واستدلوا بهذا الخبر على استحباب إيقاعها عند شدة الحر ، والظاهر أنه شبيه هذا الخبر ، وكان غرضه صلى الله عليه وآله منعهم عن صلاه الضحى ، وأن نافلة الزوال هي صلاة الاوابين ووقتها عند زوال الشمس عند غاية اشتداد الحر ، فلم قدمتموها وأبطلتموها .
6 - دعائم الاسلام : عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لرجل من الانصار ، سأله عن صلاة الضحى فقال : إن أول من ابتدعها قومك الانصار سمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة في مسجدي تعدل ألف صلاة ، فكانوا يأتون من ضياعهم ضحى ، فيدخلون المسجد فيصلون ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله فنهاهم عنه ( 1 )

__________________________________________________
( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 214 .

 

16 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضال ، عن عيسى بن هشام ، عن عبدالكريم بن عمرو ، عن الحكم بن محمد بن القاسم أنه سمع عبدالله بن عطا يقول : قال لي أبوجعفر عليه السلام قم فأسرج دابتين حمارا وبغلا فأسرجت حمارا وبغلا فقدمت إليه البغل ورأيت أنه أحبهما إليه ، فقال : من أمرك أن تقدم إلي هذا البغل ؟ قلت : اخترته لك قال : وأمرتك أنت تختار لي ؟ ! ثم قال : إن أحب المطايا إلي الحمر ، فقال فقدمت إليه الحمار وأمسكت له بالركاب فركب فقال : الحمدلله الذي هدانا بالاسلام ، وعلمنا القرآن ، ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله ، والحمدلله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ، وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، والحمدلله رب العالمين ، وسار وسرت حتى إذا بلغنا موضعا آخر قلت له : الصلاة جعلت فداك فقال : هذا وادي النمل لا يصلى فيه ، حتى إذا بلغنا موضعا آخر قلت له مثل ذلك فقال : هذه الارض مالحة لا يصلى فيها ، قال : حتى نزل هو من قبل نفسه ، فقال لي : صليت أو تصلي سبحتك ، قلت هذه صلاة يسميها أهل العراق الزوال ، فقال : أما هؤلاء الذين يصلون هم شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام وهي صلاة الاوابين ، فصلى وصليت ، ثم أمسكت له بالركاب ، ثم قال : مثل ما قال في بدايته ، ثم قال : اللهم العن المرجئة فانهم أعداؤنا في الدنيا والآخرة فقلت له ما ذكرك جعلت فداك المرجئة ؟ فقال : خطروا على بالي ( 2 ) .

___________________________________________________________________
( 11 ) كشف الغمة ج 2 ص 320 و 321 وأخرج ذلك ابن الصباغ في الفصول المهمة ص 201 .
( 12 ) الكافى : ج 8 ص 276 .

بيان : قوله : مقرنين أي مطيقين ، قوله : أو تصلي ، الترديد من الراوي والسبحة النافلة ، قوله : الزوال أي صلاة الزوال ، ولعله قال ذلك استخفافا فعظمها عليه السلام و بين فضلها ، أو المراد أن هذه صلاة يصليها أهل العراق قريبا من الزوال قبله يعني صلاة الضحى ، فالمراد بالجواب أن من يصليها بعد الزوال كما نقول ، فهم شيعة علي عليه السلام ، ولعل المراد بالمرجئة كل من أخر عليا عليه السلام من درجته إلى الرابع .

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن سليمان الجعفري قال : رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام يصلي في جبة خز. ...وما رأيته صلى صلاة الضحى في سفر ولا حضر ، وكان لا يصوم في السفر شيئا وكان عليه السلام يبدء في دعائه بالصلاة على محمد وآله ، ويكثر من ذلك في الصلاة وغيرها .

 

وكذا المفيد جزم بكراهة النوافل المبتدأة وذات السبب عند الطلوع و الغروب ، وقال : إن من زار أحد المشاهد عند طلوع الشمس أو غروبها أخر الصلاة حتى تذهب حمرة الشمس عند طلوعها وصفرتها عند غروبها ، وقال ابن الجنيد : ورد النهي عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن الابتداء بالصلاة عند طلوع الشمس وغروبها و قيامها نصف النهار ، إلا يوم الجمعة في قيامها ، وعن الجعفي كراهة الصلاة في الاوقات الثلاثة إلا القضاء ، وعن المرتضى : ومما انفردت الامامية به كراهية صلاة الضحى ، فان التنفل بالصلاة بعد طلوع الشمس إلى الزوال محرمة إلا يوم الجمعة خاصة .
قال في الذكرى : وكأنه عنى به - يعني بالتنفل - صلاة الضحى لذكرها من قبل : وجور في الناصرية أن يصلي في الاوقات المنهي عن الصلاة فيها كل صلاة لها سبب متقدم .

 

عمر صادر إقطاعًا من إقطاعات محمد لصالح الشعب المسلم

 

روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين:

 

1467 - حدثنا محمد بن صالح بن هانىء ثنا الفضل بن محمد بن المسيب ثنا نعيم بن حماد ثنا عبد العزيز بن محمد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ في المعادن القبلية الصدقة وأنه قطع لبلال بن الحارث العقيق أجمع فلما كان عمر رضي الله عنه قال لبلال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك لتحتجزه عن الناس لم يقطعك إلا ليعمل قال : فأقطع عمر بن الخطاب للناس العقيق

قد احتج البخاري بنعيم بن حماد ومسلم بالدراوردي وهذا حديث صحيح ولم يخرجاه

 

ضعفوا الإسناد بقولهم أن الحارث بن بلال بن الحارث مجهول، لكن من سيعرف مسألة كهذه أكثر من أحد الورثة؟!

 

وروى أحمد:

 

2785 - حدثنا حسين، حدثنا أبو أويس، حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية: جلسيها وغوريها ، وحيث يصلح للزرع من قدس , ولم يعطه حق مسلم، وكتب له النبي صلى الله عليه وسلم: " بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى محمد رسول الله بلال بن الحارث المزني، أعطاه معادن القبلية: جلسيها وغوريها، وحيث يصلح للزرع من قدس، ولم يعطه حق مسلم"

 

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو أويس- واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي- فيه كلام من جهة حفظه، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والدارقطني وابن سعد وغيرهم، وأفرط من نسبه إلى الكذب، وقال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عن كثير بن عبد الله بن عمروبن عوف، فقال: منكر الحديث ليس بشيء، وقال عبد الله بن أحمد. ضرب أبي على حديث كثير بن عبد الله في "المسند" ولم يحدثنا عنه بشيء. قال الشيخ أحمد شاكر: وهذا حق، فإن أحمد لم يخرج شيئا من مسند عمرو بن عوف جد كثير، وإنما أخرج هذا الإسناد هنا ليذكر الإسناد الذي بعده من حديث ابن عباس مثله، فإنه لم يسمع من شيخه حسين بن محمد المروذي لفظ حديث ابن عباس، بل سمع منه حديث كثير، ثم حديث ابن عباس مثله، فحرص على أن يثبت لفظ شيخه... وأما البخاري حجة أهل الجرح والتعديل، فقد أبى أن يضعف كثير بن عبد الله، ففي "التهذيب" 3/377 عن الترمذي قال: قلت لمحمد بن إسماعيل في حديث كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة كيف هو؟ قال: هو حديث حسن إلا أن أحمد كان يحمل على كثير يضعفه، وقد روى يحيى بن سعيد الأنصاري عنه، والحديث الذي أشار إليه الترمذي هو في "سننه" (490) وقال فيه: حديث عمرو بن عوف حديث حسن غريب، وقد روى الترمذي أيضا (1352) : "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما" من طريق كثير، عن أبيه، عن جده، وقال: حديث حسن صحيح، فأنكر عليه العلماء تصحيحه حتى قال الذهبي في "الميزان" 2/407: فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي، وقد حاول بعضهم أن يعتذرعن الترمذي بأنه إنما صححه لما أيده من الشواهد، والذي أراه أن الترمذي حسنه تبعا لأستاذه البخاري في تحسين كثير بن عبد الله، وصححه للشواهد التى عضدته. وأخرجه أبو داود (3062) و (3063) ، والبيهقي 6/145من طريق الحسين بن محمد، بهذا الإسناد. وفي الباب عن بلال بن الحارث نفسه عند الطبراني (1146) ، والحاكم 1/404 و3/517. وعن ربيعة بن عبد الرحمن عن غير واحد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع، فتلك معادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم. أخرجه مالك في "الموطأ" 1/248-249، ومن طريقه أبو داود (3061) ، والبغوي (1588). وعن بلال بن الحارث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ في المعادن القبلية الصدقة، وأنه قطع لبلال بن الحارث العقيق أجمع، فلما كان عمر رضي الله عنه قال لبلال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك لتحتجزه عن الناس، ثم يقطعك إلا لتعمل، قال: فأقطع عمر بن الخطاب للناس العقيق. أخرجه الحاكم 1/404، وصححه ووافقه الذهبي، مع أن فيه الحارث بن بلال بن الحارث وهو في عداد المجهولين. وأخرج نحوه يحيى بن آدم في "الخراج" (294) من طريق ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر قال: جاء بلال بن الحارث المزني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم... الحديث مرسلا. وأخرجه أبو داود (3062) و (3063) ، والبيهقي 6/145من طريق الحسين بن محمد.

قوله: "أقطع"، قال السندى: من أقطعه الإمام أرضا، إذا أعطاه أرضا، وهو يكون تمليكا وغيره. معادن القبلية: بفتح قاف وباء، نسبة إلى قبل: وهي من ناحية الفرع - بضم فاء وسكون راء - موضع بين الحرمين. جلسيها: بفتح جيم وسكون لام، نسبة إلى جلس بمعنى المرتفع. وغوريها: بفتح غين معجمة وسكون واو، نسبة إلى غور بمعنى المنخفض، والمراد: أعطاه ما ارتفع منها وما انخفض، والأقرب ترك النسبة. من قدس: بضم قاف وسكون دال، جبل معروف، وقيل: هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزراعة. ولم يعطه حق مسلم: استثناء لما سبقه يد مسلم عما أعطي،

 

وروى الطبراني:

 

1146- حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عُمَارَةَ ، وَبِلاَلٍ ، ابْنَيْ يَحْيَى بْنِ بِلاَلِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِيهِمَا ، عَنْ جَدِّهِمَا بِلاَلِ بْنِ الْحَارِثِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَهُ هَذِهِ الْقَطِيعَةَ وَكَتَبَ لَهُ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلاَلَ بْنَ الْحَارِثِ ، أَعْطَاهُ مَعَادِنَ الْقَبِيلَةِ غَوْرِيَّهَا وَجَلْسِيَّهَا غَشَيَةَ ، وَذَاتَ النُّصُبِ ، وَحَيْثُ صَلُحَ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ ، إِنْ كَانَ صَادِقًا وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ.

 

محاولة عمر للنهي عن ومنع التسمي بأسماء "الأنبياء"

 

روى أحمد:

 

17896 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: نَظَرَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عَبْدِ الْحَمِيدِ - أَوْ ابْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، شَكَّ أَبُو عَوَانَةَ -، وَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، فَعَلَ اللهُ بِكَ، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ، قَالَ: وَجَعَلَ يَسُبُّهُ، قَالَ: فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا ابْنَ زَيْدٍ، ادْنُ مِنِّي، قَالَ: أَلَا أَرَى مُحَمَّدًا يُسَبُّ بِكَ لَا وَاللهِ لَا تُدْعَى مُحَمَّدًا مَا دُمْتُ حَيًّا، فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي طَلْحَةَ لِيُغَيِّرَ أَهْلُهُمْ أَسْمَاءَهُمْ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةٌ وَسَيِّدُهُمْ وَأَكْبَرُهُمْ مُحَمَّدٌ، قَالَ: فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَوَاللهِ إِنْ سَمَّانِي مُحَمَّدًا - يَعْنِي - إِلَّا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ عُمَرُ: " قُومُوا، لَا سَبِيلَ لِي إِلَى شَيْءٍ سَمَّاهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

 

رجاله ثقات، لكنه مرسل، فإن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يثبت أنه لقي عمر بن الخطاب. وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 5/99 من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 5/53، والبخاري في "الكبير" 1/16، وفي "الأوسط" 1/110، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (670) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (544) من طرق عن أبي عوانة، به. ورواية البخاري مختصرة.

وأخرج ابن سعد 5/53، والطبراني في "الكبير" 24/ (459) ، وابن قانع 3/18 من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن أحد ابني طلحة موسى أو عيسى، قال: حدثتني ظئر محمد بن طلحة قالت: لما ولد محمد بن طلحة أتينا به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "ما سميتموه؟ " قلنا: محمداً. قال: "هذا سميي، وكنيته أبو القاسم،. لفظ ابن سعد، وعند الطبراني عيسى بن طلحة دون شك، وعند ابن قانع ذكر مكانه إبراهيم بن محمد طلحة. قلنا: وإبراهيم بن عثمان متروك.

وقد أورد الحافظ في "الإصابة" 6/18 طرقاً أخرى لقصة تسمية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محمد بن طلحة، وعزاها لابن منده، وابن السكن، وابن شاهين.

 

الجمع بين الصلوات بلا عذر كان من سنة محمد وترك أهل مذهب السنة هذه الرخصة

 

روى البخاري:

 

543 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَقَالَ أَيُّوبُ لَعَلَّهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ قَالَ عَسَى

 

1174 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ أبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرًا قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيًا جَمِيعًا وَسَبْعًا جَمِيعًا قُلْتُ يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ قَالَ وَأَنَا أَظُنُّهُ

 

وانظر أحمد 1918 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الشافعي في "السنن المأثورة" (23) ، والحميدي (470) ، وابن أبي شيبة 2/456 و14/165، والبخاري (1174) ، ومسلم (705) (55) ، والنسائي 1/286، والطحاوي 1/160، والبيهقي 3/166 و168 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2613) ، وعبد الرزاق (4436) ، والبخاري (543) ، ومسلم (705) (56) ، وأبو داود (1214) ، والطحاوي 1/160، وابن حبان (1597) ، والطبراني (12805) و (12806) و (12807) و (12808) ، والبيهقي 3/167 من طرق عن عمرو بن دينار، به. وسيأتي برقم (2465) و (2582) و (3467) ، وانظر (1953) .

 

وروى مسلم:

 

[ 705 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر

 

 [ 705 ] وحدثنا أحمد بن يونس وعون بن سلام جميعا عن زهير قال بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا بالمدينة في غير خوف ولا سفر قال أبو الزبير فسألت سعيدا لم فعل ذلك فقال سألت بن عباس كما سألتني فقال أراد أن لا يحرج أحدا من أمته

 

وانظر أحمد 1953 و2557 بمثله

 

[ 705 ] وحدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد يعني بن الحارث حدثنا قرة حدثنا أبو الزبير حدثنا سعيد بن جبير حدثنا بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء قال سعيد فقلت لابن عباس ما حمله على ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته

 

[ 706 ] حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن أبي الطفيل عامر عن معاذ قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا

 

 [ 706 ] حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا خالد يعني بن الحارث حدثنا قرة بن خالد حدثنا أبو الزبير حدثنا عامر بن واثلة أبو الطفيل حدثنا معاذ بن جبل قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء قال فقلت ما حمله على ذلك قال فقال أراد أن لا يحرج أمته

 

 [ 705 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا أبو كريب وأبو سعيد الأشج واللفظ لأبي كريب قالا حدثنا وكيع كلاهما عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر في حديث وكيع قال قلت لابن عباس لم فعل ذلك قال كي لا يحرج أمته وفي حديث أبي معاوية قيل لابن عباس ما أراد إلى ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته

 

رواه أحمد 1953  إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، حبيب: هو ابن أبي ثابت، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه أبو داود (1211) ، والترمذي (187) ، والبيهقي 3/167 من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي 1/290 من طريق الفضل بن موسى، وأبو عوانة 2/353-354 من طريق عثام، كلاهما عن الأعمش، به. وأخرجه الطيالسي (2614) من طريق عمرو بن هرم، عن سعيد بن جبير: أن ابن عباس جمع بين الظهر والعصر من شغل، وزعم ابن عباس أنه صلى مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة الظهر والعصر جميعاً. وسيأتي الحديث برقم (2557) و (3265) و (3323). قوله: "في غير خوفٍ ولا مطرٍ" هذا مما انفرد به حبيب بن أبي ثابت ورواه أبو الزببر أيضاً عن سعيد بن جبير، فقال: "في غير خوفٍ ولا سفرٍ"، وهو في "الموطأ" 1/144، و"صحيح مسلم" (705) ، وسياتي في "المسند" برقم 2557، ورواه أحمد من حديث عمرو بن دينار عن أبي الشعْثاء برقم (1918) : أنه سمع ابن عباس يفول: صَليتُ مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمانيا جميعاً، وسبعاً جميعاً، قال عمرو: قلت له: يا أبا الشعثاء، أظنه أخَّر الظهر وعَجل العصر، وأخَّر المغرب وعَجَّل العشاء، قال: وأنا أظن ذلك. ورواه البخاري في "صحيحه" (543) من هذا الطريق عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلى بالمدينة سبعاً وثمانياً: الظهرَ والعصرَ، والمغربَ والعشاءَ، فقال أيوب السختياني: لعله في ليلةٍ مطيرةٍ ؟ قال: عسى .

 

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/23-24 في تفسير قوله "عسى": أي: أن يكونَ كما قلتَ، واحتمالُ المطر قال به أيضاً مالك عَقِبَ إخراجه لهذا الحديث عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحوه، وقال بدلَ قوله "بالمدينة": من غير خوف ولا سفر، قال مالك: لعله كان في مطرٍ ، لكن رواه مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ: "من غير خوفٍ ولا مطرٍ"، فانتفى أن يكونَ الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر، وجَوز بعضُ العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض، وقَواه النووي، وفيه نَظَر، لأنه لو كان جمعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الصلاتين لعارض المرض لَمَا صَلى معه إلا مَن به نحوُ ذلك العذْرِ، والظاهر أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع بأصحابه، وقد صَرح بذلك ابن عباس في روايته.

قال النووي [في شرح مسلم 5/218] : ومنهم من تأوله على أنه كان في غَيْم فصلى الظهر، ثم انكشف الغيمُ مثلاً، فَبَانَ أن وقت العصر دخل فصلاها، قال: وهو باطل، لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر، فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء. أ. هـ.

وكأن نَفْيَه الاحتمالَ مبني على أنه ليس للمغرب إلا وقت واحد، والمختار عنده خلافه، وهو أن وقتها يَمتَد إلى العِشاء، فعلى هذا فالاحتمال قائم.

قال (يعني النووي) : ومنهم من تأوًله على أن الجمع المذكور صُورِي، بأن يكون أخر الظهر إلى آخر وقتها، وعَجل العصر في أول وقتها. قال: وهو احتمال ضعيف أو باطل، لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتَمل. أ. هـ.

وهذا الذي ضَعفه استحسنه القرطبي، ورَجحَه قبله إمام الحرمين، وجَزَمَ به من القدماء ابنُ الماجشون والطحاوي [في شرح معاني الاَثار 1/164] ، وقَوْاه ابن سَيدِ الناس [في شرح الترمذي 1/ورقة 80] بان أبا الشعثاء- وهو راوي الحديث عن ابن عباس- قد قال به، وذلك فيما رواه الشيخان من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار، فذكر هذا الحديث، وزاد: قلت: يا أبا الشعثاء، أظنُه أخَّر الظهر وعَجَّل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، قال: وأنا أظنه. قال ابنُ سيد الناس: وراوي الحديث أدرى بالمراد من غيره .

قلت: لكن لم يَجزِمْ بذلك، بل لم يَستمِر عليه، فقد تقدم كلامُه لأيوب وتجويزُه لأن يكونَ الجمعُ بعذر المطر، لكن يُقوِّي ما ذكره من الجمع الصُوري أن طرقَ الحديث كلها ليس فيها تَعرض لوقت الجمع، فإما أن تُحمَلَ على مُطلَقِها، فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عُذْرٍ ، وإما أن تُحملَ على صفة مخصوصة لا تستلزمُ الإخراج، ويجمع بها بين مفتوق الأحاديث، والجمع الصوري أولى، والله أعلم.

وقال ابنُ عبد البر في "التمهيد" 12/216-220: قد يحتمل أن يكون جَمَع بينهما بأن صَلى الأولى في آخر وقتها، وصَلى الثانية في أول وقتها، فكانت رخصةً في التأخير بغير عذرٍ إلى آخر الوقت للسعَة ثم ذكر حديث ابن عباس من طريق أبي الشعئاء.

ثم قال: هذا جَمْع مباح في الحَضَر والسفر إذا صلى الأولى في آخر وقتها، وصلى الثانية في أول وقتها، لأن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد صَلى به جبريلُ عليه السلام، وصلى وبالناسِ في المدينة عند سؤال السائل عن وقت الصلاة، فصَلَى في آخر وقت الصلاة بعد أن صَلَّى في أوَّله، وقال للسائل: ما بينَ هذينِ وقت.

وعلى هذا تصح روايةُ من روى: "لئلا يُحرِجَ أمتَه"، ورواية من روى "للرخصة" وهذا جمع جائز في الحضر وغير الحضر، وإن كانت الصلاةُ في أول وقتها أفضلَ، وهو الصحيح في معنى حديث ابن عباس لم يتأوّل فيه المطر، وتاول ما قال أبو الشعثاء، وعمرو بن دينار، وبالله التوفيق.

وقال النووي في "شرح مسلم" 5/219: وذَهَبَ جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجةِ لمن لا يَتخِذُه عادةً، وهو قول ابن سيرين وأشْهب من أصحاب مالكٍ، وحكاه الخطابي عن القَفَّال الشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابنُ المنذر.

 

ونكمل مع مرويات مسلم:

 

 [ 705 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن جابر بن زيد عن بن عباس قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانيا جميعا وسبعا جميعا قلت يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء قال وأنا أظن ذاك

[ 705 ] وحدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء

 

 [ 705 ] وحدثني أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد عن الزبير بن الخريت عن عبد الله بن شقيق قال خطبنا بن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون الصلاة الصلاة قال فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة فقال بن عباس أتعلمني بالسنة لا أم لك ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء قال عبد الله بن شقيق فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته

 

 [ 705 ] وحدثنا بن أبي عمر حدثنا وكيع حدثنا عمران بن حدير عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال قال رجل لابن عباس الصلاة فسكت ثم قال الصلاة فسكت ثم قال الصلاة فسكت ثم قال لا أم لك أتعلمنا بالصلاة وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

عسى هذه مجرد كلمة تمني، ومجرد تبرير وظن واهن حسب التمنيات، لكن الأمر الواضح هو صلاة محمد جمعًا للصلوات بلا عذر، والذي عليه السنة أنه لا يجوز سوى في السفر وفي الحج والعمرة لغير مقيمي مكة وفي الحرب، وقرأت أن الشيعة ولا سيما الاثناعشرية يسمحون بها في كل حال، ويبدو أنه رغم ما لدى الشيعة عن الشكل الإسلامي الأصلي بصبغهم كل شيء بخرافات علي وآل البيت باعتبارهم نسله ورواية كل أحاديثهم تقريبًا عن النسل العلوي فقط وترك باقي المصادر، فهم في بعض الأمور أقرب إلى مذهب وطقسيات وتعاليم محمد الأصلية ولعل منها الجمع بين الصلوات في أي وقت واعتبارهم تروايح رمضان بدعة عمر بن الخطاب وربما تحليلهم زواج المتعة.

 

تخبط السنة في تخبطات وتحيرات لا نهائية فتارة قالوا انفرد به حبيب بن أبي ثابت ثم يعودون فيعترفون بأنه رواه أبو الزبير كذلك فيناقضون أنفسهم، ويحاولون التبرير رغم صريح لفظ ابن عباس في غير خوف ولا مرض، وهي جملة لا تأويل لها، خصوصًا مع تعليله لذلك بقوله أراد ألا يحرج أمته. يبدو أن السنة عندهم صحة مذهبهم وتقاليدهم واتباعها أهم من التحري عن تعاليم محمد الأصلية الحقيقية. وعلى كلٍّ حال فالصلوات الإسلامية ثقيلة سمجة سواءً مفردة أو جمعًا.

أما عن مرويات الشيعة الاثناعشرية فنقتبس بعض ما في بحار الأنوار عن سائر كتبهم:

 

8 علل الشرائع : عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الظهر والعصر مكانه من غير علة ولا سبب ، فقال له عمرو كان أجرء القوم عليه : أحدث في الصلاة شئ ؟ قال : لا ، ولكن أردت أن اوسع على امتي ( 1 ) .
9 ومنه : عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عبدالملك القمي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت : أجمع بين الصلاتين من غير علة ، قال : قد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ، أراد التخفيف عن امته ( 2 ) .
10 ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس الظهر والعصر حبن زالت الشمس في جماعة من غير علة ، و صلى بهم المغرب والعشاء الاخرة بعد سقوط الشفق من غير علة في جماعة ، وإنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ليتسع الوقت على امته ( 3 ) .
11 ومنه : عن علي بن عبدالله الوراق وعلي بن محمد بن الحسن بن مقبرة معا ، عن سعد بن عبدالله ، عن العباس بن سعيد الازرق ، عن زهير بن حرب ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي الزبير ، عن ابن جبير ، عن ابن عباس قال : جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بين الظهر والعصرمن غير خوف ولا سفر ، فقال : أراد أن يحرج أحد من امته ( 4 ) .
12 ومنه : بهذا الاسناد ، عن العباس ، عن ابن عون بن سلام ، عن وهب بن معاوية عن أبي الزبير ، عن ابن جبير ، عن ابن عباس مثله ( 5 ) .

13 ومنه : بهذا الاسناد عن العباس ، عن سويد بن سعيد ، عن محمد بن عثمان الجمحي ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس وعن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وآله صلى بالمدينة مقيما غير مسافر جميعا وتماما جمعا ( 1 ) .
14 ومنه : عن الوراق وابن مقبرة معا ، عن سعد ، عن محمد بن عبدالله بن أبي خلف ، عن أبي يعلى بن الليث ، عن أخيه محمد بن الليث ، عن عون بن جعفر المخزومي ، عن داود بن قيس الفراء ، عن صالح ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير مطر ولا سفر ، قال : فقيل لابن عباس : ما أراد به ؟ قال : أراد التوسع لامته ( 2 ) .
15 ومنه : عن الوراق ، عن ابن خثيمة زهير بن حرب ، عن إسماعيل بن علية ، عن ليث ، عن طاوس ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، في السفر والحضر ( 3 ) .
تبيين : ولنتكلم في تلك الاخبار وما يتلخص منها : قوله ( أن لا يحرج ) كيعلم أي لا يضيق ، قوله ( جميعا ) أي جماعة .
ثم اعلم أن الذي يستفاد من الاخبار أن التفريق بين الظهر والعصر و بين المغرب والعشاء أفضل من الجمع بينهما ( 4 ) وإنما جمع رسول الله صلى الله عليه وآله أحيانا لبيان الجواز والتوسعة على الامة ، وقد جوز للصبيان وأشباههم من أصحاب العلل والحوائج ، لكن التفريق يتحق بفعل النافلة بينهما ، ولا يلزم أكثر من ذلك ، ويجوز أن يأتي في أول الوقت بالنافلة ثم بالظهر ثم بنافلة العصر ثم بها ، ولا يلزمه تأخير الفرضين ولا نوافلهما إلى وقت آخر ، بل إنما جعل الذراع والذراعان لئلا يزاحم النافلة الفريضه ، ولا يوجب تأخيرها عن وقت فضيلتها ، وأما التقديم فلا حرج فيه ، بل يستفاد من بعضها أنه أفضل (وقد رد في خبر رجاء بن أبي الضحاك أن الرضا عليه السلام كان لا يفرق بين الصلاتين الظهر والعصر بغير النافلة والتعقيب ، ولكنه كان يؤخر العشاء إلى قريب من ثلث الليل وما ورد من أنه سبب لزيادة الرزق لعله محمول على هذا النوع من الجمع بأن يأتي بالفرضين والنوافل في مكان واحد ثم يذهب إلى السوق لئلا يصير سببا لتفرق حرفائه ، أو جوزوا ذلك لمن كان حاله كذلك للعذر فجوزوا له ترك النافلة ، لما رواه الكليني عن عباس الناقد بسندفيه جهالة قال : تفرق ما كان بيدي وتفرق عني حرفائي ، فشكوت ذلك إلى أبي محمد عليه السلام فقال لي اجمع بين الصلاتين الظهر والعصر ، ترى ما تحب .

_________________________________________________
( 1 3 ) علل الشرائع ج 2 ص 11 .
( 4 ) وذلك لان سنة رسول الله صلى الله عليه وآله التى كان يداوم عليها الا نادرا ، تفريق الصلاة في مواضعها التى أشار الله عزوجل اليها كما سيأتى ، وكان يواظب عليها امتثالا لوحى الله عزوجل في حال الاختيار ، مع ما رأى فيه من المصالح التى لا يخفى على المتأمل فعلينا الاسوة به صلى الله عليه وآله لقوله عزوجل ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا ) وقوله تعالى ( ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ) ولقوله صلى الله عليه وآله ( صلوا كما رأيتمونى أصلى ) ولكن شأن السنة أنها اذا تركت لعذر فطرى كالمطر والسفر وغير ذلك فهو موجه فطرة كما فعله رسول الله كثيرا ، وكأن هذه السيرة أيضا سنة ثانية له صلى الله عليه وآله ، وأما اذا تركت لا لعذر فطرى قهرى من مشية الله عزوجل ، فان كان لرغبة عن السنة فهو الذى قال صلى الله عليه وآله في حقه ( ومن رغب عن سنتى فليس منى ) فلا يجوز التخلف عنها في حال الاختيار ، لانه موجب للتهاون به صلى الله عليه وآله .
وان لم يكن لرغبة عنها بل لاجل عذر شخصى فقد أجاز رسول الله صلى الله عليه وآله له ذلك حيث جمع بين الصلاتين لغير عذر ظاهر ، أحيانا توسعة لامته ، لكن أخذ هذه سيرة يدام عليها فلا أدرى ما وجهه .

قرب الإسناد : عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن عبدالله بن ميمون القداح ، عن الصادق عليه السلام ، عن أبيه عليه السلام أنه كان يأمر الصبيان يجمعون بين الصلاتين الاولى والعصر ، والمغرب والعشاء ، يقول : ماداموا على وضوء قبل أن يشتغلوا

 

قرب الاسناد ص 12 ط حجر ص 18 ط نجف

 

وقال الشيخ : كل خبر دل على أفضلية أول الوقت ، محمول على الوقت الذي يلي وقت النافلة .
وبالجملة كما علم من مذهب الامامية جواز الجمع بين الصلاتين مطلقا ( 1 ) علم منه استحباب التفريق بينهما بشهادة النصوص والمصنفات بذلك .

_________________________________________________
( 1 ) لكن هذا الجواز صدر في زمن التقية وتسلط مخالفى مذهبهم من أهل السنة عليهم فاستدامت الشيعة على ذلك حتى بعد ما ظهرت للشيعة دولة من عهد الصفوية حيث خفى السر على فقهائهم ، فأفتوا بجواز الجمع مطلقا مع أن أخذ هذا سيرة والادامة عليها خلاف لسنة رسول الله القطعية ومن رغب عن سنته فليس من رسول الله في شئ .


وأورد على المحقق نجم الدين تلميذه جمال الدين بن يوسف بن حاتم الشامي المشغري وكان أيضا تلميذ السيدين ابني طاووس أن النبي صلى الله عليه وآله إن كان يجمع بين الصلاتين فلا حاجة إلى الاذان الثانية إذ هو للاعلام ، وللخبر المتضمن لان عندالجمع بين الصلاتين يسقط الاذان وإن كان يفرق فلم ندبتم إلى الجمع وجعلتموه أفضل ؟ فأجابه المحقق أن النبي صلى الله عليه وآله كان يجمع تارة ويفرق اخرى ثم ذكر الروايات كما ذكرنا ، وقال : إنما استحب فيها الجمع في الوقت الواحد إذا أتى بالنوافل والفريضتين فيه ، لانه مبادرة إلى تفريغ الذمة من الفرض ، حيث ثبت دخول وقت الصلاتين ، ثم ذكر خبر عمرو بن حريث ، عن الصادق عليه السلام وسأله عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي ثماني ركعات الزوال ثم يصلي الاربع الاولى ، وثماني بعدها ، وأربعا العصر وثلاثا المغرب وأربعا بعدها ، والعشاء أربعا وثماني الليل وثلاثا الوتر ، وركعتي الفجر والغداة ركعتين .
ثم قال : معظم العامة على عدم جواز الجمع بين الصلاتين ، لغير عذر ، ثم رد عليهم بما روي في صحاحهم من أخبار الجمع إلى أن قال : وروى مالك أن النبي صلى الله عليه وآله جمع بين الصلاتين في السفر ، وهو دليل الجواز ، ولا يحمل على أنه صلى الاولى آخر وقتها والثانية أوله ، لان ذلك لا يسمى جمعا ( 1 ) وابن المنذر
من أئمة العامة لما صح عنده أحاديث الجمع ذهب إلى جوازه ، انتهى كلامه المتين حشره الله مع الشهداء الاولين ، وينبغي أن يحمل عليه كلامه العلامة قدس الله روحه .

_________________________________________________
( 1 ) هذا في محل المنع ، فان الجمع بين الصلاتين أعم من أن يكون في أول الوقت أو آخره ، وأما أنه صلى الله عليه وآله كان يصلى الاولى آخر وقتها ، فهو صحيح لكنه مخصوص بعشائى المزدلفة ولكن الظاهر من حديث جمعه صلى الله عليه وآله من دون عذر من مطر أو غيم أنه صلى الله عليه وآله جمع بين صلاة الظهر والعصر حيث أذن المؤذن لصلاة الظهر ، والمسنون منه الاذان عند ما صار الظل مثله ، فصلى صلى الله عليه وآله الظهر لوقتها المسنون له ، ثم صلى العصر بعدها باقامة أقامها نفسه ، وهكذا فعل صلى الله عليه وآله في صلاة المغرب والعشاء حيث صلى المغرب لوقتها بعد الاذان

 

ويظهر من بعض الهوامش الحديثة التحقيقية لطبعة بحار الأنوار ج79 الواردة أعلاه أن هذه الأحاديث مستشكَلة كذلك عند الشيعة المعاصرين رغم قول أئمتهم بها لأنها خلاف الالتزام بمواعيد الصلوات. فهو يلقي باللائمة على السنة وأن أئمة الشيعة قالوا بالجواز باطلًا تقية من السنة الحاكمين، وهذا كلام باطل لأنه ليس عند السنة جواز الجمع المطلق ليصح هذا الادعاء وليس عليه عمل السنة.

 

أصل عبارة (الصلاة خير من النوم) في أذان صلاة الفجر المزعج هو فعل فعله بلال بن رباح ذات مرة، ويقال أنها بدعة عمرية

 

روى ابن أبي شيبة:

 

2175- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : جَاءَ بِلاَلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّهُ نَائِمٌ ، فَصَرَخَ بِلاَلٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، فَأُدْخِلَتْ فِي الأَذَانِ.

 

إسناد مرسل وإن كانت مراسيل سعيد بن المسيب من أقوى وأصح المراسيل. وأخرجه ابن ماجه (716) ، والبيهقي في سننه الكبرى 1/422-423

 

2171- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ؛ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى مُؤَذِّنِهِ : إِذَا بَلَغْتَ حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ ، فَقُلِ : الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، فَإِنَّهُ أَذَانُ بِلاَلٍ.

 

إسناده صحيح.

 

حماسة بلال الدينية ألهمت بفكرة الجملة المعروفة، ولاشك عندي أن النوم خير من الصلاة، لأنه مفيد للجسم وراحة ما لم يزد عن حده، خاصة وقت الفجر فوقت نومه مهم جدًّ للصحة، في حين ليس للصلوات والطقوس الخرافية للأديان أي فائدة.

 

ونسبت رواية ذلك الإقرار والاستحسان إلى عمر بن الخطاب بدلًا من محمد، روى ابن أبي شيبة:

 

2172- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ : إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : جَاءَ الْمُؤَذِّنُ يُؤْذِن عُمَرَ بِصَلاَةِ الصُّبْحِ ، فَقَالَ : الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، فَأُعْجِبَ بِهِ عُمَرُ ، وَقَالَ لِلْمُؤَذِّنِ : أَقِرَّهَا فِي أَذَانِكَ.

 

إسناده منقطع، فهشام لم يدرك عمر.

 

وروى الإمام مالك في الموطإ برواية الزهري كلامًا مرسلًا بلا إسناد لكنه يصلح كخبر تاريخي:

 

193 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ الْمُؤَذِّنَ جَاءَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُؤْذِنُهُ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، فَوَجَدَهُ نَائِمًا، فَقَالَ: الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ.

 

بالتالي يحتمل أن هذه الصيغة من اختراع عمر بن الخطاب.

 

وقال المجلسي الشيعي في بحار الأنوار ج 81/ ص 151

 

فقه الرضا : قال عليه السلام : اعلم رحمك الله أن الاذان ثمانية عشر كلمة والاقامة تسعة عشر كلمة ، وقد روي أن الاذان والاقامة في ثلاث صلوات : الفجر والظهر والمغرب .
وصلاتين باقامة هما العصر والعشاء الآخرة ، لانه روي خمس صلاة في ثلاثة أوقات والاذان أن يقول : الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، حى على خير العمل ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله لا إله إلا الله " مرتين في آخر الاذان ، وفي آخر الاقامة واحدة ، ليس فيها ترجيع ولا تردد ، ولا " الصلاة خير من النوم " .
والاقامة أن تقول : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حى على الصلاة حي على الفلاح ، حى على الفلاح ، حى على خير العمل ، حى على خير العمل ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، مرة واحدة الاذان والاقامة جميعا مثنى مثنى على ما وصفت لك .
والاذان والاقامة من السنن اللازمة وليستا بفريضة وليس على النساء أذان ولا إقامة وينبغي لهن إذا استقبلن القبلة أن يقلن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله.

 

....أقول : ويحتمل أن يكون المراد بالترجيع والتردد أو الترديد هنا تكرير الصوت وترجيعه بالغناء ، ويتحمل أن يراد بالترجيع ما مر وبالترديد الغنا أو بالعكس ، وأما قول : " الصلاة خير من النوم " الذي عبر عنه الاكثر بالتثويب فلا خلاف في إباحته عند التقية واما مع عدمها ، فقال ابن إدريس وابن حمزة بالتحريم وهو ظاهر الشيخ في النهاية سواء في ذلك أذان الصبح وغيره ، وقال الشيخ في المبسوط : والمرتضى بالكراهة ، وقال ابن الجنيد : لابأس به في أذان الفجر خاصة ، وقال الجعفي : تقول في أذان صلاة الصبح بعد قولك : " حى على خير العمل حى على خير العمل " : " الصلاة خير من النوم " مرتين ، وليستا من أصل الاذان والاظهر التحريم إن قاله بقصد الشرعية لانه بدعة في الشريعة .

 

وفي ص 167 وبعدها:


السرائر : نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب عن العباس بن معروف ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن التثويب الذي يكون بين الاذان والاقامة ، فقال : ما نعرفه.
بيان : الظاهر أن المراد بالتثويب قول : " الصلاة خير من النوم " كما هو المشهور بين الاصحاب منهم الشيخ في المبسوط وابن أبي عقيل والسيد رضي الله عنهم ، وبه صرح جماعة من أهل اللغة منهم الجوهري .
وقال في النهاية فيه إذا ثوب بالصلاة فأتوها وعليكم السكينة ، التثويب ههنا إقامة الصلاة ، والاصل في التثويب أن يجئ الرجل مستصرخا فيلوح بثوبه ليري ويشهر فسمي الدعاء تثويبا لذلك ، وكل داع مثوب ، وقيل : إنما سمي تثويبا من ثاب يثوب إذا رجع فهو رجوع إلى الامر بالمبادرة إلى الصلاة ، فان المؤذن إذا قال : " حي على الصلاة " فقد دعاهم إليها ، فاذا قال بعدها " الصلاة خير من النوم " فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها .
وفسره القاموس بمعان منها الدعاء إلى الصلاة ، وتثنية الدعاء ، وأن يقول في أذان الفجر " الصلاة خير من النوم " مرتين ، وقال في المغرب التثويب القديم ، هو قول المؤذن في أذان الصبح " الصلاة خير من النوم " والمحدث " الصلاة الصلاة " أو " قامت قامت " .
وقال الشيخ في النهاية : التثويب تكرير الشهادتين والتكبيرات ، زائدا على القدر الموظف شرعا ، وقال ابن إدريس : هو تكرير الشهادتين دفعتين لانه مأخوذ من ثاب إذا رجع ، وقال في المنتهى : التثويب في أذان الغداة وغيرها غير مشروع وهو قول : " الصلاة خير من النوم " ذهب إليه أكثر علمائنا ، وهو قول الشافعي أكثر الجمهور على استحبابه في الغداة ، لكن عن أبي حنيفة روايتان في كيفيته ، فرواية كما قلناه ، والاخرى أن التثويب عبارة عن قول المؤذن بين أذان الفجر ، وإقامته " حي على الصلاة " مرتين " حي على الفلاح " مرتين .
ثم قال في موضع آخر : يكره أن يقول بين الاذان والاقامة " حي على الصلاة حى على الفلاح " وبه قال الشافعي ، وقال محمد بن الحسن : كان التثويب الاول " الصلاة خير من النوم " مرتين بين الاذان والاقامة ، ثم أحدث الناس بالكوفة " حي على الصلاة حي على الفلاح " مرتين بينهما ، وهو حسن .
وقال بعض أصحاب أبي حنيفة يقول بعد الاذان " حي على الصلاة حي على الفلاح " بقدر ما يقرأ عشر آيات انتهى .
أقول : وهذا الخبر يحتمل وجهين : فعلى الاول المراد ببين الاذان والاقامة بين فصولهما ، قوله : " مانعرفه " أي ليس له أصل ، إذ لو كان لكنا نعرفه .


السرائر : نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب ، عن الحسين ابن سعيد ، عن فضالة ، عن العلا ، عن محمد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان أبي ينادي في بيته " الصلاة خير من النوم " ولورددت ذلك لم يكن به بأس ( 1 ) .
بيان ، حمله الاصحاب على التقية .

 

كتاب النرسى : قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : من السنة الترجيع في أذان الفجر وأذان العشاء الآخرة ، أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بلالا أن يرجع في أذان الغداة وأذان العشاء إذا فرغ " أشهد أن محمدا رسول الله " ، عاد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله حتى يعيد الشهادتين ، ثم يمضي في أذانه ، ثم لا يكون بين الاذان والاقامة إلا جلسة .
ومنه : عن أبي الحسن موسى عليه السلام أنه سمع الاذان قبل طلوع الفجر ، فقال : شيطان ، ثم سمعه عند طلوع الفجر ، فقال : الاذان حقا .
ومنه : عن أبي الحسن عليه السلام قال : سألته عن الاذان قبل طلوع الفجر ، فقال : لا إنما الاذان عند طلوع الفجر ، أول مايطلع قلت : فان كان يريد أن يؤذن الناس بالصلاة وينبههم ، قال : فلا يؤذن ، ولكن ليقل وينادي بالصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم يقولها مرارا ، وإذا طلع الفجر أذن ، فلم يكن بينه وبين أن يقيم إلا جلسة خفيفة بقدر الشهادتين ، وأخف من ذلك .
ومنه : عن أبي الحسن عليه السلام قال : الصلاة خير من النوم بدعة بني امية ، وليس ذلك من أصل الاذان ولابأس إذا أراد الرجل أن ينبه الناس للصلاة أن ينادي بذلك ، ولا يجعله من أصل الاذان فانا لانراه أذانا .

 

وفي ص 118:

 

المعتبر : قال في كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي من أصحابنا قال : حدثني عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : الاذان الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وقال : في آخره : لا إله إلا الله مرة ، ثم قال : إذا كنت في أذان الفجر فقل الصلاة خير من النوم بعد حي على خير العمل ، وقل بعد الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، ولا تقل في الاقامة الصلاة خير من النوم ، إنما هو في الاذان .


قال المحقق ره قال الشيخ في الاستبصار : هو للتقية ولست أرى هذا التأويل شيئا ، فان في جملة الاذان حي على خير العمل ، وهو انفراد الاصحاب فلو كان للتقية لما ذكره لكن الوجه أن يقال فيه روايتان عن أهل البيت أشهرهما تركه.

 

يبدو أن هناك شكًّا في كون صيغة (الصلاة خير من النوم) بدعة، لكه شك غير محسوم وغير مؤكد، والأخبار اختلفت عن الشيعة الاثناعشرية فبعضها روى القيام بقول هذه الجملة وحمله على التقية فقط لا مبرر له برأيي وهي حيلة يلجؤو لها لتبرير كل خبر يناقض ما عليه مذهبهم لأن هناك أشاء كثيرة من مذهب السنة قام بها أئمتهم نسل علي وهم رفضوها في مذهبهم لاحقًا، وهذا الشك في هذه الصيغة قد ورد كذلك في كتب السنة نفسها فبعضهم من القدماء رفض هذه الجملة، فروى ابن ابي شيبة:

 

2174- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ : لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَقُولَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ : الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ.

 

زعم فريق محققي طبعة الرسالة لمسند أحمد: وأخرج ابن أبي شيبة 1/208، والبيهقي 1/423 من طريق أبي أسامة، عن عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن أنس قال: من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر: حي على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. وإسناده صحيح كما قال البيهقي. وتحرف أنسٌ في مطبوع ابن أبي شيبة إلى ليس، فصار: ليس من السنة!

 

2179- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ مُؤَذِّنًا يَقُولُ فِي الْفَجْرِ : الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، فَقَالَ : لاَ تَزِيدنَّ فِي الأَذَانِ مَا لَيْسَ مِنْهُ.

 

لكن هناك مرويات كثيرة مرفوعة تؤكد أنه من سنة محمد، فلا ندري هل هي ملفقة أم لا، روى أحمد:

 

15376 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ، مَوْلَاهُمْ عَنْ أَبِيهِ السَّائِبِ، مَوْلَى أَبِي مَحْذُورَةَ، وُعَنْ أُمِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، أَنَّهُمَا سَمِعَاهُ مِنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ أَبُو مَحْذُورَةَ: خَرَجْتُ فِي عَشَرَةِ فِتْيَانٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيْنَا، فَأَذَّنُوا فَقُمْنَا نُؤَذِّنُ نَسْتَهْزِئُ بِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائْتُونِي بِهَؤُلَاءِ الْفِتْيَانِ " فَقَالَ: " أَذِّنُوا " فَأَذَّنُوا فَكُنْتُ أَحَدَهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ، هَذَا الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ، اذْهَبْ فَأَذِّنْ لِأَهْلِ مَكَّةَ "، فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِهِ وَقَالَ: " قُلْ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مَرَّتَيْنِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ ارْجِعْ، فَاشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مَرَّتَيْنِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ مَرَّتَيْنِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِذَا أَذَّنْتَ بِالْأَوَّلِ مِنَ الصُّبْحِ فَقُلْ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، وَإِذَا أَقَمْتَ فَقُلْهَا (1) مَرَّتَيْنِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، أَسَمِعْتَ ؟ " قَالَ: وَكَانَ أَبُو مَحْذُورَةَ لَا يَجُزُّ نَاصِيَتَهُ، وَلَا يُفَرِّقُهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَيْهَا، (2)

 

(1) في (ق) : فقل.

(2) حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال عثمان بن السائب، وأبيه، وأم عبد الملك بن أبي محذورة، فقد انفرد ابن جريج في الرواية عن عثمان، وقال ابن القطان: غير معروف، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وأبوه السائب انفرد بالرواية عنه ابنه عثمان، وقال الذهبي: لا

يُعرف، وأم عبد الملك انفرد كذلك بالرواية عنها عثمان بن السائب، ولم يؤثر توثيقها عن أحد.

وهو عند عبد الرزاق في "المصنف" (1779) ، ومن طريقه أخرجه أبو داود (501) ، وابن خزيمة (385) ، والطبراني في "الكبير" (6734) ، والدارقطني في "السنن" 1/235، والبيهقي في "السنن" 1/393-394. ولم يسق أبو داود وابن خزيمة لفظه، وفي رواية عبد الرزاق في "المصنف" ثم يرد فيها ذكر الترجيع.

وأخرجه أبو داود (501) ، وابن خزيمة (385) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/130 و134 من طريق أبي عاصم، وأخرجه النسائي في "المجتبى" 2/7، وفي "الكبرى" (1597) ، والدارقطني في "السنن" 1/234، والبيهقي في "السنن" 1/418 من طريق حجاج بن محمد، كلاهما عن ابن  جريج، به.

وأخرجه ابن خزيمة (385) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/130، والبيهقي في "السنن" 1/417 من طريق روح بن عبادة، عن ابن جريج، عن عثمان بن السائب، عن أم عبد الملك، به. وفيه تثنية التكبيرة.

وأخرجه الدارقطني 1/235، والبيهقي 1/416 من طريق الحميدي، عن إبراهيم بن عبد العزيز بن أبي محذورة، عن جده عبد الملك، عن أبي محذورة، به دون الإقامة.

وأخرجه الدارقطني 1/238، والبيهقي 1/414 من طريق إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبيه، عن جده، وفيه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة- قلنا: وإبراهيم ضعيف.

وسيأتي بالأرقام (15377) و (15378) و (15379) و (15380) و (15381) و6/401 (الطبعة الميمنية) .

قال السندي: قوله: ثم ارجع، صريح في الترجيع، وقد ثبت الترجيع في أذان أبي محذورة ثبوتاً لا مَرَدَّ له، كما ثبت عدمه في أذان بلال، فالوجه جواز الوجهين، والأقرب الترجيع أن كان المؤذن جديدَ الإسلام، وتركه أن كان قديم الإسلام، كأبي محذورة وبلال.

قلنا: أذان بلال سلف في حديث أنس برقم (12001) .

 

ورغم وجود أخبار صحيحة عند ابن أبي شيبة عن قول بعض الصحابة لهذه الجملة:

 

2173- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ : الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ.

 

صحيح

 

لكن لم أجد خبرًا صحيحًا يؤكد نسبتها إلى محمد وعصره سوى الحديثين المذكورين في أول موضوعنا.

 

ورأي الإباضية في المدونة الكبرى لأبي غانم الخراساني  1/42-43 كان الاعتراف بهذه الصيغة:

 

ذكر قول: "حي على خير العمل" في الأذان:

[قال أبو غانم]روى[قومنا] أنه يقول [بلال (1) في الأذان] صبحا:«حي على خير العمل» (2) ، قال بعض قومنا فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يقول بدلها:«الصلاة خير من النوم» (3) ، وروي أن ابن عمر تارة يقول هذا وتارة يقول هذا، وكذلك قال أبو المؤرج: وروي ذلك عن أبي عبيدة كما قال الربيع.

 

__________

(1) - بلال بن رباح: مؤذن الغرماء وهو أبا عبد الله وقيل أبا عبد الكريم، وقيل أبا عبد الرحمن، وقال بعضهم الغرماء أبا عمرو، وهو مولى أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وكان خازنا لأبي بكر الصديق ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم مؤذنا شهد بدرا وأحدا، وسائر المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أول من أظهر الإسلام سبعة رسول الله، كان بلال من مولدى السراة، مات بدمشق ودفن، ثم باب الصغير بمقبرتها سنة عشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة وقيل: توفي سنة إحدى وعشرين، وقيل توفي وهو ابن سبعين سنة، ويقال كان ترب أبي بكر الصديق رضى الله عنه. الإستيعاب في تميز الأصحاب: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، (المحقق: محمد علي البجاوي، دار الجيل، بيروت، ط.1، 1412هـ) 1/ 178. - 182

(2) - رواه نافع بلفظ: «قال: كان ابن عمر لا يؤذن في سفره وكان يقول: حيَّ على الفلاح، وأحيانا يقول: حيَّ على خير العمل». سنن الكبرى للبيهقي، كتاب الصلاة، باب ماروي عن حي على خير العمل،01/424.

(3) - رواه سويد بن غفلة بلفظ: «أن بلالا كان لا يثوب إلا في الفجر، فكان يقول في أذانه:حي على الفلاح الصلاة خير من النوم». سنن الكبرى للبيهقي، كتاب الصلاة، باب كراهية التثويب في غير أذان الصبح ، 01/424.

 

لكن في معارج الآمال لبدر الدين السالمي ذكر تكريهًا لهذه الصيغة:

 

ويكره في الأذَان الترجيع: وهو ترديد الشهادتين أَربع مَرَّات يقولُهما مَرَّتَيْن مَرَّتَيْن بصوت مُنخفض، ثُمَّ يرجعها مَرَّتَيْن مَرَّتَيْن بصوت مرتفع. والتثويب: وهو قول الْمُؤَذِّن: "الصَّلاَة خير من النوم".

... وهذه الْخِصَال في الإقامة أشدّ كراهية منها في الأذَان

 

...المسألة الثالثة فيما يكره في الأذان:

 

....

2- وَمِنهَا: التثويب: وهو لغة: إعلام مَرَّة بعد أخرى. والأصل في التثويب أنَّ الرجل /490/ إذا جاء مُستصرخا لوَّح بثوبه فيكون ذلك دعاءً وَإِنذارا، ثُمَّ كثر حَتَّى سُمِّي الدعاء تثويبا.

وَقِيلَ: هو ترديد الدعاء "تَفعيل" من ثاب إذا رجع، والْمُرَاد به ها هنا قول الْمُؤَذِّن في أَذَانه: "الصَّلاَة خير من النوم، الصَّلاَة خير من النوم" بعد قوله: "حَيَّ عَلَى الفلاح"، وهو مكروه عندنا، وسئل عنه هاشم فقال: لَمْ نَر الْمشايخ يفعلونه.

قال أبو سعيد: لَمْ يكن ذلك من فعل سالفيهم ولا مشايِخهم، وَإِنَّما ذلك من فعل قومهم، قال: وذلك حدث.

ومذهب الشافعية: أنَّ ذلك مندوب إليه في صَلاَة الْفَجْر، قال ابن حجر: خلافا لأبي حنيفة. وردَّ: بأنَّ ذلك نشأ عن قلَّة اطِّلاعٍ عَلَى مذهب أبي حنيفة. ونقل ابن الْمُنذر: عن الشافعي أنَّهُ كان يقول به إذ هو بالعراق ثُمَّ وقف عنه بِمصر.

وقال النعمان - يَعنِي أبا حنيفة -: التثويب الذي يثوِّب الناسُ في الْفَجْر بين الأذَان والإقامة: "حَيَّ عَلَى الصَّلاَة حَيَّ عَلَى الفلاح" مَرَّتَيْن حسن، وما نقله ابن الْمُنذر عن النعمان شاهد لصحَّة اطِّلاع ابن حجر عَلَى مذهبه، وَإِن ردَّ من ردَّه - فيما تَقَدَّم -.

واستحسنَ الْمُتأخِّرون من قومنا التثويب في الصَّلَوات كُلّها.

وَرُدَّ: بِما نقل عن ابن اعمر أنَّهُ سَمِع مُؤَذِّنا يثوِّب في غير الْفَجْر وهو في الْمَسْجِد، فقال لصاحبه: "قم حَتَّى نَخرج من عند هذا الْمبتدع"، وعن علي: إنكاره بقوله: "أخرجوا هذا الْمبتدع من الْمَسْجِد".

احْتَجَّ من قال من قومنا: إنَّه مندوب بِحديث أبي مَحذُورة: «أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - علَّمه الأذَان إلى قوله: "حَيَّ عَلَى الفلاح" ثُمَّ قال له: فَإن كَانَت صَلاَة الصبح قُلْت: "الصَّلاَة خير من النوم، الصَّلاَة خير مِن النوم"».

والْجَوَاب: أنَّ هذا الْحَدِيث مُعارض بِما روي عن مالك أنَّهُ بلغه أنَّ الْمُؤَذِّن جاء عمر يُؤذنه لِصَلاَة الصبح فوجده نائما، فقَالَ: "الصَّلاَة خير من النوم"، فأمره عمر أن يَجعلها في نداء الصبح.

ووجه ذلك: أنَّهُ لو كان التثويب في الأذَان سنَّة ما جهلها عمر، ومن الْمَعلُوم أنَّ ظاهر هذا الْحَدِيث يَدُلُّ عَلَى أنَّ مبدأ التثويب عن عمر، وتكلَّف قومنا الْجَمع بين الْحَدِيثين؛ فقال الطيبِي: ليس هذا إنشاء أمر ابتدعه من تلقاء نفسه، بل كانت سنَّة سَمِعها من رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَدُلُّ عَلَيْهِ حديث أبي مَحذُورة، قال: وكَأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أنكر عَلَى الْمُؤَذِّن استعمال "الصَّلاَة خير من النوم" في غير ما شرع فيه، ويحتمل أَن يَكُون من ضروب الْمُوافَقَة.

قُلْتُ: حَمله عَلَى غير الإنشاء بعيد جدا، وَحَمله عَلَى الْمُوافَقَة أبعد منه؛ لأنَّ الظاهر من مَجيء الْمُؤَذِّن عُمَر أنَّهُ يكون في أَيَّام خلافته، وهو ينافي الْمُوافَقَة ويبعد عدم وصوله إليه سابقا.

فَإن قِيلَ: إذا ثبت أنَّ عمر - رضي الله عنه - أمر بالتثويب في نداء الصبح فقد ثبت مدَّعى القوم، إذ الفرض ثبوت ندبيَّته، وفعل عمر وعدم إنكار الصحابة كاف في ذلك.

قُلْتُ: نعم، لو كان لفظ الْحَدِيث عن عمر صريحا في ذلك.. وهو لَمْ يكن كَذَلِكَ؛ لأنَّه إنَّما أمر أن يُجعل في نداء الصبح، والنداء يطلق عَلَى الأذَان وعَلَى غيره.

والتثويب عندنا ثابت لَكِنَّه بين الأذَان والإقامة لا في نفس الأذَان، وهو قول النعمان.

قال الْحَسَن: التثويب الأَوَّل بعد الأذَان "الصَّلاَة خير من النوم" يَعنِي: أنَّ الثتويب الأَوَّل الذي كان بعهد الصحابة بعد الأذَان لا في الأذَان. وَيَدُلُّ: عَلَى ذلك حديث معاذ بن جبل: قال: «احتبس عنَّا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة عن صَلاَة الصبح حَتَّى كدنا نتراءى عين الشمس فخرج سريعا فثوّب بالصَّلاَة فصلَّى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وتَجَوَّز في صلاته».

قال الشيخ عامر: والتثويب إنَّما يكون بعد الأذَان لصَلاَة الصبح، وَإِنَّما غيرها من الصَّلاَة فلا يكون بعد أَذَانها تثويب. قال: وَالدَّلِيل ما روي أنَّ بلالا قال: «أَمَرنِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَن أُثَوِّبَ في الْفَجْر، ونَهاني عن ذلك في العشاء».

قُلْتُ: وفي رواية قال لي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لاَ تُثَوِّبَنَّ في شيء مِن الصَّلَواتِ إِلاَّ في صَلاَة الْفَجْرِ». [رواه أحمد]

ثُمَّ ذكر الشيخ عامر: صفة التثويب فقال: هو إذا أذَّن الْمُؤَذِّن لصَلاَة الصبح فليقعد هنيهة حَتَّى يَحمرَّ الْفَجْر فليقم ويستقبل الْقِبْلَة ويثوِّب، وَإِنَّما يقول في تثويبه: "حَيَّ عَلَى الصَّلاَة حَيَّ عَلَى الفلاح".

قال أبو سعيد: التثويب عند أَصحَابنَا علامة لِحضور الصَّلاَة، إذ في التعارف معهم أنَّ الأذَان يَجُوز لصَلاَة الْفَجْر قبل حضور الصَّلاَة ووقتها، فلمَّا أن ثبت ذلك عندهم في التعارف لَمْ يكن بدٌّ أن يفرَّق بين أَذَانِها وغيره.

ووجد بِخط القاضي أبي زكريا: أنَّ التثويب بِما يتعارف به عند أهل ذلك الْمكان، ومثله في كلام أبي سعيد.

وعن بعض الْمُتأخِّرين: التثويب أن يقول: "الصَّلاَة يا عباد الله، الصَّلاَة يا مؤمنين، الصَّلاَة الصَّلاَة والسلام عَلَى رَسُول الله".

قُلْتُ:وضابط ذلك أن تعرف أنَّ الْمُرَاد من التثويب الْحثُّ عَلَى الصَّلاَة في وقتها، وبأيِّ شيء حصل فقد حصل الْمَقصُود، فَإن ثبت في ذلك شيء عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أو عن صحابته أعجبني التأسِّي بِهم وَإِن لَمْ يثبت، فلكلِّ قوم ما اصطلحوا عَلَيْهِ.

 

وجاء بيان الشرع للكندي ج2:

 

ويروى عن محمد بن محبوب أنه قال: كنت بالبصرة، وإذا قوم يتناظرون في القدر، فقال رجل يقال له أظن أنه العرال للرجل القدري: ما أفضل فعل الله أم فعل العباد؟

فقال القدري: فعل الله أفضل من فعل العباد.

فقال الرجل للقدري: الصلاة من فعل الله أم من فعل العباد؟

فقال: من فعل العباد.

فقال الرجل للقدري: فالنوم من فعل الله أم من فعل العباد؟

فقال القدري: من فعل الله.

فقال الرجل للقدري: فإذا النوم خير من الصلاة على قولك هذا، وقد قيل: إن بلالا مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم نادى للصلاة، قيل له: إنه نائم، فقال بلال: الصلاة خير من النوم.

قال: فانقطع القدري ولم يكن معه جواب.

ومن غيره:

إن قال قائل: ما أفضل فعل الله أم فعل العباد؟

قيل له: فعل الله.

فإن قال: الصلاة فعل الله أم فعل العباد؟

قيل له: من الله خلق، ومن العباد عمل وكسب.

وإن قال: النوم فعل الله أم فعل العباد.

قيل له: النوم والاضطجاع فعل العبد، وما يغشى العبد من النعاس فعل الله.

فإن قال: فما أفضل: الصلاة أم النوم؟

قيل له: الصلاة التي هي فعلي أفضل من فعلي في النوم، وخلق الله أفضل.

فإن قال: بلال كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: الصلاة خير من النوم؟

قيل له: معنى ذلك أن يقوم يصلي أفضل له من اضطجاعه في النوم، وما خلق الله من جميع ذلك فلا يقاس بفعل العبد.

 

وفي جامع البسيوي يرد نفس الخبر والمقولة كاحتجاج لاهوتي في النقاش مع المعتزلة.

 

يبدو أن هذه الصيغة ليس عليها عمل معظم الإباضية المعاصرين، لكن الأخبار عندهم تناقضت كذلك في إثباتها أو نفيها.

 

هل كانت صيغة الأذان الأصلية هي "حي على خير العمل" وليس "حي على الصلاة"

 

اتفق الشيعة الاثناعشرية والشيعة الزيدية وروايات عند الإباضية أن الصيغة هي "حي على خير العمل"، بل وتوجد عن ذلك روايات صحيحة ثابتة في كتب السنة نفسها وهي مهمة جدًّا سأوردها بآخر الموضوع.

 

ذكر الشيعة الاثناعشرية في كتاب دعائم الإسلام:


وعن أبي جعفر عليه السلام قال : كان الاذان بحي على خير العمل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وبه امروا أيام أبي بكر وصدرا من أيام عمر ، ثم أمر عمر بقطعه وحذفه من الاذان والاقامة ، فقيل له في ذلك : فقال : إذا سمع عوام الناس أن الصلاة خير العمل ، تهاونوا بالجهاد ، وتخلفوا عنه ، وروينا مثل هذا عن جعفر ابن محمد عليه السلام.

 

من لا يحضره الفقيه:

 

872 وروي أبوبصير عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: " إن بلالا كان عبدا صالحا فقال: لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صليه الله عليه وآله فتُرِكَ يومئذ حي على خير العمل ".

 

890 وقال الصادق عليه السلام " من قال حين يسمع أذان الصبح: " اللهم إني أسألك بإقبال نهارك وإدبار ليلك وحضور صلواتك، وأصوات دعاتك أن تتوب علي إنك أنت التواب الرحيم " وقال مثل ذلك حين يسمع أذان المغرب ثم مات من يومه أو ليلته مات تائبا، وكان ابن النباح(4) يقول في أذانه: حي على خير العمل حي على خير العمل، فإذا رآه علي عليه السلام قال: مرحبا بالقائلين عدلا وبالصلاة مرحبا وأهلا ".

 

914 وفيما ذكره الفضل بن شاذان رحمه الله من العلل عن الرضا عليه السلام أنه قال: " إنما أمر الناس بالاذان لعلل كثيرة، منها أن يكون تذكيرا للناسي، و تنبيها للغافل، وتعريفا لمن جهل الوقت واشتغل عنه، ويكون المؤذن بذلك داعيا لعبادة الخالق ومرغبا فيها، ومقرا له بالتوحيد، ومجاهرا بالايمان، معلنا بالاسلام مؤذنا لمن ينساها، وإنما يقال له: مؤذن لانه يؤذن بالاذان بالصلاة(2)، وإنما بدء فيه بالتكبير وختم بالتهليل لان الله عزوجل أراد أن يكون الا بذكره واسمه، واسم الله في التكبير في أول الحرف وفي التهليل في آخره، إنما جعل مثنى مثنى ليكون تكرارا في آذان المستمعين، مؤكدا عليهم إن سها أحد عن الاول لم يسه عن الثاني ولان الصلاة ركعتان ركعتان فلذلك جعل الاذان مثنى مثنى، وجعل التكبير في أول الاذان أربعا لان أول الاذان إنما يبدأ غفلة، وليس قبله كلام ينبه المستمع له فجعل الاوليان تنبيها للمستمعين لما بعده في الاذان، وجعل بعد التكبير الشهادتان لان أول الايمان هو التوحيد، والاقرار لله تبارك وتعالى بالوحدانية، والثاني الاقرار للرسول صلى الله عليه وآله بالرسالة وأن إطاعتهما ومعرفتهما مقرونتان، ولان أصل الايمان إنما هو الشهادتان فجعل شهادتين شهادتين كما جعل في سائر الحقوق شاهدان فإذا أقر العبد لله عزوجل بالوحدانية وأقر للرسول صلى الله عليه وآله بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان لان أصل الايمان إنما هو بالله وبرسوله، وإنما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة لان الاذان إنما وضع لموضع الصلاة وإنما هو نداء إلى الصلاة في وسط الاذان ودعاء إلى الفلاح وإلى خير العمل، وجعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه ".

 

وفي رواية أرسلها القوشجى في أواخر مباحث الامامة من كتابه شرح التجريد ص 408 " ط ايران 1301 قول عمر بن الخطاب: أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهن وأحرمهن ، وأعاقب عليهن : متعة الاحج ، ومتعة النساء ، وحي على خير العمل .


المعتبر : قال في كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي من أصحابنا قال : حدثني عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : الاذان الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وقال : في آخره : لا إله إلا الله مرة ، ثم قال : إذا كنت في أذان الفجر فقل الصلاة خير من النوم بعد حي على خير العمل ، وقل بعد الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، ولا تقل في الاقامة الصلاة خير من النوم ، إنما هو في الاذان .
قال المحقق ره قال الشيخ في الاستبصار : هو للتقية. ولست أرى هذا التأويل شيئا ، فان في جملة الاذان حي على خير العمل ، وهو انفراد الاصحاب فلو كان للتقية لما ذكره لكن الوجه أن يقال فيه روايتان عن أهل البيت أشهرهما تركه .

 

تفسير القمي: أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن الثمالي ، عن أبي الربيع قال : سأل نافع أباجعفر عليه السلام فقال : أخبرني عن قول الله : " واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ( 4 ) " من الذي ( 5 ) سأل محمد صلى الله عليه وآله ( 6 ) وكان بينه وبين عيسى عليه السلام خمسمائة سنة ؟ قال : فتلا أبوجعفر عليه السلام هذه الآية : " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ( 7 ) " فكان من الآيات التي أراها الله محمدا صلى الله عليه واله حين اسري به إلى بيت المقدس أن حشر الله الاولين والآخرين من النبيين والمرسلين ، ثم أمر جبرئيل فأذن شفعا وأقام شفعا ، ثم قال في إقامته حي على خير العمل ، ثم تقدم محمد صلى الله عليه وآله فصلى بالقوم ، فأنزل الله عليه : " واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : علام تشهدون ؟ وما كنتم تعبدون ؟ قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله أخذت على ذلك مواثيقنا وعهودنا ، قال نافع : صدقت يا أباجعفر.

 

الكافي/ روضة الكافي: العدة ، عن البرقي ، عن ابن محبوب ، عن الثمالي ، وأبي منصور ، عن أبي الربيع قال : حججنا مع أبي جعفر عليه السلام في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبدالملك وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب ، فنظر نافع إلى أبي جعفر عليه السلام في ركن البيت ، وقد اجتمع عليه الناس ، فقال نافع : يا أمير المؤمنين من هذا الذي قد تداك عليه الناس ؟ فقال : هذا نبي أهل الكوفة ، هذا محمد بن علي ، فقال : اشهد لآتينه فلاسألنه عن مسائل لا يجيبني فيهاإلا نبي أووصي نبي أو ابن نبي ، قال : فاذهب إليه واسأله لعلك تخجله .
فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفر عليه السلام فقال : يا محمد بن علي إني قرأت التوراة والانجيل والزبور والفرقان ، وقد عرفت حلالها وحرامها ، وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أووصي نبي أو ابن نبي ، قال : فرفع أبوجعفر عليه السلام رأسه فقال : سل عما بدالك ، فقال : أخبرني كم بين عيسى وبين محمد صلى الله عليه وآله من سنة ؟ قال : اخبرك بقولي أو بقولك ؟ قال : أخبرني بالقولين جميعا ، قال : أما في قولي فخمسمائة سنة وأما في قولك فستمائة سنة ، قال : فأخبرني عن قول الله عزوجل لنبيه : " واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا دون الرحمان آلهة يعبدون " من الذي سأله محمد صلى الله عليه وآله وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة ؟ قال : فتلا أبوجعفر عليه السلام هذه الآية : " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ( 2 ) " .
فكان من الآيات التي أراها الله تبارك وتعالى محمدا حيث أسرى به إلى البيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الاولين والآخرين من النبيين والمرسلين ، ثم أمر جبرئيل فأذن شفعا ، وأقام شفعا وقال في أذانه : حي على خير العمل ، ثم تقدم محمد فصلى بالقوم ، فلما انصرف قال لهم على ما تشهدون ؟ وما كنتم تعبدون ؟ قالوا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله ، أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا ، فقال نافع : صدقت يا أبا جعفر ( 1 ) .

 

الاحتجاج : عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي الربيع قال : قال الباقر عليه السلام فيما أجاب به عن مسائل نافع : لما أسري بالنبي صلى الله عليه وآله إلى بيت المقدس حشر الله الاولين والآخرين من النبيين والمرسلين ثم أمر جبرئيل عليه السلام فأذن شفعا وقال في أذانه " حي على خير العمل " ثم تقدم محمد صلى الله عليه وآله وصلى بالقوم ( 2 ) .

 

جامع الشرايع : للشيخ يحيى بن سعيد : قد كان أبوعبدالله عليه السلام يقيم ويؤذن غيره وروي أن الانسان إذا دخل المسجد وفيه من لا يقتدي به وخاف فوت الصلاة بالاشتغال بالاذان والاقامة يقول : " حي على خير العمل " دفعتين لانه تركه .

 

مكارم الأخلاق: إذا قال المؤذن : " الله أكبر " فقل مثل ذلك ، وإذا قال : " أشهد أن لا إله إلا الله " و " أشهد أن محمدا رسول الله " فقل : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ، أكتفي بهما عن كل من أبى وجحد ، واعين بهما من أقر وشهد ( 1 ) .
وقد روي أن المؤذن إذا قال : " أشهد أن محمدا رسول الله " فقل : صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ، اللهم اجعل عملي برا ، ومودة آل محمد في قلبي مستقرا ، وأدر على الرزق درا ، وإذا قال : " حى على الصلاة حى على الفلاح " فقل : لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( 2 ) .
الاداب الدينية : مثله ، وزاد فيه ويقول عند قول : " حي على خير العمل " مرحبا بالقائلين عدلا ، وبالصلاة مرحبا وأهلا

 

سعد السعود : للسيد علي بن طاوس نقلا من تفسير محمد بن العباس بن مروان عن الحسين بن محمد بن سعيد ، عن محمد بن البيض بن الفياض ، عن إبراهيم بن عبدالله ، عن عبدالرزاق ، عن معمر ، عن ابن حماد ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث المعراج قال : ثم قام جبرئيل فوضع سبابته اليمنى في اذنه اليمنى فأذن مثنى مثنى ، يقول في آخرها : حي على خير العمل مثنى مثنى ، حتى إذا قضى أذانه أقام للصلاة مثنى مثنى الخبر

 

علل الشرائع:

 

عن عبدالواحد بن محمد بن عبدوس ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن " حي على خير العمل " لم تركت من الاذان ؟ فقال : تريد العلة الظاهرة أو الباطنة ؟ قلت : أريدهما جميعا ، فقال : أمكا العلة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد اتكالا على الصلاة ، وأما الباطنة فان خير العمل الولاية ، فأراد من أمر بترك حي على خير العمل من الاذان أن لايقع حث عليها ودعاء إليها.


ومنه : عن علي بن عبدالله الوراق وعلي بن محمد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله ، عن العباس بن سعيد الارزق ، عن سويد بن سعيد الانباري ، عن محمد بن عثمان الجمحي ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة قال : قلت لابن عباس أخبرني لاي شئ حذف من الاذان حي على خير العمل ؟ قال : أراد عمر بذلك أن لايتكل الناس على الصلاة ، ويدعوا الجهاد ، فلذلك حذفها من الاذان.

وفي بحار الأنوار ج48/ ص 161

 

وروى أبوالفرج الاصبهاني ( 2 ) بأسانيده عن عبدالله بن إبراهيم الجعفري وغيره أنهم قالوا : كان سبب خروج الحسين أن الهادي ولى المدينة إسحاق بن عيسى بن علي فاستخلف عليها رجلا من ولد عمر بن الخطاب يعرف بعبد العزيز فحمل على الطالبيين ، وأساء إليهم ، وطالبهم بالعرض كل يوم في المقصورة ، ووافى أوائل الحاج ، وقدم من الشيعة نحو من سبعين رجلا ولقوا حسينا وغيره فبلغ ذلك العمري ، وأغلظ أمر العرض ، وألجأهم إلى الخروج ، فجمع الحسين يحيى ( 3 ) وسليمان ( 1 ) وإدريس ( 2 ) بني عبدالله بن الحسن ، وعبدالله بن الحسن الافطس ( 3 ) وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا وعمر بن الحسن بن علي بن الحسن المثلث ، و عبدالله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن المثنى ، وعبدالله بن جعفر الصادق عليه السلام ووجهوا إلى فتيان من فتيانهم ومواليهم ، فاجتمعوا ستة وعشرين رجلا من ولد علي عليه السلام وعشرة من الحاج ، وجماعة من الموالي .
فلما أذن المؤذن الصبح دخلوا المسجد ونادوا : أجد أجد ، وصعد الافطس المنارة ، وجبر المؤذن على قول حي على خير العمل ، فلما سمعه العمري أحس بالشر ودهش ، ومضى هاربا على وجهه يسعى ويضرط ، حتى نجا ، وصلى الحسين بالناس الصبح ، ولم يتخلف عنه أحد من الطالبيين ، إلا الحسن بن جعفر بن الحسن ابن الحسن وموسى بن جعفر عليه السلام .

__________________________________________________________________
( 1 ) امه عاتكة بنت عبدالملك بن الحرث الشاعر بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي وهى التى كلمت أبا جعفر المنصور لما حج وقالت ياأمير المؤمنين أيتامك بنو عبدالله بن الحسن فقراء لا شى لهم فرد عليهم ماقبض من أموالهم فأمر بردها عليهم وكان سليمان فيمن خرج مع الحسين بن على صاحب فخ فأسر وضربت عنقه بمكة صبرا .
لاحظ أخباره في تاريخ الطبري ج 10 ص 28 ومروج الذهب ج 2 ص 183 ومقاتل الطالبيين ص 396 و 433 .
( 2 ) ادريس بن عبدالله : امه عاتكة بنت عبدالملك بن الحرث الشاعر المخزومى حضر وقعة فخ وأفلت منها ومعه مولى له يقال له راشد فخرج به في جملة حاج افريقية ومصر حتى أقدمه مصر ، ومنها خرج إلى فاس وطنجة ومولاه راشد معه فاستدعاهم ادريس إلى الدين فملكوه عليهم ، فبلغ الرشيد ذلك فغمه حتى امتنع من النوم ، فدعا سليمان بن جرير الرقى متكلم الزيدية وأعطاه سما فورد سليمان على ادريس متوسما بالمذهب فسر به ، ثم جعل سليمان يطلب غرته حتى وجد خلوة من مولاه راشد فسقاه السم وهرب ، وكانت بيعة ادريس في 4 شهر رمضان سنة 172 واستمر بالامر خمس سنين وستة أشهر ثم مات سنة 177 مستهل ربيع الثاني لاحظ تفصيل أخباره في مقاتل الطالبيين ص 487 وما بعدها وتاريخ الطبري ج 10 ص 29 وتاريخ ابن خلدون ج 4 ص 12 14 وجذوة الاقتباس لابن القاضى ص 7 والبدء والتاريخ ج 6 ص 100 وتاريخ أبي الفداء ج 2 ص 12 وعمدة الطالب ص 157 158 ومعجم أعلام المنتقلة " مخطوط " وقد كتب في مناقبه وأخباره كتب منها الدر النفيس في مناقب ادريس .
( 3 ) عبدالله بن الحسن الافطس : هو أبومحمد امه ام سعيد بنت سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف ، خرج مع الحسين بن علي صاحب فخ متقلدا سيفين يقاتل بهما ، ووصفه بعض من شهده بقوله : ما كان بفخ أشد عناءا من عبدالله ابن الحسن بن علي بن على ، واليه أوصى الحسين صاحب فخ ، وأخذه الرشيد بعد ذلك فحبسه في بغداد مدة فضاق صدره فكتب إلى الرشيد رقعة فيها كل كلام قبيح ، وشتم شنيع فلما قرأها قال : ضاق صدر هذا الفتى فهو يتعرض المقتل ، ثم دفعه إلى جعفر بن يحيى البرمكى وأمره بالتوسعة عليه ، فلما كان يوم غد وهو يوم نيروز قدمه جعفر فضرب عنقه وغسل رأسه وجعله في منديل وأهداه إلى الرشيد مع هدايا ، فلما قدمت اليه ونظر إلى الرأس أفظعه

 

النص في (مقاتل الطالبيين) هكذا:

 

....فقال له الحسين: ما كان الله ليطلع علي وأنا جاء إلى محمد صلى الله عليه وسلم وهو خصمي وحجيجي في دمك، ولكن أقيك بنفسي لعل الله أن يقيني من النار.

قال: ثم وجه، فجاءه يحيى، وسليمان، وإدريس، بنو عبد الله بن الحسن، وعبد الله بن الحسن الأفطس، وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا وعمر بن الحسن بن علي بن الحسن بن الحسين بن الحسن، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي، وعبد الله بن جفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ووجهوا إلى فتيان من فتيانهم ومواليهم، فاجتمعوا ستةً وعشرين رجلاً من ولد علي، وعشرة من الحاج، نفر من الموالي. فلما أذن المؤذن للصبح دخلوا المسجد ثم نادوا: "أحد، أحد" وصعد عبد الله بن الحسن الأفطس المنارة التي عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم عند موضع الجنائز فقال للمؤذن: أذن بحي على خير العمل، فلما نظر إلى السيف في يده أذن وسمعه العمري فأحس بالشر ودهش، وصاح: أغلقوا البغلة الباب وأطعموني حبتي ماء.

قال علي بن إبراهيم في حديثه: فولده إلى الآن بالمدينة يعرفون ببني حبتي ماء.

قالوا: ثم اقتحم إلى دار عمر بن الخطاب وخرج في الزقاق المعروف بزقاق عاصم بن عمر، ثم مضى هارباً على وجهه يسعى ويضرط حتى نجا، فصلى الحسين بالناس الصبح ودعا بالشهود العدول الذين كان العمري أشهدهم عليه أن يأتي بالحسن إليه، ودعى بالحسن وقال للشهود: هذا الحسن قد جئت به فهاتوا العمري وإلا والله خرجت من يميني ومما علي.

 

وفي كتاب أخبار فخ ويحيى بن عبد الله وهو من الكتب التاريخية المبجلة لكل مذاهب الشيعة:

 

فانطلقوا بعدما أذن المؤذن الصبح حتى دخلوا المسجد ثم نادوا: أحدٌ أحدا - وذلك كان شعارهم - ومضى الحسين بن علي بمن معه حتى جاوزوا دار الإمارة وأصْلَتُوا سيوفهم، وصعد عبد الله بن الأفطس إلى المنارة التي إلى عند رأس النبي صلى الله عليه وآله عند موضع الجنائز، وقال للمؤذن: أذن، وقل في أذانك: حي على خير العمل، فتَمنَّع، فلما رأى السيف مصلتاً أذَّن برعب، وسمعها العمري فاقتحم دار عمر بن الخطاب، ثم خرج في زقاق عاصم حتى نفذ منه هاربا، ولم يُطلب.

 

وفي كتاب من كتب الزيدية هو (الأذان بحي على خير العمل) ل محمد بن علي بن الحسن العلوي
(367 – 445 )
هـ رووا:

 

ماروي عن أبي محذورة

حدثنا أبو القاسم علي بن الحسين العَرْزِمي إملاءً من حفظه، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن السري [بن أبي دَارِم] التميمي، حدثنا أبو عمران موسى بن هارون بن عبد اللّه الحَمَّال، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني ، حدثنا أبو بكر بن عَيَّاش ، عن عبد العزيز بن رُفَيْع ،عن أبي محذورة قال: كنت غلاماً صَيِّتاً فأذنت بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لصلاة الفجر، فلما انتهيت إلى: حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( إِلْحِقْ فِيْهَا : حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ )) .

قال لي أبو القاسم العَرْزَمي: هذا حديث تفرد بروايته أبو بكر بن أبي دَارِم.

حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن النَّخَّاس قراءة، حدثناعلي بن العباس البَجَلي، حدثنا بَكَّار بن أحمد، حدثنا مُخَوَّل بن إبراهيم، عن محمد بن بكر، عن زياد بن المنذر ، قال: حدثني شيخ من أصحابنا، عن رجل حَدَّثه، عن أبي محذورة، قال: (( أمرني رَسُولُ اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أَنْ أقولَ في الأذانِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ )) .

(3) أخبرنا أحمد بن علي بن العَطَّار، ومحمد بن الحسين بن غَزَّال قراءة عليهما، قالا: حدثنا علي بن أحمد بن عمرو، حدثنا محمد بن منصور المُقْرِئ، حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود [زياد بن المنذر]، بمثله .

حدثنا أحمد بن زيد بن بشار، أخبرنا الحسن بن محمد بن سعيد بن مسلم [الرَّفَّاء]، حدثنا محمد بن الحسن الأوسي ، حدثنا أحمد بن يحيى الصُّوفي، حدثنا مُخَوَّل بن إبراهيم، حدثني محمد بن بكر الأرحبي، عن أبي الجارود، قال: حدثني يحيى - شيخ من أصحابنا -، عن رجل حدَّثه، عن أبي محذورة، قال: (( أمرني رسولُ اللّهِ صلى اللّهُ عليهِ وآلهِ وسَلَّمَ أنْ أقولَ في الأذانِ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ )).

حدثنا أبو الطَّيب علي بن محمد بن بنان، حدثني أبو القاسم عبد اللّه بن جعفر بن محمد النَّجَّار الفقيه، حدثنا العباس بن أحمد بن محمود الرازي - قدم حاجاً في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة -، حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي بمصر - يعني الطَّحاوي الفقيه -، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا ابن وهب، حدثني عثمان بن الحكم الجُذَامي، عن ابن جُرَيج، عن ابن أبي محذورة، عن آل أبي محذورة قال: قال رسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (( إذهب فأذِّن عند المسجدِ الحرام، وقل: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ ألاّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أشهد ألا إله إلا اللّه، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لااله الا اللّه، ثُمَّ ارجِع فَمُدَّ صوتك بـ: اللَّهُ أَكْبَرُ إلى أنْ تنتهيَ إلى الشهادتين، ثُمَّ قُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لاإله إلا اللّه )) .

وبهذا الإسناد عن ابن جُرَيج، عن عطاء بن أبي رباح ، قال: تأذين من مضى يخالف تأذينهم اليوم، وكان أبو محذورة يؤذن على عهد رسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فأدركته أنا وهو يؤذن، وكان يقول في أذانه: بين الفلاح والتكبير: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

حدثنا محمد بن الحسين بن النَّخَّاس قراءة، حدثنا علي بن العباس البَجَلي، حدثنا بَكَّار بن أحمد، حدثنا عثمان بن سعيد الأحول، حدثني هُذَيل بن بلال المدائني، قال: سمعت ابن أبي محذورة يقول: (( حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ )) .

(8) حدثنا القاضي الحسين بن محمد بن أبي عابد ، حدثنا زيد بن محمد بن جعفر العامري، حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، حدثنا أبي، حدثنا عثمان بن سعيد، بمثله.

 

ما روي عن أبي رافع

(9) أخبرنا علي بن محمد بن إسحاق الخزاز ، أخبرنا الحسن بن محمد بن سعيد المُقْرِئ، حدثنا الحسن بن حباش ، حدثنا محمد بن سليمان لُوَين، حدثنا شَرِيْك ، عن عاصم بن عبيد اللّه ، عن علي بن الحسين، عن أبي رافع قال: كان النبي صلى اللّه عليه وآله سلم إذا سمع الأذان قال كما يقول، فإذا بلغ حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ قال: لاحول ولاقوة إلا باللّه.

 

ما روى عن جابر بن عبد اللّه

(10) أخبرنا محمد بن جعفر التميمي مناولة، أخبرنا عبد العزيز بن يحيى الجَلُّودي، حدثنا محمد بن سهل ، حدثنا عمر بن عبد الجبار ، حدثنا أبي، حدثنا علي بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن جابر قال: كان على عهد رسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يقول المؤذن بعد قوله حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ. فلما كان عمر بن الخطاب في خلافته نهى عنه كراهة أَنْ يُتّكل عن الجهاد .

 

ما روي عن بلال

(11) أخبرنا علي بن محمد بن إسحاق المُقْرِئ الخزاز، أخبرنا أبو زُرْعة أحمد بن الحسين الرازي ، حدثنا أبو بكر بن تومردا، أخبرنا مُسْلم بن الحجاج، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة ، حدثنا معن بن عيسى، حدثنا عبد اللّه بن سعد المؤذن ، عن محمد بن عمار بن حفص بن عمر، عن جده حفص بن عمر بن سعد ، قال: كان بلال يؤذن في أذان الصبح بحَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

****

ما روي في أن عمر هو الذي أمر بتركها

[ تقدم عن جابر أنه قال: كان على عهد رسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يقول المؤذن بعد قوله حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ . فلما كان عمر بن الخطاب في خلافته نهى عنه كراهة أَنْ يُتّكل عن الجهاد .]

ويأتي عن أبي السائب بن مالك، عن عمر أنه كان يؤذن بحَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، ثُمَّ ترك ذلك، وقال: أخاف أَنْ يتكل الناس.

وعن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يؤذن فيقول: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، ويقول كانت في الأذان، فخاف عمر أَنْ يتَّكل الناس عن الجهاد

وعن الباقر قال كان أبي علي بن الحسين يقول إذا أذن: حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ. قال: وكانت في الأذان، وكان عمر لمَّا خاف أَنْ يتثبط الناس عن الجهاد ويتكلوا ، أمرهم فكفُّوا عنها.

وعن الإمام زيد بن علي عليهما السلام أنه قال: مما نقم المسلمون على عمر أنه نحى من النداء في الأذان حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، وقد بَلَّغت العلماء أنه كان يؤذَّن بها لرسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حتى قبضه اللّه عز وجل، وكان يؤذن بها لأبي بكر حتى مات، وطرفاً من ولاية عمر حتى نهى عنها.

وعن جعفر بن محمد، قال: كان في الأذان حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، فنَقَّصها عُمَرُ.

وعن الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي، قال: لم يزل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يؤذن بحَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ حتى قبضه اللّه، وكان يؤذن بها في زمن أبي بكر، فلما ولي عمر، قال: دعوا حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ لايشتغل الناس عن الجهاد، فكان أول من تركها ]

 

رواية الحسين بن علي عن أبيه (ع)

(69) حدثناجعفر بن محمد الجعفري، ومحمد بن عبد اللّه بن الحسين، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا يعقوب بن يوسف الضَّبِّي، حدثنا أبو جُنادة حُصين بن الْمُخَارِق، عن يعقوب بن عدي ، عن يحيى بن زيد، عن آبائه، عن علي عليه السلام أنه كان يأمر مؤذنه أَنْ يناديَ في أذانه بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

 

رواية ابن أبي ليلى عن علي (ع)

(70) أخبرنا محمد بن الحسين التَّيْمُلي قراءة، حدثنا علي بن العباس البَجَلي، حدثنا بَكَّار بن أحمد، حدثنا حسن بن حسين، عن عمرو بن ثابت، عن محمد بن عبد الرحمن، قال: كان ابن النباح يجيء إلى علي عليه السلام حين يطلع الفجر، فيقول: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، فيقول علي عليه السلام: (( مرحباً بالقائلين عدلا، وبالصلاة مرحباً وأهلاً، يا ابن النباح، أقِمْ )).

 

رواية ضميرة عن علي (ع)

(73) حدثناأحمد بن زيد بن بشار، وعلي بن محمد [بن بنان] الشيباني، قالا: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الرَّفَّاء المُقْرِئ، حدثنا محمد بن الحسن بن محسن الطريفي ، حدثنا الحسن بن يحيى بن عبد اللّه، حدثني أبو بكر بن أبي أويس ابن أخت مالك بن أنس ، عن حسين بن عبد اللّه بن ضميرة، عن أبيه، عن جده ضميرة، عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان يقول في أذان الصبح: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

 

ماروي عن عمر بن الخطاب

(84) أخبرنا محمد بن طلحة النعالي البغدادي ، حدثنا محمد بن عمر الجَعَابي الحافظ، حدثنا إسحاق بن محمد [بن مروان]، حدثنا أبي، حدثنا المغيرة بن عبد اللّه، عن مقاتل بن سليمان، عن عطاء، حدثنا أبي [السائب بن مالك]، عن عمر أنه كان يؤذن بحَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، ثُمَّ ترك ذلك، وقال: أخاف أَنْ يتكل الناس.

 

ماروي من طريق نافع عن ابن عمر

(85) أخبرنا أبو الطيب محمد بن الحسين التَّيْمُلي قراءة، حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن مهدي العَطَّار، حدثنا قاسم بن وهيب التميمي، حدثنا قاسم أبو بكر البَجَلي، حدثنا إسماعيل بن هارون الخراز، عن عاصم العمري، عن زيد بن محمد، عن نافع أَنَّ ابن عمر كان إذا أذن قال: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(86) حدثنا محمد بن حميد بن محمد بن حميد اللخمي ، حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر الأَدَمي القارئ، حدثنا موسى بن إسحاق، حدثنا منجاب بن الحارث، عن علي بن مسهر ، عن حاتم، عن محمد بن عَجْلان، عن نافع، قال: سمعت ابن عمر يقول: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ .

(87) حدثنا الحسين بن محمد بن الحسن المُقْرِئ، حدثنا علي بن الحسين بن يعقوب، حدثنا علي بن أحمد بن حاتم، حدثنا محمد بن مروان، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(88) حدثناعبد اللّه بن بشر بن مجالد البَجَلي، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا أحمد بن يحيى بن المنذر الحجري، حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عيسى، حدثني أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يؤذن فيقول: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، ويقول كانت في الأذان، فخاف عمر أَنْ يتَّكل الناس عن الجهاد .

(89) أخبرني محمد بن طلحة النعالي البغدادي ببغداد وكتبه لي بخطِّه ، حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ، حدثنا حامد بن سعيد بن زهير، حدثنا شريح بن يونس، حدثنا أبو سعيد الصنعاني ، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يقول - يعني في أذانه -: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(90) أخبرني محمد بن طلحة النعالي، حدثنا محمد بن عمر الجَعَابي الحافظ، حدثنا [محمد بن] أحمد المؤمل ، حدثنا محمد بن علي بن خَلَف، حدثنا إسماعيل بن أبان، حدثني ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يؤذن فيقول في أذانه: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(91) وقد رواه أيضاً جعفر بن محمد الطبري، عن ابن عَمَّار، عن مؤمل، عن سفيان، عن ابن عجلان، عن نافع عن ابن عمر.

(92) أخبرنا أبو العباس أحمد بن زيد بن بشار قراءة، حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد المُقْرِئ، حدثنا جعفر بن محمد الحسني البغدادي، حدثنا محمد بن علي بن خَلَف، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، أخبرنا مالك بن أنس، عن نافع، أَنَّ ابن عمر كان يقول في أذانه: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ .

(93) حدثنا ميمون [بن علي]بن حميد المُقْرِئ، أخبرنا إسحاق بن محمد المُقْرِئ، حدثنا أبو زيد الحسن بن السَّكَن التميمي، حدثنا جعفر بن محمد السَّدُوسي، حدثنا أزهر بن سعد ، حدثنا ابن عون، عن نافع، قال: كان ابن عمر إذا أذن قال: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(94) حدثنا حسن بن حسين بن حبيش المُقْرِئ، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن مرزوق، حدثنا أبو زيد الحسن بن محمد بن السكن .. بهذا.

(95) حدثنا أبي، حدثنا علي بن سفيان بن يعقوب الهمداني، حدثنا أبو زيد الحسن بن محمد بن السكن .. بهذا.

(96) أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن مهدي البغدادي، أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن إسماعيل الفارسي قراءة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عَبَّاد، حدثنا عبد الرزاق بن هَمَّام الصنعاني، عن ابن جريج، عن نافع، أَنَّ ابن عمر كان يقول - يعني في الأذان -: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(97) أخبرنا محمد بن طلحة النعالي، حدثنا محمد بن عمر بن زياد بن عجلان، حدثنا محمد بن إسماعيل الراشدي، حدثنا أمية بن الحارث، حدثنا عثمان بن مقسم، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول في أذانه: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(98) أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم قراءة، حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم في كتابه، حدثنا أبو علي الخراساني، حدثنا أبو بكر [بن أبي شيبة]، حدثنا أبو أسامة [حَمَّاد بن أسامة ، حدثنا عبد اللّه [بن عمر العمري]، عن نافع، قال: كان ابن عمر ربما زاد في أذانه: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(99) أخبرنا محمد بن أبي العباس الوراق، حدثنا محمد بن الحسين بن حفص [الخثعمي]، حدثنا عبيد بن إسماعيل القُرَشِيُّ ، حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة، عن عبد اللّه [بن عمر]، عن نافع، قال: كان ابن عمر ربما زاد في أذانه: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(100) أخبرنا علي بن محمد الشيباني، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم قراءة عليهما، قالا: أخبرنا الحسن بن محمد بن إسماعيل بن إسحاق في كتابه، حدثنا جعفر بن محمد [بن الحسن] الحسني، حدثنا عيسى بن مهران، أخبرنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حدثنا أبو مالك الجنبي ، عن عبد اللّه بن عمر، عن نافع، قال: كان ابن عمر ربما قال في أذانه: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(101) أخبرنا علي بن محمد بن بنان في كتابه، حدثني ثوابة بنأحمد بن عيسى بن ثوابة بن مهران الأسدي الموصلي بالكوفة في مجلس السكوني حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى [الموصلي]، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن أسما، حدثنا جُوَيْرِيَة، عن نافع، قال: كان ابن عمر يؤذن في السفر ويقول: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

(102) أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن عبد الصمد الجُعْفِي، حدثنا أبي، حدثنا علي بن العباس [المقانعي]، حدثنا حسن بن عبد الواحد، حدثنا أبو غسان، حدثنا جُوَيْرِيَة، عن نافع: أَنَّ ابن عمر كان لايؤذن في السفر ولكن يجعلها إقامة، ويقول: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، حي على خير العمل. مرتين.

(103) أخبرنا علي بن محمد الشيباني، أخبرني الحسن بن محمد الرَّفَّاء، حدثني جعفر بن محمد الحسني، حدثنا عيسى بن مهران، حدثنا أبو غسان النَّهدي ، حدثنا جُوَيْرِيَة بن أسما، عن عتبة ، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول في أذانه: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ. مرتين.

(104) حدثنا عبد اللّه بن مجالد البَجَلي، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا أحمد بن يحيى بن المنذر الحَجْري، حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عيسى بن عبد اللّه، حدثني أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال ، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يؤذن فيقول: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، ويقول: كانت في الأذان الأول، فخاف عمر أَنْ يَتَّكل الناس عن الجهاد .

 

ماروي عن الحسن والحسين، وعقيل بن أبي طالب، وعبد اللّه بن العباس وعبد اللّه بن جعفر، ومحمد بن الحنفية

(107) أخبرنا محمد بن طلحة النعالي ببغداد، حدثنا محمد بن عمر الجَعَابي القاضي، حدثنا إسحاق بن محمد - يعني ابن مروان -، حدثنا أبي، حدثنا زيد بن الْمُعَدِّل، حدثنا عبد اللّه بن نزار المرادي، عن النعمان بن قيس، عن عُبيدة السلماني، قال: كان علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وعقيل بن أبي طالب، وابن عباس، وعبد اللّه بن جعفر، ومحمد بن الحنفية، يؤذنون إلى أَنْ فارقوا الدنيا، فيقولون: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ .. ويقولون: لم تزل في الأذان.

(108) حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن أبي العباس الوراق الحرانه، حدثنا محمد بن القاسم، حدثنا حسن بن محمد، حدثنا محمد بن علي الكندي، عن زكريا بن يحيى، عن عبد الرحمن بن أبي حماد، عن يوسف بن يعقوب، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: أذاني وأذان آبائي النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وعليٍ، والحسن، والحسينِ، وعليِ بن الحسين: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ.

 

وفي مسند الإمام زيد، كتاب الصلاة/ باب الأذان:

 

43- حدثني زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عليهم السلام، أنه كان يقول في أذانه: ((حي على خير العمل، حي على خير العمل)).

 

وفي أصول الأحكام للإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان:

 

231 ـ خبر: وعن أبي محذورة قال: علمني رسول الله صلى الله عليه الأذان كما أؤذن الآن: (( الله أكبر الله أكبر، أشهد ألا إله إلا الله أشهد إلا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، حي على خير العمل حي على خير العمل، الله أكبر الله أكبر، لاإله إلا الله )).

 

236 ـ خبر: وعن علي عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ))، وأمر بلالاً أن يؤذن بحي على خير العمل.

237 ـ خبر: وعن علي بن الحسين عليه السلام أنه كان يؤذن فإذا بلغ حي على الفلاح قال: حي على خير العمل، ويقول: هو الأذان الأول.

238 ـ خبر: وعن ابن عمر أنه كان يقول في أذانه حي على خير العمل.

 

وفي المجموع المنصوري للإمام المنصور بالله ج3:

 

[في ترك حيى على خير العمل]

سأل أيده الله عن معنى كلام الهادي عليه السلام من أن حي على خير العمل اطرح في وقت عمر، وقال: أخاف أن يتكل الناس عليها، هل من تركها يفسق أم لا؟

الجواب عن ذلك: أنا نروي ما رواه عليه السلام، وهل يفسق تاركها ففيه كلام؛ لأن الفسق لا يكون بالقياس وإنما يكون بالنص، لأن الفسق والكفر مما يثبت بالأصول الشرعية، وأصول الشرع ليس إلا بالنص، فأما القياس فلا يمتنع ذلك ولكن الفسق لمن فعل كبيرة ، والكبيرة هي التي يكون عقاب صاحبها في كل وقت أكثر من ثوابه في كل وقت، ولا يعلم مقادير الثواب والعقاب مفصلا إلا الله، وهذه المسألة بعد النصوص فما نص الحكيم سبحانه على أنه كبيرة أو رسوله إلا وإلا وكلناه إلى علمه تعالى.

 

وفي الجامع الكافي في فقه الزيدية:

 

مسألة: الأذان بحي على خير العمل

كان أحمد بن عيسى، والحسن بن يحيى عليهم السلام يقولان في الأذان: حي على خير العمل مرتين.

وقال الحسن بن يحيى: أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقولوا في الأذان والإقامة: حي على خير العمل، وأن ذلك عندهم السنة.

وقد سمعنا في الحديث أن الله سبحانه بعث ملكاً من السماء إلى الأرض بالأذان وفيه: حي على خير العمل، ولم يزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤذن بحي على خير العمل حتى قبضه الله إليه، وكان يؤذن بها في زمن أبي بكر فلما ولي عمر قال: دعوا حي على خير العمل لايشتغل الناس عن الجهاد فكان أول من تركها، ولم يذكر القاسم ومحمد حي على خير العمل في الأذان ولا في الإقامة بل روى محمد بأسانيده عن علي بن الحسين ومحمد بن علي ويحيى بن زيد علهيم السلام أنهم كانوا يقولون في الأذان: حي على خير العمل.

 

وعند الإباضية ورد في في المدونة الكبرى لأبي غانم الخراساني  1/42-43 كان الاعتراف بهذه الصيغة:

 

ذكر قول: "حي على خير العمل" في الأذان:

[قال أبو غانم]روى[قومنا] أنه يقول [بلال (1) في الأذان] صبحا:«حي على خير العمل» (2) ، قال بعض قومنا فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يقول بدلها:«الصلاة خير من النوم» (3) ، وروي أن ابن عمر تارة يقول هذا وتارة يقول هذا، وكذلك قال أبو المؤرج: وروي ذلك عن أبي عبيدة كما قال الربيع.

 

__________

(1) - بلال بن رباح: مؤذن الغرماء وهو أبا عبد الله وقيل أبا عبد الكريم، وقيل أبا عبد الرحمن، وقال بعضهم الغرماء أبا عمرو، وهو مولى أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وكان خازنا لأبي بكر الصديق ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم مؤذنا شهد بدرا وأحدا، وسائر المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أول من أظهر الإسلام سبعة رسول الله، كان بلال من مولدى السراة، مات بدمشق ودفن، ثم باب الصغير بمقبرتها سنة عشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة وقيل: توفي سنة إحدى وعشرين، وقيل توفي وهو ابن سبعين سنة، ويقال كان ترب أبي بكر الصديق رضى الله عنه. الإستيعاب في تميز الأصحاب: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، (المحقق: محمد علي البجاوي، دار الجيل، بيروت، ط.1، 1412هـ) 1/ 178. - 182

(2) - رواه نافع بلفظ: «قال: كان ابن عمر لا يؤذن في سفره وكان يقول: حيَّ على الفلاح، وأحيانا يقول: حيَّ على خير العمل». سنن الكبرى للبيهقي، كتاب الصلاة، باب ماروي عن حي على خير العمل،01/424.

(3) - رواه سويد بن غفلة بلفظ: «أن بلالا كان لا يثوب إلا في الفجر، فكان يقول في أذانه:حي على الفلاح الصلاة خير من النوم». سنن الكبرى للبيهقي، كتاب الصلاة، باب كراهية التثويب في غير أذان الصبح ، 01/424.

 

وفي كتاب الإيضاح لعامر الشماخي:

 

وذكر أنه كان على المدينة أمير فاسد؛ فقيل لابن عمر: تصلي خلفه؟ قال: الصلاة حسنة لا أبالي من شاركت فيها. وقيل: حج نجدة فوادع ابن الزبير فصلى هذا بالناس يوما وليلة، وصلى هذا بالناس يوما وليلة، فصلى ابن عمر خلفهما، فاعترضه رجال من القوم، فقالوا: يا عبدالرحمن تصلي خلف نجدة الحروري وتصلي خلف ابن الزبير؟ فقال ابن عمر: إذا نادوا: حي على الصلاة حي على خير العمل جئنا، وإذا نادوا: حي على قتل النفس؛ قلنا: لا، لا، ورفع صوته

 

وفي معارج الأنوار لنور الدين السالمي:

 

وَقِيلَ: حجَّ نَجدة فوادع ابن الزبير فصَلَّى هذا بالناس يوما وليلة، وصَلَّى هذا بالناس يوما وليلة، فصَلَّى ابن عمر خلفهما فاعترضه رجال من القوم فقالوا: يا أبا عبد الرحمن تُصَلِّي خلف نَجدة الْحروري، وتُصَلِّي خلف ابن الزبير فقال ابن عمر: إِذَا نادوا "حيَّ عَلَى الصَّلاَة، حي عَلَى خير العمل" جِئنا، وَإِذَا نادوا "حي عَلَى قتل النفس" قُلنَا: لا، لا، ورفع صوته.

 

لا شك أن لابن الزبير فساده كبخله المزعوم عنه في كتب التاريخ وهذا مما نفر الناس عنه ومناصرته خاصة في ظروف الشدة بحصار الجيش الأموي له في مكة، وادعاؤه هو وخالته عائشة أنه مبشَّر به من محمد وهو ما عرضته في نفس هذا الباب. الخبر فيه مصداقية تاريخية فمعروف أن ابن الزبير كاد يناصره الخوارج ثم تركوه بسبب رأيه الإيجابي في الخليفة الراحل عثمان كما تحكي كتب التاريخ، وكان هناك تحالف قوي بين ابن الزبير والمختار الثقفي كذلك رغم كل تنافس ونوايا سيئة بينهم حتى انتهت الصداقة بعداوة وقتل مصعب بن الزبير له، والقصة المذكورة واقعية فهذا هو فعلًا أسلوب عبد الله بن عمر في اتباع الحكام والخضوع لهم وإيثار السلام-لؤي

 

وروى مسلم:

 

[ 1851 ] حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا عاصم وهو بن محمد بن زيد عن زيد بن محمد عن نافع قال جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية

 

[ 2545 ] حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ، يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيَّ ، أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ ، عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ ، رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ ، قَالَ : فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَمُرُّ عَلَيْهِ ، وَالنَّاسُ حَتَّى مَرَّ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكَ ، أَبَا خُبَيْبٍ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا ، أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ ، مَا عَلِمْتُ ، صَوَّامًا ، قَوَّامًا ، وَصُولاً لِلرَّحِمِ ، أَمَا وَاللَّهِ لأُمَّةٌ أَنْتَ أَشَرُّهَا لأُمَّةٌ خَيْرٌ ، ثُمَّ نَفَذَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ مَوْقِفُ عَبْدِ اللهِ وَقَوْلُهُ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، فَأُنْزِلَ عَنْ جِذْعِهِ ، فَأُلْقِيَ فِي قُبُورِ الْيَهُودِ...إلخ

 

وروى أحمد:

 

5709 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا صَخْرٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، جَمَعَ بَنِيهِ حِينَ انْتَزَى (1) أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَخَلَعُوا يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ بِبَيْعِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْغَادِرُ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْغَدْرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِشْرَاكُ بِاللهِ تَعَالَى، أَنْ يُبَايِعَ الرَّجُلُ رَجُلًا عَلَى بَيْعِ اللهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ يَنْكُثَ بَيْعَتَهُ "، فَلَا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ وَلَا يُسْرِفَنَّ (1) أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي هَذَا الْأَمْرِ، فَيَكُونَ صَيْلَمًا (2) فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ (3)

 

(1) في (ظ14) : يشرفن. يعني بالشين المعجمة.

(2) في (ق) و (ظ1) وهامش (ص) و (م) وطبعة الشيخ أحمد شاكر: صيلماً.

(3) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وقد سلف برقم (5088) .

 

5088 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا خَلَعَ النَّاسُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ، ثُمَّ تَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ "، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْغَدْرِ أَنْ لَا يَكُونَ (1) الْإِشْرَاكُ بِاللهِ تَعَالَى، أَنْ يُبَايِعَ رَجُلٌ رَجُلًا عَلَى بَيْعِ اللهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ يَنْكُثَ بَيْعَتَهُ ، فَلَا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ، وَلَا يُشْرِفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي هَذَا الْأَمْرِ، فَيَكُونَ صَيْلَمٌ (2) بَيْنِي وَبَيْنَهُ (3)

__________

(1) هذا لفظ نسخة (ظ14) ، وهو الوارد عند السندي، ومثله في (س) ، لكن سقط منها حرف"أن"، وسترد كذلك في الرواية (5709) . قال السندي: إلا أن يكون الإشراك: كلمة"إلا"استثنائية، أي: من أعظم الغدر نقض البيعة كل حين إلا حين أن يوجد الإشراك، والكفر الصريح من الملك، فيجب عزله ولا يمكن تمكينه من الحكم، لقوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا) .

قلنا: وقد وقع في (ق) و (ص) و (ظ1) : أن لا يكون. وهو ما أثبته الشيخ أحمد شاكر. ويكون بتقدير: شريطة أن لا يكون.

(2) وقع في (م) بدل صيلم: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال الشيخ أحمد شاكر: كأن مصححي الطبع اشتبه عليهم رسمها، فظنوها"صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وهي الاصطلاح السخيف لبعض المتأخرين في اختصار كتابة الصلاة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأعربوها وكتبوها واضحة.

(3) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرج المرفوع منه الترمذي (1581) من طريق إسماعيل ابن عُلية، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحيح.

وأخرجه مسلم (1735) (9) ، والبيهقي 8/159 من طريق عفان، عن صخر بن جويرية، به. واقتصر مسلم على المرفوع منه.

وأخرجه بنحوه البخاري (7111) ، وأبو عوانة 4/71، والبيهقي 8/160 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، به.

وسيأتي برقم (5709) ، وقد سلف المرفوع منه برقم (4648) .

قوله:"لما خلع الناسُ يزيد"، قال السندي: أي أهل المدينة، فإنه يوم بلغهم سوءُ حاله خلعوه، وكان ذلك سببا لفتنة الحرة.

وقوله: "على بيع الله ورسوله" قال الحافظ في "الفتح " 13/71: أي على شرط ما أمر اللة ورسوله به من بيعة الِإمام، وذلك ان من بايع أميراً فقد أعطاه الطاعة، وأخذ منه العطية، فكان شبيهَ من باع سلعة وأخذ ثمنها.

وقوله:"أن لا يكون الإشراكُ بالله"، أي: إن من أعظم الغدر بعد الإشراك بالله أن يبايع رجل رجلًا على بيع الله ورسوله، ثم ينكث بيعته، وهو ما في رواية عفان بن مسلم، عن صخر بن جويرية عند البيهقي، وعزاه الحافظ في "الفتح"13/71 من هذا الطريق بهذا اللفظ إلى أبي العباس السرّاج في "تاريخه".

وقوله:"ولا يُشرفن"، قال السندي: من الإشراف، أي: لا يَدخلن في هذا الأمر، أي: أمر الخلع.

وقوله:"فيكون صَيْلَم"ضبظ بفتح صاد وسكون ياء وفتح لام، أي: فيتحقق، ويوجد قطيعة منكرة بيني وبينه، وأصل الصيلم الداهية، والياء زائدة، والمضارع بالنصب على أنه جواب النهي. ولفظ البخاري (7111) : وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه، ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه، أي: القاطعة، وهي فيعل من فَصَلَ الشيءَ: إذا قطعه.

 

5551- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ فَقَالَ : مَرْحَبًا بِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضَعُوا لَهُ وِسَادَةً ، فَقَالَ : إِنَّمَا جِئْتُكَ لأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ نَزَعَ يَدًا مَنْ طَاعَةِ اللهِ ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ مَفَارِقٌ لِلْجَمَاعَةِ ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.

 

5718- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَتَى ابْنَ مُطِيعٍ لَيَالِي الْحَرَّةِ ، فَقَالَ : ضَعُوا لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً ، فَقَالَ : إِنِّي لَمْ آتِ لأَجْلِسَ ، إِنَّمَا جِئْتُ لأُخْبِرَكَ كَلِمَتَيْنِ سَمِعْتُهُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ مَوْتَ الْجَاهِلِيَّةِ.

 

وفي الكوكب الدري لعبد الله الحضرمي خبر مهم جدًّا:

 

مسألة

[ أول من قال حي على خير العمل ]

قال الفضل : إذا سمعت مناد الصلاة وأنت لا تعرف الوقت فصل إلا أن يكون المنادي متعارف أنه يؤذن قبل وقت الصلاة. وقيل : إن أول من قال حي على خير العمل في الأذان أهل قبا. قيل أنه لما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما قال أهل قبا في أذانهم قال : أجل هي خير العمل ولم يمنعهم من ذلك.

ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه منع أن يقال في الأذان حي على خير العمل، فقيل له في ذلك، فقال : إن معنا جيشاً من العجم فإذا سمعوها طلبوا أنه خير من الجهاد فلم يجاهدوا كما تجب.

 

هذا يكشف لنا كالعادة عن مرونة الصياغات الأولى، فمن وجهة نظر إسلامية عامة أن الصلاة هي خير العمل حسب اعتقادهم، فلا فارق في اختلال الألفاظ، لأن المهم في الدين والتدين الروحانية والمعنى وليس الحرفية.

 

وفي منهج الطالبين لخميس الرستاقي ورد شعر في قضية وقصة تراثية عن رجل يهمل زوجته للتعبد:

 

...فجلس الرجل للحكم بينهما، وحضرا بين يديه فقال المرأة:

 

يا أيها القاضي الحكيم أرشده ... إلهى حليلي عن فراشي مسجده

زهده في مضجعي تعبده ... وخوف رب باليقين يعبده

مفترشا جبينة يدده ... نهاره وليله ما يرقده

ولست في أمر النساء أحمده ... فاقض القضا يا كعب لا تردده

 

فقال كعب للزوج: ما تقول أنت؟ فقال:

 

إني امرؤ أوجلني ما قد نزل ... في سورة النور في السبع الطول

وفي كتاب الله تخويف جلل ... أزهدني في فرشها وفي الحجل

فحثها يا ذا على خير العمل ... من طاعة الله ومن بر البعل

ففي القرآن وأعظم لمن عقل

 

بل وعند السنة كذلك شهادات بهذه الصيغة وأنها هي الصحيحة والأصلية! فروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

1797 - عبد الرزاق عن بن جريج عن نافع عن بن عمر أنه كان يقيم الصلاة في السفر يقولها مرتين أو ثلاثا يقول حي على الصلاة حي على الصلاة حي على خير العمل

 

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه:

مَنْ كَانَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ : حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ

 

2253- حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَمُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ؛ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ كَانَ يُؤَذِّنُ ، فَإِذَا بَلَغَ : حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ ، قَالَ : حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ ، وَيَقُولُ : هُوَ الأَذَانُ الأَوَّلُ.

 

2255- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ رُبَّمَا زَادَ فِي أَذَانِهِ : حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ.

 

إسناده صحيح.

 

وروى البيهقي في سننه الكبرى:

 

1842 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأ بو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا مالك بن أنس عن نافع قال كان بن عمر يكبر في النداء ثلاثا ويشهد ثلاثا وكان أحيانا إذا قال حي على الفلاح قال على أثرها حي على خير العمل ورواه عبد الله بن عمر عن نافع قال كان بن عمر ربما زاد في أذانه حي على خير العمل ورواه الليث بن سعد عن نافع

 

1843 - كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو بكر بن إسحاق ثنا بشر بن موسى ثنا موسى بن داود ثنا الليث بن سعد عن نافع قال: كان بن عمر لا يؤذن في سفره وكان يقول حي على الفلاح وأحيانا يقول حي على خير العمل ورواه محمد بن سيرين عن بن عمر أنه كان يقول ذلك في أذانه وكذلك رواه نسير بن ذعلوق عن بن عمر وقال في السفر وروي ذلك عن أبي أمامة

 

1844 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أنا أبو بكر بن إسحاق ثنا بشر بن موسى ثنا موسى بن داود ثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن الحسين كان يقول في أذانه إذا قال حي على الفلاح قال حي على خير العمل ويقول هو الأذان الأول

 

1845 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه ثنا أبو محمد بن حيان أبو الشيخ الأصفهاني ثنا محمد بن عبد الله بن رستة ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن عن عبد الله بن محمد بن عمار وعمار وعمر ابني حفص بن عمر بن سعد عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال أنه كان ينادى بالصبح فيقول حي على خير العمل فأمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يجعل مكانها الصلاة خير من النوم وترك حي على خير العمل

قال الشيخ وهذه اللفظة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم فيما علم بلالا وأبا محذورة ونحن نكره الزيادة فيه وبالله التوفيق

 

5088 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أبو جعفر محمد بن عبيد الله بن أبي داود المنادي المخرمي ببغداد ثنا يونس وهو بن محمد المؤدب ثنا أبو شهاب ثنا يونس بن عبيد عن نافع قال: كان بن عمر يسلم على الخشبية والخوارج وهم يقتتلون فقال من قال حي على الصلاة أجبته ومن قال حي على الفلاح أجبته ومن قال حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله قلت لا

 

وروى الطبراني في الكبير ج1:

 

1074 (1071)- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَعُمَرَ ، وَعَمَّارٍ ، ابْنَيْ حَفْصٍ ، عَنْ آبَائِهِمْ ، عَنْ أَجْدَادِهِمْ ، عَنْ بِلاَلٍ ، أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ ، فَيَقُولُ : حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا : الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ وَتَرَكَ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ.

 

قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 330: فيه عبد الرحمن بن سعد بن عمار ضعفه ابن معين.

 

وورد في أصول السنة لابن أبي زمنين

 

209 - أَسَدٌ قَالَ حَدَّثَنِي اَلرَّبِيعُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَوَّارَ بْنِ شَبِيبٍ قَالَ: حَجَّ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ فِي أَصْحَابِهِ فَوَادَعَ اِبْنَ اَلزُّبَيْرِ فَصَلَّى هَذَا بِالنَّاسِ يَوْمًا وَلَيْلَةٍ، وَهَذَا بِالنَّاسِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، فَصَلَّى اِبْنُ عُمَرَ خَلْفَهُمَا فَاعْتَرَضَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ أَتُصَلِّي خَلْفَ نَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ?

فَقَالَ اِبْنُ عُمَرَ: إِذَا نَادَوْا حَيَّ عَلَى خَيْرِ اَلْعَمَلِ أَجَبْنَا، وَإِذَا نَادَوْا حَيَّ عَلَى قَتْلِ نَفْسٍ قُلْنَا: لَا، وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ.

 

عدم ثبات شكل الصلاة وطريقة أدائها عند أوائلهم وقدمائهم

 

روى أحمد:

 

19494 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: لَقَدْ ذَكَّرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَاةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِمَّا نَسِينَاهَا، وَإِمَّا تَرَكْنَاهَا عَمْدًا " يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَكَعَ، وَكُلَّمَا رَفَعَ، وَكُلَّمَا سَجَدَ "

 

حديث صحيح، ولهذا إسناد اختُلف فيه على أبي إسحاق، وهو السَّبيعي. فرواه إسرائيل- وهو ابن يونس بن أبي إسحاق- كما في هذه الرواية، وعند البزار (535) "زوائد"، وأبو أحمد الزبيريُّ عند البزار (535) كذلك، وأسدُ بنُ موسى كما عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/221، وسفيانُ الثوري كما عند الدارقطني في "العلل" 7/224، أربعتهم عن أبي إسحاق السبيعي، بهذا الإسناد.

ورواه عمارُ بنُ رُزَيق كما سيرد في الرواية (19498) ، وأبو بكر بن عيّاش وأبو الأحوص- كما سنذكر في تخريجها- عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي موسى.

ورواه زهير بن معاوية، كما سيرد في الرواية (19722) عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن رجل من تميم، عن أبي موسى. قال الدارقطني في "العلل" 7/224: والصوابُ قولُ زهير.

ورواه سلمةُ بنُ صالح، عن أبي إسحاق، عن أبي موسى، لم يذكر بينهما أحداً. وسلمةُ بنُ صالح قال أبو داود والنسائي: متروك الحديث.

ورواه أبو رزين عن أبي موسى، واختُلف عنه:

فرواه إبراهيم بن مهدي- وهو المصيصي- عن أبي حفص الأبّار، عن الأعمش، عن أبي رزين، عن أبي موسى.

ورواه أبو معاوية كما عند ابن أبي شيبة 1/240 عن الأعمش، عن أبي رزين، عن علي موقوفاً. قال الدارقطني: وهو المحفوظ.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/131، ونسبه للبزار- وفاته أن ينسبه لأحمد- وقال: ورجاله ثقات.

وأورده الحافظ في "الفتح" 2/270، وصحح إسناده، ولم يذكر الاختلاف فيه على أبي إسحاق.

وسيرد بالأرقام (19498) و (19585) و (19691) و (19722) . وانظر (19952) بمثله عن مطرف عن عمران بن الحصين.

وفي الباب: عن ابن عباس، سلف برقم (3294). وعن ابن مسعود، سلف برقم (3660). وعن ابن عمر، سلف برقم (5402). وعن أبي هريرة، سلف برقم (7220). وعن أنس، سلف برقم (12259). وعن وائل بن حُجر، سلف برقم (18850). وعن عمران بن حصين، سيرد 4/428. وعن أبي مالك الأشعري، سيرد 5/342. وانظر (15352) .

قال السندي: قوله: ذكّرنا، من التذكير والحاصلُ أنهم أماتوا التكبير إلا ناساً منهم، كعلي رضي الله عنه، ثم أقام الله هذه السُنَّةَ السَّنِية، فلله الحمد. ومن هنا ظهر أنه لا اعتماد على عمل الناس في مقابلة الأحاديث، والله تعالى أعلم.

وانظر "الفتح" 2/270.

 

وروى البخاري:

 

826 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ صَلَاةً خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ وَإِذَا رَفَعَ كَبَّرَ وَإِذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ فَلَمَّا سَلَّمَ أَخَذَ عِمْرَانُ بِيَدِي فَقَالَ لَقَدْ صَلَّى بِنَا هَذَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ لَقَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

رواه مسلم 393 وأحمد 19952

 

لم يصر شكل طريقة أداء الصلاة الإسلامية ثابتًا إذن نسبيًّا إلا في عصر اللاحقين.

 

طريقة أداء عبد الله بن عباس للصلاة مختلفة عما يعرفه معظم المسلمين قديمًا وحاليًّا

 

روى أحمد:

 

1933 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَا كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلا بِالتَّكْبِيرِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبومعبد: اسمه نافذ وهو مولى ابن عباس. وأخرجه الشافعي 1/99، والحميدي (480)،  والبخاري (841) ، ومسلم (583) (120) و (121)، وأبو داود (1002) ، والنسائي 1/67 - 68، وأبو يعلى (2392) ، وابن خزيمة (1706) ، وأبو عوانة 2/242-243 و243، وابن حبان (2232) ، والطبراني (12200) ، والبيهقي 2/184، والبغوي (712) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (3478) . وقوله: "قال عمرو: قلت له: حدثتني..." في إحدى روايتي مسلم، عن عمرو بن دينار، قال: أخبرني بذا أبو معبدٍ ، ثم أنكره بعدُ، وفي الأخرى: قال عمرو: فذكرت ذلك لأبي معبد فأنكره، وقال: لم أحدثك بهذا، قال عمرو: وقد أخبرنيه قبل ذلك.

قال النووي في "شرح مسلم" 5/84: في احتجاج مسلم بهذا الحديث دليل على ذهابه إلى صحة الحديث الذي يروى على هذا الوجه مع إنكار المحدث له، إذا حدث به عنه ثقة، وهذا مذهبُ جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء والأصوليين، قالوا: يُحتَج به إذا كان إنكار الشيخ لتشكيكه فيه، أو لنسيانه، أو قال: لا أحفظُه، أو لا أذكر أني حديْئك به، ونحو ذلك، وخالفهم الكرخى من أصحاب أبي حنيفة رحمهما الله، فقال: لا يُحتج به، فأما إذا أنكره إنكاراً جازماً قاطعاً بتكذيب الراوي عنه، وأنه لم يحدث به قط، فلا يجوز الاحتجاج به عند جميعهم، لأن جَزْمَ كل واحد يعارض جزم الآخر، والشيخ هو الأصل، فوَجَبَ إسقاط هذا الحديث.

وقال أيضاً في الحديث: هذا دليل لما قاله بعض السلف: إنه يُستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقب المكتوبة، وممن استحبه من المتأخرين ابن حزم الظاهري، ونقل ابن بَطال وآخرون أن أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم متفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالذكر والتكبير، وحمل الشافعي رحمه الله تعالى هذا الحديث على أنه جَهَر وقتاً يسيراً حتى يعلمهم صفة الذكر، لا أنهم جهروا دائماً، قال: فأختار للامام والمأموم أن يَذكُرا الله تعالى بعد الفراغ من الصلاة ويخفيان ذلك، إلا أن يكون إماماً يريد أن يُتَعَلم منه، فيجهر حتى يعلم أنه قد تَعَلَّم منه، ثم يُسِر، وحمل الحديث على هذا.

 

وروى البخاري:

 

841 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ

 

بالنسبة للمسلمين بعمومهم فإن التكبير في آخر الصلاة بعد إنهائها في حدود الشعيرة المعروفة وطريقة أدائها تبدو فعلًا وطقسية شاذة عجيبة غير مألوفة، أحد كبار علماء أصحاب محمد كان لديه طقسية أو ليتورجي liturgy مختلف للصلاة الإسلامية، شيء يدعو للريبة لأجل هذا التناقض الخطير بالتأكيد. تناقض الطقسيات ربما لا يبدو لنا كملحدين مهمًّا، لكنه في الأديان يعتبر مصيبة وأمرًا جللًا. فإن صح قول ابن عباس يكون المسلمون بعامتهم تركوا منذ زمن طويل جدًّا منذ عصر رواة الأحاديث سنة محمدية.

 

أيضًا كان يقوم بسكتة بين تكبير افتتاح الصلاة وبدء التلاوة للفاتحة، روى البخاري:

 

744 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ هُنَيَّةً فَقُلْتُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ

 

وأيضًا كان ينفي ابن عباس القيام بأي قراءة سرية مضمَرة في صلاتي الظهر والعصر! روى أحمد:

 

2238 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَالِمٍ أَبُو جَهْضَمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَفِتْيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَسَأَلُوهُ، هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ، فَقَالُوا: فَلَعَلَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي نَفْسِهِ قَالَ: خَمْشًا هَذِهِ شَرٌّ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ عَبْدًا مَأْمُورًا، بَلَّغَ مَا أُرْسِلَ بِهِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَخُصَّنَا دُونَ النَّاسِ إِلا بِثَلاثٍ: "أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ، وَلا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَلا نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ"

 

إسناده صحيح، موسى بن سالم أبو جهضم روى له أصحاب السنن، ووثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال ابن عبد البر: لم يختلفوا في أنه ثقة، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. عفان: هو ابن مسلم الباهلي، ووهيب: هو ابن خالد بن عجلان الباهلي. وأخرجه أبو داود (808) ، والنسائي 6/224، والطحاوي 1/205 من طريقين عن موسى بن سالم، بهذا الإسناد. ورواية الطحاوي مختصرة. وانظر (1977).

قوله: "خمشاً" قال ابن الأثير: دعا عليه بأن يُخمش وجهه أو جلدُه، كما يقال: جدعاً وقطعاً، وهو منصوب بفعل لا يطهر.  وقوله: "هذه شر" قال السندي: أي: هذه الكلمة شر من السؤال الأول المبني على الجهل.  وقوله: "بلغ" أي: فلو كانت القراءة فرضاً لبلغ بالجهر أو بالبيان بالقول فحيث لم يفعل علم أنه ليس بفرض، وهذا على حسب ظنه، وإلا فقد قال: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب".

 

3092 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمْ يَكُنِ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، قَالَ: " قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أُمِرَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِ، وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ أَنْ يَسْكُتَ فِيهِ، قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] ".

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة، فمن رجال البخاري. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه عبد بن حميد (583) ، والطحاوي 1/205 من طريق أبي يزيد المديني، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: ليس في الظهر والعصر قراءة، فقيل له: إن ناساً يقرؤون، فقال: لو كان لي عليهم سلطان لقطعتُ ألسنتهم، قرأ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقراءته لنا قراءة، وسَكَتَ، فسكوتُه لنا سكوت. وأخرجه الطبراني (12005) من طريق أبي يزيد، به، لكن بلفظْ أن ابن عباس قال: قرأ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلوات وسكت في صلوات، فنحن نقرأ فيما قرأ نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونسكت فيما سكت فيه، فقيل له: فلعل نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في نفسه، فغضب وقال: أيُتهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أوَيُتهم رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! وسيأتي الحديث برقم (3399) .

وأجيب بأن الحديث الذي أورده البخاري ليس فيه دلالة على الترك، وأما ابن عباس فكان يشك في ذلك تارة، وينفي القراءة أخرى، وربما أثبتها، أما نفيه، فرواه أبو داود (808) وغيره من طريق عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عمه أنهم دخلوا عليه، فقالوا له: هل كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: لا، قيل: لعله كان يقرأ فى نفسه؟ قال: هذه شر من الأولى، كان عبداً مأموراً بَلغ ما أمر به.

وأما شكه، فرواه أبو داود أيضاً (809) ، والطبري من رواية حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ما أدري أكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر أم لا.

قلنا: وقد أثبت قراءتَه فيهما غيرُ واحد من أصحابه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم أبو قتادة عند البخاري (759) ، ومسلم (451) ، وصححه ابن حبان (1829) ، وخباب عند البخاري (760) و (761) ، وصححه ابن حبان (1826) ، وأبو سعيد الخدري عند مسلم (452) ، وصححه ابن حبان (1828) ، وجابر بن سمرة عند مسلم (459) ، وابن حبان (1827) ، والبراء بن عازب عند النسائي 2/163، وأنس عند ابن حبان (1824) ، فروايتهم مقدمة على من نفى، فضلاً على من شك، قال الحافظ: ولعل البخاري أراد بإيراد هذا إقامة الحجة عليه، لأنه احتج بقوله تعالي: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ، فيقال له: قد ثبت أنه قرأ، فيلزمك أن تقرأ، والله أعلم.

وقد جاء عن ابن عباس إثبات ذلك أيضاً رواه أيوب، عن أبي العالية البَراء قال: سألت ابن عباس: أقرأ في الظهر والعصر؟ قال: هو إمامك، اقرأ منه ما قل أو كثر. أخرجه ابن المنذر والطحاوي 1/206 وغيرهما.

قال الخطابي: ومعنى قوله: (وما كان ربك نَسِياً) وتمثله به في هذا الموضع، هو أنه لو شاء أن يُنَزَل ذِكْرَ بيان أفعال الصلاة وأقوالها وهيئاتها، حتى يكون قُرآناً مَتْلُواً، لَفَعل، ولم يترك ذلك عن نسيان، لكنه وكل الأمر في بيان ذلك إلي رسوله، ثم أمر بالإقتداء به، والائْتِساء بفعله، وذلك معنى قوله: (لِتُبَين للناس ما نُزِّل إليهم) ، وهذا من نوع ما أنزل من القرآن مجملا ًكالصلوات التي أجمل ذكر فرضها ولم يبين عدد ركعاتها وكيفية هيئاتها، وما تُجْهَرُ القراءة فيه مما تُخافت، فتَولَى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيان ذلك، فاستند بيانه إلي أصل الفرض الذي أنزله الله عز وجل، ولم تختلف الأمة في أن أفعال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي هي بيانُ مُجمَلِ الكتابِ واجبة.

 

2246 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدْ " حَفِظْتُ السُّنَّةَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنِّي لَا أَدْرِي أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، أَمْ لَا وَلا أَدْرِي، كَيْفَ كَانَ يَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ: (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عُتِيًّا (1)) أَوْ عُسُيًّا (2) ؟ "

 

(1) بضم العين كما في الأصول، وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وأبي بكر عن عاصم، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: "عِتِياً" بكسر العين. انظر "زاد المسير" 5/211.

(2) تحرف هذا الحرف في (م) و (س) و (غ) و (ق) و (ص) إلى: "عِتياً"، والتصويب من (ظ9) و (ظ14) وهامش (س) ، و"غاية المقُصَد في زوائد المسند" ورقة 281، و"مجمع الزوائد" 7/155، و"تفسير الطبري" 16/51، وانظر "زاد المسير" لابن الجوزي 5/211، وهي قراءة ابن عباس ومجاهد. قال ابن قتيبة (عُتياً) أي: يُبساً، يقال: عتا وعسا بمعنى واحد، قال الزجاج: كل شيء انتهى، فقد عتا يعتو عُتياً وعتواً وعسواً وعِسياً.

والحديث إسناده صحيح على شرط البخاري. حصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي. وأخرجه أبو داود (809) ، والطحاوي 1/205، والطبري 16/51 من طرق عن هشيم، بهذا الإسناد. واقتصر أبو داود والطحاوي على القسم الأول. وأخرج القسم الأول منه الحاكم 2/244 من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عن حصين، به. وصححه على شرط البخاري، ووافقه الذهبي. وسيأتي برقم (2332) .

 

معنى ذلك أنه وفقًا للطريقة المُجمَع عليها للصلاة عند جمهور المسلمين يكون ابن عباس كان يقوم بصلاتين من الخمس يوميًّا بطريقة خطإ وباطلة طقسيًّا وشعائريًّا، فهل هناك فشل نبوي في تبليغ الرسالة المزعومة أكثر من عدم النجاح في تعليم ابن عمه وقريبه للصلاة الإسلامية؟!

 

والشيء المضحك الطريف هذه الدعوة المذكورة لمحمد في حق عبد الله بن عباس:

 

2397 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي - أَوْ عَلَى مَنْكِبِي، شَكَّ سَعِيدٌ - ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ"

 

إسناده قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن عثمان بن خثيم، فمن رجال مسلم، وهو صدوق. زهير أبو خيثمة: هو ابن معاوية. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/494 من طريقين عن زهير أبي خيثمة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (10614) من طريق داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، به. وسيأتي برقم (2879) و (3032) و (3102) ، وانظر (1840) و (2422) و (3022) و (3060) .

 

وروى البخاري:

 

143 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْخَلَاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا قَالَ مَنْ وَضَعَ هَذَا فَأُخْبِرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ

 

يبدو أن محمدًا نسي أن يدعو الله أن يفقهه ويعلمه الشعائر والطقسيات كذلك وخصوصًا الصلاة نفسها!

 

والرواية التي ترونها من بعض الهوامش أعلاه التي أوردها الطحاوي وابن المنذر التي تثبت نسبة إثبات ابن عباس للتلاوة فيهما منافية للأحاديث الأقدم تاريخًا في روايتها والأصح، الطحاوي ومن على شاكلته كالدارقطني جاؤوا في زمن متأخر عن الأجيال الأولى لكتبة ورواة الأحاديث، وأخذوا أحاديث ملفّقة عجيبة مفتراة أكثر لكي يرفؤوا ويصلحوا ثقوب الثوب الديني الواسعة، لكن هيهات فالخرق متسع جدًّا على الرتق، ومحاولات الرتق ستوسع الثقوب أكثر وتجعل الثوب الديني مهلهلًا أكثر متعدد الرقع والألوان المتنافرة المتناقضة!

وروى البخاري:

 

756 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ

 

759 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ وَيُسْمِعُ الْآيَةَ أَحْيَانًا وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ

 

760 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ سَأَلْنَا خَبَّابًا أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ

 

 761 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ قُلْتُ لِخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قِرَاءَتَهُ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ

 

762 - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا

 

وروى مسلم:

 

[ 395 ] وحدثناه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا سفيان بن عيينة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثا غير تمام فقيل لأبي هريرة إنا نكون وراء الإمام فقال اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل....إلخ

 

[ 459 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى وفي العصر نحو ذلك وفي الصبح أطول من ذلك

 

 [ 460 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر بسبح اسم ربك الأعلى وفي الصبح بأطول من ذلك

 

وانظر مسلم 451 و452

 

طريقة أداء عمر مخالفة للصلاة كانت مختلفة عن المعروف لدى المسلمين اليوم

 

وقال الطبري عند تفسير سورة الحجر 87:

 

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: أخبرنا ابن علية، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، قال: قال رجل منا يقال له: جابر أو جويبر طلبت إلى عمر حاجة في خلافته، فقدمت المدينة ليلا فمثلت بين أن أتخذ منزلا وبين المسجد، فاخترت المسجد منزلا فأرقت نشوا من آخر الليل، فإذا إلى جنبي رجل يصلي يقرأ بأم الكتاب، ثم يسبح قدر السورة، ثم يركع ولا يقرأ، فلم أعرفه حتى جَهَر، فإذا هو عُمر، فكانت في نفسي، فغدوت عليه فقلت: يا أمير المؤمنين حاجة مع حاجة، قال: هات حاجتك، قلت: إني قدمت ليلا فمثلت بين أن أتخذ منزلا وبين المسجد، فاخترت المسجد، فأرقت نَشْوا من آخر الليل، فإذا إلى جنبي رجل يقرأ بأم الكتاب، ثم يسبح قدر السورة ثم يركع ولا يقرأ، فلم أعرفه حتى جَهَر، فإذا هو أنت، وليس كذلك نفعل قِبلَنَا. قال: وكيف تفعلون؟ قال: يقرأ أحدنا أمّ الكتاب، ثم يفتتح السورة فيقرؤها، قال: ما لهم يعلَمُون ولا يعمَلُون، ما لهم يعلَمون ولا يعمَلُون، ما لهم يعلَمُون ولا يعمَلُون؟ وما تبغي عن السبع المثاني، وعن التسبيح صلاة الخلق.

حدثني طُلَيق بن محمد الواسطيّ، قال: أخبرنا يزيد، عن الجريريّ، عن أبي نضرة، عن جابر أو جويبر، عن عُمر بنحوه، إلا أنه قال: فقال يقرأ القرآن ما تيسر أحيانا، ويسبح أحيانا، ما لهم رغبة عن فاتحة الكتاب، وما يبتغي بعد المثاني، وصلاة الخلق التسبيح.

 

طريقة أداء عبد الله بن مسعود فيها مخالفة لما عليه جمهور علماء المسلمين من طريقة الصلاة كذلك

 

روى أحمد:

 

3681 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَلَا أُصَلِّي لَكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: " فَصَلَّى، فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا مَرَّةً "

 

رجاله ثقات رجال الشيخين غير عاصم بن كليب، فمن رجال مسلم. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وسفيان: هو الثوري، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/236، وأبو داود (748) ، والترمذي (257) ، والنسائي 2/195، وأبو يعلى (5040) و (5302) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/224، والبيهقي في "السنن" 2/78، من طريق وكيع -شيخ أحمد-، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث ابن مسعود حديث حسن. وأخرجه أبو داود (751) من طريق معاوية بن هشام، وخالد بن عمرو، وأبي حذيفة، ثلاثتهم عن سفيان، بهذا الإسناد. وقد ورد هذا الحديث في المطبوع من "سنن أبي داود" بعد حديث البراء (750) ، وهو خطأ، وحقه أن يكون بعد حديث ابن مسعود (748) كما في "التحفة" 7/113-114. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 1/182 من طريق عبد الله بن المبارك، عن سفيان، به. وفيه زيادة: "ثم لم يعد". وأخرجه ابن أبي شيبة 1/236 عن وكيع، عن مسعر، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن ابن مسعود من فعله. قال أبو داود عقب الحديث: هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ. وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" 1/96 أنه سأل أباه عن هذا الحديث، فقال: هذا خطأ، يقال: وهم فيه الثوري، وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة، فقالوا كلهم: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افتتح فرفع يديه، ثم ركع فطبق وجعلها بين ركبتيه، ولم يقل أحد ما رواه الثوري. وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 1/368: وقد حكي عن عبد الله بن المبارك أنه قال: لا يثبت هذا الحديث. ثم قال: وقد يكون خفي هذا على ابن مسعود كما خفي عليه نسخ التطبيق، ويكون ذلك كان في الابتداء قبل أن يشرع رفع اليدين في الركوع، ثم صار التطبيق منسوخاً، وصار الأمر في السنة إلى رفع اليدين عند الركوع ورفع الرأس منه. وقال ابن القيم: قال أبو حاتم البستي في كتاب "الصلاة" له: هذا الحديث له علة توهنه، لأن وكيعاً اختصره من حديث طويل، ولفظة: "ثم لم يعد" إنما كان وكيع يقولها في آخر الخبر من قِبَله، وقبلها: "يعني"، فربما أسقطت "يعني"، وحكى البخاري تضعيفه عن يحيى بن آدم وأحمد بن حنبل وتابعهما عليه، وضعفه الدارمي والدارقطني والبيهقي، وهذا الحديث روي بأربعة ألفاط: أحدها قوله: فرفع يديه في أول مرة ثم لم يعد. والثانية: فلم يرفع يديه إلا مرة. والثالثة: فرفع يديه في أول مرة. لم يذكر سواها. والرابعة: فرفع يديه مرة واحدة. والإدراج ممكن في قوله: "ثم لم يعد". وأما باقيها فإما أن يكون قد روي بالمعنى، وإما أن يكون صحيحاً. قلنا: قد ورد في "علل" الدارقطني 5/171 بلفظ: فرفع يديه في أول تكبيرة، ثم لم يعد، قال الدارقطني: وإسناده صحيح، وفيه لفظة ليست بمحفوظة ذكرها أبو حذيفة في حديثه عن الثوري، وهي قوله: ثم لم يعد. وكذلك قال الحماني عن وكيع. وأما أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن نمير، فرووه عن وكيع، ولم يقولوا فيه: ثم لم يعد... وليس قول من قال: ثم لم يعد، محفوظاً. وقال الحافظ في "الفتح" 2/220: ورده الشافعي بأنه لم يثبت، قال: ولو ثبت لكان المثبت مقدماً على النافي، وقد صححه بعض أهل الحديث، لكنه استدل به على عدم الوجوب، والطحاوي إنما نصب الخلاف مع من يقول بوجوبه كالأوزاعي وبعض أهل الظاهر. وانظر بسط المسالة أيضاً في "المدونة" 1/68-69، و"نصب الراية" 1/394-396، و"شرح السنة" 3/24، 25. وللحديث شاهد من حديث البراء بن عازب عند أبي داود (749) و (752) ، سيرد 4/301 و303، وإسناده ضعيف. قال أبو داود: هذا الحديث ليس بصحيح. وآخر موقوف من حديث علي عند ابن أبي شيبة 1/236.

 

هذا مناقض لرفع اليدين جوار الأذنين قبل وبعد كل ركوع، وليس فقط في افتتاح الصلاة، كما عليه الأحاديث والعمل عند المسلمين المتقنين للصلوات وشكلياتها، ويُعتقَد أنه طقس وثني قديم لطرد الشياطين بهذه الحركة المضحكة، وللبخاري كتاب كامل مستقل عن المسألة للراغبين في التوسع عنوانه (رفع اليدين في الصلاة) ولا أدري كيف يمكن لشخص إفراد كتاب كامل عن مسألة مضحكة تافهة كهذه كأنها أمر عظيم، والحديث السابق صدمة للمسلمين وإحراج لأنه من فعل صحابي من أوائل من أسلموا حينما كان عدد أفراد أتباع محمد في مكة يُعد على الأصابع لذلك تراهم يلفون ويدورون في حيرة رغم صحة الإسناد على شرط مسلم، ومما ورد من الأحاديث، روى مسلم:

 

[ 390 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وسعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب وابن نمير كلهم عن سفيان بن عيينة واللفظ ليحيى قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح رفع يديه حتى يحاذي منكبيه وقبل أن يركع وإذا رفع من الركوع ولا يرفعهما بين السجدتين

 

 [ 390 ] حدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج حدثني بن شهاب عن سالم بن عبد الله أن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر فإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود

 

 [ 390 ] حدثني محمد بن رافع حدثنا حجين وهو بن المثنى حدثنا الليث عن عقيل ح وحدثني محمد بن عبد الله بن قهزاد حدثنا سلمة بن سليمان أخبرنا يونس كلاهما عن الزهري بهذا الإسناد كما قال بن جريج كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر

 

 [ 391 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا خالد بن عبد الله عن خالد عن أبي قلابة أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر ثم رفع يديه وإذا أراد أن يركع رفع يديه وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل هكذا

 

وروى البخاري:

 

735 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ

 

736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَيَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ

 

737 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ إِذَا صَلَّى كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ هَكَذَا

 

738 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَعَلَ مِثْلَهُ وَقَالَ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ

 

وروى أحمد:

 

4540 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَبَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ - وَقَالَ سُفْيَانُ: مَرَّةً، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ -، وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يَقُولُ: وَبَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَلَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو داود (721) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الشافعي في "مسنده " 1 (/72) بترتيب السندي ، وابنُ أبي شيبة 1/233، 234، ومسلم (390) (21) ، والترمذي (255) و (256) ، والنسائي في "المجتبي" 2/182، وابن ماجه (858) ، وابن الجارود في "المنتقى" (177) ، وأبو يعلى (5420) و (5481) و (5534) ، وأبو عوانة 2/90، 91، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/222، وابنُ حبان (1864) ، والبيهقي في "السنن" 2/69 من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه عبد الرزاق (2518) و (2519) ، وابن أبي شيبة 1/234- 235، والبخاري (736) و (738) ، ومسلم (390) (22) (23) ، وأبو داود (722) ، والنسائي في "المجتبي" 2/121-122، وابنُ خزيمة (456) و (693) ، وابنُ حبان (1868) ، والطبراني في "الكبير" (13111) و (13112) ، والدارقطني في "السنن" 1/287، 288، 289، والبيهقي في "السنن" 2/69، 70، 83، من طرق، عن الزهري، به. وسيأتي بالأرقام (4674) و (5033) و (5034) و (5054) و (5081 (م) 5098) و (5279) و (5762) و (5843) و (16163) و (6164) و (6175) و (6328) و (6345) .

قال الترمذي: وفي الباب عن عمر، وعلي، ووائل بن حجر، ومالك بن الحويرث، وأنس، وأبي هريرة، وأبي حميد، وأبي أسيد، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، وأبي قتادة، وأبي موسى الأشعري، وجابر، وعمير الليثي. قال: وبهذا يقول بعض أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم ابنُ عمر، وجابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأنس، وابن عباس، وعبد الله بن الزبير، وغيرهم. ومن التابعين: الحسن البصري، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، ونافع، وسالم بن عبد الله، وسعيد بن جبير، وغيرهم 0 وبه يقولُ مالك، ومعمر، والأوزاعي، وابنُ عيينة، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقد روى البخاري رفع اليدين من حديث سبعة عشر صحابياً في جزء "رفع اليدين ".

 

طريقة صلاة عبد الله بن عمر بن الخطاب مخالفة لإجماع المسلمين في كيفية الصلاة

 

روى أحمد:

 

5096 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قُلْتُ: لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ ؟ قَالَ: تُجْزِئُكَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ . قُلْتُ: رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، أُطِيلُ فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ ؟ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى "، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّمَا سَأَلْتُكَ عَنْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، قَالَ: إِنَّكَ لَضَخْمٌ أَلَسْتَ تَرَانِي أَبْتَدِئُ الْحَدِيثَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ يَضَعُ رَأْسَهُ "، فَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: نَامَ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: لَمْ يَنَمْ، " ثُمَّ يَقُومُ إِلَيْهِمَا وَالْأَذَانُ فِي أُذُنَيْهِ "، فَأَيُّ طُولٍ يَكُونُ ثُمَّ ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ أَوْصَى بِمَالٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَيُنْفَقُ مِنْهُ فِي الْحَجِّ ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ فَعَلْتُمْ كَانَ مِنْ سَبِيلِ اللهِ . قَالَ: قُلْتُ: رَجُلٌ تَفُوتُهُ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ، أَيَقُومُ إِلَى قَضَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ ؟ قَالَ: كَانَ الْإِمَامُ إِذَا سَلَّمَ قَامَ . قُلْتُ: الرَّجُلُ يَأْخُذُ بِالدَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ مَالِهِ، قَالَ: لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اسْتِهِ عَلَى قَدْرِ غَدْرَتِهِ.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، وهو ثقة روى له النسائي. وقد سلف لهذا الحديث مختصراً بقصة صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر بركعة، برقم (4860) و (5049) من طريق أنس بن سيرين. وقوله: لكل غادر لواء... سلف مرفوعاً برقم (4648) .

قوله: "تجزئك قراءة الإمام" ، قال السندي: ظاهره أن قراءه الإمام تكفي في السرية والجهرية عند ابن عمر عن الفاتحة وغيرها، وهذا مقتضى عدم وجوب القراءة خلف الإمام، لا عدم جوازها، ورواة هذا الحديث ثقات، وقد صح عنه من غير هذا الوجه من قوله: من صلى وراء الإمام كفاه قراءة الإمام، وقال البيهقي: وقد روي عنه خلافه، فروى بسنده (في "القراءة خلف الإمام"213 و214) أنه سئل ابن عمر عن القراءة خلف الإمام، فقال: إني لأستحي من رب هذه البنية أن أصلي صلاة لا أقرأ فيها بأم القرآن، وذكر عنه مثل هذا بسند آخر، ثم قال: فكأنه يرى القراءة خلف الإمام فيما يسر الإمام فيه بالقراءة. قلت (القائل السندي) : ظاهر حديث ابن عمر أن قراءة الإمام تكفي للمأموم، فيجوز له تركها، ومع ذلك لو أتى بها كان جائزاً، بل يجوز أن يكون هو الأولى، فلا يخالف قوله: إني لأستحي...، وربما يحمل قوله على قراءة ما سوى الفاتحة، والله تعالى أعلم.

قوله:"إنك لضخم"، قال السندي: أي: قليل الفهم لاشتغال همك بالبطن لا بالعلم.  قوله: " فأي طول يكون ثَمَّ " ، قال السندي: بفتح مثلثة للإشارة إلى المكان، أي: هناك، وليس بضمها حرف عطف، لأن لفظة: "قلت" مذكورة في المواضع الأخر بلا عطف، ولأن تمام المعنى يقتضي أن يكون اسمَ إشارة.

 

هذا مخالف لشبه إجماع الروايات في الأحاديث والفقه على قراءة الفاتحة في السر بعد قراءة الإمام لها، وللبخاري كتاب بعنوان (القراءة خلف الإمام). ونلاحظ أن البخاري أورد فيه برقم 19 رواية ملفقة لتسوية الوضع وحل المشاكل كالعادة بنسبة رواية مناقضة الفحوى والتعليم لنفس الشخص، ابن عمر! فهؤلاء الرواة لم يكونوا يستحون ويخجلون من الكذب أبدًا لصالح رفإ ثقوب الديانة ولأجل مصلحتهم الوظيفية كرجال دين.

 

قارن مرة أخرى بما روى مسلم:

 

[ 395 ] وحدثناه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا سفيان بن عيينة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثا غير تمام فقيل لأبي هريرة إنا نكون وراء الإمام فقال اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد { الحمد لله رب العالمين }  قال الله تعالى حمدني عبدي وإذا قال { الرحمن الرحيم } قال الله تعالى أثنى علي عبدي وإذا قال { مالك يوم الدين }  قال مجدني عبدي وقال مرة فوض إلي عبدي فإذا قال { إياك نعبد وإياك نستعين }  قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال { اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين }  قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل قال سفيان حدثني به العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب دخلت عليه وهو مريض في بيته فسألته أنا عنه

 

 [ 394 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن سفيان قال أبو بكر حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

 

 [ 394 ] حدثني أبو الطاهر حدثنا بن وهب عن يونس ح وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب أخبرني محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقترئ بأم القرآن

 

 [ 394 ] حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن بن شهاب أن محمود بن الربيع الذي مج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه من بئرهم أخبره أن عبادة بن الصامت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن

 

وأحاديث البخاري في كتابه القراءة خلف الإمام مشابهة لما ورد عند مسلم في صحيحه، ونضيف ما رواه فيه البخاري:

 

17 حدثنا محمود قال : حدثنا البخاري قال ، حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا بشر بن السري ، قال : حدثنا معاوية ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة الحضرمي ، قال : سمعت أبا الدرداء ، رضي الله عنه يقول : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفي كل صلاة قراءة ؟ قال : " نعم " ، فقال رجل من الأنصار وجبت هذه


18 حدثنا محمود قال : حدثنا البخاري قال ، حدثنا علي ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا معاوية ، قال : حدثنا أبو الزاهرية ، قال : حدثنا كثير بن مرة ، سمع أبا الدرداء ، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أفي كل صلاة قراءة ؟ قال : " نعم"

 

21 حدثنا محمود حدثنا البخاري قال ، وقال لنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن سليمان الشيباني ، عن جواب التميمي ، عن يزيد بن شريك ، قال : سألت عمر بن الخطاب : " أقرأ خلف الإمام قال : نعم ، قلت: وإن قرأت يا أمير المؤمنين قال : وإن قرأت


22
حدثنا محمود حدثنا البخاري قال ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا زياد البكائي ، عن أبي فروة ، عن أبي المغيرة ، عن أبي بن كعب ، رضي الله عنه أنه " كان يقرأ خلف الإمام"

 

23حدثنا محمود قال : قال البخاري وقال لي عبيد الله ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن أبي سنان عبد الله بن الهذيل قال : قلت لأبي بن كعب : أقرأ خلف الإمام قال : نعم

 

تحديد مُهَلّ أهل اليمن والعراق للحج

 

روى أحمد:

 

5542 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ " فَقَالَ النَّاسُ: " مُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ ".

 

قال فريق شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن: محمد بن عبد الرحمن الطفاوي أبو المنذر البصري، وثًقه ابن المديني والذهبي، وقال أبو حاتم: صدوق، إلا أنه يَهِمُ أحياناً، وقال ابن معين وابن عدي: لا بأس به. وقال أبو زرعة: منكر الحديث. وله في البخاري ثلاثة أحاديث، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.

قال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند: إسناده صحيح.

 

بل وتمادى بعضهم بجرأة وقحة فنسب ذلك إلى محمد نفسه! روى البخاري:

 

133 - حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّأْمِ مِنْ الْجُحْفَةِ وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

وروى أحمد:

 

4455 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، (1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْ أَيْنَ يُحْرِمُ (2) ؟ قَالَ: " مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ " وقَالَ ابْنُ عُمَرَ: " وَقَاسَ النَّاسُ ذَاتَ عِرْقٍ بِقَرْنٍ " (3)

 

(1) لم يرد هذا الحديث في المخطوطة (ص) .

(2) في (ظ 14) : نحرم.

(3) إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وعبيد الله بن عمر: هو العمري. وابن عون: هو عبد الله. وهو في "مسند" أبي حنيفة (224) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (3761) من طريق عبيد الله بن عمر، به.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/330 عن نافع، به، ومن طريقه أخرجه البخاري (1525) ، ومسلم (1182) (13) ، والنسائي في "الكبرى" (3631) ، وأبو داود (1737) ، وابن ماجه (2914) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/118، والبيهقي في "السنن" 5/26، والبغوي (1858) .

وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3632) من طريق الليث بن سعد، عن نافع، به.

وأخرجه البخاري (1522) ، والبيهقي في "السنن" 5/27 من طريق زيد بن جبير، عن ابن عمر.

وسيأتي بالأرقام (4555) و (4584) و (5059) و (5070) و (5087) و (5111) و (5172) و (5323) و (5492) و (5532) و (5542) و (5853) و (6140) و (6200) و (6390) .

وقد ذكرنا أحاديث الباب عقب حديث عبد الله بن عمرو الاتي برقم (6697) .

قال السندي: قوله: مُهَلُّ أهل المدينة، بضم الميم، مصدر ميمي، من الإهلال، أي: إهلال أهل المدينة من ذي الحُليفة، وأصلُ الإهلال: رفعُ الصوت بالتلبية، إلا أن المواد به - هاهنا - الإحرام.

 

5853 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ أَخْبَرَنِي، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: " وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. شعبة: هو ابن الحجاج، وعبد الله بن دينار: هو مولى ابن عمر.

 

6390 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَى مِنْ أَيْنَ نُهِلُّ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: " يُهِلُّ مُهِلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ مُهِلُّ أَهْلِ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَيُهِلُّ مُهِلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ " قَالَ: وَيَزْعُمُونَ أَوْ يَقُولُونَ أَنَّهُ قَالَ: " وَيُهِلُّ مُهِلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ أَلَمْلَمَ ".

 

صحيح على شرط الشيخين

 

6140 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: " إِنَّ مُهَلَّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ، وَمُهَلَّ أَهْلِ الشَّامِ مَهْيَعَةُ، - وَهِيَ الْجُحْفَةُ -، وَمُهَلَّ أَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ " قَالَ سَالِمٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

حديث صحيح، وهذا سند جيد. ابن أخي ابن شهاب الزهري- وهو محمد بن عبد الله بن مسلم- مختلف فيه، وحديثه فوق الحسن، فإن من تكلم فيه إنما هو بسبب ثلاثة أحاديث أخطأ فيها، وقد وثقه أبو داود، وأثنى عليه أحمد، وقال: صالح، وقال ابن عدي: لا بأس به، لم أر له حديثاً منكراً، واضطرب قول ابن معين فيه، فقال: صالح وضعيف وليس بالقوي، وأثنى عليه في رواية عباس، وروى له الشيخان. وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. سالم بن عبد الله: هو ابن عمر.

وقد سلف برقم (4455) .

إذا كان لدى كل فرق المذاهب الإسلامية هذه الجرأة في تلفيق الأحاديث، فلا أجد إلا قول أبي العلاء المعري:

 

أرى هذيانًا طال من كل أمة    يُضمّنها إيجازُها وشروحُها

 

أمور تستخف بها حلومٌ          وما يدري الفتى لمن الثُبور

كتاب محمد وكتاب موسى       وأنجيل ابن مريمَ والزبور

نهت أممًا فما قبِلَت، وبارت      نصيحتَها فكل القوم بُوُر!

 

عدم إعدام عثمان لعبيد الله بن عمر رغم قتله ناسًا أبرياء عدوانًا

وعلي ضم في جيشه ناسًا ممن قتلوا عثمان ومن حرضوا على ذلك

 

نقتبس من مقال للأستاذ القرآنيّ (أحمد صبحي منصور):

 

أبناء عمر

 

مقدمة
أنجب عمر بن الخطاب أولادا وبناتٍ من عدة زوجات وجوارى ، أو (أمهات أولاد) بالتعبير التراثى. أكبر أولاده واشهرهم عبد الله بن عمر ( بطل قصتنا )وعبد الرحمن وحفصة وأمهم زينب بنت مظعون. ثم زيد الأكبر ورقية وأمهما أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب و فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم زيد الأصغر وعبيد الله ( بطل قصتنا الآخر ) وأمهما أم كلثوم بنت جرول من خزاعة. ثم عاصم وأمه جميلة بنت ثابت من الأنصار ، ثم عبد الرحمن الأوسط وأمه لهية أم ولد ، وعبد الرحمن الأصغر وأمه أم ولد ، وفاطمة وأمها أم حكيم بنت الحارث المخزومية ، وزينب وهي أصغر ولد عمر وأمها فكيهة أم ولد . وعياض بن عمر وأمه عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل .ومن أولاد عمر جميعا أشتهر إثنان عبد: الله وعبيد الله .
ضلّ الطريق الأخوان عبد الله وعبيد الله فى تعاملهما مع الأمويين ،مع تناقضهما فى كيفية هذا التعامل ، فقد كان تأييدا بالسيف قام به عبيد الله بن عمر متحالفا مع معاوية فى صفين ضد (على )،وكان سكوتا عند عبد الله بن عمر عن مظالم الأمويين مقابل المال والعطايا . كان عبيد الله ظالما ، وكان أخوه الأكبر عبد الله ساكتا عن الظلم ، ودفع كلاهما الثمن قتلا . وإخفاق الأخوين عبد الله وعبيد الله فى تعاملهما مع الأمويين يجعلنا نتساءل عن فشل والدهما عمر بن الخطاب فى تربية أبنائه بينما كان يطارد الناس يضربهم بالدرّة .

ونبدا بالأخ الأقل شهرة (عبيد الله بن عمر بن الخطاب )
عبيد الله بن عمر :
1
ـ فى أواخر خلافة عمر بن الخطاب كانت المدينة تغصّ بالرقيق الأطفال ذكورا وإناثا من السبى الذى جىء بهم من بلادهم الأصلية بعد إنتصارات الصحابة فى الفتوحات العربية .
كانت العادة تقسيم الغنائم والسبى من النساء والأطفال والأسرى الكبار أخماسا ، فيتم توزيع اربعة أخماس السبى والغنائم على جنود الجيش ، ثم يرسل الباقى الى المدينة للخليفة عمر . ومنع عمر أن يوجد فى المدينة من السبى والأسرى من بلغ منهم الشباب حتى لا ينتقموا من أهل المدينة . ولكن عرض عليه المغيرة بن أبى شعبة أن يرسل اليه رجلا من السبى هو أبو لؤلؤة المجوسى كان ماهرا فى الحدادة والصنائع ، فسمح عمر باستقدامه إستثناءا من القاعدة . وجاء أبو لؤلؤة الى المدينة فوجدها تغصّ بأطفال السبى فى معسكرات خاصة بهم بعد أن رأوا قتل عائلاتهم وتفريق أمهاتهم وأخواتهم على الجنود ، ونزعهم من أحضان الامهات ، ثم تسييرهم آلاف الأميال ليؤتى بهم رقيقا للمدينة وهم فى عمر الزهور . كانوا يبكون ويشتكون ولا يأبه بهم أحد ، جاء أبو لؤلؤة للمدينة فكان يبكى لبكائهم ، وقد كان هو نفسه من قبل من السبى .، ويقول عنه ابن سعد ( كان خبيثا ، اذا نظر الي السبي الصغار يأتي فيمسح رؤوسهم ويقول ان العرب اكلت كبدي ..)
وشكى أبو لؤلؤة للخليفة عمر إجحاف مولاه المغيرة بن أبى شعبه بما فرضه عليه من ضريبة يدفعها ، فرأى عمر أن سيده المغيرة لم يظلمه فيما فرضه عليه . زاد هذا من نقمة أبى لؤلؤة ودفعه الى قتل عمر . وقبيل صلاة الفجر والخليفة عمر كان على وشك أن يؤم الناس طعنه أبو لؤلؤة المجوسى ، وحاول بعضهم الامساك به فقتل أبو لؤلؤة وجرح بخنجره عدة منهم ، وتمكن أحدهم من الامساك به من الخلف فما كان من أبى لؤلؤة إلّا نحر نفسه بنفس الخنجر . هنا قفز عبيد الله بن عمر بن الخطاب الى سطور التاريخ حين اندفع فقتل من إعتقد أنهم شركاء أبى لؤلؤة فى الجريمة .

2
ـ تقول إحدى الروايات أن عبد الرحمن بن عوف رأى السكين الذى قتل به أبو لؤلؤة عمر فقال أنه رأها مع الهرمزان ( وهو قائد فارسى سابق تم أسره فأسلم وعاش فى المدينة ) وجفينة (وكان نصرانيا من نصارى الحيرة وكان ظئرا لسعد بن أبي وقاص أقدمه المدينة ، وكان يعلم الكتاب بالمدينة )، وقال عبد الرحمن بن عوف لهما : ( ما تصنعان بهذه السكين ؟ فقالا نقطع بها اللحم فإنا لا نمس اللحم ) سمع هذا عبيد الله بن عمر بن الخطاب فقال لعبد الرحمن بن عوف عن تلك السكين : ( أنت رأيتها معهما ؟ قال : نعم ) فأخذ عبيد الله بن عمر سيفه ودخل على كل منهما فقتله .

3
ـ وهناك رواية أخرى عن سعيد بن المسيب تقول ان عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق هو الذى رأى الخنجر الذى قتل به أبو لؤلؤة المجوسى عمر، وأنه قال حين قتل عمر: ( قد مررت على أبي لؤلؤة قاتل عمر ومعه جفينة والهرمزان فلما بغتّهم ثاروا ، فسقط من بينهم خنجر له رأسان ونصابه وسطه، فانظروا ما الخنجر الذي قتل به عمر. ) فوجدوه نفس الخنجر الذي وصفه عبد الرحمن بن أبي بكر . فانطلق عبيد الله بن عمر حين سمع ذلك من عبد الرحمن إبن أبي بكر ومعه السيف الى بيت الهرمزان ونادى عليه فلما خرج إليه الهرمزان قال له عبيد الله : انطلق معي حتى ننظر إلى فرس لي .وتأخر عنه عبيد الله حتى إذا مضى الهرمزان بين يديه ضربه بالسيف غيلة . وقال عبيد الله : (فلما وجد حر السيف قال: لا إله إلا الله )!. وقال عبيد الله: ( ودعوت جفينة فلما علوته بالسيف صلّب بين عينيه) أى رسم الصليب . وتقول إحدى الروايات إن الهرمزان وجفينة كانا قد أسلما وفرض لهما عمر العطاء كبقية المسلمين . وبعد قتلهما انطلق عبيد الله فقتل ابنة صغيرة مسلمة لأبي لؤلؤة ، وأراد عبيد الله أن لا يترك سبيا بالمدينة إلا قتله ، أى يقتل كل أطفال السبى ، ولكن منعه الصحابة .

4
ـ تقول الرواية عن عبيد الله ( القاتل ) : ( فأرسل إليه عثمان فأتاه فقال ما حملك على قتل هذين الرجلين وهما في ذمتنا فأخذ عبيد الله عثمان فصرعه حتى قام الناس إليه فحجزوه عنه ) أى ردّ عبيد الله بن عمر على سؤال عثمان بالهجوم على عثمان وطرحه أرضا مما استدعى تدخل الحاضرين وأنقذوا عثمان . وتقول الرواية أن عبيد الله كان حين بعث إليه عثمان قد تقلد السيف ، فعزم عليه عبد الرحمن أن يضعه فوضعه .

5
ـ وتقول رواية سعيد بن المسيب إن عبيد الله بن عمر حين صمّم على قتل كل أطفال السبى حاججه المهاجرون الأولون ونهوه وتوعدوه فقال : ( والله لأقتلنهم وغيرهم ) ،وعرّض ببعض المهاجرين . فلم يزل عمرو بن العاص به حتى دفع إليه السيف ، فلما دفع إليه السيف أتاه سعد بن أبي وقاص غاضبا بسبب مقتل جفينة ، فتصارع مع عبيد الله وأخذ كل واحد منهما برأس صاحبه يتناصيان حتى حجز بينهما الناس. ثم أقبل عثمان قبل أن يبايع له بالخلافة في تلك الليالي وتشابك وتعارك مع عبيد الله حتى حجز بينهما الناس . وقال أحدهم وقد حضر المعركة ( جعل عثمان يومئذ يناصي عبيد الله بن عمر حتى نظرت إلى شعر رأس عبيد الله في يد عثمان ).!
فلما استخلف عثمان دعا المهاجرين والأنصار فقال: أشيروا علي في قتل هذا الرجل الذي فتق في الدين ما فتق. فافترق الناس الى رأيين:منهم من يشايع عثمان على قتل عبيد الله ، ومنهم من يستكثر قتل عمر بالأمس ثم قتل إبنه اليوم ، يقولون لجفينة والهرمزان أبعدهما الله لعلكم تريدون أن تتبعوا عمر ابنه.! فكثر في ذلك اللغط والاختلاف . ثم قال عمرو بن العاص لعثمان : يا أمير المؤمنين إن هذا الأمر قد كان قبل أن يكون لك على الناس سلطان فأعرض عنهم . وأخذ عثمان برأى عمرو ، ودفع دية الرجلين والبنت . ويقول أحدهم متعجبا (رأيت عبيد الله يومئذ وإنه يناصي عثمان وإن عثمان ليقول قاتلك الله قتلت رجلا يصلي وصبية صغيرة وآخر من ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في الحق تركك .! .. فعجبت لعثمان حين ولي كيف تركه ، ولكنني عرفت أن عمرو بن العاص كان دخل في ذلك فلفته عن رأيه )
وقال آخر يصف عبيد الله بن عمر وتهوره :( ما كان عبيد الله يومئذ إلا كهيئة السبع الحرب وجعل يعترض العجم بالسيف ، حتى حبس يومئذ في السجن ،فكنت أحسب لو أن عثمان ولي سيقتله لما كنت أراه صنع به . فقد كان هو وسعد أشد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه) ، أى كان على وشك أن يقتل السبى بالسيف لولا أن قبضوا عليه وحبسوه .
وهناك رواية تنسب لعبد الله بن عمر قوله : ( يرحم الله حفصة فإنها ممن شجع عبيد الله على قتلهم )، أى يتهم شقيقته السيدة حفصة أم المؤمنين بتحريض أخيها غير الشقيق عبيد الله على قتل الهرمزان وجفينة والطفلة بنت أبى لؤلؤة المجوسى . وانتهى الأمر بأن أطلق عثمان سراح عبيد الله بن عمر من السجن .

6
ـ وكان ( على بن أبى طالب) يرى القصاص من عبيد الله . وقد قال علي لعبيد الله بن عمر : (ما ذنب بنت أبي لؤلؤة حين قتلتها ؟ ) ، فكان رأي علي حين استشاره عثمان ورأي الأكابر من أصحاب رسول الله على قتله ، لكن عمرو بن العاص كلم عثمان حتى تركه ، فكان (علي ) يقول : ( لو قدرت على عبيد الله بن عمر ولي سلطان لاقتصصت منه )، وقالوا : ( كان رأي علي أن يقتل عبيد الله بن عمر لو قدر عليه ). وبتولى علي بن أبي طالب الخلافة أراد قتل عبيد الله بن عمر فهرب منه إلى معاوية فلم يزل عبيد الله مع معاوية فقتل بصفين.
7
ـ وطلب معاوية من عبيد الله بن عمر أن يتجهز ليكون فى مقدمة الجيش المرسل ليحارب عليا فى صفين ، فاستعد عبيد الله ، ونصحه مولى له فقال له : فداك أبي .! إن معاوية إنما يقدمك للموت إن كان لك الظفر فهو يلي وإن قتلت استراح منك ومن ذكرك فأطعني واعتل ( أى إدّعى المرض ) فأعرض عنه عبيد الله . ورأته إمرأته ( بحرية بنت هانئ) يتجهز ، وكان قومها من شيعة (على ) فقالت له : ما لي أراك مشمرا ؟ قال : أمرني أميري أن أسير في الشهباء . قالت : هو والله مثل التابوت لم يحمله أحد قط إلا قتل، أنت تقتل وهو الذي يريد معاوية. قال: اسكتي والله لأكثرن القتل في قومك اليوم . فقالت : خدعك معاوية وغرك من نفسك وثقل عليه مكانك ، قد أبرم هذا الأمر هو وعمرو بن العاص قبل اليوم فيك ، لو كنت مع علي أو جلست في بيتك كان خيرا لك ، قد فعل ذلك أخوك وهو خير منك . قال اسكتي ، وهو يتبسم ضاحكا ، لترين الأسارى من قومك حول خبائك هذا . قالت : والله لكأني راكبة دابتي إلى قومي أطلب جسدك أواريه ، إنك مخدوع ... قال أقصري من العذل فليس لك عندنا طاعة . وذهب عبيد الله إلى معاوية فجعله قائد كتيبة الشهباء كمقدمة لجيشه وهم اثنا عشر ألفا وضم إليه ثمانية آلاف من أهل الشام يقودهم ذو الكلاع الحميرى ، وزحف بهم عبيد الله نحو معسكر (على ) فتصدى لهم شيعة على من قبائل ربيعة ، واقتتلوا أشد القتال ، وانهزم جيش معاوية وقتل عبيد الله وقتل ذو الكلاع . وكان الذي قتل عبيد الله هو زياد بن خصفة التيمي .

8
ـ وأراد معاوية أن يستغل قتل عبيد الله لمصلحته كما فعل من قبل مع عثمان حين تركه يقتله الثوار ثم استخدم قميصه ليؤلب الناس على ( على ) . أراد معاوية الحصول على جثة عبيد الله ليثير به الناس ، فقال معاوية لامرأة عبيد الله : لو أتيت قومك فكلمتهم في جسد عبيد الله ابن عمر.! فركبت إليهم ومعها من يجيرها ويؤمّنها على نفسها ويحميها ، فأتتهم ، فانتسبت ، أى عرفتهم بنسبها فقالوا : قد عرفناك مرحبا بك ، فما حاجتك ؟ قالت : هذا الجسد الذي قتلتموه فأذنوا لي في حمله. فوثب شباب من بكر بن وائل فوضعوه على بغل وشدوه ، وأقبلت امرأته تحمله الى عسكر معاوية فتلقاها معاوية بسرير فحمله عليه ، وحفر له وصلى عليه ودفنه، ثم جعل يبكي ويقول: قتل ابن الفاروق في طاعة خليفتكم حيا وميتا فترحموا عليه وإن كان الله قد رحمه ووفقه للخير .! وبينما كانت أرملة عبيد الله ( بحرية بنت هانىء ) تبكي عليه بلغها ما يقول معاوية فقالت ترد عليه : ( أما أنت فقد عجلت له يتم ولده وذهاب نفسه ثم الخوف عليه لما بعد أعظم الأمر ) . فبلغ معاوية كلامها فقال لعمرو بن العاص : ألا ترى ما تقول هذه المرأة ؟ فقال له عمرو : ( والله لعجب لك .! ما تريد أن يقول الناس شيئا ؟ فوالله لقد قالوا في خير منك ومنا ، أفلا يقولون فيك .!! أيها الرجل إن لم تغض عما ترى كنت من نفسك في غم . )قال معاوية : (هذا والله رأيي الذي ورثت من أبي ).

9
ـ واختلف الروايات فيمن قتل عبيد الله بن عمر؛فقائل يقول قتله رجل من ربيعة ، وقائل يقول قتله رجل من همدان ، وقائل يقول قتله عمار بن ياسر،وقائل يقول قتله رجل من بني حنيفة . وهناك رواية عن سعد بن الحسن مولى الحسن بن علي قال : خرجت مع الحسن بن علي ليلة بصفين في خمسين رجلا من همدان يريد أن يأتي عليا ، وكان يومنا يوما قد عظم فيه الشر بين الفريقين ، فمررنا برجل أعور من همدان يدعى مذكورا قد شد مقود فرسه برجل رجل مقتول. فوقف الحسن بن علي على الرجل فسلم ، ثم قال : من أنت ؟ فقال رجل من همدان ، فقال له الحسن: ما تصنع ها هنا ؟ فقال : أضللت أصحابي في هذا المكان في أول الليل فأنا أنتظر رجعتهم. قال : ما هذا القتيل ؟ قال : لا أدري غير أنه كان شديدا علينا يكشفنا كشفا شديدا وبين ذلك يقول أنا الطيب بن الطيب وإذا ضرب قال أنا بن الفاروق فقتله الله بيدي . فنزل الحسن إليه فإذا عبيد الله بن عمر وإذا سلاحه بين يدي الرجل ، فأتى به عليا فنفله علي سلبه وقومه أربعة آلاف . وهناك رواية أخرى تقول إن يوم الجمعة شهد قتالا شديدا وفى غمار الحرب التقى عمار بن ياسر وعبيد الله بن عمر فقال :عبيد الله أنا الطيب بن الطيب ، فقال له عمار بن ياسر : أنت الخبيث إبن الطيب ، فقتله عمار . وفى رواية أخرى أن عبيد الله إبن عمر قطع أذن عمار يومئذ.

10
ـ وقبل أن نترك عبيد الله بن عمر نلاحظ أننا أمام شخصية ولدت وعاشت فى نقطة تحول شهدت ذروة الاسلام ، وبداية أفوله أيضا ، وانعكس الأفول عليه أكثر. أبوه عمر بن الخطاب ، وأخته أم المؤمنين حفصة ، وربما كان طفلا عندما مات النبى محمد عليه السلام ، ولكن عبق سيرته الطاهرة أضاعته خطيئة الفتوحات ، فلم يستفد شيئا من عصر الرسالة،بل تأثر بالوضع الجديد الذى جاءت به الفتوحات ، نظر للسبى على أنه ممتلكات له الحق فى ذبحها ليخفف من غضبه . هذا الشاب لم يعرف المبدأ الاسلامى القائل (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )، كأنه لم يقرأه مكررا ومؤكدا فى عدة آيات .انطلق بحمية الجاهلية يقتل الأبرياء،ولو تركوه لأقام مذبحة لأطفال السبى المساكين .!.ثم يصارع وهو شاب ويصرع شيوخا فى سنّ أبيه لهم مكانتهم ( عثمان وسعد بن أبى وقّاص )، ويتناول كبار المهاجرين بلسانه . وفى النهاية يفلت من العقاب ، حتى لم يدفع الدية من ماله ، بل دفعها عنه عثمان . وكان هذا بداية الوهن فى خلافة عثمان . وبعد قتل عبيد الله نتوقف مع أخيه الأكبر عبد الله.
عبد الله بن عمر بن الخطاب
1
ـ فى إيجاز فإن حياة عبد الله بن عمر قد طالت أكثر من أخيه الأصغر فشهدت ذروة الاسلام وذروة عطائه الشخصى فى هذه الفترة ، ثم إستكان وأسلم نفسه للظلم القائم فى فترة الظلم الأموى وغياب الاسلام . بدأ عبد الله بن عمر حياته بالإسلام والتحرك الإيجابي مع أبيه عمر بن الخطاب ، ثم آثر في الفتنة الكبرى والحكم الأموي أن يعتزل السياسة مع الحرص علي الاستفادة من الحكم القائم. لقد أسلم عبد الله مع أبيه عمر بن الخطاب في مكة ولم يكن قد بلغ الحلم ، وحاول الاشتراك في معركتى بدر وأحد ولكن رده الرسول صلي عليه وسلم لصغر سنه، واشترك في المعارك حين استوي شابا ، وفي فتح مكة كان في مقدمة الجيش وهو في العشرين من عمره فأثني عليه النبي صلي الله عليه وسلم حسبما تقول الروايات . وواصل ابن عمر عطاءه الإيجابي في خلافة أبي بكر وعمر ، وحين طعن أبو لؤلؤة المجوسي الخليفة عمر قام عمر بترشيح ستة من كبار الصحابة وعهد إليهم باختيار أحدهم وجعل معهم ابنه( عبد الله بن عمر) علي أن يكون له حق التصويت دون الترشيح، وجعل لصوته الفيصل النهائي إذا اختلفوا .. وبهذا بلغت إيجابية عبد الله بن عمر مداها ..

2
ـ ثم بدأ ابن عمر في الاعتزال حين شعر باختلاف سياسة عثمان عن نهج عمر، ولقد أراد عثمان أن يجعله يقضي بين الناس فقال له : لا أقضي بين اثنين ولا أؤم اثنين ، ثم تطور الأمر بمقتل عثمان ودخول المسلمين في الفتنة الكبرى،وقد شارك قسم من المسلمين فيها لنصرة الحق بقيادة ( علي) ومعه عمار بن ياسر، واعتزل سعد بن أبي وقاص الفتنة نهائيا .واكتفي ابن عمر بتأييد المنتصر القائم في الحكم وهو يعلم أنه ظالم ، وكانت تلك سياسته مع الأمويين يعتزل القتال ويؤيد المنتصر ويقبل هداياه . لقد رفض ابن عمر أن يكون زعيما في الفتنة ، قال له مروان ابن الحكم :هل نبايعك فإنك سيد العرب وابن سيدهم ، فقال له ابن عمر : كيف أصنع بأهل المشرق ؟ قال تضربهم حتى يبايعوا فقال ابن عمر : والله ما أحب أن تكون لي وأقتل في سبيلها رجلا واحدا.

3
ـ اكتفي ابن عمر بمبايعة من يصل إلي الحكم ، وقد قال : ما بايعت صاحب فتنة ، ولذلك رفض مبايعة ابن الزبير، وحين غلب عبد الملك بن مروان بن الحكم واجتمع عليه الناس كتب إليه ابن عمر :" إني قد بايعت أمير المؤمنين بالسمع والطاعة.. وإن أولادي قد أقروا بذلك " بل إنه بايع يزيد بن معاوية في حين رفض البيعة له الحسين وابن الزبير وابن عباس ، وحين بايعه ابن عمر قال : إن كان خيرا رضينا وإن كان بلاء صبرنا!! وحين ثارت المدينة علي يزيد بن معاوية جمع ابن عمر أولاده وحذرهم من نكث البيعة ليزيد وقال لهم " فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يسرعن أحد منكم في الثورة علي الأمويين " ورأي ابن عمر انتهاك الأمويين للمدينة وشنائعهم فيها فاستمر علي عزلته ، وكان يصلي خلف الجميع وهم دونه في المنزلة ، وكان يقول " لا أقاتل في الفتنة وأصلي وراء من غلب "!!. وقيل عنه : "إن ابن عمر كان في زمان الفتنة لا يأتي أمير إلا صلي خلفه وادي إليه زكاة أمواله " وقد قالوا له " أتصلي مع هؤلاء ومع هؤلاء وبعضهم يقتل بعضا؟ فقال : من قال حي علي الصلاة أجبته ومن قال : حي علي قتل أخيك وأخذ ماله قلت : لا" ..

4
ـ وفي نفس الوقت كان ابن عمر يقبل الأموال والهدايا من أصحاب الفتنة الظالمين، أي لم يعتزل تماما مثلما فعل سعد بن أبي وقاص ، واشتهر عنه قوله " لا أسأل أحدا شيئا ولا أرد ما رزقني الله " وقد بعث إليه عبد العزيز بن مروان بأموال فقبلها وقت أن كانوا يحاربون ابن الزبير والخوارج ، وحين أراد معاوية البيعة لابنه بعث لابن عمر بمائة ألف دينار فأخذها، ولذلك بايع يزيد وتمسك ببيعته ..
5
ـ وقد اتبع الأمويون معه سياسة العطاء وسياسة التهديد معا ، فكان معاوية يهدده بالقتل ليخيفه ثم ينكر أنه قال ذلك حين يعلم أن ابن عمر قد أصابه الرعب ، ثم توسع الأمويون في هذه السياسة حيث تولي الحجاج بن يوسف ولاية الحجاز لعبد الملك بن مروان .. فكانت نهاية ابن عمر علي يديه . كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج ثم كان الحجاج يؤخر الصلاة عن موعدها لأنه كان يطيل في خطبة الجمعة ، إذ حوّل الأمويون خطبة الجمعة الى منشور سياسى ، فغضب ابن عمر ولم يتحمل تضييع الصلاة ، فلم يعد يصلي خلف الحجاج فاشتد عليه الحجاج وهدده قائلا : " لقد كنت هممت أن اضرب عنق ابن عمر "!! وادعي الحجاج أن ابن الزبير قد حرف القرآن ، فثار ابن عمر في وجه الحجاج وقال له : كذبت ما يستطيع ذلك ولا أنت معه، فقال له الحجاج: اسكت فإنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك، يوشك شيخ أن يؤخذ فتضرب عنقه فيجر وقد انتفخت خصيتاه ، يطوف به صبيان البقيع ".!!

6
ـ وأدرك ابن عمر في النهاية أنه قد أخطا ، فقد أدت سياسته في السكوت على الظلم إلي إستفحال وشيوع الظلم الأموي وتضيع الصلاة واتهام القرآن ، ثم أدت إلي استهانة الأمويين به. وقد دس له الحجاج رجلا طعنه في الحرم برمح مسموم في قدمه ، فسقط مريضا ، وجاءه الحجاج يقول له : لو أعلم الذي أصابك لضربت عنقه ، فقال له ابن عمر : أنت الذي أصبتني . وخرج الحجاج يتندر عليه قائلا : إن هذا يزعم أنه يريد أن نأخذ بالعهد الأول ... أي بعهد النبي عليه السلام !! وهو علي فراش الموت كان عبد الله بن عمر يقول : ما آسي من الدنيا إلا علي ثلاث: ظمأ الهواجر ومكابدة الليل وألا أكون قاتلت هذه الفئة الباغية التي حلت بنا !!

الخاتمة

1
ـ رسالة الاسلام الذى نزل بها القرآن وجاهد بها خاتم المرسلين كانت نقطة مضيئة وسط ظلام الجاهلية وظلام العصور الوسطى . ومالبث الظلام أن طغى شيئا فشيئا بمجرد موت النبى ، فبدأ الاسلام ينحسر من واقع الصحابة بالفتوحات والفتنة الكبرى ، وتحول الى مجرد وسيلة للإستغلال السياسى ، وهو حتى الآن يتحمل وزر المتاجرين به من الأمويين والعباسيين والفاطميين والعثمانيين الى الوهابيين والاخوان المسلمين والسلفيين. غاب الاسلام الحقيقى عن واقع المسلمين وتوارى داخل القرآن المحفوظ من لدن الرحمن ليكون حجة على الناس الى يوم القيامة.
2
ـ وربما يكون عبيد الله بن عمر القاتل أقل جرما من أبيه عمر بن الخطاب الذى إستباح قتل وسبى وسلب واسترقاق شعوب بأكملها لم تقدّم له سيئة ، وارتكب كل هذا باسم الاسلام


في كتاب نثر الدر، لآبي (1/292)، يقول: خطب سلمان إلى عمر بن الخطاب ابنته فلم يستجز رده، فأنعم له وشق ذلك عليه وعلى ابنه عبد الله بن عمر. فشكى عبد الله ذلك إلى عمرو بن العاص فقال له: أفتحب أن أصرف سلمان عنكم؟ فقال له: هو سلمان، وحاله في المسلمين حاله. قال: أحتال له حتى يكون هو التارك لهذا الأمر، والكاره له. قال: وددنا ذلك. فمر عمرو بسلمان في طريق فضرب بيده على منكبه وقال له: هنيئاً لك أبا عبد الله. قال: وما ذاك؟ قال: هذا عمر يريد أن يتواضع بك فيزوجك. قال: وإنما يزوجني ليتواضع بي؟! قال: نعم. قال: لا جرم والله لا خطبت إليه أبداً.

في السيرة النبوية، نسمع عن قصة تزويج عمر لابنه من بنت قيصر الفرس، عندما فرّق الخليفة الغنائم على المسلمين وكان نصيب علي بن أبي طالب قطعة من البساط باعها بخمسين ألف دينار.

ثم جاء دور بنات كسرى الثلاث فوقفن أمام عمر كسبايا حرب، وأمر المنادي أن ينادي عليهن، وأمرهن أن يزيلا النقاب عن وجوههن ليزيد المسلمون في ثمنهن وهن رفضن أن يكشفن عن وجوههن، وبكين وقاومن المنادي، فغضب عمر ورفع سوطه عليهن. هنا تدخّل الإمام علي وقال: مهلاً يا أمير المؤمنين فإني سمعت رسول الله يقول: ارحموا عزيز قومٍ ذل، وغنيّ قوم افتقر.

هنا سكن غضب عمر وأكمل الإمام علي قائلاً: ان بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن من بنات السوقة، فقال عمر: كيف الطريق الى العمل معهن؟ قال عليّ: يُقوّمن (أي يقدر ثمنهن) ومهما بلغ الثمن يَقُوم به من يختارهن. وهن قُوِّمن وأخذهن عليّ (بسعر حصته من البساط)، ودفع واحدة الى عبدالله بن عمر (!)، فجاءت منه بولده سالم، ودفع الثانية لمحمد بن أبي بكر (!)، فجاءت منه بولده القاسم، ودفع الثالثة لولده الحسين، فجاءت منه بولده علي زين العابدين (الذي اصبحت الائمة الاثني عشر من نسله).

قتل ابنه عبد الرحمن وهو يجلده، بسبب شربه للخمر، رغم أن عمرو بن العاص قد جلده على نفس الحد فى مصر ولا يصح أن يعاقب المسلم على جرم واحد مرتين ورغم أن ابنه عبد الرحمن قال له متوسلاً قبل أن يجلد " إننى دنف ( مريض ) وإنك لقاتلى " فإنه لم يأبه لتوسلاته وظل يضربه حتى مات ولم يكتف بذلك بل ظل الجلد مستمرًا وهو جثة هامدة حتى تم العدد الصحيح ثم قال قولته المشهورة: " لأن يلقى الله تحت السياط أحب إلى من أن ألقاه وهو فى عنقى "

 

ونقتبس من مقال آخر:

 

....فور مقتل ( الخليفة عمر بن الخطاب) علي يد أبي لؤلؤة المجوسي اندفع عبيد الله بن عمر بن الخطاب بسيفة قاتلا الهرمزان (مسلم فارسي) وجفينة (عربي مسيحي) وابنة لؤلؤة المجوسي (ذمية(
وثارت قضية اقامة الحد علي عبيد الله وطالب الصحابة بالقصاص فيما خالفهم جميعا عمرو بن العاص قائلا :
(
لئلا يقول المسلمون قتل عمر بن الخطاب امس وقتل ابنة اليوم واقترح حلا يثبت صحة رأي من ضربوا به مثل الدهاء في العرب قائلا (يا امير المؤمنين لقد فعل عبيد الله ما فعل فور مقتل ابيه وقبل ان نبايعك فأنت لم تكن قد توليت بعد )
ولكن عثمان عالج الموقف باسلوبه الخاص ,,فقد دفع دية القتلي من مالة الخاص واطلق سراح القاتل
ودارت الايام واستشهد عثمان في الفتنة الشهيرة فدخل طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ولفيف من الصحابة ديوان علي بن ابي طالب قائلين (يا أمير المؤمنين انا قد اشترطنا عليك اقامه الحدود وهؤلاء الناس اشتركو في قتل الرجل)
فرد علي (يا اخوتاه اني لست اجهل ماتعلمون ,ولكن كيف اصنع في قوم يملكوننا ولانملكهم وقد ثارت معهم عبدانكم وثابت اليهم عربانكم وهم يسومونكم ماشاءوا فهل ترون موقعي بقدرة على شيء مما تريدون؟)
اي ان الثوار الذين قتلو عثمانا يسيطرون علي المدينة ويساندهم الناس ووجد ان اقامة الحد ستزيد ثورة الناس ولن تخمدها
نري مما سبق ان اعمال العقل ومصالح الناس المرسلة اوقفت في بعض الاحيان تنفيذ الحد حتي ولو كان في مقتل خليفة المسلمين
(
اثار معاوية بن ابي سفيان فتنة قميص عثمان مطالبا بالقصاص وعندما تولي امر المسلمين هو ايضا لم ينفذه لاحقا )

 

تعليق لؤي: هنا كانت بداية انحدار الأخلاقية الإسلامية التشريعية في التطبيق رغم مليون تحفظ لنا عليها، فالقاتل تُرِكَ بفعلته، وقصة رؤيته للهرمزان وآخرين معهم الخنجر تبدو طفولية مضحكة، ولو فرضنا صحة هذا فإن قتله للفتاة المسكينة ابنة الهرمزان بلا ذنب يثبت لك كذب القصة الأولى كذلك، فكيف سيبررون قتل فتاة بريئة وقتل ناس أبرياء؟!

 

القصة كما وردت في مصنف عبد الزراق:

 

9775 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال كان عمر بن الخطاب لايترك أحدا من العجم يدخل المدينة فكتب المغيرة بن شعبة إلى عمر أن عندي غلاما نجارا نقاشا حدادا فيه منافع لأهل المدينة فإن رأيت أن تأذن لي أن أرسل به فعلت فأذن له وكان قد جعل عليه كل يوم درهمين وكان يدعي أبا لؤلؤة وكان مجوسيا في أصله فلبث ما شاء الله ثم إنه أتى عمر يشكو إليه كثرة خراجه فقال له عمر ما تحسن من الأعمال قال نجار نقاش حداد فقال عمر ما خراجك بكبير في كنه ما تحسن من الأعمال قال فمضى وهو يتذمز ثم مر بعمر وهو قاعد فقال ألم أحدث أنك تقول لو شئت أن أصنع رحى تطحن بالريح فعلت فقال أبو لؤلؤة لأصنعن رحى يتحدث بها الناس قال ومضى أبو لؤلؤة فقال عمر أما العبد فقد أوعدني آنفا فلما أزمع بالذي أزمع به أخذ خنجرا فاشتمل عليه ثم قعد لعمر في زاوية من زوايا المسجد وكان عمر يخرج بالسحر فيوقظ الناس بالصلاة فمر به فثار إليه فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت سرته وهي التي قتلته وطعن اثنا عشر رجلا من أهل المسجد فمات منهم ستة وبقي منهم ستة ثم نحر نفسه بخنجره فمات قال معمر وسمعت غير الزهري يقول ألقي رجل من أهل العراق عليه برنسا فلما أن اغتم فيه نحر نفسه قال معمر قال الزهري فلما خشي عمر النزف قال ليصل بالناس عبد الرحمن بن عوف قال الزهري فأخبرني عبد الله بن عباس قال فاحتملنا عمر أنا ونفر من الأنصار حتى أدخلناه منزله فلم يزل في غشية واحدة حتى أسفر فقال رجل إنكم لن تفزعوه بشيء إلا بالصلاة قال فقلنا الصلاة يا أمير المؤمنين قال ففتح عينيه ثم قال أصلي الناس قلنا نعم قال أما أنه لا حظ في الاسلام لاحد ترك الصلاة - قال وربما قال معمر اضاع الصلاة - ثم صلى وجرحه يثعب دما قال بن عباس ثم قال لي عمر أخرج فاسأل الناس من طعنني فانطلقت فإذا الناس مجتمعون فقلت من طعن أمير المؤمنين فقالوا طعنه أبو لؤلؤة عدو الله غلام المغيرة بن شعبه فرجعت إلى عمر وهو يستأني أن آتيه بالخبر فقلت يا أمير المؤمنين طعنك عدو الله أبو لؤلؤة فقال عمر الله أكبر الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يخاصمني يوم القيامة في سجدة سجدها لله قد كنت أظن أن العرب لن يقتلني ثم أتاه طبيب فسقاه نبيذا فخرج منه فقال الناس هذه حمرة الدم ثم جاءه آخر فسقاه لبنا فخرج اللبن يصلد فقال له الذي سقاه اللبن اعهد عهدك يا أمير المؤمنين فقال عمر صدقني أخو بني معاوية قال الزهري عن سالم عن بن عمر ثم دعا النفر الستة عليا وعثمان وسعدا وعبد الرحمن والزبير - ولا أدري أذكر طلحة أم لا - فقال إني نظرت في الناس فلم أر فيهم شقاقا فإن يكن شقاق فهو فيكم قوموا فتشاوروا ثم أمروا أحدكم قال معمر قال الزهري فأخبرني حميد بن عبد الرحمن عن المسور بن مخرمة قال أتاني عبد الرحمن بن عوف ليلة الثالثة من أيام الشورى بعد ما ذهب من الليل ماشاء الله فوجدني نائما فقال أيقظوه فأيقظوني فقال ألا أراك نائما والله ما اكتحلت بكثير نوم منذ هذه الثلاث اذهب فادع لي فلانا وفلانا ناسا من أهل السابقة من الأنصار فدعوتهم فخلا بهم في المسجد طويلا ثم قاموا ثم قال اذهب فادع لي الزبير وطلحه وسعدا فدعوتهم فناجاهم طويلا ثم قاموا من عنده ثم قال ادع لي عليا فدعوته فناجاه طويلا ثم قام من عنده ثم قال ادع لي عثمان فدعوته فجعل يناجيه فما فرق بينهما إلا أذان الصبح ثم صلى صهيب بالناس فلما فرغ اجتمع الناس إلى عبد الرحمن فحمدالله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني نظرت في الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان فلا تجعل يا علي على نفسك سبيلا ثم قال عليك يا عثمان عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله صلى الله عليه و سلم أن تعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم وبما عمل به الخليفتان من بعده قال نعم فمسح على يده فبايعه ثم بايعه الناس ثم بايعه علي ثم خرج فلقيه بن عباس فقال خدعت فقال علي أو خديعة هي قال فعمل بعمل صاحبيه ستا لا يخرم شيئا إلى ست سنين ثم إن الشيخ رق وضعف فغلب على أمره قال الزهري فأخبرني سعيد بن المسيب أن عبد الرحمن بن أبي بكر - ولم نجرب عليه كذبة قط - قال حين قتل عمر انتهيت إلى الهرمزان وجفينة وأبي لؤلؤة وهم نجي فبغتهم فثاروا وسقط من بينهم خنجر له رأسان نصابه في وسطه فقال عبد الرحمن فانظروا بما قتل عمر فنظروا فوجدوه خنجرا على النعت الذي نعت عبد الرحمن قال فخرج عبيد الله بن عمر مشتملا على السيف حتى أتي الهرمزان فقال أصحبني حتى ننظر إلى فرس لي وكان الهرمزان بصيرا بالخيل فخرج يمشي بين يديه فعلاه عبيد الله بالسيف فلما وجد حر السيف قال لا إله إلا الله فقتله ثم أتى جفينة وكان نصرانيا فدعاه فلما أشرف له علاه بالسيف فصلب بين عينيه ثم أتي ابنه أبي لؤلؤة جارية صغيرة تدعي الإسلام فقتلها فأظلمت المدينة يومئذ على أهلها ثم أقبل بالسيف صلتا في يده وهو يقول والله لاأترك في المدينة سبيا إلا قتلته وغيرهم وكأنه يعرض بناس من المهاجرين فجعلوا يقولون له ألق السيف ويأبى ويهابونه أن يقربوا منه حتى أتاه عمرو بن العاص فقال أعطني السيف يا بن أخي فأعطاه اياه ثم ثار إليه عثمان فأخذ برأسه فتناصيا حتى حجز الناس بينهما فلما ولي عثمان قال اشيروا علي في هذا الرجل الذي فتق في الاسلام ما فتق يعني عبيد الله بن عمر فأشار عليه المهاجرون أن يقتله وقال جماعة من الناس اقتل عمر أمس وتريدون ان تتبعوه ابنه اليوم ابعد الله الهرمزان وجفينه قال فقام عمرو بن العاص فقال يا أمير المؤمنين إن الله قد أعفاك أن يكون هذا الأمر ولك على الناس من سلطان إنما كان هذا الأمر ولا سلطان لك فاصفح عنه يا أمير المؤمنين قال فتفرق الناس على خطبة عمرو وودى عثمان الرجلين والجارية قال الزهري وأخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر قال يرحم الله حفصة إن كانت لممن شجع عبيد الله على قتل الهرمزان وجفينة قال الزهري وأخبرني عبد الله بن ثعلبة أو قال بن خليفة الخزاعي قال رأيت الهرمزان رفع يده يصلي خلف عمر قال معمر وقال غير الزهري فقال عثمان أنا ولي الهرمزان وجفينة والجارية وإني قد جعلتهم دية

 

تلاعب المتشددين بالتفاسير ليعكسوا معناها

 

{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} البقرة

 

روى البخاري:

4516 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } قَالَ نَزَلَتْ فِي النَّفَقَةِ

 

وروى أحمد:

 

18477 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قُلْتُ لِلْبَرَاءِ: الرَّجُلُ يَحْمِلُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، أَهُوَ مِمَّنْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ؟ قَالَ: "لَا، لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} [النساء: 84] إِنَّمَا ذَاكَ فِي النَّفَقَةِ"

 

سبب نزول الآية صحيح من حديث حذيفة، وهذا إسناد اختلف في متنه على أبي إسحاق السبيعي، فرواه أبو بكر بن عياش عنه، بهذا اللفظ، وأبو بكر بن عياش ليس بذاك القوي في أبي إسحاق- كما قال أبو حاتم في "العلل" 1/35- وقد خالف الثقات عن أبي إسحاق في متنه، فقد أخرجه الطبري في "التفسير" (3167) و (3169) و (3171) من طريق أبي الأحوص وسفيان والحسين بن واقد، وأخرجه الطبري كذلك (3170) ، والحاكم في "المستدرك" 2/275-276 من طريق إسرائيل، وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4687) ، والبيهقي في "السنن" 9/45 من طريق شعبة، خمستهم، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: (ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [البقرة: 195] قال: هو الرجل يُصيب الذنوب فيلقي بيده إلى التهلكة، يقول: لا توبة لي. وذكر الحافظ في "الفتح" 8/185 أن طريق أبي بكر بن عياش إن كان محفوظاً، فلعل للبراء فيه جوابين، ثم رجح الحافظ رواية الثوري وإسرائيل وأبي الأحوص، قال: وكل منهم أتقن من أبي بكر، فكيف مع اجتماعهم وانفراده!// قلنا: قد رواه الجراح بن مليح عن أبي إسحاق السبيعي عند الطبري في "التفسير" (3172) بلفظ أبي بكر بن عياش، لكن دون قوله: إنما ذاك في النفقة، وما صح من حديث البراء في سبب نزول الآية هو غير ما قاله حذيفة في سبب نزولها فيما أخرجه البخاري برقم (4516) قال: نزلت في النفقة.// قال الحافظ في "الفتح" 8/185: وهذا الذي قاله حذيفة جاء مفسراً في حديث أبي أيوب الأنصاري الذي أخرجه مسلم (لم نجده فيه) ، وأبو داود (2512) ، والترمذي (2972) ، [والطبري (3180)] ، وابن حبان (4711) ، [والطبراني (4060)] ، والحاكم 2/275، [والبيهقي 9/99] من طريق أسلم ابن عمران قال- واللفظ لابن حبان -: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفًّا عظيماً من الروم، وخرج مثله أو أكثر، وعلى أهل مصر عُقبة بنُ عامر صاحبُ رسول الله صلي الله عليه وسلم فحمل رجلٌ من المسلمين على صفِّ الروم حتى دخل فيهم، فصاح به الناس، وقالوا: سبحان َ الله! تُلْقِي بيدك إلى التَّهلُكَة؟! فقام أبو أيوب الأنصاري، فقال: أيها الناس، إنكم تتأولون هذه الآية على هذا التأويل، إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، إنَّا لما أعزَ اللهُ الإسلام، وكثَّر ناصريه، قلنا بعضُنا لبعض سرًّا من رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام، وكثَّر ناصريه، فلو أقمنا في أموالنا، فأصْلَحْنا ما ضاع منا، فأنزل الله على نبيه صلي الله عليه وسلم يردُّ علينا ما قلنا: (وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التَّهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) فكانت التَّهلكةُ الإقامةَ في أموالنا وإصلاحَها، وتَرَكْنا الغَزْوَ. قال: وما زال أبو أيوب شاخصاً في سبيل الله حتى دُفن بأرض الروم. وإسناده صحيح. وفي الباب أيضاً عن ابن عباس عند الطبري (3147) في تفسير هذه الآية: قال: تنفق في سبيل الله، وإن لم يكن لك إلا مِشْقَصٌ، أو سهم. وعنه أيضاً- عند الطبري (3148) - قال: في النفقة.

قال السندي: قوله: يحمل على المشركين، أي: وحدهُ. ألقى بيده، أي: ألقى نفسه باختياره في الهلاك، وهو مما نُهي عنه.

 

وروى أبو داوود:

 

2512 - حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ثنا ابن وهب عن حيوة بن شريح وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة فحمل رجل على العدو فقال الناس مه مه لا إله إلا الله يلقي بيديه إلى النهلكة فقال أبو أيوب إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه صلى الله عليه و سلم وأظهر الإسلام قلنا هلم نقيم في أموالنا ونصلحها فأنزل الله تعالى { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد قال أبو عمران فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية .

 

قال الألباني: صحيح

قال الطبري:

 

3148- حدثني ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن أبي صالح، عن ابن عباس:"ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" قال: في النفقة.

 

3151- حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال، حدثنا ابن وهب، قال، أخبرني أبو صخر، عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية:"ولا تلقوا بأيديكم إلى التَّهلكة" قال: كان القوم في سبيل الله، فيتزوَّد الرجل، فكان أفضل زادًا من الآخر. أنفقَ البائس من زاده حتى لا يبقى من زاده شيء، أحبَّ أن يواسيَ صاحبه، فأنزل الله:"وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة".

 

وقال آخرون ممن وجَّهوا تأويل ذَلك إلى أنه معنيَّة به النفقة: معنى ذلك: وأنفقوا في سبيل الله، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، فتخرجوا في سبيل الله بغير نفقة ولا قوة.

* ذكر من قال ذلك:

3166- حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله:"وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة" قال: إذا لم يكن عندك ما تنفق، فلا تخرج بنفسك بغير نفقة ولا قوة: فتلقي بيدَيك إلى التهلكة.

 

هاهنا شرع محمد يطلب من أصحابه وأتباعه التبرع بالأموال لتمويل الجهاد، بالأحرى أحد أقدم التحريضات على تمويل العمليات الإرهابية والحروب العدوانية الشريرة. وفي حين قد نفهم من النص تحريم التهور في الجهاد والقتال بغير تفكر، فقد عكس مفسرون كأبي أيوب الصحابي المعنى تمامًا.

 

محمد نفسه لم يمنع الغناء ويحرمه بالكلية على عكس مشتددي عصر الظلام  والجهل اليوم

 

رغم أحاديث تحريم محمد وكرهه للأغاني والموسيقى، فتدل أحاديث كثيرة أنه لم يكن يمكنه منع الناس من الغناء ولا حتى عن بيته وزوجته، روى أحمد:

15720 - حَدَّثَنَا مَكِّيٌّ، حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ أَتَعْرِفِينَ هَذِهِ ؟ " قَالَتْ: لَا، يَا نَبِيَّ اللهِ، فَقَالَ: " هَذِهِ قَيْنَةُ بَنِي فُلَانٍ تُحِبِّينَ أَنْ تُغَنِّيَكِ ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَعْطَاهَا طَبَقًا فَغَنَّتْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ نَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي مَنْخِرَيْهَا "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. مكي: هو ابن إبراهيم، والجعيد: هو ابن عبد الرحمن بن أوس الكندي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8960) ، وفي "عشرة النساء" (74) من طريق هارون بن عبد الله، عن مكي، بهذا الإسناد. دون قوله: "فأعطاها طبقاً" وقوله: "قد نفخ الشيطان في منخريها". وأخرجه الطبراني في "الكبير" (6686) من طريق علي بن بحر، عن مكي، به، دون ذكر يزيد بن خصيفة في الإسناد. وذكرنا في الحديث المتقدم أن الجعيد قد سمع من السائب. ولم يرد في روايته قولُه: "فأعطاها طبقاً". وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/130 وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" ورجال أحمد رجال الصحيح.

قال السندي: قوله: "قينة بني فلان" أي: جاريتهم المغنية.

 

 

15451 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَلْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَصْلٌ بَيْنَ الْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ الدُّفُّ، وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ "

 

إسناده حسن، أبو بلْج: هو الفزاري، وقد اختلف في اسمه، يقال: يحيى بن سُلَيم بن بلج، ويقال: يحيى بن أبي سُلَيم، ويقال: يحيى بن أبي الأسود، وثقه ابن معين وابن سعد والنسائي والدارقطني، وقال أبو حاتم: صالح الحديث لا بأس به، وقال البخاري: فيه نظر، وقال الجوزجاني: غير ثقة، وقال ابن حجر في "التقريب": صدوق، ربما أخطأ. هشيم: هو ابن بشير. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (629) ، والترمذي (1088) ، والنسائي في "المجتبى" 6/127، وابن ماجه (1896) ، والبيهقي في "السنن" 7/289 و290، والبغوي في "شرح السنة" (2266) من طريق هشيم، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث محمد بن حاطب حديث حسن. وعند أحمد 4/259.

قال السندي: قوله: "فصل": بالتنوين، خبر لقوله: الدف، ويحتمل أن يترك بالتنوين بإضافته إلى بين، مثل: (هذا فراقُ بيني وبينك) [الكهف: 78] واللفط المشهور: فصل ما بين الحلال والحرام. قوله: "الدف"، بضم الدال وفتحها: معروف، والمراد إعلان النكاح بالدف، ذكره في "النهاية". وقوله: "والصوت". قال البيهقي في "سننه": ذهب بعض الناس إلى أن المراد السماع، وهو خطأ، وإنما معناه عندنا إعلان النكاح واضطراب الصوت به، والذكر في الناس. قلت (يعني السندي) : يمكن أن يكون مراده أن الاستدلال به على السماع خطأ، وهذا ظاهر، لأن الاحتمال يفسد الاستدلال، لكن قد يقال: ضم الصوت إلى الدف شاهد صدق على أن المراد هو السماع، إذ ليس المتبادر عند الضم غيره كتبادره، فصح الاستدلال، إذ ظهور الاحتمال يكفي في الاستدلال، واللّه تعالى أعلم بالصواب.

 

* 16130 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَعْلِنُوا النِّكَاحَ"

 

حسن لغيره وهذا إسناده فيه عبد الله بن الأسود القرشي، من رجال "التعجيل"، انفرد بالرواية عنه عبد الله بن وهب، قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن أحمد، فمن رجال النسائي، وهو ثقة.وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/328 من طريق هارون بن معروف، بهذا الإسناد.//وأخرجه البزار (2214) (البحر الزخار) ، وابن حبان (4066) ، والطبراني في "الكبير" (235) (قطعة من الجزء13) ، وفي "الأوسط" (5141) ، والحاكم 2/183- ومن طريقه البيهقي في "السنن" 7/288- وأبو نعيم في "الحلية" 8/328 من طرق عن عبد الله بن وهب، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!//وله شاهد من حديث محمد بن حاطب، سلف برقم (15451) بإسناد حسن، ولفظه: "فصلُ ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح" فالحديث حسن لغيره.//وانظر حديث الربيع بنت معوذ، سيرد 6/359، وحديث عائشة، سيرد 6/269. وحديث أحمد برقم (16626) .

 

وروى البخاري:

 

949 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَسَدِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ دَعْهُمَا فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا

3931 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاذَفَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا الْيَوْمُ

 

 

5162 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَفَّتْ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَائِشَةُ مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ فَإِنَّ الْأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمْ اللَّهْوُ

 

4001 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُولِي هَكَذَا وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ

 

وانظر مسلم 892  وأحمد 24049 و(24541) و(24682) و (29028)

 

وكما نلاحظ بعض الأحاديث نفسها تنقض كل ظلامية السلفيين وتحريمهم العفن للموسيقى والغناء، وانظر لتخبط السندي في الهامش مثلًا.

 

وروى أحمد:

 

16626 - حَدَّثَنَا الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَيْرٍ أَوْ عَمِيرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَوْجُ ابْنَةِ أَبِي لَهَبٍ قَالَ: "دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَزَوَّجْتُ ابْنَةَ أَبِي لَهَبٍ، فَقَالَ: "هَلْ مِنْ لَهْوٍ ؟"

 

مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة معبد بن قيس وشيخِه عبدِ الله بن عُمير أو عميرة، قال الحُسيني في "الإكمال": معبد بن قيس، عن عبد الله بن عميرة، مجهولٌ عن مثله. وشيخُه عبدُ الله بن عَميرة، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 5/159 ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره في "الضعفاء" العقيليُّ وابنُ عدي، وقال الذهبي في "الميزان": فيه جهالة، قلنا: قال مسلم في "الوحدان": تفرد سماكٌ بالرواية عنه. وقال إبراهيم الحربي: لا أعرفه ومع ذلك ذكره ابن حبان في "الثقات" على عادته في توثيق المجاهيل، وبقيةُ رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين سوى سماك بن حرب، فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري تعليقاً، وهو صدوق حسن الحديث، إلا في روايته عن عكرمة خاصة فمضطربة. الزبيري: هو أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.//وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3168) عن الفضل بن داود، والطبراني في "الكبير" 24/ (659) من طريق طاهر بن أبي أحمد الزبيري، كلاهما عن أبي أحمد الزبيري، بهذا الإسناد.//وأخرجه ابن أبي عاصم (868) عن الفضل بن داود كذلك، عن أبي أحمد الزبيري، عن شريك، عن سماك، عن عبد الله بن عميرة، به. لم يذكر معبد بن قيس في الإسناد. وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/289، ونسبه إلى احمد والطبراني، وقال: فيه معبد بن قيس، ولم أعرفه.

ويشهد له حديث عائشة عند البخاري (5162) ، وفيه أنها زفَت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا عائشة ما كان معكم لهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو". وسيرد 6/269.

وله شاهدٌ آخر من حديث قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري عند النسائي في "المجتبى" 6/135، قالا: قد رخص لنا في اللهو عند العرس. وفي إسناده شريك النَّخَعي، ضعيف.

وفي الباب أيضاً عن السائب بن يزيد، عند الطبراني في "الكبير" (6666) ، قال: لقي رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جواري يتغنين يقلن: تحيونا نُحييكم، فوقف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم دعاهنَّ فقال: "لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا: حيانا وإياكم" فقال رجل: يا رسول الله أترخص في هذا؟ قال: "نعم، إنه نكاح لا سفاح، أشيدوا بالنكاح" قال الهيثمي في "المجمع" 4/290: وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وهو ضعيف، ووثقه ابن معين في رواية.

وعن جابر عند البزار (1432) (زوائد) ، قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة: "أهديتم الجارية إلى بيتها؟ " قالت: نعم، قال: "فهلا بعثتم من يغنيهم يقول:

أتيناكم أتيناكم ... فحيُّونا نحييكم

فإن الأنصار قومٌ فيهم غزل". ورواه أحمد 3/391.

وعن عائشة عند الطبراني في "الأوسط" (3289) أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ما فعلت فلانة؟ ليتيمةٍ كانت عندها. فقلت: أهديناها إلى زوجها، قال: "هل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني"؟ قالت: نقول ماذا؟ قال: نقول:

أتيناكم أتيناكم... فحيونا نحييكم

أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/289، وقال: فيه رواد بن الجراح، وثقه أحمد وابن معين وابن حبان، وفيه ضعف.

وعن عبد الله بن الزبير، سلف برقم (16130) وفيه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أعلنوا النكاح" زاد الترمذي وابن ماجه من حديث عائشة: "واضربوا عليه بالدف" وذكرنا ما فيه في تخريج حديث ابن الزبير السالف. وعن محمد بن حاطب، سلف برقم (15451) بإسناد حسن، ولفظه: "فصلُ ما بين الحلال والحرام الدف والصوتُ في النكاح".

قال الحافظ في "الفتح" 9/226: استدل بقوله: "واضربوا" على أن ذلك لا يختص بالنساء، لكنه ضعيف، والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء، فلا يلتحق بهن الرجال، لعموم النهي عن التشبه بهن .

قال السندي: قوله: "هل من لهو": فبين إباحة ذلك في الزواج.

 

(15209) 15279- حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ أَجْلَحَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ : أَهَدَيْتُمُ الْجَارِيَةَ إِلَى بَيْتِهَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : فَهَلاَّ بَعَثْتُمْ مَعَهُمْ مَنْ يُغَنِّيهِمْ يَقُولُ :

أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ ... فَحَيُّونَا نُحَيَّاكُمْ.

فَإِنَّ الأَنْصَارَ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ.

 

حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف، أجلح- وهو ابن عبد الله بن حُجَية- ضعيف يعتبر به، وأبو الزبير لم يصرح بسماعه من جابر.//وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5566) من طريق يعلى بن عبيد، والبزار (1432- كشف الأستار) من طريق عمر بن علي، كلاهما عن الأجلح، عن أبي الزبير، به. وقال البزار: لا نعلم رواه عن أبي الزبير إلا الأجلح.//وأخرجه ابن ماجه (1900) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (3321) من طريق جعفر بن عون، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن ابن عباس.//وأخرجه البيهقي 7/289 من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عائشة.//وفي الباب عن عائشة عند الطبراني في "الأوسط" (3289) . وفي سنده رواد بن الجراح، وشريك النخعي، وهما ممن يكتب حديثه للاعتبار.// وأصل الحديث ثابت في الصحيح، فقد أخرجه البخاري (5162) من طريق عروة، عن عائشة: أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا عائشة، ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو". قلنا: وهو عند أحمد نحوه في "المسند" 6/269.//وانظر حديث الربيَّع بنت معوذ 6/359.

قال السندي: قوله: "أهديتم الجارية" أي: أرسلتموها إلى بيت بعلها. وقيل: يجيء الفعل هدى وأهدى مجرداَ ومزيدا فيه، من باب الإفعال، فالهمزة تحتمل أن تكون للاستفهام، وتحتمل أن تكون من بناء الفعل، والهاء على الثاني ساكنة، ويحتاج الكلام إلى تقدير الهمزة للاستفهام. "فيهم غزل" بفتحتين، اسم من المغازلة بمعنى: محادثة النساء، ومثلهم لا يخلو عن حب التغني.

 

 

وكما أقول دومًا الإسلام سيء، والممارسة الإسلامية للعوام أسوأ منه وأكثر إظلامًا.

 

تشريع تحليل مال من يجده أحدهم يكسر فروع شجر في المدينة أو يصطاد فيها، لمن وجده

 

روى مسلم:

 

 [ 1364 ] وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد جميعا عن العقدي قال عبد أخبرنا عبد الملك بن عمرو حدثنا عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم فقال معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يرد عليهم

 

ورواه أحمد (1443) و(1460)وأخرجه الدورقي (32) ، ومسلم (1364) ، والبزار (1102) ، والطحاوي 4/191، والبيهقي 5/199. وأخرجه الحاكم 1/487، وعنه البيهقي في "السنن" 5/199 من طريق خالد بن مخلد القطواني، عن عبد الله بن جعفر، به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي! وأخرجه بنحوه البزار (1126) ، والحاكم 1/486-487، والبيهقي 5/199 من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبيه إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة القرشي، عن عامر بن سعد، به. ووقع عند البزار: إسحاق بن سالم، ويغلب على ظننا أنه خطأ في روايته، فإن صاحبَ هذا الحديث هو إسحاق بن عبد الله والد عبد الرحمن. وأخرجه بنحوه الطيالسي (218) ، وأبو داود (2038) ، والشاشي (139) ، والبيهقي 5/199 من طريق ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن بعض ولد سعد أن سعداً... فذكره. وفي رواية أبي داود: صالح مولى التوأمة عن مولى لسعد.

يَخْبِط: كيضرِب، ينفض ورقَها. والسَّلَب: ما يكون على المرء ومعه من سلاح وثياب ودابة وغير ذلك. والتنفيل: الزيادة في العطاء، وأن يعطيه خاصة دونَ غيره.

 

وروى أحمد:

 

1460 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَخَذَ رَجُلًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ، الَّذِي حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ، فَجَاءَ مَوَالِيهِ ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ، وَقَالَ: " مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَصِيدُ فِيهِ شَيْئًا فَلَهُ سَلَبُهُ " فَلا أَرُدُّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ إنْ شِئْتُمْ أعْطَيْتُكُمْ ثَمَنَهُ وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: " إِنْ شِئْتُمْ أنْ أعْطِيَكُمْ ثَمَنَهُ أَعْطَيْتُكُمْ "

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن أبي عبد الله، فقد أخرج له أبو داود، ولم يرو عنه غير يعلى بن حكيم، وهو تابعي كبير أدرك المهاجرين والأنصار، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: ليس بالمشهور فيعتبر بحديثه. وأخرجه أبو داود (2037) ، ومن طريقه البيهقي 5/199-200 عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل، والدورقي (122) ، وأبو يعلى (806) ، والطحاوي 4/191 من طريق وهب بن جرير، كلاهما عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد.

 

تشريع شاذ لا أحسب أحدًا يعمل به الآن، لا يوجد قانون عادل يبيح لأحد سرقة و"تقليب" مواطن تحت أي تبرير قصة تعطينا فكرة عن عقليات أصحاب محمد وأخلاقهم. ولم يعد المسلمون يعملون بذلك التشريع الشاذ الباطل الهمجيّ:

 

قال النووي في "شرح مسلم" 9/139: وفي هذا الحديث دلالة لقول الشافعي القديم: إن مَن صاد في حَرَم المدينة، أو قطع من شجرها، أخِذ سَلَبُه، وبهذا قال سعد بن أبي وقاص وجماعة من الصحابة، قال القاضي عياض: ولم يقل به أحد بعد الصحابة إلا الشافعي في قوله القديم، وخالفه أئمة الأمصار. قلت: ولا تضر مخالفتهم إذا كانت السنة معه، وهذا القول القديم هو المختار لثبوت الحديث فيه، وعمل الصحابة على وَفْقه، ولم يثبت له دافع.

 

وانظر "شرح معاني الآثار" 4/191-196، و"التمهيد" لابن عبد البر 6/310-311، وفي "فتح الباري" 4/83-84:

 

وَقَدْ ثَبَتَ عَلَى الْفَتْوَى بِتَحْرِيمِهَا سَعْدٌ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَغَيرهم كَمَا أخرجه مُسلم وَقَالَ بن قُدَامَةَ يَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَقَطْعُ شَجَرِهَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَحْرُمُ ثُمَّ مَنْ فَعَلَ مِمَّا حَرُمَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئًا أَثِمَ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم وبن أبي ذِئْب وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذر وبن نَافِعٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ إِنَّهُ الْأَقْيَسُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ بَعْدَهُمْ فِيهِ الْجَزَاءُ وَهُوَ كَمَا فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَقِيلَ الْجَزَاءُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ أَخْذُ السَّلَبِ لِحَدِيثٍ صَحَّحَهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَفِي رِوَايَةِ لِأَبِي دَاوُدَ مَنْ وَجَدَ أَحَدًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَلْيَسْلُبْهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَمْ يَقُلْ بِهَذَا بَعْدَ الصَّحَابَةِ إِلَّا الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ قُلْتُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مَعَهُ وَبَعْدَهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهِ وَلِمَنْ قَالَ بِهِ اخْتِلَافٌ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَمَصْرِفِهِ وَالَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ صَنِيعُ سَعْدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَسَلَبِ الْقَتِيلِ وَأَنَّهُ لِلسَّالِبِ لَكِنَّهُ لَا يُخَمَّسُ وَأَغْرَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ بِحَدِيثِ السَّلْبِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى نَسْخِ أَحَادِيثِ تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ وَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَرْدُودَةٌ فَبَطَلَ مَا ترَتّب عَلَيْهَا قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَوْ صَحَّ حَدِيثُ سَعْدٍ لَمْ يَكُنْ فِي نَسْخِ أَخْذِ السَّلَبِ مَا يُسْقِطُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ 

 

ترك نفي القائم بعلاقة جنسية بدون زواج

 

روى البخاري:

 

6833 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ بِنَفْيِ عَامٍ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ

 

6835 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صَدَقَ اقْضِ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِكِتَابِ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ بِمِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَزَعَمُوا أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَمَّا الْغَنَمُ وَالْوَلِيدَةُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا فَغَدَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا

 

وروى مسلم:

 

[ 1690 ] وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا هشيم عن منصور عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم

 

 

 [ 1690 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار جميعا عن عبد الأعلى قال بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه كرب لذلك وتربد له وجهه قال فأنزل عليه ذات يوم فلقي كذلك فلما سرى عنه قال خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب والبكر بالبكر الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي سنة

 

 [ 1690 ] وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وحدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي كلاهما عن قتادة بهذا الإسناد غير أن في حديثهما البكر يجلد وينفى والثيب يجلد ويرجم لا يذكران سنة ولا مائة

 

شرائع وحشية جنونية تثير الغثيان والاشمئزاز...إععع، المهم أن تاريخ الفقه الإسلامي كله في عمومه منذ زمن قديم جدًّا متطاول لم يعد يعمل بمبدإ النفي هذا لأنه لا يصلح للنساء لأنهن وفقًا للعقلية الذكورية الدينية سيأخذن حرية أكثر في بلد لا قريب لهن فيها، وكذلك لم ينفوا الرجال منذ زمن طويل رغم أن بعض أوائلهم قام بنفيهم لأن وجودهم في بلد لا يعرفهم فيها أحد أدعى للحرية الجنسية وإغراء النساء دون أن يفطن للرجل أحد.

 

وروى عبد الرزاق:

 

13320 - عبد الرزاق عن بن جريج عن عبد الله بن عمر أن أبا بكر بن أمية بن خلف غرب في الخمر إلى خيبر فلحق بهرقل قال فتنصر فقال عمر لا أغرب مسلما بعده أبدا وعن إبراهيم أن عليا قال حسبهم من الفتنة أن ينفوا

 

13327 - عبد الرزاق عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال قال عبد الله في البكر تزني بالبكر يجلدان مئة وينفيان قال وقال علي حسبهما من الفتنة أن ينفيا

 

13319 - عبد الرزاق عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال إذا نفي الزانيان نفي كل واحد منهما إلى قرية

 

13321 - عبد الرزاق عن معمر قال سمعت الزهري وسئل إلى كم ينفى الزاني قال نفى عمر من المدينة إلى البصرة ومن المدينة إلى خيبر

 

13328 - عبد الرزاق عن بن جريج عن عبد الله بن عمر أن ابا بكر نفى إلى فدك وعمر

 

13323 - عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق أن عليا نفى من الكوفة إلى البصرة

 

13325 - عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق قلت لعطاء نفى من مكة إلى الطائف قال حسبه ذلك

 

13326 - عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع أن بن عمر نَفَى إلى فدك

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

29393- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عْن أَبِيهِ ؛ أَنَّ عُمَرَ نَفَى إِلَى فَدَكَ.

 

إسناد صحيح

29394- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنِ ابْنِ يَسَارٍ مَوْلًى لِعُثْمَانَ ، قَالَ : جَلَدَ عُثْمَانُ امْرَأَةً فِي زِنًا ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا مَوْلًى لَهُ ، يُقَالُ لَهُ : الْمُهْرِيُّ ، إِلَى خَيْبَرَ ، فَنَفَاهَا إِلَيْهَا.

 

29395- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ الْحَيِّ ؛ أَنَّ عَلِيًّا نَفَى إِلَى الْبَصْرَةِ.

 

لعله يقصد عن نفر من حي من الأحياء وفيه إبهام، لكن البعض يصححون إسنادًا هذا بدعوى عدم اجتماع العديدين على الكذب.

 

29396- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنِ الأَجْلَحِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : أُتِيَ عَلِيٌّ بِجَارِيَةٍ مِنْ هَمْدَانَ ، فَضَرَبَهَا وَسَيَّرَهَا إِلَى الْبَصْرَةِ سَنَةً.

 

الأجلح بن عبد الله ضعيف

 

29397- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ فِي زَمَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ : مِنْ أَيْنَ يُنْفَى فِي الزِّنَى ؟ قَالَ : مِنْ عَمَلِهِ إِلَى عَمِلِ غَيْرِهِ.

 

الأعمال يعني القرى والمدن.

 

29399- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَن نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَفَى رَجُلاً وَامْرَأَةً حَوْلاً.

 

فيه عنعنة ابن إسحاق (ورغم تكلمهم فيه فعندي كلؤي أنه ثقة عمومًا وهو رأي بعضهم)

 

29400- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ؛ أَنَّ عُمَرَ نَفَى إِلَى الْبَصْرَةِ.

 

مرسل، الزهري لم يشهد عمر

 

وروى مالك في الموطإ برواية الزهري:

 

1770 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ أَخْبَرَتْهُ , أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ بِكْرٍ , فَأَحْبَلَهَا، ثُمَّ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ أنه زِّنَى، وَلَمْ يَكُنْ أَحْصَنَ، فَأَمَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ , فَجُلِدَ الْحَدَّ، ثُمَّ نُفِيَ إِلَى فَدَكَ.

 

1773 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدًا كَانَ يَقُومُ عَلَى رَقِيقِ الْخُمُسِ , وَأَنَّهُ اسْتَكْرَهَ جَارِيَةً مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ , فَوَقَعَ عليهَا، فَجَلَدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَنَفَاهُ , وَلَمْ يَجْلِدِ الْوَلِيدَةَ , لأَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا.

 

1776 - قَالَ مَالِكٌ: الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا: أَنَّهُ لاَ نَفْيَ عَلَى الْعَبِيدِ إِذَا زَنَوْا وذلك أحسن ما سمعت.

 

وروى البخاري:

 

بَاب إِذَا اسْتُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ } وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْإِمَارَةِ وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ مِنْ الْخُمُسِ فَاسْتَكْرَهَهَا حَتَّى افْتَضَّهَا فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ وَنَفَاهُ وَلَمْ يَجْلِدْ الْوَلِيدَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الْأَمَةِ الْبِكْرِ يَفْتَرِعُهَا الْحُرُّ يُقِيمُ ذَلِكَ الْحَكَمُ مِنْ الْأَمَةِ الْعَذْرَاءِ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا وَيُجْلَدُ وَلَيْسَ فِي الْأَمَةِ الثَّيِّبِ فِي قَضَاءِ الْأَئِمَّةِ غُرْمٌ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

وَجَاءَتْ الْأَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُوَافِقَةً لِمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ. وَيَجِبُ مَعَ الْجَلْدِ تَغْرِيبُهُ عَامًا، فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. وَبِهِ قَالَ أُبَيٍّ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: يُغَرَّبُ الرَّجُلُ دُونَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَحْتَاجُ إلَى حِفْظٍ وَصِيَانَةٍ، وَلِأَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ التَّغْرِيبِ بِمَحْرَمٍ أَوْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، لَا يَجُوزُ التَّغْرِيبُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» . وَلِأَنَّ تَغْرِيبَهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ إغْرَاءٌ لَهَا بِالْفُجُورِ، وَتَضْيِيعٌ لَهَا، وَإِنْ غُرِّبَتْ بِمَحْرَمٍ، أَفْضَى إلَى تَغْرِيبِ مَنْ لَيْسَ بِزَانٍ، وَنَفْيِ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، وَإِنْ كُلِّفَتْ أُجْرَتَهُ، فَفِي ذَلِكَ زِيَادَةٌ عَلَى عُقُوبَتِهَا بِمَا لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِهِ، كَمَا لَوْ زَادَ ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ، وَالْخَبَرُ الْخَاصُّ فِي التَّغْرِيبِ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَالْعَامُّ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْعَمَلِ بِعُمُومِهِ مُخَالَفَةُ مَفْهُومِهِ، فَإِنَّهُ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الزَّانِي أَكْثَرُ مِنْ الْعُقُوبَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَإِيجَابُ التَّغْرِيبِ عَلَى الْمَرْأَةِ يَلْزَمُ مِنْهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَفَوَاتُ حِكْمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ وَجَبَ زَجْرًا عَنْ الزِّنَا، وَفِي تَغْرِيبِهَا إغْرَاءٌ بِهِ، وَتَمْكِينٌ مِنْهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُخَصَّصُ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ بِإِسْقَاطِ الْجَلْدِ، فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ، فَتَخْصِيصُهُ هَاهُنَا أَوْلَى.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَا يَجِبُ التَّغْرِيبُ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: حَسْبُهُمَا مِنْ الْفِتْنَةِ أَنْ يُنْفَيَا. وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ غَرَّبَ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ فِي الْخَمْرِ إلَى خَيْبَرَ، فَلَحِقَ بِهِرَقْلَ فَتَنَصَّرَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا أُغَرِّبُ مُسْلِمًا بَعْدَ هَذَا أَبَدًا. وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْجَلْدِ دُونَ التَّغْرِيبِ، فَإِيجَابُ التَّغْرِيبِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «: الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ، جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» . وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وَإِنَّنِي افْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْت رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَقَالُوا: إنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالرَّجْمُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً، وَغَرَّبَهُ عَامًا وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ، أَنَّهُ قَالَ: فَسَأَلْت رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَقَالُوا: إنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ مَشْهُورًا عِنْدَهُمْ، مِنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَضَاءِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الَّذِي قَالَ لَهُ هَذَا هُوَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَلِأَنَّ التَّغْرِيبَ فَعَلَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَلَا نَعْرِفُ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى عُقُوبَتَيْنِ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ، وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْبِكْرِ، وَمَا رَوَوْهُ عَنْ عَلِيٍّ لَا يَثْبُتُ؛ لِضَعْفِ رُوَاتِهِ وَإِرْسَالِهِ. وَقَوْلُ عُمَرَ: لَا أُغَرِّبُ بَعْدَهُ مُسْلِمًا. فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ تَغْرِيبَهُ فِي الْخَمْرِ الَّذِي أَصَابَتْ الْفِتْنَةُ رَبِيعَةَ فِيهِ. وَقَوْلُ مَالِكٍ يُخَالِفُ عُمُومَ الْخَبَرِ وَالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ حَدًّا فِي الرَّجُلِ، يَكُونُ حَدًّا فِي الْمَرْأَةِ كَسَائِرِ الْحُدُودِ.

وَقَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا يَقَعُ لِي، أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَأَعْدَلُهَا، وَعُمُومُ الْخَبَرِ مَخْصُوصٌ بِخَبَرِ النَّهْيِ عَنْ سَفَرِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَالْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْحُدُودِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوِي الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِهَا، بِخِلَافِ هَذَا الْحَدِّ، وَيُمْكِنُ قَلْبُ هَذَا الْقِيَاسِ، بِأَنَّهُ حَدٌّ، فَلَا تُزَادُ فِيهِ الْمَرْأَةُ عَلَى مَا عَلَى الرَّجُلِ، كَسَائِرِ الْحُدُودِ

 

[فَصْلٌ تَغْرِيب الْبِكْر الزَّانِي]

(7144) فَصْلٌ: وَيُغَرَّبُ الْبِكْرُ الزَّانِي حَوْلًا كَامِلًا، فَإِنْ عَادَ قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلِ، أُعِيدَ تَغْرِيبُهُ، حَتَّى يُكْمِلَ الْحَوْلَ مُسَافِرًا، وَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى. وَيُغَرَّبُ الرَّجُلُ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْحَضَرِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ أَحْكَامُ الْمُسَافِرِينَ، وَلَا يَسْتَبِيحُ شَيْئًا مِنْ رُخَصِهِمْ. فَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَإِنْ خَرَجَ مَعَهَا مَحْرَمُهَا نُفِيَتْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهَا مَحْرَمُهَا، فَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهَا تُغَرَّبُ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، كَالرَّجُلِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تُغَرَّبُ إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِتَقْرُبَ مِنْ أَهْلِهَا، فَيَحْفَظُوهَا. وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ أَحْمَدَ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي التَّغْرِيبِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، فَإِنَّهُ قَالَ، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: يُنْفَى مِنْ عَمَلِهِ إلَى عَمَلٍ غَيْرِهِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: لَوْ نُفِيَ إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى، بَيْنَهُمَا مِيلٌ أَوْ أَقَلُّ، جَازَ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ: يَجُوزُ أَنْ يُنْفَى مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ. وَنَحْوُهُ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى؛ لِأَنَّ النَّفْيَ وَرَدَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ، فَيَتَنَاوَلُ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَالْقَصْرُ يُسَمَّى سَفَرًا، وَيَجُوزُ فِيهِ التَّيَمُّمُ، وَالنَّافِلَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ. وَلَا يُحْبَسُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي نُفِيَ إلَيْهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ يُحْبَسُ. وَلَنَا، أَنَّهُ زِيَادَةٌ لَمْ يَرِدْ بِهَا الشَّرْعُ، فَلَا تُشْرَعُ، كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْعَامِّ.

 

[فَصْل زَنَى الْغَرِيب]

(7145) فَصْلٌ: وَإِذَا زَنَى الْغَرِيبُ غُرِّبَ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ وَطَنِهِ. وَإِنْ زَنَى فِي الْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ، غُرِّبَ مِنْهُ إلَى غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّغْرِيبِ يَتَنَاوَلُهُ حَيْثُ كَانَ، وَلِأَنَّهُ قَدْ أَنِسَ بِالْبَلَدِ الَّذِي سَكَنَهُ، فَيُبْعَدُ عَنْهُ.

 

المشكلة التي لا يفهمونها أنه لا يمكنك التحكم بفرد أو شعب آمن بدرجة أو أخرى بحريته وحقوقه الشخصية وحرياته الشخصية مهما فعلت كسلطة حاكمة سياسية أو اجتماعية شمولية.

وفي رواية محمد بن الحسن للموطإ هكذا مع هامش المحققين له:

 

698 - أخبرنا مالك أخبرنا نافع أن صفية (1) بنت أبي عبيد حدثته عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه : أن رجلا وقع على جارية بكر فأحبلها (2) ثم اعترف على نفسه أنه زنى ولم يكن أحصن فأمر به أبو بكر الصديق فجلد الحد ثم نفي إلى فدك (3)

 

( 1 ) هي زوجة ابن عمر

( 2 ) أي جعلها حاملًا

( 3 ) قوله : فدك بفتح الفاء المهملة وكاف بلدة بينها وبين المدينة يومان وبينها وبين خيبر دون مرحلة قاله الزرقاني . وبهذا وبما مر في حديث العسيف : أن النبي صلى الله عليه و سلم غربه عاما وبما سيأتي عن عمر : أنه جلد الزاني وغرب : استند جمع من العلماء فقالوا بالجمع بين الجلد والنفي في غير المحصن : وأن النفي جزء من حده وحده مجموعهما ( انظر الأوجز 13 / 222 ) وبه قال الشافعي وأحمد والثوري والأوزعي والحسن بن صالح وابن المبارك وإسحاق وهذا في الحر وفي العبد ثلاثة أقوال للشافعي : في قول يغرب ستة أشهر وفي قول سنة وفي قول لا يغرب أصلا بل يجلد خمسين وقال مالك : يجمع بينهما في الرجل دون المرأة والعبد كذا ذكر العيني . ويوافقهم ما أخرجه مسلم من حديث عبادة مرفوعا : البكر بالبكر مائة جلدة وتغريب عام . وللبخاري من حديث زيد بن خالد : أن الني عليه السلام أمر فيمن زنى ولم يحصن بجلد مائة وتغريب عام . وأخرج الترمذي وغيره عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه و سلم ضرب وغرب وأن عمر ضرب وغرب وأن أبا بكر ضرب وغرب . وعند ابن أبي شيبة عن مولى عثمان أن عثمان ( قال في التلخيص الحبير 4 / 61 : رواه ابن أبي شيبة بإسناد فيه مجهول ) جلد امرأة في زناء ثم أرسل بها إلى مولى يقال له المهدي إلى خيبر نفاها إليه . وفي الباب أخبار أخر أيضا مبسوطة في " تخريج أحاديث الهداية " و " التلخيص الحبير " وغيرهما . ومذهب الحنفية في ذلك أن النفي أمرا ليس بداخل في الحد بل هو سياسة مفوضة إلى رأي الإمام إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ولهم في الجواب عن هذه الأخبار مسالك : الأول : القول بالنسخ ذكره صاحب " الهداية " وغيره وهو أمر لا سبيل إلى إثباته بعد ثبوت عمل الخلفاء به مع أن النسخ لا يثبت بالاحتمال . والثاني : أنها محمولة على التعزير بدليل ما روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب : أن عمر غرب ربيعة بن أمية بن خلف في الشراب إلى خيبر فلحق بهرقل فتنصر فقال عمر : لا أغرب بعده مسلما . وأخرج محمد في كتاب " الآثار " وعبد الرزاق عن ابراهيم قال : قال ابن مسعود في البكر يزني بالبكر : يجلدان وينفيان سنة قال : وقال علي : حسبهما من الفتنة أن ينفيا . فإنه لو كان النفي حدا مشروعا لما صدر عن عمر وعن علي مثله فعلم أنه أمر سياسة منوط بمصلحة . والثالث : أنها أخبار آحاد لا تجوز بها الزيادة على الكتاب وهو موافق لأصولهم لا يسكت خصمهم وبسطه في " فتح القدير " وغيره

 

ولم يعودوا يطبقون شريعة الإسلام الهمجية في معظم دول الإسلام، وإن ظل العنف الاجتماعي والشمولية قائمين.

 

رفع اليدين على المنبر في الخطبة للدعاء بدعة طقسية لم يقم بها محمد

 

كان محمد يرفع يديه في الدعاء للصلاة وهي عادة وطقس ديني قديم جدًّا منذ البابليين والعرب قبل الإسلام، لكنه لم يكن يرفعها على المنبر في الخطبة، وهي بدعة طقسية قام بها الأمويون وصارت شعيرة وطقسًا راسخًا عند كل المسلمين! وقد عارضها آنذاك متشددو الصحابة والتابعين لالتزامهم بالتزمت والتقليد والحرفية.

 

روى أحمد:

 

17224 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ عِمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ وَبِشْرٌ يَخْطُبُنَا، فَلَمَّا دَعَا، رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ عِمَارَةُ - يَعْنِي -: قَبَّحَ اللهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ أَوْ هَاتَيْنِ الْيُدِيَّتَيْنِ " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، إِذَا دَعَا يَقُولُ هَكَذَا، وَرَفَعَ السَّبَّابَةَ وَحْدَهَا "

 

صحيح على شرط الشيخين. موسى بن داود: هو الضبي، وزهير: هو ابن معاوية. وهو مكرر الحديثين (17219) و (17221) ، وسيرد 4/261.

 

18299 - حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ، أَنَّهُ رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ يُشِيرُ بِإِصْبَعَيْهِ يَدْعُو، فَقَالَ: " لَعَنَ اللهُ هَاتَيْنِ الْيُدَيَّتَيْنِ، رَأَيْتُ (1) رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَدْعُو وَهُوَ يُشِيرُ بِإِصْبَعٍ " (2)

__________

(1) في (ظ 13) و (ق) : لقد رأيت، وضُرب على لفظ "لقد" في س.

(2) إسناده صحيح على شرط مسلم. صحابيه من رجاله وباقي رجال الإسناد من رجال الشيخين. ابن فضيل: هو محمد، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/147 مختصراً من طريق ابن فضيل، بهذا الإسناد. وقد سلف بالأرقام (17219) (17221) (17224) .

واليُدية: تصغير اليد، لعله قالها للتصغير والتحقير.

 

17219 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ رَافِعًا يَدَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَا يَقُولُ إِلَّا هَكَذَا " وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين، غير أن صحابيه لم يخرج له البخاري. سفيان: هو الثوري. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (5279) .

وأخرجه الدارمي 1/366 عن محمد بن يوسف، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/116 و147-148- ومن طريقه مسلم (874) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1581) ، وابن حبان (882) ، والبيهقي في "السنن" 3/210- والدارمي 1/366، وأبو داود (1104) ، والترمذي (515) ، والنسائي في "الكبرى" (1714) ، وابن خزيمة (1793) و (1794) ، والبيهقي في "السنن" أيضاً 3/210، والبغوي في "شرح السنة " (1079) من طرق، عن حصين بن عبد الرحمن، به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وسيرد بالأرقام (17221) و (17224) و4/261.

قال السندي: قوله: وما يقول إلا هكذا، أي: وما يفعل إلا هكذا، أي: كان يشير عند التوحيد مثلاً بالسبابة، لا باليدين، كما فعله بِشر.

قلنا: وقد صحَّ رفع اليدين في الدعاء في غير خطبة الجمعة، انظر "فتح الباري" 11/142- 143.

 

17221 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ، أَنَّ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ رَفَعَ يَدَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ . فَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ رُوَيْبَةَ: " مَا زَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا " وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير صحابيه فمن رجال مسلم. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وسفيان: هو الثوري، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 3/108، وفي "الكبرى" (1715) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1582) ، وابن خزيمة (1794) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وقد سلف برقم (17219) ، وسيرد برقم (17224) و4/261.

 

16970 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ الرَّحَبِيِّ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، فَقَالَ: يَا أَبَا أَسْمَاءَ، إِنَّا قَدْ جَمَعْنَا النَّاسَ عَلَى أَمْرَيْنِ، قَالَ: وَمَا هُمَا ؟ قَالَ: رَفْعُ الْأَيْدِي عَلَى الْمَنَابِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْقَصَصُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُمَا أَمْثَلُ بِدْعَتِكُمْ عِنْدِي، وَلَسْتُ مُجِيبَكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا قَالَ: لِمَ ؟ قَالَ: لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنَ السُّنَّةِ " فَتَمَسُّكٌ بِسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ.

 

إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن عبد الله، وهو ابن أبي مريم الغساني الشامي، بقية بن الوليد- وإن كان مدلساً، وقد عنعن- توبع، كما سيرد، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير غضيف بن الحارث، فروايته عند أصحاب السنن ما عدا الترمذي وقول الحافظ في "الفتح" 13/253 عن سند أحمد هذا: جيد، ليس بجيد.

وأخرجه مختصراً ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/316 من طريق بقية، بهذا الإسناد.

وأخرجه المروزي في "السنة" ص27 من طريق عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم، به.

وأخرجه البزار (131) "زوائد"- ومن طريقه الطبراني في "الكبير" 18/ (178) - عن محمد بن عبد الرحيم، عن سُريج بن النعمان، عن المعافى ابن عمران، عن أبي بكر ابن أبي مريم الغساني. وقد وقع عند الطبراني في إسناده عدة أوهام نبَّه عليها الحافظ في "الإصابة" في ترجمة غضيف بن الحارث اليماني.

وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" 1/603-604 عن الوليد بن عتبة، عن الوليد بن مسلم قال: أخبرني حريز بن عثمان، عن حبيب بن عُبيد، أن عبد الملك سأل غضيف بن الحارث الثمالي أن يرفع يديه على المنبر، فقال: أما أنا فلا أُجيبك إليها. وإسناده ضعيف. الوليد بن مسلم يدلس ويسوي، وقد عنعن. ولم يذكر المرفوع منه.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/188، وقال: رواه أحمد والبزار، وفيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، وهو منكر الحديث.

قال السندي: قوله: أمثل بدعتكم، أي: أحسنها بدعة، أي: ولو حسنة، كما يدل عليه الإطلاق، وبه وافق المقام.

 

وروى الطبراني في المعجم الكبير ج14:

 

14907- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى ، قَالَ : رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَرَأَى رَجُلاً رَافِعًا يَدَيْهِ يدَعَو قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاَتِهِ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلاَتِهِ.

 

قال الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 169: ورجاله ثقات. ونقله ابن كثير في جامع المسانيد (5496/ قلعجي) و(4/ 45م ابن دهيش)، ورواه الضياء في المختارة 9/ 336 عن الطبراني به.

 

هذا على النقيض من كل ممارسات المسلمين من رفع اليدين في الدعاء في الصلاة!

 

مسح الوجه باليدين بعد الدعاء بدعة ليست من سنن محمد وشعائره

 

وحاولوا تلفيق أحاديث لدعمها، روى أحمد:

 

17943 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا دَعَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ " قَالَ عَبْدُ اللهِ: " وَقَدْ خَالَفُوا قُتَيْبَةَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَحْسِبُ قُتَيْبَةَ وَهِمَ فِيهِ يَقُولُونَ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ "

 

إسناده ضعيف لجهالة حفص بن هاشم بن عتبة، ولسوء حفظ ابن لهيعة. وأخرجه أبو داود (1492) ومن طريقه البيهقي في "الدعوات" (184) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وسلف الحديث عن خلاد بن السائب الأنصاري، عن أبيه برقم (16563) و (16564) ومتنه مغاير لهذا المتن: كان إذا دعا جعل باطن كفيه إلى وجهه.

وفي باب مسح الوجه عقب الدعاء عن عمر بن الخطاب عند الترمذي (3386) ، والطبراني في "الدعاء" (212) ، والحاكم 1/536، وعن ابن عباس  عند أبي داود (1485) ، وابن ماجه (1181) و (3866) ، وابن نصر في "مختصر قيام الليل" ص327، والحاكم 1/536، وإسناده ضعيف. قال أبو داود: روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها، وهو ضعيف أيضاً.

قال النووي في "الأذكار" ص492: وفي إسناد كل واحد ضعف، وأما قول الحافظ عبد الحق رحمه الله تعالى: إن الترمذي قال في الحديث الأول: إنه حديث صحيح، فليس في النسخ المعتمدة من الترمذي أنه صحيح، بل قال: حديث غريب. قلنا: ويؤيده أن المزي عندما أورد هذا الحديث في "تحفة الأشراف" 8/58-59 لم يذكر لفظة صحيح في كلام الترمذي ونُسخه مقروءة مصححة.

 

تعليم الخضوع للحكام والائتمام بهم على ابتداعهم في الصلاة الإسلامية وتأخيرها عن وقتها، والسكوت عنهم وعدم الاعتراض أو النقد

 

اشتهر حكام بني أمية لسببٍ ما بتأخير الصلوات عن أوقاتها، وهي فعلة كان محمد يدينها بشدة، تُعتبر إمامة الخلفاء والولاة في الصلاة للشعب أو بعضه من ملامح وسلطات وعلامات الحكم الإسلامي، إضفاء للشرعية على الحكم والاعتراف به، ويعتبر رفض الصلاة خلفهم لسبب أو آخر علامة تمرد، قد تؤدي إلى إيذاء أو سجن أو قتل الرافض لذلك. لذلك لفقوا أحاديث عن محمد بأنه أوصى بنفاق الحكام الظالمين والمبتدعين، بأداء الصلاة معهم، بعد أدائها في ميعادها!

 

روى مسلم:

 

[ 648 ] حدثنا خلف بن هشام حدثنا حماد بن زيد ح قال وحدثني أبو الربيع الزهراني وأبو كامل الجحدري قالا حدثنا حماد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها قال قلت فما تأمرني قال صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة ولم يذكر خلف عن وقتها

 

 [ 648 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أنه سيكون بعدي أمراء يميتون الصلاة فصل الصلاة لوقتها فإن صليت لوقتها كانت لك نافلة وإلا كنت قد أحرزت صلاتك

 

 [ 648 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن شعبة عن أبي عمران عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف وأن أصلي الصلاة لوقتها فإن أدركت القوم وقد صلوا كنت قد أحرزت صلاتك وإلا كانت لك نافلة

 

 وروى أحمد:

 

21428 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحَجَّاجٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَّلمُ بِثَلَاثَةٍ: "اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِعَبْدٍ مُجَدَّعِ الْأَطْرَافِ. وَإِذَا صَنَعْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَأَصِبْهُمْ مِنْهُ بِمَعْرُوفٍ. وَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَإِذَا وَجَدْتَ الْإِمَامَ قَدْ صَلَّى فَقَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ، وَإِلَّا فَهِيَ نَافِلَةٌ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت، فمن رجال مسلم. حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور، وأبو عمران: هو عبد الملك بن حبيب الجَوْني. وأخرجه تاماً أبو عوانة في الصلاة (1526) ، وفي البر والصلة كما في "إتحاف المهرة" 14/153 من طريق حجاج وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك البخاري في "الأدب المفرد" (113) ، والبزار في "مسنده" (3957) ، وابن حبان (1718) من طريق عبد الله بن المبارك، وأبو عوانة (2404) من طريق وهب بن جرير، وابن حبان (5964) من طريق النضر بن شميل، والبغوي (391) من طريق شبابة بن سوار، أربعتهم عن شعبة، به. وفي رواية ابن حبان قصة لأبي ذر مع عثمان. وأخرجه دون القطعة الثانية مسلمٌ (648) (240) من طريق عبد الله بن إدريس، عن شعبة، به. وأخرج القطعة الأولى مفردة مسلم (1837) (36) ، وابن ماجه (2862) ، وابن خزيمة في "كتاب السياسة" كما في "إتحاف المهرة" 14/152، والبيهقي 3/88 من طريق محمد بن جعفر وحده، به.// وأخرجها أبو عوانة (2404) من طريق حجاج وحده، به. وأخرجها مفردة أيضاً الطيالسي (452) ، ومسلم (1837) (36) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1052) ، وأبو عوانة (1522) و (1525) ، والبيهقي 3/88 و8/155 من طرف عن شعبة، به. وأخرج القطعة الثانية مفردة النسائي في "الكبرى" (6690) ، وابن حبان (514) من طريق محمد بن جعفر وحده، به. وأخرجها كذلك ابن المبارك في "الزهد" (606) ، والطيالسي (450) ، والدارمي (2079) ، ومسلم (2625) (143) ، والنسائي في الرقائق من "الكبرى" كما في "التحفة" 9/195، وأبو عوانة في البر والصلة من طرف عن شعبة، به. وفي طريقين من طرق أبي عوانة قصة لأبي ذر مع عثمان. وأخرجها أيضاً أبو عوانة في البر والصلة من طريق أبي عامر الخزاز، عن أبي عمران الجوني، به. وأخرج القطعة الثالثة مفردة ابن ماجه (1256) ، وابن حبان (1482) من طريق محمد بن جعفر وحده، به. وأخرجها كذلك أبو عوانة (2404) من طريق حجاج، به. وسيأتي الحديث بقطعه الثلاث عن يحيى بن سعيد عن شعبة برقم (21501) . وسلفت القطعة الثانية منه برقم (21326) . والقطعة الثالثة سلفت برقم (21306) . وفي باب السمع والطاعة عن ابن عمر وأبي هريرة وأنس، سلفت أحاديثهم على التوالي بالأرقام (4668) و (8953) و (12126) وانظر الشواهد عند هذه المواضع.

 

21306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: أَخَّرَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ الصَّلَاةَ، فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الصَّامِتِ، فَضَرَبَ فَخِذِي، قَالَ: سَأَلَتُ خَلِيلِي أَبَا ذَرٍّ، فَضَرَبَ فَخِذِي، وَقَالَ: سَأَلْتُ خَلِيلِي يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "صَلِّ لِمِيقَاتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَ فَصَلِّ مَعَهُمْ، وَلَا تَقُولَنَّ: إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت، فمن رجال مسلم. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (3781) . وأخرجه البزار في "مسنده" (3952) ، وأبو عوانة (1523) و (2407) ، والبيهقي 2/299 و300 من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (3780) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (954) ، والبزار (3953) ، وابن خزيمة (1637) ، وأبو عوانة (2407) ، وابن حبان (2406) من طرق عن أيوب بن أبي تميمة، به. وأقحم في إسناد "المصنف" بين أيوب وأبي العالية: ابن سيرين، وقد رواه البزار من طريقه، وليس فيه ابن سيرين. وأخرجه مسلم (648) (244) ، وأبو عوانة (1007) و (1524) و (2409) من طريق مطر بن طهمان الوراق، عن أبي العالية البرَّاء، به. وأخرجه بنحوه الطبراني في "مسند الشاميين" (213) من طريق خالد بن معدان، عن عبد الله بن الصامت، به. وسيأتي الحديث من طريق أبي العالية بالأرقام (21423) و (21478) و (21479) ومن طريق أبي عمران بالأرقام (21324) و (21417) و (21428) و (21445) و (21490) و (21501) ، ومن طريق أبي نَعامة برقم (21417) و (21418) ، ثلاثتهم عن عبد الله بن الصامت. وفي الباب عن عبد الله مسعود، سلف برقم (3601) ، وذُكرت شواهده هناك.

 

3601 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَعَلَّكُمْ سَتُدْرِكُونَ أَقْوَامًا يُصَلُّونَ صَلَاةً لِغَيْرِ وَقْتِهَا، فَإِذَا أَدْرَكْتُمُوهُمْ، فَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَعْرِفُونَ، ثُمَّ صَلُّوا مَعَهُمْ، وَاجْعَلُوهَا سُبْحَةً "

 

إسناده حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النجود-، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو بكر: هو ابن عياش، وزر: هو ابن حبيش الأسدي. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 2/75، وابن ماجه (1255) ، وابن الجارود في "المنتقى" (331) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (1640) ، والطبراني في "الأوسط" (1387) ، وأبو نعيم في "الحلية" 8/305، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/396، وفي "السنن" 3/127-128، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/57، من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإِسناد. قال أبو نعيم: غريب من حديث عاصم، لم يروه عنه إلا أبو بكر. وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 1/245-246، و2/381، ومسلم (534) (26) ، والنسائي في "الكبرى" (618) ، وأبو عوانة 2/164-165، وابن خزيمة في "صحيحه" (1636) ، وابن حبان (1558) و (1874) ، والبيهقي في "السنن" 2/83، والحازمي في "الاعتبار" ص 82-83 من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود وعلقمة، عن عبد الله. وأخرجه بنحوه عبد الرزاق في "المصنف" (3787) ، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (9496) عن معمر، والطبراني في "الكبير" (8567) من طريق شعبة، كلاهما عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، موقوفاً. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1387) ، وأبو نعيم في "الحلية" 8/311 من طريق أبي بكر بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، مرفوعاً. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9495) من طريق زائدة، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله، موقوفاً.وسيرد من حديث عبد الله بن مسعود في "مسند معاذ بن جبل" 5/231-232. وانظر (4386) .وله شاهد من حديث أبي ذر عند مسلم (648) ، سيرد 5/149 و159 و168 و169.وآخر من حديث عامر بن ربيعة، سيرد 3/445 و446.وثالث من حديث شداد بن أوس، سيرد 4/124ورابع من حديث عبادة بن الصامت، سيرد 5/314 و315. وخامس من حديث أبي أبَيّ ابن امرأة عبادة بن الصامت، سيرد 6/7.وسادس من حديث قبيصة بن وقاص عند أبي داود (434) .

 

هذه الأحاديث ملفقة بالتأكيد، إما لفقها بالتواطؤ بعض هؤلاء الصحابة أصحاب محمد، أو نسبها من بعدهم لهم زورًا، لأن وصية محمد الحقيقية هي كما رواها البخاري:

 

527 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ أَخْبَرَنِي قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا قَالَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَالَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي

 

تفضيل بعضهم المجاملات على التقوى الدينية

روى البخاري:

 

بَاب { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ وَاحِدُهَا ذَاتُ حَمْلٍ


4909 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ عِنْدَهُ فَقَالَ أَفْتِنِي فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ آخِرُ الْأَجَلَيْنِ قُلْتُ أَنَا { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلَامَهُ كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا فَقَالَتْ قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَخُطِبَتْ فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ فَذَكَرُوا لَهُ فَذَكَرَ آخِرَ الْأَجَلَيْنِ فَحَدَّثْتُ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ فَضَمَّزَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَفَطِنْتُ لَهُ فَقُلْتُ إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ فَاسْتَحْيَا وَقَالَ لَكِنْ عَمُّهُ لَمْ يَقُلْ ذَاكَ فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ فَسَأَلْتُهُ فَذَهَبَ يُحَدِّثُنِي حَدِيثَ سُبَيْعَةَ فَقُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِيهَا شَيْئًا فَقَالَ كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلَا تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }

 

وروى أحمد:

 

25811 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: بَلَغَ مَرْوَانُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ، وَهُوَ جُنُبٌ فَلَا يَصُومَنَّ يَوْمَئِذٍ "، فَأَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا (1) عَنْ ذَاكَ ؟ فَانْطَلَقَتْ مَعَهُ فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ ، ثُمَّ يَصُومُ " فَرَجَعَ إِلَى مَرْوَانَ فَحَدَّثَهُ، فَقَالَ الْقَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَحَدِّثْهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَجَارِي وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ بِمَا يَكْرَهُ، فَقَالَ: أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتَلْقَيَنَّهُ، قَالَ: فَلَقِيَهُ، فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لَأَكْرَهُ أَنْ أَسْتَقْبِلَكَ بِمَا تَكْرَهُ، وَلَكِنَّ الْأَمِيرَ عَزَمَ عَلَيَّ، قَالَ: فَحَدَّثَهُ، (2) فَقَالَ: حَدَّثَنِيهِ الْفَضْلُ (3)

 

(2) في (م) فحدثته .

(3) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. أيوب: هو السختياني.

وعكرمة بن خالد: هو ابن العاص المخزومي.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" - كما في "تحفة الأشراف" 12/341- من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1088) ، وابن خزيمة (2011) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن عكرمة بن خالد، به.

وأخرجه مطولاً ومختصراً النسائي في "الكبرى" (2930) و (2977) و (2998) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (538) و (539) وفي "شرح معاني الآثار" 2/103، والطبراني في "الشاميين" (2121) من طرق عن أبى بكر بن عبد الرحمن، به.

وقد سلف نحوه برقم (25673) .

وانظر (24062) .

 

1826 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، قَالَ: بَنَى يَعْلَى بْنُ عُقْبَةَ فِي رَمَضَانَ، فَأَصْبَحَ وَهُوَ جُنُبٌ، فَلَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: أَفْطِرْ ؟ قَالَ: أَفَلا أَصُومُ هَذَا الْيَوْمَ وَأُجْزِيُهُ مِنْ يَوْمٍ آخَرَ ؟ قَالَ: أَفْطِرْ، فَأَتَى مَرْوَانَ فَحَدَّثَهُ، فَأَرْسَلَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ: " قَدْ كَانَ يُصْبِحُ فِينَا جُنُبًا ، مِنْ غَيْرِ احْتِلامٍ ، ثُمَّ يُصْبِحُ صَائِمًا " فَرَجَعَ إِلَى مَرْوَانَ فَحَدَّثَهُ، فَقَالَ: الْقَ بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: جَارٌ جَارٌ، فَقَالَ: أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتَلْقَ بِهِ، قَالَ: فَلَقِيَهُ فَحَدَّثَهُ، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا أَنْبَأَنِيهِ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَقِيتُ رَجَاءً، فَقُلْتُ: حَدِيثُ يَعْلَى مَنْ حَدَّثَكَهُ ؟ قَالَ: " إِيَّايَ حَدَّثَهُ "

 

صحيح، وهذا سند حسن في الشواهد، رجاء بن حيوة ثقة من رجال مسلم، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير يعلى بن عقبة، فقد روى عنه رجاء بن حيوة وصالح بن مهران، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحديثه عند النسائي. إسماعيل: هو ابنُ علية، وابنُ عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان الخراز. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2929) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 03/12، وفي "شرح مشكل الآثار" 1/227، والطبراني 18/ (747) و (748) من طريق ابن عون، بهذا الإسناد. وانظر (1804).

بنى: تزوج.  وقوله: وأجزيه، أي: أقضيه من الجزاء وهو القضاء. وأم المؤمنين هنا: هي عائشة رضي الله عنها.

 

24681 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ (1) قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، ثُمَّ يَغْدُو إِلَى الْمَسْجِدِ، وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ "، فَأَخْبَرْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ بِقَوْلِهَا، فَقَالَ لِي: أَخْبِرْ أَبَا هُرَيْرَةَ بِقَوْلِ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ لِي صَدِيقٌ، فَأُحِبُّ أَنْ تُعْفِيَنِي، فَقَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا انْطَلَقْتَ إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَهُوَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهَا، فَقَالَ: عَائِشَةُ إِذَنْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2)

 

(1) لفظ "أنه" ليس في (ظ 8) .

(2) حديث صحيح ، رجاله ثقات رجال الصحيح .

الحكم : هو ابن عتيبة .

وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3000) (3001) من طريق محمد بن جعفر ، بهذا الإسناد .

وأخرجه الطيالسي (1503) ، وإسحاق بن راهويه (1085) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (541) ، وفي "شرح معاني الآثار" 2 / 103 - 104 من طرق عن شعبة ، به .

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (3586) من طريق مالك بن مِغْوَل ، عن الحكم ، به .

وانظر (24062) .

 

وروى النسائي في السنن الكبرى:

 

2929 - أنبأ أحمد بن سليمان قال حدثنا يزيد قال أنبأ بن عون عن رجاء بن حيوة قال: بنى يعلى بن عقبة بامرأته في رمضان فأصبح جنبا فسأل أبا هريرة فقال أفطر فقال ألا أصوم هذا اليوم وأجزيه بيوم مكانه قال لا فأتى مروان فذكر ذلك له فأرسل أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى عائشة فسألها عن ذلك فقالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصبح جنبا من غير احتلام فيغتسل ثم يصبح صائما قال ألق بها أبا هريرة قال جاري جاري قال عزمت عليك ألا لقيته فحدثه الحديث قال أما إني لم أسمعه من النبي صلى الله عليه و سلم إنما حدثني بذلك الفضل بن عباس قلت لرجاء من حدثك عن يعلى قال إياي حدث به يعلى وفيما قرأ علينا أحمد بن منيع قال أنبأ إسماعيل عن أيوب عن عكرمة بن خالد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال إني لأعلم الناس بهذا الحديث بلغ مروان أن أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال من أدركه الصبح وهو جنب فلا يصوم يومئذ فأرسل إلى عائشة يسألها عن ذلك فانطلقت معه فسألها فقالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصبح جنبا من غير احتلام ثم يصوم يومه فرجع إلى مروان فحدثه فقال إنه لجاري وإني لأكره أن أستقبله بما يكره فقال له اعزم عليك لتلقينه قالوا فلقيه فحدثه فقال حدثني الفضل قال أبو عبد الرحمن خالفهما عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن

 

اختلاف مواقيت صلاة محمد عما عليه عملهم

 

روى البخاري:

 

549 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ يَقُولُ صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظُّهْرَ ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَقُلْتُ يَا عَمِّ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّيْتَ قَالَ الْعَصْرُ وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كُنَّا نُصَلِّي مَعَهُ

 

550 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ وَبَعْضُ الْعَوَالِي مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ

 

بَاب تَضْيِيعِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا

 529 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ عَنْ غَيْلَانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ الصَّلَاةُ قَالَ أَلَيْسَ ضَيَّعْتُمْ مَا ضَيَّعْتُمْ فِيهَا

 

530 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ أَخِي عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ وَقَالَ بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ نَحْوَهُ

 

وروى مسلم:

 

[ 621 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح قال وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن بن شهاب عن أنس بن مالك أنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حية فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتي العوالي والشمس مرتفعة ولم يذكر قتيبة فيأتي العوالي

 

 [ 621 ] وحدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب أخبرني عمرو عن بن شهاب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر بمثله سواء

 

 [ 621 ] وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن بن شهاب عن أنس بن مالك قال كنا نصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيهم والشمس مرتفعة

 

 [ 621 ] وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال كنا نصلي العصر ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف فيجدهم يصلون العصر

 

 [ 622 ] وحدثنا يحيى بن أيوب ومحمد بن الصباح وقتيبة وابن حجر قالوا حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر وداره بجنب المسجد فلما دخلنا عليه قال أصليتم العصر فقلنا له إنما انصرفنا الساعة من الظهر قال فصلوا العصر فقمنا فصلينا فلما انصرفنا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا

 

 [ 623 ] وحدثنا منصور بن أبي مزاحم حدثنا عبد الله بن المبارك عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف قال سمعت أبا أمامة بن سهل يقول صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلي العصر فقلت يا عم ما هذه الصلاة التي صليت قال العصر وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كنا نصلي معه

 

 [ 624 ] حدثنا عمرو بن سواد العامري ومحمد بن سلمة المرادي وأحمد بن عيسى وألفاظهم متقاربة قال عمرو أخبرنا وقال الآخران حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب أن موسى بن سعد الأنصاري حدثه عن حفص بن عبيد الله عن أنس بن مالك أنه قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فلما انصرف أتاه رجل من بنى سلمة فقال يا رسول الله إنا نريد أن ننحر جزورا لنا ونحن نحب أن تحضرها قال نعم فانطلق وانطلقنا معه فوجدنا الجزور لم تنحر فنحرت ثم قطعت ثم طبخ منها ثم أكلنا قبل أن تغيب الشمس وقال المرادي حدثنا بن وهب عن بن لهيعة وعمرو بن الحارث في هذا الحديث

 

 [ 625 ] حدثنا محمد بن مهران الرازي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن أبي النجاشي قال سمعت رافع بن خديج يقول كنا نصلي العصر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تنحر الجزور فتقسم عشر قسم ثم تطبخ فنأكل لحما نضيجا قبل مغيب الشمس

 

وروى أحمد:

 

 

 

13181 - حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَرْدَانَ - مَدِينِيٌّ - قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: صَلَّيْتُمْ يَعْنِي - الْعَصْرَ - ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قُلْنَا أَخْبِرْنَا أَصْلَحَكَ اللهُ، مَتَى كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ ؟ قَالَ: " كَانَ يُصَلِّيهَا وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن وردان. الضحاك بن مخلد: هو أبو عاصم النبيل. وعلقه البخاري في "تاريخه" 5/358 من طريقين عن عبد الرحمن بن وردان، به. وقوله: "كان يصليها والشمس بيضاء نقية" ، سلف برقم (12912) بلفظ: "بيضاء محلقة". وانظر ما سلف برقم (12644) ، وما سيأتي برقم (13239) .

 

11999 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ حِينَ صَلَّيْنَا الظُّهْرَ فَدَعَا الْجَارِيَةَ بِوَضُوءٍ، فَقُلْنَا لَهُ: أَيُّ صَلَاةٍ تُصَلِّي ؟ قَالَ: " الْعَصْرَ " قَالَ: قُلْنَا: إِنَّمَا صَلَّيْنَا الظُّهْرَ الْآنَ . فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَتْرُكُ الصَّلَاةَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ فِي قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، أَوْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ صَلَّى لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ".

 

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه عنعنة محمد بن إسحاق، لكنه قد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. وأخرجه أبو يعلى (3696) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2130) ، ومسلم (622) ، والترمذي (160) ، والنسائي 1/254، وابن خزيمة (333) و (334) ، وابن حبان (259) و (262) و (263) ، والدارقطني 1/254 من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن، به. وسيأتي من طريق مالك عن العلاء برقم (12509) و (12929) ، ومن طريق حفص بن عبيد الله عن أنس برقم (13589). وانظر في باب تعجيل العصر ما سيأتي من حديث أنس بالأرقام (12331) و (12644) و (13181) و (13239) و (13384) و (13482) و (13861) .

 

13483 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: انْصَرَفْتُ مِنَ الظُّهْرِ أَنَا وَعُمَرُ، حِينَ صَلَّاهَا هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِالنَّاسِ إِذْ كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ، إِلَى عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ نَعُودُهُ فِي شَكْوًى لَهُ، قَالَ: فَمَا قَعَدْنَا مَا سَأَلْنَا عَنْهُ إِلَّا قِيَامًا، قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفْنَا فَدَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي دَارِهِ، وَهِيَ إِلَى جَنْبِ دَارِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: فَلَمَّا قَعَدْنَا أَتَتْهُ الْجَارِيَةُ، فَقَالَتْ: الصَّلَاةَ يَا أَبَا حَمْزَةَ، قَالَ: قُلْنَا: أَيُّ الصَّلَاةِ رَحِمَكَ اللهُ ؟ قَالَ: الْعَصْرُ، قَالَ: فَقُلْنَا: إِنَّمَا صَلَّيْنَا الظُّهْرَ الْآنَ، قَالَ: فَقَالَ: إِنَّكُمْ تَرَكْتُمُ الصَّلَاةَ حَتَّى نَسَيْتُمُوهَا - أَوْ قَالَ: نُسِّيتُمُوهَا - حَتَّى تَرَكْتُمُوهَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولَ: " بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ " وَمَدَّ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى.

 

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. وذكره البخاري في "تاريخه الكبير" 3/355 من طريق حفص بن غياث، عن ابن إسحاق، به- واقتصر على المرفوع منه فقط. وذكره أيضاً من طريق معاوية بن أبي مزرد، ومن طريق أسامة بن زيد الليثي، كلاهما عن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش، به- ولم يسق لفظه. والمرفوع منه روي عن أنس من طرق أخرى، انظر ما سلف برقم (12245). وعمر المذكور في القصة: هو عمر بن عبد العزيز وكان زياد مولى ابن عياش صديقاً له. وهشام بن إسماعيل: هو هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي، حَمُو عبد الملك بن مروان وأميره على المدينة، ولاه إياها سنة 82 هـ، وبقي أميراً عليها حتى عزله الوليد بن عبد الملك سنة 87 هـ بعمر بن عبد العزيز. وكان هشام قد أساء في ولايته للمدينة إلى بعض الفضلاء من أهلها. وعمرو بن عبد الله بن أبي طلحة: هو ابن أخي أنس بن مالك لأمه، واستعمله عمر بن عبد العزيز في خلافته على عُمان.

 

12644 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (2069) ، ومن طريقه أخرجه أبو يعلي (3604) ، وأبو عوانة 1/351، والبيهقي 1/440.

 

13482 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الظَّفَرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: (2) سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " مَا كَانَ أَحَدٌ أَشَدَّ تَعَجُّلًا لِصَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنْ كَانَ أَبْعَدَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ دَارًا مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ، دَارُ أَبِي لُبَابَةَ بِقُبَاءَ وَدَارُ أَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ فِي بَنِي حَارِثَةَ، ثُمَّ إِنْ كَانَا لَيُصَلِّيَانِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ، ثُمَّ يَأْتِيَانِ قَوْمَهُمَا وَمَا صَلَّوْهَا لِتَبْكِيرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا "

 

إسناده حسن، ابن إسحاق صدوق حسن الحديث، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/189 من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4515) ، وفي "الأوسط" (7942) ، والدارقطني 1/254، والحاكم 1/195 و3/351 من طرق عن محمد بن إسحاق، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وفي تعجيل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لصلاة العصر، انظر ما سلف برقم (12644) .

 

13861 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، قَالَ أَنَسٌ: " مَا أَعْرِفُ فِيكُمُ الْيَوْمَ شَيْئًا كُنْتُ أَعْهَدُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْسَ قَوْلَكُمْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ "، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ الصَّلَاةَ ؟ قَالَ: " قَدْ صَلَّيْتُمْ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، أَفَكَانَتْ تِلْكَ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ " قَالَ: فَقَالَ: " عَلَى أَنِّي لَمْ أَرَ زَمَانًا خَيْرًا لِعَامِلٍ مِنْ زَمَانِكُمْ هَذَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ زَمَانًا مَعَ نَبِيٍّ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن المغيرة، فمن رجال مسلم، وروى له البخاري تعليقاً ومقروناً. وأخرجه أبو يعلى (3330) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات " (3195) ، والضياء في "المختارة" (1723) من طريق هدبة بن خالد، وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (1512) ، ومن طريقه الضياء (1724) ، كلاهما (هدبة وابن المبارك) عن سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (11977) .

وقوله: "ليس قولَكم ": "ليس " هنا حرف استثناء بمنزلة "إلا"، وما بعدها منصوب على الاستثناء.

 

11977 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ أَبُو خِدَاشٍ الْيُحْمَدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: " مَا أَعْرِفُ شَيْئًا الْيَوْمَ مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ: قُلْنَا لَهُ: فَأَيْنَ الصَّلَاةُ ؟ قَالَ: " أَوَلَمْ تَصْنَعُوا فِي الصَّلَاةِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ "

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، زياد بن الربيع من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين. أبو عمران الجوْني: هو عبد الملك ابن حبيب. وأخرجه أبو يعلى (4184) عن نصر بن علي، عن زياد بن الربيع، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2447) عن محمد بن عبد الله بن بزيع، عن أبي عمران الجوني، به. وسيأتي برقم (13168) من طريق عثمان بن سعد، و (13861) من طريق ثابت، كلاهما عن أنس. وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 13/366 و15/70 من طريق حصين بن عبد الله، والبخاري (529) من طريق غيلان بن جرير، و (530) من طريق الزهري، وأبو يعلى (4149) من طريق معاوية بن قرة، أربعتهم عن أنس بن مالك.

وسبب قول أنس هذا أن بعض الأمراء كان يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها، انظر ما سيأتي برقم (13862) ، و"فتح الباري" 2/13.

 

تفضيل محمد لإقامة صلاة العشاء في منتصف الليل

 

كان محمد يفضل ذلك، ولم يأخذ المسلمون بهذا التشريع الطقسي العسير منذ القدم، وليس عليه عملهم اليوم، فموعد صلاة العشاء ما بين الساعة السابعة والثامنة وكسور تقريبًا، وليس منتصف الليل.

 

روى البخاري:

 

567 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِي فِي السَّفِينَةِ نُزُولًا فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَكَانَ يَتَنَاوَبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ نَفَرٌ مِنْهُمْ فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَصْحَابِي وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ فَأَعْتَمَ بِالصَّلَاةِ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ عَلَى رِسْلِكُمْ أَبْشِرُوا إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ أَوْ قَالَ مَا صَلَّى هَذِهِ السَّاعَةَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ لَا يَدْرِي أَيَّ الْكَلِمَتَيْنِ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى فَرَجَعْنَا فَفَرِحْنَا بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

ورواه مسلم 641

 

547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ فَقَالَ لَهُ أَبِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ فَقَالَ كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْأُولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ وَيُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ

 

وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ

 

وروى معلقًا قبل 564:

 

وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ كُنَّا نَتَنَاوَبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَأَعْتَمَ بِهَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعِشَاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَمَةِ وَقَالَ جَابِرٌ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ وَقَالَ أَنَسٌ أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو أَيُّوبَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ

 

ومما روى مسلم:

 

[ 642 ] وحدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج قال قلت لعطاء أي حين أحب إليك أن أصلي العشاء التي يقولها الناس العتمة إماما وخلوا قال سمعت بن عباس يقول أعتم نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة العشاء قال حتى رقد ناس واستيقظوا ورقدوا واستيقظوا فقام عمر بن الخطاب فقال الصلاة فقال عطاء قال بن عباس فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه الآن يقطر رأسه ماء واضعا يده على شق رأسه قال لولا أن يشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها كذلك قال فاستثبت عطاء كيف وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على رأسه كما أنبأه بن عباس فبدد لي عطاء بين أصابعه شيئا من تبديد ثم وضع أطراف أصابعه على قرن الرأس ثم صبها يمرها كذلك على الرأس حتى مست إبهامه طرف الأذن مما يلي الوجه ثم على الصدغ وناحية اللحية لا يقصر ولا يبطش بشيء إلا كذلك قلت لعطاء كم ذكر لك أخرها النبي صلى الله عليه وسلم ليلتئذ قال لا أدري قال عطاء أحب إلي أن أصليها إماما وخلوا مؤخرة كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم ليلتئذ فإن شق عليك ذلك خلوا أو على الناس في الجماعة وأنت إمامهم فصلها وسطا لا معجلة ولا مؤخرة

 

[ 643 ] حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة قال يحيى أخبرنا وقال الآخران حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة العشاء الآخرة

 

 [ 643 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد وأبو كامل الجحدري قالا حدثنا أبو عوانة عن سماك عن جابر بن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصلوات نحوا من صلاتكم وكان يؤخر العتمة بعد صلاتكم شيئا وكان يخف الصلاة وفي رواية أبي كامل يخفف

 

وروى أحمد:

 

22066 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرَنَا حَرِيزٌ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: رَقَبْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، فَاحْتَبَسَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لَنْ يَخْرُجَ، وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ: قَدْ صَلَّى وَلَنْ يَخْرُجَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، ظَنَنَّا أَنَّكَ لَنْ تَخْرُجَ وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ: قَدْ صَلَّى وَلَنْ يَخْرُجَ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ ؛ فَقَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ " .

 

إسناده صحيح . وأخرجه ابن أبي شيبة 1/331 و2/439-440 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد . وأخرجه أبو داود (421) ، والشاشي (1369) و (1370) ، والطبراني 20/ (239) ، وأبو نعيم في "الحلية" 9/238، والبيهقي 1/451 من طرق عن حريز بن عثمان، به

 

22067 - حَدَّثَنَا هَاشِمٌ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، سَمِعْتُ مُعَاذًا يَقُولُ: إِنَّا رَقَبْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي: انْتَظَرْنَاهُ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ

 

إسناد صحيح.

 

11015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: انْتَظَرْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً صَلَاةَ الْعِشَاءِ حَتَّى ذَهَبَ نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ، قَالَ: فَجَاءَ فَصَلَّى بِنَا، ثُمَّ قَالَ: " خُذُوا مَقَاعِدَكُمْ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ أَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مُنْذُ انْتَظَرْتُمُوهَا، وَلَوْلَا ضَعْفُ الضَّعِيفِ، وَسَقَمُ السَّقِيمِ ، وَحَاجَةُ ذِي الْحَاجَةِ، لَأَخَّرْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. محمد بن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وداود: هو ابن أبي هند، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطعة العبْدي. وأخرجه ابن خزيمة (345) من طريق ابن أبي عدي، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (422) من طريق بشر بن المفضل، والنسائي في "المجتبى" 1/268، وفي "الكبرى" (1520) ، وابن ماجه (693) ، وابن خزيمة (345) من طريق عبد الوارث بن سعيد العنبري ، وابن خزيمة (345) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، والبيهقي 1/375 من طريق علي بن عاصم ، أربعتهم عن داود بن أبي هند، به. وأخرجه البيهقي 1/375 من طريق أبي معاوية ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبد الله ، به . وقال: هكذا رواه بشر بن المفضل وغيره عن داود بن أبي هند، وخالفهم أبو معاوية الضرير، عن داود، فقال: عن جابر بن عبد الله. قلنا: سيرد نحوه من حديث جابر 3/367، وقد سلف من حديث ابن عمر برقم (5611) ، وسلف ذكر أحاديث الباب في مسند عبد الله بن مسعود في الرواية رقم (3760) .

 

14949 - حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا لَيْلَةً، حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُ اللَّيْلِ، أَوْ بَلَغَ ذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: " قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَرَقَدُوا، وَأَنْتُمْ تَنْتَظِرُونَ هَذِهِ الصَّلَاةَ، أَمَا إِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي على شرط مسلم. أبو الجواب: هو أحوص بن جَوَّاب، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو سفيان: هو طلحة ابن نافع. وأخرجه أبو يعلى (1936) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/157 من طريق زائدة بن قدامة، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (14743) .

 

25172 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ، أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ - وَقَالَ ابْنُ بَكْرٍ: رَقَدَ - ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى: فَقَالَ: " إِنَّهُ لَوَقْتُهَا، لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، وَقَالَ ابْنُ بَكْرٍ: أَنْ أَشُقَّ"

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، المغيرة بن حكيم وأم كلثوم بنت أبي بكر روى لهما مسلم، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. محمد بن بكر: هو البُرْساني. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (2114) ، وأخرجه من طريقه البيهقي في "السنن" 1/450. وأخرجه مسلم (638) (219) ، وابن خزيمة (348) من طريقي عبد الرزاق ومحمد بن بكر، به. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1037) ، والدارمي (1214) من طريق محمد بن بكر، به. وأخرجه مسلم (638) (219) ، والنسائي في "المجتبى" 1/267، وفي "الكبرى" (1517) ، وابن خزيمة (348) ، وأبو عوانة 1/362، وابن المنذر في "الأوسط" (979) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/158، والبيهقي في "معرفة الآثار" (2385) من طرق عن ابن جريج، به . وانظر أحمد (24059) .

 

محمد كان يجيز الالتفاتَ في الصلاة

 

على عكس أفعال المسلمين وتقليدهم وضوابط الصلاة عند جمهورهم، فإن محمدًا كان يلتفت في الصلاة، روى أحمد:

 

2485 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، وَالطَّالَقَانِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، لَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ ".

 

إسناده صحيح. الطالقاني: هو إبراهيم بن إسحاق. وأخرجه أبو يعلى (2592) عن زهير بن حرب، عن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود في رواية أبي الطيب ابن الأُشْناني كما في "التحفة" 5/117، والترمذي (587) ، والنسائي في "المجتبى" 3/9 حديث (1201)، وفي "الكبرى" (529) ، وابن خزيمة (485) و (871) ، وابن حبان (2288) ، والدارقطني 2/83، والحاكم 1/236-237 و256، والبيهقي 2/13، والبغوي (737) ، والحازمي في "الاعتبار" ص 64 من طرق عن الفضل بن موسى، به. قال الترمذي: هذا حديث غريب! وصححه الحاكم على شرط البخاري ووافقه الذهبي. وأخرجه بنحوه عبد الرزاق (3269) عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن شيخ من أهل  المدينة يقال له: أبو علي، عن عكرمة، به. وسيأتي الحديث برقم (2791) ، وانظر الحديث الآتي برقم (2486). قال ابن القطان في "كتابه" فيما ذكره الزيلعي في "نصب الراية" 2/90: هذا حديث صحيح، وإن كان غريباً لا يُعْرَفُ إلا من هذه الطريق، فإن عبدَ الله بن سعيد وثور بن زيد ثقتان، وعكرمة احتج به البخاري، فالحديثُ صحيح، والله أعلم.

قال الحازمي: وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى هذا، وقال: لا بأس بالالتفات في الصلاة ما لم يَلْوِ عنقه، وإليه ذهب عطاء ومالك وأبو حنيفة وأصحابُه والأوزاعي وأهل الكوفة.

ثم ساق حديثَ سهل بن الحنظلية قال: ثُؤب بالصلاة، فجعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي وهو يلتفت إلى الشعب. قال أبو داود: وكان أرسل فارساً إلى الشعب من الليل يحرس.

ثم قال الحازمي: هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود في "كتابه" (916) ، وقال مَن ذهب إلى حديث ابن عباس: هذا الحديثُ لا يناقض الحديثَ الأول، لاحتمال أن الشعب كان في جهة القبلة، وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلتفت إليه ولا يلوي عنقه.

وذهب الحكمُ بنُ عتيبة إلى أنه من تأمل عن يمينه في الصلاة، أو عن شماله حتى يعرفه، فليست له صلاة.

وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى كراهة ذلك، وهو الأوْلى، لأن المقصودَ الأعظم في الصلاة الخشوعُ، ومع الالتفات لا يحصل هذا الغرضُ، وقال من ذهب إلى هذا القول: كان الالتفات جائزاً ثم نُسِخَ، فصار مكروها. ثم ذكر عمدتهم في ذلك، وهو ما رواه محمد بن سيرين عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا صَلى رفع بصره إلى السماء، فنزل: (الذين هم في صلاتهم خاشعون) .

وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" 2/379 بعدما ذكر أحاديث في التنفير عن الالتفات: وأحاديث الباب تدلى على كراهة الالتفات في الصلاة، وهو قولُ الأكثر، والجمهور على أنها كراهة تنزيه ما لم يَبْلُغْ إلى حد استدبار القبلة، والحكمة في التنفيرِ عنه ما فيه من نقص الخشوع، والإعراضِ عن الله تعالى، وعدمِ التصميم على مخالفة وسوسة الشيطان.

 

وروى الترمذي:

 

588 - حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن بعض أصحاب عكرمة: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يلحظ في الصلاة فذكر نحوه

[ قال ] : وفي الباب عن أنس وعائشة

 

وروى النسائي في المجتبى:

 

1200 - أخبرنا قتيبة قال حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر أنه قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يكبر يسمع الناس تكبيره فالتفت إلينا فرآنا قياما فأشار إلينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعودا فلما سلم قال إن كنتم آنفا تفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا ائتموا بأئمتكم إن صلى قائما فصلوا قياما وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا

 

قال الألباني: صحيح

 

وعلى النقيض روى البخاري:

 

751 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ

 

وروى أبو داوود في سننه:

 

910 - حدثنا مسدد ثنا أبو الأحوص عن الأشعث يعني ابن سليم عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن التفات الرجل في الصلاة فقال "إنما هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد".

 

قال الألباني: صحيح. ورواه الترمذي 590 والنسائي في المجتبى 1196 وأحمد (24412) و(24746) وأخرجه إسحاق بن راهويه (1473) عن موسى القاري ، والنسائي في "الكبرى" (1119) ، وأبو نعيم في "الحلية" 9 / 23 من طريق عبد الرحمن بن مهدي ، كلاهما عن زائدة ، بهذا الإسناد . وأخرجه ابنُ أبي شيبة 2 / 40 ، والبخاري (751) و (3291) ، وأبو داود (910) ، والترمذي (590) ، والنسائي في "المجتبى" 3 / 8 ، وفي "الكبرى" (1120) ، وأبو يعلى (4634) و (4913) ، وابن خزيمة (484) و (931) ، وأبو نعيم في "الحلية" 9 / 30 ، والبيهقي في "السنن" 2 / 281 ، والبغوي في "شرح السنة" (732) من طريق أبي الأحوص سلاَّم بن سُليم ، وأخرجه ابن راهويه (1470) عن عمر بن عبيد الطنافسي ، وأخرجه ابن خزيمة (484) و (931) من طريق شَيْبان -وهو ابن عبد الرحمن النَّحوي- ثلاثتهم عن أشعث بن أبي الشعثاء ، به .

 

مرونة صيغة الحمد بعد الرفع من الركوع في الصلاة عند محمد والأقدمين

 

روى أحمد:

 

2440 - حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَحْسِبُهُ رَفَعَهُ، قَالَ: كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: " سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. سريج: كذا ورد غيرَ منسوبٍ، ويحتمل أن يكون سريج بن يونس أو سريج بن النعمان، فإن الإمام أحمد يروي عن كليهما، وهما ثقتان من رجال الصحيح، لكن في "التهذيب" أن الذي يروي عن حماد بن سلمة: هو سريج بن النعمان. وأخرجه الطبراني (12503) من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حزم في "المحلى" 4/120 من طريق الحجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد وحماد بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير: أن ابن عباس كان إذا رفع رأسه من الركوع... فذكره موقوفاً على ابن عباس. وسيأتي برقم (2489) و (2505) و (3083) ، وانظر (2498) .

وفي الباب عن علي تقدم برقم (729). وعن أبي سعيد الخدري سيأتي 3/87، وصححه ابن حبان (1905). وعن البراء بن عازب سيأتي أيضاً 4/285. وعن ابن أبي أوفى 4/353.

 

3083 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ، أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ مَانُوسَ الْعَدَنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: " سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " ثُمَّ يَقُولُ: " اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ".

 

حديث صحيح، وهب بن مانوس روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن عمر الصنعاني فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة وثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس به بأس. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (2908) . وانظر (2440) .

 

729 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَاجِشُونُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْفَضْلِ، وَالْمَاجِشُونُ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا كَبَّرَ اسْتَفْتَحَ ثُمَّ قَالَ: " وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ - وقَالَ أَبُو النَّضْرِ: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ - اللهُمَّ لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ " وَكَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: " اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعِظَامِي وَعَصَبِي " وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: " سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ " وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: " اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ فَصَوَّرَهُ فَأَحْسَنَ صُوَرَهُ، فَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ " فَإِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاةِ قَالَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو سعيد: هو عبد الرحمن بن =عبد الله بن عبيد البصري مولى بني هاشم، والماجشون: هو يعقوب بن أبي سلمة، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.

وأخرجه ابن خزيمة (463) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/199 من طريق أحمد بن خالد الوهبي، عن عبد العزيز الماجشون، بهذا الإسناد. وقرن الطحاوي بأحمد بن خالد عبدَ الله بن صالح.

وأخرجه عبد الرزاق (2567) و (2903) ، وابن ماجه (1054) ، وابن خزيمة (464) و (673) ، وأبو عوانة 2/102، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/488، و"شرح معاني الآثار" 1/239، وابن حبان (1771) و (1772) و (1774) ، والدارقطني 1/287، والبيهقي 2/33 و74 من طريق موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، به.

وأخرجه الطيالسي (152) ، وابن أبي شيبة 1/231-232 و248، والدارمي (1238) و (1314) ، ومسلم (771) (202) ، وأبو داود (1509) ، والترمذي (266) و (3422) ، والنسائي 2/129- 130 و192 و220، وابن خزيمة (462) و (612) و (743) ، وأبو يعلى (285) و (574) ، وابن الجارود (179) ، وأبو عوانة 2/100 و101، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/199، والد ارقطني 1/296 من طرق عن عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، عن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، به. وقرن الترمذي في الموضع الثاني بعبد العزيز يوسفَ بن يعقوب الماجشون، وقال: حسن صحيح.

وأخرجه مسلم (771) (201) ، والترمذي (3421) ، والبزار (536) ، وابن خزيمة (723) ، وأبو يعلى (575) ، والبيهقي 2/32، والبغوي (572) من طريق يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، عن أبيه، به. وسيأتي برقم (803) و (804) و (805) و (960) .

 

(19104) 19314- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمُزَنِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الأَرْضِ ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. (4/353)

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، عبيد بن الحسن المُزَني من رجال مسلم، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه مسلم (476) ، وأبو داود (846) ، وابن ماجه (878) وابن حزم  في "المحلى" 4/119 من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد بن حميد (522) ، وأبو داود (846) ، وأبو عوانة 2/177، والطبراني في "الدعاء" (564) و (565) ، والبيهقي في "السنن" 2/94 من طرق عن الأعمش، به. وقال أبو داود: قال سفيان: لقينا الشيخ عبيد أبا الحسن - يعني المزني- بعدُ فلم يقل: بعد الركوع.

وأخرجه الطيالسي (817) ، والطبراني في "الدعاء" (562) من طريق قيس ابن الربيع، والطبراني في "الدعاء" (563) و (566) من طريق بكر بن وائل والعلاء بن صالح، ثلاثتهم عن عبيد بن الحسن، به.

وسيرد بالأرقام (19105) و (19118) و (19119) و (19137) و (19139) و (19401) .

 

11828 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَزَعَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ " سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ: " اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ ؟ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ".

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه.

وأخرجه مسلم (477) ، وأبو داود (847) ، والنسائي في "المجتبى" 2/198-199، وفي "الكبرى" (655) ، وأبو يعلى (1137) ، وابن خزيمة (613) ، وأبو عوانة 2/176، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/239، وابن حبان (1905) ، والبيهقي في "السنن" 2/94 من طرق عن سعيد بن عبد العزيز، به. وعند النسائي في "الكبرى" ، وابن خزيمة والطحاوي: لا نازع، بدل: لا مانع، وانظر حاشيتنا رقم 2، ص174. وقد سقط اسم عطية بن قيس من الإسناد في مطبوع أبي يعلى.

وقد سلف من حديث عبد الله بن عباس برقم (2440) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

وانظر ما قبله.

 

(11827) 11849- حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، قَالَ : اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ ، وَمِلْءَ الأَرْضِ ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ ، بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ ، لاَ نَازِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ. (3/87).

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، سعيد بن عبد العزيز: وهو التنوخي، وعطية بن قيس: وهو الكلابي، من رجاله، والراوي المبهم عن أبي سعيد هو قزعة بن يحيى أبو الغادية البصري كما جاء مصرحاً به في الرواية رقم (11828). أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن حجاج الحمصي. وانظر الرواية برقم (11828) .

 

(18521) 18720- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ أَنَّ مَطَرَ بْنَ نَاجِيَةَ ، اسْتَعْمَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَلَى الصَّلاَةِ أَيَّامَ ابْنِ الأَشْعَثِ ، فَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ ، قَامَ قَدْرَ مَا أَقُولُ ، أَوْ وَقَدْ قَالَ قَدْرَ قَوْلِهِ : اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ ، وَمِلْءَ الأَرْضِ ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَهُ ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ ، لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. الحكم: هو ابن عُتيبة الكندي، وأبو عبيدة المذكور في القصة: هو ابن عبد الله بن مسعود. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 2/197-198، وفي "الكبرى" (652) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. دون ذكر القصة والدعاء.

وأخرجه الطيالسي (736) - ومن طريقه البيهقي في "السنن" 2/122- ومسلم (471) (194) ، وأبو عوانة 2/134، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5041) ، والبيهقي أيضا 2/98، من طرق، عن شعبة، به. ووقع عند الطيالسي: فكان إذا رفع رأسه من الركوع أطال القيام. وسلف برقم (18469) ، وذكرنا أحاديث الباب هناك.

 

عموم المسلمين لا يعلمون اليوم هذه الصياغات، وكل ما يعرفونه هو جملة (ربنا ولك الحمد) فقط. وهذا يدخل في مرونة الصياغات عند القدماء في طريقة أداء الصلاة والطقوس، وتخشبها عند المتأخرين خصوصًا مع انتشار الجهل ومنه جهلهم وعدم فهمهم للغة العربية جيدًا مع أنهم يسمون أنفسهم عربًا! حديث أحمد 729 رواه كذلك مسلم 771، وفيه صيغة تسبيح السجود كذلك أطول ومختلفة عما يقوله المسلمون فهم يكتفون اليوم بجملة (سبحان ربي الأعلى). عمل الفقهاء على تبسيط الصياغات وتثبيت الروايات الأوجز والأكثر اختصارًا منها والخالية من الإبداع والفصاحة وجماليات الشعور اللاهوتي_حتى لو اعتبرته كملحد وهميًّا وتأمليًّا خرافيًّا_ بسبب عدم معرفة العامة بأي لغة عربية وافتقادهم لها وتحرف الكلام في لهجاتهم، انظر مثلًا قول العرب والمصريين منهم (لسة) بدلًا من (ليس بعد) الفصيحة الجميلة، أو (فرجيني) و (بفرجيك) بمعنى فرِّجني وأفرِّجك فحرفوها لسبب ما إلى وزن لا يوجد أصلًا في أوزان أفعال اللغة العربية (وزن فَعْلِيني لا وجود له في العربية، وربما الأقرب فرِّجنيهِ وفرّجني إياه).

 

مرونة صيغة افتتاح الصلاة

 

روى أحمد:

 

23375 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: " اللهُ أَكْبَرُ ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ، وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ "، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ الْبَقَرَةَ، ثُمَّ رَكَعَ وَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ "، " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ " ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَكَانَ قِيَامُهُ نَحْوًا مِنْ رُكُوعِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: " لِرَبِّيَ الْحَمْدُ لِرَبِّيَ الْحَمْدُ "، ثُمَّ سَجَدَ، فَكَانَ سُجُودُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى "، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَانَ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ نَحْوًا مِنَ السُّجُودِ، وَكَانَ يَقُولُ: " رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي "، قَالَ: حَتَّى قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءَ، وَالْمَائِدَةَ، وَالْأَنْعَامَ، شُعْبَةُ الَّذِي يَشُكُّ فِي الْمَائِدَةِ وَالْأَنْعَامِ.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه أبو حمزة الأنصاري واسمه طلحة بن يزيد، لم يرو عنه غير عمرو بن مرة، ولم يوثقه غيرُ ابن حبان كما بيناه عند الحديث (19268) ، والرجل المبهم هو صلة بن زفر، وقد سلف الحديث من طريقه بسند صحيح برقم (23261) لكنه بغير هذا السياق .

وأخرجه الترمذي في "الشمائل" (270) ، والبزار في "مسنده" (2934) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد .

وأخرجه أبو داود (874) ، والنسائي في "المجتبى" 2/199-200 و231، وفي "الكبرى" (1379) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (89) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (712) ، والطبراني في "الدعاء" (523) ، والبيهقي 2/121-122، والبغوي (910) ، والمزي في ترجمة طلحة بن يزيد الأنصاري من "التهذيب" 13/448 من طرق عن شعبة، به . قال النسائي في "الكبرى" عقبه: وهذا الرجل (يعني العبسي) يشبه أن يكون صلة بن زفر .

وله شاهد من حديث عوف بن مالك بسند قوي سيأتي برقم (23980) .

وأخرجه ابن ماجه (897) من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، عن سعد ابن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة، عن حذيفة . مختصراً بلفظ: "أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول بين السجدتين: ربِّ اغفر لي ربِّ اغفر لي" وهذا إسناد صحيح .

وفي باب ما يقول بين السجدتين عن ابن عباس سلف برقم (2895) .

 

 

 

اختلاف صيغة ما يقوله في الركوع ومرونته

 

روى أحمد:

 

23980 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَاصِمَ بْنَ حُمَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَأَ فَاسْتَاكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي وَقُمْتُ مَعَهُ، فَبَدَأَ فَاسْتَفْتَحَ الْبَقَرَةَ لَا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ فَسَأَلَ، وَلَا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلَّا وَقَفَ يَتَعَوَّذُ، ثُمَّ رَكَعَ فَمَكَثَ رَاكِعًا بِقَدْرِ قِيَامِهِ، يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: " سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ، وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ " ثُمَّ قَرَأَ آلَ عِمْرَانَ، ثُمَّ سُورَةً، فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ

 

إسناده قوي. ليث: هو ابن سعد، ومعاوية: هو ابن صالح.

وأخرجه النسائي 2/223 من طريق الحسن بن سوار، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصراً النسائي 2/191 من طريق آدم بن أبي إياس، عن الليث، به.

 وأخرجه أبو داود (873) ، والترمذي في "الشمائل" (306) ، والبزار (2750) و (2751) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (113) ، وفي "الشاميين" (2009) ، والبيهقي في "السنن" 2/310، وفي "الأسماء والصفات" (276) ، والبغوي في "شرح السنة" (912) من طرق عن معاوية بن صالح، به.

وانظر حديث حذيفة السالف برقم (23261) و (23300) .

وحديث عائشة الآتي برقم (24609) .

 

صياغات أخرى لما يُقال في السجود لا يعرفها ونسيها عامة المسملين

 

روى أحمد:

 

24843 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ عَفَّانُ: قَالَ قَتَادَةُ، أَخْبَرَنِي عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: " سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ "، قَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ، قَالَ عَفَّانُ: قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِهِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين ، وهو مكرر (24630) غير أن شيخي أحمد هنا: هما سليمان بن حرب وعفان بن مسلم الصفار ، ولشعبة هنا شيخ آخر وهو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو من أقرانه.

وأخرجه أبو عوانة 2 / 167 - 168 من طريق سليمان بن حرب ، عن شعبة عن هشام الدستوائي ، بهذا الإسناد .

وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1411) من طريق عفان ، عن شعبة عن قتادة ، به . قال : فذكرته لهشام فقال : في ركوعه وسجوده .

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1323) ، والنسائي في "المجتبى" 2 / 190 - 191 ، وفي "الكبرى" (636) و (11687) ، وابن خزيمة (606) من طريقين عن شعبة ، عن قتادة ، به .

وقد سلف من طريق شعبة (24630) وفيه : في ركوعه وسجوده .

وانظر رقم (24063) .

25606 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: " سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " ثُمَّ شَكَّ يَحْيَى فِي ثَلَاثٍ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى- وهو ابن سعيد القطان- سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل اختلاطه.

وأخرجه أبو عوانة 2/167، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/234 من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد، ولم يذكرا عدداً، وعند أبي عوانة: في سجوده.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/250، ومسلم (487) (223) ، وأبو عوانة 12/167، وابن حبان (1899) من طريق محمد بن بشر، وإسحاق (1322) عن عبدة بن سليمان، وأبو عوانة 12/67، والبيهقي في "السنن" 2/87 و109، وفي "الدعوات" (75) من طريق سعيد بن عامر، والنسائي في "الكبرى" (7693) ، وابن نصر في "قيام الليل" ص 79 (مختصر) من طريق يزيد بن زُريع، وأبو عَوانة 2/167 من طريق أبي عتاب، وأبو عوانة 12/67 من طريق روح، ستتهم عن سعيد، به. ولم يذكروا عدداً، وقد قرن أبو عوانة بسعيد هشاماُ وهمَّاماً.

وقد سلف برقم (24063) ، وسيرد برقم (26293) .

 

وروى مسلم:

 

[ 487 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر العبدي حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير أن عائشة نبأته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح

 

مرونة وتعدد صيغة التشهد عند أوائلهم وقدمائهم

 

لعل أقرب صيغة لما كانوا يحفِّظونه لنا في الصغر هي رواية البخاري:

 

4798 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا التَّسْلِيمُ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنْ اللَّيْثِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ وَقَالَ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ

 

ورواية مسلم:

[ 405 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال قرأت على مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري وعبد الله بن زيد هو الذي كان أري النداء بالصلاة أخبره عن أبي مسعود الأنصاري قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم

 

 

على العكس من توحيد وتخشب نص صيغة التشهد في الصلاة حاليًّا، اتسمت صيغته عند القدماء بمرونة كبيرة، ولنذكر بعض الروايات المخالفة في صيغتها للصيغة التي يحفظونها وحدها اليوم بعموم عامتهم، روى البخاري:

 

3369 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

 

3370 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ بَلَى فَأَهْدِهَا لِي فَقَالَ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

 

ورواه البخاري 6357

 

6358 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ

 

6360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

 

وروى مسلم:

 

[ 406 ] حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم قال سمعت بن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

 

[ 407 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا روح وعبد الله بن نافع ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم واللفظ له قال أخبرنا روح عن مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرو بن سليم أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

 

وروى أحمد:

(18104) 18283- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَجُلاً ، قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، قَدْ عَلِمْنَا السَّلاَمَ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكَ ؟ قَالَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. (4/241).

 

(18105) 18284- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَكَمُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. 18285- قَالَ : وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ : لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : أَلاَ أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً ؟ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، قَدْ عَلِمْنَا ، أَوْ عَرَفْنَا ، كَيْفَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ الصَّلاَةُ ؟ قَالَ : قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. (4/241).

 

(18127) 18307- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا قَدْ عَلِمْنَا السَّلاَمَ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ الصَّلاَةُ ؟ قَالَ : فَعَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

 

11433 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ قَدْ عَلِمْنَاهُ، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ، قَالَ: " قُولُوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ إِبْرَاهِيمَ "

 

(18133) 18313- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قَالُوا : كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللهِ ؟ قَالَ : قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

قَالَ : وَنَحْنُ نَقُولُ وَعَلَيْنَا مَعَهُمْ ، قَالَ يَزِيدُ : فَلاَ أَدْرِي أَشَيْءٌ زَادَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ ، أَوْ شَيْءٌ رَوَاهُ كَعْبٌ. (4/244).

 

حديث صحيح. يزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي الكوفي، وإن يكن ضعيفاً- متابع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (287) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/507- ومن طريقه الطبراني في "الكبير" 19/ (287) - وأبو عوانة 2/213 من طريق محمد بن فضيل، به. وأخرجه الحميدي (711) ، وإسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (57) و (58) ، وأبو عوانة 2/212، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2232) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (287) إلى (290) من طرق، عن يزيد ابن أبي زياد، به. وقد سلف بالأرقام (18104) و (18105) و (18127). وزيادة: "وعلينا معهم" التي حصل فيها الشك من يزيد. قد جاء مصرحاً عند الترمذي (483) أنها من قول عبد الرحمن بن أبي ليلى.

 

ورواه الترمذي:

 

483 - حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أسامة عن مسعر والأجلح ومالك بن مغول عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال: قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك قد علمنا فكيف الصلاة عليك ؟ قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد قال محمود قال أبو أسامة وزادني زائدة عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ونحن نقول وعلينا معهم

[ قال ] وفي الباب عن علي وأبي حميد وأبي مسعود وطلحة وأبي سعيد وبريدة وزيد بن خارجة ويقال ابن جارية و أبي هريرة

 قال أبو عيسى حديث كعب بن عجرة حديث حسن صحيح

 

قال الألباني: صحيح

 

وانظر هوامش طبعة الرسالة، وكل الصياغات عامة مختلفة عن بعضها رغم وحدة أو تقارب المعنى نظرًا لاتسام النص بالمرونة والتحرر عند الأقدمين في الأصل. ونلاحظ زيادة بعض القدماء الصلاة والتبريكات على أنفسهم (وعلينا معهم)، وكما قلت في باب (مما ابتدعوه في دينهم) فقد كانت الصلاة والسلام على الناس الصالحين غير الأنبياء المزعومين مسموحًا بها تلفظًا واعتقادًا، وتحريم السنة لها بدعة، وكذلك تحريم الشيعة لها سوى للأنبياء ونسل عليّ.

أيضًا ذكرت أحاديث عمل دعاء فردي سري بين السلام والصلاة على محمد، يعني بين (التحيات لله) و(اللهم صلٍّ على محمد)، فروى أحمد:

 

4160 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُلِّمَ فَوَاتِحَ الْخَيْرِ، وَجَوَامِعَهُ، وَخَوَاتِمَهُ، فَقَالَ: " إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَقُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ، فَلْيَدْعُ بِهِ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ "...إلخ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الأحوص - وهو عوف بن مالك بن نضلة الجشمي - فمن رجال مسلم. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وهذا الحديث هو - كما ترى - ثلاثة أحاديث: فحديث التشهد: أخرجه النسائي في "المجتبى" 2/238، وابن خزيمة (720) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (304) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/263، وابن حبان (1951) ، والطبراني في "الكبير" (9612) ، وأبو نعيم في "الحلية" 7/178-179 من طريق شعبة، به.

وسلف برقم (3877) من طريق معمر، عن أبي إسحاق، به، وبرقم (3622) من طريق الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود.

 

عموم المسلمين أيضًا لم يسمعوا بشيء كهذا، وأنا كمسلم سابق طوال 21 سنة لم أسمع به شخصيًّا.

 

صيغة أذان صلوا في رحالكم في وقت المطر الشديد

 

روى البخاري:

 

632 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ ثُمَّ قَالَ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ

 

666 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ ثُمَّ قَالَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ يَقُولُ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ

616 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ وَعَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ رَدْغٍ فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ

 

وانظر أحمد 4479 و17933

 

ومما روى مسلم:

 

[ 698 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير عن جابر ح وحدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمطرنا فقال ليصل من شاء منكم في رحله

 

 [ 699 ] وحدثني علي بن حجر السعدي حدثنا إسماعيل عن عبد الحميد صاحب الزيادي عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير إذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم قال فكأن الناس استنكروا ذاك فقال أتعجبون من ذا قد فعل ذا من هو خير مني إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدحض

 

وروى البيهقي في سننه الكبرى:

 

1734 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق البزار ببغداد ثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكهي بمكة ثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة ثنا بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن نعيم بن النحام من بني عدي بن كعب قال: نودي بالصبح في يوم بارد وهو في مرط امرأته فقال ليت المنادي ينادي ومن قعد فلا حرج فنادى منادي النبي صلى الله عليه و سلم في آخر أذانه ومن قعد فلا حرج وذلك في زمن النبي صلى الله عليه و سلم في آخر أذانه تابعه الأوزاعي عن يحيى بن سعيد إلا أنه قال فلما قال الصلاة خير من النوم قال ومن قعد فلا حرج

شخصيًّا لم أسمع في أي يومٍ كان به مطر شديد هذه الصيغة، مرت مصر نادرًا بأمطار غزيرة تستغرق بضع ساعات بصورة مفزعة، وهو حدث نادرًا ما يحدث خلال السنين، ولا أحسبني سمعت أحدًا لا في مطر عادي ولا استثنائي رهيب من المؤذنين والشيوخ قال هذه الصيغة أو حتى بصيغة معصرنة مُحدَّثة تكون أكثر مرونة وحداثة كأن يقولوا: صلوا في منازلكم أو بيوتكم، ربما لأن الناس لا يبلغ بهم الإيمان بالوهم إلى درجة الخروج في مطر لحضور صلاة جماعة في مسجد، ربما ولا حتى المؤذنين وشيوخ المساجد أنفسهم في حالات المطر الشديد الاستثنائي.

 

كان مسموحا لغير المسلمين بإقامة ثلاثة أيام في مكة والمدينة

 

روى مالك في الموطإ برواية الزهري:

 

1864 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ , مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالمَجُوسَ بِالْمَدِينَةِ إِقَامَة ثَلاَث لَيَالٍ يَتَسَوَّقُونَ بِهَا، وَيَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ، وَلاَ يُقِيمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ.

 

وفي رواية محمد بن الحسن إضافة:

 

872 - أخبرنا مالك أخبرنا نافع عن ابن عمر : أن عمر رضي الله عنه ضرب (1) للنصارى واليهود والمجوس بالمدينة إقامة ثلاث ليال يتسوقون ويقضون حوائجهم ولم يكن أحد منهم يقيم (3) بعد ذلك (4)

 قال محمد : إن مكة والمدينة وما حولهما (5) من جزيرة العرب (6) وقد بلغنا عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه لا يبقى (7) دينان في جزيرة العرب . فأخرج عمر رضي الله تعالى عنه من لم يكن مسلما من جزيرة العرب لهذا الحديث

 

(1) قوله : ضرب أي عين لهم حين أراد إخراجهم من جزيرة العرب إقامة ثلاث ليال على سبيل المهلة . يتسوقون أي يذهبون إلى السوق ويقضون حوائجهم فيه وغيره ثم يخرجون

(3) أي في المدينة وما حولها

(4) أي بعد ثلاث ليال

(5) كجدة وخيبر وغيرهما

(6) قوله : من جزيرة العرب ( قال صاحب المحلى بعد حديث الباب : فلا يمكن للكافر مشركا كان أو يهوديا أو نصرانيا من السكنى في أرض العرب ويجب إخراجهم منه وبه أخذ أبو حنيفة ومالك وهو قول للشافعي غير أنه خص المنع بالحجاز خاصة ثم قال في الهداية وشرحه : إنهم لا يمكنون من السكنى في أرض اليمن ويمنعون أن يتخذوا أرض العرب مسكنا ووطنا بخلاف سائر الأمصار . أوجز المسالك 14 / 59 )

 

وذكره عبد الرزاق في مصنفه:

 

9984 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يجتمع بأرض العرب - أو قال بأرض الحجاز - دينان قال ففحص عن ذلك عمر حتى وجد عليه الثبت قال الزهري فلذلك أجلاهم عمر قال الزهري وكان عمر لا يترك أهل الذمة أن يقيموا بالمدينة فوق ثلاثة أيام إذا أرادوا أن يبيعوا طعاما وتؤمر نساء اليهود والنصارى أن يحتجبن ويتخلين.

 

يحتجبن: يعني لا يخرجن إلى الشارع.

 

19361 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب قال لما طعن عمر أرسل إلى ناس من المهاجرين فيهم علي فقال أعن ملأ منكم كان هذا فقال علي معاذ الله أن يكون عن ملأ منا ولو استطعنا أن نزيد من أعمارنا في عمرك لفعلنا قال قد كنت نهيتكم أن يدخل علينا منهم أحد.

 

19360 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع قال كان عمر لا يدع اليهودي والنصراني والمجوسي إذا دخلوا المدينة أن يقيموا بها إلا ثلاثا قدر ما يبيعون سلعتهم فلما أصيب عمر قال قد كنت أمرتكم ألا تدخلوا علينا منهم أحدا ولو كان المصاب غيري كان له فيه أمر قال وكان يقول لا يجتمع بها دينان

 

19357 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في هذه الآية إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام قال لا إلا أن يكون عبدا أو أحدا من أهل الجزية

 

19358 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن بن أبي نجيح قال أدركت وما يترك يهودي ولا نصراني يدخل الحرم

 

لشدة ازدياد انغلاق وتعصب المسلمين لم يعودوا يسمحون بأي دخول لغير مسلم إلى تلك المدينتين، كتب مستشرقون عن رؤيتهم لحج المسلمين بعدما انتحلوا شخصيات مسلمين أو تظاهروا بإعلان الإسلام وكتبهم موجودة وبعضها ترجمه المسيحيون العرب إلى العربية.

 

تلفيق حديث فترة عهدة الرقيق أي: "فترة ضمان" ما بعد البيع وحق الارتجاع للعبد المُشترَى

 

لما كان القدماء الوحشيون يسمحون ببيع بعض البشر للآخر، فقد تعاملوا معهم كالبضائع والبهائم، فجعلوا هناك فترة ضمان لجودة السلعة وعدم مرضها أو فسادها أو ظهور عيوب بها!

 

روى أحمد:

 

24514 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ غُلَامًا، فَاسْتَغَلَّهُ، ثُمَّ وَجَدَ، - أَوْ رَأَى - بِهِ عَيْبًا، فَرَدَّهُ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ الْبَائِعُ: غَلَّةُ عَبْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ "

 

حديث حسن ، مسلم -وهو ابن خالد الزنجي ، وإن يكن ضعيفاً- تابعه غير واحد ، كما ذكرنا في تخريج الرواية (24224) ، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين ، غير إسحاق بن عيسى - وهو الطباع - فمن رجال مسلم . وأخرجه حميد بن زنجويه في "الأموال" (281) ، وأبو داود (3510) ، وابن ماجه (2243) ، وابن الجارود في "المنتقى" (626) ، وأبو يعلى (4614) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4 / 21 - 22 ، وابن حبان (4927) ، والدارقطني 3 / 53 ، والحاكم 2 / 14 - 15 ، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (11350) و (11352) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 18 / 205 - 206 و207 ، والبغوي في "شرح السنة" (2118) من طرق عن مسلم بن خالد ، بهذا الإسناد . وبعضهم لم يذكر فيه قصة. قال أبو داود : هذا إسناد ليس بذاك قلنا : ونبه على علته الترمذي في " العلل الكبير " 1 / 514 ، لكنه صححه ، كما سيأتي ، وذكر أن العمل على هذا عند أهل العلم . وأخرجه الترمذي (1286) ، والبيهقي في "معرفة الآثار" (11356) من طريق عمر بن علي المقدمي ، عن هشام بن عروة ، به ، دون ذكر القصة .// وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، غريب من حديث هشام بن عروة . وقد روى مسلم بن خالد الزنجي هذا الحديث عن هشام بن عروة .// ورواه جرير عن هشام أيضاً ، وحديث جرير يقال : تدليس دلسَّ فيه جرير ، لم يسمعه من هشام بن عروة . وقال كذلك في "العلل الكبير" 1 / 514 - 515 : فقلت له - أي البخاري-: قد رواه عمر بن علي ، عن هشام بن عروة ، فلم يعرفه من حديث عمر بن علي. قال : قلت له : ترى أن عمر بن علي دلَّس فيه؟ فقال : لا أعرف أن عمر ابن علي يدلس. قلت له : رواه جرير عن هشام بن عروة . فقال : قال محمد ابن حميد: إن جريراً روى هذا في المناظرة ولا يدرون له فيه سماعاً . وضعف محمد -أي البخاري- حديث هشام بن عروة في هذا الباب .// وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 7 / 2605 من طريق يعقوب بن الوليد ، وأخرجه كذلك الخطيب في "تاريخه" 8 / 297 - 298 من طريق خالد بن مهران المكفوف ، كلاهما عن هشام بن عروة، به. قال ابن عدي عقبه: هذا حديث مسلم بن خالد الزنجي، عن هشام بن عروة ، سرقه منه يعقوب هذا، وخالد بن مهران ، وهو مجهول.// وسيأتي برقم (24847) دون ذكر القصة .// وقد سلف برقم (24224) من طريق مخلد بن خفاف بن إيماء ، عن عروة ، به .// وأخرجه إسحاق بن راهويه (750) ، والنسائي في "المجتبى" 7/254-255، وابن ماجه (2242) ، وأبو يعلى (4537) من طريق وكيع.// قال الترمذي : وتفسير الخراج بالضمان : هو الرجل يشتري العبد فيستعمله ، ثم يجد به عيباً ، فيرده على البائع ، فالغلة للمشتري ، لأن العبد لو هلك ، هلك من مال المشتري ، ونحو هذا من المسائل ، يكون فيه الخراج بالضمان .

 

24224 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَخْلَدُ بْنُ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ "

 

حديث حسن وهذا إسناد ضعيف، مخلد بن خفاف قال الذهبي في "الميزان" وثقه ابن وضاح، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الترمذي عن حديثه هذا بعد أن أخرجه: هذا حديث حسن صحيح، وقال أبو حاتم: لم يرو عنه غير ابن أبي ذئب، وليس هذا إشادات تقوم به الحجة غير أني أقول به لأنه أصلح من آراء الرجال، وقال البخاري: فيه نظر.// قلنا: قد تابع مخلدَ بن خفاف عمرُ بنُ علي المقدَّمي، ومسلمُ بنُ خالد الزنجي، وخالدُ بن مهران، كما سيأتي، فالحديث حسن بهذه المتابعات، ولا سيما أن أهل العلم تلقوا هذا الحديث بالقبول، وعملوا به. وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.// وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (627) ، والحاكم في "المستدرك" 2/15، وابن عبد البر في "التمهيد" 18/206 و207 من طريق يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد.// وأخرجه الطيالسي (1464) ، والشافعي في "مسنده" 2/143-144 وعبد الرزاق في "مصنفه" (14777) ، وإسحاق بن راهوية (750) و (775) = و (776) ، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (280) ، وأبو داود (3508) و (3509) ، والترمذي (1285) ، والنسائي في "المجتبى" 7/254- 255، وأبو يعلى (4575) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2830) و (2831) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/21، والعقيلي في "الضعفاء" 4/231، وابن حبان (4928) ، وأين عدي في "الكامل" 6/2436، والدارقطني 3/53، والحاكم 2/15، وتمَّام في "فوائده" (691) و (692) ، والبيهقي في "السنن" 5/321، وفي "معرفة السنن والآثار" (11349) و (11359) ، والبغوي في "شرح السنة" (2119) من طرقه عن ابن أبي ذئب، به.// قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم. وكذلك حسّنه البغوي.// وأخرج ابن عدي في "الكامل" 6/2437 من طريق يزيد بن عياض، عن مخلد بن خفاف، به.// والحديث سيأتي بالأرقام (25276) و (25745) و (25999) وسيأتي برقمي (24514) و (24847) من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، به.// وأخرجه الخطيب في "تاريخه" 8/297-298 من طريق إبراهيم بن عبد الله العروي، حدثنا أبو الهيثم خالد بن مهران البلخي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وهذا سند حسن.

 

قال السندي: قوله "الخراج بالضمان"، الخراج بالفتح: أريد به ما يخرج ويحصل من غلة العين المشتراة: عبداً كان أو غيره، وذلك أن يشتريه فيستغله زماناً، ثم يعثر منه على عيب كان فيه عند البائع، فله رَد العين المبيعة وأَخْذُ العمل، ويكون للمشتري ما استغله لأن المبيع لو تلف في يده لكان في ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء.

 

جاء في موطأ مالك برواية الزهري وترقيمها:

 

(3) باب العهد في الرقيق

2479 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ، أَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ , وَهِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ كَانَا يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ، مِنْ حِينِ يُشْتَرَى الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ، وَعُهْدَةَ السَّنَةِ، وَيأْمُرَانِ بِذَلِكَ.

 

2480 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ مَالِكٌ: وعلى ذلك العمل عندنا فيمن باع بغير البراءة أن مَا أَصَابَ الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ فِي الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ، مِنْ حِينِ يُشْتَرَيَانِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الأَيَّامُ الثَّلاَثَةُ، فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ، ثم عُهْدَةَ السَّنَةِ مِنَ الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ , وَالْبَرَصِ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ , فَقَدْ بَرِئَ الْبَائِعُ مِنَ الْعُهْدَةِ كُلِّهَا.

 

2481 - قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، أَوْ غَيْرِهِمْ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَلاَ عُهْدَةَ عَلَيْهِ , إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ، لَمْ تَنْفَعْهُ الْبَرَاءَةُ، وَكَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُودًا عليه، وَلاَ عُهْدَةَ عِنْدَنَا إِلاَّ فِي الرَّقِيقِ.

 

(4) باب العيب في الرقيق

2482 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ بَاعَ غُلاَمًا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ , فَقَالَ الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: بِالْعبد دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي، فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: بَاعَنِي عَبْدًا، وَبِهِ دَاءٌ لَمْ يُسَمِّهِ لِي، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ: بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ، وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى عَبْدُ اللهِ أَنْ يَحْلِفَ، وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ، فَبَاعَهُ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ.

 

2483 - قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أنه مَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً أَوْ حَيَوَانًا بِالْبَرَاءَةِ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فِيمَا بَاعَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ فِي ذَلِكَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ، لَمْ ينْفَعْهُ تَبْرِئَتُهُ، وَكَانَ مَا بَاعَ مَرْدُودًا عَلَيْهِ.

 

2484 - قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا: أَنَّ كُلَّ مَنِ ابْتَاعَ وَلِيدَةً فَحَمَلَتْ، أَوْ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، وَكُلَّ أَمْرٍ دَخَلَهُ الْفَوَاتُ حَتَّى لاَ يُسْتَطَيعَ رَدُّهُ، ثم قَامَتِ الْبَيِّنَةُ على أنه كَانَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الَّذِي بَاعَهُ، أَوْ عُلِمَ ذَلِكَ بِاعْتِرَافٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ تقَوَّمُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ، فَيُرَدُّ مِنَ الثَّمَنِ قَدْرُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا , وَقِيمَتِهِ وَبِهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ.

 

2485 - قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ، ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ يُرَدُّ مِنْهُ، وَقَدْ حَدَثَ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ آخَرُ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ مُفْسِدًا، مِثْلُ الْقَطْعِ أَوِ الْعَوَرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ، فَإِنَّ الَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ، بِقَدْرِ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ بِالْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ، وُضِعَ عَنْهُ، فإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَغْرَمَ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ عِنْدَهُ، ويَرُدُّ عليه، فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الَّذِي اشْتَرَاهُ، أُقِيمَ الْعَبْدُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ، فَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُهُ؟ فَإِنْ كَانَ ثمن الْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ عَيْبٍ، مِائَةَ دِينَارٍ، وَقِيمَتُهُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ وَبِهِ الْعَيْبُ، ثَمَانُونَ دِينَارًا , وُضِعَ عَنِ الْمُشْتَرِي مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ اشْتُرِيَ الْعَبْدُ.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

37481- حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، قَالَ : إِنَّمَا جَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عُهْدَةَ الرَّقِيقِ ثَلاَثَةً ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُنْقِذِ بْنِ عَمْرٍو : قُلْ : لاَ خِلاَبَةَ ، إِذَا بِعْتَ بَيْعًا ، فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثًة.

 

37482- حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ ، وَهِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يُعَلِّمَانِ الْعُهْدَةُ فِي الرَّقِيقِ : الْحُمَّى ، وَالْبَطْنِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ، وَعُهْدَةٌ سَنَةٌ فِي الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ.

- وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ : إِذَا افْتَرَقَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ إِلاَّ بِعَيْبٍ كَانَ بِهَا.

 

وروى عبد الرزاق:

 

14721 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عن سالم بن عبد الله بن عمر قال باع بن عمر عبدا له بالبراءة فوجد الذي اشتراه به عيبا فقال لابن عمر لم تسمه لي فاختصما إلى عثمان بن عفان فقال الرجل باعني عبدا به داء لم يسمه لي فقال بن عمر بعت بالبراءة فقضى عثمان أن يحلف بن عمر بالله لقد باعه وما به داء علمه فأبى بن عمر أن يحلف وقبل العبد قال عبد الرزاق وأما أهل المدينة فإنهم يحكمون بالبراءة يقولون إذا تبرأ إليه بريء منه والناس على غيره حتى يسمي ذلك الداء

 

14722 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا مالك والأسلمي عن يحيى بن سعيد عن سالم أن بن عمر باع غلاما له أحسبه قال بسبع مئة درهم وباعه بالبراءة فقال الذي ابتاع العبد لابن عمر بالعبد داء لم تسمه لي فاختصما إلى عثمان فقال الرجل باعني عبدا وبه داء لم يسمه لي فقال بن عمر بعته بالبراءة فقضى عثمان أن يحلف بن عمر بالله لقد باعه وما به داء يعلمه قال فأبى بن عمر أن يحلف وارتجع العبد

 

14724 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري في العهدة بعد الموت قال ينقص عنه بقدر العيب

 

14725 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة قال لا عهدة بعد الموت إذا مات جاز عليه

 

14726 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن بن سيرين عن شريح قال قال له رجل إن هذا باعني جارية بها داء قال ارددها بدائها قال إنها قد ماتت قال بينتك أن ذلك الداء هو الذي قتلها

 

14727 - أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري عن زكريا عن الشعبي أن رجلا ابتاع عبدا فأعتقه ووجد به عيبا فقال يرد على صاحبه فضل ما بينهما ويجعل ما رد عليه في رقاب لأنه قد كان وجهه

 

14728 - أخبرنا عبد الرزاق قال سفيان في عبد بين رجلين اشترى أحدهما من صاحبه ثم وجد به عيبا قال له العهدة على صاحبه يقول يرده إن شاء

 

14730 - أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري في رجل اشترى من رجل عبدا ثم سافر به أرضا بعيدة فعرف العبد مسروق في يده قال أقص عليه وأقص الذي له على الذي يشتري منه

 

14731 - أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري في رجلين تبادلا بعبد فوجد أحدهما في أحد العبدين عيبا قيمة العبد الذي به العيب قال هذا بن أبي ليلى

 

14732 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن بن سيرين قال يترادان العيب بينهما أيهما أخذ رد على صاحبه ما نقص من ذلك العيب

 

يعني كما ترى تشريعات تجارية للبشر على أنهم بضاعة وكالسلع والماشية والأغنام!

 

وروى أحمد:

 

17358 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هشامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " عُهْدَةُ الرَّقِيقِ أَرْبَعُ لَيَالٍ "

قَالَ قَتَادَةُ: " وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: ثَلَاثُ لَيَالٍ "

 

إسناده ضعيف، سلف الكلام عليه عند الرواية (17292). عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العَنْبري، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائي. وأخرجه بنحوه أبو داود (3507) عن هارون بن عبد الله، عن عبد الصمد، عن همام، عن قتادة، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه الدارمي (2552) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6091) من طريقين عن همام، عن قتادة، به. وأخرجه الحاكم 2/21-22، والبيهقي في "السنن" 5/323 من طرق عن هشام، عن قتادة، به. وأخرجه الطيالسي (908) ، ومن طريقه البيهقي 5/323 عن هشام، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة أو عقبة، به. على الشك.

 

17292 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا عُهْدَةَ بَعْدَ أَرْبَعٍ "

إسناده ضعيف لانقطاعه، الحسن- وهو البصري- لم يسمع عقبة بن عامر، قال أبو حاتم، فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 1/355: ليس هذا الحديث بصحيح، وهو عندنا مرسل. يعني أنه منقطع، وذكر أيضاً علة الإرسال الحاكمُ في "المستدرك" 2/22. والبيهقي في "السنن" 5/323، ونقل الخطابي في "معالم السنن" 3/147 عن الإمام أحمد أنه ضعف هذا الحديث، وقال: لا يثبت في العهدة حديث. ثم هو مضطرب، وقد اختلف فيه على الحسن فمرة يقال فيه: عن الحسن، عن عقبة بن عامر، ومرة: عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسيأتي بيان هذا الاختلاف عند الروايتين (17358) و (17384) ، ورجال الإسناد كلهم ثقات رجال الشيخين. يونس: هو ابن عُبيد البصري. وأخرجه ابن ماجه (2245) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6089) ، والحاكم 2/21، والبيهقي في "السنن" 5/323، والخطيب في "تاريخه" 5/84 من طريق هشيم، بهذا الإسناد. وسيأتي بنحوه بالأرقام (17358) و (17384) و (17385) . وأخرجه ابن أبي شيبة 14/227، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6088) من طريق إسماعيل ابن عُليّة. وأخرجه الحاكم 2/21، والبيهقي في "السنن" 5/323 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، به. وأخرجه ابن ماجه (2244) من طريق عبدة بن سليمان، والطحاوي (6092) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، كلاهما عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولم يصرِّح الحسن البصري بسماعه له من سمرة. وأخرجه الدارمي (2551) ، وأبو داود (3506) ، والطحاوي (6090) من طريق أبان بن يزيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة.

قال السندي: قوله: "لا عهدة بعد أربع"، أي: بعد أربع ليالٍ في بيع الرقيق، ولفظ الحديث في أبي داود (وأيضاً عند المصنف فيما سيأتي) : "عهدة الرقيق ثلاثة أيام"، وفسَّره قتادة بأنه إن وجد داءً في ثلاث ليالٍ يردُّ العبد على البائع بلا بيّنة، وإن وجد بعد ثلاث كُلِّف البيّنة، أنّه اشتراه وبه هذا الداء. ولا يخفى أن لفظ "المسند" يقتضي بالمفهوم وجود العهدة في اليوم الرابع، ثم حديث العهدة أخذ به أهل المدينة كابن المسيب والزهري ومالك.

 

17384 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثٌ "

 

إسناده ضعيف، سلف الكلام عليه عند الرواية (17292) . إسماعيل: هو ابن عُليَّة، وسعيد: هو ابن أبي عروبة، وقتادة: هو ابن دِعامَة السَّدوسي. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/227، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6088) من طريق إسماعيل ابن عُليّه، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 2/21، والبيهقي في "السنن" 5/323 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، به. وأخرجه ابن ماجه (2244) من طريق عبدة بن سليمان، والطحاوي (6092) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، كلاهما عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولم يصرِّح الحسن البصري بسماعه له من سمرة. وأخرجه الدارمي (2551) ، وأبو داود (3506) ، والطحاوي (6090) من طريق أبان بن يزيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة.

 

ورواه ابن أبي شيبة:

 

37479- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ.

 

37480- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : لاَ عُهْدَةَ فَوْقَ أَرْبَعٍ.

 

هذا الحديث على أي حال ملفَّق باعتراف المسلمين أنفسهم: لا يثبت في العهدة حديث. يعني تحديد العهدة (الضمان) بمدة محددة. فشهدوا على أنفسهم بالتحريف ووقعوا فيما اتهموا به اليهود والمسيحيين، لشرعنة تشريعاتهم الفقهية بالأحاديث الملفقة الضعيفة. ومن مظاهر التلفيق تناقض الروايات في تحديد الأيام للعُهدة، وهو من تقاليد أصحاب وأتباع محمد بعد موته.

 

وجاء في المغني لابن قدامة:

 

[فَصْلٌ كَانَ الْمَبِيع كَاتِبًا أَوْ صَانِعًا فَنَسِيَ ذَلِكَ عِنْد الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا]

(3007) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ كَاتِبًا أَوْ صَانِعًا، فَنَسِيَ ذَلِكَ عِنْد الْمُشْتَرِي، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا، فَذَلِكَ عَيْبٌ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، حُكْمُهُ حُكْمُ غَيْرِهِ مِنْ الْعُيُوبِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، يَرُدُّهُ، وَلَا يَرُدُّ، مَعَهُ شَيْئًا. وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَقْصٍ فِي الْعَيْنِ، وَيُمْكِنُ عَوْدُهُ بِالتَّذَكُّرِ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ سَمِينًا فَهَزِلَ. وَالْقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَاهُ؛ فَإِنَّ الصِّيَاغَةَ وَالْكِتَابَةَ مُتَقَوِّمَةٌ تَضْمَنُ فِي الْغَصْبِ، وَتَلْزَمُ بِشَرْطِهَا فِي الْبَيْعِ، فَأَشْبَهَتْ الْأَعْيَانَ وَالْمَنَافِعَ، مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَالْعَقْلِ، وَإِمْكَانُ الْعَوْدِ مُنْتَقِضٌ بِالسِّنِّ، وَالْبَصَرِ، وَالْحَمْلِ. وَلَعَلَّ مَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَرَادَ بِهِ، إذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ.

 

[فَصْلٌ تَعَيَّبَ الْمَبِيع فِي يَدِ الْبَائِع بَعْدَ الْعَقْد]

(3008) فَصْلٌ: وَإِذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ ضَمَانِهِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْقَبْضِ. فَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامِ، فَمَا أَصَابَهُ فِيهَا فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، إلَّا فِي الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، فَإِنْ ظَهَرَ إلَى سَنَةٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ؛ لِمَا رَوَى الْحَسَنُ، عَنْ عُقْبَةَ «؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ عُهْدَةَ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» . وَأَنَّهُ إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَلِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَكُونُ فِيهِ الْعَيْبُ، ثُمَّ يَظْهَرُ.

وَلَنَا، أَنَّهُ ظَهَرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا، فَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْخِيَارُ، كَسَائِرِ الْمَبِيعِ، أَوْ مَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّنَةِ، وَحَدِيثُهُمْ لَا يَثْبُتُ؛ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَثْبُتُ فِي الْعُهْدَةِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَالْحَسَنُ لَمْ يَلْقَ عُقْبَةَ. وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَالدَّاءُ الْكَامِنُ لَا عِبْرَةَ بِهِ، وَإِنَّمَا النَّقْصُ بِمَا ظَهَرَ لَا بِمَا كَمَنَ.

 

تلفيق حديث إلى محمد بتحريم زواج المستعبَد بدون إذن "مالكه"، وذكر حكم أنه لا يجوز للمستعبَد الزواج بحرية بدون إذن سيده، ولو تزوج يمكن أن ينزعه مالكه من زوجته ويفرقه عنها، أو لو كانت أمة يأخذها منه متى شاء

 

روى عبد الرزاق:

 

12978 - عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال لا نكاح لعبد إلا بإذن سيده وذكره قتادة عن الحسن

12976 - عبد الرزاق عن الثوري عن رجل كان أجيرا لسالم بن عبد الله عن سالم قال قال عمر بن الخطاب إذا نكح العبد بغير إذن مواليه فنكاحه حرام وإذا نكح بإذن مواليه فالطلاق بيد من يستحل الفرج

 

12980 - عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر ضرب غلاما له الحد تزوج بغير إذنه وفرق بينهما

 

12981 - عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع أن بن عمر وجد عبدا له نكح بغير إذنه ففرق بينهما وأبطل صداقه وضربه حدا

 

 

12982 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني موسى بن عقبة عن نافع أن بن عمر كان يرى نكاح العبد بغير إذن سيده زنا ويرى عليه الحد وعلى التي نكح إذا اصابها إذاعلمت أنه عبد ويعاقب الذين أنكحوه

 

12984 - عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال تزوج غلام لأبي موسى امرأة فساق إليها خمس قلائص فخاصم إلى عثمان فأبطل النكاح وأعطاها قلوصين ورد إلى أبي موسى ثلاثا

 

وقال البخاري في صحيحه:

 

بَاب مَا يَحِلُّ مِنْ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } وَقَالَ أَنَسٌ { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ } ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ الْحَرَائِرُ حَرَامٌ { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ وَقَالَ { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ }

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

17134- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : نِكَاحُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ زِنًا ، وَيُعَاقَبُ الَّذِي زَوَّجَهُ.

 

17135- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا تَزَوَّجَ عَبْدُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ ضَرَبَهُ الْحَدَّ.

 

17173- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَن عَبْدِ اللهِ فِي قَوْلِهِ : {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} قَالَ : كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عَلَيْكَ حَرَامٌ إلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ، أَوْ تَشْتَرِيهَا.

 

17174- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ , عَنْ أَشْعَثَ , عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عَلَيْكَ حَرَامٌ إلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِنَ السَّبَايَا يُرِيدُ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}.

 

قال البغوي في شرح السنة:

 

ولو نكح العبد بغير إذن المولى ، فالنكاح باطل وهو قول أكثر أهل العلم ، لما روي عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  " أيما عبد تزوج بغير إذن سيده ، فهو عاهر " وذهب مالك وأصحاب الرأي إلى أن النكاح موقوف ، فإن أجازه المولى ، جاز. وإذا نكح العبد بغير إذن المولى ، فوطئ ، فلا حد ، ويجب المهر متعلقا بذمته إلى أن يعتق على أصح القولين ، والثاني : تباع رقبته فيه ، كدين الجناية.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ]

(5248) قَالَ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ نَكَحَ لَمْ يَنْعَقِدْ نِكَاحُهُ، فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ نِكَاحَهُ بَاطِلٌ. وَالصَّوَابُ مَا قُلْنَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ -، فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهِ، فَعَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ؛ أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ بَاطِلٌ. وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ السَّيِّدِ، فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ، وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقِفُ عَلَى الْفَسْخِ، فَوَقَفَ عَلَى الْإِجَازَةِ، كَالْوَصِيَّةِ. وَلَنَا، مَا رَوَى جَابِرٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ، فَهُوَ عَاهِرٌ.» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. وَرَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ، فَهُوَ زَانٍ.» قَالَ حَنْبَلٌ: ذَكَرْت هَذَا الْحَدِيثَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ:

وَلِأَنَّهُ نِكَاحٌ فَقَدَ شَرْطَهُ، فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ.

 

[زَوَاجُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ]

(5249) ؛ قَالَ: فَإِنْ دَخَلَ بِهَا، فَعَلَى سَيِّدِهِ خُمْسَا الْمَهْرِ. كَمَا قَالَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ الْخُمْسَانِ قِيمَتَهُ، فَلَا يَلْزَمُ سَيِّدَهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ يُسَلِّمُهُ. فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ فُصُولٍ: (5250) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي وُجُوبِ الْمَهْرِ، وَلَهُ حَالَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا، فَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ بَاطِلٌ، فَلَا نُوجِبُ بِمُجَرَّدِهِ شَيْئًا، كَالْبَيْعِ الْبَاطِلِ.

وَهَكَذَا سَائِرُ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ، لَا نُوجِبُ بِمُجَرَّدِهَا شَيْئًا.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يُصِيبَهَا، فَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ. رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ. وَرَوَى عَنْهُ حَنْبَلٌ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. وَهَذَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِرِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى عُمُومِهِ فِي عَدَمِ الصَّدَاقِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ

رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ إذَا تَزَوَّجَ مَمْلُوكٌ لِابْنِ عُمَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، جَلَدَهُ الْحَدَّ، وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: إنَّك أَبَحْت فَرْجَك. وَأَبْطَلَ صَدَاقَهَا. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ وَطِئَ امْرَأَةً مُطَاوِعَةً فِي غَيْرِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَلَمْ يَجِبْ بِهِ مَهْرٌ، كَالْمُطَاوِعَةِ عَلَى الزِّنَا. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ، فَأَمَّا إنْ جَهِلَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، فَلَهَا الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا فِي الْحَالِ، بَلْ يَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدُ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ لَزِمَهُ بِرِضَا مَنْ لَهُ الْحَقُّ، فَكَانَ مَحَلُّهُ الذِّمَّةَ، كَالدَّيْنِ

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَهْرَ وَاجِبٌ؛ لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا.» وَهَذَا قَدْ اسْتَحَلَّ فَرْجَهَا، فَيَكُونُ مَهْرُهَا عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ الْبُضْعِ بِاسْمِ النِّكَاحِ، فَكَانَ الْمَهْرُ وَاجِبًا، كَسَائِرِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ.

[فَصْلُ الْمَهْرُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ]

(5251) الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَهْرَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، يُبَاعُ فِيهِ إلَّا بِفِدْيَةِ السَّيِّدِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا احْتِمَالًا آخَرَ: أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ إلَّا أَنَّ الْوَطْءَ أُجْرِيَ مُجْرَى الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَلِذَلِكَ وَجَبَ الْمَهْرُ هَاهُنَا، وَفِي سَائِرِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ، وَلَوْ لَمْ تَجْرِ مَجْرَاهَا مَا وَجَبَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

 

[فَصْلُ الْوَاجِبُ مِنْ مَهْرِ الْعَبْدِ خُمْسَاهُ]

(5252) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ الْمَهْرِ خُمْسَاهُ. وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَمِلَ بِهِ أَبُو مُوسَى. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ عَبْدٌ، فَلَهَا خُمْسَا الْمَهْرِ، وَإِذَا لَمْ تَعْلَمْ فَلَهَا الْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ. وَعَنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يُوجِبُ الْمَهْرَ، فَأَوْجَبَ مَهْرَ الْمِثْلِ بِكَمَالِهِ، كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، وَفِي سَائِرِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ. وَوَجْهُ الْأُولَى مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ خِلَاسٍ، أَنَّ غُلَامًا لِأَبِي مُوسَى تَزَوَّجَ بِمَوْلَاةِ تِيجَانَ التَّيْمِيِّ، بِغَيْرِ إذْنِ أَبِي مُوسَى، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُثْمَانُ، أَنْ فَرِّقْ بَيْنَهُمَا، وَخُذْ لَهَا الْخُمْسَيْنِ مِنْ صَدَاقِهَا. وَكَانَ صَدَاقُهَا خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ.

وَلِأَنَّ الْمَهْرَ أَحَدُ مُوجِبِي الْوَطْءِ، فَجَازَ أَنْ يَنْقُصَ الْعَبْدُ فِيهِ عَنْ الْحُرِّ كَالْحَدِّ فِيهِ؛ أَوْ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي النِّكَاحِ، فَيَنْقُصَ الْعَبْدُ، كَعَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ.

الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ يَجِبُ خُمْسَا الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِيهِ إلَى قِصَّةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ أَوْجَبَ خُمْسَيْ الْمُسَمَّى، وَلِهَذَا قَالَ: وَكَانَ صَدَاقُهَا خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ. وَلِأَنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْجَبَ جَمِيعَهُ، كَسَائِرِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ، وَلَأَوْجَبَ الْقِيمَةَ، وَهِيَ الْأَثْمَانُ دُونَ الْأَبْعِرَةِ

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَجِبُ خُمْسَا مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ جِنَايَةٍ، فَكَانَ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى قِيمَةِ الْمَحَلِّ، كَسَائِرِ أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ، وَقِيمَةُ الْمَحَلِّ مَهْرُ الْمِثْلِ.

 

[فَصْلُ الْوَاجِبُ مِنْ مَهْرِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ تَلْزَمْ السَّيِّدَ الزِّيَادَةُ]

(5254) الْفَصْلُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْوَاجِبَ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، لَمْ تَلْزَمْ السَّيِّدَ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مَا يُقَابِلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْعَبْدَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَإِذَا أَعْطَى الْقِيمَةَ فَقَدْ أَعْطَى مَا يُقَابِلُ الرَّقَبَةَ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْهَا، وَالْخِيرَةُ فِي تَسْلِيمِ الْعَبْدِ وَفِدَائِهِ إلَى السَّيِّدِ. وَهَذَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَبْيَنَ مِنْ هَذَا.

 

[فَصْلٌ إقْرَارُ اللَّقِيط بِالرِّقِّ بَعْدَ نِكَاحِهِ]

(4588) فَصْلٌ: إذَا قَبِلْنَا إقْرَارَهُ بِالرِّقِّ بَعْدَ نِكَاحِهِ، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَسَدَ نِكَاحُهُ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ عَبْدٌ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَسَدَ نِكَاحُهُ أَيْضًا، وَلَهَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ جَمِيعُهُ، لِمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ. فَإِذَا أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ، لَزِمَتْهُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ تَابِعٌ لِأُمِّهِ. وَإِنْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِأَمَةٍ، فَوَلَدُهُ لِسَيِّدِهَا، وَيَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنَايَاتِهِ، وَيَفْدِيه سَيِّدُهُ أَوْ يُسَلِّمُهُ. وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ كَسْبٌ، اسْتَوْفَى الْمَهْرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ إقْرَارُهُ بِهِ لِسَيِّدِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى امْرَأَتِهِ، فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّهَا مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ؛ لِكَوْنِهِ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، فَلَهَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى جَمِيعُهُ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى خُمُسَاهُ. وَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ أُنْثَى، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ. وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِإِقْرَارِهَا بِفَسَادِ نِكَاحِهَا، وَأَنَّهَا أَمَةٌ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا، وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ فِيهِ إلَّا بِالدُّخُولِ. وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا، وَلِسَيِّدِهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ أَقَلَّ، فَالزَّوْجُ يُنْكِرُ وُجُوبَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ مَهْرَ الْمِثْلِ، فَهِيَ وَسَيِّدُهَا يُقِرَّانِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْهُ، إلَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْمُسَمَّى فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، فَيَجِبُ هَا هُنَا الْمُسَمَّى، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، لِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ بِوُجُوبِهِ.

 

هذه التقاليد كانت موجود بالتأكيد في زمن وحياة محمد، وحتى قبل زمنه ربما في كل البلدان في عصور الظلام تلك، لكن في عصر تلفيق الشرعية بعضهم لفق حديثًا يتكلم عن هذا التشريع منسوبًا إلى محمد، وهذا الحديث نراه في مسند أحمد ومصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق وبعض كتب السنن كأبي داوود والترمذي ومسند الطيالسي وغيرها. روى أحمد:

 

14212 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا حَسَنٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ - أَوْ أَهْلِهِ - فَهُوَ عَاهِرٌ "

إسناده ضعيف، عبد الله بن محمد بن عقيل تفرد به عن جابر ولم يتابعه عليه أحد، ومثله لا يقبَل عند التفرد. حسن: هو ابن صالح بن صالح ابن حي. وأخرجه أبو داود (2078) عن أحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 4/161 (17132)، وابن الجارود (686) من طريق وكيع، به. وأخرجه الدارمي (2233) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (2705) و (2706) و (2707) ، وابن عدي في "الكامل" 2/727، وأبو نعيم في "الحلية" 7/333، والبيهقي 7/127 من طرق عن الحسن بن صالح، به. وأخرجه الطيالسي (1675) ، والترمذي (1111) ، والطبراني في "الأوسط" (4794) من طرق عن عبد الله بن محمد، به. وسيأتي برقم (15031) من طريق ابن جريج، وبرقم (15092) من طريق القاسم بن عبد الواحد، كلاهما عن عبد الله بن محمد بن عقيل. وأخرجه الترمذي (1112) من طريق يحيى بن سعيد. وأخرجه عبد الرزاق (12979) عن ابن جريج. وأخرجه ابن أبي شيبة 4/261، والبيهقي 7/127 من طريق يزيد بن هارون. وأخرجه أبو يعلى (2000) و (2256) ، والحاكم 2/194 من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن القاسم بن عبد الواحد، به. وأخرجه ابن ماجه (1959) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن القاسم ابن عبد الواحد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن عمر. قال الترمذي في "العلل الكبير" 1/434: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر أصح. وصحح الترمذي حديث جابر أيضاً في "سننه" بإثر الحديث (111) .// وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن عدي في "الكامل" 7/2557. وإسناده ضعيف جداً.// وعن ابن عمر عند أبي داود وغيره، قال الحافظ في "التلخيص الحبير" 3/165: وأخرجه أبو داود (2079) من حديث العمري، عن نافع، عن ابن عمر، وتعقبه بالتضعيف وبتصويب وقفه، ورواه ابن ماجه (1960) من حديث ابن عمر، وفيه مندل بن علي، وهو ضعيف، وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، وصَوَّب الدارقطني في "العلل" وقف هذا المتن على ابن عمر.// ولفظ الموقوف أخرجه عبد الرزاق (12980) عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أنه وجد عبداً له تزوج بغير إذنه، ففرَق بينهما، وأبطل صداقه، وضربه حدًّا. اهـ. قلنا: وتابع معمراً عن أيوب سعيدُ بن أبي عروبة عند ابن أبي شيبة في "المصنف" 4/261-262. وانظر "نصب الراية" 3/204.

 

يبدو أنه حديث ملفق نسبوه إلى محمد، رغم تحسين الألباني له، وكان أسهل شيء عندهم هو تلفيق كلام لمحمد لإضفاء الشرعية على التشريعات.

 

مصادرة لحرية الإنسان في تقرير مصائره ورغباته لا يتفق أبدًا مع قيمنا الإنسانية، ولأجل كل القيم الإسلامية البغيضة التي نعرضها في أبواب هذا الكتاب، فكمفكرين عقلانيين إنسانيين لن نتبع ديانة كهذه أبدًا.

 

اختلافهم على فترة السماح بالمسح على الخفين بدل مسح القدمين في الوضوء، وترك معظم المسلمين لهذا التشريع الطقسي

 

روى البخاري:

 

363 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ يَا مُغِيرَةُ خُذْ الْإِدَاوَةَ فَأَخَذْتُهَا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فَقَضَى حَاجَتَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ فَذَهَبَ

(1/81)

 

لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ صَلَّى

 

وكما سأذكر فأغلب عوام المسلمين تركوا ذلك ولو فعله أحدهم لاعتبروه من "الكفار"! مع أنه من رُخَصِ طقسيات محمد نفسه في حالات السفر والمرض.

 

روى أحمد:

 

21851 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَالْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير حماد -وهو ابن أبي سليمان الكوفي- فهو صدوق قوي الحديث، وهو متابع . إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن علية، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي . وقد قيل في هذا الإسناد: إن إبراهيم النخعي لم يسمعه من أبي عبد الله الجدلي، وإن أبا عبد الله الجدلي لم يسمعه من خزيمة بن ثابت، فروى الإمام أحمد في "العلل" 1/112، وابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 8، والترمذي في "جامعه" بإثر الحديث (96) عن شعبة أنه قال: لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد الله الجدلي حديث خزيمة بن ثابت في المسح . وقال ذلك أبو داود أيضاً، ونقله المزي في "تهذيب الكمال" 34/26 . وروى الترمذي في "العلل الكبير" 1/172، والبيهقي 1/277 من طريق زائدة بن قدامة، عن منصور بن المعتمر قال: كنا في حجرة إبراهيم التيمي ومعنا إبراهيم النخعي، فحدثنا إبراهيم التيمي، قال: حدثنا عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، فذكر الحديث . قال البيهقي عن هذه الرواية: وهي تدل على صحة ما قاله شعبة . يعني عدم سماع النخعي للحديث من أبي عبد الله الجدلي .

قلنا: وفي هذه الرواية عرفت الواسطة بين إبراهيم النخعي وأبي عبد الله الجدلي، وهو إبراهيم التيمي، وإبراهيم التيمي قد روى الحديث عن عمرو بن ميمون الأودي، عن أبي عبد الله الجدلي، وهو القول الصواب الذي صححه الترمذي، ووقع في حديث التيمي اختلاف سنبينه في الرواية الآتية برقم (21853) ، وهو اختلاف لا يقدح في صحته إن شاء الله .

وأما فيما يخص سماع الجَدَلي له من خزيمة، فقد قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل" 1/173: لا يصح عندي حديث خزيمة بن ثابت في المسح، لأنه لا يعرف لأبي عبد الله الجدلي سماع من خزيمة بن ثابت . قال ابن دقيق العيد في "الإمام" فيما نقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 1/177: فلعل هذا بناء على ما حكي عن بعضهم أنه يشترط في الاتصال أن يثبت سماع الراوي من المروي عنه ولو مرة، هذا أو معناه، وقيل: إنه مذهب البخاري .

وقد أطنب مسلم في الرد لهذه المقالة، واكتفى بإمكان اللقاء، وذكر شواهد .

قلنا: وعلى هذا فالحديث صحيح على مذهب مسلم ومن وافقه، وقد صححه يحيى بن معين فيما نقله الترمذي في "سننه" وصححه هو أيضاً وابنُ حبان .

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/177 عن إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 1/82، والطبراني (3764) من طرق عن هشام الدستوائي، به . وأخرجه أبو حنيفة في "مسنده" ص 93، والطحاوي 1/81، والطبراني في "الكبير" (3765 - 3780) ، وفي "الصغير" (1061) و (1154) من طرق عن حماد بن أبي سليمان، به . وزاد عند أبي حنيفة: إذا لبسهما وهو متوضئ . وزاد في رواية أخرى: إن شاءَ . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3786) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/274 من طريق الحارث العكلي، والطبراني (3784) من طريق علي بن الحكم البناني، و (3785) من طريق شعيب بن الحبحاب، و (3787) من طريق يزيد بن الوليد، و (3788) من طريق زكريا بن يحيى البَدِّي، وفي "الصغير" (1154) من طريق الحكم بن عتيبة والمغيرة بن مقسم الضبي ومنصور بن المعتمر كلهم عن إبراهيم النخعي، به . قلنا: وسيأتي الحديث من طريقي الحكم بن عُتيبة ومنصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي . وانظر تمام تخريج هذين الطريقين في موضعهما . وأخرجه الترمذي في "العلل" 1/174-175، والطبراني (3761) من طريق ذَوَّادِ بن عُلْبَةَ، عن مُطَرِّف بن طريف، عن عامر الشعبي، عن أبي عبد الله الجدلي، به . قال الترمذي: سألت محمداً -يعني البخاري- عن هذا الحديث، فقال: إنما روى هذا الحديث ذواد بن علبة، عن مطرف عن الشعبي، ولا أدري هذا الحديث محفوظاً . ولم يعرفه إلا من هذا الوجه . قلنا: وذواد بن علبة ضعيف الحديث .

وأخرجه الطبراني (3747) من طريق الحكم بن عتيبة، عن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن خزيمة بن ثابت . قلنا: وهذا إسناد ضعيف، فقد رواه عن الحكم بن عتيبة محمدُ بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ضعيف، وقد اختلف عليه فيه، فروي عنه عن الحكم، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة عند الطبراني (3792) ، وروي عنه عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن خزيمة عند الطبراني (3713) . ووقع اسمه في هذا

الموضع من مطبوعة الطبراني: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو خطأ. وسيأتي (21852) و (21862) و (21868) و (21869) و (21870) و (21875) و (21880) من طريق إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة، وبرقم (21857) و (21859) و (21871) و (21881) من طريق إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة . وبرقم (21853) من طريق إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة . وزاد في الروايتين (21857) و (21859) : ولو استزدناه لزادنا . وفي الروايتين (21871) و (21881) : وايم الله لو مضى السائل في مسألته، لجعلها خمساً .

وفي باب توقيت المسح على الخفين عن علي بن أبي طالب، أخرجه مسلم (276) ، وقد سلف في "المسند" برقم (748) .

وعن صفوان بن عسال، سلف برقم (18091) . قال البخاري كما في "علل الترمذي": وهو أصح الحديث في التوقيت في المسح على الخفين .

وعن عوف بن مالك سيأتي 6/27 .

وعن أبي بكرة عند ابن ماجه (556) ، وصححه ابن حبان (1324) .

وعن أبي هريرة عند ابن ماجه (555) ، والترمذي في "العلل" 1/171، وضعفه البخاري .

وقد استُدِلَّ بحديث خزيمة على ترك التوقيت، لورود قول الراوي فيه: ولو استزدناه لزادنا .

قال الخطابي في "معالم السنن" 1/60: ولو ثبت هذا الكلام لم يكن فيه حجة، لأنه ظن منه وحسبان، والحجة إنما تقوم بقول صاحب الشريعة لا بظن الراوي .

قلنا: واستدل لترك التوقيت بحديث أُبيِّ بنِ عُمارة عند أبي داود (158) ، وابن ماجه (557) ، وهو ضعيف . وبحديث عمر بن الخطاب عند ابن ماجه (558) ، والبيهقي 1/280، وفيه: أن عمر رضي الله عنه قال لعقبة بن عامر حين لبس الخف من الجمعة إلى الجمعة: أصبت السنة . وفي بعض رواياته أنه قال له: أصبت . ولم يقل: السنة . قال الدارقطني في "العلل" 1/111: وهو المحفوظ .

 

(23995) 24495- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ : ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ وَلَيَالِيهِنَّ ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. (6/27).

 

وروى مسلم:

 

[ 276 ] وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن عمرو بن قيس الملائي عن الحكم بن عتيبة عن القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هانئ قال أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت عليك بابن أبي طالب فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه فقال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم قال وكان سفيان إذا ذكر عَمرًا أثنى عليه

 

رواه أحمد 906 و748

 

ومما روى عبد الرزاق:

 

797 - عبد الرزاق عن محمد بن راشد قال أخبرني سليمان بن موسى قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل المصيصة أن اخلعوا الخفاف في كل ثلاث

 

798 - عبد الرزاق عن عبد الله بن محرر عن أبي معشر عن إبراهيم أن عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان كانا يقولان يمسح المسافر على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة

 

800 - عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال سافرت مع عبد الله بن مسعود ثلاثا إلى المدينة لم ينزع خفيه

 

801 - عبد الرزاق عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن شقيق بن سلمة عن بن مسعود قال للمسافر ثلاثة أيام يمسح على الخفين وللمقيم يوم قال أبو وائل وسافرت مع عبد الله فمكث ثلاثا يمسح على الخفين

 

رواية بأنه يصلح للمقيم لمدة 24 ساعة، وليس حتى ليلته فقط

 

روى عبد الرزاق:

 

808 - عبد الرزاق عن عبد الله بن المبارك قال حدثني عاصم بن سليمان عن أبي عثمان النهدي قال حضرت سعدا وبن عمر يختصمان إلى عمر في المسح على الخفين فقال عمر يمسح عليهما إلى مثل ساعته من يومه وليلته

 

وقالت روايات بأنه يجوز أكثر من ثلاثة أيام للمسافر

 

روى أحمد:

 

21857 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ التَّيْمِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " امْسَحُوا عَلَى الْخِفَافِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " وَلَوْ اسْتَزَدْنَاهُ لَزَادَنَا.

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي عبد الله الجدلي، فهو من رجال أبي داود والترمذي والنسائي، وهو ثقة، وغير صحابيه خزيمة، فقد روى له مسلم وأصحاب السنن، وقد اختلف فيه على إبراهيم التيمي كما سلف بيانه في التعليق على الرواية رقم (21853) . أبو عبد الصمد العمي: هو عبد العزيز بن عبد الصمد، ومنصور: هو ابن المعتمر . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3755) من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد . وأخرجه الطبراني (3755) أيضاً من طرق أخرى عن أبي عبد الصمد العمي، به . وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 1/81، وابن حبان (1332) ، والطبراني (3757) من طريق جرير بن عبد الحميد، والترمذي في "العلل الكبير" 1/172، والبيهقي 1/277 من طريق زائدة بن قدامة، كلاهما عن منصور، به . وقرن الطحاوي بجرير بن عبد الحميد سفيان بن عيينة، وسيأتي حديثه عن منصور برقم (21859) . وأخرجه الطيالسي (1218) ، والطبراني (3756) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم، عن إبراهيم التيمي، عن منصور، عن أبي عبد الله الجدلي، به . لم يذكر فيه عمرو بن ميمون، وهو خطأ، فإن أبا الأحوص خالف أربعة من الثقات الأثبات، هم: أبو عبد الصمد العمي، وجرير بن عبد الحميد، وزائدة  ابن قدامة، وسفيان بن عيينة، قال أبو زرعة كما في "علل ابن أبي حاتم" 1/22: الصحيح من حديث إبراهيم التيمي: عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والصحيح من حديث النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي بلا عمرو بن ميمون . وأخرجه الطبراني (3758) ، والبيهقي 1/277 من طريق الحسن بن عبيد الله، عن التيمي، به . وسيأتي من طريق سعيد بن مسروق الثوري، عن إبراهيم التيمي برقم (21871) و (21881) . وانظر ما سلف برقم (21851) و (21853) لزاماً .

تنبيه: روي هذا الحديث عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي . وسيأتي برقم (21862) ، وخَطَّأ الإمام أحمد هذه الرواية كما سنبينه هناك .

 

21859 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ، سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ: سَأَلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، " فَرَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَالْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً " قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ أَبِي: " سَمِعْتُهُ مِنْ سُفْيَانَ مَرَّتَيْنِ يَذْكُرُ: لِلْمُقِيمِ وَلَوْ أَطْنَبَ السَّائِلُ فِي مَسْأَلَتِهِ لَزَادَهُمْ "

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي عبد الله الجدلي، فهو من رجال أبي داود والترمذي والنسائي، وهو ثقة، وغير صحابيه خزيمة، فقد روى له مسلم وأصحاب السنن، وقد اختلف فيه على إبراهيم التيمي كما سلف بيانه في التعليق على الرواية (21853) . سفيان: هو ابن عيينة، ومنصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه الحميدي (434) ، وأبو عوانة (725) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/81، والطبراني (3754) ، والبيهقي في "المعرفة" (2022) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد . وقرن به في إحدى الروايات عند الطحاوي جرير بن عبد الحميد . وانظر (21851) و (21853) .

 

21871 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثًا، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً " قَالَ: وَايْمُ اللهِ لَوْ مَضَى السَّائِلُ فِي مَسْأَلَتِهِ لَجَعَلَهَا خَمْسًا وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: يَوْمٌ لِلْمُقِيمِ

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي عبد الله الجدلي، فقد روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وهو ثقة، وغير صحابيه، فقد روى له مسلم وأصحاب السنن . أبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وسفيان: هو بن سعيد ابن مسروق الثوري . وأخرجه ابن أبي شيبة 1/177، وابن حبان (1329) ، والطبراني في "الكبير" (3749) من طريق أبي نعيم وحده، بهذا الإسناد . وأخرجه البيهقي في "المعرفة" (2025) من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، و (2026) من طريق يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن سفيان الثوري، به . وأخرجه ابن ماجه (553) من طريق وكيع بن الجراح، والخطيب في "تاريخه" 2/50 من طريق محمد بن يوسف الفريابي، كلاهما عن سفيان الثوري، به . ولم يذكرا أبا عبد الله الجدلي، والصواب أنه ثابت في الإسناد كما حققناه عند الحديث (21853) . وأخرجه أبو حنيفة في "مسنده" ص 486، والحميدى (435) ، والترمذي (95) ، وابن حبان (1330) و (1333) ، والطبراني (3750) و (3751) و (3752) و (3753) ، والبيهقي 1/276 من طرق عن سعيد بن مسروق أبي سفيان، به . وصححه الترمذي، ولم يذكر بعضهم فيه: وايم الله لو مضى السائل ... إلخ . وانظر (21851) و (21853) .

 

21881 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: " جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ "، وَايْمُ اللهِ لَوْ مَضَى السَّائِلُ فِي مَسْأَلَتِهِ، لَجَعَلَهَا خَمْسًا

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أَبي عبد الله الجدلي، فقد روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وهو ثقة، وقد اختلف فيه على إبراهيم التيمي كما سلف بيانه عند الرواية (21853) . سفيان: هو الثوري، واسم أبيه: سعيد بن مسروق. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (790) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني (3749) ، والبيهقي 1/277. وانظر (21851) و (21853) .

 

وروى أبو داوود:

 

157 - حدثنا حفص بن عمر ثنا شعبة عن الحكم وحماد عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة "

قال أبو داود رواه منصور بن المعتمر عن إبراهيم التيمي بإسناده قال فيه ولو استزدناه لزادنا .

 

قال الألباني: صحيح. وصححه محققو مسند أحمد طبعة الرسالة.

قال الترمذي: الترمذي سألت محمد أي الحديث أصح في التوقيت ؟ قال حديث صفوان بن عسال ولا يصح عندي حديث خزيمة لأنه لا يعرف لأبي عبد الله الجدلي سماع من خزيمة . إ هـ د )

 

وقالت رواية بأنه يجوز لمدة أسبوع كامل أو أكثر

 

روى ابن ماجه:

 

558- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَلَوِيِّ ، عَنْ عُليِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ مِصْرَ , فَقَالَ : مُنْذُ كَمْ لَمْ تَنْزِعْ خُفَّيْكَ ؟ قَالَ : مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ ، قَالَ : أَصَبْتَ السُّنَّةَ.

 

صححه الألباني في تخريج المختارة للمقدسي 242 والسلسلة الصحيحة 2622

وجاء في نسخة لابن ماجة بتحقيق شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد ومحمد كامل قرة بللي وعبد اللطيف حرز الله، طبع دار الرسالة: حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل الحكم بن عبد الله البلوي، والصواب في اسمه عبد الله بن الحكم كما سماه عمرو بن الحارث وابن لهيعة والليث بن سعد ومفضل بن فضالة، عن يزيد بن أبي حبيب، كما روى الدارقطني 756، وعبد الله بن الحكم وثقه ابن معين وابن حبان، ولم يروِ عنه إلا يزيد بن أبي حبيب، فمثله حسن الحديث وهو متابَع. وأخرجه الدراقطني 756 و766 والبيهقي في الكبرى 1/ 280 من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن الحكم البلوي، عن علي بن رباح، عن عقبة به.

وأخرجه الدارقطني 757والبيهقي في الكبرى1/ 280 من طريق بشر بن بكر، عن موسى بن عُلَيّ بن رباح، عن أبيه، عن عقبة بن عامر، وقال الدارقطني صحيح الإسناد.

وأخرجه الدراقطني 767 من طريق يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح عن عقبة به، ولم يذكر بين يزيد وبين عُلَيّ بن رباح أحدًا.

 

وروى الدارقطني:

 

10 - حدثنا أبو بكر النيسابوري ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا بن وهب حدثني عمرو بن الحارث وابن لهيعة والليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب ح وحدثنا أبو بكر النيسابوري نا محمد بن أحمد بن الجنيد نا يحيى بن غيلان ثنا المفضل بن فضالة قال Y سألت يزيد بن أبي حبيب عن المسح على الخفين فقال أخبرني عبد الله بن الحكم البلوي عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر أنه أخبره أنه وفد إلى عمر بن الخطاب عاما قال عقبة وعلى خفان من تلك الخفاف الغلاظ فقال لي عمر متى عهدك بلبسهما فقلت لبستهما يوم الجمعة واليوم الجمعة فقال له عمر أصبت السنة، وقال يونس فقال أصبت ولم يقل السنة

 

11 - حدثنا أبو بكر النيسابوري نا سليمان بن شعيب بمصر ثنا بشر بن بكر ثنا موسى بن علي عن أبيه عن عقبة بن عامر قال: خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة فدخلت المدينة يوم الجمعة ودخلت على عمر بن الخطاب فقال متى أولجت خفيك في رجليك قلت يوم الجمعة قال فهل نزعتهما قلت لا قال أصبت السنة قال أبو بكر هذا حديث غريب قال أبو الحسن وهو صحيح الإسناد

 

12 - حدثنا أبو بكر النيسابوري نا أبو الأزهر ثنا روح ح وحدثنا أبو بكر ثنا محمد بن يحيى نا عبد الله بن بكر قالا نا هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر: كان لا يوقت في المسح على الخفين وقتا

 

13 - حدثنا محمد بن عمر بن أيوب المعدل بالرملة حدثنا عبد الله بن وهيب الغزي أبو العباس ثنا محمد بن أبي السرى ثنا عبد الله بن رجاء نا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال Y ليس في المسح على الخفين وقت، امسح ما لم تخلع

 

14 - حدثنا أبو بكر الشافعي ثنا إبراهيم الحربي ثنا شجاع وإسحاق بن إسماعيل قالا نا عبد الله بن رجاء عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال Y يمسح المسافر على الخفين ما لم يخلعهما

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

804 - عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال أمسح على الخفين ما لم تخلعهما كان لا يوقت لهما وقتا

 

805 - عبد الرزاق عن معمر قال أخبرني من سمع الحسن يقول يمسح الرجل على خفيه ما بدا له ولا يوقت وقتا

 

806 - عبد الرزاق عن بن التيمي عن أبيه عن الحسن مثله

 

وروى البيهقي في الكبرى:

 

1245 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأ بو بكر بن الحسن قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ بن وهب قال وثنا بحر بن نصر قال قرئ على بن وهب أخبرك بن لهيعة وعمرو بن الحارث والليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي أنه سمع علي بن رباح اللخمي يخبر أن عقبة بن عامر الجهني قال Y قدمت على عمر بن الخطاب بفتح من الشام وعلى خفان لي جرمقانيان غليظان فنظر إليهما عمر فقال كم لك منذ لم تنزعهما قال قلت لبستهما يوم الجمعة واليوم يوم الجمعة ثمان قال أصبت ورواه مفضل بن فضالة عن يزيد بن أبي حبيب وقال فيه أصبت السنة

 

1244 - فأما عمر بن الخطاب فالرواية عنه في ذلك مشهورة وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني ثنا بشر بن بكر ثنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال: خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة فدخلت على عمر بن الخطاب فقال متى أولجت خفيك في رجليك قلت يوم الجمعة قال فهل نزعتهما قلت لا قال أصبت السنة

 

1246 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ثنا أحمد بن عبيد ثنا عبيد بن شريك نا يحيى بن بكير ثنا مفضل بن فضالة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر عن عمر Y مثله وقال أصبت السنة

 

وقد روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه التوقيت فإما أن يكون رجع إليه حين جاءه التثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم في التوقيت وإما أن يكون قوله الذي يوافق السنة المشهورة أولى وقد روي عن بن عمر أنه كان لا يوقت فيه وقتا

 

1247 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ أخبرني عبد الله بن الحسن القاضي ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا روح بن عبادة ثنا هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر Y أنه كان لا يوقت في المسح على الخفين وقتا

وبمعناه رواه عبد الله بن رجاء عن عبيد الله بن عمر

وقد روينا عن عمر وعلي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس التوقيت وقولهم يوافق السنة التي هي أشهر وأكثر والأصل وجوب غسل الرجلين فالمصير إليه أولى وبالله التوفيق قال أبو علي الزعفراني رجع أبو عبد الله الشافعي إلى التوقيت في المسح عندنا ببغداد قبل أن يخرج منها

 

وقالت روايات أنه يجوز بغير مدة ولا تحديد كما تريد

 

روى ابن أبي شيبة:

 

1945- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ ؛ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ، فَقِيلَ لَهُ : أَتَمْسَحُ عَلَيْهِمَا وَقَدْ خَرَجْتَ مِنَ الْخَلاَءِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، إِذَا أَدْخَلْتَ الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا ، وَلاَ تَخْلَعْهُمَا إِلاَّ لِجَنَابَةٍ.

 

1946- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ ، وَيُونُسُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ : امْسَحْ عَلَيْهِمَا ، وَلاَ تَجْعَلْ لِذَلِكَ وَقْتًا إِلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ.

 

1947- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ؛ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُوَقِّتُ فِي الْمَسْحِ ، وَيَقُولُ : امْسَحْ مَا شِئْتَ.

 

1948- حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُوَقِّتُ فِي الْمَسْحِ.

 

1949- حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْقُرَشِيِّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ؛ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ بَعَثَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِفَتْحِ دِمِشْقَ ، فَخَرَجَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ ، وَقَدِمَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ مَتَى خَرَجْتَ ؟ فَأَخْبَرَهُ ، وَقَالَ : لَمْ أَخْلَعْ لِي خُفًّا مُنْذُ خَرَجْتُ ، قَالَ عُمَرُ : قَدْ أَحْسَنْتَ.

 

وكره آخرون المسح ورفضوه وأنكروه

روى ابن أبي شيبة:

 

1956- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَأَنْ أُحْزَّهمَا بِالسَّكَاكِينِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَيْهِمَا.

 

إسناده صحيح

 

1957- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنَ سَالِمٍ ، قَالَ : خَرَجَ مُجَاهِدٌ وَأَصْحَابٌ لَهُ ، فِيهِمْ عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ ، قَالَ : خَرَجُوا حُجَّاجَا ، فَكَانَ عَبْدَةَ يَؤُمُّهُمْ فِي الصَّلاَةِ ، قَالَ : فَبَرَزَ ذَاتَ يَوْمٍ لِحَاجَتِهِ ، فأَبْطَأَ عَلَيْهِمْ ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ مُجَاهِدٌ : مَا حَبَسكَ ؟ قَالَ : إِنَّما قَضَيْتُ حَاجَتِي ، ثُمَّ تَوَضَّأْتُ ، وَمَسَحْتُ عَلَى خُفِّي ، فَقَالَ لَهُ مُجَاهِدٌ : تَقَدَّمْ فَصَلِّ بِنَا ، فَمَا أَدْرِي مَا حَسْبُ صَلاَتِكَ.

 

1958- حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : سَبَقَ الْكِتَابُ الْخُفَّيْنِ.

 

إسناده مرسل، أبو جعفر محمد بن علي لم يدرك جد أبيه عليًّا.

 

1959- حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : سَبَقَ الْكِتَابُ الْخُفَّيْنِ.

 

إسناده لا بأس به

 

1960- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَوْ قَالُوا ذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَالْبَرَدِ الشَّدِيدِ.

 

صحيح

 

1961- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا أُبَالِي مَسَحْتُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، أَوْ مَسَحْتُ عَلَى ظَهْرِ بُخْتِيِّي هَذَا.

 

صحيح

1962- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ : رَآنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَنَا أَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْنِ لِي أَبِيضيْنِ ، قَالَ : فَقَالَ لِي : مَا تُفْسِدُ خُفَّيْكَ.

 

1963- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ فِطْرٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِعَطَاءٍ : إِنَّ عِكْرِمَةَ ، يَقُولُ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : سَبَقَ الْكِتَابُ الْخُفَّيْنِ ، فَقَالَ عَطَاءٌ : كَذِبَ عِكْرِمَةُ ، أَنَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا.

 

في إسناده فطر بن خليفة، وهو مختلف فيه وفي سماعه من عطاء، فقد قال يحيى بن سعيد: حدث عن عطاء ولم يسمع منه، مع أنه وقع هنا التصريح بالسماع منه.

 

1964- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو رَزِينٍ قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : مَا أُبَالِي عَلَى ظَهْرِ خُفِّي مَسَحْتُ ، أَوْ عَلَى ظَهْرِ حِمَارٍ.

 

في إسناده إسماعيل بن سميع وهو ثقة إلا أنه كان يرى رأي الخوارج، والخوارج أنكرت المسح على الخفين

 

1965- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَأَنْ أحُزَّهمَا ، أَوْ أُحُزَّ أَصَابِعِي بِالسِّكِّينِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَيْهِمَا.

 

صحيح

 

ولاحظت أن رجلًا سلفيًّا متدينًا تعرض لاضطهاد ومضايقات عنيفة للغاية من مديريه وآذوه ماليًّا واصطنعوا المشاكل معه لأنه كان يصلي في عمله بالحذاء بعدما يمسح عليه، وكان يعمل عملًا يعتبر مقاربًا للسفر بطول ساعاته 12 ساعة وانتقاله من المنزل إلى العمل والعكس، فعموم المصريين وغيرهم من عرب مسلمين ومسلمين نسوا واندثرت عند أغلبهم شريعة المسح على الخفين رغم وجودها في كل كتب الحديث وعلم رجال الدين بها، فهذا مما تركوه من الدين إذن. والطريف أني أنا اللاديني المجاهر لم أتعرض البتة في عملي في نفس الشركة مع الرجل السلفي لأي مضايقات تُذكَر بالمقارنة به مع أني لا أؤدي أي شعائر إسلامية بل وأنكرها بوضوح!

 

في حين روى البخاري نفيًا لاستدلال بعض السنة ممن رفضوا مسح الخفين بتأويل حرفي لسورة المائدة، ومعهم الشيعة، فروى:

 

387 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَسُئِلَ فَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ لِأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ

 

وروى مسلم:

 

 

 [ 272 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وإسحاق بن إبراهيم وأبو كريب جميعا عن أبي معاوية ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية ووكيع واللفظ ليحيى قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام قال بال جرير ثم توضأ ومسح على خفيه فقيل تفعل هذا فقال نعم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه قال الأعمش قال إبراهيم كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة

 

 [ 272 ] وحدثناه إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم قال أخبرنا عيسى بن يونس ح وحدثناه محمد بن أبي عمر قال حدثنا سفيان ح وحدثنا منجاب بن الحارث التميمي أخبرنا بن مسهر كلهم عن الأعمش في هذا الإسناد بمعنى حديث أبي معاوية غير أن في حديث عيسى وسفيان قال فكان أصحاب عبد الله يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة

 

 [ 273 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا أبو خيثمة عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قوم فبال قائما فتنحيت فقال أدنه فدنوت حتى قمت عند عقبيه فتوضأ فمسح على خفيه

 

وروى أحمد:

 

(19168) 19382- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ : بَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ، فَقِيلَ لَهُ : تَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ بُلْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ : فَكَانَ يُعْجِبُهُ هَذَا الْحَدِيثُ لأَنَّ إِسْلاَمَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو معاوية : هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وهمام: هو ابن الحارث النخعي. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/176، ومسلم (272) (72) ، وابن خزيمة (186) ، وأبو عوانة 1/255، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2492) ، والطبراني في "الكبير" (2430) ، والدارقطني في "السنن" 1/193، والبيهقي في "السنن" 1/270 من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد، إلا أن ابن أبي شيبة ومسلماً قرنا بأبي معاوية وكيعاً. وأخرجه عبد الرزاق (756) ، ومسلم (272) (72) ، والترمذي (93) ، والنسائي في "المجتبى" 1/81، وفي "الكبرى" (121) ، وابن ماجه (543) ، وابن خزيمة (186) و (188) ، وأبو عوانة 1/254 و255، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2493) ، وابن قانع في "معجمه" 1/148، وابن حبان (1335) و (1337) ، والطبراني في، الكبير" (2421) و (2423) و (2424) و (2427) و (2428) و (2429) ، والدارقطني في "السنن" 1/193، والخطيب في "تاريخه" 11/153 من طرق عن الأعمش، به. قال الترمذي: وحديث جرير حديث حسنٌ صحيح. وأخرجه الطبراني (2432) و (2433) و (2434) و (2435) و (2436) من طرق عن إبراهيم، به. وأخرجه عبد الرزاق (758) من طريق عبد الكريم أبي أمية، وابن أبي شيبة 1/176، والطبراني (2512) ، والدارقطني 1/193 من طريق ضمرة بن حبيب-، والترمذي (94) و (611) و (612) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2495) ، والطبراني (2511) ، والدارقطني 1/194، والبيهقي 1/273  و274 من طريق شهر بن حوشب، والطبراني (2507) من طريق عيسى بن جارية، كلهم عن جرير، به. قال الترمذي: هذا حديث غريب. وأخرجه عبد الرزاق (759) - ومن طريقه الطبراني (2490) - عن ياسين ابن معاذ الزيات، عن حماد بن أبي سليمان، عن ربعي بن حراش، عن جرير ابن عبد الله، قال: وضأتُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمسح على خفيه بعدما أنزلت سورة المائدة. وياسين منكر الحديث ضعيف. وأخرجه الطبراني (2460) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن عبد الملك بن عمير، قال: رأيتُ جريراً مسح على الخفين! وأخرجه الطبراني أيضاً (2506) من طريق محمد بن سيرين، عن جرير: كنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع ، فذهب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتبرز، ومسح على خُفَّيه. وأخرجه الطبراني (2282) من طريق الحسن بن قزعة، عن بهلول بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال: سأل رجل جريراً عن المسح على الخفين، فقال: كنا نمسح على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا: أقبل نزول المائدة أو بعد نزول المائدة؟ قال: إنما أسلمت بعد نزول المائدة. وبهلول بن عبيد ضعيف. وسيرد بالأرقام (19201) و (19221) و (19223) و (19234) و (19236) و (19237) . وفي الباب عن عمر، سلف برقم (128) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب، ونزيد عليها: حديث بلال، سيرد 6/14.

قال السندي: قوله: تفعل هذا، أي: أتمسح على الخُفَّين وقد بلت، بالخطاب، كأنه يزعم المُنكر أن هذا إنما يجوز في الوضوء على الوضوء لا في الوضوء بعد الحَدَث. بعد نزول المائدة، أي: فلا يجيء فيه احتمال أن يكون منسوخاً بالمائدة.

 

على النقيض تزعم وتؤكد مرويات الشيعة بكلام منسوب إلى عليٍّ بأن المسح على الخفين قام به محمد قبل إعلانه عن سورة المائدة أو نزولها حسب تعبير المسلمين واعتقادهم. وسنعرضها في آخر الموضوع. وروى أحمد:

 

(2975) 2976- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَدْ مَسَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَاسْأَلُوا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ : قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ ، أَوْ بَعْدَ الْمَائِدَةِ ؟ وَاللَّهِ مَا مَسَحَ بَعْدَ الْمَائِدَةِ ، وَلأَنْ أَمْسَحَ عَلَى ظَهْرِ عَابِرٍ بِالْفَلاَةِ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَيْهِمَا.

 

إسناده ضعيف، عطاء- وهو ابن السائب- كان قد اختلط، قال يحيى بن معين: قد سمع أبو عوانة من عطاء في الصحة وفي الاختلاط جميعاً، ولا يحتج بحديثه، وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل: كان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها، وقال أبو حاتم: رفع أشياء كان يرويها عن التابعين فرفعها إلى الصحابة. وأخرجه الطبراني (12287) من طريق محمد الرقاشي، عن أبي عوانة، بهذا الإِسناد. وأخرجه الطبراني أيضاً (12237) من طريق خصيف بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، به- ولفظه عن ابن عباس قال: قد عَلِمْنا أن رسولَ اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد مسح على الخفين، ومسح أصحابه، فهل مسح منذ نزلت سورة المائدة؟ وخصيف بن عبد الرحمن الجزري سيئ الحفظ، وسيأتي نحوه برقم (3462) من طريق خصيف بن عبد الرحمن، عن مقسم، عن ابن عباس.

قلنا: وقد صح عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مسح على الخفين بعدَ نزول آية الوضوء من سورة المائدة كما في حديث إبراهيم النخعي، عن همام بن الحارث، قال: بال جرير، ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل: تفعل هذا؟ فقال: نعم، رأيتُ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال، ثم  توضأ ومسح على خُفيه. قال الأعمش: قال إبراهيم: كان يعجبهم هذا الحديث، لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة. أخرجه أحمد 4/358، والبخاري (387) ، ومسلم (272) واللفظ له.

وأخرج أحمد 5/351، ومسلم (277) عن بُريدة الأسلمي: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَى الصَلَوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه. قلنا: ونزول آية الوضوء كان قبل الفتح. وأخرج أحمد 4/249، والبخاري (4421) ، ومسلم ص 317 (105) عن المغيرة بن شعبة: أنه غزا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبوكَ... وفيه: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على خفيه.

قلنا: وقد صح عن ابن عباس أنه مسح عليهما، فقد أخرج ابن أبي شيبة 1/181 عن وكيع، عن سفيان الثوري، عن الزبير بن عدي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس: أنه مسح، وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

وأخرج ابن أبي شيبة أيضاً 1/186 عن عبد الله بن إدريس، عن فطر قال: قلت لعطاء (يعني ابن أبي رباح) : إن عكرمة يقول: قال ابن عباس: سبق الكتاب الخفين، فقال عطاء: كذب عكرمة، أنا رأيت ابن عباس يمسح عليهما. وهذا إسناد صحيح. (بل هو حديث ضعفه محققو طبعة مصنف ابن أبي شيبة للشك في سماع وإدراك فطر لابن عباس، ولاختلافهم على فطر واختلافهم على روايته عن ابن عباس_لؤي)

وأخرج ابن أبي شيبة 1/182عن ابن عُلية، عن ابن إبي عَروبة، والبيهقي 1/273 من طريق سليمان بن حرب، عن شعبة، كلاهما عن قتادة، قال: سمعت موسى بن سلمة، قال سألتُ ابن عباس عن المسح على الخفين، فقال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة. واللفظ للبيهقي، وقال: هذا إسناد صحيح. (بل هو ضعيف، فيه عنعنة قتادة وابن أبي عروبة ، وهما مدلسان_لؤي ). وانظر "نصب الراية" 1/174.

 

العقل الديني يجد لنفسه مهارب، فأسلوب تضعيف الأحاديث حيلة لحذف ما يحرجهم، لكنني ذكرت أحاديث صحيحة الإسناد كثيرة من مصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة تثبت ذلك، والحديث الذي استشهدوا به في الهامش من مصنف ابن أبي شيبة ضعيف كما وضحت بين قوسين من تحقيق لمصنف ابن أبي شيبة قام به أسامة بن إبراهيم بن محمد_نشر دار الفاروق الحديثة للطباعة والنشر. أما الآخر برقم 1908 فإسناده صحيح لكن لا ننسى أنهم كانوا يلفقون كما شاؤوا لدعم وجهات نظرهم المختلفة، فهناك روايات صحيحة أخرى كذلك عن ابن عباس وهي أكثر صراحة وأمانة حكم عليها المحقق بالصحة تبلغنا أنه رفض المسح على الخفين واعتبره باطلًا طقسيًّا ومبطلًا ومنقصًا للوضوء والصلاة وبالتالي مبطلًا ومفسدًا لهما وعلى نفس الراي كانت عائشة وغيرها.

 

وجاء في شرح السنة للبغوي:

 

عن الأعمش ، عن الحكم ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن شريح بن هانيء الحارثي ، قال: سألت عائشة عن المسح على الخفين ، فقالت : ائت عليا فإنه أعلم مني بذلك ، فأتيته ، فسألته ، فقال: كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يأمرنا أن يمسح المقيم يوما وليلة ، والمسافر ثلاثا.

هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن زهير بن حرب ، عن أبي معاوية.

قال الإمام رضي الله عنه : ذهب أكثر أهل العلم من الصحابة ، فمن بعدهم إلى توقيت المسح على الخفين على ما ورد في الحديث ، وهو قول علي، وابن مسعود ، وابن عباس ، وإليه ذهب من التابعين عطاء ، وشريح وغيرهما ، وبه قال الأوزاعي ، وابن المبارك ، والثوري ، والشافعي، وأصحاب الرأي ، وأحمد ، وإسحاق.

وابتداء المدة من أول حدث يحدثه بعد لبس الخف عند أكثرهم ،

وقال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق : ابتداء المدة من وقت المسح.

وذهب مالك إلى أنه لا تقدير لمدة المسح ، بل له أن يمسح ما لم يلزمه الغسل يروى ذلك عن عمر وعثمان وعائشة لما روي عن خزيمة بن ثابت، عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم " قال : ولو استزدناه لزادنا.

والعامة على التوقيت ، وقوله : " لو استزدنا لزادنا " ظن منه لا يجوز ترك اليقين به.

وإذا انقضت مدة المسح ، أو نزع الخف في أثناء المدة ، أو تخرق

شيء من خفه في محل الغسل بحيث ظهر بعض رجله ، يجب عليه غسل الرجلين ، وهل يجب عليه استئناف الوضوء ؟ اختلف أهل العلم فيه، فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يجب ذلك ، وهو قول الثوري ، وأصحاب الرأي ، وأصح قولي الشافعي.

وأوجب قوم استئناف الوضوء ، وهو قول ابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق.

وقال الأعمش عن إبراهيم : إنه مسح على خفيه ، ثم خلعهما وصلى.

 

وقال الترمذي (وهو الملقَّب بأبي عيسى):

 

96 - حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرنا إذا كنا على سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روى الحكم بن عتيبة و حماد عن إبراهيم النخعي عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت ولا يصح قال علي بن المديني قال يحيى [ بن سعيد ] قال شعبة لم يسمع أبراهيم النخعي من أبي عبد الله الجدلي حديث المسح وقال زائدة عن منصور كنا في حجرة إبراهيم التيمي ومعنا إبراهيم النخعي فحدثنا أبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم في المسح على الخفين

 قال محمد [ بن اسماعيل ] أحسن شيء في هذا الباب حديث صفوان بن عسال [ المرادي ]

 

قال الألباني: حسن

 

قال أبو عيسى وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق قالوا يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن. [ قال أبو عيسى ] وقد روى عن بعض أهل العلم أنهم لم يوقتوا في المسح على الخفين وهو قول مالك بن أنس. [ قال أبو عيسى ] [ و ] التوقيت أصح وقد روى هذا الحديث عن صفوان بن عسال أيضا من غير حديث عاصم ]

 

وقال ابن قدامة في المغني:

[مَسْأَلَة مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

(410) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ) . قَالَ أَحْمَدُ: التَّوْقِيتُ مَا أَثْبَتَهُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ. قِيلَ لَهُ: تَذْهَبُ إلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ مِنْ وُجُوهٍ. وَبِهَذَا قَالَ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَشُرَيْحٌ، وَعَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يَمْسَحُ مَا بَدَا لَهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُسَافِرِ. وَلَهُ فِي الْمُقِيمِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا يَمْسَحُ، مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ.

وَالثَّانِيَةُ لَا يَمْسَحُ؛ لِمَا رَوَى أُبَيّ بْنُ عُمَارَةَ، «قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت: يَوْمًا؟ قَالَ: وَيَوْمَيْنِ قُلْت: وَثَلَاثَةً؟ قَالَ: وَمَا شِئْت». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد [ضعيف]؛ وَلِأَنَّهُ مَسْحٌ فِي طَهَارَةٍ فَلَمْ يَتَوَقَّتْ، كَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْجَبِيرَةِ. وَلَنَا: مَا رَوَى عَلِيٌّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَحَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَقَالَ: هُوَ أَجْوَدُ حَدِيثٍ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهِيَ آخِرُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ آخِرُ فِعْلِهِ، وَحَدِيثُهُمْ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

قَالَ أَبُو دَاوُد. وَفِي إسْنَادِهِ مَجَاهِيلُ مِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَزِينٍ، وَأَيُّوبُ بْنُ قَطَنٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَمْسَحُ مَا شَاءَ، إذَا نَزَعَهُمَا عِنْدَ انْتِهَاءِ مُدَّتِهِ ثُمَّ لَبِسَهُمَا. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ: " وَمَا شِئْت " مِنْ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِأَحَادِيثِنَا؛ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ، لِكَوْنِ حَدِيثِ عَوْفٍ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَلَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَقِيَاسُهُمْ يَنْتَقِضُ بِالتَّيَمُّمِ كَأَنَّهُ خَلَعَهُمَا قَبْلَ مَسْحِهِ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: لَا يَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَمْسُوحَ عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِ، أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ بَعْدَ غَسْلِهَا؛ وَلِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِحَدَثٍ، وَالطَّهَارَةُ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِالْحَدَثِ. وَلَنَا أَنَّ الْوُضُوءَ بَطَلَ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، فَبَطَلَ فِي جَمِيعِهَا، كَمَا لَوْ أَحْدَثَ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِنَزْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ، فَإِنَّهُ يُبْطِلُ الطَّهَارَةَ فِي الْقَدَمَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنَّمَا نَابَ مَسْحُهُ عَنْ إحْدَاهُمَا. وَأَمَّا التَّيَمُّمُ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ إذَا بَطَلَ، فَقَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ.

وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا خَلَعَ خُفَّيْهِ، غَسَلَ قَدَمَيْهِ مَكَانَهُ، وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ. وَإِنْ أَخَّرَهُ، اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ كَانَتْ صَحِيحَةً فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ إلَى حِينِ نَزْعِ الْخُفَّيْنِ، أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ فِي الْقَدَمَيْنِ خَاصَّةً، فَإِذَا غَسَلَهُمَا عَقِيبَ النَّزْعِ، لَمْ تَفُتْ الْمُوَالَاةُ؛ لِقُرْبِ غَسْلِهِمَا مِنْ الطَّهَارَةِ الصَّحِيحَةِ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَاخَى غَسْلُهُمَا.

وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ قَدْ بَطَلَ حُكْمُهُ، وَصَارَ إلَى أَنْ نُضِيفَ الْغَسْلَ إلَى الْغَسْلِ، فَلَمْ يَبْقَ لِلْمَسْحِ حُكْمٌ؛ وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْمُوَالَاةِ إنَّمَا هُوَ لِقُرْبِ الْغَسْلِ مِنْ الْغَسْلِ، لَا مِنْ حُكْمِهِ، فَإِنَّهُ مَتَى زَالَ حُكْمُ الْغَسْلِ بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ، وَلَمْ يَنْفَعْ قُرْبُ الْغَسْلِ شَيْئًا؛ لِكَوْنِ الْحُكْمِ لَا يَعُودُ بَعْدَ زَوَالِهِ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ.

 

[فَصْل انْقِضَاء مُدَّةُ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

(411) فَصْلٌ: إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ بَطَلَ الْوُضُوءُ، وَلَيْسَ لَهُ الْمَسْحُ إلَّا أَنْ يَنْزِعَهُمَا ثُمَّ يَلْبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يُجْزِئُهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ، كَمَا لَوْ خَلَعَهُمَا، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَالْخِلَافَ فِيهِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ، وَيُصَلِّي حَتَّى يُحْدِثَ؛ ثُمَّ لَا يَمْسَحُ بَعْدُ حَتَّى يَنْزِعَهُمَا. وَقَالَ دَاوُد: يَنْزِعُ خُفَّيْهِ وَلَا يُصَلِّي فِيهِمَا، فَإِذَا نَزَعَهُمَا صَلَّى حَتَّى يُحْدِثَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِحَدَثٍ، وَنَزْعُ الْخُفِّ لَيْسَ بِحَدَثٍ، وَكَذَلِكَ انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ. وَلَنَا أَنَّ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا قَامَ الْمَسْحُ مَقَامَهُ فِي الْمُدَّةِ، فَإِذَا انْقَضَتْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ إلَّا بِدَلِيلٍ؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهَا، فَيُمْنَعُ مِنْ اسْتَدَامَتْهَا، كَالْمُتَيَمِّمِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ.

 

[مَسْأَلَة خَلَعَ خُفَّيْهِ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا]

(412) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ خَلَعَ قَبْلَ ذَلِكَ أَعَادَ الْوُضُوءَ) يَعْنِي قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إذَا خَلَعَ خُفَّيْهِ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا، بَطَلَ وُضُوءُهُ. وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يُجْزِئُهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْخُفَّيْنِ نَابَ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ خَاصَّةً، فَطُهُورُهُمَا يُبْطِلُ مَا نَابَ عَنْهُ، كَالتَّيَمُّمِ إذَا بَطَلَ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَجَبَ مَا نَابَ عَنْهُ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ، فَمَنْ أَجَازَ التَّفْرِيقَ جَوَّزَ غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ؛ لِأَنَّ سَائِرَ أَعْضَائِهِ مَغْسُولَةٌ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا غَسْلُ قَدَمَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَهُمَا كَمَّلَ وُضُوءَهُ.

وَمَنْ مَنَعَ التَّفْرِيقَ أَبْطَلَ وُضُوءَهُ؛ لِفَوَاتِ الْمُوَالَاةِ، فَعَلَى هَذَا، لَوْ خَلَعَ الْخُفَّيْنِ قَبْلَ جَفَافِ الْمَاءِ عَنْ يَدَيْهِ، أَجْزَأَهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ، وَصَارَ كَأَنَّهُ خَلَعَهُمَا قَبْلَ مَسْحِهِ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: لَا يَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَمْسُوحَ عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِ، أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ بَعْدَ غَسْلِهَا؛ وَلِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِحَدَثٍ، وَالطَّهَارَةُ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِالْحَدَثِ. وَلَنَا أَنَّ الْوُضُوءَ بَطَلَ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، فَبَطَلَ فِي جَمِيعِهَا، كَمَا لَوْ أَحْدَثَ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِنَزْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ، فَإِنَّهُ يُبْطِلُ الطَّهَارَةَ فِي الْقَدَمَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنَّمَا نَابَ مَسْحُهُ عَنْ إحْدَاهُمَا. وَأَمَّا التَّيَمُّمُ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ إذَا بَطَلَ، فَقَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ.

وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا خَلَعَ خُفَّيْهِ، غَسَلَ قَدَمَيْهِ مَكَانَهُ، وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ. وَإِنْ أَخَّرَهُ، اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ كَانَتْ صَحِيحَةً فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ إلَى حِينِ نَزْعِ الْخُفَّيْنِ، أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ فِي الْقَدَمَيْنِ خَاصَّةً، فَإِذَا غَسَلَهُمَا عَقِيبَ النَّزْعِ، لَمْ تَفُتْ الْمُوَالَاةُ؛ لِقُرْبِ غَسْلِهِمَا مِنْ الطَّهَارَةِ الصَّحِيحَةِ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَاخَى غَسْلُهُمَا.

وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ قَدْ بَطَلَ حُكْمُهُ، وَصَارَ إلَى أَنْ نُضِيفَ الْغَسْلَ إلَى الْغَسْلِ، فَلَمْ يَبْقَ لِلْمَسْحِ حُكْمٌ؛ وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْمُوَالَاةِ إنَّمَا هُوَ لِقُرْبِ الْغَسْلِ مِنْ الْغَسْلِ، لَا مِنْ حُكْمِهِ، فَإِنَّهُ مَتَى زَالَ حُكْمُ الْغَسْلِ بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ، وَلَمْ يَنْفَعْ قُرْبُ الْغَسْلِ شَيْئًا؛ لِكَوْنِ الْحُكْمِ لَا يَعُودُ بَعْدَ زَوَالِهِ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ.

 

في عصر أوائلهم حينما لم تكن الأحاديث قد جُمِعت بعد، وكانت تسود الفوضى الطقسية والتشريعية، وخصوصًا أنه يغلب أن كثيرًا من الأمور لم يحسنوا جمعها وملاحظتها عن محمد أو كانت ممارسات محمد فيها اعتباطية غير منتظمة على نسق، أو أنه لم يوصِ فيها في الأصل بشيء، شرعوا في تلفيق الأحاديث ليدعم كل واحد منهم رأيه في التشريعات والطقوس، ونسبوها إلى محمد، وهذا في كل شيء لم يكن أوصى فيه بشيء أو كانت أفعاله فيه على غير نسق واحد من الأصل، ومنه المسح على الخفين، وعمر مثلًا كان لا يرى مشكلة في المسح لمدة أسبوع على الخفين من الخارج لمدة أسبوع بدون غسل القدم نفسها، وهو ما نراه رغم كل شيء سلوكًا غير نظيف لا يراعي القواعد الصحية، لكنْ لنلاحظ أن الخف أو النعل ومنه العربيّ الجلديّ غالبًا يختلف عن الحذاء الغربي الأصل الحديث الذي يغلق على القدم بلا تهوية ويكون بينه وبين القدم جورب (جراب أو شراب) يزيد الأمر سوءًا في كتم مسام الجلد وتراكم العرق، لكن الحذاء الحديث أكثر عملية في المشي ومنع تأذي القدم في المشاوير والأعمال محدودة الزمن والساعات، أما الخف فقد تلبسه لوقت طويل والقدم متهوية جيدًا فلا تتعرض لكبير أذى من الكتم على عكس الحذاء، على أي حال خلافهم في هذا الطقس هو كخلافهم على كثير من الأشياء في التشريعات والطقسيات واللاهوتيات، ما صغُر منها وما كبُر.

 

ذكر تحريم الشيعة للمسح على الخفين:

التهذيب : المفيد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد  عن فضالة ، عن حماد بن عثمان ، عن محمد بن النعمان ، عن أبي الورد قال : قلت لابي جعفر  عليه السلام : إن أبا ظبيان (1) حدثني أنه رأى عليا عليه السلام أراق الماء ثم مسح على الخفين فقال : كذب أبوظبيان ، أما بلغك قول علي عليه السلام فيكم : سبق الكتاب الخفين ، فقلت : فهل فيهما رخصة ؟ قال : لا إلا من عدو تتقيه ، أو ثلج تخاف علي رجليك .

____________________________________________
 ( 1 ) قال في التنقيح : اسمه الحصين بن جندب ، عده ابن مندة وأبونعيم من الصحابة وكنوه بأبى  جندب ، وعده الشيخ رحمه الله في رجاله من أصحاب على عليه السلام ، وقد كذبه مولانا الباقر عليه السلام  ثم ذكر هذا الخبر . * 

 

وفي كتاب الخصال وكتاب تحف العقول: ل : أبي ، عن سعد ، عن اليقطيني عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد عن أبي بصير ، ومحمدبن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام قال : حدثني أبي ، عن جدي عن آبائه عليهم السلام أن أميرالمؤمنين عليه السلام علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب مما يصلح للمؤمن في دينه ودنياه . ........إلخ...أكثر واذكر الله عز وجل إذا دخلتم الاسواق وعند اشتغال الناس ( 3 ) فإنه كفارة للذنوب وزيادة في الحسنات ، ولا تكتبوا في الغافلين .
ليس للعبد أن يخرج في سفر إذا حضر شهر رمضان لقول الله عزوجل : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ليس في شرب المسكر ( 4 ) والمسح على الخفين تقية .
إياكم والغلو فينا ، قولوا إنا عبيد مربوبون ، وقولوا في فضلنا ماشئتم من أحبنا فليعمل بعملنا وليستعن بالورع فإنه أفضل ما يستعان به في أمر الدنيا والآخرة لاتجالسوا لنا عائبا..إلخ

 

ل : حدثنا أحمدبن محمد بن الهيثم العجلي ، وأحمدبن الحسن القطان ، و محمد بن أحمد السناني ، والحسين بن إبراهيم بن أحمدبن هشام المكتب ، وعبدالله بن محمد الصائغ ، وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا : حدثنا أبوالعباس أحمدبن يحيى ابن زكريا القطان قال : حدثنا بكربن عبدالله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول قال : حدثني أبومعاوية ، عن الاعمش ، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال : هذه شرائع الدين لمن تمسك بها وأراد الله تعالى هداه : إسباغ الوضوء كما أمر الله عز وجل في كتابه الناطق ، غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ، ومسح الرأس والقدمين إلى الكعبين مرة مرة ومرتان جائز ولا ينقض الوضوء إلا البول والريح والنوم والغائط والجنابة ، ومن مسح على الخفين فقد خالف الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وكتابه ، ووضوؤه لم يتم ، وصلاته غير مجزية .

 

ن : حدثنا عبدالواحد بن محمدبن عبدوس النيسابوري رضي الله عنه بنيسابور في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ، قال حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري عن الفضل بن شاذان قال : سأل المأمون علي بن موسى الرضا عليه السلام أن يكتب له محض الاسلام على الايجاز والاختصار فكتب عليه السلام : ....إلخ... ثم الوضوء كما أمرالله عزوجل في كتابه : غسل الوجه ومسح الرأس والرجلين مرة واحدة ، ولا ينقض الوضوء إلا غائط أوبول أو ريح أو نوم أو جنابة ، وإن مسح على الخفين فقد خالف الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وترك فريضته وكتابه .

 

ف : روي أن المأمون بعث الفضل بن سهل ذا الرباستين إلى الرضا عليه السلام فقال له : إني احب أن تجمع لي من الحلال والحرام والفرائض والسنن ، فإنك حجة الله على خلقه ومعدن العلم ، فدعا الرضا عليه السلام بدواة وقرطاس وقال للفضل : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم حسبنا شهادة أن لا إله إلا الله أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولد ....إلخ...ثم الوضوء كما أمر الله تعالى في كتابه غسل الوجه واليدين ومسح الرأس و الرجلين ، واحد فريضة واثنان إسباغ ، ومن زاد أثم ولم يوجر ، ولا ينقض الوضوء إلا الريح والبول والغائط والنوم والجنابة ، ومن مسح على الخفين فقد خالف الله و رسوله وكتابه ، ولم يجز عنه وضوؤه ، وذلك أن عليا خالف القوم في المسح على الخفين ، فقال له عمر : رأيت النبي صلى الله عليه وآله يمسح ، فقال علي عليه السلام : قبل نزول سورة المائدة أو بعدها ؟ قال : لا أدري ، قال علي عليه السلام لكنني أدري ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يمسح على خفيه منذ نزلت سورة المائدة .

كشف: .... قال أبوحاتم السجستاني : روى عبدالعزيز بن الخطاب عن عمرو بن شمر عن جابر قال : اجتمع ( 5 ) آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وعلى أن لا يمسحوا على الخفين .
قال ابن خالويه : هذا مذهب الشيعة ومذهب أهل البيت .

الإرشاد : مخول بن إبراهيم ، عن قيس بن الربيع ، قال : سألت أبا إسحاق عن المسح فقال : أدركت الناس يمسحون حتى لقيت رجلا من بني هاشم لم أر مثله قط محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام فسألته عن المسح على الخفين فنهاني عنه وقال : لم يكن أميرالمؤمنين علي عليه السلام يمسح عليها ، وكان يقول : سبق الكتاب المسح على الخفين ، قال أبوإسحاق : فما مسحت مذ نهاني عنه ، قال قيس بن الربيع : وما مسحت أنا مذ سمعت أبا إسحاق ( 1 ) .

الكافي ج1: الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن محمد بن علي بن سماعة ، عن الكلبي النسابة قال : دخلت المدينة ، ولست أعرف شيئا من هذا الامر ، فأتيت المسجد ، فاذا جماعة من قريش فقلت : أخبروني عن عالم أهل هذا البت ، فقالوا : عبد الله بن الحسن فأتيت منزله فاستأذنت فخرج إلي رجل ظننت أنه غلام له ، فقلت له : استأذن لي على مولاك ، فدخل ثم خرج ، فقال لي : ادخل فدخلت فاذا أنا بشيخ معتكف شديد الاجتهاد ، فسلمت عليه فقال لي : من أنت ؟ فقلت : أنا الكلبي النسابة فقال : ما حاجتك ؟ فقلت : جئت أسألك فقال : أمررت با بني محمد ؟ قلت : بدأت بك فقال : سل ! قلت : أخبرني عن رجل قال لامرأته : ( أنت طالق عدد نجوم السماء ) فقال : تبين برأس الجوزاء ، والباقي وزر عليه وعقوبة فقلت في نفسي : واحدة فقلت : ما يقول الشيخ في المسح على الخفين فقال : قد مسح قوم صالحون ، ونحن أهل بيت لا نمسح فقلت في نفسي : ثنتان فقلت : ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام ، فقال : حلال إلا أنا أهل البيت نعافه ، فقلت في نفسي : ثلاث ، فقلت : وما تقول في شرب النبيذ ؟ فقال : حلال إلا أنا أهل البيت لا نشربه ، فقمت فخرجت من عنده وأنا أقول : هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت ، فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش وغيرهم من الناس ، فسلمت عليهم ثم قلت لهم : من أعلم أهل هذا البيت فقالوا : عبد الله بن الحسن ، فقلت : قد أتيته فلم أجد عنده شيئا ، فرفع رجل من القوم رأسه لقال : ائت جعفر بن محمد عليهما السلام فهو عالم أهل هذا البيت ، فلامه بعض من كان بالحضرة .
فقلت : إن القوم إنما منعهم من إرشادي إليه أول مرة الحسد ، فقلت له : ويحك إياه أردت فمضيت حتى صرت إلى منزله فقرعت الباب ، فخرج غلام له فقال : ادخل يا أخا كلب ، فوالله لقد أدهشني ، فدخلت وأنا مضطرب ونظرت فإذا  بشيخ على مصلى ، بلا مرفقة ولا بردعة ، فابتدأني بعد أن سلمت عليه فقال لي : من أنت ؟ فقلت في نفسي : يا سبحان الله غلامه يقول لي بالباب : ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى : من أنت ! ! فقلت له : أنا الكلبي النسابة ، فضرب بيده على جبهته وقال : كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا ، قد خسروا خسرانا مبينا ، يا أخا كلب إن الله عزوجل يقول : ( وعاد وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا ) الفرقان: 38 أفتنسبها أنت ؟ فقلت : لا جعلت فداك ، فقال لي : أفتنسب نفسك ؟ قلت : نعم أنا فلان بن فلان بن فلان ، حتى ارتفعت فقال لي : قف ليس حيث تذهب ، ويحك أتدري من فلان بن فلان ؟ قلت : نعم فلان بن فلان قال : إن فلان بن فلان الرعي الكردي إما كان فلان الكردي الرعي على جبل آل فلان ، فنزل إلى فلانة امرأة فلان من جبله الذي كان يرعى غنمه عليه ، فاطعمها شيئا وغشيها ، فولدت فلانا فلان بن فلان من فلانة وفلان بن فلان .
ثم قال : أتعرف هذه الاسامي ؟ قلت : لا والله جعلت فداك ، فإن رأيت أن تكف عن هذا فعلت فقال : إنما قلت فقلت ، فقلت : إني لا أعود قال : لا نعود إذا ، واسأل عما جئت له فقلت له : أخبرني عن رجل قال لا مرأته أنت طالق عدد النجوم فقال : ويحك أما تقرأ سورة الطلاق ؟ ! قلت : بلى قال : فاقرأ فقرأت ( فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ).
قال : أترى ههنا نجوم السماء ؟ قلت لا ، قلت : فرجل قال لا مرأته أنت طالق ثلاثا قال : ترد إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ثم قال : لا طلاق إلا على طهر من غير جماع ، بشاهدين مقبولين ، فقلت في نفسي : واحدة ثم قال ك سل فقلت : ما تقول في المسح على الخفين ؟ فتبسم ثم قال : إذا كان يوم القيامة ، ورود الله كل شئ إلى شيئه ، ورد الجلد إلى الغنم ، ف ترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم ؟ ! فقلت في نفسي : ثنتان .
ثم التفت إلي، فقال : سل. فقلت : أخبرني عن أكل الجري ؟ فقال : إن الله عز وجل مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحرا فهو الجري والزمار والمار ماهي وما سوى ذلك ، وما أخذ منهم برًا فالقردة ، والخنازير ، والوبر ، والورل وما سوى ذلك ، فقلت في نفسي : ثلاث...إلخ

 

كتاب صفات الشيعة : عن علي بن أحمد بن عبدالله عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبدالله عن أبيه عن عمرو بن شمر عن عبيدالله عن الصادق عليه السلام قال : من أقر بسبعة أشياء فهو مؤمن : البراءة من الجبت والطاغوت ( 5 ) ، والاقرار بالولاية ، والايمان بالرجعة ، والاستحلال للمتعة ، وتحريم الجري ، والمسح على الخفين

_______________________________________________________
( 1 ) صفات الشيعة : 178 فيه : ( البراءة من الطواغيت ) وفيه : وترك المسح على الخفين .

 

المحاسن : عن أبيه عن ابن أبى عمير عن هشام وعن أبي عمر العجمي قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يا أبا عمر تسعة أعشار الدين في التقية ، ولا دين لمن لا تقية له ، والتقية في كل شئ إلا في شرب النبيذ والمسح على الخفين

 

الخصال : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن سهل ، عن اللؤلؤي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن جندب ، عن أبي عمر الجمي قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام : يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ، ولا دين لمن لا تقية له ، والتقية في كل شئ إلا في شرب النبيذ والمسح على الخفين.

الخصال : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام : ليس في شرب المسكر والمسح على الخفين تقية ، وقال عليه السلام : لا تمتدحوا بنا عند عدونا معلنين باظهار حبنا ، فتذللوا أنفسكم عند سلطانكم ، وقال عليه السلام : شيعتنا بمنزلة النحل لو يعلم الناس ما في أجوافها لأحلوها ، وقال عليه السلام : لو تعلمون ما لكم في مقامكم بين عودكم ، وصبركم على ما تسمعون من الاذى ، لقرت أعينكم ، وقال عليه السلام عليكم بالصبر والصلاة والتقية.

(دعائم الإسلام).....وعن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال : حرم رسول الله صلى الله عليه وآله المسكر من كل شراب ، وما حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله فقد حرمه الله ، وكل مسكر حرام وما أسكر كثيرة فقليله حرام ، فقال له رجل من أهل الكوفة : أصلحك الله إن فقهاء بلدنا يقولون : إنما حرم المسكر ؟ فقال : يا شيخ ما أدري ما يقول فقهاء بلدك حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ما أسكر كثيره فقليله حرام .
وعنه عليه السلام أنه قال : التقية ديني ودين آبائي في كل شئ إلا في تحريم المسكر ، وخلع الخفين عند الوضوء ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم .

 

المحاسن سن : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام وعن أبي عمر العجمي قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يا باعمر تسعة أعشار الدين في التقية ، ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شئ إلا في شرب النبيذ والمسح على الخفين ( 4 ) .

 

ف التحف: ..... يا ابن جندب إنما شيعتنا يعرفون بخصال شتى : بالسخاء والبذل للاخوان وبأن يصلوا الخمسين ليلا ونهارا ، شيعتنا لا يهرون هرير الكلب ، ولا يطمعون طمع الغراب ، ولا يجاورون لنا عدوا ، ولا يسألون لنا مبغضا ، ولو ماتوا جوعا ، شيعتنا لا يأكلون الجري ( 5 ) ولا يمسحون على الخفين ، ويحافظون على الزوال ، ولا يشربون مسكرا .
قلت : جعلت فداك فأين أطلبهم ؟ قال عليه السلام : على رؤوس الجبال وأطراف المدن .

 

الهداية : الوضوء مرة وهو غسل الوجه واليدين ، ومسح الراس والقدمين ، ولا يجوز أن يقدم شيئا على شئ يبدء بالاول فالاول كما أمر الله عز وجل ، ومن توضأمرتين لم يوجر ، ومن توضأ ثلاثا فقد أبدع ، ومن غسل الرجلين فقد خالف الكتاب والسنة ، ولا يجوز المسح على العمامة والجورب ، ولا تقية في ثلاثة أشياء : في شرب المسكر ، والمسح على الخفين ، ومتعة الحج .

 

عيون الأخبار: فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون من شرايع الدين : ثم الوضوء كما أمر الله عزوجل في كتابه : غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ، ومسح الرأس والرجلين مرة واحدة ، وإن مسح على الخفين فقد خالف الله تعالى و رسوله ، وترك فريضته وكتابه

 

قرب الاسناد : عن محمد بن علي بن خلف العطار ، عن حسان المدايني قال : سألت جعفربن محمد عليه السلام عن المسح على الخفين ، فقال : لا تمسح ، ولا تصل خلف من يمسح

 

رجال الكشي: 64 - كش : وجدت في كتاب أبي محمد جبرئيل بن أحمد الفاريابي بخطه حدثني محمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل الكوفي ، عن عبدالله بن عبدالرحمان عن الهيثم بن واقد ، عن ميمون بن عبدالله قال : أتى قوم أبا عبدالله عليه السلام يسألونه الحديث من الامصار ، وأنا عنده ، فقال لي : أتعرف أحدا من القوم ؟ قلت : لا فقال : كيف دخلوا علي ؟ قلت : هؤلاء قوم يطلبون الحديث من كل وجه ، لا يبالون ممن أخذوا ، فقال لرجل منهم : هل سمعت من غيري من الحديث ؟ قال : نعم قال : فحدثني ببعض ما سمعت .
قال : إنما جئت لاسمع منك ، لم أجئ احدثك ، وقال للآخر : ذلك ما يمنعه أن يحدثني ما سمع ؟ قال : تتفضل أن تحدثني بما سمعت ، أجعل الذي حدثك حديثه أمانة لا أتحدث به أبدا ؟ قال : لا قال : فسمعنا بعض ما اقتبست من العلم حتى نعتد بك إن شاء الله قال : حدثني سفيان الثوري ، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال : النبيذ كله حلال إلا الخمر ، ثم سكت فقال أبوعبدالله عليه السلام : زدنا قال : حدثني سفيان عمن حدثه عن محمد بن علي عليه السلام أنه قال : من لم يمسح على خفيه فهو صاحب بدعة ، ومن لم يشرب النبيذ فهو مبتدع ، ومن لم يأكل الجريث ( 1 ) وطعام أهل الذمة وذبايحهم فهو ضال أما النبيذ فقد شربه عمر نبيذ زبيب فرشحه بالماء ، وأما المسح على الخفين فقد مسح عمر على الخفين ثلاثا في السفر ، ويوما وليلة في الحضر ، وأما الذبائح فقد أكلها علي عليه السلام وقال : كلوها ، فان الله تعالى يقول : " اليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم " ( 2 ) ثم سكت . ....إلخ.... فقال له أبوعبدالله عليه السلام : زدنا .
قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن جعفر بن محمد عليه السلام أن عليا عليه السلام لما قتل أهل صفين بكى عليهم ، ثم قال : جمع الله بيني وبينهم في الجنة قال : فضاق بي البيت وعرقت ، وكدت أن أخرج من مسكي ( 1 ) فأردت أن أقوم إليه فأتوطأه ثم ذكرت غمز أبي عبدالله عليه السلام فكففت فقال له أبوعبدالله عليه السلام : من أي البلاد أنت ؟ قال : من أهل البصرة قال : هذا الذي تحدث عنه وتذكر اسمه جعفر بن محمد تعرفه ؟ قال : لا قال : فهل سمعت منه شيئا فط ؟ قال : لا ، قال : فهده الاحاديث عندك حق ؟ قال : نعم ، قال : فمتى سمعتها ؟ قال : لا أحفظ قال : إلا أنها أحاديث أهل مصرنا ، منذ دهرنا لا يمترون فيها .
قال له أبوعبدالله عليه السلام : لو رأيت هذا الرجل الذي تحدث عنه فقال لك هذه التي ترويها عني كذب ، وقال : لا أعرفها ولم احدث بها ، هل كنت تصدقه ؟ قال : لا قال : لم ؟ قال : لانه شهد على قوله رجال لو شهد أحدهم على عتق رجل لجاز قوله ، فقال : اكتب بسم الله الرحمان الرحيم حدثني أبي ، عن جدي ، قال : ما اسمك ؟ قال : ما تسأل عن اسمي إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : خلق الله الارواح قبل الجساد بألفي عام ، ثم أسكنها الهواء ، فما تعارف منها ثم ايتلف ههنا ، وما تناكر ثم اختلف ههنا ، ومن كذب علينا أهل البيت حشره الله يوم القيامة أعمى يهوديا وإن أدرك الدجال آمن به ، وإن لم يدركه آمن به في قبره ، يا غلام ضع لي ماءا وغمزني وقال : لا تبرح ، وقام القوم فانصرفوا ، وقد كتبوا الحديث الذي سمعوا منه .
ثم إنه خرج ووجهه منقبض فقال : أما سمعت ما يحدث به هؤلاء ؟ قلت : أصلحك الله ما هؤلاء ، وما حديثهم ؟ [ قال أعجب حديثهم ] كان عندي الكذب علي والحكاية عني ، مالم أقل ولم يسمعه عني أحد ، وقولهم : لو أنكر الاحاديث ما صدقناه ما لهؤلاء لا أمهل الله لهم ، ولا أملى لهم ثم قال لنا : إن عليا عليه السلام لما أراد الخروج من البصرة قال على أطرافها ثم قال : لعنك الله يا أنتن الارض ترابا ، وأسرعها خرابا ، وأشدها عذابا ، فيك الداء الدوي ، قيل : ما هو يا أمير المؤمنين ؟ قال : كلام القدر الذي فيه الفرية على الله ، وبغضنا أهل البيت ، وفيه سخط الله ، وسخط نبيه صلى الله عليه وآله وكذبهم علينا أهل البيت ، واستحلالهم الكذب علينا.

 

تفسير العياشي: عن محمد بن أحمد الخراساني رفع الحديث قال : أتى أمير المؤمنين عليه السلام رجل فسأله عن المسح على الخفين ، فأطرق في الارض علياثم رفع رأسه فقال : يا هذا إن الله تبارك وتعالى أمر عباده بالطهارة ، وقسمها على الجوارح ، فجعل للوجه منه نصيبا ، وجعل لليدين منه نصيبا ، وجعل للرأس منه نصيبا ، وجعل للرجلين منه نصيبا ، فان كانتا خفاك من هذه الاجزاء فامسح عليهما ( 1 ) .
37 - ومنه : عن غالب بن الهذيل قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله : " وامسحوا " برؤسكم وأرجلكم " على الخفض هي أم على الرفع ( 2 ) ؟ فقال : هي على الخفض ( 3 ) .
37 - ومنه : عن عبدالله خليفة أبي العريف الهمداني قال : قام ابن الكوا إلى علي عليه السلام فسأله عن المسح على الخفين ، فقال : بعد كتاب الله تسألني ؟ قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنواإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم " إلى قوله تعالى : " إلى الكعبين " ثم قام إليه ثانية فسأله ، قال له مثل ذلك ثلاث مرات كل ذلك يتلو عليه هذه الاية ( 4 ) .
39 - ومنه : عن الحسن بن زيد ، عن جعفر بن محمد عليه السلام أن عليا خالف القوم في المسح على الخفين على عهد عمربن الخطاب ، قالوا : رأينا النبي صلى الله عليه وآله يمسح على الخفين ، قال : فقال علي عليه السلام : قبل نزول المائدة أو بعدها ؟ فقالوا : لا ندري ، قال : ولكني أدري ، إن النبي صلى الله عليه وآله ترك المسح على الخفين حين نزلت المائدة ، ولان أمسح على ظهر حمار أحب إلى من أن أمسح على الخفين

 

ومن الآراء التي أجازته عند الضرورة:

 

- المحاسن : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عمير العجمي قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يا أبا عمر تسعة أعشار الدين في التقية ، ولا دين لمن لا تقية له ، والتقية في كل شئ إلا في شرب النبيذ ، والمسح على الخفين.
ومنه : عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : كيف اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وآله في المسح على الخفين ؟ فقال : كان الرجل منهم يسمع من النبي صلى الله عليه وآله الحديث فيغيب عن الناسخ ولا يعرفه فاذا أنكر ما خالف ما في يديه كبر عليه تركه ، وقد كان الشي ء ينزل على رسول الله صلى الله عليه وآله يعمل به زمانا ثم يؤمر بغيره فيأمر به أصحابه وامته حتى قال الناس : يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنك تأمرنا بالشئ حتى إذا اعتدناه وجرينا عليه أمرتنا بغيره ، فسكت النبي صلى الله عليه وآله عنهم ، فأنزل عليه " قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري مايفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلى وماأنا إلا نذير مبين ".

 

فقه الرضا عليه السلام : إياك أن تبعض الوضوء ، وتابع بينه كما قال الله تبارك وتعالى : ابدء بالوجه ثم اليدين ثم بالمسح على الرأس والقدمين ، فان فرغت من بعض وضوئك وانقطع بك الماء من قبل أن تتمه ثم اوتيت بالماء فأتمم وضوءك إذا كان ما غسلته رطبا ، فانكان قد جف فأعد الوضوء ، وإن جف بعض وضوئك قبل أن تتم الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء فامض على ما بقي جف وضوؤك أولم يجف وضوؤك .
وإن كان عليك خاتم فدوره عند وضوئك ، فان علمت أن الماء لا يدخل تحته فانزع ، ولا تمسح على عمامة ولا قلنسوه ولا على خفيك فانه أروي عن العالم عليه السلام " لا تقية في شرب الخمر ، ولا المسح على الخفين " ولا تمسح على جوربك إلا من عذر أو ثلج تخاف على رجليك

 

فيما بيّن الصدوق محمد بن بابويه رحمة الله عليهما من مذهب الامامية ، وأملى على المشائخ في مجلس واحد على ما أورده في كتاب المجالس

فقال رضي الله عنه : دين الامامية هو الاقرار بتوحيد الله تعالى ذكره ، ونفي التشبيه عنه ، وتنزيهه عما لايليق به ، والاقرار بأنبياء الله ورسله وحججه وملائكته و كتبه ، والاقرار بأن محمدا صلى الله عليه وآله هو سيد الانبياء والمرسلين ، وأنه أفضل منهم ومن جميع الملائكة المقربين ، وأنه خاتم النبيين فلانبي بعده إلى يوم القيامة ، وأن جميع الانبياء والرسل والائمة عليهم السلام أفضل من الملائكة ، وأنهم معصومون مطهرون من كل دنس ورجس ، لايهمون بذنب صغير ولا كبير ولاير تكبونه ، وأنهم أمان لاهل الارض ، كما أن النجوم أمان لاهل السماء .... إلخ ...ولا ينقض الوضوء إلا ما خرج من الطرفين من بول أو غائط أو ريح أو مني ، والنوم إذا ذهب بالعقل ولا يجوز المسح على العمامة ، ولا على القلنسوة ، ولا يجوز المسح على الخفين والجوربين إلا من عدو يتقى ، أو ثلج يخاف منه على الرجلين ، فيقام الخفان مقام الجبائر فيمسح عليهما .
وروت عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره .
وقالت عائشة : لئن أمسح على ظهر عير بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على خفي .

 

اتخذوا القبور مساجد

 

ترويج الكراهية بين بني البشر لأسباب وهمية خرافية

 

روى البخاري:

 

427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

 

434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنْ الصُّوَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمْ الْعَبْدُ الصَّالِحُ أَوْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ.

  

435 و 436 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَا لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا

 

3460 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا تَابَعَهُ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


2223 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا


2236 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ فَقَالَ لَا هُوَ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

وروى أحمد:

 

14953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ: " أَفَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانُوا، وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَبَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، أَنْتُمْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ، قَتَلْتُمْ أَنْبِيَاءَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَبْتُمْ عَلَى اللهِ، وَلَيْسَ يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ، قَدْ خَرَصْتُ عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلِي، فَقَالَوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، قَدْ أَخَذْنَا، فَاخْرُجُوا عَنَّا

 

إسناده قوي على شرط مسلم، محمد بن سابق صدوق لا بأس به، وأبو الزبير قد صرح بسماعه من جابر فيما سلف برقم (14161) . وأخرجه أبو داود (3414) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/247، والدارقطني 2/133-134، والبيهقي 4/123 من طريق محمد بن سابق، بهذا الإسناد- ورواية الطحاوي مختصرة. وأخرجه الطحاوي 2/38-39 و3/247 من طريق أبي عون الزيادي، عن إبراهيم بن طهمان، به. والموضع الثاني مختصر ليس فيه قول ابن رواحة.

 

بدلًا من نشر مفهوم الأخوة الإنسانية، تروج نصوص الإسلام للكره والبغض بين البشر لأسباب واهية وهمية. المسلمون اعتبروا الحبشة الذين آووهم وحموهم واستضافوهم بعداء وبغضاء! هذا يجعلنا نفهم طبيعة العقلية الإسلامية المتطرفة التي لا يعرف الإخاء الإنساني ولا العطف والإحسان طريقًا لتنوير نفوسها وعقولها المظلمة الكارهة، المسلمون اتخذوا قبور صالحيهم ونبيهم وأنبيائهم الأسطوريين مساجد مثلهم كاليهود والمسيحيين، لدينا مسجدان للحسين واحد بمصر والآخر بالعراق، والمسجد النبوي المحمدي به قبر محمد يزورونه منذ القدم وحتى اليوم، وقبور الأنبياء كيحيى وإبراهيم وحزقيال وذي الكفل وغيرها في فلسطين، وهم أغنياؤهم أصحاب الأعمال ورؤوس الأموال أكلوا أموال الناس بالباطل وهذا أسوأ من بيع الخمر، فبيع الخمر ليس سرقة.

 

استعمال التمائم والأحجبة عند الجهلة رغم نهي محمد عنها

 

روى أحمد:

6696 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا كَلِمَاتٍ نَقُولُهُنَّ عِنْدَ النَّوْمِ مِنَ الْفَزَعِ: " بِسْمِ اللهِ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّة، مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ، وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وَأَنْ يَحْضُرُونِ " قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: " يُعَلِّمُهَا مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدِهِ أَنْ يَقُولَهَا عِنْدَ نَوْمِهِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ أَنْ يَحْفَظَهَا كَتَبَهَا لَهُ فَعَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ "

 

حديث محتمل للتحسين، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق: مدلس، وقد عنعن. يزيد: هو ابن هارون. وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (765) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 185، 186 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. ولم يرد عند النسائي إلا المرفوع منه.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 8/39 و63 و (3598) و (3656) ، وأبو داود (3893) ، والترمذي (3528) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (766) ، والبخاري في "خلق أفعال العباد" ص 89، والطبراني في "الدعاء" (1086) ، وابن السني (753) ، وعثمان الدارمي في "الرد على الجهمية" ص 150، والبيهقي في "الآداب" (993) من طرق، عن محمد بن إسحاق، به، وعند النسائي أن خالد بن الوليد هو الذي كان يفزع في منامه، فعلمه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الكلمات. وعند البخاري أنه الوليد بن الوليد، وعند ابن السني أن رجلاً شكا الى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يرد عند بعضهم إلا المرفوع منه. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وأخرجه الحاكم 1/548 من طريق جرير بن عبد الحميد، عن ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن عمرو، به. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد متصل في موضع الخلاف (يعني هو من رواية شعيب، عن أبيه محمد، عن عبد الله بن عمرو) . وسقطت هذه الرواية من "تلخيص" الذهبي.

وهو في "الموطأ" 2/950 عن يحيى بن سعيد، أنه قال: بلغني أن خالد بن الوليد قال لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني أروع في منامي... وآخر عند ابن السني (747) عن محمد بن عبد الله بن غيلان، عن أبي هشام الرفاعي، عن وكيع بن الجراح، عن سفيان، عن محمد بن المنكدر، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فشكا إليه أهاويل يراها في المنام، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... وأبو هشام الرفاعي -واسمه محمد بن يزيد بن محمد بن كثير بن رفاعة مختلف فيه، قال ابنُ معين والعجلي وسلمة بن قاسم: لا بأس به. وقال البرقاني: ثقة، أمرني الدارقطني أن أخرج حديثه في إلصحيح، واحتج به مسلم، وضعفه البخاري وأبو حاتم والحكم أبو أحمد والنسائي، وباقي رجاله ثقات.

همزاتُ الشياطين: وساوسُها. وقوله: أن يُحْضُرون: قال أهل المعاني: أن يصيبوني بسوء، وكذلك قال أهلُ التفسير في قول الله عز وجل: (وقُلْ رب أعوذُ بك من همزات الشياطين وأعوذُ بك رب أن يحْضُرون) [المؤمنون:97 و98] : يصيبوني بسوء ومثل هذا قولُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن هذه الحُشوش مُحْتضره"، أي: يُصاب الناسُ فيها، ومن هذا أيضاً قولُ الله عز وجل: (كُل شرْبٍ مُحْتضر) [القمر: 28] ، أي: يُصيب منه صاحبه.

 

وإلى عهد قريب كان لا يزال عوام المصريين والعرب من الطبقات الدنيا وحتى الثرية أحيانًا يقومون بأمور خرافية كهذه، فمفهوم السحر والدين في الأصل واحد، والأدعية بالصياغات المحفوظة والتوهم بأن لها تأثيرًا هو بعينه ممارسات سحر الأديان الأقدم من التوحيدية، وقد نهى محمد عن استعمال التمائم:

 

وروى أحمد:

 

17422 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ دُخَيْنٍ الْحَجْرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ ، فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا ؟ قَالَ: " إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً " فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا، فَبَايَعَهُ، وَقَالَ: " مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ "

 

قال فريق شعيب الأرنوؤط بطبعة دار الرسالة: إسناده قوي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (885) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن عبد العزيز بن مسلم، بهذا الإسناد- ولم يذكر فيه قوله: "من علّق تميمة فقد أشرك".

وأخرجه الحاكم 4/219 من طريق سهل بن أسلم العدوي، عن يزيد بن أبي منصور، به. وتحرف في المطبوع منه "الدُّخين" إلى: الرجلين. وانظر أحمد برقم (17404) .

 

قال أحمد حمزة الزين في تحقيقه للمسند برقم 17353 من نسخته: إسناده صحيح، ويزيد بن أبي منصور من التابعين الثقات، وكذا دخين بن عامر الحجري، وصححه الهيثمي أيضًا في 5/ 103 من مجمع الزوائد.

 

(17404) 17539- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مِشْرَحَ بْنَ هَاعَانَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً ، فَلاَ أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً ، فَلاَ وَدَعَ اللَّهُ لَهُ.(4/154).

 

قال أحمد حمزة الزين برقم 17335 من نسخة طبعة دار الحديث-القاهرة: إسناده صحيح، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد5/ 103 رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات.

قال فريق شعيب الأرنؤوط: حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة خالد بن عُبيد- المَعَافري-، وهو من رجال "التعجيل" لم يروِ عنه غير حَيْوة بن شُرَيح، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقد تابعه ابن لهيعة كما سيأتي، وهو- وإن كان سيئ الحفظ- يصلح في المتابعات والشواهد، ومشرح بن هاعان صدوق حسن الحديث.

وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص289، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/325، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/162 من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عبد الحكم ص289، وأبو يعلى (1759) ، والدولابي في "الكنى" 2/115، وابن حبان (6086) ، والطبراني في "الكبير" 17/ (820) ، وابن عدي في "الكامل" 6/2460، والحاكم 4/216 و417، والبيهقي 9/350، وابن عبد البر 17/162 من طرق عن حَيْوة بن شريح، به. وتساهل الحاكم فصحح إسناده.

وأخرجه ابن عبد الحكم ص289 عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبار، عن عبد الله بن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، به.

وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (234) من طريق أبي سعيد، عن عقبة بن عامر، وفي إسناده الوليد بن الوليد العنسي رمي بالوضع.

وسيأتي برقم (17422) بلفظ: "من علق تميمة فقد أشرك" وإسناده قوي.

قال السندي: "من تعلَّق تميمة" قيل: المراد ما يحتوي على رُقَى الجاهلية أو الخرزات التي تعلّقها العرب على أولادهم يتقون بها العين، فأبطله الإسلام.  "فلا أتمَّ الله له" كانوا يعتقدون أنها تمام الدواء والشفاء، فأبطل ذلك.  "وَدعةً": واحد الوَدع، وهي خرزٌ أبيض تخرج من البحر بيضاء شقها كشقِّ النوى، تعلَّق لدفع العين. "فلا ودّع" ضُبط بالتشديد، وفي "المجمع": أي لا جعله في دَعَةٍ وسكون، أو لا دفع عنه ما يخافه، بُنِي من لفظ الوديعة.

وروى ابن أبي شيبة:

 

23931- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ، قَالَ : حدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ ، عنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، قَالَ : مَوْضِعُ التَّمِيمَةِ مِنَ الإِنْسَاْن وَالطِّفْلِ شِرْكٌ.

 

صحيح

 

23924- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، قَالَ : دَخَلَ عَبْدُ اللهِ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ مَرِيضَةٌ ، فَإِذَا فِي عُنُقِهَا خَيْطٌ مُعَلَّقٌ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَتْ : شَيْءٌ رُقِيَ لِي فِيهِ مِنَ الْحُمَّى ، فَقَطَعَهُ وَقَالَ : إِنَّ آلَ إِبْرَاهِيمَ أَغْنِيَاءُ عَنِ الشِّرْكِ.

 

مرسل

 

23925- حَدَّثَنَا هُشَيمٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : رَأَى ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَيْئًا قَدْ تَعَلَّقَهُ ، فَنَزَعَهُ مِنْهُ نَزْعًا عَنِيفًا ، وَقَالَ : إِنَّ آلَ ابْنِ مَسْعُودٍ أَغْنِيَاءُ عَنِ الشِّرْكِ.

 

مرسل

 

23926- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَجُلٍ حَلْقَةً مِنْ صُفْرٍ ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ ؟ قَالَ : مِنَ الْوَاهِنَةِ ، قَالَ : لَمْ يَزِدْكَ إِلاَّ وَهْنًا ، لَوْ مِتَّ وَأَنْتَ تَرَاهَا نَافِعَتَكَ لَمِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ.

 

مرسل

 

23929- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي ظِبْيَانَ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ ، فَوَجَدَ فِي عَضُدِهِ خَيْطًا ، قَالَ : فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالَ : خَيْطٌ رُقِيَ لِي فِيهِ ، فَقَطَعَهُ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ مِتَّ مَا صَلَّيْتُ عَلَيْكَ.

 

مرسل

 

23932- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ عِمْرَانَ ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ ، قَالَ : مَنْ تَعَلَّقَ عَلاَقَةً وُكِلَ إِلَيْهَا.

 

23933- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانُوا يَكْرَهُونَ التَّمَائِمَ كُلَّهَا ، مِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ الْقُرْآنِ.

 

23934- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ.

 

23935- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، قَالَ : قُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ : أُعَلِّقُ فِي عَضُدِي هَذِهِ الآيَةَ : {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} مِنْ حُمَّى كَانَتْ بِي ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ.

 

23937- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانُوا يَكْرَهُونَ التَّمَائِمَ وَالرَّقَى وَالنَّشَرَ.

 

23938- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ ؛ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ رَأَى إِنْسَانًا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي عَنْقِهِ خَرَزَةٌ فَقَطَعَهَا.

 

وذكر ابن أبي شيبة في مصنفه ممارسة الكثيرين لهذه العادة والخرافة:

 

مَنْ رخَّصَ فِي تعلِيقِ التَّعَاوِيذِ

 

24009- حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي عِصْمَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ التَّعْوِيذِ ؟ فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ فِي أَدِيمٍ.

 

24010- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ؛ فِي الْحَائِضِ يَكُونُ علَيْهَا التَّعْوِيذُ ، قَالَ : إِنْ كَانَ فِي أَدِيمٍ ، فَلْتَنْزِعْهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي قَصَبَةِ فِضَّةٍ ، فَإِنْ شَاءَتْ وَضَعَتْهُ ، وَإِنْ شَاءَتْ لَمْ تَضَعْهُ.

 

24011- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ ثُوَيْرٍ ، قَالَ : كَانَ مُجَاهِدٌ يَكْتُبُ للنَّاسَ التَّعْوِيذَ فَيُعَلِّقُهُ عَلَيْهِمْ.

 

24012- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، عَنْ حَسَنٍ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَكْتُبَ الْقُرْآنَ فِي أَدِيمٍ ، ثُمَّ يُعَلِّقُهُ.

 

24013- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِذَا فَزِعَ أَحَدُكُمْ فِي نَوْمِهِ فَلْيَقُلْ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَسُوءِ عِقَابِهِ ، وَمِنْ شَرِّ عِبَادِهِ ، وَمِنْ شَرِّ الشَّيَاطِينِ وَمَا يَحْضُرُونِ ،

فَكَانَ عَبْدُ اللهِ يُعَلِّمُهَا وَلَدَهُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمْ ، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ ، كَتَبَهَا وَعَلَّقَهَا عَلَيْهِ.

 

ضعفوا إسناده.

 

24014- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ؛ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا بِالشَّيْءِ مِنَ الْقُرْآنِ.

 

24015- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا أَيُّوبُ ؛ أَنَّهُ رَأَى فِي عَضُدِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ خَيْطًا.

 

24016- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَسَنٌ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : لاَ بَأْسَ أَنْ يُعَلَّقَ الْقُرْآنُ.

 

24017- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، عَنْ أَبَانَ بْنِ ثَعْلَبٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنِ التَّعْوِيذِ يُعَلَّقُ عَلَى الصِّبْيَانِ ؟ فَرَخَّصَ فِيهِ.

 

24018- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ ، عَنْ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ؛ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا أَنْ يُعَلِّقَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ مِنْ كِتَابِ اللهِ ، إِذَا وَضَعَهُ عِنْدَ الْغُسْلِ وَعِنْدَ الْغَائِطِ.

 

ومن الخرافات التي اختلفوا عليها قراءة القرآن على الماء وشربه وهو علاج خرافي قديم مارسه قبلهم اليهود والمسيحيون، ويسمونه النشر

 

روى عبد الرزاق:

 

19763 - قال عبد الرزاق وقال الشعبي لا بأس بالنشرة العربية التي لا تضر إذا وطئت قال عبد الرزاق وقال الشعبي لا بأس بالنشرة العربية التي لا تضر إذا وطئت والنشرة العربية أن يخرج الإنسان في موضع عضاه فيأخذ عن يمينه وشماله من كل ثمر يدقه ويقرأ فيه ثم يغتسل به وفي كتب وهب أن تؤخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ثم يضربه في الماء ويقرأ فيه آية الكرسي وذوات قل ثم يحسو منه ثلاث حسوات ويغتسل به فإنه يذهب عنه كل ما به إن شاء الله وهو جيد للرجل إذا حبس من أهله

قال عبد الرزاق وحبس رسول الله صلى الله عليه و سلم من عائشة خاصة حتى أنكر بصره

 

19765 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن عطاء الخرساني عن يحيى بن معمر قال حبس رسول الله صلى الله عليه و سلم عن عائشة سنة فبينا هو نائم أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال أحدهما لصاحبه سحر محمد فقال الآخر أجل وسحره في بئر أبي فلان فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك السحر فأخرج من تلك البئر

قال عبد الرزاق قال معمر في الرجل يجمع السحر يغتسل به إذا قرأ عليه القرآن فلا بأس به

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

23979- حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الأَسْوَدِ ؛ أَنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ سُئِلَتْ عَنِ النَّشَرِ ؟ فَقَالَتْ : مَا تَصْنَعُونَ بِهَذَا ؟ هَذَا الْفُرَاتُ إِلَى جَانِبِكُمْ ، يَسْتَنْقِعُ فِيهِ أَحَدُكُمْ سَبْعًا يَسْتَقْبِلُ الْجِرْيَةَ.

صحيح الإسناد، والظاهر أن مقصود عائشة في هذا الحديث المنسوب إليها أن يغتمس الشخص المريض أو الموهوم سبع مرات في نهر الفرات، ولدي أسبابي كعالم أديان للشك في نسبة الحديث إلى عائشة رغم قولهم بصحة إسناده حسب خرافة الإسناد، فهذه عادة قديمة لقدامى العراقيين وثقافتهم العريقة الدينية وخرافاتها وخاصة طقوس وشعائر الارتماس أو المصبوثا أو التعميد الخاصة بالصابئة المندائيين الموجودين حتى اليوم وسائر الطوائف القديمة المغتمسة المعروفة بطوائف المغتسلة التي سموها كلها قديمًا صابئة ومنها اليهود الأسينيون أصحاب مخطوطات قمران والجنوسيون العرفانيون الألكسيون الذي خرج من صفوفهم ماني مؤسس المانوية ومذاهب جنوسية (غنوصية) أخرى قديمة محلها كتب كالملل والنحل للشهرستاني والفهرست لابن النديم.

 

23976- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ (ح) وَلَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ؛ أَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَا بَأْسًا أَنْ يَكْتُبَ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ يُسْقَاهُ صَاحِبُ الْفَزَعِ.

23977- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَكْتُبُ التَّعْوِيذَ لِمَنْ أَتَاهُ ، قَالَ حَجَّاجٌ : وَسَأَلْتُ عَطَاءً ؟ فَقَالَ : مَا سَمِعْنَا بِكَرَاهِيَتِهِ إِلاَّ مِنْ قِبَلِكُمْ أَهْل الْعِرَاقِ.

 

23978- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ النَّشَرِ ، فَأَمَرَنِي بِهَا ، قُلْتُ : أَرْوِيهَا عَنْكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ.

 

وذكر ابن أبي شيبة على العكس كره وتحريم ذلك حسب آراء أخرى:

 

23980- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ؛ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَ بِالْكُوفَةِ يَكْتُبُ مِن الفَزَع آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَيُسْقَاهُ الْمَرِيضُ ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ.

 

23981- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَطِيَّةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ وَسُئِلَ عَنِ النَّشَرِ ؟ فَقَالَ : سِحْرٌ.

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

19762 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا عقيل بن معقل عن همام بن منبه قال سئل جابر بن عبد الله عن النشر فقال من عمل الشيطان

 

ومن وجهة نظر عقلانية فالدعاء المعترَف به دينيًّا هو كذلك خرافة مثله مثل الصلوات وصلاة القنوط والأحجبة والتمائم والنشر أو شرب الماء المقروء عليه وغيرها، وكلها لا تفيد عمليًّا، والطب العلمي الصحيح العقلاني هو المفيد فقط.

 

إلباس الأطفال الذكور أقراط (حلقان) في آذانهم عند بعض القبائل العربية القديمة

 

روى أحمد:

19782 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا سُكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ أَبُو الْمِنْهَالِ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ، وَإِنَّ فِي أُذُنَيَّ يَوْمَئِذٍ لَقُرْطَيْنِ ، وَإِنِّي غُلَامٌ . قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ ثَلَاثًا مَا فَعَلُوا ثَلَاثًا: مَا حَكَمُوا فَعَدَلُوا، وَاسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا، وَعَاهَدُوا فَوَفَوْا، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل سُكَين بن عبد العزيز. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1125) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. مختصراً بلفظ: "الأئمة من قريش". وانظر (19777) .

 

19805 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سُكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ أَبِي الْمِنْهَالِ الرِّيَاحِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَإِنَّ فِي أُذُنَيَّ يَوْمَئِذٍ لَقُرْطَيْنِ . قَالَ: وَإِنِّي لَغُلَامٌ . قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: إِنِّي أَحْمَدُ اللهَ أَنِّي أَصْبَحْتُ لَائِمًا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ فُلَانٌ هَاهُنَا يُقَاتِلُ عَلَى الدُّنْيَا، وَفُلَانٌ هَاهُنَا يُقَاتِلُ عَلَى الدُّنْيَا، يَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، قَالَ: حَتَّى ذَكَرَ ابْنَ الْأَزْرَقِ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ لَهَذِهِ الْعِصَابَةُ الْمُلَبَّدَةُ الْخَمِيصَةُ بُطُونُهُمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْخَفِيفَةُ ظُهُورُهُمْ مِنْ دِمَائِهِمْ . قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ . الْأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ . الْأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ لِي عَلَيْهِمْ حَقٌّ، وَلَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقٌّ مَا فَعَلُوا ثَلَاثًا: مَا حَكَمُوا فَعَدَلُوا، وَاسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا، وَعَاهَدُوا فَوَفَوْا، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ".

 

إسناده قوي، سُكَين بن عبد العزيز صدوق لا بأس به. وانظر (19777) .

قوله: "لائماً" قال السندي: اسم فاعل من اللَّوم، أي: ألومهم على ما أحدثوا من الشرور.  "المُلبدة" قال: بكسر الباء، اسم فاعل من اللبد، والمراد: أنهم لصقوا بالأرض وَأخملوا أنفسهم.  "الخميصة بطونهم من أموال المسلمين" أي: الفارغة، وهي كناية عن عدم أكل أموال المسلمين بالباطل.  "والخفيفة ظهورهم من دمائهم" كناية عن اجتنابهم قتل المسلمين في غير حلَّه.

 

يعتبر المسلمون بعمومهم اليوم عادة كهذه غير مقبولة وغير لائقة، وأنها من باب تأنيث الطفل وتعويده على صفة الأنوثة.

 

وفي الحديث ذكر للحرب بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان صراعًا على الملك حيث سفك الفريقان دماء بعضهم، وقد كان الخوارج ومن رؤسائهم نافع بن الأزرق قد انضموا لدعم ابن الزبير ثم لما سألوه عن رأيه في عثمان بن عفان الخليفة الراحل فامتدحه تركوه وانفضوا عنه كما ذكرت كتب التاريخ، وكما أوردت بمواضع أخرى.

بعض رجال العرب كانوا يجعلون شعرهم غدائر يعني ضفائر منهم محمد وأبو بكر

 

روى أحمد:

 

(26890) 27428- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ ، قَالَتْ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ مَرَّةً ، وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ.

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، قال البخاري: لا أعرف لمجاهد سماعاً من أمِّ هانىء. قلنا: وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. سفيان: هو ابن عُيينة، وابن أبي نَجيح: هو عبد اللّه. وأخرجه ابن سعد 1/429، وابن أبي شيبة 8/447 و14/493، وأبو داود (4191) ، والترمذي في "سننه" (1781) ، وفي "الشمائل" (27) ، وفي "العلل" 2/750، وابن ماجه (3631) ، والفاكهي في "أخبار مكة" (1921) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (1049) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/224 من طريق سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد.

قال الترمذي في "سننه": هذا حديثٌ حسن غريب! ثم قال: قال محمد - يعني البخاري-: لا أعرف لمجاهد سماعاً من أمِّ هانىء.

وأخرجه ابن سعد 1/429، والخطيب في "تاريخه" 10/439 من طريقين عن ابن أبي نجيح، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (1050) من طريق مسلم بن خالد، عن مجاهد، به.

وسيأتي برقم (27390) .

وسيكرر برقم (27389) سنداً ومتناً .

 

(27389) 27933- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ مَرَّةً وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ.

 

(27390) 27934- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ يَذْكُرُ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ : رَأَيْتُ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَفَائِرَ أَرْبَعاً.

 

ومما روى ابن أبي شيبة:

 

25573- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ : دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ ، تَعْنِي ضَفَائِرَ.

 

وروى أبو يعلى في مسنده:

 

52 - حدثنا أبو موسى إسحاق بن إبراهيم الهروي حدثنا سفيان عن الوليد بن كثير عن ابن تدرس مولى حكيم بن حزام: عن أسماء بنت أبي بكر أنهم قالوا لها : ما أشد ما رأيت المشركين بلغوا من رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فقالت : كان المشركون قعدوا في المسجد يتذاكرون رسول الله صلى الله عليه و سلم وما يقول في آلهتهم فبيناهم كذلك إذ أقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقاموا إليه بأجمعهم فأتى الصريخ إلى أبي بكر فقيل : أدرك صاحبك : فخرج من عندنا وإن له لغدائر أربعا وهو يقول : ويلكم : { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم } ؟ [ غافر : 28 ] فلهوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وأقبلوا على أبي بكر قالت : فرجع إلينا أبو بكر فجعل لا يمس شيئا من غدائره إلا جاء معه وهو يقول : تباركت يا ذا الجلال والإكرام

 

حسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري7/ 169

 

وجاء في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق:

 

قال ابن إسحاق : وحدثني حُسين بن عبد الله بن عُبيد اللّه بن عباس ، قال سمعت ربيعة ابن عِبَاد، يحدثه أبي، قال : إني لغلام شاب مع أبي بمنى، ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقف على منازل القبائل من العرب ، فيقول : يا بنى فلان ، إني رسول اللّه إليكم ، يأمركم أن تعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد، وأن تؤمنوا بي ، وتصدقوا بي ، وتمنعوني، حتى أبين عن اللّه ما بعثني به . قال : وخلفه رجل أحول وضيء ، له غديرتان عليه حلة عدنية . فإذا فرغ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من قوله وما دعا إليه ، قال ذلك الرجل : يا بنى فلان ، إن هذا إنما يدعوكم أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم ، وحلفاءكم من الجن من بنى مالك بن أقَيْش ، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة، فلا تطيعوه ، ولا تسمعوا منه .

قال : فقلت لأبي : يا أبت ، من هذا الذي يتبعه ويرد عليه ما يقول ؟ قال هذا عمه عبد العزى بن عبد المطلب ، أبو لهب .

 

وروى أحمد:

 

(16020) 16116- قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ الْقَارِظِيِّ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ الدِّيلِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا لَهَبٍ بِعُكَاظٍ ، وَهُوَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ هَذَا قَدْ غَوَى ، فَلاَ يُغْوِيَنَّكُمْ عَنْ آلِهَةِ آبَائِكُمْ ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفِرُّ مِنْهُ ، وَهُوَ عَلَى أَثَرِهِ ، وَنَحْنُ نَتْبَعُهُ ، وَنَحْنُ غِلْمَانُ ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أَحْوَلُ ذُو غَدِيرَتَيْنِ أَبْيَضَ النَّاسِ ، وَأَجْمَلَهُمْ.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات، عبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد: هو عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي، ضُعِّف في عبيد الله بن عمر العمري فحسب، ووثقه ابنُ سعد ومالك وابنُ مَعِين ويعقوب بن سفيان والعجلي، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وقد تُوبع، وابن أبي ذئب: هو

محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب. وربيعة بن عباد الديلي رضي الله عنه لم تقع له رواية في شيء من الكتب الستة.

وأخرجه ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 2/214 من طريق عبد الله بن أحمد بهذا الإسناد.

وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (963) من طريق عبد الله بن موسى التيمي والطبراني في "الكبير" (4588) من طريق عبد الله بن وهب، وشعيب بن إسحاق، ثلاثتهم عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4590) من طريق ابن وهب، أن بكير بن عبد الله بن الأشج حدثه عن ربيعة بن عباد، به.

وسيأتي بالأرقام: (16021) (16022) (16023) (16024) (16025) (16026) (16027) و4/341 و341-342.

قال السندي: قوله: "أحول": من الحَوَل- بفتحتين-، وهو عيب في العين

 

وروى الطبراني في المعجم الكبير ج5:

 

4586- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ الْقُرَشِيُّ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ عِبَادٍ الدِّيلِيَّ ، يَقُولُ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ بِمِنًى فِي مَنَازِلِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ أنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ أَحْوَلُ وَضِيءٌ لَهُ غَدِيرَتانِ يَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا يَأْمُرُكُمْ أنْ تَتْرُكُوا دَيْنَ آبَائِكُمْ ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ : هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ.

 

4590- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرٍ الْحِزَامِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ حَدَّثَهُ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا لَهَبٍ بِعُكَاظٍ وَهُوَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ هَذَا قَدْ غَوَى فَلاَ يُغْوِيَنَّكُمْ عَنْ مَآثِرِ آبَائِكُمْ ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْعَى وَهُوَ عَلَى أَثَرِهِ وَنَحْنُ نَتْبَعُهُ ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أَحْوَلُ ذُو غَدِيرَتَيْنِ أَبْيَضُ النَّاسِ وَأَجْمَلُهُ.

 

4582- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِيُّ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلاَّفُ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عِبَادٍ الدِّيلِيُّ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَهُوَ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تُفْلِحُوا فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا مِرَارًا وَالنَّاسُ مُتَصَفُّونَ عَلَيْهِ يَتَّبِعُونَهُ ، وَإِذَا وَرَاءَهُ رَجُلٌ أَحْوَلُ ذُو غَدِيرَتَيْنِ وَضِيءُ الْوَجْهِ يَقُولُ : إِنَّهُ صَابِئٌ كَاذِبٌ ، مَرَّتَيْنِ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا : هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ.

 

وروى الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين:

39 - أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان الجلاب بهمدان ثنا أبو حاتم الرازي ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا ابن أبي الزناد أخبرني أبي حدثني ربيعة بن عباد الدؤلي قال  رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية بسوق ذي المجاز وهو يقول : يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا قال : يرددها مرارا والناس مجتمعون عليه يتبعونه وإذا وراءه رجل أحول ذو غديرتين وضيء الوجه يقول : أنه صابىء كاذب فسألت : من هذا ؟ فقالوا : عمه أبو لهب

وإنما استشهدت بعبد الرحمن بن أبي الزناد اقتداء بهما فقد استشهدا جميعا به

 

وجاء في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق كذلك:

 

قال ابن إسحاق : فحدثني محمد بن الوليد بن نُوَيْفع عن   كُرَيب ، مولى عبد اللّه بن عباس ، عن ابن عباس ، قال : بعثَتْ بنو سعد بن  بكر ضِمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم  ، فقدم عليه ، وأناخ بعيرَه  على باب المسجد ثم عقله ، ثم دخل إلى المسجد ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه. وكان ضِمام رجلا جَلْدا أشعرَ ذا غديرتين، فاقبل حتى وقف على  رسول اللّه صلى الله عليه وسلم  في أصحابه ، فقال : أيكم ابن عبد المطلب ؟ قال: فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أنا ابن عبد المطلب. قال : أمحمد؟ قال: نعم.  قال: يا بن عبد المطلب، إني سائلك ومُغَلِّظٌ  عليك في المسالة، فلا  تَجِدنَّ في نفسك. قال : لا أجد في نفسي ، فسل عما بدا لك.

قال : أنشدُك اللّه إلهك وإله من كان قبلك ، وإله من كائن بعدك، آللّه  بعثك إلينا رسولا؟ قال : اللهم نعم. قال : فأنشدُك اللّه إلهك وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، آللّه أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده لا نشرك به شيئا، وأن نخلع هذه الأنداد التي كانت آباؤنا يعبدون معه؟ قال: اللهم نعم. قال: فأنشدك اللّه إلهك واله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، آللّه أمرَك أن تصلِّيَ هذه الصلوات الخمس؟ قال: اللهم نعم. قال: ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضةً فريضة: الزكاةَ والصيامَ والحجَّ وشرائعَ  الإسلام كلها، ينشده عند كل فريضة منها، كما ينشده في التيٍ  قبلها، حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمدا رسول اللّه، وسأؤدي هذه الفرائض ، وأجتنب ما نهيتني عنه، ثم لا أزيد ولا انقص ، ثم انصرف إلى بعيره راجعا.

قال : فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة .

 

أخرجه عن ابن إسحاق أحمد بن حنبل في المسند برقم 2380 والطبراني في المعجم الكبير ج8 حديث 8149 والحاكم في المستدرك 4380، وأخرجه مختصرًا أبو داوود487 بإسناده إلى محمد بن إسحاق. وهو كذلك بأسانيد أخرى عند البخاري 63 ومسلم 12 والنسائي في المجتبى 2091 وابن ماجه 1402 والدرامي709 لكن بدون ذكر وصف شكل ضمام وضفيرتيه.

وعلى حد علمي لا توجد هذه العادة اليوم إلا عند بعض بدو الأردن، تخيل أن يقوم عربي مسلم بعمل شعره ضفائر، ما لم يعتبروها موضة أفريقية فسيتعرض لمشاكل كثيرة وهي لا تبدو كشكل التسريحة الأفريقية، خاصة عمل ضفيرتين أو أربعة فقط عند مقدمة الرأس من عند جانبي الرأس، في السعودية مثلًا سيتعرض لمشكلة كبيرة واضطهاد وعنف من جماعة الأمر بالمعروف الإرهابية الحكومية الشمولية، في مصر سيعتقدون أنه حبر يهودي أو حاخام وسيدخل في مشاكل ويسمع تعابير ساخرة طالما يسير في الشارع ما لم يكن ضخم الجسد ليرهب من حوله! ويبدو أن عادة الحاخامات الرابيم لعمل ضفائر في جانبي الرأس عادة بدوية قديمة من عادات منطقة الشرق الأوسط توارثوها وتناقلوها كعادة دينية أو شبه دينية.

 

فإذا كنت ممن يحبون اتباع سنة محمد في كل شيء كما كان القدماء الذين قلدوه حتى في ما يحبه من طعام حتى لو كان يخالف ذوقهم هم وحتى في طريقة قضائه للحاجة، فاعمل لشعرك ضفائر من جانبي الرأس من آنٍ إلى آخر كما كان محمد يفعل أحيانًا، وأخبرنا عما تعرضتَ له في مجتمعات العرب الإسلامية الشمولية.

 

كراهية عوام المصريين_وربما معهم الخليجيون_لكلمة (الرب) واعتبارها مصطلحًا مسيحيًّا!

 

يقول عوام الشاميين (اسمه الرب) ولهم مقولات وأمثال كثيرة ترد فيها هذه الكلمة، بسبب شدة جهل المصريين باللغة العربية الفصحى وانعدام فهم شديد عند عامتهم عمومًا ولعدم ورود كلمة (الرب) إلا بإضافتها إلى كلمة أخرى للتعظيم في القرآن مثل (رب العالمين) (رب العرش العظيم) (رب السماوات والأرض) (ربكم) (ربك)، لكن الكلمة وردت مجردة كثيرًا في أحاديث محمد، ومن غير المفهوم لماذا يرفض جهال المصريين الكلمة مجردة مع أنها في القرآن مضافة إلى غيرها؟! مسألة انعدام فهم، فهل يرفضون القول والاعتقاد بأن الله إلههم هو الرب (الخرافي طبعًا)؟

 

روى مسلم:

 

[ 479 ] حدثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالوا حدثنا سفيان بن عيينة أخبرني سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن بن عباس قال كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ألا وإني نهيت أن اقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم

 

وجاء في البخاري:

 

بَاب مَا جَاءَ فِي تَخْلِيقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْخَلَائِقِ وَهُوَ فِعْلُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَمْرُهُ فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ وَفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَكَلَامِهِ وَهُوَ الْخَالِقُ الْمُكَوِّنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ فَهُوَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ

 

بَاب كَلَامِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ وَنِدَاءِ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ وَقَالَ مَعْمَرٌ { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ } أَيْ يُلْقَى عَلَيْكَ وَتَلَقَّاهُ أَنْتَ أَيْ تَأْخُذُهُ عَنْهُمْ وَمِثْلُهُ { فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ }

 

4849 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يُوقِفُهُ أَبُو سُفْيَانَ يُقَالُ { لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } فَيَضَعُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُولُ قَطْ قَطْ

 

وروى أحمد:

 

5414 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَكَذَا بِيَدِهِ، وَيُحَرِّكُهَا، يُقْبِلُ بِهَا وَيُدْبِرُ : "يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ: أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْعَزِيزُ، أَنَا الْكَرِيمُ" فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا: لَيَخِرَّنَّ بِهِ ".

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم. عفان: هو ابن مسلم الباهلي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7696) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (95) ، وابن حبان (7327) من طريق عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (546) ، والنسائي في "الكبرى" (7695) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات"ص 34 من طرق، عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (137) و (141) من طريق سويد الكلبي، عن إسحاق بن عبد الله، به .

وأخرجه مسلم (2788) (25) و (26) ، وابن ماجه (198) و (4275) ، والنسائي في "الكبرى" (7689) ، والطبري في "تفسيره" 24/26-27، وابن خزيمة في "التوحيد" (96) ، وابن حبان (7324) ، والطبراني في "الكبير" (13327) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (131) ، والبيهقي في " الأسماء والصفات"ص 339 من طريق أبي حازم سلمة بن دينار عن عبيد الله بن مِقْسَم، به.

وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" (97) من طريق هشام بن سعد، عن عبيد الله بن مقسم، به.

وعلقه البخاري في "صحيحه" (7413) ، ووصله عبد بن حميد (742) ، ومسلم (2788) (24) ، وأبو داود (4732) ، وابن أبي عاصم (547) ، وأبو يعلى (5558) ، والطبري 24/28، والبيهقي ص 323 و323-324، وأبو الشيخ (139) ، والبغوي في "معالم التنزيل" 4/87 من طريق عمر بن حمزة، عن سالم، عن ابن عمر.

 

(19293) 19508- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ دَاوُدَ الطُّفَاوِيَّ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْبَجَلِيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ : كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُبُرِ صَلاَتِهِ : اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ ، قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ مَرَّتَيْنِ : رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ إِخْوَةٌ ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، اجْعَلْنِي مُخْلِصًا لَكَ وَأَهْلِي فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، ذَا الْجِلاَلِ وَالإِكْرَامِ اسْمَعْ وَاسْتَجِبْ ، اللَّهُ الأَكْبَرُ الأَكْبَرُ ، اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، اللَّهُ الأَكْبَرُ الأَكْبَرُ ، حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، اللَّهُ الأَكْبَرُ الأَكْبَرُ. (4/369)

 

1900- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ ، قَالَ سُفْيَانُ : لَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ غَيْرَهُ ، قَالَ : سَمِعْتُهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السِّتَارَةِ ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ ، أَوْ تُرَى لَهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا ، أَوْ سَاجِدًا ، فَأَمَّا الرُّكُوعُ : فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ : فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ.

 

3714- حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ آخِرَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ يَمْشِي عَلَى الصِّرَاطِ ، فَيَنْكَبُّ مَرَّةً ، وَيَمْشِي مَرَّةً ، وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً ، فَإِذَا جَاوَزَ الصِّرَاطَ ، الْتَفَتَ إِلَيْهَا ، فَقَالَ : تَبَارَكَ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ ، لَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ قَالَ : فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ، فَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا ، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا ، فَيَقُولُ : أَيْ عَبْدِي ، فَلَعَلِّي إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا سَأَلْتَنِي غَيْرَهَا ، فَيَقُولُ : لاَ يَا رَبِّ ، وَيُعَاهِدُ اللَّهَ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا ، وَالرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَسْأَلُهُ ، لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ ، يَعْنِي عَلَيْهِ ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا ، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ ، وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْهَا ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ، فَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا ، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا ، فَيَقُولُ : أَيْ عَبْدِي ، أَلَمْ تُعَاهِدْنِي ؟ يَعْنِي أَنَّكَ لاَ تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، هَذِهِ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا ، وَيُعَاهِدُهُ ، وَالرَّبُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَسْأَلُهُ غَيْرَهَا ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا ، فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ ، هِيَ أَحْسَنُ مِنْهَا ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ، أَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا ، وَأَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا ، فَيَقُولُ : أَيْ عَبْدِي ، أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لاَ تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا ؟ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، هَذِهِ الشَّجَرَةُ ، لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا ، وَيُعَاهِدُهُ ، وَالرَّبُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَسْأَلُهُ غَيْرَهَا ، لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا ، فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، الْجَنَّةَ ، الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ : أَيْ عَبْدِي أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنَّكَ لاَ تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا ؟ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ، قَالَ : فَيَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ : مَا يَصْرِينِي مِنْكَ ، أَيْ عَبْدِي ؟ أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ مِنَ الْجَنَّةِ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا ؟ قَالَ : فَيَقُولُ : أَتَهْزَأُ بِي ، أَيْ رَبِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ ؟ قَالَ : فَضَحِكَ عَبْدُ اللهِ ، حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ تَسْأَلُونِي لِمَ ضَحِكْتُ ؟ قَالُوا لَهُ : لِمَ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ : لِضَحِكِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلاَ تَسْأَلُونِي لِمَ ضَحِكْتُ ؟ قَالُوا : لِمَ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : لِضَحِكِ الرَّبِّ ، حِينَ قَالَ : أَتَهْزَأُ بِي ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ. (1/392)

 

5414- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ : {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَكَذَا بِيَدِهِ ، وَيُحَرِّكُهَا ، يُقْبِلُ بِهَا وَيُدْبِرُ : يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ : أَنَا الْجَبَّارُ ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ ، أَنَا الْمَلِكُ ، أَنَا الْعَزِيزُ ، أَنَا الْكَرِيمُ فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا : لَيَخِرَّنَّ بِهِ.

 

(8043) 8030- حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ ، وَأَبُو النَّضْرِ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، حَدَّثَنَا سَعْدٌ الطَّائِيُّ ، قَالَ أَبُو النَّضْرِ : سَعْدٌ أَبُو مُجَاهِدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُدِلَّةِ ، مَوْلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا إِذَا رَأَيْنَاكَ رَقَّتْ قُلُوبُنَا وَكُنَّا مِنْ أَهْلِ الآخِرَةِ ، وَإِذَا فَارَقْنَاكَ أَعْجَبَتْنَا الدُّنْيَا ، وَشَمَمْنَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ قَالَ : لَوْ تَكُونُونَ ، أَوْ قَالَ : لَوْ أَنَّكُمْ تَكُونُونَ ، عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَى الْحَالِ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا عِنْدِي ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ بِأَكُفِّهِمْ ، وَلَزَارَتْكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ ، وَلَوْ لَمْ تُذْنِبُوا ، لَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ كَيْ يَغْفِرَ لَهُمْ قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، حَدِّثْنَا عَنِ الْجَنَّةِ ، مَا بِنَاؤُهَا ؟ قَالَ : لَبِنَةُ ذَهَبٍ وَلَبِنَةُ فِضَّةٍ ، وَمِلاَطُهَا الْمِسْكُ الأَذْفَرُ ، وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ ، وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ ، مَنْ يَدْخُلُهَا يَنْعَمُ وَلاَ يَبْأَسُ ، وَيَخْلُدُ وَلاَ يَمُوتُ ، لاَ تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلاَ يَفْنَى شَبَابُهُ ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ : الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ ، وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاوَاتِ ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ. (2/304).

 

(9743) 9741- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ الْجُهَنِيُّ ، عَنْ أَبِي مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَبِي مُدِلَّةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ثَلاَثَةٌ لاَ يُرَدُّ دُعَاؤُهُمْ : الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : بِعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ. (2/445).

 

(9876) 9877- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَحَجَّاجٌ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَاصِمٍ ابْنِ بَهْدَلَةَ ، عَنْ ذَكْوَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ أَحَدَنَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالشَّيْءِ ، مَا يُحِبُّ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ ، وَإِنَّ لَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ ، قَالَ : ذَاكَ مَحْضُ الإِيمَانِ. (9877) 9878- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنْ عَاصِمٍ بِإِسْنَادِهِ ، قَالَ : مِنْ شَأْنِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ. (2/456).

 

(10619) 10627- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، يَعْنِي التَّيْمِيَّ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَعْنِي الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ : إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّي شِبْرًا ، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا ، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا ، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بُوعًا ، أَوْ بَاعًا ، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي بُوعًا ، أَوْ بَاعًا ، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً. (2/509).

 

(11237) 11257- وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ : وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ ، لاَ أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ ، قَالَ الرَّبُّ : وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي لاَ أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي.(3/29).

 

(12157) 12181- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا قَالَ : أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ ، أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ ، أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ ، فَإِذَا قَضَى الرَّبُّ خَلْقَهَا قَالَ : أَيْ رَبِّ أَشَقِيٌّ ، أَوْ سَعِيدٌ ، ذَكَرًا ، أَوْ أُنْثَى ، فَمَا الرِّزْقُ وَمَا الأَجَلُ قَالَ : فَيَكْتُبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. (3/116).

 

(11652) 11675- وَبِهَذَا الإِسْنَادِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : سَيُعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ الْيَوْمَ مِنْ أَهْلِ الْكَرَمِ فَقِيلَ : وَمَنْ أَهْلُ الْكَرَمِ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : مَجَالِسُ الذِّكْرِ فِي الْمَسَاجِدِ.

 

(14954) 15017- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقَةٍ مِنَ الدِّينِ ، وَإِدْبَارٍ مِنَ الْعِلْمِ ، فَلَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً يَسِيحُهَا فِي الأَرْضِ ، الْيَوْمُ مِنْهَا كَالسَّنَةِ ، وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالشَّهْرِ ، وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالْجُمُعَةِ ، ثُمَّ سَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هَذِهِ ، وَلَهُ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا ، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ : أَنَا رَبُّكُمْ وَهُوَ أَعْوَرُ ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، ك ف ر مُهَجَّاةٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٌ ، وَغَيْرُ كَاتِبٍ ، يَرِدُ كُلَّ مَاءٍ وَمَنْهَلٍ إِلاَّ الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ ، حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَقَامَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَبْوَابِهَا ، وَمَعَهُ جِبَالٌ مِنْ خُبْزٍ ، وَالنَّاسُ فِي جَهْدٍ إِلاَّ مَنْ تَبِعَهُ ، وَمَعَهُ نَهْرَانِ أَنَا أَعْلَمُ بِهِمَا مِنْهُ ، نَهَرٌ يَقُولُ الْجَنَّةُ ، وَنَهَرٌ يَقُولُ النَّارُ ، فَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْجَنَّةَ ، فَهُوَ النَّارُ ، وَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّارَ ، فَهُوَ الْجَنَّةُ ، قَالَ : وَيَبْعَثُ اللَّهُ مَعَهُ شَيَاطِينَ تُكَلِّمُ النَّاسَ ، وَمَعَهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ ، يَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ ، وَيَقْتُلُ نَفْسًا ثُمَّ يُحْيِيهَا فِيمَا يَرَى النَّاسُ ، لاَ يُسَلَّطُ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ النَّاسِ ، وَيَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ هَلْ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا إِلاَّ الرَّبُّ ، قَالَ : فَيَفِرُّ الْمُسْلِمُونَ إِلَى جَبَلِ الدُّخَانِ بِالشَّامِ فَيَأْتِيهِمْ ، فَيُحَاصِرُهُمْ ، فَيَشْتَدُّ حِصَارُهُمْ وَيُجْهِدُهُمْ جَهْدًا شَدِيدًا ، ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيُنَادِي مِنَ السَّحَرِ ، فَيَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى الْكَذَّابِ الْخَبِيثِ ؟ فَيَقُولُونَ : هَذَا رَجُلٌ جِنِّيٌّ ، فَيَنْطَلِقُونَ فَإِذَا هُمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، فَتُقَامُ الصَّلاَةُ ، فَيُقَالَ لَهُ : تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللهِ ، فَيَقُولُ : لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ فَلْيُصَلِّ بِكُمْ ، فَإِذَا صَلَّى صَلاَةَ الصُّبْحِ خَرَجُوا إِلَيْهِ ، قَالَ : فَحِينَ يَرَى الْكَذَّابُ يَنْمَاثُ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ، فَيَمْشِي إِلَيْهِ ، فَيَقْتُلُهُ حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ وَالْحَجَرَ يُنَادِي : يَا رُوحَ اللهِ ، هَذَا يَهُودِيٌّ ، فَلاَ يَتْرُكُ مِمَّنْ كَانَ يَتْبَعُهُ أَحَدًا إِلاَّ قَتَلَهُ.(3/367).

 

(16187) 16288- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عَبْدِهِ ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَوَيَضْحَكُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا. (4/11)

 

قنوطه: يأسه، وغيره: يعني تغير حاله وتحسنه.

 

(17118) 17248- حَدَّثَنَا هَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ دَاوُدَ الصَّنْعَانِيِّ ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ ، أَنَّهُ رَاحَ إِلَى مَسْجِدِ دِمَشْقَ وَهَجَّرَ بِالرَّوَاحِ ، فَلَقِيَ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ وَالصُّنَابِحِيُّ مَعَهُ ، فَقُلْتُ : أَيْنَ تُرِيدَانِ يَرْحَمُكُمَا اللَّهُ ؟ قَالاَ : نُرِيدُ هَاهُنَا إِلَى أَخٍ لَنَا مَرِيضٍ نَعُودُهُ . فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا حَتَّى دَخَلاَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ ، فَقَالاَ لَهُ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ ؟ قَالَ : أَصْبَحْتُ بِنِعْمَةٍ . فَقَالَ لَهُ شَدَّادٌ : أَبْشِرْ بِكَفَّارَاتِ السَّيِّئَاتِ وَحَطِّ الْخَطَايَا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : إِنِّي إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنًا ، فَحَمِدَنِي عَلَى مَا ابْتَلَيْتُهُ ، فَإِنَّهُ يَقُومُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الْخَطَايَا ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا قَيَّدْتُ عَبْدِي ، وَابْتَلَيْتُهُ ، فَأَجْرُوا لَهُ كَمَا كُنْتُمْ تُجْرُونَ لَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ.(4/123).

 

(17316) 17449- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ ، أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ ، حَدَّثَهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ مِنْ عَمَلِ يَوْمٍ إِلاَّ وَهُوَ يُخْتَمُ عَلَيْهِ ، فَإِذَا مَرِضَ الْمُؤْمِنُ ، قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ : يَا رَبَّنَا ، عَبْدُكَ فُلاَنٌ قَدْ حَبَسْتَهُ ، فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : اخْتِمُوا لَهُ عَلَى مِثْلِ عَمَلِهِ حَتَّى يَبْرَأَ ، أَوْ يَمُوتَ.(4/146).

 

(17458) 17597- وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : رَجُلاَنِ مِنْ أُمَّتِي يَقُومُ أَحَدُهُمَا مِنَ اللَّيْلِ فَيُعَالِجُ نَفْسَهُ إِلَى الطَّهُورِ وَعَلَيْهِ عُقَدٌ فَيَتَوَضَّأُ ، فَإِذَا وَضَّأَ يَدَيْهِ ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، وَإِذَا وَضَّأَ وَجْهَهُ ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، وَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، وَإِذَا وَضَّأَ رِجْلَيْهِ ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَيَقُولُ الرَّبُّ لِلَّذِينَ وَرَاءَ الْحِجَابِ : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُعَالِجُ نَفْسَهُ ، مَا سَأَلَنِي عَبْدِي هَذَا فَهُوَ لَهُ.(4/159).

 

(22002) 22352- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْعَيْذيِّ أَوِ الْخَوْلاَنِيِّ قَالَ : جَلَسْتُ مَجْلِسًا فِيهِ عِشْرُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِذَا فِيهِمْ شَابٌّ حَدِيثُ السِّنِّ ، حَسَنُ الْوَجْهِ ، أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ ، أَغَرُّ الثَّنَايَا ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ ، فَقَالَ قَوْلاً انْتَهَوْا إِلَى قَوْلِهِ ، فَإِذَا هُوَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ، جِئْتُ فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ ، قَالَ : فَحَذَفَ مِنْ صَلاَتِهِ ، ثُمَّ احْتَبَى ، فَسَكَتَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ مِنْ جَلاَلِ اللهِ ، قَالَ : أَللَّهِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَللَّهِ . قَالَ : فَإِنَّ مِنَ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللهِ ، فِيمَا أَحْسَبُ أَنَّهُ قَالَ ، فِي ظِلِّ اللهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ ، إِلاَّ ظِلُّهُ ، ثُمَّ لَيْسَ فِي بَقِيَّتِهِشَكٌّ ، يَعْنِي : فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ ، يُوضَعُ لَهُمْ كَرَاسِي مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمْ بِمَجْلِسِهِمْ مِنَ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ ، قَالَ : فَحَدَّثْتُهُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ ، فَقَالَ : لاَ أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا سَمِعْتُ عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ ، وَحَقَتْ مَحَبَّتِي للمتزاورينَ في ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَصَافِينَ فِيَّ الْمُتَوَاصِلِينَ.

شَكَّ شُعْبَةُ : فِي الْمُتَوَاصِلِينَ ، أَوِ الْمُتَزَاوِرِينَ. (5/229)

 

(22080) 22431- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ ، يَعْنِي ابْنَ بُرْقَانَ ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلاَنِيِّ قَالَ : دَخَلْتُ مَسْجِدَ حِمْصَ فَإِذَا فِيهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِينَ كَهْلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا فِيهِمْ شَابٌّ أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ ، بَرَّاقُ الثَّنَايَا سَاكِتٌ ، فَإِذَا امْتَرَى الْقَوْمُ فِي شَيْءٍ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ فَسَأَلُوهُ . فَقُلْتُ : لِجَلِيسٍ لِي مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَوَقَعَ لَهُ فِي نَفْسِي حُبٌّ ، فَكُنْتُ مَعَهُمْ حَتَّى تَفَرَّقُوا ، ثُمَّ هَجَّرْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَائِمٌ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ ، فَسَكَتَ لاَ يُكَلِّمُنِي فَصَلَّيْتُ ، ثُمَّ جَلَسْتُ فَاحْتَبَيْتُ بِرِدَائِي ، ثُمَّ جَلَسَ فَسَكَتَ لاَ يُكَلِّمُنِي ، وَسَكَتُّ لاَ أُكَلِّمُهُ ، ثُمَّ قُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ . قَالَ : فِيمَ تُحِبُّنِي ؟ قَالَ : قُلْتُ : فِي اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَأَخَذَ بِحُبْوَتِي فَجَرَّنِي إِلَيْهِ هُنَيَّةً ، ثُمَّ قَالَ : أَبْشِرْ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلاَلِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَقُلْتُ : يَا أَبَا الْوَلِيدِ لاَ أُحَدِّثُكَ بِمَا حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فِي الْمُتَحَابِّينَ . قَالَ : فَأَنَا أُحَدِّثُكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُهُ إِلَى الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ. (5/239)

 

(22771) 23152- حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ دَاوُدَ الصَّنْعَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : فَقَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً أَصْحَابُهُ ، وَكَانُوا إِذَا نَزَلُوا أَنْزَلُوهُ وَسَطَهُمْ فَفَزِعُوا ، وَظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَ لَهُ أَصْحَابًا غَيْرَهُمْ ، فَإِذَا هُمْ بِخَيَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَبَّرُوا حِينَ رَأَوْهُ وَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ أَشْفَقْنَا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ اخْتَارَ لَكَ أَصْحَابًا غَيْرَنَا . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ بَلْ . أَنْتُمْ أَصْحَابِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِنَّ اللَّهَ أَيْقَظَنِي فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيًّا وَلاَ رَسُولاً إِلاَّ وَقَدْ سَأَلَنِي مَسْأَلَةً أَعْطَيْتُهَا إِيَّاهُ ، فَسَلْ : يَا مُحَمَّدُ تُعْطَ . فَقُلْتُ : مَسْأَلَتِي شَفَاعَةٌ لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا الشَّفَاعَةُ ؟ قَالَ : أَقُولُ يَا رَبِّ شَفَاعَتِي الَّتِي اخْتَبَأْتُ عِنْدَكَ ، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : نَعَمْ . فَيُخْرِجُ رَبِّي بَقِيَّةَ أُمَّتِي مِنَ النَّارِ فَيَنْبِذُهُمْ فِي الْجَنَّةِ.(5/325).

 

5865 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ، فَإِنَّهُ مَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ، وَمَرْضَاةٌ (1) لِلرَّبِّ "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف ابن لهيعة، وهو عبد الله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. عبيد الله بن أبي جعفر: هو المصري، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"1/220، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الأوسط"، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف.

وقد سلف من حديث أبي بكر برقم (7) .

وسيرد من حديث عائشة 6/124، وإسناده صحيح .

 

لا تترك نساؤهم النياحة على الموتى

 

روى البخاري:

 

7215 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْنَا { أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا } وَنَهَانَا عَنْ النِّيَاحَةِ فَقَبَضَتْ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا فَقَالَتْ فُلَانَةُ أَسْعَدَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ فَمَا وَفَتْ امْرَأَةٌ إِلَّا أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ الْعَلَاءِ وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ أَوْ ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ

 

رواه مسلم 936 وأحمد (20791) و(20796) و (20797) و (20798) وحديث محمد بن سيرين عند أحمد من طريق هشام بن حسان وحبيب بن الشهيد عنه 6/408 ولفظه: أن رسول الله أخذ على النساء أن لا ينُحن. فقالت امرأة: يا رسول الله إن امرأة أسعدتني أفلا أسعدها؟ فقبضت يدها وقبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده فلم يُبايعها. ومن طريق هشام بن حسان برقم (20791) و (20798) ، ومن طريقه 6/408 عن حفصة. ومن طريق عبد الواحد بن زياد، عن عاصم الأحول، عن حفصة 6/408. والنهي عن الإسعاد من حديث أنس بن مالك برقم (13032) وغيره

 

1306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ أُمِّ سُلَيْمٍ وَأُمِّ الْعَلَاءِ وَابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ ابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٍ أُخْرَى


1305 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قَدْ نَهَيْتُهُنَّ وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي أَوْ غَلَبْنَنَا الشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَوْشَبٍ فَزَعَمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَنَاءِ

 

وروى أحمد:

 

3658 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي زُبَيْدٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري، وزبيد: هو ابن الحارث اليامي، وابراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومسروق: هو ابن الأجدع الهمْداني. وأخرجه الترمذي (999) ، والنسائي في "المجتبى" 4/20، وفي "الكبرى" (1989) ، وابن ماجه (1584) ، وابن الجارود في "المنتقى" (516) ، من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد، قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه البخاري (1294) و (3519) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/134-135، والشاشي (384) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/39، والبيهقي في "السنن" 4/64، من طرق عن سفيان الثوري، به. وأخرجه الدولابي في "الكنى" 2/149 من طريق منصور، عن زبيد، به. وسيأتي من طريق سفيان برقم (4215) ، ومن طريق الأعمش برقم (4111) و (4361) و (4430) . وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند مسلم (104) ، سيرد 4/396 و404 و416. وعن أبي أمامة عند ابن ماجه (1585) ، وابن حبان (3156) .

قوله: "ليس منا": من أهل طريقتنا وسنتنا. والمقصود أن هذا الفعل خارج من طريقتنا. قاله السندي.

 

13032 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ حِينَ بَايَعَهُنَّ أَنْ لَا يَنُحْنَ، فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ نِسَاءً أَسْعَدْنَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَفَنُسْعِدُهُنَّ فِي الْإِسْلَامِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا إِسْعَادَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا شِغَارَ ، وَلَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا جَلَبَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا جَنَبَ ، وَمَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (6690) ، ومن طريقه أخرجه مقطعاً عبد بن حميد (1253) ، وأبو داود (3222) ، والترمذي (1601) ، والنسائي 4/16، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1895) ، وابن حبان (3146) ، والبيهقي 4/62 .

والنهي عن الشِّغار سلف من هذا الطريق برقم (12686) ، وشُرح معناه هناك.

وسلف النهي عن النهبة من طريق الربيع بن أنس وحميد، كلاهما عن أنس برقم (12422) .

وانظر أيضاً ما سلف برقم (12658) .

وفي باب مبايعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النساء على عدم النياحة، انظر ما سيأتي في مسند أم عطية 6/407.

قوله: "ولا عقْر" قال السندي: العقْر: ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم، وكانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى، أي: ينحرونها، ويقولون: صاحب القبر كان يعقر للأضياف، فنكافئه بمثله. وبقية الحديث قد سبقت شروحه، انظر (12658) .

 

 

7560 - حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلَاثٌ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُهُنَّ أَهْلُ الْإِسْلَامِ: النِّيَاحَةُ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ " وَكَذَا قُلْتُ لِسَعِيدٍ: وَمَا هُوَ ؟ قَالَ: " دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ: يَا آلَ فُلَانٍ، يَا آلَ فُلَانٍ

 

إسناده حسن، عبد الرحمن بن إسحاق -وهو ابن عبد الله بن الحارث المدني- استشهد به البخاري ومسلم ولم يحتجا به، وهو حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. سعيد: هو ابن أبي سعيد المقبري.

وأخرجه ابن حبان (3141) عن أحمد بن علي بن المثنى أبي يعلى الموصلي، عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن ربعي بن إبراهيم، بهذا الإسناد، بغير هذه السياقة، فهو عنده بلفظ "ثلاث من عمل الجاهلية، لا يتركهن أهل الإسلام: النياحة، والاستسقاء بالأنواء، والتعاير" .

فكأن سعيدا -كما قال الشيخ أحمد شاكر- نسي الثالثة، وشك فيها، فقال في رواية "المسند" هنا: "وكذا " حتى سأله عبد الرحمن بن إسحاق فقال: "دعوى الجاهلية" ثم لعله استذكر أو استيقن مرة أخرى فلم يشك، وقال دون سؤال: "والتعاير"، يعني التعاير في الأنساب والطعن فيها، وهذا هو الثابت في سائر الروايات التي رأينا من حديث أبي هريرة وغيره.

قلنا: وقد روي عن سعيد المقبري من غير هذا الوجه، فلم يذكر فيه سوى اثنتين، فإنه سيأتي عند المصنف برقم (9574) من طريق محمد بن عجلان، عن أبيه عجلان وسعيد المقبري، عن أبى هريرة رفعه: "شعبتان من أمر الجاهلية لا يتركهما الناس أبداً: النياحة، والطعن في النسب" وهو حديث قوي.

وسيأتي برقم (7908) من طريق أبي الربيع المدني، عن أبي هريرة رفعه: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لن يدعوهن: التطاعن في الأنساب، والنياحة، ومطرنا بنوء كذا وكذا، والعدوى..." . وإسناده حسن.

وبرقم (8905) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة رفعه: "اثنتان هما كفر: النياحة، والطعن في النسب" . وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري (3850). وعن أبي مالك الأشعري، سيرد 5/342-343. وعن غير واحد من الصحابة، انظر "مجمع الزوائد" 3/12 و13.

 

7908 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرْبَعٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَنْ يَدَعَهُنَّ النَّاسُ: التَّعْيِيرُ فِي الْأَحْسَابِ ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ، وَالْأَنْوَاءُ ، وَالْعَدْوَى، وَأَجْرَبَ بَعِيرٌ فَأَجْرَبَ مِائَةً، مَنْ أَجْرَبَ الْبَعِيرَ الْأَوَّلَ ؟ "

 

حديث صحيح، المسعودي متابَعٌ، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير = أبي الربيع -وهو المدني- فقد روى له البخاري في "الأدب" والترمذي، وروى عنه ثلاثة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه الطيالسي (2395) ، ومن طريقه الترمذي (1001) ، والبيهقي في "الشعب" (5143) عن شعبة والمسعودي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.

وسيأتي برقم (9872) و (9365) و (9878) و (10809) و (10871) ، وانظر ما سلف برقم (7560) و (7620) ، وما سيأتي برقم (9165) .

 

وتبدو هذه الأحاديث كإدانات اتخذت شكل نبوآت ملفَّقة منسوبة إلى محمد بأثر رجعي وإدراك متأخر، ممن عاشوا بعد محمد بقرون.

 

وروى البخاري:

 

3850 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خِلَالٌ مِنْ خِلَالِ الْجَاهِلِيَّةِ الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالنِّيَاحَةُ وَنَسِيَ الثَّالِثَةَ قَالَ سُفْيَانُ وَيَقُولُونَ إِنَّهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ

 

وروى مسلم:

 

[ 103 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو معاوية ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية ووكيع ح وحدثنا بن نمير حدثنا أبي جميعا عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية هذا حديث يحيى وأما بن نمير وأبو بكر فقالا وشق ودعا بغير ألف

   

[ 104 ] حدثنا الحكم بن موسى القنطري حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أن القاسم بن مخيمرة حدثه قال حدثني أبو بردة بن أبي موسى قال وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فصاحت امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال أنا بريء مما بريء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة

 

 [ 104 ] حدثنا عبد بن حميد وإسحاق بن منصور قالا أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا أبو عميس قال سمعت أبا صخرة يذكر عن عبد الرحمن بن يزيد وأبي بردة بن أبي موسى قالا أغمي على أبي موسى وأقبلت امرأته أم عبد الله تصيح برنة قالا ثم أفاق قال ألم تعلمي وكان يحدثها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنا بريء ممن حلق وسلق وخرق

 

 [ 104 ] حدثنا عبد الله بن مطيع حدثنا هشيم عن حصين عن عياض الأشعري عن امرأة أبي موسى عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ح وحدثنيه حجاج بن الشاعر حدثنا عبد الصمد قال حدثني أبي حدثنا داود يعني بن أبي هند حدثنا عاصم عن صفوان بن محرز عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ح وحدثني الحسن بن علي الحلواني حدثنا عبد الصمد أخبرنا شعبة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث غير أن في حديث عياض الأشعري قال ليس منا ولم يقل بريء

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

11412- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ جُبَارِ الطَّائِيِّ ، قَالَ : شَهِدْت جِنَازَةَ أُمِّ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَفِيهَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أَتَانٍ لَهُ قمراء يقاد وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ، وَابْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : فَسَمِعُوا أَصْوَاتَ صَوَائِحَ ، قَالَ : قُلْتُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ يُصْنَعُ هَذَا وَأَنْتَ هَاهُنَا ؟ قَالَ : دَعْنَا مِنْك يَا جُبَارِ , فَإِنَّ اللَّهَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى.

 

عمومًا النياحة كانت واجبًا دينيًّا عند الشعوب الشرقية القديمة، كمصر وبابل وفارس واليهود القدماء كما في كتابهم المقدس، وكانت تعتبر واجبًا وتكريمًا للراحلين عن الحياة، رغم نهي محمد عن النياحة، وهو كما سنورد بباب المصادر متشابه أو مقتبَس من الزردشتية الفارسية، فكما نلاحظ لم تترك أغلب نساء تلك الشعوب النوح والنياحة والعويل بصورة تعتبر من التقاليد والطقسيات، فربما نجد من يبكين من نساء الغرب موتاهن لكن ليس بتلك الطريقة الهستيرية الصراخية الشبه طقسية، أذكر أن امرأة ماتت لها قريبة فعالت وصاحت تلك الصيحات في البناية، فهربت قططي البلدية فزعاتٍ من نافذة الشباك في الدور الأرضي حيث تقع شقتي! ونلاحظ من الحديث عدم الجدية من أول وضع التشريع في تنفيذه، فمن البدابة تؤخر إحداهن أمام محمد مبايعتها حتى ترد المجاملة لامرأة جاملتها بالعويل في جنازة لقريب لها (وكانوا يسمونه الإسعاد)!. وعمليًّا لم تعمل الكثيرات من الشرقيات التقليديات بهذا الحكم، يتعلق الأمر بدين وتقليد قديم جدًّا متجذر في الوعي الجمعي الشعبي لهذه الشعوب، وحقيقة بحكم تنشئتي الثقافية لم أكتسب مثل هذا الوعي القطيعي، ولن تجد ممارسات كهذه في الأوساط الراقية منذ عدة أجيال أو كابرًا عن كابر غالبًا لاختلاف الوسط الثقافي لهم عن الطبقات الشعبية التي تشكل أغلبية العرب. ومنذ ما قبل محمد نهت الزردشتية عن النوح وكما ترى لم تترك الفارسيات النياحة والعويل، ديانتان لم تنجحا في إزالة تقليد قديم كهذا! ربما يخبرنا هذا شيئًا عن الوعي الجمعي للعقول البدائية للشعوب القديمة وتفاعلات التقاليد والأديان المتبادلة. محمد نفسه قبل التحريم كان حزينًا لما مات محمد فقال (لكن حمزة لا بواكي له) فجاملته اليثربيات بالبكاء له كما ذكرنا في باب (أول من خالف) وباب (تناقضات الأحاديث). وعند موت جعفر بن أبي طالب لم يهتم كثيرًا بنهي نسائه وقريباته عن النياحة، روى البخاري:


1305 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قَدْ نَهَيْتُهُنَّ وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي أَوْ غَلَبْنَنَا الشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَوْشَبٍ فَزَعَمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ فَقُلْتُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَنَاءِ

 

لو كان محمد مهتمًّا جدًّا بالتشديد على نساء مصابات في فقيدهن بهذا التعليم الديني بطريقة لا تراعي مشاعرهن لكان ذهب بنفسه لهن لإحراجهن وإلزامهن ذلك، لكن رده بالأمر بحثو التراب في أفواههن رد يدل على عدم رغبته في ذلك لأن لا أحد طبيعي عنده انعدام لياقة كافٍ ليفعل شيئًا كهذا. وتقول الأحاديث أنه أمهل آل جعفر ثلاثة أيام للبكاء والنوح، روى أحمد:

 

1750 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي يَعْقُوبَ، يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا، اسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ " فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ - أَوِ اسْتُشْهِدَ - فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ - أَوِ اسْتُشْهِدَ - فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ " فَلَقُوا الْعَدُوَّ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَتَى خَبَرُهُمِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: " إِنَّ إِخْوَانَكُمْ لَقُوا الْعَدُوَّ، وَإِنَّ زَيْدًا أَخَذَ الرَّايَةَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - أَوِ اسْتُشْهِدَ - ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ بَعْدَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - أَوِ اسْتُشْهِدَ -، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - أَوِ اسْتُشْهِدَ - ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ "  فَأَمْهَلَ، ثُمَّ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ - ثَلاثًا - أَنْ يَأْتِيَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ: " لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ ادْعُوا إلِي ابْنَيِ أخِي " قَالَ: فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ، فَقَالَ: ادْعُوا إِلَيَّ الْحَلاقَ، فَجِيءَ بِالْحَلاقِ فَحَلَقَ رُءُوسَنَا، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي " ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَشَالَهَا ، فَقَالَ: " اللهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ، وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ "، قَالَهَا ثَلاثَ مِرَارٍ، قَالَ: فَجَاءَتِ أمُّنَا فَذَكَرَتْ لَهُ يُتْمَنَا، وَجَعَلَتْ تُفْرِحُ لَهُ، فَقَالَ: " الْعَيْلَةَ تَخَافِينَ عَلَيْهِمْ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ؟!"

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن سعد، فمن رجال مسلم. محمد بن أبي يعقوب: هومحمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، نسب هنا إلى جده. وأخرجه بتمامه ابن سعد 4/36-37، والنسائي في "الكبرى" (8604) من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وليس عند النسائي قوله: "فجاءت أمنا فذكرت له..." إلى آخر الحديث. وأخرجه مختصراً أبو داود (4192) ، وابن أبي عاصم في"الآحاد والمثاني" (434) ، والنسائي في "المجتبى" 8/182- وسقط من المطبوع: "الحسن بن سعد" وهوثابت في "الكبرى" (9295) -، وفي "الكبرى" (8160) من طريق وهب بن جرير، به.

وقوله: "فأشالها" أي: رفعها. وقوله: "جعلت تفرح له" قال ابن الأثير في "النهاية" 3/423: قال أبو موسى: هكذا وجدته بالحاء المهملة، وقد أضرب الطبراني عن هذه الكلمة فتركها من الحديث، فإن كان بالحاء، فهو من أفرحه: إذا غَمه وأزال عنه الفرح، وافرحه الدينُ: إذا أثقله، وإن كانت بالجيم فهو من المُفْرَج الذي لا عشيرة له، فكأنها أرادت أن أباهم توفي ولا عشيرة لهم، فقال النبىِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أتخافين العيلة وأنا وليهم؟"   والعيلة: الفاقة والفقر والحاجة.

 

ومن الطريف أن عائشة ناحت على محمد نفسه مع باقي النساء من قومه وأتباعه، كما روى أحمد:

 

26348 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ: " مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَحْرِي، وَنَحْرِي وَفِي دَوْلَتِي، لَمْ أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا، فَمِنْ سَفَهِي وَحَدَاثَةِ سِنِّي أَنَّ رَسُولَ اللهِ قُبِضَ وَهُوَ فِي حِجْرِي، ثُمَّ وَضَعْتُ رَأْسَهُ عَلَى وِسَادَةٍ، وَقُمْتُ أَلْتَدِمُ مَعَ النِّسَاءِ، وَأَضْرِبُ وَجْهِي ".

 

إسناده حسن من أجل ابن إسحاق: وهو محمد، وقد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه. وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أخرج له أصحاب السنن، وهو ثقة، يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه أبو يعلى (4586) ، والبيهقي في "الدلائل" 7/213 من طريقين عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصراً ابن سعد 2/261-262 و262 من طريق عيسى بن معمر، وأبي الأسود، كلاهما عن عباد بن عبد الله، عن عائشة، به. قلنا: لكن في طريقهما الواقدي، وهو متروك.

وأخرجه ابن سعد 2/262 من طريق زيد بن أبي عتاب، عن عروهَ، عن عائشة، به. قلنا: وفي طريقه الواقدي كذلك، وهو متروك.

وقد سلف نحوه برقم (24039) و (24216) .

قلنا: وقولها: وقمت ألتدم مع النساء وأضرب وجهي. فيه نكارة ولم نجده إلا في هذه السياقة، والسيدة عائشة زوجة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يخفى عليها حديث ابن مسعود مرفوعاً: ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية" وهو حديث صحيح سلف في مسند ابن مسعود برقم (3658) ، وقال السندي في تفسيره هناك: ليس منا، أي: ليس من أهل طريقتنا وسنتنا.

 

تناقض في حديث المرأة المستثناة لكي تجامل من ناحوا لقريبها الميت (الإسعاد)

 

روى مسلم وأحمد واللفظ لأحمد:

 

20796 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12] إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12] ، قَالَتْ: كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَةُ ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا آلَ فُلَانٍ، فَإِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا أَسْعَدُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أُسْعِدَهُمْ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِلَّا آلَ فُلَانٍ"

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/389، ومسلم (937) ، والنسائي في "الكبرى" (11587) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3333) ، وابن حبان (3145) ، والطبراني في "الكبير" 25/ (136) ، والحاكم 1/383، والبيهقي 4/62 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، بهذا الإسناد. وسيتكرر 6/407.

وأخرجه الطبراني 25/ (135) من طريق زهير بن معاوية، عن عاصم الأحول، به، بلفظ: بايعنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان فيما أمرنا بالمعروف أن لا ننوح، فقالت امرأة: يا رسول الله إن آل فلان أسعدنني فلن أبايعك حتى أسعدهن، قالت: فأسعدتهن ثم بايعته، قالت: فلم تفِ منا امرأة غيري وأم سليم.

وأخرجه البخاري (4892) و (7215) ، وأبو داود (3127) ، والطبراني في "الكبير" 25/ (133) ، والبيهقي 4/62 من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن أيوب السختياني، عن حفصة، به. وفيه: ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها، فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أجزيها، فما قال لها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً، فانطلقت ورجعت، فبايعها. وزاد البخاري في الرواية الثانية وفي إحدى روايتي البيهقي، فما وفت إلا أم سليم وأم العلاء...، وسيأتي نحوها في "المسند" برقم (20791) . ورواية أبي داود مختصرة.

وقال البيهقي: رواه عاصم بن سليمان الأحول عن حفصة بنت سيرين، ولا أدري هل حفظ ما روي فيه من الإذن في الإسعاد أم لا، فقد رواه أيوب السختياني وهو أحفظ منه على ما ذكرنا، ورواه هشام بن حسان عن حفصة فلم يذكر شيئاً من ذلك

قلنا: بل قد روي عن أيوب كرواية عاصم، فأخرجه النسائي 7/148-149 عن محمد بن منصور الخزاعي، عن ابن عيينة، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية، قالت: لما أردت أن أبايع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت: يا رسول الله إن امرأة أسعدتني في الجاهلية، فأذهب فأُسعدها، ثم أجيئك فأبايعك، قال: اذهبي فأسعديها، قالت: فذهبت فأسعدتُها، ثم جئت

فبايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلنا: وهذا إسناد صحيح.

وحديث محمد بن سيرين سيأتي من طريق هشام بن حسان وحبيب بن الشهيد عنه 6/408 ولفظه: أن رسول الله أخذ على النساء أن لا ينُحن. فقالت امرأة: يا رسول الله إن امرأة أسعدتني أفلا أسعدها؟ فقبضت يدها وقبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده فلم يُبايعها.

وسلف الحديث من طريق هشام بن حسان برقم (20791) و (20798) ، وسيأتي من طريقه 6/408 عن حفصة.

وسيأتي من طريق عبد الواحد بن زياد، عن عاصم الأحول، عن حفصة 6/408.

 

قارن مع الرواية الأخرى في البخاري:

 

7215 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْنَا { أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا } وَنَهَانَا عَنْ النِّيَاحَةِ فَقَبَضَتْ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا فَقَالَتْ فُلَانَةُ أَسْعَدَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ فَمَا وَفَتْ امْرَأَةٌ إِلَّا أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ الْعَلَاءِ وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ أَوْ ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ


4892 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْنَا { أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا } وَنَهَانَا عَنْ النِّيَاحَةِ فَقَبَضَتْ امْرَأَةٌ يَدَهَا فَقَالَتْ أَسْعَدَتْنِي فُلَانَةُ أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ فَبَايَعَهَا.

 

وروى أحمد:

 

(27307) 27850- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ : بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ عَلَيْنَا فِيمَا أَخَذَ أَنْ لاَ نَنُوحَ ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ : إِنَّ آلَ فُلاَنٍ أَسْعَدُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَفِيهِمْ مَأْتَمٌ فَلاَ أُبَايِعُكَ حَتَّى أُسْعِدَهُمْ كَمَا أَسْعَدُونِي ، فَقَالَتْ : فَكَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافَقَهَا عَلَى ذَلِكَ ، فَذَهَبَتْ فَأَسْعَدَتْهُمْ ثُمَّ رَجَعَتْ فَبَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ : فَمَا وَفَتْ امْرَأَةٌ مِنَّا غَيْرُ تِلْكَ ، وَغَيْرُ أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْتِ مِلْحَانَ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عاصم الأحول: هو ابن سليمان. وسلف نحوه من طريق أبي معاوية، عن عاصم الأحول برقم (27298)

 

(27308) 27851- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ، وحَبِيبٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ فِيمَا أَخَذَ أَنْ لاَ يَنُحْنَ ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ امْرَأَةً أَسْعَدَتْنِي ، أَفَلاَ أُسْعِدُهَا ؟ فَقَبَضَتْ يَدَهَا وَقَبَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَلَمْ يُبَايِعْهَا.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. هشام: هو ابن حسان القُردوسي، وحَبيب: هو ابن الشهيد.

وأخرجه البخاري (1306) ، ومسلم (936) (31) ، والنسائي في "المجتبى" 7/149، وفي "الكبرى" (7803) ، والبيهقي 4/62 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية، قالت: أخذ علينا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا ننوحَ، فما وفَتْ منا امرأة غيرُ خمسِ نسوةٍ... فذكرهن.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/148-149، وفي "الكبرى" (7802) من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية، قالت: لما أردتُ أن أُبايعَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت: يا رسولَ الله أن امرأة أسعدتني في الجاهلية، فأنهب فأسعدُها، ثم أجيئك فأبايعك. قال: "أذْهَبِي فأَسْعِدِيها". قالت: فذهبت فأسعدتُها ثم جئتُ فبايعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 25/ (110) من طريق ابن عون، و (111) من طريق سعيد بن عبد الرحمن، كلاهما عن محمد بن سيرين، به. بنحو حديث حماد بن زيد، عن أيوب.

وسلف نحوه برقمي (20796) و (27298) .

 

هنا تناقض، فهل بايعته المرأة على شرط هذا الاستنثناء، أم قامت بالمجاملة بالنوح ثم جاءت لتبايعه، في كل الحالات فكما ترى هناك عدم جدية في التنفيذ لأن العادة العجيبة متجذرة جدًّا عند عوام هذه الشعوب وفي وعيهم الجمعيّ.

 

وروى أحمد:

 

13032 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ حِينَ بَايَعَهُنَّ أَنْ لَا يَنُحْنَ، فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ نِسَاءً أَسْعَدْنَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَفَنُسْعِدُهُنَّ فِي الْإِسْلَامِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا إِسْعَادَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا شِغَارَ ، وَلَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا جَلَبَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا جَنَبَ ، وَمَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا " .

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهو في "مصنف عبد الرزاق" (6690) ، ومن طريقه أخرجه مقطعاً عبد بن حميد (1253) ، وأبو داود (3222) ، والترمذي (1601) ، والنسائي 4/16، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1895) ، وابن حبان (3146) ، والبيهقي 4/62 .

والنهي عن الشِّغار سلف من هذا الطريق برقم (12686) ، وشُرح معناه هناك.

وسلف النهي عن النهبة من طريق الربيع بن أنس وحميد، كلاهما عن أنس برقم (12422) .

وانظر أيضاً ما سلف برقم (12658) .

وفي باب مبايعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النساء على عدم النياحة، انظر ما سيأتي في مسند أم عطية 6/407.

وقوله: "لا إسعاد في الإسلام" ، قال ابن الأثير في "النهاية" 2/366: هو إسعاد النساء في المناحات، تقوم المرأة فتقوم معها أخرى من جاراتها فتساعدها على النياحة، وقيل: كان نساء الجاهلية يُسعِدُ بعضُهن بعضاً على ذلك سنةً فنُهِين عن ذلك.

قوله: "ولا عقْر" قال السندي: العقْر: ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم، وكانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى، أي: ينحرونها، ويقولون: صاحب القبر كان يعقر للأضياف، فنكافئه بمثله.

وأما الشطر الأول منه، فله شواهد تصححه، انظر ما سيأتي في مسند عبد الله بن عمرو برقم (6692) .

وقوله: "لا جَلَبَ"، قال السندي: بفتحتين، يكون في الزكاة، وهو أن ينزل موضعاً، ثم يرسل من يجلب إِليه الأموال من أماكنها لياخذ صدقتها. ويكون في مسابقة الفرسان، وهو أن يتبع رجلًا فرسه، فيزجره، ويجلب عليه، ويصيح حثاً له على الجري. وكذا الجَنَب بفتحتين يكون في الزكاة، وهو أن ينزل العامل موضعاً بعيداً، ثم يأمر بالأموال أن تجنب إليه، أي: تحضر، وقيل: أن يجنب رب المال بماله، أي: يبعده عن موضعه حتى يحتاج العامل إِلى التعب في طلبه. ويكون في السباق، وهو أن يجنب فرساً إِلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب يتحول إِلى المجنوب. وكل ذلك منهي عنه.

 

عقلية العوام في تقديسهم للأماكن والأشياء

 

رغم تشدد السلفيين يحب عامة المسلمين تقديس بعض قبور الأولياء والشخصيات الدينية، والأشجار، وغيرها، وكلا الفريقين على خطإ وباطل وبعقليات أسطورية لا علمية ولا منطقية.

 

روى البخاري:

 

4163 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ انْطَلَقْتُ حَاجًّا فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ قُلْتُ مَا هَذَا الْمَسْجِدُ قَالُوا هَذِهِ الشَّجَرَةُ حَيْثُ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ سَعِيدٌ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ قَالَ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ نَسِينَاهَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا فَقَالَ سَعِيدٌ إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ

 

4164 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا طَارِقٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَرَجَعْنَا إِلَيْهَا الْعَامَ الْمُقْبِلَ فَعَمِيَتْ عَلَيْنَا

 

4165 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَارِقٍ قَالَ ذُكِرَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الشَّجَرَةُ فَضَحِكَ فَقَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي وَكَانَ شَهِدَهَا

وروى أحمد:

 

23675 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: كَانَ أَبِي مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، فَقَالَ: " انْطَلَقْنَا فِي قَابِلٍ حَاجِّينَ، فَعُمِّيَ عَلَيْنَا مَكَانُهَا، فَإِنْ كَانَتْ بَيَّنَتْ، لَكُمْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، طارق -وهو ابن عبد الرحمن البَجَلي - صدوق لا بأس به، لم يرو عنه الشيخان سوى هذا الحديث، وهو متابع فيه عندهما، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. أبو عوانة: هو الوضَّاح بن عبد الله اليشكُري.

وأخرجه البخاري (4164) عن موسى بن إسماعيل، ومسلم (1859) (77) عن حامد بن عمر، كلاهما عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه بأطول مما هنا البخاريُّ (4163) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (816) من طريق إسرائيل، عن طارق، به.

وأخرجه البخاري (4162) ، ومسلم (1859) (79) ، وأبو عوانة (7198) و (7199) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (817) عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، به مختصراً.

وله شاهد من حديث ابن عمر عند البخاري (2958).

قلنا: وقد جاء عن جابر بن عبد الله عند البخاري (4154) ، ومسلم (1856) (71) أنه قال: لو كنت أُبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة. فهذا يخالف ما ثبت عن المسيب بن حزن وابن عمر. أنهم لم يستطيعوا أن يعيِّنوها بعد عامٍ من البيعة تحتها، ولعلَّ جابراً إنما قال ما قال بناءً على ما كان يظنه من موضع الشجرة.

وهذه الشجرة التي توهَّم ناسٌ أنها هي التي تمت البيعة تحتها، قد أمر عمرُ بن الخظاب في أيامه بقطعها، فقد روى ابن سعد في "الطبقات" 2/100، وابن أبي شيبة 2/375 بإسناد صحيح إلى نافع مولى ابن عمر قال: كان ناسٌ يأتون الشجرة التي يقال لها: شجرة الرضوان التي بويع تحتها فيصلُّون عندها، فبلَغَ ذلك عمرَ بن الخطاب فأوعَدَهم فيها، وأمرَ بها فقطِعت.

 

وتقديس الأشياء والجمادات جزء من الدين نفسه وعقليته البدائية، كتقديس المسلمين للكعبة ومكة والحجر الأسود وقبر محمد وعمر وعثمان، وقبور أئمة الشيعة في العراق، وتقديس المسيحيين لكنيسة المهد والقيامة وصليب الصلبوت والقربان (الأفخارستا) المكون من خبز وخمر. ويحب المصريون زيارة قبور نفيسة والحسين وغيرهما. وكذا توجد في فلسطين والعراق وغيرهما مزارات كقبر مزعوم ليوحنا المعمِّد (المعمدان، يحيى بن زكريا) وهو في مسجد وسمعت أنه يُسمح بزيارة المسلمين والمسيحيين له وآخر لإبراهيم في فلسطين، وقبور أولياء وأئمة كالصوفي عبد القادر الجيلاني .

 

طمع زوجتين من زوجات محمد في حصول أبي كل واحدة منهما على الحكم عند احتضار محمد ومرضه مرض الموت

 

روى أحمد:

(24061) 24562- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ ، فَاسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي ، فَأَذِنَّ لَهُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَمِدًا عَلَى الْعَبَّاسِ ، وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ ، وَرِجْلاَهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ ، وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَتَدْرِي مَنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ ؟ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَلَكِنَّ عَائِشَةَ لاَ تَطِيبُ لَهَا نَفْسًا ، قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ : مُرِ النَّاسَ فَلْيُصَلُّوا ، فَلَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ : يَا عُمَرُ ، صَلِّ بِالنَّاسِ ، فَصَلَّى بِهِمْ ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ فَعَرَفَهُ ، وَكَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَيْسَ هَذَا صَوْتَ عُمَرَ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : يَأْبَى اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عَائِشَةَ إِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ قَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلَّ بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ لاَ يَمْلِكُ دَمْعَهُ ، وَإِنَّهُ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ بَكَى ، قَالَتْ : وَمَا قُلْتِ ذَلِكَ إِلاَّ كَرَاهِيَةَ ، أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مَنْ قَامَ مَقَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَرَاجَعَتْهُ ، فَقَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ. (6/34)

 

ورواه بهذا اللفظ مسلم 418 وأحمد 25917، إسناده صحيح على شرط الشيخين، دون قول الزهري: فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت ميمونة لعبد الله بن زمعة: "مر الناس فليصلوا" فلقي عمر ابن الخطاب، فقال: يا عمر، صل بالناس، فصلى بهم، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته، فعرفه، وكان جهير الصوت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أليس هذا صوت عمر؟" قالوا: بلى، قال: "يأبى الله عز وجل ذلك والمؤمنون، مروا أبا بكر فليصل بالناس" . فهو ضعيف لانقطاعه، ومحمد بن إسحاق وإن وصله في الرواية السالفة (18906) ، قد تفرد بالوصل، ولم يثبت تصريحه بالسماع من وجه صحيح، كما بينا هناك، فانظره لزاما. وقول الزهري هذا أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9754) [5/432] عن معمر، به. وأخرجه مختصرا دون قول الزهري المنقطع البخاري (665) و (2588) من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصرا ومطولا ابن طهمان في "مشيخته" (5) ، وابن سعد 2/219، والبخاري (198) و (4442) ، ومسلم (418) (92) ، وأبو عوانة 2/113 والحاكم 3/56، والبيهقي في "الدلائل" 7/173-174، وفي "السنن" 1/31، والبغوي في "شرح السنة" (3825) من طرق عن الزهري، به. دون قول الزهري المنقطع كذلك. إلا أن الحاكم قرن بعبيد الله: عروة والقاسم بن محمد، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه مختصرا ابن سعد 2/233 من طريق عفيف بن عمرو السلمي، عن عبيد الله بن عبد الله، به. وأخرجه مختصرا ابن سعد 2/219، والبخاري في "التاريخ الكبير" 4/24

 

وروى البخاري:

 

679 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعْ النَّاسَ مِنْ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعْ النَّاسَ مِنْ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا

رواه أحمد 25663

 

قتل الأمويين حفيدي محمد وعدم ثورة المسلمين ضد ذلك

 

روى البخاري:

 

3748 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَام فَجُعِلَ فِي طَسْتٍ فَجَعَلَ يَنْكُتُ وَقَالَ فِي حُسْنِهِ شَيْئًا فَقَالَ أَنَسٌ كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَخْضُوبًا بِالْوَسْمَةِ

 

رواه أحمد 13748

 

3753 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نُعْمٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَسَأَلَهُ عَنْ الْمُحْرِمِ قَالَ شُعْبَةُ أَحْسِبُهُ يَقْتُلُ الذُّبَابَ فَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَسْأَلُونَ عَنْ الذُّبَابِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنْ الدُّنْيَا

 

رواه أحمد 5568

 

لم تعرف السياسة قط فكرة قدسية نسل لكي يتجنب الساسة والعسكريون قتل وقتال هذا الشخص ومن معه، لقد قيل أن الحسن قُتِل مسمومًا على يد زوجته بعدما تنازل وتصالح لمعاوية عن حق موروث مزعوم في الحكم من علي مقابل عطاآت مالية سنوية تحصل عليها في حياته، أم الحسين فأراد أخذ السلطة وطمح إليها فثار ضد الأمويين وخذله أنصاره ومات قتيلًا في المعركة. الخلافة الأولى المتشددة أعطت ما لديها في شكل فتوحات وطاقة همجية وعنف لبناء توسع للامبراطورية، ثم ارتد شرها على نفسها وثبت إفلاسها الفكري والحضاري، فانشغلت بالاقتتال والتناحر الداخلي فمات عثمان قتيلًا على يد الثوار، وخاض علي حروبًا عديدة مع طلحة والزبير في موقعة الجمل ثم مع الخوارج ثم مع معاوية في صفين، وصارت الامبراطورية تحتاج إلى قوة تنهي الاقتتال الداخلي، وكان الأمويون وجيشهم الشامي القوي هم هذه القوة المطلوبة والأقل تخشبًا وتشددًا من الخلافة الأولى. ثورتا الحسين ثم عبد الله بن الزبير لم تكونا إلا محاولتين لإرجاع شكل الامبراطورية القديمة، لذلك كان أنصارهما أكثر في المدينة ومكة.

 

توصية محمد بتسمية المدينة بطابة أو طيبة

 

روى أحمد وابنه عبد الله بن أحمد في المسند:

 

• 20899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: يَثْرِبَ، وَالْمَدِينَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ سَمَّاهَا طَيْبَةَ "

 

إسناده حسن. شيبان بن أبي شيبة: هو ابن فَرُّوخ. وأخرجه الطبراني (1970) من طريق حجاج بن المنهال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وانظر (20822) .

 

20821 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَتَفْتَحَنَّ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، كَنْزَ آلِ كِسْرَى الَّذِي فِي الْأَبْيَضِ " 20822 - قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ سَمَّى الْمَدِينَةَ طَيْبَةَ "

 

إسناد حسن من أجل سماك، فهو صدوق حسن الحديث، وأخرجه أبو يعلى (7444) عن محمد بن عبيد بن حساب، والطبراني (1976) من طريق مسدد بن مسرهد، كلاهما عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. ورواية الطبراني أن الذي سماها هو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسيأتي كذلك في "المسند" من طريق شعبة عن سماك برقم (21046). وسيأتي بالأرقام (20887) و (20899) و (20916) و (20931) و (20969) و (21022) و (21046) و (21049).

قلنا: وقد جاء في غير ما حديث تسمية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمدينة طابة وطيبة فعن زيد بن ثابت، سيأتي 5/184. وهو متفق عليه. وعن فاطمة بنت قيس عند مسلم (2942) (119) ، وسيأتي بنحوه في المسند 6/373-374. وعن أبي حميد الساعدي، سيأتي 5/424-425. وهو متفق عليه. وعن أبي أيوب وابن عباس والنعمان بن بشير عند عمر بن شبة في، "تاريخ المدينة" 1/165.

 

(23604) 24002- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ تَبُوكَ حَتَّى جِئْنَا وَادِيَ الْقُرَى ، فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ : اخْرُصُوا فَخَرَصَ الْقَوْمُ ، وَخَرَصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ : أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ : فَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَ تَبُوكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهَا سَتَهِبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ ، فَلاَ يَقُومُ مِنْكُمْ فِيهَا رَجُلٌ ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيُوثِقْ عِقَالَهُ ، قَالَ : قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ : فَعَقَلْنَاهَا ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ هَبَّتْ عَلَيْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ ، فَقَامَ فِيهَا رَجُلٌ ، فَأَلْقَتْهُ فِي جَبَلَي طَيِّئٍ ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلِكُ أَيْلَةَ ، فَأَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ ، فَكَسَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرْدًا ، وَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَحْرِهِ ، قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا وَادِيَ الْقُرَى فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ : كَمْ حَدِيقَتُكِ ؟ قَالَتْ : عَشَرَةُ أَوْسُقٍ ، خَرْصُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي مُتَعَجِّلٌ ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ فَلْيَفْعَلْ ، قَالَ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا أَوْفَى عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ : هِيَ هَذِهِ طَابَةُ فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ : هَذَا أُحُدٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ ؟ قَالَ : قُلْنَا : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ : خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ ، ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ، ثُمَّ دَارُ بَنِي سَاعِدَةَ ، ثُمَّ فِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ.(5/424).

 

(21599) 21935- حَدَّثَنَا بَهْزٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ : أَخْبَرَنِي عَنْ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ ، فَرَجَعَ أُنَاسٌ خَرَجُوا مَعَهُ ، فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ : فِرْقَةٌ تَقُولُ بِقَتْلِهِمْ ، وَفِرْقَةٌ تَقُولُ : لاَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهَا طَيْبَةُ ، وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ. (5/184)

 

(27102) 27643- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ ، عَنْ دَاوُدَ ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِنْدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ مُسْرِعًا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَنُودِيَ فِي النَّاسِ : الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ ، فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنِّي لَمْ أَدْعُكُمْ لِرَغْبَةٍ نَزَلَتْ وَلاَ لِرَهْبَةٍ ، وَلَكِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَخْبَرَنِي أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ رَكِبُوا الْبَحْرَ ، فَقَذَفَتْهُمُ الرِّيحُ إِلَى جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ ، فَإِذَا هُمْ بِدَابَّةٍ أَشْعَرَ ، مَا يُدْرَى أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى لِكَثْرَةِ شَعْرِهِ ، قَالُوا : مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَتْ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ ، فَقَالُوا : فَأَخْبِرِينَا ، فَقَالَتْ : مَا أَنَا بِمُخْبِرَتِكُمْ وَلاَ مُسْتَخْبِرَتِكُمْ ، وَلَكِنْ فِي هَذَا الدَّيْرِ رَجُلٌ فَقِيرٌ إِلَى أَنْ يُخْبِرَكُمْ وَإِلَى أَنْ يَسْتَخْبِرَكُمْ ، فَدَخَلُوا الدَّيْرَ فَإِذَا رَجُلٌ أَعْوَرُ مُصَفَّدٌ فِي الْحَدِيدِ ، فَقَالَ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قُلْنَا : نَحْنُ الْعَرَبُ ، فَقَالَ : هَلْ بُعِثَ فِيكُمُ النَّبِيُّ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَهَلْ اتَّبَعَتْهُ الْعَرَبُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُمْ ، قَالَ : فَمَا فَعَلَتْ فَارِسُ ؟ هَلْ ظَهَرَ عَلَيْهَا ؟ قَالُوا : لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا بَعْدُ ، فَقَالَ : أَمَا إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ قَالَ : مَا فَعَلَتْ عَيْنُ زُغَرَ ؟ قَالُوا : هِيَ تَدْفُقُ مَلأَى ، قَالَ : فَمَا فَعَلَ نَخْلُ بَيْسَانَ ؟ هَلْ أَطْعَمَ ؟ قَالُوا : قَدْ أَطْعَمَ أَوَائِلُهُ ، قَالَ : فَوَثَبَ وَثْبَةً حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَفْلِتُ ، فَقُلْنَا : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا الدَّجَّالُ ، أَمَا إِنِّي سَأَطَأُ الأَرْضَ كُلَّهَا غَيْرَ مَكَّةَ ، وَطَيْبَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، هَذِهِ طَيْبَةُ لاَ يَدْخُلُهَا ، يَعْنِي : الدَّجَّالَ.

 

وروى البخاري:

 

4050 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةً تَقُولُ نُقَاتِلُهُمْ وَفِرْقَةً تَقُولُ لَا نُقَاتِلُهُمْ فَنَزَلَتْ { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } وَقَالَ إِنَّهَا طَيْبَةُ تَنْفِي الذُّنُوبَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ

 

1481 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ اخْرُصُوا وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ لَهَا أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلَا يَقُومَنَّ أَحَدٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ فَعَقَلْنَاهَا وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ فَلَمَّا أَتَى وَادِيَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ قَالَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَتَعَجَّلْ فَلَمَّا قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ هَذِهِ طَابَةُ فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ قَالُوا بَلَى قَالَ دُورُ بَنِي النَّجَّارِ ثُمَّ دُورُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ثُمَّ دُورُ بَنِي

 

1872 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَبُوكَ حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ هَذِهِ طَابَةٌ

 

وروى مسلم:

 

[ 1384 ] وحدثنا عبيد الله بن معاذ وهو العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عدي وهو بن ثابت سمع عبد الله بن يزيد عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنها طيبة يعني المدينة وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة

 

 [ 1385 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد وهناد بن السري وأبو بكر بن أبي شيبة قالوا حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله تعالى سمى المدينة طابة

 

[ 2942 ] حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث وحجاج بن الشاعر كلاهما عن عبد الصمد واللفظ لعبد الوارث بن عبد الصمد حدثنا أبي عن جدي عن الحسين بن ذكوان حدثنا بن بريدة حدثني عامر بن شراحيل الشعبي شعب همدان أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول فقال حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسنديه إلى أحد غيره فقالت لئن شئت لأفعلن فقال لها أجل حدثيني فقالت نكحت بن المغيرة وهو من خيار شباب قريش يومئذ فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما تأيمت خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم على مولاه أسامة بن زيد وكنت قد حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحبني فليحب أسامة فلما كلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أمري بيدك فأنكحني من شئت فقال انتقلي إلى أم شريك وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان فقلت سأفعل فقال لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فأني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين ولكن انتقلي إلى بن عمك عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم وهو رجل من بنى فهر فهر قريش وهو من البطن الذي هي منه فانتقلت إليه فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي الصلاة جامعة فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال ليلزم كل إنسان مصلاه ثم قال أتدرون لم جمعتكم قالوا الله ورسوله أعلم قال إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرفؤا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة قالوا وما الجساسة قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق قال لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة قال فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا ويلك ما أنت قال قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم قالوا نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة قلنا وما الجساسة قالت اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال أخبروني عن نخل بيسان قلنا عن أي شأنها تستخبر قال أسألكم عن نخلها هل يثمر قلنا له نعم قال أما إنه يوشك أن لا تثمر قال أخبروني عن بحيرة الطبرية قلنا عن أي شأنها تستخبر قال هل فيها ماء قالوا هي كثيرة الماء قال أما إن ماءها يوشك أن يذهب قال أخبروني عن عين زغر قالوا عن أي شأنها تستخبر قال هل في العين ماء وهل يزرع أهلها بماء العين قلنا له نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل قالوا قد خرج من مكة ونزل يثرب قال أقاتله العرب قلنا نعم قال كيف صنع بهم فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال لهم قد كان ذلك قلنا نعم قال أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عنى إني أنا المسيح وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان على كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة يعني المدينة ألا هل كنت حدثتكم ذلك فقال الناس نعم فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ألا أنه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو وأومأ بيده إلى المشرق قالت فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

[ 2942 ] حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد بن الحارث الهجيمي أبو عثمان حدثنا قرة حدثنا سيار أبو الحكم حدثنا الشعبي قال دخلنا على فاطمة بنت قيس فأتحفتنا برطب يقال له رطب بن طاب وأسقتنا سويق سلت فسألتها عن المطلقة ثلاثا أين تعتد قالت طلقني بعلي ثلاثا فإذن لي النبي صلى الله عليه وسلم أن أعتد في أهلي قالت فنودي في الناس إن الصلاة جامعة قالت فانطلقت فيمن أنطلق من الناس قالت فكنت في الصف المقدم من النساء وهو يلي المؤخر من الرجال قالت فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يخطب فقال إن بنى عم لتميم الداري ركبوا في البحر وساق الحديث وزاد فيه قالت فكأنما أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأهوى بمخصرته إلى الأرض وقال هذه طيبة يعني المدينة

 

جرب أن تقول لمسلم عامي غير مطلع على نصوص الدين وخرافاته من الأصوليين ومن على شاكلتهم، يعني مسلم جاهل بكل هذه النصوص وهم الأكثرية، وقل له لقد ذهبت إلى طَيْبَةَ، لن يفهم قصدك أو إلى أين ذهبت، جرب وقل له ذهبت إلى طابة، على الأغلب سيحسبك ذهبت لو كنت مصريًّا إلى طابة في سيناء بمصر! شاء مسارات التاريخ وعادات الناس في تسمية الأماكن أن لا أحد أطاع محمد في زعمه أن الله هو من سماها بذلك الاسم، ولا تحققت مشيئة مزعومة كهذه، ولعل مما ساعد على ذلك أنه لم يكن اسمًا معروفًا بين الناس لها، وكذلك انهيار مستوى اللغة العربية ومعرفتها عند العوام مع مرور الزمن فلم يعودوا يفهمون من الأصل ما مدلول طابة وطيبة بالضبط، وهو ما يرتبط بالخيرات والعطر وما شابه في اللغة العربية، كل ما يعرفونه عن كلمة طِيِبة بكسر اللام يعني الخير والإحسان وحسن السلوك. صحيح أن الاسم معروف عند السلفيين وفي أغانيهم الحديثة اليوم وربما الاسم معروف في ثقافة اليثاربة كمديح لموطنهم، لكن ما سوى ذلك فالمعظم لا يستعمله ولا يعرف عنه شيئًا.

 

التسبيحات بخمس وعشرين تسبيحة

 

روى أحمد:

 

21600 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: أُمِرْنَا أَنْ نُسَبِّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَأُتِيَ رَجُلٌ فِي الْمَنَامِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسَبِّحُوا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ الْأَنْصَارِيُّ فِي مَنَامِهِ: نَعَمْ، قَالَ: فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَاجْعَلُوا فِيهَا التَّهْلِيلَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ، غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَافْعَلُوا ".

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير كثير بن أفلح، فقد روى له النسائي، وهو ثقة. هشام: هو ابن حسان القُردوسي، ومحمد: هو ابن سيرين. وأخرجه المزي في "التهذيب" في ترجمة كثير بن أفلح 24/106 من طريق عبد الله بن أحمد، بهذا الإسناد. واخر جه الدارمي (1354) ، وابن خزيمة (752) ، وابن حبان (2017) ، والطبراني في "الكبير" (4898) ، وفي "الدعاء" (731) من طريق عثمان بن عمر، به. وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (1160) ، والترمذي (3413) ، والنسائي في "المجتبى" 3/76 وفي "عمل اليوم والليلة" (157) ، وابن خزيمة (752) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (4097) ، والطبراني في "الدعاء" (731) من طرق عن هشام بن حسان، به. وهذا الحديث لم يرد في النسخ المخطوطة العتيقة من "سنن" الترمذي، ولم يذكره المزي في "تحفة الأشراف"، ولا استدركه عليه الحافظ ابن حجر!! وسيأتي برقم (21659).  ويشهد له حديث ابن عمر عند النسائي في "المجتبى" 3/76، وإسناده قوي. وانظر "الفتح" 2/329 - 330.

 

وروى النسائي في المجتبى:

 

1351 - أخبرنا عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال حدثني على بن الفضيل بن عياض عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن بن عمر: أن رجلا رأى فيما يرى النائم قيل له بأي شيء أمركم نبيكم صلى الله عليه وسلم قال أمرنا أن نسبح ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين ونكبر أربعا وثلاثين فتلك مائة قال سبحوا خمسا وعشرين واحمدوا خمسا وعشرين وكبروا خمسا وعشرين وهللوا خمسا وعشرين فتلك مائة فلما أصبح ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افعلوا كما قال الأنصاري

 

قال الألباني: حسن صحيح

 

المشهور عند عامة السنة من عوامهم وشيوخهم هو رقم 33 للتسبيح بكلمات سبحان الله والحمد الله والله أكبر، حتى أن المسابح (السبح أو السبحات) الإسلامية يكن عدد خرزاتها على الأغلب 33، ولا أحد سمع عن التوصية بالرقم 25 رغم صحته، والرقم 99 له علاقة ما سرانية في ذهنية المسلم: 33×3= 99 وهو عدد الأسماء الحسنى الأسطورية بزعم بعض الأحاديث والتراث الديني والشعبي، كما روى البخاري: (6410 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ.) رغم أن هناك أسماء أخرى غير التسعة وتسعين تلك حتى في القرآن والأحاديث، واعتبروا تكملتها بالتكبيرة فتصير مئة، وربما اعتبرت رمزًا لرقم كامل وللكمال الإلهي الإذن حسب اللاهوت الخرافي الأسطوري، فتكون موازية للأسماء التسعة والتسعين مع الاسم المئة وهو الله.

 

استغلال عائشة لخرافة  أخوة الرضاعة لكسر تشريع الحجاب (نظام العزل التام لنساء محمد أثناء حياته وبعد موته عن كل رجال المجتمع عدا المحارم)

 

روى مسلم:

 

[ 1453 ] وحدثني أبو الطاهر وهارون بن سعيد الأيلي واللفظ لهارون قالا حدثنا بن وهب أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت حميد بن نافع يقول سمعت زينب بنت أبي سلمة تقول سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول لعائشة والله ما تطيب نفسي أن يراني الغلام قد استغني عن الرضاعة فقالت لم قد جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله والله إني لأري في وجه أبي حذيفة من دخول سالم قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضعيه فقالت إنه ذو لحية أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة فقالت والله ما عرفته في وجه أبي حذيفة

 

 [ 1454 ] حدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد عن بن شهاب أنه قال أخبرني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة أن أمه زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أمها أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة وقلن لعائشة والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا  

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

13886 - عبد الرزاق عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة أن ابا حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكان بدريا وكان قد تبنى سالما الذي يقال له سالم مولى أبي حذيفة كما تبنى النبي صلى الله عليه و سلم زيدا وأنكح أبو حذيفة سالما وهو يرى أنه ابنه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة وهي من المهاجرات الأول وهي يومئذ من أفضل أيامي قريش فلما أنزل الله عز و جل ذلك ما أنزل أدعوهم لآبائهم الآية رد كل واحد من أولئك ... إلى أبيه فإن لم يعلم أبوه رد إلى مواليه فجاءت سهلة بنت سهيل وهي أمرأة أبي حذيفة وهي من بني عامر بن لؤي فقالت يا رسول الله كنا نرى أن سالما ولد وكان يدخل علي وأنا فضل وليس لنا إلا بيت واحد فماذا ترى قال الزهري فقال لها فيما بلغنا والله أعلم أرضعيه خمس رضعات فتحرم بلبنها وكانت تراه ابنا من الرضاعة فأخذت بذلك عائشة فيمن كانت تريد أن يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أم كلثوم ابنة أبي بكر وبنات أخيها يرضعن لها من أحبت أن يدخل عليها من الرجال وابى سائر أزواج النبي صلى الله عليه و سلم أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة قلن والله ما نرى الذي أمر النبي صلى الله عليه و سلم به سهلة إلا رخصة في رضاعة سالم وحده

 

وروى أحمد:

 

26330 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَتَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَإِنَّا فُضُلٌ وَإِنَّا كُنَّا نَرَاهُ وَلَدًا وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ تَبَنَّاهُ كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا فَأَنْزَلَ اللهُ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ} [الأحزاب: 5] " فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا "، فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِ إخوتها أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ عَائِشَةُ أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا، وَأَبَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَرْضَعَ فِي الْمَهْدِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ: وَاللهِ مَا نَدْرِي لَعَلَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ مِنْ دُونِ النَّاسِ

 

حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، ابن أخي الزهري: وهو محمد بن عبد الله بن مسلم مختلف فيه، وهو جيد الحديث، وقد توبع. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (690) من طريق يعقوب، بهذا الإسناد. وأخرجه بتمامه ومختصراً ابن راهويه (705) ، والبخاري (4000) و (5088) ، وأبو داود (2061) ، والنسائي في "المجتبى" 6/63- 64، والدارمي (2257) ، والبيهقي في "السنن" 7/459 - 460 و460، والحازمي في "الاعتبار" ص 186 من طرق عن الزهري، به. وأخرجه مختصراً النسائى في "المجتبى" 6/64 من طريق يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري- عن الزهري، عن عروة وابن عبد الله بن ربيعة، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (741) ، والحاكم 2/163-164 من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن الزهري، عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن، به. وقد سلف برقم (25650) بأخصر منه.

 

25415 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: إِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكِ الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ الَّذِي مَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ . فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمَا لَكِ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ؟ قَالَتْ: إِنَّ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ سَالِمًا يَدْخُلُ عَلَيَّ وَهُوَ رَجُلٌ، وَفِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرْضِعِيهِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم (1453) (29) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً بنحوه (1453) (30) ، والنسائي في "المجتبى" 6/104، والطبراني في "الأوسط" (6565) من طريق بُكَير: وهو ابن عبد الله بن الأشج -عن حميد بن نافع، به. وقد سلف نحوه برقم (24108) .

 

استطاعت عائشة بهذه الحيلة كسر القمع والعزل الذي فرضه محمد على زوجاته، ولو قليلًا، بعد موته، بحيث لا تكون معزولة لا ترى سوى النساء فقط وأقاربها الرجال المحارم، وتقول الروايات أنها كانت تأمر أخواتها بإرضاع من تريد أن يدخل عليها كمحرم، هذا كان سلوكًا التفافيًّا ذكيًّا من عائشة جعلها تعيش حياة طبيعية إلى حدٍّ ما، ولا يمكننا التخمين بأكثر من ذلك، عما إذا كانت تلاعبت أكثر من ذلك لتستمتع بحياتها وهو كان حقًّا مشروعًا لها.

 

كانت عائشة ذكية للغاية، وذكرت حديث ما أرى ربك إلا يسارع في هواك، سخرية منها من سخافة محمد لتشريعه لإتاحة الزيجات اللانهائية العدد لنفسه في باب أول من خالف تشريعه، وقد روى أحمد:

 

(24012) 24513- حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَهَا : إِنِّي أَعْرِفُ غَضَبَكِ إِذَا غَضِبْتِ ، وَرِضَاكِ إِذَا رَضِيتِ قَالَتْ : وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : إِذَا غَضِبْتِ قُلْتِ : يَا مُحَمَّدُ ، وَإِذَا رَضِيتِ قُلْتِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ.

 

وبعد وفاة محمد خالفت معظم نسائه أمره لهن بعدم الخروج للحج، فنظرًا لأنهن سكن في مدن وبلدان غير مكة، كيثرب والعراق ومصر، على الأغلب كن يتحججن بالحج لزيارة أقاربهن في مكة، روى أحمد:

 

26751 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِنِسَائِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " هَذِهِ، ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصْرِ "، قَالَ: فَكُنَّ كُلُّهُنَّ يَحْجُجْنَ إِلَّا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، وَسَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، وَكَانَتَا تَقُولَانِ: وَاللهِ لَا تُحَرِّكُنَا دَابَّةٌ بَعْدَ أَنْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، فِي حَدِيثِهِ: قَالَتَا: وَاللهِ لَا تُحَرِّكُنَا دَابَّةٌ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَذِهِ، ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصْرِ " . وَقَالَ يَزِيدُ: بَعْدَ إِذْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

إسناده حسن، وهو مكرر (9765) دون زيادة قول زينب بنت جحش وسودة. وشيوخ أحمد هنا هم: حجاج: وهو ابن محمد المِصِّيصي، ويزيد بن هارون وإسحاق بن سليمان. وأخرجه الحارث (358) (زو ائد) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى (7158) من طريق إسحاق بن سليمان، به. وأخرجه ابن سعد 8/207-208، والطبراني في "الكبير" 24/ (89) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 7/126 من طرق عن ابن أبي ذئب، به.

قال السندي: قوله: "هذه " أي: حَجَّتُكُنَّ هذه أو: هذه حَجَّتُكُنَّ. "ثم ظهورُ الحُصُر" أي: ثم الاولى لكُنَّ لزوم البيت، والحُصُر بضمتين، وتسكَّن الصاد تخفيفاً: جمع ححير يُبسط في البيوت،

 

9765 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَجَّ بِنِسَائِهِ، قَالَ: " إِنَّمَا هِيَ هَذِهِ الْحَجَّةُ، ثُمَّ الْزَمْنَ ظُهُورَ الْحُصْرِ "

 

إسناده حسن. وأخرجه الطيالسي (1647) و (2312) ، وابن سعد في "الطبقات" 8/55، وأبو يعلى (7154) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5603) ، والبيهقي 5/228 من طرق عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، بهذا الإسناد . وجاء عندهم زيادة: فكُن يحججنَ إلا سودة بنت زَمْعة، وزينب بنت جحش، فإنهما كانتا تقولان: والله لا تحَركنا دابة بعد أن سمعنا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسيأتي الحديث مع هذه الزيادة في مسند زينب بنت جحش 6/324 عن حجاج بن محمد المصيصي ويزيد بن هارون وإسحاق بن سليمان، عن ابن أبي ذئب، به. وأخرجه أبو يعلى (7158) من طريق إسحاق بن سليمان وحده، عن ابن أبي ذئب، به. وأخرجه ابن سعد 8/55، والبزار (1078 - كشف الأستار) من طريق صالح بن كيسان، والبزار (1077) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن صالح مولى التوأمة، به. قال البزار: أحسبه عن سفيان، عن ابن أبي ذئب، عن صالح، ولكن هكذا قال قبيصة، ورواه جماعة عن صالح، منهم: ابن أبي ذئب وصالح بن كيسان. وروايتا البزار دون الزيادة، وقال صالح في رواية ابن سعد: كانت سودة تقول: لا أحج بعدها أبداً. وأخرج الطحاوي في "شرح المشكل" (5610) من طريق جبلة بن أبي رواد -وهو ضعيف- عن عمه، قال للقاسم بن محمد: ما بال عائشة كانت تتم في السفر؟ قال: لأن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "هذه ثم ظهور الحصر"! والحديث مرسل. وفي الباب عن أبي واقد الليثي، سيأتي 5/218. وهو حسن في الشواهد. وعن ابن عمر عند ابن حبان (3706) ، والطبراني في "الأوسط" (7926) ، وإسناده ضعيف. وعن أم سلمة عند أبي يعلى (6885) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (706) ، وإسناده حسن.

 

24497 - حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ: حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نُجَاهِدُ مَعَكَ ؟ فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَكِ أَحْسَنُ الْجِهَادِ، وَأَجْمَلُهُ الْحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ " فَقَالَتْ عَائِشَةُ: " فَلَا أَدَعُ الْحَجَّ أَبَدًا بَعْدَ إذ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . يونس : هو ابن محمد المؤدب ، وعبد الواحد : هو ابن زياد العبدي. وأخرجه البخاري (1861)، والبيهقي في "السنن" 4 / 326 من طريق مسدد ، عن عبد الواحد ، بهذا الإسناد. وسلف نحوه برقم (24422). وانظر (24383) .

 

ولفظ البخاري:

 

1861 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ فَقَالَ لَكِنَّ أَحْسَنَ الْجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الْحَجُّ حَجٌّ مَبْرُورٌ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَلَا أَدَعُ الْحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

وروى الطبراني في ج23 من المعجم الكبير:

 

706- حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُخَرِّمِيُّ ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الأَخْنَسُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَزْوَاجِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ : هَذِهِ الْحِجَّةُ ، ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصْرِ.

ما فعلته زوجات محمد كان صوابًا ومن حقهم إنسانيًّا، فحرية التحرك والخروج والسفر والتنقل حق مكفول لكل إنسان، لا يجوز مصادرته إلا بجريمة تستوجب السجن ومنع السفر.

 

تحرر البشر تدريجيًّا من بداوة وهمجية ورجعية وسخافة وتحكمية وأساطير الدين

 

روى البخاري:

 

6492 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ عَنْ غَيْلَانَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُوبِقَاتِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ

 

رواه أحمد10995

 

نبوءة عن انهيار ديانة الإسلام وتراجع أعداد المؤمنين بها

 

طبيعة الديانات كخرافات أن تنهار مع الزمن، فكم من أديان استمرت لقرون طوال ثم اندثرت، كم شخصًا الآن يتعبد بدين المصريين القدماء أو السومريين والبابليين أو السلت والجرمان والأيسلنديين وقدماء النروج الفايكنج أو الجريكيين اليونان والرومان؟! لا أحد تقريبًا. طبيعة العقل البشري أنه سيتطور ويقضي على هذه الخرفات بين شعوبه ولو مع الوقت والزمن الطويل، أحد المتبصرين أحس بذلك فقال نبوءة خرافية كتحذير وحائط ردع أخير لسذج المؤمنين ليتمسكوا بالخرافة وينفِّعوا رجال الدين الإسلامي بأموالهم، روى مسلم:

 

[ 146 ] وحدثني محمد بن رافع والفضل بن سهل الأعرج قالا حدثنا شبابة بن سوار حدثنا عاصم وهو بن محمد العمري عن أبيه عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها

 

وروى أحمد:

1604 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بْن أَحْمَدَ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ: أَنَّ أَبَا حَازِمٍ، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنٍ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَقُولُ: " إِنَّ الْإِيمَانَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى يَوْمَئِذٍ لِلغُرَبَاءِ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ، وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ لَيَأْرِزَنَّ الْإِيمَانُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا "

 

إسناده جيد، وجهالةُ ابن سعد لا تضر، فإن أبناءه الذين رووا عنه ثقات معروفون بحمل العلم، على أنه قد جاء مبيناً عند ابن منده في "الإيمان" وأنه عامر بن سعد، وهو ثقة من رجال الشيخين، وباقي رجال الإسناد ثقات من رجالهما غير أبي صخر- وهو حميدُ بن زياد الخراط- فمن رجال مسلم، وهو صدوق. أبوحازم: هو سلمة بن دينار. وأخرجه أبو يعلى (756) عن هارون بن معروف، بهذا الإسناد. وأخرجه الدورقي (92) ، والبزار (1119) ، وابن منده في "الإيمان" (424) من طرق عن عبد الله بن وهب، به. ولفظه عندهم "الإسلام" بدل "الإيمان"، ورواية البزار مختصرة. وفي الباب عن ابنِ مسعود عند أحمد في "المسند" 1/398، وعن أبي هريرة فيه 2/286 و389، وعن عبد الرحمن بن سنة فيه أيضاً 4/73 -74، وعن عبد الله بن عمر عند مسلم (146) ، وعن عمرو بن عوف بن زيد بن مِلْحة عند الترمذي (2630) .

يأرز: ينضم ويجتمع بعضُه إلى بعض.  والمسجدان: هما مسجد مكة ومسجد المدينة. وقوله: "ليأرزن الإيمان"، قال ابن حبان في "صحيحه" 9/47: يريد به أهلَ الإيمان.

 

* 3784 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ "، قِيلَ: وَمَنِ الْغُرَبَاءُ ؟ قَالَ: " النُّزَّاعُ مِنَ الْقَبَائِلِ "

 

إسناد أحمد صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الأحوص -وهو عوف بن مالك بن نضلة الجشمي- فمن رجال مسلم. وإسناد ولده عبد الله صحيح، لأن عبد الله من رجال النسائي، وهو ثقة. وهو في "مصنف" ابن أبي شيبة 13/236، ومن طريقه أخرجه أبو يعلى (4975) ، والآجري في "الغرباء" (2). وأخرجه الترمذي (2629) ، وابن ماجه (3988) ، والدارمي 2/311-312، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/297-298، والطبراني في "الكبير" (10081) ، والشاشي (729) ، والآجري في "الغرباء" (1) ، والبيهقي في "الزهد" (206) من طرق عن حفص بن غياث، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن مسعود، إنما نعرفه من حديث حفص بنِ غياث، عن الأعمش... تفرد به حفص. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/298، وابن عدي في "الكامل" 3/1130، والسهمي في "تاريخ جرجان" (339) ، من طريق سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر، عن الأعمش، به. قال ابن عدي: لا يعرف هذا الحديث إلا بحفص بنِ غِياث عن الأعمش، وبه يعرف، وحكم الناس بأنه حديثه عن الأعمش، ولا أعلم يرويه عن أبي خالد غير مخلد بن مالك. قلنا: رواه عن أبي خالد أيضاً محمد بن عبد العزيز الواسطي عند الطحاوي. وذكرت أحاديث الباب عند حديث سعد المتقدم برقم (1604). ونزيد هنا: حديث عبد الله بن عمرو، سيرد برقم (6650) . وحديث أنس بن مالك عند ابن ماجه (3987) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/298.

قال السندي: النزاع: ضبط بضم فتشديد، قيل: هو جمع نزيع ونازع، وهو الغريب الذي نزع عن أهله وعشيرته، أي: الذين يخرجون عن الأوطان لإقامة سنن الدين. وقد سبق تحقيق ما يتعلق ببقية الحديث.

 

(22160) 22513- حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ حَدَّثَهُمْ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلاَمِ عُرْوَةً عُرْوَةً ، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا ، وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلاَةُ. (5/251)

 

إسناده جيد، عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي الدمشقي روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: ليس به بأس، وباقي رجاله ثقات . سليمان بن حبيب: هو المحاربي الداراني. وأخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة" (764) ، ومن طريقه الحاكم 4/92، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 10/ورقة 348، عن أبيه، بهذا الإسناد . وقد وقع في إسناده عند الحاكم "عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبيد الله" وقال: عبد العزيز هذا هو ابن عبيد الله بن حمزة بن صهيب، وإسماعيل: هو ابن عبيد الله بن أبي المهاجر، والإسناد كله صحيح، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: عبد العزيز ضعيف . قلنا: وهذا وهم منهما رحمهما الله تعالى، نشأ عن تحرف "بن" في "عبد العزيز بن إسماعيل" في إسناده إلى: "عن"، فظنا أنهما اثنان، والصواب أنه: "عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله"، كذا قال كل من أخرج الحديث من طريق الإمام أحمد، وكذا من أخرجه من طريق الوليد بن مسلم، وهو مترجم كذلك في "تاريخ البخاري" 6/21، و"الجرح والتعديل" 5/377، و"الثقات" 7/110، و"تاريخ ابن عساكر" 10/ورقة 348، و"الإكمال" 1/532-533، و"ذيل الكاشف" ص 180، و"تعجيل المنفعة" 1/820. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7486) ، وفي "الشاميين" (1602) ، والبيهقي في "الشعب" (7524) من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي، عن أحمد بن حنبل، به. وأخرجه ابن حبان (6715) من طريق إسحاق بن إبراهيم المروزي، والبيهقي في "الشعب" (5277) من طريق أبي جعفر المسندي، كلاهما عن الوليد بن مسلم، به. ولبعضه شاهد من حديث فيروز الديلمي، سلف في مسنده برقم (18039) ، ولفظه: "لينقضن الإسلام عروة عروة، كما ينقض الحبل قوة قوة" .

 

(18039) 18202- حَدَّثَنَا هَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ ، أَخْبَرَنَا ضَمْرَةُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، عَنِ ابْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيُنْقَضَنَّ الإِسْلاَمُ عُرْوَةً عُرْوَةً كَمَا يُنْقَضُ الْحَبْلُ قُوَّةً ، قُوَّةً.

 

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن قال الساجي في ضمرة ابن ربيعة: صدوق يهم عنده مناكير، وقد اضطرب في هذا الحديث، فرواه هنا مرفوعا، ورواه بنحوه عن عبد الله بن فيروز الديلمي قوله، أخرجه ابن وضاح في "البدع" ص66. وقد تابعه الأوزاعي على الرواية الثانية الموقوفة على عبد الله بن فيروز، أخرجه الدارمي (97) ، ويعقوب بن سفيان في كتابه الملحق بآخر كتاب "المعرفة والتاريخ" 3/386، ومن طريقه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (127) من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن عبد الله بن فيروز الديلمي قوله. ورواية الدارمي عن عبد الله بن الديلمي قال: بلغني أن أول ذهاب الدين ترك السنة، يذهب الدين سنة سنة، كما يذهب الحبل قوة قوة. ويشهد له مرفوعا حديث أبي أمامة الآتي 5/251، وإسناده لا بأس به، وصححه ابن حبان (6715) . وحديث حذيفة بن اليمان عند الآجري في "الشريعة" ص20، والحاكم 4/469، وأبي عمرو الداني في "الفتن" (225) موقوفا.

قوله: "عروة عروة"، أي: أن الناس ما يتركون الإسلام دفعة واحدة، ولكن يتركونه بالتدريج، بأن يتركوا بعض أعماله، ثم بعضا آخر إلى أن لا يبقى منه شيء، كما ينقض الحبل، و"القوة": الطاقة من طاقات الحبل.

 

18073 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ، يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو بكر بن حفص: هو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وابن مُحَيريز: هو عبد الله.

وأخرجه الطيالسي (586) ، وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/312 من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (17055) عن سفيان الثوري، وابن أبي شيبة 8/112 عن علي بن مسهر، كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني- واسمه سليمان بن أبي سليمان- عن أبي بكر بن حفص، عن ابن محيريز، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرسلاً.

وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 6/205 من طريق محمد بن عبد الواهب أبي شهاب، عن أبي إسحاق الشيباني، عن أبي بكر بن حفص، عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأبو شهاب لم نتبينه.

وأخرجه عبد الرزاق (17052) من طريق إبراهيم بن أبي بكر، عن عبد الله ابن محيريز، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرسلاً.

ورواه بلال بن يحيى العبسي، عن أبي بكر بن حفص، عن ابن محيريز، عن ثابت بن السِّمط، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسيأتي 5/318. قلنا: ورواية المصنف هنا: عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أصح إسناداً.

وهي الصواب إن شاء الله.

وله شاهد من حديث أبي مالك الأشعري: سيرد 5/342. وآخر من حديث أبي أمامة الباهلي عند ابن ماجه (3384) ضعيف. وثالث من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (11228) . قال الهيثمي في "المجمع " 5/57: رجاله ثقات.ورابع من حديث عائشة عند الحاكم 4/147، والبيهقي 8/294-295، وصححه الحاكم على شرطهما، وفي إسناده محمد بن عبد الله بن مسلم. قال الذهبي في "تلخيص المستدرك": هو مجهول، وإن كان ابن أخي الزهري فالسند منقطع.

 

(22709) 23085- حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ الْكَاتِبُ ، عَنْ بِلاَلِ بْنِ يَحْيَى الْعَبْسِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ السِّمْطِ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيَسْتَحِلَّنَّ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ بِاسْمٍ يُسَمُّونَهَا إِيَّاهُ.

 

(22900) 23288- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ حُرَيْثٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ فَتَذَاكَرْنَا الطِّلاَءَ فِي خِلاَفَةِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ فَإِنَّا لَكَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْنَا اذْكُرُوا الطِّلاَءَ فَتَذَاكَرْنَا الطِّلاَءَ ، كَذَا قَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، يَعْنِي : عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غَنْمٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا.

وَالَّذِي حَدَّثَنِي أَصْدَقُ مِنِّي وَمِنْكَ ، وَالَّذِي حَدَّثَ بِهِ أَصْدَقُ مِنْهُ وَمِنِّي وَمِنْكَ . فَقَالَ : وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَدَّدَهُ عَلَيْهِ ثَلاَثًا فَقَالَ الضَّحَّاكُ : أُفٍّ لَهُ مِنْ شَرَابِ آخِرِ الدَّهْرِ.

 

ومن المحتمل أن قائلي أحاديث الأسطورة قالوها في عصر إهمال يثرب من الخلفاء الأمويين أو اضطهاد سكانها لتأييدهم عبد الله بن الزبير وأخيه مصعب ضد بني أمية. وبعض من قالوها عاصروا تحرر الطبقات العليا والمثقفين في جزء من عصر العباسيين لدرجة وجود الصداقات الجنسية والعشق كأوربا والغرب اليوم بينهم بعد العلمنة وأشعار الخمر والخمريات وشربها كما يصوره لنا النويري في بلوغ الأرب وغيرها من كتب تراثية، وإنه لمؤكد أن الأمويين والعباسيين عطلوا بعض شرائع الإسلام وهذا يحتاج مبحثًا ضخمًا تاريخيًّا مستقلًا يستغرق عمرًا، لكن لنذكر ما أشرت إليه بباب التشريعات الشاذة عن سماح مروان بن الحكم ببيع الصكوك، وذكرت في نفس الباب وبباب مما تركوه أو ابتدعوه ترك عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وغيرهما  لكثير من تشريعات الإسلام وتعديلاتهم عليها لعيوبها. كان غرض من لفق هذه النبوءات هو وضع حائط صد أخير لمنع التحرر من الخرافات لدى السذج بأن يزعم بأن ما يفعلونه من ترك للدين وتعاليمه الرجعية وخرافاته قد تم التنبؤ به والتحذير منه وإدانته، الأذكياء ممن لفقوا ذلك كانوا يعلمون أن مصير الأديان والخرافات النهائي الحتمي هو الزوال كما زال ما قبلها من أديان.

 

تلفيق النبوءة المزعومة عن دعوتي مسلمة الحنفي والأسود العنسي

 

وأكثر الأحاديث المسماة صحيحة الإسناد تزعم تنبؤ محمد بشخصين يتنبآن ويدعيان النبوة بعد موته، وإن كان الأمر كذلك فقد كان هناك كذلك غير مسلمة الحنفي والأسود العنسي، طلحة بن خويلد الأسدي وسجاح وغيرهما، بالتالي تكون نبوءة ناقصة وفاشلة، لكني وجدت أن الأصح أنهما خرجا وظهرا في عصر محمد،  أحدهما منذ ما قبل دعوة محمد وهو مسلمة الحنفي، والآخر العنسي وهو تافه الأقكار وذو شأن حقير تافه ظهر في آخر حياة محمد، والخبر الأصح كما حكاه أحمد بن حنبل يدل على أنها كانت خاطرة من العقل الباطن لمحمد وليست نبوءة بمستقبل:

 

8249 - وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُوتِيتُ بِخَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ (1) مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ وَأَهَمَّانِي ، فَأُوحِيَ إِلَيَّ: أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا: صَاحِبُ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبُ الْيَمَامَةِ " (2)

 

(1) هكذا في (م) و (ظ 3) ، وفي بقية النسخ: سوارين، وهي رواية مسلم، وعليه تضبط "فَوَضَعَ" على البناء للمعلوم.

(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البخاري (4375) و (7037) ، ومسلم (2274) (22) ، والبيهقي في " السنن الكبرى" 8/175، وفي "دلائل النبوة" 5/335، والبغوي (3297) .

وقد سلف هذا الحديث في مسند ابن عباس برقم (2373) وبيَّنَّا هناك أن الذي حدث به ابنَ عباس هو أَبو هريرة.

وسيأتي من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة برقم (8460) .

"صاحب صنعاء" أي: العنسي، واسمه الأسود، وكان يقال له: ذو الحمار؛ لأنه علم حماراً، إذا قال له: اسجد، يخفض رأسه، قتله فيروز باليمن.

"وصاحب اليمامة" مسيلمة.

واليمامة: هي اليوم واحة في المملكة العربية السعودية من بلاد نجد تدعى العارض من أهم مدنها: العيينة، والدرعية.

 

8460 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، كَأَنَّ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَنَفَخْتُهُمَا فَوَقَعَا (3) ، فَأَوَّلْتُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُسَيْلِمَةُ، وَالْآخَرَ الْعَنْسِيُّ " (4)

 

(3) في (م) والنسخ المتأخرة: فرفعا، والمثبت من (ظ3) و (ل) .

(4) إسناده حسن، محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- روى له البخاري مقروناً، ومسلم متابعة، وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. يونس: هو ابن محمد المؤدب.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/58، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (3922) ، وابن حبان (6653) عن محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، بهذا الِإسناد.

وسيأتي من طريق حماد بن سلمة برقم (8530) . وانظر ما سلف برقم (8249) .

 

ورواه البخاري:

 

7036 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُوتِيتُ خَزَائِنَ الْأَرْضِ فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَكَبُرَا عَلَيَّ وَأَهَمَّانِي فَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنْ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ

 

كان الاثنان يشكلان ما يشبه كماشة عسكرية خطيرة على امبراطوريته الناشئة وهذا كان مصدر خوفه إذن فهو (بينهما). وهذه الحكاية هكذا أصح وأكثر معقولية من خرافة تنبؤ محمد بالمستقبل بدون سابق معرفة ن قارن مع ما روى أحمد:

 

2373 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَالَ: قَالَ عُبَيْدُ اللهِ، سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّتِي ذَكَرَ ؟، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذَكَرَ لِي أَنَّ (2) رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ (3) مِنْ ذَهَبٍ، فَفَظِعْتُهُمَا، فَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِي فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُ كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ " قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: " أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِالْيَمَنِ، وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةُ " (4)

 

(2) لفظة "أن" سقطت من (م) ، وهي ثابتة في أصولنا الخطية المعتمدة.

(3) في (ظ9) و (ظ14) : وضع في يدي سوارين.

(4) إسناده صحيح على شرط الشيخين. صالح: هو ابن كيسان، وعبيد الله: هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي.

وأخرجه البخاري (4379) و (7033) و (7043) ، والنسائي في "الكبرى" (7648) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد. إلا أن البخاري زاد في إسناده بين صالح بن كيسان وبين عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة عبدَ الله بن عُبيدة بن نَشِيط، وهو من المزيد في متصل الأسانيد.

وأما قول ابن عباس فيه: "ذُكر لي" فقد جاء من غير هذا الطريق أن الذي حدثه بذلك هو أبو هريرة فقد أخرجه البخاري (3621) و (4374) ، ومسلم (2274) ، والترمذي (2292) ، والنسائي (7649) ، وابن حبان (6654) ، والبيهقي في "الدلائل" 5/334 من طريق نافع بن جبير، عن ابن عباس قال: أخبرني أبو هريرة... فذكره. وسيأتي في "المسند" 9/312 من طريق همام بن منبه، و338 من طريق أبي سلمة، كلاهما عن أبي هريرة.

قوله: "ففُظعتهما"، أي: استعظمتهما وخفتهما.

وقوله: "فأولته كذابين يخرجان"، قال القاضي عياض فيما نقله عنه العراقي في "طرح التثريب" 8/217: إنما تأول ذلك -والله أعلم فيهما- لَما كان السواران في اليدين جميعاً من الجهتين، وكان حينئذٍ النبي بينهما، وتأول السوارين على الكذابين ومن ينازعه الأمرَ، لوضعهما غيرَ موضعهما، إذ هما من حلي النساء، وموضعهما أيديهن لا أيدي الرجال، وكذلك الكذب والباطل هو الإخبار بالشيء على غير ما هو عليه، ووضع الخبر على غير موضعه، مع كونهما من ذهب وهو حرام على الرجال، ولما في اسم السوارين من لفظ السور لقبضهما على يديه وليسا من حليته، ولأن كونهما من ذهب إشعار بذهاب أمرهما، وبطلان باطلهما.

 

وروى البخاري:

 

3621 - فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ أَنْ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيَّ وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ

 

4373 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِطْعَةُ جَرِيدٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ أُرَى الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا أَرَيْتُ فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ أَنْ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةُ

 

وروى أحمد:

 

2373- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، قَالَ : قَالَ عُبَيْدُ اللهِ ، سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، الَّتِي ذَكَرَ ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ذَكَرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ ، فَفَظِعْتُهُمَا ، فَكَرِهْتُهُمَا ، فَأُذِنَ لِي فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا ، فَأَوَّلْتُهُ كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ قَالَ عُبَيْدُ اللهِ : أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِالْيَمَنِ ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ.

 

وانظر مسلم 2273 و2274.

 

نبوآت مزعومة مكتوبة بعد الانتهاء من الأحداث بقرون لمباركة أعمال العنف

 

روى مسلم:

 

[ 2889 ] حدثنا أبو الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد واللفظ لقتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا

 

رواه أحمد 17115

 

[ 2900 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب عليهم ثياب الصوف فوافقوه عند أكمة فإنهم لقيام ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد قال فقالت لي نفسي ائتهم فقم بينهم وبينه لا يغتالونه قال ثم قلت لعله نجي معهم فأتيتهم فقمت بينهم وبينه قال فحفظت منه أربع كلمات أعدهن في يدي قال تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم فارس فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله ثم تغزون الدجال فيفتحه الله قال فقال نافع يا جابر لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم

 

روى أحمد:

 

1540 - حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تُقَاتِلُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ لَكُمْ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ لَكُمْ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ لَكُمْ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه نافع بن عتبة، فمن رجال مسلم وحده. حسين: هو ابن علي الجُعفي، وزائدة: هو ابن قدامة، وعبد الصمد؟ هو ابن عبد الوارث. وهذا الحديث والذي بعده ليسا من مسند سعد، وإنما هما من مسند نافع بن عتبة. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/146-147، وعنه ابن ماجه (4091) ، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثاني" (642) عن حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده، وسيأتي تمام تخريجه في مسند نافع بن عتبة من "المسند" 4/337. وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/81 - 82 عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة.

 

روى البخاري:

 

3596 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي فَرَطُكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ إِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ مَفَاتِيحِ الْأَرْضِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِي أَنْ تُشْرِكُوا وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا

 

ورواه البخاري 344 و4085 و6426 و6590 ومسلم 2296 وأحمد 17344 و17397 و17402

 

2894 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ قَالَ عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ أَنْتِ مِنْهُمْ ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَيَقُولُ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْوِ فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا

 

ورواه أحمد 27032 و27377 و27378

 

هذه غزوة على قبرس أو رودس كما يبدو من الجزر التابعة آنذاك لبيزنطة، وبعضها اليوم يتبع اليونان.

 

تحريضات في شكل نبوآت

 

روى البخاري:


3618 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

 

3176 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ

 

وروى أحمد:

 

(18957) 19165- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ) ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ ، فَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا ، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ . قَالَ : فَدَعَانِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَأَلَنِي ، فَحَدَّثْتُهُ ، فَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ. (4/335)

 

(22335) 22691- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَوَقَفَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي اللَّيْلَةَ الْكَنْزَيْنِ : كَنْزَ فَارِسَ وَالرُّومِ ، وَأَمَدَّنِي بِالْمُلُوكِ مُلُوكِ حِمْيَرَ الأَحْمَرَيْنِ ، وَلاَ مَلِكَ إِلاَّ الِلَّهُ ، يَأْتُونَ يَأْخُذُونَ مِنْ مَالِ اللهِ ، وَيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَالَهَا ثَلاَثًا.(5/272).

 

6645- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي ، وَسُئِلَ : أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً : الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ ، أَوْ رُومِيَّةُ ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ ، قَالَ : فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا ، قَالَ : فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً : قُسْطَنْطِينِيَّةُ ، أَوْ رُومِيَّةُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً ، يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ.

 

(15862) 15956- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ ، قَالَ : أَصَبْتُ جَرَّةً حَمْرَاءَ فِيهَا دَنَانِيرُ ، فِي إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ فِي أَرْضِ الرُّومِ ، قَالَ : وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ، يُقَالُ لَهُ : مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : فَأَتَيْتُ بِهَا يَقْسِمُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَعْطَانِي مِثْلَ مَا أَعْطَى رَجُلاً مِنْهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لاَ نَفْلَ إِلاَّ بَعْدَ الْخُمُسِ إِذًا لأَعْطَيْتُكَ ، قَالَ : ثُمَّ أَخَذَ فَعَرَضَ عَلَيَّ مِنْ نَصِيبِهِ فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ ، قُلْتُ : مَا أَنَا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْكَ. (3/470)

 

(17734) 17886- حَدَّثَنَا هَاشِمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ ، صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَغْزَى النَّاسَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لاَ تَعْجِزُ هَذِهِ الأُمَّةُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ إِذَا رَأَيْتَ الشَّامَ مَائِدَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ.(4/193).

 

4146- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ : هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلاَّ : يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، جَاءَتِ السَّاعَةُ قَالَ : وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَجَلَسَ ، فَقَالَ : إِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَقُومُ حَتَّى لاَ يُقْسَمَ مِيرَاثٌ ، وَلاَ يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ ، قَالَ : عَدُوًّا يَجْمَعُونَ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ ، وَنَحَّى بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ ، قُلْتُ : الرُّومَ تَعْنِي ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَيَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رِدَّةٌ شَدِيدَةٌ ، قَالَ : فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءَ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءَ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا ، فَيَفِيءَ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ ، نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ ، فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً ، إِمَّا قَالَ : لاَ يُرَى مِثْلُهَا ، وَإِمَّا قَالَ : لَمْ نَرَ مِثْلَهَا ، حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ ، فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيِّتًا ، قَالَ : فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُوا مِئَةً ، فَلاَ يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلاَّ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ ؟ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقْسَمُ ؟ قَالَ : بَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ ، إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ : أَنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَ فِي ذَرَارِيِّهِمْ ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، وَيُقْبِلُونَ ، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي لأَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ. (1/435)

(16826) 16951- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ هُوَ الْقُرْقُسَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا ، وَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِهِمْ ، فَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْزِلُونَ بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ ، فَيَرْفَعُ الصَّلِيبَ ، وَيَقُولُ : أَلاَ غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَتَكُونُ الْمَلاَحِمُ ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْكُمْ ، فَيَأْتُونَكُمْ فِي ثَمَانِينَ غَايَةً ، مَعَ كُلِّ غَايَةٍ عَشْرَةُ آلاَفٍ.(4/91).

 

(21992) 22342- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ النَّهَّاسِ بْنِ قَهْمٍ ، حَدَّثَنِي شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سِتٌّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : مَوْتِي ، وَفَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَمَوْتٌ يَأْخُذُ فِي النَّاسِ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ، وَفِتْنَةٌ يَدْخُلُ حَرْبُهَا بَيْتَ كُلِّ مُسْلِمٍ ، وَأَنْ يُعْطَى الرَّجُلُ أَلْفَ دِينَارٍ فَيَتَسَخَّطَهَا ، وَأَنْ تَغْدِرَ الرُّومُ فَيَسِيرُونَ فِي ثَمَانِينَ بَنْدًا ، تَحْتَ كُلِّ بَنْدٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا. (5/228)

 

(23157) 23544- حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : سَتُصَالِحُكُمُ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا ، ثُمَّ تَغْزُونَ وَهُمْ عَدُوًّا فَتُنْصَرُونَ ، وَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ صَلِيبًا ، فَيَقُولُ : غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ ، وَيَجْمَعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ.(5/371).

 

(23157) 23544- حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : سَتُصَالِحُكُمُ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا ، ثُمَّ تَغْزُونَ وَهُمْ عَدُوًّا فَتُنْصَرُونَ ، وَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ صَلِيبًا ، فَيَقُولُ : غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ ، وَيَجْمَعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ.(5/371).

 

(18023) 18186- حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ قَالَ : بَيْنَا أَنَا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقُلْتُ لَهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكُمُ الرُّومُ ، وَإِنَّمَا هَلَكَتُهُمْ مَعَ السَّاعَةِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو : أَلَمْ أَزْجُرْكَ عَنْ مِثْلِ هَذَا.(4/230).

 

إسناده ضعيف، ابن لهيعة سيئ الحفظ، وباقي رجاله ثقات رجال مسلم غير الحسن بن موسى، فمن رجال الشيخين. الحارث بن يزيد: هو الحضرمي المصري، وعبد الرحمن بن جبير: هو المؤذن المصري.

وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص261 من طرق عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وقال فيه: "إن أشد الناس عليكم بنو أختكم بسمة بنت إسماعيل الروم.. ". وبسمة بنت إسماعيل عليه السلام تزوجها عيص بن إسحاق عليه السلام، وكان منهما الروم فيما روي عند الطبري في "تاريخه" 1/317، والله أعلم.

وانظر ما قبله، وانظر أيضاً حديثي ابن مسعود وذي مخمر السالفين برقم (4146) و (16826) .

 

هذا الحديث يناقض أحاديث التحريض على الاحتلال.

 

(22487) 22854- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ ، أَنَّ ابْنَ زُغْبٍ الإِيَادِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ : نَزَلَ عَلَيَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَوَالَةَ الأَزْدِيُّ فَقَالَ لِي : وَإِنَّهُ لَنَازِلٌ عَلَيَّ فِي بَيْتِي بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَقْدَامِنَا لِنَغْنَمَ ، فَرَجَعْنَا وَلَمْ نَغْنَمْ شَيْئًا ، وَعَرَفَ الْجَهْدَ فِي وُجُوهِنَا فَقَامَ فِينَا فَقَالَ : اللَّهُمَّ لاَ تَكِلْهُمْ إِلَيَّ فَأَضْعُفَ ، وَلاَ تَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا ، وَلاَ تَكِلْهُمْ إِلَى النَّاسِ فَيَسْتَأْثِرُوا عَلَيْهِمْ . ثُمَّ قَالَ : لَيُفْتَحَنَّ لَكُمُ الشَّامُ وَالرُّومُ وَفَارِسُ أَوِ الرُّومُ وَفَارِسُ حَتَّى يَكُونَ لأَحَدِكُمْ مِنَ الإِبِلِ كَذَا وَكَذَا ، وَمِنَ الْبَقَرِ كَذَا وَكَذَا ، وَمِنَ الْغَنَمِ حَتَّى يُعْطَى أَحَدُهُمْ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَسْخَطَهَا . ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي ، أَوْ هَامَتِي ، فَقَالَ : يَا ابْنَ حَوَالَةَ ، إِذَا رَأَيْتَ الْخِلاَفَةَ قَدْ نَزَلَتِ الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلاَزِلُ وَالْبَلاَيَا وَالأُمُورُ الْعِظَامُ ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ.(5/288).

 

وروى مسلم:

 

[ 2889 ] حدثنا أبو الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد واللفظ لقتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا

الكنزين الأحمر والأبيض: فسروها بفارس والروم. ورواه أحمد 17115

 

[ 2897 ] حدثنا زهير بن حرب حدثنا معلى بن منصور حدثنا سليمان بن بلال حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا فيفتتحون قسطنطينية فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان إن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون وذلك باطل فإذا جاؤوا الشام خرج فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته

 

[ 2899 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر كلاهما عن بن علية واللفظ لابن حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن حميد بن هلال عن أبي قتادة العدوي عن يسير بن جابر قال هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجيري إلا يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة قال فقعد وكان متكئا فقال إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام فقال عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام قلت الروم تعني قال نعم وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم فيقتلون مقتلة إما قال لا يرى مثلها وإما قال لم ير مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقى منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك فجاءهم الصريخ إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ قال بن أبي شيبة في روايته عن أسير بن جابر

 

[ 2898 ] حدثني حرملة بن يحيى التجيبي حدثنا عبد الله بن وهب حدثني أبو شريح أن عبد الكريم بن الحارث حدثه أن المستورد القرشي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقوم الساعة والروم أكثر الناس قال فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال ما هذه الأحاديث التي تذكر عنك أنك تقولها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له المستورد قلت الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال عمرو لئن قلت ذلك إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأجبر الناس عند مصيبة وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم

 

[ 2543 ] حدثني أبو الطاهر أخبرنا بن وهب أخبرني حرملة ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب حدثني حرملة وهو بن عمران التجيبي عن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال سمعت أبا ذر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة فاخرج منها قال فمر بربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها

 

المسلمون استماتوا في تحقيق هذه التحريضات، لأنهم اعتبروا أن عدم تحققها معناه إخفاق نبوة محمد، وقد أخذ احتلال بيزنطة القسطنطينية منهم وقتًا أطول، على يد محمد الفاتح العثماني التركي الذي ترَّكَ هو وخلفاؤه اللسان اليوناني البيزنطي وجعلوا اللغة هي التركية بدلًا منها. كان انتشار الإسلام كديانة مناسبة للبدو والهمج القائمين بالغارات في بلدان المشرق ومنهم السلاجقة والترك معناه أن بيزنطة أصبحت مهددة ومحاصرة من هؤلاء. ومنذ زمن معاوية الأموي كانت محاولات احتلال واقتحام بيزنطة، وكانوا أحيانًا يأخذون أجزاء من حدودها أو جزرًا تابعة لها كصقلية ورودس. مع ذلك وردت أحاديث احتياطية لأنهم خافوا من الفشل آنذاك قالت أنها سيفتحها المهدي المنتظر وأن المسلمين في آخر الزمان سيحاربون الروم! ولما وجدوا اليوم أنها نبوءة فاسدة لأن محمد الفاتح هو من اقتحمها وأسلمها، وأن قومها اليوم مسلمون، حاولوا التبرير بالعقلية الإرهابية أنها وإن كان أهلها مسلمين لكنها تحكم بالعلمانية اليوم لذلك سيفتحها المهدي من جديد! يعني يبررون محاربة المسلم المعتدل العلماني وقتله في القتال! وكذلك الحديث الصحيح ذكر رفع الرجل الرومي للصليب! يعني الحديث يتكلم عن روم شرقيين مسيحيين، الروم الشرقيون البيزنطيون الأرثوذكس قديمًا صاروا منذ زمن طويل أتراكًا مسلمين كما ترى وعثمانيوهم ومواطنوهم المتتركين بالتركية كلغة وهوية حكموا لفترة العالم العربي والإسلامي كله تقريبًا عدا الهند وفارس وأماكن أخرى، وكان منهم المعقول في حكمه كالسلطان سليم الأول ومن بعدهم ازدادوا فسادًا حتى انهار حكمهم وقامت جماعة تركيا الفتاة والاتحاد والترقي وخلعوا السلطان الأخير عبد الحميد الثاني. سنة التاريخ أن الامبراطورية التي لا تنهار لا تقوم من جديد، كما حدث مع مصر وبابل وآشور وميديا وعيلام وفارس واليونان والروم الغربيين (إيطاليا) والشرقيين (بيزنطة تركيا حاليًّا)، لذلك لا نتوقع حدوث نهضة للعرب والمسلمين تجعلهم يبنون امبراطورية إرهابية جديدة، لاختلاف ظروف التاريخ واعتماد حروب اليوم على العلوم الحديثة واتفاقهم على ألا يتفقوا ولو لتحقيق كرامتهم وحقوقهم ناهيك عن العدوان على آخرين! ومن المستحيل عليهم اليوم إستراتيجيًّا اقتحام دولة كفرانس أو إيتالي خاصة إيتالي (إيطاليا) لأجل الحدود البحرية الحامية لها، فلا اتصال أرضي لها مع بلدان العرب، وأمركا كذلك أكثر منعة وقوة هي وبريطانيا ويُعتقَد أن أستراليا ونيوزيلاند الأكثر أمانًا لعزلهما بالمحيط وغيرهن.

 

لقد حلم المسلمون بسبب انتشار الإسلام السريع في الشرق آنذاك أن فاتحي روما (إيطاليا) سيكونون هم أنفسهم من الروم أو الغربيين، لكن الواقع الحالي لارتفاع ثقافة العلمانية والعلوم الحديثة والوعي بنصوص وتاريخ الإسلام كديانة إرهابية ذات تشريعات معيبة ينفي احتمال حدوث انتشار كبير حقيقي في الغرب أو حكم الغرب به، فثقافتنا العلمانية الإلحادية كفيلة بسحق الأسلمة هناك لأنها تكون قوية جدًّا مع نور العلم والثقافة وجودة الحياة، وهو الحاصل المتوفر في الغرب، وتكون بلا قوة في دول الجهل والتخلف وعدم التعلم والتثقف والقراءة، وروى مسلم:

 

[ 2920 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني بن محمد عن ثور وهو بن زيد الديلي عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر قالوا نعم يا رسول الله قال لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بنى إسحاق فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها قال ثور لا أعلمه إلا قال الذي في البحر ثم يقولوا الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر ثم يقولوا الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ فقال إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون

الحديث طبعًا مستوحى من الخرافة اليهودية في سفر يشوع 6 من التاناخ (الكتاب المقدس العبراني) عن احتلال اليهود لأريحا الفلسطينية.

 

وروى أحمد حديثًا آخر للتحريض على احتلال دولة الهند، لكن على حد علمي معظم ما نجح العرب فيه هو احتلال باكستان السند التي كانت تابعة لها وليس الهند، أما الهند فحكمها لقرون الأفغان المسلمون ثم المغول المسلمون:

 

22396 - حدثنا أبو النضر، حدثنا بقية، حدثنا عبد الله بن سالم، وأبو بكر بن الوليد الزبيدي، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن لقمان بن عامر الوصابي، عن عبد الأعلى بن عدي البهراني، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عصابتان من أمتي أحرزهم الله من النار: عصابة تغزو الهند، وعصابة تكون مع عيسى ابن مريم "

 

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف من أجل بقية -وهو ابن الوليد- لكنه قد توبع، وباقي رجاله موثقون غير أبي بكر بن الوليد الزبيدي، فهو مجهول الحال، لكن تابعه عبد الله بن سالم -وهو الأشعري الحمصي، وهو ثقة- . أبو النضر: هو هاشم بن القاسم الليثي مولاهم . وأخرجه النسائي 6/42-43 من طريق أسد بن موسى، عن بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن الوليد وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (1851) من طريق حيوة بن شريح، عن بقية، عن عبد الله بن سالم وحده، به . وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/72، والطبراني في "الأوسط" (6737) ، وفي الشاميين (1851) ، وابن عدي في "الكامل" 2/583، وابن عساكر 15/197 من طريق الجراح بن مليح البهراني، عن محمد بن الوليد الزبيدي، به .

 

نبوآت مزعومة مكتوبة بعد الانتهاء من الأحداث بقرون لمباركة أعمال العنف

 

روى مسلم:

 

[ 2889 ] حدثنا أبو الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد واللفظ لقتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا

 

رواه أحمد 17115

 

[ 2900 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب عليهم ثياب الصوف فوافقوه عند أكمة فإنهم لقيام ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد قال فقالت لي نفسي ائتهم فقم بينهم وبينه لا يغتالونه قال ثم قلت لعله نجي معهم فأتيتهم فقمت بينهم وبينه قال فحفظت منه أربع كلمات أعدهن في يدي قال تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم فارس فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله ثم تغزون الدجال فيفتحه الله قال فقال نافع يا جابر لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم

 

[ 2919 ] حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو كامل الجحدري قالا حدثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لتفتحن عصابة من المسلمين أو من المؤمنين كنوز آل كسرى الذي في الأبيض قال قتيبة من المسلمين ولم يشك

 

[ 1822 ] حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا حدثنا حاتم وهو بن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكتب إلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش وسمعته يقول عصيبة من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض بيت كسرى أو آل كسرى وسمعته يقول إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم وسمعته يقول إذا أعطى الله أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه وأهل بيته وسمعته يقول أنا الفرط على الحوض

 

روى أحمد:

 

1540 - حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تُقَاتِلُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ لَكُمْ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ لَكُمْ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ لَكُمْ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه نافع بن عتبة، فمن رجال مسلم وحده. حسين: هو ابن علي الجُعفي، وزائدة: هو ابن قدامة، وعبد الصمد؟ هو ابن عبد الوارث. وهذا الحديث والذي بعده ليسا من مسند سعد، وإنما هما من مسند نافع بن عتبة. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/146-147، وعنه ابن ماجه (4091) ، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثاني" (642) عن حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده، وسيأتي تمام تخريجه في مسند نافع بن عتبة من "المسند" 4/337. وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/81 - 82 عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة.

 

15988 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبٍ، أَنَّ طَلْحَةَ حَدَّثَهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ لِي بِهَا مَعْرِفَةٌ، فَنَزَلْتُ فِي الصُّفَّةِ مَعَ رَجُلٍ فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كُلَّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ تَمْرٍ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ: يَا رَسُولَ اللهِ أَحْرَقَ بُطُونَنَا التَّمْرُ، وَتَخَرَّقَتْ عَنَّا الْخُنُفُ ، فَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَطَبَ ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ: " لَوْ وَجَدْتُ خُبْزًا، أَوْ لَحْمًا لَأَطْعَمْتُكُمُوهُ، أَمَا إِنَّكُمْ تُوشِكُونَ أَنْ تُدْرِكُوا، وَمَنْ أَدْرَكَ ذَاكَ مِنْكُمْ أَنْ يُرَاحَ عَلَيْكُمْ بِالْجِفَانِ ، وَتَلْبَسُونَ مِثْلَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ " قَالَ: فَمَكَثْتُ أَنَا وَصَاحِبِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا الْبَرِيرَ ، حَتَّى جِئْنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ فَوَاسَوْنَا وَكَانَ خَيْرَ مَا أَصَبْنَا هَذَا التَّمْرُ.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن أبي هند، وأبي حرب- وهو ابن أبي الأسود- فمن رجال مسلم، وأبو حرب قيل: اسمه محجن، وقيل: عطاء. وصحابيه طلحة- وهو ابن عمرو البصري- لم تقع له رواية في شيء من الكتب الستة، وليس له غير هذا الحديث. وأخرجه ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 3/90 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً ومختصراً ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1434) و (1435) ، والبزار (3673) ، وابن حبان (6684) ، والطبراني في "الكبير" (8160) و (8161) ، والحاكم 3/15 و4/548، وأبو نعيم في "الحلية" 1/374 من طرق عن داود بن أبي هند، به. قال البزار: وطلحة هذا سكن البصرة، وهو طلحة بن عمرو، ولم يرو إلا هأءا الحديث. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وزاد الحاكم 4/549: قال داود: قال لي أبو حرب: يا داود هل تدري ما كان أستار الكعبة يومئذ؟ قلت: لا. قال: ثيابٌ بيضٌ كان يُؤتى بها من اليمن. وزاد البزار وأبو نعيم: الخُنُف: برودٌ شبه اليمانية. وفي الباب عن أبي جحيفة عند البزار (3671) ، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/323، وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الجبار بن العباس وهو ثقة. وعن ابن مسعود عند البزار (3672) ، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/323، وقال: رواه البزار وإسناده جيد.

قال السندي: قوله: "وتخرَّقت عنا الخُنف" ضبط بضمتين في "النهاية" جمع خَنِيف، وهو نوعٌ غليظ من أردإ الكتان، أراد ثياباً تُعمل منه كانوا يلبسونها. "ومَنْ أدرك ذاك منكم" خبره مقْدر، أي: فقد كفاه أو نحو ذلك، والجملة معترضة. وقوله: "أن يُراح" على بناء المفعول، بدلٌ من قوله: "أَن تُدركوا" إن فَتَح همزة "أن" في "أَنْ تُدْرِكوا" وإن كسرها على أنها حرف شرط فقولُه: "أن يُراح" خبر "توشكون". "بالجفان"- بكسر الجيم-، جمع جَفْنَة- بفتح فسكون-: وهي القصعة الكبيرة. وذكر الحديث في "الإصابة" بلفظ: "أما أنكم تُوْشكون" لا يخلو عن بُعد.  "إلا البَرِير": هو ثمر الأراك إذا اسودَّ وبلغ، وقيل: هو اسم له في كل حال.

 

20996 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيَفْتَحَنَّ رَهْطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كُنُوزَ كِسْرَى الَّتِي، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: الَّذِي، بِالْأَبْيَضِ" قَالَ جَابِرٌ: "فَكُنْتُ فِيهِمْ، فَأَصَابَنِي أَلْفُ دِرْهَمٍ".

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وأبو نعيم: هو الفضل بن دُكين.

وأخرجه الطبراني (1915) من طريق أبي نعيم وحده، بهذا الإسناد.

وانظر (20821) .

روى البخاري:

 

3596 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي فَرَطُكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ إِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ مَفَاتِيحِ الْأَرْضِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِي أَنْ تُشْرِكُوا وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا

 

ورواه البخاري 344 و4085 و6426 و6590 ومسلم 2296 وأحمد 17344 و17397 و17402

 

6629 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

 

رواه أحمد 20940 و20946 و21012 ومسلم 2918

 

2894 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ قَالَ عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ أَنْتِ مِنْهُمْ ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَيَقُولُ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْوِ فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا

 

ورواه أحمد 27032 و27377 و27378

 

هذه غزوة على قبرس أو رودس كما يبدو من الجزر التابعة آنذاك لبيزنطة، وبعضها اليوم يتبع اليونان.

 

وذكروا عن فتح أقاليم فارس (إيران) كما روى البخاري:

3590 - حَدَّثَنِي يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكَرْمَانَ مِنْ الْأَعَاجِمِ حُمْرَ الْوُجُوهِ فُطْسَ الْأُنُوفِ صِغَارَ الْأَعْيُنِ وُجُوهُهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ تَابَعَهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

 

ورواه أحمد 7263 و8240 و8241

 

قالوا في التفسير وكتب الجغرافيا: وخوز بلاد الأهواز وتستر وكرمان بين خراسان وبحر الهند. لاحقًا صاروا يدعون ويروجون للجاهلين غير المتفكرين والمدققين من جهال العامة ممن لا يحاولون قراءة الكتب ومعرفة المقصود بأسماء هذه الأماكن أنها نبوءة عن حرب المسلمين مع المنغوليين (المغول) التي حدثت لاحقًا بعد موت محمد بقرون وأنها نبوءة معجزة له. هؤلاء لا يخجلون من الكذب وتلفيق الأساطير وحتى الكذب على محمد نفسه.

 

تحريضات في شكل نبوآت

 

روى البخاري:


3618 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

 

3176 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ

 

وروى أحمد:

(18957) 19165- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ) ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ ، فَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا ، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ . قَالَ : فَدَعَانِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَأَلَنِي ، فَحَدَّثْتُهُ ، فَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ. (4/335)

 

(22335) 22691- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَوَقَفَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي اللَّيْلَةَ الْكَنْزَيْنِ : كَنْزَ فَارِسَ وَالرُّومِ ، وَأَمَدَّنِي بِالْمُلُوكِ مُلُوكِ حِمْيَرَ الأَحْمَرَيْنِ ، وَلاَ مَلِكَ إِلاَّ الِلَّهُ ، يَأْتُونَ يَأْخُذُونَ مِنْ مَالِ اللهِ ، وَيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَالَهَا ثَلاَثًا.(5/272).

 

6645- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي ، وَسُئِلَ : أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً : الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ ، أَوْ رُومِيَّةُ ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ ، قَالَ : فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا ، قَالَ : فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً : قُسْطَنْطِينِيَّةُ ، أَوْ رُومِيَّةُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً ، يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ.

 

(15862) 15956- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ ، قَالَ : أَصَبْتُ جَرَّةً حَمْرَاءَ فِيهَا دَنَانِيرُ ، فِي إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ فِي أَرْضِ الرُّومِ ، قَالَ : وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ، يُقَالُ لَهُ : مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : فَأَتَيْتُ بِهَا يَقْسِمُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَعْطَانِي مِثْلَ مَا أَعْطَى رَجُلاً مِنْهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لاَ نَفْلَ إِلاَّ بَعْدَ الْخُمُسِ إِذًا لأَعْطَيْتُكَ ، قَالَ : ثُمَّ أَخَذَ فَعَرَضَ عَلَيَّ مِنْ نَصِيبِهِ فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ ، قُلْتُ : مَا أَنَا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْكَ. (3/470)

 

(17734) 17886- حَدَّثَنَا هَاشِمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ ، صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَغْزَى النَّاسَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لاَ تَعْجِزُ هَذِهِ الأُمَّةُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ إِذَا رَأَيْتَ الشَّامَ مَائِدَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ.(4/193).

 

144- حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي أَرْضِ الرُّومِ ، فَوُجِدَ فِي مَتَاعِ رَجُلٍ غُلُولٌ ، فَسَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ ، عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ وَجَدْتُمْ فِي مَتَاعِهِ غُلُولاً فَأَحْرِقُوهُ ، قَالَ : وَأَحْسَبُهُ قَالَ : وَاضْرِبُوهُ قَالَ : فَأَخْرَجَ مَتَاعَهُ فِي السُّوقِ ، قَالَ : فَوَجَدَ فِيهِ مُصْحَفًا ، فَسَأَلَ سَالِمًا فَقَالَ : بِعْهُ وَتَصَدَّقْ بِثَمَنِهِ.

 

(15648) 15733- حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيِّ ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ اللَّخْمِيِّ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : نَزَلْنَا عَلَى حِصْنِ سِنَانٍ بِأَرْضِ الرُّومِ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ ، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ ، فَقَالَ مُعَاذٌ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّا غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ كَذَا وَكَذَا ، فَضَيَّقَ النَّاسُ الطَّرِيقَ ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا فَنَادَى : مَنْ ضَيَّقَ مَنْزِلاً ، أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا فَلاَ جِهَادَ لَهُ. (3/440)

 

4146- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ : هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلاَّ : يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، جَاءَتِ السَّاعَةُ قَالَ : وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَجَلَسَ ، فَقَالَ : إِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَقُومُ حَتَّى لاَ يُقْسَمَ مِيرَاثٌ ، وَلاَ يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ ، قَالَ : عَدُوًّا يَجْمَعُونَ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ ، وَنَحَّى بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ ، قُلْتُ : الرُّومَ تَعْنِي ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَيَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رِدَّةٌ شَدِيدَةٌ ، قَالَ : فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءَ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءَ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا ، فَيَفِيءَ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ ، نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ ، فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً ، إِمَّا قَالَ : لاَ يُرَى مِثْلُهَا ، وَإِمَّا قَالَ : لَمْ نَرَ مِثْلَهَا ، حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ ، فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيِّتًا ، قَالَ : فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُوا مِئَةً ، فَلاَ يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلاَّ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ ؟ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقْسَمُ ؟ قَالَ : بَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ ، إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ : أَنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَ فِي ذَرَارِيِّهِمْ ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، وَيُقْبِلُونَ ، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي لأَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ. (1/435)

(16826) 16951- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ هُوَ الْقُرْقُسَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا ، وَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِهِمْ ، فَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْزِلُونَ بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ ، فَيَرْفَعُ الصَّلِيبَ ، وَيَقُولُ : أَلاَ غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَتَكُونُ الْمَلاَحِمُ ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْكُمْ ، فَيَأْتُونَكُمْ فِي ثَمَانِينَ غَايَةً ، مَعَ كُلِّ غَايَةٍ عَشْرَةُ آلاَفٍ.(4/91).

 

(21992) 22342- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ النَّهَّاسِ بْنِ قَهْمٍ ، حَدَّثَنِي شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سِتٌّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : مَوْتِي ، وَفَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَمَوْتٌ يَأْخُذُ فِي النَّاسِ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ، وَفِتْنَةٌ يَدْخُلُ حَرْبُهَا بَيْتَ كُلِّ مُسْلِمٍ ، وَأَنْ يُعْطَى الرَّجُلُ أَلْفَ دِينَارٍ فَيَتَسَخَّطَهَا ، وَأَنْ تَغْدِرَ الرُّومُ فَيَسِيرُونَ فِي ثَمَانِينَ بَنْدًا ، تَحْتَ كُلِّ بَنْدٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا. (5/228)

 

(23157) 23544- حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : سَتُصَالِحُكُمُ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا ، ثُمَّ تَغْزُونَ وَهُمْ عَدُوًّا فَتُنْصَرُونَ ، وَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ صَلِيبًا ، فَيَقُولُ : غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ ، وَيَجْمَعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ.(5/371).

 

(23157) 23544- حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : سَتُصَالِحُكُمُ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا ، ثُمَّ تَغْزُونَ وَهُمْ عَدُوًّا فَتُنْصَرُونَ ، وَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ صَلِيبًا ، فَيَقُولُ : غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ ، وَيَجْمَعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ.(5/371).

(18023) 18186- حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ قَالَ : بَيْنَا أَنَا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقُلْتُ لَهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكُمُ الرُّومُ ، وَإِنَّمَا هَلَكَتُهُمْ مَعَ السَّاعَةِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو : أَلَمْ أَزْجُرْكَ عَنْ مِثْلِ هَذَا.(4/230).

 

(22487) 22854- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ ، أَنَّ ابْنَ زُغْبٍ الإِيَادِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ : نَزَلَ عَلَيَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَوَالَةَ الأَزْدِيُّ فَقَالَ لِي : وَإِنَّهُ لَنَازِلٌ عَلَيَّ فِي بَيْتِي بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَقْدَامِنَا لِنَغْنَمَ ، فَرَجَعْنَا وَلَمْ نَغْنَمْ شَيْئًا ، وَعَرَفَ الْجَهْدَ فِي وُجُوهِنَا فَقَامَ فِينَا فَقَالَ : اللَّهُمَّ لاَ تَكِلْهُمْ إِلَيَّ فَأَضْعُفَ ، وَلاَ تَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا ، وَلاَ تَكِلْهُمْ إِلَى النَّاسِ فَيَسْتَأْثِرُوا عَلَيْهِمْ . ثُمَّ قَالَ : لَيُفْتَحَنَّ لَكُمُ الشَّامُ وَالرُّومُ وَفَارِسُ أَوِ الرُّومُ وَفَارِسُ حَتَّى يَكُونَ لأَحَدِكُمْ مِنَ الإِبِلِ كَذَا وَكَذَا ، وَمِنَ الْبَقَرِ كَذَا وَكَذَا ، وَمِنَ الْغَنَمِ حَتَّى يُعْطَى أَحَدُهُمْ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَسْخَطَهَا . ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي ، أَوْ هَامَتِي ، فَقَالَ : يَا ابْنَ حَوَالَةَ ، إِذَا رَأَيْتَ الْخِلاَفَةَ قَدْ نَزَلَتِ الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلاَزِلُ وَالْبَلاَيَا وَالأُمُورُ الْعِظَامُ ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ.(5/288).

 

وروى مسلم:

 

[ 2889 ] حدثنا أبو الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد واللفظ لقتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا

 

الكنزين الأحمر والأبيض: فسروها بفارس والروم، أو الذهب والفضة. ورواه أحمد 17115

 

[ 2897 ] حدثنا زهير بن حرب حدثنا معلى بن منصور حدثنا سليمان بن بلال حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا فيفتتحون قسطنطينية فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان إن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون وذلك باطل فإذا جاؤوا الشام خرج فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته

 

[ 2899 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر كلاهما عن بن علية واللفظ لابن حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن حميد بن هلال عن أبي قتادة العدوي عن يسير بن جابر قال هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجيري إلا يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة قال فقعد وكان متكئا فقال إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام فقال عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام قلت الروم تعني قال نعم وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم فيقتلون مقتلة إما قال لا يرى مثلها وإما قال لم ير مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقى منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك فجاءهم الصريخ إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ قال بن أبي شيبة في روايته عن أسير بن جابر

[ 2898 ] حدثني حرملة بن يحيى التجيبي حدثنا عبد الله بن وهب حدثني أبو شريح أن عبد الكريم بن الحارث حدثه أن المستورد القرشي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقوم الساعة والروم أكثر الناس قال فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال ما هذه الأحاديث التي تذكر عنك أنك تقولها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له المستورد قلت الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال عمرو لئن قلت ذلك إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأجبر الناس عند مصيبة وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم

 

[ 2543 ] حدثني أبو الطاهر أخبرنا بن وهب أخبرني حرملة ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب حدثني حرملة وهو بن عمران التجيبي عن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال سمعت أبا ذر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة فاخرج منها قال فمر بربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها

 

رواه أحمد 21520.

 

المسلمون استماتوا في تحقيق هذه التحريضات، لأنهم اعتبروا أن عدم تحققها معناه إخفاق نبوة محمد، وقد أخذ احتلال بيزنطة القسطنطينية منهم وقتًا أطول، على يد محمد الفاتح العثماني التركي الذي ترَّكَ هو وخلفاؤه اللسان اليوناني البيزنطي وجعلوا اللغة هي التركية بدلًا منها. كان انتشار الإسلام كديانة مناسبة للبدو والهمج القائمين بالغارات في بلدان المشرق ومنهم السلاجقة والترك معناه أن بيزنطة أصبحت مهددة ومحاصرة من هؤلاء. ومنذ زمن معاوية الأموي كانت محاولات احتلال واقتحام بيزنطة، وكانوا أحيانًا يأخذون أجزاء من حدودها أو جزرًا تابعة لها كصقلية ورودس. مع ذلك وردت أحاديث احتياطية لأنهم خافوا من الفشل آنذاك قالت أنها سيفتحها المهدي المنتظر وأن المسلمين في آخر الزمان سيحاربون الروم! ولما وجدوا اليوم أنها نبوءة فاسدة لأن محمد الفاتح هو من اقتحمها وأسلمها، وأن قومها اليوم مسلمون، حاولوا التبرير بالعقلية الإرهابية أنها وإن كان أهلها مسلمين لكنها تحكم بالعلمانية اليوم لذلك سيفتحها المهدي من جديد! يعني يبررون محاربة المسلم المعتدل العلماني وقتله في القتال! وكذلك الحديث الصحيح ذكر رفع الرجل الرومي للصليب! يعني الحديث يتكلم عن روم شرقيين مسيحيين، الروم الشرقيون البيزنطيون الأرثوذكس قديمًا صاروا منذ زمن طويل أتراكًا مسلمين كما ترى وعثمانيوهم ومواطنوهم المتتركين بالتركية كلغة وهوية حكموا لفترة العالم العربي والإسلامي كله تقريبًا عدا الهند وفارس وأماكن أخرى، وكان منهم المعقول في حكمه كالسلطان سليم الأول ومن بعدهم ازدادوا فسادًا حتى انهار حكمهم وقامت جماعة تركيا الفتاة والاتحاد والترقي وخلعوا السلطان الأخير عبد الحميد الثاني. سنة التاريخ أن الامبراطورية التي لا تنهار لا تقوم من جديد، كما حدث مع مصر وبابل وآشور وميديا وعيلام وفارس واليونان والروم الغربيين (إيطاليا) والشرقيين (بيزنطة تركيا حاليًّا)، لذلك لا نتوقع حدوث نهضة للعرب والمسلمين تجعلهم يبنون امبراطورية إرهابية جديدة، لاختلاف ظروف التاريخ واعتماد حروب اليوم على العلوم الحديثة واتفاقهم على ألا يتفقوا ولو لتحقيق كرامتهم وحقوقهم ناهيك عن العدوان على آخرين! ومن المستحيل عليهم اليوم إستراتيجيًّا اقتحام دولة كفرانس أو إيتالي خاصة إيتالي (إيطاليا) لأجل الحدود البحرية الحامية لها، فلا اتصال أرضي لها مع بلدان العرب، وأمركا كذلك أكثر منعة وقوة هي وبريطانيا ويُعتقَد أن أستراليا ونيوزيلاند الأكثر أمانًا لعزلهما بالمحيط وغيرهن.

 

لقد حلم المسلمون بسبب انتشار الإسلام السريع في الشرق آنذاك أن فاتحي روما (إيطاليا) سيكونون هم أنفسهم من الروم أو الغربيين، لكن الواقع الحالي لارتفاع ثقافة العلمانية والعلوم الحديثة والوعي بنصوص وتاريخ الإسلام كديانة إرهابية ذات تشريعات معيبة ينفي احتمال حدوث انتشار كبير حقيقي في الغرب أو حكم الغرب به، فثقافتنا العلمانية الإلحادية كفيلة بسحق الأسلمة هناك لأنها تكون قوية جدًّا مع نور العلم والثقافة وجودة الحياة، وهو الحاصل المتوفر في الغرب، وتكون بلا قوة في دول الجهل والتخلف وعدم التعلم والتثقف والقراءة، وروى مسلم:

 

[ 2920 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني بن محمد عن ثور وهو بن زيد الديلي عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر قالوا نعم يا رسول الله قال لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بنى إسحاق فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها قال ثور لا أعلمه إلا قال الذي في البحر ثم يقولوا الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر ثم يقولوا الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ فقال إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون

 

الحديث طبعًا مستوحى من الخرافة اليهودية في سفر يشوع 6 من التاناخ (الكتاب المقدس العبراني) عن احتلال اليهود لأريحا الفلسطينية.

 

وروى أحمد حديثًا آخر للتحريض على احتلال دولة الهند، لكن على حد علمي معظم ما نجح الهرب فيه هو احتلال باكستان السند التي كانت تابعة لها وليس الهند، أما الهند فحكمها لقرون الأفغان المسلمون ثم المغول المسلمون:

 

22396 - حدثنا أبو النضر، حدثنا بقية، حدثنا عبد الله بن سالم، وأبو بكر بن الوليد الزبيدي، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن لقمان بن عامر الوصابي، عن عبد الأعلى بن عدي البهراني، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عصابتان من أمتي أحرزهم الله من النار: عصابة تغزو الهند، وعصابة تكون مع عيسى ابن مريم "

 

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف من أجل بقية -وهو ابن الوليد- لكنه قد توبع، وباقي رجاله موثقون غير أبي بكر بن الوليد الزبيدي، فهو مجهول الحال، لكن تابعه عبد الله بن سالم -وهو الأشعري الحمصي، وهو ثقة- . أبو النضر: هو هاشم بن القاسم الليثي مولاهم . وأخرجه النسائي 6/42-43 من طريق أسد بن موسى، عن بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن الوليد وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (1851) من طريق حيوة بن شريح، عن بقية، عن عبد الله بن سالم وحده، به . وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/72، والطبراني في "الأوسط" (6737) ، وفي الشاميين (1851) ، وابن عدي في "الكامل" 2/583، وابن عساكر 15/197 من طريق الجراح بن مليح البهراني، عن محمد بن الوليد الزبيدي، به .

 

التحريض على العنف في شكل معجزات أسطورية تُحكى:

 

قال ابن اسحاق: وحُدثت عن سلمان الفارسي، أنه قال: ضربت في ناحية من الخندق، فغلظت عليّ صخرة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قريب مني، فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان علىَّ، نزل فأخذ المِعْوَل من يدي، فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة، قال: ثم ضرب به ضربة أخرى، فلمعت تحته برقة أخرى. قال: ثم ضرب به الثالثةَ، فلمعت تحتَه برقة أخرى. قال: قلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما هذا الذي رأيت لمع تحت المِعْوَل وأنت تضرب؟ قال: أوَقَدْ رأيتَ ذلك يا سلمانُ؟ قال: قلت نعم، قال: أما الأولى فإن الله فتح علي بها اليمن، وأما الثانية فإن الله فتح علىَّ بها الشام والمغرب، وأما الثالثة فإن الله فتح علي بها المشرق. " قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن أبي هريرة أنه كان يقول - حين فُتحت هذه الأمصار في زمان عمر وزمان عثمان وما بعده -:افتتحوا ما بدا لكم، فوالذى نفس أبي هريرة بيده، ما افتتحتم من مدينة ولا تفتتحونها إلى يوم القيامة إلاوقد أعطى الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وسلم مفاتيحَها قبلَ ذلك.

 

وروى الواقدي كذلك:

 

وَحَدّثَنِى أُبَىّ بْنُ عَبّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ، قَالَ: كُنّا مَعَ رَسُولِ اللّهِ ÷ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَأَخَذَ الْكَرْزَنَ وَضَرَبَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ ÷ حَجَرًا فَصَلّ الْحَجَرَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مِمّ تَضْحَكُ؟ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “أَضْحَكُ مِنْ قَوْمٍ يُؤْتَى بِهِمْ مِنْ الْمَشْرِقِ فِى الْكُبُولِ يُسَاقُونَ إلَى الْجَنّةِ وَهُمْ كَارِهُونَ”.

فَحَدّثَنِى عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ الْحُكْمِىّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ، رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ، يَضْرِبُ يَوْمَئِذٍ بِالْمِعْوَلِ فَصَادَفَ حَجَرًا صَلْدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْهُ الْمِعْوَلَ وَهُوَ عِنْدَ جَبَلِ بَنِى عُبَيْدٍ، فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَذَهَبَتْ أَوّلُهَا بَرْقَةً إلَى الْيَمَنِ، ثُمّ ضَرَبَ أُخْرَى فَذَهَبَتْ بَرْقَةً إلَى الشّامِ، ثُمّ ضَرَبَ أُخْرَى فَذَهَبَتْ بَرْقَةً نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَكُسِرَ الْحَجَرُ عِنْدَ الثّالِثَةِ. فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ يَقُولُ وَاَلّذِى بَعَثَهُ بِالْحَقّ لَصَارَ كَأَنّهُ سَهْلَةٌ وَكَانَ كُلّمَا ضَرَبَ ضَرْبَةً يَتْبَعُهُ سَلْمَانُ بِبَصَرِهِ فَيُبْصِرُ عِنْدَ كُلّ ضَرْبَةٍ بَرْقَةً فَقَالَ سَلْمَانُ: يَا رَسُولَ اللّهِ رَأَيْت الْمِعْوَلَ كُلّمَا ضَرَبْت بِهِ أَضَاءَ مَا تَحْتَهُ. فَقَالَ: “أَلَيْسَ قَدْ رَأَيْت ذَلِكَ”؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ النّبِىّ ÷: “إنّى رَأَيْت فِى الأُولَى قُصُورَ الشّامِ، ثُمّ رَأَيْت فِى الثّانِيَةِ قُصُورَ الْيَمَنِ، وَرَأَيْت فِى الثّالِثَةِ قَصْرَ كِسْرَى الأَبْيَضَ بِالْمَدَائِنِ”، وَجَعَلَ يَصِفُهُ لِسَلْمَانَ فَقَالَ: صَدَقْت وَاَلّذِى بَعَثَك بِالْحَقّ إنّ هَذِهِ لَصِفَتُهُ، وَأَشْهَدُ أَنّك لَرَسُولُ اللّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “هَذِهِ فُتُوحٌ يَفْتَحُهَا اللّهُ عَلَيْكُمْ بَعْدِى يَا سَلْمَانُ لَتُفْتَحَن الشّامُ، وَيَهْرُبُ هِرَقْلُ إلَى أَقْصَى مَمْلَكَتِهِ، وَتَظْهَرُونَ عَلَى الشّامِ فَلا يُنَازِعُكُمْ أَحَدٌ، وَلَتُفْتَحَن الْيَمَنُ، وَلَيُفْتَحَن هَذَا الْمَشْرِقُ وَيُقْتَلُ كِسْرَى بَعْدَهُ”. قَالَ سَلْمَانُ: فَكُلّ هَذَا قَدْ رَأَيْت.

 

وكما نرى هذه نبوآت مكتوبة بعد انتهاء الأحداث وحكم العرب لتلك الأقاليم، فكتب الحديث والسيرة مكتوبة في العصر العباسيّ متأخرًا كما نعلم.

 

نصيحة حكيم خبير بعدم التعرض لإثيوبيا

 

روى أحمد:

 

23155 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " اتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَخْرِجُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ إِلَّا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ ".

 

يحتمل أنهم حاولوا دخول واحتلال إثيوبيا أو احتكوا بها فوصل لبعضهم هذه الخبرة، هذه النبوءة مناقضة للنبوآت الخرافية الأخرى عن انتشار الإسلام في كل العالم، الحكيم القائل هذا قاله لعلمه بصعوبة تضاريس إثيوبيا وكثرة من انهزموا على يد مواطنيها محاولين احتلالها، وفي العصر الحديث هزم الإثيوبيون احتلالًا إيطاليًّا على نحو رهيب، وقبلها حاول الملك فاروق أو الخديوي إسماعيل أو غيره فيما أذكر حكمها ودخولها فمني بهزيمة ساحقة.

 

تلفيق الأحاديث عن محمد

 

نموذج للكيفية التي كانوا يكذبون ويلفقون بها الأحاديث، نبوءة بأثر رجعي بعد انتهاء الحَدَث

 

روى أحمد:

 

23348 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: بَعَثَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجَرَعَةِ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: فَخَرَجُوا إِلَيْهِ فَرَدُّوهُ، قَالَ: فَكُنْتُ قَاعِدًا مَعَ أَبِي مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنْ يَرْجِعَ لَمْ يُهْرِقْ فِيهِ دَمًا، قَالَ: فَقَالَ حُذَيْفَةُ: " وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْتُ لَتَرْجِعَنَّ عَلَى عُقْبَيْهَا لَمْ يُهْرِقْ فِيهَا مَحْجَمَةَ دَمٍ، وَمَا عَلِمْتُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا شَيْئًا عَلِمْتُهُ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصْبِحُ مُؤْمِنًا، ثُمَّ يُمْسِي مَا مَعَهُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ مَا مَعَهُ مِنْهُ شَيْءٌ، يُقَاتِلُ فِئَتَهُ الْيَوْمَ، وَيَقْتُلُهُ اللهُ غَدًا، يَنْكُسُ قَلْبُهُ تَعْلُوهُ اسْتُهُ "، قَالَ: فَقُلْتُ: أَسْفَلُهُ ؟ قَالَ: " اسْتُهُ ".

 

إسناده محتمل للتحسين، أبو ثور -وهو الأزدي الحداني الكوفي- روى عنه اثنان، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال أبو داود: كوفي جليل، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين . عمرو بن مرة: هو ابن عبد الله الجملي المرادي، وأبو البختري: هو سعيد بن فيروز .

وأخرجه الطيالسي (432) ، وأخرجه الحاكم 4/546 من طريق عفان بن مسلم ومسلم ابن إبراهيم، ثلاثتهم (الطيالسي وعفان ومسلم) عن شعبة، بهذا الإسناد .

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (703) و (704) ، والحاكم 4/437-438

من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، به . وزاد في روايتي الطبراني: فقال أبو مسعود: هكذا حدثنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الفتنة، ووقع في رواية الحاكم قلب في المتن!

وأخرجه الطبراني 17/ (705) من طريق هارون بن سعد، عن عمرو بن مرة، عن أبي ثور، فذكره دون قوله: "إنَّ الرجل ليصبح مؤمناً .. إلخ" وقال عقبه: ولم يذكر هارون بن سعد في الإسناد: أبا البختري .

وسيأتي بنحوه من طريق محمد بن سيرين، عن جندب بن عبد الله البجلي، عن حذيفة برقم (23388) .

قال السندي: قوله: "بعث عثمان يوم الجرعة" بفتح جيم وراء، أو سكونها: موضع بالكوفة، كان به فتنة زمن عثمان رضي الله عنه، نزل فيه أهل الكوفة لقتال سعيد بن العاص لما بعثه عثمان أميراً عليها .

"فخرجوا" أي: أهل الكوفة. "فلترجعن" أي: الفتنة. "ما معه منه": أي: من الإيمان. "ينكس" ضبط بتشديد الكاف، أي: يجعله مقلوباً معكوساً .

 

وروى مسلم:

 

[ 2893 ] وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن حاتم قالا حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا بن عون عن محمد قال قال جندب جئت يوم الجرعة فإذا رجل جالس فقلت ليهراقن اليوم ههنا دماء فقال ذاك الرجل كلا والله قلت بلى والله قال كلا والله قلت بلى والله قال كلا والله إنه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنيه قلت بئس الجليس لي أنت منذ اليوم تسمعني أخالفك وقد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تنهاني ثم قلت ما هذا الغضب فأقبلت عليه وأسأله فإذا الرجل حذيفة

 

رواه أحمد 233388

 

هناك فرق واضح بين الروايتين للقصة، فالأولى يُفهَم منها أنه إنما ادعى ذلك بعد انتهاء الحدث.

 

ذكر الحمامات العمومية القديمة في الأحاديث

 

روى أحمد:

 

8275 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنِي أَبُو خَيْرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، قَالَ أَبُو خَيْرَةَ - لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ -: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ ذُكُورِ أُمَّتِي، فَلَا يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ ، وَمَنْ كَانَتْ تُؤْمِنُ بِاللهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ إِنَاثِ أُمَّتِي، فَلَا تَدْخُلِ الْحَمَّامَ"

 

قال أحمد شاكر برقم 8258 من نسخته: (8258) إسناده حسن، وأبو خيرة هو المحب بن حذلم المصري الصالح كما حققه ابن حجر في التعجيل، رواه بنحوه الترمذي، والحاكم عن جابر والبخاري في التريخ الكبير.

 

قال فريق شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره، أبو خيرة -وهو مُحَب بن حَذلم المصري- ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/444، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلا، وقال الحافظ في "تعجيل المنفعة" ص 394: قال الحسيني: لا يعرف، وتبعه من بعده. وقال الذهبي في "الميزان" 4/521: لا يُعرف. ثم قال الحافظ: قد جزم باسمه وكنيته ونسبه أبو سعيد بن يونس في "تاريخ مصر"، قال: محب بن حذلم مولى ثابت بن زيد... يكنى أبا خيرة، روى عن موسى بن وردان، روى عنه سعيد بن أبي أيوب وصمام بن إسماعيل والليث بن عاصم وكان فاضلًا. ثم قال: وليس له غير حديث واحد، ثم ساق من طريق ابن وهب، عن سعيد، عنه، عن موسى، لا أعلمه إلا عن أبي هريرة (يعني حديشا هذا) . ثم قال: وأورد له ابن يونس عنه أثراً يدل على شهرته في المصريين، وذكره. وموسى بن وردان -وهو القرشي العامري، أبو عمر القاص-، روى له أصحاب السنن وهو حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المقرىء، وسعيد: هو ابن أبي أيوب.

وفي الباب عن عمر بن الخطاب، سلف برقم (125) . وعن جابر، سيأتي 3/339. وعن عائشة، سيأتي 6/139. وعن عبد الله بن عمرو عند أبي داود (4011) ، وابن ماجه (3748). وعن أبي أيوب عند الحاكم 4/289، والبيهقي في "السنن" 7/309، وفي "الشعب" (7769).

وعن أبي سعيد الخدري عند البزار (318- كشف الأستار) . وعن ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (11462). قلنا: ولا يخلو إسناد من هذه الشواهد من مقال، لكن بمجموعها يتقوى الحديث.

 

نلاحظ هنا استعمالهم لحجة تقوية الحديث بوروده بعدة أسانيد كلها ضعيفة، ولو أن الحديث لا يعجبهم لا يقومون بذلك! مسألة مزاج وأهواء.

 

وروى أبو داوود:

 

4011 - حدثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أعم عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزر وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء "

[ قال أبو داود انفرد أهل مصر بإسناده ] .

 

قال الألباني: ضعيف

 

في أي مناسبة كان محمد سيقول شيئًا كهذا وهو الذي عاش وقومه في الصحراء ولم يكن عندهم حمامات وكل ما في الأحاديث هو دعاء دخول الخلاء! وذكرنا بباب (العنصرية ضد المرأة) و(هل هو خير البشر) قصة سماحه لنسائه بالخروج لقضاء الحاجة، وروى البخاري:

 

4795 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ قَالَتْ فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ

 

والقرآن نفسه كما أثبتنا في كثير من الحالات بالأبواب كلها ابن عصره وظروفه وتطور بالتجربة والاقتراحات في تشريعاته ولاهوته كما عرضنا في باب النسخ، ونفس الأمر ينطبق على الأحاديث، لذلك فحديث ذكر الحمامات هذا ملفَّق.

 

النبوآت المزعومة

 

النبوآت المزعومة كُتِبت بعد انتهاء الأحداث بقرون طوال، وإن كان قالها حقًّا وادعاها بعض أصحاب محمد من أتباعه في الجيل الأول فهم قالوها تلفيقًا أثناء معاصرة أحداث لأهداف معينة، كالتشجيع على الفتوحات والاحتلال الإرهابي العدواني، وإضفاء شرعية دينية لم يكن لها لزوم لقتال الخوراج الأكثر تطرفًا منهم، ولدعم فريق من فرق المتقاتلين المسلمين المتنازعين على الحكم كعثمان وعلي أو معاوية...إلخ

 

إضفاء شرعية وتقديس على حكم عثمان الفاسد

 

أحاديث إعطاء حق إلهي للحاكم كانت تسعى إلى مصادرة واستلاب حق الشعوب في اختيار من يحكمها والثورة على المستبدين بالسلطة الدكتاتوريين، وقد مات عثمان قتيلًا بعنف على يد الثوار بسبب إصراره على التمسك بالسلطة رغم رفض الثوار لذلك، واتبع نظرية (قميصٌ قمصنيه الله فلا أخلعه) بدعوى حقه المقدس في الحكم وهي نظرية قميص عثمان كما تُدْعى.

 

وقد تكون هذه الأحاديث قيلت كذلك ليس لإضفاء قداسة وهمية على عثمان كأحد أصحاب محمد وأوائل الخلفاء فحسب، بل ولإضفاء غطاء شرعي وهمي لجيش طلحة والزبير ثم من بعده جيش معاوية، فكلهم رفعوا شعارًا لتوحيدهم هو الانتقام والثأر بزعمهم لمقتل عثمان، في حين ضم جيش علي كأمرٍ واقع ناسًا كانوا أعداءً لعثمان وساهموا في التحريض ضده حتى مقتله كعمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر والأخير يقال أنه كان ممن قتلوه بأيديهم وليس حرض فقط في بعض روايات الطبري. روى أحمد:

 

18067 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: كُنَّا مُعَسْكِرِينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ، فَقَامَ كَعْبُ بْنُ مُرَّةَ الْبَهْزِيُّ فَقَالَ: لَوْلَا شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُمْتُ هَذَا الْمَقَامَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذِكْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَجْلَسَ النَّاسَ، فَقَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ مَرَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مُرَجِّلًا قَالَ: ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَتَخْرُجَنَّ فِتْنَةٌ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ، أَوْ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْ، هَذَا يَوْمَئِذٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى الْهُدَى " قَالَ: فَقَامَ ابْنُ حَوَالَةَ الْأَزْدِيُّ مِنْ عِنْدِ الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَصَاحِبُ هَذَا ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَاللهِ إِنِّي لَحَاضِرٌ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي فِي الْجَيْشِ مُصَدِّقًا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات. معاوية: هو ابن صالح بن حُدير الحضرمي، وسُلَيم بن عامر: هو الكلاعي، ويقال: الخبائري.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1381) ، وفي "السنة" (1295) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (753) ، وفي "مسند الشاميين" (1973) من طريق عبد الله بن صالح، والطبراني 20/ (753) ، وفي "الشاميين" (1973) من طريق أسد بن موسى، كلاهما عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.

وانظر (18060). وابن حوالة: هو عبد الله بن حوالة، صحابي نزل الشام، ومات بها. وقد سلفت روايته للحديث برقم (17004) .

 

18060 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، قَامَ خُطَبَاءُ بِإِيلِيَاءَ، فَقَامَ مِنْ آخِرِهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: مُرَّةُ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ: لَوْلَا حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُمْتُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ فِتْنَةً - وَأَحْسَبُهُ قَالَ: فَقَرَّبَهَا، شَكَّ إِسْمَاعِيلُ - فَمَرَّ رَجُلٌ مُتَقَنِّعٌ فَقَالَ: " هَذَا وَأَصْحَابُهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْحَقِّ " فَانْطَلَقْتُ فَأَخَذْتُ بِمَنْكِبِهِ ، وَأَقْبَلْتُ بِوَجْهِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: هَذَا ؟ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ

 

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، أبو قلابة- وهو عبد الله ابن زيد الجرمي- لم يسمع من مرة بن كعب، بينهما أبو الأشعث الصنعاني كما سيأتي في الرواية (18068) بإسناد صحيح. ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابي الحديث لم يخرج له سوى أصحاب السنن. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُليَّة، وأيوب: هو السختياني. وأخرجه الخلال في "السنة" (425) من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/41-42 و14/593-594 عن إسماعيل ابن علية، به.

وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/57 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به.

وأخرجه ابن قانع أيضاً 3/58 من طريق أبي صالح الخولاني، عن مرة بن كعب، به.

وسيأتي بنحوه في مسند البصريين 5/33. وفي الباب عن ابن عمر، سلف برقم (5953) .

وعن عبد الله بن حوالة، سلف برقم (17004). وعن كعب بن عجرة، سيأتي 4/242.

 

17004 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ حَوَالَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ دَوْمَةٍ وَعِنْدَهُ كَاتِبٌ لَهُ يُمْلِي عَلَيْهِ، فَقَالَ: " أَلَا أَكْتُبُكَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ ؟ " قُلْتُ: لَا أَدْرِي، مَا خَارَ اللهُ لِي وَرَسُولُهُ، فَأَعْرَضَ عَنِّي - وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ، مَرَّةً فِي الْأُولَى: " نَكْتُبُكَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ ؟ " قُلْتُ: لَا أَدْرِي، فِيمَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ فَأَعْرَضَ عَنِّي -، فَأَكَبَّ عَلَى كَاتِبِهِ يُمْلِي عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَنَكْتُبُكَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ ؟ " قُلْتُ: لَا أَدْرِي، مَا خَارَ اللهُ لِي وَرَسُولُهُ . فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَأَكَبَّ عَلَى كَاتِبِهِ يُمْلِي عَلَيْهِ، قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِي الْكِتَابِ عُمَرُ، فَقُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ لَا يُكْتَبُ إِلَّا فِي خَيْرٍ، ثُمَّ قَالَ: " أَنَكْتُبُكَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: " يَا ابْنَ حَوَالَةَ كَيْفَ تَفْعَلُ فِي فِتْنَةٍ تَخْرُجُ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ كَأَنَّهَا صَيَاصِي بَقَرٍ ؟ "، قُلْتُ: لَا أَدْرِي، مَا خَارَ اللهُ لِي وَرَسُولُهُ، قَالَ: " وَكَيْفَ تَفْعَلُ فِي أُخْرَى تَخْرُجُ بَعْدَهَا كَأَنَّ الْأُولَى فِيهَا انْتِفَاجَةُ أَرْنَبٍ ؟ " قُلْتُ: لَا أَدْرِي، مَا خَارَ اللهُ لِي وَرَسُولُهُ، قَالَ: " اتَّبِعُوا (1) هَذَا "، قَالَ: وَرَجُلٌ مُقَفّي حِينَئِذٍ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَسَعَيْتُ، وَأَخَذْتُ بِمَنْكِبَيْهِ ، فَأَقْبَلْتُ بِوَجْهِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: هَذَا ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قَالَ: وَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ (2)

 

(1) في (ص) : اتبع.

(2) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن شقيق - وهو العقيلي البصري-، فمن رجال مسلم، وروى له البخاري في "الأدب المفرد"، إسماعيل بن إبراهيم: هو المعروف بابن عُلَيَّة، وسماعُه من الجُرَيري - وهو سعيد بن إياس- قبل الاختلاط. وابنُ حَوَالة هكذا- جاء في هذه الرواية غير مسمّىً، وسماه بعضُ الرواة- كما سيرد في التخريج- عبدَ الله، وهو ما يُشير إليه صنيعُ الإمام أحمد بإيراده في هذه الترجمة، وقد جاء التصريحُ باسمه في الرواية الآتية في مسند البصريين 5/33 عن يزيد بن هارون، عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق، قال: حدثني رجلٌ من عَنَزَة يُقال له: زائدة أو مزيدة بن حَوَالة، فذكر الحديث. قال الحافظ في "الإصابة": وهو الصواب، وذكر الحافظ أن عبد الله بن حوالة صحابي مشهور، وأنه أشهر من زائدة راوي الخبر، ثم قال: فلعل بعض رواته سماه عبد الله ظناً منه أنه ابن حوالة المشهور. ثم ذكر أن عبد الله ليس أخا زائدة، والفرق بينهما أن عبد الله أزدي الأصل، وقيل: عامري، وزائدة عَنَزي، وأن عبد الله سكن الشام وروى عنه أهلها وأهلُ مصر، وأنَّ زائدة بصري، روى عنه من أهل البصرة عبدُ الله ابنُ شقيق. بسط الحافظُ ذلك في ترجمة زائدة بن حَوالة في "التعجيل" و"الإصابة".

وأخرجه الطيالسي (1249) ، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (1294) ، وفي "الآحاد والمثاني" (2296) ، من طريق حماد بن سلمة، عن الجريري، به.

واسم صحابيه عندهما عبد الله بن حوالة. وقرن الطيالسي بحماد بن سلمة حمادَ بن زيد، وجاء عندهما: فنظرتُ فإذا اسمُ أبي بكر وعمر. زاد الطيالسي: "يا ابن حَوالة، كيف أنت إذا نشأتْ فتنةٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ خير من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي".

وسيأتي في مسند البصريين 5/33.

وفي الباب عن ابن عمر، سلف برقم (5953). وعن كعب بن مرة، سيرد (18068) . وانظر حديث كعب بن عجرة الآتي 4/242.

 

20353 - حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا كَهْمَسٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا هَرَمِيُّ بْنُ الْحَارِثِ، وَأُسَامَةُ بْنُ خُرَيْمٍ، وَكَانَا يُغَازِيَانِ، فَحَدَّثَانِي حَدِيثًا، وَلَا يَشْعُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ حَدَّثَنِيهِ، عَنْ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: " كَيْفَ فِي فِتْنَةٍ تَثُورُ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ كَأَنَّهَا صَيَاصِي بَقَرٍ ؟ " قَالُوا: نَصْنَعُ مَاذَا يَا نَبِيَّ اللهِ ؟ قَالَ: " عَلَيْكُمْ هَذَا وَأَصْحَابَهُ " أَوْ " اتَّبِعُوا هَذَا وَأَصْحَابَهُ "، قَالَ: فَأَسْرَعْتُ حَتَّى عَطَفْتُ عَلَى الرَّجُلِ، فَقُلْتُ: هَذَا يَا نَبِيَّ اللهِ، قَالَ: " هَذَا "، فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.

حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين، هرمي- ويقال: هَرِم- ابن الحارث وأسامة بن خُريم تفرد بالرواية عنهما عبد الله بن شقيق، انظر "الجرح والتعديل" 2/283 و9/111، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح غير صحابيه مرّة البهزي: وهو مُرَّة بن كعب، ويقال: كعب بن مرة، فقد خرَج له أصحاب السنن. أبو أسامة: هو حمّاد بن أسامة، وكهمس: هو ابن الحسن.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/40- 41، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "السنة" (1296) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/57، والطبراني في "الكبير" 20/ (752) عن أبي أسامة، بهذا الإسناد. وسقط من مطبوع الطبراني: عبد الله بن شقيق.

تنبيه: هذا الحديث سقط من نسختي (ظ 10) و (ق) .

 

16973 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ نَجَا مِنْ ثَلَاثٍ، فَقَدْ نَجَا - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -: مَوْتِي، وَالدَّجَّالُ، وَقَتْلُ خَلِيفَةٍ مُصْطَبِرٍ بِالْحَقِّ مُعْطِيهِ"

 

حديث حسن، يحيى بن أيوب- وهو الغافقي المصري، وإن قال أبو سعيد بن يونس فيما نقله عنه المزي: ليس هذا الحديث بمصر من حديثه- تابعه الليث بن سعد في الرواية الآتية 5/288، وابن لهيعة، كما سيرد في التخريج. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح غير ربيعة بن لقيط- وهو التجيبي المصري- فمن رجال التعجيل، وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: تابعي ثقة، فهو حسن الحديث. يحيى بن إسحاق: هو السَّيْلَحيني.

وأخرجه ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 3/220 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابنُ قانع في "معجم الصحابة" 2/89 من طريق يحيى بن إسحاق، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وقال ابنُ لهيعة فيه: هو عثمان. ويحيى بنُ إسحاق من قدماء أصحاب ابن لهيعة فيما ذكر الحافظ ابنُ حجر في "تهذيب التهذيب" في ترجمة حفص بن هاشم.

وسيرد مكرراً سنداً ومتناً (17003) و (17006) و5/33.

وسيأتي من طريق الليث بن سعد 5/288.

وفي الباب عن عقبة بن عامر عند الطبراني في "الكبير" 17/ (794) ، أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/334-335، وقال: وفيه إبراهيم بن يزيد المصري، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

 

(22488) 22855- حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ لَقِيطٍ التُّجِيبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ الأَزْدِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ نَجَا مِنْ ثَلاَثٍ فَقَدْ نَجَا ، قَالَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، قَالُوا : مَاذَا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : مَوْتِي ، وَمِنْ قَتْلِ خَلِيفَةٍ مُصْطَبِرٍ بِالْحَقِّ يُعْطِيهِ ، وَالدَّجَّالِ.(5/288).

 

إسناده حسن، ربيعة بن لقيط التجيبي، ذُكِرَ في الصحابة، ولا تثبت صحبته، وقد روى عنه غير واحد، وقال العجلي: تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات" 4/230، وقال: روى عنه أهل مصر، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير صحابيه، فمن رجال أبي داود . حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور، وليث: هو ابن سعد .

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/134-135، وابن أبي عاصم في "السنة" (1177) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/89، والحاكم في "المستدرك" 3/101، والبيهقي في "الدلائل" 6/392 من طرق عن ليث، بهذا الإسناد .

زاد ابن قانع: وقال ليث وابن لهيعة: هو عثمان رضي الله عنه، يعني: هو الخليفة المصطبر بالحق .

قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي .

وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/334 وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح غير ربيعة بن لقيط، وهو ثقة .

وقد سلف برقم (16973) .

 

5953 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِتْنَةً، فَمَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ: " يُقْتَلُ فِيهَا هَذَا الْمُقَنَّعُ يَوْمَئِذٍ مَظْلُومًا "، قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين. سنان بن هارون: هو البُرجمي، ضعفه ابن معين، وأبو داود والنسائي. وقال أبو حاتم: شيخ، وحكى الحاكم في"تاريخ نيسابور"أن الذهلي وثقه، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا باس به، وكليب بن وائل: هو التيمي البكري، وثقه ابن معين. وقال أبو داود: ليس به باس، وذكره ابن حبان في"الثقات"، وقال أبو زرعة: ضعيف. أسود بن عامر: هو الملقب شاذان.

وأخرجه الترمذي (3708) من طريق أسود بن عامر، بهذا الإِسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب من لهذا الوجه، من حديث ابن عمر.

وله شاهد بنحو من حديث كعب بن مرة، ويقال: مرة بن كعب، سيرد 4/236، وإسناده صحيح. ولفظه: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر فتنة فقربها فمر رجل مقنع، فقال: هذا يومئذ وأصحابُه على الحق والهُدى، فقلت: هذا يارسول الله، وأقبلت بوجهه إليه، فقال: هذا، فإذا هو عثمان رضي الله تعالى عنه وصححه الحاكم 3/102، ووافقه الذهبي.

 

وروى مسلم:

 

[ 144 ] وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو خالد يعني سليمان بن حيان عن سعد بن طارق عن ربعي عن حذيفة قال كنا عند عمر فقال أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن فقال قوم نحن سمعناه فقال لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره قالوا أجل قال تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر قال حذيفة فأسكت القوم فقلت أنا قال أنت لله أبوك قال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه قال حذيفة وحدثته أن بينك وبينها بابا مغلقا يوشك أن يكسر قال عمر اكسرا لا أبا لك فلو أنه فتح لعله كان يعاد قلت لا بل يكسر وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثا ليس بالأغاليط قال أبو خالد فقلت لسعد يا أبا مالك ما أسود مربادا قال شدة البياض في سواد قال قلت فما الكوز مجخيا قال منكوسا

 

رواه أحمد23440 و(23280) و(23412) .

وأخرجه أبو عوانة (143) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/270-271 و4/270 من طريق يزيد بن هارون.

وأخرجه مسلم (144) ، والبزار في "مسنده" (2844) ، وأبي عوانة (144) ، والبغوي في " شرح السنة" (4218) من طرق عن أبي مالك سعد بن طارق الأشجعي، به .

وأخرجه مسلم (144) ، وأبو عوانة (145) من طريق نعيم بن أبي هند، عن ربعي بن حِراش، به .

وأخرجه بنحوه مختصراً الحاكم 4/468 من طريق نُبيط بن شَرِيط، وابن أبي شيبة 15/88، وأبو نعيم في "الحلية" 1/272-273 من طريق أبي عمار الهمداني، كلاهما عن حذيفة، به موقوفاً .

وأخرجه البخاري (525) من طريق يحيى بن سعيد.

وأخرجه مسلم ص 2218 من طريق وكيع، به .

وأخرجه الطيالسي (408) ، والحميدي (447) ، وابن أبي شيبة 15/15، والبخاري (1435) و (3586) و (7096) ، ومسلم ص 2218، وابن ماجه (3955) ، والترمذي (2258) ، والبزار في "مسنده" (2874) ، والنسائي في "الكبرى" (327) ، والطبراني في "الأوسط" (4832) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/386 من طرق عن الأعمش، به .

وأخرجه الطيالسي (408) ، والترمذي (2258) ، والبزار في "مسنده" (2892) و (2893) ، والطبراني في "الأوسط" (4832) من طريق عاصم بن بهدلة، والحميدي (447) ، والبخاري (1895) ، ومسلم ص 2218 من طريق جامع بن أبي راشد، والترمذي (2258) من طريق حماد بن أبي سليمان، ثلاثتهم عن أبي وائل شقيق ابن سلمة، به .

وأخرجه البزار (2913) من طريق عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن حذيفة، به .

وأخرجه بنحوه عبد الرزاق (20752) من طريق قتادة وسليمان التيمي، عن حذيفة . قلنا: قتادة وسليمان التيمي لم يدركا حذيفة .

 

[ 1847 ] حدثني محمد بن المثنى حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول سمعت حذيفة بن اليمان يقول كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر قال نعم فقلت هل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر فقلت هل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها فقلت يا رسول الله صفهم لنا قال نعم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم فقلت فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك

 

ورواه البخاري:

 

7096 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ إِذْ قَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ قَالَ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَ لَيْسَ عَنْ هَذَا أَسْأَلُكَ وَلَكِنْ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا قَالَ عُمَرُ أَيُكْسَرُ الْبَابُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ بَلْ يُكْسَرُ قَالَ عُمَرُ إِذًا لَا يُغْلَقَ أَبَدًا قُلْتُ أَجَلْ قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً وَذَلِكَ أَنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنْ الْبَابُ فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنْ الْبَابُ قَالَ عُمَرُ

 

هذا الحديث يعطي تبريرًا وهميًّا للرضا بالواقع الماضي المرير لهؤلاء القدماء واعتيادهم القتال والتنازع على السلطة في أوقات كثيرة والاستبداد والظلم للشعوب، بدعوى أن هذا حتمي تنبأ محمد به وكتبه الله الخرافي على الشعوب فلا فائدة من ثورتها على الأوضاع. وقد يُفهَم من هذا الحديث الأسطوري أن الباب الحاجز عن الفتن كان عمر بن الخطاب، وبموته ابتدأ النزاع الداخلي والاقتتال منذ أواخر عصر عثمان. لكن قرأت في بعض كتب التاريخ من فهموا هذه الأسطورة على أن المقصود بها هو عثمان. وهي أسطورة خرافية في النهاية. كما جاء في تاريخ الطبري:

 

وذكر الْوَاقِدِيّ أن يَحْيَى بن عَبْدِ الْعَزِيزِ حدثه عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مسلمة، قَالَ: خرجت فِي نفر من قومي إِلَى المصريين وَكَانَ رؤساؤهم أربعة: عبد الرَّحْمَن بن عديس البلوي، وسودان بن حمران المرادي، وعمرو بن الحمق الخزاعي- وَقَدْ كَانَ هَذَا الاسم غلب حَتَّى كَانَ يقال: حبيس بن الحمق- وابن النباع قَالَ: فدخلت عَلَيْهِم وهم فِي خباء لَهُمْ أربعتهم، ورأيت الناس لَهُمْ تبعا، قَالَ: فعظمت حق عُثْمَان وما فِي رقابهم من البيعة، وخوفتهم بالفتنة، وأعلمتهم أن فِي قتله اختلافا وأمرا عظيما، فلا تكونوا أول من فتحه، وإنه ينزع عن هَذِهِ الخصال الَّتِي نقمتم منها عَلَيْهِ، وأنا ضامن لذلك قَالَ القوم: فإن لم ينزع؟ قَالَ: قلت: فأمركم إليكم.

قَالَ: فانصرف القوم وهم راضون، فرجعت إِلَى عُثْمَانَ، فقلت: أخلني فأخلاني، فقلت: اللَّه اللَّه يَا عُثْمَانُ فِي نفسك! إن هَؤُلاءِ القوم إنما قدموا يريدون دمك، وأنت ترى خذلان أَصْحَابك لك، لا بل هم يقوون عدوك عَلَيْك قَالَ: فأعطاني الرضا، وجزاني خيرا قَالَ: ثُمَّ خرجت من عنده، فأقمت مَا شاء اللَّه أن أقيم قَالَ: وَقَدْ تكلم عُثْمَان برجوع المصريين، وذكر أَنَّهُمْ جاءوا لأمر، فبلغهم غيره فانصرفوا، فأردت أن آتيه فأعنفه بهما، ثُمَّ سكت فإذا قائل يقول:

قَدْ قدم الْمِصْرِيُّونَ وهم بالسويداء، قَالَ: قلت: أحق مَا تقول؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فأرسل إلي عُثْمَان.

قَالَ: وإذا الخبر قَدْ جاءه، وَقَدْ نزل القوم من ساعتهم ذا خشب، فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، هَؤُلاءِ القوم قَدْ رجعوا، فما الرأي فِيهِمْ؟

قَالَ: قلت: وَاللَّهِ مَا أدري، إلا أني أظن أَنَّهُمْ لم يرجعوا لخير قَالَ: فارجع إِلَيْهِم فارددهم، قَالَ: قلت: لا وَاللَّهِ مَا أنا بفاعل، قَالَ: ولم؟ قَالَ: لأني ضمنت لَهُمْ أمورا تنزع عنها فلم تنزع عن حرف واحد منها قَالَ: فَقَالَ: اللَّه المستعان.

قَالَ: وخرجت وقدم القوم وحلوا بالأسواف، وحصروا عُثْمَان.

 

لكن كما ترى يمكن بالتأكيد تحقيق استقرار وسلام وحتى ازدهار وقد حققته دول إسلامية وعربية فليس الصراع والحروب والظلام أمرًا حتميًّا قدريًّا، بل السلام والرخاء رهن بالديمقراطية والأمانة كما نرى في دول كالإمارات وماليزيا وتركيا، وحققت مصر والسعودية استقرارًا قويًّا منذ زمن رغم أي تحفظات لدينا، لكن هذا لا يُنكَر رغم فقر أغلب شعب مصر.

 

وروى أحمد:

 

22811 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: ارْتَجَّ أُحُدٌ وَعَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اثْبُتْ أُحُدُ مَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "فضائل الصحابة" لأحمد (247) بسنده ومتنه

والحديث في "مصنف" عبد الرزاق (20401) ، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد (449) ، وأبو يعلى (7518) ، وابن حبان (6492) ، والبيهقي في "الدلائل"، والبغوي (3902) . وعند البيهقي والبغوي في إحدى روايتيه: حراء بدل أحد .

وأورده البخاري في "تاريخه الكبير" 4/78 قال: وقال لنا أحمد وعلي: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي حازم، عن سهل: ارتَجَّ أُحدٌ وعليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر وعثمان .

وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (9430) ، وعن أنس بن مالك، سلف (12106) ، وانظر تتمة شواهد الحديث عند حديث أبي هريرة .

 

وروى البخاري:

 

3675 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ

 

نبوءة ملفقة، أما عمر  فلا شك أنه شهيد قيامه بالعدوان على فارس/ إيران وسبي واستعباد الكثير من أطفالها ونسائها، والذي قتله واحد منهم لما كبر فانتقم انتقامًا فرديًّا، وأما عمر فهو شهيد استبداده وتمسكه بالسلطة رغم الثورة ضده فهو شهيد الغباء السياسي وفساد حكمه وضعف إدراته ودولته.

 

والحديث التالي من رواية أحمد فيه نظرية قميص عثمان والتمسك بالحكم كحق إلهي للحاكم المستبد وعدم النزول عنه وتركه رغم اعتراض أغلبية الشعوب والثورات ضده، وهي سنة الحكام العرب والمسلمين في معظمهم، ما أن يتولَوْا الحكم لا يتركونه إلا إلى قبورهم:

 

24566 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْبَلَتْ إِحْدَانَا عَلَى الْأُخْرَى، فَكَانَ مِنْ آخِرِ كَلَامٍ كَلَّمَهُ، أَنْ ضَرَبَ مَنْكِبَهُ، وَقَالَ: " يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ، فَلَا تَخْلَعْهُ حَتَّى تَلْقَانِي، يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللهَ عَسَى أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ، فَلَا تَخْلَعْهُ حَتَّى تَلْقَانِي " ثَلَاثًا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيْنَ كَانَ هَذَا عَنْكِ ؟ قَالَتْ: نَسِيتُهُ، وَاللهِ فَمَا ذَكَرْتُهُ . قَالَ: فَأَخْبَرْتُهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَمْ يَرْضَ بِالَّذِي أَخْبَرْتُهُ حَتَّى كَتَبَ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ اكْتُبِي إِلَيَّ بِهِ، فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ بِهِ كِتَابًا.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير الوليد بن سليمان فقد روى له النسائي وابن ماجه وهو ثقة. ورواه أحمد -كما في هذه الرواية ، وهو عنده في "فضائل الصحابة" (816) -

عن أبي المغيرة -وهو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني- عن الوليد بن سليمان:

وهو ابن أبي السائب، عن ربيعة بن يزيد -وهو أبو شعيب الإيادي- عن عبد الله بن عامر - وهو اليحصبي المقرئ - عن النعمان بن بشير ، عن عائشة .

ومن طريق أبي المغيرة أخرجه الطبراني مختصراً في "مسند الشاميين" (1234) . وتابعه الوليد بن مسلم -كما عند ابن شبة في "تاريخ المدينة" 3 / 1069 ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1179) - فرواه عن الوليد بن سليمان ، به ، وقد صرح الوليد بن مسلم في رواية ابن شبة بالتحديث في جميع طبقات الإسناد ، فانتفت شبهة تدليسه .

ورواه معاوية بن صالح ، واختلف عليه فيه :

فرواه عبد الرحمن بن مهدي -كما سيأتي برقم (25162) ، وهو عند الخلال في "السنة" (418) - عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن أبي قيس ، عن النعمان بن بشير ، به.

ورواه زيد بن الحباب -كما عند ابن أبي شيبة 2 / 48 - 49 ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1172) ، وابن حبان (6915) - عن معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد الدمشقي ، عن عبد الله بن قيس ، عن النعمان بن بشير ، به.

ورواه أسد بن موسى -كما عند ابن شبة في "تاريخ المدينة" 3 / 1067 ، 1068، والطبراني في "الشاميين" (1934) - وليث بن سعد -كما عند الترمذي (3705) - ومحمد بن جعفر غندر -كما عند ابن أبي عاصم في "السنة" (1173) - وعبد الله بن صالح -كما عند الطبراني في "مسند الشاميين" (1934) - أربعتهم عن معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن عامر، عن النعمان بن بشير ، به .

قلنا : وهذه الرواية موافقة لرواية الوليد بن سليمان ، وهي الرواية التي رجحها الدارقطني في "العلل" 5 / ورقة 24 ، فقال : وقول الوليد -يعني ابن سليمان- ومن تابعه أصح.

وقد سلف (24466) .

قال السندي : قوله : أين كان هذا عنكِ ، أي : حين أرادوا خلعه أو قتله كان اللائق أن تذكري لهم هذا حينئذ ، فلِمَ تركتِ ذلك؟

قوله: فلم يرض بالذي أخبرته ، أي : من حيث إخباري به ، أي : ما رضي بالواسطة ، بل أراد أن يكون عنده بلا واسطة.

 

24253 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي سَهْلَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ادْعُوا لِي بَعضَ أَصْحَابِي "، قُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ ؟ قَالَ: " لَا " . قُلْتُ: عُمَرُ ؟ قَالَ: " لَا " . قُلْتُ: ابْنُ عَمِّكَ عَلِيٌّ ؟ قَالَ: " لَا " . قَالَتْ: قُلْتُ: عُثْمَانُ ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، فَلَمَّا جَاءَ، قَالَ: " تَنَحَّيْ " . فَجَعَلَ يُسَارُّهُ، وَلَوْنُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ وَحُصِرَ فِيهَا، قُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا تُقَاتِلُ ؟ قَالَ: " لَا، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا، وَإِنِّي صَابِرٌ نَفْسِي عَلَيْهِ.

 

حديث صحيح. أبو سهلة وهو مولى عثمان بن عفان، ورقة العجلي، والحافظ في "التقريب" وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح حديثه الترمذي والحاكم وابن حبان وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.

 

25797 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: " وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي بَعْضَ أَصْحَابِي، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا نَدْعُو لَكَ أَبَا بَكْرٍ فَسَكَتَ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا نَدْعُو لَكَ عُمَرَ فَسَكَتَ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا نَدْعُو لَكَ عَلِيًّا فَسَكَتَ، قُلْنَا: أَلَا نَدْعُو لَكَ عُثْمَانَ (1) قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَأَرْسَلْنَا (2) إِلَى عُثْمَانَ فَجَاءَ فَخَلَا بِهِ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ، وَوَجْهُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ " (3)

 

(1) في (ق) : قلنا: يا رسول الله، ألا ندعو لك عثمان؟

(2) في (م) : قال: أرسلنا.

(3) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين.

وقد سلف الحديث برقم (24253) بزيادة أبي سهلة بين قيس بن أبي حازم وبين عائشة

وأخرجه الخلال في "السنة" (419) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/58 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (113) ، وابن حبان (6918) من طريق وكيع، به، وزادا في آخره: قال قيس: فحدثني أبو سهلة أن عثمان قال يوم الدار: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهد إليَّ عهداً، وأنا صابرٌ عليه، قال قيس: وكانوا يُرَوْنَه ذلك اليوم.

قلنا: وقد سلفت هذه الزيادة في مسند عثمان برقم (407) .

 

25162 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ رَبِيعَةَ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، حَدَّثَهُ قَالَ: كَتَبَ مَعِي مُعَاوِيَةُ إِلَى عَائِشَةَ قَالَ: فَقَدِمْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهَا كِتَابَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، أَلَا أُحَدِّثُكَ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنِّي كُنْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ يَوْمًا مِنْ ذَاكَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " لَوْ كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ يُحَدِّثُنَا " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا أَبْعَثُ لَكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: " لَوْ كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ يُحَدِّثُنَا " فَقَالَتْ حَفْصَةُ: أَلَا أُرْسِلُ (1) لَكَ إِلَى عُمَرَ ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: " لَا " ثُمَّ دَعَا رَجُلًا فَسَارَّهُ بِشَيْءٍ، فَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ أَقْبَلَ عُثْمَانُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَحَدِيثِهِ، (2) فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَهُ: " يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَعَلَّهُ أَنْ يُقَمِّصَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادُوكَ عَلَى خَلْعِهِ فَلَا تَخْلَعْهُ " ثَلَاثَ مِرَارٍ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيْنَ كُنْتِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، وَاللهِ لَقَدْ أُنْسِيتُهُ حَتَّى مَا ظَنَنْتُ أَنِّي سَمِعْتُهُ (3)

 

(1) في (ظ8) و (ظ7) : ألا أبعث.

(2) في (ظ7) و (ق) : وحدثه.

(3) حديث حسن، وقد سلف الكلام عليه في الرواية (24566) ، فأنظره لزاماً.

 

407 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، قَالَ : قَالَ قَيْسٌ : فَحَدَّثَنِي أَبُو سَهْلَةَ: أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ يَوْمَ الدَّارِ حِينَ حُصِرَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ ، فَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ.

قَالَ قَيْسٌ : فَكَانُوا يَرَوْنَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ.

 

إسناده حسن ، أبو سهلة : هو مولى عثمان بن عفان ، وثقه العجلي ، وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وصحح حديثه هذا الترمذي وابن حبان والحاكم ، ووافق الأخيرَ الذهبيُّ ، وباقي رجاله صفات رجال الشيخين .

قيس : هو ابن أبي حازم ، تابعي مخضرم ، سمع من أبي بكر وغيره من الصحابة .

وأخرجه ابن ماجه (113) ، والترمذي (3711) ، وابن حبان (6918) من طريق وكيع ، بهذا الإسناد . وقرن الترمذي بوكيع يحيى بنَ سعيد القطان ، وقال : حديث حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن أبي خالد .

وأخرجه ابن أبي شيبة 12 / 44 ، وابن سعد 3 / 66 - 67 ، والبزار (402) ، والحاكم 3 / 99 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد ، به . وسيتكرر برقم (501) .

 

عائشة لفقت هذا الكلام لدعم جيش معاوية ضد علي معنويًّا وإعطائه شرعية دينية، لكنها هي نفسها لم تدعم عثمان بأي كلام أو حشد الناس له لحمايته كزوجة أرملة لمحمد لها مكانتها، بل فرت وهربت خوفًا من أن يؤول الحكم إلى الثوار كما جاء في تاريخ الطبري من المجلد الرابع منه؛ فهي كانت آخر من يمكنه أن يتحدث عن صحة موقف عثمان وضرورة الثأر له:

 

...وأشرف عُثْمَان عَلَى آل حزم وهم جيرانه، فسرح ابنا لعمرو إِلَى علي بأنهم قَدْ منعونا الماء، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا شَيْئًا من الماء فافعلوا وإلى طَلْحَةَ وإلى الزُّبَيْر، وإلى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وأزواج النَّبِيّ ص، فكان أولهم إنجادا لَهُ علي وأم حبيبة، جاء علي في الغلس، [فقال: يا ايها الناس، إن الَّذِي تصنعون لا يشبه أمر الْمُؤْمِنِينَ وَلا أمر الكافرين، لا تقطعوا عن هَذَا الرجل المادة، فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقي، وما تعرض لكم هَذَا الرجل، فبم تستحلون حصره وقتله!] قَالُوا: لا وَاللَّهِ وَلا نعمة عين، لا نتركه يأكل وَلا يشرب، فرمى بعمامته فِي الدار بأني قَدْ نهضت فِيمَا أنهضتني، فرجع وجاءت أم حبيبة عَلَى بغلة لها برحالة مشتملة عَلَى إداوة، فقيل: أم الْمُؤْمِنِينَ أم حبيبة، فضربوا وجه بغلتها، فَقَالَتْ: إن وصايا بني أُمَيَّة إِلَى هَذَا الرجل، فأحببت أن ألقاه فأسأله عن ذَلِكَ كيلا تهلك أموال أيتام وأرامل قَالُوا: كاذبة، وأهووا لها وقطعوا حبل البغلة بالسيف، فندت بأم حبيبة، فتلقاها الناس، وَقَدْ مالت رحالتها، فتعلقوا بِهَا وأخذوها وَقَدْ كادت تقتل، فذهبوا بِهَا إِلَى بيتها وتجهزت عَائِشَةُ خارجة إِلَى الحج هاربة، واستتبعت أخاها، فأبى، فَقَالَتْ: أما وَاللَّهِ لَئِنِ استطعت أن يحرمهم اللَّه مَا يحاولون لأفعلن.

وجاء حنظلة الكاتب حَتَّى قام عَلَى مُحَمَّد بن أبي بكر، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، تستتبعك أم الْمُؤْمِنِينَ فلا تتبعها، وتدعوك ذؤبان العرب إِلَى مَا لا يحل فتتبعهم! فقال: ما أنت وذاك يا بن التميمية! فقال: يا بن الخثعمية، إن هَذَا الأمر إن صار إِلَى التغالب غلبتك عَلَيْهِ بنو عبد مناف، وانصرف وَهُوَ يقول:

عجبت لما يخوض الناس فِيهِ ... يرومون الخلافة أن تزولا

ولو زالت لزال الخير عَنْهُمْ ... ولاقوا بعدها ذلا ذليلا

وكانوا كاليهود أو النصارى ... سواء كلهم ضلوا السبيلا

ولحق بالكوفة وخرجت عَائِشَةُ وَهِيَ ممتلئة غيظا عَلَى أهل مصر، وجاءها مَرْوَان بن الحكم فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، لو أقمت كَانَ أجدر أن يراقبوا هَذَا الرجل، فَقَالَتْ: أتريد أن يصنع بي كما صنع بأم حبيبة، ثُمَّ لا أجد من يمنعني! لا وَاللَّهِ وَلا أعير وَلا أدري إلام يسلم أمر هَؤُلاءِ!

 

ورغم أنه لا أحد يتحمل جناية آخر، أو كما تقول الحكمة المحمدية القرآنية {لا تزر وازرة وزر أخرى}، فلنا أن نقول ونذكر بمرويات التاريخ الموثوقة عن مشاركة محمد بن أبي بكر أخي عائشة في قتل عثمان، فقالت رواية أنه شارك بقتله بيده، وأخرى أنه انسحب في آخر لحظة بعدما أعان الثوار عليه ندمًا لكلمة لامه بها عثمان، فأين كانت عائشة لتنصح أخاها بهذه النصيحة والنبوءة العجيبة المزعومة التي بعصا سحرية تجعل الحاكم المستبد شرعيًّا له حق لمجرد خرافة مزعومة؟!

 

... فحصبوا الناس حَتَّى أخرجوهم من المسجد، وحصبوا عُثْمَان حَتَّى صرع عن الْمِنْبَر مغشيا عَلَيْهِ، فاحتمل فأدخل داره، وَكَانَ الْمِصْرِيُّونَ لا يطمعون فِي أحد من أهل الْمَدِينَة أن يساعدهم إلا فِي ثلاثة نفر، فإنهم كَانُوا يراسلونهم: مُحَمَّد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حُذَيْفَة، وعمار بن ياسر، وشمر أناس مِنَ النَّاسِ فاستقتلوا، مِنْهُمْ سعد بن مَالِكٍ، وأبو هُرَيْرَة، وزَيْد بن ثَابِت، والحسن بن علي، فبعث إِلَيْهِم عُثْمَان بعزمه لما انصرفوا فانصرفوا، وأقبل علي ع حَتَّى دخل عَلَى عُثْمَانَ، وأقبل طَلْحَة حَتَّى دخل عَلَيْهِ، وأقبل الزُّبَيْر حَتَّى دخل عَلَيْهِ، يعودونه من صرعته، ويشكون بثهم، ثُمَّ رجعوا إِلَى منازلهم.

 

... قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عمر: وحدثنى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بِمِصْرَ يُحَرِّضَانِ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَأَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بِمِصْرَ، فَلَمَّا خَرَجَ الْمِصْرِيُّونَ خَرَجَ عبد الرحمن بن عديس البلوى في خمسمائة، وَأَظْهَرُوا أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْعُمْرَةَ، وَخَرَجُوا فِي رَجَبَ، وَبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ رَسُولا سَارَ إِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً يُخْبِرُ عُثْمَانَ أَنَّ ابْنَ عُدَيْسٍ وَأَصْحَابَهُ قَدْ وَجَّهُوا نَحْوَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ شَيَّعَهُمْ إِلَى عَجْرُودٍ، ثُمَّ رَجَعَ وَأَظْهَرَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَالَ: خَرَجَ الْقَوْمُ عَمَّارًا، وَقَالَ فِي السِّرِّ: خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى إِمَامِهِمْ فَإِنْ نَزَعَ وَإِلا قَتَلُوهُ....

 

...وَكَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عَمْرو بن مُحَمَّدٍ، قَالَ: بعثت لَيْلَى ابنة عميس إِلَى مُحَمَّد بن أبي بكر ومحمد بن جَعْفَر، فَقَالَتْ:

إن المصباح يأكل نفسه، ويضيء لِلنَّاسِ، فلا تأثما فِي أمر تسوقانه إِلَى من لا يأثم فيكما، فإن هَذَا الأمر الَّذِي تحاولون الْيَوْم لغيركم غدا، فاتقوا أن يكون عملكم الْيَوْم حسرة عَلَيْكُمْ، فلجا وخرجا مغضبين يقولان: لا ننسى مَا صنع بنا عُثْمَان، وتقول: مَا صنع بكما! أَلا الزمكما الله! فلقيهما سعيد ابن الْعَاصِ، وَقَدْ كَانَ بين مُحَمَّد بن أبي بكر وبينه شَيْء، فأنكره حين لقيه خارجا من عِنْدَ لَيْلَى، فتمثل لَهُ فِي تِلَكَ الحال بيتا:

استبق ودك للصديق وَلا تكن ... فيئا يعض بخاذل ملجاجا

فأجابه سَعِيد متمثلا:

ترون إذا ضربا صميما من الَّذِي ... لَهُ جانب ناء عن الجرم معور

 

.... حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيمَ، عن ابن عون، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَن، قَالَ: أنبأني وثاب- قَالَ: وَكَانَ فيمن أدركه عتق أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ورأيت بحلقه أثر طعنتين، كأنهما كتبان طعنهما يَوْمَئِذٍ يوم الدار- قَالَ: بعثني عُثْمَان، فدعوت لَهُ الأَشْتَر، فَجَاءَ- قَالَ ابن عون: فأظنه قَالَ: فطرحت لأمير الْمُؤْمِنِينَ وسادة وله وسادة- فَقَالَ: يَا أشتر، مَا يريد الناس مني؟ قَالَ: ثلاثا ليس من إحداهن بد، قَالَ: مَا هن؟ قَالَ: يخيرونك بين أن تخلع لَهُمْ أمرهم فتقول: هَذَا أمركم فاختاروا لَهُ من شئتم، وبين أن تقص من نفسك، فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك فَقَالَ: أما من إحداهن بد! قَالَ: مَا من إحداهن بد، فَقَالَ: أما أن أخلع لَهُمْ أمرهم فما كنت لأخلع سربالا سربلنيه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: وَقَالَ غيره: وَاللَّهِ لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من ان أخلع قميصا قمصنيه اللَّه وأترك أمة مُحَمَّد ص يعد وبعضها عَلَى بعض قَالَ ابن عون: وهذا أشبه بكلامه- واما ان أقص من نفسي، فو الله لقد علمت أن صاحبي بين يدي قَدْ كانا يعاقبان وما يقوم بدني بالقصاص، وإما ان تقتلوني، فو الله لَئِنْ قتلتموني لا تتحابون بعدي أبدا، وَلا تصلون جميعا بعدي أبدا، وَلا تقاتلون بعدي عدوا جميعا أبدا قَالَ: فقام الأَشْتَر فانطلق، فمكثنا أياما قَالَ: ثُمَّ جَاءَ رويجل كأنه ذئب، فاطلع من باب، ثُمَّ رجع وجاء مُحَمَّد بن أبي بكر وثلاثة عشر حَتَّى انتهى إِلَى عُثْمَانَ، فأخذ بلحيته، فَقَالَ بِهَا حَتَّى سمعت وقع أضراسه، وَقَالَ: مَا أغنى عنك مُعَاوِيَة، مَا أغنى عنك ابن عَامِر، مَا أغنت عنك كتبك! قَالَ: أرسل لحيتي يا بن أخي، أرسل لحيتي قَالَ: وأنا رأيته استعدى رجلا من القوم بعينه، فقام إِلَيْهِ بمشقص حَتَّى وجأ بِهِ فِي رأسه قلت: ثُمَّ مه، قَالَ: تغاووا عَلَيْهِ حَتَّى قتلوه.

 

..... كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنِ الْمُجَالِدِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَقْتُولٌ، وَإِنَّهُ إِنْ قُتِلَ وَأَنْتَ بِالْمَدِينَةِ اتَّخَذُوا فِيكَ، فَاخْرُجْ فَكُنْ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ وَكُنْتَ فِي غَارٍ بِالْيَمَنِ طَلَبَكَ النَّاسُ، فَأَبَى وَحُصِرَ عثمان اثنين وَعِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ أَحْرَقُوا الْبَابَ، وَفِي الدَّارِ أُنَاسٌ كَثِيرٌ، فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانُ، فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله ص عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا، فَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَحْرِقُوا بَابَ الدَّارِ إِلا وَهُمْ يَطْلُبُونَ مَا هُوَ أَعْظَمَ مِنْهُ، فَأُحَرِّجُ عَلَى رجل يستقتل وَيُقَاتِلُ، وَخَرَجَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَدَعَا بِالْمُصْحَفِ يَقْرَأُ فِيهِ وَالْحَسَنُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَاكَ الآنَ لَفِي أَمْرٍ عَظِيمٍ، فَأَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا خَرَجْتَ! وَأَمَرَ عُثْمَانُ أَبَا كَرِبٍ- رَجُلا مِنْ هَمْدَانَ- وَآخَرَ مِنَ الأَنْصَارِ أَنْ يَقُومَا عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَيْسَ فِيهِ إِلا غِرَارَتَانِ مِنْ وَرَقٍ، فَلَمَّا أُطْفِئَتِ النَّارُ بَعْدَ مَا نَاوَشَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانُ، وَتَوَعَّدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانَ، فَلَمَّا دُخِلَ عَلَى عُثْمَانَ هَرَبَا وَدَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عُثْمَانَ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: أَرْسِلْ لِحْيَتِي، فَلَمْ يَكُنْ أَبُوكَ لِيَتَنَاوَلَهَا فَأَرْسَلَهَا، وَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَجَؤُهُ بِنَعْلِ سَيْفِهِ، وَآخَرُ يَلْكِزُهُ، وَجَاءَهُ رَجُلٌ بِمَشَاقِصَ مَعَهُ، فَوَجَأَهُ فِي تُرقُوَتِهِ، فَسَالَ الدَّمُ عَلَى الْمُصْحَفِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَهَابُونَ فِي قَتْلِهِ، وَكَانَ كَبِيرًا، وَغُشِيَ عَلَيْهِ وَدَخَلَ آخَرُونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ جَرُّوا بِرِجْلِهِ، فَصَاحَتْ نَائِلَةُ وَبَنَاتُهُ، وَجَاءَ التُّجِيبِيُّ مُخْتَرِطًا سَيْفَهُ لِيَضَعَهُ فِي بَطْنِهِ، فَوَقَتْهُ نَائِلَةُ، فَقَطَعَ يَدَهَا، وَاتَّكَأَ بِالسَّيْفِ عَلَيْهِ فِي صَدْرِهِ وَقُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَنَادَى مُنَادٍ: مَا يَحِلُّ دَمُهُ وَيُحَرَّجُ مَالُهُ، فَانْتَهَبُوا كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ تَبَادَرُوا بَيْتَ الْمَالِ، فَأَلْقَى الرَّجُلانِ الْمَفَاتِيحَ وَنَجَوْا، وَقَالُوا: الْهَرَبَ الْهَرَبَ! هَذَا مَا طَلَبَ الْقَوْمُ.

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حدثه عن عبد الرحمن ابن مُحَمَّدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ تَسَوَّرَ عَلَى عُثْمَانَ مِنْ دَارِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَمَعَهُ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرِ بْنِ عَتَّابٍ، وَسُودَانُ بْنُ حُمْرَانَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ، فَوَجَدُوا عُثْمَانَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ نَائِلَةَ وَهُوَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَتَقَدَّمَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَأَخَذَ بِلِحْيَةِ عُثْمَانَ، فَقَالَ: قَدْ أَخْزَاكَ اللَّهُ يَا نَعْثَلُ! فَقَالَ عُثْمَانُ: لَسْتُ بِنَعْثَلٍ، وَلَكِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ:

مَا أَغْنَى عَنْكَ مُعَاوِيَةُ وَفُلانُ وَفُلانُ! فَقَالَ عثمان: يا بن أَخِي، دَعْ عَنْكَ لِحْيَتِي، فَمَا كَانَ أَبُوكَ لِيَقْبِضَ عَلَى مَا قَبَضْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ رَآكَ أَبِي تَعْمَلُ هَذِهِ الأَعْمَالَ أَنْكَرَهَا عَلَيْكَ، وَمَا أُرِيدُ بِكَ أَشَدَّ مِنْ قَبْضِي عَلَى لِحْيَتِكَ، قَالَ عُثْمَانُ: أَسْتَنْصِرُ اللَّهَ عَلَيْكَ وَأَسْتَعِينُ بِهِ ثُمَّ طَعَنَ جَبِينَهُ بِمِشْقَصٍ فِي يَدِهِ وَرَفَعَ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ مَشَاقِصَ كَانَتْ فِي يَدِهِ، فَوَجَأَ بِهَا فِي أَصْلِ أُذُنِ عُثْمَانَ، فَمَضَتْ حَتَّى دَخَلَتْ فِي حَلْقِهِ، ثُمَّ عَلاهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَبَا عَوْنٍ يَقُولُ: ضَرَبَ كِنَانَةُ بْنُ بشر جبينه وَمُقَدَّمِ رَأْسِهِ بِعَمُودِ حَدِيدٍ، فَخَرَّ لِجَبِينِهِ، فَضَرَبَهُ سُودَانُ بْنُ حُمْرَانَ الْمُرَادِيُّ بَعْدَ مَا خَرَّ لِجَبِينِهِ فَقَتَلَهُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرحمن ابن الْحَارِثِ، قَالَ: الَّذِي قَتَلَهُ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرِ بْنِ عَتَّابٍ التُّجِيبِيُّ وَكَانَتِ امْرَأَةُ مَنْظُورِ بْنِ سَيَّارٍ الْفَزَارِيِّ تَقُولُ: خَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ، وَمَا عَلِمْنَا لِعُثْمَانَ بِقَتْلٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَرْجِ سَمِعْنَا رَجُلا يَتَغَنَّى تَحْتَ اللَّيْلِ:

أَلا إِنَّ خير الناس بعد ثلاثة ... قتيل التجيبي الذي جَاءَ مِنْ مِصْرَ

قَالَ: وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ فَوَثَبَ عَلَى عُثْمَانَ، فَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ وَبِهِ رَمَقٌ، فَطَعَنَهُ تِسْعَ طَعْنَاتٍ قَالَ عَمْرٌو: فاما ثلاث منهن فانى طعنتهن اياه الله، وَأَمَّا سِتٌّ فَإِنِّي طَعَنْتُهُنَّ إِيَّاهُ لِمَا كَانَ فِي صَدْرِي عَلَيْهِ.

 

... قَالَ أَبُو الْمُعْتَمِرِ: فَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ دخل عليه فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَخَذْتَ مِنَّا مَأْخَذًا، وَقَعَدْتَ مِنِّي مَقْعَدًا مَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ لِيَقْعُدَهُ أَوْ لِيَأْخُذَهُ قَالَ: فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْمَوْتُ الأَسْوَدُ قَالَ: فَخَنَقَهُ ثُمَّ خَفَقَهُ قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ أَلْيَنَ مِنْ حَلْقِهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ خَنَقْتُهُ حتى رايت نفسه يتردد فِي جَسَدِهِ كَنَفْسِ الْجَانِّ قَالَ: فَخَرَجَ.

 

 

... كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن عبد الله بن سعيد ابن ثَابِت، قَالَ: فسألت ابن سُلَيْمَان بن أبي حثمة، فأخبرني أنه تقاذف كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن مبشر، قَالَ: سالت سَالم بن عَبْدِ اللَّهِ عن مُحَمَّد بن أبي بكر: مَا دعاه إِلَى ركوب عُثْمَان؟ فَقَالَ:

الغضب والطمع، قلت: مَا الغضب والطمع؟ قَالَ: كَانَ من الإِسْلام بالمكان الَّذِي هُوَ بِهِ، وغره أقوام فطمع وكانت لَهُ دالة فلزمه حق، فأخذه عُثْمَان من ظهره، ولم يدهن، فاجتمع هَذَا إِلَى هَذَا، فصار مذمما بعد أن كَانَ محمدا.

 

نبوءة مزعومة تُدين عثمان على نحوٍ خفيف

 

روى أحمد:

 

16604 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: كَانَ يَقُولُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: لَا يَمُوتُ عُثْمَانُ حَتَّى يُسْتَخْلَفَ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ تَعْلَمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِي وُزِنُوا، فَوُزِنَ أَبُو بَكْرٍ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِنَ عُثْمَانُ فَنَقَصَ صَاحِبُنَا، وَهُوَ صَالِحٌ ".

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وجهالة الصحابي لا تضر. وسيكرر 5/376 سنداً ومتناً.

 

نموذج لفساد عثمان من تاريخ الطبري

 

قَالَ: وركب على ع إِلَى أَهْلِ مِصْرَ، فَرَدَّهُمْ عَنْهُ، فَانْصَرَفُوا رَاجِعِينَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صالح، عن عاصم بن عمر، عن محمود بْنِ لبيد، قَالَ: لما نزلوا ذا خشب، كلم عثمان عليا واصحاب رسول الله ص أن يردوهم عنه، فركب علي وركب مَعَهُ نفر من الْمُهَاجِرِينَ، فِيهِمْ سَعِيد بن زَيْدٍ، وأبو جهم العدوي، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، ومروان بن الحكم، وسعيد بن الْعَاصِ، وعبد الرَّحْمَن بن عتاب بن أسيد، وخرج من الأنصار أَبُو أسيد الساعدي وأبو حميد الساعدي، وزَيْد بن ثَابِت، وحسان بن ثَابِت، وكعب بن مَالِكٍ، ومعهم من العرب نيار بن مكرم وغيرهم ثلاثون رجلا، وكلمهم علي ومحمد بن مسلمة- وهما اللذان قدما- فسمعوا مقالتهما، ورجعوا قَالَ محمود: فأخبرني مُحَمَّد بن مسلمة، قَالَ: مَا برحنا من ذي خشب حَتَّى رحلوا راجعين إِلَى مصر، وجعلوا يسلمون علي، فما أنسى قول عبد الرَّحْمَن بن عديس:

أتوصينا يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن بحاجة؟ قَالَ: قلت: تتقي اللَّه وحده لا شريك له، وترد من قبلك عن إمامه، فإنه قَدْ وعدنا أن يرجع وينزع قَالَ ابن عديس: أفعل إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ: فرجع القوم إِلَى الْمَدِينَةِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

لما رجع على ع إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ قَدْ رَجَعُوا، وَكَلَّمَهُ عَلِيٌّ كَلامًا فِي نَفْسِهِ، قَالَ لَهُ: اعْلَمْ أَنِّي قَائِلٌ فِيكَ أَكْثَرَ مِمَّا قُلْتُ.

قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بَيْتِهِ، قَالَ: فَمَكَثَ عُثْمَانُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ جَاءَهُ مَرْوَانُ، فَقَالَ لَهُ: تَكَلَّمْ وَأَعْلِمِ النَّاسَ أَنَّ أَهْلَ مِصْرَ قَدْ رَجَعُوا، وَأَنَّ مَا بَلَغَهُمْ عَنْ إِمَامِهِمْ كَانَ بَاطِلا، فَإِنَّ خُطْبَتَكَ تَسِيرُ فِي الْبِلادِ قَبْلَ أَنْ يَتَحَلَّبَ النَّاسُ عَلَيْكَ مِنْ أَمْصَارِهِمْ، فَيَأْتِيكَ مَنْ لا تَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ قَالَ:

فَأَبَى عُثْمَانُ أَنْ يَخْرُجَ قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ بِهِ مَرْوَانُ حَتَّى خَرَجَ فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ كَانَ بَلَغَهُمْ عَنْ إِمَامِهِمْ أَمْرٌ، فَلَمَّا تَيَقَّنُوا أَنَّهُ بَاطِلٌ مَا بَلَغَهُمْ عَنْهُ رَجَعُوا إِلَى بِلادِهِمْ قَالَ: فَنَادَاهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ: اتَّقِ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ، فَإِنَّكَ قَدْ رَكِبْتَ نَهَابِيرَ وَرَكِبْنَاهَا مَعَكَ، فَتُبْ إِلَى اللَّهِ نَتُبْ.

قَالَ: فناداه عثمان، وانك هناك يا بن النَّابِغَةِ! قَمِلَتْ وَاللَّهِ جُبَّتُكَ مُنْذُ تَرَكْتُكَ مِنَ الْعَمَلِ قَالَ: فَنُودِيَ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى: تُبْ إِلَى اللَّهِ وَأَظْهِرِ التَّوْبَةَ يَكُفَّ النَّاسُ عَنْكَ قَالَ: فَرَفَعَ عُثْمَانُ يَدَيْهِ مَدًّا وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ:

اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ تَائِبٍ تَابَ إِلَيْكَ وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ حَتَّى نَزَلَ مَنْزِلَهُ بِفِلَسْطِينَ، فَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ انى كُنْتُ لأَلْقَى الرَّاعِيَ فَأُحَرِّضُهُ عَلَيْهِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا جَاءَ عُثْمَانُ بَعْدَ انْصِرَافِ الْمِصْرِيِّينَ، فَقَالَ لَهُ: تَكَلَّمْ كَلامًا يَسْمَعُهُ النَّاسُ مِنْكَ وَيَشْهَدُونَ عَلَيْهِ، وَيَشْهَدُ اللَّهُ عَلَى مَا فِي قَلْبِكَ مِنَ النُّزُوعِ وَالإِنَابَةِ، فَإِنَّ الْبِلادَ قَدْ تَمَخَّضَتْ عَلَيْكَ، فَلا آمَنُ رَكْبًا آخَرِينَ يَقْدَمُونَ مِنَ الْكُوفَةِ، فَتَقُولُ: يَا عَلِيُّ، ارْكَبْ إِلَيْهِمْ، وَلا أَقْدِرُ أَنْ أَرْكَبَ إِلَيْهِمْ، وَلا أَسْمَعُ عُذْرًا.

وَيَقْدُمُ رَكْبٌ آخَرُونَ مِنَ الْبَصْرَةِ، فَتَقُولُ: يَا عَلِيُّ ارْكَبْ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ رَأَيْتُنِي قَدْ قَطَعْتُ رَحِمَكَ، وَاسْتَخْفَفْتُ بِحَقِّكَ.

قَالَ: فَخَرَجَ عُثْمَانُ فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الَّتِي نَزَعَ فِيهَا، وَأَعْطَى النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ التَّوْبَةَ، فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الناس، فو الله مَا عَابَ مَنْ عَابَ مِنْكُمْ شَيْئًا أَجْهَلُهُ، وَمَا جِئْتُ شَيْئًا إِلا وَأَنَا أَعْرِفُهُ، وَلَكِنِّي مَنَّتْنِي نَفْسِي وَكَذَّبَتْنِي، وَضَلَّ عَنِي رُشْدِي، [وَلَقَدْ سمعت رسول الله ص يَقُولُ: مَنْ زَلَّ فَلْيَتُبْ، وَمَنْ أَخْطَأَ فَلْيَتُبْ، ولا يتماد فِي الْهَلَكَةِ، إِنَّ مَنْ تَمَادَى فِي الْجَوْرِ كَانَ أَبْعَدَ مِنَ الطَّرِيقِ،] فَأَنَا أَوَّلُ مَنِ اتَّعَظَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا فَعَلْتُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَمِثْلِي نَزَعَ وَتَابَ، فَإِذَا نَزَلْت فَلْيَأْتِنِي أَشَرَافُكُمْ فليرونى رأيهم، فو الله لَئِنْ رَدَّنِي الْحَقُّ عَبْدًا لأَسْتَنُّ بِسُنَّةِ الْعَبْدِ، وَلأَذِلَّنَّ ذُلَّ الْعَبْدِ، وَلأَكُونَنَّ كَالْمَرْقُوقِ، إِنْ مُلِكَ صَبَرَ، وَإِنْ عُتِقَ شَكَرَ، وَمَا عَنِ اللَّهِ مَذْهَبٌ إِلا إِلَيْهِ، فَلا يَعْجَزَنَّ عَنْكُمْ خِيَارُكُمْ أَنْ يَدْنُوا إِلَيَّ، لَئِنْ أَبَتْ يَمِينِي لِتُتَابِعَنِي شِمَالِي.

قَالَ: فَرَقَّ النَّاسُ لَهُ يَوْمَئِذٍ، وَبَكَى من بكى منهم، وقام اليه سعيد ابن زَيْدٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ بِوَاصِلٍ لَكَ مَنْ لَيْسَ مَعَكَ، اللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ! فَأَتْمِمْ عَلَى مَا قُلْتَ فَلَمَّا نَزَلَ عُثْمَانُ وَجَدَ فِي مَنْزِلِهِ مَرْوَانَ وَسَعِيدًا وَنَفَرًا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَلَمْ يَكُونُوا شَهِدُوا الْخُطْبَةَ، فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ مَرْوَانُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَكَلَّمُ أَمْ أَصْمُتُ؟ فَقَالَتْ نَائِلَةُ ابْنَةُ الْفُرَافِصَةِ، امْرَأَةُ عُثْمَانَ الْكَلْبِيَّةُ:

لا بَلِ اصْمُتْ، فَإِنَّهُمْ وَاللَّهِ قَاتِلُوهُ وَمُؤْثِمُوهُ، إِنَّهُ قَدْ قَالَ مَقَالَةً لا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْزِعَ عَنْهَا فَأَقْبَلَ عليها مروان، فقال: ما أنت وذاك! فو الله لَقَدْ مَاتَ أَبُوكِ وَمَا يُحْسِنُ يتوضأ، فَقَالَتْ لَهُ: مَهْلا يَا مَرْوَانُ عَنْ ذِكْرِ الآبَاءِ، تُخْبِرُ عَنْ أَبِي وَهُوَ غَائِبٌ تَكْذِبُ عَلَيْهِ! وَإِنَّ أَبَاكَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْلا أَنَّهُ عَمُّهُ، وَأَنَّهُ يَنَالُهُ غَمُّهُ، أَخْبَرْتُكَ عَنْهُ مَا لَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنْهَا مَرْوَانُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَكَلَّمُ أَمْ أَصْمُتُ؟

قَالَ: بَلْ تَكَلَّمْ، فَقَالَ مَرْوَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ مَقَالَتَكَ هَذِهِ كَانَتْ وَأَنْتَ مُمْتَنِعٌ مَنِيعٌ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ رَضِيَ بِهَا، وَأَعَانَ عَلَيْهَا، وَلَكِنَّكَ قُلْتَ مَا قُلْتَ حِينَ بَلَغَ الْحِزَامُ الطُّبْيَيْنِ، وَخَلَفَ السَّيْلُ الزُّبَى، وَحِينَ أَعْطَى الْخُطَّةَ الْذَلِيلَةَ الذَّلِيلُ، وَاللَّهِ لإِقَامَةٌ عَلَى خَطِيئَةٍ تَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا أَجْمَلُ مِنْ تَوْبَةٍ تُخَوَّفُ عَلَيْهَا، وَإِنَّكَ إِنْ شِئْتَ تَقَرَّبْتَ بِالتَّوْبَةِ وَلَمْ تُقْرِرْ بِالْخَطِيئَةِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْكَ عَلَى الْبَابِ مِثْلُ الْجِبَالِ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ عُثْمَانُ: فَاخْرُجْ اليهم فكلمهم، فانى استحى أَنْ أُكَلِّمَهُمْ قَالَ: فَخَرَجَ مَرْوَانُ إِلَى الْبَابِ وَالنَّاسُ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ كَأَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ لِنَهْبٍ! شَاهَتِ الْوُجُوهِ! كُلُّ إِنْسَانٍ آخِذٌ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ أَلا مَنْ أُرِيدَ! جِئْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْزَعُوا مُلْكَنَا مِنْ أَيْدِينَا! اخْرُجُوا عَنَّا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رُمْتُمُونَا لَيَمُرَّنَّ عَلَيْكُمْ مِنَّا أَمْرٌ لا يَسُرُّكُمْ، وَلا تَحْمَدُوا غِبَّ رَأْيِكُمْ ارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ، فَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَحْنُ مَغْلُوبِينَ عَلَى مَا فِي أَيْدِينَا قَالَ: فَرَجَعَ النَّاسُ وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ حَتَّى أَتَى عَلِيًّا فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، [فَجَاءَ عَلِيٌّ ع مُغْضَبًا، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَمَا رَضِيتَ مِنْ مَرْوَانَ وَلا رَضِيَ مِنْكَ إِلا بِتَحَرُّفِكَ عَنْ دِينِكَ وَعَنْ عَقْلِكَ، مِثْلَ جَمَلِ الظَّعِينَةِ يُقَادُ حَيْثُ يُسَارُ بِهِ، وَاللَّهِ مَا مَرْوَانُ بِذِي رَأْيٍ فِي دِينِهِ وَلا نَفْسِهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ سَيُورِدُكَ ثُمَّ لا يُصْدِرُكَ، وَمَا أَنَا بِعَائِدٍ بَعْدَ مُقَامِي هَذَا لِمُعَاتَبَتِكَ، أَذْهَبْتَ شَرَفَكَ، وَغَلَبْتَ عَلَى أَمْرِكَ] فَلَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ نَائِلَةُ ابْنَةُ الْفُرَافِصَةِ امْرَأَتُهُ، فَقَالَتْ: أَتَكَلَّمُ أَوْ أَسْكُتُ؟ فَقَالَ: تَكَلَّمِي، فقالت: قد سمعت قول على لك، وانه لَيْسَ يُعَاوِدُكَ، وَقَدْ أَطَعْتَ مَرْوَانَ يَقُودُكَ حَيْثُ شَاءَ قَالَ:

فَمَا أَصْنَعُ؟ قَالَتْ: تَتَّقِي اللَّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَتَتَّبِع سُنَّةَ صَاحِبَيْكَ مِنْ قَبْلِكَ، فَإِنَّكَ مَتَى أَطَعْتَ مَرْوَانَ قَتَلَكَ، وَمَرْوَانُ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ النَّاسِ قَدْرٌ وَلا هَيْبَةٌ وَلا مَحَبَّةٌ، وَإِنَّمَا تَرَكَكَ النَّاسُ لِمَكَانِ مَرْوَانَ، فَأَرْسِلْ إِلَى عَلِيٍّ فَاسْتَصْلِحْهُ، فَإِنَّ لَهُ قَرَابَةً مِنْكَ، وَهُوَ لا يُعْصَى قَالَ: فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى عَلِيٍّ، فَأَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ، وَقَالَ: قَدْ أَعْلَمْتُهُ أَنِّي لَسْتُ بِعَائِدٍ.

قَالَ: فَبَلَغَ مَرْوَانَ مَقَالَةُ نَائِلَةَ فِيهِ، قَالَ: فَجَاءَ إِلَى عُثْمَانَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَتَكَلَّمُ أَوْ أَسْكُتُ؟ فَقَالَ: تَكَلَّمْ، فَقَالَ: إِنَّ بِنْتَ الْفُرَافِصَةِ فَقَالَ عُثْمَانُ: لا تَذْكُرَنَّهَا بِحَرْفٍ فاسوى لَكَ وَجْهَكَ، فَهِيَ وَاللَّهِ أَنْصَحُ لِي مِنْكَ.

قَالَ: فَكَفَّ مَرْوَانُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ يَذْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، قَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ مَرْوَانَ! خَرَجَ عُثْمَانُ إِلَى النَّاسِ فَأَعْطَاهُمُ الرِّضَا، وَبَكَى عَلَى الْمِنْبَرِ وَبَكَى النَّاسُ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى لِحْيَةِ عُثْمَانَ مُخَضَّلَةً مِنَ الدُّمُوعِ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ! وَاللَّهِ لَئِنْ رَدَّنِي الْحَقُّ إِلَى أَنْ أَكُونَ عَبْدًا قِنًّا لأَرْضَيَنَّ بِهِ، إِذَا دَخَلْتُ منزلي فادخلوا على، فو الله لا احتجب منكم، وَلأُعْطِيَنَّكُمُ الرِّضَا، وَلأَزِيدَنَّكُمْ عَلَى الرِّضَا، وَلأُنْحِيَنَّ مَرْوَانَ وَذَوِيهِ قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ أَمَرَ بِالْبَابِ فَفُتِحَ، وَدَخَلَ بَيْتَهُ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ، فَلَمْ يَزَلْ يَفْتِلُهُ فِي الذِّرْوَةِ وَالْغَارِبِ حَتَّى فَتَلَهُ عَنْ رَأْيِهِ، وَأَزَالَهُ عَمَّا كَانَ يُرِيدُ، فَلَقَدْ مَكَثَ عُثْمَانُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مَا خَرَجَ اسْتِحْيَاءً مِنَ النَّاسِ، وَخَرَجَ مَرْوَانُ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ! أَلا مَنْ أُرِيدَ! ارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ، فَإِنْ يَكُنْ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَاجَةٌ بِأَحَدٍ مِنْكُمْ يُرْسِلْ إِلَيْهِ، وَإِلا قَرَّ فِي بَيْتِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَجِئْتُ إِلَى عَلِيٍّ فَأَجِدُهُ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ، وَأَجِدُ عِنْدَهُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَهُمَا يَقُولانِ:

صَنَعَ مَرْوَانُ بِالنَّاسِ وَصَنَعَ قَالَ: [فَأَقْبَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ، فَقَالَ: أَحَضَرْتَ خُطْبَةَ عُثْمَانَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَحَضَرْتَ مَقَالَةَ مَرْوَانَ لِلنَّاسِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ عَلِيٌّ: عِيَاذُ اللَّهِ، يَا لِلْمُسْلِمِينَ! إِنِّي إِنْ قَعَدْتُ فِي بَيْتِي قَالَ لِي: تَرَكْتَنِي وَقَرَابَتِي وَحَقِّي، وَإِنِّي إِنْ تَكَلَّمْتُ فَجَاءَ مَا يُرِيدُ يَلْعَبُ بِهِ مَرْوَانُ، فَصَارَ سِيقَةً لَهُ يَسُوقُهُ حَيْثُ شَاءَ بَعْدَ كِبَرِ السِّنِّ وَصُحْبَةِ رسول الله ص] .

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ: فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ عُثْمَانَ: ائْتِنِي، فَقَالَ عَلِيٌّ بَصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ عَالٍ مُغْضَبٍ: قُلْ لَهُ: مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْكَ وَلا عَائِدٍ.

قَالَ: فَانْصَرَفَ الرَّسُولُ قَالَ: فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَيْلَتَيْنِ خَائِبًا، فَسَأَلْتُ نَاتِلا غُلامَهُ: مِنْ أَيْنَ جَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: كَانَ عِنْدَ عَلِيٍّ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ: فَغَدَوْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ على ع، فَقَالَ لِي:

جَاءَنِي عُثْمَانُ الْبَارِحَةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنِّي غَيْرُ عَائِدٍ، وَإِنِّي فَاعِلٌ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: بَعْدَ مَا تَكَلَّمْتَ بِهِ عَلَى مِنْبَرِ رسول الله ص، وَأَعْطَيْتَ مِنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ دَخَلْتَ بَيْتَكَ، وَخَرَجَ مَرْوَانُ إِلَى النَّاسِ فَشَتَمَهُمْ عَلَى بَابِكَ وَيُؤْذِيهِمْ! قَالَ: فَرَجَعَ وَهُوَ يَقُولُ: قَطَعْتَ رَحِمِي وَخَذَلْتَنِي، وَجَرَّأْتَ النَّاسَ عَلَيَّ.

فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَذُبُّ الناس عنك، ولكنى كلا جِئْتُكَ بِهَنَةٍ أَظُنُّهَا لَكَ رِضًا جَاءَ بِأُخْرَى، فَسَمِعْتَ قَوْلَ مَرْوَانَ عَلَيَّ، وَاسْتَدْخَلْتَ مَرْوَانَ.

قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ: فَلَمْ أَزَلْ أَرَى عَلِيًّا مُنْكِبًا عَنْهُ لا يَفْعَلُ مَا كَانَ يَفْعَلُ، إِلا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ كَلَّمَ طَلْحَةَ حِينَ حُصِرَ فِي أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهِ الرَّوَايَا، وَغَضِبَ فِي ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، حَتَّى دَخَلَتِ الرَّوَايَا عَلَى عُثْمَانَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عُثْمَانَ صَعِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَقِمْ كِتَابَ اللَّهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: اجْلِسْ، فَجَلَسَ حَتَّى قَامَ ثَلاثًا، فَأَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ فَجَلَسَ، فَتَحَاثَوْا بِالْحَصْبَاءِ حَتَّى مَا تُرَى السَّمَاءُ، وَسَقَطَ عَنِ الْمِنْبَرِ، وَحُمِلَ فَأُدْخِلَ دَارَهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ حُجَّابِ عُثْمَانَ، وَمَعَهُ مُصْحَفٌ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُنَادِي: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ» وَدَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ مَغْشِيٌّ عَلَيْهِ، وَبَنُو أُمَيَّةَ حَوْلَهُ، فَقَالَ: مالك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَأَقْبَلَتْ بَنُو أُمَيَّةَ بِمَنْطِقٍ وَاحِدٍ، فَقَالُوا: يَا عَلِيُّ أَهْلَكْتَنَا وَصَنَعْتَ هَذَا الصَّنِيعَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ! أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ بَلَغْتَ الَّذِي تُرِيدُ لَتَمُرَّنَّ عَلَيْكَ الدُّنْيَا فَقَامَ عَلِيٌّ مغضبا

 

... قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ، قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، دَخَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَسْتَرْجِعُ مِمَّا يَرَى عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ:

الآنَ تَنْدَمُ! أَنْتَ أَشْعَرْتَهُ فَأَسْمَعُ سَعْدًا يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ النَّاسَ يَجْتَرِئُونَ هَذِهِ الْجُرْأَةَ، وَلا يَطْلُبُونَ دَمَهُ، وَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ الآنَ فَتَكَلَّمَ بِكَلامٍ لَمْ تَحْضُرْهُ أَنْتَ وَلا أَصْحَابُكَ، فَنَزَعَ عَنْ كُلِّ مَا كُرِهَ مِنْهُ، وَأَعْطَى التَّوْبَةَ، وَقَالَ: لا أَتَمَادَى فِي الْهَلَكَةِ، إِنَّ مَنْ تَمَادَى فِي الْجَوْرِ كَانَ أَبْعَدَ مِنَ الطَّرِيقِ، فَأَنَا أَتُوبُ وَأَنْزِعُ فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَذُبَّ عَنْهُ، فَعَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّهُ مُتَسَتِّرٌ، وَهُوَ لا يُجِبْهُ، فَخَرَجَ سَعْدٌ حَتَّى أَتَى عَلِيًّا وَهُوَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَسَنٍ، قُمْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي! جِئْتُكَ وَاللَّهِ بِخَيْرِ مَا جَاءَ بِهِ أَحَدٌ قَطُّ إِلَى أَحَدٍ، تَصِلُ رَحِمَ ابْنِ عَمِّكَ، وَتَأْخُذُ بِالْفَضْلِ عَلَيْهِ، وَتَحْقِنُ دَمَهُ، وَيَرْجِعُ الأَمْرُ عَلَى مَا نُحِبُّ، قَدْ أَعْطَى خليفتك مِنْ نَفْسِهِ الرِّضَا [فَقَالَ عَلِيٌّ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ يَا أَبَا إِسْحَاقَ! وَاللَّهِ مَا زِلْتُ أَذُبُّ عَنْهُ حَتَّى إِنِّي لأَسْتَحِي، وَلَكِنَّ مَرْوَانَ ومعاويه وعبد الله بن عامر وسعيد ابن الْعَاصِ هُمْ صَنَعُوا بِهِ مَا تَرَى، فَإِذَا نَصَحْتُهُ وَأَمَرْتُهُ أَنْ يُنَحِّيهِمْ استغشني حَتَّى جَاءَ مَا تَرَى] قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ جَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَسَارَّ عَلِيًّا، فَأَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِي، وَنَهَضَ عَلِيٌ وَهُوَ يَقُولُ: وَأَيُّ خير توبته هذه! فو الله مَا بَلَغْتُ دَارِي حَتَّى سَمِعْتُ الْهَائِعَةَ، أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ، فَلَمْ نَزَلْ وَاللَّهِ فِي شَرٍّ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا.

 

أحاديث النبوآت المزعومة عن الفتن والاقتتال والتناحر بين المسلمين والوصايا الأخلاقية الحسنة ولكن الملفقة باجتناب القتال وعدم المشاركة فيه

 

وصايا أخلاقية في شكل نبوءات عن الفتن

 

روى أحمد:

 

7796 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي رَبَاحٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَتَكُونُ فِتَنٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا ، فَلْيَعُذْ بِهِ ".

 

إسناده صحيح. إبراهيمُ بن خالد: هو ابن عبيد القرشي الصنعاني المؤذن، ورباح: هو ابن زيد القرشي مولاهم الصنعاني.

وأخرجه البخاري (3601) و (7082) ، ومسلم (2886) (10) ، وابن حبان (5959) ، والآجري مختصراً في "الشريعة" ص 42، والبغوي (4229) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وقُرِنَ سعيدُ. بن المسيب في رواية البخاري في الموضع الأول، ومسلم بأبي سلمة، وزادوا في رواياتهم: "من تشرف لها تستشرفه".

وأخرجه الطيالسي (2344) ، والبخاري (7081) ، ومسلم (2886) (12) ، والآجري ص 42، والبيهقي 8/190 من طريق سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، به. وزاد سعدُ بن إبراهيم في حديثه الزيادة السابقة.

وأخرجه البخاري (7081) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً.

وانظر ما بعده.

وفي الباب عن خرشة وأبي موسى الأشعري وأبي بكرة وخباب بن الأَرَت ونوفل بن معاوية، ستأتي أحاديثهم في "المسند" 4/106 و408 و5/39 و110 و429.

 

16964 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَرْطَاةُ يَعْنِي ابْنَ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ أُتِيتَ بِطَعَامٍ مِنَ السَّمَاءِ؟ قَالَ: " نَعَمْ " . قَالَ: وَبِمَاذَا ؟ قَالَ: "بِمِسْخَنَةٍ" قَالُوا: فَهَلْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْكَ؟ قَالَ: " نَعَمْ " . قَالَ: فَمَا فُعِلَ بِهِ ؟ قَالَ: "رُفِعَ وَهُوَ يُوحَى إِلَيَّ أَنِّي مَكْفُوتٌ غَيْرُ لَابِثٍ فِيكُمْ، وَلَسْتُمْ لَابِثِينَ بَعْدِي إِلَّا قَلِيلًا، بَلْ تَلْبَثُونَ حَتَّى تَقُولُوا: مَتَى، وَسَتَأْتُونَ أَفْنَادًا يُفْنِي بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَبَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مُوتَانٌ شَدِيدٌ، وَبَعْدَهُ سَنَوَاتُ الزَّلَازِلِ"

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات، على غرابة في متنه. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وضمرة بن حبيب: هو ابن صهيب لزُبيدي.

وأخرجه البزار (2422) (مختصراً) ، وابن حبان (6777) ، والطبراني في "مسند الشاميين" (687) من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد.

قال البزار: لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه، وأرطاة وضمرة شاميان معروفان.

وأخرجه الدارمي 1/29، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2461) و (2462) و (2463) و (2464) ، وأبو يعلى (6861) ، والطبراني في "الكبير" (6356) ، وفي "مسند الشاميين" (688) ، والحاكم 4/447-448، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/435 من طرق عن أرطاة، به.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وتعقَّبه الذهبي بقوله: لم يخرجا لأرطاة وهو ثبت، والخبر من غرائب الصحاح. قلنا: ولم يخرجا كذلك لضمرة بن حبيب.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/306، وقال: رواه أحمد والطبراني والبزار وأبو يعلى، ورجاله ثقات.

وفي الباب عن واثلة بن الأسقع، سيرد برقم (16978) .

قال السندي: قوله: "يُوحَى إليَّ": على بناء المفعول.  "مكفوت"، أي: مقبوض مأخوذٌ. "متى"، أي: متى نموت لفساد حال الدنيا. "أفناداً"- بالفاء والنون والدال المهملة-، أي: جماعات متفرقين. "مُوتَان" ضُبط بضم الميم، أي: كثرة الموت.

 

الحديث غريب وغامض اللفظ ولا يبدو من كلام محمد لذلك أنكره علماء الحديث، رغم صحة الإسناد، مما يثبت لك أن موضوع الإسناد هذا محض خرافة، فأنت لا يمكنك أن تؤكد الكلام بكلام مثله، فكله في النهاية كلام ومزاعم. وأوردت أمثلة كهذه بباب (تناقضات الأحاديث) في موضوع خرافة الإسناد وغيره.

 

16978 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، يَقُولُ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَتَزْعُمُونَ أَنِّي آخِرِكُمْ وَفَاةً، أَلَا إِنِّي مِنْ أَوَّلِكُمْ وَفَاةً، وَتَتْبَعُونِي أَفْنَادًا ، يُهْلِكُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه أبو يعلى (7488) و (7490) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/183، وابن حبان (6646) ، والطبراني في "الكبير" 22/ (167) و (168) ، وفي "الصغير" (90) من طرق عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (166) ، وفي "الشاميين" (1923) من طريق معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/306، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح.

وفي الباب عن سلمة بن نُفَيل، سلف (16964). وعن معاوية بن أبي سفيان عند أبي يعلى (7366) .

 

19000 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَرْفَجَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّهُ (2) سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ (3) أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ " (4)

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، صحابيه من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي.

وقد سلف بالرقم (18296) ، وسلف من طريق شعبة برقم (18295) ، وسيرد بالحديث بعده، و5/23-24.

(2) في هامش (س) : إنها، نسخة.

(4) إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 19/556 (ترجمة عرفجة) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1852) من طريق محمد بن جعفر، به.

وقد سلف بالحديث قبله، وبالرقمين (18323) (18324) ، وسيكرر 5/23-24 (20277).

 

وروى البخاري:

 

7064 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ قَالَ جَلَسَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو مُوسَى فَتَحَدَّثَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّامًا يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَالْهَرْجُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْقَتْلُ

 

رواه أحمد 19497 و19499 و19630 ومسلم 2672.

 

3349 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ قَرَأَ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِي أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي إِلَى قَوْلِهِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

 

6576 - وحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلَيُرْفَعَنَّ مَعِي رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

7048 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَتْ أَسْمَاءُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا عَلَى حَوْضِي أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ فَيُؤْخَذُ بِنَاسٍ مِنْ دُونِي فَأَقُولُ أُمَّتِي فَيُقَالُ لَا تَدْرِي مَشَوْا عَلَى الْقَهْقَرَى قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ

 

7049 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي يَقُولُ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ

 

وانظر أحمد 2096 و3639 و13991 و7968 و11138 و14719 ومسلم 2860 و2290 إلى 2297.

 

6495 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ خَيْرُ مَالِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْغَنَمُ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ

 

7060 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح و حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى قَالُوا لَا قَالَ فَإِنِّي لَأَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ الْقَطْرِ

 

رواه أحمد 21748 و21810 والبخاري 1878 و2467 و3597 ومسلم 2885.

 

وروى أحمد:

 

19566 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَحْيَى بْنِ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَذْكُرُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ انْتَظَرْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ . قَالَ: فَانْتَظَرْنَا فَخَرَجَ إِلَيْنَا . فَقَالَ: " مَا زِلْتُمْ هَاهُنَا ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ . قُلْنَا: نُصَلِّي مَعَكَ الْعِشَاءَ . قَالَ: " أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ " . ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ .، قَالَ: وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: " النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ ؛ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ . وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي ؛ فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ . وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي ؛ فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن عبد الله- وهو ابن المديني- فمن رجال البخاري، ومُجَمِّع بن يحيى بن زيد- ويقال: يزيد- بن جارية، فمن رجال مسلم. وأخرجه ابنُ حبان (7249) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (في ترجمة مجمع بن يحيى بن يزيد بن جارية) من طريق علي بن عبد الله ابن المديني، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة 12/175 مختصراً، ومسلم (2531) ، وأبو يعلى (7276) ، وعبدُ بن حُميد (539) ، والخلال في "السنة" (772) ، وأبو عوانة (كما في "إتحاف المهرة" 10/94) ، والبيهقي في "الاعتقاد والهداية" ص206، والبغوي في "شرح السنة" (3861) ، والمزي في "تهذيب الكمال" أيضاً من طرق عن حسين بن علي الجُعْفي، به.

وانظر (19506) .

وفي الباب عن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عند الطبراني في "الكبير" 20/ (846) ، و"الأوسط" (7463) ، و"الصغير" (967) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/67- 68، والحاكم في "المستدرك" 3/457، وسكت عنه، ولم يرد عند الذهبي في "التلخيص".

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/312. وقال: رواه الطبراني في الثلاثة، ورجاله ثقات. قلنا: هو حديث مرسل، فالمنكدر والد محمد قال أبو حاتم: لا تثبت له صحبة، وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب": حديثه مرسل، ولا تثبت له صحبة، ولكنه ولد على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلنا: وذكره ابن حبان في التابعين.

وعن ابن عباس مختصراً عند الطبراني في "الأوسط " (4086) و (6683) .

ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/17 وقال: إسناده جيد إلا أن علي بن طلحة لم يسمع من ابن عباس.

قلنا: في إسناد حديثي المنكدر وابن عباس محمد بن سوقة، فنخشى أن  يكون حديثاً واحداً اختُلف عليه فيه.

قال السندي: قوله: ثم قلنا: لو انتظرنا، أي: قلنا في أنفسنا، أي: قلنا فيما بيننا، بأن قال بعضنا لبعض.  أمَنَة: بفتحات، أي: أمان لها من الانشقاق.  أتى أصحابي ما يوعدون: من الفتن التي وقعت في حياة الصحابة.

 

وروى مسلم:

 

[ 2948 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا حماد بن زيد عن معلى بن زياد عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ح وحدثناه قتيبة بن سعيد حدثنا حماد عن المعلى بن زياد رده إلى معاوية بن قرة رده إلى معقل بن يسار رده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال العبادة في الهرج كهجرة إلي

 

[ 2887 ] حدثني أبو كامل الجحدري فضيل بن حسين حدثنا حماد بن زيد حدثنا عثمان الشحام قال انطلقت أنا وفرقد السبخي إلى مسلم بن أبي بكرة وهو في أرضه فدخلنا عليه فقلنا هل سمعت أباك يحدث في الفتن حديثا قال نعم سمعت أبا بكرة يحدث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستكون فتن ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها والماشي فيها خير من الساعي إليها ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه قال فقال رجل يا رسول الله أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض قال يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت قال فقال رجل يا رسول الله أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه أو يجئ سهم فيقتلني قال يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار

 

 

 

 

رواه أحمد 20491 و20412

 

[ 2885 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر واللفظ لابن أبي شيبة قال إسحاق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف على أطم من آطام المدينة ثم قال هل ترون ما أرى إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر

 

[ 2860 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي كلاهما عن شعبة ح وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا بموعظة فقال يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا { كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين }  ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح { وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }  قال فيقال لي إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم وفي حديث وكيع ومعاذ فيقال إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك

 

[ 2290 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب يعني بن عبد الرحمن القاري عن أبي حازم قال سمعت سهلا يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم قال أبو حازم فسمع النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هذا الحديث فقال هكذا سمعت سهلا يقول قال فقلت نعم قال وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيقول إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما عملوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن بدل بعدي

 

ورواه أحمد 22822 وغيره.

 

[ 2296 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا وهب يعني بن جرير حدثنا أبي قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد عن عقبة بن عامر قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد ثم صعد المنبر كالمودع للأحياء والأموات فقال إني فرطكم على الحوض وإن عرضه كما بين آيلة إلى الجحفة إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم قال عقبة فكانت آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر

 

 [ 2297 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وابن نمير قالوا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا فرطكم على الحوض ولأنازعن أقواما ثم لأغلبن عليهم فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك

 

وروى أحمد:

 

17979 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: إِنَّ عَلِيًّا بَعَثَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَجِيءَ بِهِ فَقَالَ: مَا خَلَّفَكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ ؟ قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ ابْنُ عَمِّكَ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيْفًا، فَقَالَ: " قَاتِلْ بِهِ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ، ، فَإِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَاعْمَدْ بِهِ إِلَى صَخْرَةٍ، فَاضْرِبْهُ بِهَا، ثُمَّ الْزَمْ بَيْتَكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ، أَوْ يَدٌ خَاطِئَةٌ "، قَالَ: خَلُّوا عَنْهُ.

 

حسن بمجموع طرقه. سهل بن أبي الصلت صدوق، وزيد بن الحباب والحسن البصري ثقتان، لكن الحسن لم يشهد القصة، فإنه لم يثبت سماعه من علي ولا من محمد بن مسلمة. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (523) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/444، وابن أبي شيبة 15/22 من طريق هشام بن حبان، عن الحسن، عن محمد بن مسلمة. وعند ابن سعد: عن الحسن أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لمحمد. ولم يذكرا قصة علي بن أبي طالب.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1311) من طريق زيد بن أسلم، عن أبيه، عن محمد بن مسلمة، ورجاله ثقات.

وسيأتي (17982) من طريق أبي الأشعث الصنعاني، عن محمد بن مسلمة. وبمجموع هذه الطرق يحسن الحديث.

وقد سلف برقم (16029) ، وفيه قصة مطولة، فانظره.

ويشهد له حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (12968) ، وإسناده حسن.

وحديث سعد بن زيد الأشهلي عند الطبراني (5424) ، والحاكم 3/117-118، وإسناده حسن في المتابعات.

وقد أخرج أبو داود (4663) من حديث حذيفة بن اليمان أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لمحمد بن مسلمة: "لا تضرك الفتنة"، ورجاله ثقات، لكنه من رواية محمد بن سيرين عن حذيفة بن اليمان، ولم يثبت سماعه منه.

وأخرج ابن سعد 3/444-445، وأبو داود (4664) و (4665) ، والحاكم 3/433-434 عن حذيفة أنه قال: إني لأعلم رجلاً لا تضره الفتنة شيئاً، يعني محمد بن مسلمة، وذكر فيه قصة اعتزاله.

وفي باب الأمر باعتزال الفتنة، وكسر السلاح، عن أبي هريرة عند البخاري (3601) ، ومسلم (2886) (10) و (12) . وقد سلف برقم (7796) . وعن أبي سعيد الخدري عند البخاري (19) ، وقد سلف (11032) . وعن حذيفة بن اليمان عند البخاري (3606) ، وسيأتي 5/386-387. وعن أبي بكرة عند مسلم (2887) (13) ، وسيأتي 5/48. وعن نوفل بن معاوية عند البخاري (3602) ، ومسلم (2886) (11). وعن سعد بن أبي وقاص، سلف (1609). وعن ابن مسعود، سلف (4286). وعن عبد الله بن عمر، سلف (5708) و (5754). وعن عبد الله بن عمرو، سلف (6508) . وعن كرز الخزاعي، سلف (15919). وعن خرشة بن الحر، سلف 4/106. وعن أبي موسى الأشعري، وخباب بن الأرت، وأبي ذر الغفاري، وخالد ابن عرفطة، وحذيفة بن اليمان، وأم مالك البهزية، وستأتي أحاديثهم على التوالي 4/408 و5/110 و149 و292 و389 و6/419. وعن عبادة بن الصامت عند الحاكم 4/458، وصححه، ووافقه الذهبي. وعن جندب بن عبد الله بن سفيان عند الطبراني (1724) . وعن سهل بن سعد عند الطبراني (5868) و (5984) .

وقد عورضت هذه الأحاديث بأحاديث أخرى تأمر بالمدافعة، إذا ظلم المرء أو أريد ماله أو نفسه بسوء، مثل حديث عبد الله بن عمرو: "من قتل دون ماله فهو شهيد"، وقد سلف برقم (6522) ، وذكرنا أحاديث الباب هناك.

قال الحافظ في "الفتح" 13/31: "والمراد بالفتنة: ما ينشأ عن الاختلاف في طلب الملك حيث لا يعلم المحق من المبطل.

قال الطبري: اختلف السلف: فحمل ذلك بعضهم على العموم، وهم من قعد عن الدخول في القتال بين المسلمين مطلقاً، كسعد، وابن عمر، ومحمد ابن مسلمة، وأبي بكرة في آخرين. وتمسكوا بالظواهر المذكورة وغيرها.

وقالت طائفة: بل بالتحول عن بلد الفتن أصلاً.

ثم اختلفوا فمنهم من قال: إذا هجم عليه شيء من ذلك يكف يده ولو قتل.

ومنهم من قال: بل يدافع عن نفسه، وعن ماله، وعن أهله، وهو معذور إن قتَل أو قُتِلَ.

وقال آخرون: إذا بغت طائفة على الإمام فامتنعت من الواجب عليها ونصبت الحرب وجب قتالها. وكذلك لو تحاربت طائفتان وجب على كل قادر الأخذ على يد المخطئ، ونصر المصيب. وهذا قول الجمهور.

وفصل آخرون، فقالوا: كل قتال وقع بين طائفتين من المسلمين حيث لا إمام للجماعة فالقتال حينئذ ممنوع، وتنزل الأحاديث التي في هذا الباب وغيره على ذلك. وهو قول الأوزاعي.

قال الطبري: والصواب أن يقال: إن الفتنة أصلها الابتلاء، وإنكار المنكر واجب على كل من قدر عليه، فمن أعان المحق أصاب، ومن أعان المخطئ أخطأ، وإن أشكل الأمر، فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها.

وذهب آخرون إلى أن الأحاديث وردت في حق ناس مخصوصين، وأن النهي مخصوص بمن خوطب بذلك.

وقيل: إن أحاديث النهي مخصوصة بآخر الزمان حيث يحصل التحقق أن المقاتلة إنما هي في طلب الملك. وقد وقع في حديث ابن مسعود الذي أشرت إليه: قلت: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: "أيام الهرج" قلت: ومتى؟ قال: "حين لا يأمن الرجل جليسه". انتهى.

 

وانظر كيف ذهبوا كل مذهب بسبب أحاديث تكفير المتقاتلين المسلمين بالتناقض مع الحقيقة التاريخية لتقاتل المسلمين، فزعموا تخصيص النهي بوقت معين! وغيرها من تأويلات باردة، أهل السنة ليسوا على السنة في الحقيقة ولا على نص القرآن بوضوحه.

 

1609 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ عِنْدَ فِتْنَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ المَاشِي وَالْمَاشِي، خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي " قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي، فَبَسَطَ يَدَهُ إِلَيَّ لِيَقْتُلَنِي ؟ قَالَ: " كُنْ كَابْنِ آدَمَ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ عياش بن عباس، فمن رجال مسلم. وأخرجه الترمذي (2194) ، وأبو يعلى (750) ، والشاشي (126) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وانظر ما تقدم برقم (1446) .

 

16029 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ، فَإِذَا فُسْطَاطٌ ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا ؟ فَقِيلَ: لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللهُ إِنَّكَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ بِمَكَانٍ، فَلَوْ خَرَجْتَ إِلَى النَّاسِ فَأَمَرْتَ، وَنَهَيْتَ . فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّهُ سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، وَفُرْقَةٌ، وَاخْتِلَافٌ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأْتِ بِسَيْفِكَ أُحُدًا، فَاضْرِبْ بِهِ عُرْضَهُ، وَاكْسِرْ نَبْلَكَ ، وَاقْطَعْ، وَتَرَكَ، وَاجْلِسْ فِي بَيْتِكَ " فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ وَقَالَ يَزِيدُ مَرَّةً: " فَاضْرِبْ بِهِ حَتَّى تَقْطَعَهُ، ثُمَّ اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ، أَوْ يُعَافِيَكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ "، فَقَدْ كَانَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ ثُمَّ اسْتَنْزَلَ سَيْفًا كَانَ مُعَلَّقًا بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ، فَاخْتَرَطَهُ فَإِذَا سَيْفٌ مِنْ خَشَبٍ، فَقَالَ: قَدْ فَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتَّخَذْتُ هَذَا أُرْهِبُ بِهِ النَّاسَ.

 

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد: وهو ابن جُدْعان، وبقية رجاله ثقات، رجال الصحيح. أبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.

وأخرجه مختصراً ابنُ أبي شيبة 15/50-51 عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/37- ومن طريقه ابن ماجه (3962) - عن يزيد ابن هارون، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي بردة، به، وزاد ابن ماجه: أو علي بن زيد بن جدعان، شك أبو بكر.

قلنا: قد رواه مؤملُ بنُ إسماعيل كما في الرواية رقم (16030) ، وعفان بن مسلم في الرواية رقم (16031) ، وحجاج بن منهال عند الطبراني 19/ (517) ، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن أبي بردة، به.

فالحديث حديث علي بن زيد، وذكر ثابت البناني في الإسناد خطأ.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (513) ، والحاكم 3/117، والبيهقي في "السنن" 8/191 من طريق يحيى الحمَّاني، عن إبراهيم بن سعد، عن سالم ابن صالح بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمود بن لبيد، عن محمد بن مسلمة، به. وهذا إسناد ضعيف لضعف يحيى الحِمَّاني، وسالم بن صالح بن إبراهيم مجهول.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (518) من طريق حماد بن زيد، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن محمد بن مسلمة، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (524) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، عن إسحاق بن سليمان، عن موسى بن عبيدة، عن الزبير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج، عن بعض ولد محمد بن مسلمة، عن محمد ابن مسلمة. واقتصر على المرفوع منه.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "الأوسط" (1311) عن أحمد بن محمد بن صدقة، عن محمد بن إسماعيل البخاري، عن محمد بن مسلمة المخزومي، عن محمد بن إبراهيم بن دينار، عن عبيد الله بن عمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن محمد بن مسلمة. ورجاله ثقات، واقتصر على المرفوع منه، وقول محمد بن مسلمة في آخره: ففعلت ما أمرني به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وسيأتي نحوه 4/225، وانظر كلامنا عليه هناك.

ولبعضه شاهد من حديث أبي بكرة الثقفي عند مسلم (2887) (13) ، وسيرد 5/48، ولفظه عند مسلم "إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها، والماشي فيها خير من السَّاعي إليها، ألا فإذا نزلت أو وقعت، فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه" قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: "يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر، ثم لينْجُ إن استطاع النَّجَاء، اللهم هل بلَّغْت، اللهم هل بلَّغت، اللهم هل بلَّغت " قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن أُكرِهْتُ حتى يُنْطَلَق بي إلى أحد الصفين، أو إحدى الفئتين، فضربني رجل بسيفه، أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال: "يبوءُ بإثمه وإثمك، ويكون من أصحاب النَّار" وانظر حديث أبي هريرة السالف برقم (7796) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "فرقة" بضم الفاء: أي افتراق واختلاف.

 

وروى الطبراني في الأوسط:

 

1289 - حدثنا أحمد قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال حدثنا محمد بن مسلمة المخزومي قال حدثني محمد بن إبراهيم بن دينار قال حدثني عبيد الله بن عمر عن زيد بن أسلم عن أبيه عن محمد بن مسلمة قال: قال رسول الله: يا محمد إذا رأيت الناس يقتتلون على الدنيا فاعمد بسيفك على أعظم صخرة في الحرة فاضرب بها حتى ينكسر ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية ففعلت ما أمرني به النبي.

لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله إلا محمد تفرد به محمد بن مسلمة

 

حسنٌ

 

وروى أحمد:

20670 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدٍ الدِّيلِيُّ، عَنْ عُدَيْسَةَ ابْنَةِ أُهْبَانَ بْنِ صَيْفِيٍّ، أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ أَبِيهَا فِي مَنْزِلِهِ، فَمَرِضَ، فَأَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِالْبَصْرَةِ، فَأَتَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى بَابِ حُجْرَتِهِ، فَسَلَّمَ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ السَّلَامَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا مُسْلِمٍ ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَلَا تَخْرُجُ مَعِي إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَتُعِينَنِي ؟ قَالَ: بَلَى إِنْ رَضِيتَ بِمَا أُعْطِيكَ، قَالَ عَلِيٌّ: وَمَا هُوَ ؟ فَقَالَ الشَّيْخُ: يَا جَارِيَةُ هَاتِ سَيْفِي، فَأَخْرَجَتْ إِلَيْهِ غِمْدًا ، فَوَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهِ، فَاسْتَلَّ مِنْهُ طَائِفَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنَّ خَلِيلِي عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَابْنَ عَمِّكَ، " عَهِدَ إِلَيَّ إِذَا كَانَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، أَنْ اتَّخِذْ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ "، فَهَذَا سَيْفِي، فَإِنْ شِئْتَ خَرَجْتُ بِهِ مَعَكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكَ، وَلَا فِي سَيْفِكَ، فَرَجَعَ مِنْ بَابِ الْحُجْرَةِ، وَلَمْ يَدْخُلْ.

 

حديث حسن بمجموع طرقه وشواهده، عُدَيْسة بنت أُهْبان بن صَيْفيٍّ الغِفارية روى لها الترمذي وابن ماجه هذا الحديث الواحد، وهي وإن لم يوثقها أحد، لكنها تابعية وابنة صحابي، وقد روى عنها جمع، وقد توبعت على هذا الحديث كما سيأتي في تخريجه، لكن في هذه المتابعة ضعف، وعبد الله بن عبيد الديلي؛ إن كان هو الحميري البصري المؤذن كما في "تهذيب الكمال" 15/262، فهو ثقة، وهذا الذي يترجح عندنا؛ لأن الحارث بن أبي أسامة قد أخرج قصة تكفين أهبان في "مسنده" كما في "المطالب العالية" 3/123-124 من طريقه عن عديسة، فنسبه: حِمْيريّاً، وإن كان غيره كما هو ظاهر صنيع الحسيني في "الإكمال" 1/470، وأبي زرعة ابن العراقي في "ذيل الكاشف" ص 160، ووافقهما ابن حجر في "تعجيل المنفعة" 1/750-751، و"تهذيب التهذيب" 2/380، فقد روى عنه جمع، وحسن الترمذيُّ حديثَه.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 8/481، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/145، و"الأوسط" 1/112، وابن ماجه (3960) ، والترمذي (2203) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/58، والطبراني (863) و (866) ، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" 2/312-313، والمزي في "تهذيب الكمال" 3/385-386، وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" 2/312-313، والخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه" 1/34 من طرق عن عبد الله بن عبيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/58-59 من طريق عبد السلام ابن حرب، عن يونس بن عبيد، عن عديسة بنت أهبان، به. هكذا هو في المطبوع من "معجم الصحابة": يونس بن عبيد، عن عديسة، والظاهر- والله أعلم- أنه سقط "عبد لله بن عبيد" من الإسناد. لأن الذي ذكره الطبراني بإثر الحديث (866) ، والخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه" 1/34: أن يزيد بن زريع إنما سمع الحديث أولاً من يونس بن عبيد، عن عبد الله بن عبيد، عن عديسة، قبل أن يلقى عبد الله بن عبيد، ثم سمعه ثانياً منه عن عديسة، فبيَّنَا أن يونس بن عبيد إنما سمع من عديسة بوساطة عبد الله بن عبيد، ولم يُذكر في ترجمة عديسة أو يونس بن عبيد: أن له رواية عنها، والله أعلم.

وأخرجه الطبراني (867) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/162 من طريقين عن حماد بن زيد، عن عبد الكريم بن الحكم الغفاري، عن عديسة، به.

وقرن ابن الأثير بعبد الكريم الغفاري عبد الله بن عبيد. وسيأتي الحديث من هذا الطريق في "المسند" 6/393.

وسيأتي أيضاً بزيادة فيه من طريق أبي عمرو القسملي، عن ابنة أهبان، به، في الحديث الآتي بعده.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/112، والطبراني (868) ، وابن عدي في "الكامل" 7/2697 من طرق عن يحيى بن زهدم، عن أبيه زهدم بن الحارث الغفاري، عن أهبان بن صيفي، ولفظه: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا أهبان، أما إنك إن بقيت بعدي، فسترى في أصحابي اختلافاً، فإن بقيت إلى ذلك اليوم، فاجعل سيفك من عراجين" قال: فجعلت سيفي من عراجين، فأتاني علي رضي الله عنه، فأخذ بعِضادَتَي الباب، ثم سلم، فقال: يا أهبان، ألا تخرج؟ فقلت: بأبي وأمي يا أبا الحسن، قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو أمرني رسول الله، أو أوصاني رسول الله، أو تقدم إلي رسول لله- شك ابن زهدم- فقال: "يا أهبان، أما إنك إن بقيت بعدي، فسترى في أصحابي اختلافاً، فإن بقيت إلى ذلك اليوم، فاجعل سيفك من عراجين" فأخرجت إليه سيفي، فولَّى علي رضي الله عنه. وإسناده ضعيف؛ لجهالة زهدم بن الحارث الغفاري، وابنه يحيى متكلم فيه.

وفي باب الأمر باعتزال الفتن عند الخلاف والفرقة، وكسر السلاح أحاديث كثيرة استوفينا ذكرها فيما سلف عند حديث محمد بن مسلمة برقم (17979).

 

27200 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عَمْرٍو، عَنْ ابْنَةٍ لِأُهْبَانَ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِيهَا - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا قَدِمَ الْبَصْرَةَ بَعَثَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَتْبَعَنِي؟ فَقَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي، وَابْنُ عَمِّكَ فَقَالَ: " إِنَّهُ سَيَكُونُ فُرْقَةٌ وَاخْتِلَافٌ، فَاكْسِرْ سَيْفَكَ وَاتَّخِذْ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ، وَاقْعُدْ فِي بَيْتِكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ أَوْ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ "، فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ يَا عَلِيُّ أَنْ لَا تَكُونَ تِلْكَ الْيَدَ الْخَاطِئَةَ، فَافْعَلْ.

 

حسن بطرقه وشواهده، وهو مكرر (20671) ، غير أن شيخ أحمد هنا هو أسود بن عامر شاذان.

على الأغلب لم تحدث هذه القصص الخرافية، لكن الصحابة لفقوها هم أو من بعدهم لدعم موقفهم الأخلاقي ورؤيتهم لمنهج الحياد واعتزال الفرق المتقاتلة كلها. إلا أن النهي عن التقاتل الداخلي بين المسلمين ثابت بنص القرآن وحديث خطبة الوداع وربما حديث القاتل والمقتول في النار.

 

وروى البخاري:

 

3606 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذلك.

 

3601 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْأُوَيْسِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ

 

وهذه النبوآت الخرافية المزعومة عن الفتن جعلت الشعوب تتبع السلبية ولا تعلن كلمتها برفضها لأن يحكمها مستبد يحوز السلطة بالقوة والصراع، وأنهم يرفضون كل الصراع وكل فئاته، ويطلبون انتخابات على طريقة الرومان واليونان وغيرهم، وروى أحمد:

 

21053 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، ح وَأَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِيهِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: رَاقَبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي لَيْلَةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا حَتَّى كَانَ مَعَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ جَاءَهُ خَبَّابٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَقَدْ صَلَّيْتَ اللَّيْلَةَ صَلَاةً مَا رَأَيْتُكَ صَلَّيْتَ نَحْوَهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَجَلْ إِنَّهَا صَلَاةُ رَغَبٍ وَرَهَبٍ، سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثَ خِصَالٍ : فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ، وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَنَا بِمَا أَهْلَكَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَنَا، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْنَا عَدُوًّا غَيْرَنَا، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يَلْبِسَنَا شِيَعًا فَمَنَعَنِيهَا ".

 

إسناده صحيح. عبد الله بن عبد الله بن الحارث: يقال فيه: عبد الله وعبيد الله، مكبراً ومصغراً، وأبو اليمان: هو الحكم بن نافع، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب.

وأخرجه الطبراني (3621) ، ومن طريقه المزي في ترجمة عبد الله بن خباب من "تهذيب الكمال" 14/447-448 من طريق أبي اليمان وعلي بن عياش، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي 3/216-217 من طريق عثمان بن سعيد بن كثير وبقية ابن الوليد، عن شعيب بن أبي حمزة، به.

وأخرجه الترمذي (2175) ، والطبراني (3623) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/115 من طريق النعمان بن راشد، والطبراني (3624) من طريق معمر بن راشد و (3626) من طريق أبي أويس، ثلاثتهم عن الزهري، به.

وأخرجه الطبراني (3625) من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، عن عبد الله ابن عبد الله بن الحارث بن نوفل، به.

وسيأتي برقم (21055) .

وفي الباب عن أنس، سلف برقم (12486)، ويشهد له حديث سعد بن أبي وقاص السالف برقم (1516). وحديث ثوبان عند أحمد 5/278، ومسلم (2889) . وأحاديث شداد بن أوس، ومعاذ بن جبل، وجابر بن عتيك، وأبى بصرة الغفاري، وستأتي 4/123 و5/240 و445 و6/396. وحديث أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط" (1883) . قال الهيثمي في "المجمع" 7/222: رجاله ثقات. وحديث خالد الخزاعي عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2233) ، والطبراني في "الكبير" (4112) و (4113) و (4114) . قال الحافظ في "الإصابة" 2/257: ورجاله ثقات. وحديث علي بن أبي طالب عند الطبرانى (179) . قال الهيثمى: فيه أبو حذيفة الثعلبي، لم أعرفه.

 

وروى مسلم:

 

[ 2889 ] حدثنا أبو الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد واللفظ لقتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا

 

الذي كتب ولفق هذه النبوءة كان في عصرٍ كانت فيه قوة المسلمين هي أكبر قوة تقريبًا في العالم سوى الصين والهند، ولم يخطر على باله أن تظهر قوى كالصليبيين والمغول المنغوليين والإسبانيين في طردهم للاحتلال العربي من إسبانيا، وفي عصور أحدث الإنجليز والفرنسيين والإيطاليين والبرتجاليين والأمرِكيون والإسرائيليون وكلهم هزموا المسلمين والعرب وتسلطوا عليهم، لا يوجد أحد ينتصر على طول الخط. بالتالي فهذه نبوءة مخفقة فاشلة لم تتحقق.

 

نماذج لنبوآت مخفقة في كتب الشيعة الاثناعشرية:

 

تفسير القمي:  أبي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك ، بلغنا أن لآل جعفر راية ولآل العباس رايتين ، فهل انتهى إليك من علم ذلك شئ ؟ قال : أما آل جعفرفليس بشئ ولا إلى شئ ، وأما آل العباس فان لهم ملكا مبطئا يقربون فيه البعيد ، ويباعدون فيه القريب ، وسلطانهم عسير ليس فيه يسير ، حتى إذا أمنوا مكرالله ، وأمنوا عقابه ، صيح فيهم صيحة لا يبقى لهم مناد يجمعهم ولا يسمعهم ، وهو قول الله " حتى إذا أخذت الارض زخرفها وازينت " ( 1 ) الآية .
قلت : جعلت فداك ، فمتى يكون ذلك ؟ قال : أما إنه لم يوقت لنا فيه وقت ، ولكن إذا حدثناكم بشئ فكان كما نقول ، فقولوا : صدق الله ورسوله ، و إن كان بخلاف ذلك فقولوا : صدق الله ورسوله ، تؤجروا مرتين .
ولكن إذا اشتدت الحاجة والفاقة ، وأنكرالناس بعضهم بعضا ، فعند ذلك توقعوا هذا الامر صباحا و مساء .

 

سأل سائل بعذاب واقع " قال : سئل أبوجعفر عليه السلام عن معنى هذا ، فقال : نار تخرج من المغرب ، وملك يسوقها من خلفها ، حتى يأتي من جهة دار بني سعد بن همام ، عند مسجدهم ، فلا تدع دارا لبني امية إلا أحرقتها وأهلها ، ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها وذلك المهدي عليه السلام .
بيان : أي  من علاماته أو عند ظهوره عليه السلام .

 

بحار الأنوار ج78: وروي عن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه واله ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب ، قال : فبيناهم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فور ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق وآخر إلى المدينة حتى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة ، يعني بغداد ، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ، ويفضحون أكثر من مائة امرأة ، ويقتلون ( بها ) ثلاثمائة كبش من بني العباس .
ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها ، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج راية هدى من الكوفة ، فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم ، لا يفلت منهم مخبر ، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ، ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها .
ثم يخرجون متوجهين إلى مكة ، حتى إذا كانوا بالبيداء ، بعث الله جبرئيل فيقول : يا جبرئيل ! اذهب فأبدهم ، فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها ولا يفلت منها إلا رجلان من جهينة ، فلذلك جاء القول " وعند جهينة الخبر اليقين "  فذلك قوله : " ولو ترى إذ فزعوا " إلى آخرها ، أورده الثعلبي في تفسيره .
وروى أصحابنا في أحاديث المهدي عليه السلام ، عن أبي عبدالله وأبي جعفر عليهما السلام مثله .

 

كمال الدين وتمام انعمة: الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن عمر بن يزيد ، قال : قال لي أبوعبدالله الصادق عليه السلام : إنك لورأيت السفياني رأيت أخبث الناس ، أشقر أحمر أزرق ، يقول : يا رب يارب يارب ثم للنار ولقد بلغ من خبثه أنه يدفن ام ولد له وهي حية مخافة أن تدل عليه .

 

أم ولد من الإماء المستعبدات في عصرنا الحديث وما بعده! وهل شقرة اللون علامة على الخبث؟ نفس ما ناقشته في باب (المصادر الوثنية) عن خرافة أشقر ثمود ذابح الناقة الخرافية.

 

كتاب الغيبة للنعماني: ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن ابن مهران ، عن ابن البطائني عن أبيه ، ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : إذا رأيتم نارامن المشرق شبه الهروي العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد عليهم السلام إن شاءالله عزوجل إن الله عزيز حكيم .

ثم قال : الصيحة لا تكون إلا في شهر رمضان شهر الله وهي صيحة جبرئيل إلى هذا الخلق . ثم قال : ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه السلام فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب لا يبقى راقد إلا استيقظ ، ولا قائم إلا قعد ، ولا قاعد إلا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت ، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب ، فان الصوت الاول هو صوت جبرئيل الروح الامين . وقال عليه السلام : الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك واسمعوا وأطيعوا ، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي ألا إن فلانا قتل مظلوما ليشكك الناس ويفتنهم ، فكم ذلك اليوم من شاك متحير قد هوى في النار ، وإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكوا أنه صوت جبرئيل وعلامة ذلك أنه ينادى باسم القائم واسم أبيه حتى تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها وأخاها على الخروج . وقال عليه السلام : لابد من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليه السلام : صوت من السماء وهو صوت جبرئيل ، وصوت من الارض ، فهو صوت إبليس اللعين ، ينادي باسم فلان أنه قتل مظلوما يريد الفتنة ، فاتبعو ! الصوت الاول وإياكم والاخير أن تفتتنوا به .

 

نبوءة فاشلة جدًا لأن مقولة مقتل عثمان ظلمًا إنما هي مقولة بداية تأسيس الدولة الأموية بدعوى حشد الجيش للانتقام من قتلته وبعضهم كانوا في جيش علي كمحمد بن أبي بكر والمحرض عمار بن ياسر وغيرهما. ولا يعقل أن ينادي شخص في العصور الحديثة بهذا الكلام القديم لأنه صار بلا معنى لنا ولاندثار نسب عثمان والأمويين وكل قريش.

 

إضفاء وإعطاء شرعية دينية لقتال الخوارج

 

روى البخاري:

 

3344 - قَالَ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ قَالُوا يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا قَالَ إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ

 

3610 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ

 

4389 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِتْنَةُ هَا هُنَا هَا هُنَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ

 

5296 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْفِتْنَةُ مِنْ هَا هُنَا وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ

 

7562 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، يُحَدِّثُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، وَيَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لاَ يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ»، قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: " سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ - أَوْ قَالَ: التَّسْبِيدُ - "

 

ربط الشخص المعترض على طريقة قسمة محمد للغنائم بالخوارج هو بالطبع ربط أسطوري. وكذلك الزعم بتأييد محمد للحرب ضدهم وأنه تنبأ ضدهم وأنهم أو بعضهم سيخرجون من منطقة نجد العربية ناحية المشرق ، فكل ذلك قالوه في عصر ظهور الخوارج بعد موت محمد. وكان الخوارج يسمون أنفسهم الشراة من قوله {الذين يشرون أنفسهم ابتغاء مرضاة الله} و{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم}

 

وروى مسلم:

 

[ 1066 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعبد الله بن سعيد الأشج جميعا عن وكيع قال الأشج حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن خيثمة عن سويد بن غفلة قال قال علي إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أقول عليه ما لم يقل وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة

 

[ 1066 ] وحدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا بن علية وحماد بن زيد ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد بن زيد ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب واللفظ لهما قالا حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن محمد عن عبيدة عن علي قال ذكر الخوارج فقال فيهم رجل مخدج اليد أو مودن اليد أو مثدون اليد لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قال قلت آنت سمعته من محمد صلى الله عليه وسلم قال إي ورب الكعبة إي ورب الكعبة إي ورب الكعبة

 

 [ 1066 ] حدثنا محمد بن المثنى حدثنا بن أبي عدي عن بن عون عن محمد عن عبيدة قال لا أحدثكم إلا ما سمعت منه فذكر عن علي نحو حديث أيوب مرفوعا

 

 [ 1066 ] حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الرزاق بن همام حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان حدثنا سلمة بن كهيل حدثني زيد بن وهب الجهني أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي رضى الله تعالى عنه الذين ساروا إلى الخوارج فقال علي رضى الله تعالى عنه أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لا تكلوا عن العمل وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد وليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس فسيروا على اسم الله قال سلمة بن كهيل فنزلني زيد بن وهب منزلا حتى قال مررنا على قنطرة فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي فقال لهم ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء فرجعوا فوحشوا برماحهم وسلوا السيوف وشجرهم الناس برماحهم قال وقتل بعضهم على بعض وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان فقال علي رضى الله تعالى عنه التمسوا فيهم المخدج فالتمسوه فلم يجدوه فقام علي رضى الله تعالى عنه بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض قال أخروهم فوجدوه مما يلي الأرض فكبر ثم قال صدق الله وبلغ رسوله قال فقام إليه عبيدة السلماني فقال يا أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إي والله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف له

 

 [ 1066 ] حدثني أبو الطاهر ويونس بن عبد الأعلى قالا أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه قالوا لا حكم إلا لله قال علي كلمة حق أريد بها باطل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم وأشار إلى حلقه من أبغض خلق الله إليه منهم أسود إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي فلما قتلهم علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه قال انظروا فنظروا فلم يجدوا شيئا فقال ارجعوا فوالله ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلاثا ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه قال عبيد الله وأنا حاضر ذلك من أمرهم وقول علي فيهم زاد يونس في روايته قال بكير وحدثني رجل عن بن حنين أنه قال رأيت ذلك الأسود

  

[ 1067 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بعدي من أمتي أو سيكون بعدي من أمتي قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه هم شر الخلق والخليقة فقال بن الصامت فلقيت رافع بن عمرو الغفاري أخا الحكم الغفاري قلت ما حديث سمعته من أبي ذر كذا وكذا فذكرت له هذا الحديث فقال وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 [ 1068 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن يسير بن عمرو قال سألت سهل بن حنيف هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الخوارج فقال سمعته وأشار بيده نحو المشرق قوم يقرأون القرآن بألسنتهم لا يعدو تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية

 

وروى أحمد وعبد الله بن أحمد:

 

• 1189 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الشَّاعِرُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، أَنَّ أَبَا الْوَضِيءِ عَبَّادًا حَدَّثَهُ، أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا عَامِدِينَ إِلَى الْكُوفَةِ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلَمَّا بَلَغْنَا مَسِيرَةَ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاثٍ - مِنْ حَرُورَاءَ، شَذَّ مِنَّا نَاسٌ كَثِيرٌ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِعَلِيٍّ، فَقَالَ: لَا يَهُولَنَّكُمْ أَمْرُهُمْ فَإِنَّهُمْ سَيَرْجِعُونَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ - قَالَ: فَحَمِدَ اللهَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ: إِنَّ خَلِيلِي أَخْبَرَنِي: " أَنَّ قَائِدَ هَؤُلاءِ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ، عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِهِ شَعَرَاتٌ، كَأَنَّهُنَّ ذَنَبُ الْيَرْبُوعِ فَالْتَمَسُوهُ " فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا: إِنَّا لَمْ نَجِدْهُ . فَقَالَ: الْتَمِسُوهُ، فَوَاللهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ ثَلَاثًا، فَقُلْنَا: لَمْ نَجِدْهُ، فَجَاءَ عَلِيٌّ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ: " اقْلِبُوا ذَا اقْلِبُوا ذَا " حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْكُوفَةِ فَقَالَ: هُوَ ذَا، قَالَ عَلِيٌّ: اللهُ أَكْبَرُ، لَا يَأْتِيكُمِ أَحَدٌ يُخْبِرُكُمْ مَنْ أَبُوهُ ؟، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ هَذَا مَالِكٌ، هَذَا مَالِكٌ، يَقُولُ عَلِيٌّ: ابْنُ مَنْ هُوَ

 

إسناده حسن، يزيد بن أبي صالح وثقه يحيى بن معين وغيره، وقال أبو حاتم: ليس بحديثه بأس، وقال أحمد بن حنبل: كان حسن الحديث، له ترجمة في "تعجيل المنفعة" ص 450. وأخرجه بأطولَ مما هنا الحاكم 4/531-533 وصحح إسناده من طريق أبي قِلابة الرقاشي، عن عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، عن أبيه، عن يزيد بن صالح (كذا في المستدرك) ، بهذا الإسناد. وانظر (1179) .

626 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " ذُكِرَ الْخَوَارِجُ فَقَالَ: فِيهِمْ مُخْدَجُ الْيَدِ، - أَوْ مُودَنُ الْيَدِ، أَوْ مُثَدَّنُ الْيَدِ -، لَوْلا أَنْ تَبْطَرُوا لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ . قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ ؟ قَالَ: إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أيوب: هو ابن أبى تميمة السختياني، ومحمد: هو ابن سيرين، وعَبيدة: هو السلماني. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/303-304، ومسلم (1066) (155) ، وابن ماجه (167) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (912) ، والبزار (539) ، وأبو يعلى (481) من طريق إسماعيل بن عُلية، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (18652) ، والبزار (538) من طريقين عن أيوب، به. وأخرجه الطيالسي (166) ، والبزار (540) و (541) و (542) و (543) و (544) ، وأبو يعلى (475) من طرق عن محمد بن سيرين، به. وسياتي برقم (735) و (904) و (982) و (983) و (988) و (1224) و (1332) .

 

• 1179 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا، حَيْثُ قَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ، قَالَ: " الْتَمِسُوا لِيَ الْمُخْدَجَ " فَطَلَبُوهُ فِي الْقَتْلَى، فَقَالُوا: لَيْسَ نَجِدُهُ، فَقَالَ: " ارْجِعُوا فَالْتَمِسُوا، فَوَاللهِ مَا كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ " فَرَجَعُوا فَطَلَبُوهُ، فَرَدَّدَ ذَلِكَ مِرَارًا، كُلُّ ذَلِكَ يَحْلِفُ بِاللهِ: " مَا كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ " فَانْطَلَقُوا فَوَجَدُوهُ تَحْتَ الْقَتْلَى فِي طِينٍ، فَاسْتَخْرَجُوهُ فَجِيءَ بِهِ فَقَالَ أَبُو الْوَضِيءِ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَبَشِيٌّ عَلَيْهِ ثَدْيٌ، قَدْ طَبَقَ إِحْدَى يَدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا شَعَرَاتٌ مِثْلُ شَعَرَاتٍ تَكُونُ عَلَى ذَنَبِ الْيَرْبُوعِ

 

إسناده صحيح. أبو الوضيئ: هو عباد بن نسيب. وأخرجه أبو يعلى (480) عن عبيد الله بن القواريري ، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (169) ، وأبو داود (4769) ، وأبو يعلى (555) من طريق حماد بن زيد، به. وسيأتي برقم (1188) و (1189) و (1197) .

واليربوع: حيوان صغير على هيئة الجرذ الصغير ، وله ذنب طويل ينتهي بخصلة من الشعر، وهو قصير اليدين طويل الرجلين، لونه كلون الغزال.

 

912 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا، فَلَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مُحَارِبٌ، وَالْحَرْبُ خَدْعَةٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. خيثمة: هو ابن عبد الرحمن. وانظر (616) .

 

7038 - حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن مقسم أبي القاسم، مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي، حتى أتينا عبد الله بن عمرو بن العاصي، وهو يطوف بالبيت، معلقا نعليه بيده، فقلنا له: هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يكلمه التميمي يوم حنين ؟ قال: نعم، أقبل رجل من بني تميم، يقال له: ذو الخويصرة، فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يعطي الناس، قال: يا محمد، قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أجل، فكيف رأيت ؟ " قال: لم أرك عدلت قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: " ويحك ، إن لم يكن العدل عندي، فعند من يكون ؟ "، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، ألا نقتله ؟ قال: " لا، دعوه، فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين، حتى يخرجوا منه، كما يخرج السهم من الرمية ، ينظر في النصل ، فلا يوجد شيء، ثم في القدح، فلا يوجد شيء، ثم في الفوق فلا يوجد شيء، سبق الفرث والدم "

صحيح، وهذا إسناد حسن، ابن إسحاق -وهو محمد- صرح بالتحديث، وأبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر: وثقه ابن معين، وعبد الله بن أحمد -كما ذكر هنا-، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وقال في موضع آخر: صحيح الحديث، وذكره أبو أحمد الحاكم فيمن لا يعرف اسمه، ومقسم -وهو ابن بجرة، ويقال: ابن نجدة، ويقال له أيضا: مولى ابن عباس للزومه له-، قال أبو حاتم: صالح الحديث، لا بأس به، ووثقه أحمد بن صالح المصري والعجلي والفسوي والدارقطني، وضعفه ابن سعد، وذكره البخاري في "الضعفاء" ولم يذكر فيه قدحا،  وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/227، 228، وقال: رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجال أحمد ثقات. وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (3344) و (6933) ، ومسلم (1064) (143) ، سيرد 3/68 و73. وآخر من حديث جابر عند مسلم (1063) (142) ، سيرد 3/354، 355. وثالث من حديث أبي برزة، سيرد 4/421. ورابع من حديث أبي بكرة الثقفي، سيرد 5/42. وانظر ما مضى في مسند علي بن أبي طالب (672) .

الرمية: بفتح الراء وكسر الميم وتشديد الياء التحتية: قال ابن الأثير: الصيد الذي ترميه فتقصده وينفذ فيه سهمك. وقيل: هي كل دابة مرمية. قوله: "ينظر في النصل": يعني هل اتصل به شيء من الدم والفرث. والنصل: الحديدة التي في السهم وغيره. والفرث: ما يخرج من الكرش. والقدح، بكسر القاف وسكون الدال: عود السهم قبل أن يراش وينصل، والفوق، بضم الفاء: مدخل الوتر. قوله: "سبق الفرث": لسرعة السهم وشدة النزع. قاله السندي. وقال الحافظ في "الفتح" 6/618: شبه مروقهم من الدين بالسهم الذي يصيب الصيد، فيدخل فيه، ويخرج منه، ومن شدة سرعة خروجه -لقوة الرامي- لا يعلق من جسد الصيد شيء.

 

وعلى النقيض رووا أن عليًّا نفسه نفى أن لديه أي نبوءات أو أسرار وأشياء عهدها محمد له، وأن كل ما نسبه الآخرون له عن محمد أكاذيب! روى البخاري ومسلم وأحمد واللفظ لأحمد:

 

615 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ، فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَؤُهُ إِلا كِتَابَ اللهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ - صَحِيفَةٌ فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ - فَقَدْ كَذَبَ، قَالَ: وَفِيهَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا ، أَوْ آوَى مُحْدِثًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلًا وَلا صَرْفًا ، وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلا عَدْلًا، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ "

 

إسناده صحح على شرط الشيخين. إبراهيم التيمي: هو إبراهيمُ بنُ يزيد بن شريك التيمي، وأخطأ الحافظُ في "التقريب" فنسبه إلى التدليس وهو بريء منه لم يصفه بذلك أحد فيما نعلم، حتى هو لم يذكره في "طبقات المدلسين". وأخرجه ابن أبي شيبة 14/198، ومسلم (1370) وص 1147) 20) ، والترمذي (2127) ، وأبو يعلى (263) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (184) ، والبخاري (3172) و (6755) و (7300) ، والنسائي في "الكبرى" (4278) ، وابن حبان (3716) من طرق عن الأعمش، به. وسيأتي برقم (1037) ، وانظر (599) و (959) .

 

وروى البخاري:

 

1870 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ وَقَالَ ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ

 

وروى أحمد:

 

656 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ، مَرْجِعَهُ مِنَ الْعِرَاقِ لَيَالِيَ قُتِلَ عَلِيٌّ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ شَدَّادٍ، هَلْ أَنْتَ صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ ؟ تُحَدِّثُنِي عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ، قَالَ: وَمَا لِي لَا أَصْدُقُكِ ؟ قَالَتْ: فَحَدِّثْنِي عَنْ قِصَّتِهِمْ قَالَ: فَإِنَّ عَلِيًّا لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ، وَحَكَّمَ الْحَكَمَيْنِ، خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلافٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ، فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: حَرُورَاءُ، مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ، وَإِنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ أَلْبَسَكَهُ اللهُ تَعَالَى، وَاسْمٍ سَمَّاكَ اللهُ تَعَالَى بِهِ، ثُمَّ انْطَلَقْتَ فَحَكَّمْتَ فِي دِينِ اللهِ، فَلا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ تَعَالَى . فَلَمَّا أَنْ بَلَغَ عَلِيًّا مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ، وَفَارَقُوهُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ: أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلا رَجُلٌ قَدْ حَمَلَ الْقُرْآنَ . فَلَمَّا أَنِ امْتَلاتِ الدَّارُ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ، دَعَا بِمُصْحَفٍ إِمَامٍ عَظِيمٍ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَصُكُّهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: أَيُّهَا الْمُصْحَفُ، حَدِّثِ النَّاسَ، فَنَادَاهُ النَّاسُ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَسْأَلُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ فِي وَرَقٍ، وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رُوِينَا مِنْهُ، فَمَاذَا تُرِيدُ ؟ قَالَ: أَصْحَابُكُمْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا، بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ دَمًا وَحُرْمَةً مِنَ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ وَنَقَمُوا عَلَيَّ أَنْ كَاتَبْتُ مُعَاوِيَةَ: كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ جَاءَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، حِينَ صَالَحَ قَوْمَهُ قُرَيْشًا، فَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " . فَقَالَ: سُهَيْلٌ لَا تَكْتُبْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . فَقَالَ: " كَيْفَ نَكْتُبُ؟ " فَقَالَ: اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللهُمَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَاكْتُبْ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ " فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ لَمْ أُخَالِفْكَ . فَكَتَبَ: هَذَا مَا صَالَحَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قُرَيْشًا . يَقُولُ: اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ " فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا تَوَسَّطْنَا عَسْكَرَهُمْ ، قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: يَا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ، إِنَّ هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ فَأَنَا أُعَرِّفُهُ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَا يَعْرِفُهُ بِهِ، هَذَا مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ: قَوْمٌ خَصِمُونَ فَرُدُّوهُ إِلَى صَاحِبِهِ، وَلا تُوَاضِعُوهُ كِتَابَ اللهِ . فَقَامَ خُطَبَاؤُهُمْ فَقَالُوا: وَاللهِ لَنُوَاضِعَنَّهُ كِتَابَ اللهِ، فَإِنْ جَاءَ بِحَقٍّ نَعْرِفُهُ لَنَتَّبِعَنَّهُ، وَإِنْ جَاءَ بِبَاطِلٍ لَنُبَكِّتَنَّهُ بِبَاطِلِهِ . فَوَاضَعُوا عَبْدَ اللهِ الْكِتَابَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلافٍ كُلُّهُمْ تَائِبٌ، فِيهِمُ ابْنُ الْكَوَّاءِ، حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلَى عَلِيٍّ الْكُوفَةَ، فَبَعَثَ عَلِيٌّ، إِلَى بَقِيَّتِهِمْ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِنَا وَأَمْرِ النَّاسِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، فَقِفُوا حَيْثُ شِئْتُمْ، حَتَّى تَجْتَمِعَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا، أَوْ تَقْطَعُوا سَبِيلًا ، أَوْ تَظْلِمُوا ذِمَّةً، فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ فَقَدْ نَبَذْنَا إِلَيْكُمِ الْحَرْبَ عَلَى سَوَاءٍ، إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ . فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ شَدَّادٍ، فَقَدْ قَتَلَهُمْ فَقَالَ: وَاللهِ مَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيلَ، وَسَفَكُوا الدَّمَ، وَاسْتَحَلُّوا أَهْلَ الذِّمَّةِ . فَقَالَتْ: آَللَّهُ ؟ قَالَ: آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ كَانَ . قَالَتْ: فَمَا شَيْءٌ بَلَغَنِي عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَتَحَدَّثُونَهُ ؟ يَقُولُونَ: ذُو الثُّدَيِّ، وَذُو الثُّدَيِّ . قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ، وَقُمْتُ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلَى، فَدَعَا النَّاسَ فَقَالَ: أَتَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ جَاءَ يَقُولُ: قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلَانٍ يُصَلِّي، وَرَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلَانٍ يُصَلِّي، وَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِثَبَتٍ يُعْرَفُ إِلَّا ذَلِكَ . قَالَتْ: فَمَا قَوْلُ عَلِيٍّ حِينَ قَامَ عَلَيْهِ كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِرَاقِ ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ قَالَتْ: هَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قَالَ: اللهُمَّ لَا . قَالَتْ: أَجَلْ، صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، يَرْحَمُ اللهُ عَلِيًّا إِنَّهُ كَانَ مِنْ كَلَامِهِ لَا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ إِلَّا قَالَ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَيَذْهَبُ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ، وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ

 

إسناده حسن، يحمى بن سُليم- وهو الطائفي- مختلف فيه يتقاصر عن رتبة الصحيح له في البخاري حديث واحد، واحتجّ به مسلم والباقون، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غيرَ عبيد الله بن عياض بن عمرو، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" وهو ثقة، وقال ابنُ كثير في "تاريخه" 7/292 بعد أن ذكر من رواية أحمد: تَفَرد به أحمد وإسناده صحيح، واختاره الضياء (يعني في "المختارة"). وأخرجه أبو يعلى (474) عن إسحاق بنِ أبي إسرائيل، عن يحيى بنِ سُليم، بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/235-237 ونسبه إلى أبي يعلى، ولم ينسبه إلى أحمد مع أنَّه من شرطه ! وقال: رجاله ثقات.

 

959 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ يَأْمُرُ بِالْأَمْرِ فَيُؤْتَى، فَيُقَالُ: قَدْ فَعَلْنَا كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْأَشْتَرُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي تَقُولُ قَدْ تَفَشَّغَ فِي النَّاسِ، أَفَشَيْءٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ عَلِيٌّ: مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا خَاصَّةً دُونَ النَّاسِ، إِلا شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهُوَ فِي صَحِيفَةٍ فِي قِرَابِ سَيْفِي، قَالَ: فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَخْرَجَ الصَّحِيفَةَ، قَالَ: فَإِذَا فِيهَا: " مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا ، أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ " قَالَ: وَإِذَا فِيهَا: " إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ، حَرَامٌ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا وَحِمَاهَا كُلُّهُ، لَا يُخْتَلَى خَلاهَا ، وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا، إِلا لِمَنْ أَشَارَ بِهَا، وَلا تُقْطَعُ مِنْهَا شَجَرَةٌ إِلا أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ، وَلا يُحْمَلُ فِيهَا السِّلاحُ لِقِتَالٍ " قَالَ: وَإِذَا فِيهَا: " الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، أَلا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ "

 

صحيح لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي حسان الأعرج، فمن رجال مسلم، وهو صدوق، ورِوايته عن علي مرسلة، ومع ذلك فقد حَسن سنده الحافظ في "الفتح" 12/261. وأخرجه مختصراً أبو داود (2035) ، والنسائي 8/24 من طريقين عن همام، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (991) ، وانظر (615) و (993) و (1297) .

وقوله: "تَفَشغ"، أي: فشا وانتشر.  وحَرَّتا المدينة، هما: حرة واقم (وهي الشرقية) وحرة وَبَرة (وهي الغربية) .

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

33824- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ عَلِيًّا حَرَّقَ زَنَادِقَةً بِالسُّوقِ ، فَلَمَّا رَمَى عَلَيْهِمْ بِالنَّارِ ، قَالَ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَاتَّبَعْته , فَالْتَفَتَ إلَيَّ ، قَالَ سُوَيْد قُلْتُ : نَعَمْ , فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَمِعْتُك تَقُولُ شَيْئًا ، فَقَالَ : يَا سُوَيْد , إنِّي مع قَوْمٍ جُهَّالٍ , فَإِذَا سَمِعَتْنِي أَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ حَقٌّ.

 

يعني لم يزعم علي بأي نبوءة مما رووه عنه في البخاري ومسلم ومسند أحمد، الرجل كان يسبح ربه ويقول صدق الله ورسوله كعادة عنده فقط.

 

الدين الإسلامي نفسه متطرف جدًّا في نصوصه، لذلك يخرج نتيجة له فئات وجماعات أكثر تطرفًا من الجمهور المسلم على تعصبه وتطرفه الكافي! وهذا منذ عصر أصحاب محمد تحديدًا عصري عثمان وعلي. لم يدرك القدماء أن المشكلة في الدين نفسه وتعاليمه، فهي نبع الخارجية والإرهاب، ولأن المتطرفين الخوارج اسمهم في النهاية مسلمون رغم محاولاتهم الانقلابية وممارستهم للعنف، فقد لاحظت من قراءتي لكتب التاريخ إجلال كثيرين للخوارج وقادتهم كناس مصلين متعبدين متشددين، ربما مثلما يجل اليوم كثير من جاهلي وعوام المسلمين لجماعات الإرهاب على أنها جماعا مقدسة تريد إعادة حكم الدين. ولا يزال حكام اليوم من المسلمين لا يصلون إلى إدراك أن المشكلة ليست في تفسير أو أطروحة للدين، بل ببساطة في الدين نفسه.

 

وروى مسلم:

 

[ 2779 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أسود بن عامر حدثنا شعبة بن الحجاج عن قتادة عن أبي نضرة عن قيس قال قلت لعمار أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة ولكن حذيفة أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابي اثنا عشر منافقا فيهم ثمانية { لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط }  ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة وأربعة لم أحفظ ما قال شعبة فيهم

 

 [ 2779 ] حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن قيس بن عباد قال قلنا لعمار أرأيت قتالكم أرأيا رأيتموه فإن الرأي يخطىء ويصيب أو عهدا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن في أمتي قال شعبة وأحسبه قال حدثني حذيفة وقال غندر أراه قال في أمتي اثنا عشر منافقا { لا يدخلون الجنة }  ولا يجدون ريحها { حتى يلج الجمل في سم الخياط }  ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم

 

رواه أحمد 18885 و18313 و23319 والبزار في مسنده (2788) ، وأبو يعلى (1616) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/262، من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

 

هذا ينفي ويكذِّب حديث أسطورة عمار تقتله الفئة الباغية.

 

وهناك حديث مفضوح جدًّا يذكر مصطلح الخوارج بالاسم، وهو ما اعترف علماء الأحاديث السنة ببطلانه لأنه مصطلح لاحق لم يكن له وجود في عصر محمد، روى أحمد:

 

19130 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْخَوَارِجُ هُمْ كِلَابُ النَّارِ "

 

إسناده ضعيف، الأعمش لم يسمع من عبد الله بن أبي أوفى فيما قال أحمد، وغيره وبقية رجاله ثقات، وسيأتي من وجه آخر برقم (19415) . وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 5/56 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 5/305- ومن طريقه ابن ماجه (173) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (904) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/56- واللالكائي في "أصول الاعتقاد" (2311) ، وأبو نعيم 5/56، والخطيب في "تاريخه" 6/319، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" 1/168 من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، بهذا الإسناد.

قال البوصيري في زوائده 1/67: رجال الإسناد ثقات، إلا أن فيه انقطاعاً، الأعمش لم يسمع من ابن أبي أوفى، قاله غير واحد، وقال أبو نعيم: إن هذا الحديث مما خَصَ به الأعمشُ إسحاقَ الأزرق، ويذكر أنه مما تفرد به إسحاق، وروي من حديث الثوري، عن الأعمش، ثم ساقه أبو نعيم بإسناده من طريق الثوري، عن الأعمش، به.

وفي الباب عن أبي أُمامة، وسيرد 5/250 و253 و269.

قلنا: وفي النفس من متن هذا الحديث شيء، فإن اسم الخوارج لم يطلق إلا على من رفض من أصحاب على رضي الله عنه التحكيم بينه وبين معاوية رضي الله عنه، وذلك نحو (37هـ) ، وسموا وقتئذ كذلك بالحرورية، لأنهم نزلوا حروراء من قرى الكوفة.

ولم يقل أحد من الأئمة: إنهم كفار بل هم بغاة، بل إن علياً رضي الله عنه حين سئل عنهم: أكفارٌ هم؟ قال: هُمْ من الكفر فَرُّوا. وكل ذلك مذكور في كتب التاريخ لتلك الفترة.

والأحاديث الصحيحة التي ورد فيها الأمر بقتالهم لكونهم بغاة، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يمرقون من الدين" قال الخطابي: أراد بالدين: الطاعة، أي: أنهم يخرجون من طاعة الإمام المُفْتَرَضِ الطاعة، وينسلخون منها، وقد أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج على ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين، وأجازوا مناكحتهم وأكل ذبائحهم، وقبول شهادتهم. انتهى كلام الخطابي، نقله عنه ابن الأثير في "النهاية" 2/149.

وانظر حديث عبد الله بن مسعود السالف برقم (3831) ، فقد ذكرنا ثمت أحاديث الباب.

 

22151 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَجِيرٍ، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ قَالَ: جِيءَ بِرُءُوسٍ مِنْ قِبَلِ الْعِرَاقِ فَنُصِبَتْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، وَجَاءَ أَبُو أُمَامَةَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: " شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ، ثَلَاثًا، وَخَيْرُ قَتْلَى تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ مَنْ قَتَلُوهُ . وَقَالَ: كِلَابُ النَّارِ "،، ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّهُ بَكَى، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُمْ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا أَبَا أُمَامَةَ أَرَأَيْتَ هَذَا الْحَدِيثَ ؟ حَيْثُ قُلْتَ: كِلَابُ النَّارِ، شَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ شَيْءٌ تَقُولُهُ بِرَأْيِكَ ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ لَوْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَين، حَتَّى ذَكَرَ سَبْعاً لَخِلْتُ أَنْ لَا أَذْكُرَهُ . فَقَالَ الرَّجُلُ: لِأَيِّ شَيْءٍ بَكَيْتَ ؟ قَالَ: رَحْمَةً لَهُمْ أَوْ مِنْ رَحْمَتِهِمْ.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه من أجل سيار بن عبد الله الأموي مولاهم الدمشقي، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة" (1545) ، وابن خزيمة في الجهاد كما في "إتحاف المهرة" 6/229، والحاكم 2/149 و149-150 من طرق عن عكرمة بن عمار، عن أبي عمار شداد بن عبد الله الدمشقي، عن أبي أمامة .

وصححه الحاكم على شرط مسلم، وأقره الذهبي . وزادوا في آخره: قال: إنهم كانوا مؤمنين، فكفروا بعد إيمانهم، ثم قرأ هذه الآية: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [آل عمران: 105-106] .

 

وبطبيعة الحال لأن الإرهاب المتشدد منبعه الإرهاب الإسلامي التقليدي لنصوص وتاريخ الإسلام، فقد اختلفوا في تكفير الخوارج المتشددين من عدمه:

 

قلنا: والقائلُ: إنهم كانوا مؤمنين فكفروا بعدَ إيمانهم، هو أبو أُمامة، واستدلَّ بهذه الآية، وإليكَ ما قاله الإمامُ الآلوسيُّ رحمه الله في تفسيرها: والظاهرُ مِن السِّياق والسّباق أنَّ هؤلاء أهلُ الكتاب، وكفرُهم بعدَ إيمانهم كفرُهم برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدَ الإيمانِ به قبل مبعثه، وإليه ذهبَ عكرمةُ واختاره الزجاجُ والجبائيُّ .

وقيل: هُمْ جميعُ الكفار لإعراضهم عما وَجَبَ عليهم من الإقرار حينَ أشهدَهُم على أنفسهم (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) ويروى ذلك عن أُبي بن كعب .

ويحتمل أن يُراد بالإيمانِ الإيمانُ بالقُوَّةِ والفِطرة، وكفرُ جميع الكفار، كان بعدَ هذا الإيمانِ لتمكنهم بالنظرِ الصحيحِ، والدلائلِ الواضِحَةِ، والآيات البينة مِن الإيمان بالله تعالى ورسولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وعن الحسن: أنهم المنافقونَ أَعْطَوْه كَلِمَةَ الإيمانِ بألسنتهم، وأنكروها بقلوبهم وأعمالِهم، فالإيمانُ على هذا مجازي .

وقيل: إنهم أهلُ البدعِ والأهواء من هذه الأمة، ورُوي ذلك عن علي وأبي أمامة وابن عباس وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم .

قلنا: ذهب أكثرُ أهل الأصول مِن أهل السنة إلى أن الخوارج فُسَّاق، وأن حكم الإسلام يجري عليهم لتلفظهم بالشهادتين، ومواظبتهم على أركانِ الإسلامِ، وإنما فسقوا بتكفيرهم المسلمينَ مستندين إلى تأويلٍ فاسدٍ، وجَرَّهم ذلك إلى استباحةِ مخالفيهم وأموالهم والشهادةِ عليهم بالكفرِ والشرك .

وقال الإمامُ الخطابي: أجمع علماءُ المسلمين على أن الخوارجَ مع ضلالتهم فِرقةٌ من فِرق المسلمين، وأجازوا مناكحتَهم وأكلَ ذبائحهم، وأنهم لا يُكَفَّرون ما داموا متمسِّكينَ بأصل الإسلام، وقال القاضي عياض: كادت هذه المسألةُ تكونُ أشدُّ إشكالاً عندَ المتكلمين من غيرها حتى سألَ الفقيهُ عبدُ الحق الإمامَ أبا المعالي عنها، فاعتذرَ بأن إدخالَ كافرٍ في الملة وإخراجَ مسلم منها عظيمٌ في الدين . قال: وقد توقف قبلَه القاضي أبو بكر الباقلانيُّ، قال: لم يُصِّرحَ القومُ بالكفر، وإنما قالوا أقوالاً تُؤدي إلى الكفر .

وقال الإمام الغزالي في كتاب "التفرقة بين الإيمان والزندقة": والذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وُجدَ إليه سبيلاً، فإن استباحة دماءِ المُصلين المقرين بالتوحيد خطأ، والخطأ في تركِ ألفِ كافرٍ في الحياة أهونُ من الخطأ في سفكِ دمٍ لمسلمٍ واحد . انظر "الفتح" 12/300، وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 7/160: ومذهبُ الشافعي وجماهير أصحابه العلماء أن الخوارجَ لا يكفرون، وكذلك القَدَرِيَّة وجماهيرُ المعتزلة وسائر أهل الأهواء .

قال الشافعي رحمه الله: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطَّابية، وهم طائفة من الرافضة يشهدون لموافقيهم في المذهب بمجرد قولهم، فرد شهادتهم لهذا لبدعتهم .

وقال الكمالُ ابن الهمام: وحكم الخوارج عندَ جمهور الفقهاء والمحدثين حكم البغاة، وذهب بعض المحدثين إلى كفرهم . قال ابن المنذر: ولا أعلم أحداً وافق أهل الحديث على تكفيرهم . وهذا يقتضي نقل إجماع الفقهاء . انظر "حاشية ابن عابدين" 6/413 .

 

وإلى اليوم عند جاهلي العوام في دول الإسلام من مظلمي العقول بالفقر والجهل وأهل الأقاليم الفقيرة ومن أصولهم منها شعبية كبيرة للإرهابيين في سوريا وأفغانستان وباكستان والسودان وما شابهها والقائمين بتفجيرات في بريطانيا وأستراليا وفرانس ويعتبرونهم قديسين بقتلهم للمدنيين والمسالمين! ويصعُب على علماء الإسلام في معظمهم أن يعلنوا تكفير وكفر من يسفك الدم، فهذا في الأصل جوهر وأصل من أصول الدين الإسلامي وتاريخه وسنته وقرآنه وسيرة محمد.

 

وزعموا أن محمدًا تنبأ بحرب علي مع طلحة والزبير، ثم مع معاوية، وهذا ينفيه قول علي نفسه، كما روى أحمد وعبد الله ابنه:

 

• 1271 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: أَرَأَيْتَ مَسِيرَكَ هَذَا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ رَأْيٌ رَأَيْتَهُ ؟ قَالَ: " مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا " قُلْتُ: دِينَنَا دِينَنَا، قَالَ: " مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ رَأْيٌ رَأَيْتُهُ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. إسماعيل أبو معمر: هو ابن إبراهيم بن معمر الهذلي، وابن عُلية: هو إسماعيل، ويونس: هو ابن عبيد، والحسن: هو البصري. وأخرجه أبو داود (4666) ، والخطيب في "الموضح"1/393 من طريق إسماعيل أبي معمر، بهذا الإِسناد. وانظر ما تقدم برقم (1207) .

 

ويحتمل أن من أوائل من لفّقوا هذه القصص هو عبد الله بن عمرو بن العاص، فرغم كونه أمويًّا له بعض ولاء لأهله، كان متعاطفًا مع علي ومن معه باعتبار كثير منهم من أصحاب وأتباع محمد الأوائل، روى أحمد:

 

6929 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، حَدَّثَنِي أَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْعَنْزِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ، يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: لِيَطِبْ بِهِ أَحَدُكُمَا نَفْسًا لِصَاحِبِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ - يَعْنِي - رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ] : " كَذَا قَالَ أَبِي: يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَقُولُ: " تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ "، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَلَا تُغْنِي عَنَّا مَجْنُونَكَ يَا عَمْرُو ؟ فَمَا بَالُكَ مَعَنَا ؟ قَالَ: إِنَّ أَبِي شَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا، وَلَا تَعْصِهِ " فَأَنَا مَعَكُمْ وَلَسْتُ أُقَاتِلُ.

 

إسناده صحيح، وهو مكرر (6538) . وأخرجه ابن أبي شيبة 15/291، والنسائي في "خصائص علي" (164) ، وابن سعد في "الطبقات" 3/253، والبخاري في "التاريخ الكبير" 3/39، والذهبي في "المعجم المختص" ص 96، والمزي في "تهذيب الكمال" 7/437 (ترجمة حنظلة) ، من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال الذهبي: إسناده جيد، فإن الأسود لهذا وثقه ابن معين. وأخرجه ابن كثير في "البداية والنهاية" 7/269 من طريق هشيم، عن العوام بن حوشب، به. أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/39، وأبو نعيم في "الحلية" 7/198، من طريق غندر، عن شعبة، عن العوام بن حوشب، عن رجل من بني شيبان، عن حنظلة بن سويد، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/244، وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات. ومتن الحديث متواتر، وقد سلف ضمن قصة برقم (6499) . والحديث الذي في "المستدرك" 3/527، والذي فيه أن عبد الله بن عمرو أمره أبوه بالقتال، فأطاعه، وقاتل، ثم أنشد شعراً، حديث ضعيف منكر.

 

وروى أحمد:

 

17776 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ، وَكُلْثُومُ بْنُ جَبْرٍ، عَنْ أَبِي غَادِيَةَ، قَالَ: قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَأُخْبِرَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ قَاتِلَهُ، وَسَالِبَهُ فِي النَّارِ "، فَقِيلَ لِعَمْرٍو: فَإِنَّكَ هُوَ ذَا تُقَاتِلُهُ، قَالَ: إِنَّمَا قَالَ: قَاتِلَهُ، وَسَالِبَهُ.

 

إسناده قوي من أجل كلثوم بن جبر، وأما أبو حفص متابعه فلم نتبيَّنه. أبو غادية: يقال: اسمه يسار بن سَبُع، كان من شيعة عثمان رضي الله عنه، وله صحبة، وقد سلف له مسند في مسند المدنيين.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/260-261 عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد عن أبي غادية قال: سمعت عمّار بن ياسر يقع في عثمان يشتمه بالمدينة فتوعَّدْتُه بالقتل، قلت: لئن امكنني الله منك لأفعلنَّ. فلما كان يوم صفِّين جعل عمار يحمل على الناس، فقيل: هذا عمار. فرأيت فرجة بين الرئتين وبين الساقين قال: فحملتُ عليه فطعنتُه في ركبته فوقع فقتلتُه، فقيل: قتلت عمار بن ياسر، وأُخبِرَ عمرو بن العاص... فذكر الحديث.

وسلف نحو هذه القصة في مقتل عمار بن ياسر في حديث أبي الغادية من مسند المدنيين برقم (16698) .

وأخرج ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (803) عن العباس بن الوليد النَّرسي، عن معتمر بن سليمان، سمعت ليثاً يحدث عن مجاهد، عن عبد الله ابن عمرو، قال: أتى عمرَو بن العاص رجلان يختصمان في أمر عمار وسلبه، فقال: خلِّياه واتركاه، فإني سمعت رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "اللهم أولعت قريش بعمار، قاتل عمار وسالبُه في النار". وليث هذا: هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف، لكن تابعه سليمان بن طرخان والد المعتمر وهو ثقة، فقد أخرجه الحاكم 3/387 من طريق عبد الرحمن بن المبارك، عن المعتمر، عن أبيه، عن مجاهد، به. فإن كان هذا محفوظاً فالإسناد صحيح، وعبد الرحمن بن المبارك ثقة.

 

لا أعتقد أن ابن عمرو قال نبوءته المضحكة هذه أثناء القتال، لكن الحديث يحاول تبرير تناقض الموقف والتناقض بين الفعل والكلام.

 

16814 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ كَلَامٌ، فَأَغْلَظْتُ لَهُ فِي الْقَوْلِ، فَانْطَلَقَ عَمَّارٌ يَشْكُونِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ خَالِدٌ وَهُوَ يَشْكُوهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ: فَجَعَلَ يُغْلِظُ لَهُ، وَلَا يَزِيدُهُ (1) إِلَّا غِلْظَةً ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاكِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ، فَبَكَى عَمَّارٌ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَرَاهُ ؟ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ، قَالَ: " مَنْ عَادَى عَمَّارًا، عَادَاهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ عَمَّارًا أَبْغَضَهُ اللهُ " قَالَ خَالِدٌ: " فَخَرَجْتُ، فَمَا كَانَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رِضَا عَمَّارٍ، فَلَقِيتُهُ فَرَضِيَ (2) " قَالَ عَبْدُ اللهِ: " سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي،

 

(1) في (م) : يزيد.

(2) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على سلمة بن كهيل: وهو الحضرمي، فرواه هنا عن علقمة بن قيس النخعي، عن خالد بن الوليد، ورواه شعبة- كما سيأتي برقم (16821) - عنه، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن أبيه، عن الأشتر. وقد صحح الحاكم هذين الطريقين، فقال: حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين لاتفاقهما على العوام بن حوشب وعلقمة، على أن شعبة أحفظ منه حيث قال: عن سلمة بن كهيل، عن محمد ابن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن الأشتر، والإسنادان صحيحان!

وقد أعل الحافظان أبو حاتم الرازي وأبو زرعة طريق العوام هذا فيما ذكره الحافظ ابن أبي حاتم عنهما في "العلل" 2/356-357، فقالا: أسقط العوامَ من هذا الإسناد عدةٌ.

قلنا: وهو الأشبه، لأن شعبة أحفظ من العوام كما ذكر الحاكم، ولأن في سماع سلمة من علقمة في النفس وقفة، إذ توفي علقمة على أصح الأقوال سنة (61هـ) ولسلمة بن كهيل أربع عشرة سنة، والأثبت سماعه من محمد بن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، وقد صرح به، ولعل إلى هذا أشار الحافظان حين قالا: أسقط العوامَ من هذا الإسناد عدةٌ، أي أن بين سلمة وعلقمة انقطاعاً، والله أعلم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/120، والنسائي في "الكبرى" (8268) و (8269) ، وابن حبان (7081) ، والحاكم 3/390-391 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3835) من طريق هشيم بن بشير، عن العوام بن حوشب، به.

قال السندي: قوله: فجعل، أي: خالد.

 

يعني في النهاية الحديث فيه اضطراب في الإسناد وانقطاع ولم يعاصر الراوي المروي عنه ليصح أن هذه المزاعم قالها المروي عنه، ومع ذلك صححوه لأنه على مزاجهم! وحتى لو صح كواقع أن المروي عنه قال ذلك فهذا لا شيء وبلا قيمة لأنها خرافات مكتوبة ومتحدَّث بها لاحقًا بعد الأحداث. وعمار بن ياسر كما سنذكر في باب (الأحداث بعد موت محمد) جاء من مصر مع الثوار ضد عثمان وساهم في التسبب في قتله، وعلى النقيض توجد أحاديث منسوبة إلى محمد في كتب السنة في دعم موقف عثمان! وعمار وقتلة عثمان كانوا في جيش علي يوم معركة الجمل لأن أعداء علي اتخذوا شعارًا يجمعهم زائفًا هو الثأر لعثمان! تناقض ما بعده تناقض، كيف يدعم محمد عمارًا وعثمان في وقت واحد؟!

 

تناقض يكشف الأكذوبة وتلفيق خرافة تبنؤ محمد بقتل عمار بن ياسر وأنه أدان الطرف الذي منه قاتله في الحرب

 

روى أحمد:

 

11011 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَجَعَلْنَا نَنْقُلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَتَتَرَّبُ رَأْسُهُ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَصْحَابِي، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ: " وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ، تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. داود: هو ابن أبي هند، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك العبدي.

وأخرجه ابن سعد 3/252 من طريق وهيب بن خالد، والبزار (2687) "زوائد" من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، كلاهما عن داود، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/296، وقال: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.

قلنا: فاته أن ينسبه لأحمد.

وأخرجه الطيالسي (603) و (2168) ، ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 2/548 - 549 عن وهيب بن خالد، عن داود، به. وعنده أن ذلك كان يوم الخندق.

وأخرجه مسلم (2915) (70) ، والنسائي في "الكبرى" (8548) ، والبيهقي في "الدلائل" 2/548 من طريق شعبة، عن أبي مسلمة، عن أبي نضْرة يحدث عن أبي سعيد الخدري، قال: أخبرني من هو خير مني أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمار، حين جعل يحفر الخندق، وجعل يمسح رأسه، ويقول: "بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية" . واللفظ لمسلم.

قال البيهقي في "الدلائل" 2/549: يشبه أن يكون ذكر الخندق وهماً في رواية أبي نضرة، أو كان قد قالها عند بناء المسجد، وقالها يوم الخندق، والله أعلم.

 

وعلى العكس قالت رواية بأن محمدًا قال ذلك يوم حفر الخندق لمعركة الأحزاب، روى مسلم:

 

[ 2915 ] حدثنا محمد بن المثني وابن بشار واللفظ لابن المثني قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي مسلمة قال سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدري قال أخبرني من هو خير مني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار حين جعل يحفر الخندق وجعل يمسح رأسه ويقول بؤس بن سمية تقتلك فئة باغية

 

ورواه النسائي في "الكبرى" (8548) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/548

 

وروى أحمد:

 

(22609) 22983- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَمَّارٍ حِينَ جَعَلَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَجَعَلَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ : بُؤْسَ ابْنِ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم . أبو نَضْرة -وهو المنذر بن مالك بن قِطْعة- من رجاله، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين . وراد أبو سعيد الخدري بمن هو خير منه، أبا قتادة الأنصاري كما جاء مصرّحاً به في الرواية التالية، وفي بعض طرقه . شعبة: هو ابن الحجاج، وأبو مَسْلَمة: هو سعيد ابن يزيد بن مَسْلَمة البصري .

وأخرجه مسلم (2915) (70) والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/548 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد . وأخرجه مسلم (2915) (71) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1871) ، وأبو عوانة في الفتن كما في "إتحاف المهرة" 4/113-114 من طريق خالد بن الحارث، عن شعبة، به .

وقال خالد بن الحارث في حديثه: أخبرني من هو خير مني، أراه يعني أبا قتادة . وقال: "ويقول: وَيْسَ" أو"يقول: يا وَيْسَ ابن سُمَيَّة" بدل قوله: "ويقول: بؤس ابن سُمَيَّة" .

وانظر ما بعده في مسند أحمد.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، سلف برقم (6499) ، وانظر تتمة شواهده هناك .

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُؤسَ ابن سُمية": قال النووي في "شرح صحيح مسلم" 18/40: بُؤس: بباء موحدة مضمومة، وبعدها همزة، والبُؤس والبَأْساء: المكروه والشِّدَّة، والمعنى: يا بُؤس ابن سُميَّة ما أشدَّه وأعظمه!

 

وانظر إلى رواية الطبري في تاريخه:

 

... ثُمَّ رَجَعَ عَمَّارٌ إِلَى سَعْدٍ، فَكَلَّمَهُ سَعْدٌ وَجَعَلَ يَفْتِلُهُ بِكُلِّ وَجْهٍ، فَكَانَ آخَرُ ذَلِكَ أَنْ قَالَ عَمَّارٌ: وَاللَّهِ لا أَرُدُّهُمْ عَنْهُ أَبَدًا فَرَجَعَ سَعْدٌ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ عَمَّارٌ، فَاتَّهَمَ عُثْمَانُ سَعْدًا أَنْ يَكُونَ لَمْ يُنَاصِحْهُ، فَأَقْسَمَ لَهُ سَعْدٌ بِاللَّهِ، لَقَدْ حُرِّضَ فَقَبِلَ مِنْهُ عُثْمَانُ

 

26482 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: مَا نَسِيتُ قَوْلَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يُعَاطِيهِمُ (3) اللَّبَنَ ، وَقَدْ اغْبَرَّ شَعْرُ صَدْرِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: " اللهُمَّ إِنَّ (4) الْخَيْرَ خَيْرُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ " قَالَ: فَرَأَى عَمَّارًا، فَقَالَ: " وَيْحَهُ ابْنُ سُمَيَّةَ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ " قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِمُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: عَنْ أُمِّهِ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، أَمَا إِنَّهَا كَانَتْ (5) تُخَالِطُهَا، تَلِجُ عَلَيْهَا (6) (7)

 

(3) في نسخة في (ق) و (ظ2) و (هـ) : يعطيهم.

(4) في (ظ6) :إنما.

(5) في (ظ6) : قد كانت.

(6) قوله: أما إنها كانت تخالطها، تلجُ عليها: هو قول ابن سيرين، كما تدل عليه الرواية (26680) ، ورواية أبي يعلى (1645) ، والظاهر أن لفظ "قال" قبله سقط من النسخ، واللّه أعلم.

(7) إسناده صحيح على شرط مسلم. أم الحسن - وهو البصري - اسمها خَيْره قد روى لها مسلم، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. ابنُ أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم، وابن عَوْن: هو عبد الله.

وأخرجه بتمامه ومختصراً ابن سعد 3/252، وابنُ أبي شيبة 15/293، ومسلم (2916) (73) ، والنسائي في "الكبرى" (8275) ، وأبو يعلى (1645) و (6990) و (7025) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (855) ، والبيهقي في "الدلائل" 2/550 و6/420 من طرق عن ابن عَوْن، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد 3/251-252 عن إسحاق بن يوسف الأزرق، وابن حبان (6736) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (858) من طريق شعبة، والطبراني في "الكبير" 23/ (853) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/420 من طريق عثمان بن الهيثم، والطبراني أيضاً 23/ (853) من طريق هَوْذَة بن خليفة، ثلاثتهم عن عَوْف الأعرابي، عن الحسن، به. مختصراً بقصة عمار. وزاد ابن سعد: وقال عوف: ولا أحسبه إلا قال: "وقاتلُه في النار".

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (856) من طريق سهل السراج، عن الحسن، به. مختصراً في قتل عمار.

وسيأتي بالأرقام (26563) و (26650) و (26680) .

وفي باب قوله: اللهمَّ إن الخير خيرُ الآخرة... " إلخ، عن أنس، سلف برقم (12722) وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

وفي باب قوله: "ويحه ابن سمية... " عن عبد الله بن عمرو بن العاص، سلف برقم (6449) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: أما إنها، أي: أم الحسن.  تخالطُها: أي: تخالط أم سلمة، تدخل على أم سلمة.

 

21873 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَخَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: مَا زَالَ جَدِّي، كَافًّا سِلَاحَهُ يَوْمَ الْجَمَلِ حَتَّى قُتِلَ عَمَّارٌ بِصِفِّينَ، فَسَلَّ سَيْفَهُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ . قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ".

 

مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو معشر -وهو نَجِيح بن عبد الرحمن السندي المدني- ضعيف، ومحمد بن عمارة بن خزيمة من رجال "التعجيل"، روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/436، وهو لم يشهد القصة، فحديثه هذا منقطع . يونس شيخ المصنف: هو ابن محمد المؤدب، وهو ومتابعه خلف بن الوليد ثقتان .

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخه" 12/ورقة 641 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد .

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/302، والحاكم 3/397، والطبراني (3711) و (3720) من طرق عن أبي معشر، به . ووقع في رواية الطبراني في الموضع الثاني: عن أبي معشر، عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه، قال: كان أبي كافّاً سلاحه، فذكر نحوه .

وأخرجه ابن سعد 3/259، والحاكم 3/385 من طريق الواقدي، قال: حدثني عبد الله بن الحارث بن فضيل، عن أبيه عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً، فذكره مطولاً، وزاد فيه قصة مقتل عمار رضي الله عنه . والواقدي متروك، وباقي رجاله ثقات . ووقع اسم عبد الله بن الحارث بن فضيل في مطبوعة ابن سعد: عبد الحارث بن فضيل . وهو خطأ .

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تقتل عماراً الفئة الباغية" صح عن غير واحد من الصحابة، وذكرنا شواهده عند حديث عبد الله بن عمرو السالف برقم (6499) .

 

وكما علقت سابقًا هذه ليست وسيلة منطقية لمعرفة من كان على حق، فلان مع فلان أو فلان كان مع فلان وقُتِل ليس دليلًا على صحة موقف هذا الطرف والشخص.

 

وعند الشيعة بالإضافة إلى هذه القصة المحبوبة عندهم، قصة أخرى مشابهة عن الزبير بن العوام، في ج33 من بحار الأنوار ص 336:

 

فإن قيل : أليس قد روي أن أمير المؤمنين لما جاءه ابن جرموز برأس الزبير قال : " بشر قاتل ابن صفية بالنار " فلو لم يكن تائبا لما استحق النار بقتله .

قيل لهم : إن ابن جرموز غدر بالزبير وقتله بعد أن أعطاه الامان وكان قتله على وجه الغيلة والمكر وهذه منه معصية لا شبهة فيها وقد تظاهر الخبر بما ذكرناه حتى روي أن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل وكانت تحت عبد الله بن أبي بكر فخلف عليها عمر ثم الزبير قالت في ذلك : غدر ابن جرموز بفارس بهمة * يوم اللقاء وكان غير معرد يا عمرو لو نبهته لوجدته * لا طائشا رعش اللسان ولا اليد فإنما استحق ابن جرموز النار بقتله إياه غدرا لا لان المقتول في الجنة .

وهذا الجواب يتضمن الكلام على قولهم : إن بشارته بالنار مع الاضافة إلى قتل الزبير يدل على أنه إنما استحق النار بقتله لانا قد بينا في الجواب أنه من حيث قتله غدرا استحق النار .

وقد قيل في هذا الخبر أن ابن جرموز كان من جملة الخوارج الخارجين على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في النهروان وأن النبي صلى الله عليه وآله قد كان أخبره بحالهم ودله على جماعة منهم بأعيانهم وأوصافهم فلما جاءه برأس الزبير أشفق أمير المؤمنين من أن يظن به لعظيم ما فعله الخير ويقطع له على سلامة العاقبة ويكون قتله الزبير شبهة فيما يصير إليه من الخارجية قطع عليه بالنار لتزول الشبهة في أمره وليعلم أن هذا الفعل الذي فعله لا يساوي شيئا مع ما يرتكبه في المستقبل .

 

 

 

عمار ظل يسب ويلعن عثمان حتى بعد موته

 

روى عبد الله بن أحمد بن حنبل في المسند:

 

• 16698 - قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الْعَنَزِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ، قَالَ: كُنَّا بِوَاسِطِ الْقَصَبِ عِنْدَ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: فَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْغَادِيَةِ، اسْتَسْقَى مَاءً، فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ مُفَضَّضٍ، فَأَبَى أَنْ يَشْرَبَ، وَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ " لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا أَوْ ضُلَّالًا - شَكَّ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ - يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ "

فَإِذَا رَجُلٌ يَسُبُّ فُلَانًا، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْكَ فِي كَتِيبَةٍ . فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ إِذَا أَنَا بِهِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ قَالَ: فَفَطِنْتُ إِلَى الْفُرْجَةِ فِي جُرُبَّانِ الدِّرْعِ، فَطَعَنْتُهُ، فَقَتَلْتُهُ، فَإِذَا هُوَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، قَالَ: قُلْتُ: وَأَيَّ يَدٍ كَفَتَاهُ يَكْرَهُ أَنْ يَشْرَبَ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ، وَقَدْ قَتَلَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، كلثوم بن جبر هو البصري، مختلف فيه، فقد وثقه أحمد وابن معين والعجلي، وقال النسائي: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في "لثقات"، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن أحمد، فمن رجال النسائي، وهو ثقة، وصحابيه ليس له رواية في الكتب الستة.

وقد شك ابن عون في هذه الرواية بين قوله: كفاراً أو ضلالاً، وقد روي من طرق عن كلثوم بن جبر: "كفاراً" دون شك كما سيأتي في التخريج، وهي الرواية الصحيحة، وقد سلفت من حديث عبد الله بن مسعود برقم (3815) ، وذكرنا هناك تتمة أحاديث الباب.

وأخرجه البخاري مختصراً في "التاريخ الأوسط" 1/160 من طريق محمد ابن أبي عدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/237، والدولابي في "الكنى" 1/47، والطبراني في "الكبير" 22/ (912) و (913) من طرق عن كلثوم بن جبر، دون شك.

وأورد بعضه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/298، وقال: رواه كله الطبراني، وعبد الله باختصار، ورجال أحد إسنادي الطبراني رجال الصحيح. وانظر ما بعده.

قال السندي: قوله: فلاناً: أي عثمان.  قوله: لئن أمكنني الله: الجزاء مقدر: أي لأقتلنَّك.  قوله: إلى الفرجة، ضبط بفتح فسكون: وهي التفصي من الهم: أي: التخلص منه. أي رأيت أن الذي يخلصني من هَمِّ قتله هو الطعن في جُرُبَّان الدرع، وفي "القاموس": الفرجه، مثلثة: التفصي من الهم

 

وروى مسلم:

 

[ 2915 ] حدثنا محمد بن المثني وابن بشار واللفظ لابن المثني قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي مسلمة قال سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدري قال أخبرني من هو خير مني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار حين جعل يحفر الخندق وجعل يمسح رأسه ويقول بؤس بن سمية تقتلك فئة باغية

 

وروى البخاري:

 

2812 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ وَلِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ائْتِيَا أَبَا سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ وَأَخُوهُ فِي حَائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِهِ فَلَمَّا رَآنَا جَاءَ فَاحْتَبَى وَجَلَسَ فَقَالَ كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ الْمَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الْغُبَارَ وَقَالَ وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ

 

والرد الذي رد به معاوية (أو مؤيدو البيت الأموي  لاحقًا على من لفقوا حديث عمار) على هذا الحديث المزعوم من أذكى وأطرف الردود، روى أحمد:

 

6499 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: إِنِّي لَأَسِيرُ مَعَ مُعَاوِيَةَ فِي مُنْصَرَفِهِ مِنْ صِفِّينَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: يَا أَبَتِ، مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَمَّارٍ: " وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ " ؟ قَالَ: فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِيَةَ: أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ هَذَا ؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَا تَزَالُ تَأْتِينَا بِهَنَةٍ أَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ الَّذِينَ جَاءُوا بِهِ.

 

إسناده صحيح، عبد الرحمن بن زياد، ويقال: ابن أبي زياد وثقه ابن معين وابن حبان والعجلي، روى له النسائي في "الخصائص"، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وعبد الله بن الحارث: هو ابن نوفل، له رؤية، وهو ابن هند أخت معاوية. وأخرجه ابنُ سعد في "الطبقات" 3/253، والنسائي في "خصائص علي" (167) ، من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "خصائص علي" (168) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (759) من طريق أسباط بن محمد، عن الأعمش، به. وأخرجه البزار (3281) عن عمرو بن يحيى ومحمد بن خلف، عن المعتمر بن سليمان، عن ليث -هو ابن أبي سُليم-، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، بقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تقتل عماراً الفئة الباغية". وقد نقله ابن كثير في "تاريخه" 7/270 عن هذا الموضع من "المسند"، وقال: ثم رواه أحمد عن أبي نعيم، عن سفيان الثوري، عن الأعمش نحوه. تفرد به أحمد بهذا السياق من هذا الوجه. وهذا التأويل الذي سلكه معاوية بعيد، ثم لم ينفرد عبد الله بن عمرو بهذا الحديث، بل قد روي من وجوه أُخَر. قلنا: ومن طريق أبي نعيم سيورده أحمد برقم (6500) و (6926) ، وسيكرره برقم (6927) . وأورده الهيثمي مطولاً في "المجمع" 7/240-241، ثم قال: رواه الطبراني وأحمد باختصار، وأبو يعلى بنحو الطبراني والبزار بقوله: "تقتل عماراً الفئة الباغية" عن عبد الله بن عمرو وحده، ورجال أحمد وأبي يعلى ثقات. وأورده الهيثمي أيضاً 9/296، ونسبه إلى الطبراني وحده! وقال: ورجاله ثقات. وسيرد المرفوع منه ضمن قصة برقم (6538) و (6929) .

وذكر الحافظ في "الفتح" 1/543 أنه رواه جماعة من الصحابة، منهم قتادة بن النعمان، وأم سلمة عند مسلم، وأبو هريرة عند الترمذي، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان بن عفان، وحذيفة، وأبو أيوب، وأبو رافع،وخزيمة بن ثابت، ومعاوية، وعمرو بن العاص، وأبو اليسر، وعمار نفسه، وكلها عند الطبراني وغيره، وغالب طرقها صحيحة أو حسنة، وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم. قلنا: سيرد عند أحمد من هذه الأحاديث: حديث خزيمة بن ثابت 5/214، 215. وحديث أبي سعيد الخدري 3/5 و22 و28 و91 و5/306. وحديث عمرو بن العاص 4/197، 199. وحديث أم سلمة 6/289، 300، 311، 315. وأما حديث أبي هريرة، فهو عند الترمذي (3800) ، وأبي يعلى (6524) . وحديث معاوية هو عند الحميدي (606) ، وعبد الرزاق (1845) ، وأبي يعلى (7364) . وحديث أبي قتادة هو عند مسلم (2915). وحديث عمرو بن حزم عند أبي يعلى (7175) و (7346) ، والحاكم 2/155. وحديث حذيفة عند البزار (2689). وحديث أبي أيوب عند الطبراني في "الكبير" (4030) . وحديث أبي رافع عند الطبراني في "الكبير" (954) . وحديث أبي اليسر عند الطبراني في "الكبير" 19/ (382) و (383) . وحديث معاوية عند الطبراني في "الكبير" 19/ (758) و (759) و (932) . وحديث ابن مسعود عند الخطيب 8/275. وقول الحافظ: رواه قتادة بن النعمان؛ وهم منه، رده هو نفسه في شرحه لحديث البخاري (447) .

قال الحافظ: وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة، وفضيلة ظاهرة لعلي ولعمار، ورد على النواصب الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه.  والهنة: كناية عن الأمر القبيح والفعل الذميم وما يستهجن ذكره.

 

17778 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ دَخَلَ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ "، فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَزِعًا يُرَجِّعُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا شَأْنُكَ ؟ قَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ قُتِلَ عَمَّارٌ، فَمَاذَا ؟ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ " فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: دُحِضْتَ فِي بَوْلِكَ، أَوَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ، جَاءُوا بِهِ حَتَّى أَلْقَوْهُ بَيْنَ رِمَاحِنَا، - أَوْ قَالَ: بَيْنَ سُيُوفِنَا-

 

إسناده صحيح. ابن طاووس: هو عبد الله. والحديث في "مصنف" عبد الرزاق (20427) ، ومن طريقه أخرجه أبو يعلى (7175) و (7346) ، والحاكم 2/155-156، والبيهقي في "الدلائل" 2/551. وانظر ما سلف برقم (17766) .

قال السندي: "يرجِّع" من الترجيع، أي يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.  "دَحَضْتَ" أي: عَثَرَتْ، ورُوي بصاد مهملة، أي: تبحث فيه برجلك، والمراد الخطأ البيِّن في الفَهْم.

 

لا يمكن إنكار أنه تأويل طريف لقوم يتخبطون في الخرافات. ولا شك أن الحديث والنبوءة ملفقة رغم ذلك. ربما لتأييد التعاطف مع العلويين والعباسيين وتيار المدينة والصحابة عمومًا كتيار الدولة الأولى التي انهارت وعجزت عن الاستمرار كما ترى في حكم وعصر عثمان وعلي. ولا يوجد سبب وجيه جدًّا لتأييد فريق منهما أخلاقيًّا أكثر من الآخر، لم يكن يوجد أسلوب انتخابات لدى هؤلاء، لم يعرفوا شيئًا كانتخاب الرومان واليونانيين الجريكيين، وإنما تنازعوا على الملك والحكم بالسيف طمع في السلطة والقوة بدون فكرة التداول السلمي للسلطة بالاقتراع، وكان لكل منهما_علي ومعاوية_ مؤيدون. الشيعة والسنة على السواء لديهم تأييد تاريخي نظري لعلي، لكن لعل أحق الآراء وأكثرها نزاهة وحيادًا هو رأي الإباضية، ففي كتب هؤلاء فيما قرأت إدانة وتخطئة وتأثيم لكل الأحزاب التي رفعت السيوف على بعضها البعض، في كل تلك المعارك. ومعظم الإباضية اليوم في عمان فهي المذهب السائد هناك. ولو أنصفنا القول فكثير من نصوص القرآن عن تحريم القتال بين المسلمين ونصوص أحاديث السنة الأكثر أصالة كالمرتبطة بآية:

 

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)} النساء

 

سواء سرية أسامة إلى إضم أو سرية أبي قتادة وغيرهما مما ذكرته في ج1، ونص خطبة حجة الوداع لمحمد، كلها تؤيد مذهب الإباضية في هذه المسألة وبعض تيارات السنة في الأحاديث تؤيد نفس وجهة النظر، عكس الوجهة السائدة الآن عند السنة كالقول بأن عليًّا هو المصيب، أو المقولة الأبرد بأن كل المقاتلين مجتهد متأول مأجور عند الله على فعله! مأجور على قتل النفوس والطمع؟! وتقديس وتأييد عمار قد يكون مبالغًا فيه، فكما سنورد في باب (الأحداث بعد موت محمد) فهو من ضمن محرضي الثوار المصريين على عثمان لحزازات ومشاكل كانت بينهما، وقد نزل مصر ثم عاد منها مع الثوار مؤيدًا لهم. ومن الطبيعي أنه إذا كان أعداء وخصوم علي التفوا بزعمهم تحت راية الثأر لقتلة عثمان كما فعل طلحة والزبير ثم معاوية، فإن جيش علي كان يضم كثيرين في الواقع من قتلة عثمان والمحرضين على قتله كمحمد بن أبي بكر وقصته عند الطبري ففيه أنه دخل مع الثوار لحظة قتل عثمان وقالت روايات أنه شارك في قتله بيده فعلا وأخرى قالت أنه انسحب ولم يشارك بعد دخوله وعمار بن ياسر وغيرهما كانوا مع علي.

 

18880 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ يَوْمَ صِفِّينَ: ائْتُونِي بِشَرْبَةِ لَبَنٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " آخِرُ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا مِنَ الدُّنْيَا شَرْبَةُ لَبَنٍ "، فَأُتِيَ بِشَرْبَةِ لَبَنٍ فَشَرِبَهَا ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقُتِلَ.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، أبو البختري: وهو سعيد بن فيروز لم يدرك عمار بن ياسر، قال ابن سعد: يروي عن الصحابة، ولم يسمع من كبير أحد، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه ابن سعد 3/257، وابن أبي شيبة 15/302، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (272) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/421 من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد كذلك 3/257، والحاكم 3/389، والبيهقي في "الدلائل" 2/552 و6/421 من طرق عن سفيان الثوري، به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي! وفاتهما أن يعلاه بالانقطاع.

وأخرجه أبو يعلى (1626) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/141 من طريق خالد بن عبد الله- وهو الواسطي- عن عطاء بن السائب، عن ميسرة- وهو ابن يعقوب بن أبي جميلة- وأبو البختري، أن عماراً يوم صفين جعل يقاتل فلا يقتل، فيجيء إلى علي، فيقول: يا أمير المؤمنين، أليس هذا يوم كذا وكذا هو؟ فيقول: أذهب عنك. فقال ذلك مراراً، ثم أُتي بلبنٍ فَشرِبَهُ. فقال عمار: إن هذه لآخر شربة أشربها من الدنيا، ثم تقدم فقاتل حتى قتل.

قلنا: ميسرة أدرك عماراً، فقد كان صاحب راية علي، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، إلا أن في طريقه خالد بن عبد الله الواسطي، وقد سمع من عطاء بعد الاختلاط.

وأخرجه بنحوه مطولاَ ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (271) ، وأبو يعلى (1614) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/421 من طريق الماجشون يعقوب ابن أبي سلمة، وابن سعد 3/258، والحاكم 3/385 من طريق عبد الله بن أبي عبيدة، كلاهما عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن مولاة لعمار، هي- عند الحاكم وابن سعد- لؤلؤة مولاة أم الحكم بنت عمار بن ياسر، ولم نقع لها على ترجمة. وأبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر وثقه ابن معين وعبد الله بن أحمد، واختلف قول أبي حاتم فيه، قال مرة: منكر الحديث، وقال أخرى: صحيح الحديث.

وأخرجه البزار في "البحر الزخار" (1432) وهو في "كشف الأستار" (2691) (زوائد) من طريق عيسى بن مسلم: وهو أبو داود الأعمى، عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، عن عبد الله بن شريك العامري، عن مسلم بن مخراق، عن مخراق مولى حذيفة، عن عمار نحوه.

قلنا: مخراق مولى حذيفة لم نجد له ترجمة، ومسلم بن مخراق ذكره المِزِّي تمييزاً، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وعيسى بن مسلم وعبد الأعلى بن عامر ضعيفان.

وأخرجه الحاكم 3/389- ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 2/552- من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده: وهو إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، قال: سمعتُ عمار بن ياسر بصفين في اليوم الذي قتل فيه وهو ينادي: أزلفت الجنة، وزوجت الحور العين، اليوم نلقى حبيبنا محمداَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عهد إليَّ أن آخر زادك من الدنيا ضيح من لبن.

قلنا: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فقد أخرج له مسلم، وهو ثقة وقد أكثر الرواية عن ابن وهب، وانفرد عنه بأحاديث، ولا يضره ذلك، فقد قال ابن عدي: وقد تبحرت حديث حرملة وفتشته الكثير، فلم أجد فيه ما يجب أن يضعف من أجله، ورجل يكون حديث ابن وهب كله عنده، فليس ببعيد إن يغرب على غيره كتباً ونسخاً.

قلنا: وبهذا الإسناد يصح الحديث، وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي إلا أنهما قالا: على شرط الشيخين! وفاتهما أن حرملة لم يرو له سوى مسلم.

 

ها محاولة للزعم بمباركة محمد لعمار وأن عليًّا وعمارًا كان على حق مطلق في كل أفعالهم وعنفهم رغم نهي القرآن عن التقاتل بين المسلمين.

 

ومن العجيب أن بعض المرويات التي رفضها بعضهم قالت أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان مع أبيه يوم معركة صفين مع معاوية ضد علي، فروى ابن أبي شيبة:

 

39022- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَر بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخُو عَمْرو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : لَمَّا رَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ عَنْ صِفِّينَ ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ :

شَبَّتِ الْحَرْبُ فَأَعْدَدْت لَهَا ... مُفْرِعَ الْحَارِكِ مَلْوِيَّ الثَّبَجْ.

يَصِلُ الشَّدَّ بِشَدٍّ فَإِذَا ... وَنَتِ الْخَيْلُ مِنَ الثَّجِّ مَعَجْ

جُرْشُعٌ أَعْظَمُهُ جُفْرَتُهُ ... فَإِذَا ابْتَلَّ مِنَ الْمَاءِ حدج.

 

قالَ : وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو شِعرًا:

لَوْ شَهِدَتْ جُمْلٌ مَقَامِي ... بِصِفِّينَ يَوْمًا شَابَ مِنْهَا الذَّوَائِبُ.

عَشِيَّةَ جَاءَ أَهْلُ الْعِرَاقِ كَأَنَّهُمْ ... سَحَابُ رَبِيعٍ رَفَّعَتْهُ الْجَنَائِبُ.

وَجِئْنَاهُمْ نُرْدِي كَأَنَّ صُفُوفَنَا ... مِنَ الْبَحْرِ مَدٌّ مَوْجُهُ مُتَرَاكِبُ.

فَدَارَتْ رَحَانَا وَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمْ ... سَرَاةَ النَّهَارِ مَا تُوَلَّى الْمَنَاكِبُ.

إذَا قُلْتَ قَدْ وَلَّوْا سِرَاعًا بَدَتْ لَنَا ... كَتَائِبُ مِنْهُمْ فَارْجَحَنَّتْ كَتَائِبُ.

فَقَالُوا لَنَا : إنَّا نَرَى أَنْ تُبَايِعُوا ... عَلِيًّا فَقُلْنَا بَلْ نَرَى أَنْ تُضَارِبوا

 

إسناده ضعيف

 

وروى الحاكم في المستدرك:

 

6243 - أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمرو ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون أنبأ عبد الملك بن قدامة الجمحي حدثني عمرو بن شعيب بالشام عن أبيه عن جده قال  كانت أم عبد الله بن عمرو بن ريطة بنت منبه بن الحجاج تلطف برسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاها ذات يوم فقال : كيف أنت يا أم عبد الله ؟ قالت : بخير وعبد الله رجل قد ترك الدنيا قال له أبوه يوم صفين : أخرج فقاتل قال : يا أبتاه أتأمرني أن أخرج فأقاتل وقد كان من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد سمعت ؟ قال : أنشدك بالله أتعلم أن ما كان من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك أنه أخذ بيدك فوضعها في يدي فقال : أطلع أباك عمرو بن العاص ؟ قال : نعم قال : فإني آمرك أن تقاتل قال : فخرج يقاتل فلما وضعت الحرب قال : عبد الله :

 ( لو شهدت جمل مقامي ومشهدي بصفين يوما شاب منها الذوائب )

 ( عشية جاء أهل العراق كأنهم سحاب ربيع زعزعته الجنائب )

 ( إذا قلت قد ولوا سراعا ثبتت لنا كتائب وأرجحنت كتائب )

 ( فقالوا لنا إنا نرى أن تبايعوا عليا فقلنا بل نرى أن تضاربوا )

 

إسناده ضعيف

 

فلعله غيّر رأيه لاحقًا لما رأى من فساد واستئثار معاوية والأمويين.

 

ورووا حديثًا يبارك أشخاصًا على أنهم صديقون وقديسون وشهداء، ومن المعروف أن بعضهم المذكورين رفعوا السيوف والرماح على بعضهم البعض، وروى مسلم:

 

[ 2417 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعنى بن محمد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد

 

[ 2417 ] حدثنا عبيد الله بن محمد بن يزيد بن خنيس وأحمد بن يوسف الأزدي قالا حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على جبل حراء فتحرك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسكن حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد وعليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص رضى الله تعالى عنهم

 

ورواه أحمد 9430 والبخاري 3686  ورواية البخاري اكتفت بذكر أبي بكر وعمر وعثمان فقط وهذا ذكاء من البخاري وتفكير!

 

مبدئيا من معرفتي البسيطة بتاريخ الإسلام بعد عصر محمد، طلحة بن عبيد الله شارك في حصار عثمان كما ذكر الطبري وحرض الثوار على عدم إدخال أحد إلى داره وقتله، طلحة والزبير تحاربا ضد علي في معركة الجمل الرهيبة، علي بعدما لم يطعه عثمان وخالف وعده بالإقلاع عن الفساد لم يتدخل علي لصالحه في حصار الثوار له وأذيتهم له حتى قتلوه لكنه كان يرسل أقاربه للدفاع عن عثمان ويساعد بطريقة غير مباشرة، فموقفه ليس سيئا جدا، لكن بعد موت عثمان كان جيش علي يضم ناسا شاركوا في قتل عثمان أو التآمر على ذلك كمحمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر كما نعلم من تاريخ الطبري، لا صحة لتقديس هؤلاء. ويوجد تناقض يكشف تلفيق القصة، فهناك روايات جعلته جبل أحد بدلا من جبل حراء ربما لتجعل القصة أكثر إقناعًا فمعظم حياة محمد كانت في يثرب، روى البخاري:

 

3686 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ح و قَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ وَكَهْمَسُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ قَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدَانِ

 

وروى أحمد:

 

12106 - حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سعيد، حدثنا قتادة، أن أنس بن مالك حدثهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا فتبعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فقال: " اسكن نبي، وصديق، وشهيدان "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "فضائل الصحابة" للمصنف (246) . وأخرجه البغوي (3901) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3675) و (3699) ، وأبو داود (4651) ، والترمذي (3697) ، والنسائي في "الكبرى" (8134) و (8135) ، وأبو يعلى (2964) و (3171) ، وابن حبان (6908) من طريق يحيي بن سعيد القطان، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه البخاري (3686) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1437) و (1438) ، والنسائي في "الكبرى" (8135) ، وأبو يعلى (2910) و (3196) ، وابن عدي 6/2356، وابن حبان (6865) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/350 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، به. ووقع في رواية عند البيهقي: حراء، بدل "أحد". وأخرجه الطيالسي (1985) ، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "السنة" (1439) عن عمران القطان، عن قتادة، به- وفيه أن الحادثة كانت على حراء، وعند ابن أبي عاصم وحده: أن من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم هم عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم. وانظر التحقيق في اختلاف مكان هذه القصة في "فتح الباري" 7/38. وقد روي الحديث من طريق قتادة، عن أبي غلاب البصري، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه المصنف في "الفضائل" (255) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1440) من طريق معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن قتادة، به. وعند ابن أبي عاصم أن الجبل هو حراء. وهذا الإسناد صحيح، فلا تضر جهالة الصحابي، ولعل قتادة رواه على الوجهين. وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (9430) ، وانظر تتمة شواهده هناك.

 

9430 - حدثنا قتيبة، حدثنا عبد العزيز، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اهدأ فما عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد "

 

إسناده قوي على شرط مسلم. وأخرجه مسلم (2417) (50) ، والترمذي (3696) ، والنسائي في "الكبرى" (8207) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث صحيح. وأخرجه المصنف في "فضائل الصحابة" (248) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1441) ، والبغوي (3924) من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، به. وأخرجه مسلم (2417) (50) ، وابن حبان (6983) ، والخطيب في "تاريخه" 8/161 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سهيل، به. زاد مسلم في روايته: سعد بن أبي وقاص، واقتصر الخطيب على ذكر أبي بكر وعمر وعثمان. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1442) من طريق عبد الله بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وفي الباب عن عثمان بن عفان، سلف ضمن حديث طويل برقم (420) . بذكر عثمان فقط. وعن سعيد بن زيد، سلف برقم (1630) . وفيه زيادة: سعد وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد. وعن بريدة الأسلمي، سيأتي 5/346. بذكر أبي بكر وعمر وعثمان فقط. وعن ابن عباس في "فضائل الصحابة" (249) بنحو حديث سعيد بن زيد وعن أنس بن مالك عند البخاري (3675) ، وسيأتي 3/116 واسم الجبل أحد، بدل حراء. ومثله عن سهل بن سعد، سيأتي 5/321.

 

1630 - حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن حصين، ومنصور، عن هلال بن يساف، عن سعيد بن زيد، وقال وكيع مرة: قال منصور: عن سعيد بن زيد، وقال مرة: حصين، عن ابن ظالم، عن سعيد بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " اسكن حراء، فليس عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد "، قال: وعليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن زيد رضي الله عنهم

 

إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير هلال بن يساف، فمن رجال مسلم، وقد جزم البخاري في "تاريخه" 8/202 بأنه أدرك عليا، وسمع أبا مسعود البدري الأنصاري، وأبو مسعود مات سنة 40هـ. قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: فأن يكون سمع سعيد بن زيد أولى، فإنه مات سنة 50هـ أو 51هـ، ولكنه اختلف عليه في هذا الحديث كما ترى، والظاهر أنه سمعه من ابن ظالم عن سعيد، وابن ظالم- واسمه عبد الله التميمي المازني- حديثه عند أصحاب السنن، وروى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" ووثقه العجلي. وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي، ومنصورة هو ابن المعتمر. وأخرجه الشاشي (209) من طريق قبيصة، عن سفيان، عن منصور، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 3/316-317 من طريق أبي حذيفة، عن سفيان، عن منصور، عن هلال، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد بن زيد، به. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1425) ، وعبد الله في "زوائد الفضائل" (84) و (254) ، والنسائي في "الكبرى" (8192) و (8206) ، والشاشي (214) من طريق سفيان، عن منصور، عن هلال، عن فلان بن حيان، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد بن زيد، به. وأخرجه عبد الله (83) ، والشاشي (213) ، والدارقطنى في "العلل" 4/412 من طريق سفيان، عن منصور، عن هلال، عن حيان بن غالب، عن سعيد بن زيد، به. وأخرجه الدارقطني 4/413 من طريق مسدد، عن يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن هلال، عن رجل، عن سعيد، به. وأخرجه الشاشي (199) من طريق أبي الأحوص، عن حصين ومنصور، عن هلال، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد بن زيد، به. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1426) من طريق أبي الأحوص، عن منصور ، عن هلال، عن عبد الله، عن سعيد بن زيد، به. وأخرجه الطيالسي (235) ، والحميدي (84) ، وابن أبي شيبة 12/14، وأبو داود (4648) ، والترمذي (3757) ، وابن أبي عاصم (1427) ، وعبد الله في "زوائد الفضائل" (81) ، والنسائي في "الكبرى" (8190) و (8191) و (8208) ، وأبو يعلى (969) ، والعقيلي في "الضعفاء" 2/268، والشاشي (197) و (212) ، وابن حبان (6996) ، والحاكم 3/450-451، والبغوي (3927) من طرق عن حصين، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض. وأخرجه الشاشي (193) و (198) و (199) و (200) و (211) ، وابن عدي في "الكامل" 6/2241، وأبو نعيم في "الحلية" 5/25 من طريق محمد بن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن هلال، عن سعيد بن زيد قال: أتأمروني بسب إخواني وقد غفر الله لهم، ثم ذكر أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم على حراء فتحرك... فذكر نحوه. وأخرجه الطبراني (356) ، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (337) من طريق عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل، وابن سعد 3/383 من طريق سالم بن أبي الجعد، وأبو يعلي (970) من طريق عاصم عن زر، وأخرجه أبونعيم في "الحلية" 4/341 من طريق أبي إسحاق، أربعتهم عن سعيد بن زيد، به، واقتصر أبو إسحاق في حديثه على الخلفاء الأربعة. وسيأتي برقم (1638) و (1644) و (1645) .

 

(22936) 23324- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا عَلَى حِرَاءٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَعُثْمَانُ فَتَحَرَّكَ الْجَبَلُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اثْبُتْ حِرَاءُ ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ ، أَوْ صِدِّيقٌ ، أَوْ شَهِيدٌ.(5/346).

 

إسناده قوي، الحسين -وهو ابن واقد المروزي- روى له أصحاب السنن، وروى له مسلم متابعة والبخاري تعليقا، وهو صدوق لا بأس به، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين . علي بن الحسن: هو ابن شقيق المروزي. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1443) عن محمد بن علي بن حسن بن شقيق، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو بكر القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة" للإمام أحمد (867) ، وتمام في "فوائده" (1477) من طريق علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، به . وزاد تمام في روايته عليا، وإسنادها ضعيف جدا،

لكن قد ثبت ذكر علي في حديث أبي هريرة السالف برقم (9430) ، وهو في "صحيح مسلم"، وقد ذكرنا أحاديث الباب هناك، وفي بعضها زيادة آخرين . ونزيد في شواهده هنا: عن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عند ابن أبي عاصم في "السنة" (1445) .

 

ومن ضمن التناقض عدم الاتفاق على من كانوا على الجبل بالضبط.

 

نبوء مزعومة لإدانة عائشة دينيًّا بالأساطير وليس أخلاقيًّا وتاريخيًّا لأجل دعمها لأعداء علي في معركة الجمل

 

روى أحمد:

24254 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلًا نَبَحَتِ الْكِلَابُ، قَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا ؟ قَالُوا: مَاءُ الْحَوْأَبِ قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلَّا أَنِّي رَاجِعَةٌ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِينَ فَيَرَاكِ الْمُسْلِمُونَ، فَيُصْلِحُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: " كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ ؟ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقيس: هو ابن أبي حازم. وقد نقل المِزِّي في "تهذيب الكمال" في ترجمة قيسِ بنِ أبي حازم عن ابن المديني قولَه: قال لي يحيى بنُ سعيد (يعني القطان) : قيسُ بن أبي حازم منكر

الحديث، ثم ذكر له يحيى أحاديث مناكير، منها حديث كلاب الحَوْأَب. قال الحافظ في "تهذيبه": مراد القطان بالمنكر: الفرد المطلق. وقال في "الفتح" 13/55: سنده على شرط الصحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/259-260، وإسحاق بن إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 2/403، والبزار في "مسنده" (3275) (زوائد) ، وأبو يعلى (4868) ، وابن حبان (6732) ، وابن عدي في "الكامل" 4/1627، والحاكم في "المستدرك" 3/120، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/410- 411 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد. وسكت عنه الحاكم والذهبي.

وجاء عند ابن أبي شيبة أنَّ طلحة والزبير هما اللذان قالا لها: بل تَقْدَمين... وسيرد في الرواية (24654) أن الذي كلمها في ذلك هو الزبير.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 7/234، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجالُ الصحيح.

 

24654 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَتَتْ عَلَى الْحَوْأَبِ سَمِعَتْ نُبَاحَ الْكِلَابِ، فَقَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلَّا رَاجِعَةٌ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا: " أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ ؟ "، فَقَالَ لَهَا الزُّبَيْرُ: تَرْجِعِينَ عَسَى الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُصْلِحَ بِكِ بَيْنَ النَّاسِ

 

إسناده صحيح ، وهو مكرر (24254) غير شيخ أحمد ، فقد رواه هناك عن يحيى القطان عن إسماعيل بن أبي خالد ، به.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6 / 410 من طريق محمد بن جعفر ، بهذا الإسناد .

قال السندي : قوله : ترجعين ، بتقدير حرف الاستفهام للإنكار.

 

18331 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارًا، وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَاهُمْ ، فَخَطَبَ عَمَّارٌ، فَقَالَ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ابْتَلَاكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. الحكم: هو ابن عتيبة، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.

وأخرجه البخاري (3772) ، والبزار في "مسنده" (1409) مختصراً، وأبو يعلى (1646) ، والبيهقي في "السنن" 8/174 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه نحوه البزار (1408) من طريق أبي عتاب سهل بن حماد، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (148) ، والبيهقي في "السنن" 8/174 من طريق علي بن الجعد، كلاهما عن شعبة، به.

وأخرجه البخاري (7101) من طريق ابن أبي غنية، عن الحكم، بنحوه.

وأخرجه البخاري (7100) من طريق يحيي بن آدم، وفيه قصة، والترمذي (3889) ، والحاكم 4/6 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والمزي في "تهذيب الكمال" (في ترجمة عبد الله بن زياد الأسدي) من طريق يزيد بن مهران ، ثلاثتهم عن أبي بكر بن عياش، عن أبي حَصِين (وهو الأسدي عثمان ابن عاصم) ، عن عبد الله بن زياد الأسدي، عن عمار، به، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

 

أسهل شيء كان عندهم هو حسم النقاش الأخلاقي والتاريخي المنطقي بتلفيق أحاديث ونسبتها إلى محمد.

 

24820 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَوَقَعَ فِي عَلِيٍّ، وَفِي عَمَّارٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: أَمَّا عَلِيٌّ، فَلَسْتُ قَائِلَةً لَكَ فِيهِ شَيْئًا، وَأَمَّا عَمَّارٌ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " لَا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، إِلَّا اخْتَارَ أَرْشَدَهُمَا (1)"

 

(1) وقع في (ق) : أشدهما . وانظر التعليق الآتي على الحديث.

(2) إسناده صحيح على شرط مسلم . عبد الله بن حبيب - وهو ابنُ أبي ثابت - من رجاله ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين . أبو أحمد : هو محمد ابن عبد الله بن الزُّبير الزُّبيري .

وأخرجه الترمذي (3799) ، والنسائي في "الكبرى" (8276) ، وابن ماجه (148) ، والحاكم في "المستدرك" 3 / 388 ، والخطيب في "تاريخه" 11 / 288 ، وابن الأثير في "أسد الغابة" (في ترجمة عمار بن ياسر) من طريق عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، به مختصراً ، دون ذكر علي والقصة ، ووقع عند الترمذي : "أسدَّهما" بالسين ، وعند النسائي : "أشدهما"، وعند الخطيب : "أيسرهما".

قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه [إلا] من هذا الوجه من حديث عبد العزيز بن سياه.

قلنا : قد تابعه عبد الله بن حبيب عند أحمد ، كما هو ظاهر .

وفي الباب عن عبد الله بن مسعود سلف برقم (3693) .

 

هذا مناقض لدعمها للمنادين بالثأر لعثمان والذي اجتمعوا بزعمهم تحت هذه الراية، من حلفاء معركة الجمل ضد علي من أقاربها، وعمار بن ياسر متورط في المساهمة بالتسبب في مقتل عثمان، بتحريضات مباشرة منه كما عرضنا بعض الخبر من كتب التاريخ والحديث، فلا يمكن دعم ومدح عثمان وعمار في نفس الوقت، القتيل والقاتل، يمكن فقط نصرة وتبني المناداة بأحقية أحدهما قط وصحة موقفه.

 

نبوءة مزعومة بتنازل الحسن عن أي مطالبة له بالسلطة لمعاوية كاستسلام لعدم قدرته على المواجهة الحربية، على أنها شيء باركه محمد وتنبأ به

 

روى أحمد:

 

20392 - حدثنا سفيان، عن أبي موسى ويقال له: إسرائيل، قال: سمعت الحسن، قال: سمعت أبا بكرة، وقال سفيان مرة: عن أبي بكرة، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وحسن معه، وهو يقبل على الناس مرة، وعليه مرة، ويقول: " إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين"

 

إسناده صحيح على شرط البخاري. أبو موسى- واسمه إسرائيل بن موسى- من رجال البخاري، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة، والحسن الراوي عن أبي بكرة: هو البصري. وهو عند المصنف في "فضائل الصحابة" (1354). وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2590) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه الحميدي (793) ، والبخاري في "الصحيح" (2704) و (3746) و (7109) ، وفي "التاريخ الأوسط" 1/122، والنسائي في "المجتبى" 3/107، وفي "الكبرى" (1718) و (8166) ، وفي "عمل اليوم والليلة" (252) ، والبزار في "مسنده" (3655) ، والطبراني في "الكبير" (2590) ، والقطيعي في زوائده على "فضائل الصحابة" لأحمد (1400) ، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 376-377، وفي "الدلائل" 6/442 من طريق سفيان بن عيينة، به. وذكر في أوله في بعض روايات البخاري قصة الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية، وقال البخاري عند الموضع الأول في "الصحيح" وفي "التاريخ الأوسط": قال لي علي بن عبد الله- وهو ابن المديني-: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث. وأخرجه البخاري (3629) من طريق حسين بن علي الجعفي، عن أبي موسى، به. وأخرجه أبو داود (4662) ، والترمذي (3773) ، والطبراني (2593) ، والحاكم 3/174-175، والبيهقي في "الدلائل" 6/443، وابن الأثير في "أسد الغابة" من طريق أشعث بن عبد الملك الحمراني ، والطبراني (2592) ، والخطيب في "تاريخه" 13/18 من طريق منصور بن زاذان ويونس بن عبيد، والطبراني (2594) من طريق إسماعيل بن مسلم، و (2595) من طريق أبي الأشهب جعفر بن حيان العطاردي، خمستهم عن الحسن البصري، به. وسيأتي من طريق الحسن بالأرقام (20392) و (20448) و (20473) و (20499) و (20516) . وقد روي عن الحسن من وجوه أخرى: فأخرجه النسائي في "الكبرى" (8165) ، وفي "عمل اليوم والليلة" (253) من طريق أشعث بن عبد الملك، عن الحسن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يعني أنس بن مالك. وأخرجه في "عمل اليوم والليلة" (254) من طريق عوف الأعرابي، عن الحسن قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال... وأخرجه (255) من طريق داود بن أبي هند، و (256) من طريق هشام بن حسان، كلاهما عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. وروي عن الحسن البصري، عن أم سلمة، ذكره المزي في "التحفة" 9/39. وفي الباب عن جابر بن عبد الله، أخرجه يحيى بن معين في "فوائده" كما في "الإتحاف"  /171، ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 6/443-444، والخطيب 8/27، وإسناده قوي. وفي باب قوله صلى الله عليه وسلم: "إنه لسيد" حديث أبي هريرة عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" (250) ، والطبراني (2596) ولفظه: عن المقبري قال: كنا مع أبي هريرة جلوسا، فجاء حسن بن علي بن أبي طالب، فسلم علينا، فرددنا عليه، وأبو هريرة لا يعلم، فمضى، فقيل له: يا أبا هريرة هذا حسن بن علي قد سلم علينا، فقام فلحقه، فقال: يا سيدي، فقلنا له: تقول: يا سيدي؟! قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه لسيد".

 

بالطبع هذا كتبوه وألفوه بعد مئات السنوات من انتهاء الحدث.

 

نبوءة مطاطية

 

روى البخاري:

 

3608 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ

 

3609 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ

 

ورواه مسلم 157 وأحمد 8136 و10864 و11906

 

كلام مطاطي ينطبق على مليون حدث، الحرب بين العراق وإيران مثلًا دعواهما واحدة هي أن منطقة الخليج المشتركة لأحدهما فقط! الحرب بين الكويت والعراق على أرض الكويت نفس الأمر! الحرب بين عثمان والثوار ضده كانت كذلك. الحرب بين علي وجماعة الجمل طلحة والزبير وعائشة مطالبة ونزاع على الحكم، الحرب بين علي ومعاوية نفس الشيء. النزاعات الأهلية في دول كسوريا والعراق اليوم نفس الأمر. التاريخ مليء بمليون حدث إسلامي وغير إسلامي يصلح لنفس النبوءة. هذه نبوءة بطريقة المتنبئة المخادعين المراوغين، مطاطية لها عدة تأويلات، تحكي قصة طريفة قرأتها في (المعتقدات الدينية لدى الشعوب) لآرثر جِفري أن قائدًا رومانيًّا أراد خوض حرب ضد خصم منافس له، فذهب لاستشارة عراف عن خوضه ومجاوززته لنهر، فقال له العراف أنه لو اجتاز النهرَ فسيُلحِق خسائر كبيرة بجيشٍ! في الحقيقة فرح السائل بالنبوءة واجتاز النهر فحاقت الخسائر بجيش السائل نفسه!

 

نبوآت مزعومة عن الخلفاء والولاة الفاسدين الظالمين الباطشين

 

روى مسلم:

 

[ 2128 ] حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا

 

 [ 2857 ] حدثنا بن نمير حدثنا زيد يعنى بن حباب حدثنا أفلح بن سعيد حدثنا عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك إن طالت بك مدة أن ترى قوما في أيديهم مثل أذناب البقر يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله

 

 [ 2857 ] حدثنا عبيد الله بن سعيد وأبو بكر بن نافع وعبد بن حميد قالوا حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا أفلح بن سعيد حدثني عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوما يغدون في سخط الله ويروحون في لعنته في أيديهم مثل أذناب البقر

 

وانظر أحمد 8073 وعن أبي أمامة عنده 22150

 

الاعتراض على عنف هؤلاء القدماء من أمويين وعباسيين وأيوبيين ومماليك وعثمانيين وغيرها من امبراطوريات ودول الإسلام بلا معنى، لأن الإسلام نفسه قام على أيديولوجيِ العنف. وتحدثت عن كون ذلك سبب عنف شرطة الدول العربية والإسلامية وحكوماتها لأنه متأصل في الفكر.

وروى أحمد:

 

8073 - حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ قُبَاءٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنْ طَالَتْ بِكُمْ مُدَّةٌ أَوْشَكَ أَنْ تَرَى قَوْمًا يَغْدُونَ فِي سَخَطِ اللهِ، وَيَرُوحُونَ فِي لَعْنَتِهِ، فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ "

 

إسناده قوي على شرط مسلم. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العقدي. وأخرجه مسلم (2857) (54) ، والبزار (1628- كشف الأستار) ، وأَبو عوانة في البعث كما في "إتحاف المهرة" 5/ورقة 195، والحاكم 4/435-436 من طريق أَبي عامر العقدي، بهذا الإِسناد. وأخرجه مسلم (2857) (53) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/532 من طريق زيذ بن الحباب، وأَبو عوانة من طريق زيد بن الحباب وعيسى بن يونس، كلاهما عن أفلح بن سعيد، به. وسيأتي برقم (8293) ، وانظر ما سيأتي برقم (8665) و (9680) . وفي الباب عن أَبي أمامة، سيرد برقم 5/250.

 

بطبيعة الحال هذا تم كتابته بعد حدوث هذه الأحداث ووجود حكام ظالمين كهؤلاء كزياد بن أبيه والحجاج الثقفي وغيرهما.

 

الزعم بأن محمدًا تنبأ لهم عن كل ما سيحدث

 

روى البخاري:

 

6604 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَقَدْ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا ذَكَرَهُ عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الشَّيْءَ قَدْ نَسِيتُ فَأَعْرِفُ مَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ

 

وروى مسلم:

 

 [ 2891 ] حدثني حرملة بن يحيى التجيبي أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب أن أبا إدريس الخلواني كان يقول قال حذيفة بن اليمان والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة وما بي إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلي في ذلك شيئا لم يحدثه غيري ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا ومنهن فتن كرياح الصيف ومنها صغار ومنها كبار قال حذيفة فذهب أولئك الرهط كلهم غيري

[ 2891 ] وحدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم قال عثمان حدثنا وقال إسحاق أخبرنا جرير عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابي هؤلاء وانه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه

 

 [ 2891 ] وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش بهذا الإسناد إلى قوله ونسيه من نسيه ولم يذكر ما بعده

 

 [ 2891 ] وحدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وحدثني أبو بكر بن نافع حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن حذيفة أنه قال أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة فما منه شيء إلا قد سألته إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة

   

 [ 2892 ] وحدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي وحجاج بن الشاعر جميعا عن أبي عاصم قال حجاج حدثنا أبو عاصم أخبرنا عزرة بن ثابت أخبرنا علباء بن أحمر حدثني أبو زيد يعني عمرو بن أخطب قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا

 

ورواه أحمد 11143.

 

لو صح هذا فأين هذا العلم المزعوم؟! كيف وقعوا في كل ما وقعوا فيه من أخطاء رهيبة فادحة وقتال ضد بعضهم البعض، لو كان ذلك صحيحًا لما وقعوا في كل هزائمهم وكوارثهم ونكباتهم وخطاياهم القاتلة تاريخيًّا. زعم حذيفة بن اليمان أن عنده أسرار مشهور جدًّا وهو كان يزعم هذه الأمور كثيرًا ليثير من حوله ويجمعهم نحوه.

 

روى الحاكم في المستدرك عن مزاعم حذيفة:

 

8449 - حدثنا علي بن حمشاد العدل ثنا محمد بن غالب ثنا موسى بن إسماعيل ثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن أبي الطفيل قال  انطلقت أنا وعمر وابن ضليع إلى حذيفة بن اليمان وعنده سماطان من الناس فقلنا : يا حذيفة أدركت ما لم ندرك وعلمت ما لم نعلم وسمعت ما لم نسمع فحدثنا بشيء لعل الله أن ينفعنا به فقال : لو حدثتكم بكل ما سمعت ما انتظرتم بي الليل القريب قال قلنا : ليس عن هذا نسألك ولكن حدثنا بأمر لعل الله أن ينفعنا به قال : لو حدثتكم أن أم أحدكم تغزو في كتيبة حتى تضرب بالسيف ما صدقتموني قلنا : ليس عن هذا نسألك ولكن حدثنا بشيء لعل الله أن ينفعنا به فقال حذيفة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن هذا الحي من مضر لا يزال بكل عبد صالح يقتله ويهلكه ويفنيه حتى يدركهم الله بجنود من عنده فتقتلهم حتى لا يمنع ذنب تلعة قال عمرو بن ضليع : واثكل أمه ألهوت الناس إلا عن مضر قال : ألست من محارب خصفة قال : بلى قال : فإذا رأيت قيسا قد توالت الشام فخذ حذرك

 هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

 

قال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم

 

نفي عمار بن ياسر للنبوءة الشهيرة لصالحه ولصالح جيش علي

 

روى أحمد:

 

18313 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، أَرَأَيْتَ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي أَتَيْتُمُوهُ: بِرَأْيِكُمْ، أَوْ شَيْءٌ عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ: " مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أبي نَضْرة- وهو المنذر بن مالك العبدي فمن رجال مسلم. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث، وهمام: هو ابن يحيى، وقتادة: هو ابن دِعامة السدوسي. وأخرجه الطيالسي (648) عن همام، بهذا الإسناد. وسيرد بأتمَّ منه 4/320، وفي مسند حذيفة 5/390. وفي الباب عن علي رضي الله عنه سلف برقم (1271).

قال السندي: قوله: برأيكم، أي: أهو برأيكم فعلتموه، أو هو شيءٌ فعلتموه بأمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فأجاب بأنه لو كان ، للزم أنه خصَّنا بأمر، مع أن أوامرَه ما كانت مخصوصة، بل كانت عامة.

 (18885) 19091- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (ح) وَحَجَّاجٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي شُعْبَةُ ، قَالَ : سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، قَالَ حَجَّاجٌ : سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِعَمَّارٍ : أَرَأَيْتَ قِتَالَكُمْ رَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ . قَالَ حَجَّاجٌ : أَرَأَيْتَ هَذَا الأَمْرَ ، يَعْنِي قِتَالَهُمْ ، رَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ ؟ فَإِنَّ الرَّأْيَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ ، أَوْ عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ فِي أُمَّتِي قَالَ شُعْبَةُ : وَأَحْسِبُهُ قَالَ : حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ : إِنَّ فِي أُمَّتِي اثْنَيْ عَشَرَ مُنَافِقًا . فَقَالَ : لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، وَلاَ يَجِدُونَ رِيحَهَا حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ، ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ ، سِرَاجٌ مِنْ نَارٍ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ حَتَّى يَنْجُمَ فِي صُدُورِهِمْ. (4/319)

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أبي نضرة- وهو المنذر بن مالك العبدي- فمن رجال مسلم. حجَّاج: هو ابن محمد المِصيصيّ، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدوسي. وأخرجه مسلم (2779) (10) ، والبزار في مسنده (2788) ، وأبو يعلى (1616) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/262، من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. قال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يُروى عن حذيفة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بهذا الإسناد، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه في "العلل" 2/409-410: هذا يقوله قيس بن عباد عن حذيفة، وليس كل إنسان يقوله. وقد سلف مختصراً برقم (18313) وسيرد 5/390. وانظر حديث حذيفة الآتي 5/390.

 

(23319) 23708- حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ قَيْسٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِعَمَّارٍ أَرَأَيْتُمْ صَنِيعَكُمْ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ رَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ ، أَمْ شَيْئًا عَهِدَ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَلَكِنَّ حُذَيْفَةَ أَخْبَرَنِي ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فِي أَصْحَابِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا ، مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ.(5/390).

 

هذا الحديث الصادق يكذّب أكذوبة تأييد موقف علي وأنصاره بنص ديني مزعوم حسب نصوص أخرى، روى البخاري:

 

 447 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ قَالَ يَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ

 

وزعمت أحاديث أخرى بموقف أكثر اعتدالا ولو بنبوءة كاذبة أخرى أن عليًّا وأعداءه لم يكن فيهم أحد على حق في قتلهم بعضهم البعض، لكن عليًّا كان هو من معه الأقرب إلى الحق. روى مسلم:

 

 [ 1064 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا القاسم وهو بن الفضل الحداني حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق

 

 [ 1064 ] حدثنا أبو الربيع الزهراني وقتيبة بن سعيد قال قتيبة حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في أمتي فرقتان فيخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق

 

 [ 1064 ] حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تمرق مارقة في فرقة من الناس فيلي قتلهم أولى الطائفتين بالحق

 

 [ 1064 ] حدثني عبيد الله القواريري حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن الضحاك المشرقي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر فيه قوما يخرجون على فرقة مختلفة يقتلهم أقرب الطائفتين من الحق

 

رواه أحمد 11196 ومكرراته

 

ولا شك أن هذا كلام ورأي أبي سعيد الخدري، وكل هؤلاء كانوا ينسبون اجتهاداتهم الفكرية وآراءهم الفكرية والسياسية واللاهوتية والأخلاقية إلى محمد رغم تناقضاتها. وبعضهم لفقوا أن مقتل رجل له شعرات على ساعده علامة على صحة موقف علي أو مقتل عمار بن ياسر، وهذه نبوآت وكلام غير منطقي لإضفاء الشرعية على فئة معينة، وكما قال علي نفسه بحكمة: الرجال تُعرَف الحق، وليس الحق بالرجال، والعين الثاقبة ترى أن كلا الطرفين مخطئ في ظل عدم وجود تداول ديمقراطي للسلطة وآليات للانتخاب.

 

تلفيق النبوآت المدينة والمضادة للأمويين

 

روى البخاري:

 

3605 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقُ يَقُولُ هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ غِلْمَةٌ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ

 

7058 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ هَلَكَةُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعَلْتُ فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مُلِّكُوا بِالشَّأْمِ فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَمُ

 

وروى الطبراني في المعجم الكبير ج18:

 

62- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَشْرَمٍ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنْ عَابِسٍ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِهِ سِتَّ خِصَالٍ : إِمْرَةُ الصِّبْيَانِ ، وَكَثْرَةُ الشُّرَطِ ، وَالرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ ، واسْتِخْفَافُ بِالدَّمِ ، وَنَشْوٌ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لَيْسَ بِأَفْقَهِهِمْ وَلاَ أَفْضَلِهِمْ يُغَنِّيهِمْ غِنَاءً.

 

صحيح ورجاله ثقات.

 

وروى أحمد:

 

8319 - حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا كَامِلٌ يَعْنِي أَبَا الْعَلَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ - مُؤَذِّنًا كَانَ يُؤَذِّنُ لَهُمْ - قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ ، وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ ".

 

قال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند برقم 8302 من نسخته: إسناده صحيح، وأ بو صالح هو مولى ضباعة، وقال مسلم: "اسمه ميناء" وقد روى أبو صالح هذا عن أبي هريرة حديث: "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين" رواه عنه كامل أبو العلاء كما ذكره ابن حجر في التهذيب في ترجمته، والذهبي في الميزان في ترجمة كامل، وذكر الذهبي بعده حديث "تعوذوا بالله من رأس السبعين" بنفس الإِسناد فظهر أن أبا صالح الذي هنا هو مولى ضباعة والله تعالى أعلم.

 

قال فريق شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف لجهالة أبي صالح -وهو مولى ضباعة، وقيل: اسمه ميناء- فقد تفرد بالرواية عنه كامل أبو العلاء -وهو ابن العلاء التميمي-، ومع ذلك فقد ذكره ابن حبان في "الثقات"! وأعجب من هذا توثيق الذهبي له في "الميزان" 4/539! وأما الحافظ ابن حجر فقد قال في "التقريب": لين الحديث، وقد أخطأ الهيثمي في "المجمع" 7/220 في تعيين أبي صالح هذا، فظنه أبا صالح ذكوان السمان الثقة! وأما الراوي عنه، وهو كامل أبو العلاء، فمختلف فيه، فقد حَسن القولَ فيه جماعة، وضعفه آخرون.

وأخرجه البزار (3358- كشف الأستار) من طريق أبي أحمد الزبيري، وابن عدي في "الكامل" 6/2101 من طريق محمد بن يوسف الفريابي، كلاهما عن كامل بن العلاء، بهذا الإسناد. قال البزار: لا نعلم رواه عن أبي هريرة إلا أبو صالح هذا، ولا نعلم روى عنه إلا كامل بن العلاء.

وسيأتي برقم (8320) و (8654) و (9782).

 

(14441) 14494- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ : أَعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ ، قَالَ : وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ ؟ قَالَ : أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي ، لاَ يَقْتَدُونَ بِهَدْيِي ، وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي ، وَلَسْتُ مِنْهُمْ ، وَلاَ يَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ، وَسَيَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي . يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، الصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ ، وَالصَّلاَةُ قُرْبَانٌ ، أَوْ قَالَ : بُرْهَانٌ ، يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ النَّارُ ، أَوْلَى بِهِ . يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، النَّاسُ غَادِيَانِ : فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا ، وَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا.

 

إسناده قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات غير ابن خثيم- وهو عبد الله بن عثمان- فصدوق لا بأس به. والحديث في "مصنف" عبد الرزاق (20719) ، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد (1138) ، وابن حبان (4514) ، والحاكم 4/422.

وأخرجه مطولاً ومختصراً الدارمي (2776) ، والبزار (1609- كشف الأستار) ، وأبو يعلى (1999) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (1345) ، وابن حبان (1723) ، والحاكم 3/479- 480، والبيهقي في "الشعب" (5761) من طرق عن ابن خثيم، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (15284) من طريق وهيب بن خالد، عن ابن خثيم.

وروى الحديث من مسند كعب بن عجرة الترمذيُّ (614) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (212) و (298) و (309) ، وفي "الأوسط" (2751) ، والبيهقي في "الشعب" (5762) .

وسيأتي في "مسند أحمد" مختصراً بقصة الأمراء 4/243، ويأتي تخريجه هناك، ويشهد لها حديث ابن عمر، سلف برقم (5702) ، وانظر تتمة أحاديث الباب هناك.

وفي الباب دون قصة الأمراء عن أبي مالك الأشعري، سيأتي 5/342.

ويشهد لقوله: "الصيام جُنة" حديث أبي هريرة السالف في "المسند" برقم (7492) ، وانظر تتمة شواهده هناك. وانظر أيضاً الحديث الآتي برقم (15264) .

ولقوله: "الصدقة تطفئ الخطيئة" حديث معاذ بن جبل، سيأتي 5/231.

ولقوله: "لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت" حديث عقبة بن عامر عند البيهقي في "الشعب" (5757) ، وعن أبي بكر (5759) و (5760) .

قوله: "ليسوا مِني" قال السندي: أي: من أهل طريقتي، بيان لمباينة الطريقين، ويحتمل أن المراد بهذا الكلام بيان الانقطاع والتبري.

"ولا يَرِدُوا". حذف النون للتخفيف، أو لكونه عطفاَ على محل جملة "فأولئك ليسوا مني" بناء على أنه مجزوم لكونه جوابا لمَنْ في قوله: "فمَن صدقهم".

قلنا: وفي "المصنف" وعبد بن حميد و"المستدرك ": "ولا يردون" بإثبات النون وهو الجادة.

وكذلك قوله: "وسيردوا" والوجه إثباتها، كما في المصنف وعبد بن حميد وابن حبان والحاكم.

"جُنة"، أي: وقاية من النار، أو من الشهوات المؤدية إليها.

 

20696 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ: عَمَّارٌ: قَالَ: أَدْرَبْنَا عَامًا، ثُمَّ قَفَلْنَا وَفِينَا شَيْخٌ مِنْ خَثْعَمٍ، فَذُكِرَ الْحَجَّاجُ فَوَقَعَ فِيهِ وَشَتَمَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَسُبُّهُ وَهُوَ يُقَاتِلُ أَهْلَ الْعِرَاقِ فِي طَاعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ هُوَ الَّذِي أَكْفَرَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَمْسُ فِتَنٍ، فَقَدْ مَضَتْ أَرْبَعٌ، وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الصَّيْلَمُ ، وَهِيَ فِيكُمْ يَا أَهْلَ الشَّامِ، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ حَجَرًا فَكُنْهُ، وَلَا تَكُنْ مَعَ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَإِلَّا فَاتَّخِذْ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ "، وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ: " وَلَا تَكُنْ "، قَدْ حَدَّثَنَا بِهِ حَمَّادٌ قَبْلَ ذَا، قُلْتُ: أَأَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ أَفَلَا كُنْتَ أَعْلَمْتَنِي أَنَّكَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُسَائِلَكَ.

 

(1) المثبت من (ظ 10) و"أسد الغابة"، وفي (م) و (س) و (ق) : ألا.

(2) إسناده ضعيف لجهالة عمار الرجل الشامي، وقيل: عمارة بن عبيد، وهو من رجال "التعجيل" لم يرو عنه غير داود بن أبي هند، وزعم بعضهم أن له صحبة، ولا يصح، فالصحيح أنه تابعي، انظر "الإصابة" 4/583-584، و"تعجيل المنفعة" 2/620-621.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 6/392-393 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصراً ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/245 من طريق أحمد ابن يحيى بن حميد، عن حماد بن سلمة، به. وليس في إسناده ذكر الشيخ الخثعمي، حيث قال: عن عمارة بن عبيد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وأخرجه بنحوه مختصراً ابن قانع 2/245، وابن عدي في "الكامل" 3/1136 من طريق سليمان بن كثير عن داود بن أبى هند، به. وفيه أن عمارة ابن عبيد هو الشيخ الخثعمي نفسه.

وفي باب الأمر باعتزال الفتن عند الخلاف والفرقة عن محمد بن مسلمة سلف برقم (17979) ، وذكرنا تتمة أحاديث الباب هناك.

قال السندي: قوله: "أدربنا"، أي: دخلنا الدرب، وكل مدخل إلى الروم درب.  وقوله: "إنه هو الذي أكفرهم"، أي: جعلهم كافرين، والضمير للحجاج، أو لأمير المؤمنين.  وقوله: "الصيلم"، أي: الداهية.

 

16040 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ، عَنْ عُلَيْمٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عَلَى سَطْحٍ مَعَنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ يَزِيدُ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَبْسًا الْغِفَارِيَّ، وَالنَّاسُ يَخْرُجُونَ فِي الطَّاعُونِ، فَقَالَ عَبَسٌ: يَا طَاعُونُ خُذْنِي، ثَلَاثًا يَقُولُهَا، فَقَالَ لَهُ عُلَيْمٌ: لِمَ تَقُولُ هَذَا ؟ أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ فَإِنَّهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ، وَلَا يُرَدُّ فَيُسْتَعْتَبَ " فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ ، وَبَيْعَ الْحُكْمِ، وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْوًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ فِقْهًا"

 

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، شريك بن عبد الله- وهو النخعي- سيئُ الحفظ، لا يقبل منه ما تفرد به، وعثمان بن عمير ضعيف، وعُليم، ذكره ابن حبان في "الثقات" 5/286 وقال: شيخ، روى عن سلمان الفارسي، وروى عنه زاذان. وترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 7/40، وقال: عُليم الكندي، روى عن سلمان، وروى عنه مسلم بن يزيد أبو صادق الأزدي، سمعت أبي يقول ذلك، وباقي رجال الإسناد ثقات. زاذان أبو عمر: هو الكندي، ويقال له: أبو عبد الله. وعبس الغفاري- هو ابن عابس، ويقال: عابس بن عبس- قال الحافظ في "التعجيل": وفي إسناد حديثه اختلاف.

وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القرآن" ص 80-81 عن يزيد ابن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/80، والطبراني في "الكبير" 18/ (61) من طريقين عن شريك بن عبد الله، به.

وأخرجه أبو عبيد ص 81، والبزار (1610) "زوائد" من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن ليث- وهو ابن أبي سُليم- عن أبي اليقظان عثمان بن عمير، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/245 وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط" و"الكبير".. وفي إسناد أحمد عثمان بن عمير البجلي، وهو ضعيف، وأحد إسنادي "الكبير" رجاله رجال الصحيح. قلنا: أحد إسنادي الطبراني الذي أشار إليه الهيثمي سيرد قريباً.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/80، والطبراني 18/ (58) و (59) و (60) من طرق عن ليث بن أبي سُليم، عن عثمان بن عمير، عن زاذان، عن عابس الغفاري، لم يذكروا عُليماً في الإسناد. وفي رواية الطبراني (58) : فقال ابن عم له قد كانت له صحبة : لِمَ تتمنى الموت، وفي رواية (59) : فقال ابن أخ له.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/316-317، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" وأحمد بنحوه... وفي إسناده ليث بن أبي سُلَيم، وفيه كلام.

وأخرجه الطبراني 18/ (62) عن أحمد بن علي الأبّار، عن علي بن خشرم، عن عيسى بن يونس - وهو ابن أبي إسحاق السبيعي- و18/ (63) من طريق مندل- وهو ابن علي العنزي- كلاهما عن موسى- وهو ابن عبد الله الجهني- عن زاذان، عن عابس الغفاري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتخوف على أمته ست خصال، فذكرها...، ولم يذكر القصة. والإسناد الأول صحيح رجاله ثقات.

وأخرجه الطبراني أيضاً في "الكبير" 18/ (57) ، وفي "الأوسط" (8731) من طريق عبد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم- وهو أبو عبد الرحمن الدمشقي- عن أبي أمامة، عن عابس الغفاري، به. وإسناده ضعيف لضعف من هم دون أبي أمامة.

وأورده السيوطي في "الجامع الصغير" وضعفه.

وله شاهد من حديث عوف بن مالك الأشجعي أخرجه أحمد 6/22 عن وكيع، عن النهاس بن قهم أبي الخطاب، عن شداد أبي عمار الشامي، قال: قال عوف بن مالك: يا طاعون خذني إليك، قال: فقالوا: أليس قد سمعتَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: "ما عُمِّرَ المسلم كان خيراً له"؟ قال: بلى، ولكنى أخاف ستاً. إمارة السفهاء، وبيع الحكم، وكثرة الشرط، وقطيعة الرحم، ونشواً ينشؤون يتخذون القرآن مزامير، وسفك الدم. وفي إسناده النهاس بن قهم، وهو ضعيف، وشداد أبو عمار- وهو ابن عبد الله الدمشقي- لم يسمع من عوف ابن مالك.

وآخر من حديث الحكم بن عمرو الغفاري عند الطبراني في "الكبير" (3162) ، والحاكم 3/443، أخرجاه من طريق الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، حدثنا جميل بن عبيد الطائي، حدثنا أبو المعلى، عن الحسن، قال: قال الحكم بن عمرو الغفاري: يا طاعون خذني إليك، فقال له رجل من القوم: بم تقول هذا؟ وقد سمعتُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ألا لا يتمنَّينَّ أحدكم الموت"؟. قال: قد سمعت ما سمعتم، ولكني أبادر ستاً: بيع الحكم، وكثرة الشرط... الحديث. والحسن- وهو البصري- لم يذكروا له سماعاً من الحكم بن عمرو الغفاري، وقد سقط اسمه من إسناد الطبراني. وأبو المعلى لم نعرفه، وقد سكت عليه الحاكم هو والذهبي.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/206-207، وقال: وأبو المعلى لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

قال السندي: قوله: "عند انقطاع عمله" أي: فإن العمل ينقطح عند الموت ولا يُردُ إلى الدنيا بعد الموت. "فيستَعْتب" على بناء الفاعل: أي: يرجع عن الإساءة ويطلب رضى الله بالتوبة. "بادروا" أي: اطلبوا من الله تعالى أن يميتكم قبل هذه الست. "إمرة" بكسر الهمزة، أي إمارتهم. "الشُّرط" بضم ففتحِ، جمع شُرْط، بضمٍّ فسكون، وهو من يتقدم بين يدي الأمير لتنفيذ أوامره. "الحكم" أي: القضاء، أي: يتوسل إليه بالرشوة. "ونشواً" المشهور أنه بفتحٍ فسكون، وقيل: بفتحتين، وعلى الوجهين فآخره همزة، أي: جماعةً أحداثاً، وهو على الثاني جمع ناشىء، كَخَدَم جمع خادم، وعلى الأول تسمية بالمصدر.  "يقدمونه" من التقديم، أي: الناس يقدمون هذا الشاب في الصلاة.

 

23970 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ أَبُو الْخَطَّابِ، عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ الشَّامِيِّ، قَالَ: قَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: يَا طَاعُونُ خُذْنِي إِلَيْكَ قَالَ: فَقَالُوا: أَلَيْسَ قَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا عَمَّرَ الْمُسْلِمُ كَانَ خَيْرًا لَهُ ؟ " قَالَ: بَلَى وَلَكِنِّي أَخَافُ سِتًّا إِمَارَةَ السُّفَهَاءِ، وَبَيْعَ الْحُكْمِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْءً يَنْشَئُونَ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، وَسَفْكَ الدَّمِ "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف النَّهاس بن قَهْم، ولانقطاعه فإن شدَّاداً أبا عمار لم يسمع من عوف بن مالك.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/244، والطبراني في "الكبير" 18/ (104) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني 18/ (105) من طريق النضر بن شميل، عن النهاس بن قهم، عن شداد، عن عوف بن مالك، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أخاف عليكم ستاً..." فذكره مرفوعاً.

وسيأتي برقم (23973) .

ويشهد لقوله: "ما عُمِّر المسلم كان خيراً له" حديث أبي هريرة السالف برقم (7212) ، وحديث عبد الله بن بسر السالف برقم (17680) ، وحديث أبي بكرة السالف برقم (20415) .

ويشهد لبقيته حديث عَبْس الغفاري مرفوعاً، وقد سلف برقم (16040) .

وحديث الحكم بن عمرو الغفاري عند الطبراني في "الكبير" (3162) ، والحاكم 3/443.

وانظر شرح الحديث عند حديث عبس الغفاري.

 

وروى مسلم:

 

[ 2604 ] حدثنا محمد بن المثنى العنزي ح وحدثنا بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا أمية بن خالد حدثنا شعبة عن أبي حمزة القصاب عن بن عباس قال كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب قال فجاء فحطأني حطأة وقال اذهب وادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لي اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال لا أشبع الله بطنه قال بن المثنى قلت لأمية ما حطأني قال قفدني قفدة

 

هذا الأخير ليس ملفقًا احتمالًا لكنه تم إيراده لتوظيفه في غرض لعن وتكريه الأمويين ومعاوية، ومحمد نفسه كما قلنا في باب (هل هو خير البشر) قال اللهم إني بشرٌ أغضب كما يغضبون...إلخ

هذه الأحاديث كُتِبَت ورُوِّجَت بعد سقوط حكم الأمويين وقيام العباسيين بمذبحة بشعة لإبادة بيتهم الحاكم بكل فروعه ولم يتركوا حتى أطفالهم الرضع، وقيلت لتشويه صورة كل من هو أموي النسب. ومع تدهور الحكم العباسي لاحقًا وقعوا في نفس الغلط ونصّبوا أطفالًا كخلفاء شرعيين شكليين للخلافة والامبراطورية الإسلامية لمجر فكرة الحق بالنسب في الحكم وعدم توفر بديل بالغ راشد من ذات النسل، فكانوا مجرد شكل ودمى يحركها الأوصياء عليهم وذوو النفوذ.

 

الأحاديث ضد الوالي والقائد العسكريّ الحجَاج بن يوسف الثَقَفِيّ الذي ناصر الأمويين وقاد حروبهم وناب عن حكمهم في عدة ولايات

 

روى مسلم:

 

[ 2545 ] حدثنا عقبة بن مكرم العمي حدثنا يعقوب يعنى بن إسحاق الحضرمي أخبرنا الأسود بن شيبان عن أبي نوفل رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة قال فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مر عليه عبد الله بن عمر فوقف عليه فقال السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله إن كنت ما علمت صواما قواما وصولا للرحم أما والله لأمة أنت أشرها لأمة خير ثم نفذ عبد الله بن عمر فبلغ الحجاج موقف عبد الله وقوله فأرسل إليه فأنزل عن جذعه فألقى في قبور اليهود ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر فأبت أن تأتيه فأعاد عليها الرسول لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك قال فأبت وقالت والله لا آتيك حتى تبعث إلى من يسحبنى بقروني قال فقال أروني سبتي فأخذ نعليه ثم انطلق يتوذف حتى دخل عليها فقال كيف رأيتني صنعت بعدو الله قالت رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك بلغني أنك تقول له يا بن ذات النطاقين أنا والله ذات النطاقين أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا فأما الكذاب فرأيناه وأما المبير فلا أخالك إلا إياه قال فقام عنها ولم يراجعها

 

وروى أحمد:

(26967) 27507- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ ، أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ دَخَلَ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، بَعْدَ مَا قُتِلَ ابْنُهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ، فَقَالَ : إِنَّ ابْنَكِ أَلْحَدَ فِي هَذَا الْبَيْتِ ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَذَاقَهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، وَفَعَلَ بِهِ وَفَعَلَ ، فَقَالَتْ : كَذَبْتَ ، كَانَ بَرًّا بِالْوَالِدَيْنِ ، صَوَّامًا قَوَّامًا ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كَذَّابَانِ ، الآخِرُ مِنْهُمَا شَرٌّ مِنَ الأَوَّلِ ، وَهُوَ مُبِيرٌ.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن المحفوظ في متنه: "يكون في ثقيف كذاب ومبير"، كذا جاء في جميع طرقه عن أسماء خلا طريق أبي الصِّدِّيق الناجي هذه، وطريق عَنْتَرة بن عبد الرحمن الشَّيباني الآتية برقم (26974). إسحاق بن يوسف: هو الأزرق، وعوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي، وأبو الصديق الناجي: هو بكر ابن عمرو.

وأخرجه ابن سعد 8/254 من طريق إسحاق بن يوسف، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 4/526 من طريق رَوْح بنِ عُبادة، عن عوف، به.

وأخرجه الحميدي (326) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" 8/416، والفاكهي في "أخبار مكة" (1674) ، والطبراني في "الكبير" 13/ (232) ، و24/ (272) و (273) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (3) ، وأبو نعيم في "الحلية" 1/333-334، والبيهقي في "الدلائل" 6/481-482 من طريق أبي المحياة يحيى بن يعلى بن حرملة، عن أبيه، عن أسماء، بنحوه. وقوله: عن أبيه تحرف في مطبوع الحميدي والفاكهي والبيهقي إلى: عن أمه.

وأخرجه ابن سعد 8/254، والطبراني في "الكبير" 13/ (233) و24/ (271) ، وأبو نعيم في "الحلية" 2/57 من طريق إسماعيل بن زكريا، عن يزيد بن أبي زياد، عن قيس بن الأحنف، عن القاسم بن محمد، عن أسماء... فذكر نحوه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (283) من طريق جرير، عن يزيد بن أبي زياد، عن قيس بن الأحنف، عن أسماء... فذكره. وأسقط اسم القاسم ابن محمد، والأول أصح فيما قال الدارقطني في "العلل" 5/190-191.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 4/ (214) ، وفي "الأوسط" (6345) من  طريق عروة، وفي "الكبير" كذلك 24/ (276) من طريق أبي العالية البَرَّاء، والحاكم 4/526 من طريق حُصين، ثلاثتهم عن أسماء، بنحوه. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 13/ (234) و24/ (259) ، والدارقطني في "العلل" 5/191 من طريق ضمام بن إسماعيل، عن عُقيل بن خالد، أن أباه خالداً كان مع الحجاج، فلما قتل ابن الزبير بعثه إلى أسماء... فذكر نحوه.

وأخرجه الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 191 من طريق سلامة بن روح، حدثني عقيل، عن عمه زياد بن عقيل - وكان مع الحجاج - قال: لما قتل ابن الزبير... فذكر نحوه.

وأخرجه مختصراً ومطولاً الطيالسي (1641) ، ومسلم (2545) ، والطبراني في "الكبير " 13/ (231) و (24/ (274) و (275) ، والحاكم 3/553، والبيهقي في "الدلائل" 6/481 و485-486 من طريق أبي نوفل بن أبي عقرب، عن أسماء.

وسيرد برقم (26974) .

وفي الباب: عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، سلف برقم (4790) .

قال السندي: قوله: "إن ابنكِ ألْحَدَ" من الإلحاد، وهو الميل إلى الفساد.  وقوله: "في هذا البيت" يريد الكعبة، ومراده بذلك الإشارة إلى قوله تعالى: (وَمَن يُرِدْ فيه بإلحادٍ بظلمٍ نُذِقْهُ من عذابٍ أليم) [الحج: 25].

 

(26974) 27514- وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي هَذَا الْحَدِيثَ بِخَطِّ يَدِهِ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّادٌ ، يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَصَلَبَهُ مَنْكُوسًا ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، إِذْ جَاءَتْ أَسْمَاءُ ، وَمَعَهَا أَمَةٌ تَقُودُهَا ، وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهَا ، فَقَالَتْ : أَيْنَ أَمِيرُكُمْ ؟ فَذَكَرَ قِصَّةً ، فَقَالَتْ : كَذَبْتَ ، وَلَكِنِّي أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كَذَّابَانِ ، الآخِرُ مِنْهُمَا شَرٌّ مِنَ الأَوَّلِ ، وَهُوَ مُبِيرٌ.

 

مرفوعه صحيح لكن بلفظ: "إن في ثقيف كذاباً ومبيراً " ، وهذا إسناد فيه هارون بن عنترة، وفيه كلام، وقد انفرد بسياق هذه القصة، فذكر أن ابن الزبير صلب منكوساً، وأن أسماء هي التي دخلت على الحجاج. والصحيح أن ابن الزبير صلب، ولكن لم يتابعه أحد على قوله: "منكوساً"، وأن الحجاج هو الذي دخل على أسماء. وأَنظر الرواية السالفة برقم (26967).

 

4790 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُصْمٍ، وَقَالَ إِسْرَائِيلُ: ابْنِ عِصْمَةَ، قَالَ: وَكِيعٌ هُوَ: ابْنُ عُصْمٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي ثَقِيفَ مُبِيرًا وَكَذَّابًا"

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك، وهو ابن عبد الله النخعي. وعبد الله بن عُصم: اختلف في اسم أبيه عصم أو عصمة، وقد رجح الإمامُ أحمد قول شريك: إنه عبد الله بن عصم، دون هاء، وهو أيضا ما جزم به وكيع، وثقه ابنُ معين، وقال أبو زرعة : ليس به بأس، وقال أبو حاتم: شيخ.

وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي.

وأخرجه الطيالسي (1925) ، والترمذي (2220) و (3944) ، والبغوي في "شرح السنة" (3727) من طرق، عن شريك، به.

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك.

وسيأتي برقم (5607) و (5644) و (5665) .

وله شاهد من حديث أسماء بنت أبي بكر عند مسلم (2545) (229) ، سيرد6/ 351-352.

وآخر من حديث سلامة بنت الحر عند الطبراني في "الكبير" 24/ (782) ، أورده الهيثمي في "المجمع" 7/334، وقال: رواه الطبراني، وفيه نسوة مساتير.

قوله: "مُبيراً وكذّابا". قال الترمذي: يقال: الكذاب: المختار بن أبي عبيد، والمبير: الحجاج بن يوسف.

 

تلفيق النبوآت لدعم العباسيين

 

روى أحمد:

 

8775 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " يَخْرُجُ مِنْ خُرَاسَانَ رَايَاتٌ سُودٌ، لَا يَرُدُّهَا شَيْءٌ حَتَّى تُنْصَبَ بِإِيلِيَاءَ "

 

إسناده ضعيف جداً، رشدين بن سعد ضعفه غير واحد من الأئمة، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وفيه غفلة، ويحدث بالمناكير عن الثقات، ضعيف الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال في موضع آخر: ضعيف الحديث لا يكتب حديثه. وأخرجه الترمذي (2269) عن قتيبة بن سعيد وحده، بهذا الِإسناد. وقال: حديث غريب.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (3560) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/516 من طريق عبد الله بن يوسف، عن رشدين بن سعد، به. وقال البيهقي: تفرد به رشدين بن سعد، عن يونس بن يزيد، ويروى قريب من هذا اللفظ عن كعب الأحبار ولعله أشبه، ثم أورده عن كعب من طريق يعقوب بن سفيان: حدثنا محدث، عن أبي المغيرة عبد القدوس، عن ابن عياش، عمن حدثه عن كعب، قال: تظهر رايات سود لبني العباس حتى ينزلوا الشام ويقتل الله على أيديهم كل جبار وعدو لهم. وهذا سند فيه مجهولان، ومع ذلك فقد رجحه البيهقي على المرفوع، مما يدل على أن المرفوع لا شيء عنده.

وفي الباب عن ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سيأتي 5/277، بلفظ: "إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فأتوها، فإن فيها خليفة الله المهدي". وسنده ضعيف.

وعن عبد الله بن مسعود عند ابن ماجه (4082) ، وسنده ضعيف.

قلنا: ولا يصح في هذا الباب شيء، وكل ما فيه أخبار ضعيفة مؤوفة.

إِيلياء: هو بيت المقدس.

 

(22387) 22746- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ شَرِيكٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ ، فَأْتُوهَا ؛ فَإِنَّ فِيهَا خَلِيفَةَ اللهِ الْمَهْدِيَّ.(5/277).

 

إسناده ضعيف، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيىء الحفظ، وعلي بن زيد -وهو ابن جدعان- ضعيف وكان يغلو في التشيع، وأبو قلابة -وهو عبد الله بن زيد الجرمي- لم يسمع من ثوبان، بينهما أبو أسماء عمرو ابن مرثد الرحبي كما جاء مصرحاً به في بعض الروايات .

وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1445) من طريق عبد الله بن  أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد .

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 6/516 من طريق كثير بن يحيى، عن شريك بن عبد الله، عن علي بن زيد، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان . وأورده الذهبي في "الميزان" 3/128 وعده من منكرات علي بن زيد بن جدعان، فقال: أراه منكراً .

وأخرجه ابن ماجه (4084) ، والبيهقي 6/515 من طريق عبد الرازق، والحاكم 4/463-464 من طريق الحسين بن حفص، كلاهما عن سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أسماء الرحبي، عن ثوبان رفعه: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قومٌ" ثم ذكر شيئاً لا أحفظه، فقال: "فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفةُ الله المهديُّ" ورجاله ثقات رجال الصحيح، لكن خالف الثوريَّ في إسناده عبدُ الوهاب بن عطاء، فأخرجه الحاكم 4/502، وعنه البيهقي في "الدلائل" 6/516 من طريق يحيى بن أبي طالب، عن عبد الوهاب ابن عطاء، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان موقوفاً .

وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (8775) ، وهو ضعيف جداً .

وعن ابن مسعود عند ابن ماجه (4082) ، وهو ضعيف. وعن عبد الله بن الحارث بن جزء بنحوه عند ابن ماجه (4088) ، وهو ضعيف أيضاً .

 

* 11757 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَخْرُجُ عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنَ الزَّمَانِ، وَظُهُورٍ مِنَ الْفِتَنِ، رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: السَّفَّاحُ، فَيَكُونُ إِعْطَاؤُهُ الْمَالَ حَثْيًا "

 

إسناده ضعيف لضعف عطية العَوْفي، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن أحمد، فقد أخرج له النسائي، وهو ثقة، وقد توبع. عثمان بن محمد: هو ابن أبي شيبة، وجرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران.

وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 15/196، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/136 من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به. ولفظه عند ابن أبي شيبة: "يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان، وظهور من الفتن يكون عطاؤه حثياً" .

وأخرجه أبو يعلى (1105) من طريق فضيل بن مرزوق، عن عطية، به، ولفظه: "يكون في آخر الزمان على تظاهر العمر، وانقطاع من الزمان إمام يكون أعطى الناس. يجيئه الرجل فيحثو له في حجره، يهمه من يقبل عنه صدقة ذلك المال، ما بينه وبين أهله، لما يصيب الناس من الخير" .

وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/314، وقال: رواه أحمد، وفيه عطية العوفي، وهو ضعيف، ووثقه ابن معين، وبقية رجاله ثقات.

قال السندي: قوله: "يقال له السفاح" : الظاهر أنه الذي مضى من بني العَباس!

 

وروى ابن ماجه:

 

4082 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَلَمَّا رَآهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا نَكْرَهُهُ، فَقَالَ: "إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلَاءً وَتَشْرِيدًا وَتَطْرِيدًا، حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ، فَيَسْأَلُونَ الْخَيْرَ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ، فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا، فَلَا يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا، كَمَا مَلَؤوهَا جَوْرًا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ".

 

حديث منكر، ويشبه أن يكون موضوعا. قال الإمام أحمد فيما نقله العقيلي في "الضعفاء" 4/ 381: حديث ليس بشئ ورواه كذلك عن شيخ أحمد وكيع بن الجراح، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك" 4/ 464: هذا موضوع، وروى العقيلي أيضًا عن أبي أسامة حماد بن أسامة قال في حديث عبد الله بن مسعود في الرايات السود: لو حلف يزيد بن أبي زياد عندي خمسين يمينًا قسامة ما صدقتُه، أهذا مذهب إبراهيم! أهذا مذهب علقمة! أهذا مذهب عبد الله! قلنا: ويزيد بن أبي زياد سيئ الحفظ وكان يتلقن، وقد يكون تلقنه من بعض الوضاعين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 235 - 236، وابن أبي عاصم في "السنة" (1499)، والبزار في "مسنده" (1556) و (1557)، وأبو يعلى في "مسنده" (5084)، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 381، والهيثم الشاشي في "مسنده" (329)، والطبراني في "الأوسط" (5699)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1783، وأبو عمرو الداني في "الفتن" (546) و (547)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 12 من طريق يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 4/ 464 من طريق حبان بن سُدير، عن عمرو بن قيس المُلائي، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود. وصححه على شرط الشيخين، لكن تعقبه الذهبي بقوله: هذا موضوع. قلنا: حبان بن سُدير فيه قال عنه الدارقطني وابن ماكولا: من شيوخ الشيعة.

وأخرجه البزار في "مسنده" (1491)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 1543 من طريق عبد الله بن داهر بن يحيى الرازي، عن أبيه، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس -وقرن به ابنُ عدي الأسودَ النخعى- عن عبد الله بن مسعود. وابن أبي ليلى سيئ الحفظ، وعبد الله بن داهر قال عنه ابن معين وأحمد: ليس بشئ، وقال ابن عدي: عامة من يرويه في فضائل علي، وهو فيه متهم.

 

4088 - حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنَ جَزْءٍ الزَّبِيدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ الْمَشْرِقِ، فَيُوَطِّئُونَ لِلْمَهْدِيِّ" (1) يَعْنِي سُلْطَانَهُ.

 

إسناده ضعيف جدًا. أبو زرعة عمرو بن جابر الحضرمي من غلاة الشيعة ضعيف في حديثه، وكان يزعم أن عليًا أمير المؤمنين في السحاب، وابنُ لهيعة -واسمه عبد الله- سيئ الحفظ. وأخرجه البزار في "مسنده" (3784) عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، بهذا الإسناد.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

38882- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَن عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، فَلَمَّا رَآهُمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا نَكْرَهُهُ ، قَالَ : إنَّا أَهْلَ البَيْت اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا ، وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلاَءً وَتَشْرِيدًا وَتَطْرِيدًا ، حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ يَسْأَلُونَ الْحَقَّ فَلاَ يُعْطُونَه ، فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا ، فَلاَ يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ، فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا كَمَا مَلؤُوهَا جَوْرًا ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ.

 

هنا لا يهمني حكم اللاحقين على الأحاديث بالضعف، بل يهمني فقط كيف كذب القدماء ولفّقوا كلامًا كهذا لدعم سلطة زائلة فلا شيء ولا سلطة تدوم إلى الأبد مهما كانت باطشة ومستبدة وعنيفة وقوية، وكيف أن شيوخ الإسلام رددوا كلامًا كهذا للتكسب المالي والتقرب من الحكام العباسيين. وفي كتاب السنة للخلال تلميذ أحمد بن حنبل لك أن ترى العجب فمن أوائل الأبواب هناك باب أحاديث ملفقة لمديح العباس وبنيه. وهذا يوضح لك طبيعة الجو والمناخ آنذاك، وبالتأكيد لا أتهم أحمد بن حنبل نفسه بالتكسب من ترديد أحاديث كهذه فليس لدي قرينة ضده بذلك، والرجل معروف بعكس ذلك، لكن الرواة الذي كانوا يرددون هذه الأشياء هم من تكسبوا وقد راجت على أحمد وانطلت عليه، ولم تنطلِّ على البخاري ومسلم بعض هذه التلفيقات وبعضها انطلى عليهم مع ذلك. انطلقت دعوة العباسيين من خراسان في إيران تحت الدعوى لرجل من آل البيت لإيهام الشيعة بأنه علويّ ونجحت الثورة والحركة وتحولت إلى عسكرية أطاحت بخلافة بني أمية بأبشع طريقة ممكنة، وفي الحديث وعود قيلت لحث السذّج من شيعة وسنة ممن يحلمون كلهم بحكم بديل غير الحكم الأموي الظالم بأن القادم معهم أو الذي سيمهدون له بحصولهم على الحكم ويتنازلون له هو المهدي الخرافي المنتظر من نسل علي وفاطمة.

 

والخلال في كتاب السنة يجعل أول باب في مديح العباسيين بعنوان باب العباس والدعاء، وفيه:

 

24 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ: «إِذَا كَانَ غَدَاةُ الْإِثْنَيْنِ فَأْتِنِي أَنْتَ وَوَلَدُكَ» ، قَالَ: فَغَدَا وَغَدَوْنَا مَعَهُ، فَأَلْبَسَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِسَاءً لَهُ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْعَبَّاسِ وَوَلَدِهِ مَغْفِرَةً ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً، لَا تُغَادِرُ ذَنْبًا، اللَّهُمَّ اخْلُفْهُ فِي وَلَدِهِ»

 

25 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى، قَالَ: أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟» قَالُوا: أَنْتَ، قَالَ: «فَإِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، لَا تُؤْذُوا الْعَبَّاسَ فَتُؤْذُونِي» وَقَالَ: «مَنْ سَبَّ الْعَبَّاسَ فَقَدْ سَبَّنِي»

 

يعني أول باب خصصه للنفاق والتذلل للسلطة الحاكمة، بدلًا من المعتاد في كتب الحديث بعمل باب للإيمان ثم الوضوء والطهارة ثم الصلاة..إلخ. والحديث الأول لا يوجد في الكتب الأقدم وهو ملفق، والثاني متشيع معروف في الكتب الأقدم بلفظ من سب عليًّا فقد سبني، وفي بعضها زيادة ومن سبني فقد سب الله!  وسبب تلفيقه أن الأمويين قبل عمر بن عبد العزيز ومنذ عصر معاوية يعتبرون من السنة والدين سب علي على المنبر في خطبة الصلاة (كما سنورد في باب الأحداث بعد موت محمد) حتى أوقف عمر بن عبد العزيز هذه العادة واستبدلها بجملة آية {أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}، وروى أحمد:

 

(26748) 27284- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَقَالَتْ لِي : أَيُسَبُّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيكُمْ ؟ قُلْتُ : مَعَاذَ اللهِ ، أَوْ سُبْحَانَ اللهِ ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا ، قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ سَبَّ عَلِيًّا ، فَقَدْ سَبَّنِي. (6/323)

 

إسناده صحيح، أبو إسحاق السَّبيعي - وإن اختلط - فإن رواية إسرائيل عنه في غاية الإتقان للزومه إياه. ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير أبي عبد الله الجَدَلي - واسمه عبد بن عبد، وقيل: عبد الرحمن بن عبد - فقد روى له أبو داود والترمذي والنسائي في "فضائل الصحابة"، وهو ثقة. إسرائيل: هو ابنُ يونُس بن أبي إسحاق السَّبيعي. وأخرجه الحاكم 3/121 من طريق يحيى بن أبي بُكير، بهذا الإسناد. وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 12/76-77، والطبرني في "الكبير" 23/ (737) من طريق فطر بن خليفة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله الجَدَلي قال: قالت لي أمُّ سَلَمة: يا أبا عبد الله، أَيُسَبُّ رسولُ اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيكم، ثم لا تغيّرون؟ قلت: ومن يَسُبُّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: يُسَبُّ عليّ ومَن يحبُّه، وقد كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحبُّه. وفطر بن خليفة ثقة، لكن لا يعرف سماعه من أبي إسحاق أقبل اختلاطه أم بعده؟

وأخرجه الحاكم 1/121 من طريق بُكير بن عثمان البجلي، عن أبي إسحاق، به. وفيه قصة، وزاد في آخره: "ومن سبَّني فقد سحبَّ الله تعالى". وبكير بن عثمان مجهول، تفرَّد بالرواية عنه جندل بن والق.

وأخرجه أبو يعلى (7013) ، والطبرني في "الكبير" 23/ (738) ، وفي "الصغير" (822) من طريق السُّدِّي، عن أبي عبد الله الجَدَلي، به، بمثل رواية فطر بن خليفة السالفة. والسُّدِّي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن، حسن الحديث وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (346) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أخي زيد بن أرقم، قال: دخلتُ على أمِّ سَلَمة... فذكر الحديث مثل سابقه. وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء والمجاهيل.

وفي الباب عن عمرو بن شاس، سلف مطولاً برقم (15960) وفيه: "من آذى علياً فقد آذاني ". وبمثل هذا اللفظ عن سعد بن أبي وقاص عند البزار (6562) "زوائد"، وأبي يعلى (770) .

 

وذكروا في دعم العلويين (نسل علي)، كما روى أحمد:

 

9698 - حَدَّثَنَا تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَجَّافِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ، فَقَالَ: " أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ، وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ "

 

إسناده ضعيف جداً، تليد بن سليمان اتفقوا على ضعفه، واتهم بالكذب. أبو الجحاف: هو داود بن أبي عوف، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي. وهو في "فضائل الصحابة" للمصنف برقم (1350). وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2621) ، والحاكم 3/149 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وتساهل الحاكم فحسنه فقال: هذا حديث حسن من حديث أبي عبد الله أحمد بن حنبل، عن تليد بن سليمان، فإني لم أجد له رواية غيرها!

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/516-517 من طريق إسماعيل بن موسى السري، والخطيب في "تاريخ بغداد" 7/136-137، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (431) من طريق أحمد بن حاتم، كلاهما عن تليد بن سليمان، به.

قال ابن الجوزي: وهذا لا يصح، تليد بن سليمان كان رافضياً يشتم عثمان، قال أحمد ويحيى: كان كذاباً.

وفي الباب عن زيد بن أرقم عند ابن ماجه (145) ، والترمذي (3870) ، وابن حبان (6977) . وإسناده ضعيف.

 

وأحاديث التشيع كثيرة جدًّا في كتب السنة، ذكرنا بعض ما تسرب منها إليها في باب (تناقضات الأحاديث) وبعضها صحيح الإسناد هناك كذلك.

 

حديث آخر متشيع من الثقافة الشيعية تسرب إلى كتب السنة

 

روى ابن أبي شيبة:

 

38910- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِيِّ ، أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ ، قَالَ : لَيُنَادَيَنَّ بِاسْمِ رَجُلٍ مِنَ السَّمَاءِ لاَ يُنْكِرُهُ الذَّلِيلُ وَلاَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ الْعَزِيزُ.

 

قارن نصوص هذه الأسطورة في كتب الشيعة الاثاعشرية:

 

إكمال الدين وتمام النعمة: أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ينادي مناد باسم القائم عليه السلام قلت : خاص أوعام ؟ قال : عام يسمع كل قوم بلسانهم ، قلت : فمن يخالف القائم عليه السلام وقد نودي باسمه ؟ قال : لا يدعهم إبليس حتى ينادي في آخر الليل فيشكك الناس .

 

بيان الظاهر " في آخر النهار " كما سيأتي في الاخبار ولعله من النساخ ولم يكن في بعض النسخ في آخر الليل أصلا (في بعض نسخه آخر النهار)

 

ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن أبيه ، عن أبي المغرا ، عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : صوت جبرئيل من السماء وصوت إبليس من الارض فاتبعوا الصوت الاول وإياكم والاخير أن تفتنوا به .


ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب عن الثمالي قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إن أباجعفر عليه السلام كان يقول : إن خروج السفياني من الامر المحتوم (قال لي : نعم ، واختلاف ولد العباس من المحتوم وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم عليه السلام من المحتوم .

فقلت له : فكيف يكون النداء ؟ قال : ينادي مناد من السماء أول النهار ألا إن الحق في علي وشيعته ، ثم ينادي إبليس لعنه الله في آخر النهار ألا إن الحق في السفياني وشيعته فيرتاب عند ذلك المبطلون .

 

ابن الوليد ، عن ابن أبان ، عن الاهوازي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن الحارث بن المغيرة ، عن ميمون البان ، قال : كنت عند أبي جعفر عليه السلام في فسطاطه ، فرفع جانب الفسطاط فقال : إن أمرنا لوقد كان لكان أبين من هذا الشمس ! ثم قال : ينادي مناد من السماء إن فلان بن فلان هو الامام باسمه وينادي إبليس من الارض كما نادى برسول الله صلى الله عليه واله ليلة العقبة .

 

كتاب الغيبة للنعماني: ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن ابن مهران ، عن ابن البطائني عن أبيه ، ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : إذا رأيتم نارامن المشرق شبه الهروي العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد عليهم السلام إن شاءالله عزوجل إن الله عزيز حكيم .

ثم قال : الصيحة لا تكون إلا في شهر رمضان شهر الله وهي صيحة جبرئيل إلى هذا الخلق . ثم قال : ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه السلام فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب لا يبقى راقد إلا استيقظ ، ولا قائم إلا قعد ، ولا قاعد إلا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت ، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب ، فان الصوت الاول هو صوت جبرئيل الروح الامين . وقال عليه السلام : الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك واسمعوا وأطيعوا ، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي ألا إن فلانا قتل مظلوما ليشكك الناس ويفتنهم ، فكم ذلك اليوم من شاك متحير قد هوى في النار ، وإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكوا أنه صوت جبرئيل وعلامة ذلك أنه ينادى باسم القائم واسم أبيه حتى تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها وأخاها على الخروج . وقال عليه السلام : لابد من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليه السلام : صوت من السماء وهو صوت جبرئيل ، وصوت من الارض ، فهو صوت إبليس اللعين ، ينادي باسم فلان أنه قتل مظلوما يريد الفتنة ، فاتبعو ! الصوت الاول وإياكم والاخير أن تفتتنوا به .

 

ويحتمل أن خرافة المهدي التي عند قومنا السنة هي خرافة شيعية في الأصل، والحقيقة أن التداخل والتقارب بين مذهبي السنة والشيعة وأخذهما من بعضهما والتلاقح الفكري بينهما أكثر مما نتخيل رغم تعصب الفريقين ضد بعضهما.

 

تلفيق أحاديث بترتيب الخلفاء الأربعة بعد محمد

 

روى أحمد:

 

17142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ؟ قَالَ: " قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ "

 

حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد حسن، عبد الرحمن بن عمرو السلمي روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "الكاشف": صدوق، وقد صحّح حديثه الترمذي، والحاكم، والذهبي، وأبو نعيم فيما نقله ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 2/109، والبزار فيما نقله ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ص483، وابن عبد البر، وقد تابع عبد الرحمن بن عمرو السُّلَمي هذا حُجر بن حجر الكلاعي فيما سيرد برقم (17145) ، وعبدُ الله بن أبي بلال الخزاعي فيما سيرد (17146) ، وثمة طرق أخرى للحديث تأتي في موضعها في التخريج، وباقي رجاله ثقات.//وأخرجه الحاكم 1/96 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.//وأخرجه ابن ماجه (43) ، وابن عبد البر في "جامع بين العلم" ص482 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به.//وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (33) و (48) و (56) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (619) ، وفي "مسند الشاميين" (2017) ، والآجري في "الشريعة" ص 47، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ص482 من طريقين عن معاوية بن صالح، به.//وله طريق ثانية عند ابن أبي عاصم (28) و (29) و (59) ، والطبراني 18/ (623) ، أخرجاه من طريقين عن أبي اليمان الحكم بن نافع، عن إسماعيل ابن عياش، عن أرطاة بن المنذر، عن المهاصر بن حبيب، عن العرباض بن سارية، وهذا إسناد حسن إن ثبت سماع المهاصر من العرباض، فقد ذكره ابن حبان في "أتباع التابعين"، غير أن ابن أبي حاتم ذكر في "الجرح والتعديل"8/439-440 أن له رواية عن أبي ثعلبة الخشني، وهذا يعني أنه من التابعين، فيكون متصل الإسناد، ونقل عن أبيه قوله فيه: لا بأس به. وإسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذه منها.//وله طريقٌ ثالثة عند ابن ماجه (420) ، وابن أبي عاصم (26) و (55) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (622) ، والحاكم 1/97 أخرجوه من طريق يحيى ابن أبي مطاع، عن العرباض بن سارية، به. ويحيى بن أبي مطاع، وإن صرح بالسماع من العرباض بن سارية، واعتمده البخاري في "تاريخه"، أنكر حفاظ  أهل الشام سماعه منه، فيما ذكر المزي في "التهذيب"، وابنُ رجب في "جامع العلوم والحكم" 2/110، فالإسناد منقطع. قال ابن رجب: وقد رُوي عن العرباض من وجوه أخر.//قلنا: سيرد من طريق خالد بن معدان عن عبد الرحمن السُّلمي وحجر بن حجر برقم (17144) و (17145) .//ومن طريق خالد أيضاً عن أبي بلال برقم (17146) و (17147) . وحجر بن حجر وابن أبي بلال- وإن كانا مجهولي الحال- تشدُّ بقيةُ الطرق روايتهما.//قال أبو نعيم- فيما نقله ابن رجب-: هو حديث جيد من صحيح حديث الشاميين، ولم يتركه البخاري ومسلم من جهة إنكارِ منهما له.//ونقل ابن عبد البر عن البزار قوله: حديث العرباض بن سارية في الخلفاء الراشدين حديث ثابت صحيح، وهو أصح إسناداً من حديث حذيفة: "واقتدوا باللذين من بعدي"، لأنه مختلفٌ في إسناده، ومتكلم فيه من أجل مولى ربعي، وهو مجهول عندهم. ثم قال ابن عبد البر: هو كما قال البزار، حديث عرباض حديث ثابت، وحديث حذيفة حسن. وقال الهروي: وهذا من أجود حديث في أهل الشام، وصححه الضياء المقدسي في جزء "اتباع السنن واجتناب البدع".//وسيرد تصحيح الترمذي والحاكم له في الرواية الآتية برقم (17144) .//وفي الباب في قوله: "قد تركتكم على البيضاء".... إلى قوله: "لا يزيغ بعدي عنها إلا هالك" عن جابر بن عبد الله عند مسلم (1218) (147) بلفظ: "وقد تركتُ فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله".//وفي الباب في قوله: "ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً" عن معاوية سلف برقم (16937) بلفظ: "وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين ملّة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة"، وذكرنا هناك أحاديث الباب.//وفي الباب في وصيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اتباع سنة الخلفاء الراشدين عن أبي قتادة عند مسلم (681) ، وابن حبان (6901) ولفظه عنده: "إن يطع الناس أبا بكر وعمر فقد أرشدوا"، وسيرد عند أحمد 5/ 298.//وعن حذيفة عند الترمذي (3663) ، وسيرد 5/382، وصححه ابن حبان (6902) ، ولفظه عنده: "إني لا أرى بقائي فيكم إلا قليلاً، فاقتدوا باللذين من بعدي- وأشار إلى أبي بكر وعمر- واهتدوا بهدي عمار، وما حدثكم ابن مسعود فاقبلوه".//وفي الباب في وصية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالطاعة وإن عبداً حبشياً، عن أنس عند البخاري (7142) بلفظ: "اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشيٌّ كأن رأسه زبيبة".//وآخر من حديث أبي ذر عند مسلم (648) (240) بلفظ: إن خليلي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدّع الأطراف.//وثالث من حديث أم الحصين الأحمسية عند أحمد 6/402، ومسلم (1218) (311) ، والترمذي (1706) ، ولفظه عند مسلم: "إن أمر عليكم عبد مجدع- حسبتها قالت: أسود يقودكم بكتاب الله تعالى، فاسمعوا له وأطيعوا". وعن عددٍ من الصحابة.

 

قال السندي: قوله: ذَرَفَت: ذَرَفَ، كضرب: إذا سال، والمراد: سال منها دموع العيون، إلا أنه نسب الفعل إلى العين مبالغة. ووَجِلَت من وَجِلَ كعَلِم: إذا خاف. لموعظة مُوَدِّعَ: اسم فاعل من التوديع، أي المبالغةُ فيها دليل على أنك تودعنا، فزد في المبالغة. تعهد: توصي "على البيضاء": صفة المِلَّة. والمراد بقوله: "ليلها كنهارها" دوام البياض "إلا هالك": أي من قدَّر الله تعالى له الهلاك. "الخلفاء الراشدين": قيل: هم الأربعة رضي الله تعالى عنهم، وقيل: بل هم ومن سار سيرتهم من أئمة الإسلام المجتهدين في الأحكام، فإنهم خلفاء رسول الله عليه الصلاة والسلام في إعلاء الحق وإحياء الدين وإرشاد الخلق إلى الصراط المستقيم. "بالطاعة": للأمير. "عضُّوا عليها بالنواجذ": أي على سنتي وسنة الخلفاء الراشدين، أو على الطاعة، وهو الأوفق لما بعده. والنواجذ، بالذال المعجمة: هي الأضراس، والمراد الحتم في لزوم السنة، كفعل من أمسك الشيء بين أضراسه، وعضَّ عليه منعاً له من أن ينتزع منه. "الأنفِ"، بالمد أو القصر، وهو مجروح الأنف، وهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به، وهذا الكلام أنسبُ بالطاعة، ويناسب السنة أيضاً نظراً إلى أن من السُّنَّة ما هو ثقيل على النفس، فقيل: المؤمن من شأنه الطاعة في كل شيء.

 

17144 - حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ لَهَا الْأَعْيُنُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا أَوْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَأَوْصِنَا . قَالَ: " أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِي اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ "

 

حديث صحيح، سلف الكلام عليه برقم (17142) ، ورجاله ثقات. ثور: هو ابن يزيد الحمصي. وأخرجه الدارمي 1/44-45، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/344، والترمذي عقب الحديث (2676) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1186) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (617) ، والآجري في "الشريعة" ص47، والحاكم 1/95-96، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ص482 -483، والبغوي في "شرح السنة" (102) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، بهذا الإسناد. قال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علة، وقد احتج البخاري بعبد الرحمن بن عمرو وثور بن يزيد، وروى هذا الحديث في أول كتاب الاعتصام بالسنة، والذي عندي أنهما رحمهما الله توهّما أنه ليس له راوٍ عن خالد بن معدان غير ثور بن يزيد، وقد رواه محمد بن إبراهيم بن الحارث المخرّج حديثه في "الصحيحين" عن خالد بن معدان، ووافقه الذهبي. قلنا: إنما ذكره البخاري في أول كتاب الاعتصام الذي هو كتاب مفرد، ككتابه "الأدب المفرد"، لكنه لم يورد منه في صحيحه إلا ما يليق بشرطه فيه، ذكر ذلك الحافظ في شرح قول البخاري عقب الحديث (7271) : ينظر في أصل كتاب الاعتصام. والبخاري لم يخرج في صحيحه لعبد الرحمن السلمي، بله أن يكون قد احتج به. وأخرجه ابن ماجه (44) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (31) و (54) من طريقين عن ثور بن يزيد، به. وأخرجه بنحوه ابنُ أبي عاصم في "السنة" (34) و (49) ، والطبراني 18/ (642) من طريق شعوذ الأزدي، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن العرباض بن سارية، به. وسلف برقم (17142) ، وذكرنا أحاديث الباب لفقراته هناك غير قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثةٍ بدعة"، ففي الباب عن جابر بن عبد الله عند مسلم (867) (43) بلفظ: "وشرّ الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة". وانظر أحمد 17145 وأخرجه أبو داود (4607) ، والآجري في "الشريعة" ص47، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ص484، والمزي في "تهذيب الكمال" 5/473 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (32) و (57) ، وابن حبان (5) ، والآجري ص46، والحاكم 1/97 من طريق الوليد بن مسلم، به.

 

حديث ملفق على نحو واضح، مصطلح الخلفاء الراشدين لم يُستعمل سوى بعد موت الخلفاء الأربعة الأوائل بزمن، كيف كان محمد سيقول مصطلحًا كهذا عن شيء لم يكن للمسلمين دراية به آنذاك ولا هو نفسه، وهو حديث لترسيخ أفكار معينة، منها تقديس قريش والطاعة العمياء لحكامها الخلفاء وأن يكون المواطن الساذج كالبهيمة الموضوع في أنفها خزامة منقادًا بسهولة لا رأي له ولا كرامة، وهو لا يختلف عن تلفيقات الأحاديث الشيعية عن عليّ.

 

روى أحمد:

 

23245 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي (1) بَكْرٍ، وَعُمَرَ " (2)

 

(1) المثبت من (ظ 5) ، وفي (م) وبقية النسخ: أبو .

(2) حديث حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه منقطع، بين عبد الملك بن عمير وربعي بن حراش: مولى لربعي كما سيأتي في رواية الثوري عن عبد الملك (23276) ، وهو ما رجحه أبو حاتم -كما في "العلل" 2/381- ثم عبد الملك قد توبع كما في الرواية الآتية برقم (23386). زائدة: هو ابن قدامة .

وأخرجه الحميدي (449) ، وابن سعد 2/334، والترمذي (3662) ، والبزار في "مسنده" (2827) ، وأبو حاتم -كما في "العلل" لابنه 2/379-، والطحاوي في "شرح المشكل" (1226) و (1227) و (1228) ، والبغوي (3894) و (3895) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد . وحسَّنه الترمذي .

وأخرجه الحاكم 3/75 من طريق الحميدي، عن سفيان، عن عبد الملك، عن هلال مولى ربعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة . قال: وهذا خطأ في حديث الحميدي، فقد رواه الحميدي نفسه في "مسنده"، ومن طريقه أبو حاتم الرازي، والطحاوي (1227) ، والبغوي (3895) . لم يذكر أحد منهم هلالاً .

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (3828) من طريق أبي موسى إسحاق بن موسى الأنصاري، والحاكم 3/75 من طريق إسحاق بن عيسى بن الطباع، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، عن عبد الملك، عن ربعي، عن حذيفة .

وأخرجه الحاكم 3/75 من طريق حفص بن عمر الأيلي ووكيع وعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني -فرَّقهم- عن مسعر، عن عبد الملك، عن ربعي، عن حذيفة .

وقرن في رواية الحماني بمسعر سفيان الثوري، قلنا: المحفوظ في رواية سفيان الثوري زيادة مولى ربعي بين عبد الملك وربعي كما سيأتي في الرواية (23276) .

وأخرجه الخطيب 12/20 من طريق وكيع، عن مسعر، عن عبد الملك، عن مولى لربعي بن حراش، عن ربعي، عن حذيفة . خالف رواية الحاكم عن وكيع بزيادة مولى ربعي في الإسناد.

وفي الباب عن أنس سيأتي في تخريج الرواية (23386). وأخرج مسلم (681) ضمن حديث طويل من حديث أبي قتادة مرفوعاً: "إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا"، وسلف في "المسند" برقم (22546) .

وانظر حديث العرباض السالف برقم (17142) ، وفيه: "عليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين" .

قوله: "اقتدوا باللذين من بعدي" قال السندي: فيه بيان قوة اجتهادهما وإصابتهما الحق غالباً، وفيه إخبار عن خلافتهما إذ لا بعدية في الوجود إلا أن يقال: يمكن البعدية في البقاء، وعلى الوجهين سواءً حُمِلَ على البعدية في الخلافة أو البقاء ففيه معجزة له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث أَخبر عن شيء قبل وجوده، فوُجِدَ كما أخبر، والله تعالى أعلم . قلنا: وحمله على البعدية في البقاء أقوى .

 

حديث جيد منقطع ملفَّق!

 

23386 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ الْمُرَادِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، ورِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنِّي لَسْتُ أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي_يُشِيرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ_وَاهْدُوا هَدْيَ عَمَّارٍ وَعَهْدَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ".

 

حديث حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد لين من أجل سالم المرادي -وهو سالم بن عبد الواحد، ويقال: ابن العلاء، أبو العلاء الأنعمي- فقد اختلف فيه فوثقه الطحاوي في "شرح المشكل" والعجلي وابن حبان، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه . وضعفه ابن معين والنسائي في "ضعفائه" (229) ، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي عبد الله المدائني متابع ربعيٍّ، فلم يرو عنه غير عمرو بن هرم، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/667-668 . وهو في "فضائل الصحابة" للمصنف (479) .

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 2/334 عن محمد بن عبيد، به .

وأخرجه ابن سعد 2/334، وابن أبي شيبة 14/569، والترمذي (3663) ، وابن حبان (6902) من طريق وكيع، والبخاري في "الكنى" 9/50، وأبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 9/402 من طريق يعلى بن عبيد، وعبد الله بن أحمد في زوائد "فضائل الصحابة" (198) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (1233) من طريق إسماعيل بن زكريا الخُلقاني، ثلاثتهم عن سالم أبي العلاء المرادي، به .

وبعضهم يختصره، ولم يقرن الترمذي والطحاوي بربعي أبا عبد الله، وعكسُه عند أبي حاتم الرازي .

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/666 من طريق مسلم بن صالح، عن حماد ابن دليل، عن عمر بن نافع، عن عمرو بن هرم، قال: دخلت أنا وجابر بن زيد على أنس بن مالك فقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره . قلنا: ومسلم بن صالح لم نقف له على ترجمة. ورواه مرة أخرى من طريق مسلم بن صالح، به . لكن أسقط منه عمر بن نافع .

قوله: "واهدوا هديَ عمَّار" قال ابن الأثير: أي: سِيروا بسيرته، وتهيؤوا بهيئتِه، يقال: هَدَى هَدْيَ فلانٍ، إذا سار بسيرتِه .

 

روى البخاري:


3695 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الْحَائِطِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا عُمَرُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَالَ حَمَّادٌ وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ سَمِعَا أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى بِنَحْوِهِ وَزَادَ فِيهِ عَاصِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ قَدْ انْكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ رُكْبَتِهِ فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا

7097 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ الْمَدِينَةِ لِحَاجَتِهِ وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ فَلَمَّا دَخَلَ الْحَائِطَ جَلَسْتُ عَلَى بَابِهِ وَقُلْتُ لَأَكُونَنَّ الْيَوْمَ بَوَّابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْمُرْنِي فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَضَى حَاجَتَهُ وَجَلَسَ عَلَى قُفِّ الْبِئْرِ فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ فَوَقَفَ فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ قَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ فَجَاءَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ فَجَاءَ عُمَرُ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَجَاءَ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ فَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ فَامْتَلَأَ الْقُفُّ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجْلِسٌ ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَقُلْتُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ مَعَهَا بَلَاءٌ يُصِيبُهُ فَدَخَلَ فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُمْ مَجْلِسًا فَتَحَوَّلَ حَتَّى جَاءَ مُقَابِلَهُمْ عَلَى شَفَةِ الْبِئْرِ فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ دَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ فَجَعَلْتُ أَتَمَنَّى أَخًا لِي وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَأْتِيَ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَتَأَوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمْ اجْتَمَعَتْ هَا هُنَا وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ

 

رواه مسلم 2403 وأحمد (19509) 19738

 

وروى أحمد أن من أمسك الباب كان عبد الله بن عمرو بن العاص حسب رواية أخرى:

 

6548 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ، فَقَالَ: "ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ، فَاسْتَأْذَنَ، فَقَالَ: "ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ، فَاسْتَأْذَنَ، فَقَالَ: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" قَالَ: قُلْتُ: فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: " أَنْتَ مَعَ أَبِيكَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين، ومحمد بنُ عُبيد -وهو أبو قُدامة الحنفي-، متابعُ ابن سيرين، ذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وليست له رواية في الكتب الستة، ولم يورده الحافظ في "التعجيل" ، يزيد: هو ابن هارون، وهمام: هو ابن يحيي، وقتادة: هو ابنُ دعامة السدوسي.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/172 عن محمد بن سنان، عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/56 مطولاً، وقال: رواه الطبراني، واللفظ له، وأحمد باختصار بأسانيد، وبعض رجال الطبراني وأحمد رجال الصحيح.

قلنا: كذا قال الهيثمي: (بأسانيد) . ولم نجد لهذا الحديث عند أحمد إلا هذا الإسناد.

وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند البخاري (3674) ، ومسلم (2403) (28) ، سيرد 4/393.

وعن نافع بن عبد الحارث، سيرد 3/408، وذكر الحافظ في "الفتح" 7/37 أنه من حديث أبي موسى، وسيأتي تفصيل ذلك في موضعه.

وعن أبي سعيد الخدري عند الطبراني في "الأوسط" فيما ذكره الهيثمي في "المجمع" 9/57، وقال: ورجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني علي بن سعيد، وهو حسن الحديث.

وعن جابر بن عبد الله عند الطبراني في "الأوسط" فيما ذكره الهيثمي في "المجمع" 9/57، وقال: ورجاله وثقوا، وفي بعضهم خلاف.

وروى الطبراني في المعجم الأوسط رواية أخرى بأن من أمسك الباب كان بلالًا:

 

3988 - حدثنا علي بن سعيد الرازي قال نا ابو مصعب قال نا عبد العزيز بن محمد عن شريك بن عبد الله بن ابي نمر عن عطاء بن يسار   عن ابي سعيد الخدري قال وقف رسول الله صلى الله عليه و سلم بالاسواف وبلال معه فدلى رجليه في البئر وكشف عن فخذيه فجاء ابو بكر يستأذن فقال يا بلال ائذن له وبشره بالجنة فدخل ابو بكر فجلس على يمين رسول الله صلى الله عليه و سلم ودلى رجليه في البئر فكشف عن فخذيه ثم جاء عمر يستأذن فقال ائذن له يا بلال وبشره بالجنة فدخل فجلس على يسار رسول الله صلى الله عليه و سلم ودلى رجليه في البئر وكشف عن فخذيه ثم جاء عثمان يستأذن فقال أئذن له يا بلال وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فدخل عثمان فجلس قبالة رسول الله صلى الله عليه و سلم ودلى رجليه في البئر وكشف عن فخذيه

لم يرو هذا الحديث عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد إلا الداوردي تفرد به أبو مصعب

 

قال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون

 

 هذه الأحاديث ليست أحسن حالًا من أحاديث الشيعة الأسطورية عن الحق الإلهي لعلي ونسله في الحكم، بل هي توأم لها معكوس. وتناقضت الروايات في ذكر من كان يمسك الباب لمحمد والتناقض سمة وعلامة بارزة للأكاذيب والتلفيقات.

 

وروى أحمد:

 

14821 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أُرِيَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ صَالِحٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نِيطَ بِرَسُولِ اللهِ، وَنِيطَ عُمَرُ بِأَبِي بَكْرٍ، وَنِيطَ عُثْمَانُ بِعُمَرَ "، قَالَ جَابِرٌ: فَلَمَّا قُمْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: أَمَّا الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا ذِكْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَوْطِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَهُمْ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي بَعَثَ اللهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمرو بن أبان بن عثمان، فقد ذكره الزبير بن بكار في أولاد أبان، وقال: أمه أم سعد بنت عبد الرحمن بن هشام، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/216، فقال: روى عنه الزهري وأهل المدينة، وقد روى عن جابر بن عبد الله، فلا أدري أسمع منه أم لا؟ الزبيدي: هو محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي الحمصي.

وأخرجه الحاكم 3/102 من طريق يزيد بن عبد ربه، بهذا الإسناد، وقد وقع تحريف في الإسناد المطبوع منه تحريف يصحح من "الإتحاف" 3/282.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1134) ، وأبو داود (4636) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (3347) ، وابن حبان (6913) ، والحاكم 3/71-72 و102، والبيهقي في "الدلائل" 6/348-349 من طرق عن محمد ابن حرب، بهذا الإسناد. وقال أبو داود بإثره: ورواه يونس وشعيب، ولم يذكرا عَمْرَو بن أبان.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 6/348 من طريق ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن جابر، ولم يذكر عَمْرَو بن أبان. وقال: تابعه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري هكذا. قلنا: فإسنادهما منقطع، فإن ابن شهاب لم يدرك جابراً.

 

4626 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " كُنَّا نَعُدُّ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ وَأَصْحَابُهُ مُتَوَافِرُونَ : أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ ثُمَّ نَسْكُتُ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، سهيل بن أبي صالح من رجاله، وباقي رجاله على شرطهما، أبو صالح: هو ذكوان السمان.

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/12، وابن أبي عاصم في "السنة" (1195) ، وأبو يعلى (5784) ، وابن أبي حاتم في "العلل" 2/352، والخلال في "السنة" (541) ، وابن حبان (7251) ، والطبراني (13301) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1196) عن عبد الوهاب بن الضحاك، عن إسماعيل بن عياش، عن سهيل بن أبي صالح، به، بلفظ: كنا نتحدث على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان، فيبلغ ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا ينكره علينا. وعبد الوهاب بن الضحاك متروك.

وأخرجه ابن أبي عاصم (1193) ، والخلال (577) من طريقين، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كنا نتحدث على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، فيبلغ ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا ينكره، وإسناده صحيح.

وأخرجه دون قوله: "فيبلغ ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا ينكره" أحمد في "فضائل الصحابة" (53) و (57) ، والبخاري (3655) ، وابن أبي عاصم (1192) ، وأبو يعلى (5603) ، والخلال (580) من طريق يحيي بن سعيد الأنصاري، وأحمد (54) و (55) ، والبخاري (3697) ، وأبو داود (4627) ، والترمذي (3707) ، والخلال (577) و (578) و (579) من طريق عبيد الله بن عمر، وأحمد (62) ، وابن أبي عاصم (1194) ، والخلال (582) من طريق جسر بن الحسن، وأبو يعلى (5602) من طريق يوسف الماجشون، وابن أبي عاصم (1193) من طريق يزيد بن أبي حبيب، كلهم عن نافع، عن ابن عمر بنحوه. وقال الترمذي: حديث حسن، صحيح، غريب من هذا الوجه، يستغرب من حديث عبيد الله بن عمر.

وأخرجه أحمد في "فضائل الصحابة" (56) و (64) ، وأبو داود (4628) ، وابن أبي عاصم (1190) و (1191) ، والطبراني في "الكبير" (13131) و (13132) ، وفي "الأوسط" (1713) من طريق الزهري، عن سالم، عن ابن عمر بنحوه.

ورواية أحمد (64) ، والطبراني في "الكبير" (13132) مطولة، وعند الطبراني زيادة: ويسمع ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا ينكره.

وأخرجه أبو يعلى (5604) من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن ابن عمر.

وهذا إسناد منقطع، فقد ذكر الدارقطني في "العلل" 4/الورقة 98 أن يزيد لم يسمع من ابن عمر ولا من أحد من الصحابة.

وأخرجه أحمد في "الفضائل" (63) من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: ما كنا نختلف في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الخليفة بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، وأن الخليفة بعد أبي بكر عمر، وأن الخليفة بعد عمر عثمان، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عمر العمري.

وسيأتي برقم (4797) مطولاً.

 

وروى البخاري:


3655- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

 

3697 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ حَدَّثَنَا شَاذَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ

 

ولو أنهم كان لديهم خبر ونبوءة عن الخلفاء بعده لما كانوا احتاجوا للتفاوض والتنازع والأخذ والرد، ولما احتاج عمر بعد اغتياله وهو يحتضر في حصر الخلافة بين ستة يختارون واحدًا من بينهم للخلافة، وهذه الأحاديث تزعم الدعم الأخلاقي لفساد عثمان السياسي والمالي وأنه كان له حق إلهي في الحكم وفقًا لهذه النصوص وفكرة الحكم بحق ديني وإلهي ولنسل ما ونظرية قميص عثمان هي أفكار الاستبداد ومصادرة حق الشعوب في الاختيار لمن يحكمها. وروى البخاري:

 

4447 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَقَالَ النَّاسُ يَا أَبَا حَسَنٍ كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا إِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الْأَمْرُ إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا فَقَالَ عَلِيٌّ إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

3667 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ وَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ وَقَالَ { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } وَقَالَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} قَالَ فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ قَالَ وَاجْتَمَعَتْ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ عُمَرُ بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ فَقَالَ قَائِلٌ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَقَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ

 

1392 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْ يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلَامَ ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ قَالَتْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي فَلَأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ لَهُ مَا لَدَيْكَ قَالَ أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي ثُمَّ سَلِّمُوا ثُمَّ قُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَادْفِنُونِي وَإِلَّا فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ فَمَنْ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي فَهُوَ الْخَلِيفَةُ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا فَسَمَّى عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ كَانَ لَكَ مِنْ الْقَدَمِ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَالَ لَيْتَنِي يَا ابْنَ أَخِي وَذَلِكَ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ خَيْرًا أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا {الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ

 

7218 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قِيلَ لِعُمَرَ أَلَا تَسْتَخْلِفُ قَالَ إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ رَاغِبٌ رَاهِبٌ وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْهَا كَفَافًا لَا لِي وَلَا عَلَيَّ لَا أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا وَلَا مَيِّتًا

 

وروى مسلم:

 

[ 1823 ] حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن بن عمر قال حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه وقالوا جزاك الله خيرا فقال راغب وراهب قالوا استخلف فقال أتحمل أمركم حيا وميتا لوددت أن حظي منها الكفاف لا علي ولا لي فإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر وإن أترككم فقد ترككم من هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله فعرفت أنه حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مستخلف

 

وروى البخاري:

 

7207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمْ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ فَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي حَتَّى إِذَا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَصْبَحْنَا مِنْهَا فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ قَالَ الْمِسْوَرُ طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنْ اللَّيْلِ فَضَرَبَ الْبَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ فَقَالَ أَرَاكَ نَائِمًا فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِكَبِيرِ نَوْمٍ انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ فَشَاوَرَهُمَا ثُمَّ دَعَانِي فَقَالَ ادْعُ لِي عَلِيًّا فَدَعَوْتُهُ فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ ادْعُ لِي عُثْمَانَ فَدَعَوْتُهُ فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ فَلَمَّا صَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الْحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا عَلِيُّ إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ فَلَا تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا فَقَالَ أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ وَالْمُسْلِمُونَ

 

وتقول قصص أخرى أن عليًّا رفض المبايعة كما اشترطها عبد الرحمن بن عوف على أن يقيم بسنة محمد والخليفتين من بعده تحرجًا وتقوى من ألا يقدر على ذلك، أما عثمان فوعد بذلك ونال الخلافة ولم يوفِ بما تعهد به وفسد.

 

وهذه الأحاديث وقع بعضها كذلك في مسند أحمد وصحيح مسلم والسيرة لان إسحاق برواية ابن هشام.

 

ومن أحاديث الأمر الملفق المنسوب إلى محمد بالطاعة العمياء للحكام والاستسلام للفساد، ما ورواه البخاري:

 

3455 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ

 

ادعاؤهم ذكر محمد لأحاديثه

 

يعتقد البعض أن {الكتاب والحكمة} في القرآن فيها إشارة إلى تعاليم محمد الغير مكتوبة في القرآن، لا شك من منظورنا كملحدين فالقرآن وكلام محمد الذي صح أنه قاله في الأحاديث كلاهما كلامه، ولا شك أنه قد يكون قد أشار إليه بكلمة السنة وما شابه، لكن مصطلح (الحديث) بمعناه الديني لم يكن له وجود زمن محمد.

روى أحمد:

 

(17194) 17326- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَزَيْدُ بْنُ حُبَابٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ زَيْدٌ فِي حَدِيثِهِ : حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ ، يَقُولُ : حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ أَشْيَاءَ ، ثُمَّ قَالَ : يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُكَذِّبَنِي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثِي ، فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ ، أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.(4/132).

 

حديث صحيح، وأخرجه الحاكم 1/109 من طريق الإمام أحمد، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد، وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/261-262، ومن طريقه ابن ماجه (12) و (3193) عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. ورواية ابن أبي شيبة مختصرة جداً.

وأخرجه الترمذي (2664) ، والدارقطني 4/286-287 من طريق محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، به. قال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وأخرجه الدارمي 1/144، والطبراني في "الكبير" 20/ (649) ، والحاكم 1/109، والبيهقي في "السنن" 7/76 و9/331، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/88-89، والمزي في "تهذيب الكمال " 6/72، من طريقين، عن معاوية بن صالح، به.

وقد سلف مطولاً برقم (17174) .

 

17174 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَرِيزٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجُرَشِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، أَلَا وَلَا لُقَطَةٌ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُمْ (1) ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُمْ، فَلَهُمْ أَنْ يُعْقِبُوهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُمْ " (2)

 

(1) ضبب فوق الضمير في (س) ، ولم يرد الضمير في نسخة السندي، ففيها: أن يَقْرُوه.

(2) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير عبد الرحمن بن أبي عوف الجُرَشي، فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو ثقة. حريز: هو ابن عثمان الرحبي.

وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن زنجويه في "الأموال" (620) ، وأبو داود في "السنن" (4604) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (668) و (670) ، وفي "الشاميين" (1061) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/549، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/89، وابنُ عبد البر في "التمهيد" 1/149-150، من طرق عن حريز بن عثمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/209، وابن حبان (12) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (667) ، والدارقطني 4/287، والبيهقي في "السنن" 9/332، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/89 من طريق مروان بن رؤبة، عن عبد الرحمن الجرشي، به.

وأخرجه الطبراني 20/ (669) من طريق عمرو بن رؤبة، عن عبد الرحمن الجرشي ، به.

وأخرجه بنحوه ابن زنجويه (619) من طريق خالد بن معدان، عن المقدام، به.

والحديث سيأتي مختصراً في الروايتين (17193) و (17194) .

وفي الباب في قوله: "ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي" عن ابن عمر، سلف برقم (4720) ، وذكرنا بقيةَ أحاديث الباب هناك.

وفي الباب في قوله: "ولا كل ذي ناب من السباع" عن أبي هريرة، سلف برقم (7224) ، وذكرنا بقية أحاديث الباب هناك.

وفي الباب في قوله: "ألا ولا لُقَطَةٌ من مال معاهد.. إلخ " عن خالد بن الوليد، سلف 4/89- 90.

وقوله: "ومن نزل بقوم فعليهم أن يقرُوهم..." سلف بنحوه برقم (17172) .

 

تلفيقه مفضوح جدًّا لأنه في حياة محمد لم تبرز مشكلة التناقض بين آية {إنما حرم عليكم} و {قل لا أجد فيما أتلو عليكم محرمًا} بصيغة القصر والحصر في كليهما وبين وجود تحريمات أخرى في الأحاديث غير ما في القرآن، لأن وجود محمد بشحمه ولحمه كان كفيلًا آنذاك بمنع أي جدليات لإنكار تلك الأحاديث، وراجع باب التناقضات بين الأحاديث والقرآن. وغرض هذه الأحاديث التي لفقوها كان الرد على من يستخدمون مناهج تفكير ديني متعقلنة تعتمد العقل والتأويل لتحسين الدين كالمعتزلة وأشباههم.

 

(16058) 16155- حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ ، وأَبِي أُسَيْدٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ ، وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ ، وَأَبْشَارُكُمْ ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ ، فَأَنَا أَوْلاَكُمْ بِهِ ، وَإِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ ، وَتَنْفِرُ أَشْعَارُكُمْ ، وَأَبْشَارُكُمْ ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ. (3/497)

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البزار (187) (زوائد) ، وابن حبان (63) من طريق أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد. وقال البزار: لا نعلمه يروى من وجه أحسن من هذا.

وأخرجه ابن سعد 1/387 عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن سليمان بن بلال، به. إلا أن في المطبوع منه: عن أبي حُميد أو أبي أُسيد على الشك.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/149- 150، وقال: رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح.

وقد سلف نحوه من حديث أبي هريرة (8801) ، وسيكرر 5/425 سنداً ومتناً.

 

لو أخذ المسلمون بقاعدة كهذه فإن معظمهم وفقًا للحس الإنساني المشترك السليم والبديهي يجب أن يرفضوا تعاليم محمد كلها في القرآن والأحاديث لما نعرضه من أسباب في أبواب هذا الكتاب، وحاول السندي في حاشيته على مسند استعمال تبريراتهم العبودية الاستلابية لتجنب استعمال الحس الإنساني السليم:

 

قوله: "تعرفه قلوبكم"، أي: يقبله القلب، ولا يلحق به الوحشة للنفس، وهذا إما بالعرض على أصول الدين المعلومة، فإذا لم يكن مخالفاً يقبله القلب، أو بمعرفة رجال الإسناد، فإنهم إذا كانوا ثقاتٍ أثباتاً يتسارع القلب إلى القبول، ويحتمل أن يكون هذا الحديث من قبيل "استفتِ قلبك، البِرُّ ما اطمأنت إليه النفس، وأطمأنَّ إليه القلبُ، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك" حديث حسن، رواه أحمد [4/228] والدارمي [2/246] وغيرهما كما في الأربعين للنووي، رحمه الله تعالى. وهذا محمول على الأمر المشتبه، وإلا فما ثبت الأمرُ به في الشرع بلا معارض فهو برّ، وما ثبت النهي عنه كذلك فهو إثم، والمراد أن قلب المؤمن ينظر بنور الله إذا كان قوي الإيمان... وهذا يقتضي أنه ينبغي الرجوعُ إلى الأصول المعلومة الثابتة من الدين فيما اشتبه من الحديث، والله تعالى أعلم.

 

(23861) 24362- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لأَعْرِفَنَّ مَا بَلَغَ أَحَدَكُمْ مِنْ حَدِيثِي شَيْءٌ ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ ، فَيَقُولُ : مَا أَجِدُ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تعالى. (6/8).

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، عبد الله بن لَهِيعة -وإن كان سيىءَ الحفظ- رواية عبد الله بن المبارك عنه صالحة، مقبولة عن أهل العلم، لأنه روى عنه قديماً قبل احتراق كتبه، وقد توبع، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير علي بن إسحاق المروزي، فمن رجال الترمذي، وهو ثقة. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية.

وسيأتي برقم (23876) عن سفيان بن عيينة، عن أبي النضر.

وأخرجه ابن حبان (13) من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن مالك، عن سالم أبي النضر، بهذا الإسناد، نحوه.

وأخرجه الحاكم 1/109 من طريق ابن وهب، عن مالك، عن أبي النضر، عن عُبيد الله بن أبي رافع، مرسلاً. قال الحافظ في "الإتحاف" 14/251: وكذا هو في "الموطأ".

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/209، والحاكم 1/109 من طريق ابن وهب، والطبراني (975) من طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن الليث، عن أبي النضر، عن موسى بن عبد الله بن قيس، عن أبي رافع. وموسى ابن عبد الله هذا مجهول، لم يرو عنه غير أبي النضر، وذكره ابن حبان في "ثقاته" 5/402.

وأخرجه الطحاوي 4/209 من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي النضر، عن أبي رافع. دون واسطةٍ .

وأخرجه الطبراني (936) من طريق محمد بن إسحاق، عن سالم المكي، عن موسى بن عبد الله بن قيس، عن عبيد الله بن قيس، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، كذا وقع عنده، وسالم المكي هذا مجهول، لم يرو عنه غير ابن إسحاق، إلا أنه يكون هو سالم بن أبي أمية أبا النضر نفسه، لكن هذا الأخير مدني وليس مكياً.

 

أحاديث ملفقة لدعم معاوية وإضفاء شرعية وهمية أسطورية على حكمه وحكم الأمويين

 

على عكس أحاديث دعم علي وأحاديث سب معاوية والأمويين، وحديث دعم علي وعمار بن ياسر. (عمار مات في حرب علي ضد معاوية بالذات وفي تلك الأحاديث وصفوا جيش معاوية بالفئة الباغية!)، وُجدت أحاديث تضفي قداسة ومباركة لحكم معاوية وانقلابه على خلافة علي الشرعية أو الشبه شرعية. روى أحمد:

 

16933 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي، يُحَدِّثُ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ، أَخَذَ الْإِدَاوَةَ بَعْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا، وَاشْتَكَى أَبُو هُرَيْرَةَ، فَبَيْنَا هُوَ يُوَضِّئُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ يَتَوَضَّأ، فَقَالَ: " يَا مُعَاوِيَةُ، إِنْ وُلِّيتَ أَمْرًا فَاتَّقِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَاعْدِلْ "، قَالَ: فَمَازِلْتُ أَظُنُّ أَنِّي مُبْتَلًى بِعَمَلٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ابْتُلِيتُ

 

رجاله ثقات رجال الصحيح غير أن جد عمرو بن يحيى- وهو سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص- لم يتبين لنا سماعه من معاوية، فقد ذكر البخاري في "تاريخه الكبير" 3/496 سماعه من عائشة وابن عمر وأبي هريرة فحسب، وجزم الهيثمي في "المجمع " 5/186 بإرساله، وضعفه الذهبي في جملة ما ضعفه من أحاديث فضائل معاوية في "السير" 3/331، فقال: ويُروى في فضائل معاوية أشياء ضعيفة تحتمل. وذكر منها هذا الحديث. روح: هو ابن عُبادة.

وأخرجه أبو يعلى (7380) عن سويد بن سعيد، عن عمرو بن يحيى، عن جده سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن معاوية، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "توضؤوا". قال: فلما توضأ نظر إليَّ، فقال: "يا معاوية، إن وليت..."

فذكر الحديث. وفي إسناده سويد بن سعيد، وهو ضعيف.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/147-148، والطبراني في "الكبير" 19/ (850) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/446 من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن عبد الملك بن عمير قال: قال معاوية: ما زلتُ أطمعُ في الخلافة منذ قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا معاويةُ، إن ملكت فأحسن"، وإسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ضعيف، وعبد الملك بن عمير لم يسمع من معاوية، نصَّ عليه الذهبي في "السير" 3/131.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/186، وقال: رواه أحمد، وهو مرسل، ورجاله رجال الصحيح، ورواه أبو يعلى عن سعيد، عن معاوية، فوصله، ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني باختصار عن عبد الملك بن عمير، عن معاوية، وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، وهو ضعيف، وقد وثِّق.

قلنا: ورواية أبي يعلى في إسنادها سويد بن سعيد، وهو ضعيف، فلا تفيد العنعنة في إسنادها الوصل.

وقد قال الحافظ في "الفتح" 7/104: وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه، والنسائي، وغيرهما. والله أعلم.

 

يعني في النهاية كما نفهم من الهامش بعضهم رفضوا الحديث واعتبروه ملفقًا وهم على حق، وخمّنوا أن الراوي لم يسمع من معاوية أصلًا شيئًا ولا عاصره. وشخصية معاوية ومكانته ليست دينية متهوسة متذللة كأمثال أبي هريرة وأبي ذر وبلال لكي يخدم محمدًا وحمل له طهوره ليتوضأ أو يتنظف بعد قضاء الحاجة، فهذا كان ابن سيد من سادات وكبراء قريش، صحيح أنه عمل كاتبًا لمحمد ربما تطوعًا لأن من كانوا يعرفون الكتابة كانوا قلائل (انظر وثيقة كتابات محمد للقبائل عند الطبقات لمحمد بن سعد ج1 وفيها تتكرر جملة وكتب معاوية)، لكن هذا بمثابة شأن شرفي، عكس حمل ميضأة.

 

17895 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ الْأَزْدِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ: " اللهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ ".

 

رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أن سعيد بن عبد العزيز، الذي مدار الحديث عليه، اختلط في آخر عمره فيما قاله أبو مسهر ويحيى بن معين.

وغمز في هذا الحديث ابنُ عبد البر وابنُ حجر. انظر "الإصابة" 4/342-343، و"الفتح " 7/104.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/240، والترمذي (3842) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1129) ، والخطيب في "تاريخه" 1/207-208، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (442) من طريق أبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر، والبخاري أيضاً في "الكبير" 7/327 من طريق مروان الطاطري، وابن قانع 2/146 من طريق عمر بن عبد الواحد، ثلاثتهم عن سعيد ابن عبد العزيز، به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وأخرجه الخلاّل في "السنة" (699) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/146، والطبراني في "الأوسط" (660) ، وأبو نعيم في "الحلية" 8/358 من طريق زيد بن أبي الزرقاء، وأبو نعيم في "الحلية" 8/358 عن علي بن سهل، كلاهما عن الوليد بن مسلم، عن سعيد بن عبد العزيز، عن يونس بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة.

وأخرجه الخلال في "السنة" (697) عن يعقوب بن سفيان، عن محمود بن خالد الأزرق، عن عمر بن عبد الواحد، عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد أن بعثاً بأهل الشام كانوا مرابطين بآمد، وكان على حمص عمير بن سعد، فعزله عثمان وولى معاوية، فبلغ ذلك أهل حمص فشق عليهم، فقال عبد الرحمن بن أبي عميرة: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: فذكره.

وأخرج هذه القصة الترمذي (3843) فجعلها من حديث عمير بن سعد. وفي إسناده عمرو بن واقد وهو متروك الحديث.

 

يعني رغم صحة الإسناد وفقًا لخرافة الإسناد فقد شك فيه بعضهم لأنه واضح عليه الوضع والتلفيق، وعلى الأغلب لفقوه أيام الأمويين ولأمانة المحدثين كأحمد الذين رووا معظم ما وصل إليهم بتناقضاته فقد وصل لنا رغم أن كتب الحديث مكتوبة تحت سلطة خلافة العباسيين.

 

17152 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدْعُو (1) إِلَى السَّحُورِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ: " هَلُمَّ (2) إِلَى الْغِدَاءِ الْمُبَارَكِ "

ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " اللهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ وَقِهِ الْعَذَابَ " (3)

 

(1) في (ق) و (م) وهامش (س) : يدعونا.

(2) في (ق) و (م) وهامش (س) : هلموا.

(3) حديث السحور منه حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الحارث بن زياد كما بينا في الرواية (17143). وأخرجه بتمامه ابنُ خزيمة (1938) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بتمامه كذلك يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/345، والطبراني في "الكبير" 18/ (628) من طريق معاوية بن صالح، به. وسقط اسم يونس بن سيف من مطبوع "المعرفة والتاريخ".

وحديث السحور منه أخرجه البيهقي في "السنن" 4/236 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 4/145، وفي "الكبرى" (2473) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5503) ، وابن حبان (3465) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 3/9، والبزار (977) "زوائد" من طريق معاوية بن صالح، به. وتحرف اسم يونس بن سيف في مطبوع ابن أبي شيبة إلى: يوسف.

وحديث الدعاء لمعاوية أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/356، وقال: رواه البزار وأحمد في حديث طويل، والطبراني، وفيه الحارث بن زياد، ولم أجد من وثقه، ولم يرو عنه إلا يونس بن سيف، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم اختلاف.

وسلف حديث السحور منه برقم (17143) .

 

كما قلت ضعف بعض الأحاديث في هذا الباب لا يهم لأني أتكلم عن تلفيق الأحاديث فمنها ما صححوه ومنها ما ضعفوه.

 

أحاديث التنبؤ المزعوم بالملك العضوض المتوارَث بدون شورى

 

روى أحمد:

 

(21919) 22264- حَدَّثَنَا بَهْزٌ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ (ح) وَعَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنِي حَمَّادٌ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ ، عَنْ سَفِينَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : الْخِلاَفَةُ ثَلاَثُونَ عَامًا ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُلْكُ.

قَالَ سَفِينَةُ : أَمْسِكْ خِلاَفَةَ أَبِي بَكْرٍ سَنَتَيْنِ ، وَخِلاَفَةَ عُمَرَ عَشْرَ سِنِينَ ، وَخِلاَفَةَ عُثْمَانَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَخِلاَفَةَ عَلِيٍّ سِتَّ سِنِينَ رضي الله عنهم أجمعين.

 

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير سعيد بن جُمهان -وهو الأسلمي أبو حفص البصري- فهو صدوق من رجال أصحاب السنن. بهز: هو ابن أسد العَمِّي، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد العَنْبَري. وهو في "فضائل الصحابة" للمصنِّف (789) و (1027) ، وقد صححه كما في "السنة" للخلال (636).

 وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1181) ، وفي "الآحاد والمثاني" (113) و (139) ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "فضائل الصحابة"(790) ، وفي "السنة" (1402) ، والبزار في "مسنده" (3828) و (3829) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3446) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3349) ، وابن حبان في "صحيحه" (6943) ، والطبراني في "الكبير" (13) ، والحاكم 3/71، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (2654) و (2655) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (91) و (319) ، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 2/225، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة" (3865) ، والمزي في ترجمة سعيد بن جمهان من "تهذيب الكمال" 10/378 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد، وبعضهم لم يذكر قوله: "ثم يكون بعد ذلك الملك" . وبعضهم لم يذكر قول سفينة .

وأخرجه أبو داود (4647) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1185) ، وفي "الآحاد والمثاني" (140) ، وعبد الله بن أحمد في "السنة" (1403) و (1404) و (1405) ، والنسائي في "الكبرى" (8155) ، والطبراني في "الكبير" (136) و (6443) ، وابن عدي في "الكامل" 3/1237، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/245 من طريق العوام بن حوشب، وأبو داود (4646) ، وابن حبان (6657)، والطبراني (6444) ، وابن عدي 3/1237، والحاكم 3/145، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/341، وفي "الاعتقاد" ص 333 و370 من طريق عبد الوارث بن سعيد، وعبد الله بن أحمد في "السنة" (1407) ، والبزار (3827) ، وأبو بكر الخلال في "السنة" (647) ، واللالكائي (2656) من طريق أبي طلحة يحيى بن طلحة بن أبي شهدة، ثلاثتهم عن سعيد بن جمهان، به . وبعضهم يختصره . وجاء سعيد ابن جمهان مبهماً غير مسمى في رواية عبد الله بن أحمد في "السنة" (1405) .

وسيأتي من طريق حماد بن سلمة برقم (21923) ، ومن طريقه حشرج بن نباتة برقم (21928) ، كلاهما عن ابن جُمْهان. ويشهد له بلفظه حديث أبي بكرة عند البيهقي في "الدلائل" 6/342، وفي إسناده مؤمل بن إسماعيل، وعلي بن زيد بن جدعان وهما ضعيفان، وسلف في المسند برقم (20445) بلفظ: "خِلافةُ نُبوَّةٍ، ثم يُؤتي الله المُلْكَ من يَشاءُ".

وفي باب قوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثم يكون بعد ذلك الملك" عن حذيفة بن اليمان، سلف في مسند النعمان بن بشير برقم (18406) ، وإسناده حسن .

قوله: "الخلافة ثلاثون عاماً" أي: خلافة النبوة كما في رواية أبي داود (4647) .

"ثم يكون" أي: يحدث في المسلمين، ويتحقق الملك، ولم يكن بينهم أولاً الملك .

"وخلافة علي ست سنين" أي: مع خلافة الحسن رضي الله عنهما . قاله السندي.

 

حديث ملفق باطل وفيه غلطة حسابية كذلك. لأن خلافة علي لا تكمل ست سنوات، فحاول بعضهم ضم الحسين بن علي، وهذا لم تتم له خلافة ولا تحصل عليها، ولا كان محاولته للانقلاب وأخذ السلطة والحكم عن شورى وأغلبية مؤكدة، وقد مات قتيلًا على يد الجيش الأموي الخاص بالخليفية يزيد بن معاوية.

 

18406 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا يَكُفُّ حَدِيثَهُ، فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، فَقَالَ: يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْأُمَرَاءِ ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ، فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا ، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ " ثُمَّ سَكَتَ.

قَالَ حَبِيبٌ: " فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فِي صَحَابَتِهِ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أُذَكِّرُهُ إِيَّاهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي عُمَرَ، بَعْدَ الْمُلْكِ الْعَاضِّ وَالْجَبْرِيَّةِ، فَأُدْخِلَ كِتَابِي عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسُرَّ بِهِ وَأَعْجَبَهُ ".

 

إسناده حسن. داود بن إبراهيم من رجال "التعجيل"، وثقة أبو داود الطيالسي، وذكره ابن حبان في "الثقات" 6/280، وقال: روى عن طاووس وحبيب بن سالم، روى عنه ابن المبارك وأبو داود الطيالسي. لكن البخاري في "التاريخ الكبير" 3/236-237، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 03/407 فرقا بين داود بن إبراهيم الذي يروي عن طاوس، وروى عنه ابن المبارك، وبين داود بن إبراهيم الواسطي الذي يروي عن حبيب بن سالم، وروى عنه أبو داود الطيالسي، وعلى أي القولين، فداود بن إبراهيم في هذه الرواية هو الذي روى عنه الطيالسي، وقد وثقه، وبقية رجاله ثقات رجال مسلم.

وهو في مسند أبي داود الطيالسي (438) وقال: حدثنا داود الواسطي - وكان ثقة- بهذا الإسناد. وقد وقع فيه سقط وتحريف.

وأخرجه البزار في "البحر الزخار" (2796) عن الوليد بن عمرو بن سكين، عن يعقوب بن إسحاق الحضرمي، عن إبراهيم بن داود، عن حبيب بن سالم، به. ولعل يعقوب هو الذي قلب اسم داود، فقد قال فيه ابن سعد في "الطبقات" 7/304: ليس هو عندهم بذاك الثبت، يذكرون أنه حدث عن رجال لقيهم وهو صغير قبل أن يدرك.

قال البزار: لا نعلم أحداً قال فيه: النعمان عن حذيفة إلا إبراهيم بن داود (كذا) .

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6577) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الخباب، قال: حدثنا العلاء بن المنهال الغَنَوي، حدثني مهند القيسي - وكان ثقة- عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنكم في نبوة ورحمة، وستكون خلافة ورحمة، ثم يكون كذا وكذا، ثم يكون ملكاً عضوضاً، يشربون الخمور، ويلبسون الحرير، وفي ذلك يُنْصَرون إلى أن تقوم الساعة". قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن العلاء بن المنهال إلا زيد بن الحباب.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/188-189 وقال: رواه أحمد في ترجمة النعمان والبزار أتم منه، والطبراني ببعضه في "الأوسط" ورجاله ثقات.

وفي الباب عن سفينة قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم: "الخلافة ثلاثون عاماً، ثم يكون بعد ذلك الملك" سيرد 5/220.

قال السندي: قوله: كنا قعوداً مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان بشير... إلخ.

الظاهر أن في هذه الرواية طي كلام، أي: فخطب، وكان فيهم بشير، وكان بشير رجلاً... إلخ. ومعنى يكف أنه ما كان جريء اللسان.

 

20445 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكَرَةَ، قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرَةَ، حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ وَيَسْأَلُ عَنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: " أَيُّكُمْ رَأَى رُؤْيَا ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزَانًا دُلِّيَ مِنَ السَّمَاءِ، فَوُزِنْتَ أَنْتَ بِأَبِي بَكْرٍ فَرَجَحْتَ بِأَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ وُزِنَ أَبُو بَكْرٍ بِعُمَرَ، فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ بِعُمَرَ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ بِعُثْمَانَ، فَرَجَحَ عُمَرُ بِعُثْمَانَ، ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ، فَاسْتَاءَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ، ثُمَّ يُؤْتِي اللهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ "، قَالَ عَفَّانُ فِيهِ: فَاسْتَآلَهَا، (1) وَقَالَ حَمَّادٌ: فَسَاءَهُ ذَلِكَ (2)

 

(1) يعني المصنف هنا أن في رواية عفان: "فاستآلها" بدل قوله في حديثنا: "فَاسْتَاءَ لَهَا"، ورواية عفان ستأتي برقم (20503) ، والذي وجدناه فيها: "فَاسْتَاءَ لَهَا" كما في روايتنا. والله أعلم بالصواب.

(2) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد- وهو ابن جدعان-، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم، وله طريق أخرى يتقوى بها سنذكرها في التخريج، ويشهد له غير ما حديث. عبد الصمد شيخ المصنف: هو ابن عبد الوارث.

وأخرجه الطيالسي (866) ، وأبو عبيد في "غريب الحديث" 3/100، وابن أبي شيبة 11/60-61 و12/18-19، وأبو داود (4635) ، ويعقوب بن سفيان 3/355، وابن أبي عاصم في "السنة" (1131) و (1132) و (1133) و (1135) و (1136) ، والبزار في "مسنده" (3652) ،والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3348) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/342، وفي "الاعتقاد" ص 364 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وبعضهم اختصره، وذكر بعضهم في آخره قصة بين معاوية وأبي بكرة، وستذكر عند المصنف في المواضع الآتية. ووقع في إسناد الحديث عند ابن أبي عاصم في "السنة" (1132) حماد بن زيد بدل حماد بن سلمة، ويغلب على الظن أنه وهم.

وسيأتي برقم (20503) و (20505) .

وأخرجه أبو داود (4634) ، والترمذي (2287) ، والنسائي في "الكبرى" (8136) ، والبزار (3653) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (1529) ، والحاكم 3/70- 71 و4/393- 394، والبيهقي في "الدلائل" 6/348، وفي "الاعتقاد" ص 364 من طريق محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري، حدثنا الأشعث بن عبد الملك الحمراني، عن الحسن البصري، عن أبي بكرة، ولم تذكر فيه قصة دخول أبي بكرة على معاوية، ولم يذكر فيه تأويل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للرؤيا. قلنا: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن فيه عنعنة الحسن البصري. وهو يقوي إسناد المصنِّفِ، ويحسَّن الحديث بمجموع الطريقين.

وفي الباب عن. جابر بن عبد الله، سلف برقم (14821) .

وعن سفينة مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند البزار (3829) ، والحاكم 3/71، والقسم المرفوع في آخره جاء عند الحاكم بلفظ: "خلافة النبوة ثلاثون عاماً، ثم تكون ملكاً". وهذا القسم سيأتي مفرداً في "المسند" 5/220.

وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (5469) .

وفي باب قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خلافة نبوة ... إلخ" عن حذيفة بن اليمان، سلف برقم (18406) .

وعن أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل عند ابن أبي عاصم في "السنة" (1130) والبيهقي في "الدلائل" 6/340.

وعن أبي هريرة عند البيهقي في "دلائل النبوة" 6/340.

قوله: "فاستاءَ لها" قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 3/100: إنما هو من المساءة، أي أن الرؤيا ساءته فاستاء لها، إنما هو "افتعل" منها.. قال: إنما نرى مساءته كانت لما ذكر مما يكون من الملك بعد الخلافة. قال: وبعضهم يرويه: فاستآلها، فمن رواه هذه الرواية فمعناها التأوُّل، وإنما هو استفعل من ذلك، وهو وجه حسن غير مدفوع.

وقال ابن فارس عن رواية "فاستآلها" كما في هامش "غريب الحديث" لأبي عبيد: وليس من الرواية، هذا غلط من أبي عبيد، وأما الأصل: استأْوَلَ، استفعل من التأول.

قلنا: وقد فسر هذا الحرف ضمن الرواية الآتية برقم (20505) : فأولها.

وهي عن هوذة بن خليفة، عن حماد بن سلمة، به. والأشبه بالصواب رواية: فاستاءَ لها، ويؤيده الرواية التي ذكرها المصنف عن حماد: "فساءه ذلك"، ويؤيده أيضاً رواية الحسن البصري عن أبي بكرة، ففي آخرها: فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

20503 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكَرَةَ، قَالَ: وَفَدْنَا مَعَ زِيَادٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَفِينَا أَبُو بَكَرَةَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِ لَمْ يُعْجَبْ بِوَفْدٍ مَا أُعْجِبَ بِنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرَةَ حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ، وَيَسْأَلُ عَنْهَا، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: " أَيُّكُمْ رَأَى رُؤْيَا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا رَأَيْتُ، كَأَنَّ مِيزَانًا دُلِّيَ مِنَ السَّمَاءِ، فَوُزِنْتَ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرٍ، فَرَجَحْتَ بِأَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ وُزِنَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ بِعُمَرَ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ بِعُثْمَانَ، فَرَجَحَ عُمَرُ بِعُثْمَانَ، ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ، فَاسْتَاءَ لَهَا، وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ أَيْضًا: فَسَاءَهُ ذَاكَ، ثُمَّ قَالَ: " خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ، ثُمَّ يُؤْتِي اللهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ "، قَالَ: فَزُخَّ فِي أَقْفَائِنَا، فَأُخْرِجْنَا، فَقَالَ زِيَادٌ: لَا أَبَا لَكَ، أَمَا وَجَدْتَ حَدِيثًا غَيْرَ ذَا حَدِّثْهُ بِغَيْرِ ذَا، قَالَ: لَا وَاللهِ لَا أُحَدِّثُهُ إِلَّا بِذَا حَتَّى أُفَارِقَهُ فَتَرَكَنَا، ثُمَّ دَعَا بِنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرَةَ، حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَبَكَعَهُ بِهِ فَزُخَّ فِي أَقْفَائِنَا، فَأُخْرِجْنَا، فَقَالَ زِيَادٌ: لَا أَبَا لَكَ أَمَا تَجِدُ حَدِيثًا غَيْرَ ذَا حَدِّثْهُ بِغَيْرِ ذَا، فَقَالَ: لَا وَاللهِ لَا أُحَدِّثُهُ إِلَّا بِهِ حَتَّى أُفَارِقَهُ، قَالَ: ثُمَّ تَرَكَنَا أَيَّامًا، ثُمَّ دَعَا بِنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرَةَ، حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَبَكَعَهُ بِهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَتَقُولُ الْمُلْكَ ؟ فَقَدْ رَضِينَا بِالْمُلْكِ (1)

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2) : وَجَدْتُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِي كِتِابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ

 

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد، وهو ابن جدعان. لكن له طريق أخرى يتقوى بها، ذكرناها في الموضع السالف برقم (20445) ، فانظره.

قوله: "لم يعجب" قال السندي: على بناء المفعول، من الإعجاب، وكذا قوله: "ما أعجب بنا". "فزُخَّ في أقفائنا" ضبط على بناء المفعول، بتشديد الخاء المعجمة وإعجام الزاي، أي: دُفِعنا وأُخرِجنا.

"فبكعه به"، أي: وبَّخَه به، من: بكعَه، إذا استقبله بما يكره.

وزيادٌ الذي وفد معه أبو بكرة إلى معاوية: هو زياد ابن أبيه، وهو أخو أبي بكرة لأمه، وكان والي البصرة لمعاوية.

(2) هو عبد الله بن أحمد بن حنبل.

 

° 20505 - وَبِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَفَدْنَا إِلَى مُعَاوِيَةَ نُعَزِّيهِ مَعَ زِيَادٍ، وَمَعَنَا أَبُو بَكَرَةَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا لَمْ يُعْجَبْ بِوَفْدٍ مَا أُعْجِبَ بِنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرَةَ حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ، وَيَسْأَلُ عَنْهَا، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: " أَيُّكُمْ رَأَى رُؤْيَا ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا رَأَيْتُ مِيزَانًا دُلِّيَ مِنَ السَّمَاءِ، فَوُزِنْتَ فِيهِ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرٍ، فَرَجَحْتَ بِأَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ وُزِنَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ بِعُمَرَ، ثُمَّ وُزِنَ فِيهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَحَ عُمَرُ بِعُثْمَانَ، ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ، فَاسْتَآلها (1) النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ أَوَّلَهَا، فَقَالَ: " خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ، ثُمَّ يُؤْتِي اللهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ "، قَالَ: فَزُخَّ فِي أَقْفَائِنَا فَأُخْرِجْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ عُدْنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرَةَ: حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَبَكَعَهُ بِهِ، فَزُخَّ فِي أَقْفَائِنَا، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ عُدْنَا، فَسَأَلَهُ أَيْضًا، قَالَ: فَبَكَعَهُ بِهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: تَقُولُ: إِنَّا مُلُوكٌ ؟ قَدْ رَضِينَا بِالْمُلْكِ (2)

 

(1) وقع هذا الحرف في بعض النسخ: فاستاء لها، وصوابه كما أثبتناه: فاستآلها، وكذا هو مثبت في نسخة السندي، ويؤيده التفسير الذي وقع بعده، أي: أَوَّلها.

(2) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.

 

وحيث أنه قدر وشيء تنبأ به محمد بزعمهم فلا فكاك منه وهو حتميّ ولا فائدة من الثورة عليه بزعمهم، فهذا دعمٌ للأمويين والعباسيين ومن تلاهم من سلالات تتوارث الحكم بدون شورى أو انتخاب، ولو بطريقة فيها ذمٌّ لهم، وهكذا فهمه معاوية، ويحتمل لو صح قول أبي بَكَرةٍ له فإنه يكون قد قاله تلفيقًا ومضايَقةً لمعاوية لكره له كملك مستبد غير شرعيّ السلطة.

 

أحاديث ملفقة لدعم وتحسين صورة عمرو بن العاص

 

روى أحمد:

 

8042 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ابْنَا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ: عَمْرٌو وَهِشَامٌ ".

 

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي-، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 4/191، عن عمرو بن عاصم الكلابى، والطبراني في "الكبير" 22/ (461) ، والحاكم 3/240 من طريق حجاج بن المنهال، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه! وتصحف فيه محمد بن عمرو إلى: محمد بن عمر.

وسيأتي برقم (8338) و (8641) و (8642) .

وفي الباب عن أَبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمه عند ابن سعد 4/192، وفيه عمرو بن حكام بن أَبي الوضاح شيخ ابن سعد، وهو ضعيف.

وسيأتي في "المسند" 4/155 من حديث عقبة بن عامر رفعه: "أسلَمَ الناس وآمن عمرو بن العاص"، وفي سنده مقال يأتي في موضعه.

 

17413 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَسْلَمَ النَّاسُ، وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي "

 

حديث محتمل للتحسين، وقد تفرَّد به ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان، وابن لهيعة سيئ الحفظ، لكن مشَّى بعضُ أهل العلم رواية أبي عبد الرحمن- وهو عبد الله بن يزيد المقرئ- عنه وعَدُّوها صالحة لكونه سمع منه قديماً، وأما مشرح بن هاعان فقد قوَّى أمرَه جماعة، وغمزه آخرون، وذكر ابن حبان في "المجروحين" أنه يروي عن عقبة بن عامر أشياء لا يتابع عليها. قلنا: ولذلك فقد قال الترمذي بعد أن أخرجه (3844) عن قتيبة، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة ومشرح بن هاعان، وليس إسناده بالقوي.

وأخرجه أيضاً الطبراني في "الكبير" 17/ (845) من طريق يحيى بن كثير الناجي وسعيد بن أبي مريم، كلاهما عن ابن لهيعة، عن أبي عُشَّانة عن عقبة ابن عامر، فهذا خلاف في إسناده على ابن لهيعة، وهو كما أسلفنا سيئ الحفظ، وأبو عُشَّانة: هو حيُّ بن يومن المعافري، وهو ثقة.

ويمكن أن يشهد لحديث عقبة هذا حديث أبي هريرة السالف برقم (8042) مرفوعاً بلفظ: "ابنا العاصِ مؤمنان: عمرو وهشام". وإسناده حسن.

قال السندي: يريد أن عمراً أخلصُ قلباً من أمثاله الذين آمنوا معه كمسلمي الفتح، والله أعلم.

 

عمرو بن العاص الذي قام بحيلة رفع المصاحف لإيقاف معركة صفين بعدما كاد علي أن ينتصر على معاوية، ثم عمل خدعة التحكيم الخسيسة التي غدر فيها بعلي وبأبي موسى الأشعري في تلاعب خبيث، فاتسم بالفجور والغدر وخفر الذمم، لذلك اعتبره كثير من الناس من الإباضية والخوارج والشيعة وحتى عقلاء السنة رجلًا غادرًا فاجرًا بلا مبدإ، وكأن الحديث يرد على من قالوا أنه كافر أو منافق، فالأمر احتاج من الساذج مؤلف الحديث تلفيقه لدعم زعمه بإيمان الرجل وحسن أخلاقه وطويته وسيرته وسريرته، وتاريخ الرجل ينفي ذلك بدرجة كبيرة. قارن مع ما رواه مسلم:

 

[ 1848 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا جرير يعني بن حازم حدثنا غيلان بن جرير عن أبي قيس بن رياح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه

 

وروى أحمد:

 

24009 / 73 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ قَيْسٍ الْبَلَوِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ رِمْثَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصٍ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَنَعَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ: " يَرْحَمُ اللهُ عمرًا " قَالَ: فَتَذَاكَرْنَا كُلَّ مَنِ اسْمُهُ عَمْرٌو، قَالَ: فَنَعَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَرْحَمُ اللهُ عَمْرًا " قَالَ: ثُمَّ نَعَسَ الثَّالِثَةَ، فَاسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: " يَرْحَمُ اللهُ عَمْرًا " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ عَمْرٌو هَذَا ؟ قَالَ: " عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ " قُلْنَا: وَمَا شَأْنُهُ ؟ قَالَ: " كُنْتُ إِذَا نَدَبْتُ النَّاسَ إِلَى الصَّدَقَةِ، جَاءَ فَأَجْزَلَ مِنْهَا، فَأَقُولُ: يَا عَمْرُو، أَنَّى لَكَ هَذَا ؟ قَالَ: مِنْ عِنْدِ اللهِ . وَصَدَقَ عَمْرٌو، إِنَّ لَهُ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا كَثِيرًا " . قَالَ زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْت لَأًلْزِمَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لَهُ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا كَثِيرًا " حَتَّى أَمُوتَ.

 

رجاله ثقات غير زهير بن قيس البلوي، فقد تفرد بالرواية عنه سويد بن قيس التجيبي، وجهله الحسيني، فاستدرك عليه الحافظ ابن حجر في "التعجيل" بأنه معروف وذكر عن ابن يونس في "تاريخ مصر" أنه شهد فتح مصر -وكان فتحها سنة 20- وأنه كان عاملاً على أيلة، وقُتِلَ سنة 76 بِبَرْقة. وقال البخاري في "تاريخه" 7/40: لا يعرف لزهير سماع من علقمة، كذا قال، مع أن زهيراً كبير وسماعه من علقمة غير مستنكر، خاصة وأنه شهد فتح مصر، ولأنه صرَّح عقب الحديث بلزومه لعمرو بن العاص أيضاً.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 13/لوحة 505 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن يحيى بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/499، والبخاري في "تاريخه الكبير" 7/40 تعليقاً، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص302، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/512، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (797) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (1) ، والحاكم 3/455، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ لوحة 456-457 و457 و11/ لوحة 796 من طرق عن الليث، به.

وبعضهم يختصره، ووقع سقط في المطبوع من "فتوح مصر".

ووقع عندهم عقبه -إلا في رواية ابن عبد الحكم وابن أبي عاصم فلم يذكراها-: قال زهير: فلما كانت الفتنة قلت: أتبع هذا الذي الذي قال فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم أفارقه. وأما ما وقع في رواية أحمد من قول زهير: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهمٌ من يحيى بن إسحاق.

وأخرجه ابن عساكر 11/ لوحة 796-797 من طريق ابن وهب، عن الليث ابن سعد، به. وقال عقبه: قال علقمة: فلما كانت الفتنة قلت: أتبع هذا الذي قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعله ابن وهب من كلام علقمة لا زهير.

وأخرجه الطبراني 18/ (2) ، والحاكم 3/455، وابن عساكر 6/456-457 و11/796 من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به.

 

 

في ترجمتي لكتاب (كيف تكون حياتك بدون الإله الخرافي والدين) لكزيمنسكي الأمركي، كان يقول أنه لا يمكن لأحد اتباع تعالم دين ما بحرفية كلها لأنها مناقضة لبعضها، وهذه الأخبار التاريخية المتناقضة لو كانت في عصرهم القديم حقًّا لكان الوضع محيرًا، فوفقًا لهذا الخبر اتباع عمرو بن العاص بطريقة عمياء دون تفكير فضيلة، وعلى عكسه أخبار أخرى بأن اتباع ونصرة علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر بطرقة عمياء متحيزة هو الفضيلة! وأحاديث أخرى بأن عدم القتال واعتزال كلا الفريقين هو الفضيلة.

 

نبوءة مزعومة بمقتل الحسين بن علي حفيد محمد من جهة فاطمة ابنته إثر محاولته الثورة والانقلاب على يزيد بن معاوية الأمويّ

 

روى أحمد:

 

26524 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ وَكِيعٌ، شَكَّ هُوَ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِإِحْدَاهُمَا: "لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنٌ مَقْتُولٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا " قَالَ: " فَأَخْرَجَ تُرْبَةً حَمْرَاءَ "

 

حديث حسن بطرقه وشاهده، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، سعيد - وهو ابن أبي هند- لم يذكروا له سماعاً من عائشة، ولا من أمِّ سَلَمة، وهو لم يسمع من أبي هريرة وأبي موسى، وعائشة وأمُّ سلمة أقدمُ وفاةً منهما.

وقد جاء مصرحاً بأنه سعيد بن أبي هند عند عبد بن حميد، وكذلك عند الذهبي في "تاريخ الإسلام" 3/11، وقد وهم الحافظ ابن حجر في تعيينه في "أطراف المسند" 9/393 حين سماه سعيد بن أبي سعيد المقبري، واللّه أعلم.

وهو عند أحمد في "الفضائل" (1357) ، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد بن حميد (1533) عن عبد الرزاق، عن عبد اللّه بن سعيد، عن أبيه، قال: قالت أمُّ سلمة، فذكر نحوه، فجعله عن أمِّ سلمةَ وحدَها دون شك.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2815) من طريق الفضل بن موسى، عن عبد اللّه بن سعيد، عن أبيه، عن عائشة وحدَها.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/187، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

وأخرجه ابن طهمان في "مشيخته" (3) عن عبَّاد بن إسحاق، وابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (429) ، والطبرانيُّ في "الكبير" (2821) ، والحاكمُ 4/398، والبيهقيُّ في "الدلائل" 6/468 من طريق موسى بن يعقوب الزَّمْعي، كلاهما عن هاشم بن هاشم بن عتبة، عن عبد الله بن وهب- وهو ابن زَمْعَة الأسدي الزَّمْعي عن أمِّ سَلَمة نحوه. قال الحاكم: صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه! ووافقه الذهبي! قلنا: موسى بن يعقوب الزَّمْعي- وإن كان ضعيفاً- توبع بعبّاد بن إسحاق.

وأخرجه ابن أبي شيبه 15/97-98، وابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (428) ، والطبراني في "الكبير" (2820) و23/ (754) من طريق موسى الجهني، عن صالح بن أربد، قال: قالت أمُّ سلمة 0 فذكر نحوه. فال البخاري في "التاريخ الكبير" 4/273: صالح بن أربد النخعي روى عنه موسى الجهني: منقطع.

وأخرجه الطبراني أيضاً (2817) من طريق عمرو بن ثابت، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن أمِّ سلمة نحوه.

وعمرو بن ثابت، وهو النكري، ضعيف، كان يتشيع.

وأخرجه الطبراني أيضاً (2819) و23/ (637) من طريق يحيى الحماني، عن سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد اللّه بن حنطب، عن أم سلمة نحوه. والحماني ضعيف، والمطلب لم يسمع من أحد من الصحابة.

وأخرجه الطبراني أيضاً (2814) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، مطولاً.

وأخرجه الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 84 من طريق شعبة، عن عمارة بن غزيّة الأنصاري، عن أبيه، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن عائشة، فذكر نحوه.

وأخرجه الدارقطني أيضاً 5/84 من طريق سفيان، عن عمارة الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن عائشة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه، ولم يقل: عن أبيه. وهو الصحيح فيما قال.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 6/470 من طريق يحيى بن أيوب، عن عمارة بن غزيّة، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: كان لعائشة... فذكر نحوه. وقال: هكذا رواه يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزيّة مرسلاً، ورواه إبراهيم بن أبي يحيى، عن عمارة، موصولاً، فقال: عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة.

قلنا: ويحيى بن أيوب- وهو المصري- فيه ضعف.

وفي الباب: عن أنس بن مالك، سلف برقم (13539) ، وإسناده ضعيف، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

 

13539 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ مَلَكَ الْمَطَرِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: " امْلِكِي عَلَيْنَا الْبَابَ، لَا يَدْخُلْ عَلَيْنَا أَحَدٌ "، قَالَ: وَجَاءَ الْحُسَيْنُ لِيَدْخُلَ فَمَنَعَتْهُ، فَوَثَبَ فَدَخَلَ فَجَعَلَ يَقْعُدُ عَلَى ظَهَرِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى مَنْكِبِهِ ، وَعَلَى عَاتِقِهِ ، قَالَ: فَقَالَ الْمَلَكُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُحِبُّهُ ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قَالَ: أَمَا إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ الَّذِي يُقْتَلُ فِيهِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فَجَاءَ بِطِينَةٍ حَمْرَاءَ، فَأَخَذَتْهَا أُمُّ سَلَمَةَ فَصَرَّتْهَا فِي خِمَارِهَا

قَالَ: قَالَ ثَابِتٌ: " بَلَغَنَا أَنَّهَا كَرْبَلَاءُ

 

إسناده ضعيف، تفرد به عمارة بن زاذان عن ثابت، وقد قال الإمام أحمد: يروي عن ثابت عن أنس أحاديثَ مناكير، ومؤمَل- وهو ابن إسماعيل- سيئ الحفظ، لكنه قد توبع.

وأخرجه البزار (2642- كشف الأستار) من طريق عبد الله بن رجاء، وأبو يعلى (3402) ، وابن حبان (6742) ، والطبراني في "الكبير" (2813) من طريق شيبان بن فروخ، كلاهما عن عمارة بن زاذان، بهذا الإسناد. وقال البزار: لا نعلم رواه عن ثابت عن أنس إلا عمارة.

وسيأتي عن عبد الصمد بن حسان، عن عمارة بن زاذان برقم (13794) .

وفي الباب عن علي بن أبي طالب، سلف برقم (648) . وعن عائشة أو أم سلمة، سيأتي 6/294. وعن أم سلمة عند ابن أبي شيبة 15/97-98، وعبد بن حميد (1533) ، والطبرا ني (2817) و (2819) و (2820) و (2821) . وعن أبي أمامة عند الطبراني (8096) . وعن أم الفضل بنت الحارث عند الحاكم 3/176-177.

قلنا: ولا يخلو إسناد واحد من هذه الشواهد من مقالٍ، فالحديث ضعيف.

وكربلاء: مدينة في العراق، تقع جنوب بغداد.

 

648 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُدْرِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَارَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ صَاحِبَ مِطْهَرَتِهِ ، فَلَمَّا حَاذَى نِينَوَى وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى صِفِّينَ، فَنَادَى عَلِيٌّ: اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللهِ، اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللهِ، بِشَطِّ الْفُرَاتِ قُلْتُ: وَمَاذَا قَالَ ؟، دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ ، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَغْضَبَكَ أَحَدٌ، مَا شَأْنُ عَيْنَيْكَ تَفِيضَانِ ؟ قَالَ: " بَلْ قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ قَبْلُ، فَحَدَّثَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَطِّ الْفُرَاتِ " قَالَ: فَقَالَ: " هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ . فَمَدَّ يَدَهُ، فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ أَنْ فَاضَتَا.

 

إسناده ضعيف. وأخرجه البزار (884) ، وأبو يعلى (363) ، والطبراني (2811) من طريق محمد بن عبيد، بهذا الإسناد.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

38520- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : لَيُقْتَلَنَّ الْحُسَيْنُ قَتْلاً ، وَإِنِّي لأَعْرِفُ تُرْبَةَ الأَرْضِ الَّتِي بِهَا يُقْتَلُ ، يُقْتَلُ قَرِيبًا مِنَ النَّهْرَيْنِ.

 

38521- حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَرْبَدَ النَّخَعِيِّ ، قَالَ : قالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : دَخَلَ الْحُسَيْنُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا جَالِسَةٌ عَلَى الْبَابِ ، فَتَطَلَّعْت فَرَأَيْتُ فِي كَفِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا يُقَلِّبُهُ وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى بَطْنِهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، تَطَلَّعْتُ فَرَأَيْتُكَ تُقَلِّبُ شَيْئًا فِي كَفِّكَ ، وَالصَّبِيُّ نَائِمٌ عَلَى بَطْنِكَ وَدُمُوعُكَ تَسِيلُ ، فَقَالَ : إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي بِالتُّرْبَةِ الَّتِي يُقْتَلُ عَلَيْهَا ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّ أُمَّتِي يَقْتُلُونَهُ.

 

هذا الكلام مكتوب بعد انتهاء الأحداث بقرون، فهو محض أساطير ونبوآت زائفة.

 

وعند الشيعة الاثناعشرية:

 

كامل الزيارة: أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما ولدت فاطمة الحسين جاء جبرئيل إلى رسول الله فقال له : إن امتك تقتل الحسين من بعدك ، ثم قال : ألا اريك من تربتها ؟ فضرب بجناحه فأخرج من تربة كربلاء فأراها إياه ثم قال : هذه التربة التي يقتل عليها .

 

أحمد بن عبدالله بن علي ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبدالرحمان الغنوي ، عن سليمان قال : وهل بقي في السماوات ملك لم ينزل إلى رسول الله يعزيه في ولده الحسين ؟ ويخبره بثواب الله إياه ، ويحمل إليه تربته مصروعا عليها ، مذبوحا مقتولا ، طريحا مخذولا ، فقال رسول الله : اللهم اخذل من خذله ، واقتل ، واذبح من ذبحه ، ولا تمتعه بما طلب .

 

الحسين بن علي الزعفراني ، عن محمد بن عمرو الاسلمي ، عن عمرو بن عبدالله بن عنبسة ، عن محمد بن عبدالله بن عمرو ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : الملك الذي جاء إلى محمد صلى الله عليه وآله يخبره بقتل الحسين كان جبرئيل الروح الامين منشور الاجنحة ، باكيا صارخا قد حمل من تربته ، وهو يفوح كالمسك فقال رسول الله : وتفلح ام تقتل فرخي ؟ أو قال : فرخ ابنتي ؟ قال جبرئيل : يضربها الله بالاختلاف فيختلف قلوبهم .

 

أبي ، عن سعد ، عن محمد بن الوليد الخزاز ، عن حماد بن عثمان عن عبدالملك بن أعين قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن رسول الله كان في بيت ام سلمة وعنده جبرئيل فدخل عليه الحسين فقال له جبرئيل : إن امتك تقتل ابنك هذا ، ألا اريك من تربة الارض التي يقتل فيها ؟ فقال رسول الله : نعم ، فأهوى جبرئيل بيده وقبض قبضة منها فأراها النبي صلى الله عليه وآله .

 

أمالي الشيخ: عنه ، عن الحسين بن الحسن بن عامر ، عن محمد بن دليل بن بشر عن علي بن سهل ، عن مؤمل ، عن عمارة بن زاذان ، عن ثابت ، عن أنس أن ملك المطر استأذن أن يأتي رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وآله لام سلمة : املكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد فجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب حتى دخل فجعل يثب على منكبي رسول الله صلى الله عليه وآله ويقعد عليهما .
فقال له الملك : أتحبه ؟ قال : نعم ، قال ، فان امتك ستقتله ، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه ، فمد يده فاذا طين حمراء .
فأخذتها ام سلمة فصيرتها إلى طرف خمارها قال ثابت : فبلغنا أنه المكان الذي قتل به بكربلا .

 

أحاديث ملفقة مناقضة لدعم عبد الله بن الزبير بن العوام ضد الأمويين وخليفتهم يزيد بن معاوية بن أبي سفيان

 

وعلى عكس ونقيض أحاديث دعم الأمويين، وأحاديث دعم علي ونسله، المناقضة لبعضها البعض، ورد كذلك حديث ملفق لدعم ابن الزبير، وهو الحديث الخرافي الذي درجت عادة اللاحقين الزعم بأنه نبوءة عن المهدي المنتظر، وهو كما سنثبت حديث لفقته عائشة خالة ابن الزبير (أختها أسماء بنت أبي بكر أمه) مع ابن الزبير ليزعم لأتباعه أنه مدعوم إلهيًّا وتنبأ به محمد وناصر موقفه في الخروج على الدولة الأموية، وقد انتهى الأمر بمقتل ابن الزبير وهزيمة جيشه هزيمة ساحقة في مكة، وصلب جثته بطريقة غير نبيلة من جانب الحجاج الثقفي، لذلك اضطر المحدثون والمفسرون الشراح لتغيير تأويل النص عن النبوءة بسبب تلك الخيبة والهزيمة. روى مسلم:

 

[ 2884 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يونس بن محمد حدثنا القاسم بن الفضل الحداني عن محمد بن زياد عن عبد الله بن الزبير أن عائشة قالت عبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه فقلنا يا رسول الله صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله فقال العجب إن ناسا من أمتي يؤمون بالبيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فقلنا يا رسول الله إن الطريق قد يجمع الناس قال نعم فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله على نياتهم

 

[ 2883 ] وحدثني محمد بن حاتم بن ميمون حدثنا الوليد بن صالح حدثنا عبيد الله بن عمرو وحدثنا زيد بن أنيسة عن عبد الملك العامري عن يوسف بن ماهك أخبرني عبد الله بن صفوان عن أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيعوذ بهذا البيت يعني الكعبة قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة يبعث إليهم جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم قال يوسف وأهل الشام يومئذ يسيرون إلى مكة فقال عبد الله بن صفوان أما والله ما هو بهذا الجيش قال زيد وحدثني عبد الملك العامري عن عبد الرحمن بن سابط عن الحارث بن أبي ربيعة عن أم المؤمنين بمثل حديث يوسف بن ماهك غير أنه لم يذكر فيه الجيش الذي ذكره عبد الله بن صفوان

 

وروى أحمد:

 

24738 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمٌ، إِذْ ضَحِكَ فِي مَنَامِهِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مِمَّ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ: " إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ هَذَا الْبَيْتَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدْ اسْتَعَاذَ بِالْحَرَمِ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْبَيْدَاءَ، خُسِفَ بِهِمْ، مَصَادِرُهُمْ شَتَّى ، يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ "، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَمَصَادِرُهُمْ شَتَّى ؟ قَالَ: " جَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ، مِنْهُمُ الْمُسْتَبْصِرُ ، وَابْنُ السَّبِيلِ، وَالْمَجْبُورُ يَهْلِكُونَ مَهْلِكًا وَاحِدًا، وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى ".

 

إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الصحيح ، أبو سعيد : هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد مولى بني هاشم .

وأخرجه مسلم بنحوه (2884) من طريق يونس بن محمد ، عن القاسم بن الفضل ، بهذا الإسناد.

وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (756) من طريق زياد بن عرفجة العمي، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة قالت : حدثني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن جيشاً يُخسف بهم بالبيداء ، ينتابهم وقوفاً ينتظر أولهم آخرهم ، إذ خسف بأولهم وأوسطهم وآخرهم .

وانظر حديث حفصة الآتي 6 / 286. وحديث أم سلمة 6 / 290. وحديث صفية 6 / 336 .

 

هذا الذي زعمته ولفقته عائشة نسبوه كذلك إلى باقي زوجات محمد، لكني لاحظت أن كثيرًا من كلام عائشة وأحاديثها لكون معظم المرويات عنها كانوا يأخذونها ويحشون بها مسانيد باقي زوجات محمد بنفس أحاديث وكلام عائشة فهو كلام ملفق على الأغلب، إلا أن تكون باقي الزوجات أيدت عائشة لمصلحة مشتركة وهذا غير مرجح، وروى مسلم:

 

[ 2882 ] حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لقتيبة قال إسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد الله بن القبطية قال دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما على أم سلمة أم المؤمنين فسألاها عن الجيش الذي يخسف به وكان ذلك في أيام بن الزبير فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم فقلت يا رسول الله فكيف بمن كان كارها قال يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته وقال أبو جعفر هي بيداء المدينة

 

 [ 2882 ] حدثناه أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عبد العزيز بن رفيع بهذا الإسناد وفي حديثه قال فلقيت أبا جعفر فقلت إنها إنما قالت ببيداء من الأرض فقال أبو جعفر كلا والله إنها لبيداء المدينة

 

 [ 2883 ] حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر واللفظ لعمرو قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن أمية بن صفوان سمع جده عبد الله بن صفوان يقول أخبرتني حفصة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوسطهم وينادي أولهم آخرهم ثم يخسف بهم فلا يبقى إلا الشريد الذي يخبر عنهم فقال رجل أشهد عليك أنك لم تكذب على حفصة وأشهد على حفصة أنها لم تكذب على النبي صلى الله عليه وسلم

 

وروى أحمد:

 

26444 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ حَفْصَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَيَؤُمَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ يَغْزُونَهُ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ، خُسِفَ بِأَوْسَطِهِمْ، فَيُنَادِي أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ، فَلَا يَنْجُو إِلَّا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ " فَقَالَ رَجُلٌ: كَذَا وَاللهِ، مَا كَذَبْتُ عَلَى حَفْصَةَ، وَلَا كَذَبَتْ حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان، وجدُّه، من رجاله. وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الحميدي (286) ، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/142-143، ومسلم (2883) (6) ، والنسائي في "المجتبى" 5/207، وفي "الكبرى" (3863) ، وابن ماجه (4063) ، والفاكهي في "أخبار مكة" (757) ، وأبو يعلى (7043) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (345) ، والحاكم 4/429، وأبو عمرو الداني في "الفتن" (592) من طريق سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه مسلم (2883) (7) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الملك العامري، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن صفوان، عن أم المؤمنين أن رسول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... ولم يسمِّ أم المؤمنين، ثم قال زيد: وحدثني عبد الملك العامري، عن عبد الرحمن بن سابط، عن الحارث بن أبي ربيعة، عن أم المؤمنين بمثل حديث يوسف بن ماهك، قلنا: وسيأتي برقم (26487)

من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد اللّه بن القبطية، قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما على أم سلمة، فسألاها عن الجيش الذي يخسف به،...

وقد رواه سالم بن أبي الجعد، واختلف عليه:

فأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (356) من طريق عمَّار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن صفوان، عن حفصة، به.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 5/207، وفي "الكبرى" (3862) من طريق أبي خالد الدالاني عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أخيه، عن ابن أبي ربيعة، عن حفصة، نحوه.

وسيرد برقم (26458) .

وسلف من حديث عائشة برقم (24738). وسيرد من حديث أم سلمة برقم (26487). ومن حديث صفية برقم (26858) .

 

26487 - حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ، قَالَ: دَخَلَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ صَفْوَانَ وَأَنَا مَعَهُمَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَسَأَلَاهَا (1) عَنِ الْجَيْشِ الَّذِي، يُخْسَفُ بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْحِجْرِ، فَيَبْعَثُ اللهُ جَيْشًا (2) ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ، خُسِفَ بِهِمْ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ أُخْرِجَ كَارِهًا ؟ قَالَ: " يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ، وَلَكِنَّهُ يُبْعَثُ عَلَى نِيَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي جَعْفَرٍ فَقَالَ: هِيَ بَيْدَاءُ الْمَدِينَةِ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، عبيد الله بن القبطية من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. جرير: هو ابن عبد الحميد الضَّبِّي. وأخرجه المِزِّي في "تهذيبه" (في ترجمة عُبيد الله بن القبطية) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/43-44، والبخاري في "الصغير" 1/142، ومسلم (2882) (4) ، وأبو داود (4289) ، والفاكهي في "أخبار مكة" (760) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (984) ، والحاكم 4/429 من طريق جرير ابن عبد الحميد، بهذا الإسناد.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه! ووافقه الذهبي! قلنا: بل هو عند مسلم كما تقدم.

وأخرجه مسلم كذلك (2882) (5) من طريق أحمد بن يونس، عن زهير ابن معاوية، عن عبد العزيز بن رُفيع، به.

وأخرجه ابن حبان (6756) ، والطبراني 23/ (734) من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن زهير بن معاوية، عن عبد العزيز بن رُفيع، عن ابن القبطية - لم يسمه - به. وسماه الطبراني في روايته مهاجر بن القبطية، وهو لقب عبيد اللّه ابن القبطية كما سنوضح ذلك في الروايتين (26702) و (26747) .

وأخرجه مختصرًا الطبراني في "الأوسط" (4176) ، وأبو عمرو الدَّاني في "الفتن وغوائلها" (345) و (593) من طريق إبراهيم بن المستمرّ، عن أشهل ابن حاتم، عن ابن عَوْن، عن عبد الملك بن عُمير، عن عُبيد اللّه بن القبطية، عن أم سَلَمة، به.

وسيأتي كذلك برقم (26689) .

وانظر (26227) و (26228) و (26229) و (26690) و (26691) .

وفي الباب عن عائشة، سلف برقم (24738). وعن حفصة، سلف برقم (26444).

 

 

26702 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي يُونُسَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُهَاجِرًا الْمَكِّيَّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَغْزُو جَيْشٌ البَيْتَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ، خُسِفَ بِهِمْ " قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الْمُكْرَهَ مِنْهُمْ ؟ قَالَ: " يُبْعَثُ عَلَى نِيَّتِهِ "

 

إسناده صحيح، مهاجر المكي - وهو ابن القبطية - ذكره الحافظ في "التعجيل"، وقال: [روى] عن أمِّ سلمة، وعنه عبد العزيز بن رُفيع، ومسعر، وأبو يونس الباهلي، وغيرُهم، وثَّقه أبو زرعة وغيره، وفال ابن حبان: أحسبه أخا عبيد الله بن القبطية. قلنا: يعني الوارد في إسناد الرواية (26487) ، وقد فرَّق بينهما البخاري وابن أبي حاتم والحافظ، لكن جزم الخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/256، والدارقطني فيما نقله عنه الحافظ في "التهذيب" في ترجمة عُبيد اللّه بن القبطية، أن المهاجر لقب عبيد الله. قلنا:

وهذا ما يميل إليه القلب، كما يُفهم من سياق رواية الطيالسي الآتية، ورواية الطبراني 23/ (734) ، وإن كان المهاجر أخا عُبيد الله، فقد وثَّقه أبو زرعة كما تقدم، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. أبو يونُس الباهلي: هو حاتم ابن أبي صغيرة.

وأخرجه الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/256 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (736) و (985) من طريق وكيع، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الصغير" 1/143، والفاكهي في "أخبار مكة" (759) من طريق يزيد بن زُريع، والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/396-397، وأبو يعلى (6995) ، والخطيب 2/256 من طريق يحيى القطان، والطبراني 23/ (735) من طريق عبد العزيز بن المختار، ثلاثتهم عن أبي يونس الباهلي القشيري، به.

وأخرجه الطيالسي (1611) عن عمران القطان، عن أبي يونس، عن عُبيد اللّه بن القبطية، عن أمِّ سَلَمة، به.

 

26858 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ صَفْوَانَ، عَنْ صَفِيَّةَ، أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَنْتَهِي النَّاسُ عَنْ غَزْوِ هَذَا الْبَيْتِ حَتَّى يَغْزُوَهُ جَيْشٌ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ، خُسِفَ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ " قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ الْمُكْرَهَ مِنْهُمْ ؟ قَالَ: " يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمْ "

 

حديث صحيح لغيره دون قوله: "لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابن صفوان - وهو مسلم - فقد تفرَّد بالرواية عنه أبو إدريس المُرْهِبي، واختُلف عليه فيه:

فرواه وكيع - كما في هذه الرواية - وعبد الرحمن بن مهدي - كما في الرواية (26860) - وأبو نعيم كما في الرواية (26861) ثلاثتهم عن سفيان، بهذا الإسناد.

ورواه وكيع كذلك عن سفيان- كما في الرواية (26859) - وقال: قال سلمة: فحدثني عُبيد بن أبي الجعد، عن مسلم نحو هذا الحديث.

قال الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 189: وأغرب عليهم - يعني وكيعاً - بهذا الإسناد.

قلنا: وبقية رجال الإسناد ئقات رجال الشيخين، غير أبي إدريس المُرْهِبي، روى له الترمذي وابن ماجه، ووثَّقه ابن عبد البر، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ: صدوق يتشيع.

وأخرجه أبو يعلى (7069) و (7116) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وقد سلف بالسياق الصحيح برقم (26444) من حديث حفصة.

قال السندي: قوله: "عن غَزْوِ هذا البيت"، أي: الكعبة، والمراد أن الناس يقصدون أهلَها بالسُّوء والقتال، ويستمرُّ هذا إلى أن يغزو جيش يُخسف بهم، فيتركون حينئذ غزو البيت، ولعلَّ المراد بالناس المسلمون، وإلا، فقد جاء أن الحبشة يهدمون البيت بعد هذا، واللّه أعلم.

 

26689 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، وَحَرَمِيٌّ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ صَاحِبٍ، لَهُ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَكُونُ اخْتِلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَةٍ، فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ هَارِبًا إِلَى مَكَّةَ، فَيَأْتِيهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَيُخْرِجُونَهُ وَهُوَ كَارِهٌ ، فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، فَيُبْعَثُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الشَّامِ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ بِالْبَيْدَاءِ، فَإِذَا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ، أَتَتْهُ أَبْدَالُ الشَّامِ وَعَصَائِبُ الْعِرَاقِ، فَيُبَايِعُونَهُ، ثُمَّ يَنْشَأُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَخْوَالُهُ كَلْبٌ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَكِّيُّ بَعْثًا، فَيَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ بَعْثُ كَلْبٍ، وَالْخَيْبَةُ لِمَنْ لَمْ يَشْهَدْ غَنِيمَةَ كَلْبٍ، فَيَقْسِمُ الْمَالَ، وَيُعْمِلُ فِي النَّاسِ سُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُلْقِي الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ إِلَى الْأَرْضِ، يَمْكُثُ تِسْعَ سِنِينَ " قَالَ حَرَمِيٌّ: " أَوْ سَبْعَ ".

 

حديث ضعيف لإبهام صاحب أبي خليل، ولاضطراب قتادة فيه: فقد رواه عبد الصمد بن عبد الوارث وحَرَميُّ بنُ عُمارة - كما في هذه الرواية - ومعاذ بن هشام - فيما أخرجه أبو داود (4286) - ثلاثتهم عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أبي الخليل صالح بن أبي مريم، عن صاحب له، عن أمِّ سلمه. وتابعه همَّام فيما أخرجه أبو داود (4287) .

ورواه وهب بن جرير- فيما أخرجه أبو يعلى (6940) ، ومن طريقه ابن حبان (6757) - عن هشام، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن صاحب له - وربما قال صالح عن مجاهد- عن أمّ سلمة، وعند ابن حبان: عن مجاهد، دون شك.

ورواه أبو العوام عمران بن داور- فيما أخرجه ابن أبي شيبة 15/45-46، وأبو داود (4288) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (930) ، والحاكم 4/431 - عن قتادة، عن أبي الخليل، عن عبد اللّه بن الحارث، عن أم سلمة، به.

وسكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: أبو العوَّام عمران ضعَّفه غير واحد، وكان خارجياً.

ورواه معمر عن قتادة، واختلف عليه كذلك:

فأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (931) عن حفص بن عمر بن الصباح الرقّي، وفي "الأوسط" (1175) من طريق عبد اللّه بن جعفر، كلاهما عن عبيد اللّه بن عمرو، عن معمر، عن قتادة، عن مجاهد، عن أمّ سلمة، بنحوه.

وزاد في "الأوسط": قال عبيد الله بن عمرو: فحدَّثْنا به ليثاً، قال: حدثني به مجاهد. وقال: لم يرو هذا الحديث عن معمر إلا عبيد الله.

وأخرجه أبو عمرو الداني في "الفتن" (595) من طريق علي بن معبد، عن عُبيد اللّه بن عمرو، عن معمر، عن قتادة، عن مجاهد، عن الخليل - أو أبي الخليل - عن أمِّ سلمة، به. وأخرجه عبد الرزاق (20769) عن معمر، عن قتادة، يرفعه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فذكره منقطعاً.

قلنا: ومع ذلك قال ابن القيّم في "المنار المنيف" 1/145: والحديث حسن، ومثله مما يجوز أن يقال فيه: صحيح!

وانظر (26487) .

 

8669 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي الْحَلْبَسِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ غَنِيمَةَ كَلْبٍ "

 

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة، وجهالة أبي الحَلْبس. أبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة.

ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/9 عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن أبي التياح، عن مجالد أبي عبد العزيز، قال: صلينا مع أبي هريرة المغرب، فذكره موقوفاً. قلنا: ومجالد هذا لا يُعرف.

وأخرج الحاكم 4/431 عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن الربيع بن سليمان، عن عبد الله بن وهب، عن سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة رفعه: المحروم من حرم غنيمة كلب، ولو عقالًا، والذى نفسي بيده لتُباعن نساؤهم على درَجِ دمشق، حتى تُرد المرأة من كسر يوجد بساقها. وقال: صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!! وسقط إسناده من مطبوع "المستدرك"، وأثبتناه من "إتحاف المهرة" 5/ورقة 267.

قلنا: وكثير بن زيد قد اختلفت فيه أقوال المجرحين والمعدلين، وخلاصة القول فيه أنه حسن الحديث في المتابعات والشواهد، ضعيف في التفرد، خاصة إذا أتى بما يُنكَر.

وفي الباب عن أم سلمة، سيأتي 6/316، وإسناده ضعيف.

قوله: "من حرم غنيمة كلب"، قال السندي: كلب اسم قبيلة.

 

هذان الحديثان اللذان ضعفوهما بالإضافة إلى ما ورد في صحيح مسلم والمسند من أن هذا الكلام الأسطوري قيل في عصر ابن الزبير على لسانه ولسان خالته عائشة يؤكد أن المقصود كان دعمه بتلفيق أسطورة عنه، فابن الزبير هو من خرج واستقل بالحجاز منفصلا عن الدولة الأموية حينما مات يزيد بن معاوية (عند موت خليفة)، وصارع جيش دولة الأمويين وخليفتهم عبد الملك بن مروان وقاد جيش الأمويين ضده الحجاج الثقفي، وهو من  انسحب وفر من المدينة يثرب ثم كانت مكة مركز مقاومته، وأعداؤه الأمويون كان أخوالهم من قبيلة كلب وهي معلومة معروفة ولأحمد صبحي القرآني مقال ونظرية عن ذلك بعنوان (أبو هريرة والكلاب) وحسب الأعلام لخير الدين الزركلي فقد دام حكم ابن الزبير الانفصالي تسع سنوات:

 

عبد الله بن الزبير

(1 - 73 هـ = 622 - 692 م)

عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الاسدي، أبو بكر: فارس قريش في زمنه، وأول مولود في المدينة بعد الهجرة. شهد فتح إفريقية زمن عثمان، وبويع له بالخلافة سنة 64 هـ عقيب موت يزيد ابن معاوية، فحكم مصر والحجاز واليمن وخراسان والعراق وأكثر الشام، وجعل قاعدة ملكه المدينة. وكانت له مع الأمويين وقائع هائلة، حتى سيروا إليه الحجاج الثقفي، في أيام عبد الملك بن مروان، فانتقل إلى مكة، وعسكر الحجاج في الطائف. ونشبت بينهما حروب أتى المؤرخون على تفصيلها انتهت بمقتل ابن الزبير في مكة، بعد أن خذله عامة أصحابه وقاتل قتال الابطال، وهو في عشر الثمانين. وكان من خطباء قريش المعدودين، يشبة في ذلك بأبي بكر. مدة خلافته تسع سنين.

 

ويوجد تناقض في الأحاديث هل دخل عبد الله بن صفوان على حفصة أم أم سلمة أم صفية، هذا يكشف التلفيق. ولنذكر أمثلة لما رووه عن عائشة ثم لفقوه وحشوا به أسانيد باقي زوجات محمد، وكان في الأصل منسوبًا إلى عائشة، من مرويات أحمد:

 

بحث في الهامش عن عبث الرواة والمحدِّثين في مسانيد مرويات عائشة وزوجات محمد

 

26569 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْأَشْيَبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا دَرَّاجٌ، عَنِ السَّائِبِ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، حِمْصٍ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا، خَرَقَ اللهُ عَنْهَا سِتْرًا (2) " (3)

 

(2) في (ظ6) : سترة.

(3) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن لَهِيعة، وهو عبد الله، ولجهالة السائب مولى أمِّ سلمة، فقد ترجم له الحافظ في "التعجيل"، ولم يذكر في الرواة عنه سوى درَّاج أبي السمح، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان. ودرَّاج: هو ابن سمعان أبو السمح، حسن الحديث في غير روايته عن أبي الهيثم. حسن الأشيب: هو ابنُ موسى.

وأخرجه أبو يعلى (7031) من طريق الحسن بن موسى الأشيب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (962) من طريق ابن أبي مريم، عن لَهِيعة، به.

وأخرجه أيضاً 23/ (710) ، والحاكم 4/289 من طريق عمرو بن الحارث، عن درَّاج أبي السمح، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/277، وقال: روأه أحمد، والطبراني "الكبير"، وأبو يعلى، وفيه ابنُ لهيعة، وهو ضعيف.

وله شاهد من حديث عائشة، سلف برقم (24140) ، وذكرنا هناك تتمة شواهده

 

هذه أصلا مروية عن عائشة:

 

24140 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا، هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا " (1)

 

حديث حسن وهذا إسناد فيه انقطاع، سالم بن أبي الجعد لم يسمع من عائشة، بينهما أبو المليح: وهو ابن أسامة الهذلي، كما سيأتي في التخريج، وهو ثقة من رجال الشيخين، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.

وقد اختُلف فيه على الأعمش: فرواه حفص بن غياث -كما في هذه الرواية- عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن عائشة.

وخالفه يعلى بن عبيد -فيما أخرجه الدارمي (2651) - فرواه عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عائشة.

وأخرجه إسحاق (1605) ، وأبو داود (4010) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، عن سالم، عن عائشة.

ورواه شعبةُ -كما سيرد في الرواية (25407) ، وسفيان الثوري- كما سيرد في الرواية (25408) - كلاهما فرواه عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي المليح، عن عائشة بزيادة أبي المليح بين سالم وعائشة.

قال الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 95: وقول شعبة والثوري عن منصور أشبه بالصواب.

قلنا: وتابعهما إسرائيل -فيما أخرجه الدارمي (2652) -وورقاء- فيما أخرجه الخطيب في "تاريخه" 3/58 -فروياه كذلك عن منصور، عن سالم، عن أبي المليح، عن عائشة.

وأخرجه أبو يعلى (4390) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن محمد ابن عبد الله، عن أبي مسلم الخولاني، عن عائشة. ومحمد بن عبد الله لم نعرفه.

وأخرجه أبو يعلى كذلك (4680) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي، عن معاوية بن يحيى الصدفي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به. قال البخاري في معاوية: روى عنه إسحاق بن سليمان أحاديث مناكير كأنها من حفظه.

وله شاهد من حديث أم الدرداء سيأتي 6/362 وسنده حسن وقواه المنذري في "الترغيب والترهيب".

وآخر من حديث أم سلمة، سيرد 6/301، وفي سنده ضعف.

 

وكذلك روى أحمد:

 

26590 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: فَزَعَمَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهِيَ شَاكِيَةٌ، فَقَالَ: " أَلَا تَخْرُجِينَ مَعَنَا فِي سَفَرِنَا هَذَا ؟ " وَهُوَ يُرِيدُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ . قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي شَاكِيَةٌ، وَأَخْشَى أَنْ تَحْبِسَنِي شَكْوَايَ . قَالَ: " فَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَقُولِي: اللهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي (1) " (2)

 

(1) في (ظ6) : حبستني.

(2) حديث صحيح لغيره، وهذا إسنادٌ فيه ابنُ إسحاق - وهو محمد - مدلِّسٌ ، وقد عنعن، ثم إنه اختُلف عليه فيه:

فرواه إبراهيم بنُ سعد والد يعقوب - كما في هذه الرواية - عنه، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أمِّ سَلَمة.

ورواه عبد الرحمن بنُ بشير- كما عند الطبراني في "الكبير" 23/ (504) و (893) - عن ابن إسحاق، فقال: حدثني أبو بكر بن محمد، عن عمر بن أبي سلمة، عن أم سلمة، به. وعبد الرحمن بن بير منكر الحديث فيما قال أبو حاتم.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (894) عن محمد بن علي بن شعيب السمسار، عن خالد بن خِداش، عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن عبد الله بن كعب الحميري، عن عمر ابن أبي سلمة، عن أمِّ سَلَمة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه. ومحمد بن علي بن شعيب ترجم له الخطيب البغدادي 3/66 ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وله شاهد من حديث عائشة، سلف بإسناد صحيح برقم (25308).

 

أيضًا هذا أصلا رواية عن عائشة ثم نسبوها إلى غيرها:

 

25308 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَهِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي "

 

إسناداه صحيحان على شرط الشيخين.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (833) ، والبيهقي في "السنن" 5/221 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. ورواية الطبراني من طريق الزُّهري وحده.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (677) ، ومسلم (1207) (105) ، والنسائي في "المجتبى" 5/168، وفي "الكبرى" (3748) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5908) و (5911) ، والدارقطني في "السنن" 2/234-235 من طريق عبد الرزاق بالإسنادين جميعاً.

وقال النسائي: لا أعلم أحداً أسند هذا الحديث عن الزهري غير معمر، والله تعالى أعلم.

وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (420) ، وابن حبان (3774) من طريق عبد الرزاق، به، ولكن من طريق الزهري وحده.

وأخرجه الطحاوي (5907) من طريق عبد الله بن نُمير، والطبراني في "الكبير" 24/ (835) من طريق عمر بن علي، كلاهما عن هشام، به.

ورواه سفيان بن عُيينة، عن هشام، واختلف عليه فيه:

فرواه عبد الجبار بن العلاء، كما عند ابن خزيمة (2602) ، والبيهقي 5/221، ومحمد بنُ أبي عمر العدني، كما عند الطبراني في "الكبير" 24/ (834) ، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، به.

وخالفهما الشافعي، كما في "مسنده" 1/382 -ومن طريقه البيهقي 5/221، وفي "المعرفة" (10822) - فرواه عن سفيان بن عيينة، عن هشام، عن عروة، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فذكره مرسلاً.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6865) من طريق عمرو بن شعيب، عن عر وة، به.

ورواه محمد بن فضيل ووكيع -كما عند ابن ماجه (2937) ، الطبراني في "الكبير" 24/ (843) - وسفيان الثوري -كما عند الطبراني 24/ (842) - ثلاثتهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ضباعة.

ورواه حماد بن سلمة عن هشام بن عروة واختلف عنه فيه:

فرواه أسد بن موسى -كما عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5912) - عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ضباعة.

ورواه حجاج بن منهال -كما عند الطحاوي أيضاً (5913) - عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن ضباعة.. مرسلاً.

وأخرجه ابن حبان (3773) ، والدارقطني 2/235 من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة، به.

وسيأتي برقم (25659) .

وفي الباب عن ابن عباس، سلف برقم (3117). وعن أم سلمة، سيرد 6/303. وعن ضباعة بنت الزبير، سيرد 6/419.

 

وكذلك روى أحمد:

 

24047 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ خُصَيْفٍ، وَمَرْوَانَ بْنِ شُجَاعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خُصَيْفٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَقَالَ: مَرْوَانُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: قَالَتْ: لَمَّا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَرْبِطُ الْمَسَكَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَهَبٍ ؟ قَالَ: " أَفَلَا تَرْبِطُونَهُ بِالْفِضَّةِ، ثُمَّ تَلْطَخُونَهُ بِزَعْفَرَانَ ، فَيَكُونَ مِثْلَ الذَّهَبِ

 

إسناده ضعيف، خُصَيْف - وهو ابن عبد الرحمن الجزري- سيئ الحفظ، قال الإمام أحمد: ليس بحجة ولا قوي في الحديث، وقال: شديد الاضطراب في المسند. وقال أبو حاتم: صالح يخلط، وتكلم في سوء حفظه.

قلنا: وقد اضطرب في إسناد هذا الحديث، فرواه كما في هذه الرواية عن مجاهد عن عائشة، ورواه كما في الرواية التالية عن عطاء، عن أم سلمة.

 

25911 - حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَمْسٍ: لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالذَّهَبِ، وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ، وَلُبْسِ الْقَسِّيِّ " فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ شَيْءٌ ذَفِيفٌ مِنَ الذَّهَبِ يُرْبَطُ بِهِ الْمِسْكُ أَوْ يُرْبَطُ بِهِ قَالَ لَا اجْعَلِيهِ فِضَّةً وَصَفِّرِيهِ بِشَيْءٍ مِنْ زَعْفَرَانٍ

 

إسناده ضعيف لضعف خصيف، وهو ابن عبد الرحمن الجزري- وقد بسطنا القول فيه في الرواية السالفة برقم (24047) .

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/941 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى (4789) عن عمرو الناقد، عن معمر بن سليمان، به.

وسيكرر في مسند أم سلمة 6/310 و322، عن معمر بن سليمان، عن خصيف، عن عطاء، عن أم سلمة.

 

نسبوه كذلك إلى أم سلمة:

 

24048 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ خُصَيْفٍ، وَحَدَّثَنَا مَرْوَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا خُصَيْفٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ أُمِّ سَلَمَةَ، مِثْلَ ذَلِكَ.

 

إسناده ضعيف كما بيَّناه في الرواية السابقة. عطاء: هو ابن رباح.

وأخرجه إسحاق بن راهوية في "مسنده" (1195) ، وأبو يعلى (6953) من طريق محمد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وانظر مسند أم سلمة 6/310 و322.

 

26734 - حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خُصَيْفٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الذَّهَبِ يُرْبَطُ بِهِ الْمِسْكُ، أَوْ تُرْبَطُ، قَالَ: " اجْعَلِيهِ فِضَّةً، وَصَفِّرِيهِ بِشَيْءٍ مِنْ زَعْفَرَانٍ "

 

إسناده فيه ضعفٌ وانقطاع، لَيْث - وهو ابن أبي سُلَيم - ضعيف

 

وكذلك روى أحمد:

 

26816 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَسِبْتُهُ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، أَنَّهَا اسْتَدَانَتْ دَيْنًا، فَقِيلَ لَهَا: تَسْتَدِينِينَ وَلَيْسَ عِنْدَكِ وَفَاؤُهُ ؟ قَالَتْ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ أَحَدٍ يَسْتَدِينُ دَيْنًا، يَعْلَمُ اللهُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَدَاءَهُ، إِلَّا أَدَّاهُ "

 

صحيح بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لانقظاعه، فإن سالماً - وهو ابن أبي الجَعْد - لم يذكروا له سماعاً من ميمونة، ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير جعفر بن زياد - وهو الأحمر- فروايته عند أصحاب السنن، وهو صدوق، حسن الحديث. منصور: هو ابن المعتمر.

وقد اختلف عليه في هذا الإسناد:

فرواه يحيى بن أبي بُكير، عن جعفر بن زياد - كما في هذه الرواية - عن منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد.

ورواه يحيى بنُ آدم، عن جعفر بن زياد - كما سيرد برقم (26840) - عن منصور بن المعتمر، عن رجل، عن ميمونة، به.

ورواه عَبِيدَةُ بنُ حميد - فيما أخرجه ابن ماجه (4288) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (61) ، والمِزِّي في "تهذيب الكمال" (في ترجمة عمران بن حذيفة) - عن منصور بن المعتمر، عن زياد بن عمرو بن هند، عن عمران بن حذيفة، عن ميمونة، به.

ورواه جرير بن عبد الحميد عنه، واختلف عليه فيه:

فرواه إسحاق بن إبراهيم - فيما أخرجه الحاكم 2/23 - وأبو الوليد الطيالسي - فيما أخرجه الحاكم كذلك 2/23، والبيهقي 5/354- كلاهما عن جرير، عن منصور بن المعتمر، عن زياد بن عمرو بن هند، عن عمران بن حذيفة، عن ميمونة، به.

ورواه محمد بن قدامة - فيما أخرجه النسائي 7/315 - وأبو خيثمة زهير بن حرب - فيما أخرجه أبو يعلى (7083) ، وابن حبان (5041) ، والمِزِّي في  "تهذيب الكمال" (في ترجمة عمران بن حذيفة) - كلاهما عن جرير، عن منصور بن المعتمر، عن زياد بن عمرو بن هند، عن عمران بن حذيفة، قال: كانت ميمونة تدَّان... فذكره مرسلاً.

ورواه أبو بكر بن عياش - فيما أخرجه الطبراني 23/ (1049) - عن الأعمش، عن حُصين بن عبد الرحمن، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن ميمونة، به.

ورواه جرير- فيما أخرجه النسائي 7/315-316، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4286) ، والطبراني 24/ (73) - وأبو عبيدة بن معن - فيما أخرجه الطبراني 23/ (1050) و24/ (72) - كلاهما عن الأعمش، عن حُصين ابن عبد الرحمن، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة أن ميمونة ادّانت... فذكره مرسلاً.

قال الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 186: والمرسل أشبه.

وقد ذكرنا شواهده التي يصحُّ بها في مسند عائشة عند الرواية (24439) .

 

وروى الطحاوي في شرح مشكل الآثار:

 

4286 - مِمَّا أَنْبَأَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَدَانَتْ، فَقِيلَ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَسْتَدِينِينَ وَلَيْسَ عِنْدَكَ وَفَاءٌ؟ قَالَتْ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ أَخَذَ دَيْنًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ، أَعَانَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ "

 

وهذا أصلًا من كلام عائشة، روى أحمد:

 

24439 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَدَّانُ، فَقِيلَ لَهَا: مَا لَكِ وَلِلدَّيْنِ ؟ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ عَبْدٍ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَوْنٌ "، فَأَنَا أَلْتَمِسُ ذَلِكَ الْعَوْنَ.

 

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، محمد بن علي- وهو أبو جعفر الباقر- لم يسمع من عائشة، وقد اختلف عليه فيه، كما سيرد. ورجاله ثقّات رجال الصحيح.

وأخرجه الطيالسي (1524) - ومن طريقه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4288) ، والبيهقي في "السنن" 5/354. وأخرجه إسحاق بن راهويه (1111) عن يحييِ بن آدم، و (1112) عن الملائي- وهو الفضل بن دكين- والحاكم 2/22، والبيهقي في "السنن" 5/354 أيضا من طريق حجَّاج بن مِنهال، أربعتُهم عن القاسم بن الفضل، بهذا الإسناد، وسكت عنه الحاكم والذهبي. وتفرَّد يحيى بنُ آدم بنسبة محمد بن علي بالسلمي.

واختلف فيه على محمد بن علي:

فأخرجه ابن ماجه (2409) ، والحاكم 2/22، والبيهقي في "السنن" 5/355 من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "وكان اللهُ مع الدائن حتى يقضيَ دَيْنَه، ما لم يكن فيما يكرهه الله". قال الحاكم: هذا صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي، وصحّحه البوصيري في "الزوائد". وقال الحافظ في "الفتح" 5/54: إسناده حسن، لكن أختُلف فيه على محمد بن علي.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "الأوسط" (7604) من طريق إسحاق بن إبراهيم المعروف بشاذان، عن سعيد بن الصلت، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديثَ عن هشام بن عروة، إلا سعيد بنُ الصلت، ولا رواه عن سعيد إلا شاذان. قلنا: وهذا إسناد حسن.

شاذان إسحاق بن إبراهيم روى عنه جمع، وقال ابن أبي حاتم: صدوق، وذكره أبن حبان في "الثقات"، وسعيد بن الصلت- واسمه في "السير" 9/317: سعد- هو جد شاذان لأمه، كوفي من طبقة وكيع، ولي قضاء شيراز مدة، روى عنه جمع، وقال الذهبي: هو صالح الحديث، وما علمت لأحد فيه جرحاً. قلنا: وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه بنحوه الطبراني أيضاً في "الأوسط" (5218) ، والحاكم 2/22، والبيهقي في "السنن" 5/354 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن المجبر، عمت عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة. قال الحاكم : صحيح الإسناد. فتعقبه الذهبي بقوله: ابن مجبر وهداه أبو زرعة، وقال النسائي: متروك، لكن وثقه أحمد. قلنا: لم يشر الذهبي في "الميزان" إلى توفيق أحمد له، وزاد: قال يحيى: ليس بشيء، وقال الفلاس: ضعيف، وقال البخاري: سكتوا عنه.

وسيأتي بالأرقام: (24679) و (24993) و (25977) و (26127) .

وبنحوه من طريق ورقاء بنت هراب، عن عائشة برقم (26187) ، وورقاء مجهولة الحال.

وله شاهد من حديث ميمونة عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" برقم (4286) من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ميمونة. وهو صحيح إن ثبتَ سماع عبيد الله بن عتبة من ميمونة. وهو عند أحمد في "المسند" 6/332- 335 من طريق آخر عن ميمونة، وإسناده ضعيف.

وآخر بنحوه من حديث أبي هريرة عند البخاري (2387) بلفظ : "من أخذ من أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله"، وسلف برقم (8733) .

حب عائشة لقريبها ابن أختها وأنها ساهمت في تربيته وكانت تعتبر أمًّا ثانية له مع أمه

 

روى أحمد وعبد الله بن أحمد:

 

* 24619 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ عَبْد اللهِ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَقَالَ: " هَذَا عَبْدُ اللهِ، وَأَنْتِ أُمُّ عَبْدِ اللهِ "

 

حديث صحيح ، وهذا إسناد اختلف فيه على هشام بن عروة :

فرواه حفص بن غياث ، كما في هذه الرواية ، وحماد بن سلمة كما عند ابن سعد في "الطبقات" 8 / 63 ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3005) ووهيب بن خالد كما عند ابن سعد 8 / 64 ، والبخاري في "الأدب المفرد" (851) ، والطبراني في "الكبير" 23 / (37) ، وأبو أسامة حماد بن أسامة كما عند الطبراني في "الكبير" 23 / (36) ، والدارقطني في "العلل" 5 / الورقة 123 ، والبيهقي في "السنن" 9 / 311 ، وفي "الآداب" (482) ، وأبو معاوية

محمد بن خازم الضرير كما عند ابن سعد في "الطبقات" 8 / 66 ، والدارقطني في "العلل" 5 / الورقة 123، والبيهقي في "السنن" 9 / 311 ، وأنس بن عياض كما عند ابن سعد 8 / 66 ، والدارقطني في "العلل" 5 / الورقة 123 ، وعبد العزيز ابن أبي حازم ، وابن جريج كما عند الدارقطني في "العلل" 5 / الورقة 123 ، ويحيى بن عبد الله بن سالم وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي كما عند الحاكم 4 / 278 ، تسعتهم عن هشام بن عروة ، عن عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة .

وخالفهم حماد بن زيد كما في الرواية (24756) و (26242) ، ومعمر كما في الرواية (25181) ، وعمر بن حفص المعيطي كما في الرواية (25530) ثلاثتهم عن هشام بن عروة ، فقالوا : عن أبيه، عن عائشة.

ورواه وكيع كما في الرواية (25531) و (25780) عن هشام بن عروة ، فقال : عن رجل من ولد الزبير ، عن عائشة .

ورواه معاوية كما عند البخاري في "الأدب المفرد" (850) عن هشام بن عروة ، فقال : عن يحيى بن عباد بن حمزة ، عن عائشة ، به.

ورواه سفيان الثوري كما عند الدارقطني في "العلل" 5 / 123 ، عن هشام ابن عروة ، فقال : عن حمزة بن فلان ، عن عائشة.

وصحح الدارقطني في "العلل" 5 / الورقة 123 : قول من قال : عن هشام ، عن عباد بن حمزة ، عن عائشة.

وقولها : فحنكه بتمرة : أخرجه البخاري (3910) ، ومسلم (2148) من طريقين عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة .

وله شاهد من حديث أسماء عند البخاري (3909) ، ومسلم (2146) .

قال السندي : قوله : "وأنت أم عبد الله" خطاب لعائشة كناها بذلك ، لكونها خالة ، والخالة أم ، ومن هذا القبيل تسمية العم أباً ، والله أعلم.

 

25181 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلُّ نِسَائِكَ لَهَا كُنْيَةٌ غَيْرِي ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اكْتَنِي أَنْتِ أُمَّ عَبْدِ اللهِ " فَكَانَ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ عَبْدِ اللهِ حَتَّى مَاتَتْ، وَلَمْ تَلِدْ قَطُّ.

 

حديث صحيح وهذا إسناد اختلف فيه على هشام بن عروة، وقد بسطنا ذلك في الرواية السالفة برقم (24619) ، فانظرها لزاماً.

 

وانظر لقول عائشة بعد انتهاء موقعة الجمل بانتصار علي على أقاربها وأنسبائها، كما روى أحمد:

 

(24304) 24808- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ غَالِبٍ قَالَ : انْتَهَيْتُ إِلَى عَائِشَةَ أَنَا وَعَمَّارٌ وَالأَشْتَرُ ، فَقَالَ عَمَّارٌ : السَّلاَمُ عَلَيْكِ يَا أُمَّتَاهُ ، فَقَالَتْ : السَّلاَمُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى ، حَتَّى أَعَادَهَا عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلاَثًا ، ثُمَّ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكِ لأُمِّي وَإِنْ كَرِهْتِ ، قَالَتْ : مَنْ هَذَا مَعَكَ ؟ قَالَ : هَذَا الأَشْتَرُ ، قَالَتْ : أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ أَنْ تَقْتُلَ ابْنَ أُخْتِي ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَدْ أَرَدْتُ ذَلِكَ وَأَرَادَهُ ، قَالَتْ : أَمَا لَوْ فَعَلْتَ مَا أَفْلَحْتَ ، أَمَّا أَنْتَ يَا عَمَّارُ ، فَقَدْ سَمِعْتَ ، أَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ : إِلاَّ مَنْ زَنَى بَعْدَ مَا أُحْصِنَ ، أَوْ كَفَرَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا فَقُتِلَ بِهَا.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه عَمرو بن غالب تفرّد بالرواية عنه أبوإسحاق- وهو السَّبيعي- ونقل الحافظ في "التهذيب" عن أبي عَمرو الصدفي أن النسائي وثقه، وصحح له الترمذي حديثاً في فضائل عائشة. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير يونس بن أبي إسحاق، فمن رجال

مسلم، وروى له البخاري في جزء القراءة، وهو صدوق. ابن نمير: هو عبد الله، وأبو إسحاق: هو عَمرو بن عبد الله السَّبيعي، واختُلف عليه فيه كما سيرد.

وأخرجه الطيالسي (1543) ، وابن أبي شيبة 9/414، وأبو يعلى (4676) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1809) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (في ترجمة عمرو بن غالب) من طريق أبي الأحوص سلاَّم بن سليم، عن أبي إسحاق، بنحوه.

ووقفه زهير عن أبي إسحاق:

فأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/91، وفي "الكبرى" (3481) من طريق زهير عن أبي إسحاق، عن عَمرو بن غالب قال: قالت عائشة: يا عمار، أما إنك تعلم أنه لا يحل دمُ امرىءٍ مسلم... موقوفاً.

وأخرجه أبو داود (4353) ، والنسائي في "المجتبى" 7/101-102 و8/23، وفي "الكبرى" (3511) و (6945) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1800) و (1801) ، والطبراني في "الأوسط" (3772) ، والدارقطني في "السنن" 3/81، والحاكم في "المستدرك" 4/367، وأبو نُعيم في "الحلية" 9/15، والبيهقي في "السنن" 8/283 من طريق إبراهيم بن طَهْمَان، عن عبد العزيز بن رُفيع، عن عُبيد بن عُمير، عن عائشة أنّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "لا يحل دمُ امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال: زانٍ مُحصَن يُرجم، أو رجل قتل رجلاً متعمداً، فيُقتل، أو رجل يخرج من الإسلام يحاربُ الله ورسولهم، فيقتل، أو يصلب، أو يُنفَى من الأرض".

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عُبيد بن عُمير إلا عبد العزيز بن رُفيع، تفرَّد به إبراهيم بن طَهْمان.

قلنا: وإبراهيم بن طَهْمان؛ قال الحافظ في "التقريب": ثقة يغرب.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قلنا: وتحرَّف عُبيد بن عُمير في مطبوعة إلى عبيد الله بن عمر.

وسيرد من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السَّبيعي برقمي: (25477) و (25794) .

ومن طريق سفيان وإسرائيل برقم (25700) .

وسيرد من طريق إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة برقم (25475) مجموعاً إلى طريق مسروق عن ابن مسعود. وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

وحديث ابن مسعود سلف برقم (3621) ، وذكرنا أحاديث الباب هناك.

قال السندي: قوله: السلام على من اتبع الهدى، فيه تعريض له بأنه ممن اتَّبع الهوى، فلا يستحق الردَّ.

 

ألم تفكر عائشة في أن ابن أختها ارتكب نفس المخالفة والفعل الخاطئ هو كذلك؟!

 

وروى البخاري:

 

3909 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَتْ فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ تَابَعَهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى

 

3910 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْرَةً فَلَاكَهَا ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي فِيهِ فَأَوَّلُ مَا دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

حديث ملفق فيه نبوءة مزعومة عن الحرب بين ابن الزبير والأمويين واحتراق وتهدم الكعبة

 

روى أحمد:

 

26829 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ، عَنْ بِلَالٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: " كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا مَرِجَ الدِّينُ، وَظَهَرَتِ الرَّغْبَةُ، وَاخْتَلَفَتِ الْإِخْوَانُ، وَحُرِّقَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ ".

 

إسناده حسن، سَعْد بن أوس، وبلال - وهو ابن يحيى - العَبْسي: روى لهما البخاري في "الأدب المفرد"، وأصحابُ السنن، وهما صدوقان، حسنا الحديث.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/47، والطبراني في "الكبير" 24/ (14) و (67) من طريقين عن سعد بن أوس، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/320 وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات.

قال السندي: قوله: "إذا مَرِجَ الدِّينُ" كسمع، أي: فَسَد واختلط.  "وظهرت الرغبة" أي: عن الخير إلى الشر.

 

واضح لأي طفل ذكي أنه كلام ملفَّق مكتوب بعد انتهاء الأحداث.

 

حديث ملفق منسوب زورًا لأبي هريرة

 

روى أحمد:

 

10737 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ، أَنَّ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ، أَرْسَلَ مَعَهُ إِلَى مَرْوَانَ بِكِسْوَةٍ، فَقَالَ مَرْوَانُ: انْظُرُوا مَنْ تَرَوْنَ بِالْبَابِ ؟ قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ . فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ وُلُّوا هَذَا الْأَمْرَ أَنَّهُمْ خَرُّوا مِنَ الثُّرَيَّا وَأَنَّهُمْ لَمْ يَلُوا شَيْئًا "

قَالَ: زِدْنَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَجْرِي هَلَاكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ "

 

حديث حسن، وقد سلف الكلام عليه برقم (8901) .

وأخرجه الحاكم 4/91 من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد- ولم يذكر في روايته: "يجري هلاك هذه الأمة..." إلخ. وصحح إسناده!

والضحاك بن قيس: هو الأمير الفِهْري القرشي الضحاك بن قيس بن خالد، مختلف في صحبته، روى له النسائي حديثاً واحداً في الجنائز، شهد فتح دمشق وسكنها إلى حين وفاته، وشهد صفين مع معاوية، وكان على أهل دمشق يومئذ، ثم غلب على دمشق بعد وفاة يزيد بن معاوية، ودعا إلى بيعة ابن الزبير، ثم دعا إلى نفسه، وقُتِلَ بمَرْج راهط من أرض دمشق في قتاله لمروان بن الحكم سنة أربعً أو خمس وستين.

 

8901 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي غَاضِرَةَ، قَالَ: قِيلَ (2) لِمَرْوَانَ: هَذَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى الْبَابِ، قَالَ: ائْذَنُوا لَهُ، قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَوْشَكَ الرَّجُلُ أَنْ يَتَمَنَّى أَنَّهُ خَرَّ مِنَ الثُّرَيَّا ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّ - أَوْ يَلِ، شَكَّ أَبُو بَكْرٍ - مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا "

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " إِنَّ هَلَاكَ الْعَرَبِ بِيَدَيْ فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ " قَالَ: قَالَ مَرْوَانُ: بِئْسَ وَاللهِ الْفِتْيَةُ هَؤُلَاءِ (3)

 

(2) لفظة: "قيل" أثبتناها من (ظ3) و"جامع المسانيد" 7/ورقة 266.

(3) حديث حسن، والرجل المبهم من بني غاضرة: هو يزيد بن شريك العامري، جاء مسمىً هكذا في الرواية الآتية برقم (10927) ، ومسمىً غير منسوب في الرواية الآتية برقم (10737) . وبنو غاضرة هم من بني عامر، ويزيد هذا لم نقف له على ترجمة، وفي طبقته يزيد بن شريك بن طارق التيمي الكوفي من تيم الرباب، وهو ثقة من رجال الشيخين.

ويشهد للشطر الأول من الحديث حديث أبي حازم عن أبي هريرة السالف برقم (8627) ، ولفظه: "ويل للأمراء، ويل للعرفاء، ويل للأمناء، ليتمنين أقوامٌ يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا، يتذبذبون بين السماء والأرض، ولم يكونوا عملوا على شيء".

ويشهد للشطر الثاني منه حديث مالك بن ظالم، عن أبي هريرة السالف برقم (7871) ، وحديث أبي زرعة عن أبي هريرة السالف برقم (8005) .

قوله: "أوشك الرجل"، قال السندي: إما لقرب القيامة والحساب أو لقرب الموت، وبه ينكشف الأمر.

 

أبو هريرة رجل مشهور بحرصه على الحصول على الإحسانات وتجنب القتل والأذى، لذلك فأنا أعتبر هذا الحديث ملفقًا لم يقله ولا حتى يلفقه أو يجرؤ على قوله أبو هريرة.

 

أحاديث ملفقة لدعم قريش لتنفرد وتستبد بالحكم

 

حديث الاثني عشر أميرًا

 

روى البخاري:

 

7222 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ أَبِي إِنَّهُ قَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ

 

رواه أحمد (20872) و(20922) و (20923) و (20924) و (20962) و (21039) و20926 و21050 و20879.

 

روى البخاري:

 

7222 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا»، فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا، فَقَالَ أَبِي: إِنَّهُ قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ»

 

ورواه مسلم:

 

[ 1820 ] وحدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان

 

[ 1821 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حصين عن جابر بن سمرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ح وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي واللفظ له حدثنا خالد يعني بن عبد الله الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال دخلت مع أبي على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة قال ثم تكلم بكلام خفي علي قال فقلت لأبي ما قال قال كلهم من قريش

 

 [ 1821 ] حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كلهم من قريش

 

 [ 1821 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن سماك بن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ولم يذكر لا يزال أمر الناس ماضيا

 

 [ 1821 ] حدثنا هداب بن خالد الأزدي حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قال سمعت جابر بن سمرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثنى عشر خليفة ثم قال كلمة لم أفهمها فقلت لأبي ما قال فقال كلهم من قريش

 

 [ 1821 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن داود عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال هذا الأمر عزيزا إلى اثنى عشر خليفة قال ثم تكلم بشيء لم أفهمه فقلت لأبي ما قال فقال كلهم من قريش

 

 [ 1821 ] حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا بن عون ح وحدثنا أحمد بن عثمان النوفلي واللفظ له حدثنا أزهر حدثنا بن عون عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال انطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي أبي فسمعته يقول لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثنى عشر خليفة فقال كلمة صمنيها الناس فقلت لأبي ما قال قال كلهم من قريش

 

 [ 1822 ] حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا حدثنا حاتم وهو بن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكتب إلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش وسمعته يقول عصيبة من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض بيت كسرى أو آل كسرى وسمعته يقول إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم وسمعته يقول إذا أعطى الله أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه وأهل بيته وسمعته يقول أنا الفرط على الحوض

 

هذه نبوآت مزعومة كتبوها بعد انتهاء الأحداث محل الكلام بقرون، وبالتأكيد استمرت قوة الخلافة الإسلامية وفتوحاتها وعدوانها على الدول والممالك الأخرى، والعمل بأحكام شرائع الإسلام الهمجية لقرون بعد هؤلاء الخلفاء، فلا يصح قصر العمل بالإسلام على عصرهم، كذلك لا تصح الشهادة لهم كلهم بصلاح الحل، وفقًا للاطلاع على أحوالهم الحقيقية من كتب التاريخ والحديث كعثمان ومعاوية ويزيد ومعظم الأمويين، كما أعرض في الأحداث بعد موت محمد نبذًا قليلة من ذلك من الأحاديث نفسها. ونبوءة حديث مسلم بدوام الحكم في قريش لم تتحقق فالتاريخ أحكامه هو وإرادات الشعوب أقوى من كل أحلام الاستبداد والانفراد بالحكم.

 

أحاديث أخرى

 

روى البخاري:

 

3501 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ

 

3500 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ

 

وروى أحمد:

 

20862 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي جَابِرٌ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "يَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا"، ثُمَّ لَا أَدْرِي مَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَسَأَلْتُ الْقَوْمَ كُلَّهُمْ، فَقَالُوا: قَالَ: "كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ"

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سماك. أبو كامل: هو مظفر بن مدرك، وزهير: هو ابن معاوية.

وأخرجه البغوي في "الجعديات" (2754) ، والطبراني (2063) من طريق علي بن الجعد، عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني (1936) من طريق عَمرو بن خالد الحراني، عن زهير، به .

وانظر (20836) .

 

• 20926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا ابن عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ عَزِيزًا مَنِيعًا، يُنْصَرُونَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ عَلَيْهِ إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً"، ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً أَصَمَّنِيهَا النَّاسُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: "كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن عون: هو عبد الله بن عون ابن أَرطَبان.

وأخرجه مسلم (1821) (9) من طريق نصر بن علي الجهضمي، عن يزيد ابن زريع، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم أيضاً من طريق أزهر بن سعد السمان، عن ابن عون، به.

وانظر (20814) .

قوله: "أصمَّنِيها الناسُ" قال ابن الأثير في "النهاية": أي: شَغَلوني عن سماعها، فكأنهم جعلوني أَصمَّ.

 

لا تتوقف حياة البشر على وجود قبيلة من عدمها، ولم يحدث أن أفنى القرشيون أنفسهم بهذه الطريقة تاريخيًّا، وإنما لفقوا هذا لكي يستميت الناس دفاعًا عنهم ولكي يخوضوا الحروب عنهم ويعارضون قيامهم بها، وليشعروا أنهم بدون قريش لن تقوم لهم قائمة، وهذا كله غير صحيح، نهاية قريش كانت بتفكك الكيان القبلي وضياع لهجتها وكيانها وثقافتها ومصالحه المشتركة وعصبيتها القبلية، يقال أن آل عشري عشيرتي الصعيدية مثلًا حسب المزاعم الشعبية من أصل قرشي حسيني هم ومعظم العشائر الأخرى في تلك القرية الصعيدية. وقد تجد حتى ناسًا في دول غير عربية كباكستان وبعض دول القوقاز لديهم أنساب مزعومة مشابهة، وكذلك في السعودية والمغرب وتونس والأردن والسودان ونواحٍ كثيرة من العالم. هل هؤلاء في نظرك قبيلة واحدة بتعدد أشكالهم ومصالحهم وثقافتهم بل وأحيانًا حتى مذاهبهم وأديانهم بين سني وشيعي (وصاحبكم ومؤلفكم ملحد) وفي حالات في لبنان مسيحي تنصر أجداده المسلمون بمراجعة تواريخ الأسر اللبنانية الكبيرة!

 

وروى أحمد:

 

3707 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " تَدُورُ رَحَى الْإِسْلَامِ عَلَى رَأْسِ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، (2) أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ هَلَكُوا، فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ، وَإِنْ بَقُوا، يَقُمْ (3) لَهُمْ دِينُهُمْ سَبْعِينَ سَنَةً " (4)

 

(2) في (ق) و (ظ1) : خمس وثلاثين سنة.

(3) في نسخة السندي: يقوى.

(4) حديث حسن، وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين غير القاسم بن عبد الرحمن فمن رجال البخاري، إلا أن عبد الرحمن بن عبد الله لم يسمع من أبيه إلا الشيء اليسير. يزيد: هو ابن هارون، والعوام: هو ابن حوشب، وأبو إسحاق الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان فيروز.

وأخرجه أبو يعلى (5009) و (5298) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/235-236، وابن حبان (6664) ، والطبراني في "الكبير" (10356) ، والخطابي في "غريب الحديث" 1/549، من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وتحرف سليمان بن أبي سليمان في مطبوع الطحاوي إلى: سليمان بن بلال.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/236، والطبراني في "الكبير" (10311) من طريق أبي نعيم، عن شريك، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله، به.

وسيأتي بإسناد آخر برقم (3730) و (3731) و (3758) ، ويكرر برقم (4315) .

وقوله: "تدور رحى الإسلام": قال التوربشتي فيما نقله عنه ملا علي القاري في "شرح المشكاة" 5/152: أراد بذلك أن الإسلام يستتب أمره، ويدوم على ما كان عليه المدة المذكورة في الحديث، ويصح أن يستعار دوران الرحى في الأمر الذي يقوم لصاحبه ويستمر له، فإن الرحى توجد على نعت الكمال ما دامت دائرة مستمرة، ويقال: فلان صاحب دارتهم: إذا كان أمرهم يدور عليه. ورحى الغيث: معظمه، ويؤيد ما ذهبنا إليه ما رواه الحربي في بعض طرقه: "تزول (وهذا اللفظ سيأتي في الرواية رقم 3758) رحى الإسلام"، مكان "تدور"، ثم قال: كأن تزول أقرب، لأنها تزول عن ثبوتها واستقرارها، وأشار بالسنين الثلاث إلى الفتن الثلاث، مقتل عثمان رضي الله عنه، وكان سنة خمس وثلاثين، وحرب الجمل، وكانت سنة ست وثلاثين، وحرب صِفين، وكانت سنة سبع وثلاثين، فإنها كانت متتابعة في تلك الأعوام الثلاثة.

وقوله: "فإن يهلكوا فسبيل من هلك"، أي: إن اختلفوا بعد ذلك، واستهانوا في أمر الدين، واقترفوا المعاصي، فسبيلهم سبيل من قد هلك قبلهم من الأمم الماضية الذين زاغوا عن الحق في اختلافهم، وسمى أسباب الهلاك والاشتغال بما يؤدي إليه هلاكاً.

وقوله: "يقم لهم دينهم"، قال الخطابي: يريد بالدين هاهنا الملك، قال زهير:

لئن حَلَلْتَ بجَو في بني أسد... في دينِ عمرو وحالتْ بينَنَا فَدَك

 يريد: ملك عمرو وولايته.

والمعنى: وإن صَفَتْ تلك المدد، ولم يتفق لهم اختلاف وخَوَر في الدين، وضعْف في التقوى، تتمادى بهم قوة الدين واستقامة أمره سبعين سنة.

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 13/214: والذي يظهر أن المراد بقوله: "تدور رحى الإسلام" أن تدوم على الاستقامة، وأن ابتداء ذلك من أول البعثة النبوية، فيكون انتهاء المدة بقتل عمر في ذي الحجة سنة أربع وعشرين من الهجرة، فإذا انضم إلى ذلك اثنتا عشرة سنة وستة أشهر من المبعث في رمضان، كانت المدة خمساً وثلاثين سنة وستة أشهر، فيكون ذلك جميعَ المدة النبوية، ومدة الخليفتين بعده خاصة، ويؤيده حديث حذيفة الماضي قريباً (يعني عند البخاري) الذي يشير إلى أن باب الأمن من الفتنة يكسر بقتل عمر، فيفتح باب الفتن، وكان الأمر على ما ذكر.

وأما قوله في بقية الحديث: "فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن لم يقم لهم دينهم يقم سبعين سنة" فيكون المراد بذلك انقضاءَ أعمارهم، وتكون المدة سبعين سنة إذا جعل ابتداؤها من أولِ سنة ثلاثين عند انقضاء ست سنين من خلافة عثمان، فإن ابتداءَ الطعن فيه إلى أن آلَ الأمر إلى قتله كان بعد ست سنين مضت من خلافته، وعند انقضاء السبعين لم يبق من الصحابة أحد، فهذا الذي يظهر لي في معنى هذا الحديث.

 

وأخرجه أبو داود (4254) ، وأبو يعلى (5281) ، والبغوي (4225) ، من طريق عبد الرحمن.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/236 من طريق قَبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، به. وقبيصة غير ثقة في حديث سفيان.

وأخرجه الطيالسي (383) ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 3/355، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/235-236، والحاكم 4/521، والبيهقي في "الدلائل" 6/393 من طرق عن منصور.

 

بالتأكيد فترة قوة الإسلام امتدت أكثر من 35 سنة هجرية وأكثر من 70 سنة هجرية كذلك، وظلت دولته قوية حتى انتهاء الفترة العباسية الأولى وعادت بقوة معقولة في عصر الأيوبيين والمماليك، وكذلك لفترة طويلة في عصر العثمانيين من الناحية العسكرية رغم كل مساوئ الحكم العثماني وسوء أحوال الشعوب العربية والمسلمة في ظله. فهذه نبوءة باطلة، مع كونها مكتوبة بعد انتهاء الأحداث المذكورة فيها، لكنها فشلت في التنبؤ بالمستقبل، ويمكننا التوقع اليوم أن المسلمين والإسلام لن تقوم له قوة عسكرية أو علمية تذكَر على العموم فقد وصل إلى ما يعرف بمرحلة "الانسداد التاريخي".

 

أحاديث ملفقة لدعم الأمويين وجيشهم الشامي في أول عهد دولتهم

 

روى أحمد:

 

22489 - حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَا: حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ حَوَالَةَ الْأَزْدِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " سَيَكُونُ أَجْنَادٌ مُجَنَّدَةٌ شَامٌ وَيَمَنٌ وَعِرَاقٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَيِّهَا بَدَأَ، وَعَلَيْكُمْ بِالشَّامِ، أَلَا وَعَلَيْكُمْ بِالشَّامِ، أَلَا وَعَلَيْكُمْ بِالشَّامِ، فَمَنْ كَرِهَ فَعَلَيْهِ بِيَمَنِهِ وَلْيَسْقِ مِنْ غُدُرِهِ ؛ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ ".

 

حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد حسن، سليمان بن سُمير لم يرو عنه غير حريز -وهو ابن عثمان-، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو داود: شيوخ حريز كلهم ثقات، وقال ابن حجر: مقبول، أي: حيث يتابع، وإلا فهو لين الحديث . وهو متابع، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال البخاري غير صحابيه فقد أخرج له أبو داود .

وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1054) من طريق علي بن عياش، بهذا الإسناد .

وقد سلف برقم (17005) ، وانظر تمام تخريجه هناك .

 

(17005) 17130- حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ أَبِي قُتَيْلَةَ ، عَنِ ابْنِ حَوَالَةَ ، أَنَّهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَيَصِيرُ الأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً ، جُنْدٌ بِالشَّامِ ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ ، قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ : خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَاكَ ، قَالَ : عَلَيْكَ بِالشَّامِ ، فَإِنَّهُ خِيرَةُ اللهِ مِنْ أَرْضِهِ ، يَجْتَبِي إِلَيْهِ خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ ، وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ.(4/110).

 

21606 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا حِينَ قَالَ: "طُوبَى لِلشَّامِ، طُوبَى لِلشَّامِ " قُلْتُ: مَا بَالُ الشَّامِ؟ قَالَ: "الْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَجْنِحَتِهَا عَلَى الشَّامِ "

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، فقد روى هذا الحديث عن ابن لهيعة عبدُالله بن وهب كما سيأتي في التخريج، وروايته عنه صالحة، ثم إن ابن لهيعة قد توبع، وانظر الحديث التالي. ابن شماسة: اسمه عبد الرحمن.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/301 من طريق عبد الله ابن وهب، والطبراني (4934) من طريق عمرو بن خالد الحراني، كلاهما عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وقرن يعقوب بن سفيان بابن لهيعة عمرَو بن الحارث.

ومن طريق عمرو بن الحارث أخرجه ابن حبان (7304) ، والطبراني (4935) . قال ابن حبان: وذكر ابن سَلْم - وهو شيخ ابن حبان - آخرَ مع عمرو ابن الحارث؛ يعني ابن لهيعة، وإنما لم يذكره لأنه ليس من شرطه. وإسناد ابن حبان صحيح على شرط مسلم.

 

ومن المستبعد أن يكون محمد الذي أمر أسامة بن زيد بن حارثة قبل موته بالانطلاق بجيشه الإجراميّ وتحريق قرية أبنى بالأردن وترويع الفلاحين الشاميين وتقتيلهم وخطف نسائهم وأطفالهم هو قائل هذا المديح، روى أحمد _والخبر في كتب السيرة وذكرته في كتابي حروب محمد الإجرامية من كتب السيرة_:

 

21785 - حَدَّثَنِي وَكِيعٌ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: أُبْنَى، فَقَالَ: "ائْتِهَا صَبَاحًا ثُمَّ حَرِّقْ".

 

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف صالح بن أبي الأخضر، وهو مع ضعفه يُعتبر به، ولم ينفرد بهذا الحديث كما سيأتي .

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ورقة 209 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد .

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/366 و391، وابن ماجه (2843) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/220 من طريق وكيع، به .

وأخرجه الطيالسي (625) ، وأبو داود (2616) ، والبزار في "مسنده" (2566) ، وأبو القاسم البغوي في "مسند أسامة" (2) ، والطحاوي 3/208، والطبراني في "الكبير" (400) ، والبيهقي 9/83، وابن عساكر 1/ورقة 209 و209-210، وابن عبد البر 2/220-221 من طرق عن صالح بن أبي الأخضر، به .

وسيأتي برقم (21824) عن محمد بن عبد الله بن المثنى، عن صالح، به .

وأخرجه الشافعي في "المسند" 2/120 فقال: أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن جعفر الزهري قال: سمعت ابنَ شهاب، فذكره .

وعبد الله بن جعفر الزهري ثقة من رجال مسلم، وهو عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن المَخْرَمي، وأما شيخ الشافعي المبهم فيغلب على ظننا أنه الواقديُّ، فالحديث من هذا الطريق في "مغازيه" 3/1118، وقال الحافظ ابن حجر في "التعجيل" (532) بعد إيراد هذا السند: وقد روى عنه (أي: عن عبد الله بن جعفر) من شيوخ الشافعي: إبراهيم بن سعد . قلنا: وإبراهيم بن سعد ثقة، بينما الواقديُّ عند أهل الحديث متروك، والله تعالى أعلم .

وأخرجه مرسلاً ابن سعد في "الطبقات" 4/67 عن حماد بن أسامة بن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أَمَّر رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسامةَ بن زيدٍ، وأَمَره أن يُغير على أُبنى من ساحل البحر ... وذكر قصة طويلة . ورجاله ثقات رجال الشيخين .

وأخرجه مرسلاً أيضاً سعيد بن منصور في "سننه" (2641) عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشجِّ، عن سليمان بن يسار قال: أَمَّر رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسامة بن زيد على جيش وأمره أن يُحرق في يُبْنى .

ورجاله ثقات رجال الشيخين .

وأخرج الواقدي في "مغازيه" 3/1118 عن يحيى بن هشام بن عاصم الأسلمي، عن المنذر بن جهم، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا أسامة، شُنَّ الغارة على أهل أبنى" . وهذا مرسل أيضاً، ويحيى بن هشام والمنذر بن جهم مجهولان، والواقدي متروك عند أهل الحديث .

 

فإذن بل هذا كلام أطلقه الأمويون لتشجيع أنصارهم الشوام في معقلهم بالشام مقر حكمهم. ولا أدري مع حبي وإعزازي للشام، أي رعاية وعناية إلهية يقصدها محمد للشام؟! منذ الزمن القديم وحتى اليوم خاضت لبنان حروبًا أهلية بين الطوائف بشعة، وحتى لما تعلموا دروسًا من كل ذلك أنشؤوا حكمًا شبه علماني فيه توزيع طائفي للمناصب والمواقع، ولا يزال فيهم الاغتيالات والمصائب والتفجيرات معتادة، أما سوريا الحبيبة العظيمة فللأسف فتخوض في هذا القرن الواحد والعشرين حربًا أهلية ضروسًا بين بشار حافظ الأسد وعدة جماعات إرهابية متصارعة مع بعضها ومعه وغيرها، فأي ملائكة وهمية هذه؟!

 

زعم معاوية أن محمدًا تنبأ بجيشه وباركه

 

روى مسلم:

 

 [ 1037 ] حدثنا منصور بن أبي مزاحم حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أن عمير بن هانئ حدثه قال سمعت معاوية على المنبر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس

 

 [ 1037 ] وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا كثير بن هشام حدثنا جعفر وهو بن برقان حدثنا يزيد بن الأصم قال سمعت معاوية بن أبي سفيان ذكر حديثا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لم أسمعه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم على منبره حديثا غيره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة

 

وروى البخاري:

 

3641 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ عُمَيْرٌ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ قَالَ مُعَاذٌ وَهُمْ بِالشَّأْمِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ وَهُمْ بِالشَّأْمِ

 

تلفيق مفضوح واضح.

 

وروى أحمد:

 

(22320) 22676- قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ : حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ ، عَنِ السَّيْبَانِيِّ وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الدِّينِ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلاَّ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأَوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ وَأَيْنَ هُمْ ؟ قَالَ : بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. (5/269)

 

(20354) 20623- حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ شَقِيقٍ ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ عَنَزَةَ يُقَالُ لَهُ : زَائِدَةُ ، أَوْ مَزِيدَةُ بْنُ حَوَالَةَ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ مِنْ أَسْفَارِهِ ، فَنَزَلَ النَّاسُ مَنْزِلاً ، وَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ظِلِّ دَوْحَةٍ ، فَرَآنِي وَأَنَا مُقْبِلٌ مِنْ حَاجَةٍ لِي ، وَلَيْسَ غَيْرُهُ وَغَيْرُ كَاتِبِهِ ، فَقَالَ : أَنَكْتُبُكَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ ؟ قُلْتُ : عَلاَمَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : فَلَهَا عَنِّي وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَاتِبِ ، قَالَ : ثُمَّ دَنَوْتُ دُونَ ذَلِكَ ، قَالَ : فَقَالَ : أَنَكْتُبُكَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ ؟ قُلْتُ : عَلاَمَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : فَلَهَا عَنِّي ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَاتِبِ ، قَالَ : ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَلَيْهِمَا ، فَإِذَا فِي صَدْرِ الْكِتَابِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمَا لَنْ يُكْتَبَا إِلاَّ فِي خَيْرٍ ، فَقَالَ : أَنَكْتُبُكَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللهِ ، فَقَالَ : يَا ابْنَ حَوَالَةَ ، كَيْفَ تَصْنَعُ فِي فِتْنَةٍ تَثُورُ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ كَأَنَّهَا صَيَاصِي بَقَرٍ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَصْنَعُ مَاذَا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : عَلَيْكَ بِالشَّامِ ، ثُمَّ قَالَ : كَيْفَ تَصْنَعُ فِي فِتْنَةٍ كَأَنَّ الأُولَى فِيهَا نَفْجَةُ أَرْنَبٍ ؟ قَالَ : فَلاَ أَدْرِي كَيْفَ قَالَ فِي الآخِرَةِ ، وَلأَنْ أَكُونَ عَلِمْتُ كَيْفَ قَالَ فِي الآخِرَةِ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. (5/33)

 

لاحقًا سيزعم شيوخ ماكرون آخرون أنها نبوءة عن المقاومة المشروعية الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي! (وهي مشروعة ما لم تقتل مدنيًّا أو طفلًا أو تطالب بأراضٍ تصالح رؤساؤهم واعترفوا بأنها لإسرائيل فهذا عهد وأراضٍ مقسَّمة به). ومن أحاديث الخرافات الأخروية:

 

4536- حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا قِلاَبَةَ ، حَدَّثَهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ : قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ ، أَوْ بِحَضْرَمَوْتَ فَتَسُوقُ النَّاسَ . قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ مَا تَأْمُرُنَا ؟ قَالَ : عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ.

 

5146- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ ، يَعْنِي ابْنَ مُبَارَكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو قِلاَبَةَ ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَتَخْرُجُ نَارٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ بَحْرِ حَضْرَمَوْتَ ، أَوْ مِنْ حَضْرَمَوْتَ تَحْشُرُ النَّاسَ . قَالُوا : فَبِمَ تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ.

 

(17775) 17928- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : بَيْنَا أَنَا فِي مَنَامِي ، أَتَتْنِي الْمَلاَئِكَةُ فَحَمَلَتْ عَمُودَ الْكِتَابِ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي ، فَعَمَدَتْ بِهِ إِلَى الشَّامِ ، أَلاَ فَالإِيمَانُ حَيْثُ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ.(4/198).

 

وأحاديث الإسخاتولوجي أو الأخرويات الإسلامية وأساطير "آخر الزمان" الأسطوري قالت بأن مقر المسلمين وجيشهم في آخر الزمان في الشام، روى مسلم:

 

[ 2899 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر كلاهما عن بن علية واللفظ لابن حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن حميد بن هلال عن أبي قتادة العدوي عن يسير بن جابر قال هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجيري إلا يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة قال فقعد وكان متكئا فقال إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام فقال عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام قلت الروم تعني قال نعم وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم فيقتلون مقتلة إما قال لا يرى مثلها وإما قال لم ير مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقى منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك فجاءهم الصريخ إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ قال بن أبي شيبة في روايته عن أسير بن جابر

 

وروى أحمد:

 

21725 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْطَاةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " فُسْطَاطُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ الْغُوطَةُ، إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ ".

 

(14954) 15017- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقَةٍ مِنَ الدِّينِ ، وَإِدْبَارٍ مِنَ الْعِلْمِ ، فَلَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً يَسِيحُهَا فِي الأَرْضِ ، الْيَوْمُ مِنْهَا كَالسَّنَةِ ، وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالشَّهْرِ ، وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالْجُمُعَةِ ، ثُمَّ سَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هَذِهِ ، وَلَهُ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا ، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ : أَنَا رَبُّكُمْ وَهُوَ أَعْوَرُ ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، ك ف ر مُهَجَّاةٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٌ ، وَغَيْرُ كَاتِبٍ ، يَرِدُ كُلَّ مَاءٍ وَمَنْهَلٍ إِلاَّ الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ ، حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَقَامَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَبْوَابِهَا ، وَمَعَهُ جِبَالٌ مِنْ خُبْزٍ ، وَالنَّاسُ فِي جَهْدٍ إِلاَّ مَنْ تَبِعَهُ ، وَمَعَهُ نَهْرَانِ أَنَا أَعْلَمُ بِهِمَا مِنْهُ ، نَهَرٌ يَقُولُ الْجَنَّةُ ، وَنَهَرٌ يَقُولُ النَّارُ ، فَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْجَنَّةَ ، فَهُوَ النَّارُ ، وَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّارَ ، فَهُوَ الْجَنَّةُ ، قَالَ : وَيَبْعَثُ اللَّهُ مَعَهُ شَيَاطِينَ تُكَلِّمُ النَّاسَ ، وَمَعَهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ ، يَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ ، وَيَقْتُلُ نَفْسًا ثُمَّ يُحْيِيهَا فِيمَا يَرَى النَّاسُ ، لاَ يُسَلَّطُ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ النَّاسِ ، وَيَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ هَلْ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا إِلاَّ الرَّبُّ ، قَالَ : فَيَفِرُّ الْمُسْلِمُونَ إِلَى جَبَلِ الدُّخَانِ بِالشَّامِ فَيَأْتِيهِمْ ، فَيُحَاصِرُهُمْ ، فَيَشْتَدُّ حِصَارُهُمْ وَيُجْهِدُهُمْ جَهْدًا شَدِيدًا ، ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيُنَادِي مِنَ السَّحَرِ ، فَيَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى الْكَذَّابِ الْخَبِيثِ ؟ فَيَقُولُونَ : هَذَا رَجُلٌ جِنِّيٌّ ، فَيَنْطَلِقُونَ فَإِذَا هُمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، فَتُقَامُ الصَّلاَةُ ، فَيُقَالَ لَهُ : تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللهِ ، فَيَقُولُ : لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ فَلْيُصَلِّ بِكُمْ ، فَإِذَا صَلَّى صَلاَةَ الصُّبْحِ خَرَجُوا إِلَيْهِ ، قَالَ : فَحِينَ يَرَى الْكَذَّابُ يَنْمَاثُ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ، فَيَمْشِي إِلَيْهِ ، فَيَقْتُلُهُ حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ وَالْحَجَرَ يُنَادِي : يَا رُوحَ اللهِ ، هَذَا يَهُودِيٌّ ، فَلاَ يَتْرُكُ مِمَّنْ كَانَ يَتْبَعُهُ أَحَدًا إِلاَّ قَتَلَهُ.

 

(17900) 18060- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، قَالَ : أَتَيْنَا عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ لِنَعْرِضَ عَلَيْهِ مُصْحَفًا لَنَا عَلَى مُصْحَفِهِ ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ أَمَرَنَا فَاغْتَسَلْنَا ، ثُمَّ أُتِينَا بِطِيبٍ فَتَطَيَّبْنَا ، ثُمَّ جِئْنَا الْمَسْجِدَ ، فَجَلَسْنَا إِلَى رَجُلٍ ، فَحَدَّثَنَا عَنِ الدَّجَّالِ ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ ، فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَجَلَسْنَا ، فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ ثَلاَثَةُ أَمْصَارٍ : مِصْرٌ بِمُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ ، وَمِصْرٌ بِالْحِيرَةِ ، وَمِصْرٌ بِالشَّامِ ، فَيَفْزَعُ النَّاسُ ثَلاَثَ فَزَعَاتٍ ، فَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ ، فَيَهْزِمُ مَنْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ ، فَأَوَّلُ مِصْرٍ يَرِدُهُ الْمِصْرُ الَّذِي بِمُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ ، فَيَصِيرُ أَهْلُهُ ثَلاَثَ فِرَقٍ : فِرْقَةٌ تَقُولُ : نُشَامُّهُ ، نَنْظُرُ مَا هُوَ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بالأَعْرَابِ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْمِصْرِ الَّذِي يَلِيهِمْ ، وَمَعَ الدَّجَّالِ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ السِّيجَانُ ، وَأَكْثَرُ تَبَعِهِ الْيَهُودُ وَالنِّسَاءُ ، ثُمَّ يَأْتِي الْمِصْرَ الَّذِي يَلِيهِ فَيَصِيرُ أَهْلُهُ ثَلاَثَ فِرَقٍ : فِرْقَةٌ تَقُولُ : نُشَامُّهُ وَنَنْظُرُ مَا هُوَ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بالأَعْرَابِ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْمِصْرِ الَّذِي يَلِيهِمْ بِغَرْبِيِّ الشَّامِ ، وَيَنْحَازُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَقَبَةِ أَفِيقٍ ، فَيَبْعَثُونَ سَرْحًا لَهُمْ ، فَيُصَابُ سَرْحُهُمْ ، فَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَتُصِيبُهُمْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ ، وَجَهْدٌ شَدِيدٌ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُحْرِقُ وَتَرَ قَوْسِهِ فَيَأْكُلُهُ ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّحَرِ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَتَاكُمُ الْغَوْثُ ، ثَلاَثًا ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : إِنَّ هَذَا لَصَوْتُ رَجُلٍ شَبْعَانَ ، وَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ ، فَيَقُولُ لَهُ أَمِيرُهُمْ : رُوحَ اللهِ ، تَقَدَّمْ صَلِّ ، فَيَقُولُ هَذِهِ الأُمَّةُ أُمَرَاءُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَيَتَقَدَّمُ أَمِيرُهُمْ فَيُصَلِّي ، فَإِذَا قَضَى صَلاَتَهُ ، أَخَذَ عِيسَى حَرْبَتَهُ ، فَيَذْهَبُ نَحْوَ الدَّجَّالِ ، فَإِذَا رَآهُ الدَّجَّالُ ، ذَابَ ، كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ ، فَيَضَعُ حَرْبَتَهُ بَيْنَ ثَنْدُوَتِهِ ، فَيَقْتُلُهُ وَيَنْهَزِمُ أَصْحَابُهُ ، فَلَيْسَ يَوْمَئِذٍ شَيْءٌ يُوَارِي مِنْهُمْ أَحَدًا ، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتَقُولُ يَا مُؤْمِنُ ، هَذَا كَافِرٌ وَيَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُؤْمِنُ هَذَا كَافِرٌ.(4/216).

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

38905- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ المشَّاء ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ : لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَحَوَّلَ شِرَارُ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى الْعِرَاقِ ، وَخِيَارُ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ.

 

معلوم أن العراقيين كانوا أنصار علي، والشاميين في معظمهم أنصار معاوية.

 

اعتراف معاوية بن أبي سفيان الخليفة المسلم بكثرة تلفيقات المسلمين للأحاديث المنسوبة إلى محمد وذكره فضل عمر الدينيّ

 

روى مسلم:

 

[ 1037 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن الحباب أخبرني معاوية بن صالح حدثني ربيعة بن يزيد الدمشقي عن عبد الله بن عامر اليحصبي قال سمعت معاوية يقول إياكم وأحاديث إلا حديثا كان في عهد عمر فإن عمر كان يخيف الناس في الله عز وجل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما أنا خازن فمن أعطيته عن طيب نفس فيبارك له فيه ومن أعطيته عن مسألة وشره كان كالذي يأكل ولا يشبع

 

ورواه أحمد 16880 و16910 وقطعة منه في 16834

 

اعتراف صحابي آخر بتحريف الصحابة لأحاديث وكلام محمد مع زعمه أنهم فعلوا ذلك لغرض الخير أو بغير قصد!

 

روى أحمد:

 

19893 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَبُو هَارُونَ الْغَنَوِيُّ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: أَيْ مُطَرِّفُ، وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرَى أَنِّي لَوْ شِئْتُ حَدَّثْتُ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَا أُعِيدُ حَدِيثًا، ثُمَّ لَقَدْ زَادَنِي بُطْئًا عَنْ ذَلِكَ وَكَرَاهِيَةً لَهُ أَنَّ " رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَهِدْتُ كَمَا شَهِدُوا، وَسَمِعْتُ كَمَا سَمِعُوا يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ مَا هِيَ كَمَا يَقُولُونَ، وَلَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُمْ لَا يَأْلُونَ عَنِ الْخَيْرِ، فَأَخَافُ أَنْ يُشَبَّهَ لِي كَمَا شُبِّهَ لَهُمْ، فَكَانَ أَحْيَانًا يَقُولُ: لَوْ حَدَّثْتُكُمْ أَنِّي سَمِعْتُ مِنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ صَدَقْتُ، وَأَحْيَانًا يَعْزِمُ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا "

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي هَانِئٌ الْأَعْوَرُ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ هُوَ ابْنُ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبِي فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ: زَادَ فِيهِ رَجُلًا.

 

قال أحمد حمزة في تحقيقه للمسند برقم 19779 من نسخة دار الحديث-القاهرة: إسناده صحيح، وأبو هارون الغنوي هو إبراهيم بن العلاء ثقة روى له البخاري حديثًا واحدًا، [وهذا هنا] ليس حديثًا وإنما بين عمران حرصه وتحريه في رواية الحديث.

وقال في 1779م إسناده صحيح، وهو من زوائد عبد الله [بن أحمد]. أبو هارون الغنوي هو إبراهيم بن العلاء ثقة حديثه عند البخاري، [وهانئ الأعور وثقه ابن حبان في كتابه الثقات: هَانِئ الْأَعْوَر يروي عَنْ أَبِيهِ وَأمه روى عَنهُ سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ] وسكت عنه غيره والحديث كسابقه. [ملحوظة من لؤي في الأصل اختلط على حمزة الزين فوضع اسم (يزيد الأعرج لم ينسبوه، بدلًا من اسم هانئ الأعور، لكن هانئ كذلك وثقه ابن حبان).

 

قال فريق شعيب الأرنؤوط في طبعة دار الرسالة: إسناده ضعيف، إسناده الأول رجاله ثقات، لكنه منقطع، أبو هارون الغنوي- وهو إبراهيم بن العلاء- لم يسمعه من مطرف- وهو ابن عبد الله بن الشخير بينهما هانئ الأعور كما في الإسناد الثاني.

والإسناد الثاني ضعيف، هانئ الأعور، تفرد بالرواية عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو في عداد المجهولين، وباقي رجاله ثقات.

وأخرج الطبراني في "الكبير" 18/ (195) ، والخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي" 2/44 من طريق محمد بن سليم الراسبي، عن حميد بن هلال، قال: قال عمران بن حصين سمعت من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث سمعتها وحفظتها ما يمنعني أن أحدث بها إلا أصحابي يخالفوني فيها. قلنا: ومحمد ابن سليم وهو أبو هلال الراسبي ضعيف، وحميد بن هلال لم تذكر له رواية عن عمران، وإنما يروي عنه بواسطة كما في الحديث السالف برقم (19833) .

قوله: "لأُرى" قال السندي: بضم الهمزة، أي: أظن.  "بطئاً" بضم فسكون، آخره همزة، أي: تأخراً.

"لا يألون" أي: لا يُقَصَّرون.  "أن يشبه" بالتشديد على بناء المفعول، وكذا قوله: "كما شُبَّه".  "فكان أحياناً" أي: إذا روى الحديث "يقول: لو حدثتكم... إلخ" أي: لا يجزم بأنه سمع، احتياطاً. وأحياناً يجزم.

 

إعلان الصحابيّ ثوبان مولى محمد (من المستعبَدين المملوكين لمحمد الذين أعتقهم وحرّرهم) عن بدء التلفيق والكذب منذ عصره عصر صحابة محمد والجيل الأول من التابعين لهم

 

روى أحمد:

 

22370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قِيلَ لِثَوْبَانَ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تَكْذِبُونَ عَلَيَّ

وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، لكن سالم ابن أبي الجعد لم يلق ثوبان كما قال غير واحد من أهل العلم .

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/51، عن محمد بن جعفر غندر، بهذا الإسناد .

وأخرجه الطيالسي (986) ، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (300) من طريق معاذ العنبري، كلاهما (الطيالسي والعنبري) عن شعبة، به، وفي رواية الطيالسي قال لهم ثوبان: كذبتم عليَّ وقلتم علي ما لم أقل .

وسيتكرر برقم (22442) .

وسيأتي من طريق معدان بن أبي طلحة برقمي (22377) و (22411). وفي الباب عن أبي فاطمة، سلف برقم (15527) ، وانظر عنده شواهده .

 

تلفيق بعض الأحاديث المنسوبة إلى محمد

 

وروى أحمد:

 

18906 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ: لَمَّا اسْتُعِزَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: دَعَا بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ، فَقَالَ: " مُرُوا مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ "، قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَإِذَا عُمَرُ فِي النَّاسِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا، فَقَالَ: قُمْ يَا عُمَرُ فَصَلِّ بِالنَّاسِ . قَالَ: فَقَامَ، فَلَمَّا كَبَّرَ عُمَرُ سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ، وَكَانَ عُمَرُ رَجُلًا مُجْهِرًا قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: : " فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ ؟ يَأْبَى اللهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ، يَأْبَى اللهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ " قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ . قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَمْعَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ: وَيْحَكَ ، مَاذَا صَنَعْتَ بِي يَا ابْنَ زَمْعَةَ، وَاللهِ مَا ظَنَنْتُ حِينَ أَمَرْتَنِي إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَكَ بِذَلِكَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ . قَالَ: قُلْتُ: وَاللهِ مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ حِينَ لَمْ أَرَ أَبَا بَكْرٍ رَأَيْتُكَ أَحَقَّ مَنْ حَضَرَ بِالصَّلَاةِ.

 

ابن إسحاق- وهو محمد- مدلس، ولم يصرح هنا بالتحديث، قال الإمام أحمد: كان ابن إسحاق يدلس، إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماعٌ قال: حدثني، وإذا لم يَكُنْ قال: قال.

قلنا: وابن إسحاق- وإن صرح بالتحديث في رواية أبي دواد (4660) - قد اختلف عليه في إسناده، ثم إن في متنه ما يمنع القول بصحته

وأخرجه أبو داود (4660) عن عبد الله بن محمد النفيلي، عن محمد ابن سلمة، عن ابن إسحاق، به. وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث!

وقد روي الحديث من طريق النفيلي شيخ أبي داود دون ذكر تصريح ابن إسحاق بسماعه من الزهري، فقد أخرجه الطبراني في "الكبير" 13/ (446) من طريق ابن أبي شعيب الحراني، وفي "الأوسط" (1069) من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن زيد الحراني، كلاهما عن النفيلي، عن محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، به. ولم يرد من طريقهما تصريح ابن إسحاق بالسماع.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1161) عن سليمان بن عمر بن خالد الرقي، عن محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، به. ولم يرد به تصريح ابن إسحاق بالسماع كذلك.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/243 من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4253) من طريق زياد بن عبد الله البكائي، كلاهما عن ابن إسحاق، به. ولم يصرح ابن إسحاق عندهما بالتحديث.

نَعَمْ، قد ورد التصريح بسماعه عند الحاكم 3/640-641 من طريق أحمد ابن عبد الجبار العطاردي، عن يونس بن بكير، عنه، ويونس بن بكير، قال أبو داود: ليس هو عندي حجة، يأخذ كلام ابن إسحاق، فيوصله بالأحاديث. ثم إنه قد اضطرب فيه، فقد رواه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4254) من طريق أحمد بن عبد الجبار كذلك، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق فزاد راوياً بين ابن إسحاق والزهري هو يعقوب بن عتبة بن المغيرة، وأحمد بن عبد الجبار فيه ضعف أيضاً، وقال ابن عدي: نسبوه إلى أنه لم يسمع من كثير ممن حدَّث عنهم.

وأخرجه ابن سعد 2/220-221 من طريق الواقدي، وابن أبي عاصم في "السنة" (1162) ، وفي "الآحاد والمثاني" (1606) ، والطبراني في "الكبير" 13/ (448) من طريق عبد الله بن موسى التيمي، كلاهما عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، به. والواقدي متروك، وعبد الله بن موسى ضعيف، قال فيه ابن حبان: يرفع الموقوف، ويسند المرسل، لا يجوز الاحتجاج به.

وأخرجه ابن قانع 2/134، والطبراني في "الكبير" 13/ (447) من طريق رشدين بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن الزهري، به. ورشدين ضعيف، عنده مناكير.

وأخرجه أبو داود (4461) ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/454، وابن أبي عاصم في "السنة" (1160) من طريق محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب، عن عبد الرحمن بن إسحاق المدني، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن زمعة، به.

وموسى بن يعقوب ضعيف، قال علي ابن المديني: منكر الحديث، وقال الدارقطني: لا يحتج بحديثه. وعبد الرحمن بن إسحاق، قال البخاري: ليس ممن يعتمد على حفظه إذا خالف من ليس بدونه.

وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (9754) [5/432] عن معمر، قال الزهري: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الصحيح، فالحديث من بلاغات الزهري، وهي واهية، وسيرد عن عبد الأعلى، عن معمر عن الزهري من بلاغاته ضمن حديث عائشة 6/34.

والذي في الصحيح -كما عند مسلم (418) (90) - أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسل إلى أبي بكر أن يُصلي بالناس، فأتاه الرسول، فقال: إن رسول الله يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر، وكان رجلاً رقيقاً: يا عمر، صَلِّ بالناس. فقال عمر: أنت أحقُ بذلك. فصلى بهم أبو بكر.  وقد روى صلاة أبي بكر بالناس العباس فيما سلف (1784) ، وابن عباس فيما سلف (2055) ، وأبو موسى الأشعري فيما سيرد (19700) ، وعائشة عند البخاري (713) ، ومسلم (418) (90) .

قال السندي: قوله: "لما استعز" على بناء المفعول، آخره زاي معجمة، يقال: استعزّ بفلان على بناء المفعول، أي غلب في كل شيء من مرض أو غيره، واستعزَّ بالعليل، أي اشتد وجعه وغلب على عقله.   فقال: قم يا عمر، أي: قال عبد الله بن زمعة.   رجلاً مجهراً: في "الصحاح": إجهار الكلام إعلانه، ورجل مِجْهَر بكسر الميم وفتح الهاء إذا كان من عادته أن يجهر بكلامه. قلت: والوجه أن يجعلها هنا بكسر الميم، وقد ضبطه بعضهم على اسم الفاعل من الإجهار، وهو ممكن عن بُعْد.  "يأبى الله ذلك"، أي: تقدم غير أبي بكر.

 

(24061) 24562- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ ، فَاسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي ، فَأَذِنَّ لَهُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَمِدًا عَلَى الْعَبَّاسِ ، وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ ، وَرِجْلاَهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ ، وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَتَدْرِي مَنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ ؟ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَلَكِنَّ عَائِشَةَ لاَ تَطِيبُ لَهَا نَفْسًا ، قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ : مُرِ النَّاسَ فَلْيُصَلُّوا ، فَلَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ : يَا عُمَرُ ، صَلِّ بِالنَّاسِ ، فَصَلَّى بِهِمْ ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ فَعَرَفَهُ ، وَكَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَيْسَ هَذَا صَوْتَ عُمَرَ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : يَأْبَى اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عَائِشَةَ إِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ قَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلَّ بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ لاَ يَمْلِكُ دَمْعَهُ ، وَإِنَّهُ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ بَكَى ، قَالَتْ : وَمَا قُلْتِ ذَلِكَ إِلاَّ كَرَاهِيَةَ ، أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مَنْ قَامَ مَقَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَرَاجَعَتْهُ ، فَقَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ. (6/34)

 

ورواه بهذا اللفظ مسلم 418 وأحمد 25917، إسناده صحيح على شرط الشيخين، دون قول الزهري: فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت ميمونة لعبد الله بن زمعة: "مر الناس فليصلوا" فلقي عمر ابن الخطاب، فقال: يا عمر، صل بالناس، فصلى بهم، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته، فعرفه، وكان جهير الصوت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أليس هذا صوت عمر؟" قالوا: بلى، قال: "يأبى الله عز وجل ذلك والمؤمنون، مروا أبا بكر فليصل بالناس" . فهو ضعيف لانقطاعه، ومحمد بن إسحاق وإن وصله في الرواية السالفة (18906) ، قد تفرد بالوصل، ولم يثبت تصريحه بالسماع من وجه صحيح، كما بينا هناك، فانظره لزاما. وقول الزهري هذا أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9754) [5/432] عن معمر، به. وأخرجه مختصرا دون قول الزهري المنقطع البخاري (665) و (2588) من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصرا ومطولا ابن طهمان في "مشيخته" (5) ، وابن سعد 2/219، والبخاري (198) و (4442) ، ومسلم (418) (92) ، وأبو عوانة 2/113 والحاكم 3/56، والبيهقي في "الدلائل" 7/173-174، وفي "السنن" 1/31، والبغوي في "شرح السنة" (3825) من طرق عن الزهري، به. دون قول الزهري المنقطع كذلك. إلا أن الحاكم قرن بعبيد الله: عروة والقاسم بن محمد، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه مختصرا ابن سعد 2/233 من طريق عفيف بن عمرو السلمي، عن عبيد الله بن عبد الله، به. وأخرجه مختصرا ابن سعد 2/219، والبخاري في "التاريخ الكبير" 4/24

 

حديث واضح التلفيق، وفيه تحقير لا يُعقَل أن يكون قد قام به محمد اتجاه تابعه المخلص عمر، لدرجة الأمر بإعادة الصلاة، وفيه مغالاة سنية في تعظيم أبي بكر وتأكيد أولويته وترتيبه بزعمهم، وهم أنفسهم رفضه علماء حديثهم، وانظر قولهم في متنه ما يمنع القول بصحته رغم تحديث ابن إسحاق، يعني المسألة مزاجية بحتة. وعلى أي حال فلعل الأصح هو ما رواه البخاري:

 

713 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِلَالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ قَالَ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ....إلخ

 

679 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعْ النَّاسَ مِنْ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعْ النَّاسَ مِنْ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا

 

وذكر أحمد بن حنبل عن عثمان أنه قال هكذا:

 

470 - حَدَّثَنَا هَاشِمٌ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، حَدَّثَنِي زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنِّي كَتَمْتُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَرَاهِيَةَ تَفَرُّقِكُمْ عَنِّي ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ لِيَخْتَارَ امْرُؤٌ لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ ".

 

إسناده حسن ، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي صالح مولى عثمان ، وحديثه من قبيل الحسن ، وقد تقدم الكلام عليه عند الحديث رقم (442) . هاشم : هو ابن القاسم الليثي البغدادي ، وليث : هو ابن سعد . وأخرجه ابن أبي شيبة 5 / 327 ، وعبد بن حميد (51) ، والدارمي (2424) ، والترمذي (1667) ، وابن أبي عاصم في " الجهاد " (300) ، والبزار (406) ، والنسائي 6 / 39 - 40 ، والحاكم 2 / 143 ، والبيهقي 9 / 39 من طرق عن الليث ، بهذا الإسناد .

 

في الحقيقة ما كان يريده عثمان بالضبط هو إشغال الناس بالحروب وأن يتلَّهُوا عنه بذلك، فلا يثوروا على فساده، وهي النصيحة التي نصحها المقربون منه كما عرضت في آخر الجزء الأول حروب محمد الإجرامية. لكن كان الأوان قد فات.

 

روى أحمد:

 

1987 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حَبِيبِ بْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ خَطَبَ النَّاسَ بِتَبُوكَ: " مَا فِي النَّاسِ مِثْلُ رَجُلٍ آخِذٍ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَجْتَنِبُ شُرُورَ النَّاسِ، وَمِثْلُ آخَرَ بَادٍ فِي نِعْمَةٍ يَقْرِي ضَيْفَهُ وَيُعْطِي حَقَّهُ "

 

إسناده صحيح، حبيب بن شهاب وثقه ابن معين والنسائي، وقال أحمد: ليس به بأس، وأبوه شهاب العنبري وثقه أبو زرعة، وذكرهما ابن حبان في "الثقات". يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/386 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (154) ، والطبراني (12924) من طريق يحيى بن سعيد، به. وسيأتي برقم (2837) ، وانظر (2116) .

بادٍ: مقيم في البادية. والنًعَم: واحد الأنعام، وهي المال الراعية: الإبل والبقر والضَّأن والمعز، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل. ويَقري: يضيف. ويعطي حقَّه: يؤتي الزكاة.

 

2116 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَقَالَ: " أَلا أُحَدِّثُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلَةً ؟ " فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ، أَفَأُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَلِيهِ ؟ " قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " امْرُؤٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ، يُقِيمُ الصَّلاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْتَزِلُ شُرُورَ النَّاسِ، أَفَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ مَنْزِلَةً ؟ " قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " الَّذِي يُسْأَلُ بِاللهِ وَلا يُعْطِي بِهِ "

 

إسناده صحيح، سعيد بن خالد: هو ابن عبد الله بن قارظ الكناني المدني روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه وهو ثقة، وشيخه فيه إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب ثقة حديثُه عند النسائي، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (3539) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (169) ، وابن أبي شيبة 5/294، والدارمي (2395) ، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (153) ، والنسائي 5/83-84، وابن حبان (604) ، والطبراني (10767) من طرق عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2661) ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (3539) عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن خالد، عن عطاء، به. وأخرجه الترمذي (1652) من طريق ابن لهيعة، وابن أبي عاصم (152) من طريق أسامة بن زيد، وابن حبان (605) من طريق ابن وهب، ثلاثتهم عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عطاء بن يسار، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، ويروى هذا الحديث من غير وجه عن ابن عباس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأخرجه سعيد بن منصور (2434) ، والطبراني (10768) من طريق ابن وهب، عن بكير، عن أبيه، عن عطاء، به. وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/445 عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري، عن عطاء مرسلاً. وسيأتي برقم (2927) و (2928) و (2958) .

 

هذه هي صفة المواطن النموذجي للخليفة المسلم المستبد، إما يتلهى عنه بالحروب لأجل مجد الامبراطورية وتوسعتها، أو لو كان لا يحب الدماء فيعتزل كأبي ذر المنفي في الصحراء بعيدًا ولا يزعجه ويعظه ضد ظلمه. وينبغي أن ندرك أن أحاديث الاعتزال هذه ملفقة كلها فلم تحدث فتن في عصر محمد وتناحر داخلي يجعله يوصي بذلك، وهو لم يكن يعلم المستقبل الحافل بحروب المسلمين مع بعضهم.

 

وصف مسجد محمد (المسجد النبوي في المدينة) بأنه قصر أبيض

 

18975 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: " يَوْمُ الْخَلَاصِ وَمَا يَوْمُ الْخَلَاصِ، يَوْمُ الْخَلَاصِ وَمَا يَوْمُ الْخَلَاصِ " ثَلَاثًا، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا يَوْمُ الْخَلَاصِ ؟ قَالَ: " يَجِيءُ الدَّجَّالُ فَيَصْعَدُ أُحُدًا، فَيَنْظُرُ إِلَى الْمَدِينَةَ، فَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: أَتَرَوْنَ هَذَا الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ ؟ هَذَا مَسْجِدُ أَحْمَدَ ثُمَّ يَأْتِي الْمَدِينَةَ، فَيَجِدُ بِكُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَكًا مُصْلِتًا، فَيَأْتِي سَبْخَةَ الْحَرْفِ، فَيَضْرِبُ رُوَاقَهُ ، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فَلَا يَبْقَى مُنَافِقٌ، وَلَا مُنَافِقَةٌ، وَلَا فَاسِقٌ، وَلَا فَاسِقَةٌ، إِلَّا خَرَجَ إِلَيْهِ، فَذَلِكَ يَوْمُ الْخَلَاصِ ".

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، عبد الله بن شقيق لم يسمع مِحجن بن الأدرع، بينهما رجاء بن أبي رجاء كما جاء مصرحاً به في الأسانيد التالية، وبقية رجاله ثقَات رجال الصحيح.

وأخرجه مختصراً ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/66 من طريق حجاج ابن المنهال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد، وفيه: القصر الأحمر.

وأخرجه الحاكم 4/543 من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، به، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقّه الذهبي!

وأخرجه مختصراً ابن قانع أيضاً في "معجمه" 3/67 من طريق كهمس، عن عبد الله بن شقيق، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 3/308، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

وانظر حديث جابر السالف برقم (14112) ، وحديث أبي هريرة السالف برقم (7234) .

قال السندي: قوله: (يوم الخلاص) بالرفع، والخبر مقدَّر، أي: عظيم، أو بالنصب، أي: اذكروه، والمراد: يوم خلاص المدينة من المنافقين والفاسقين.  "مصْلَتًّا": من أصلت السيف: جَرَّده من غمده.   "رُواقه" ضبط بضم الراء، أي: فسطاطه، وقُبَّته، وموضع جلوسه.

 

مسجد محمد كان على عهده بسيطًا جدًا مجرد جذوع نخل وسقف عريش، فكيف كان له أن يعرف أنه سيتم بناء مسجد مدهون بالأبيض مكانه، هذا حديث ملفق، ويدلك على ذلك الانقطاع الذي فيه كذلك. مجرد تلفيق، حتى لو لم يكن هناك انقطاع. أكاذيب وخرافات متداولة. ولكي لا يتسرع المسلمون لاعتبار حديثهم الضعيف هذا معجزة ففي الهامش رواية فيها أنه لونه أحمر، ربما هذه رواية عن لون سابق له، ربما لون الطوب أو الحجارة الحمراء في مرحلة من تاريخه قبل أن يطلوه بالأبيض.

 

وروى البخاري:

 

1881 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ

 

7124 - حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِيءُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَنْزِلَ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ

 

رواه مسلم 2943

 

وروى أحمد:

 

(12986) 13017- حَدَّثَنَا بَهْزٌ ، وَعَفَّانُ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَجِيءُ الدَّجَّالُ فَيَطَأُ الأَرْضَ إِلاَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ ، فَيَأْتِي الْمَدِينَةَ ، فَيَجِدُ بِكُلِّ نَقْبٍ مِنْ أَنْقَابِهَا صُفُوفًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ، فَيَأْتِي سَبْخَةَ الْجَرْفِ ، فَيَضْرِبُ رِوَاقَهُ ، فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ مُنَافِقٍ وَمُنَافِقَةٍ.

 

(14112) 14158- حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، عَنْ زَيْدٍ ، يَعْنِي ابْنَ أَسْلَمَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : أَشْرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَلَقٍ مِنْ أَفْلاَقِ الْحَرَّةِ ، وَنَحْنُ مَعَهُ ، فَقَالَ : نِعْمَتِ الأَرْضُ الْمَدِينَةُ ، إِذَا خَرَجَ الدَّجَّالُ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْ أَنْقَابِهَا مَلَكٌ ، لاَ يَدْخُلُهَا ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، رَجَفَتْ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ ، لاَ يَبْقَى مُنَافِقٌ ، وَلاَ مُنَافِقَةٌ إِلاَّ خَرَجَ إِلَيْهِ ، وَأَكْثَرُ ، يَعْنِي ، مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ ، وَذَلِكَ يَوْمُ التَّخْلِيصِ ، وَذَلِكَ يَوْمَ تَنْفِي الْمَدِينَةُ الْخَبَثَ ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ ، يَكُونُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْيَهُودِ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ سَاجٌ ، وَسَيْفٌ مُحَلًّى ، فَتُضْرَبُ رَقَبَتُهُ بِهَذَا الضَّرْبِ الَّذِي عِنْدَ مُجْتَمَعِ السُّيُولِ , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا كَانَتْ فِتْنَةٌ ، وَلاَ تَكُونُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ، أَكْبَرَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ، وَلاَ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ وَقَدْ حَذَّرَهُ أُمَّتَهُ ، وَلأُخْبِرَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مَا أَخْبَرَهُ نَبِيٌّ أُمَّتَهُ قَبْلِي ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى عَيْنِهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ.

 

وروى مسلم:

 

[ 1374 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سعيد مولى المهري أنه جاء أبا سعيد الخدري ليالي الحرة فاستشاره في الجلاء من المدينة وشكا إليه أسعارها وكثرة عياله وأخبره أن لا صبر له على جهد المدينة ولأوائها فقال له ويحك لا آمرك بذلك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة إذا كان مسلما

 

ورواه أحمد 11246 و11554.

 

[ 1381 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني الدراوردي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يأتي على الناس زمان يدعو الرجل بن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها كما ينفى الكير خبث الحديد

 

 [ 1382 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن يحيى بن سعيد قال سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفى الناس كما ينفى الكير خبث الحديد

 

[ 1377 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع عن يحنس مولى الزبير أخبره أنه كان جالسا عند عبد الله بن عمر في الفتنة فأتته مولاة له تسلم عليه فقالت اني أردت الخروج يا أبا عبد الرحمن اشتد علينا الزمان فقال لها عبد الله اقعدي لكاع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة

 

رواه أحمد 5935 وهو عند مالك في"الموطأ"2/885-886، ومن طريقه أخرجه مسلم (1377) (482) ، والنسائي في"الكبرى" (4281) ، والطبراني في"الكبير" (13207) ، والبيهقي في"الشعب" (9721) ، بهذا الإِسناد، وأخرجه مسلم (1377) (483) من طريق الضحاك بن عثمان الحزامي، عن قطن بن وهب، به.

وأخرجه أبو يعلى (5789) من طريق عبيد الله بن عمر، عن وهب بن قطن أن مولاةً لابن عمر، فذكر الحديث، وهذا إسناد منقطع.

وعند أحمد برقم (6001) و (6174) و (6440) ، وانظر (5437) .

وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص عند مسلم (1363) (459) ، وورها أحمد برقم (1573) .

وعن أبي هريرة عند مسلم (1378) ، وعند أحمد 2/397.

وعن أبي سعيد الخدري عند مسلم (1374) ، وعند أحمد 3/29.

وعن أسماء بنت عميس، وعند أحمد 6/369-370.

قوله:"على لأوائها"، قال السندي: أي: شدائد المقام بها

وروى البخاري:

 

1875 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ

 

رواه مسلم 1388 وأحمد (21915) 22260 ومصنف" عبد الرزاق (17159) والحميدي (865)، والنسائي في "الكبرى" (4264) ، والطبراني في الكبير ج7 / 6407 و6409 - 6413 وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1596) و (1597) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/313، والبيهقي في "الدلائل" 6/320، والبغوي في "شرح السنة" (2018) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/404

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

38599- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ حَتَّى يَقْضِيَ الثَّعْلَبُ وَسْنَتَهُ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكَ ، هُوَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ ، يَقُولُ : مِنَ الْخَرَابِ.

 

ونلاحظ هنا خلل العقلية الإسلامية فبسبب أعمال الإكراه الديني الإرهابية واضطرار غير المؤمنين ولا المقتنعين بالإسلام للتظاهر بالاعتقاد به اعتقد وحلم صائغو تلك الأحاديث الخرافية أنه لا خلاص من "المنافقين" والمفكرين إلا بتدخل إلهي معجزي ما! مما يدل على عمق المشكلة التي سببها الإكراه ومصادرة الحرية وتهربهم من الحل الوحيد لها وهو التعايش السلمي واحترام حقوق الناس وحق الاختلاف والتفكير. بالتأكيد هذه الأسطورة اخترعوها لاحقًا وليست من الأساطير الأصلية التي قالها محمد، ولأن المدينة لم تكن يومًا ببيئتها المسمومة الجاهلة تربة خصبة لمفكرين أحرار وفكر حر، فالأرجح أن سكان المدينة يثرب اعتبروا من يناصرون الدولة الأموية في وسطهم ولا يدعمون أيديولوجيِ دولة الخلافة الأولى وحلم إرجاعها منافقين وربما حتى كفارًا. ويحتمل أن ملفق الحديث الأصلي هو عبد الله بن الزبير بن العوام ومناصرو عودة نظام الدولة الأولى ونهجها وفكرها أثناء حرب ابن الزبير مع الأمويين لدعم وحشد الجنود والمقاتلين له على أساس مزاعم دينية، وكان ابن الزبير منع حج الشاميين إلى الكعبة في مكة فحاول عبد الملك بن مروان جعل المسجد الأقصى _الذي بناه عمر بن الخطاب في مكان موضع هيكل اليهود_ منافسًا للكعبة وأشاع الأحاديث عن فضائل الحج إليه والصلاة فيه وهي التي صارت مشهورة عند المسلمين بعد ذلك، وبنى مسجد قبة الصخرة بتكلفة كبيرة وبقبة من الذهب كلفت جزية وخراج شعب مصر لمدة سبع سنوات وبناه بشكل شبه دائري كأنما أراد جعله موضعًا للحج والطواف  وهناك حديث ملفق آخر ادعاه هو وخالته عائشة ذكرته بموضع آخر.

 

تشبيه الإيمان بالحية

 

روى مسلم:

 

[ 147 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله بن عمر ح وحدثنا بن نمير حدثنا أبي حدثنا عبيد الله عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها

 

ورواه أحمد 9471 و7846 و10440.

 

تشبيه الإيمان بالثعبان، وبالـﭭيرَس كذلك، هو تشبيه صحيح من وجهة نظر إلحادية، فهو شيء خبيث ضارّ وسامٌ مؤذٍ، يسمم عقول ونفسيات وحيوات ومجتمعات الكثير من البشر ويسلبهم ملكة التفكير والنقد والبحث ورفض الأمور الغير منطقية. بالتالي من الناحية الأدبية تعبير محمد هنا منتقَد وغير جيد، كان يمكنه أن يحاول إيجاد تعبير بحيوان آخر مناسب لا يشتهر بالخبث أو الافتراس من نوعيات الذئب والثعلب والثعابين، ولا الحقارة والتفاهة كالفئران والضِباب والسحالي واليرابيع. التشبيه بالثعلب والذئب كان سيكون أنبل من تشبيه الحية رغم ذلك. والحديث من أساطير مجتمع يثرب عند تعرضه لبطش الأمويين خاصةً بسبب تحالفه ومناصرته لابن الزبير والزبيريين في محاولتهم الانفصالية والثورة لتولي حكم الخلافة، فتصوروا أنهم أهل الإيمان المضطهَدين وغيرهم فاسقون وكفار كأهل الشام أنصار الأمويين آنذاك، وفكرة التكفير هذه كانت موجودة عند كثيرين ضد الأمويين والجيش الأموي تبناها الخوارج وجماعة التوابين وجماعة المختار الثقفي كما نقرأ في تاريخ الطبري عن حروبهم الرهيبة الملحمية الشجاعة رغم تعصبهم ومنهجهم هذا ضد الأمويين، ومنه سرد الطبري للحرب الشجاعة للتوابين ضد الجيوش الأموية حتى انقرضت كل جماعة التوابين وقتلوا جميعهم تقريبًا، في محاولة للثورة وخلع الدولة الأموية والمناداة بالثأر لمقتل الحسين بن علي حفيد محمد. وحديث مسلم هنا يتخذ طابعًا إسخاتولوجيًّا تنبؤيًّا وهو ملفق بطبيعة الحال.

 

تلفيق الأحاديث لتأييد أو ضد قريش

 

راجع باب (قريش القبيلة المقدسة).

 

نبوءة ضد الهجرة من يثرب المدينة

 

هذه النبوءة قيلت لكثرة الهجرات زمن الفتوحات الأولى من صحراء شبه الجزيرة إلى الأماكن الأكثر رخاء وخصوبة وأراضي زراعية في الشام ومصر وفارس وغيرها. بعضهم خشي أن يثرب ستصبح مقفرة لكثرة هجر السكان لها آنذاك

 

روى مسلم:

 

[ 1363 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير ح وحدثنا بن نمير حدثنا أبي حدثنا عثمان بن حكيم حدثني عامر بن سعد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها وقال المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة

 

[ 1381 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني الدراوردي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يأتي على الناس زمان يدعو الرجل بن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها كما ينفى الكير خبث الحديد

 

وروى البخاري:

 

1875 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ

 

وروى أحمد:

 

6174 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ يَعْنِي ابْنَ أَنَسٍ، عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُحَنَّسَ، أَنَّ مَوْلَاةً لِابْنِ عُمَرَ أَتَتْهُ فَقَالَتْ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَمَا شَأْنُكِ ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى الرِّيفِ، فَقَالَ لَهَا: اقْعُدِي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا، أَوْ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. إسماعيل بن عمر: هو أبو المنذر الواسطي، وقطن بن وهب: هو ابن عويمر الليثي، ويُحَنس: هو ابنُ أبي موسى مولى الزبير. وأخرجه أبو يعلى (5790) من طريق إسماعيل بن عمر، بهذا الِإسناد. وقد سلف برقم (5935) .

قوله: إلى الريف، قال السندي: بكسر الراء، هو الخصب والسعة في المأكل والمشرب، والريف ما قارب الماء من أرض العرب وغيرها.

 

وتوجد نبوءة غامضة قالوها مرتبطة بذلك الخوف من أن تخلو من السكان، روى البخاري:


1874 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْعَوَافِ يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا

ورواه مسلم:

 

[ 1389 ] حدثني زهير بن حرب حدثنا أبو صفوان عن يونس بن يزيد ح وحدثني حرملة بن يحيى واللفظ له أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة ليتركنها أهلها على خير ما كانت مذللة للعوافي يعني السباع والطير قال مسلم أبو صفوان هذا هو عبد الله بن عبد الملك يتيم بن جريج عشر سنين كان في حجره

 

 [ 1389 ] وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد عن بن شهاب أنه قال أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي يريد عوافي السباع والطير ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشا حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما

 

ورواه أحمد 1573 و1606 و1457 و 7193 و8067

 

وروى مسلم:

 

[ 2891 ] وحدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وحدثني أبو بكر بن نافع حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن حذيفة أنه قال أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة فما منه شيء إلا قد سألته إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة

 

وجاء تفسير لذلك: قال الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" 3/47: قد عرف ذلك أبو هريرة، أخرجه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" (1/277-278) قال: حدثنا أبو داود، حدثنا حرب (وهو ابن شداد، وتحرف في المطبوع من "النكت" إلى: حريث) ، وأبان بن يزيد العطار، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو جعفر: أن أبا هريرة قال: ليخرجن أهل المدينة من المدينة خير ما كانت، نصفا زهوا، ونصفا رطبا. قيل: من يخرجهم منها يا أبا هريرة؟ قال: أمراء السوء. قلنا: وأبو جعفر هذا: هو الأنصاري المدني المؤذن، روى عن أبي هريرة، وعنه يحيى بن أبي كثير، فيه جهالة.

 

وقد تكون أفكار أهل المدينة مستوحاة ولو على الأقل جزئيا من تصوير كتاب اليهود المقدس المكدس لأورشليم المهجورة بعد السبي البابلي كما في إشعيا وإرميا ومراثي إرميا وغيرها. بعض هذه النصوص عرضتها في (تفنيد البشارات المزعومة بمحمد ويسوع). وهي معروفة لدارسي الكتاب المكدس.

 

وروى أحمد:

 

1606 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيْ الْمَدِينَةِ، كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ، حَرَمَهُ لَا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا ، وَلا يُقْتَلُ صَيْدُهَا، وَلا يَخْرُجُ مِنْهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلا أَبْدَلَهَا اللهُ خَيْرًا مِنْهُ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَلا يُرِيدُهُمِ أحَدٌ بِسُوءٍ إِلا أَذَابَهُ اللهُ ذَوْبَ الرَّصَاصِ فِي النَّارِ، أَوْ ذَوْبَ الْمِلْحِ فِي الْمَاءِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن حكيم، فمن رجال مسلم. وأخرجه الدورقي (38) ، وإبراهيم الحربي 3/924، وأبو يعلى (699) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وقرن الدورقي بعفان موسى بنَ إسماعيل . وقد تقدم الحديث برقم (1573)، وانظر (1558) .

 

(23976) 24476- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ ، قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ الْعَصَا وَفِي الْمَسْجِدِ أَقْنَاءٌ مُعَلَّقَةٌ ، فِيهَا قِنْوٌ فِيهِ حَشَفٌ ، فَغَمَزَ الْقِنْوَ بِالْعَصَا الَّتِي فِي يَدِهِ قَالَ : لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ ، تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْهَا ، إِنَّ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ لَيَأْكُلُ الْحَشَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا ، فَقَالَ : أَمَا وَاللَّهِ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ ، لَتَدَعُنَّهَا أَرْبَعِينَ عَامًا لِلْعَوَافِي قَالَ : فَقُلْتُ : اللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ : يَعْنِي الطَّيْرَ وَالسِّبَاعَ قَالَ : وَكُنَّا نَقُولُ : إِنَّ هَذَا لَلَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَجَمُ ، هِيَ الْكَرَاكِيُّ. (6/23).

 

(20347) 20614- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ ، (ح) وَيَزِيدُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا كَهْمَسٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ شَقِيقٍ ، قَالَ : قَالَ مِحْجَنُ بْنُ الأَدْرَعِ : بَعَثَنِي نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ ، ثُمَّ عَرَضَ لِي وَأَنَا خَارِجٌ مِنْ طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ ، قَالَ : فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى صَعِدْنَا أُحُدًا ، فَأَقْبَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ : وَيْلُ أُمِّهَا قَرْيَةً يَوْمَ يَدَعُهَا أَهْلُهَا ، قَالَ يَزِيدُ : كَأَيْنَعِ مَا تَكُونُ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، مَنْ يَأْكُلُ ثَمَرَتَهَا ، قَالَ : عَافِيَةُ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعُ ، قَالَ : وَلاَ يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ ، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا تَلَقَّاهُ بِكُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُصْلِتًا ، قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَابِ الْمَسْجِدِ ، قَالَ : إِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي ، قَالَ : أَتَقُولُهُ صَادِقًا ؟ قَالَ : قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللهِ ، هَذَا فُلاَنٌ ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، أَوْ قَالَ : أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ صَلاَةً ، قَالَ : لاَ تُسْمِعْهُ فَتُهْلِكَهُ ، مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلاَثًا ، إِنَّكُمْ أُمَّةٌ أُرِيدَ بِكُمُ الْيُسْرُ. (5/32)

 

قصة بناء عبد الملك بن مروان لمسجد قبة الصخرة كملحق بالمسجد الأقصى كبديل عن كعبة مكة


عبد الملك يحول الحج من مكة إلى بيت المقدس! نص على ذلك عامة المؤرخين، ومنهم المحب لبني أمية ابن كثير! قال في البداية والنهاية: 8/ 308: (قال صاحب مرآة الزمان: وفيها ابتدأ عبد الملك بن مروان ببناء القبة على صخرة بيت المقدس وعمارة الجامع الأقصى، وكملت عمارته في سنة ثلاث وسبعين، وكان السبب في ذلك أن عبد الله بن الزبير كان قد استولى على مكة وكان يخطب في أيام منى وعرفة ومقام الناس بمكة وينال من عبد الملك ويذكر مساوئ بني مروان ويقول: إن النبي (ص) لعن الحكم وما نسل وأنه طريد رسول الله ولعينه.

وكان (ابن الزبير) يدعو إلى نفسه وكان فصيحا فمال معظم أهل الشام إليه، وبلغ ذلك عبد الملك فمنع الناس من الحج فضجوا، فبنى القبة على الصخرة والجامع الأقصى ليشغلهم بذلك عن الحج ويستعطف قلوبهم! وكانوا يقفون عند الصخرة ويطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة وينحرون يوم العيد ويحلقون رؤوسهم...

ولما أراد عبد الملك عمارة بيت المقدس وجه إليه بالأموال والعمال، ووكل بالعمل رجاء بن حياة ويزيد بن سلام مولاه، وجمع الصناع من أطراف البلاد وأرسلهم إلى بيت المقدس، وأرسل إليه بالأموال الجزيلة الكثيرة وأمر رجاء بن حياة ويزيد أن يفرغا الأموال إفراغا ولا يتوقفا فيها، فبثوا النفقات وأكثروا فبنوا القبة فجاءت من أحسن البناء، وفرشاها بالرخام الملون وعملا للقبة جلالين أحدهما من اليود الأحمر للشتاء وآخر من أدم للصيف، وحفا القبة بأنواع الستور، وأقاما لها سدنة وخداما بأنواع الطيب والمسك والعنبر والماورد والزعفران، ويعملون منه غالية ويبخرون القبة والمسجد من الليل، وجعل فيها من قناديل الذهب والفضة والسلاسل الذهب والفضة شيئا كثيرا، وجعل فيها العود القماري المغلف بالمسك، وفرشاها والمسجد بأنواع البسط الملونة، وكانوا إذا أطلقوا البخور شم من مسافة بعيدة، وكان إذا رجع الرجل من بيت المقدس إلى بلاده توجد منه رائحة المسك والطيب والبخور أياما ويعرف أنه قد أقبل من بيت المقدس وأنه دخل الصخرة.
وكان فيه من السدنة والقوم القائمين بأمره خلق كثير، ولم يكن يومئذ على وجه الأرض بناء أحسن ولا أبهى من قبة صخرة بيت المقدس، بحيث إن الناس التهوا بها عن الكعبة والحج! وبحيث كانوا لا يلتفتون في موسم الحج وغيره إلى غير المسير إلى بيت المقدس، وافتتن الناس بذلك افتتانا عظيما وأتوه من كل مكان وقد عملوا فيه من الإشارات والعلامات المكذوبة شيئا كثيرا مما في الآخرة فصوروا فيه صورة الصراط وباب الجنة، وقدم رسول الله (ص) ووادي جهنم وكذلك في أبوابه ومواضع منه، فاغتر الناس بذلك وإلى زماننا)! وفي النجوم الزاهرة: 1/ 183: (وقيل بل كان شروعه في ذلك سنة سبعين).


وقال ابن خلدون: 2 ق 1/ 226: (وفي سنة خمس وستين من الهجرة زاد عبد الملك في المسجد الأقصى وأدخل الصخرة في الحرم).


وفي الروض المعطار/ 119: (بنى عبد الملك بن مروان مسجد بيت المقدس سنة سبعين، وحمل إلى بنيانه خراج مصر سبع سنين، وبنى القبة على الصخرة وجعل على أعلى القبة ثمانية آلاف صفيحة من نحاس مطلية بالذهب، في كل صفيحة سبعة مثاقيل ونصف من ذهب، وأفرغ على رؤوس الأعمدة مائة ألف مثقال ذهبا وخارج القبة كلها ملبس بصفائح الرصاص، وطول مسجد بيت المقدس بالذراع الملكي ويقال إنه ذراع سليمان (عليه السلام) وهو ثلاثة أشبار سبعمائة وخمس وخمسون ذراعا، وفيه من الأساطين ستمائة وأربع وثمانون أسطوانة، والعمد التي في قبة الصخرة ثلاثون عمودا، وفيه خمسة آلاف قنديل).


وفي النجوم الزاهرة: 1/ 188: (وسبب بناء عبد الملك أن عبد الله بن الزبير لما دعا لنفسه بمكة فكان يخطب في أيام منى وعرفة وينال من عبد الملك، ويذكر مثالب بني أمية ويذكر أن جده الحكم كان طريد رسول الله ولعينه، فمال أكثر أهل الشأم إلى ابن الزبير فمنع عبد الملك الناس من الحج فضجوا، فبنى لهم القبة على الصخرة والجامع الأقصى ليصرفهم بذلك عن الحج والعمرة فصاروا يطوفون حول الصخرة كما يطوفون حول الكعبة وينحرون يوم العيد ضحاياهم وصار أخوه عبد العزيز بن مروان صاحب مصر يعرف بالناس بمصر ويقف بهم يوم عرفة....

 

واستمر منع المسلمين من الحج إلى مكة وتوجيههم إلى القدس إلى أن قتل عبد الله بن الزبير سنة 73 وربما بعده، ففي أخبار الدولة العباسية/ 107: (وحج الناس في تلك السنة وهي سنة ست وستين على ثلاثة منازل: محمد بن علي في أصحابه على حدة، وعبد الله بن الزبير في أصحابه على حدة، ونجدة بن عامر الحروري في أصحابه على حدة). انتهى.


ولم يذكر أهل الشام ومصر! وشاعت إسرائيليات كعب وتلاميذه! فزعم كعب الأحبار أن الله تعالى وضع رجله على صخرة بيت المقدس! روى الطبري في تفسيره: 16/ 262: (عن عروة قال: كنا قعودا عند عبد الملك حين (قال) قال كعب: إن الصخرة موضع قدم الرحمن يوم القيامة، فقال (...): كذب كعب إنما الصخرة جبل من الجبال، إن الله يقول: ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا. فسكت عبد الملك). انتهى.


وقد وضعنا (قال) بين قوسين لأن القائل لا يمكن أن يكون كعب الذي مات سنة 34، بل القائل عبد الملك نقل قول كعب وتبناه، فرده أحد الجالسين فسكت خوفا من اتهامه باليهودية! وفي حلية الأولياء: 6/ 20: (عن كعب قال: إن الله تعالى نظر إلى الأرض فقال إني واط على بعضك، فاستعلت إليه الجبال وتضعضعت له الصخرة فشكر لها ذلك فوضع عليها قدمه! فقال: هذا مقامي ومحشر خلقي وهذه جنتي وهذه ناري وهذا موضع ميزاني وأنا ديان الدين). (وفضائل بيت المقدس/ 59).

 

وزعم كعب أن من صلى عند الصخرة فله ثواب الحج! أخذ كعب التعبير النبوي لمن حج البيت وجعله للصخرة! ففي نهاية الإرب/ 225: (قال: من أتى بيت المقدس فصلى عن يمين الصخرة وشمالها ودعا عند موضع السلسلة وتصدق بما قل أو كثر استجيب دعاؤه وكشف الله حزنه وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وإن سأل الله الزيادة أعطاه). (وفضائل القدس/ 23).


وفي تاريخ دمشق: 59/ 250، عن كعب أيضا: (قام سليمان بن داود على هذه الصخرة ثم استقبل القدس كله ودعا الله بثلاث، فأراه الله تعجيل إجابته إياه في دعوتين وأرجو أن يستجيب له في الآخرة فقال: اللهم هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب فأعطاه الله ذلك، وقال اللهم هب لي ملكا وحكما يوافق حكمك ففعل الله ذلك به، ثم قال: اللهم لا يأتي هذا المسجد أحد يريد الصلاة فيه إلا أخرجته من خطيئته كيوم ولدته أمه). (ونهاية الإرب/ 225).

وزعم كعب أن كل مياه الأرض تنبع من تحت الصخرة! في تاريخ دمشق: 1/ 152: (وقال كعب: ما شرب ماء عذب قط إلا ما يخرج من تحت هذه الصخرة! حتى أن العين التي بدارين ليخرج ماؤها من تحت هذه الصخرة)! (تفسير القرطبي: 11/ 305، وأبي السعود: 6/ 5، والسيرة الحلبية: 2/ 82).

 

وكتاب تاريخ بيت المقدس لابن الجوزي وفضائل بيت المقدس لضياء الدين المقدسي ولو أن مؤلفيهما كتبا في العصر العباسي الثاني في القرنين السادس والسابع الميلادي على التوالي وكلك كتاب إتحاف إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى حافلة بالأحاديث الملفقة من ذلك الزمان زمن الأمويين لدرجة مساواة الحج إلى بيت المقدس بالحج إلى كعبة مكة وأنه يكفر عن ذنوب الإنسان كمثل العقيدة الكفارية الخاصة بالحج إلى الكعبة! وهي أحاديث مذكورة بدون أسانيد بطريقة إخبارية ذكرتني بطريقة مسند الربيع الخاص بالإخوة الإباضية.

 

عن ابن عمر قال النبي: الصلاة في بيت المقدس خير من ألف صلاة


عن أبي المهاجر قال النبي: من صلى في بيت المقدس غفرت ذنوبه كلها 


عن أنس بن مالك قال النبي: صلاة الرجل في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة


وعن أنس أيضا قال النبي: من صلى في بيت المقدس خمس صلوات نافلة ..فقد اشترى نفسه من الله تبارك وتعالى وليس للنار عليه سلطان


عن أبي أمامة الباهلي: من حج واعتمر وصلى في بيت المقدس جاهزون ابط فقد استكمل جميع سنتي 

وعن مكحول قال: من خرج إلى بيت المقدس لغير حاجة إلى الصلاة فيصلي فيه خمس صلوات ..خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه


وعن مكحول أيضا: من زار بيت المقدس شوقا إليه دخل الجنة مدللا ورفادة جميع الأنبياء في الجنة 


وعن مكحول أيضا: من صلى في بيت المقدس ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه

وعن مكحول أيضا:من صلى في بيت المقدس أربع ركعات مر على الصراط كالبرق الخاطف وأعطى أمانا من الفزع الأكبر يوم القيامة


وعن مكحول أيضا: من صلى في بيت المقدس ست ركعات أعطى مائة دعوة مستجابة أدناها براءة من النار ووجبت له الجنة، من صلى في بيت المقدس ثمان ركعات كان رفيق إبراهيم الخليل عليه السلام

 

عن الحسن البصري قال: من تصدق في بيت المقدس بدرهم كان فداؤه من النار ومن تصدق برغيف كان كمن تصدق بجبال الأرض ذهبا


وعن مقاتل قال: من صام يوما في بيت المقدس كان له براءة من النار


وعن مقاتل أيضا: كل ليلة ينزل سبعون ألف ملك من السماء إلى الأرض إلى مسجد بيت المقدس يهللون الله ويسبحونه ويقدسونه ويحمدون الله لا يعودون إلى يوم القيامة.


وعن مقاتل أيضا: إذ قال لعبد لصاحبه انطلق بنا إلى بيت المقدس يقول الله تعالى: يا ملائكتي أشهدوا أني غفرت لهما قبل أن يخرجا هذا إذا كانا لا يعدان على الذنوب .


وعن مقاتل أيضا قال: أن الله تعالى تكفل لمن سكن بيت المقدس بالرزق إن فاته المال، ومن مات مقيماً محتسباً في بيت المقدس فكأنما مات في في السماء، ومن مات حولها فكأنما مات فيها، وما نقص من الأرض زيد في بيت المقدس والماء العذبة كلها تخرج من تحت صخرة بيت المقدس والأرض المقدسة...إلخ

 

عن السدي: إلياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت المقدس ويوافيان الموسم كل عام.


عن عمر المزني قال النبي: الصخرة من الجنة (يقصد قبة الصخرة)


وعن علي بن أبي طالب قال النبي: سيد البقاع بيت المقدس

وعن ابن عباس : صخرة بيت المقدس من صخور الجنة.


وعن دهب قال: يقول الله تعالى: الصخرة بيت المقدس فيك جنتي وناري وفيك جزائي وعقابي فطوبى عن زارك

وعن عبادة بن الصامت قال النبي: صخرة بيت المقدس على نخلة، والنخلة على نهر من أنهار الجنة، وتحت النخلة آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران ينظمان سموطا لأهل الجنة إلى يوم القيامة


وعن أبي هريرة قال النبي : الأنهار كلها والرياح من تحت صخرة بيت المقدس

 

عن عبدالله بن عمرو قال النبي :أيما عبد أتى بيت المقدس لا يريد إلا الصلاة فيه أن يكون من خطيئته كيوم ولدته أمه


وعن ميمونة بنت الحارث قلت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس قال أرض المحشر والمنشر إيتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة فيما سواه


وعن أبي بن كعب: ما من ماء عذب إلا يخرج من تحت صخرة بيت المقدس.

 

وعن أبي هريرة قال الرسول: من مات في بيت المقدس فكأنما مات في السماء

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

6644- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ فِي حَائِطٍ لَهُ بِالطَّائِفِ يُقَالُ لَهُ : الْوَهْطُ ، وَهُوَ مُخَاصِرٌ فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ ، يُزَنُّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ ، فَقُلْتُ : بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ : أَنَّه مَنْ شَرِبَ شَرْبَةَ خَمْرٍ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ تَوْبَةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، وَأَنَّ الشَّقِيَّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ لاَ يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ فِيهِ ، خَرَجَ مِنْ خَطِيئَتِهِ مِثْلَ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ، فَلَمَّا سَمِعَ الْفَتَى ذِكْرَ الْخَمْرِ ، اجْتَذَبَ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ ، ثُمَّ انْطَلَقَ ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو : إِنِّي لاَ أُحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ شَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ شَرْبَةً لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ ، قَالَ : فَلاَ أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ ، أَوْ فِي الرَّابِعَةِ ، فَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدْغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

6644م- قَالَ وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ ، اهْتَدَى ، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ، ضَلَّ فَلِذَلِكَ أَقُولُ : جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

6644م- وسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَأَلَ اللَّهَ ثَلاَثًا ، أَعْطَاهُ اثْنَتَيْنِ ، وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ تَكُونَ لَهُ الثَّالِثَةُ : فَسَأَلَهُ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ، وَسَأَلَهُ مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، وَسَأَلَهُ أَيُّمَا رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ خَرَجَ مِنْ خَطِيئَتِهِ مِثْلَ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ، فَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الديلمي -وهو عبد الله بن فيروز-، فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة.

وهذا الحديث هو في الحقيقة ثلاثة أحاديث، وقد أخرجه بطوله الحاكم في "المستدرك" 1/30-31 من طريق معاوية بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم أيضاً 1/30-31 من طريق الوليد بن مزيد البيروتي ومحمد بن كثير المصيصي، كلاهما عن الأوزاعي، به.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة، وقد احتجا بجميع رواته! ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علة. وقال الذهبي: على شرطهما، ولا علة له.

قلنا: ابن الديلمي لم يخرج له الشيخان، ولا أحدهما.

وأخرجه الخطيب البغدادي في "الرحلة في طلب الحديث" (47) من طريق معن بن عيسى، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، به، لكنه أورد القسم الأول منه مختصراً.

.... والقسم الثالث -وهو سؤال سليمان عليه السلام- اخرجه ابنُ حبان (1633) و (6420) من طريق الوليد بن مسلم، والفسوي 2/293 من طريق الوليد بن مزيد، والحاكم في "المستدرك" 2/434 من طريق بشر بن بكر، ثلاثتهم عن الأوزاعي، به.

وأخرجه الفسوي أيضاً 2/291، ومن طريقه الخطيب في "الرحلة" (47) عن عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، به. وفيه زيادة يحيى بن أبي عمرو السيباني مع ربيعة بن يزيد.

وأخرجه الفسوي 2/292، ومن طريقه الخطيب في "الرحلة" (48) من طريق عروة بن رويم، عن ابن الديلمي، به، نحوه.

وأخرجه النسائي 2/34 عن عمرو بن منصور، عن أبي مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن ابن الديلمي، به. ففي هذا الإسناد زيادةُ أبي إدريس الخولاني بين ربيعة بن يزيد وابن الديلمي.

وقد قال العلامة أحمد شاكر -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث في "المسند": وهذا الإسناد هو الذي أشار في "التهذيب" 3/264 إلى أن هناك قولاً بأن بين ربيعة بن يزيد وابن الديلمي أبا إدريس الخولاني، وليس أحدُ الإسنادين مُعللاً للآخر، خصوصاً وقد جزم البخاري بأن ربيعة سمع من ابن الديلمي، فلعله سمعه من أبي إدريس الخولاني عن ابن الديلمي، ثم سمعه بعد من ابن الديلمي، فحدث بهذا مرة، وبذاك مرة، ومثل هذا كثير معتمد عند أهل العلم بالحديث.

وأخرجه ابن ماجه (1408) ، وابنُ خزيمة في "صحيحه" (1334) من طريق أيوب بن سويد، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن ابن الديلمي، به.

وأيوب بن سويد ضعفه الأئمة، ومع ذلك فقد صححه ابن خزيمة.

قوله: "لا ينهزه" فُسرت في آخر الحديث، أي: لا يخرجه ولا يريد إلا الصلاة. وأصل النهز: الدفع.

وردْغةُ الخبال: جاء تفسيرُها في الحديث أنها عصارة أهل النار، وجاءت في رواية: طينة الخبال، والردْغة، لغة: طين ووحل كثير، والخبال في الأصل: الفساد، ويكون في الأفعال والأبدان والعقول.

 

20344 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا الْمُشْمَعِلُّ بْنُ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْعَجْوَةُ وَالصَّخْرَةُ "، أَوْ قَالَ: " الْعَجْوَةُ وَالشَّجَرَةُ فِي الْجَنَّةِ "، شَكَّ الْمُشْمَعِلُّ.

 

إسناده صحيح. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث، والمشمعل بن عمرو المزني، يقال له أيضاً: المشمعل بن إياس.

وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/120 و203 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد. وانظر (20341) .

 

20345 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا الْمُشْمَعِلُّ بْنُ إِيَاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ عَمْرٍو الْمُزَنِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْعَجْوَةُ وَالصَّخْرَةُ مِنَ الْجَنَّةِ "

 

إسناده صحيح. وسيتكرر برقم (20650) .

وأخرجه الحاكم 3/588 و4/120 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (3456) ، والمزي في ترجمة رافع بن عمرو من "تهذيب الكمال" 9/34 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به.

وانظر (20341) .

 

وعلى الرغم من وجود قداسة أسطورية لبيت المقدس والقدس في القرآن كما في سورة الإسراء وغيرها، لك هذه الأحاديث الآنفة ملفقة وفيها مبالغات لم يقلها محمد على أي حال. ولا شك أن علماء الحديث واعن بأن بعض هذه الأحاديث المساوية لبيت المقدس بالكعبة ملفقة، لكن غير واعين لبعضها الآخر مثل ما رواه البخاري وهو في مسلم وأحمد وغيرهم:

 

1189- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى

 

1197 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ بِأَرْبَعٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي قَالَ لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إِلَّا مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ وَلَا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي

وقال الشيعة الاثناعشرية:

 

في التوحيد للصدوق/ 179: (عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): يا جابر ما أعظم فرية أهل الشام على الله عز وجل! يزعمون أن الله تبارك وتعالى حيث صعد إلى السماء وضع قدمه على صخرة بيت المقدس! ولقد وضع عبد من عباد الله قدمه على حجر فأمرنا الله تبارك وتعالى أن نتخذه مصلى. يا جابر إن الله تبارك وتعالى لا نظير له ولا شبيه، تعالى عن صفة الواصفين وجل عن أوهام المتوهمين، واحتجب عن أعين الناظرين، لا يزول مع الزائلين، ولا يأفل مع الآفلين، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير(



وفي الكافي: 4/ 239: (عن زرارة قال: كنت قاعدا إلى جنب أبي جعفر (الإمام الباقر (عليه السلام) وهو محتب مستقبل الكعبة فقال: أما إن النظر إليها عبادة، فجاءه رجل من بجيلة يقال له عاصم بن عمر فقال لأبي جعفر: إن كعب الأحبار كان يقول: إن الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة، فقال أبو جعفر: فما تقول فيما قال كعب؟ فقال: صدق، القول ما قال كعب! فقال أبو جعفر: كذبت وكذب كعب الأحبار معك! وغضب! قال زرارة: ما رأيته استقبل أحدا بقول كذبت غيره ثم قال: ما خلق الله عز وجل بقعة في الأرض أحب إليه منها ثم أومأ بيده نحو الكعبة ولا أكرم على الله عز وجل منها، لها حرم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والأرض، ثلاثة متوالية للحج: شوال وذو العقدة وذو الحجة، وشهر مفرد للعمرة وهو رجب.)

 

وللشيعة بدعهم كذلك في تقديس كربلاء درجة رفع مكانتها أكثر من مكانة الكعبة!

 

منتخب البصائر : بإسناده إلى المفضل بن عمر ، عن الصادق عليه السلام قال : إن بقاع الارض تفاخرت ، ففخرت الكعبة على البقعة بكربلاء فأوحى الله إليها : اسكتي ولا تفخري عليها فإنها البقعة المباركة التي نودي موسى منها من الشجرة .

 

[تهذيب الأحكام] محمد بن أحمد بن داود عن الحسن بن محمد عن حميد بن زياد عن أحمد بن محمد عن محمد بن يزيد عن أحمد بن الفضل عن علي بن معمر عن بعض أصحابنا قال قلت لأبي عبد الله (ع) إن فلانا أخبرني أنه قال لك إني حججت تسع عشرة حجة و تسع عشرة عمرة فقلت له حج حجة أخرى و اعتمر عمرة أخرى تكتب لك زيارة قبر الحسين (ع) فقال أيما أحب إليك أن تحج عشرين حجة و تعتمر عشرين عمرة أو تحشر مع الحسين (ع) فقلت لا بل أحشر مع الحسين ع قال فزر أبا عبد الله (ع) .

 

كتاب مقتضب الاثر لاحمد بن محمد بن عياش: ... ثم القائم من بعده ابنه الحسن سيد الشباب وزين الفتيان ، يقتل مسموما يدفن بأرض طيبة في الموضع المعروف بالبقيع . ثم يكون بعده إمام عدل يضرب بالسيف ويقري الضيف، يقتل بالسيف على شاطئ الفرات في الايام الزاكيات ، يقتله بنو الطوامث والبغيات، يدفن بكربلاء ، قبره للناس نور وضياء وعلم . ....

 

[كامل الزيارات] محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن ابن أبي عثمان عن إسماعيل بن عباد عن الحسن بن علي عن أبي سعيد المدائني قال دخلت على أبي عبد الله (ع) فقلت جعلت فداك آتي قبر الحسين قال نعم يا أبا سعيد ائت قبر الحسين بن رسول الله (ص) أطيب الأطيبين و أطهر الطاهرين و أبر الأبرار فإذا زرته كتبت لك اثنتان و عشرون حجة .

كتاب أبي سعيد عباد العصفرى ( 1 ) : عن عمرو ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : خلق الله أرض كربلاء قبل أن يخلق أرض الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام ، وقدسها وبارك عليها فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدسة مباركة ، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنة ، وأفضل منزل و مسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنة .

________________________________________________________________
( 1 ) العصفرى نسبة إلى الصعفر وزان برئن نبات يصبغ به ، قال النجاشى ( ص : 225 ) : عباد ابوسعيد العصفرى كوفى ، كان ابوعبدالله الحسين بن عبيدالله رحمه الله يقول : سمعت اصحابنا يقولون ، إن عبادا هذا هو عباد بن يعقوب ( انتهى ) وجزم به المحدث الثورى رحمه الله في خاتمة المستدركات ، وكيف كان فلم ينص عليه بمدح او قدح ، نعم نقل في تنقيح المقال ( ج 2 ، ص 120 ) عن السيد صدرالدين في تعليقه على منتهى المقال انه قال : انى نظرت في كتاب عباد هذا وهو تسعة عشر حديثا كلها نقية واكثرها تدل على تشيعه ولم أرفيها شيئا ينكر .

 

[كامل الزيارات] أبي عن سعد عن ابن عيسى و محمد بن عبد الحميد و عن يونس بن يعقوب عن أم سعيد الأحمسية قالت قلت لأبي عبد الله (ع) أي شي‏ء تذكر في زيارة قبر الحسين (ع) من الفضل قال نذكر فيه يا أم سعيد فضل حجة و عمرة و خيرها كذا و بسط يده و نكس أصابعه .

[كامل الزيارات] أبي و علي بن الحسين و جماعة مشايخي عن سعد عن ابن سنان عن أبي سعيد القماط عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لرجل من مواليه يا فلان أ تزور قبر أبي عبد الله الحسين بن علي (ع) قال نعم إني أزوره بين ثلاث سنين مرة فقال له و هو مصفر وجهه أما و الله الذي لا إله إلا هو لو زرته كان أفضل مما أنت فيه فقال له جعلت فداك أ كل هذا الفضل فقال نعم و الله لو أني حدثتكم بفضل زيارته و بفضل قبره لتركتم الحج رأسا و ما حج منكم أحد ويحك أ ما علمت أن الله اتخذ كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما قال ابن أبي يعفور فقلت له قد فرض الله على الناس حج البيت و لم يذكر زيارة قبر الحسين (ع) فقال و إن كان كذلك فإن هذا شي‏ء جعله الله هكذا أ ما سمعت قول أبي أمير المؤمنين حيث يقول إن باطن القدم أحق بالمسح من ظاهر القدم و لكن الله فرض هذا على العباد أ و ما علمت أن الموقف لو كان في الحرم كان أفضل لأجل الحرم و لكن الله صنع ذلك في غير الحرم .

 

[ثواب الأعمال] أبي عن سعد عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن محمد بن صدقة عن صالح النيلي عن أبي عبد الله (ع) قال من أتى قبر الحسين (ع) عارفا بحقه كان كمن حج مائة حجة مع رسول الله ص .

 

[ثواب الأعمال] بهذا الإسناد عن ابن صدقة عن مالك بن عطية عن أبي عبد الله (ع) قال من زار قبر أبي عبد الله (ع) كتب الله له ثمانين حجة مبرورة .

 

[ثواب الأعمال] أبي عن الحميري عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبي سعيد المدائني قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك آتي قبر الحسين (ع) قال نعم يا أبا سعيد ائت قبر ابن رسول الله أطيب الطيبين و أطهر الأطهرين و أبر الأبرار و إذا زرته كتب الله لك عتق خمس و عشرين رقبة .

 

[كامل الزيارات] أبو العباس عن محمد بن الحسين مثله .

 

[كامل الزيارات] أبي عن عدة من أصحابنا عن سعد عن ابن عيسى عن محمد بن إسماعيل مثله .

[ثواب الأعمال] أبي عن سعد عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن بشير الدهان قال قال أبو عبد الله (ع) أيما مؤمن زار الحسين بن علي (ع) عارفا بحقه في غير يوم عيد كتبت له عشرون حجة و عشرون عمرة مبرورات متقبلات و عشرون غزوة مع نبي مرسل و إمام عادل .

 

[كامل الزيارات] أبي و ابن الوليد معا عن سعد عن اليقطيني عن صفوان و جعفر بن عيسى عن الحسين بن أبي غندر عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) قال كان الحسين بن علي (ع) ذات يوم في حجر النبي (ص) يلاعبه و يضاحكه فقالت عائشة يا رسول الله ما أشد إعجابك بهذا الصبي فقال لها ويلك و كيف لا أحبه و لا أعجب به و هو ثمرة فؤادي و قرة عيني أما إن أمتي ستقتله فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي قالت يا رسول الله حجة من حججك قال نعم و حجتين من حججي قالت يا رسول الله حجتين من حججك قال نعم و أربعة قال فلم تزل تزاده و يزيد و يضعف حتى بلغ تسعين حجة من حجج رسول الله (ع) بأعمارها .

 

[الأمالي للشيخ الطوسي] الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن علي بن حبشي عن العباس بن محمد بن الحسين عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن الحسين بن أبي غندر مثله .

 

[قرب الإسناد] عنهما عن حنان قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في زيارة قبر الحسين صلوات الله عليه فإنه بلغنا عن بعضكم أنه قال تعدل حجة و عمرة قال فقال ما أضعف هذا الحديث ما تعدل هذا كله و لكن زوروه و لا تجفوه فإنه سيد شباب الشهداء و سيد شباب أهل الجنة و شبيه يحيى بن زكريا و عليهما بكت السماء و الأرض .

 بيان : لعل المراد أنها لا تعدل الواجبين من الحج و العمرة و الأظهر أنه محمول على التقية .

 

[كامل الزيارات] محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن أبي داود المسترق عن أم سعيد الأحمسية قال كنت عند أبي عبد الله (ع) و قد بعثت من يكتري لي حمارا إلى قبور الشهداء فقال ما يمنعك من سيد الشهداء قالت قلت و من هو قال الحسين بن علي قالت قلت و ما لمن زاره قال عمرة و حجة مبرورة و من الخير كذا و كذا ثلاث مرات بيده .

 

[كامل الزيارات] سالم بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله ( ع ) قال من بات ليلة النصف من شعبان بأرض كربلاء فقرأ ألف مرة قل هو الله أحد و يستغفر الله ألف مرة و يحمد الله ألف مرة ثم يقوم فيصلي أربع ركعات يقرأ في كل ركعة ألف مرة آية الكرسي وكل الله به ملكين يحفظانه من كل سوء و من شر كل شيطان و سلطان و يكتبان له حسناته و لا يكتب عليه سيئة و يستغفران له ما داما معه ما شاء الله .

 

[كامل الزيارات] علي بن الحسين عن الحميري عن ابن عيسى عن محمد بن سنان عن محمد بن صدقة عن صالح النيلي قال قال أبو عبد الله ع من أتى قبر الحسين (ص) عارفا بحقه كان كمن حج ثلاث حجج مع رسول الله (ص) .

[كامل الزيارات] محمد بن الحسين بن مت الجوهري عن الأشعري عن موسى بن عمر عن علي بن النعمان عن ابن مسكان قال قال أبو عبد الله (ع) إن الله تبارك و تعالى يتجلى لزوار قبر الحسين صلوات الله عليه قبل أهل عرفات و يقضي حوائجهم و يغفر ذنوبهم و يشفعهم في مسائلهم ثم يثني بأهل عرفات فيفعل ذلك بهم .

 

[كامل الزيارات] أبي عن أحمد بن إدريس عن العمركي عن صندل عن ابن فرقد قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما لمن زار الحسين (ع) في كل شهر من الثواب قال له من الثواب ثواب مائة ألف شهيد مثل شهداء بدر .

 

[ثواب الأعمال] ابن الوليد عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن الخيبري عن موسى بن القاسم الحضرمي قال قدم أبو عبد الله (ع) في أول ولاية أبي جعفر فنزل النجف فقال يا موسى اذهب إلى الطريق الأعظم فقف على الطريق فانظر فإنه سيجيئك رجل من ناحية القادسية فإذا دنا منك فقل له هاهنا رجل من ولد رسول الله (ص) يدعوك فسيجي‏ء معك قال فذهبت حتى قمت على الطريق و الحر شديد فلم أزل قائما حتى كدت أعصي و أنصرف و أدعه إذ نظرت إلى شي‏ء مقبل شبه رجل على بعير قال فلم أزل أنظر إليه حتى دنا مني فقلت له يا هذا هاهنا رجل من ولد رسول الله (ص) يدعوك و قد وصفك لي قال اذهب بنا إليه قال فجئته حتى أناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة قال فدعا به فدخل الأعرابي إليه فدنوت أنا فصرت على باب الخيمة أسمع الكلام و لا أراهما فقال أبو عبد الله (ع) من أين قدمت قال من أقصى اليمن قال فأنت من موضع كذا و كذا قال نعم أنا من موضع كذا و كذا قال فيما جئت هاهنا قال جئت زائرا للحسين (ع) فقال أبو عبد الله (ع) فجئت من غير حاجة ليس إلا الزيارة قال جئت من غير حاجة ليس إلا أن أصلي عنده و أزوره و أسلم عليه و أرجع إلى أهلي قال له أبو عبد الله (ع) و ما تروون في زيارته قال نروي في زيارته أنا نرى البركة في أنفسنا و أهالينا و أولادنا و أموالنا و معايشنا و قضاء حوائجنا قال فقال له أبو عبد الله (ع) أ فلا أزيدك من فضله فضلا يا أخا اليمين قال زدني يا ابن رسول الله قال إن زيارة أبي عبد الله (ع) تعدل حجة مقبولة متقبلة زاكية مع رسول الله ص فتعجب من ذلك فقال إي و الله و حجتين مبرورتين متقبلتين زاكيتين مع رسول الله ص فتعجب من ذلك فلم يزل أبو عبد الله (ع) يزيد حتى قال ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية مع رسول الله (ص) .

 

[كامل الزيارات] محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين مثله .

 

[كامل الزيارات] أبي و جماعة مشايخي عن سعد عن الحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر عن أبان عن الحسن بن عطية قال سمعت أبا عبد الله (ع) و هو يقول من أتى قبر الحسين (ع) كتب الله له حجة و عمرة أو عمرة و حجة و ذكر الحديث .

 

[كامل الزيارات] محمد بن الحسن بن علي عن أبيه عن جده علي بن مهزيار عن أبي القاسم عن القاسم بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي خارجة قال سأل رجل أبا عبد الله (ع) في حديث طويل يقول في آخره بأبي أنت و أمي رووا عن أبيك في الحج قال نعم حجة و عمرة حتى عد عشرة .

 

[كامل الزيارات] أبي و جماعة مشايخي عن محمد العطار عن العمركي عمن حدثه عن محمد بن الحسن عن محمد بن فضيل عن محمد بن مصادف قال حدثني مالك الجهني عن أبي جعفر (ع) في زيارة قبر الحسين (ع) قال من أتاه زائرا له عارفا بحقه كتب الله له حجة و لم يزل محفوظا حتى يرجع قال فمات مالك في تلك السنة فحججت فدخلت على أبي عبد الله (ع) فقلت إن مالكا حدثني بحديث عن أبي جعفر (ع) في زيارة قبر الحسين (ع) قال هاته فحدثته فلما فرغت قال نعم يا محمد حجة و عمرة .

 

[كامل الزيارات] بهذا الإسناد عن يونس عن الرضا (ع) قال من زار الحسين ع فقد حج و اعتمر قال قلت يطرح عنه حجة الإسلام قال لا هي حجة الضعيف حتى يقوى و يحج إلى بيت الله الحرام أ ما علمت أن البيت يطوف به كل يوم سبعون ألف ملك حتى إذا أدركهم الليل صعدوا و نزل غيرهم فطافوا بالبيت حتى الصباح و إن الحسين لأكرم على الله من البيت و إنه في وقت كل صلاة لينزل عليه سبعون ألف ملك شعث غبر لا تقع النوبة إلى يوم القيامة .

 

[كامل الزيارات] محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن يزيد بن عبد الملك قال كنت مع أبي عبد الله (ع) فمر قوم على حمر قال أين يريد هؤلاء قلت قبور الشهداء قال فما يمنعهم من زيارة الشهيد الغريب فقال له رجل من أهل العراق و زيارته واجبة قال زيارته خير من حجة و عمرة حتى عد عشرين حجة و عمرة ثم قال مبرورات متقبلات قال فو الله ما قمت من عنده حتى أتاه رجل فقال له إني قد حججت تسعة عشر حجة فادع الله لي أن يرزقني تمام العشرين قال فهل زرت قبر الحسين قال لا قال إن زيارته خير من عشرين حجة .

 

بحار الأنوار ج45 ص 315: ....وإنما فتح الفساد بقتل هابيل بن آدم ، وختم بقتل الحسين عليه السلام أو لاتعلمون أنه يفتح يوم قتله أبواب السماوات ويؤذه السماء بالبكاء فتبكي دما فإذا رأيتم الحمرة في السماء قد ارتفعت ، فاعلموا أن السماء تبكي حسينا فقيل : ياكعب لم لاتفعل السماء كذلك ولاتبكي دما لقتل الانبياء ممن كان أفضل من الحسين ؟ فقال : ويحكم إن قتل الحسين أمر عظيم وإنه ابن سيد المرسلين ، وإنه يقتل علانية مبارزة ظلما وعدوانا ولاتحفظ فيه وصية جده رسول الله وهو مزاج مائه وبضعة من لحمه ، يذبح بعرصة كربلا فو الذي نفس كعب بيده لتبكينه زمرة من الملائكة في السماوات السبع ، لايقطعون بكاءهم عليه إلى آخر الدهر ، وإن البقعة التي يدفن فيها خيرالبقاع ، ومامن نبي إلا ويأتي إليها ويزورها ويبكي على مصابه ، ولكربلا في كل يوم زيارة من الملائكة والجن والانس فاذا كانت ليلة الجمعة ينزل إليها تسعون ألف ملك يبكون على الحسين ، ويذكرون فضله وإنه يسمى في السماء حسينا المذبوح وفي الارض أباعبدالله المقتول....

 

بحار الأنوار ج53:  باب 28 : ما يكون عند ظهوره عليه السلام برواية المفضل بن عمر / أقول : روي في بعض مؤلفات أصحابنا ، عن الحسين بن حمدان ، عن محمد ابن إسماعيل وعلي بن عبدالله الحسني ، عن ابي شعيب [ و ] محمد بن نصير ، عن عمر بن الفرات ، عن محمد بن المفضل ، عن المفضل بن عمر قال : سألت سيدي الصادق عليه السلام هل للمأمور المنتظر المهدي عليه السلام من وقت موقت يعلمه الناس ؟ فقال : حاش لله أن يوقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا..... قال المفضل : يا مولاي كل المؤمنين يكونون بالكوفة ؟ قال : إي والله لا يبقى مؤمن إلا كان بها أو حواليها ، وليبلغن مجالة فرس منها ألفي درهم وليودن أكثر الناس أنه اشترى شبرا من ارض السبع بشبر من ذهب ، والسبع خطة من خطط همدان ، وليصيرن الكوفة أربعة وخمسين ميلا وليجاورن قصورها كربلا ، وليصيرن الله كربلاء معقلا ومقاما تختلف فيه الملائكة والمؤمنون وليكونن لها شأن من الشاآ ، وليكونن فيها من البركات ما لو وقفم مؤمن ودعا ربه بدعوة لاعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملك الدنيا ألف مرة .
ثم تنفس أبوعبدالله عليه السلام وقال : يا مفضل إن بقاع الارض تفاخرت : ففخرت كعبة البيت الحرام ، على بقعة كربلا ، فأوحى الله إليها أن اسكتي كعبة البيت الحرام ، ولا تفتخري على كربلا ، فانها البقعة المباركة التي نودي موسى منها من الشجرة ، وإنها الربوة التي أويت إليها مريم والمسيح وإنها الدالية ( 1 ) التي غسل فيها رأس الحسين عليه السلام وفيها غسلت مريم عيسى عليه السلام واغتسلت من ولادتها وإنها خير بقعة عرج رسول الله صلى الله عليه وآله منها وقت غيبته ، وليكونن لشيعتنا فيها خيرة إلى ظهور قائمنا عليه السلام ....

 

[إقبال الأعمال] عن شيخ الطائفة فيما رواه عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله ع قال من بات عند قبر الحسين ع ليلة عاشوراء لقي الله يوم القيامة ملطخا بدمه و كأنما قتل معه في عرصة كربلاء .

 

[كامل الزيارات] أبي عن الحسن بن متيل عن عمران بن موسى عن الجاموراني عن ابن البطائني عن ابن عميرة عن صندل عن هارون بن خارجة قال قال أبو عبد الله (ع) ما أحد يشرب من ماء الفرات و يحنك به إذا ولد إلا أحبنا لأن الفرات نهر مؤمن .

 

بحار الأنوار ج97 ص 281 وبعدها: زيارة أخرى رواها المفيد و السيد و الشهيد و غيرهم رضي الله عنهم عن صفوان و اللفظ للمفيد قال سألت الصادق (ع) فقلت كيف تزور أمير المؤمنين (ع) فقال يا صفوان إذا أردت ذلك فاغتسل و البس ثوبين طاهرين و نل شيئا من الطيب و إن لم تنل أجزأك فإذا خرجت من منزلك فقل اللهم إني خرجت من منزلي أبغي فضلك و أزور وصي نبيك صلواتك عليهما اللهم فيسر ذلك لي و سبب المزار له و اخلفني في عاقبتي و حزانتي بأحسن الخلافة يا أرحم الراحمين فسر و أنت تحمد الله و تسبحه و تهلله فإذا بلغت الخندق فقف عنده و قل الله أكبر الله أكبر أهل الكبرياء و المجد و العظمة الله أكبر أهل التكبير و التقديس و التسبيح و الآلاء الله أكبر مما أخاف و أحذر الله أكبر عمادي و عليه أتوكل الله أكبر رجائي و إليه أنيب اللهم أنت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي و ما تضمره هواجس الصدور و خواطر النفوس فأسألك بمحمد المصطفى الذي قطعت به حجج المحتجين و عذر المعتذرين و جعلته رحمة للعالمين أن لا تحرمني زيارة وليك و أخي نبيك أمير المؤمنين و قصده و تجعلني من وفده الصالحين و شيعته المتقين برحمتك يا أرحم الراحمين فإذا تراءت لك القبة الشريفة فقل الحمد لله على ما اختصني به من طيب المولد و استخلصني إكراما به من موالاة الأبرار السفرة الأطهار و الخيرة الأعلام اللهم فتقبل سعيي إليك و تضرعي بين يديك و اغفر لي الذنوب التي لا تخفى عليك إنك أنت الله الملك الغفار فإذا نزلت الثوية و هي الآن تل بقرب الحنانة عن يسار الطريق لمن يقصد من الكوفة إلى المشهد فصل عندها ركعتين لما روي أن جماعة من خواص مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه و آله دفنوا هناك و قل ما تقول عند رؤيا القبة الشريفة فإذا بلغت العلم و هي الحنانة فصل هناك ركعتين فقد روى محمد بن أبي عمير عن المفضل بن عمر قال جاز الصادق (ع) بالقائم المائل في طريق الغري فصلى ركعتين فقيل له ما هذه الصلاة فقال هذا موضع رأس جدي الحسين بن علي ع وضعوه هاهنا لما توجهوا من كربلاء ثم حملوه إلى عبيد الله بن زياد لعنه الله فقل هناك اللهم إنك ترى مكاني و تسمع كلامي و لا يخفى عليك شي‏ء من أمري و كيف يخفى عليك ما أنت مكونه و بارئه و قد جئتك مستشفعا بنبيك نبي الرحمة و متوسلا بوصي رسولك فأسألك بهما ثبات القدم و الهدى و المغفرة في الدنيا و الآخرة .

 

أقول إن زار الحسين (ع) في الحنانة بما سنرويه عن محمد بن المشهدي بعد إيراد ما ذكروه و صلى عندها أربع ركعات كما فعله الصادق ع كان حسنا .

 

ثم قالوا فإذا بلغت إلى باب الحصن فقل الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ الحمد لله الذي صيرني في بلاده و حملني على دوابه و طوى لي البعيد و صرف عني المحذور و دفع عني المكروه حتى أقدمني أخا رسوله (ص) ثم ادخل و قل الحمد لله الذي أدخلني هذه البقعة المباركة التي بارك الله فيها و اختارها لوصي نبيه اللهم فاجعلها شاهدة لي فإذا بلغت إلى الباب الأول فقل اللهم لبابك وقفت و بفنائك نزلت و بحبلك اعتصمت و برحمتك تعرضت و بوليك صلواتك عليه توسلت فاجعلها زيارة مقبولة و دعاء مستجابا فإذا بلغت باب الصحن فقل اللهم إن هذا الحرم حرمك و المقام مقامك و أنا أدخل إليه أناجيك بما أنت أعلم به مني و من سري و نجواي الحمد لله الحنان المنان المتطول الذي من تطوله سهل لي زيارة مولاي بإحسانه و لم يجعلني عن زيارته ممنوعا و لا عن ولايته مدفوعا بل تطول و منح اللهم كما مننت علي بمعرفته فاجعلني من شيعته و أدخلني الجنة بشفاعته يا أرحم الراحمين ثم ادخل الصحن و قل الحمد لله الذي أكرمني بمعرفته و معرفة رسوله و من فرض علي طاعته رحمة منه لي و تطولا منه علي و من علي بالإيمان الحمد لله الذي أدخلني حرم أخي رسوله و أرانيه في عافية الحمد لله الذي جعلني من زوار قبر وصي رسوله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله جاء بالحق من عند الله و أشهد أن عليا عبد الله و أخو رسول الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله و الله أكبر و الحمد لله على هدايته و توفيقه لما دعا إليه من سبيله اللهم إنك أفضل مقصود و أكرم مأتي و قد أتيتك متقربا إليك بنبيك نبي الرحمة و بأخيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فصل على محمد وآل محمد و لا تخيب سعيي و انظر إلي نظرة رحيمة تنعشني بها و اجعلني عندك وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ثم امش حتى تقف على الباب في الصحن و قل السلام على رسول الله أمين الله على وحيه و عزائم أمره الخاتم لما سبق و الفاتح لما استقبل و المهيمن على ذلك كله و رحمة الله و بركاته السلام على صاحب السكينة السلام على المدفون بالمدينة السلام على المنصور المؤيد السلام على أبي القاسم محمد بن عبد الله و رحمة الله و بركاته ثم ادخل و قدم رجلك اليمنى قبل اليسرى و قف على باب القبة و قل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله جاءَ بِالْحَقِّ من عنده وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا حبيب الله و خيرته من خلقه السلام على أمير المؤمنين عبد الله و أخي رسول الله يا مولاي يا أمير المؤمنين عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك جاءك مستجيرا بذمتك قاصدا إلى حرمك متوجها إلى مقامك متوسلا إلى الله تعالى بك أ أدخل يا مولاي أ أدخل يا أمير المؤمنين أ أدخل يا حجة الله أ أدخل يا أمين الله أ أدخل يا ملائكة الله المقيمين في هذا المشهد يا مولاي أ تأذن لي بالدخول أفضل ما أذنت لأحد من أوليائك فإن لم أكن له أهلا فأنت أهل لذلك ثم قبل العتبة و قدم رجلك اليمنى قبل اليسرى و ادخل و أنت تقول بسم الله و بالله و في سبيل الله و على ملة رسول الله (ص) اللهم اغفر لي و ارحمني و تب علي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ثم امش حتى تحاذي القبر و استقبله بوجهك و قف قبل وصولك إليه و قل السلام من الله على محمد رسول الله أمين الله على وحيه و رسالاته و عزائم أمره و معدن الوحي و التنزيل الخاتم لما سبق و الفاتح لما استقبل و المهيمن على ذلك كله الشاهد على الخلق السراج المنير السلام عليه و رحمة الله و بركاته اللهم صل على محمد و أهل بيته المظلومين أفضل و أكمل و أرفع و أشرف ما صليت على أحد من أنبيائك و رسلك و أصفيائك اللهم صل على أمير المؤمنين عبدك و خير خلقك بعد نبيك و أخي رسولك و وصي حبيبك الذي انتجبته من خلقك..إلخ

 

[ثواب الأعمال] ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن المفضل عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد .

[ثواب الأعمال] ابن الوليد عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن الجاموراني عن ابن البطائني عن أبي بصير قال سمعت الصادق (ع) يقول نعم المسجد مسجد الكوفة صلى فيه ألف نبي و ألف وصي و منه فار التنور و فيه نجرت السفينة ميمنته رضوان الله و وسطه روضة من رياض الجنة و ميسرته مكر فقلت لأبي بصير ما يعني بقوله مكر قال يعني منازل الشيطان .

 

والناظر لنصوص الشيعة الاثناعشرية مقارنة بالشيعة الزيدية الطائفة الأخرى الحية من طوائف الشيعة (بالإضافة إلى بقايا من الشيعة الإسماعيلية وهم باطنية غلاة في التفسير الباطني) يجد أن الاثناعشرية مغالين في التشيع بصورة غير معقولة بعيدة في الكثير عن سنن وطقسيات وشعائر وعقائد محمد والإسلام الأصلية بدورهم.

 

وعلى النقيض كان فريق آخر من رواة وملفقي الأحاديث يلفقون الأحاديث والأوامر المنسوبة إلى محمد بالهجرة إلى الشام (عكس أحاديث لزوم يثرب  المدينة)، إما لاحتلالها وإحلال احتلال العرب بدلا من احتلال الروم البيزنطيين بها، أو لاحقا لدعم الأمويين. روى أحمد:

 

4536 - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا قِلَابَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ أَوْ بِحَضْرَمَوْتَ فَتَسُوقُ النَّاسَ " . قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا تَأْمُرُنَا ؟، قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ"

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. الوليد - وهو ابن مسلم الدمشقي -، ويحيى بن أبي كثير صرحا بالتحديث، فانتفت شبهةُ تدليسهما. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ " 2/303، وأبو يعلى (5551) ، وابن حبان (7305) من طريق الوليد بن مسلم، به. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/302-303 من طريق يحيى بن حمزه، والبغوي في "شرح السنة" (4007) من طريق بقية بن الوليد، كلاهما، عن الأوزاعي، به. وأخرجه ابن طهمان فى "مشيخته" (201) عن الحجاج بن الحجاج الباهلي عن يحيي بن أبي كثير به. وأورده الهيثمي فى "المجمع" 10/61 وقال: رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح. قلنا : فاته أن ينسبه لأحمد وقد رواه الترمذي أيضا كما سنذكر فى تخريج الرواية (5376) ومن ثم فليس من شرطه. وسيأتي بالأرقام (5146) و (5376) و (5738) و (6002). وأخرجه ابن أبي شيبة 15/78 عن أبي عامر العقدي، وفى الباب عن حذيفة ابن أسيد عند مسلم (2901) (40) ، سيرد 4/6، 7.

 

20011 - حدثنا عبد الله بن الحارث، حدثني شبل بن عباد، وابن أبي بكير يعني يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا شبل بن عباد المعنى قال: سمعت أبا قزعة وقال ابن أبي بكير يحدث عمرو بن دينار، (2) يحدث عن حكيم بن معاوية البهزي، عن أبيه، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني حلفت هكذا ونشر أصابع يديه حتى تخبرني ما الذي بعثك الله به ؟ قال: " بعثني الله بالإسلام " . قال: وما الإسلام ؟ قال: " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، أخوان نصيران لا يقبل الله من أحد توبة أشرك بعد إسلامه " . قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوج أحدنا عليه ؟ قال: " تطعمها إذا أكلت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت " . ثم قال: " هاهنا تحشرون . هاهنا تحشرون . هاهنا تحشرون، ثلاثا، ركبانا ومشاة، وعلى وجوهكم توفون يوم القيامة سبعين أمة أنتم آخر الأمم وأكرمها على الله تأتون يوم القيامة وعلى أفواهكم الفدام . أول ما يعرب عن أحدكم فخذه " قال ابن أبي بكير: فأشار بيده إلى الشام فقال: " إلى هاهنا تحشرون

 

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير حكيم- وهو ابن معاوية بن جدة القشيري- وهو صدوق حسن الحديث، وغير والده معاوية بن حيدة، فقد روى لهما أصحاب السنن وعلق لهما البخاري. عبد الله بن الحارث: هو ابن عبد الملك المخزومي، وأبو قزعة: هو سويد بن حجير الباهلي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11431) ، وابن جرير الطبري 5/66 و24/107، والطبراني في "المعجم الكبير" 19/ (1038) من طريق يحيى بن أبي بكير وحده، بهذا الإسناد. ورواية الطبري في الموضع الأول والطبراني مختصرة من قوله: ما حق زوج أحدنا... إلى آخر الحديث. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9180) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/71، والطبراني 19/ (1037) من طريق حجاج الباهلي، والطبراني 19/ (1036) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن أبي قزعة سويد بن حجير، به. واقتصر النسائي على قصة حق الزوجة. وأخرج قصة حق الزوجة وحدها أبو داود (2144) ، والنسائي في "الكبرى" (9151) ، والبيهقي 7/295 من طريق سعيد بن حكيم، عن أبيه حكيم بن  معاوية، به. وسيأتي الحديث بطوله بالأرقام (20022) و (20037) و (20043) . وسيأتي مختصرا بالأرقام (20013) و (20015) و (20018) و (20025) و (20026) و (20027) و (20029) و (20030) و (20031) و (20045) و (20049) و (20050) و (20053) . وفي باب أن الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، عن عمر بن الخطاب، سلف برقم (184) . وعن أبي هريرة، سلف برقم (9501) . وهما في "الصحيح". وعن ابن عباس عند النسائي في "الكبرى" (5202) . وقوله: "لا يقبل الله من أحد توبة أشرك بعد إسلامه" وقع في هذه الرواية وهم، وصوابه ما وقع في رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: "لا يقبل الله من مشرك يشرك بعدما أسلم عملا، أو يفارق المشركين إلى المسلمين" وستأتي برقم (20037) . وقد أجمع المسلمون على قبول توبة المرتد بعد إسلامه إذا تاب ورجع إلى الإسلام. وفي باب حق الزوجة عن جابر ضمن حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف". أخرجه مسلم (1218). وفي باب النهي عن ضرب الوجه وتقبيحه بوجه عام دون حصره بالنساء عن أبي هريرة، سلف برقم (7420) . وفي باب صفة حشر الناس عن أبي هريرة، سلف برقم (8647) . وعن أبي ذر، سيأتي برقم (21456).

 

 

 

 

النبوآت عن ظلم الحكام وتوصية بالاستسلام للظلم

 

روى البخاري:

 

3603 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ

 

يعني حلم كل حاكم مستبد وصاحب عمل ومدير فاسد: للمواطن واجبات وأعباء وتجشمات، وليس له أية حقوق!

 

3604 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهْلِكُ النَّاسَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ قَالَ مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ

 

حلم كل حاكم فاسد: تركه يفسد وينهب بدون أن يثور عليه أحد وبدعم الدين وغلاف القداسة!

 

6494 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَالنُّعْمَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

كما قلت في آخر ج1 بهذا أوصَوْا عثمان بعد فوات الأوان:

 

: "فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ: رَأْيِي لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَأْمُرَهُمْ بِجِهَادٍ يَشْغَلُهُمْ عَنْكَ، وَأَنْ تَجْمُرَهُمْ فِي الْمَغَازِي حَتَّى يَذِلُّوا لَكَ فَلا يَكُونُ هِمَّةُ أَحَدِهِمْ إِلا نَفْسَهُ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنْ دُبْرَةِ دَابَّتِهِ، وَقَمْلِ فَرْوِهِ"

 

كما ورد في كتب التاريخ كالطبري.

 

العرب والمسلمون الأصوليون المتزمتون القدماء كانوا نارًا تأكل بعضها بعضًا إن لم تجد ما تأكلهن طاقة من العنف والهمجية، مجرد أن أهمل عثمان شغلهم هذه الطاقة الهمجية بالحروب الخارجية ارتد العنف عليه سريعًا، وكذلك في المغرب والأندلس إسبانيا فبمجرد التوقف عن الحروب الخارجية شرعوا يتصارعون ما بين عرب وبربر مسلمين، وما بين عرب قيسية وعرب يمينة وهكذا.

 

وروى أحمد:

 

23283 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا كَثِيرٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى حُذَيْفَةَ بِالْمَدَائِنِ لَيَالِيَ سَارَ النَّاسُ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: يَا رِبْعِيُّ، مَا فَعَلَ قَوْمُكَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: عَنْ أَيِّ بَالِهِمْ تَسْأَلُ ؟ قَالَ: مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَسَمَّيْتُ رِجَالًا فِيمَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ وَاسْتَذَلَّ الْإِمَارَةَ لَقِيَ اللهَ وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَهُ ".

 

إسناده حسن، كثير أبو النضر -وهو ابن أبي كثير الكوفي- روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: مستقيم الحديث، ووثقه ابن حبان، وضعفه ابن معين، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين .

وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (449) ، والحاكم 1/119 و3/104 من طريق إسحاق بن سليمان، بهذا الإسناد .

وأخرج ابن أبي شيبة 15/21 و23، والبخاري في "التاريخ الكبير" 4/54، والدُّولابي في "الكنى" 1/166، وأبو نعيم في "الحلية" 1/280 من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، عن سعد بن حذيفة، عن أبيه حذيفة قال: "من فارق الجماعة شبراً فارق الإسلام" . ووقع عند الدولابي مرفوعاً، وإسناده ضعيف . وسعد بن حذيفة روى عنه ثلاثةٌ وذكره ابن حبان في "الثقات" .

وسيأتي مرفوعاً بالأرقام (23284) و (23288) و (23452) .

وفي باب ذم مفارقة الجماعة، عن ابن عمر سلف برقم (5386) وانظر تتمة الشواهد عنده .

 

5386 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، فَلَا حُجَّةَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ، فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ".

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار- وإن خرَج له البخاري - حسن الحديث، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، وسيأتي الحديث مروياً مع قصة برقم (5551) و (6423) ، وهو هناك من رواية زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر، فالظاهر- كما قال الشيخ أحمد شاكر- أن زيد بن أسلم لم يشهد القصة التي شهدها أبوه، فرواها عنه والحديث في ضمنها، وسمع الحديث وحده عن ابن عمر، فرواه عنه دون واسطة. حسن شيخ المصنِّف: هو ابن موسى الأشيب.

وأخرجه الطيالسي (1913) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 3/224 عن خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد.

وأخرج الشطر الثاني منه الطبراني في "الكبير" (13278) من طريق عبد الله بن مسلم بن جندب، عن أبيه، عن ابن عمر. وهذا إسناد جيد.

وأخرجه بنحوه ابن سعد 5/144، والطبراني في "الأوسط" (227) من طريق العطَاف بن خالد المخزومي، عن أمية بن محمد بن عبد الله بن مطيع، عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: "من مات ولا بيعة عليه، مات ميتة جاهلية". وهذا إسناد منقطع بين أمية بن محمد بن عبد الله وبين ابن عمر، وأمية لم يرو عنه غير العطاف بن خالد، ولم يوثقه غير ابن حبان 6/69-70.

وأخرجه بأطول مما هنا الطبراني في "الكبير" (13604) من طريق سليمان التيمي، عن حنش- وهو حسين بن قيس الرحبي-، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر . وحسين بن قيس متروك.

وسيأتي بالأرقام (5551) و (5676) و (5718) و (5897) و (6048) و (6166) و (6423) .

وفي الباب عن ابن عباس سلف برقم (2487). وعن أبي هريرة، سيرد 2/296. وعن عامر بن ربيعة، سيرد 3/445. وعن معاوية بن أبي سفيان، سيرد 4/96. وعن حذيفة بن اليمان، سيرد 5/387.

 

5551 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضَعُوا لَهُ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ نَزَعَ يَدًا مَنْ طَاعَةِ اللهِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ مَفَارِقٌ لِلْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، هشام بن سعد روى له مسلم، وهو حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. عبد الملك: هو ابن عمرو أبو عامر العقدي.

وأخرجه مسلم (1851) ، وأبو عوانة 4/470 من طرق، عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه دون القصة أبو عوانة 4/470 -471 من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن زيد بن أسلم، به.

وسيأتي برقم (6423) ، وانظر (5386) .

وعبد الله بن مطيع: هو عبد الله بن مطيع بن الأسود بن حارثة العدوي القرشي، ولد في حياة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجاء به أبوه إليه، فحنكه بتمرة وسماه عبد الله، ودعا له بالبركة، وكان من رجال قريش شجاعة ونجدةً وجلداً، وكان يوم الحرة سنة 63 هـ قائد قريش، كما كان عبد الله بن حنظلة قائد الأنصار، إذ خرج أهل المدينة لقتال مسلم بن عقبة المري الذي بعثه يزيد لقتال أهل المدينة، وأخذهم بالبيعة له، فلما ظفر أهل الشام بأهل المدينة انهزم ابن مطيع، ولحق بابن الزبير بمكة، وشهد معه الحصر الأول، وبقي معه إلى أن حصر الحجاجُ ابنَ الزبير سنة 73 هـ، فقاتل ابن مطيع يومئذ وهو يقول:

أنا الذي فَرَرْتُ يومَ الحرهْ .... والحرُّ لا يفر إلا مرهْ .

ياحبذا الكَرةُ بعد الفرهْ.... لأجزين فرةً بكرهْ

وقتل في تلك الأيام.

 

وروى مسلم:

 

[ 1851 ] حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا عاصم وهو بن محمد بن زيد عن زيد بن محمد عن نافع قال جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية

هنا كان عبد الله بن عمر بن الخطاب لجأ إلى فكرة تقديس الحاكم المستبد كحل لمحاولة إثناء المقاومين لدولة الأمويين لأنه أدرك أن قوة الجيش الشامي الأموي أكبر بكثير من المدنيين والمكيين وأنها ستسحقهم وهو ما حدث.

 

وروى أحمد:

 

18126 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَصِينٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ دَخَلَ، وَنَحْنُ تِسْعَةٌ وَبَيْنَنَا وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ: " إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فَصَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَيُعِنْهُمْ (1) عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ " (2)

 

(1) في (ق) : ولم يُعنهم.

(2) إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عاصم العدوي، فمن رجال الترمذي والنسائي، وهو ثقة. سفيان: هو الثوري، وأبو حَصين - بفتح الحاء المهملة- هو عثمان بن عاصم بن حُصين الأسدي.

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 2/304، والمِزي في "تهذيب الكمال" 13/550-551 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/160، وفي "الكبرى" (7828) من طريق يحيى بن سعيد، به.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 11/453، وعبد بن حميد في "المنتخب" (370) ، والترمذي (2259) ، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (755) ، وفي "الآحاد والمثاني" (2065) ، والنسائي في " الكبرى" (7832) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1344) ، وابن حبان (282) و (283) و (285) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (294) ، والحاكم 1/79، والبيهقي في "السنن" 8/165 من طرق، عن سفيان ، به، وقرن الحاكم بسفيان مسعر بنَ كدام.   قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب.

وسقط اسم "عامر الشعبي" من كتاب "السنة" لابن أبي عاصم، وقد رواه من طريق ابن أبي شيبة، وجاء على الصواب في "الآحاد والمثاني".

وأخرجه الترمذي (2259) ، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (756) ، وفي "الآحاد والمثاني" (2066) ، النسائي في "المجتبي" 7/160-161، وفي "الكبرى" (7831) ، وابن حبان (279) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (296) و (297) من طريق مسعر، وأخرجه الطبراني في "الكبير" أيضاً 19/ (295) من طريق قيس بن الربيع، كلاهما عن أبي حَصِين، به.

وأخرجه الحاكم 1/78-79 من طريق مالك بن مِغْول، عن أبي حَصِين، عن الشعبي، عن كعب، به، قال الذهبي: أسقط منه عاصماً.

وأخرجه الترمذي (2259) ، والنسائي في "الكبرى" (7833) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (306) من طريقين عن سفيان ، عن زُبَيْد، عن رجل يقال له: إبراهيم وليس بالنخعي، عن كعب، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحوه.

وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 5/362 من طريق سفيان الثوري، عن التيمي، عن عاصم العدوي، عن كعب، به.

وقال: المحفوظ عن سفيان ، عن أبي حَصِين، عن الشعبي، عن عاصم.

وأخرجه الطيالسي (1064) ، وابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2064) من طريق سليمان بن المغيرة، عن موسى الهلالي، عن أبيه، عن كعب قال: دخل علينا رسولُ الله، فذكر نحوه، ولم يذكر الحوض.

وأخرج الترمذي (614) ، والطبراني في "الكبير" 19/212 من طريق عبد الله بن أبي زياد، عن عُبيد الله بن موسى، عن غالب أبي بشر، عن أيوب بن عائذ، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن كعب قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعيذك بالله يا كعبُ من أمراء يكونون من بعدي..."، فذكر نحوه، وفيه زيادة، وقال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وقد سلف من حديث جابر برقم (14441) أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ّ قال: "يا كعب، أُعيذك بالله من إمارة السفهاء، إنها ستكون أمراء...".

وفي الباب أيضاً عن ابن عمر، سلف برقم (5702). ومن حديث جابر بن عبد اللُه بإسناد صحيح، سيرد 3/321. وآخر من حديث كعب بن عجرة بإسناد صحيح، سيرد 4/243. وثالث من حديث النعمان بن بشير، سيرد 4/267-268. ورأبع من حديث حذيفة بن اليمان، سيرد 5/384. وخامس من حديث خباب بن الأرت، سيرد 5/111. وسادس من حديث أبي سعيد الخدري، سيرد 3/24. وانظر حديث عبد الله بن مسعود الذي سلف برقم (4363) .

 

(14441) 14494- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ : أَعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ ، قَالَ : وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ ؟ قَالَ : أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي ، لاَ يَقْتَدُونَ بِهَدْيِي ، وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي ، وَلَسْتُ مِنْهُمْ ، وَلاَ يَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ، وَسَيَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي . يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، الصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ ، وَالصَّلاَةُ قُرْبَانٌ ، أَوْ قَالَ : بُرْهَانٌ ، يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ النَّارُ ، أَوْلَى بِهِ . يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، النَّاسُ غَادِيَانِ : فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا ، وَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا.

 

إسناده قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات غير ابن خثيم- وهو عبد الله بن عثمان- فصدوق لا بأس به. والحديث في "مصنف" عبد الرزاق (20719) ، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد (1138) ، وابن حبان (4514) ، والحاكم 4/422.

وأخرجه مطولاً ومختصراً الدارمي (2776) ، والبزار (1609- كشف الأستار) ، وأبو يعلى (1999) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (1345) ، وابن حبان (1723) ، والحاكم 3/479- 480، والبيهقي في "الشعب" (5761) من طرق عن ابن خثيم، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (15284) من طريق وهيب بن خالد، عن ابن خثيم.

وروى الحديث من مسند كعب بن عجرة الترمذيُّ (614) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (212) و (298) و (309) ، وفي "الأوسط" (2751) ، والبيهقي في "الشعب" (5762) .

وسيأتي في "مسند أحمد" مختصراً بقصة الأمراء 4/243، ويأتي تخريجه هناك، ويشهد لها حديث ابن عمر، سلف برقم (5702) ، وانظر تتمة أحاديث الباب هناك.

وفي الباب دون قصة الأمراء عن أبي مالك الأشعري، سيأتي 5/342.

ويشهد لقوله: "الصيام جُنة" حديث أبي هريرة السالف في "المسند" برقم (7492) ، وانظر تتمة شواهده هناك. وانظر أيضاً الحديث الآتي برقم (15264) .

ولقوله: "الصدقة تطفئ الخطيئة" حديث معاذ بن جبل، سيأتي 5/231.

ولقوله: "لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت" حديث عقبة بن عامر عند البيهقي في "الشعب" (5757) ، وعن أبي بكر (5759) و (5760) .

قوله: "ليسوا مِني" قال السندي: أي: من أهل طريقتي، بيان لمباينة الطريقين، ويحتمل أن المراد بهذا الكلام بيان الانقطاع والتبري.

"ولا يَرِدُوا". حذف النون للتخفيف، أو لكونه عطفاَ على محل جملة "فأولئك ليسوا مني" بناء على أنه مجزوم لكونه جوابا لمَنْ في قوله: "فمَن صدقهم".

قلنا: وفي "المصنف" وعبد بن حميد و"المستدرك ": "ولا يردون" بإثبات النون وهو الجادة.

وكذلك قوله: "وسيردوا" والوجه إثباتها، كما في المصنف وعبد بن حميد وابن حبان والحاكم.

"جُنة"، أي: وقاية من النار، أو من الشهوات المؤدية إليها.

 

(18126) 18306- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنِي أَبُو حَصِينٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَاصِمٍ الْعَدَوِيِّ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ دَخَلَ ، وَنَحْنُ تِسْعَةٌ وَبَيْنَنَا وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ : إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ ، فَصَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَلَيْسَ مِنِّي ، وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ ، وَيُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ.

 

إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عاصم العدوي، فمن رجال الترمذي والنسائي، وهو ثقة. سفيان: هو الثوري، وأبو حَصين - بفتح الحاء المهملة- هو عثمان بن عاصم بن حُصين الأسدي.

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 2/304، والمِزي في "تهذيب الكمال" 13/550-551 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/160، وفي "الكبرى" (7828) من طريق يحيى بن سعيد، به.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 11/453، وعبد بن حميد في "المنتخب" (370) ، والترمذي (2259) ، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (755) ، وفي "الآحاد والمثاني" (2065) ، والنسائي في " الكبرى" (7832) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1344) ، وابن حبان (282) و (283) و (285) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (294) ، والحاكم 1/79، والبيهقي في "السنن" 8/165 من طرق، عن سفيان ، به، وقرن الحاكم بسفيان مسعر بنَ كدام.

قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب.

وسقط اسم "عامر الشعبي" من كتاب "السنة" لابن أبي عاصم، وقد رواه  من طريق ابن أبي شيبة، وجاء على الصواب في "الآحاد والمثاني".

وأخرجه الترمذي (2259) ، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (756) ، وفي "الآحاد والمثاني" (2066) ، النسائي في "المجتبي" 7/160-161، وفي "الكبرى" (7831) ، وابن حبان (279) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (296) و (297) من طريق مسعر، وأخرجه الطبراني في "الكبير" أيضاً 19/ (295) من طريق قيس بن الربيع، كلاهما عن أبي حَصِين، به.

وأخرجه الحاكم 1/78-79 من طريق مالك بن مِغْول، عن أبي حَصِين، عن الشعبي، عن كعب، به، قال الذهبي: أسقط منه عاصماً.

وأخرجه الترمذي (2259) ، والنسائي في "الكبرى" (7833) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (306) من طريقين عن سفيان ، عن زُبَيْد، عن رجل يقال له: إبراهيم وليس بالنخعي، عن كعب، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحوه.

وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 5/362 من طريق سفيان الثوري، عن التيمي، عن عاصم العدوي، عن كعب، به.

وقال: المحفوظ عن سفيان ، عن أبي حَصِين، عن الشعبي، عن عاصم.

وأخرجه الطيالسي (1064) ، وابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2064) من طريق سليمان بن المغيرة، عن موسى الهلالي، عن أبيه، عن كعب قال: دخل علينا رسولُ الله، فذكر نحوه، ولم يذكر الحوض.

وأخرج الترمذي (614) ، والطبراني في "الكبير" 19/212 من طريق عبد الله بن أبي زياد، عن عُبيد الله بن موسى، عن غالب أبي بشر، عن أيوب بن عائذ، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن كعب قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعيذك بالله يا كعبُ من أمراء يكونون من بعدي..."، فذكر نحوه، وفيه زيادة، وقال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه.

وقد سلف من حديث جابر برقم (14441) أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ّ قال: "يا كعب، أُعيذك بالله من إمارة السفهاء، إنها ستكون أمراء...".

وفي الباب أيضاً عن ابن عمر، سلف برقم (5702) وذكرنا بقية أحاديث الباب هناك.

 

23260 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّهَا سَتَكُونُ أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنَّي، وَلَسْتُ مِنْهُ (1)، وَلَا يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ".

 

(1) في (م) : فليس منا ولست منهم .

(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين، والشك فيه لا يضر فقد جاء من طريق أخرى عن يونس -وهو ابن عبيد بن دينار البصري- دون شك . إسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم المعروف بابن علية .

وأخرجه البزار في "مسنده" (2834) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد . وقال فيه: عن ربعي أو غيره، فجعل الشك في ربعي لا حميد!

وأخرجه البزار (2833) ، والطبراني في "الأوسط" (8486) من طريق سهل بن أسلم العدوي، عن يونس بن عبيد، به . قال البزار: ولم يشك فيه سهل بن أسلم .

وأخرجه البزار (2831) و (2832) ، والطبراني في "الكبير" (3020) من طريق مبارك بن فضالة، عن خالد بن أبي الصلت، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي ابن حراش، به . ومبارك مدلِّس وقد عنعنه، وشيخه خالد بن أبي الصلت ضعفه بعضهم وجهله بعضهم، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان .

وفي الباب عن ابن عمر سلف برقم (5702) ، وذُكِرت شواهده هناك .

 

2487 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ"

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. الجعد أبو عثمان: هو الجعد بن دينار اليشكري، وأبو رجاء: هو عمران بن ملحان العُطارِدي. وأخرجه مسلم (1849) (55) ، وأبو عوانة 4/481 من طريق الحسن بن الربيع، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارمي (2519) ، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (1101) ، والبخاري (7054) و (7143) ، وأبو يعلى (2347) ، وأبو عَوانة 4/481، والطبراني (12759) ، والبيهقي في "السنن" 8/157، وفي "شعب الإيمان" (7497) ، والبغوي (2458) من طرق عن حماد بن زيد، به. ورواية ابن أبي عاصم مختصرة. وسيأتي الحديث برقم (2702) و (2825) و (2826) .

قوله: "فمِيتته جاهلية"، قال الحافظ فى "الفتح" 13/7: المراد بالمِيتَة الجاهلية -وهي بكسر الميم-: حالةُ الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع، لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المرادُ أنه يموت كافراً، بل يموتُ عاصياً، ويحتمل أن يكونَ التشبيه على ظاهره، ومعناه أنه يموتُ مثلَ موتِ الجاهلي وإن لم يكن هو جاهلياً، أو أن ذلك وَرَدَ موردَ الزجرِ والتنفيرِ وظاهره غيرُ مراد.

 

(16874) 16999- حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْرًا يُفَقّهْهُّ فِي الدِّينِ.

(16875) قَالَ عَبْدُ اللهِ : وَجَدْتُ هَذَا الْكَلاَمَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ مُتَّصِلاً بِهِ ، وَقَدْ خَطَّ عَلَيْهِ ، فَلاَ أَدْرِي أَقَرَأَهُ عَلَيَّ أَمْ لاَ : وَإِنَّ السَّامِعَ الْمُطِيعَ لاَ حُجَّةَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ السَّامِعَ الْعَاصِي لاَ حُجَّةَ لَهُ.(4/96).

 

إسناداهما صحيحان.

 

(16876) 17000- حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ إِمَامٍ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.(4/96).

 

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم- وهو ابن بهدلة- وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن أبا بكر- وهو ابن عياش- إنما روى له مسلم في المقدمة، وهو صدوق حسن الحديث. أبو صالح: هو ذكوان السمان.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1057) ، وأبو يعلى (7357) ، وابن حبان (4573) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (769) ، من طرق عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط " (5816) من طريق العباس بن الحسن القنطري، عن أسود بن عامر، عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح، به، وقال: لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا أبو بكر بن عياش، تفرد به الأسود بن عامر شاذان، ورواه غير شاذان عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن بهدلة.

قلنا: بل رواه شاذان، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، كما هي رواية أحمد، وقد ذكر الدارقطني في "العلل" 7/64 أنه وهم عباس بن الحسن في ذكر الأعمش، وإنما هو حديث عاصم. وعباس بن الحسن تصحف عند الطبراني في "الأوسط " إلى عباس بن الحسين، وهو خطأ، وإنما هو عباس بن

الحسن البلخي، ويقال له: القَنْطري، لأنه سكن بغداد بقنطرة البردان، وذكره المزي في "التهذيب" تمييزاً، وقد التبس أمره على الشيخ ناصر الدين الألباني في تعليقه على هذا الحديث في كتاب "السنة".

وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/225، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه العباس بن الحسين القنطري، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.

قلنا: إنما هو العباس بن الحسن كما سلف آنفاً.

وله شاهد يصح به من حديث ابن عباس، سلف برقم (2487) ، وانظر تتمة أحاديث الباب في رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب السالفة برقم (5386) .

 

(7944) 7931- حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِي قَيْسِ بْنِ رِيَاحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ ، فَمَاتَ ، فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ ، يَغْضَبُ لِعَصَبَتِهِ ، وَيُقَاتِلُ لِعَصَبَتِهِ وَيَنْصُرُ عَصَبَتَهُ فَقُتِلَ ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي ، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا ، لاَ يَنْحَاشُ لِمُؤْمِنِهَا (1)، وَلاَ يَفِي لِذِي عَهْدِهَا ، فَلَيْسَ مِنِّي ، وَلَسْتُ مِنْهُ.(2)

 

(1) كذا في (ظ 3) و (ل) ، وفي (عس) و (س) وغيرهما: لا يتحاش، لكن ضبب عليها في (عس) ، وفي (م) : لا يتحاشى، بالألف المقصورة.

وفي معنى "لا ينحاش" قال السندي: لا ينقبض. وفي "صحيح مسلم": "لا يتحاشَ"، قال النووي في شرحه 12/239: وفي بعض النسخ: يتحاشى، بالياء، ومعناه: لا يكترث بما يفعله فيها، ولا يخاف وبالَه وعقوبتَه.

(2) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي قيس بن رياح -واسمه زياد- فمن رجال مسلم، وقيل في اسم أبيه أيضاً: رباح، بالموحدة. وأخرجه إسحاق بن راهوبه (145) عن وهب بن جرير، ومسلم (1848) (53) ، والبيهقي 8/156 من طريق شيبان بن فروخ، كلاهما عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1848) (54) من طريق مهدي بن ميمون، عن غيلان، به.

وسيأتي برقم (8061) مرفوعاً، وبرقم (10333) و (10334) موقوفاً.

ويشهد لأوله حديث ابن عمر، سلف برقم (5386) ، وهناك ذُكِرت باقي شواهده.

ويشهد لقوله: "ومن قاتل تحت راية عمِّيَّة" حديث جندب البجلي عند مسلم (1850) ، وهو في "صحيح ابن حبان" (4579).

قوله: "من الطاعة"، قال السندي: أي: طاعة الإِمام.  والجماعة، أي: جماعة المسلمين المجتمعة على إمام واحد.  فميتة، بكسر الميم: حالة الموت.  جاهلية: صفة، وتحتمل الإِضافة، والمعنى: فميتة كميتة أهل الجاهلية، والمراد: أنه مات كما يموت أهل الجاهلية من الضلال، وليس المراد الكفر.  وقوله: "تحت راية عِمِّية"، بكسر عين، وحكي ضمها: هي الأمر الذي لا يستبين وجهُه، وقيل: هي جماعة مجتمعة على أمر مجهول لا يعرف أنه حق أو باطل.  والعصبة: قوم الرجل.

 

 

ولا يكون المرء مخطئًا لو حكم بأن كل المتقاتلين في عصر علي كانوا تحت راية عمية قائمة على التعصب للقبيلة والشخص.

 

21558 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ يَعْنِي الْحَارِثِيَّ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، قَالَ ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: مَوْلَى الْبَرَاءِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا عَنْ خَالِدِ بْنِ وُهْبَانَ قَالَ ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: أَوْ وُهْبَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ أَنْتَ وَأَئِمَّةً مِنْ بَعْدِي يَسْتَأْثِرُونَ بِهَذَا الْفَيْءِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: إِذَنْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، أَضَعَ سَيْفِي عَلَى عَاتِقِي، ثُمَّ أَضْرِبَ بِهِ حَتَّى أَلْقَاكَ أَوْ أَلْحَقَ بِكَ. قَالَ: "أَوَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ (1) مِنْ ذَلِكَ؟ تَصْبِرُ حَتَّى تَلْقَانِي " (2)

 

(1) في (م) و (ق) ونسخة في (ر) : على ما هو خير.

(2) إسناده ضعيف لجهالة خالد بن وهبان. مطرف: هو ابن طريف، وأبو الجهم: هو سليمان بن الجهم بن أبي الجهم الحارثي الجوزجاني.

وأخرجه أبو داود (4759) عن عبد الله بن محمد النفيلي، عن زهير بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 4/622، وابن أبي عاصم في "السنة" (1104) و (1105) ، والبزار في "مسنده" (4057) من طرق عن مطرف، به.

وانظر ما بعده. وما سلف برقم (21551) .

 

أوامر ملفقة مزعومة بالمقاومة السلبية الغير مؤثرة فقط للحكام الظالمين وعدم نقد بدعهم في الدين والحكم علنًا ولو حتى بالمقاطعة

 

روى مسلم:

 

 [ 648 ] حدثنا خلف بن هشام حدثنا حماد بن زيد ح قال وحدثني أبو الربيع الزهراني وأبو كامل الجحدري قالا حدثنا حماد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها قال قلت فما تأمرني قال صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة ولم يذكر خلف عن وقتها

 

 [ 648 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أنه سيكون بعدي أمراء يميتون الصلاة فصل الصلاة لوقتها فإن صليت لوقتها كانت لك نافلة وإلا كنت قد أحرزت صلاتك

 

 [ 648 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن شعبة عن أبي عمران عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف وأن أصلي الصلاة لوقتها فإن أدركت القوم وقد صلوا كنت قد أحرزت صلاتك وإلا كانت لك نافلة

 

 [ 648 ] وحدثني يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد بن الحارث حدثنا شعبة عن بديل قال سمعت أبا العالية يحدث عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب فخذي كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها قال قال ما تأمر قال صل الصلاة لوقتها ثم اذهب لحاجتك فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل

 

 [ 648 ] وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن أبي العالية البراء قال أخر بن زياد الصلاة فجاءني عبد الله بن الصامت فألقيت له كرسيا فجلس عليه فذكرت له صنيع بن زياد فعض على شفته وضرب فخذي وقال إني سألت أبا ذر كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال صل الصلاة لوقتها فإن أدركتك الصلاة معهم فصل ولا تقل إني قد صليت فلا أصلي

 

 [ 648 ] وحدثنا عاصم بن النضر التيمي حدثنا خالد بن الحارث حدثنا شعبة عن أبي نعامة عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال كيف أنتم أو قال كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها فصل الصلاة لوقتها ثم إن أقيمت الصلاة فصل معهم فإنها زيادة خير

 

 [ 648 ] وحدثني أبو غسان المسمعي حدثنا معاذ وهو بن هشام حدثني أبي عن مطر عن أبي العالية البراء قال قلت لعبد الله بن الصامت نصلي يوم الجمعة خلف أمراء فيؤخرون الصلاة قال فضرب فخذي ضربة أوجعتني وقال سألت أبا ذر عن ذلك فضرب فخذي وقال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة قال وقال عبد الله ذكر لي أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ضرب فخذ أبي ذر

 

[ 534 ] حدثنا محمد بن العلاء الهمداني أبو كريب قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة قالا أتينا عبد الله بن مسعود في داره فقال أصلى هؤلاء خلفكم فقلنا لا قال فقوموا فصلوا فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة قال وذهبنا لنقوم خلفه فأخذ بأيدينا فجعل أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله قال فلما ركع وضعنا أيدينا على ركبنا قال فضرب أيدينا وطبق بين كفيه ثم أدخلهما بين فخذيه قال فلما صلى قال إنه ستكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها ويخنقونها إلى شرق الموتى فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة وإذا كنتم ثلاثة فصلوا جميعا وإذا كنتم أكثر من ذلك فليؤمكم أحدكم وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه وليجنأ وليطبق بين كفيه فلكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراهم

 

وروى أحمد:

 

21306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: أَخَّرَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ الصَّلَاةَ، فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الصَّامِتِ، فَضَرَبَ فَخِذِي، قَالَ: سَأَلَتُ خَلِيلِي أَبَا ذَرٍّ، فَضَرَبَ فَخِذِي، وَقَالَ: سَأَلْتُ خَلِيلِي يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "صَلِّ لِمِيقَاتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَ فَصَلِّ مَعَهُمْ، وَلَا تَقُولَنَّ: إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي"

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت، فمن رجال مسلم. سفيان: هو الثوري، وأبو العالية: هو البرَّاء. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (3781) .

وأخرجه البزار في "مسنده" (3952) ، وأبو عوانة (1523) و (2407) ، والبيهقي 2/299 و300 من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (3780) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (954) ، والبزار (3953) ، وابن خزيمة (1637) ، وأبو عوانة (2407) ، وابن حبان (2406)

من طرق عن أيوب بن أبي تميمة، به. وأقحم في إسناد "المصنف" بين أيوب وأبي العالية: ابن سيرين، وقد رواه البزار من طريقه، وليس فيه ابن سيرين.

وأخرجه مسلم (648) (244) ، وأبو عوانة (1007) و (1524) و (2409) من طريق مطر بن طهمان الوراق، عن أبي العالية البرَّاء، به.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "مسند الشاميين" (213) من طريق خالد بن معدان، عن عبد الله بن الصامت، به.

وسيأتي الحديث من طريق أبي العالية بالأرقام (21423) و (21478) و (21479) ومن طريق أبي عمران بالأرقام (21324) و (21417) و (21428) و (21445) و (21490) و (21501) ، ومن طريق أبي نَعامة برقم (21417) و (21418) ، ثلاثتهم عن عبد الله بن الصامت.

وفي الباب عن عبد الله مسعود، سلف برقم (3601) ، وذُكرت شواهده هناك.

قوله: "لا تقولن" قال السندي: أي: عندهم خوفاً من الفتنة أو في نفسك، أي: لا تترك الصلاة معهم خوفاً من الفتنة، أو لأن الصلاة من خير الأعمال فالتكاسل عنها غير لائق.

 

3601 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَعَلَّكُمْ سَتُدْرِكُونَ أَقْوَامًا يُصَلُّونَ صَلَاةً لِغَيْرِ وَقْتِهَا، فَإِذَا أَدْرَكْتُمُوهُمْ، فَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَعْرِفُونَ، ثُمَّ صَلُّوا مَعَهُمْ، وَاجْعَلُوهَا (1) سُبْحَةً " (2)

 

(1) في (ق) و (ظ1) : فاجعلوها.

(2) إسناده حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النجود-، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو بكر: هو ابن عياش، وزر: هو ابن حبيش الأسدي.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 2/75، وابن ماجه (1255) ، وابن الجارود في "المنتقى" (331) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (1640) ، والطبراني في "الأوسط" (1387) ، وأبو نعيم في "الحلية" 8/305، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/396، وفي "السنن" 3/127-128، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/57، من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإِسناد. قال أبو نعيم: غريب من حديث عاصم، لم يروه عنه إلا أبو بكر.

وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 1/245-246، و2/381، ومسلم (534) (26) ، والنسائي في "الكبرى" (618) ، وأبو عوانة 2/164-165، وابن خزيمة في "صحيحه" (1636) ، وابن حبان (1558) و (1874) ، والبيهقي في "السنن" 2/83، والحازمي في "الاعتبار" ص 82-83 من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود وعلقمة، عن عبد الله.

وأخرجه بنحوه عبد الرزاق في "المصنف" (3787) ، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (9496) عن معمر، والطبراني في "الكبير" (8567) من طريق شعبة، كلاهما عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، موقوفاً.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1387) ، وأبو نعيم في "الحلية" 8/311 من طريق أبي بكر بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، مرفوعاً.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9495) من طريق زائدة، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله، موقوفاً.

وسيرد من حديث عبد الله بن مسعود في "مسند معاذ بن جبل" 5/231-232.

وانظر (4386) .

وله شاهد من حديث أبي ذر عند مسلم (648) ، سيرد 5/149 (21324 و21325) و159 و168 و169. وآخر من حديث عامر بن ربيعة، سيرد 3/445 و446. وثالث من حديث شداد بن أوس، سيرد 4/124 ورابع من حديث عبادة بن الصامت، سيرد 5/314 و315. وخامس من حديث أبي أبَيّ ابن امرأة عبادة بن الصامت، سيرد 6/7.

وسادس من حديث قبيصة بن وقاص عند أبي داود (434) [ضعّفه شعيب الأرنؤوط وفريقه وصححه الألباني].

وقول ابن عبد البر في "التمهيد" 8/64: إنه روي من حديث معاذ، وهم منه، إنما هو حديث ابن مسعود ورد أثناء مسند معاذ، كما ذكرنا آنفاً.

قوله: "لِغير وقتها": بالتأخير عن وقتها، والمراد: الوقت المختار.

واجعلوها، أي: الصلاة معهم. سبْحة، أي: نافلة. قاله السندي.

 

(22681) 23057- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يِسَافٍ ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى ، عَنِ ابْنِ امْرَأَةِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ : سَتَكُونُ أُمَرَاءُ تَشْغَلُهُمْ أَشْيَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا فَصَلُّوا الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا ، وَاجْعَلُوا صَلاَتَكُمْ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا.

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو المثنى قيل: هو ضمضم الأُملوكي الحمصي الذي يروي عنه صفوان بن عمرو السكسكي، وقيل: هما اثنان، وقال ابن القطان الفاسي: أبو المثنى مجهول سواء كان واحداً أو اثنين، قال: وأما قول ابن عبد البر: أبو المثنى ثقة، فلا يقبل منه . قلنا: وقد اضطرب فيه، فمرة رواه عن ابن امرأة عبادة -وهو أبو أُبيّ-، ومرة رواه عنه عن عبادة،

وثالثة يقول: عن ابن أخت عبادة عن عبادة . وأبو أبيّ هذا: هو ابن أم حرام، اسمه عبد الله بن عمرو، وقيل: ابن كعب، الأنصاري صحابي نزل بيت المقدس، وهو آخر من مات من الصحابة . منصور: هو ابن المعتمر .

وأخرجه البخاري في الكنى من "التاريخ الكبير" ص 7 عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد .

وأخرجه الدولابي في "الكنى" 1/16 من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن منصور بن المعتمر، به .

وسيأتي من طريق شعبة برقم (22682) و (22691) ، ومن طريق سفيان الثوري برقم (22690) كلاهما عن منصور .

وسيأتي برقم (22686) من طريق أبي أُبيّ عن عبادة بن الصامت، وبرقم (22787) عن ابن أُخت عبادة، عن عبادة .

وفي الباب عن ابن مسعود سلف برقم (3601) ، وانظر تتمة شواهده هناك .

 

22690 - حَدَّثَنَا يَعْمَرُ يَعْنِي ابْنَ بِشْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْحِمْصِيِّ، عَنْ أَبِي أُبَيِّ ابْنِ امْرَأَةِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ سَيَجِيءُ أُمَرَاءُ يَشْغَلُهُمْ أَشْيَاءُ حَتَّى لَا يُصَلُّوا الصَّلَاةَ لِمِيقَاتِهَا، فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِمِيقَاتِهَا " .

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ نُصَلِّي مَعَهُمْ . قَالَ: " نَعَمْ "

قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ: أَبِي رَحِمَهُ اللهُ وَهَذَا الصَّوَابُ .

 

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف سلف الكلام عليه عند الرواية (22681) . عبد الله: هو ابن المبارك، وسفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر .

وعلقه البخاري في الكنى من "تاريخه" ص 7 عن عبد الله بن المبارك، به .

وأخرجه عبد الرزاق (3782) عن سفيان الثوري، به . وأقحم محققه رحمه الله في إسناده عبادةَ بن الصامت! قال المزي في "التهذيب" 13/331: رواه أبو حذيفة وغير واحد عن سفيان فلم يجاوزوا به أبا أبيٍّ .

 

هنا الحديث يعطيهم عذرًا بأنهم ينشغلون بأشياء، فهل يرى السنة كلامًا كهذا يصلح عندهم شرعيًّا لتغيير مواقيت الصلوات للناس وفقًا لشمولية وتحكمية الإسلام ونص القرآن: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)} النساء: 103، وقول محمد برواية البخاري: 527 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ أَخْبَرَنِي قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا قَالَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَالَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي

 

وروى أحمد:

 

(17122) 17252- حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ دَاوُدَ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِي أَئِمَّةٌ يُمِيتُونَ الصَّلاَةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا ، فَصَلُّوا الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا ، وَاجْعَلُوا صَلاَتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً.(4/124).

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف راشد بن داود- وهو الصنعاني الدمشقي- وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح غير إسماعيل بن عياش فمن رجال أصحاب السنن، وروى له البخاري في جزء "رفع اليدين"، وهو صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذا منها. أبو أسماء الرَّحَبي: هو عمرو بن مرثد.

وأخرجه البزار (393) "زوائد"، والطبراني في "الكبير" (7155) ، وفي "الأوسط" (4904) ، وفي "مسند الشاميين" (1093) و (1094) من طرق عن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد.

وله شاهد من حديث أبي ذر عند مسلم (648) ، سيرد 5/149.

وآخر من حديث ابن مسعود، سلف برقم (3601) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

 

(15681) 15769- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّهَا سَتَكُونُ مِنْ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُصَلُّونَ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا ، وَيُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا ، فَصَلُّوهَا مَعَهُمْ ، فَإِنْ صَلَّوْهَا لِوَقْتِهَا وَصَلَّيْتُمُوهَا مَعَهُمْ ، فَلَكُمْ وَلَهُمْ ، وَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ وَقْتِهَا ، فَصَلَّيْتُمُوهَا مَعَهُمْ فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ ، مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ، وَمَنْ نَكَثَ الْعَهْدَ ، وَمَاتَ نَاكِثًا لِلْعَهْدِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ.

قُلْتُ لَهُ : مَنْ أَخْبَرَكَ هَذَا الْخَبَرَ ؟ قَالَ : أَخْبَرَنِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ أَبِيهِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ يُخْبِرُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

بعضه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عاصم بن عبيد الله وهو ابن عاصم بن عمر بن الخطاب، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (3779) ، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو يعلى (7201) و (7203) ، والخطيب مختصراً في "الفقيه والمتفقه" 1/163 من طرق عن ابن جريج، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/324 وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" بنحوه، وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف، إلا أن مالكاً روى عنه.

وسيأتي برقم (15693) ، وانظر (15696) .

وقوله: "من فارق الجماعة" له شاهد من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، سلف برقم (5386) ، وذكرنا هناك بقية شواهده.

والقسم الأول من الحديث منكر يخالف الروايات الصحيحة، منها ما رواه ابن مسعود في الحديث السالف برقم (3601) قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لعلكم ستدركون أقواماً يصلون صلاة لغير وقتها، فإذا أدركتموهم فصلوا في بيوتكم في الوقت الذي تعرفون، ثم صلوا معهم، واجعلوها سبحة". وما رواه أبو ذر عند مسلم (648) قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها؟" قال:

قلت: فما تأمرني؟ قال: "صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم، فصل، فإنها لك نافلة"، وسيرد 5/149، وذكرنا تتمة أحاديث الباب في تخريج حديث ابن مسعود السالف برقم (3601) ، وذكرنا هناك خطأً حديثَ عامر بن ربيعة هذا فليُحذف.

قال السندي: قوله: "يصلون الصلاة لوقتها"، أي: أحياناً. "ويؤخرونها"،  أي: أحياناً، والظاهر أن المراد التأخير عن الوقت المندوب أو المباح إلى وقت الكراهة، لا إخراجها عن الوقت، وقد قيل: إن شأن المروانيين كان هو التأخير، لا الإخراج، فليس فيه إذنٌ في إخراج الصلاة عن الوقت تبعاً للإمام، والظاهر أنه يُصلي حينئذ لنفسه، ثم يصلي مع الإمام نفلاً.

"ميتة جاهليَّة": بكسر الميم، وفيه حث على موافقة المؤمنين.

 

حيث كانوا يعتبرون إمامة الصلاة من معالم الحكم في الإسلام، فكان هذا مهمًّا جدًّا عندهم، وكان ترك الصلاة خلفهم يعتبر تمردًا ضدهم قد يؤدي بالمتخلف إلى السجن أو التعذيب أو القتل. وبالتأكيد محمد لم يكن سيأمر بالتغاضي عن ابتداع في دينه وتغيير وتأخير لمواقيت صلوات ديانته، كيف وقد أمرت نصوص دينه الأكثر أصالة بمواجهة الظلم والفساد والابتداع؟! روى البخاري:

 

2493 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا

 

وروى أحمد:

 

18828 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ طَارِقٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: " كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وطارق بن شهاب رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمع منه، فروايته عنه مرسل صحابي. وكيع: هو ابنُ الجراح الرؤاسي، وسفيان: هو الثوري، وعلقمة: هو ابن مرثد الحضرمي.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7582) من طريق أبي داود الحفري، عن سفيان، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (18830) .

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سلف برقم (11143) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "كلمة حق إلخ.." فإنه جهاد قلّ من ينجو فيه، وقلّ من يصوّب صاحبه، بل الكل يخطؤونه أولاً، ثم يؤدي إلى الموت بأشد طريق عندهم، بلا قتالٍ، بل صبراً، والله تعالى أعلم.

 

يبدو أنهم كانوا يقومون فقط بالتدخل في حيوات المواطنين لينفسوا عن العقد الدينية والشمولية والهوس الفكريين، أما أن يواجهوا حاكمًا لديه السلطة والشرطة والجيش فهو ما كانوا لا يقدرون عليه.

 

وروى أحمد حديثًا مطوًّلًا فيه وصف وتوصيف لكيف يصير الشخص إمعة لا قيمة له لا ينتقد الظلم والفساد والنهب والقتل وعدم إعطاء المواطنين حقوقهم:

 

21445 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجْنَا مِنْ حَاشِي الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَإِنْ جِئْتَ وَقَدْ صَلَّى الْإِمَامُ كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنْ جِئْتَ وَلَمْ يُصَلِّ صَلَّيْتَ مَعَهُ، وَكَانَتْ صَلَاتُكَ لَكَ نَافِلَةً، وَكُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ "

" يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنِ النَّاسُ جَاعُوا حَتَّى لَا تَبْلُغَ مَسْجِدَكَ مِنَ الْجَهْدِ، أَوْ لَا تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ مِنَ الْجَهْدِ، فَكَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "تَعَفَّفْ " (1)

قَالَ " يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنِ النَّاسُ مَاتُوا حَتَّى يَكُونَ الْبَيْتُ بِالْعَبْدِ فَكَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "تَصَبَّرْ " (2)

قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنِ النَّاسُ قُتِلُوا حَتَّى تَغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ مِنَ الدِّمَاءِ، كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ؟ " قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: "تَدْخُلُ بَيْتَكَ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ أَنَا دُخِلَ عَلَيَّ؟ قَالَ: "تَأْتِي مَنْ أَنْتَ مِنْهُ " قَالَ: قُلْتُ: وَأَحْمِلُ السِّلَاحَ؟ قَالَ: "إِذًا شَارَكْتَ " قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "إِنْ خِفْتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ طَائِفَةً مِنْ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ، يَبُؤْ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ " (3)

 

(1) في (م) وحدها: تصبَّر.

(2) في (م) وحدها: تعفَّف.

(3) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت، فمن رجال مسلم. وأخرج القسم الثالث منه ابنُ أبي شيبة 15/12 عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمِّي، بهذا الإسناد.

وانظر (21325).

 

21325 - حَدَّثَنَا مَرْحُومٌ، حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، وَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ شَدِيدٌ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ " قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "تَعَفَّفْ "

قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ شَدِيدٌ يَكُونُ الْبَيْتُ فِيهِ بِالْعَبْدِ، يَعْنِي الْقَبْرَ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ " قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "اصْبِرْ "

قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، يَعْنِي حَتَّى تَغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ مِنَ الدِّمَاءِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟" قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "اقْعُدْ فِي بَيْتِكَ، وَأَغْلِقْ عَلَيْكَ بَابَكَ". قَالَ: فَإِنْ لَمْ أُتْرَكْ؟ قَالَ: "فَأْتِ مَنْ أَنْتَ مِنْهُمْ، فَكُنْ فِيهِمْ " قَالَ: فَآخُذُ سِلَاحِي؟ قَالَ: "إِذَنْ تُشَارِكَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ، وَلَكِنْ إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَرُوعَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ حَتَّى يَبُوءَ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ".

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه البزار في "مسنده" (3959) ، وابن حبان (6685) من طريق مرحوم بن عبد العزيز، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (20729) ، ومن طريقه الحاكم 2/156-157 و 4/423-424، والبغوي (4220) عن معمر، وأخرجه البزار (3958) من طريق صالح بن رستم، وابن حبان (5960) ، والحاكم 4/423-424 من طريق حماد بن سلمة، والبيهقي 8/191 من طريق شعبة، أربعتهم (معمر وصالح وحماد بن سلمة وشعبة) عن أبي عمران الجوني، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين!

وخالف جمهور الرواة عن أبي عمران حماد بن زيد، فأخرجه من طريقه تاماً ومختصراً الطيالسيُّ (459) ، وأبو داود (4261) و (4409) ، وابن ماجه (3958) ، والبزار (3928) ، والحاكم 4/424، والبيهقي 8/169 و191 والمزي في ترجمة المشعث من "التهذيب" 28/9-10 عن أبي عمران، عن المُشعَّث ابن طريف، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر. فأدخل المشعَّث بن طريف بين عمران وعبد الله بن الصامت. قال أبو داود: لم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد بن زيد. قلنا: والمشعث بن طريف مجهول.

وسيأتي الحديث برقم (21445) عن عبد العزيز بن عبد الصمد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت.

وفي باب الأمر باعتزال الفتن وعدم رفع السلاح، فيها انظر ما أوردناه عند حديث محمد بن مسلمة السالف برقم (17979) .

قال السندي: قوله: "تعفف" أي: كُفَّ نفسك عن السؤال.  "يعني القبر" هو بيان لكثرة الموت حتى تصير القبور غالية لكثرة الحاجة إليها وقلة الحفارين، ويحتمل أن يكون بياناً لرخاء البيوت بكثرة الموت حتى يكون البيت مساوياً للعبد.  "اصبر" أي: فكثرة الموت في مكان لا يقتضي الخروج من ذلك المكان.  "حجارة الزيت" قيل هي موضع بالمدينة. "فإن لم أُترك" على بناء المفعول، أي: إن كان ما تركوني بهذا. "من أنت منهم" أي: اترك المدينة وائتِ قبيلتك وأهل باديتك.

 

21460 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ، قَالَ مُحَمَّدٌ: عَنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: كُنَّا قَدْ حَمَلْنَا لِأَبِي ذَرٍّ، شَيْئًا نُرِيدُ أَنْ نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ، فَأَتَيْنَا الرَّبَذَةَ فَسَأَلْنَا عَنْهُ فَلَمْ نَجِدْهُ، قِيلَ: اسْتَأْذَنَ فِي الْحَجِّ، فَأُذِنَ لَهُ، فَأَتَيْنَاهُ بِالْبَلْدَةِ، وَهِيَ مِنًى، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ قِيلَ لَهُ: إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى أَرْبَعًا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ، وَقَالَ قَوْلًا شَدِيدًا، وَقَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. ثُمَّ قَامَ أَبُو ذَرٍّ فَصَلَّى أَرْبَعًا، فَقِيلَ لَهُ: عِبْتَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا، ثُمَّ صنعتَه؟! قَالَ: الْخِلَافُ أَشَدُّ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا فَقَالَ: "إِنَّهُ كَائِنٌ بَعْدِي سُلْطَانٌ فَلَا تُذِلُّوهُ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُذِلَّهُ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ، وَلَيْسَ بِمَقْبُولٍ مِنْهُ تَوْبَةٌ حَتَّى يَسُدَّ ثُلْمَتَهُ الَّتِي ثَلَمَ، وَلَيْسَ بِفَاعِلٍ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَكُونُ فِيمَنْ يُعِزُّهُ ".

أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَغْلِبُونَا عَلَى ثَلَاثٍ: أَنْ نَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَنُعَلِّمَ النَّاسَ السُّنَنَ.

 

إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي ذر، والقاسم بن عوف الشيباني ذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعَّفه النسائي، وقال أبو حاتم مضطرب الحديث ومحلُّه عندي الصِّدق. يزيد: هو ابن هارون، ومحمد بن يزيد: هو الكلاعي الواسطي، والعوَّام: هو ابن حَوْشَب.

وأخرج القسم الأخير منه -وهو قوله: أمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... إلخ- الدارميُّ (543) من طريق يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، عن القاسم ابن عوف، عن أبي ذر. ليس فيه الرجل المبهم!

وانظر الحديث الآتي برقم (21560) .

ورِبقة الإسلام، قال ابن الأثير في "النهاية" 2/190: الربقة في الأصل: عُرْوة في حبل تُجعل في عنق البهيمة أو يدها تُمسكها، فاستعارها للإسلام، يعني ما يشدُّ به المسلمُ نفسَه من عُرى الإسلام، أي: حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه.

 

هل يُعقَل أن أبا ذرّ الذي كان ينتقد معاوية كوالٍ لعثمان علنًا جعله نفي عثمان له يتحول إلى جبان وكاذب وإمعة إلى هذه الدرجة، أم أن بعض الملفقين الخبثاء قبل تسجيل أحمد بن حنبل لكلامهم كانوا صنائع للحكام يجاملونهم بتلفيقات كهذه، فلم يجدوا نكاية في أبي ذر أكثر من نسبة هذا الكلام له؟! لا يمكن حسم الإجابة برأيي. وفي الحديث ذكر المجاعة في أول عصر حكم عمر بن الخطاب والطاعون المعروف بطاعون عمواس وواقعة الحرة كانت سنة 63 هـ وكان عبد الله بن مطيع قائد قريش في التمرد على الأمويين، كما كان عبد الله بن حنظلة قائد الأنصار، إذ خرج أهل المدينة لقتال مسلم بن عقبة المري الذي بعثه يزيد لقتال أهل المدينة، وأخذهم بالبيعة له، فلما ظفر أهل الشام بأهل المدينة انهزم ابن مطيع، ولحق بابن الزبير بمكة، وقد نهب الجنود الشاميون المدينة وقتلوا الكثيرين من أصحاب محمد وتابعيهم ونتفوا شعر لحية بعضهم كإهانة وتعذيب، فقد أباح مسلم بن عقبة المدينة للجيش ثلاثة أيام، وتقول بعض الكتب التاريخية الإسلامية أنهم اغتصبوا حوالي ألف عذراء. وكل هذه أحداث بعد موت محمد ومكتوبة ومروية بعد انتهائها بكثير، في عصر العباسيين زمن كتابة كتب الحديث، لذلك فالأقرب للمنطق والعقل أنها ملفقة مكذوبة. وفيها أمر بالاستسلام للحكام في ظلمهم وعسفهم وابتداعاتهم وأي شيء يريدون عمله. وفي صحيح البخاري وهو عند أحمد 6623 رواية تضيف تضخم الأسعار وعند أحمد إضافة فتح القسطنيطينية (بيزنطة، تركيا حاليًّا بعد تتريكها، ربما كتحريض على الاحتلال في شكل نبوءة لكنها ذهبت للأتراك وقادتهم السلاجقة الذين مهدوا للأمر والعثمانيين ومحمد الفاتح المحتل لا للعرب رغم كل المحاولات الإرهابية الجهادية للأمويين)، روى البخاري:

 

3176 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا


فتنة تدخل كل بيت، مثال للنبوآت الغامضة التي لها مليون تأويل بطريقة المتنبئين والعرافين (كما في ترجمتي لكتاب كرزيمنسكي، كيف تكون حياتك بدون إله)، قد يفهمها المسلم على أنها الحرب بين علي وخصومه، أو عامة حروبهم الداخلية، أو تعامل الدولة الحديثة بالفوائد كأساس للاقتصاد العالمي كله، بعض متطرفي وظلاميي شيوخهم حتى فسرها بالتلـﭭزيون، لأنهم يكرهون العلم والحرية والتنوير ويحبون الظلام والصمت والجهل والرجعية. ونفس التلفيق  وتعمد الغموض والكلام المبهَم نجده في الحديث التالي، روى أحمد:

 

23291 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخَوْلَانِيُّ، سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَمَا ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَسَرَّهُ إِلَيَّ لَمْ يَكُنْ حَدَّثَ بِهِ غَيْرِي، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ يُحَدِّثُ مَجْلِسًا أَنَا فِيهِ، سُئِلَ عَنِ الْفِتَنِ وَهُوَ يَعُدُّ: " الْفِتَنَ فِيهِنَّ ثَلَاثٌ لَا يَذَرْنَ شَيْئًا مِنْهُنَّ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ، مِنْهَا صِغَارٌ، وَمِنْهَا كِبَارٌ "، قَالَ حُذَيْفَةُ: فَذَهَبَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ كُلُّهُمْ غَيْرِي.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف .

وأخرجه أبو عوانة في الفتن كما في "إتحاف المهرة" (4185) ، والحاكم 4/471 من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد . وقال الأخير: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه . قلنا: بل أخرجه مسلم .

وأخرجه مسلم (2891) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/405 من طريق يونس بن يزيد، وابن حبان (6637) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، كلاهما عن الزهري، به .

وسيأتي برقم (23292) و (23460) .

ولقصة تحديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابَه بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة انظر ما سلف برقم (23274) .

 

وهذا كذلك من الأحاديث الملفقة، روى أحمد:

 

23985 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: " عَوْفٌ ؟ ": فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: " ادْخُلْ " قَالَ: قُلْتُ: كُلِّي أَوْ بَعْضِي ؟ قَالَ: " بَلْ كُلُّكَ " قَالَ: " اعْدُدْ يَا عَوْفُ، سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، أَوَّلُهُنَّ مَوْتِي " قَالَ: فَاسْتَبْكَيْتُ حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْكِتُنِي، قَالَ: قُلْتُ: إِحْدَى، " وَالثَّانِيَةُ: فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " قُلْتُ: اثْنَيْنِ، " وَالثَّالِثَةُ: مُوتَانٌ يَكُونُ فِي أُمَّتِي يَأْخُذُهُمْ مِثْلَ قُعَاصِ الْغَنَمِ قَالَ: ثَلَاثًا، وَالرَّابِعَةُ فِتْنَةٌ تَكُونُ فِي أُمَّتِي، وَعَظَّمَهَا، قُلْ: أَرْبَعًا، وَالْخَامِسَةُ: يَفِيضُ الْمَالُ فِيكُمْ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُعْطَى الْمِائَةَ دِينَارٍ فَيَتَسَخَّطُهَا، قُلْ: خَمْسًا، وَالسَّادِسَةُ: هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ عَلَى ثَمَانِينَ غَايَةً " قُلْتُ: وَمَا الْغَايَةُ ؟ قَالَ: " الرَّايَةُ، تَحْتَ كُلِّ رَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، فُسْطَاطُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ فِي أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: الْغُوطَةُ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ ".

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وصفوان: هو ابن عمرو السَّكْسكي.

وأخرجه البزار في "مسنده" (2742) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ ورقة 105 من طريق أبي المغيرة الخولاني، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1292) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (72) ، وفي "الشاميين" (934) ، وابن منده في "الإيمان" (1000) ، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (427) و (523) ، وابن عساكر 1/ورقة 105 من طرق عن صفوان بن عمرو، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/71، وابن منده (999) من طريق خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، به.

وانظر ما سلف برقم (23971) .

ولقوله: "فساط المسلمين يومئذ.. إلخ" انظر ما سلف برقم (17470) .

"مَوَتان" بفتحتين: الموت، وبضم فسكون: موت الماشية والمقصود كثرة الموت بالطاعون.

وروى البخاري:

 

3176 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا

 

نبوءة بأثر رجعي وإدراك متأخر لأحداث كانت قد تمت وانتهت زمن تلفيق وكتابة هذه الأحاديث كاقتحام فلسطين على يد بدو العرب وطاعون عمواس وارتفاع الأسعار والتضخم الاقتصادي.

 

من الأحاديث الملفقة بطاعة الحكام العمياء رغم فسادهم وجبروتهم وظلمهم، وتعليم بعدم معارضتهم ونقدهم علنًا

 

روى أحمد:

 

15333 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَغَيْرُهُ، قَالَ: جَلَدَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ صَاحِبَ دَارَا (1) حِينَ فُتِحَتْ، فَأَغْلَظَ لَهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ الْقَوْلَ حَتَّى غَضِبَ عِيَاضٌ، ثُمَّ مَكَثَ لَيَالِيَ، فَأَتَاهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ هِشَامٌ لِعِيَاضٍ: أَلَمْ تَسْمَعِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا، أَشَدَّهُمْ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا لِلنَّاسِ " ؟ فَقَالَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ: يَا هِشَامُ بْنَ حَكِيمٍ، قَدْ سَمِعْنَا مَا سَمِعْتَ، وَرَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ، فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ "، وَإِنَّكَ يَا هِشَامُ لَأَنْتَ الْجَرِيءُ، إِذْ تَجْتَرِئُ عَلَى سُلْطَانِ اللهِ، فَهَلَّا خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ السُّلْطَانُ، فَتَكُونَ قَتِيلَ سُلْطَانِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (2)

 

(1) في (م) : دار، وهو تحريف، وكذلك تحرف في بعض المصادر إلى داريا، ودارا: هي بلدة بين نصيبين وماردين.

(2) صحيح لغيره دون قوله: من أراد أن يَنْصَحَ لسلطان بأمرِ.. فحسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، شريح بن عبيد الحضرمي لم يذكروا له سماعاً من عياض ولا من هشام، ولعل بينهما جبير بن نُفير كما في رواية ابن أبي عاصم الآتية في "السنة" رقم (1097) . وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن حجاج الخولاني، وصفوان: هو ابن عمرو السكسكي.

قوله: "أن مِنْ أشدِّ النَّاس عذاباً أشدهم عذاباً في الدنيا للناس". سيأتي نحوه بإسنادٍ صحيح برقم (15335) .

وقوله: "من أراد أن يَنْصَحَ لسلطان بأمر فلا يُبْدِ له علانية... " وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1096) من طريق بقَية بن الوليد، وابن عدي في "الكامل" 4/1393 من طريق صدقة بن عبد الله الدمشقي، كلاهما عن صفوان بن عمرو، به.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1097) عن محمد بن عوف وهو الطائي، عن محمد بن إسماعيل بن عياش، عن أبيه، عن ضمضم بن زُرْعة، عن شريح بن عبيد، عن جبير بن نُفير، عن عياض، به. وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، محمد بن إسماعيل لم يسمع من أبيه.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1098) عن محمد بن عوف الطائي، عن عبد الحميد بن إبراهيم الحمصي، عن عبد الله بن سالم وهو الأشعري، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن فُضيل بن فضالة، عن ابن عائذ، عن جُبير ابن نُفير، عن عياض، به. وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الحميد بن إبراهيم.

وأخرجه بتمامه الطبراني في "الكبير" 17/ (1007) ، والحاكم 3/290، والبخاري مختصراً في "التاريخ الكبير" 7/18-19 من طريق إسحاق بن إبراهيم بن زِبْرِيق، عن عمرو بن الحارث الحمصي، عن عبد الله بن سالم، عن الزبيدي، عن فضيل بن فضالة، عن ابن عائذ، عن جبير بن نفير، عن عياض، به. وهذا إسناد ضعيف لضعف إسحاق بن إبراهيم.

وبمجموع هذه الطرق يشتد الحديث ويتقوَّى.

وقد تحرف الزبيدي في مطبوع الطبراني إلى الزبيري، وعند الحاكم نسب عياض بن غَنْم بالأشعري، وهو وهم، صوابه الفهري، ذكر ذلك ابن حجر في ترجمته في "الإصابة".

وأورده بتمامه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/229، وقال: في الصحيح طرف منه من حديث هشام فقط. رواه أحمد ورجاله ثقات، إلا أني لم أجد لشريح من عياض وهشام سماعاً وإن كان تابعياً.

وقوله: "من أراد أن ينصح لسلطان بأمر... " له شاهد موقوف من حديث عبد الله بن أبي أوفى، سيرد 4/382-383 وإسناده حسن.

قال السندي: قوله "من أراد أن ينصح لسلطان": أي نصيحة السلطان ينبغي أن تكونَ في السِّرِّ لا بين الخلق.

قوله: "فتكون قتيل سلطان"، أي: لسوء أدب منك في نصحه، وإلا فكون الإنسان قتيل السلطان للأمر بالمعروف خير لا شر، والله تعالى أعلم.

 

19415 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْحَشْرَجُ بْنُ نُبَاتَةَ الْعَبْسِيُّ كُوفِيٌّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ قَالَ: أَتَيْتُ (1) عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ وَالِدُكَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَتَلَتْهُ الْأَزَارِقَةُ، قَالَ: لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُمْ كِلَابُ النَّارِ "، قَالَ: قُلْتُ: الْأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ أَمِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا ؟ قَالَ: " بَلِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا " . قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ، (2) قَالَ: فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً (3) ، ثُمَّ قَالَ: " وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ (4) إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ، فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ، وَإِلَّا فَدَعْهُ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ " (5)

 

(1) في (ظ13) و (ق) وهامش (س) : لقيت.

(2) في (ظ13) : ويفعل بهم ويفعل بهم، وكررت الجملة في هامش (س) .

(3) في (ظ13) : فغمزها غمزة بيديه.

(4) قوله: "عليك بالسَّواد الأعظم" لم يكرر في (ظ 13) و (ق) .

(5) رجاله ثقات غير حَشْرَجِ بنِ نُباتةَ، فقد وثقه أحمد ويحيى بن مَعين، وأبو داود، والعباسُ بن عبد العظيم العنبري، وقال أبو زُرعة: لا بأس به، مستقيمُ الحديث، واختلف قولُ النسائي فيه، فقال في رواية: ليس بالقوي، وقال في أخرى: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: صالح، يُكتَبُ حديثُه، ولا يُحتجُّ به، وقال ابنُ عديّ: لا بأس به. وسعيد بن جُمهان صدوقٌ له أفراد، فيما قال الحافظ في "التقريب". قلنا: وهذه منها. وقال البخاري: في حديثه عجائب.

وأخرجه مختصراً الطيالسي (822) ، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (905) ، وابنُ عدي في "الكامل" 2/847، والحاكم 3/571 من طرق عن الحَشْرَج بن نُباتة، بهذا الإسناد. وسكت عنه الحاكم (مع تساهله في التصحيح) والذهبيّ.

وأخرجه اللالكائي في "أصول الاعتقاد" (2313) من طريق قَطَن بن نُسَيْر، عن عبد الوارث بن سعيد، عن سعيد بن جُمهان، به. وقَطَن بن نُسير ضعيف.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/230، وقال: روى ابنُ ماجه منه طرفاً، ورواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات.

وسلف برقم (19130) .

 

وفي كتاب الفتوح لابن الأعثم وتاريخ الطبري لمن سيقرأ كتبًا مهمة كهذه سيجد خطبًا للخلفاء وخاصة الأمويين والعباسيين تتضمن فكرة الحكم بحق وتفويض إلهيٍّ.

 

هذا ما يريده ويرغبه أي حاكم مستبد بطبيعة الحال، تكميم أفواه المعارضين ومنع وصول أصواتهم للعامة لكي لا يكون هناك رأي ولا فعل إلا رأيه وفعله هو حسب مزاجه وعلى ما فيه من عيوب، وبذلك يفسد الحكم ولا يتحقق تقدم أو تحسين أو تصحيح لأي أخطاء وعيوب وفساد. وفي الحديث كغيره من أحاديث كثيرة نبوءة ملفقة ضد الخوارج، كأنه لا يمكن إضفاء ووجود الشرعية على قتال الخوارج والإرهابيين مهددي السلام في الدول بدون نص ديني.

 

كثرة الأحاديث الملفقة المنتشرة بينهم جعلتهم يلفقون ويؤلفون حديثًا للرد على ما كان يتم تلفيقه!

 

روى أحمد:

 

18184 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَبَهْزٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: قَالَ: سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ أَبِي شَبِيبٍ، يُحَدِّثُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ"

 

حديث صحيح، ميمون بن أبي شبيب، قال أبو داود: لم يدرك عائشة. قلنا: فيكون إدراكه للمغيرة أبعد، على أنه صدوق كثير الإرسال. وقد نقل المزي في "التهذيب" عن عمرو بن علي الفلاس قوله: لم أُخبر أن أحداً يزعم أنه سمع من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. بهز: هو ابن أسد.

وأخرجه الطيالسي (690) ، وابن أبي الدنيا في "الصمت وحفظ اللسان" (533) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (543) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (423) و (424) و (425) ، وابن حبان في "المجروحين" 1/7، والطبراني في "الكبير" 20/1020، وابن عدي في "الكامل" 1/29 و2/814، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 4/378، والخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي" 2/ 134 (1322) ، وابن عبد البر في مقدمة "التمهيد" 1/41، والبغوي في "شرح السنة" (123) ، من طرق، عن شعبة، به. وقرن علي بن الجعد- ومن أخرج الحديث من طريقه- بشعبة قيس بن الربيع.

وسيأتي بالأرقام (18211) و (18240) و (18241) .

وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، سلف برقم (903) بإسناد صحيح. وآخر من حديث سمرة، سيرد 5/14 و20.

قال السندي: قوله: أحد الكذَّابِين، بالتثنية، أي: الراوي والواضع، كل منهما كذاب، واحدهما الراوي. أو بالجمع، أي: واحد من جملة المعلومين بأنهم الكذَّابون.

 

18211 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ ".

 

حديث صحيح. وقد سلف الكلام على إسناده برقم (18184). وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان : هو الثوري. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/595- ومن طريقه مسلم في مقدمة "صحيحه" 1/9، وابن ماجه (41) - عن وكيع، عن سفيان، بهذا الإسناد، ولم يقرن شعبة بسفيان سوى مسلم.

وأخرجه هنَّاد في "الزهد" (1382) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (426) ، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (166) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (1021) ، وابنُ عبد البر في مقدمة "التمهيد" 1/41 من طرق، عن سفيان ، به. وقد سلف برقم (18184) ، وذكرنا شواهده هناك.

 

• 903 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحدُ (2) الْكَاذِبِينَ " (3)

 

(2) على حاشية (س) و (ص) : أكذب، ولفظة "الكاذبين" ضبطت في (س) بضبطين على التثنية والجمع، وفي (ظ11) على الجمع، و"أحد الكاذبَيْن"، المراد: أن الراوي له يشارك الواضعَ في الإِثم.

(3) جاء هذا الحديث في (م) على له من رواية الإمام أحمد، والصوابُ أنه من زيادات ابنه عبد الله كما في أصولنا الخطية. والحديث إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن فضيل: هو محمد. وأخرجه ابن ماجه (40) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/595 من طريق شعبة، وابن ماجه (38) ، والبزار (621) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، كلاهما عن الحكم، به.

وأخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (165) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أخيه عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [عن أبيه] عن علي بن أبي طالب، به. وما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

قوله: "أحد الكاذِبَيْن"، قال السندي: رُوي بالتثنية، أي: فهو يشارك واضع الحديث، وبالجمع، أي: فهو واحد من جملة المعلومين بصفة الكذب؛ إذ لا يقال: الظالم، والفاسق، والكاذب، والصادق، إلا لمن اعتاد ذلك، واشْتَهَر به، لا مَنْ صَدَرَ منه ذلك ولو مرةً أو مرتين، والله تعالى أعلم.

 

20163 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يزيد: هو ابن هارون، وشعبة: هو ابن الحجاج، والحكم: هو ابن عُتَيبة الكِنْدي الكوفي. وأخرجه الطيالسي (895) ، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (538) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (144) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (422) ، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (166) ، وابن أبي حاتم في "العلل" 2/287، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/306، والطبراني(6757) ، وابن عدي في "الكامل" 1/29، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/33-34، والخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد" 4/161، وابن عبد البر في مقدمة "التمهيد" 1/40- 41 من طرق عن شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وفي رواية الطيالسي والخطيب: "الكذابين" بدل "الكاذبين". وسيأتي الحديث عن وكيع بن الجراح برقم (20221) ، وعن عفان بن مسلم ومحمد بن جعفر جميعاً برقم (20224) ، ثلاثتهم عن شعبة بن الحجاج.

قلنا: هكذا رواه أصحاب شعبة عنه، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن سمرة. فجعلوه من مسند سمرة بن جندب، وتفرد عبيد الله بن موسى كما في "علل" الدارقطني 3/271، فرواه عن شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، فأسنده عن علي بن أبي طالب. ولم نقف على هذه الطريق، لكن رواه الأعمش، وتابعه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، وقد سلف في مسنده برقم (903) . قال الترمذي بإثر الحديث (2662) : وكان حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن سمرة عند أهل الحديث أصحُّ، والله أعلم.

وفي الباب أيضاً عن المغيرة بن شعبة سلف برقم (18184) .

وقد تواتر الخبرُ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن من كذب عليه متعمداً، تَبَوَّأَ مقعده من النار، روي ذلك عن غير واحد من أصحابه رضي الله عنهم، انظر تخريجها في "صحيح" ابن حبان عند الحديث رقم (28)

 

الحديث الأول كمثال رقم 18184 راويه لم ير ولم يعاصر المروي عنه، فهو كذب واضح، وكما علقت في موضع آخر فمعنى الحديث أن المسألة في تقييم الحديث تتعلق بالرأي والإحساس الذاتي، وهذه طبيعة الخرافة لا العلوم كعلم التاريخ والنفس مثلًا بموضوعيتهما النسبية الممكنة.

 

نبوآت ملفقة عن العصر العباسي الثاني المتأخر عصر الاضمحلال وتفوق وتفوذ الفرس والترك

 

روى أحمد:

 

20123 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُوشِكُ أَنْ يَمْلَأَ اللهُ أَيْدِيَكُمْ مِنَ الْعَجَمِ، ثُمَّ يَكُونُونَ أُسْدًا لَا يَفِرُّونَ، فَيَقْتُلُونَ مُقَاتِلَتَكُمْ، وَيَأْكُلُونَ فَيْئَكُمْ ".

 

إسناده ضعيف، فإن هشيماً- وهو ابن بشير- والحسن البصري مدلسان ولم يصرَّحا بسماعهما هنا.

وسيأتي مكرراً برقم (20250) عن سريج، به. ورواه المصنف برقم (20249) مرسلاً عن هشيم دون واسطة، وصرح بسماعه من يونس فقال: أخبرنا يونس عن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يونس: هو ابن عبيد البصري.

وسيأتي هذا الحديث برقم (20181) من طريق حماد بن سلمة عن يونس.

 

20181 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " تُوشِكُونَ (1) أَنْ يَمْلَأَ اللهُ أَيْدِيَكُمْ مِنَ الْعُجْمِ، وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: مِنَ الْأَعَاجِمِ، ثُمَّ يَكُونُونَ أُسْدًا لَا يَفِرُّونَ، يَقْتُلُونَ مُقَاتِلَتَكُمْ، وَيَأْكُلُونَ فَيْئَكُمْ " (2)

 

(1) المثبت من (م) ، وهو الجادَة، وفي (ظ 10) و (س) : توشكوا، بحذف النون، ووجّهها السندي في "حاشيته" على أنها للتخفيف. وفي (ق) : يوشك.

(2) إسناده ضعيف من أجل عنعنة الحسن البصري. يونس: هو ابن عُبَيد البصري.

وأخرجه البزار (3366- كشف الأستار) ، والطبراني في "الكبير" (6921) ، والحاكم 4/512 من طريق عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 2/16، والطبراني (6921) من طريق الحجاج بن منهال، وأبو نعيم في " الحلية"3/24-25 من طريق عبيد الله بن محمد العَيشي، وفي "أخبار أصفهان" 1/13 من طريق موسى بن إسماعيل وعبيد الله بن محمد، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به.

وسيأتي بالأرقام (20246) و (20247) و (20248) و (20249) و (20250) ، وسلف برقم (20123) .

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند البزار (3363- كشف الأستار) ، والطبراني في "الأوسط" (5211) ، قال الهيثمي في "المجمع" 7/310: فيه عبد الله بن عبد القدوس. وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، ويونس بن خباب ضعيف جداً. قلنا: وفي أحد إسناديه ليث بن أبي سليم أيضاً، وهو ضعيف.

وعن أنس عند البزار (3364) ، والعقيلي في "الضعفاء" 2/16، وفيه خالد ابن يزيد بن مسلم، قال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم، ثم قال في حديثه الذي رواه من طريق قتادة عن أنس: ليس لهذا الحديث من حديث قتادة أصل، إنما يروى هذا عن الحسن عن سمرة.

وعن حذيفة بن اليمان عند البزار (3365) ، قال الهيثمي: وفيه يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي ، وهو متروك.

(2) وقع في (م) وحدها مكان قوله: "حدثنا هشام": عن حماد بن سلمة، وهو تحريف ناتج عن انتقال نظر إلى الحديث التالي له.

 

حديث ظاهر التلفيق وبعض نسخ أحمد ولعلها الأصح فيها غلطة نحوية بحذف نون الفعل بدون ناصب ولا جازم، وأعتقد أنها الأصح من النسخ، وتدل على كتابتها في عصر متأخر ومن شخص ملفق لا يجيد النحو واللغة، وليس من القدماء الذين كانوا عربًا بأصالة يتكلمونها بلا أغلاط.

 

نسخ مسند أحمد وغيره من كتب تم تعديلها والإضافة عليها لاحقًا في عصر اجتياح المغول أو بعده بوقت

 

روى أحمد:

 

22951 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ مُهَاجِرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أُمَّتِي يَسُوقُهَا قَوْمٌ عِرَاضُ الْوُجُوهِ، صِغَارُ الْأَعْيُنِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْحَجَفُ ثَلَاثَ مِرَارٍ حَتَّى يُلْحِقُوهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، أَمَّا السَّائقَةُ الْأُولَى فَيَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ . وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَهْلِكُ بَعْضٌ، وَيَنْجُو بَعْضٌ . وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَيُصْطَلَمُونَ كُلُّهُمْ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ " . قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَنْ هُمْ ؟ قَالَ: " هُمُ التُّرْكُ " . قَالَ: " أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَرْبِطُنَّ خُيُولَهُمْ إِلَى سَوَارِي مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ " قَالَ: وَكَانَ بُرَيْدَةُ لَا يُفَارِقُهُ بَعِيرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، وَمَتَاعُ السَّفَرِ وَالْأَسْقِيَةُ يُعِدُّ ذَلِكَ لِلْهَرَبِ مِمَّا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَلَاءِ مِنْ أَمْرِ التُّرْكِ.

 

إسناده ضعيف، تفرد به بشير بن المهاجر الغَنوَي، ولم يتابعه عليه أحد، وهو ضعيف عند التفرد. أخرجه مختصراً ومطولاً البزار (3367 - كشف الأستار) ، والشجري في "أماليه" 2/263 من طريق محمد بن فضيل، عن بشير بن المهاجر، بهذا الإسناد .

ولم يذكرا في روايتهما قوله: "وكان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ... إلخ" .

ووقع عندهما: "يلحقون أهل الإسلام بمنابت الشِّيح" بدل "بجزيرة العرب" .

وأخرجه مختصراً الحاكم 4/474 من طريق معاذ بن نَجْدة، عن خلاد بن يحيى، عن بشير بن مهاجر، به . وسقط من إسناده في مطبوع الحاكم "خلاد بن يحيى"، واستدركناه من "إتحاف المهرة" 2/583 .

وخالف معاذَ بن نجدة جعفرُ بن مُسافر التِّنِّيسي عند أبي داود (4305) ، فرواه عن خلاد بن يحيى إلا أنه قلب متنه، فقال: "تسوقونهم ثلاث مرار حتى تلحقوهم بجزيرة العرب" جعل المسلمين هم الذين يسوقون الترك ثلاث مرار حتى يلحقوهم بجزيرة العرب . قلنا: وعلى ضعف بشير بن مهاجر، فإن جعفر بن مسافر فيه كلام أيضاً .

وفي باب قتال التُّرك وذكر صفتهم، عن أبي هريرة عند البخاري (2929) ، ومسلم (2912) ، وقد سلف برقم (7263) ، وانظر تتمة شواهده هناك .

وقوله: "الحَجَف": ضَرْب من التُّروس، من جلود ليس فيها خَشَب ولا رباط من عَصَب، واحدتها: حَجَفة . وقوله: "فيُصطَلَمون" بالبناء للمفعول، أي: يُستأصَلون ويُبادون .

 

الأحاديث الأصلية التي فيها وصف قوم صغار الأعين كانت عن قوم من خوز وكرمان في إيران (كما قالت لنا كتب كمعجم البلدان لياقوت الحموي وغيره) وأن العرب سيحتلون دولهم وهذا حدث قبل عصر كتابة كتب الأحاديث ورووا عنه كنبوءة في المسند وصحيح البخاري ومسلم وغيرهم، كرواية البخاري:

 

3590 - حَدَّثَنِي يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكَرْمَانَ مِنْ الْأَعَاجِمِ حُمْرَ الْوُجُوهِ فُطْسَ الْأُنُوفِ صِغَارَ الْأَعْيُنِ وُجُوهُهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ تَابَعَهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

 

لكن هذا الحديث الذي نحن بصدده يتكلم بلا شك عن المغول واحتلالهم لبلدان الإسلام فهذا يختلف. هذا الحديث كان قد يُحتمَل أن يكون معجزة حقيقية لتنبؤ محمد بالاجتياح المغولي للعالم الإسلامي وإسقاطه للخلافة العباسية في بغداد، وفيه تخويف للعرب فلو أن هولاكو دفع مالًا لشيوخ ووعاظ ليروجوا كلامًا يخيف العامة والدهماء والشعوب كهذا فما كانوا ليقوموا بخير من هذا، هذا كوصايا إرميا في كتاب اليهود بالاستسلام لنبوخذنصّر البابلي والتي لم يستمعوا لها فانهزموا، لكن العرب قوة أكبر من اليهود فهذه تعاليم مخزية مقززة وقد انتصر العرب في النهاية بمقاومتهم بقيادة مصر بعهد المماليك والسلطان قُطُز. لكن الحديث سيكون معجزة فقط لو ثبت أن الكلام أقدم عهدًا من ذلك التاريخ، وأن مخطوطات المسند أقدم من تاريخ اجتياح المغول! لكن ما عمر المخطوطات التي بين أيدينا للمسند؟! من خلال مقدمة طبعة الرسالة للمسند نقتبس بعض التواريخ:

 

نسخة المكتبة القادرية (2) ببغداد تحت رقم (661) وقد رمزنا إليها بالرمز (ق) .

وهذه النسخة متقنة يَنْدُرُ وقوعُ الخطأ فيها ، نُسخت بخطٍّ جميل واضح ، حديثِ العهد ، فقد كتبت في أواخر القرن الثالث عشر الهجري ، وهي نسخة مقابلة على نسخٍ صحيحة.

 

نسخة دار الكتب المصرية ، تحت رقم (448) و (449) حديث ، وقد رمزنا لها بالرمز (س) .

وهي نسخةٌ نفيسة متقنة قُوبِلَتْ على عِدَّةِ نُسَخٍ خطية أكثرُها قديم ، منها نسخةُ الحافظ ابنِ عساكر .

وهذه النسخة هي نسخةُ العلامة الشيخ عبد الله بن سالم البصري المكي المتوفى سنة (1134 هـ) ، قرأها عليه العالم الشيخ محمد بن عبد الله المغربي في المسجد النبوي في المدينة المنورة في ستة وخمسين مجلساً .

 

نسخة مكتبة الأوقاف العامة بالموصل ، تحت رقم (640) ، وقد رمزنا لها بالرمز (ص) .

وهي منسوخة عن أصل العلامة عبد الله بن سالم البصري التي رمزنا لها بـ (س)

 

نسخة تامة في مجلدين ، صُوِّرَتْ عن الأصل الموجود في دار الكتب المصرية ، وقد رمزنا لها بالرمز (ش) .

- المجلد الأول : وعَدَدُ أوراقه (561) ورقة ، يبتدئ بأوَّلِ الكتاب ، وينتهي بآخرِ مسند المكيين .

وقع الفراغُ من كتابته صبيحةَ يومِ الأربعاء (17) شهر رمضان المعظم سنة (1190 هـ) . وناسخه هو محمد ناصر الصفطي الحنفي .

وقد جاء على اللوحة الأولى من هذا المجلد ما نصه : وقف هذا الكتابَ وتصدَّق به ابتغاءً لِوجه الله تعالى ، وطلباً لمرضاته الأمير أحمد آغا باش جاويش تفكجيان ، وجَعَلَ مقرَّه في خزانة جامع شيخون ، وتحت يدِ إمامه ، تقبَّل الله منه ذلك ، بتاريخ سنة (1193 هـ).

 

بعض تواريخ نسخ المكتبة الظاهرية

 

- الجزء ذو الرقم (1044) ، ورمزنا له بحرف (ظ 1) .

ويشتمِل من أول المسند إلى آخر مسند أبي هريرة . عدد أوراقه (492) ورقة ، وهو بخطِّ نسخ مقروء ، تاريخ نسخه (1149 هـ) ، وهو وقفُ الوزير سليمان باشا ، على بعض أوراقه الأولى آثار رطوبة ، وهو مقابل .

- الجزء ذو الرقم (1045) ، ورمزنا له بحرف (ظ 2) .

أوَّلُه مسند الأنصار ، وينتهي بآخر مسند النساء ، ناسخه محمد بن إسماعيل الطيبي الشافعي ، نسخه سنة (1150 هـ) ، وهو ملك الوزير سليمان باشا ، عدد أوراقه (396) ورقة .

- الجزء ذو الرقم (1046) ، ورمزنا له بحرف (ظ 3) .

يشتمل على مسند عبد الله بن عمرو وأبي رمثة وأبي هريرة ، وقد فُرغ من نسخه سنة (594 هـ) ، عليه سماعات أقدمها سنة (670 هـ) ، بسماع يحيى بن مسعود بن نفيس الموصلي ثم الحلبي بالمدرسة الضيائية بسفح قاسيون من الشيخ الإمام فخر الدين أبي الحسن علي بن أبي العباس أحمد بن عبد الواحد المقدسي ، بسماعه من أبي علي حنبل الرصافي من أبي القاسم بن الحصين بسنده ، بمجالس آخرها (18) صفر سنة سبعين وست مئة . عدد أوراقه (330) ورقة ، وفيه اضطراب وبعض صفحات مهترئة .

- الجزء ذو الرقم (1048) ، ورمزنا له بحرف (ظ 4) .

وعليه سماعُ عبد الغني المقدسي سنة (561 هـ) عن الشيوخ الأجلاء أبي بكر عبد الله بن محمد بن النقور ، وأبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف ، وأبي طالب المبارك بن يحيى بن خضير الصيرفي ، وفي آخر صفحة من الجزء سماعات عدة ، عدد أوراقه (182) ورقة .

- الجزء ذو الرقم (1049) ، ورمزنا له بحرف (ظ 5) .

ويشتمل على مسند الأنصار بتمامه ، وعليه سماع محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي في بغداد سنة (597 هـ) . عدد أوراقه (299) ورقة ، مكتوب بخط معتاد مقروء .

- الجزء ذو الرقم (1050) ، ورمزنا له بحرف (ظ 6) . ويشتمل على مسند النساء ، نسخ سنة (616 هـ) بخطٍّ جميل مضبوط ، عدد أوراقه (253) ورقة ، عليه سماع ابن طولون على الشيخ الحافظ ناصر الدين بن محمد بن أبي عمر ، وسماعُ محمد بن محيي الدين عبد القادر بن دميلكو ، في مجالس من سنة (943 هـ) بقراءته على محمد بن طولون . وهذا الجزء أوقفه ابنُ طولون .

- الجزء ذو الرقم (1053) ، ورمزنا له بحرف (ظ 7) .

ويشتمل على مسند الصديقة عائشة ، عدد أوراقه (214) ورقة ، كتب بخط جميل متقن مضبوط ، أكلت الأرضة بعضَ أطراف أوراقه .

- الجزء ذو الرقم (1054) ، ورمزنا له بحرف (ظ 8) .

 

مجلد بمكتبة الرياض العامة ورقمه (685) ، ورمزنا له بـ (ح) ، ويحوي مسندَ العشرة المبشرين بالجنة ، وحديثَ عبد الرحمن بن أبي بكر ، وحديثَ زياد بن خارجة ، وحديثَ الحارث بن خَزْمة ، وحديثَ سعد مولى أبي بكر ، نسخ بخط نسخي واضح متقن ، وقد أَضَرَّت الرطوبةُ بأطرافِ الورقات الأُولى منه ، مع وجود نقص من أوله يتضمن 14 حديثاً ، وقسماً من الحديث15 ، وهو مجزأٌ إلى أحدَ عشرَ جزءاً ، كُلُّ جزءٍ منها يختلِفُ عن الآخر من حيثُ الكم ، فأصغرُها الأوَّلُ وهو سبعُ ورقات وأكبرها (32) ورقة وهو الثالثُ ، و ثَمَّتَ سقطٌ لم نتبيّنْ مقدارَه بين الخامس والسادس ، وفيه إلحاقات بالحواشي تنبئ عن مقابلته بأصله .

وفي لوحةِ عنوان كُلِّ جزء كُتِبَ ما نصه : الجزء ... من مسند العشرة رضوان الله عليهم تأليف أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حَنْبَل بن هلال بن أسد الشَّيْباني رحمة الله عليه ، رِواية أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القَطِيعي ، عن عبدِ الله ، رواية أبي علي الحسن بن علي بن محمد بن

المُذهِبِ التميمي الواعظ عنه ، رِواية الرئيس أبي القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحُصَيْن عنه رواية الشيخين الفقيرين إلى الله عز وجل أبي طاهر عبدِ الجبار ، وأبي محمد عبد الخالق ، ابني هبة الله بن القاسم بن البُندار غفر الله لهما عنه .

وقد كتبه في النِّصْفِ الثاني من القرن التاسع الهجري رمضانُ بنُ عبد الله بن أحمد بن أيوب الجَمَّاعيلي الحنبلي ، وسمعه هو وعَدَدٌ مِن طلبةِ العلم على العالمِ المحدِّث محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن العمري الحنبلي بسنده إلى أبي علي حنبل بن عبد الله الرُّصَافي في عِدَّةِ مجالس آخرها في يوم الجمعة السابع عشر من جمادى الأول سنةَ سبع وتسعين وثمان مئة

 

ولمن شاء إكمال قراءة تاريخ النسخ فليرجع إلى مقدمة طبعة الرسالة فللأمانة أنا لم أورده كله لطوله، لكن كما ترى لا توجد نسخة كاملة لمخطوط للمسند قبل  القرن الحادي عشر الهجري! والحديث كما ترى لا وجود له إلا في مسند أحمد ومسند البزار وسنن أبي داوود ومستدرك الحاكم. وبتتبع تاريخ مخطوطات نسخ البزار لن يكون حالها أفضل حالًا، ونسخ سنن أبي داوود دخلها اختلافات كثيرة وتحريف كما يعلم كل من يدرس النسخ المحققة لها ولا أعتقد أن تواريخ أقدم مخطوطاتها ستكون أفضل من مسند أحمد على جلالة مسنده وأهميته الفائفة بكثير لسنن أبي داوود. وهذا وصف لنسخ مخطوطات سنن أبي داوود:

النسخة الأولى:

وهي مصورةُ عن الأصل الخطيِّ الموجود في مكتبة كوبرلي في اسطنبول، تحت رقم (294/ 2) وقد رمزنا إليها بـ (أ).

نسخها الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله لنفسه، فقد جاء في آخر هذه النسخة ما نصه: علَّقه لنفسه الفقيرُ إلى عفوِ ربِّه أحمدُ ابنُ علي بن محمد العسقلاني، الشهير بابنِ حجر، وفرَغ منه في يوم الجمعة سادس عشري ربيعٍ الأول، سنة ثمانِ مئة بزَبيد مِن بلاد اليمن حرسَها الله تعالى، والحمد لله أولاً وآخراً.

وكان عُمْرُهُ حين كتابة هذه النسخة سبعاً وعشرين سنة.

وجاء في حاشية الورقة الأخيرة منها ما نصه: ثم قابلتُ الجزء الأخير في يوم السبت تاسع عشر ذي القعدة، سنة ثلاث وثمان مئة. وهي نسخة تامة، خطُّها نسخي واضح.

عددُ أوراقها (327) ورقة، بما فيها كتابُ "المراسيل" وعددُ أوراقِه ثلاثون ورقة.

 

حتى هذه المخطوطة القديمة لسنن أبي داوود لو صح تاريخها أصلًا  بينها وبين بداية خبر المغول أكثر من 178 سنة! لأن ابن كثير في كتابه البداية والنهاية يأتي بأول بداية الأخبار عن المغول وقائدهم جنكيز خان عام 622 ه (سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ) وفيها يذكر هزيمة جلال الدين بن خوارزم شاه السلجوقيّ.

 

النسخة الثانية:

وهي مصورةٌ عن الأصلِ الخطِّي الموجودِ في المكتبة المركزية في الجامعة الإسلامية في المدينةِ المنورة. وقد رمزنا إليها في عملنا بـ (ب).

قام بنسخها المَلِكُ المُحْسِنُ السلطانُ أحمد بنُ السلطان صلاح الدين الأيوبي المتوفى في حلب سنة (634) هـ وهو مالكُ النسخةِ، وواقِفُها على طلبةِ العلم.

 

النسخة الثالثة:

وهي نسخةٌ مصوّرةٌ عن الأصل الخطِّي الموجود في المكتبة الظاهرية بدمشق، تحت رقم (1010). وقد رمزنا إليها بـ (ج).

وقد تولَّى نسخَها كما في الورقةِ الأخيرةِ منها: السيدُ كمالُ الدين ابنِ السيد إبراهيم الدُّسوقي نسَباً، الشافعي مذهباً، البِقاعيُّ بلداً.

وقد فَرغَ من نسخها في صبيحةِ يومِ الجمعةِ سادسَ يومٍ من شهر شوال سنةَ ثمان وتسعين وألف.

وقد تملَّك هذه النسخةَ العلاَّمةُ المُحَدثُ الفقيه الشيخُ عبد الغني ابن النابلسي المتوفى بدمشق سنة (1143) هـ ودفن في سفحِ قاسيون.

 

وإحدى نسخ السنن وجدت أن تواريخها المزعومة أقدم من سنة 622ه لكنها غير كاملة فليس فيها الباب الذي فيه الحديث محل البحث:

 

النسخة الرابعة:

وهي مُصوَّرة عن الأصل الموجود في المكتبة الوطنية في باريس، تحت رقم (707). وقد رمزنا إليها بـ (د).

خطها نسخي واضح، عدد أوراقها (263) ورقة، في كل لوحة (19) سطراً تقريباً، في كل سطر إحدى عشرة كلمة أو تزيد.

وهي نسخة نفيسةٌ جداً لكنها غير تامة، فإنَّ الموجودَ منها كتاب الطهارة، وكتاب شرح السنة، وكتاب الصلاة، وتفريع أبواب الجمعة، وصلاة المسافر، وصلاة التطوع، وسجود القرآن، والوتر، وقراءة القرآن، والدعاء.

 

..... وعلى حاشية اللوحة الأخيرة منها سماع نصه:

سمع عليَّ جميعَ هذه المجلدة بحقِّ سماعي في الأصل المنقولِ من هذه النسخة بقراءة أبي عمرو عثمان بن أبي بكر بن جَلْدك القلانسي الموصلي: الشيخُ الأجلُّ العالمُ جمالُ الدين أبو القاسم عبدُ القاهر بنُ إبراهيم بنِ محمد بن مِهران الجزري، نفعه الله تعالى بالعلم مع جماعةٍ مثبتين في الأصل، وذلك في مجالس، آخرها يوم الخميس تاسع عشر شعبان من سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وكتب إبراهيم بن محمد بن أحمد بن حَمَديَّة البيِّع العُكْبَرِيّ. وسمعتُ جميعَ الكتاب من أبي غالب محمد بن الحسن بن الماوردي.

 

النسخة الخامسة:

وهي مصورةٌ عن الأصلِ الخطيِّ الموجودِ في جامعة برنستون في أمريكا، مجموعة يهودا، تحت رقم (596). وقد رمزنا إليها بـ (هـ).

وقد تولَّى نسخَها كما جاء في آخر لوحةٍ منها: سليمانُ بن داود بن يوسف بن علي بن محمد الأسلمي ثم الألشي، المعروفِ بابنِ فرتبيب، وفَرَغَ من نسخها يومَ الجمعةِ ما بينَ الظهر والعصر وهو اليومُ الخامس وعشرون مِن رمضانَ المعظَّم، سنةَ تسعٍ وثمانينَ وخمسِ مئة.

وقد تملَّكَهَا أحمدُ بنُ محمد بن عبد الملك الجُذَامي كما جاء في لوحة العنوان،. ثم آلت إلى الشيخ أبي عبد الله محمد العكنون كما أشير إليه في آخر لوحة من النسخة.

وهذه النسخةُ تامهٌ، وخطُّها مغربيُّ معتاد،

.... خامساً: ترجمةُ كاتب السماع المثبت في اللوحة الأخيرة، وهو أحمدُ بنُ سعيد العباسي، قال الشيخُ عبدُ الحي بن عبد الكبير الكتاني: هُوَ عالم قُسَنْطِينَة ومحدِّثها، قرأ بتونس، وله رواية عن حسن الشريف وغيره، توفي سنة إحدى وخمسين ومئتين وألف، وله ثبت في أسانيده الصِّحاح الستة، جمعه له تلميذُه الشيخُ عبد الحميد الصائغ الحركاتي.

وأما شيخُه وهو أبو عبد الله محمد العكنون الذي قرئت عليه هذه النسخة، فلم تبين ترجمتَه.

 

يعني تاريخ الكتابة الأخير في القرن الثالث الهجري، من يضمن لي وأين الدليل على أنه خلال كل تلك القرون لم يقوموا بالتحريف؟!

 

النسخة  السادسة وهي الأقدم:

 

... وهي في أحدَ عشر جزءاً: ثمانية أجزاء مِن كتاب الصلاة، تبدأ بالجزء الرابع، وتنتهي بالجزء الحادي عشر، وجزءان يُمثلان كتاب الزكاة، والجزء الأول من كتاب الصيام.

وفي نهاية كل جزء وبدايته سماعاتٌ، بعضها مؤرخ سنة (389 هـ)، وبعضها سنة (468هـ)، وبعضها سنة (502هـ)، وبعضها سنة (555 هـ).

 

ليست كاملة، وليس فيها الباب الذي فيه الحديث المذكور.

 

ولا وجود لهذا الحديث المعجزة في البخاري ومسلم، واضح أنه بسبب كبر حجم مسند أحمد كان الاعتناء به والرقابة على نسخه أقل مما سمح بتلاعب كثير. وتواريخ السماعات لا تعني بالضرورة أنها نفس تواريخ كتابة المخطوطة، وتواريخ الكتابة المزعومة لأجزاء غير كاملة من النسخ يُزعم قدمها جدًّالم يتم تأكيدها بقياس الكربون مثلًا كوسيلة عملية للتأريخ.

حديث محتمل أنه عن حروب الصليبيين واحتلالهم واجتياحهم لبعض مناطق الشام وهو ملفق

 

روى أحمد:

 

13356 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عِقَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَسْقَلَانُ أَحَدُ الْعَرُوسَيْنِ، يُبْعَثُ مِنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُونَ أَلْفًا، لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ، وَيُبْعَثُ مِنْهَا خَمْسُونَ أَلْفًا شُهَدَاءَ، وُفُودًا إِلَى اللهِ، وَبِهَا صُفُوفُ الشُّهَدَاءِ، رُءُوسُهُمْ مُقَطَّعَةٌ فِي أَيْدِيهِمْ، تَثِجُّ أَوْدَاجُهُمْ دَمًا يَقُولُونَ: رَبَّنَا آتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، فَيَقُولُ: صَدَقَ عَبِيدِي، اغْسِلُوهُمْ بِنَهَرِ الْبَيْضَةِ، (1) فَيَخْرُجُونَ مِنْهُ نَقَاءً بِيضًا، فَيَسْرَحُونَ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءُوا " (2)

 

(1) في (م) و (س) : البيضة.

(2) موضوع، أبو عقال- واسمه هلال بن زيد بن يسار البصري نزيل عسقلان- مجمع على طرح حديثه، وقال ابن حبان: روى عن أنس أشياء موضوعة ما حدَّث بها أنس قطّ، لا يجوز الاحتجاج به بحال.

وأخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات " 2/53 من طريق عبد الله بن أحمد ابن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عدي 1/294 و5/1681، وابن الجوزي 2/54 من طريق عبد الوهاب بن الضحاك، عن إسماعيل بن عياش، به. والرواية عندهم مختصرة.

وأخرجه ابن عدي 7/2577 من طريق الوليد بن مسلم، وابن الجوزي 2/53 من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن عمر بن محمد، به.

وأخرجه ابن عدي 7/2577 من طريق عبد الله بن واقد بن زيد، عن أبي عقال، به.

وله شاهد لا يُفرح به عن ابن عمر عند ابن الجوزي في "الموضوعات " 2/52 بإسنادين فيهما من اتُّهم بالوضع.

وآخر عن عائشة عند ابن الجوزي أيضاً 2/54. وفيه من اتُهم بالكذب.

وثالث عن ابن عباس عند الدولابي في "الكنى" 2/63، وقال الدولابي: هذا حديث منكر جداً، وهو شبه حديث الكذّابين.

قلنا: قد حكم على هذا الحديث ابنُ الجوزي والعراقي بالوضع، وهو كما قالا، ومحاولةُ الحافظ ابن حجر نفيَ تهمة الوضع عنه في "القول المسدد" ص 32-33 في غير محلّها.

وعسقلان: بلدة فلسطينية قديمة، افتتحها المسلمون سنة 23 هـ على يد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، كانت عامرةً حتى أيام الصليبيين، حيث استردها صلاحُ الدين سنة 583 هـ، وعندما حاصرها الصليبيون مرة أخرى أمر صلاح الدين بتخريبها حتى لا يمتلكها الفرنجة عامرةً، وخُرّبَتْ تماماً، ونقلت حجارتها، ولم يَبْقَ منها شيء، وتقع خرائبها اليوم بالقرب من المَجْدَل.

"معجم بلدان فلسطين " ص 533- 534.

 

تلفيق الأحاديث لمدح المدن ومنها مرو الفارسية

 

روى أحمد:

 

23018 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، حَدَّثَنَا أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بُرَيْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " سَتَكُونُ بَعْدِي بُعُوثٌ كَثِيرَةٌ، فَكُونُوا فِي بَعْثِ خُرَاسَانَ، ثُمَّ انْزِلُوا مَدِينَةَ مَرْوَ ؛ فَإِنَّهُ بَنَاهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ، وَدَعَا لَهَا بِالْبَرَكَةِ، وَلَا يَضُرُّ أَهْلَهَا سُوءٌ "

 

إسناده ضعيف جداً شبه موضوع من أجل أوس بن عبد الله بن بريدة، فهو متروك الحديث، وكذا أخوه سهلٌ، والحسن بن يحيى المَرْوزي قال الحسيني: فيه نظر، وتابع سهلاً حسامُ بن مِصَكٍّ، وهو متروك أيضاً، ونوحُ بن أبي مريم أبو عصمة، وقد رماه غير واحد من الأئمة بوضع الحديث . وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" عن هذا الخبر: إنه منكر، وقال في موضع آخر: خبر باطل .

ومع ذلك فقد تساهل الحافظ ابن حجر جداً، فحسَّنه في "القول المسدَّد" ص 133 .

وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 1/308-309، وفي "مناقب أحمد" ص 37 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد .

وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 1/124، وابن حبان في "المجروحين" 1/348، والطبراني في "الأوسط" (8211) ، وابن عدي في "الكامل" 1/401 و402، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (477) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/332 من طرق عن أوس بن عبد الله بن بريدة، به . ولم يذكر الطبراني في إسناده سهل بن عبد الله بن بريدة، ووقع عند أبي نعيم: "عن سهل، عن جده" بإسقاط عبد الله ابن بريدة من إسناده، وليس في إسناد البيهقي في أحد مواضع الحديث عنده: بريدة ابن الحصيب .

وأخرجه ابن عدي 7/2507، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" 1/309 من طريق نوح بن أبي مريم، والطبراني في "الكبير" (1151) ، وابن عدي 2/840، وابن الجوزي في "العلل" 1/310 من طريق حسام بن مِصَكٍّ، كلاهما عن عبد الله بن بريدة، به .

ولفظ حديث حسام بن مصك عند ابن عدي وابن الجوزي: "مكة أم القرى، ومرو أم خراسان" . وليس في حديث نوح بن أبي مريم قوله: "فإنه بناها ذو القرنين، ودعا لها بالبركة" .

 

من أين لمحمد بمعرفة مرو الفارسية ناهيك عن امتداحها؟! ولو تتبعنا الكتب التاريخية التي كتبوها عن البلدان كالشام وحمص ومصر سنجد عشرات ومئات الأحاديث الملفقة التي في تلك الكتب التاريخية وفي بعض كتب الحديث.

 

حديث ملفق لنهي الخلفاء والأمراء والولاة عن تتبع كلام الناس على طريقة الدولة الشمولية وأسلوب المخبرين والبصاصين الذي كان يتبع كثيرًا في الكثير من الخلافات والحكومات الإسلامية وحتى في بعض الدول الإسلامية في العصور الحديثة

 

روى أبو داوود:

 

4889 - حدَّثنا سعيدُ بنُ عمرِو الحضرمىُّ، حدَّثتا إسماعيلُ بنُ عيَّاش، حدَّثتا ضمضمُ بنُ زُرعةَ، عن شُريحِ بنِ عُبيد عن جُبير بنِ نُفَيرِ وكثيرِ بنِ مُرّةَ وعمرو بنِ الأسود والمقدامِ بنِ مَعدي كَرِبَ وأبي أُمامة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ الأميرَ إذا ابتغى الرِّيبةَ في الناسِ أفسدَهُم".

 

حديث حسن. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 333 من طريق المصنف، بهذا الاسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1073)، والطحاوي في "شرح المشكل" (89)، والطبراني في "الكبير" (7515) و (7516) من طرق عن إسماعيل بن عياش، به. وزاد ابن أبي عاصم في الاسناد: ونفر من الفقهاء.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (88) من طريق سعيد بن سليمان، عن إسماعيل بن عياش، به. ولم يذكر في الإسناد جبير بن نفير.

وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 4/ 378 من طريق محمد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عياش، به. ولم يذكر في الاسناد عمرو بن الأسود.

وأخرجه الطحاوي (90) من طريق بقية بن الوليد، عن إسماعيل بن عياش، به.  ولم يذكر في الاسناد كثيراً والمقدام.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (651) من طريق محمد بن المبارك، و 20/ (653) من طريق محمد بن إسماعيل، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، به. ولم يذكر في الاسناد جبيراً وكثيراً وعمراً.

وأخرجه أحمد في "مسنده" (23815)، والطبراني في "الكبير" 20/ (607) من طريق بقية بن الوليد، عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم، عن شريح، عن جبير بن نفير وعمرو بن الأسود كلاهما عن المقداد بن الأسود وأبى أمامة.

وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (1660) من طريق محمد بن إسماعيل وهشام ابن عمار، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم، عن شريح، عن جبير وكثير، كلاهما عن المقدام وأبي أمامة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (352) من طريق محمد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم، عن شريح، عن كثير بن مرة، عن عتبة بن عبد وأبي أمامة.

ويشهد له حديث معاوية السالف قبله.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2449) و (2834) عن عبد الوهاب ابن نجدة الحوطي، و (2835) عن عبد الوهاب بن الضحاك، كلاهما عن إسماعيل بن عياش: عن ضمضم، عن شريح بن عبيد، عن الحارث بن الحارث وعمرو بن الأسود والمقدام وأبي أمامة.

قال صاحب "عون المعبود": الرَّيبة: بالكسر، أي: طَلَبَ أن يُعاملهم بالتهمة والظن السوء ويجاهرهم بذلك.

وقال ابن الأثير في "النهاية" 2/ 286، أي: إذا اتَهمَهم وجاهَرَهم بسُوء الظّن فيهم، أداهم ذلك إلى ارتكاب ما ظن بهم، ففسدوا.

 

4888 - حدَّثنا عيسى بنُ محمَّد الرَّمليُّ ومحمدُ بنُ عوفٍ -وهذا لفظه-، قالا: حدَّثنا الفِريابيُّ، عن سفيانَ، عن ثورٍ، عن راشدِ بنِ سعد عن معاويةَ، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: "إنَّكَ إن اتَّبعتَ عَوراتِ الناسِ أَفْسَدْتَهُم، أو كِدْتَ أن تُفْسِدَهُم"، فقال أبو الدرداء: كلمةٌ سمعها معاويةُ، مِن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- نفعه اللهُ تعالى بها.

 

إسناده صحيح. ابن عوف: هو محمَّد، والفريابي: هو محمَّد بن يوسف، وسفيان: هو الثوري، وثور: هو ابن يزيد.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"، (7389)، وابن حبان في "صحيحه" (5760)، والطبراني في "الكبير" 19/ (890)، وفي "الشاميين" (473)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 118، والبيهقي في "السنن" 8/ 333 من طرق عن محمَّد بن يوسف الفريابي، بهذا الاسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (702) من طريق بشر بن جبلة، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي الدرداء، عن معاوية. وبشر: ضعيف، ولفظه: "لا تفتشوا الناس فتْفسدوهم".

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (248)، والطبراني في "الكبير" 19/ (859)، وفي "الشاميين" (1871) من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير، عن معاوية. قلنا: وستأتي رواية جبير بن نفير من رواية شريح عنه عند المصنف بعد هذا، لكنها مرسلة.

وبعضهم اختصر الحديث.

قال صاحب "عون المعبود": "إن اتبعت"، قال في "فتح الودود"، أي: إذا بحثت عن معايبهم وجاهرتهم بذلك، فإنه يودي إلى قلة حيائهم عنك، فيجترئون على ارتكاب أمثالها مجاهرة. انتهى.

 

روى أحمد:

 

23815 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَعَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَأَبِي أُمَامَةَ، قَالَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ".

 

حديث حسن، بقية بن الوليد ضعيف يعتبر به، وقد توبع، وإسماعيل بن عياش وضمضم بن زرعة صدوقان، وباقي رجال الإسناد ثقات.

وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (90) من طريق يزيد بن عبد ربه، بهذا الإسناد، إلا أنه جاء فيه: عن جبير بن نفير وعمرو بن الأسود وأبي أمامة. وجبير ابن نفير وعمرو بن الأسود تابعيان مخضرمان، فالحديث من جهتهما عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلٌ .

وأخرجه الطبراني 20/ (607) من طريق حيوة بن شريح، عن بقية بن الوليد، به - كرواية الإمام أحمد.

وأخرجه أبو داود (4889) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1073) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (89) ، والطبراني 20/ (7515) و (7516) ، والحاكم 4/378، والبيهقي 8/333 من طرق عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن جبير بن نفير وكثير بن مرة وعمرو بن الأسود والمقدام بن معدي كرب وأبي أمامة. زاد ابن أبي عاصم: ونفر من الفقهاء.

وهؤلاء الرواة الذين روى عنهم شريح بن عبيد ما عدا أبا أمامة والمقدام من التابعين.

وأخرجه الطبراني 20/ (651) من طريق محمد بن المبارك الصوري، وأيضاً 20/ (653) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن المقدام بن معدي كرب وأبي أمامة.

وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (1660) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش وهشام بن عمار، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن جبير بن نفير وكثير بن مرة، عن المقدام بن معدي كرب وأبي أمامة.

وأخرجه الطبراني 17/ (302) من طريق محمد بن عبد العزيز الرملي، عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم، عن شريح، عن كثير بن مرة، عن عتبة بن عبد وأبي أمامة.

وفي الباب عن معاوية عند البخاري في "الأدب المفرد" (248) ، وأبي داود (4888) ، وصححه ابن حبان (5760) .

قال السندي: قوله: "أَفسَدَهم" لأنه لا يُبقي الثقة على قوله عندهم، لأن الظن قد يكذب، وأيضاً قد ترتفع الهيبة من قلوبهم، لأنه إذا واجَهَ أحداً مِراراً بأنك فعلت كذا، اجترأ وصار لا يبالي بعلمه.

 

رفض من حضروا وفاة محمد من أصحابه تركه يكتب كتابًا لهم بوصية عن كيفية اختيار حكامهم

 

روى البخاري:

 

114 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ قَالَ ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ قَالَ قُومُوا عَنِّي وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كِتَابِهِ

 

3168 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَحْوَلِ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى قُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ مَا يَوْمُ الْخَمِيسِ قَالَ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ فَقَالَ ائْتُونِي بِكَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا فَتَنَازَعُوا وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ فَقَالُوا مَا لَهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ فَقَالَ ذَرُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ فَأَمَرَهُمْ بِثَلَاثٍ قَالَ أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ وَالثَّالِثَةُ خَيْرٌ إِمَّا أَنْ سَكَتَ عَنْهَا وَإِمَّا أَنْ قَالَهَا فَنَسِيتُهَا قَالَ سُفْيَانُ هَذَا مِنْ قَوْلِ سُلَيْمَانَ

 

برأيي روايات الشيعة الاثناعشرية التي نطالعها في كتاب سليم بن قيس  والكافي للكليني وإكمال الدين وكتاب بحار الأنوار للمجلسي ليست سوى قصص خرافية ظاهرة التلفيق والمبالغة والسخافة، ولعل قصة السنة هذه المذكورة فيها أمانة، لقد خشي عمر أن يضع محمد الخلافة لحكمه الامبراطورية العربية في بني هاشم أو بني عبد المطلب أو في نسل علي باعتباره نسلًا لمحمد من فاطمة ابنته أو ربما في العباس ونسله، لا يمكننا معرفة ما كان يدور في ذهن محمد، هل كان مثلًا سيقترح آلية بدائية ما لانتخاب الحاكم بطريقة فيها شورى أم كان بطريقة اعتيادية سيفضل قومه القرشيين أو بني هاشم أو حتى بصورة أخص بني عبد المطلب، لا يمكننا تخمين ما لم يحدث ولم يصرح محمد، ولعل هذه القصة التاريخية تكشف لنا زيف الإيمان واهتمام عمر وغيره أكثر بأطماع السلطة والخشية على فواتها لدرجة منع وتعطيل محمد عن تسجيل وصيته وتعطيله حتى يموت أو يرهق فيلهى عن ذلك. وربما مل محمد من اختلافهم ولم يكن لديه رأي حاسم ولا أتصور أن رجلًا بدويًّا مثله كان سيفكر في تقليد آليات انتخابات اليونان والرومان مثلًا على أي حالٍ.

 

الكوثر

 

{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} الكوثر

 

معنى الكوثر أي الخير الكثير الوافر

 

الكلمة معناها الوفرة يعني إنعام الله الخرافي على محمد حسب قوله، لكنه جاء بهذه الكلمة لأجل السجع، وهي بمعنى الكثير، أما المتأخرون عديمو الفهم للغة فلقوا خرافة نهر الكوثر في الجنة، وهي سخافة ما بعدها سخافة.

 

روى النسائي في السنن الكبرى:

 

11704 - أنا محمد بن كامل أنا هشيم عن أبي بشر وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس: أنه قال في الكوثر قال هو الخير الكثير الذي أعطاه الله تبارك وتعالى إياه

 

وروى البخاري:

 

4966 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَوْثَرِ هُوَ الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ قَالَ أَبُو بِشْرٍ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ سَعِيدٌ النَّهَرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنْ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ

 

6578 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ قَالَ أَبُو بِشْرٍ قُلْتُ لِسَعِيدٍ إِنَّ أُنَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ سَعِيدٌ النَّهَرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنْ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ

 

وروى أحمد:

 

5913 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: قَالَ لِي مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: مَا سَمِعْتَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَذْكُرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الْكَوْثَرِ ؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، فَقَالَ مُحَارِبٌ: سُبْحَانَ اللهِ، مَا أَقَلَّ مَا يَسْقُطُ لِابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلٌ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: لَمَّا أُنْزِلَتْ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْرِي عَلَى جَنَادِلِ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ ، شَرَابُهُ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ "

قَالَ: صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا وَاللهِ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ.

 

حديث قوي، حماد بن زيد روى عن عطاء بن السائب قبل الاختلاط، مؤمل: هو ابن إسماعيل القرشي العدوي، وهو سيء الحفظ، لكنه متابع.

وأخرجه البيهقي في"البعث" (128) من طريق مؤمل، بهذا الِإسناد.

وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 3/543، وأبو نعيم في"صفة الجنة" (326) من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، به. وصححه الحاكم، ولم يسق أبو نعيم لفظ حديث ابن عباس، وتحرف في مطبوعته"سليمان بن حرب" إلى: "إسحاق بن حرب"، وفي مطبوعة "المستدرك" اضطراب يصوب من رواية أحمد وأخرجه بتمامه الطيالسي (1933) - ومن طريقه البيهقي في "البعث" (129) - من طريق أبي عوانة، والطبري في"تفسيره" 30/325 من طريق إسماعيل ابن علية، كلاهما عن عطاء، به.

وأخرج حسين المروزي في زوائده على"زهد ابن المبارك" (1614) ، والبخاري (6578) ، والطبري 30/321 من طريق هشيم، عن عطاء بن السائب وأبي بشر جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه، قال أبو بشر: قلت لسعيد: إن أناساً يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.

وأخرجه بهذه السياقة دون ذكر ابن عمر البخاري (4966) ، والحاكم 2/537 من طريق أبي بشر، عن سعيد بن جبير، به.

وأخرج الطبري 30/322 من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن عطاء بن السائب، قال: قال محارب بن دينار: ما قال سعيد بن جبير في الكوثر؟ قال: قلت: قال ابن عباس: هو الخير الكثير، فقال: صدق والله.

وأخرج هنّاد في"الزهد" (140) ، والنسائي في"الكبرى" (11704) ، والطبري 30/322 من طرق، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله تبارك وتعالى إياه.

وقد روي عن ابن عباس أنه قال في تفسير الكوثر مثل قول ابن عمر، لكن موقوفاً عليه.

أخرجه الطبري 30/320 عن أبي كريب، حدثنا عمر بن عبيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: الكوثر نهر في الجنة... فذكر مثل حديث ابن عمر، قلنا عمر بن عبيد مستصغر في عطاء، ورواية من روى عن عطاء قديماً أصح.

وانظر (5355) .

قوله:"ما أقل ما يسقط"، قال السندي: من السقوط، يريد أن القول الساقط لابن عباس قليل، أي : وهنا منه لمخالفته للمرفوع.

"على جنادل الدر"، إي: أحجار الدر، أي: الحصاة التي هي تحت الماء هي الدر والياقوت.

"صدق... الخ"يريد أنه لا مخالفة بين المرفوع وبين قول ابن عباس، فما في المرفوع هو الخير الكثير، قاله ابن عباس، وقد وفق بين المرفوع وبين قول ابن عباس بحمل المرفوع على التمثيل لا التحديد.

وبالجملة فالكوثر مبالغة الكثير، أي: الخير الكثير البالغ في الكثرة غايته، فيمكن أن يكون اسماً لهذا النهر، ويمكن أن يكون أراد لهذا النهر بناء على أنه الخير الكثير، تعظيماً له، أو على أنه من جملته، والله تعالى أعلم.

 

وقال الطبري:

 

يقول تعالى ذكره: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ) يا محمد (الْكَوْثَرَ) واختلف أهل التأويل في معنى الكوثر، فقال بعضهم: هو نهر في الجنة أعطاه الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم.

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر: أنه قال: "الكوثر: نهر في الجنة، حافتاه من ذهب وفضة، يجري على الدرّ والياقوت، ماؤه أشدّ بياضا من اللبن، وأحلى من العسل".

.....إلخ

 

وقال آخرون: عُنِي بالكوثر: الخير الكثير.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب، قال: ثني هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة، قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن عطاء بن السائب، قال: قال محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جُبير في الكوثر؟ قال: قلت: قال: قال ابن عباس: هو الخير الكثير، فقال: صدق والله.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: الكوثر: الخير الكثير.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سألت سعيد بن جبير، عن الكوثر، فقال: هو الخير الكثير الذي آتاه الله، فقلت لسعيد: إنا كنا نسمع أنه نهر في الجنة، فقال: هو الخير الذي أعطاه الله إياه.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثني عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: الخير الكثير.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة، عن عمارة بن أبى حفصة، عن عكرمة، قال: هو النبوّة، والخير الذي أعطاه الله إياه.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا حرمي بن عمارة، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني عمارة، عن عكرمة في قول الله: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: الخير الكثير، والقرآن والحكمة.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: ثنا عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة أنه قال: الكوثر: الخير الكثير.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: الخير الكثير.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن هلال، قال: سألت سعيد بن جُبير (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: أكثر الله له من الخير، قلت: نهر في الجنة؟ قال: نهر وغيره.

حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الكوثر: الخير الكثير.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الكوثر: الخير الكثير.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن مجاهد: الكوثر: قال: الخير كله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: خير الدنيا والآخرة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في الكوثر، قال: هو الخير الكثير.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، قال: الكوثر: الخير الكثير.

قال: ثنا وكيع، عن بدر بن عثمان، سمع عكرمة يقول في الكوثر: قال: ما أُعطي النبّي من الخير والنبوّة والقرآن.

حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازيّ، قال: ثنا أبو داود، عن بدر، عن عكرمة، قوله: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: الخير الذي أعطاه الله النبوّة والإسلام.

 

وقال آخرون: هو حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن مطر، عن عطاء (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: حوض في الجنة أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حدثنا أحمد بن أبي سريج، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مطر، قال: سألت عطاء ونحن نطوف بالبيت عن قوله: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قال: حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

عبيد الخرافات من ناشري الخرافات يفزعون من أي تفسير عقلاني حتى لو كان تفسيرًا متعلقنًا ناقص العقلانية لنص غير عقلاني كالقرآن، ويفضلون التقليد والخرافة على صحيح الدين وميثيولجيته الأصلية، لذلك سارعوا بتلفيق أحاديث ضعيفة نسبوها إلى ابن عباس نفسه مناقضة لتفسيره العقلاني اللغوي المناسب للسياق وفيها نفس خرافة نهر الكوثر السخيفة. لم يكونوا يخجلون أو يترددون في تلفيق أي شيء لأي أحد. المهم حماية مصالح رجال الدين وخرافاتهم. وللأسف يرجح الطبري في النهاية التفسير الخرافي الشائع بأن الكوثر هو نهر خرافي في الجنة الوهمية، والأحاديث الزاعمة لذلك كثيرة بالمئات متناثرة في كتب الحديث ملفقة ومنسوبة إلى الكثير من أصحاب محمد، وليس عندي شك أنها كلها مزيفة ملفقة متأخرة التلفيق غير أصيلة عن محمد والدائرة الأولى لمرددي ورواة الأساطير الإسلامية.

 

روى البخاري:

 

4964 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا فَقُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ

 

4965 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ } قَالَتْ نَهَرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاطِئَاهُ عَلَيْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ رَوَاهُ زَكَرِيَّاءُ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَمُطَرِّفٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

 

وانظر أحمد 6476 و11994 و12008 و12151 و12542 و13475 و23336 و26403

 

وروى أحمد:

 

13306 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْكَوْثَرِ، فَقَالَ: " نَهَرٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَفِيهِ طَيْرٌ كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ " . فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ تِلْكَ لَطَيْرٌ نَاعِمَةٌ . فَقَالَ: " أَكَلَتُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا يَا عُمَرُ ".

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الوهاب بن أبي بكر، فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة. أبوسلمة الخزاعي: هو منصور بن سلمة بن عبد العزيز، وليث: هو ابن سعد، ويزيد بن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، وعبد الله بن مسلم: هو الزهري أخو ابن شهاب محمد بن مسلم.

 

(11996) 12019- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : أَغْفَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِغْفَاءَةً ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا ، إِمَّا قَالَ لَهُمْ ، وَإِمَّا قَالُوا لَهُ : لِمَ ضَحِكْتَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ ، فَقَرَأَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} حَتَّى خَتَمَهَا قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : هُوَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجَنَّةِ ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، آنِيَتُهُ عَدَدُ الْكَوَاكِبِ ، يُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ : يَا رَبِّ ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيُقَالُ لِي : إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ.

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه مطولاً ومختصراً هناد في "الزهد" (133) ، ومسلم (400) و (2304) ، وأبو داود (784) و (4747) ، وأبو عوانة في المناقب كما في "إتحاف المهرة" 2/333، والبيهقي في "البعث والنشور" (114) ، والبغوي في "شرح السنة" (579) من طرق عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه كذلك ابن أبي شيبة 11/437 و13/144، ومسلم (400) و (2304) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (764) ، والنسائي في "المجتبى" 2/133-134، وفي "الكبرى" (11702) ، وأبو يعلى (3951) ، وأبو عوانة

في "مسنده" 2/121 و121-122، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (325) ، والبيهقي في "البعث والنشور" (113) ، والبغوي في "تفسيره" 4/533 من طرق عن المختار بن فلفل، به.

وسلف من طريق محمد بن فضيل مختصراً. برقم (11994) .

وانظر ما سيأتي بالأرقام (12008) و (12418) و (12542) و (12675) و (13306) و (13353) و (13405) و (13496) و (13991) .

وفي باب تفسير الكوثر عن عبد الله بن عمر، سلف برقم (5355) .

وفي باب آنية الحوض انظر حديث أبي برزة الآتي في مسنده 4/424 وحديث عبد الله بن عمرو عند البخاري (6579) .

وفي باب ذود رجال عن الحوض انظر حديث أبي هريرة السالف برقم (7968) ، وحديث أبي سعيد السالف برقم (11138) ، وانظر تتمة شواهده هناك.

 

وروى مسلم:

 

[ 400 ] حدثنا على بن حجز السعدي حدثنا علي بن مسهر أخبرنا المختار بن فلفل عن أنس بن مالك ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة واللفظ له حدثنا علي بن مسهر عن المختار عن أنس قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله قال أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم { إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر }  ثم قال أتدرون ما الكوثر فقلنا الله ورسوله أعلم قال إنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول رب إنه من أمتي فيقول ما تدري ما أحدثت بعدك زاد بن حجر في حديثه بين أظهرنا في المسجد وقال ما أحدث بعدك

 

والملاحظ وجود تناقض وتداخل بين تعريف حوض محمد الأسطوري الشهير الخاص بيوم القيامة الخرافي، وبين تعريف وصفة نهر الكوثر. وهذا طبيعي فكلاهما مصدر مياه أخروي خرافي. قارن مع أحاديث الحوض الملفقة هي كذلك، مثلًا نأخذ من مرويات البخاري:

 

6582 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي الْحَوْضَ حَتَّى عَرَفْتُهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي فَأَقُولُ أَصْحَابِي فَيَقُولُ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ

 

6583 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ مِنْ سَهْلٍ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَزِيدُ فِيهَا فَأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سُحْقًا بُعْدًا يُقَالُ سَحِيقٌ بَعِيدٌ سَحَقَهُ وَأَسْحَقَهُ أَبْعَدَهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِي فَيُحَلَّئُونَ عَنْ الْحَوْضِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ الْقَهْقَرَى

 

6586 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِي فَيُحَلَّئُونَ عَنْهُ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ الْقَهْقَرَى وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُجْلَوْنَ وَقَالَ عُقَيْلٌ فَيُحَلَّئُونَ وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

2367 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَذُودَنَّ رِجَالًا عَنْ حَوْضِي كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنْ الْإِبِلِ عَنْ الْحَوْضِ

3596 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي فَرَطُكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ إِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ مَفَاتِيحِ الْأَرْضِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِي أَنْ تُشْرِكُوا وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا

 

6576 - وحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلَيُرْفَعَنَّ مَعِي رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

6579 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا

 

أين يقع نهر الكوثر الخرافي:

 

في الجنة:

 

روى البخاري:

 

6581 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ، الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ - أَوْ طِيبُهُ - مِسْكٌ أَذْفَرُ " شَكَّ هُدْبَةُ

 

وروى أحمد:

 

5913 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: قَالَ لِي مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: مَا سَمِعْتَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَذْكُرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الْكَوْثَرِ ؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، فَقَالَ مُحَارِبٌ: سُبْحَانَ اللهِ، مَا أَقَلَّ مَا يَسْقُطُ لِابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلٌ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: لَمَّا أُنْزِلَتْ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْرِي عَلَى جَنَادِلِ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ ، شَرَابُهُ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ "

قَالَ: صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا وَاللهِ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ

 

حديث قوي، حماد بن زيد روى عن عطاء بن السائب قبل الاختلاط، مؤمل: هو ابن إسماعيل القرشي العدوي، وهو سيء الحفظ، لكنه متابع. وأخرجه البيهقي في"البعث" (128) من طريق مؤمل، بهذا الِإسناد. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 3/543، وأبو نعيم في"صفة الجنة" (326) من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، به. وصححه الحاكم، ولم يسق أبو نعيم لفظ حديث ابن عباس، وأخرجه بتمامه الطيالسي (1933) - ومن طريقه البيهقي في "البعث" (129) -ومن طريق أبي عوانة، والطبري في"تفسيره" 30/325 من طريق إسماعيل ابن علية، كلاهما عن عطاء، به. وأخرج حسين المروزي في زوائده على"زهد ابن المبارك" (1614) ، والبخاري (6578) ،والطبري 30/321

 

(12008) 12031- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَخَلْتُ الْجَنَّةَ ، فَإِذَا أَنَا بِنَهْرٍ حَافَتَاهُ خِيَامُ اللُّؤْلُؤِ ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى مَا يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ ، فَإِذَا مِسْكٌ أَذْفَرُ ، قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ عز وجل

 

(13480) 13514- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، أَنَّ أَخَاهُ ، أَخْبَرَهُ ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ ، أَخْبَرَهُ ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الْكَوْثَرُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ نَهَرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ ، أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ ، فِيهِ طُيُورٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : إِنَّهَا لَنَاعِمَةٌ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آكِلُوهَا أَنْعَمُ مِنْهَا.

 

خارج الجنة وهو الحوض:

 

يعنون البخاري في صحيحه بكتاب الرقاق، باب في الحوض، بصيغة الجزم:

 

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ»

 

وروى مسلم:

 

[ 400 ] حدثنا على بن حجز السعدي حدثنا علي بن مسهر أخبرنا المختار بن فلفل عن أنس بن مالك ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة واللفظ له حدثنا علي بن مسهر عن المختار عن أنس قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله قال أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم { إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر }  ثم قال أتدرون ما الكوثر فقلنا الله ورسوله أعلم قال إنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول رب إنه من أمتي فيقول ما تدري ما أحدثت بعدك زاد بن حجر في حديثه بين أظهرنا في المسجد وقال ما أحدث بعدك

 

وروى أحمد حديثًا قد يحل المشكلة فهو نهر يمتد إلى الحوض بتغذيته له من الجنة إلى خارجها:

 

11996 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: أَغْفَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِغْفَاءَةً، فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، إِمَّا قَالَ لَهُمْ، وَإِمَّا قَالُوا لَهُ: لِمَ ضَحِكْتَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ "، فَقَرَأَ " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] " حَتَّى خَتَمَهَا قَالَ: " هَلْ تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ ؟ " قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ: " هُوَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجَنَّةِ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ الْكَوَاكِبِ، يُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيُقَالُ لِي: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه مطولاً ومختصراً هناد في "الزهد" (133) ، ومسلم (400) و (2304) ، وأبو داود (784) و (4747) ، وأبو عوانة في المناقب كما في "إتحاف المهرة" 2/333، والبيهقي في "البعث والنشور" (114) ، والبغوي في "شرح السنة" (579) من طرق عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك ابن أبي شيبة 11/437 و13/144، وابن أبي عاصم في "السنة" (764) ، والنسائي في "المجتبى" 2/133-134، وفي "الكبرى" (11702) ، وأبو يعلى (3951) ، وأبو عوانة في "مسنده" 2/121 و121-122، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (325) ، والبيهقي في "البعث والنشور" (113) ، والبغوي في "تفسيره" 4/533 من طرق عن المختار بن فلفل، به.

 

 

لكن تتبقى مشكلة واحدة خطرت في بالي: إذا قيل أنه نهر أو حوض خارج الجنة يمر عليه المنافقون والمرتدون فيمنعون من الاقتراب منه من قبل الملائكة، إذن لو كان هذا الحدث الإسخاتولوجي قبل المرور على الصراط المذكور فلن يكون للصراط ضرورة لأنهم قد أخذتهم الملائكة إلى جهنم دون المرور عليه، إذن لا داعي للصراط، وعلينا نفي وإنكار وتكذيب أحاديث مرور المنافقين عليه، أما لو قيل أن ذلك بعد الصراط فكيف ذلك وهم يفترض أنهم مروا عليه وسقطوا فعلا في جهنم؟!

 

وروى البخاري عن الصراط من حديث 7437:

 

.... وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُهَا، وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمِ السَّعْدَانَ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمُ المُوبَقُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ - أَوِ المُوثَقُ بِعَمَلِهِ -، وَمِنْهُمُ المُخَرْدَلُ، أَوِ المُجَازَى، أَوْ نَحْوُهُ، ثُمَّ يَتَجَلَّى، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ العِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ المَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ، مَنْ كَانَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ، مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ بِأَثَرِ السُّجُودِ، تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، قَدْ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الحَيَاةِ،....

 

ورواه أحمد (7927) 7914

 

وروى مسلم:

[ 2791 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن داود عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات }  فأين يكون الناس يومئذ يا رسول الله فقال على الصراط

 

ورواه أحمد 24069 وأخرجه الحميدي (274) ، والترمذي (3121) من طريق سفيان، ومسلم (2791) ، وابن ماجه (4279) ، والبغوي في تفسير الآية المذكورة من سورة إبراهيم من طريق علي بن مسهر، والدارمي (2809) ، والطبري في تفسير الآية المذكورة من طريق خالد بن عبد الله، والطبري كذلك من طريق عبد الرحيم بن سليمان وإسماعيل بن زكريا، وابن حبان (331) من طريق حفص بن غياث، و (7380) من طريق عبيدة بن حميد، والحاكم 2/352

 

وروى أحمد:

 

(20440) 20712- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الْعَصَرِيَّ ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ صُهْبَانَ ، قَالَ : سَمِعْتْ أَبَا بَكْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يُحْمَلُ النَّاسُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَتَقَادَعُ بِهِمْ جَنَبَتَا الصِّرَاطِ تَقَادُعَ الْفَرَاشِ فِي النَّارِ ، قَالَ : فَيُنْجِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ، قَالَ : ثُمَّ يُؤْذَنُ لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ أَنْ يَشْفَعُوا فَيَشْفَعُونَ ، وَيُخْرِجُونَ وَيَشْفَعُونَ ، وَيُخْرِجُونَ وَيَشْفَعُونَ ، وَيُخْرِجُونَ ، وَزَادَ عَفَّانُ مَرَّةً فَقَالَ أَيْضًا : وَيَشْفَعُونَ وَيُخْرِجُونَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً مِنْ إِيمَانٍ.

20713- قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ... مِثْلَهُ.

 

إسناده حسن، أبو سليمان العَصَري ذكره البخاري في "الكنى" ص 37، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/380، وسمي في بعض روايات الحديث: كعب بن شبيب، وكذا سماه الدولابي في "الكنى"، والسمعاني في "الأنساب"، وقد روى عنه سعيد بن زيد، ولا يُعرف له راوٍ غيره، ووثقه ابن معين كما روى ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل". قلنا: ولم يذكره الحافظان الحسيني وابن حجر في "الإكمال" و"التعجيل"، مع أنه من شرطهما. وسعيد بن زيد: هو ابن درهم أخو حماد بن زيد، وهو صدوق حسن الحديث، ومحمد بن أبان شيخ عبد الله بن أحمد في إسناده المذكور في آخر الحديث: هو الواسطي كما صرح به عند ابن أبي عاصم في "السنة" (837) ، وهو صدوق لا بأس به، وقد تابعه عفان في إسناد أحمد، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه ابن أبي شيبة 13/177-178، والبزار (3671) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (838) ، والطبراني في "الصغير" (929) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (837) من طريق محمد بن أبان الواسطي، به. وأخرجه البخاري في "الكنى" ص 37 عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، والبزار (3697) ، والدولابي في "الكنى" 1/195 من طريق معاذ بن هانئ، كلاهما عن سعيد بن زيد، به. وسمي أبو سليمان العصري في رواية معاذ بن هانئ كعب بن شبيب.

 

 

ويوجد حديث آخر يعمّق هذه المشكلة المتناقضة للمسلمين، روى أحمد ترتيبًا للأحداث كالتالي منسوبًا إلى محمد:

 

12825 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَأَلْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: قَالَ: "أَنَا فَاعِلٌ" قَالَ: فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا نَبِيَّ اللهِ ؟ قَالَ: " اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ " قَالَ: قُلْتُ: فَإِذَا لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ ؟ قَالَ: " فَأَنَا عِنْدَ الْمِيزَانِ " قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ ؟ قَالَ: " فَأَنَا عِنْدَ الْحَوْضِ ، لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ مَوَاطِنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "

 

قالوا عنه: رجاله رجال الصحيح، ومتنه غريب. وأخرجه الترمذي (2433)

 

الكوثر في السماء الأولى الدنيا حسب المفاهيم الأسطورية عن سبع سماوات:

 

روى البخاري:

 

7517 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: " لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ، أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، فَقَالَ آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى، فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ، فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ، فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ، مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ - يَعْنِي عُرُوقَ حَلْقِهِ - ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ جِبْرِيلُ: قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مَعِيَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا، فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ، لاَ يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ، فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ، وَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِابْنِي، نِعْمَ الِابْنُ أَنْتَ، فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ، فَقَالَ: مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا النِّيلُ وَالفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا، ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ، فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ، قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟، قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ،....إلخ

 

وخرافة الكوثر كنهر عند الشيعة الاثناعشرية كذلك:

 

وروى الصدوق في كتاب فضائل الشيعة عن أبيه ، عن المؤدب ، عن أحمد بن علي الاصفهاني ، عن محمد بن أسلم الطوسي ، عن أبي رجاء ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في حديث طويل : ألا ومن أحب عليا فقد أحبني ، ومن أحبني فقد رضي الله عنه ، ومن رضي عنه كافاه الجنة ألا ومن أحب عليا لا يخرج من الدنيا حتى يشرب من الكوثر ، ويأكل من طوبى ، ويرى مكانه في الجنة ، ...إلخ

 

ثواب الأعمال: وعن أبي جعفر عليه السلام : من قرأ إنا أعطيناك الكوثر في فرائضه ونوافله سقاه الله من الكوثر يوم القيامة ، وكان محدثه عند رسول الله صلى الله عليه وآله . "

 

تفسير القمي: أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليه السلام في خبر المعراج قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : ثم خرجت من البيت المعمور فانقاد لي نهران : نهر تسمى الكوثر ، ونهر تسمى الرحمة ، فشربت من الكوثر ، واغتسلت من الرحمة ثم انقادا لي جميعا حتى دخلت الجنة ، وإذا على حافيتها بيوتي وبيوت أزواجي ( أهلي خ ل ) وإذا ترابها كالمسك ، وإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة فقلت : لمن أنت يا جارية ؟ فقالت : لزيد بن حارثة ، فبشرته بها حين أصبحت...إلخ

 

" إنا أعطيناك الكوثر " قال : الكوثر نهر في الجنة أعطى الله محمدا عوضا من ابنه إبراهيم عليه السلام .

 

جامع الأخبار: وقال عليه السلام : أكثر أنهار الجنة الكوثر تنبت الكواعب الاتراب عليه ، يزوره أولياء الله يوم القيامة .
" ص 126 " وقيل في شرح الكواعب الاتراب : ينبت الله من شطر الكوثر حوراء ويأخذها من يزور الكوثر من أولياء الله تعالى .

 

الكافي للكليني:  محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسين بن أعين أخي مالك بن أعين قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الرجل للرجل : جزاك الله خيرا ما يعني به ؟ قال أبوعبدالله عليه السلام : إن خيرا نهر في الجنة مخرجه من الكوثر ، والكوثر مخرجه من ساق العرش ، عليه منازل الاوصياء وشيعتهم ، على حافتي ذلك النهر جواري نابتات ، كلما قلعت واحدة نبتت اخرى ، سمي بذلك النهر وذلك قوله : " فيهن خيرات حسان " وإذا قال الرجل لصاحبه : جزاك الله خيرا فإنما يعني بذلك تلك المنازل التي أعدها الله عزو جل لصفوته وخيرته من خلقه .

 

 

أمالي الشيخ: : المفيد ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن الخشاب ، عن علي بن النعمان ، عن بشير الدهان قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : جعلت فداك أي الفصوص اركبه على خاتمي ؟ قال : يابشير أين أنت عن العقيق الاحمر والعقيق الاصفر والعقيق الابيض ، فإنها ثلاثة جبال في الجنة ، فأما الاحمر فمطل على دار رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأماالاصفر فمطل على دار فاطمة صلوات الله عليها ، وأما الابيض فمطل على دار أميرالمؤمنين عليه السلام ، والدور كلها واحدة ، يخرج منها ثلاثة أنهار ، من تحت كل جبل نهر أشد بردا من الثلج ، وأحلى من العسل ، وأشد بياضامن الدر ، لا يشرب منها إلا محمد وآله وشيعتهم ، ومصبها كلها واحد ، ومجراها من الكوثر وإن هذه الثلاثة جبال تسبح الله وتقدسه وتمجده وتستغفر لمحبي آل محمد عليهما السلام ، الخبر .

 

مناقب آل أبي طالب لشهر بن آشوب: الحافظ أبونعيم بإسناده إلى عطية ، عن أنس قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : قد اعطيت الكوثر : فقلت : يا رسول الله وما الكوثر ؟ قال : نهر في الجنة عرضه وطوله مابين المشرق والمغرب لا يشرب أحد منه فيظمأ ، ولا يتو ضأ أحد منه فيشعث، لا يشربه إنسان أخفر ذمتي وقتل أهل بيتي .

 

كنز جامع الفوائد: محمد بن العباس ، عن أحمد بن سعيد العماري ، عن إسماعيل بن زكريا ، عن محمد بن عون ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : " إناأعطيناك الكوثر " قال : نهر في الجنة عمقه في الارض سبعون ألف فرسخ ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، و أحلى من العسل ، شاطئاه من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت ، خص الله بن نبيه وأهل بيته عليهم السلام دون الانبياء .
25 - ويؤيده مارواه أيضاعن أحمد بن محمد ، عن حصين بن مخارق ، عن عمرو بن  خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أراني جبرئيل منازلي ومنازل أهل بيتي على الكوثر .
26 - ويعضده أيضا مارواه عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن مسمع ابن أبي سيرة ،  عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لما اسري بي إلى السماء السابعة قال لي جبرئيل : تقدم يا محمد أمامك - وأزاني الكوثر - وقال : يامحمد هذا الكوثر لك دون النبيين ، فرأيت عليه قصورا كثيرة من اللؤلؤ والياقوت والدر ، وقال : يا محمد هذه مساكنك ومساكن وزير ووصيك علي بن أبي طالب و ذريتة الابرار .
قال : فضربت بيدي إلى بلا طه فشممته فإذا هو مسك ، وإذا أنا بالقصور لبنة ذهب ولبنة فضة .
27 - وروى أيضا عن أحمد بن هوذة عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حماد عن عمر حمران بن أعين ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الغداة ثم التفت إلى علي عليه السلام فقال : ياعلي ما هذا النور الذي أراه قد غشيك ؟ قال : يارسول الله أصابتني جنابة في هذه الليلة فأخذت بطن الوادي ولم اصب الماء فلما وليت ناداني مناد : ياأميرالمؤمنين فالتفت فإذا خلفي إبرق مملوء من ماء فاغتسلت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي أما المنادي فجبرئيل ، والماء من نهر يقال له : الكوثر عليه اثنا عشر ألف شجرة ، كل شجرة لها ثلاث مائة وستون غصنا فإذا أراد أهل الجنة الطرب هبت ريح فما من شجرة ولا غصن إلا وهو أحلى صوتا من الآخر ، ولو لا أن الله تعالى كتب على أهل الجنة أن لا يموتوا لما توا فرحا من شدة حلاوة تلك الاصوات ، وهذا النهر في جنة عدن ، وهو لي ولك ولفاطمة والحسن والحسين ، وليس لاحد فيه شئ .
توضيح : البلاط كسحاب : الحجارة التي تفرش في الدار .

 

تفسير فرات بن إبراهيم: عبيد بن كثير معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما أنزل الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام " إنا أعطيناك الكوثر " قال أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : يا رسول الله لقد شرف الله هذا النهر وكرمه فانعته لنا ، قال نعم يا علي ، الكوثر نهر يجري الله من تحت عرشه  ماؤه أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، حصباه الدر والياقوت والمرجان ، ترابه المسك الاذفر ، حشيشه الزعفران ، تجري من تحت قوائم عرش رب العالمين ، ثمرة كأمثال القلال من الزبرجد الاخضر والياقوت الاحمر والدر الابيض ، يستبين ظاهره من باطنه ، و باطنه من ظاهره فبكى النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه ثم ضرب بيده إلى أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام فقال : يا علي والله ما هو لي وحدي ، وإنما هو لي ولك والمجيك من بعدي .

 

كامل الزيارة: محمد الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمد بن سالم ، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد ، عن عبدالله الاصم ، عن مسمع كردين ، ( 1 ) عن أبى عبدالله عليه السلام قال : إن الموجع قلبه لناليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لاتزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد عليناالحوض ، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه ، حتى إنه ليذيقه من ضروب الطعام مالايشتهي أن يصدر عنه ، يامسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، ولم يشق بعدها أبدا ، وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل ، أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، وأصفى من الدمع ، وأذكى من العنبر ، يخرج من تسنيم ، ويمر بأنهار المجنان ، تجري على رضراض ( 2 ) الدر والياقوت ، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء ، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام ، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر ، يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة ، حتى يقول الشارب منه : ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بدلا ولا عنه تحويلا ، أما إنك يا كردين ممن تروى منه ، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر ، وسقيت منه من أحبنا ، و إن الشارب منه ليعطى من اللذة والطعم والشهودة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا ، وإن على الكوثر أميرالمؤمنين وفي يده عصاء من عوسج ( 3 ) يحطم بها أعداءنا ، فيقول الرجل منهم : إني أشهد الشهادتين ، فيقول : انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك ، فيقول : تبر أمني إمامي الذي تذكره ، فيقول : ارجع وراءك فقل للذي كنت تتولاه وتقدمه على الخلق فاسأله - إذكان عندك خير الخلق - أن يشفع لك ، فإن خيرالخلق حقيق أن لايرد إذاشفع ، فيقول : إني أهلك عطشا ، فيقول : زادك الله ظما وزادك الله عطشا .
قلت : جعلت فداك وكيف يقدر على الدنو من الحوض ولم يقدر عليه غيره ؟ قال : ورع عن أشياء قبيحة وكف عن شتمنا إذاذكرنا ، وترك أشياء اجترأ عليها غيره ، وليس ذلك لحبنا ولالهوى منه لنا ولكن ذلك لشدة اجتهاده في عبادته وتدينه ولما قد شغل به نفسه عن ذكر الناس ، فأما قلبه فمنا فق ، ودينه النصب ، واتباعه أهل النصب وولاية الماضين ، وتقديمه لهما على كل أحد .

_____________________________________________________
[ 1 ] مسمع بكسر الميم وسكون السين وفتح الميم الثاني ، وكردين بضم الكاف - وقيل بكسرها - وسكون الراء وكسر الدال ، هو مسمع بن عبدالملك كردين أبوسيار ، شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجهها يروى عن الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام .
[ 2 ] تقدم معناه من المصنف ذيل الحديث الثالث .
[ 3 ] العوسج من شجر الشوك .

 

البيت المعمور يعني كعبة مكة، وليس بيتًا خرافيًّا في السماء الوهمية البدائيّة

 

{وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4)} الطور

 

واضح جدًّا أن القسم هنا هو بشيء يراه الناس العرب، والمقصود بوضوح كان كعبة مكة التي يعمُرُها ويزورها الناس من السذج من العرب الوثنيين من كل شبه جزيرة العرب قبل الإسلام، وحاليًّا من كل أقطار العالم الإسلامي لممارسة طقوس خرافية تتضمن طوافًا حول بناء حجري وتقبيل الحجر الأسود وغيرها من طقوس عديمة المعنى كالسعي بين الصفا والمروة ورمي الحجارة الصغيرة...إلخ

 

قال محمد جمال الدين القاسمي في (محاسن التأويل):

 

{ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ } أي : الذي يُعْمَر بكثرة غاشيته ، وهو الكعبة المعمورة بالحجاج والعمّار والطائفين والعاكفين والمجاورين . وروي أنه بيت في السماء بحيال الكعبة من الأرض ، يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة ثم لا يعودون فيه أبداً . والأول أظهر ، لأنه يناسب ما جاء في سورة التين من عطف { الْبَلَدِ الْأَمِينِ } على { طُورِ سِينِينَ } والقرآن يفسر بعضه بعضاً ؛ لتشابه آياته وتماثلها كثيراً ، وإن تنوعت بلاغة الأسلوب .

قال المهايميّ : أورده بعد الكتاب الذي هو الوحي ؛ لأنه محل أعظم الأعمال المقصودة منه ، ولأنه مظهر الوحي ومصدر الرحمة العامة المهداة للعالمين ؛ ولأنه أجلّ الآيات وأكبرها ، كما دل عليه آية { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ } [ العنكبوت : 67 ] وآيات أخَر .

 

وقال القرطبي في تفسيره من ضمن ما قال من تفاسير:

 

وقال الحسن : البيت المعمور هو الكعبة ، البيت الحرام الذي هو معمور من الناس ، يعمره الله كل سنة بستمائة ألف ، فإن عجز الناس عن ذلك أتمه الله بالملائكة ، وهو أول بيت وضعه الله للعبادة في الأرض.

 

وأورد نفس الجملة أبو الحيان الأندلسي في تفسيره (البحر المحيط).

 

قال البيضاوي في تفسيره:

 

{والبيت المعمور} يعني الكعبة وعمارتها بالحجاج و المجاورين أو الضراح وهو في السماء الرابعة وعمرانه كثرة غاشيته من الملائكة أو قلب المؤمن وعمارته بالمعرفة والإخلاص

 

وفي غرائب التفسير وعجائب التأويل للكرماني:

 

قوله : (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ)

وهو بيت في السماء حيال الكعبة.

الغريب : الحسن ، هو الكعبة.

العجيب : سهل بن عبد الله ، هو قلب المؤمن وعمارته الإخلاص.

 

وفي تفسير الكشاف للزمخشري:

والبَيْتِ الْمَعْمُورِ: الضراح في السماء الرابعة. وعمرانه : كثرة غاشيته من الملائكة. وقيل : الكعبة لكونها معمورة بالحجاج والعمار والمجاورين

 

وفي تفسير النيسابوري:

 

والبيت المعمور ( الكعبة أو الضراح في السماء السابعة سمي معموراً لكثرة زواره من الحجاج أو الملائكة )

 

قارن هذا التفسير والفهم المعقول مع خرافات الأحاديث:

 

روى البخاري من حديث رقم 3207:

 

.... فَرُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلَالُ هَجَرَ وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الْفُيُولِ فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ.....

 

وروى مسلم من حديث 162:

 

.... ثم عرج إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم مسندا ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال قال فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها....

 

وخرافة البيت المعمور السماوي هذه مصدرها هاجادي حيث تصور اليهود بعد تدمير تيتُس الروميّ للهيكل أن الله قد رفع نسخة من الهيكل أو أن هناك هيكلًا مماثلً له في السماء يتقبل فيه رئيس الملائكة عند اليهود ميكائيل أي ميخائيل التسابيح والصدقات على أنها قرابين لحم مقبولة مما كان يقدمه اليهود وفق طقوسهم البدائية القديمة في هيكل القدس، هذه الخرافة طالعتها في (أساطير اليهود) للويس جينزبرج بالإنجليزية مترجمًا عن الألمانية الأصل، وقد انتقلت هذه الخرافة إلى المسلمين، لكنها كانت لها سبب عاطفي مفهوم عند اليهود، وكنت أشرت بمواضع أخرى أن إزالة معبد اليهود كان مفيدًا لديانتهم لتتطور وتترك بدائيتها مثل التحريم القديم لعمل أي معابد غير معبد القدس، وقرابين اللحم والشحم والخمر على المحرقة وفق الأسلوب القديم الذي هجرته أديان أحدث أكثر عصرية كالمسيحية والإسلام والبودية والهندوسية البراهمانية المختلفة عن الهندوسية الـﭭيدية الأقدم حيث احتوت كتب الـﭭيدا على ذكر قرابين بذلك الأسلوب وهي طقوس مهجورة إلى حد كبير في الهندوسية. وبالنسبة للإسلام فهذه خرافة منزوعة من سياق كامل اليهودية ولا معنى لها في الإسلام.

 

وخرافة البيت المعمور توجد في كتب الشيعة الاثناعشرية كذلك:

 

تفسير مجمع البيان : قال الطبرسي : البيت المعمور هو بيت في السماء الرابعة بحيال الكعبة تعمره الملائكة بما يكون منها فيه من العبادة عن ابن عباس ومجاهد ، وروي أيضا عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه أبدا ، وعن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال : البيت المعمور في السماء الدنيا ، وفي السماء الرابعة نهر يقال له ( الحيوان ) يدخل فيه جبرئيل كل يوم طلعت فيه الشمس وإذا خرج انتفض انتفاضة جرت منه سبعون ألف قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكا يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور فيصلوا فيه فيفعلون ثم لايعودون إليه أبدا ، وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : البيت الذي في السماء يقال له ( الضراح ) وهو بفناء البيت الحرام لو سقط سقط عليه ، يدخله كل يوم ألف ملك لايعودون إليه أبدا ، وقيل : البيت المعمور هو الكعبة البيت الحرام معمور بالحج والعمرة عن الحسن ، وهو أول مسجد وضع للعبادة في الارض .


1 محاسبة النفس للسيد علي بن طاوس ره نقلا من كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام لعبد العزيز الجلودي بإسناده قال : سأل ابن الكواء أميرالمؤمنين عليه السلام عن البيت المعمور والسقف المرفوع ، قال عليه السلام : ويلك ذلك الضراح بيت في السماء الرابعة حيال الكعبة من لؤلؤة واحدة ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لايعودون إليه إلى يوم القيمة ، فيه كتاب أهل الجنة عن يمين الباب يكتبون أعمال أهل الجنة ، وفيه كتاب أهل النار عن يسار الباب يكتبون أعمال أهل النار بأقلام سود ، فإذا كان مقدار العشاء ارتفع الملكان فيسمعون منهماما عمل الرجل ، فذلك قوله تعالى ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ( الجاثية :28) ) .


بيان : ( فيسمعون ) أي الملائكة الذين عن يمين الباب و يساره ( منهما ) أي من الملكين الكاتبين ( هذا كتابنا ) قال الطبرسي ره : يعني ديوان الحفظة، ( ينطق عليكم بالحق ) ) أي يشهد عليكم بالحق ، والمعني : يبينه بيانا شافيا حتى كأنه ناطق ( إنا كانا نستنسخ ما كنتم تعملون ) أي نستكتب الحفظة ما كنتم تعملون في دار الدنيا ، والاستنساخ : الامر بالنسخ مثل الاستكتاب ، وقيل : المراد بالكتاب اللوح المحفوظ يهشد بما قضى فيه من خير وشر ، وعلى هذا فيكون معنى ( نستنسخ ) أن الحفظة تستنسخ الخزنة ما هو مدون عندها من أعمال العباد وهو قول ابن عباس.


2 علل الشرائع: عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : لم سمي البيت العتيق ؟ قال : إن الله عزوجل أنزل الحجر الاسود لآدم من الجنة وكان البيت درة بيضاء ، فرفعه الله إلى السماء وبقي اسه ، فهو بحيال هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لايرجعون إليه أبدا ، فأمر الله إبراهيم وإسماعيل ببنيان  البيت على القواعد ، وإنما سمي البيت العتيق لانه اعتق من الغرق.


3 تفسير على بن ابراهيم القمي : ( والبيت المعمور ) قال : هو في السماء الرابعة وهو ( الضراح ) يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لايعودون إليه أبدا.


4 علل الشرائع: عن علي بن حاتم ، عن القاسم بن محمد ، عن حمدان بن الحسين عن الحسين بن الوليد ، عن أبى بكر ، عن حنان بن سدير ، عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : قلت [ له ] : لم صار الطواف سبعة أشواط ؟ قال : لان الله تبارك وتعالى قال للملائكة ( إني جاعل في الارض خليفة ) فردوا على الله تبارك وتعالى وقالوا ( ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) قال الله ( إني أعلم ما لا تعلمون ) ) وكان لا يحجبهم عن نوره فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام فلا ذوا بالعرش سبعة آلاف سنة ، فرحمهم وتاب عليهم وجعل لهم البيت المعمور الذي في السماء الرابعة فجعله مثابة وأمنا ، ووضع البيت الحرام تحت البيت المعمور فجعله مثابة للناس وأمنا ، فصار الطواف سبعة أشواط واجبا على العباد ، لكل ألف سنة شوطا واحدا.

5 علل الشرائع : في علل ابن سنان عن الرضا عليه السلام : علة الطواف بالبيت أن الله تبارك وتعالى قال للملائكة ( إني جاعل في الارض خليفة قالوا أتعجل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) فردوا على الله تبارك وتعالى هذا الجواب ، فعلموا أنهم أذنبوا فندموا فلاذوا بالعرش واستغفروا ، فأحب الله عزوجل أن يتعبد بمثل ذلك العباد ، فوضع في السماء الرابعة بيتا بحذاء العرش يسمى ( الضراح ) ثم وضع في السماء الدنيا بيتا يسمى [ البيت ] المعمور بحذاء الضراح ، ثم وضع البيت بحذاء البيت المعمور ثم أمر آدم عليه السلام فطاف به فتاب الله عليه فجرى ذلك في ولده إلى يوم القيامة.


6 الكفعمى والبرسى : بإسناديهما عن موسى بن جعفر عن آبائه عن أميرالمؤمنين عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال : قال جبرئيل : والذي بعثك بالحق نبيا إن الله تعالى بنى في السماء الرابعة بيتا يقال له ( البيت المعمور ) يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك ويخرجون منه ولا يعودون إليه إلى يوم القيامة ( الخبر ) .

 

وفي تفسير مجمع البيان للطبرسي من التفسيرات التي أوردها قال:

 

...وقيل البيت المعمور هو الكعبة البيت الحرام معمور بالحج والعمرة عن الحسن وهو أول مسجد وضع للعبادة في الأرض

 

محبة عثمان للمدح كمعظم ملوك العرب

 

روى مسلم:

 

[ 3002 ] وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث أن رجلا جعل يمدح عثمان فعمد المقداد فجثا على ركبتيه وكان رجلا ضخما فجعل يحثو في وجهه الحصباء فقال له عثمان ما شأنك فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب

 

[ 3002 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى جميعا عن بن مهدي واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن حبيب عن مجاهد عن أبي معمر قال قام رجل يثنى على أمير من الأمراء فجعل المقداد يحثي عليه التراب وقال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثي في وجوه المداحين التراب

 

روى أحمد:

 

23823 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، قَالَ: جَعَلَ رَجُلُ يَمْدَحُ عَامِلًا لِعُثْمَانَ فَعَمَدَ الْمِقْدَادُ فَجَعَلَ يَحْثُو التُّرَابَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا هَذَا ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ "

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ميمون بن أبي شبيب، فقد روى له مسلم في المقدمة، والبخاري في "الأدب المفرد" وأصحاب السنن، وهو صدوق كثير الإرسال عن أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويغلب على الظن أنه لم يدرك عثمان ولم يحضر هذه القصة، لكنه متابَعٌ.

وأخرجه الطيالسي (1159) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (149) ، والطبراني 20/ (574) ، وأبو نعيم 4/377، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة" (3573) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وسيأتي من طرق أخرى غير طريق ميمون بن أبي شبيب بالأرقام (23824) و (23826) و (23827) و (23828) و (23830) .

وله شاهد من حديث ابن عمر، سلف برقم (5684) .

 

محبة معاوية للمديح

 

روى ابن عساكر في تاريخ دمشق قبل حديث رقم 5546:

 

أخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس أنا محمد بن عبد الله بن عمر العمري نا أبو محمد بن أبي شريح نا يحيى بن محمد بن صاعد نا محمد بن عبد الملك بن زنجوية نا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أبي عن أبي منيع الوليد بن داود بن محمد بن عبادة بن الصامت عن ابن عمه عبادة بن الوليد ولم يذكر في الإسناد عن الوليد بن عبادة وقال كان عبادة بن الصامت مع معاوية بن أبي سفيان في عسكره فأذن يوما فقام خطيب يمدح معاوية ويثني عليه فقام عبادة بتراب في يده فحثاه في في الخطيب فغصب معاوية فقال له عبادة مجيبا له إنك يا معاوية لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالعقبة على السمع والطاعة في منشطنا ومكسلنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقوم بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) احثوا في أفواه المداحين التراب.

 

لا يزال كثير من ملوك العرب محبين للمديح المغالى فيه، خاصة ملوك دول الخليج العربي والأردن بطباعهم وتقاليدهم البدوية القديمة، وبدرجة كبيرة كان كذلك حكم صدام ومن قبله في العراق، وبدرجات مختلفة غير فجة في الأغلب في كثير من الدول الإسلامية والعربية، ولا شك كان حكام كمحمد حسني مبارك محبين للتمجيد والمديح لكن لاختلاف ثقافة ووعي الشعب المصري كمثال عن شعوب الخليج لم يكن يناسب أن يظهر ذلك بفجاجة.

 

 

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.