تعاليم العنف والإجرام والعدوان والعنصرية
روى مسلم:
[ 1731 ] ح وحدثني عبد الله بن هاشم واللفظ له حدثني عبد الرحمن يعني بن مهدي حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله أغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا قال عبد الرحمن هذا أو نحوه وزاد إسحاق في آخر حديثه عن يحيى بن آدم قال فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حيان قال يحيى يعني أن علقمة يقوله لابن حيان فقال حدثني مسلم بن هيصم عن النعمان بن مقرن عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
ورواه أحمد 23030 و22978 و22821 وعبد الرزاق 9428 وابن أبي شيبة 33594 و33725
وذكرها الواقدي مع اختلافات بسيطة في الألفاظ:
حَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ إسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرَقْمَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ ÷ قَالَ: “أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللّهِ وَبِمَنْ مَعَكُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، أَوْ قَالَ: اُغْزُوا بِسْمِ اللّهِ فِى سَبِيلِ اللّهِ فَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللّهِ لا تَغْدِرُوا وَلا تَغْلُوا وَلا تَقْتُلُوا وَلَيَدًا، وَإِذَا لَقِيت عَدُوّك مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى إحْدَى ثَلاثٍ فَأَيّتُهُنّ مَا أَجَابُوك إلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَاكْفُفْ عَنْهُمْ اُدْعُهُمْ إلَى الدّخُولِ فِى الإِسْلامِ فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَاكْفُفْ عَنْهُمْ ثُمّ اُدْعُهُمْ إلَى التّحَوّلِ مِنْ دَارِهِمْ إلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَإِنْ دَخَلُوا فِى الإِسْلامِ وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِى عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللّهِ وَلا يَكُونُ لَهُمْ فِى الْفَيْءِ وَلا فِى الْقِسْمَةِ شَيْءٌ إلاّ أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إلَى إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَاكْفُفْ عَنْهُمْ فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاَللّهِ وَقَاتِلْهُمْ وَإِنْ أَنْتَ حَاصَرْت أَهْلَ حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ فَأَرَادُوك أَنْ تَسْتَنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللّهِ فَلا تَسْتَنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِك، فَإِنّك لا تَدْرِى أَتُصِيبُ حُكْمَ اللّهِ فِيهِمْ أَمْ لا، وَإِنْ حَاصَرَتْ أَهْلَ حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ فَأَرَادُوك عَلَى أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمّةَ اللّهِ وَذِمّةَ رَسُولِهِ فَلا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمّةَ اللّهِ وَلا ذِمّةَ رَسُولِهِ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمّتَك وَذِمّةَ أَبِيك وَذِمّةَ أَصْحَابِك، فَإِنّكُمْ إنْ تَخْفِرُوا ذِمّتَكُمْ وَذِمَمَ آبَائِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَخْفِرُوا ذِمّةَ اللّهِ وَذِمّةَ رَسُولِهِ”.
نلاحظ هنا تعليماته بعدم إعطاء عهد صلح باسم الله أو محمد أو الدين منعًا للإحراج، لكي يتمكنوا من الخفر والغدر كيفما شاؤوا، وذكرنا نماذج من غدرهم على مر التاريخ لما ذكرنا صلح الحديبية ونقضه وقتل الأشجعي في غزوة إضم والعدوان على جهينة وغيرها مما ذكرته في الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية)، فكما ذكرت هناك هم كان منهجهم دومًا الغدر، وذكر حصار سعيد بن العاص لحصن في فتوح فارس وغدره بهم بعد استسلامهم وغدرات خالد بن الوليد في السيرة المحمدية وحروب الردة وغيرها وقرأت كذلك أن الأتراك أعطوا الأمان لملك البوسنة المسيحي بعد استسلامه ثم أخفروا العهد وقتلوه. التاريخ مليء بنماذج الغدر الإسلامي.
تلك التعاليم الإجرامية التحريضية العنصرية لا تختلف عن التشريع التوراتي ذي الأيديولوجيا العنصرية الإجرامية، كما ورد في سفر التثنية 20: 10- 14
(10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. 12وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.)
أو كما في الترجمة العربية المشتركة: (10وإذا اَقتَرَبتُم مِنْ مدينةٍ لِتُحارِبوها فاَعْرُضوا علَيها السِّلْمَ أوَّلاً، 11فإذا اَستَسلَمَت وفتَحَت لكُم أبوابَها، فجميعُ سُكَّانِها يكونونَ لكُم تَحتَ الجزيةِ ويخدِمونكُم. 12وإنْ لم تُسالِمْكُم، بل حارَبَتكُم فحاصَرتُموها 13فأسلَمَها الرّبُّ إلهُكُم إلى أيديكُم، فاَضْرِبوا كُلَ ذكَرٍ فيها بِحَدِّ السَّيفِ. 14وأمَّا النِّساءُ والأطفالُ والبَهائِمُ وجميعُ ما في المدينةِ مِنْ غَنيمةٍ، فاَغْنَموها لأنْفُسِكُم وتمَتَّعوا بِغَنيمةِ أعدائِكُمُ التي أعطاكُمُ الرّبُّ إلهُكُم.)
حقيقة لا يختلف التشريع الإسلامي الإجرامي عن ذلك وهكذا مارسوا جرائمهم القذرة من النهب والسلب وتخريب ما لا ينالونه وخطف واستعباد الأطفال والنساء، هم فقط إضافة إلى الجزية والخراج على الأمم المستسلمة بلا حرب، أضافوا قاعدة أنهم في الدول المقتحمة صلحًا يتركون كنائسها ومعابدها والمقتحمة أو المفتوحة بالحرب إضافة إلى النهب والتخريب والقتل للرجال وسبي آلاف النساء والأطفال يقومون بهدم كنائسها ومعابدها. وجاء في أحكام أهل الذمة:
الْأَمْصَارُ الَّتِي أَنْشَأَهَا الْمُشْرِكُونَ وَمَصَّرُوهَا، ثُمَّ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً وَقَهْرًا بِالسَّيْفِ، فَهَذِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدَثَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ. وَأَمَّا مَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْفَتْحِ فَهَلْ يَجُوزُ إِبْقَاؤُهُ أَوْ يَجِبُ هَدْمُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ:
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ إِزَالَتُهُ وَتَحْرُمُ تَبْقِيَتُهُ؛ لِأَنَّ الْبِلَادَ قَدْ صَارَتْ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَرَّ فِيهَا أَمْكِنَةُ شِعَارِ الْكُفْرِ، كَالْبِلَادِ الَّتِي مَصَّرَهَا الْمُسْلِمُونَ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ بِبَلَدٍ» ". وَكَمَا لَا يَجُوزُ إِبْقَاءُ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي هِيَ شِعَارُ الْفُسُوقِ كَالْخَمَّارَاتِ وَالْمَوَاخِيرِ، وَلِأَنَّ أَمْكِنَةَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ قَدْ صَارَتْ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَمْكِينُ الْكُفَّارِ مِنْ إِقَامَةِ شِعَارِ الْكُفْرِ فِيهَا كَبَيْعِهِمْ وَإِجَارَتِهِمْ إِيَّاهَا لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْجِهَادِ حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لَهُ، وَتَمْكِينُهُمْ مِنْ إِظْهَارِ شِعَارِ الْكُفْرِ فِي تِلْكَ الْمَوَاطِنِ جَعَلَ الدِّينَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ.
.... يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَالصَّحَابَةَ مَعَهُ أَجْلَوْا أَهْلَ خَيْبَرَ مِنْ دُورِهِمْ وَمَعَابِدِهِمْ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ تَمْلِيكًا لَمْ يَجُزِ إِخْرَاجُهُمْ عَنْ مِلْكِهِمْ إِلَّا بِرِضًا أَوْ مُعَاوَضَةٍ.
وَلِهَذَا لَمَّا أَرَادَ الْمُسْلِمُونَ أَخْذَ كَنَائِسِ الْعَنْوَةِ الَّتِي خَارِجَ دِمَشْقَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ صَالَحَهُمُ النَّصَارَى عَلَى تَرْكِهَا وَتَعْوِيضِهِمْ عَنْهَا بِالْكَنِيسَةِ الَّتِي زِيدَتْ فِي الْجَامِعِ، وَلَوْ كَانُوا قَدْ مَلَكُوا تِلْكَ الْكَنَائِسَ بِالْإِقْرَارِ لَقَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: كَيْفَ تَأْخُذُونَ أَمْلَاكَنَا قَهْرًا وَظُلْمًا؟ بَلْ أَذْعَنُوا إِلَى الْمُعَاوَضَةِ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ أَخْذَ تِلْكَ الْكَنَائِسِ مِنْهُمْ، وَأَنَّهَا غَيْرُ مِلْكِهِمْ كَالْأَرْضِ الَّتِي هِيَ بِهَا.
فَبِهَذَا التَّفْصِيلِ تَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ فِعْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَدَمَ وَقَدْ أَفْتَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمُتَوَكِّلَ بِهَدْمِ كَنَائِسِ السَّوَادِ وَهِيَ أَرْضُ الْعَنْوَةِ.
...... وَهَذِهِ كَانَتْ سِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَهْلِ الْأَرْضِ؛ كَانَ يُقَاتِلُ مَنْ حَارَبَهُ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي دِينِهِ أَوْ يُهَادِنَهُ أَوْ يَدْخُلَ تَحْتَ قَهْرِهِ بِالْجِزْيَةِ، وَبِهَذَا كَانَ يَأْمُرُ سَرَايَاهُ وَجُيُوشَهُ إِذَا حَارَبُوا أَعْدَاءَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، فَإِذَا تَرَكَ الْكُفَّارُ مُحَارَبَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَسَالَمُوهُمْ وَبَذَلُوا لَهُمُ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَلِلْمُشْرِكِينَ.
أَمَّا مَصْلَحَةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَمَا يَأْخُذُونَهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ قُوَّةً لِلْإِسْلَامِ مَعَ صَغَارِ الْكُفْرِ وَإِذْلَالِهِ، وَذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُمْ مِنْ تَرْكِ الْكُفَّارِ بِلَا جِزْيَةٍ.
وروى البخاري:
3043 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ هُوَ ابْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا دَنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ قَالَ فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ قَالَ لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ
4121 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدٍ فَأَتَى عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا دَنَا مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَ لِلْأَنْصَارِ قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ أَوْ خَيْرِكُمْ فَقَالَ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ فَقَالَ تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَتَسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ قَالَ قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ وَرُبَّمَا قَالَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ
ورواه مسلم 1768
ورواه بطوله ابن إسحاق في السيرة لابن هشام، ومنه:
...فلما أصبحوا نزلوا على حكمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتواثبت الأوْسُ، فقالوا: يا رسول الله، إنهم موالينا دونَ الخزرج، وقد فَعَلْت في موالى إخواننا بالأمس ما قد عَلمت - وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبْل بني قريظة قد حاصر بني قَيْنُقاع، وكانوا حلفاء الخزرج، فنزلوا على حكمه، فسأله إياهم عبدالله ابن أبي ابن سَلُول، فوهبهم له - فلما كلمته الأوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترضون يا معشرَ الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذاك إلى سعد بن معاذ. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسْلم، يقال لها رُفَيْدة، في مسجده، كانت تداوي الجرحَى، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضَيْعة من المسلمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق: اجعلوه في خيمة رُفَيْدة حتى أعودَه من قريب. فلما حكمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة، أتاه قومه فحملوه على حمار قد وَطَّئوا له بوسادة من أدَم وكان رجلا جسيما جميلا، ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يقولون: يا أبا عَمْرو، أحسنْ في مواليك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم؛ فلما أكثروا عليه قال: لقد أنى لسعد أن لا تأخذه في الله لوْمة لائم. فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني عبد الأشهل، فنعى لهم رجالَ بني قريظة، قبل أن يصل إليه سعد، عن كلمته التى سمع منه.
فلما انتهى سعدٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيِّدكم - فأما المهاجرون من قريش، فيقولون: إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصارَ؛ وأما الأنصار: فيقولون: قد عَمَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقاموا إليه، فقالوا: يا أبا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم. فقال سعد بن معاذ: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه، أن الحكم فيهم لما حَكمْتُ؟ قالوا: نعم. وعلى من هاهنا؟ في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مُعْرِض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم؛ قال سعد: فإنى أحكم فيهم أن تُقْتَل الرجالُ، وتُقَسَّم الأموالُ، وتسْبَى الذراري والنساء.
قال ابن اسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن مُعاذ، عن علقمة بن وقاص الليثي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد:"لقد حكمتَ فيهم بحكمِ الله من فوقِ سبعةِ أرقعة".
وجاء في سنن سعيد بن منصور:
2595 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَهُ مَا أَسْلَمَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ، وَأَمَّا أَرْضُهُ وَقَرَارُهُ فَهِيَ كَائِنَةٌ فِي فَيْءِ اللَّهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ»
2593 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَدِيٍّ، أَنَّ دِهْقَانًا أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنْ أَقَمْتَ فِي أَرْضِكَ رَفَعْنَا الْجِزْيَةَ عَنْ رَأْسِكَ وَأَخَذْنَاهَا مِنْ أَرْضِكَ، وَإِنْ تَحَوَّلْتَ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِهَا»
2592 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «إِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ، وَأَقَامَ بِأَرْضِهِ أُخِذَ مِنْهُ الْخَرَاجُ، فَإِنْ تَرَكَ أَرْضَهُ رُفِعَ عَنْهُ الْخَرَاجُ»
نص معاهدة محمد في المدينة ومن وصايا محمد عدم قتل المسلم القاتل بمقتوله غير المسلم! (ألا يُقتَل مسلم بكافر)
جاء في السيرة لابن هشام في ذكره لمعاهدة المدينة:
....ولا يَقتلُ مؤمن مؤمناً في كافر، ولا ينصرُ كافراً على مؤمن....
وروى البخاري:
6903 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ مَرَّةً مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ فَقَالَ وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قُلْتُ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ
ورواه أحمد 599، وأخرجه الشافعي 2/104، والحميدي (40)، والبخاري (6903)، والنسائي 8/23، وابن الجارود (794)، وأبو يعلى (451)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/192، والبيهقي 8/28 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (91)، وعبد الرزاق (18508)، والدارمي (2356)، والبخاري (111) و(3046) و(6915)، وابن ماجه (2658)، والترمذي (1412)، والطحاوي 2/192، والبيهقي 8/28 من طرق عن مطرف، به. وأخرجه البزار (486) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به 599
وروى أحمد بن حنبل:
6662 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَهَاشِمٌ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ "
6690 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ، وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ: " لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ "
صحيح، وهذا إسناد حسن، وأخرجه أبو داود (4506) مسلم بن إبراهيم، عن محمد بن راشد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 9/294 من طريق محمد بن إسحاق، والترمذي (1413) من طريق أسامة بن زيد، وابن ماجه (2659) من طريق عبد الرحمن بن عياش، والبغوي (2532) من طريق المثنى بن الصباح، وابن عدي 7/2649 من طريق يحيي بن أبي أنيسة، كلهم عن عمرو بن شعيب، به، ولكنه عندهم حديث قولي. قال الترمذي: حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب حديث حسن. وأخرجه عبد الرزاق (9445) و (18504) عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا إسناد معضل. وهذا الحديث قطعة من حديث طويل هو خطبةُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفتح، ذكره الإمام أحمد مفرقاً في روايات عدة، سنذكر أرقامها في الرواية برقم (6681) . وانظر (6690) . وله شاهد صحيح من حديث علي بن أبي طالب سلف برقم (599) و (959) و (993) و(615) وآخر مطول من حديث عائشة عند أبي يعلى (4757)، والدارقطني 3/131، والبيهقي في "السنن" 8/29-30، ذكره الهيثمي في "المجمع" 6/292-293، ونسبه إلى أبي يعلى، وقال: ورجاله رجال الصحيح غير مالك بن أبي الرجال، وقد وثقه ابن حبان، ولم يضعفه أحد. وثالث من حديث ابن عباس عند عبد الرزاق (17787)، وابن ماجه (2660) . ورابع مطول من حديث ابن عمر عند ابن حبان (5996). وخامس بنحوه من حديث عمران بن الحصين عند البيهقي في "السنن" 8/29. وسادس من حديث معقل بن يسار عند البيهقي 8/30. وسابع مرسل من حديث عطاء بن أبي رباح عند ابن أبي شيبة 9/294. وثامن مرسل من حديث الحسن عند عبد الرزاق (18506) .
أردت البدء بهذه النصوص لكونها ظلت أسلوب تعامل المسلمين على اختلاف أجنساهم من عرب وأتراك وأفغان وغير ذلك مع غير المسلمين.
ولنبدأ بعرض نقديّ لنصوص العنف في القرآن أولًا:
سور الفترة المكية الأولى
74 المدثر
{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآَخِرَةَ (53) كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)}
هنا رغم العنف اللفظي والشتيمة وأسلوب الحوار غير المهذَّب الذي قد لا يدل على شخصية سوية ومتزنة، إلا أنها من نصوص التسامح المكية التي سيلغيها وينسخها محمد ويغيّر أحكامه ورأيه ليتحول إلى العنف، وهنا سنطرح التساؤل بزعمهم أن القرآن نص من الله المزعوم الخراف؛ فأي إله هذا الذي يغيِّر مبادئه وأخلاقياته بمجرد تغيّر ظروف أتباه وقواه إلى الأحسن والأقوى والأكثر؟!
80 عبس
{(10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12)}
وهذه بدورها آية تعايش سلميّ كانت ستصلح نبراسًا وأساسًا لتحضُّر وتعايش سلميّ، ولم تكن ديانة الإسلام لو استمرت التعاليم هكذا ستصير إلى ديانة إرهاب وجهاد وفتوحات وتفجيرات وتحنُّط في كفن أثناء حرب انتحارية وما شاكل، لكن محمدًا غير مبادءه بعد ذلك إلى نهج العنف، فمن يتصوّر أن إلهًا كاملًا زعموه يغيّر مبادءه 360 درجة على هذا النحو؟!
87 الأعلى
{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12)}
هذه كسابقتها آية تسامح ملغية الحكم ولا يعملون بها. هذا نفس التناقض في الثقافة المسيحية بين تعليمات كتاب اليهود (العهد القديم) وتعليمات العهد الجديد المسيحي (الأناجيل)، أحدهما نقيض الآخر، أحدهما غاية الإجرام والسفالة، والآخر غاية التسامح والرحمة لدرجة تعاليم بعدم رد الأذى، لكن في الإسلام الترتيب معكوس وهذا أسوأ، لأن التعاليم النهائية التي عليهم العمل بها حسب اعتقادهم أي الناسخة هي العنف والأذى والقتل والاستعباد والعنصرية والتمييز. وراجع ج1 حروب محمد الإجرامية.
73 المزمّل
{وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11)}
{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (19)}
هذه أيضًا آيات تسامح ألغاها وأبطلها محمد بعد تحصُّله على القوة ليقيم مشروع الحكم الموحَّد لشبه جزيرة العرب والديانة العربية على دماء آلاف البشر واستعباد الآلاف.
81 التكوير
{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)}
أيضًا آية تنص على حرية الإنسان بما يتضمن الوثنيين في اختيار الدين الذي يريد أيٌّ منهم، وهي منسوخة.
100 العاديات
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)}
لعل هذه الآية حسب ترتيب النزول الأقرب إلى الصحة الذي تبنيته في بحثي، مقتبِسًا من ثيودور نولدكه، هي أول نص قرآني ظهر فيه ميل محمد للعنف والأذى، أو اعتباره الغارات المعتادة حينئذٍ بين القبائل العربية للقتال والنهب والسلب والاستعباد بخطف النساء والأطفال وأحيانًا الرجال شيئًا عاديًّا، فهو يبدو منبهرًا بمنظر هجوم الخيل في جيش عربيّ لفرسان راكبين على خيولهم التي تعدو أي تجري، تركض، بحيث تشعل شرارة في الحجارة والحصى تحت سنابكها وحدواتها من شدة قوة السرعة، وأنها تُغير من الغارة في الصباح الباكر لمفاجأة القبيلة الأخرى المهاجَمة المعتدى عليها، وهي تثير الغبار في الجو لسرعتها، ويتوسّط الفرسان بخيولهم وسط جموع القبيلة الأخرى المتفاجِئين فيما يقومون بقتلهم بالسيوف ونهبهم. هذه الآية مكية كما يؤكد المسلمون ويشير أسلوبها المكيّ المميِّز لنصوص الفترة المكية الأولى من سجع مكثَّف وغيره، قبل هجرة محمد وبدئه حروبه. هذه كانت بادرة تدل على أن اقتداء محمد بمسالمة الحنفاء الربوبيين الشبه لادينيين قبله وتعاليم الأناجيل وأسلوب المسيحية الشرقية التي كان يقتدي بها سيتحوّل إلى الاقتداء والاحتذاء بعنف التوراة اليهودية وأسلوب الغارات والعنف البدوي لأهل شبه جزيرة العرب الهمجي، أن تسامحه أصبح مجرد شيء اضطراريّ لعدم وجود قوة كافية كان لم يكتسبها بعد.
ويقول ابن كثير في تفسيره:
يُقْسِمُ تَعَالَى بِالْخَيْلِ إِذَا أُجْرِيَتْ فِي سَبِيلِهِ فَعَدت وضَبَحت، وَهُوَ: الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنَ الْفَرَسِ حِينَ تَعْدُو. {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} يَعْنِي: اصْطِكَاكَ نِعَالِهَا لِلصَّخْرِ فَتَقْدَحُ مِنْهُ النَّارَ. {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} يَعْنِي: الْإِغَارَةَ وَقْتَ الصَّبَاحِ، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغِيرُ صَبَاحًا وَيَتَسَمَّعُ أَذَانًا، فَإِنَّ سَمِعَ وَإِلَّا أَغَارَ. [وَقَوْلُهُ] {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} يَعْنِي: غُبَارًا فِي [مَكَانِ] مُعْتَرَكِ الْخُيُولِ. {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} أَيْ: تَوَسَّطْنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ كُلُّهن جُمَعَ.
88 الغاشية
{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)}
هذه آية تسامح منسوخة لغاها محمد لاحقًا كذلك بحكم آيات سورة التوبة وغيرها، كما قال لمفسِّرون وكما هو عليه واقع تاريخ وسيرة محمد، وغيَّر مبادءه بمجرد اكتسابه القوة بالسلاح والأتباع والمال والإستراتيجية والسياسة والسلطة، هل لو كان هذا الدين والكلام لله كان سيغيِّر مبادءه بدون أي مبدأ أخلاقي، كما تغيِّر الأفعى جلدها وكما تغيِّر الحرباء لونها؟! أين الاتّساق الأخلاقي والسموّ السلوكيّ في أمورٍ كهذه. ووفقًا للآية السابقة فالله فقط من يحاسب الناس وليس البشر ليفرضوا عليهم ممارسات عنصرية وتحرّشات أوصى بها محمد بعد ذلك!
الفترة المكية الثانية
37 الصافّات
{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آَلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرَاغَ إِلَى آَلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)}
ينطوي محتوى القصة على بادرة للعنف وتشجيع دينيّ للاعتداء على مقدَّسات الأديان الأخرى، بما فيها الوثنية، اختار محمد هذه القصة الموجودة في هاجاديّات اليهود الربينية من كتابات الأحبار والتي لا توجد في التوراة في القصة الأصلية ليعبِّر بها عن شعوره ورغبته في تحطيم الأصنام على طريقة تعاليم موسى التوراتية وطريقة حكم الأغلبية المسيحية منذ عصر قسطنطين وهدمهم للمعابد الوثنية المصرية واليونانية والرومانية والأوربية وغيرها، لاحقًا حطَّم محمد ومن معه كما عرضنا في الجزء الأول فعلًا أصنام ومعابد وأمكان تعبد الوثنيين العرب وأجبرهم على الإسلام بتهديدهم بالقتل، وعندما دخل المسلمون الهند وباكستان وأفغانستان وغيرها، اتبعوا سيرة محمد ونموذجه وأبادوا كثيرًا من الوثنيين ورجال دينهم وهدموا معابدهم وحوَّلوها إلى مساجد ونهبوهم واستعبدوا من نسائهم وأطفالهم..إلخ، كما في فتوح البلدان للبلاذردي وتاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية للساداتي وطبقات أكبري وقصة الحضارة/الهند وجيرانها من العمل الضخم لول ديورانت. هذا فقط يوضِّح لنا أنها ليست مجرد قصة دينية ولاهوتية بريئة أو ساذجة بل غرضها الخبيث_نشر الكراهية والعنف بين البشر_ واضح جليّ، بإباحتها وتحبيذها للتدخُّل في عقائد الآخرين والحرية الدينية، وفقًا لمبادئ الديمقراطية اليوم يحق لك الدعوة لما شئت من دين، بطريقة سلمية، وليس بفرض أفكارك بالإجبار والتهديد أو حتى الإزعاج على الناس.
{فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179)}
هنا قد يرى المرءُ نية محمد المبيَّتة وتخطيطه لقتال قومه والوثنيين العرب متى ما اكتسب القوة، وقد قال لهم ذات مرة في مكة: (لقد جئتكم بالذبح) كما في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق وبمسند أحمد 7036، ولم يكتفِ بالانتقام ممن آذوه هو وأتباعه، بل تجبَّر وآذى وأباد ناسًا من قريش وسائر العرب لأجل عقيدتهم قط كما عرضنا في ج1 (حروب محمد الإجرامية).
44 الدخان
{فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)}
نفس التعليق السابق
50 ق
{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)}
وفقًا لهذا النص المكيِّ فلا يصحّ إكراه أحد على الإسلام، لكن محمدًا لاحقًا سيأمر بمبدأ معاكس تمامًا، ويغيِّر مبادئه إلى المبادئ الغير أخلاقية من الإكراه الديني والإرهاب والإبادة.
20 طه
{اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)}
وفقًا لهذا النص فدعوة الوثنيّ إلى الإسلام تكون بالأسلوب اللطيف والقول الطيِّب الليِّن الرفيق، ناهيك عن مدعي ألوهية كملك من ملوك مصر القديمة، ولاحقًا كما هو معروف ألقى محمد كل هذه التعاليم في القمامة والكناسة، وشرَّع للعنف والإكراه الدينيّ ونهب الآخرين واستعباد أطفالهم وبناتهم.
{قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98)}
باقتباس محمد من هذه القصة التوراتية لتأسيس ملامح ومعالم ديانته العربية، كان يدرك جيدًا تأسيسها الاعتقاديّ واللاهوتيّ مستقبلًا لمنهج العنف والإكراه الدينيّ للمؤمنين بتعدد الآلهة في بلاد شبه جزيرة العرب.
26 الشعراء
{إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)}
يقول ابن كثير في تفسيرها:
... ثم قَالَ تَعَالَى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ أَيْ لَوْ نشاء لأنزلنا آية تضطرهم إلى الإيمان قهرا، ولكن لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّا لَا نُرِيدُ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا الْإِيمَانَ الِاخْتِيَارِيَّ. وَقَالَ تَعَالَى: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس: 99] . وقال تَعَالَى: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً [هود: 118- 119] الآية، فَنَفَذَ قَدَرُهُ، وَمَضَتْ حِكْمَتُهُ، وَقَامَتْ حُجَّتُهُ الْبَالِغَةُ عَلَى خَلْقِهِ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ إِلَيْهِمْ، وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ عليهم.
إذا كان الأمر كذلك، والله لاهوتيًّا لا يريد تقوى زائفة وتدينًا بالإكراه والتظاهر، فكيف غيَّر الله مبادئه_كأي إنسان لا أخلاقيّ وبرجماتيّ ووصوليّ وغادر_بمجرد اكتساب محمد للقوة والعتاد والعدد، أم بالأحرى أنه كلام محمد وأن شخصيته صارت إلى الأسوأ، ففرض النهب والجزية والاستغلال على المسيحيين واليهود والزردشتيين، والإبادة على الوثنيين إن لم يسلموا بالإكراه، واحتلال الشعوب الأخرى غير العربية؟
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77)}
أيضًا نقل محمد للقصة الهاجادية عن إبراهيم كمحطم لتماثيل المعتقدين بتعدد الآلهة تأسيس لمنهج العنف والاعتداء على مقدَّسات الآخرين ومعابدهم وصولًا إلى حيواتهم وأموالهم.
15 الحِجر
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)}
تنص هذه الآية أو النص على التسامح حتى مع الإساءة والظلم، وكما قلنا ألغاها محمد ولقرآن بمثابة متحف للنصوص المنسوخة أي الملغية يظهر لنا تطور ومراحل الإسلام.
43 الزخرف
{وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)}
هذه آية تسامح أخرى منسوخة مما رماه محمد وراء ظهره في الزبالة مع القيم، لكن نلاحظ فيها بادرة عجيبة حيث يعتبر التعايش مع غير الأتباع والوثنيين كتسامح وصفح استعلائيّ تكرُّمًا منه لا كحقٍّ في حرية الاعتقاد لكل البشر. ممن انتقدوا هذا النوع من التعايش أو التسامح الاستعلائي في المسيحية أواخر القرون الوسطى في فرنسا المفكر ﭬولتير.
23 المؤمنون
{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96)}
للأسف كما قلتُ ما أن اكتسب محمد القوة العسكرية حتى ألقى كل هذه القيم والمبادئ الصالحة وراء ظهره واتخذ العكس بدلًا لها.
21 الأنبياء
{وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67)}
تمتاز اليهودية وابنها الثاني الإسلام دومًا بالتظاهر بالبلاهة أو التغافل في حوارها مع الوثنيين، فبالتأكيد لا يعبد الوثنيون المؤمنون بتعدد الآلهة الحجارة نفسها، بل يعتقدون أنها صور لآلهتهم الخفية، لا شك أنها خرافات بدائية، لكن نمط حوار القرآن_وعلى غراره ومن قبله كتاب اليهود والهاجادة وكتب المسيحية القانونية وغير القانونية_ليس مثالًا لحوار بناء ومفيد مع الوثنيين، لأنه يفترض ما يعلم أنه غير صحيح لمجرد الجدل والتسفيه للآخر. وفي هذا النص المكيّ الذي قاله محمد وهو بعدُ ما زال في مكة لمَّا يكتسب قوته العسكرية والعددية اللاحقة، مقتبسًا من الهاجادة اليهودية للأحبار في كتب تفاسيرهم المدراشيم والتلمود والترجومات، وهو مؤشِّر لنيته لاستعمال العنف والاعتداء على مقدسات الآخرين، باعتبار إبراهيم يمثل عنده القدوة بهمجيته وعدوانيته ضد أديان الآخرين، كقدوة نبوية وتبرير لاهوتيّ للعنف اللاحق بعد ذلك.
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)}
وفقًا لطريقة توظيف محمد لاقتباسه من مزمور داوود 37 فمقصوده هو التلميح والتمهيد اللاهوتيّ التبريريّ لتشريع وتحريض الإبادة للمخالفين في العقيدة والاحتلال والغارات والنهب، فهذه بوادر عنف محمد وتمهيداته الفكرية في مكة.
25 الفرقان
{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)}
{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)}
لاحقًا كما في سورة التوبة وما قبلها، سيأمرهم إذا انتقد أحد الدين أو طعن وشكَّكَ فيه فاقتلوه، كما عرضنا في ج1 حروب محمد الإجرامية في قتل عصماء بنت مروان وأبي ععفك وكعب بن الأشرف وقينتي الأخطل وغيرهم.
17 الإسراء
علق ابن عباس على النص {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} الإسراء، كما في تفسير ابن كثير بقوله:
قال ابن عباس: ثم أنزل الله مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ [التوبة: 113] الآية.
لقد ذكرتُ في ج1 حروب محمد الإجرامية عدة حالات قام فيها مسلمون من أتباعه بغارات على أقوامهم التي ينتمون لها هم أنفسهم مبادءة بالهجوم دون أي بوادر عنف من تلك الأقوام، وقاموا فيها بقتل آبائهم أنفسهم أو تسهيل ذلك بتكبيلهم! كما في سرية الضحاك الكلابي وغيرها، ولنا أن نتعجب من بيع وتغيير المبادئ 360 درجة وإلى العكس والضد تمامًا.
{رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54)}
للأسف مما ألقاه محمد في الزبالة لاحقًا. وتبنى منهج العنف والإكراه الديني.
27 النمل
{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)}
القصة اقتبسها محمد من الهاجادة من الترجوم على سفر أستير، وذكر كلير تسدل في (مصادر الإسلام) النص الأصلي لها، لكن وفقًا له سليمان أراد فقط فرض سلطته على سبإٍ، والقصة خرافية لأن ملك سليمان كان بسيطًا وصغيرًا محدودًا بمنطقته اليهودية ولم يكن ليستطيع مده إلى بلاد العرب، لكن نلاحظ قيام محمد بتعديل صياغة القصة كحرب دينية لفرض ونشر ما يُزعَم أنه دين الله السماويّ بقوة السلاح والإكراه الديني والحروب بين الدول، وفي هذا النص نرى تخطيط ورغبة محمد في ممارسة العنف والتقتيل والإكراه لفرض مذهبه الديني الذي أتى به على وثنيي شبه جزيرة العرب والواقع أنه كما رأينا في ج1 حروب محمد فرضه كذلك بالقوة على كثير من الملوك العرب المسيحيين كأكيدر دومة وغيره، كشرط لاستمراره في السلطة، ومن العجيب أن هذا يأتي في سورة مكية ومحمد لم يكتسب بعد أي قوة عسكرية تُذكَر بأي حال، فهذا ما يسمونه في القانون التخطيط للجريمة مع سبق الإصرار والترصُّد والعزم. وأورد كلير تسدل ترجمته للنص الأصلي كالتالي لمن شاء المقارنة:
أما ما ورد في »الترجوم« عن ملكة سبا ومجيئها إلى سليمان، والرسالة التي أرسلها إليها الملك وغيره فتوجد مشابهة عجيبة بينه وبين القرآن. غير أن »الترجوم« يسمّي حامل رسالة سليمان ديك الصحراء والقرآن يسميه »الهدهد«. مرة أخرى لما انشرح قلب سليمان بخمرهِ، أمر بإحضار حيوانات الصحراء وطيور الهواء وزحافات الأرض والجن والأرواح والعفاريت لترقص أمامه، ليُظهر عظمته لجميع الملوك الذين كانوا خاضعين خاشعين أمامه. فاستدعى كتبة الملك بأسمائهم، فأتوا إليه ما عدا المسجونين والأسرى والرجل الذي فُوِّضت له حراستهم. وكان ديك الصحراء في تلك الساعة يمرح بين الطيور ولم يوجد، فأمر الملك أن يحضروه بالقوة، وهمَّ بإهلاكه، فرجع ديك الصحراء ووقف أمام حضرة الملك سليمان وقال له: »اسمع يا مولاي، ملك الأرض، وأَمِل أذنك واسمع أقوالي. ألم تمض ثلاثة أشهر من حين ما تفكرت في قلبي وصممت تصميماً أكيداً في نفسي أن لا آكل ولا أشرب ماء قبل أن أرى كل العالم وأطير فيه. وقلت: ما هي الجهة أو ما هي المملكة غير المطيعة لسيدي الملك؟ فشاهدت ورأيت مدينة حصينة اسمها قيطور في أرض شرقية، وترابها أثقل من الذهب والفضة كزبالة في الأسواق، وقد غُرست فيها الأشجار من البدء، وهم شاربون الماء من جنة عدن. ويوجد جماهير يحملون أكاليل على رؤوسهم فيها نباتات من جنة عدن لأنها قريبة منها. ويعرفون الرمي بالقوس، ولكن لا يمكن أن يقتلوا بها. وتحكمهم جميعهم امرأة اسمها ملكة سبا. فإذا تعلقت إرادة مولاي الملك فليمنطق حقوي هذا الشخص وأرتفع وأصعد إلى حصن قيطور إلى مدينة سبا، وأنا أقيِّد ملوكهم بالسلاسل وأشرافهم بأغلال الحديد، وأحضرهم إلى سيدي الملك«.
فوقع هذا الكلام عند الملك موقعاً حسناً، فدُعي كتبة الملك وكتبوا كتاباً ربطوه بجناحي ديك الصحراء، فقام وارتفع إلى السماء وربط تاجه وتقوى وطار بين الطيور. فطاروا خلفه وتوجهوا إلى قلعة قيطور إلى مدينة سبا. واتفق في الفجر أن ملكة سبا كانت خارجة إلى البحر للعبادة، فحجبت الطيور الشمس. فوضعت يدها على ثيابها ومزقتها ودُهشت واضطربت. ولما كانت مضطربة دنا منها ديك الصحراء، فرأت كتاباً مربوطاً في جناحه ففتحته وقرأته، وهاك ما كتب فيه: »مني أنا الملك سليمان، سلام لأمرائك. لأنك تعرفين أن القدوس المبارك جعلني ملكاً على وحوش الصحراء وعلى طيور الهواء وعلى الجن وعلى الأرواح وعلى العفاريت وكل ملوك الشرق والغرب والجنوب والشمال، يأتون للسؤال عن سلامتي. فإذا أردتِ وأتيتِ للسؤال عن صحتي فحسناً تفعلين، وأنا أجعلك أعظم من جميع الملوك الذي يخرون سُجَّداً أمامي. وإذا لم تطيعي ولم تأتي للسؤال عن صحتي أرسل عليك ملوكاً وجنوداً وفرساناً. وإذا قلتِ: ما هم الملوك والجنود والفرسان الذين عند الملك سليمان؟ إن حيوانات الصحراء هم ملوك وجنود وفرسان. وإذا قلت: ما هي الفرسان؟ قلت إن طيور الهواء هي فرسان، وجيوشي الأرواح والجن والعفاريت. هم الجنود الذين يخنقونكم في فرشكم في داخل بيوتكم. حيوانات الصحراء يقتلونكم في الخلاء. طيور السماء تأكل لحمكم منكم«.
فلما سمعت ملكة سبا أقوال الكتاب ألقت ثانية يدها على ثيابها ومزقتها، وأرسلت واستدعت الرؤساء والأمراء وقالت لهم: ألم تعرفوا ما أرسله إليَّ الملك سليمان؟ فأجابوا: لا نعرف الملك سليمان، ولا نعتد بمملكته، ولا نحسب له حساباً. فلم تصغِ إلى أقوالهم بل أرسلت واستدعت كل مراكب البحر وشحنتها هدايا وجواهر وحجارة ثمينة، وأرسلت إليه ستة آلاف ولداً وابنة وكلهم ولدوا في سنة واحدة وشهر واحد ويوم واحد وساعة واحدة، وكانوا كلهم لابسين ثياباً أرجوانية. ثم كتبت كتاباً أرسلته إلى الملك سليمان على أيديهم وهذا نصه:
»من قلعة قيطور إلى أرض إسرائيل، سفر سبع سنين. إنه بواسطة صلواتك وبواسطة استغاثاتك التي ألتمسها منك سآتي إليك بعد ثلاث سنين«. فحدث بعد ثلاث سنين أن أتت ملكة سبا إلى الملك سليمان. ولما سمع أنها أتت أرسل إليها بنايا بن يهوياداع الذي كان كالفجر الذي يبزغ في الصباح، وكان يشبه كوكب الجلال (أي الزهرة) التي تتلألأ وهي ثابتة بين الكواكب، ويشبه السوسن المغروس على مجاري المياه. ولما رأت ملكة سبا بنايا بن يهوياداع نزلت من العربة، فقال لها: لماذا نزلت من عربتك؟ فأجابته: ألست أنت الملك سليمان؟ فأجابها: لست أنا الملك سليمان بل أحد خدامه الواقفين أمامه. ففي الحال التفتت إلى خلفها ونطقت بمثل للأمراء وهو: إذا لم يظهر أمامك الأسد فقد رأيتم ذريته. فإذا لم تروا الملك سليمان فقد شاهدتم جمال شخص واقف أمامه. فأتى بنايا بن يهوياداع أمام الملك. ولما بلغ الملك أنها أتت أمامه، قام وذهب وجلس في بيت بلوري. ولما رأت ملكة سبا أن الملك جالس في بيت بلوري توهمت في قلبها قائلة: إن الملك جالس في الماء، فرفعت ثوبها لتعبر، فرأى أن لها شعراً على الساقين. فقال لها: إن جمالك هو جمال النساء وشعرك هو شعر الرجل، فالشعر هو حيلة الرجل ولكنه يعيب المرأة. فقالت: يا مولاي الملك، سأنطق لك بثلاثة أمثال. فإذا فسَّرتها لي فأعرف أنك حكيم، وإلا كنت كسائر الناس.. (ففسر لها الملك سليمان الثلاثة الأمثال، فقالت: يتبارك الرب إلهك الذي سُرَّ بك وأجلسك على عرش المملكة لتجري قضاءً وعدلاً. وأعطت للملك ذهباً وفضة، وأعطاها الملك كل ما اشتهت«.
فترى في هذه القصة اليهودية أنه ذكر فيها بعض الأمثال التي طلبت ملكة سبا من سليمان حلها. ومع أنه لم يرد لها ذكر في القرآن إلا أنها ذكرت في الأحاديث. وبما أن القرآن لم يستوفِ وصف ساقي الملكة، وجب استيفاء تكملتها من الأحاديث. وهذا ما جاء في كتاب »عرائس المجالس« (ص 438)، فقد ذكر أنه لما أرادت ملكة سبا الدخول إلى قصر سليمان وتوهمت أن البلور ماء، كشفت عن ساقيها لتخوضه إلى سليمان. فنظر سليمانٍ فإذا هي أحسن الناس ساقاً وقدماً، إلا أنها كانت شعراء الساقين. فصرف بصره عنها وناداها أنه صرح ممرد من قوارير. (انتهى اقتباسي)
ملاحظة: حسب القصة كما وردت في (أساطير اليهود) للويس جينزبرج، فالهدهد (ولا يذكره باسم ديك الصحراء والظاهر أن الكلمتين مترادفتان) طار مع طيور السماء بحيث أنه في الصباح لما ذهبت الملكة للصلاة للشمس وجدت الطيور حجبت نورها مما جعلها تمزق ثوبها وتذهل، وترجمة لويس جينزبرج مختلفة عن كلير في أن الهدهد قال أنهم لا يعرفون القتال ولا الرمي بالقوس والسهم. وقول ملكة سبأ أن الرحلة إلى فلسطين تستغرق سبع سنوات ويترجمها كلير ثلاثة، وكلاهما مدد زمنية غير معقولة. أعتقد يمكنك الوصول إلى الصين نفسها أسرع من ذلك، لو ركبت سفينة فستصل إلى أستراليا أو أمِرِكا قبل ذلك بكثير. القصة التي في كتاب اليهود الأساسية لا تذكر كل هذا وتقول فقط أنها زيارة سياسية من ملكة سبإ لسليمان كعلاقة ودية سياسية والتعرف على حكمته كما تزعم القصة.
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69)}
سبق نقد أمثالها، وهي تعتبر كذلك داخلة في باب تشويه الصورة، ولم أوردها هناك.
18 الكهف
خطورة قصة قتل طفل بأمر الله على يد نبيّ أنها تعني غرس فكرة الطاعة العمياء لكل الأوامر الأخلاقية لمدعي النبوة كمحمد. وأنه يمكن بطريقة سحرية غير منطقية تحويل فعل غير أخلاقي منحط إلى أخلاقي.
الفترة المكية الثالثة
41 فُصِّلت
{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)}
آية تسامح منسوخة ملغية تنص على عدم رد الإساءة ولا حتى الدفاع عن النفس، على نحو شبيه بنصوص الأناجيل ، لاحقًا يسمح محمد بالدفاع الشرعي العادل، ثم الجهاد الانتقامي، ثم الجهاد العدواني، وهكذا انقلب في تعاليمه من النقيض إلى النقيض. لو كانت هذه تعاليم إله فهو مزاجيّ جدًّا أو حتى مجنون والمقصود بل هذه تعاليم محمد وتغييره لمبادئه.
45 الجاثية
{قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)}
كالعادة آيات سامح ألغاها محمد وغير مبادئه بعد ذلك بمجرد اكتساب القوة.
{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (31)}
افتراض أن مجرد عدم اتباع ديانتك هو إجرام يبدو تصورًا مهووسًا مريضًا.
16 النحل
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82)}
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}
للأسف نصوص تسامح ملغية منسوخة، ألقاها محمد وراء ظهره، مع أنه كان يزعم أن الآخرين هم من يلقون الكلام الديني لكتبهم وراء ظهورهم، تخلى عن تعاليمه الأولى واتخذ منهج الإجرام.
{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)}
أيضًا مما ألغاه محمد لاحقًا وأهمله. ولم يعد من معالم الإسلام بحق الوثنيين والصابئة، وصاروا يتعاملون بعنصرية أمر بها الإسلام ضد غير المسلمين، فهذا تناقض وتضارب في التعاليم.
30 الروم
{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)}
{بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (29)}
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)}
{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55)}
{فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57)}
سبق التعليق على أمثالها ونظائرها. وكلها أمور غير منطقية وهوسية كانت تستحق إضافتها كذلك إلى باب الأمور والاستدلالات غير المنطقية.
11 هود
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)}
هنا نسب محمد هذا الكلام إلى نوح الأسطوريّ، هو طبعًا إسقاط نفسي من حياة محمد وجدالاته وأفكاره في ذلك الوقت بمكة، لكن وفقًا لذلك فالقانون الإلهي التشريعي والأخلاقي هو عدم إكراه أحد على الدين، مع ذلك فسرعان ما سيغير محمد مبادئه بمجرد بدء اكتسابه القوة في يثرب-المدينة. وينسب كلامًا مشابهاً لشعيب:
{بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)}
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35) وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)}
كما قلت سابقًا فوصف من لا يتبع ديانة معينة بأنه مجرم وظالم يعتبر حالة من الهوس والكلام عديم المنطق والتعقُّل. ربما اعتبر محمد عدم اتباع البعض لديانته الجديدة ظلمًا وقسوة، لكن يظل هذا رأيه هو، فالظلم هو هضم حقوق الغير أو أذيتهم بلا سبب، أي تعريف عجيب يخترعه شخص متدين لتحريف هذا المعنى يلغي كل المنطق وقواعد الأخلاق والقيم السليمة.
{وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)}
قد يكون هذا قد انطوى على تهديد وتمنٍّ لاستعمال العنف والشر، لكنه اتخذ أسلوبًا مطاطيًّا آنذاك لعجزه عن معرفة المستقبل، وما تؤول إليه موازين القوى آخرَ الأمر.
14 إبراهيم
{وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)}
{وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50)}
سبق التعليق على هوس وصف غير المؤمن بالإسلام بالظلم وبالإجرام. ويرد في السورة: 36 و41 استغفار إبراهيم لمن عصاه ولوالديه، وهو تسامح مع الوثنيين عكس تعاليم محمد اللاحقة، وعرضناهما في باب التناقضات القرآنية.
40 غافر
{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)}
تكرار لما سبق ونقدته. وصف مجرد عدم الإيمان بالظلم كلام غير منطقيّ، بعض النصوص تتحدث عن ظلم الكافرين لأنفسهم، لا أفهم إذا كان شخصٌ يظلم نفسه ويتنازل عن بعض حقوقه أو ما شاكل فهذا لا يبرر بأي حال عقابًا ضده. لو كان من مقاصد محمد أن وثنيي قريش اضطهدوه هو وأتباعه، فما علاقة الآخرين كالملحدين والمسيحيين والبوديين والهندوس وغيرهم بمتعصبي قريش والعرب القدماء؟! تاريخ مسيحيي العرب مثلًا مع المسلمين والهندوس في معظمه يقول أنهم ألطف وأنبل كثيرًا من سلوكيات الحكم الإسلامي.
إن بابوات مصريين وغيرهم لهم مواقف وطنية مشهودة مثلًا بطرس السابع في عصر محمد علي رفض حماية روسية للأقلية المسيحية في مصر ، من السنكسار: ومما يخلد ذكر البابا بطرس أن إمبراطور روسيا أوفد إليه أحد أفراد عائلته ليعرض عليه وضع الكنيسة تحت حماية القيصر فرفض العرض بلباقة قائلا : أنه يفضل أن يكون حامي الكنيسة هو راعيها الحقيقي . الملك الذي لا يموت فأعجب الأمير بقوة إيمان البابا وقدم له كل إكرام وخضوع وتزود من بركته..إلخ، المسيحيون قالوا دومًا بطيبة ومحبة أن حاميهم هو الله، رغم كل عنصرية أراها تمارس ضدهم في الوظائف والجيش ومعظم المناصب بسبب روح التعصب الدينيّ للجميع بمصر، حقيقة لا وجود لله، لكن هؤلاء قوم آمنوا بالوطنية والأخوة، ينبغي أن أقول أن نسبة معقولة من المصريين هم كذلك متسامحون، لكن روح التعصب تسمم الأجواء، من وجهة نظري ذهاب عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر ببعض المناسبات لبطريركية الأرثوذكس خاصةً عشية انتقامه لمقتل الأقباط المصريين في ليبيا بتوجيه ضربة موجعة ضد الإرهابيين في ليبيا بالطيران بالتنسيق مع السلطات الليبية المدنية، ثم ذهابه عشيتها إلى البطريركية في صورة مفاجئة لتقديم التعزية بنفسه وخشيته من إفساد القداس والطقوس بحضوره هو مسلك محترم من رئيس مسلم وطنيّ ومستنير يكنّ له الكثيرون من الوطنيين الاحترام والتقدير على اختلاف عقائدهم، فهو وطن واحد للجميع. كذلك خطبته في الأزهر عن حاجة المسلمين إلى الإصلاح الديني وأنه لا يُعقل أن مليار مسلم سيعادون الخمسة مليارات الآخرين من البشر. وهي خطبة استحسنها بعض الجالسين من مستنيري علماء الأزهر فيما امتعض بوضوح آخرون من علمائه. بالحديث عن الهند فمن أفضل من حكموا الهند من سلالة المغول هو جلال الدين أكبر ويعتبر زنديقًا وغير مسلم سعى للتآلف بين العقائد والأخذ بأحسن ما في كل واحدة منها، لم نسمع عن حاكم هندوسي معتدل قام بشيء ضد المسلمين، حقيقة مما ساعد على ذلك أن الهند نشأت ونشأ دستورها الأساسي على يد مفكرين ذوي نزعات علمانية، غاندي ونهرو مثلًا وتاريخهم المشرّف، أحد رؤساء الوزراء آنذاك B. R. Ambedkar ويعتبر أبا الدستور الهندي الحديث كان تاركًا للهندوسية ومعتقدًا بالبودية ومن أصلٍ من الطبقات المنبوذة لدى الهندوس فتمرد ضد دينهم، وله كتب عميقة النقد والتحليل بالإنجليزية ضد الهندوسية من كل جوانبها.
28 القصص
{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)}
شيء من الأشياء الخطيرة في أسطورة خروج بني إسرائيل من مصر والنبيّ موسى، سواء في التوراة أو القرآن، أنها في كثير من الآيات المتحدثة عنها تعطي تبريرًا إرهابيًّا متطرفًا دينيًّا لاحتلال أراضي الشعوب الأخرى بدعوى أن المحتلين يتبعون دين الله الخرافيّ، والآخرون كفار أو وثنيون يجب محاربتهم وقتلهم وإبادتهم أو فرض جزية ونهب عليهم. ما لم يتبصّر به محمد هنا وفي آيات أخرى أنه بتكرار ذلك يدعم مزاعم يهود العالم الخرافية في احتلال أرض فلسطين بدعوى الحق الإلهيّ. ولا أقصد هنا اليهود من أصل عربيّ أو العرب الفلسطينيين واليهود السامريين. وقلت في موضع آخر أن إرهاب الفتوحات الإسلامية الاحتلالية كان تبنى محمد فيه تشريعات إرهاب التوراة وكتاب اليهود. إحدى مفاهيم الجماعات الإرهابية هو ما يسمونه بفقه التمكين، وعندما حكمت جماعة الإخوان المسلمين مصر لمدة سنة واحدة حاولوا التغلغل في مفاصل ومؤسسات الدولة وفقَ هذا المفهوم ليستولوا عليها ويحكموها بحكم شموليّ.
{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55)}
وفقًا لهذا فإذا استمع المسلم(ون) لشخص أو أشخاص يسخرون أو ينتقدون القرآن فيكتفون بالإعراض عنه وتركه والرحيل، هذه الوصية من محمد تكشف عن خوفه من مواجهة أتباعه للنقد لعلمه بهشاشة وسهولة انكشاف زيف وأخطاء نصوصه المنطقية والتاريخية وغيرها، لكنه نص متسامح، بحكم كونهم كانوا أقلية في مكة، لاحقًا في سورة التوبة وقبلها في أفعال اغتيالاته التي عرضناها في (حروب محمد الإجرامية) سيأمر بقتل كل من انتقده أو انتقد قرآنه وكلامه، ويلقي كل نصوص التسامح وراء ظهره وفي القمامة وينساها ويلحسها. موقف القرآن والإسلام شبيه بالتناقض في الكتاب المقدس بين دفتيه العهد القديم والعهد الجديد، لكن موقف الإسلام معكوس فالحكم الأخير والناسخ والنهائي هو للعنف والتعصب والقتل والهمجية، عكس كتاب المسيحيين، رغم ذلك ففي القرون الوسطى نضحت تشريعات التوراة الهمجية على المسيحية لفترة طويلة وتشربتها وعملت بها وكانت أسوأ مثال للعنف والتفتيش الدينيّ على عقائد الناس. فما بالك بدين فيه الحكم النهائي للعنف كالإسلام؟! لقد اضطهدوا حتى بعضهم البعض وقتلوا وصلبوا وأحرقوا وجلدوا وسجنوا الذين هم مسلمون مثلهم لمجرد مقولات سخيفة اختلفوا عليها في القرون الوسطى كخلق القرآن والجبرية والاختيار والقدر والتشيع والاعتزال وغيرها.
يقول محمد في قصة موسى:
{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (17)}
وفقًا لهذا النص فإن المبدأ هو أن قتل أي إنسان بصرف النظر عن دينه، بما فيه الوثنية، سلوك إجراميّ وخاطئ وإثم، وهو مبدأ سليم، لاحقًا سيحذفه محمد من مبادئه الأخلاقية، مشرِّعًا لقتل أي وثني، لمجرد أنه غير مسلم! كما سنعرض في السور المدنية، وكما عرضنا في حروب محمد الإجرمية، الذي هو الكتاب ج1 لهذا العمل.
39 الزمر
{إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)}
آية تنص على عدم الإكراه الديني لمن لا يريدون اتباع الإسلام، لاحقًا محمد غير سياساته باضطهاد وإبادة الوثنيين حتى يتبعوه، وسياسات تمييز عنصري ضد مواطني شبه جزيرة العرب من الكتابيين والصابئة والمجوس، وتعاليم باحتلال الدول ذات الأغلبيات الغير مسلمة ونهبها وفرض جزية كإتاوة ونهب عليها.
29 العنكبوت
{وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18)}
وفقًا لهذا النص المكيّ فإبراهيم النبيّ الأسطوريّ يرسي مبدأ حرية الاعتقاد وعدم جواز الإكراه على الدين، لكن نصوص يثرب لاحقًا ستقول عكس ذلك بالضبط.
31 لقمان
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)}
كما أشرت سابقا، فهذا تعليم مناقض تماما لما تلاه في السور المدنية، حيث يجب وفقا لها إبادة كل الوثنيين إن لم يسلموا.
42 الشورى
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6)}
نص تسامح منسوخ ملغيّ.
{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)}
وفقًا لهذا فالمغفرة عند الغضب من تعرض المسلم للإساءة أفضل من رد الإساءة، لكن لاحقًا سيعلِّم محمد في قرآنه المسلمين العكسَ تمامًا، ردُّوا الصاعَ صاعين لمن يؤذيكم، وليس هذا فحسب بل واعتدوا على من لم يسئ لكم أو يتعرض لكم بأي شيء قط.
{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)}
قال الطبري في التفسير:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، فى قوله: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُون) قال: ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا.
.... وكان ابن زيد يقول في ذلك بما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) من المشركين (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ) ... الآية، ليس أمركم أن تعفوا عنهم لأنه أحبهم (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) ، ثم نسخ هذا كله وأمره بالجهاد.
فعلى قول ابن زيد هذا تأويل الكلام: وجزاء سيئة من المشركين إليك، سيئة مثلها منكم إليهم، وإن عفوتم وأصلحتم في العفو، فأجركم في عفوكم عنهم إلى الله، إنه لا يحب الكافرين; وهذا على قوله كقول الله عز وجل (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ) وللذي قال من ذلك وجه.
وفقًا لهذا النص فالانتقام والجهاد يكون ممن وعلى من بادَءَ بالظلم والعدوان، بل والعفو المسامحة أفضل للمعتدي المؤذي، وأن العدوان على المسالمين بغي وظلم وطغيان، لكن لاحقًا سيعكس محمد تعاليمه ويصير العكس هو المأمور به بالعدوان على المسالمين من الوثنيين لإكراههم على الإسلام أو قتل رجالهم واستعباد نسائهم وأطفالهم ونهبهم، وفرض الجزية وخراج الأرض كإتاوة ونُهبة على الدول ذات الأغلبيات والحكم غير المسلم حتى المسالمة تمامًا منها والبعيدة جغرافيًّا عن مركز ومصدر الإسلام في شبه جزيرة العرب وإلا فالحرب والنهب والاستعباد. والنص السابق قد يكون مدنيًّا يثربيًّا مضافًا لاحقًا لذكره تشريع الجهاد الانتقاميّ.
{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48)}
قال الطبريّ في تفسيره:
يقول تعالى ذكره: فإن أعرض هؤلاء المشركون يا محمد عما أتيتهم به من الحق، ودعوتهم إليه من الرشد، فلم يستجيبوا لك، وأبوا قبوله منك، فدعهم، فإنا لن نرسلك إليهم رقيبا عليهم، تحفظ عليهم أعمالهم وتحصيها. (إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ) يقول: ما عليك يا محمد إلا أن تبلغهم ما أرسلناك به إليهم من الرسالة، فإذا بلغتهم ذلك، فقد قضيت ما عليك.
مرة أخرى ومجددًا، فهذا نص آخر يقول أنه ليس من شأن محمد ولا مهمته التدخل في عقائد الآخرين وفرض دينه عليهم، لكن لاحقًا سيعكس محمد تعاليمه كما سنرى وتصبح مهمته الرئيسية هي الإرهاب والإكراه الدينيّ وشن الجهاد العدوانيّ على المسالمين، كما عرضنا في (حروب محمد الإجرامية) وكما سنعرض الآيات في التالي.
10 يونس
{وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94)}
وفقًا لهذا فالقرآن يؤيد قصة احتلال موسى ويشوع ومن بدعهما حسب كتاب اليهود لأجزاء من فلسطين، وهذا أمر خطير من عدة نواحٍ، فهو يدعم فكرة الحق الإسرائيلي المطلق في فلسطين العربية، وكذلك يؤسس للفكرة الإسلامية عن احتلال وفتح الدول الأخرى ونهبها وأسلمتها وتعريبها، ربما انهيار حضارة وثقافة ولغة العرب ميزة ونعمة لا نحزن عليها كمثقفين عرب، فبعد كل شيء لم تكن هذه سوى آليات للأسلمة ونشر الفكر الديني الشمولي الظلامي وجعل اللغة وسيلة ظلامية باستعمال سلفي مظلم الأمر وثقيل ومتخشب.
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100)}
من أقوى الآيات التي نصت على التسامح، ولو كان هذا كلام إله لكان مستحيلًا أن يعكس تعاليم كهذه ويغير رأيه فيقول بعكسها، ويدعو لنشر الدين بالإكراه وبالتهديد بالقتل للوثنيين، لو فكر المسلمون في هذا الأمر فقط لتركوا هذه الديانة فورًا، فأي إله هذا الذي كان سيغير مبادءه كما تغير الأفعى جلدها ببساطة، لكن ليس كل الناس تفكر، وهذا هو حال كل مجتمعات البشر، قلة فقط تفكر وترفض الخطأ، ألم تكن كل أمركا وأستراليا وبريطانيا عدا القليلين موافقين على سياسات وأساليب التمييز العنصريّ ضد الزنوج والسكان الأصليين؟!
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108)}
أيضًا نص تسامح وتعايش وحرية عقيدة أبطله وألغاه محمد لاحقًا.
7 الأعراف
{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28)}
قاعدة جيدة وأتفق مع محمد عليها، إذن فهل قتل البشر لأجل اختلاف العقيدة والإبادة للوثنيين، والنهب واستعباد النساء والأطفال واغتصاب النساء من حروب الفتوحات والاحتلال، والتمييز العنصريّ في الحكم الإسلامي ضد الكتابيين والزردشتيين المجوس والصابئة وغيرهم ألم يكن فاحشة وفعلًا غيرَ أخلاقيٍّ كذلك لا يمكن أن يأمر به إله له صفة الكمال الأخلاقيّ والخيرية؟! تحويل فعل غير أخلاقي وإجرامي إلى العكس أمر مستحيل منطقيًّا، لا يستطيعه ولا حتى إله مزعوم، لأن تغيير جواهر الحقائق والقيم والأمور والماهيات يخالف المنطق، ولو كان لله قدرة على مخالفة المنطق لكان يستطيع خلق إله أقوى منه أو صخرة لا يستطيع هو نفسه تحريكها، وهو السؤال الفلسفي الذي طرحه قدماء ملحدي أو عقلانيين اليونانيين (الجريكيين).
{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)}
نفس التعليق، فالعدوان الذي أمر به القرآن لاحقًا في السور المدنية على مسالمي الوثنيين والمسيحيين وغيرهم، ألم يكن عدوانًا وبغيًا؟!، وإن لم يكن كذلك، فما معاني الكلام وما قيم الحق والعدل والأخلاق؟!، ولماذا لا نفعل أي شيء لأي أحد مع انهيار الأخلاق ومفاهيمها بهذه الطريقة الإسلامية؟! عندما تصبح الأخلاق فقط ألا تؤذي من هم ضمن مجموعتك العشائرية أو العرقية أو الدينية، بنفس مفاهيم أحط قبيلة أفريقية أو أمركية أصلية (هنود حمر) بدائية همجية وحشية، ما دمت يمكنني أذية غيرهم، فلماذا لا أؤذي أي أحد بما فيهم من هم في مجموعتي الانتمائية، وما الفرق التشريحي بين مسلم وغير مسلم؟! وأي أفكار استعلائية منحطة انغلاقية مهووسة هذه؟!
{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)}
نفس السؤال السابق: هل قطع نخيل بني النضير {ما قطعتم من لينة} وتخريب خيبر والقتل والإبادة والاستعباد الذي قام به محمد كما عرضنا في حروب محمد الإجرامية بأوامره القرآنية حتى ضد مسالمي الوثنيين، لم يكن عدوانًا وطغيانًا وظلمًا وتجبرًا وبغيًا وفسادًا؟! فما تعريف الفساد إذن، لو صحت مزاعم المسلمين فالزواج من طفلة وقتل الناس واستعبادهم ونهبهم ليس خطيئة، ربما نعتبر إذن الإرهابيين وأزواج الأطفال (محمد وعمر تزوجا بأطفال مثلًا) والمتحرشين بهم نجوم المجتمع وشخصياته الفاضلة المحترمة!
{قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)}
وفقًا لهذا فلا يحق لأحد إكراه إنسان على اعتقاد لا يريد الاعتقاد به، فلماذا إذن صار الإسلام بعدها يمارس الكيل بمكيالين وبميزان غير عادل؟!
{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161)}
قلتُ من قبل أن مسألة شرعنة قرآن محمد لاحتلال واقتحام اليهود_حسب قصة التوراة وسفري يشوع والقضاة وغيرها_لأرض فلسطين ليست شرًّا صغيرًا، لأنها تعطي تبريرًا وحقًّا لليهود من كل مكان في العالم لاستعمار فلسطين، وليس فقط اليهود واليهود السامريين الفلسطينيين ومن أصل فلسطينيّ الذين قد نرى لهم الحق في التواجد مع الفلسطينيين العرب الآخرين كما كانوا معظم الأزمنة، وهي كذلك تعطي شرعنة لأفعال احتلال المسلمين اللاأخلاقيّ للشعوب الأخرى والاستيلاء على أراضيها وتدمير هوياتها وثقافاتها تحت مسمى الفتوحات. بحكم العرف ووضع اليد لآلاف السنين كل شعب له حق في أرض وطنه، أتباع محمد احتلوا كثيرًا من الشعوب وكل شعب احتلوه مسخوا كيانه ولغته، بسبب أن تركيا ليست مفتوحة من عرب بل من أتراك كانت النتيجة سيادة اللغة التركية بدل العربية، واستبدالها في بيزنطة (تركيا حاليًّا) محل اليونانية لغة الشعب الأصلية الذين كانوا مسيحيين أرثوذكس، لذلك هي من الدول القليلة الإسلامية التي لم تمسخ لغتها إلى خليط غريب من العربية واللغة الأصل للشعب كحال إيران مثلًا، ولا انمحت لغة الترك تمامًا كحال مصر والشام بلغاتها الآرامية والسريانية والكلدانية وكحال محو معظم ثقافة البربر فلم يعد يتكلم بلغاتهم سوى الأقلية المتشبثة بهوية وتراث وغيرها من شعوب. ظل المسلمون في إسبانيا قرونًا محتلين وقائمين بأعمالهم المعتادة من قتل ونهب وسبي وخاض الإسبانيون ضد العرب حربًا لها تاريخ مجيد عظيم وكفاح قويّ مليء بالقتلى في سبيل الوطن حتى طردوا الاحتلال العربي وحافظوا على أرض أجدادهم، هذا شعب كانت له هوية قوية وحافظ عليها، هويات وثقافات شعوب أخرى كانت منهارة ومستعدة للهيمنة الثقافية العربية الإسلامية وقبولها كبديل كمصر وإيران والشام والعراق.
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}
وفقًا لهذا فلو أساء أحد دينيًّا لمحمد (وبالتالي أو لأتباعه) أو بأذى شخصي باللفظ أو الفعل أو بالسخرية، فما عليهم هو تجنبه وتجاهله، وهو سلوك الإنسان المسالم الطبيعي، وقال الطبري في تفسيره:
وقال آخرون: بل ذلك أمرٌ من الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم بالعفو عن المشركين، وترك الغلظة عليهم قبل أن يفرض قتالهم عليه.
* ذكر من قال ذلك:
15546 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (خذ العفو) قال: أمره فأعرض عنهم عشر سنين بمكة. قال: ثم أمره بالغلظة عليهم، وأن يقعد لهم كل مَرْصَد، وأن يحصرهم، ثم قال: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ) ، [سورة التوبة: 5، 11] الآية، كلها. وقرأ: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) ، [سورة التوبة: 73 / سورة التحريم: 9] قال: وأمر المؤمنين بالغلظة عليهم، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) ، [سورة التوبة: 123] بعدما كان أمرهم بالعفو. وقرأ قول الله: (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) ، [سورة الجاثية: 14] ثم لم يقبل منهم بعد ذلك إلا الإسلام أو القتل، فنسخت هذه الآية العفو.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: معناه: خذ العفو من أخلاق الناس، واترك الغلظة عليهم = وقال: أُمر بذلك نبيّ الله صلى الله عليه وسلم في المشركين.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن الله جل ثناؤه أتبع ذلك تعليمَه نبيَّه صلى الله عليه وسلم محاجَّته المشركين في الكلام، وذلك قوله: (قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون) ، وعقَّبه بقوله: (وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا) ، فما بين ذلك بأن يكون من تأديبه نبيَّه صلى الله عليه وسلم في عشرتهم به،
رجال الدين والمتدينون ناس بعقول طفولية، أشخاص لا يفكرون ولا يستعملون العقل للمنطق ولا للحس الأخلاقي السليم، أي إله هذا كان سيأمر بالخير ثم يغير رأيه فيأمر بالعنف والإرهاب والترويع والإكراه الدينيّ؟!
6 الأنعام
{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48)}
نفهم من هذا النص وهو حكم وقاعدة لاهوتية عامّة أن الله لا يرسل رسله المزعومين للإكراه الديني والعنف، بل للدعوة فقط، محمد يقول أن الله لا يبدِّل مبادءه، {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)} الأنعام و{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)} الأنعام، و{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)} يونس. كما نرى فلاحقًا رمى محمد كل هذه المبادئ وراء ظهره وفي سلة المهملات، وتبنى الأسلوب الهمجيّ المعتاد بين قبائل صحراء العرب.
{وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)}
{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)}
{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)} الرعد
وفقًا لهذا فمحمد ليس وكيلًا ولا مشرفًا على إجبار الناس على الدين، لكنه لاحقًا سيغير رأيه، ويوصي أتباعه عن طريق وصية ظاهرية من الله المزعوم له بعدم الجلوس والاستماع لمن ينتقدون أو يسخرون من كلام محمد القرآني، صحيح أن هذه ليست طريقة شجاعة لمواجهة النقد بالجدال لو كان هذا الكلام حقًّا معصومًا من أوجه النقد وإلهيًّا كاملًا بلا عيب، لكنها وسيلة سلمية لتفادي الإحراجات، لاحقًا كما في سورة التوبة سيأمر محمد بالعكس، بقتل كل من يطعن أو ينتقد في الإسلام والقرآن، بل وكل من لا يتبع دينه من الوثنيين بالإكراه!
{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)}
نصوص "آيات" تسامح وتعايش منسوخة يعني ملغية.
{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)} الأنعام
لاحقًا لدينا كما رأينا في ج1 حروب محمد الإجرامية لدينا في السور المدنية ومنها سورة التوبة أمر بإبادة الوثنيين، وفي الأحاديث أمر بقتل من يخرج من الإسلام، من قال أن من العدالة أو الحق قتل إنسان لمجرد اختلافه عن الآخر في الاعتقاد؟! نموذج لتغيير محمد لمبادئه.
13 الرعد
{وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)}
وفقًا لهذا النص وهو حسب ترتيب نولدكه في آخر سورة مكية في القرآن، قبل هجرة محمد، فإن على المسلمين إذا تعرضوا للإساءات أو الاضطهادات التسامح والغفران فقط والصبر، لاحقًا وتدريجيًّا سيصل محمد إلى عكس تعاليمه بالضبط، لدرجة الانتقام من مجرد تفوه بعض المعارضين بكلام أو شعر بقتلهم، وسينتقل من الجهاد الانتقامي والدفاعي إلى الهجومي والاعتدائي ضد من لم يحاربوا المسلمين قط.
الفترة المدنية
الآيات المدنية من سورة العنكبوت
{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6)}
في هذه الآيات المدنية المبكرة حسب تحديد الطبري لكونها مدنية، لم يكن يقصد محمد بالجهاد سوى تحمل أتباعه ممن لم يتمكنوا من الخروج من مكة الاضطهادَ والمضايقاتِ والتعذيب من قريش، لاحقًا سيتغير المعنى المتسامح إلى معنى العنف والقتال بدلًا من مجرد جهاد النفس وتحمل اضطهاد، وستنعكس الأمور والتعاليم تمامًا. يبدو أن محمدًا كان قد بدأ يستعمل كلمة الجهاد بالمعنيين جهاد النفس وجهاد العدو الوثنيّ بالسيف إن أمكن.
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)}
وفقًا لهذا فإن عليك أن تبرَّ والديك الوثنيين، لكن كل السور المدنية_ربما عدا سورة الممتحنة التي كتبها محمد بتأثير من روح السلام بعد معاهدة الحديبية_تنص على العكس، فالبوصلة الأخلاقية للسور المدنية تشير إلى عكس ذلك، قائلة أن عليك قتل كل وثنيّ لا يُسلم، بما في ذلك والديك نفسيهما، حتى لو كانا مسالمين وقومهما مسالمين للمسلمين، ومن الأمثلة كثيرة في كتابي (حروب محمد الإجرامية) غزوة الضحاك الكلبيّ. وحسب تفسير الطبري فإن العشر آيات الأولى من هذه السورة مدنية، فإن صح ذلك يكون ظل التسامح ظل موجودًا في الفترة المبكرة للمدينة يثرب، قبل تصاعد التعصب والعنف وتبنيهما.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10)}
جاء في تفسير الطبريّ:
وذُكر أن هذه الآية نزلت في قوم من أهل الإيمان كانوا بمكة، فخرجوا مهاجرين، فأدركوا وأُخذوا فأعطوا المشركين لما نالهم أذاهم ما أرادوا منهم.
* ذكر الخبر بذلك:
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا محمد بن شريك، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يستخفون بإسلامهم، فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم وقتل بعض، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا، فاستغفروا لهم، فنزلت (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ... ) إلى آخر الآية، قال: فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية أن لا عذر لهم، فخرجوا. فلحقهم المشركون، فأعطوهم الفتنة، فنزلت فيهم هذه الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ... ) إلى آخر الآية، فكتب المسلمون إليهم بذلك، فخرجوا وأيسوا من كلّ خير، ثم نزلت فيهم (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) فكتبوا إليهم بذلك: إن الله قد جعل لكم مخرجا، فخرجوا، فأدركهم المشركون، فقاتلوهم، حتى نجا من نجا، وقُتل من قُتل.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ ... ) إلى قوله: (وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ) قال: هذه الآيات أنزلت فِي القوم الذين ردّهم المشركون إلى مكة، وهذه الآيات العشر مدنية إلى ههنا وسائرها مكي.
يبدو أن هذا النص صيغ قبل معركة بدر بوضوح لأنه لا يذكر انتصارًا ما. هذا النص المدنيّ المبكِّر يلمِّح إلى فكرة الجهاد الانتقاميّ، قد يراه البعض مشروعًا وعادلًا، لكن من وجهة نظري فالانتقام الجماعي غير عادل، فمن تقوم بقتله في انتقامك قد يكون لا علاقة له بما تعرضت له من اضطهاد على يد قومه، وقد يكون من المعارضين لما حدث لك، بعض أفعال المسلمين كالغدر بمن كانوا يقومون برحلة لطقس العُمرة الوثنية في شهر يحرم فيه القتال عند كل العرب حسب الأعراف من الأمثلة البشعة، كذلك فإن الانتقامات الشخصية لا تصلح في العلاقات الدولية وقطع محمد وأتباعه لطريق تجارة قريش المكيين تسبب في مشاكل وحروب ومتاعب. سياسات الإسلام التي اتُبِعت لقرون من عهد محمد لا شك أنها وصلت في مرحلة تاريخية معينة عندما ضعفت قوة دول الإسلام إلى أن صارت ضارة بالمسلمين من كل النواحي.
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}
كما قلتُ فهذا هو أول ظهور واضح لمفهوم الجهاد، تحديدّا الجهاد من النوع الانتقاميّ، الذي قد نتجادل حوله، لكن لم يظهر بعد الجهاد الإرهابيّ بمعناه الكامل وهو العدوان على أشخاص وأقوام ودول مسالمة للمسلمين لمجرد اختلافهم عنهم في العقيدة، حسب الترتيب الذي اتبعته لصياغة [نزول] الآيات بترتيب نولدكه قدر الإمكان، وهناك اختلاط كبير وخلط ومزج للنصوص المكية والمدنية معًا في كثيرٍ من سور القرآن، فالسورة هنا مكية لكن هذه آيات مدنية مثلًا.
[آيات مبكرة من سورة 5 المائدة أول مقدم وهجرة محمد إلى يثرب]
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43)}
هذه النصوص مرتبطة بتشريع همجي من التشريعات الهمجية لمحمد، هو رجم من قام بعلاقة جنسية بدون زواج كخيانة لمن هو متزوجٌ منه، ناقشته في باب (التشريعات الهمجية)، وقد شرّعه محمد في الفترة المدنية المبكرة حينما قدم إلى يثرب ربما في أول أو ثاني سنة، جاء في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق:
قال ابن إسحاق: وحدثني ابنُ شهاب الزهري أنه سمع رجلاً من مُزَيْنة، من أهل العلم، يحدِّث سعيدَ بن المسيَّب، أن أبا هريرة حدثهم: أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المِدْراس، حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ، وقد زنى رجلٌ منهم بعد إحصانه بامرأة من يهودَ قد أحصنت، فقالوا: ابعثوا بهذا الرجلِ وهذه المرأة إلى محمد، فَسَلوه كيف الحكم فيهما، وولوه الحكم عليهما...إلخ القصة (راجع باب التشريعات الهمجية)
ورغم أن المسلمين يقولون أن سورة المائدة آخر ما "نزل" يعني صاغه محمد من نصوص، لكني اكتشفت أن معظمها نصوص مبكرة من الفترة المدنية المبكرة أول مقدم محمد ليثرب وقبل موقعة بدر، يعني أول سنتين في يثرب، وأن النصوص مخلوطة ببعضها مع اختلاف زمن صياغتها، وما عدا نصوص تشريع الحج والإحرام التي صيغت عمومًا في سنة 8 ه في عمرة القضاء أو القضية، ونص تحريم الخمر النصان أو الآيتان 90-91 في آخر سنة 4ه أثناء حصار محمد لبني النضير اليهود، كما قال ابن إسحاق في السيرة: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فَحَاصَرَهُمْ سِتَّ لَيَالٍ، وَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، ونص النهي عن سؤال محمد في آية 101 فهو في آخر سنوات محمد_ما بين سنوات 8 إلى 10ه_ لما صارت أخلاقه ضيقة وكبر في السن ومل وأرهق من كثرة الأسئة العقيمة لقوم هو جعلهم يلغون عقولهم، فباقي السورة نصوص مبكرة يثربية. واحتوت السورة على نصوص تعايش وتسامح نسبيًّا، مما لم يقل به محمد في آخر تعاليمه.
{يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25)}
عقيدة خطيرة غير منطقية تلك التي تقول أن اختلاف العقيدة وتكفير فئة لأخرى يبرر كحق إلهي مزعوم الاحتلال والاستيلاء على أراضي الغير من الشعوب ونهبهم وقتلهم، محمد تبنى هذه الفكرة الإرهابية اليهودية ليقوم بعدوانه اللاحق على كل شبه جزيرة العرب ويحكمها ويوحدها، ورسم الخطة العامة لاحتلال العرب لجزء كبير من العالم الشرقي، وقاموا بمحو ثقافات ولغات كاملة كالمصرية القبطية والشامية الآرامية والآشورية والنبطية والمغربية البربرية وغيرها. محمد لم يفكر كثيرًا ويتبصَّر أن فلسطين –إيليّا ستصير جزءً من بلاد المسلمين وأن اليهود سيستخدمون الأسلوب الديني التبريري هذا_على الأقل متدينوهم ومتطرفوهم الذين لديهم هذا أهم من المزاعم التاريخية والمطالبات على أساسها_لاحتلال فلسطين والاستيلاء على معظمها.
بداية ظهور ظاهرة المنافقين المتظاهرين بالإسلام في يثرب وسببها
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)}
بالتأكيد ليس هذا ما نقمه الكتابيون وخاصةً اليهود في يثرب زمن محمد منه ومن دينه وأتباعه، بل أنه كان يعمل على نشر العنصرية وإلغاء التعايش وكونهم أبناء وطن واحد على نفس الأرض، وقد ظل يعمل على ذلك حتى أجلى بعضهم وأباد آخرين وسبى نساءهم للاستعباد والإذلال، ووصفهم محمد بتعميم قبيح غير صحيح أن معظمهم يقبلون الرشى والارتشاء والفساد والمال الغير قانوني، وأن رجال دينهم لا ينهونهم عن ذلك. ولكنْ أليس هذا صار بعد ذلك حال مسلمي اليوم، في بعض الدول لا يمكنك الحصول على الأوراق الرسمية المطلوبة لمصلحة ما تعملها رغم سلامة موقفك بدون دفع مال للموظف المستغل، وأحيانًا تسهِّل الرشاوى الأمور غير المشروعة والتلاعب كذلك. ونلاحظ أن النص "الآية" 61 أشارت إلى اندساس بعض اليهود بالتظاهر بالإسلام واتباع محمد وسط المسلمين لمعرفة ما يخططون له منذ فترة مبكرة لشعورهم بخطورة ما كان يحدث في يثرب من عنف الإسلام والتحولات التي كان يسببها من هدم بالقوة والعنف لأصنام ومعابد آلهة الوثنيين وغيرها، وقد ذكر ابن إسحاق في السيرة أسماء بعض هؤلاء بالاسم، ومنهم رفاعة بن زيد بن التابوت وكنانة بن صُورِيا، وذكر الواقدي في سياق إجلاء بني النضير من وطنهم، في كتابه المغازي:
وَلَقِيَ الْمُنَافِقُونَ عَلَيْهِمْ يَوْمَ خَرَجُوا حُزْنًا شَدِيدًا، لَقَدْ لَقِيت زَيْدَ بْنَ رِفَاعَةَ بْنِ التّابُوتِ، وَهُوَ مَعَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَىّ، وَهُوَ يُنَاجِيهِ فِى بَنِى غَنْمٍ، وَهُوَ يَقُولُ: تَوَحّشْت بِيَثْرِبَ لِفَقْدِ بَنِى النّضِيرِ وَلَكِنّهُمْ يَخْرُجُونَ إلَى عِزّ وَثَرْوَةٍ مِنْ حُلَفَائِهِمْ وَإِلَى حُصُونٍ مَنِيعَةٍ شَامِخَةٍ فِى رُءُوسِ الْجِبَالِ لَيْسَتْ كَمَا هَاهُنَا.
قَالَ: فَاسْتَمَعْتُ عَلَيْهِمَا سَاعَةً، وَكُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَاشّ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ.
وقام محمد في هذه النصوص باستغلال خرافات اليهود وتبريراتهم الدينية لهزائمهم التاريخية بالأساطير لتشويه صورتهم، وتحميلهم ما قام به حسب الأساطير أجدادهم، ولا علاقة لهم كيهود زمن محمد به.
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)}
قال الطبري:
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فبادروا أيها الناس، إلى الصالحات من الأعمال، والقُرَب إلى ربكم، بإدمان العمل بما في كتابكم الذي أنزله إلى نبيكم، فإنه إنما أنزله امتحانًا لكم وابتلاءً، ليتبين المحسن منكم من المسيء، فيجازي جميعكم على عمله جزاءَه عند مصيركم إليه، فإن إليه مصيركم جميعًا، فيخبر كلَّ فريق منكم بما كان يخالف فيه الفرقَ الأخرى، فيفْصَل بينهم بفصل القضاء، وتُبِينُ المحقَّ مجازاته إياه بجناته، من المسيء بعقابه إياه بالنار، فيتبين حينئذ كل حزب عيانًا، المحقَّ منهم من المبطل.
* * *
فإن قال قائل: أو لم ينبئنا ربُّنا في الدنيا قبل مرجعنا إليه ما نحن فيه مختلفون؟
قيل: إنه بيَّن ذلك في الدنيا بالرسل والأدلة والحجج، دون الثواب والعقاب عيانًا، فمصدق بذلك ومكذِّب. وأما عند المرجع إليه، فإنه ينبئهم بذلك بالمجازاة التي لا يشكُّون معها في معرفة المحق والمبطل، ولا يقدرون على إدخال اللبس معها على أنفسهم. فكذلك خبرُه تعالى ذكره أنه ينبئنا عند المرجع إليه بما كنَّا فيه نختلف في الدنيا.
نص تسامح عجيب جدًّا بالنسبة للسياق الإسلامي، لأن آيات العنف التي قالها محمد بعد ذلك والعنصرية والوثوقية الدوجمائية تتنافى تمامًا مع هذه الرية في هذا النص اليثربي المبكر، فهنا اعتبر الأديان كلها طرق للخير ولله الخرافي، وأن الله وحده سيحكم يوم القيامة الخرافي بينه الناس في اختلافاتهم حول العقائد، وأن على الناس التنافس في عمل الخيرات والإحسان، رؤية جميلة مثالية طيبة حالمة تدعو إلى عمل الخير، ما الذي حوَّل رؤية صالحة كهذه إلى النقيض الشرير الذي يأمر بالقتل وسفك الدماء والنهب والسبي والاستعباد، ربما اكتساب محمد لمزيد من السلطة مع عقد طفولته لشعوره في الطفولة والشباب بنقص الأهمية والتهميش والوحدة وتعطشه للسلطة والعنف والمهابة جعله يخوض في ذلك الشر الموحل، وربما البيئة والأشخاص العرب البدو من زمنه كان لهم تأثير مفسد له تمامًا. بسبب سياق النصوص من عنف وعنصرية تعصب كان هذا النص مشكلة للمسلمين، ورغم أنه موجَّه كما يدل السياق لكل البشر الذين لم يجعلهم الله الخرافي حسب التصور الديني أمة واحدة، فقد حاول المفسرون أو بعضهم على الأقل حصر معناه على المسلمين، وهذا غير ممكن لأن النص يذكر اختلاف العقيدة وأن الله سيحكم فيه:
12149 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن حباب، عن أبي سنان قال: سمعت الضحاك يقول:"فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعًا"، قال: أمة محمد صلى الله عليه وسلم، البرُّ والفاجر.
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)}
أيضًا نص تسامح عجيب وفقًا له كل من عبد الله الخرافيّ معتقدًا أنه إله واحد فسيدخل الجنة الخرافية، من كل الأديان التوحيدية، مسلمًا أو يهوديًّا أو مسيحيًّا أو صابئًا مندائيًّا، بالتناقض مع نصوص التعصب وتكفير الآخرين من غير المسلمين. وقال الطبري في تفسيره:
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الذين صدّقوا الله ورسوله، وهم أهل الإسلام="والذين هادوا"، وهم اليهود = والصابئون"، وقد بينا أمرهم ="والنصارى من آمن منهم بالله واليوم الآخر"، فصدّق بالبعث بعد الممات="وعمل"، من العمل="صالحًا" لمعاده"فلا خوف عليهم"، فيما قَدِموا عليه من أهوال القيامة="ولا هم يحزنون"، على ما خلَّفوا وراءهم من الدنيا وعيشها، بعد معاينتهم ما أكرمهم الله به من جزيل ثوابه.
الإيمان بهذه الخرافات والمفاهيم الخزعبلية كالله الواحد ويوم القيامة والحساب الخرافي ليس يُشترَط لها الإسلام أو تصديق مزاعم محمد تحديدًا، فهي في كل هذه الأديان عمومًا.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)}
لا يوجد في النص هنا ذكر لقتال وقتل من يخرج من اتباع الإسلام ولا حد ردة، في تسامح تامّ ووعظ دينيّ فقط، فهذا نص حكمه منسوخ ملغيّ، لأن محمدًا شرّع بعد ذلك لمصادرة الحق في اختيار العقيدة وقرّر حد الردة ضد من ينتقد الإسلام ويخرج منه، وأجبر الوثنيين على الإسلام بالسيف. والجهاد المذكور هنا هو الانتقامي من قريش بقطع طريق تجارتها.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)}
قال الطبري:
وكان اتخاذ هؤلاء اليهود الذين أخبر الله عنهم المؤمنين أنهم اتخذوا دينهم هُزُوًا ولعبًا بالدين على ما وصفهم به ربنا تعالى ذكره، أن أحدهم كان يظهر للمؤمنين الإيمان وهو على كفره مقيم، ثم يراجع الكفر بعد يسير من المدة بإظهار ذلك بلسانه قولا بعد أن كان يُبدي بلسانه الإيمان قولا وهو للكفر مستبطن تلعبًا بالدين واستهزاءً به، كما أخبر تعالى ذكره عن فعل بعضهم ذلك بقوله: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [سورة البقرة: 14، 15] .
***
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الخبر عن ابن عباس.
12216 - حدثنا هناد بن السري وأبو كريب قالا حدثنا يونس بن بكير قال، حدثني ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال: كان رفاعة بن زيد بن التابوت وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ثم نافقا، وكان رجال من المسلمين يوادُّونهما، فأنزل الله فيهما:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء" إلى قوله:"والله أعلم بما كانوا يكتمون".
أصل الخبر في السيرة لابن إسحاق برواية ابن هشام
...قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإذا أذن مؤذنكم، أيها المؤمنون بالصلاة، سخر من دعوتكم إليها هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى والمشركين، ولعبوا من ذلك="ذلك بأنهم قوم لا يعقلون"، يعني تعالى ذكره بقوله:"ذلك"، فعلهم الذي يفعلونه، وهو هزؤهم ولعبهم من الدعاء إلى الصلاة، إنما يفعلونه بجهلهم بربهم، وأنهم لا يعقلون ما لهم في إجابتهم إن أجابوا إلى الصلاة، وما عليهم في استهزائهم ولعبهم بالدعوة إليها، ولو عَقَلوا ما لمن فعل ذلك منهم عند الله من العقاب، ما فعلوه.
* * *
وقد ذكر عن السدي في تأويله ما:-
12218 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوًا ولعبًا"، كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادي ينادي:"أشهد أن محمدًا رسول الله"، قال:"حُرِّق الكاذب"! فدخلت خادمه ذات ليلة من الليالي بنار وهو نائم وأهله نيام، فسقطت شرارة فأحرقت البيت، فاحترق هو وأهله.
وقال ابن أبي حاتم في أسباب النزول:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} {58} .
قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا نَادَى إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهَا، قَالَتِ الْيَهُودُ: قَامُوا لَا قَامُوا، صَلَّوْا لَا صَلَّوْا، رَكَعُوا لَا رَكَعُوا. عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالضَّحِكِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
قَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ نَصَارَى الْمَدِينَةِ كَانَ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: حُرِّقَ الْكَاذِبُ. فَدَخَلَ خَادِمُهُ بِنَارٍ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ نَائِمٌ وَأَهْلُهُ نِيَامٌ، فَطَارَتْ مِنْهَا شَرَارَةٌ فِي الْبَيْتِ فَاحْتَرَقَ هُوَ وَأَهْلُهُ.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا سَمِعُوا الْآذَانَ حَسَدُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ، فَدَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ أَبْدَعْتَ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْ بِهِ فِيمَا مَضَى مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، فَإِنْ كُنْتَ تَدَّعِي النُّبُوَّةَ فَقَدْ خَالَفْتَ فِيمَا أَحْدَثْتَ مِنْ هَذَا الْآذَانِ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ قَبْلِكَ، وَلَوْ كَانَ فِي هَذَا الْأَمْرِ خَيْرٌ كَانَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ مِنْ قَبْلِكَ، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ صِيَاحٌ كَصِيَاحِ الْعِيرِ؟ فَمَا أَقْبَحَ مِنْ صَوْتٍ وَلَا أَسْمَجَ مِنْ كُفْرٍ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ وَأَنْزَلَ: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} الْآيَةَ. [فُصِّلَتْ: 33] .
وقال في تفسيره:
6558 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى الأَيْلِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ قَالَ: سَمِعْتُ سَلامَةَ بْنَ رَوْحِ بْنِ خَالِدٍ ابنَ أَخِي عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قَالَ عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ الأَذَانَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا
وقال البيهقي في دلائل النبوة:
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ....... «وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا؛ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ أَمْرَ اللهِ» ، قَالَ: وَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَادَى بِالصَّلَاةِ فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى: قَدْ قَامُوا، لَا قَامُوا، فَإِذَا رَأَوْهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا اسْتَهْزَءُوا بِهِمْ وَضَحِكُوا مِنْهُمْ قَالَ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ تَاجِرٌ إِذَا سَمِعَ الْمُنَادِي يُنَادِي بِالْآذَانِ، قَالَ: أَحْرَقَ اللهُ الْكَاذِبَ، قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَتْ جَارِيَتُهُ بِشُعْلَةٍ مِنْ نَارٍ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْهَا فِي الْبَيْتِ فَالْتَهَبَتْ فِي الْبَيْتِ فَأَحْرَقَتْهُ.
يحكي هذا النص عن أن اليهود والوثنيين كانوا يسخرون من طريقة صلاة المسلمين خاصة برفع المؤخرات كما تعلم، أو حسب تفسير ذي علاقة كذلك بتظاهرهم بدخول واتباع الإسلام للتعرف على ما يفعله أتباع محمد ثم تركه، ويأمر النص بتجاهلهم فقط وعدم مصادقتهم في فصل عنصري كالأبارت هيد الجنوب أفريقي أيام الاحتلال الهولندي، لكن لا يوجد في النص أمر بشيء سوى ذلك، ولا أمر بقتل من ينتقد الدين أو يسخر من خرافاته أو يترك الإسلام، فهذه تشريعات شرّعها محمد لاحقًا لما ازدادت قوته وتعصبه وغروره وشره، فهذا هنا نوع من التسامح المتعالي ذي المسحة العنصرية الاستكبارية التي انتقدها ﭬولتير في بعض كتبه وربما دنيس ديدرو، وعلى ما في النص من سباب وشتيمة عنصرية وترديد لأساطير يهودية فسر بها قدماء اليهود وبرّروا هزائمهم التاريخية استغلها محمد لشتيمة اليهود بأساطيرهم عن أجدادهم، وهي طريقة اتبعها قبل محمد الأناجيل المسيحية وسفر أعمال الرسل وكتب الأبوكريفا كأسلوب عنصري، راجع باب (تشويه صورة الآخرين). مثل هذا التسامح لم يكن محتملًا بعد ذلك خاصةً بعد هزيمة موقعة أحد وبدء محمد أعمال الاغتيالات لبعض شعراء اليهود والوثنيين والمتشككين، لدرجة الأمر بقتل أي يهودي يراه مسلم مارًّا في الشارع لمجرد أنه يهودي فقط، راجع ج1. هل يصحّ أن نشبّه ونصف ممارسات الإسلام بالنازية أم يجب علينا العكس أن نصف النازية بأنها كممارسة الإسلام المحمدية.
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)}
{مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99)}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)}
نصوص تسامح منسوخة ملغية أبطلها محمد لاحقًا وغيَّرَ المبادئ.
2 البقرة
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)}
هذا النص لا أدري متى صاغه محمد بالضبط، لكنه بعد توطد الأمور له في يثرب وتمكنه من مقاليد الحكم والسلطة فيها، وتحول أغلبية سكانها لديانته ومشروعه، هذا على الأقل، بحيث صار الإسلام وسيلة لتجنب الاستبعاد من السلطة والسياسة والمجتمع، هذا أقل الاحتمالات، ويحتمل أن يكون قاله محمد بعد عملية الإجبار لكل السكان الوثنيين على الإسلام تجنبًا للقتل، وهذه بدأت بعد معركتي بدر وأحد، مع تنامي العنصرية والبغض والعنف، وبسبب الإكراه الديني والإرهاب والتقتيل والعنف ظهرت ظاهرة النفاق والمنافقين المتظاهرين بالإسلام لمجرد حماية حيواتهم ومصالحهم، منذ القدم كان هناك ملحدون عقلانيون وغيرهم ذكرت كتب التاريخ العربي، أحدهم (صالح بن عبد القدوس) كان يصلي علنًا في المسجد فإذا سأله بعض مقربيه أجاب: عادة الجسد وسلامة النفس والولد!
قال الطبري في تفسيره:
وتأويل ذلك: أنّ الله جل ثناؤه لما جمع لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أمرَهُ في دار هجرته، واستَقرَّ بها قرارُه، وأظهرَ الله بها كلمتَه، وفشا في دور أهلها الإسلام، وقَهَر بها المسلمون مَنْ فيها من أهل الشرك من عبدة الأوثان، وذَلّ بها مَن فيها من أهل الكتاب - أظهر أحبارُ يَهودها لرسول الله صلى الله عليه وسلم الضَّغائن، وأبدوا له العداوة والشنآنَ، حسدًا وَبغيًا، إلا نفرًا منهم هداهم الله للإسلام فأسلَموا، كما قال جل ثناؤه: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [سورة البقرة: 109] ، وطابَقَهم سرًّا على مُعاداة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بغْيِهم الغوائِل، قومٌ - من أرَاهط الأنصار الذين آوَوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونَصَروه - وكانوا قد عَسَوْا في شركهم وجاهليِّتِهم قد سُمُّوا لنا بأسمائهم، كرهنا تطويل الكتاب بذكر أسمائهم وأنسابهم، وظاهروهم على ذلك في خَفاءٍ غير جِهارٍ، حذارَ القتل على أنفسهم، والسِّباءِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وركونًا إلى اليهود لما هم عليه من الشرك وسوء البصيرة بالإسلام. فكانوا إذا لَقُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان به من أصحابه قالوا لهم -حِذارًا على أنفسهم-: إنا مؤمنون بالله وبرسوله وبالبَعْث، وأعطَوْهم بألسنتهم كلمةَ الحقِّ، ليدرأوا عن أنفسهم حُكم الله فيمن اعتقدَ ما هم عليه مقيمون من الشرك، لو أظهروا بألسنتهم ما هم معتقدوه من شركهم. وإذا لقُوا إخوانَهم من اليهود وأهل الشّركِ والتكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، فخلَوْا بهم قَالُوا: (إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) . فإياهم عَنَى جلّ ذكره بقوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) ، يعني بقوله تعالى خبرًا عنهم: آمنّا بالله-: وصدّقنا بالله
312- حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) ، يعني المنافقين من الأوْس والخَزْرج ومَنْ كان على أمرهم.
وقد سُمِّي في حديث ابن عباس هذا أسماؤهم عن أبيّ بن كعب، غير أني تركت تسميتهم كراهة إطالة الكتاب بذكرهم
317- حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن إسماعيل السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليهِ وسلم: (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) هم المنافقون.
318- حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، في قوله: (ومن الناس مَنْ يقول آمنا بالله وباليوم الآخر) إلى (فزادهم الله مَرَضًا ولهم عذاب أليم) ، قال: هؤلاء أهلُ النفاق.
319- حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله: (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) قال: هذا المنافقُ، يخالِفُ قولُه فعلَه، وسرُّه علانِيَتَه ومدخلُه مخرجَه، ومشهدُه مغيبَه.
وروى البخاري:
4566 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، قَالَ: حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي المَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ وَالمُسْلِمِينَ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا المَرْءُ إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ، إِنْ كَانَ حَقًّا فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قَالَ: كَذَا وَكَذَا "، قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ، لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالعِصَابَةِ، فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ، وَأَهْلِ الكِتَابِ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] الآيَةَ، وَقَالَ اللَّهُ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ العَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ، فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا
ورواه مسلم 1798
وكمثال بعد الجريمة الحقيرة لقتل امرأة وهي ترضع طفلها لمجرد قولها الشعر، وهي عصماء بنت مروان، يقول ابن إسحاق عن انتشار الإسلام بعد هذا الحادث الإرهابي الوسخ:
... فلما جاءهم عُمير بن عدي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بني خَطْمة، أنا قتلت ابنة مروان، فكيدونى جميعا ثم لا تُنْظِرونِ. فذلك اليوم أول ما عز الإسلامُ في دار بني خَطْمة، وكان يستخفى بإسلامهم فيهم من أسلم، وكان أول من أسلم من بني خَطْمة عُمَير بن عدي، وهو الذي يُدْعَى القارئ، وعبداللّه بن أوْس، وخُزيمة بن ثابت، وأسلم يوم قُتلت ابنة مروان، رجال من بني خطمة، لما رأوا من عز الإسلام.
ويبدو أن قضاء محمد تمامًا على الوثنية نتاج الإكراه والتخويف كان بعد انتهاء معركة خيبر وتحييد القوة اليهودية بالإبادة والتقتيل في مذبحة خيبر وما قبلها من مذابح ونفي وطرد لغيرهم من قبائل اليهود، جاء في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق:
... حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بنى أمية بن زيد، وخَطْمة ووائل وواقف، وتلك أوس اللّه، وهم من الأوْس بن حارثة، وذلك أنه كان فيهم أبو قيس بن الأسْلَت، وهو صيفي، وكان شاعراً لهم وقائداً يستمعون منه ويطيعونه، فوقف بهم عن الإِسلام، فلم يزل على ذلك حتى هاجر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ومضى بدر وأحد والخندق، وقال فيما رأى من الإِسلام، وما اختلف الناس فيه من أمره:
أربَّ الناسِ أشياخ ألمَّتْ يُلَفُّ الصعبُ منها بالذَّلولِ
أربَّ الناسِ أما إذ ضللنا فيسِّرْنا لمعروفِ السبيلِ
فلولا ربُّنا كنا يهوداً وما دينُ اليهودِ بذي شُكولِ
ولولا ربُّنا كنا نصارى مع الرهبانِ في جبلِ الجليلِ
ولكنا خُلقنا إذ خُلقنا حنيفاً دينُنا عن كلِّ جيلِ
نسوق الهَدْي تَرسُف مُذْعِناتٍ ... مُكثَّفة المناكبِ في الجُلولِ
الشكول: جمع شكل وشكل الشيء - بالفتح - هو مثله والشكل بالكسر الدل والحسن فكأنه أراد أن دين اليهود بدع، فليس له شكول أي: ليس له نظير في الحقائق، ولا مثيل يعضده من الأمر المعروف المقبول
ترسف: تمشي مشي المقيد، والجلول: جمع جل وهو ما تلبسه الدابة لتُصان به.
ويظهر أن صيفي كان يقول بتحبيذ الدين الوثني مع شيء من التشكك.
حتى اليوم رغم ظهور كثيرين منا علنًا بشجاعة وتعبيرهم بلا خوف عن آرائهم وإعلانهم أننا لن نخاف بعد اليوم، فلا يزال الأكثرية خانعين جبناء مستترين متزعزعي المواقف والرؤى لحماية مصالحهم وحياتهم من التدمير، قد يكون أقرب أقربائك من الأقلية العقلانية وأنت لا تدري، ظللت مع صديقٍ شهورًا طوالًا في العمل حتى استطعت في النهاية الوصول إلى أنه ملحد مثلي، بسبب خشيته وحذري من نية الطرف الآخر، مع أني شخصية علنية هنا في الإنترنت، لكن في عالم الواقع لا أحد يلاحظ ذلك. كثيرون آخرون لديهم شكوك في الدين ولا يؤمنون بأي مبدإ أخلاقي حتى للأسف لكنهم يخفون حقيقتهم السيئة، فبسقوط الدين عندهم دون وجود بنية ثقافية علمانية عندهم انهارت كل القيم عندهم، وهناك من تنصّروا سرًّا وغيرها.
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)}
هنا كرّر محمد القصة الواردة في التوراة، وهي مثال ونموذج الإرهاب والإكراه الدينيّ والتعصب في كلا الديانتين اليهودية والإسلام، وكذلك لمسيحية القرون الوسطى قبل عصر التنوير، ووفقًا للقصة أمر موسى سبط لاوي باعتبارهم يمثلون الكهانة والسلطة الدينية المحتَكَرة بعمل مجزرة ضد جميع الشعب بلا تمييز كـ "تأديب" وإخضاع لهم للعقيدة والسلطة الدينية، هذا نموذج لقتل الناس لمجرد اعتقادهم وممارستهم لعقائد أخرى، وهو معنى الإرهاب بحذافيره وفكرته. يُعتقَد أن الكهنة اليهود مؤسسو اليهودية ألّفوا هذه القصة لتكون نموذجهم ومثالهم كرهًا لرمز العجل أو الثور، لأنه يذكّر بالأصل الوثني البدائي ليهوه الإله الذين كان إلهًا فيما يُعتقَد للرياح والأمطار يتجسّد على شكل ثور رمزًا عند القدماء للخصوبة؛ خصوبة الأرض والفحولة الجنسية الذكورية، وعُثِر على تمثال ثورٍ له مكتوبًا عليه يباركك يهوه وعشيرته، وهي عشيرة الإلهة الكنعانية الفلسطينية القديمة المعروفة.
(26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ، وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ». فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ، وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُل. 29وَقَالَ مُوسَى: «امْلأُوا أَيْدِيَكُمُ الْيَوْمَ لِلرَّبِّ، حَتَّى كُلُّ وَاحِدٍ بِابْنِهِ وَبِأَخِيهِ، فَيُعْطِيَكُمُ الْيَوْمَ بَرَكَةً».) الخروج32: 26-29
{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)}
أشرتُ من قبلُ إلى خطورة ورود قصة يشوع في القرآن، لأنها تبيح احتلال دول الشعوب الأخرى بدعوى أنهم غير مؤمنين ومختلفون، وأن القائمين بالاحتلال والنهب والقتل هم المؤمنون داخل خانة المختارين والمجموعة.
وورد ذكر جزء من أسطورة يشوع خليفة موسى وقائد بني إسرائيل حسب أسطورة كتاب اليهود، كذلك في كتب الحديث، روى البخاري:
3124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا وَلَا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا فَغَزَا فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا فَقَالَ إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمْ الْغُلُولُ فَلْيُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمْ الْغُلُولُ فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا فَجَاءَتْ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا
القصة ليست هكذا بالضبط في سفر يشوع 7، فالغنائم كانت حلالًا في تشريع اليهودية للنهب الإجرامي من الشعوب الأخرى، لكنه كان محرمًا عليهم الغنائم من الفلسطينيين فقط كتابو ومحظور، علامة على كرههم الشديد للفلسطينيين بوضوح، واعتبار ممتلكاتهم نجسة لا يجوز مسها ولا استعمالها، وتقول القصة أن يشوع أحرق الرجل المدعو عخان مع ما غله أو خبأه وممتلكاته وخيمته، وقد نفهم من القصة أنه أحرق أسرة عخان كذلك! لكن المهم في الموضوع هو ذكر الأحاديث والقرآن لجزء من النموذج الإرهابي اليهودي ليشوع كما ورد في كتاب اليهود.
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)}
نص تسامح وتعايش، رغم ما في باقي السورة من تنامي العنصرية والهوس المحمديّ، وإصراره وإلحاحه الجنونيّ المزعج وبأسلوب التهجم والشتيمة والعنصرية كما كان يفعل مع وثنيي قريش، لكن هذه المرة مع اليهود على أنهم يجب أن يتبعوا دينه بالإكراه، كما عرضنا في باب تشويه صورة الآخرين/ سورة البقرة، ولو أنه كان ما يزال ينتظر بزعمه معجزة إلهية أو أمرًا إلهيًّا ما سيفعله الله، وقد نعتبره تلميحًا بما سيفعله محمد لاحقًا من إبادة وتقتيل ونفي واستعباد لليهود ونهب لأراضيهم وأملاكهم. لاحقًا سيلغي محمد مبدأ التعايش والتحضر ليكشف عن وجه شخصيته الحقيقي البغيض ونفسيته الإجرامية الشريرة المريضة. مبدأ المسلمين دومًا التمسكن حتى التمكن.
كرتون ظريف عن الإرهابيين يقول رجاءً يا "كفّار" اقبضوا عليّ، فربما ترونني أشتري محمولًا حديثًا من محل عصريّ، أو أتحدث بخطبة مفوّهة وعظية فخيمة عن الله، ربما يتم الإفراج عني أحيانًا، لكني في النهاية أقوم بتفجيركم لاحقًا!
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)}
فلنستعِن بتفسير الطبريّ لنفهم مقصد محمد بهذا الكلام:
فإن قال قائل: ومن الذي عنى بقوله: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) ؟ وأي المساجد هي؟
قيل: إن أهل التأويل في ذلك مختلفون، فقال بعضهم: الذين منعوا مساجد الله أن يذكر فيها اسمه هم النصارى، والمسجد بيت المقدس.
* ذكر من قال ذلك:
1820- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) ، أنهم النصارى.
1821- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) ، النصارى كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى، ويمنعون الناس أن يصلوا فيه.
وفقًا لهذا الفهم للنص فمحمد كان يشير إلى أن المسيحيين في عصره منعوا اليهود من إعادة بناء معبدهم أو هيكلهم السليماني، وجعلوه مزبلة ومكانًا لرمي القمامة، ومنعوهم من ممارسة دينهم، ويمكن ترجيح صحة هذا الفهم لارتباطه بالآية التي قبله ففيها إنكار الفريقين للاعتراف ببعضهما الآخر، المسيحيون كما هو معروف فرحوا كثيرًا بهدم تيتُس الروميّ لهيكل اليهود عقب ثورة اليهود سنة 70 م وادعوْا في أناجيلهم أن يسوع تنبّأ به، ويقول المؤرخون أن هذا الحدث هو الفاصل النهائي الذي جعل المسيحية من بعده لا تعتبر مذهبًا من مذاهب اليهودية على الإطلاق، وعندما احتل الفرس القدس في عصر محمد لفترة حاول اليهود الذين ساعدوا الفرس ضد الروم بسبب الاضطهادات ضدهم من المسيحيين أن يبنوا هيكلهم من جديد ويقول المؤرخون أن الأهالي المسيحيين الأغلبية منعوهم وثاروا ضدهم بتعصب.
أما المعنى والفهم المحتمَل الآخر، فهو كما قال الطبري:
وقال آخرون: بلى عنى الله عز وجل بهذه الآية مشركي قريش، إذ منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام.
* ذكر من قال ذلك:
1826- حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال، حدثنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) ، قال: هؤلاء المشركون، حين حالوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية وبين أن يدخل مكة حتى نحر هديه بذي طوى وهادنهم، وقال لهم:"ما كان أحد يرد عن هذا البيت، وقد كان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فيه فما يصده، وقالوا: لا يدخل علينا من قتل آباءنا يوم بدر وفينا باق!
وفي قوله: (وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) قال: إذْ قطعوا من يعمرها بذكره، ويأتيها للحج والعمرة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلات التي ذكرتها بتأويل الآية قول من قال: عنى الله عز وجل بقوله: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) النصارى. وذلك أنهم هم الذين سعوا في خراب بيت المقدس....
دعنا من بعض الخلط الغريب لدى قدماء المسلمين الجهلة الذي حذفته من اقتباسي من الطبري، فهو لا يميز نبوخذ نصَّر الذي قبل المسيحية بكثير، عن تيتُس الروميّ اللاحق، ولا يميّز الحدثين عن الأحداث المعاصرة في عصر محمد، وسواء أكان المقصود هذا المعنى والمقصد أو ذاك الآخر، وقد يشهد للآخر أن الآية التي بعد ذلك تشير إلى الكعبة {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)}، إلا أن كليهما يشير إلى مبدأ احترام مقدّسات الآخرين ومعابدهم وعدم تخريبها واحترام حرية الاعتقاد، لكن لاحظ تناقض هذه التعاليم مع أفعال محمد اللاحقة لهذا النص حيث هو نفسه كما أوردنا في (حروب محمد الإجرامية) أمر بتحطيم كنائس وصوامع مسيحية في شبه جزيرة العرب، وكنت قلت هناك في أخبار الوفود المبايعة الخاضعة المذعنة لمحمد:
وفد حنيفة
كما حكى ابن سعد فقد أمرهم محمد بهدم كنيسة وترويع راهب مسيحي بها مما جعله يفر منها ومن وطنه خوفًا من القتل:
....ورجعوا إلى اليمامة وأعطاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إداوة من ماء فيها فضل طهور. فقال: إذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم وأنضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوا مكانها مسجدا. ففعلوا. وصارت الإداوة عند الأقعس بن مسلمة. وصار المؤذن طلق بن علي. فأذن فسمعه راهب البيعة فقال: كلمة حق. ودعوة حق! وهرب. فكان آخر العهد به
ورواه النسائي في السنن الكبرى له (780) ، والمجتبى (701) وابن حبان في صحيحه (1123) ، والطبراني في " المعجم الكبير" (8241) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/542-543، بإسناد صحيح، وأحمد بن حنبل 24009/ 26 و16293 وابن سعد في "الطبقات" 5/552، وابن أبي شيبة 2/80، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (47)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/92 بأسانيد حسنة.
وروى النسائي في الكبرى:
780 - أنبأ هناد بن السري عن ملازم هو بن عمرو قال حدثني عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي قال: خرجنا وفدا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه فضل طهوره فدعا بماء فتوضأ وتمضمض ثم صبه لنا في إداوة وأمرنا قال اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجدا فقلنا له إن البلد بعيد والحر شديد والماء ينشف قال مدوه من الماء فإنه لا يزيده إلا طيبا فخرجنا حتى قدمنا بلدنا فكسرنا بيعتنا ثم نضحنا مكانها واتخذناها مسجدا فنادينا فيه بالأذان قال والراهب رجل من طيء فلما سمع الأذان قال دعوة حق ثم استقبل تلعة من تلاعنا فلم نره بعد
لنا حق التشكك فيما ينسبونه للراهب المسكين المهدد في حياته، فلو أنه اعتقد أنها دعوة حق وسلام لما كان هرب بجلده!
أما عن تخريب وتدمير معابد الوثنيين وتقتيل كهنتهم فيطول الحديث وعرضناه في الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية) بالتوثيق والتفصيل، وهي سياسة استمرت في فتوحات احتلال السند (باكستان) والهند وأفغانستان وغيرها، كما حكت كتب التاريخ كتاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية للساعاتي وطبقات أكبري وفتوح البلدان للبلاذري وقصة الحضارة لول ديورَنت وغيرها من مصادر متاحة بالعربية. وثيقة العهدة العمرية نصت على التالي:
نص العهدة العمرية من كتاب ابن قيم الجوزية:
حين
احتل المسلمون بلاد الشام اشترط عمر بن الخطاب على نصاراهم ما يلي:
ألا يُحدِثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجدِّدوا ما خُرِّب، ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم، ولا يؤووا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يُظهِروا شِركاً، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوا، وأن يوقّروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبّهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلّدوا سيفاً، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجُزُّوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيَّهم حيثما كانوا، وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم، ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يَظهِروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جَرَتْ عليه سهام المسلمين. فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق.
كما نرى شروط إذلال وعنصرية لا تختلف كثيرًا عن الممارسات النازية وممارسات بابوية القرون الوسطى، تمييز الكتابيين بالملبس وعدم المجاهرة بالممارسات والرموز الدينية، وجز مقدمات الرؤوس وهي علامة إذلال عند العرب فالأسير المطلق سراحه بالعفو عنه كانوا يقصون مقدمة رأسه لتكون غير متساوية مع باقي شعر الرأس كعلامة إذلال، وتخيل ركوب الحصان بدون سرج، وغيرها فهذا وضْعٌ لقواعد اللعبة لكي يجرّفوا ويقضوا على وجود الأديان الأخرى من خلال عدم إصلاح وإحلال وبناء معابدها وكنائسها، وهي سياسة آتت نجاحًا مع باقي سياسات البطش والعنصرية والأذى والتحقير كما نرى.
هذا ما كان يحدث للمدن والدول المفتوحة صلحًا بلا حرب، فما بالك بالمفتوحة حربًا، حيث تقتيل كل الرجال أو معظمهم، وسبي واستعباد النساء والأطفال وتدمير كل الكنائس والمعابد، وعرضنا في أول هذا الباب قول ونقل ابن قيم الجوزية في (أحكام أهل الذمة) عن الموضوع وممارسات الإسلام في ذلك. وبعض الكتب كتاريخ مصر للمقريزي المعروف بالمقفّى الكبير وخطط المقريزي استفاض كثيرًا في ذكر الكنائس والمعابد التي هدمها المسلمون مع مرور الزمن، وذكر المقريزي رفض عمرو بن العاص لطلب أحد ممثلي مسيحيي مصر وضع نسبة محددة من الضريبة على مصر حسب الأملاك ورد عمر بأن مصر خزانة لهم يأخذون منها ما يشاؤون! وحسب كتاب الخطط للمقريزي:
وقال هشام بن أبي رقية اللخمي: قدم صاحب أخنا على عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال له: أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فنصير لها؟ فقال عمرو، وهو يشير إلى ركن كنيسة: لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم، وإن خفف عنا خففنا عنكم، ومن ذهب إلى هذا الحديث ذهب إلى أن مصر فتحت عنوة.
وعن يزيد بن أبي حبيب قال: قال عمر بن عبد: العزيز أيّما ذميّ أسلم فإن إسلامه يحرز له نفسه وماله، وما كان من أرض فإنها من فيء الله على المسلمين، وأيما قوم صالحوا على جزية يعطونها فمن أسلم منهم كانت داره وأرضه لبقيتهم.
وهناك كثير من الكتب في مكتبتي الإلكترونية عن بشاعات الفتح والحكم الإسلامي للبلدان المفتوحة المحتلة جميعًا قديمًا أتمنى رفعها للتحميل والاطلاع يومًا ما.
{فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)}
قال الطبري في تفسيره:
قال أبو جعفر: يعنى تعالى ذكره بقوله:"وإن تَوَلَّوْا"، وإن تولى -هؤلاء الذين قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه:"كونوا هودًا أو نصارَى"- فأعرضوا، فلم يؤمنوا بمثل إيمانكم أيّها المؤمنون بالله، وبما جاءت به الأنبياءُ، وابتُعِثت به الرسل، وفرّقوا بين رُسُل الله وبين الله ورسله، فصدّقوا ببعضٍ وكفروا ببعضٍ = فاعلموا، أيها المؤمنون، أنهم إنما هُمْ في عصيان وفِرَاق وحَربٍ لله ولرسوله ولكم، كما:-
2110- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة: "وإنما هُم في شقاق"، أي: في فراق
...2112- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد:"وإن توَلوا فإنما هم في شقاق" قال: الشقاق: الفراقُ والمحاربة. إذا شَاقَّ فقد حارب، وإذا حَارب فقد شاقَّ، وهما واحدٌ في كلام العرب، وقرأ: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ) [سورة النساء: 115] .
هنا ربما يمكننا وضع أول تأريخ نصيّ لبداية تبلور فكر محمد الإرهابيّ بشكل واضح، فمن لا يتبع ديانتنا هو في نزاع وصراع وشقاق معنا، من ليس معي ومثلي فهو عدوي، وماذا يكون الإرهاب ونهجه سوى ذلك؟! ما قبل ذلك من نصوص كان ضيق أفق وتعصبًا وتهجُّمًا وشتيمةً، بعضها عرضناه في باب تشويه الصورة وباب البذاآت، لكنْ هنا يبدأ الأمر يتخذ شكلًا ومنحىً مختلفًا وأخطر. هذا تهديد إرهابيّ مباشر لليهود وتحريض لأتباع محمد لبدء العدوان وليس مجرد الكره البحت.
{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}
قال الواحدي في أسباب النزول:
قوله {وَلا تَقولوا لِمَن يُقتَلُ في سَبيلِ اللهِ أَمواتٌ} الآية. نزلت في قتلى بدر وكانوا بضعة عشر رجلاً ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين وذلك أن الناس كانوا يقولون للرجل يقتل في سبيل الله مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها فأنزل الله هذه الآية.
وقال السيوطي في أسباب النزول المعروف بلباب النقول، له:
أخرج ابن منده في الصحابة من طريق السديّ الصغير عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قُتِل تميم بن الحمام ببدر، وفيه وفي غيره نزلت: {وَلا تَقولوا لِمَن يُقتَلُ في سَبيلِ اللهِ أَمواتٌ} الآية.
قال أبو نعيم: اتفقوا على أنه عمير بن الحمام، وأن السديّ صحَّفه.
هنا بدأ محمد تاريخيًّا بعملياته الإرهابية من قطع الطريق كما هو معلوم من كتب السيرة كالسيرة لابن هشام والمغازي للواقدي والمحبَّر لمحمد بن حبيب ومن (حروب دولة الرسول) لسيد القمني، و(من مؤسسات العنف في الفكر الإسلامي) لمالك مسلماني، ومن كتابي (حروب محمد الإجرامية)، كوسيلة للانتقام من قريش، راح ضحيتها ناس لا ذنب لهم، وكذلك قتلى من المسلمين أتباع محمد، ومعظم أو كل من شاركوا في هذا قبل معركة بدر كانوا من المهاجرين المكيين فقط، كانت النتيجة الطبيعية المتوقعة هي محاولة قريش إيقاف ذلك بالهجوم على يثرب، ولأن أرض المعركة هي لمحمد، والقاعدة العسكرية تقول لا تجعل عدوك يختار أرض المعركة ويفرضها عليك، ولعدم تقدير القرشيين لقوة محمد السكرية تقديرًا صحيحًا خسروا هذه المعركة، ولوجود قتلى من أتباع محمد لم يجد سوى العزاآت الوهمية ليقدمها لهم مقابل أغلى شيء فقده القتلى وهو حيواتهم التي فقدوها، وليس لغرض نبيل بل للانتقام ونشر الخرافات وللأغراض الخسيسة دون أن يدروا للأسف، الوهم واللاشيء مقابل حيوات الناس، يا لها من صفقة رابحة، دور الدين الأكبر هو المواساة وعمل الجنازات وتقديم الوهم لناس ضعاف التركيبات النفسية لم ينضجوا ليقبلوا الموت ومصائب الحياة كجزء لا ينفصل عنها، وعرضنا أسلوب عزاآت محمد كذلك في الجزء الأول (حروب محمد)، وما أحسن ما قاله أحد الوثنيين باكيًا على مقتل ابنه المسلم بعد معركة أحد، كما في السيرة لابن هشام:
... حاطب بن أمية بن رافع، وكان شيخاً. جسيماً قد عَسَا في جاهليته وكان له ابن من خيار المسلمين، يقال له يزيد ابن حاطب، أصيب يوم أحد حتى أثبتته الجراحات، فحُمل إلى دار بني ظفر. فحدثني عاصم بن عمر بن قَتادة أنه اجتمع إليه من بها من رجال المسلمين ونسائهم وهو بالموت فجعلوا يقولون أبشر يا بن حاطب بالجنة، قال: فنجم نفاقُه حينئذٍ، فجعل يقول أبوه: أجل جنة والله من حَرْمل، غررتم والله هذا المسكين من نفسهِ.
الحرمل: نبات ينبت على القبور.
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)}
قال الطبري:
قال أبو جعفر: اختلف أهلُ التأويل في تأويل هذه الآية.
فقال بعضهم: هذه الآية هي أول آية نزلت في أمر المسلمين بقتال أهل الشرك. وقالوا: أمر فيها المسلمون بقتال من قاتلهم من المشركين، والكف عمن كفّ عنهم، ثم نُسخت ب"براءة".
* ذكر من قال ذلك:
3089 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد، وابن أبي جعفر، عن أبي جعفر، عن الربيع في قوله:"وقاتلُوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تَعتدوا إن الله لا يحبّ المعتدين" قال: هذه أوّل آية نزلت في القتال بالمدينة، فلما نزلت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل من يقاتله، ويكفُّ عمن كفّ عنه، حتى نزلت"براءة"- ولم يذكر عبد الرحمن:"المدينة".
3090 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله:"وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم" إلى آخر الآية، قال: قد نسخ هذا! وقرأ قول الله: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) [سورة التوبة: 36] ، وهذه الناسخة، وقرأ: (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) حتى بلغ: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) إلى: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة التوبة: 1-5] .
.... وهذه الآية منسوخة بإذن الله لنبيه بقتال أهل الحرَم ابتداءً في الحرم وقوله: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) [سورة التوبة: 36]
وفقًا لهذه الآيات الأولى التي صاغها محمد عن الجهاد والقتال الدفاعيّ فقد شرّع الله الجهاد للدفاع عن النفس فقط، وليس للعدوان على الناس والظلم والأذى، لاحقًا كما نرى سيغير محمد رأيه، فيدعي أن الله المزعوم كذلك يغير مبادءه! من سيقتنع بتناقض في المبادئ والأخلاق كهذا؟!
لأجل ذلك حاول بعضهم رأب الصدع كالتالي كما يقول الطبري:
وقال آخرون: بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره للمسلمين بقتال الكفار، لم ينسخ. وإنما الاعتداءُ الذي نهاهم الله عنه، هو نهيه عن قتل النساء والذَّراريّ. قالوا: والنهي عن قتلهم ثابتٌ حُكمه اليوم. قالوا: فلا شيء نُسخ من حكم هذه الآية.
* ذكر من قال ذلك:
3091 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن صَدقة الدمشقي، عن يحيى بن يحيى الغساني، قال: كتبتُ إلى عمر بن عبد العزيز أسألهُ عن قوله:"وقاتلوا في سَبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يُحب المعتدين"، قال: فكتب إليّ:"إنّ ذلك في النساء والذريّة ومن لم يَنصِبْ لك الحرَب منهم".
3094 - حدثني علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح، قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين" يقول: لا تقتلوا النساء ولا الصِّبيان ولا الشيخ الكبير وَلا منْ ألقى إليكم السَّلَمَ وكفَّ يَده، فإن فَعلتم هذا فقد اعتديتم.
.... فتأويل الآية - إذا كان الأمر على ما وصفنا: وقاتلوا أيها المؤمنون في سبيل الله، وسبيلُه: طريقه الذي أوضحه، ودينه الذي شرعه لعباده = يقول لهم تعالى ذكره: قاتلوا في طاعتي وَعلى ما شرعت لكم من ديني، وادعوا إليه من وَلَّى عنه واستكبر بالأيدي والألسن، حتى يُنيبوا إلى طاعتي، أو يعطوكم الجزية صَغارًا إن كانوا أهل كتاب. وأمرهم تعالى ذكره بقتال مَنْ كان منه قتال من مُقاتِلة أهل الكفر دون من لم يكن منه قتال من نسائهم وذراريهم، فإنهم أموال وخَوَلٌ لهم إذا غُلب المقاتلون منهم فقُهروا. ...
ديانة إرهابية بأصالة وعمق في كل تأويلاتها ومناحيها! محمد بدأ بتشريع معقول مسالم ومع ازدياد وتنامي قوته تحول إلى العكس، يقولون أن شيئين يكشفان حقيقة الإنسان وجوهره حينما يصير عنده قوة وأحيانًا عندما يشرب الخمر.
{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)}
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)}
كنت قد قلت في الجزء الأول (حروب محمد) عن غدر محمد وأصحابه:
سرية نخلة
يقول الواقدي، والقصة في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق، والطبقات الكبير لابن سعد:
ثُمّ سَرِيّةٌ أَمِيرُهَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَحْشٍ إلَى نَخْلَةَ، وَنَخْلَةُ وَادِي بُسْتَانِ ابْنِ عَامِرٍ فِي رَجَبٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا.
قَالُوا: قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَحْشٍ: دَعَانِي رَسُولُ اللّهِ ص حِينَ صَلّى الْعِشَاءَ، فَقَالَ وَافِ مَعَ الصّبْحِ مَعَك سِلاحُك; أَبْعَثُك وَجْهًا، قَالَ: فَوَافَيْت الصّبْحَ وَعَلَىّ سَيْفِى وَقَوْسِى وَجَعْبَتِى وَمَعِى دَرَقَتِى، فَصَلّى النّبِىّ ص بِالنّاسِ الصّبْحَ ثُمّ انْصَرَفَ فَيَجِدُنِى قَدْ سَبَقْته وَاقِفًا عِنْدَ بَابِهِ وَأَجِدُ نَفَرًا مَعِى مِنْ قُرَيْشٍ. فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ ص أُبَىّ بْنَ كَعْبٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَأَمّرَهُ رَسُولُ اللّهِ ص وَكَتَبَ كِتَابًا. ثُمّ دَعَانِى فَأَعْطَانِى صَحِيفَةً مِنْ أَدِيمٍ خَوْلانِىّ، فَقَالَ: قَدْ اسْتَعْمَلْتُك عَلَى هَؤُلاءِ النّفَرِ.
فَامْضِ حَتّى إذَا سِرْت لَيْلَتَيْنِ فَانْشُرْ كِتَابِى، ثُمّ امْضِ لِمَا فِيهِ. قُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ أَىّ نَاحِيَةٍ؟ فَقَالَ: اُسْلُكْ النّجْدِيّةَ، تَؤُمّ رَكِيّةَ. قَالَ: “فَانْطَلَقَ حَتّى إذَا كَانَ بِبِئْرِ ابْن ضُمَيْرَةَ نَشَرَ الْكِتَابَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ: سِرْ حَتّى تَأْتِىَ بَطْنَ نَخْلَةَ عَلَى اسْمِ اللّهِ وَبَرَكَاتِهِ وَلا تُكْرِهَن أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِك عَلَى الْمَسِيرِ مَعَك، وَامْضِ لأَمْرِى فِيمَنْ تَبِعَك حَتّى تَأْتِىَ بَطْنَ نَخْلَةَ فَتَرَصّدْ بِهَا عِيرَ قُرَيْشٍ”. فَلَمّا قَرَأَ عَلَيْهِمْ الْكِتَابَ قَالَ لَسْت مُسْتَكْرِهًا مِنْكُمْ أَحَدًا، فَمَنْ كَانَ يُرِيدُ الشّهَادَةَ فَلْيَمْضِ لأَمْرِ رَسُولِ اللّهِ ص وَمَنْ أَرَادَ الرّجْعَةَ فَمِنْ الآنِ فَقَالُوا أَجْمَعُونَ: نَحْنُ سَامِعُونَ وَمُطِيعُونَ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَك، فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ حَيْثُ شِئْت. فَسَارَ حَتّى جَاءَ نَخْلَةَ فَوَجَدَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ فِيهَا عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِىّ، وَالْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ الْمَخْزُومِىّ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِىّ، وَنَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ الْمَخْزُومِىّ. فَلَمّا رَأَوْهُمْ أَصْحَابُ الْعِيرِ هَابُوهُمْ وَأَنْكَرُوا أَمْرَهُمْ فَحَلَقَ عُكّاشَةُ رَأْسَهُ مِنْ سَاعَتِهِ ثُمّ أَوْفَى لِيُطَمْئِنَ الْقَوْمَ.
قَالَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ: فَحَلَقْت رَأْسَ عُكّاشَةَ بِيَدِي - وَكَانَ رَأْيُ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ وَعُكّاشَةَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ - فَيَقُولُ لَهُمْ عُمّارٌ: نَحْنُ فِى شَهْرٍ حَرَامٍ فَأَشْرَفَ عُكّاشَةُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لا بَأْسَ قَوْمٌ عُمّارٌ فَأَمِنُوا فِى أَنْفُسِهِمْ وَقَيّدُوا رِكَابَهُمْ وَسَرّحُوهَا، وَاصْطَنَعُوا طَعَامًا. تَشَاوَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ ص فِي أَمْرِهِمْ - وَكَانَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ وَيُقَالُ أَوّلَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ - فَقَالُوا: إنْ أَخّرْتُمْ عَنْهُمْ هَذَا الْيَوْمَ دَخَلُوا الْحَرَمَ فَامْتَنَعُوا، وَإِنْ أَصَبْتُمُوهُمْ فَفِى الشّهْرِ الْحَرَامِ. وَقَالَ قَائِلٌ: لا نَدْرِى أَمِنْ الشّهْرِ الْحَرَامِ هَذَا الْيَوْمُ أَمْ لا. وَقَالَ قَائِلٌ: لا نَعْلَمُ هَذَا الْيَوْمَ إلاَّ مِنْ الشّهْرِ الْحَرَامِ وَلا نَرَى أَنْ تَسْتَحِلّوهُ لِطَمَعٍ أَشْفَيْتُمْ عَلَيْهِ. فَغَلَبَ عَلَى الأَمْرِ الّذِينَ يُرِيدُونَ عَرَضَ الدّنْيَا، فَشَجّعَ الْقَوْمَ فَقَاتَلُوهُمْ. فَخَرَجَ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ يَقْدُمُ الْقَوْمَ قَدْ أَنْبَضَ قَوْسَهُ وَفَوّقَ بِسَهْمِهِ فَرَمَى عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِىّ - وَكَانَ لا يُخْطِئُ رَمْيَتَهُ - بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ. وَشَدّ الْقَوْمُ عَلَيْهِمْ فَاسْتَأْسَرَ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَحَكَمَ بْنَ كَيْسَانَ وَأَعْجَزَهُمْ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَاسْتَاقُوا الْعِيرَ.
حَدّثَنَا مُحَمّدٌ، قَالَ: حَدّثَنَا مُحَمّدٌ، قَالَ: حَدّثَنِى عَلِىّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمَعَةَ الأَسَدِىّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمّتِهِ، عَنْ أُمّهَا كَرِيمَةَ ابْنَةِ الْمِقْدَادِ، عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: “أَنَا أَسَرْت الْحَكَمَ بْنَ كَيْسَانَ، فَأَرَادَ أَمِيرُنَا ضَرْبَ عُنُقِهِ فَقُلْت: دَعْهُ نَقْدُمُ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ص فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ص فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ ص يَدْعُوهُ إلَى الإِسْلامِ فَأَطَالَ رَسُولُ اللّهِ ص كَلامَهُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ: تُكَلّمُ هَذَا يَا رَسُولَ اللّهِ؟ وَاَللّهِ لا يُسْلِمُ هَذَا آخِرَ الأَبَدِ دَعْنِى أَضْرِبُ عُنُقَهُ وَيَقْدَمُ إلَى أُمّهِ الْهَاوِيَةِ فَجَعَلَ النّبِىّ ص لا يُقْبِلُ عَلَى عُمَرَ حَتّى أَسْلَمَ الْحَكَمُ فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا هُوَ إلاّ أَنْ رَأَيْته قَدْ أَسْلَمَ، وَأَخَذَنِى مَا تَقَدّمَ وَتَأَخّرَ وَقُلْت: كَيْفَ أَرُدّ عَلَى النّبِىّ ص أَمْرًا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنّى، ثُمّ أَقُولُ: إنّمَا أَرَدْت بِذَلِكَ النّصِيحَةَ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ، قَالَ عُمَرُ: فَأَسْلَمَ وَاَللّهِ فَحَسُنَ إسْلامُهُ وَجَاهَدَ فِى اللّهِ حَتّى قُتِلَ شَهِيدًا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَرَسُولُ اللّهِ ص رَاضٍ عَنْهُ وَدَخَلَ الْجِنَانَ”.
حَدّثَنَا مُحَمّدٌ، قَالَ: حَدّثَنَا الْوَاقِدِىّ، قَالَ: وَحَدّثَنِى مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ الزّهْرِىّ، قَالَ: قَالَ الْحَكَمُ: وَمَا الإِسْلامُ؟ قَالَ: تَعْبُدُ اللّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَتَشْهَدُ أَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. قَالَ: قَدْ أَسْلَمْت. فَالْتَفَتَ النّبِىّ ص إلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: “لَوْ أَطَعْتُكُمْ فِيهِ آنِفًا فَقَتَلْته، دَخَلَ النّار” قَالُوا: وَاسْتَاقُوا الْعِيرَ وَكَانَتْ الْعِيرُ فِيهَا خَمْرٌ وَأَدَمٌ وَزَبِيبٌ جَاءُوا بِهِ مِنْ الطّائِفِ، فَقَدِمُوا بِهِ عَلَى النّبِىّ ص.
فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: قَدْ اسْتَحَلّ مُحَمّدٌ الشّهْرَ الْحَرَامَ، فَقَدْ أَصَابَ الدّمَ وَالْمَالَ وَقَدْ كَانَ يُحَرّمُ ذَلِكَ وَيُعَظّمُهُ. فَقَالَ: “مَنْ يَرُدّ عَلَيْهِمْ إنّمَا أَصَبْتُمْ فِى لَيْلَةٍ مِنْ شَعْبَانَ”، وَأَقْبَلَ الْقَوْمُ بِالْعِيرِ فَلَمّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللّهِ ص وَقّفَ الْعِيرَ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا، وَحَبَسَ الأَسِيرَيْنِ وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: “مَا أَمَرْتُكُمْ بِالْقِتَالِ فِى الشّهْرِ الْحَرَامِ”.
فَحَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، قَالَ: مَا أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللّهِ ص بِالْقِتَالِ فِى الشّهْرِ الْحَرَامِ، وَلا غَيْرِ الشّهْرِ الْحَرَامِ، إنّمَا أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَحَسّسُوا أَخْبَارَ قُرَيْشٍ.
قَالُوا: وَسُقِطَ فِى أَيْدِى الْقَوْمِ وَظَنّوا أَنْ قَدْ هَلَكُوا، وَأَعْظَمَ ذَلِكَ مَنْ قَدِمُوا عَلَيْهِ فَعَنّفُوهُمْ وَلامُوهُمْ وَالْمَدِينَةُ تَفُورُ فَوْرَ الْمِرْجَلِ. وَقَالَتْ الْيَهُودُ: عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِىّ قَتَلَهُ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ التّمِيمِىّ، عَمْرٌو عَمُرَتْ الْحَرْبُ، وَالْحَضْرَمِىّ حَضَرَتْ الْحَرْبُ، وَوَاقِدٌ وَقَدَتْ الْحَرْبُ، قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ: قَدْ تَفَاءَلُوا بِذَلِكَ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ اللّهِ عَلَى يَهُودَ. قَالُوا: وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ إلَى النّبِىّ ص فِى فِدَاءِ أَصْحَابِهِمْ فَقَالَ النّبِىّ ص: “لَنْ نَفْدِيَهُمَا حَتّى يَقْدُمَ صَاحِبَانَا”، يَعْنِى سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقّاصٍ وَعُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ.
فَحَدّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقّاصٍ: خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَحْشٍ حَتّى نَنْزِلَ بِبُحْرَانَ - وَبُحْرَانُ نَاحِيَةُ مَعْدِنِ بَنِى سُلَيْمٍ - فَأَرْسَلْنَا أَبَاعِرَنَا، وَكُنّا اثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً، كُلّ اثْنَيْنِ يَتَعَاقَبَانِ بَعِيرًا. فَكُنْت زَمِيلَ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ وَكَانَ الْبَعِيرُ لَهُ فَضَلّ بَعِيرُنَا، وَأَقَمْنَا عَلَيْهِ يَوْمَيْنِ نَبْغِيهِ. وَمَضَى أَصْحَابُنَا وَخَرَجْنَا فِى آثَارِهِمْ فَأَخْطَأْنَاهُمْ فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ قَبْلَنَا بِأَيّامٍ وَلَمْ نَشْهَدْ نَخْلَةَ، فَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللّهِ ص وَهُمْ يَظُنّونَ أَنّا قَدْ أَصَبْنَا، وَلَقَدْ أَصَابَنَا فِى سَفَرِنَا مَجَاعَةٌ لَقَدْ خَرَجْنَا مِنْ الْمَلِيحَةِ، وَبَيْنَ الْمَلِيحَةِ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ سِتّةُ بُرُدٍ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَعْدِنِ لَيْلَةٌ - بَيْنَ مَعْدِنِ بَنِى سُلَيْمٍ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ.
قَالَ: لَقَدْ خَرَجْنَا مِنْ الْمَلِيحَةِ نَوْبَةً، وَمَا مَعَنَا ذَوّاقٌ حَتّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ. قَالَ قَائِلٌ: أَبَا إسْحَاقَ كَمْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: ثَلاثٌ كُنّا إذَا بَلَغَ مِنّا أَكَلْنَا الْعِضَاهَ وَشَرِبْنَا عَلَيْهِ الْمَاءَ حَتّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَجِدُ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ قَدِمُوا فِى فِدَاءِ أَصْحَابِهِمْ، فَأَبَى رَسُولُ اللّهِ ص أَنْ يُفَادِيَهُمْ، وَقَالَ: “إنّى أَخَافُ عَلَى صَاحِبَىّ”، فَلَمّا قَدِمْنَا فَادَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ ص، قَالُوا: وَكَانَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللّهِ ص لَهُمْ: “إنْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَىّ قَتَلْت صَاحِبَيْكُمْ”، وَكَانَ فِدَاؤُهُمَا أَرْبَعِينَ أُوقِيّةً فِضّةً لِكُلّ وَاحِدٍ وَالأُوقِيّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
فَحَدّثَنِى عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِىّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَحْشٍ، قَالَ: كَانَ فِى الْجَاهِلِيّةِ الْمِرْبَاعُ، فَلَمّا رَجَعَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَحْشٍ مِنْ نَخْلَةَ خَمّسَ مَا غَنِمَ، وَقَسَمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ سَائِرَ الْغَنَائِمِ، فَكَانَ أَوّلَ خُمُسٍ خُمِسَ فِى الإِسْلامِ حَتّى نَزَلَ بَعْدُ{وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنّ لِلّهِ خُمُسَهُ}
فَحَدّثَنِى مُحَمّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ، أَنّ النّبِىّ ص وَقَفَ غَنَائِمَ أَهْلِ نَخْلَةَ، وَمَضَى إلَى بَدْرٍ حَتّى رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ فَقَسَمَهَا مَعَ غَنَائِمِ أَهْلِ بَدْرٍ، وَأَعْطَى كُلّ قَوْمٍ حَقّهُمْ.
قَالُوا: وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشّهْرِ الْحَرَامِ} فَحَدّثَهُمْ اللّهُ فِى كِتَابِهِ أَنّ الْقِتَالَ فِى الشّهْرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَ، وَأَنّ الّذِى يَسْتَحِلّونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ صَدّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ حَتّى يُعَذّبُوهُمْ وَيَحْبِسُوهُمْ أَنْ يُهَاجِرُوا إلَى رَسُولِ اللّهِ ص وَكُفْرِهِمْ بِاَللّهِ وَصَدّهِمْ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِى الْحَجّ وَالْعُمْرَةِ وَفِتْنَتِهِمْ إيّاهُمْ عَنْ الدّينِ وَيَقُولُ: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ} قَالَ: عَنَى بِهِ إِسَافَ وَنَائِلَةَ.
فَحَدّثَنِى مَعْمَرٌ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: فَوَدَى رَسُولُ اللّهِ ص عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِىّ، وَحَرّمَ الشّهْرَ الْحَرَامَ كَمَا كَانَ يُحَرّمُهُ حَتّى أَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: “بَرَاءَةٌ”.
فَحَدّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، قَالَ: سَأَلْت ابْنَ عَبّاسٍ هَلْ وَدَى رَسُولُ اللّهِ ص ابْنَ الْحَضْرَمِىّ؟ قَالَ: لا. قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ: وَالْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنّهُ لَمْ يُودَ. وَفِى تِلْكَ السّرِيّةِ سُمّىَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَحْشٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدّثَنِى بِذَلِكَ أَبُو مَعْشَرٍ.
ملاحظة: القصة في ابن هشام لا تختلف كثيراً، وتدعي وتشدِّد على أن محمداً أمر فقط برصد القافلة وليس مهاجمتها، وهذا زعم ساذج مضحك، فما ضرورة ذلك بمراقبة قافلة تجارية إن لم يكن لنهبها في الشهر المحظور فيه عندهم ذلك؟!
في هذه السرية خالف محمد القاعدة والعرف الدولي والديني المتعارف عليه وقتئذٍ عند سكان شبه الجزيرة العربية، فرغم كثرة السلب والنهب والاستعباد بين بدو العرب، لكنهم كانوا قد تعارفوا تأسيساً على خرافة وثنية_أخذ بها الإسلام_على اعتبار أربعة أشهر قمرية عربية محرمة لا يجوز القتال والإغارة والسلب فيها، لاسيما وهي شهور للحج والعمرة، وإذا بأحد المسلمين عُكَّاشة بْنُ مِحْصن بْنِ حُرْثان يدعي كذلك غدراً بخدعة منه أنهم ذاهبون لعمرة بأن حلق شعر رأسه على عادة تلك الشعائر المعروفة، ثم غدروا بالوثنيين المسالمين مرة أخرى، ونهبوا ما معهم من تجارة، وقتلوا من قتلوا، أما محمد فقد وجه إليه كثير من أهل يثرب وغيرهم نقداً عنيفاً لأنه بذلك ينطبق عليه وصف الفجور و(الفِجار) الذي وصفوا به أربعة حروب كبيرة قديمة قبل الإسلام، فارتج الأمر عليه وتخبط وتظاهر بالبراءة ورفض في البدء أخذ الغنيمة، ثم لاحقاً سيؤلف آية تبريرية بأن المسلمين تعرضوا أولاً للاضطهاد والظلم والإخراج من مكة وإن كان فيها اعتراف بالخطأ الذي ارتكبوه ضمنياً: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)} البقرة: 217
ونجد أن محمداً يجبر أحد الأسرى هو الحكم بن كيسان على الإسلام تحت تهديد القتل، وهي عملية إكراه ديني لا لبس فيها، وواضح أن الحكم هذا تعرض لغسيل مخ محكم بعد ذلك حتى انخرط في أعمال النهب والإرهاب وهلك خلال ذلك! وتزعم بعض الأخبار أن محمداً اضطر تحرجاً لدفع دية الوثني المقتول عمرو بن الحضرمي إن صح الخبر! ونلاحظ أن اثنين من أصحاب محمد هما سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان يضلان الطريق ولا يشاركان في تلك السرية بالصدفة، فلعلهما ارتأيا ألا يشاركا فيما يضعهما في الإحراج والمحظور اجتماعياً بسبب أمر محمد فادعيا ذلك!
إن نزول أو بالأحرى تأليف الآيات لحل المشاكل وإزالة الإحراج حيلة محمدية، كان محمد يفكر أي قول هو الأنسب والأسلم ثم يضع الآيات كرد، كما في قصة الإفك ضد عائشة، فقد ظل فترة يفكر أهي بريئة أم لا، حتى تيقن من براءتها، وهنا كذلك يقول ابن هشام:
فَلَمَّا أَكْثَرَ الناسُ فِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} [البقرة: 217]، أَيْ إنْ كُنْتُمْ قَتلتم فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَقَدْ صَدُّوكم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَعَ الْكُفْرِ بِهِ، وَعَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِخْرَاجُكُمْ مِنْهُ وَأَنْتُمْ أهلُهُ، أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مَنْ قَتَلْتُمْ مِنْهُمْ {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} أَيْ قَدْ كَانُوا يَفْتِنُونَ الْمُسْلِمَ فِي دِينِهِ، حَتَّى يَرُدُّوهُ إلَى الْكُفْرِ بَعْدَ إيمَانِهِ فَذَلِكَ أكبرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْقَتْلِ {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217]: أَيْ ثُمَّ هُمْ مُقِيمُونَ عَلَى أَخْبَثِ ذَلِكَ وَأَعْظَمِهِ، غَيْرَ تَائِبِينَ وَلَا نَازِعِينَ. فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَذَا مِنْ الْأَمْرِ، وَفَرَّجَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ الشَّفَقِ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم الْعِيرَ وَالْأَسِيرَيْنِ، وَبَعَثَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ فِي فداءِ عُثمان بن عبد الله والحكم بن كَيْسان....إلخ
وجاء في السنن الكبرى للبيهقي:
17523 - أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمد العطار ببغداد ثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق ثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي ثنا أبي ثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن الحضرمي عن أبي السوار عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا واستعمل عليهم عبيدة بن الحارث قال فلما انطلق ليتوجه بكى صبابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث مكانه رجلا يقال له عبد الله بن جحش وكتب له كتابا وأمره أن لا يقرأه إلا لمكان كذا وكذا لا تكرهن أحدا من أصحابك على المسير معك فلما صار إلى ذلك الموضع قرأ الكتاب واسترجع قال سمعا وطاعة لله ورسوله قال فرجع رجلا من أصحابه ومضى بقيتهم معه فلقوا بن الحضرمي فقتلوه فلم يدر ذلك من رجب أو من جمادى الآخرة فقال المشركون قتلهم في الشهر الحرام فنزلت {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} إلى قوله {والفتنة أكبر من القتل} قال فقال بعض المسلمين لئن كانوا أصابوا خيرا ما لهم أجر فنزلت {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم}.
إسناده صحيح
وروى الطبراني في المعجم الكبير:
1670 - حدثنا إبراهيم بن نائلة ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحضرمي عن أبي السوار عن جندب بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث رهطا وبعث عليهم أبا عبيدة بن الجراح أو عبيدة فلما ذهب لينطلق بكى صبابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس فبعث عليهم عبد الله بن جحش مكانه وكتب له كتابا وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا وقال: (لا تكرهن أحدا من أصحابك على المسير معك) فلما قرأ الكتاب استرجع ثم قال سمع وطاعة لله ورسوله فخبرهم الخبر وقرأ عليهم الكتاب فرجع رجلان ومضى بقيتهم فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو جمادى فقال المشركون للمسلمين قتلتم في الشهر الحرام فأنزل الله عز و جل {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} الآية فقال بعضهم: إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر فأنزل الله عز و جل {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم}
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 198 رواه الطبراني ورجاله ثقات.
{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)}
روى البخاري:
4516 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ
سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ { وَأَنْفِقُوا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } قَالَ
نَزَلَتْ فِي النَّفَقَةِ
وروى أحمد:
18477 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قُلْتُ لِلْبَرَاءِ: الرَّجُلُ يَحْمِلُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، أَهُوَ مِمَّنْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ؟ قَالَ: "لَا، لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} [النساء: 84] إِنَّمَا ذَاكَ فِي النَّفَقَةِ"
سبب نزول الآية صحيح من حديث حذيفة، وهذا إسناد اختلف في متنه على أبي إسحاق السبيعي، فرواه أبو بكر بن عياش عنه، بهذا اللفظ، وأبو بكر بن عياش ليس بذاك القوي في أبي إسحاق- كما قال أبو حاتم في "العلل" 1/35- وقد خالف الثقات عن أبي إسحاق في متنه، فقد أخرجه الطبري في "التفسير" (3167) و (3169) و (3171) من طريق أبي الأحوص وسفيان والحسين بن واقد، وأخرجه الطبري كذلك (3170) ، والحاكم في "المستدرك" 2/275-276 من طريق إسرائيل، وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4687) ، والبيهقي في "السنن" 9/45 من طريق شعبة، خمستهم، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: (ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [البقرة: 195] قال: هو الرجل يُصيب الذنوب فيلقي بيده إلى التهلكة، يقول: لا توبة لي. وذكر الحافظ في "الفتح" 8/185 أن طريق أبي بكر بن عياش إن كان محفوظاً، فلعل للبراء فيه جوابين، ثم رجح الحافظ رواية الثوري وإسرائيل وأبي الأحوص، قال: وكل منهم أتقن من أبي بكر، فكيف مع اجتماعهم وانفراده!// قلنا: قد رواه الجراح بن مليح عن أبي إسحاق السبيعي عند الطبري في "التفسير" (3172) بلفظ أبي بكر بن عياش، لكن دون قوله: إنما ذاك في النفقة، وما صح من حديث البراء في سبب نزول الآية هو غير ما قاله حذيفة في سبب نزولها فيما أخرجه البخاري برقم (4516) قال: نزلت في النفقة.// قال الحافظ في "الفتح" 8/185: وهذا الذي قاله حذيفة جاء مفسراً في حديث أبي أيوب الأنصاري الذي أخرجه مسلم (لم نجده فيه) ، وأبو داود (2512) ، والترمذي (2972) ، [والطبري (3180)] ، وابن حبان (4711) ، [والطبراني (4060)] ، والحاكم 2/275، [والبيهقي 9/99] من طريق أسلم ابن عمران قال- واللفظ لابن حبان -: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفًّا عظيماً من الروم، وخرج مثله أو أكثر، وعلى أهل مصر عُقبة بنُ عامر صاحبُ رسول الله صلي الله عليه وسلم فحمل رجلٌ من المسلمين على صفِّ الروم حتى دخل فيهم، فصاح به الناس، وقالوا: سبحان َ الله! تُلْقِي بيدك إلى التَّهلُكَة؟! فقام أبو أيوب الأنصاري، فقال: أيها الناس، إنكم تتأولون هذه الآية على هذا التأويل، إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، إنَّا لما أعزَ اللهُ الإسلام، وكثَّر ناصريه، قلنا بعضُنا لبعض سرًّا من رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام، وكثَّر ناصريه، فلو أقمنا في أموالنا، فأصْلَحْنا ما ضاع منا، فأنزل الله على نبيه صلي الله عليه وسلم يردُّ علينا ما قلنا: (وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التَّهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) فكانت التَّهلكةُ الإقامةَ في أموالنا وإصلاحَها، وتَرَكْنا الغَزْوَ. قال: وما زال أبو أيوب شاخصاً في سبيل الله حتى دُفن بأرض الروم. وإسناده صحيح. وفي الباب أيضاً عن ابن عباس عند الطبري (3147) في تفسير هذه الآية: قال: تنفق في سبيل الله، وإن لم يكن لك إلا مِشْقَصٌ، أو سهم. وعنه أيضاً- عند الطبري (3148) - قال: في النفقة.
قال السندي: قوله: يحمل على المشركين، أي: وحدهُ. ألقى بيده، أي: ألقى نفسه باختياره في الهلاك، وهو مما نُهي عنه.
وروى أبو داوود:
2512 - حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ثنا ابن وهب عن حيوة بن شريح وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة فحمل رجل على العدو فقال الناس مه مه لا إله إلا الله يلقي بيديه إلى النهلكة فقال أبو أيوب إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه صلى الله عليه و سلم وأظهر الإسلام قلنا هلم نقيم في أموالنا ونصلحها فأنزل الله تعالى { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد قال أبو عمران فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية .
قال الألباني: صحيح
قال الطبري:
3148- حدثني ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن أبي صالح، عن ابن عباس:"ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" قال: في النفقة.
3151- حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال، حدثنا ابن وهب، قال، أخبرني أبو صخر، عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية:"ولا تلقوا بأيديكم إلى التَّهلكة" قال: كان القوم في سبيل الله، فيتزوَّد الرجل، فكان أفضل زادًا من الآخر. أنفقَ البائس من زاده حتى لا يبقى من زاده شيء، أحبَّ أن يواسيَ صاحبه، فأنزل الله:"وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة".
وقال آخرون ممن وجَّهوا تأويل ذَلك إلى أنه معنيَّة به النفقة: معنى ذلك: وأنفقوا في سبيل الله، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، فتخرجوا في سبيل الله بغير نفقة ولا قوة.
* ذكر من قال ذلك:
3166- حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله:"وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة" قال: إذا لم يكن عندك ما تنفق، فلا تخرج بنفسك بغير نفقة ولا قوة: فتلقي بيدَيك إلى التهلكة.
هاهنا شرع محمد يطلب من أصحابه وأتباعه التبرع بالأموال لتمويل الجهاد، بالأحرى أحد أقدم التحريضات على تمويل العمليات الإرهابية والحروب العدوانية الشريرة. وفي حين قد نفهم من النص تحريم التهور في الجهاد والقتال بغير تفكر، فقد عكس مفسرون كأبي أيوب الصحابي المعنى تمامًا.
{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)}
هاتان مثلها.
****
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)}
أفعال محمد من قطع الطريق على تجارة قريش وقتل ناس معتمرين غير محاربين في شهر حرام على العرب فيه القتال، كل ذلك ولَّد الحقد والعمليات المضادّة لأفعاله، قال الطبري:
ثم اختلف أهل التأويل فيمن نزلت فيه هذه الآية.
فقال بعضهم. نزلت في الأخنس بن شرِيق، قدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزعم أنه يريد الإسلام، وحلف أنه ما قدم إلا لذلك، ثم خرج فأفسد أموالا من أموال المسلمين.
* ذكر من قال ذلك:
3961 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي:" ومن الناس من يُعجبك قولُه في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألدُّ الخصام"، قال: نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي- وهو حليفٌ لبني زُهره- وأقبل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فأظهر له الإسلام، فأعجبَ النبيّ صلى الله عليه وسلم ذلك منه، وقال: إنما جئت أريد الإسلام، والله يعلم أنّي صادق! = وذلك قوله:" ويشهد الله على ما في قلبه"= ثم خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم فمرَّ بزرع لقوم من المسلمين وُحُمر، فأحرق الزرع، وعقر الحُمُرُ، فأنزل الله عز وجل:" وإذا تولى سعَى في الأرض ليُفسد فيها ويُهلك الحرْثَ والنسل". وأما"ألد الخصام" فأعوجُ الخصام، وفيه نزلت: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) [الهمزة: 1] ونزلت فيه: (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ) إلى (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) [القلم: 10-13]
وهناك تفاسير أخرى لدى الطبري:
وقال آخرون: بل نزل ذلك في قوم من أهل النفاق تكلموا في السرية التي أصيبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرَّجيع.
* ذكر من قال ذلك:
3962 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن أبى إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما أصيبت هذه السرية أصحاب خُبَيْب بالرجيع بين مكة والمدينة، فقال رجال من المنافقين: يا ويح هؤلاء المقتولين الذين هلكوا هكذا! لا هم قعدوا في بيوتهم، ولا هم أدَّوْا رسالة صاحبهم! فأنزل الله عز وجلّ في ذلك من قول المنافقين، وما أصاب أولئك النفر في الشهادة والخير من الله:" ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا" = أي: ما يُظهر بلسانه من الإسلام =" ويشهد الله على ما في قلبه" = أي من النفاق- " وهو ألد الخصام" أي: ذو جدال إذا كلمك وراجعك =" وإذا تولى"- أي: خرج من عندك=" سعىَ في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحَرثَ والنسل والله لا يحب الفساد"- أي: لا يحبّ عمله ولا يرضاه=" وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسْبُه جهنم ولبئس المهاد ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله"= الذين شروا أنفسهم لله بالجهاد في سبيل الله والقيام بحقه، حتى هلكوا على ذلك- يعني هذه السرّية.
3963 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة مولى ابن عباس- أو: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس- قال: لما أصيبت السرية التي كان فيها عاصم ومرْثد بالرَّجيع، قال رجال من المنافقين:- ثم ذكر نحو حديث أبي كريب.
* * *
وقال آخرون: بل عنى بذلك جميعَ المنافقين، وعنى بقوله:" ومن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه"، اختلافَ سريرته وعلانيته.
.... 3965 - حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن القرظي، عن نَوْفٍ- وكان يقرأ الكتب- قال: إني لأجد صفة ناس من هذه الأمة في كتاب الله المنزل:" قومٌ يجتالون الدنيا بالدين، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرُّ من الصَّبر، يلبسون للناس لباسَ مُسوك الضأن، وقلوبهم قلوب الذئاب، فعليّ يجترءون! وبي يغترُّون! حلفت بنفسي لأبعثنّ عليهم فتنةً تترك الحليم فيهم حيران". قال القرظي: تدبرتها في القرآن فإذا هم المنافقون، فوجدتها:" ومن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام"، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ) [الحج: 11]
3966 - وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن قتادة قوله:" ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه" قال: هو المنافق.
في جميع الحالات فعنف محمد وشموليته الدينية جعلت الكثيرين من الوثنيين غير المقتنعين تمامًا بالإسلام بل وبعض اليهود ممن ذكرهم ابن إسحاق في السيرة يتظاهرون باتباع دينه خوفًا وحذرًا من شره المنتظَر، وطمعًا من بعضهم في المكاسب والمناصب والسلطة. كثيرون يتظاهرون بالتقوى الدينية الزائفة منذ نشأت الأديان لأجل مصالحهم لشخصية وأحيانًا كستار لغدرهم وشرهم واحتيالاتهم. وآخرون دخلوا الدين زيفًا ليضربوه من الداخل بالاطلاع على أحوال أهله الفكرية والاعتقادية والعسكرية.
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)}
من الطبيعيّ أن أمر محمد بالقتال والعدوان والعنف لأجل التعصب الديني والانتقام من قريش تسبب في موت بعض أتباعه، فلكل حربٍ مصابيها وقتلاها من الطرفين، فبدأ محمد يهوِّن على أنصاره من المكييين المهاجرين واليثاربة أمر الموت والقتل، وأنه ابتلاء واختبار إلهيّ، هو والخوف والرعب والقلق على حدود دولتهم وأمنهم. البعض من المفسرين ادعى أن هذه النصوص قيلت عن معركة الخندق- الأحزاب، حينما حاول القرشيون والغطفانيون اقتحام يثرب واجتياحها وحاصروها في طقس بارد سيء وريح قوية، كما نقل الطبري في تفسيره وعبد الرزاق الصنعاني في تفسيره، لكن هذا التأويل والقول غير مؤكد_ولو أنه محتمل فقط_ لأن مجمل جسم السورة هو آيات مبكرة من السنة الثانية هجريًّا تقريبًا، تبدأ في ترسيخ مفاهيم الجهاد والشهادة الخرافية والعنف والتعصب والانتقام والكراهية لأول مرة في سورة البقرة، حسب الترتيب الذي اتبعته في البحث من اجتهاد محاولة ثيودور نولدكه عالم القرآنيات الجرمانيّ لترتيب سوره.
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)}
نلاحظ أنه وفقًا لهذا النص كانت هناك احتمالية وإمكانية لأن يرتد ويخرج الشخص من الإسلام دين محمد، ويموت ميتة طبيعية! يعني بدون أن يقتلوه هم وفقًا لتشريع محمد الإرهابيّ اللاحق المعروف بحد الردة، أو عقوبة من يمارس حقه في اعتناق ما يريد من اعتقاد أو فكر! كان دين محمد يخسر تسامحه والسلام الذي كان فيه تدريجيًّا ليتحول إلى أحد أشنع وأقبح الأديان وأكثرها عنفًا وإرهابًا وشموليةً.
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)}
أول تأسيس لشكل من أشكال جماعات الهجرة والتكفير، كل أتباع الديانة المتهوسين الإرهابيين المتعطشين للعنف ومتبعي الإيمان بعمىً وهوس يتجمعون في مكان واحد آمن مستقر لجمع قوتهم وممارسة شرهم واستقطاب آخرين ممن يكرهون مجتمعاتهم ولم يجدوا فيها ما يريدون أو تعرضوا فيها للظلم أو التهميش والفقر، لأنهم في بلدانهم كانوا أقلية مقموعة فقط ولا يمكنها تصريف طاقاتها الشريرة الحاقدة. مثال آخر وتطيق مماثل كان في أفغانستان أيام حكم طالبان، وانتهى الأمر بكوارث ومآسٍ للأفغان أنفسهم ولكل من دعموا هذه الحركة كأمِرِكا كإستِراتيجية ضد روسيا السوﭬييتية والسعوديين كدعم لدين الله بتصورهم وبعض المصريين بأموالهم وبأنفسهم، والنتيجة أن الكل شرب من كأس مرارة الإرهاب وحدثت عمليات تفجيرية إرهابية في قلب بلدانهم ممن دعموهم وأعطوهم القوة.
{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)}
لا يوجد ما يمنع زواج أو معاشرة أي من الذكر والأنثى للآخر من البشر، إذا وُجِد الانجذاب أو الحب والتآلف، كلنا بشر وجنس ونوع واحد، للمسلمين الحرية أن يعتقدوا ويمارسوا ما شاؤوا، لكن لاحظْ أنهم يفرضون هذا بالقمع والعنف وربما حتى القتل على كل الأفراد، حتى لو أرادوا إرادة تامًّا مخالفته وفعل عكسه، من الأفلام المثيرة للإعجاب عن هذا الموضوع الفلم الهندي My name is Khan. حيث يتزوج المسلم المصاب بمرض شبيه بالتوحد لكنه طيب وذكيّ من امرأة هندوسية يحبها، ورغم أن الفلم مفتعل لكن بعض أفكاره جيدة حقًّا وعلمانية وتحررية. كذلك يحرم على المرأة المسلمة الزواج من مسيحي أو يهودي أو ملحد حتى لو أرادت عكس ذلك، زواج أو معاشرة امرأة مسلمة لغير مسلم يؤدي عادةً لقتلها وقتل الحبيب. ويعتبر خروجًا لها من الدين. في حين يسمحون للرجال المسلمين بالزواج من الكتابيات لأن للرجل السيطرة على الأسرة ودين الأطفال. لا يوجد أفضلية لإنسان على آخر لاختلاف معتقده الخرافيّ عن الآخر، العقائد والأديان ليست فضائل للشخص في حد ذاتها، بل سلوكيات وأفعال الشخص هي ما تحدد قيمته الإنسانية والأخلاقية.
{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)}
قال الطبري:
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له_ لما قد بيناه من معناه_ فإن خفتم من عدو لكم، أيها الناس، تخشونهم على أنفسكم في حال التقائكم معهم أن تصلوا قياما على أرجلكم بالأرض قانتين لله، فصلوا"رجالا"، مشاة على أرجلكم، وأنتم في حربكم وقتالكم وجهاد عدوكم، "أو ركبانا"، على ظهور دوابكم، فإن ذلك يجزيكم حينئذ من القيام منكم، قانتين.
.... بنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
5535- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم قال: سألته عن قوله:"فرجالا أو ركبانا"، قال: عند المطاردة، يصلى حيث كان وجهه، راكبا أو راجلا ويجعل السجود أخفض من الركوع، ويصلي ركعتين يومئ إيماء.
5540- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن:"فرجالا أو ركبانا"، قال: إذا كان عند القتال صلى راكبا أو ماشيا حيث كان وجهه، يومئ إيماء.
5541- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"فإن خفتم فرجالا أو ركبانا"، أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في القتال على الخيل، فإذا وقع الخوف فليصل الرجل على كل جهة قائما أو راكبا، أو كما قدر على أن يومئ برأسه أو يتكلم بلسانه.
نتيجة فروض محمد التي تغطي أوقات اليوم الخمسة، أعني الصلوات الجسدية الإلزامية، وخوضه الحروب والغزوات والغارات والسرايا هو وأصحابه كما عرضنا في الجزء الأول (حروب محمد) يشرع هنا محمد لجواز صلاة الفروض على الخيل أو أثناء القتال والسير، ولاحقًا اضطُر محمد لعمل واختراع صلاة مخصوصة وصفتها كتب السير والأحاديث وآيات أخرى من القرآن، هي صلاة الخوف أو صلاة الحرب، حيث يقسم الجيش نفسه فرقتين، وتوصيف هذه الصلاة وكيفيتها اختلفت فيه ورايات كتب الأحاديث، لكن الخلاصة أن ناسًا يعيشون في سلام ولا يعادون الناس كلهم ما كانوا سيحتاجون لصلاة مخصوصة كهذه. وهذه الآية أو النص منسوخ بآية صلاة الخوف، فهذا من تناقضات النسخ والتغيير. لم يشرع محمد لصلاة الخوف إلا عندما أتت له الفكرة أو اقترحها أحدهم، لو كان القرآن إلهي المصدر لقيل تشريعها فورًا دون تخبط. أما التوصيف المذكور هنا وفق الروايات التي أوردها الطبري وابن كثير في تفسيريهما فكانوا يستعملونها بعد ذلك في حالة اشتداد الحرب فقط بحيث لا يتمكنون من عمل صلاة الخوف.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (243) وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244)}
هنا يستعمل محمد الأسطورة الواردة في سفر حزقيال، أصحاح 37، من كتاب اليهود عن إحياء النبيّ حزقيال لموتى أو لجثة دون تحديد ماهيتها كرمز لإحياء شعب إسرائيل وعودتهم لفلسطين، لكنه يوردها بشكلها الهاجادي من التوشيات والإضافات في تفاسير أيْ: مدراشيم اليهود، وعرضنا أصلها في بحث الهاجادة منذ زمن، وكما نقل زميلي ابن المقفع في بحثنا (أصول أساطير الإسلام من الهاجادة) عن باحث غربيّ لا أذكر اسمه قال: لقد نظر محمدٌ إلى التوراة بعيون هاجادية، نلاحظ هنا أن محمدً يستغل ويوظِّف إحدى أساطير بعث الموتى الخرافية لتشجيع المقاتلين أتباعه على القتال والعدوان وعدم الخوف، بدعوى أنهم سيعودون للحياة، ويتمتعون بها أكثر مرة أخرى، باعتبار الله قام بذلك حسب الخرافة ذات مرة بصورة رآها بعض الناس هنا على الأرض. قول محمد هنا أن الله ذو فضل على الناس ضاربًا المثالَ بهذه الخرافة هو كلام ونقاش واستدلال غير منطقيّ، فهذه معجزة وخرافة وهمية لا دليل عليها، مجرد أسطورة مسطورة في كتب اليهود. من ناحية أخرى لو طالع محمد هذه القصة بدقة في كتاب اليهود وكان لديه أي علم وتوقع بمستقبل الأطماع الدائمة لليهود_أعني يهود العالم وليس اليهود من أصل فلسطيني والسامريين_خصوصًا المتدينين في فلسطين لما كان نقل هذه الأسطورة وأتحفنا بها. هذه من منظور القومجية الشوفينيين يمكن اعتبارها صهيونية ودعم للصهيونية في قلب القرآن نفسه!
{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
هنا كذلك نقل محمد بعض قصص التوراة، منها قصة إبراهيم في سفر التكوين 15، (ولو أنه لو تأملها في أصلها لما نقلها لأنها تدعم الحق المزعوم ليهود العالم في فلسطين)، وبمراجعة القصة التوراتية فليس فيها أن الله أعاد إحياء الطيور، بل هذا أخذه محمد من الهاجادة، انظر كتاب أساطير اليهود للويس جينزبرج/ إبراهيم Abraham/ العهد عن طريق القطع الممزقة The Covenant of pieces، وفيه أن الطيور ترمز إلى أمة إسرائيل!، لكن ليس في التوراة سوى أنه قدمّها كقربانٍ أو كرمز لشيء آخر، حسبما قال القس أنطونيوس فكري في تفسيره للعهد القديم:
9 فقال له خذ لي عجلة ثلثية وعنزة ثلثية وكبشا ثلثيا ويمامة وحمامة 10 فأخذ هذه كلها وشقها من الوسط وجعل شق كل واحد مقابل صاحبه واما الطير فلم يشقه “
الحيوانات المشقوقة هي طريقة الميثاق والدخول في عهد عند القبائل القديمة فيقوم المتعاهدان بشق حيوان ويسيران وسطه كعلامة عهد وميثاق وبمعنى ليشقني الله هكذا لو خالفت العهد. وهنا شق إبرام الحيوانات إلى نصفين ووضع كل شق منهم تجاه الأخر أما الطيور فلم يشقها بل وضع كل طائر تجاه الأخر (الحمامة واليمامة). ا ه
لكن تفسير المفسر بأنها رمز لـ " ليشقني الله هكذا لو خالفت العهد" هو مجرد تفسير محتمل للطقس على أنه من باب سحر المشاكلة الخرافي، لكن علماء الأديان أساتذتي علموني مما قرأت أنه بأغلب الأحيان لا تفسير منطقي لطقوس البدائيين، لأن الطقس عندهم يسبق الأسطورة والأساطير زمنيًّا.
ومن قصة أبوكريفية عن عبدي ملك في مراثي إرميا الأبوكريفية سبق وعرضتها في بحث الهاجادة، وغرض محمد هنا كان هو نفسه: تشجيع المجاهدين بغرس الأوهام عن الخلد والجنة والنساء الحور والنعيم الحسيّ الأبديّ.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)}
مرة أخرى بانعدام وعي تام استعمل محمد القصص اليهودية التي تدعي وجود حق ليهود العالم في فلسطين العربية المحتلة، لتشبيهها بحال أتباعه، بغرض التشريع للجهاد الانتقامي، الانتقام لاضطهاد أقلية برأيي لا يصلح في العلاقات الدولية كأسلوب، ربما أسلوب تدخل قوات دولية لمنع الاضطهاد لو وُجِد كان سيكون أفضل، أما الانتقام العشوائي فيؤذي ناسًا لا دخل ولا ذنب لهم ويثير العداوات الدولية فقط، وفقًا للقصة اليهودية فهذه لم تكن ديار اليهود بل هم احتلوها بدءً من عصري موسى ويشوع ثم القضاة القادة العسكريين لهم، قال بعض علماء الإسرائيليين في العصر الحديث كإسرائيل فِنْكِلْسْتَيِنْ رئيس كلية الآثار بجامعة تل أبيب في كتاب (التوراة مكشوفة على حقيقتها) فيما ارتأى واجتهد بأطروحته العلمانية أنه لا صحة لأسطورة الخروج اليهودي من مصر، وأن اليهود مجموعة بشرية وُجِدَت على تلال مرتفعات يهوذا منذ زمنٍ قديم، واتخذوا اليهودية والنسب الأسطوري في عصر الملك يوشيَّا في القرن السابع قبل الميلاد كوسيلة لتوحيد قبائلهم وعشائرهم ككيان واحد. أما الخرافة التي وردت في صموئيل الأول 8 وأشار لها محمد فأسطورة تأسيسية تؤسِّس لشرعية الملوك ولو أنها تعتبر جعل اليهود لوجود سلطة دنيوية علمانية كان عصيانًا منهم لله!
(19فَأَبَى الشَّعْبُ أَنْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ صَمُوئِيلَ، وَقَالُوا: «لاَ بَلْ يَكُونُ عَلَيْنَا مَلِكٌ، 20فَنَكُونُ نَحْنُ أَيْضًا مِثْلَ سَائِرِ الشُّعُوبِ، وَيَقْضِي لَنَا مَلِكُنَا وَيَخْرُجُ أَمَامَنَا وَيُحَارِبُ حُرُوبَنَا». 21فَسَمِعَ صَمُوئِيلُ كُلَّ كَلاَمِ الشَّعْبِ وَتَكَلَّمَ بِهِ فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ. 22فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «اسْمَعْ لِصَوْتِهِمْ وَمَلِّكْ عَلَيْهِمْ مَلِكًا». فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِرِجَالِ إِسْرَائِيلَ: «اذْهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ».) من الأصحاح 8 من سِفر صموئيل الأول
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}
هنا كان محمد يؤسس العقيدة الاستشهادية الفدائية للأتباع، وفكرة مواجهة المسلمين القليلين للوثنيين أو غير المسلمين الأكثر منهم في الحرب، وهي فكرة آتت ثمارها وأكلها كما نرى، لأن الحرب ليست عددًا فقط، بل حسن تخطيط، لذلك حكم اليونان (الجريكيون) وهم أمة صغيرة جزءً كبيرًا من العالم، ثم تلاهم الروم والفرس، وأقدم من كل هؤلاء المصريون والبابليون والآشوريون، ولاحقًا العرب والمسلمون. نلاحظ من باب النقد الأدبي القصصي المقارن أن محمدًا أخفق بدرجة كبيرة في سرد قصتي شاول (طالوت) وداوود وصراعاتهما مع الفلسطينيين التفصيلية ثم ضد بعضهما الآخر وهرب داوود منه وانتهاء الأمر بعد صراعات كثيرة وقصص أسطورية بوصوله للعرش بدلًا من شاول بعد مقتله في حرب مع الفلسطينيين، وقام محمد بتلبيس قصة لقصة، وأعطى عمة شخص لآخر، فما يحكيه عن النهر لا يقول كتاب اليهود أنه عن شاول (طالوت القرآن)، بل هو عن جدعون قبل شاول زمنيًّا:
(1فَبَكَّرَ يَرُبَّعْلُ، أَيْ جِدْعُونُ، وَكُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَنَزَلُوا عَلَى عَيْنِ حَرُودَ. وَكَانَ جَيْشُ الْمِدْيَانِيِّينَ شِمَالِيَّهُمْ عِنْدَ تَلِّ مُورَةَ فِي الْوَادِي. 2وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «إِنَّ الشَّعْبَ الَّذِي مَعَكَ كَثِيرٌ عَلَيَّ لأَدْفَعَ الْمِدْيَانِيِّينَ بِيَدِهِمْ، لِئَلاَّ يَفْتَخِرَ عَلَيَّ إِسْرَائِيلُ قَائِلاً: يَدِي خَلَّصَتْنِي. 3وَالآنَ نَادِ فِي آذَانِ الشَّعْبِ قَائِلاً: مَنْ كَانَ خَائِفًا وَمُرْتَعِدًا فَلْيَرْجعْ وَيَنْصَرِفْ مِنْ جَبَلِ جِلْعَادَ». فَرَجَعَ مِنَ الشَّعْبِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ أَلْفًا. وَبَقِيَ عَشَرَةُ آلاَفٍ. 4وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «لَمْ يَزَلِ الشَّعْبُ كَثِيرًا. اِنْزِلْ بِهِمْ إِلَى الْمَاءِ فَأُنَقِّيَهُمْ لَكَ هُنَاكَ. وَيَكُونُ أَنَّ الَّذِي أَقُولُ لَكَ عَنْهُ: هذَا يَذْهَبُ مَعَكَ، فَهُوَ يَذْهَبُ مَعَكَ. وَكُلُّ مَنْ أَقُولُ لَكَ عَنْهُ: هذَا لاَ يَذْهَبُ مَعَكَ فَهُوَ لاَ يَذْهَبُ». 5فَنَزَلَ بِالشَّعْبِ إِلَى الْمَاءِ. وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «كُلُّ مَنْ يَلَغُ بِلِسَانِهِ مِنَ الْمَاءِ كَمَا يَلَغُ الْكَلْبُ فَأَوْقِفْهُ وَحْدَهُ. وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِلشُّرْبِ». 6وَكَانَ عَدَدُ الَّذِينَ وَلَغُوا بِيَدِهِمْ إِلَى فَمِهِمْ ثَلاَثَ مِئَةِ رَجُل. وَأَمَّا بَاقِي الشَّعْبِ جَمِيعًا فَجَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ لِشُرْبِ الْمَاءِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «بِالثَّلاَثِ مِئَةِ الرَّجُلِ الَّذِينَ وَلَغُوا أُخَلِّصُكُمْ وَأَدْفَعُ الْمِدْيَانِيِّينَ لِيَدِكَ. وَأَمَّا سَائِرُ الشَّعْبِ فَلْيَذْهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَكَانِهِ». 8فَأَخَذَ الشَّعْبُ زَادًا بِيَدِهِمْ مَعَ أَبْوَاقِهِمْ. وَأَرْسَلَ سَائِرَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ، وَأَمْسَكَ الثَّلاَثَ مِئَةِ الرَّجُلِ. وَكَانَتْ مَحَلَّةُ الْمِدْيَانِيِّينَ تَحْتَهُ فِي الْوَادِي.) من القضاة 7
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)}
رغم تشريع محمد للجهاد الانتقاميّ والدفاعيّ، لكنْ كان لا يزال هناك مجال للتسامح والتعايش واحترام حقوق البشر في اختيار عقائدهم، لاحقًا سيلغي محمد هذا المبدأ، ويُكرِه الوثنيين على دينه، ويمارس العنصرية والتمييز ضد الكتابيين والمجوس والصابئة، مع أنه منصوص عليه هنا كمبدأ عامّ وحقيقة إلهية لا تغييرَ لها!
قال الطبري:
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى ذلك.
فقال بعضهم: نزلت هذه الآية في قوم من الأنصار- أو في رجل منهم - كان لهم أولاد قد هودوهم أو نصروهم، فلما جاء الله بالإسلام أرادوا إكراههم عليه، فنهاهم الله عن ذلك، حتى يكونوا هم يختارون الدخول في الإسلام.
.... 5814 - حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا داود= وحدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية، عن داود= عن عامر، قال: كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاتا لا يعيش لها ولد، فتنذر إن عاش ولدها أن تجعله مع أهل الكتاب على دينهم، فجاء الإسلام وطوائف من أبناء الأنصار على دينهم، فقالوا: إنما جعلناهم على دينهم، ونحن نرى أن دينهم أفضل من ديننا! وإذ جاء الله بالإسلام فلنكرهنهم! فنزلت:"لا إكراه في الدين"، فكان فصل ما بين من اختار اليهودية والإسلام، فمن لحق بهم اختار اليهودية، ومن أقام اختار الإسلام، ولفظ الحديث لحميد.
... 5817 - حدثني ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن أبي إسحاق، عن محمد بن أبي محمد الحرشي مولى زيد بن ثابت عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله:"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"، قال: نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين، كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلا مسلما، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله فيه ذلك.
5818 - حدثني المثنى قال: حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، قال: سألت سعيد بن جبير عن قوله:"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" قال: نزلت هذه في الأنصار، قال: قلت خاصة! قال: خاصة! قال: كانت المرأة في الجاهلية تنذر إن ولدت ولدا أن تجعله في اليهود، تلتمس بذلك طول بقائه. قال: فجاء الإسلام وفيهم منهم، فلما أجليت النضير قالوا: يا رسول الله، أبناؤنا وإخواننا فيهم، قال: فسكت عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى ذكره:"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد خير أصحابكم، فإن اختاروكم فهم منكم، وإن اختاروهم فهم منهم" قال: فأجلوهم معهم.
5819 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" إلى:"لا انفصام لها" قال: نزلت في رجل من الأنصار يقال له أبو الحصين: كان له ابنان، فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت. فلما باعوا وأرادوا أن يرجعوا أتاهم ابنا أبي الحصين، فدعوهما إلى النصرانية، فتنصرا فرجعا إلى الشام معهم. فأتى أبوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إن ابني تنصرا وخرجا، فأطلبهما؟ فقال:"لا إكراه في الدين" .
ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب، وقال: أبعدهما الله! هما أول من كفر! فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يبعث في طلبهما، فنزلت: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [سورة النساء: 65] ثم إنه نسخ:"لا إكراه في الدين" فأمر بقتال أهل الكتاب في" سورة براءة".
5821 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان= وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد = جميعا، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد:"لا إكراه في الدين"، قال: كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة، فأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام، فنزلت:"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".
5825 - حدثني يونس، قال: أخبرنا بن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:"لا إكراه في الدين" إلى قوله:"العروة الوثقى" قال: قال منسوخ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا يكره أهل الكتاب على الدين إذا بذلوا الجزية، ولكنهم يقرون على دينهم. وقالوا: الآية في خاص من الكفار، ولم ينسخ منها شيء.
* ذكر من قال ذلك:
5827 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة:"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"، قال: أكره عليه هذا الحي من العرب، لأنهم كانوا أمة أمية ليس لهم كتاب يعرفونه، فلم يقبل منهم غير الإسلام. ولا يكره عليه أهل الكتاب إذا أقروا بالجزية أو بالخراج، ولم يفتنوا عن دينهم، فيخلى عنهم.
5828 - حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا سليمان قال: حدثنا أبو هلال، قال: حدثنا قتادة في قوله:"لا إكراه في الدين"، قال: هو هذا الحي من العرب، أكرهوا على الدين، لم يقبل منهم إلا القتل أو الإسلام، وأهل الكتاب قبلت معهم الجزية، ولم يقتلوا.
5829 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الحكم بن بشير، قال: حدثنا عمرو بن قيس، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"لا إكراه في الدين"، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل جزيرة العرب من أهل الأوثان، فلم يقبل منهم إلا"لا إله إلا الله"، أو السيف. ثم أمر فيمن سواهم بأن يقبل منهم الجزية، فقال:"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".
5830 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"لا إكراه في الدين"، قال: كانت العرب ليس لها دين، فأكرهوا على الدين بالسيف. قال: ولا يكره اليهود ولا النصارى والمجوس، إذا أعطوا الجزية.
.... وقال آخرون: هذه الآية منسوخة، وإنما نزلت قبل أن يفرض القتال.
* ذكر من قال ذلك:
5833 - حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري قال: سألت زيد بن أسلم عن قول الله تعالى ذكره:"لا إكراه في الدين"، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين لا يكره أحدا في الدين، فأبى المشركون إلا أن يقاتلوهم، فاستأذن الله في قتالهم فأذن له.
وقال ابن كثير:
يَقُولُ تَعَالَى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين} أَيْ: لَا تُكْرِهُوا أَحَدًا عَلَى الدُّخُولِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ بَيِّنٌ وَاضِحٌ جَلِيٌّ دَلَائِلُهُ وَبَرَاهِينُهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُكْرَهَ أَحَدٌ عَلَى الدُّخُولِ فِيهِ، بَلْ مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ وَشَرَحَ صَدْرَهُ وَنَوَّرَ بَصِيرَتَهُ دَخَلَ فِيهِ عَلَى بَيِّنَةٍ، وَمَنْ أَعْمَى اللَّهُ قَلَبَهُ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُهُ الدُّخُولُ فِي الدِّينِ مُكْرَهًا مَقْسُورًا. وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا عَامًّا.
... وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُرَشِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ عَنْ سَعِيدِ [بْنِ جُبَيْرٍ] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قوله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ يُقَالُ لَهُ: الْحُصَيْنِيُّ كَانَ لَهُ ابْنَانِ نَصْرَانِيَّانِ، وَكَانَ هُوَ رَجُلًا مُسْلِمًا فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أَسْتَكْرِهَهُمَا فَإِنَّهُمَا قَدْ أَبَيَا إِلَّا النَّصْرَانِيَّةَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ذَلِكَ.
رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَرَوَى السُّدِّيُّ نَحْوَ ذَلِكَ وَزَادَ: وَكَانَا قَدْ تَنَصَّرَا عَلَى يَدَيْ تُجَّارٍ قَدِمُوا مِنَ الشَّامِ يَحْمِلُونَ زَيْتًا فَلَمَّا عَزَمَا عَلَى الذَّهَابِ مَعَهُمْ أَرَادَ أَبُوهُمَا أَنْ يَسْتَكْرِهَهُمَا، وَطَلَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ يَبْعَثَ فِي آثَارِهِمَا، فَنَزَلَتْ هذه الآية.
وروى النسائي في سننه الكبرى:
11048 - أنا إبراهيم بن يونس بن محمد أنا عثمان بن عمر أنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: كانت المرأة من الأنصار لا يكون لها ولد تجعل على نفسها لئن كان لها ولد لتهودنه فلما أسلمت الأنصار قالوا كيف نصنع بأبنائنا فنزلت هذه الآية { لا إكراه في الدين }
كيف تغيرت المبادئ من تسامح ومساواة إلى عنصرية واضطهاد لليهود والمسيحيين والمجوس والصابئة، وبدلًا من نص (لا إكراه في الدين) رماه محمد في القمامة وأجبر وثنيي العرب على الإسلام، تبريرهم للقتال والإكراه بأن كل الوثنيين حاربوهم باطل فنّدته في (حروب محمد الإجرامية) وفي عدة مواضع من كتابي هذا، وبفرض صحة ادعائهم الباطل تاريخيًّا وتعميمهم الكاذب فالخطأ لا يبرر الخطأ، الإكراه الدني فعل غير أخلاقيّ، لاحقًا لأن علماء الفقه الإسلامي لاحظوا بدرجة أو أخرى ما تسبب فيه محمد من مذابح ومآسٍ إنسانية، وأتبعها بعد موته حروب الردّة الأهلية الرهيبة، اختلفوا حول أخذ الجزية من وثنيي (مشركي) غير العرب أم أنهم عليهم أن يجبروهم على الإسلام، قال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد/ فصل في هديه في الأمان والصلح/ فصل:
فلما نزلت آيةُ الجزية، أخذها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن ثلاث طوائف: مِن المجوسِ، واليهود، والنصارى، ولم يأخذها من عُبَّادِ الأصنام. فقيل: لا يجوزُ أخذُها مِن كافر غير هؤلاء، ومَن دان بدينهم، اقتداءً بأخذه وتركه. وقيل: بل تُؤخذ من أهل الكتاب وغيرِهم من الكفار كعبدة الأصنام من العجم دون العرب، والأول: قول الشافعى رحمه الله، وأحمد، فى إحدى روايتيه. والثانى: قولُ أبى حنيفة، وأحمد رحمهما الله فى الرواية الأخرى.
وأصحاب القول الثانى يقولون: إنما لم يأخذها مِنْ مشركى العربِ، لأنها إنما نزَلَ فرضُها بعد أن أسلمت دَارَةُ العرب، ولم يبق فيها مُشِركٌ، فإنها نزلت بعد فتح مكة، ودخولِ العربِ فى دين الله أفواجاً، فلم يبق بأرض العرب مشرك، ولهذا غزا بعد الفتح تبوكَ، وكانُوا نصارى، ولو كان بأرض العرب مشركون، لكانُوا يلونه، وكانوا أولى بالغزو من الأبعدين.
ومن تأمَّل السِّيَرَ، وأيامَ الإسلام، علم أن الأمرَ كذلك، فلم تؤخذ منهم الجزيةُ لعدم مَن يُؤخذ منه، لا لأنهم ليسوا مِن أهلها، قالوا: وقد أخذها من المجوس، وليسوا بأهلِ كتاب، ولا يَصح أنه كان لهم كتاب، ورفع وهو حديث لا يثبُت مثلُه، ولا يصح سنده.
ولا فرق بين عُبَّادِ النَّار، وعُبَّاد الأصنام، بل أهلُ الأوثانِ أقربُ حالاً من عُبَّادِ النار، وكان فيهم مِن التمسك بدين إبراهيم ما لم يكُن فى عُبَّاد النار، بل عُبَّاد النار أعداءُ إبراهيم الخليل، فإذا أُخِذَتْ منهم الجزية، فأخذها من عُبَّاد الأصنام أولى، وعلى ذلك تدل سُنَّة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما ثبت عنه فى "صحيح مسلم" أنه قال: "إذا لَقيتَ عَدُوَّكَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فادْعهُم إلى إِحْدَى خِلاَلٍ ثَلاَثٍ، فَأيَّتهنَّ أَجَابُوكَ إِلَيْهَا، فاقْبَلْ مِنْهُم، وكُفَّ عنهم". ثم أمرَه أن يَدْعُوَهُم إلى الإِسْلاَمِ، أَو الجِزْيَةِ، أو يُقَاتِلَهم.
لقد عرضتُ في حروبٍ محمدٍ الإجرامية صورةً حيةً لأعمال الإكراه والإرهاب، وهي سياسة استمرت في فتحهم وحكمهم لفارس ودول آسيوية كأفغانستان وباكستان والهند وغيرها، يروي كمثال البلاذردي في (فتوح البلدان):
عن فتح السند:
...فرمى الدقل فكُسِرَ فاشتد طرة الكفر من ذلك، ثُمَّ أن محمدا ناهضهم وقد خرجوا إليه فهزمهم حَتَّى ردهم، وأمر بالسلالم فوضعت وصعد عليها الرجال، وكان أولهم صعودا رجل من مراد من أهل الكوفة ففتحت عنوة، ومكث مُحَمَّد يقتل من فيها ثلاثة أيام وهرب عامل داهر عنها وقتل سادني بيت آلهتهم، واختط مُحَمَّد للمسلمين بها وبنى مسجدا وأنزلها أربعة آلاف.
... قالوا وفتح محمد بن القاسم راور عنوة وكانت بها امرأة لداهر فخافت أن تؤخذ فأحرقت نفسها وجواريها وجميع مالها، ثُمَّ أتى محمد بن القاسم برهمنآباذ العتيقة وهي عَلَى رأس فرسخين منَ المَنْصُورة، ولم تكن المَنْصُورة يومئذ إنما كان موضعا غيضة، وكان فل داهر ببرهمناباذ هَذِهِ فقاتلوه ففتحها مُحَمَّد عنوة وقتل بها ثمانية آلاف وقيل ستة وعشرين ألفا وخلف فيها عامله وهي اليوم خراب، وسار مُحَمَّد يريد الرور وبغرور فتلقاه أهل ساوندرى فسألوه الأمان فأعطاهم إياه واشترط عليهم ضيافة المسلمين ودلالتهم وأهل ساوندرى اليوم مسلمون،
... وولى أمير الْمُؤْمِنِين المَنْصُور رحمه اللَّه هِشَام بْن عَمْرو التغلبي السند ففتح ما استغلق، ووجه عَمْرو بْن جمل في بوارج إلى نارند ووجه إِلَى ناحية الهند فافتتح قشميرا وأصاب سبابا ورقيقا كثيرا، وفتح الملتان وكان بقندابيل متغلبة منَ العرب فأجلاهم عنها، وأتى القندهار في السفن ففتحها وهدم البد وبنى موضعه مسجدا،
.... وانهزم المشركون فدخلوا المدينة وحصرهم مُحَمَّد ونفدت أزواد المسلمين فأكلوا الحمر، ثُمَّ أتاهم رجل مستأمن فدلهم عَلَى مدخل الماء الَّذِي منه شربهم وهو ماء يجري من نهر بسمد فيصير في مجتمع له مثل البركة في المدينة وهم يسمونه البلاح فغوره، فلما عطشوا نزلوا عَلَى الحكم فقتل مُحَمَّد المقاتلة وسبى الذرية وسبى سدنة البد وهم ستة آلاف، وأصابوا ذهبا كثيرا فجمعت تلك الأموال في بيت يكون عشرة أذرع في ثماني أذرع يلقى ما أودعه في كوة مفتوحة في سطحه فسميت الملتان، فرج بيت الذهب والفرج الثغر وكان بد الملتان بدا تهدى إليه الأموال وينذر له النذور ويحج إليه السند فيطوفون به ويحلقون رؤسهم ولحاهم عنده، ويزعمون أن صنما فيه هُوَ أيوب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تاريخ دمويّ نتبرّأ منه كناس لدينا إنسانية وتحضر وشرف. ويبدو أن البد هو بودا أو البودا المعروف أستاذ الفكر والتأمل شبه الملحد الذي ألّهه البوديون بعده ربما رغم أنفه على الأغلب بالنظر إلى تعاليمه المتعقلنة ذات المسحة الإلحادية في كتبهم الأكثر أصالة وقد طالعت بعضها وكلها مترجمة بالإنجليزية من الـ Tripitaka الـﭙاليّة اللغة Pali، ولقد ذكرت سابقًا أعلاه مراجع عن تاريخ الهند وباكستان كذلك فليراجعها من شاء، وكتب التاريخ الإسلامي مليئة إجمالًا بالبشاعات والشنائع والإرهاب والدماء وقراءتها مؤلمة للنفس الحسّاسة لكنها تفهّمنا الكثير عن طبيعة التعصب والإرهاب الدينيّ وخاصةُ الإسلاميّ. وما فعله المحتلون العرب في مصر والشام ليس بقليل، أما ما فعلوه في فارس-إيران فرهيب فعلًا. قال ول ديورنت المؤرخ البريطاني العلّامة الملحد في كتاب (قصة الحضارة) الكثير عن بشاعات أفعال المسلمين الأفغان والمغول في الهند وباكستان، وذكر أن نساء أشراف البنجاب أحرقن أنفسهن وفق طقس هندوسي يدعى (جوهور) لحماية كرامتهن وحريتهن.
{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)}
المفروض أن الصدقات والإحسان يكون للخير والعطف على المساكين، لكن محمدًا شوّه القيم والأخلاق وجعل جزءً من "الصدقات والإحسان" بزعمه هو تمويل قتل الإنسان لأخيه الإنسان والأذية للآخرين، للأسف لم يكن معظم الناس_عدا المنافقين الشرفاء العظماء_مدركين لحقيقة مغالطة وزيف محمد، لأن الشر لا يمكن جعله خيرًا، راجع حديثي عن سؤال سقراط في حوار (يوثيريو) المعروف بمعضلة يوثيريو، الذي ناقشته بمواضع أخرى من كتابي. وحاليًّا ترجمت كذلك كتاب (القيم والأخلاق في كون بلا إله) وبه بعض المسألة.
{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}
روى النسائي في سننه الكبرى:
11052 - أنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم نا الفريابي نا سفيان عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسبائهم من المشركين فسألوا فرضخ لهم فنزلت هذه الآية {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون}
ورواه الطبراني في المعجم الكبير ج12 حديث 12453 والحاكم في المستدرك 3128
وروى أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه:
10500- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ سَالِمٍ الْمَكِّيِّ ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، قَالَ : كَرِهَ النَّاسُ أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {لَيْسَ عَلَيْك هُدَاهُمْ} ، قَالَ : فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ.
وقال الطبري:
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ليس عليك يا محمد هدى المشركين إلى الإسلام، فتمنعهم صدقة التطوع، ولا تعطيهم منها ليدخلوا في الإسلام حاجة منهم إليها، ولكن الله هو يهدي من يشاء من خلقه إلى الإسلام فيوفقهم له، فلا تمنعهم الصدقة، كما:-
6201 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن شعبة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتصدق على المشركين، فنزلت:"وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله"، فتصدق عليهم.
6202 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو داود، عن سفيان، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانوا لا يرضخون لقراباتهم من المشركين، فنزلت:"ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء".
6203 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن سعيد بن جبير، قال: كانوا يتقون أن يرضخوا لقراباتهم من المشركين، حتى نزلت:"ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء".
6204 - حدثنا محمد بن بشار وأحمد بن إسحاق، قالا حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانوا لا يرضخون لأنسبائهم من المشركين، فنزلت:"ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" فرخص لهم.
6205 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان أناس من الأنصار لهم أنسباء وقرابة من قريظة والنضير، وكانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم، ويريدونهم أن يسلموا، فنزلت:"ليس عليك هداهم ... " الآية.
6206 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، وذكر لنا أن رجالا من أصحاب نبي الله قالوا: أنتصدق على من ليس من أهل ديننا؟ فأنزل الله في ذلك القرآن:"ليس عليك هداهم".
6207 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء"، قال: كان الرجل من المسلمين إذا كان بينه وبين الرجل من المشركين قرابة وهو محتاج، فلا يتصدق عليه، يقول: ليس من أهل ديني!! فأنزل الله عز وجل:"ليس عليك هداهم" الآية.
6208 - حدثني موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء، وما تنفقوا من خير فلأنفسكم"، أما"ليس عليك هداهم"، فيعني المشركين، وأما"النفقة" فبين أهلها.
6209 - حدثني المثنى، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير قال: كانوا يتصدقون [على فقراء أهل الذمة، فلما كثر فقراء المسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتصدقوا إلا على أهل دينكم. فنزلت: هذه الآية، مبيحة للصدقة على من ليس من دين الإسلام] .
تعاليم من النقيض إلى النقيض، وفقًا للنص هنا وهو متسامح منسوخ ملغيّ، فليس من شأن محمد هدى الناس أو إجبارهم على اتباع أفكاره ودعوته، وأن الإحسان لا يميِّز بين الناس في أديانهم ومعتقداتهم، بل هو لكل الناس، وهذا تعليم وقيمة صالحة صحيحة، لكن محمدًا لاحقًا بدلًا من إعطاء الصدقات لفقراء الوثنيين والكتابيين، سينقلب إلى النقيض فيأمر بقتل الوثنيين لو لم يسلموا بما فيهم المسالمون منهم، وبفرض الجزية ضريبة الرأس على كل بالغ (حالم أو محتلم) من أحرار أهل الكتاب والمجوس، رجلًا كان أو امرأة، بما فيهم الفقراء منهم، عدا الرهبان ورجال الدين. الأمر أشبه بأن تأتيني فأضيفك وأحسن وفادتك وأكرمك ثم فجأة أبدأ بالجري خلفك ومعي مسدس أو خنجر محاولًا قتلك، سلوكان متناقضان غير متسقّان. بمجرد امتلاك محمد لمزيد من القوة حتى أصابه لوثة وسلوك إجرامي بسببها.
الآية 22 من سورة المزمّل
{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)}
هذه الآية مدنية وقد تكون مبكِّرة في أو بعد سنة 2ه لأنها سنة فرض الزكاة كما قالوا، وفيها يُذكَر القتال دون تحديد، سواء أكان الجهاد الدفاعي المشروع أم الانتقاميّ من قريش الذي قد نتجادل حوله، أم الجهاد العدوانيّ الذي سيشرع في مرحلة لاحقة.
22 الحج [مع تغييري لترتيب نولدكه لوجود ذكر لموقعة بدر وأول سماح بالقتال فيها، وآيات مكية]
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13)}
قال ابن أبي حاتم في تفسيره:
13797 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ قَالَ: كَانَ الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلامًا ونتجت خيله قَالَ: هَذَا دين صلاح، وإن لَمْ تلد امرأته ولم تنتج خيله. قَالَ: هَذَا دين سوء.
13798 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ ناس مِنَ الأعراب يَأْتُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسْلِمُونَ، فإذا رجعوا إِلَى بلادهم فإن وجدوا عَامَ غَيْثٍ وَعَامَ خِصْبٍ وَعَامَ وِلادٍ حَسَنٍ، قالوا: إِنَّ ديننا هَذَا صالح فتمسكوا به، وإن وجدوا عام جدب وعام ولاد سوء وعام قحط، قالوا: مَا في ديننا هَذَا خير. فأنزل الله وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ.
هذا دليل على قدم هذه السورة أكثر مما قال به كل من رتبوها في ترتيب متأخر. ويهمني إثبات هذا لتوثيق وضعي لها هنا كأقرب تقريب ممكن، وطبعًا تتنوع تواريخ آياتها نفسها. والنص {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9)} يتكلم عن النضر بن الحارث غالبًا كما قال الطبري وابن أبي حاتم في تفسيره، فيكون محمد إما ألفه في مكة أو أول مقدمه يثرب لما كان ما يزال يجتر الذكريات والجدالات مع القرشيين.
{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)}
وفقًا لهذا النص اليثربي المبكر فالناس أحرار فيما يعتقدون، لا إجبار عليهم ولا تفرقة عنصرية بجزية وخراج واحتلال، ولا إبادة للوثنيين (الذين أشركوا)، لكن محمدًا لاحقًا سيلغي كل هذا التعايش بين الأديان والآراء المختلفة، فيأمر في قرآنه وأحاديثه وفِعال سيرته الإجرامية بقتل الوثنيين ما لم يسلموا، وبالتمييز العنصري ضد الكتابيين والمجوس والصابئة المندائييين.
{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21)}
روى البخاري:
3969 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ قَسَمًا إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ } نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةَ وَعَلِيٍّ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ
3965 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيْ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ } قَالَ هُمْ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَعُبَيْدَةُ أَوْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْحَارِثِ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ
3966 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ نَزَلَتْ { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ } فِي سِتَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ
ورواه مسلم 3033 وهو آخر حديث في صحيحه.
هذا نص صيغَ إذن بعد موقعة بدر، وهذا سبب وضعي لهذا النص (السورة) في هذا الترتيب، رادًّا ورافضًا كما يرى القارئ ترتيب كلٍّ من الأزهر وثيودور نولدكه ورجيس بلاشير.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}
من غير المؤكد متى صاغ محمد هذا النص، هل كان يفكر في أسلمة الكعبة ومكة مبكرًا والمطالبة بها كمسمار جحا للمسلمين أتباعه ليحجوا إليها وليأسلم ثقافة الوثنية ويمحوها، هذا محتمل وتبثه سور مكية ذكر فيها محمد الكعبة ومكة كجزء من دينه الجديد، وقد تكون صيغت بعد صلح الحديبية سنة 7ه عندما ردته قريش وقالوا له أن يأتي في العام التالي سنة 8ه.
روى أحمد:
1865 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا أُخْرِجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ لَيَهْلِكُنَّ، فَنَزَلَتْ: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39] " قَالَ: " فَعُرِفَ أَنَّهُ سَيَكُونُ قِتَالٌ "، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "هِيَ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ"
إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق: هو ابن يوسف الأزرق، وسفيان: هو الثوري، ومسلم البطين: هو مسلم بن عمرإن البطين الكوفي. وأخرجه الترمذي (3171) ، والنسائي 2/6، والطبري 17/172، وابن حبان (4710) من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، بهذا الإِسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ولم يرد عنده قول ابن عباس: هي أول آية... وأخرجه الحاكم في المستدرك 3/7 - 8 من طريق شعبة، والطبري 17/172، والطبراني (12336) من طريق قيس بن الربيع، كلاهما عن الأعمش، به. دون قول ابن عباس أيضاً، وصححه الحاكم على شرط الشيخين. وأخرجه الترمذي (3172) ، والطبري 17/172 عن محمد بن بشار، عن أبي أحمد الزبيري، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير مرسلا.
وقال الطبري في تفسيره:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جُبير، قال: لما خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة، قال رجل: أخرجوا نبيهم، فنزلت: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) الآية (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق) النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
هذه أول الآيات اليثربية تاريخًا التي سمحت وشرّعت للجهاد الدفاعي والانتقامي دون العدواني، فهي أبكر من سورة البقرة.
{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)}
أيضًا نص جهاد انتقامي مبكر.
{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}
وفقًا لهذا النص فالإكراه الديني والعنف والتعصب أمر سيء، فكيف عكس محمد تعاليمه بعد ذلك وأكره الوثنيين؟! وقال الطبري:
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه لولا دفاعه الناس بعضهم ببعض، لهُدم ما ذكر، من دفعه تعالى ذكره بعضهم ببعض، وكفِّه المشركين بالمسلمين عن ذلك; ومنه كفه ببعضهم التظالم، كالسلطان الذي كفّ به رعيته عن التظالم بينهم; ومنه كفُّه لمن أجاز شهادته بينهم ببعضهم عن الذهاب بحق من له قبله حق، ونحو ذلك. وكلّ ذلك دفع منه الناس بعضهم عن بعض، لولا ذلك لتظالموا، فهدم القاهرون صوامع المقهورين وبيَعهم وما سمّى جل ثناؤه. ولم يضع الله تعالى دلالة في عقل على أنه عنى من ذلك بعضا دون بعض، ولا جاء بأن ذلك كذلك خبر يجب التسليم له، فذلك على الظاهر والعموم على ما قد بيَّنته قبل لعموم ظاهر ذلك جميع ما ذكرنا.
الصوامع هي أديرة رهبان المسيحية والبيَع (من كلمة بيعة) هي كنائسهم، والصلوات هي معابد اليهود، وفقًا لذلك المنظور فكلها أماكن مقدسة يذكر فيها اسم الله الخرافي، كيف عكس محمد تعاليمه بعد ذلك حتى أنه ورد خبر صحيح بهدم كنيسة مسيحية بأمرٍ منه للقضاء على منافسة المسيحية كخرافة بديلة أكثر تسامحًا وإشراقًا بالتأكيد من ظلاميته:
وفد حنيفة
كما حكى ابن سعد فقد أمرهم محمد بهدم كنيسة وترويع راهب مسيحي بها مما جعله يفر منها ومن وطنه خوفًا من القتل:
....ورجعوا إلى اليمامة وأعطاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إداوة من ماء فيها فضل طهور. فقال: إذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم وأنضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوا مكانها مسجدا. ففعلوا. وصارت الإداوة عند الأقعس بن مسلمة. وصار المؤذن طلق بن علي. فأذن فسمعه راهب البيعة فقال: كلمة حق. ودعوة حق! وهرب. فكان آخر العهد به
ورواه النسائي في السنن الكبرى له (780) ، والمجتبى (701) وابن حبان في صحيحه (1123) ، والطبراني في " المعجم الكبير" (8241) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/542-543، بإسناد صحيح، وأحمد بن حنبل 24009/ 26 و16293 وابن سعد في "الطبقات" 5/552، وابن أبي شيبة 2/80، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (47)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/92 بأسانيد حسنة، واللفظ للنسائي:
780 - أنبأ هناد بن السري عن ملازم هو بن عمرو قال حدثني عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي قال: خرجنا وفدا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه فضل طهوره فدعا بماء فتوضأ وتمضمض ثم صبه لنا في إداوة وأمرنا قال اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجدا فقلنا له إن البلد بعيد والحر شديد والماء ينشف قال مدوه من الماء فإنه لا يزيده إلا طيبا فخرجنا حتى قدمنا بلدنا فكسرنا بيعتنا ثم نضحنا مكانها واتخذناها مسجدا فنادينا فيه بالأذان قال والراهب رجل من طيء فلما سمع الأذان قال دعوة حق ثم استقبل تلعة من تلاعنا فلم نره بعد
لنا حق التشكك فيما ينسبونه للراهب المسكين المهدد في حياته، فلو أنه اعتقد أنها دعوة حق وسلام لما كان هرب بجلده!
وقد أوردت الأحكام من كتاب أحكام أهل الذمة عن هدمهم للكنائس والمعابد في أول هذا الباب، وإن كتب التاريخ كالطبري والبداية والنهاية والخطط للمقريزي وطبقات أكبري وتاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية للساعاتي وغيرها حافلة بهدمهم لكنائس ومعابد الآخرين، ممارسة قاموا بها في كل مكان، في الهند هناك مساجد كانت في الأصل معابد وكذلك باكستان، والمسجد الأموي في دمشق كان كنيسة هدمها الوليد بن عبد الملك وجعلها مسجد الأمويين الشهير، كما ذكرت كتب التاريخ كالبداية والنهاية، والطريف أن الكنيسة كانت معبدًا لجوبيتُر الإله الرومانيّ قبل ذلك! لا شك أن وثنيي العرب كانوا أشرف وأفضل من مسلمي عصر محمد، فهم لم يهدموا كنيسة أو معبدًا، وتركوا الناس ليعتقدوا ما يشاؤون في العموم، ما لم يتحرش بهم ويتهجم عليهم أحد كمحمد بطريقة فجّة، ولم يطرد الوثنيون العرب أحدًا من أرض شبه جزيرة العرب لأنه ليس وثنيًّا لأنه مسيحيّ أو يهوديّ، لو عاش محمد بسلام وجعل دعوته في مكة سلمية وبدون تهجم وتهديد للآخرين وشتيمتهم وسرد قصص هدم الأصنام والمعابد الوثنية فحتمًا ما كانوا سيتعرضون له بكثيرٍ.
{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)}
قال الطبري:
قول تعالى ذكره: والذين فارقوا أوطانهم وعشائرهم فتركوا ذلك في رضا الله وطاعته وجهاد أعدائه ثم قتلوا أو ماتوا وهم كذلك، ليرزقنهم الله يوم القيامة في جناته رزقا حسنا. يعني بالحسن: الكريم وإنما يعني بالرزق الحسن: الثواب الجزيل (وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) يقول: وإن الله لهو خير من بسط فضله على أهل طاعته وأكرمهم. وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في حكم من مات في سبيل الله، فقال بعضهم: سواء المقتول منهم والميت. وقال آخرون: المقتول أفضل. فأنزل الله هذه الآية على نبيه صلى الله عليه وسلم، يعلمهم استواء أمر الميت في سبيله والمقتول فيها في الثواب عنده.
وقد: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عبد الرحمن بن شريح، عن سلامان بن عامر قال: كان فضالة برودس أميرا على الأرباع، فخرج بجنازتي رجلين، أحدهما قتيل والآخر متوفى; فرأى ميل الناس مع جنازة القتيل إلى حفرته، فقال: أراكم أيها الناس تميلون مع القتيل وتفضلونه على أخيه المتوفى؟ فقالوا: هذا القتيل في سبيل الله. فقال فوالذي نفسي بيده ما أبالي من أي حفرتيهما بُعثت! اقرءوا قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا) ... إلى قوله: (وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ) .
هذا كما قلت في مواضع أخرى أقدم تأسيس لجماعة إرهابية إسلامية (بالتأكيد وُجِد في التاريخ المسيحي واليهودي عصابات إرهابية كذلك، جماعة محبي الآلام في الإسكندرية بمصر قديمًا قتلوا الفيلسوفة هيباتيا رجمًا كمثال، وهي جريمة أدانتها بعض كتب التاريخ المسيحي القديم، فيما بررها مؤرخون لاحقون منهم تبريرات أسطورية حقيرة بتهمة السحر! وكتب كتاريخ البطاركة لساويرس بن المقفع وغيره مليئة بقصص كاغتيال القبط لبابا من الكاثوليك، وسجن وتعذيب وقتل الحكام الروم لآخر من الأرذوكس المصريين)، فكرة الهجرة للجهاد والعنف والقتال والإرهاب والعدوان ظلت "إلهامًا" ونموذجَ القدوةِ المعتلة المختلة للمجاهدين من عصور الفتوحات القديمة (كما في احتلال رودس كما حكى الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما)، وحتى عصرنا الحالي في عمليات الإرهاب، هذا هو الشيء الذي كان يجعل رجلًا عربيًا من أمتنا العربية هذه لا يفقه حرفًا من البشتونية والفارسية وغيرها يسافر إلى أفغانستان ليسكن الجبال إن دعا الأمر، وليصير من ضمن العرب الأفغان.
{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70)}
الحديث في النص هو عن الذبائح وأحكامها وخاصة الميتة التي قيل أن الوثنيين حللوها والذبائح للأصنام، أو ذبائح الهدي للكعبة كما قال الطبري، ومن فهم ابن كثير للنص فالمقصود دينًا، بتقدير قدريّ كما في قوله {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)} المائدة، لكن هذه الأخيرة من المائدة في حق الكتابيين وليس الوثنيين،ووفقًا لهذا النص فالله فقط هو من يحاسب الناس على عقائدهم يوم الدين (الدينونة والحساب) الخرافي، وهو الذي يحكم بين الناس عن من هو المحقّ، لكن محمدًا لاحقًا غيّر رأيه وقرر لعب دور الله الخرافي ودور الحاكم المستبد الشمولي المطلَق، بإكراهه للوثنيين العرب على دينه بالإجبار والسيوف والحرب. وعلى الأغلب بل المؤكد برأيي أن هذا نص صاغه محمد في يثرب في أول سنة لهجرته إليها، لأنه يقول بعدها:
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72)}
يكادون يقعون أو يبطشون بالمسلمين حسب النص، لكنهم لا يفعلون لو كانت هذه نياتهم حقًّا، هم فقط يعبرون بضيقهم وملامح تعابير وجوهم عن عدم ترحيبهم بآرء القرآن ضد الوثنية، وهم لم يكونوا سيؤذون مسلمي يثرب حتى لو أرادوا ذلك حقًّا، ولا أظن ذلك صحيحًا فهم لم يكونوا يؤذون اليهود قبل مجيء محمد في حرب دينية ما، بل بعضهم كما نعلم كان انضم لليهود وتهود كما ذكرتُ في شرح آية {لا إكراه في الدين}، لم يكونوا حتى لو أرادوا سيفعلون ذلك لوجود عدد مساوٍ من المسلمين أو أكثر لهم في يثرب، عكس الوضع في مكة، وكانوا ظاهرين كوثنيين لا يخفون عقيدتهم بحرية وفقًا للحقوق الطبيعية في حرية الاعتقاد، لأن الإكراه الديني الشديد للوثنيين في يثرب لم يكن قد بدأ هنا، فلم تكن قد ظهرت ظاهرة "المنافقين" أو الوثنيين والمتشككين المتظاهرين بالإسلام لحماية حيواتهم أو كسب مكاسب مالية واجتماعية وسياسية، أو عدم خسارة وضعهم الاجتماعي والسلطوي. لاحقًا سيجبرهم محمد على الإسلام بالتهديد وبقتل البعض كبعض شعرائهم الذين انتقدوه هو وأفكاره الدينية. المفسرون فسروا النص على أنه عن وثنيي قريش، لكني أعتقد أنهم أخطؤوا التفسير والتأريخ.
قال الطبري من ضمن ما قاله:
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا) يقول: يكادون يأخذونهم بأيديهم أخذا. وقوله: (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ) يقول: أفأنبئكم أيها المشركون بأكره إليكم من هؤلاء الذين تتكرّهون قراءتهم القرآن عليكم، هي (النَّارُ) وعدها الله الذين كفروا.
آيات من سورة 5 المائدة قالها محمد بعد موقعة بدر
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) }
{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) }
قال الطبري:
12157 - حدثنا هناد قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثني عثمان بن عبد الرحمن، عن الزهري قال: لما انهزم أهلُ بدر، قال المسلمون لأوليائهم من يهود: آمنوا قبل أن يصيبكم الله بيوٍم مثل يوم بدر! فقال مالك بن صيف: غرَّكم أن أصبتم رهطًا من قريش لا علم لهم بالقتال!! أما لو أمْرَرْنَا العزيمة أن نستجمع عليكم، لم يكن لكم يدٌ أن تقاتلونا! فقال عبادة: يا رسول الله، إن أوليائي من اليهود كانت شديدةً أنفسهم، كثيًرا سلاحهم، شديدةً شَوْكتُهم، وإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله من وَلايتهم، ولا مولى لي إلا الله ورسوله. فقال عبد الله بن أبيّ: لكني لا أبرأ من ولاء يهود، إنّي رجل لا بدَّ لي منهم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبا حُباب، أرأيت الذي نَفِست به من ولاء يهود على عبادة، فهو لك دونه؟ قال: إذًا أقبلُ! فأنزل الله تعالى ذكره:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعض أولياء بعض" إلى أن بلغ إلى قوله:"والله يعصمك من الناس".
وجاء في السيرة لابن إسحاق:
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، قال: فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه، فقام إليه عبدُ الله بنُ أبى ابنُ سلول، حين أمكنه منهم، فقال: يا محمد، أحسن في مواليَّ، وكانوا حلفاء الخزرج. قال: فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: يا محمدُ أحسنْ فى مَوَاليَّ، قال: فأعرض عنه. فأدخل يَده في جَيْبِ دِرْعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن هشام: وكان يقال لها: ذات الفُضول.
قال ابن إسحاق: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسلْني، وغضب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى رأوا لوجهه ظُلَلاً ثم قال: ويْحك! أرسلْني؛ قال: لا والله لا أرسلك حتى تُحسنَ في موالىَّ، أربعمائةِ حاسر وثلاثمائةِ دارعٍ قد منعوني من الأحمر والأسود، تَحْصُدهم في غَداةٍ واحدة، إنى والله امرؤ أخشى الدوائرَ؛ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم لك.
والخبر في المغازي للواقدي، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه ابن سعد في الطبقات والطبري في تاريخه.
هذا النص مرتبط بما عرضناه في ج1 من عدوان على بني قينقاع من قبائل اليهود اليثربية وتهجير محمد لها، حيث قال عبد الله بن أبي لمحمد أنهم حلفاؤه ومواليه، وأنه امرؤ يخشى الدوائر، وأثبتنا في ج1 أنها غزوة عدوانية إرهابية قام بها محمد لفشله في إكراه اليهود على الإسلام بالقوة، وعرضنا القصة في مواضع من هذا الباب كذلك. وفي النص دعا محمد لعدم المودة والمحبة والتعاون بين المسلمين وغير المسلمين، بتفرقة عنصرية وفصل بين الأخوة من البشر، والتحيز الصحيح العادل هو للحق والمظلومين فقط، لا لملة ما لأنها ما يتبعه قوم الشخص. وفي النص قسّم محمد البشر تقسيمًا وهميًّا للتفرقة بين البشر ونشر الكره والعنصرية لأسباب خرافية إلى مسلم وغير مسلم.
وقال آخرون: بل عُني بذلك أبو لبابة بن عبد المنذر، في إعلامه بني قريظة إذ رَضُوا بحكم سعدٍ: أنه الذَّبح.
ذكر من قال ذلك:
12160 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم"، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا لُبابة بن عبد المنذر، من الأوس= وهو من بني عمرو بن عوف= فبعثه إلى قريظة حين نَقَضت العهد، فلما أطاعوا له بالنزول، أشار إلى حلقه: الذَّبْحَ الذَّبْحَ.
أيضًا ناقشت بالنقد التحليل ومن علم الأخلاق هذه الحادثة التاريخية في ج1، فراجعها.
98 البَيِّنة
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} البينة
هذا تصنيف عنصريّ، فاعتقادات الإنسان الدينية ليست فضيلة أو أفضلية، بل هي حرية شخصية، والأفضلية والفضيلة تأتي من أفعاله وسلوكياته وأخلاقه، ولا يبدو لنا من تعاليم الإسلام وأفعال المسلمين أنهم أفضل الأمم، بل بمجمل أفعالهم وأحوالهم هم أسؤها أو من أسوئها. لو شاركوا في مسابقة لربحوا جائزة متقدمة كأمة متأخرة وسيئة جدًّا في كل المجالات والأمور. أن يقولها عقلانيّ ملحد من نسلهم وبنيهم خيرٌ من أن يقولها غيرهم لهم، وقد قالوها لهم.
64 التغابن
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)}
هذه هي تعاليم الطاعة العمياء لأوامر وتعاليم محمد دون تفكير، وبترسيخ محمد هذه الفكرة كهوس في عقول الأتباع سيصيرون متعصبين مهاويس مستعدين لقتل أي شخص يأمر محمد بقتله بدون سؤال عن السبب حتى، مجرد غضبة يغضبها محمد تقلب يثرب كلها وتثير أتباعه، وعرضنا بعض ذلك في الجزء الأول، في حديث صلح الحديبية مثلًا، وسنعرض بعضه في باب الخرافات وغيره. ويصبح محمد مقرونًا مع الله، وكلامه العاديّ مصدرًا تشريعيًّا إلهيًّا مثل القرآن الذي نسبه لله، سيصبح أشبه بإله ثانوي في الإسلام بجوار الله الكبير، مسلمون كثيرون لا يتضايقون كثيرًا لو سببت الله ودينه سبًّا علنيًّا، لكنهم قد يقتلونك أو يضربونك لو انتقدت شخصية محمد. قد يضع سائقو السيارات بمصر سلسلة فيها شبه أيقونتين كبيرة وصغيرة مكتوب على واحدة الله والأخرى محمد. ربما كنت كمسلم أفكِّر إذا كان محمد أوصل الرسالة مشكورًا فقد وصلتنا واستغنينا عنه بوصول الرسالة الإلهية، فما الحاجة لتعظيمه وجعله جزءً من التعبد كأنه من محاور وركائز الكون؟! هذا كان في سذاجتي قبل التعمق في دراسة الإسلام!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15)}
قال الواحدي في أسباب النزول:
قال ابن عباس: كان الرجل يسلم فإذا أراد أن يهاجر منعه أهله وولده وقالوا: ننشدك الله أن تذهب فتدع أهلك وعشيرتك وتصير إلى المدينة بلا أهل ولا مال فمنهم من يرق لهم ويقيم ولا يهاجر فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الطبري:
يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ) يصدونكم عن سبيل الله، ويثبطونكم عن طاعة الله (فَاحْذَرُوهُمْ) أن تقبلوا منهم ما يأمرونكم به من ترك طاعة الله.
وذُكر أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا أرادوا الإسلام والهجرة، فثبَّطهم عن ذلك أزواجهم وأولادهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أَبو كُرَيْب، قال: ثنا يحيى بن آدم وعبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن سِماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: سأله رجل عن هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) قال: هؤلاء رجال أسلموا، فأرادوا أن يأتوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم يأتوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فلما أتَوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فرأوا الناس قد فقهوا في الدين، هموا أن يعاقبوهم، فأنزل الله جلّ ثناؤه (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ) .. الآية.
.... حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار قال: نزلت سورة التغابن كلها بمكة، إلا هؤلاء الآيات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) نزلت في عوف بن مالك الأشجعيّ، كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورقَّقوه، فقالوا: إلى من تَدعنا؟ فيرقّ ويقيم، فنزلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)
... حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قالا ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) .. الآية، قال: منهم من لا يأمر بطاعة الله، ولا ينهى عن معصيته، وكانوا يبطِّئون عن الهجرة إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعن الجهاد.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) قال: ينهون عن الإسلام، ويُبَطِّئُون عنه، وهم من الكفار فاحذروهم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ) .. الآية، قال: هذا في أناس من قبائل العرب كان يسلم الرجل أو النفر من الحيّ، فيخرجون من عشائرهم ويدعون أزواجهم وأولادهم وآباءهم عامدين إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فتقوم عشائرهم وأزواجهم وأولادهم وآباؤهم، فيناشدونهم الله أن لا يفارقوهم، ولا يؤثروا عليهم غيرهم، فمنهم من يَرقّ ويرجع إليهم، ومنهم من يمضي حتى يلحق بنبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
هذه ولا شك تعاليم شريرة تقول أن بعض أولاد وزوجات الرجل فتنة وأعداء لهم وضد مصالحهم الوهمية في عالم وهميّ أخرويّ، أي تعاليم تثير الفرقة والكره بين أفراد الأسرة الواحدة لأجل الدين والتشدد أو اختلاف الديانات بينهم أو الجهاد والهجرة هي حتمًا تعاليم شريرة فاسدة، لأنها تبيع الحب والعلاقات الموضوعية الحقيقية بخرافات وآمال وهمية، وتنشر الشر والبغض. وهي وسيلة من محمد لحث أتباعه على الهجرة من مكة وكل مكانٍ آخر لتكوين نواة الدولة الإرهابية في يثرب، الإمارة الإسلامية، وحثهم على القتال وعدم الاهتمام بمصير أولادهم وزوجاتهم من بعدهم لو قُتِلوا هم وفقدوهم كمعيلين لهم. طبيعي أن الثقافة المهيمنة آنذاك كانت الوثنية، وكان الانفصال عن الكيان الاجتماعي الوثني صعبًا جدًّا.
{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17)}
معظم مطالب محمد المالية تحت مسمى تنفقون، الإنفاق، الصدقات، كانت لتمويل الجهاد والحروب الانتقامية ضد قريش، وزيادة دعمه بالأنفس والقوى الجسدية للمقاتلين والأموال لشراء الأسلحة سيجعله ينتقل إلى العدوان والإرهاب والإكراه الدينيّ. لا بأس كذلك من مساعدة فقراء أتباعه لأن هذا تعزيز للدولة المحمدية الناشئة وكيانها وتقوية لمقاتليه من فقرائهم كذلك.
62 الجمعة
تحدثنا عن عنصر الإكراه الديني فيها بباب مصادرة الحريات الشخصية حيث إلزام الناس بالإسلام بالإكراه وبحضور صلوات الجُمَع.
8 الأنفال
روى البخاري:
4645 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سُورَةُ الْأَنْفَالِ قَالَ نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)}
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)}
ما كاد المسلمون ينتصرون على الوثنيين في معركة بدر_ حينما حاول المكيون العدوان على يثرب واجتياحها للانتقام من غارات محمد وقطعه لطريق تجارتهم وإرهابه وقتله بعضهم، ولإسقاط نظام حكم وديانة محمد_ حتى اختلفوا واشتجروا على الغنائم وأسلاب قتلى المعركة، وهنا بدأت اللعبة تتحسن مع محمد رغم وجود بعض القتلى في صفوفه، لأن المال عنصر إغراء مهم للرجال، وهو ما سيجعل الإسلام ينتشر كثيرًا حقًّا ويأتي لدعمه الكثير من الكارهين لأقوامهم وشذّاذ الآفاق وغيرهم طمعًا في الأموال والسبايا من النساء المستعبدات وحتى لإشباع شهوة القتل والعنف البدائية عندهم، عرضت النصوص عن تفاصيل الخلاف في باب (التناقضات بنسخ الأحكام/ تغيير كيفية توزيع الغنائم) وباب (صياغة آيات القرآن بناء على اقتراحات الصحابة)، هنا شرَّع محمدٌ في سورة الأنفال لشيء خطير هو كيفية تقسيم منهوبات وأسلاب العدو، بدأ الأمر هنا في معركة بدر مشروعًا نسبيًّا فهي أسلاب قتلى حروب بينهم وبين المسلمين عداوة وحاولوا العدوان على يثرب، لكنْ لاحقًا ستُستعمَل تشريعات النهب لتوزيع الأموال والنساء والأطفال من الأقوام والقبائل والدول التي اعتدى عليها محمد وأصحابه دون أي عدوان منها ومع مسالمتها تمامًا، كما عرضتُ بالتفصيل في الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية). وهذه الآية ملغية الحكم بصياغة محمد لتشريع خمس الغنائم فقط له والباقي كان يوزعه على جنوده:
{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)}
****
{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)}
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13)}
رغم أننا لم نصل بعد إلى مرحلة التعاليم العنيفة العدوانية التي يمكن وصفها بحقٍّ بأنها إرهاب وعدوان لا شك ولا جدال فيه، لكن أفكار محمد هنا خطيرة ومؤسسة لما سيأتي بعدها من عنف وعدوان ضد الناس غير المسلمين المسالمين، فسبب الحرب بنظره ليس دفاعًا عن حدود وطن، أو دفاعًا عن العدل ضد الظلم، بل هو صراع بين حق وباطل بزعمه، وبين إيمان لناس تحت راية ورعاية الله المزعوم، وآخرون خارج هذه الفئة ومنزوع عنهم صفة الأخوة الإنسانية، يسميهم "الكفّار". صراع أديان أعمى قرون وسطيّ لناس كلهم جهل وتعصب وأطماع.
{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)}
هنا كذلك وضع محمد فكرة خطيرة غير مسبوقة تقريبًا، هي تكفير من يخاف ويتراجع أو ينسحب ويهرب بحياته، واعتباره خارجًا من حظيرة وخانة الإيمان، لم يكن وقتذاك هناك حدٌ للردة وليس معنى ذلك أن الإسلام يقول بقتل المنسحب الجبان، على طريقة تاريخ الرومان في حروبهم، لكن النفوس البشرية والطباع تتنوع فالبعض شجاع أو إيثاري والآخر بطبعه جبان أو أناني حريص على حياته، فلا يجب وضع أحكام باتّة كهذه، كذلك أحيانًا يكون الانسحاب عند التيقن بالهزيمة خير قرار لكي لا يفنى الجيش وقوة البلد، كما فعل خالد بن الوليد في معركة مؤتة مثلًا، لذلك سيضطر محمد لعمل تعديل أو توضيح تالٍ لهذه الصيغة الجامدة القاطعة في نفس السورة والنص، فقال:
{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)}
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18)}
الفكرة الخطيرة هنا هي أننا بدلًا مما يُفترَض من أن نعتبر الاضطرار لقتل نفس أو نفوس بشرية دفاعًا عن العدل أو حدود الوطن، لأن العدو لا يريد المسالمة والتوقف، شيئًا نحن مضطرون له على مضض ولا نسعد به بل أسف لموت إخوة في الإنسانية، ونحاول إنهاء الحرب وإيقافها بأسرع وقت بتخطيط عسكريّ جيد، لكن محمدًا يدعو للابتهاج المتطرف الجذل للغاية بالقتل ولو كان لعدو لدود ويعتبر أن الله يبارك القتل وضرب السيوف والسهام، بل يعتبره هو من فعل الضرب والقتل بتقديره ومشيئته. هذه أفكار سامة خاصّةً مع فكرة تقسيم البشر بطريقة عنصرية إلى مؤمنين و"كفار" أو "مشركين" وإيجاد أسباب وهمية غير موضوعية خرافية للعداوات بين بني البشر.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22)}
هنا وصف محمد غير المسلمين وخاصةً الوثنيين الذين قالوا له في مكة قد استمعنا إلى قولك، بمعنى عدم اقتناعهم بدعوته ومزاعمه بأنهم دواب يعني بهائم بل وشر البهائم والحيوانات! هذا التعصب والشمولية الفكرية وعدم احترام العقائد الأخرى كان بمثابة تمهيد للإرهاب التالي وتعاليمه التي أمرت بإجبار الوثنيين على الإسلام تحت تهديد القتل والإبادة وسبي النساء والأطفال. إلحاح محمد بهوس على اتباع الوثنيين له وعدم تحمله لفكرة رفض أفكاره من بعضهم أو معظمهم ورثها كثيرٌ من المسلمين كهوس ومرض نفسيّ موروث، فهم لا يطيقون مجرد فكرة أشخاص غير مسلمين يتنفسون معهم أوكسُجين نفس الكوكب بل وحتى يتواجدون في نفس الكون!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20)}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)}
الاتباع والتقديس الأعمى للشخص القائد الدينيّ الحاكم بالخرافات على الناس هو الركيزة الأساسية لتأسيس مجموعة إرهابية، مثل أمراء الجماعات المتشددة، بحيث يكون التابعون مستعدين لفعل أي شيء يأمر به الأمير والقائد، دون تفكير في العواقب أو في أخلاقية الأمر المكلفون به، وبهذا أسس محمد بنجاح أول خلية إرهابية إسلامية في التاريخ وأسس الديانة الإرهابية بهذه الأفكار. لعصور طوال وربما حتى اليوم خاصةً في الشرق كان ولا يزال هناك سطوة وقوة ونفوذ غريب للشيوخ ورجال الدين والبابوات والقسس وما شابه، وتحسب لهم السلطات السياسية العلمانية ألف حسابٍ، لأن إشارة منهم للناس المهووسين بهم شبه العابدين لشخوصهم كفيلة بإشعال الحرائق والشغب والفتن الطائفية وحتى العنف الدينيّ ضد الدولة، في عصر مبارك كان يتم حظر جماعة الإخوان ومطاردتها، مع وجود مقر المرشد العام علنيًّا وشخصيته معروفة دون مساس به وبمن حوله، لعدم إشعال حرائق الغضب الديني المتطرف الهمجي ذي نفس الروح المتعصبة الوثنية التي كانت قديمًا للروم والقرشيين. بريطانيا وأستراليا وغيرهما تتركهم ينعقون كما شاؤوا في بلدانهم ولا تتعرض لهم خوفًا من إشعال العنف بمحاولة إصلاح ما لا يمكن إصلاحه من ديانة فاسدة من جذورها سممت عقول الجاهلين وتفضِّل الضرر الصغير على الكبير، مع أن تحريضاتهم كانت غالبًا سبب الإرهاب في بلدانهم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)}
قال ابن إسحاق في السيرة برواية ابن هشام:
أي لا تظهروا له من الحق ما يرضى به منكم، ثم تخالفوه في السر إلى غيره، فإن ذلك هلاك لأماناتكم، وخيانة لأنفسكم.
وقال الطبري:
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله ورسوله من أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله= (لا تخونوا الله) ، وخيانتهم الله ورسوله، كانت بإظهار من أظهر منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الإيمانَ في الظاهر والنصيحةَ، وهو يستسرُّ الكفر والغش لهم في الباطن، يدلُّون المشركين على عورتهم، ويخبرونهم بما خفى عنهم من خبرهم.
وفقًا لمن قالوا بها السبب للصياغة "النزول" فالأمر هنا مرتبط بظهور ظاهرة المنافقين بوضوح نتيجة خوفهم مسبقًا من عنف محمد المتوقع وتنامي سلطته وقوته، ولكي يتمكنوا من الاستمرار في لعب دور في السياسة والسلطة والمجتمع، بنفس الطريقة التي كان يضطر بها كبار وعلية الروم للتنصر في عصر تحول المسيحية إلى أغلبية ليبقوا على كراسيهم ومناصبهم، كما في فلم Agora التاريخي مثلًا. وكلمة أجورا معناها بالجريكية أي السوق أو الساحة الرومانية، ولعل المقصود تلاعب لفظي بين مسمى الساحة التي شهدت صراعات الفريقين الوثني والمسيحي، وكذلك سوق الأديان وخرافاتها وتنافسها وتناحرها. نفس الأمر حدث في الإسلام، كما عرضنا في الجزء الأول (حروب محمد) خاصةً بعد فتح مكة والسيطرة على الطائف وسحق هوازن وثقيف وقبائل قيس عيلان المنافس الأخطر لقريش وقوة محمد الإسلامية وفتح واحتلال اليمن وغيرها. أعدى أعداء محمد ونسلهم هم من حكموا امبراطورية الإسلام لزمن طويل (نسل الأمويين) نسل أبي سفيان والحكم بن العاص. في حرب عبد الله بن الزبير في صراعه مع عبد الملك بن مروان الأموي قال عنه بزعمه، حسب مسند أحمد:
16128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: وَرَبِّ هَذِهِ الْكَعْبَةِ، لَقَدْ " لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانًا، وَمَا وُلِدَ مِنْ صُلْبِهِ "
رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه البزار (1623) (زوائد) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد، ولفظه: ورَبِّ هذا البيت، لقد لعن الله الحكم وما ولد على لسان نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأخرجه الطبراني (299) (قطعة من الجزء13) من طريقين عن إسماعيل ابن أبي خالد، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (289) (قطعة من الجزء13) . وأخرجه الحاكم 4/481 من طريق أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري، عن إبراهيم بن منصور، عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن محمد بن سوقة، عن الشعبي، عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن الحكم وولده، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: الرشديني ضعفه ابن عدي. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/241، وقال: رواه أحمد والبزار، والطبراني بنحوه، وعنده رواية كرواية أحمد، ورجال أحمد رجال الصحيح. وقد سلف من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بإسنادِ صحيح برقم (6520) وفيه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ليدخلن عليكم رجل لعين" ولم يذكر ولده. وعند البزار في "البحر الزخار" (2273) من طريق عبد الرحمن بن مغراء، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن البهي مولى الزبير قال: كنت في المسجد ومروان يخطب، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: والله ما استخلف أحداً من أهله، فقال مروان: أنت الذي نزلت فيك: (والذي قال لوالديه: أف لكما) فقال عبد الرحمن: كذبت، ولكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن أباك.
6520 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ذَهَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ لِيَلْحَقَنِي، فَقَالَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: " لَيَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ لَعِينٌ " فَوَاللهِ مَا زِلْتُ وَجِلًا ، أَتَشَوَّفُ دَاخِلًا وَخَارِجًا، حَتَّى دَخَلَ فُلَانٌ، يَعْنِي الْحَكَمَ.
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عثمان بن حكيم، وهو ابن عباد بن حُنيْف الأنصاري، فمن رجال مسلم. ابن نُمير: هو عبد الله، وأبو أمامة: هو أسعد. وأخرجه البزار (1625) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد، وقال: لا نعلم هذا بهذا اللفظ إلا عن عبد الله بن عمرو، بهذا الإسناد. وذكره الهيثمي في "المجمع" 1/112، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، وأورده بنحوه 5/243 بروايتين، وقال: رواه كله الطبراني... وحديثه مستقيم، وفيه ضعف غير مبين، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلنا: كذا ورد في مطبوع "المجمع"، لم يرد اسم الراوي الذي وصفه بقوله: حديثه مستقيم، فتركنا محله بياضاً فيه نقط. ورواه ابنُ عبد البر في "الاستيعاب" 1/360 بإسناده من طريق عبد الواحد بن زياد، عن عثمان بن حكيم، عن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو. والحكم: هو ابن أبي العاص الأموي- عم عثمان بن عفان-، والد مروان، كان من مسلمة الفتح، وله أدنى نصيب من الصحبة، سكن المدينة، ثم أخرجه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منها إلى الطائف، فبقي فيها إلى أن أعاده عثمان في خلافته إليها. وانظر لزاماً "أسد الغابة" 2/37-38، و"سير أعلام النبلاء" 2/107-108، و"تاريخ الإسلام" ص 365، وفيات سنة 31، و"فتح الباري" 13/9-11، و"الإصابة" 1/345-346.
يقال في كتب تراجم الصحابة أن الحكم كان يسخر من محمد بتقليد مشيته المتكفية بحس دعابة لاذع أو أنه تلصص عليه في منزله، لذلك لاحقًا نفاه محمد من مكة، ورده لاحقًا قريبه عثمان بن عفان لما تولى الحكم، وسنعرض هذه القصة في باب (هل محمد خير البشر حقًّا)، والأحاديث هنا قد تكون ملفقة إلى حدٍّ ما لكره رواة الأحاديث في عصر الدولة العباسية للأمويين وكتابتهم ذلك تحت رعايتهم ومباركتهم، انظر في الهامش قصة طعن ابن أبي بكر في نسب مروان بأسلوب الشتيمة (ما استخلف أحدًا من أهله)!. لكن الشيء الصحيح هو عداوة أجداد حكام بني أمية لمحمد ودعوته حتى فتح مكة واضطرارهم قهرًا للإسلام.
هناك معنى أو سبب آخر محتمل للصياغة ذكرته كتب السيرة والتفاسير، ذكر ابن إسحاق في السيرة برواية ابن هشام، في سياق غزوة بني قريظة:
...ثم أنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ابعثْ إلينا أبا لُبابة بن عبد المنذر، أخا بني عمرو ابن عوف وكانوا حلفاء الأوس، لنستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم؛ فلما رأوْه قام إليه الرجال، وجهش إليه النساءُ والصبيان يبكون في وجهه، فرَقَّ لهم، وقالوا له: يا أبا لُبابة أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقِه، إنه الذبح.
قال أبو لُبابة: فوالله ما زالت قَدَماي من مكانهما حتى عرفتُ أني قد خنت الله ورسولَه صلى الله عليه وسلم.
ثم أنطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عُمُده، وقال: لا أبرْحُ مكاني هذا حتى يتوبَ الله علىَّ مما صنعتُ؛ وعهد الله: أن لا أطأ بني قريظة أبدا، ولا أرى في بلد خُنت الله ورسولَه فيه أبدا.
ما نزل في أبي لبابة: قال ابن هشام: وأنزل الله تعالى في أبي لبابة، فيما قال سفيان بن عيينة، عن اسماعيل بن أبي خالد، عن عبدالله بن أبي قَتادة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا الله وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27].
قال ابن اسحاق: فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره، وكان قد استبطأه، قال: أما أنه لو جاءني لاستغفرتُ له، فأما إذْ قد فعل ما فعل، فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوبَ الله عليه.
قال ابن اسحاق: فحدثني يزيدُ بن عبد الله بن قُسَيْط: إن تَوْبة أبي لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحَر، وهو في بيت أم سلمة. فقالت أم سلمة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر وهو يضحك قالت: فقلت: مِمَّ تضحك يا رسول الله؟ أضحك الله سِنَّك. قال: تيب على أبي لبابة. قالت: قلت: أفلا أبشره يا رسول الله! قال: بلى، إن شئت. قال: فقامت على باب حجرتها، وذلك قبل أن يُضربَ عليهم الحجابُ، فقالت: يا أبا لُبابة، أبشر فقد تاب الله عليك قالت: فثار الناس إليه ليطلقوه فقال: لا والله حتى يكونَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده؛ فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه.
قال ابن هشام: أقام أبو لبابة مُرتبطا بالجِزع ستِّ ليالٍ، تأتيه امرأته في كل وقت صلاة، فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع، فيما حدثني بعضُ أهل العلم، والآية التي نزلت في توبته قول الله عز وجل: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ}. [التوبة: 102]
والخبر عن هذه القصة والكثير من تفاصيل إبادة بني قريظة ورد في مسند أحمد بن حنبل:
25097 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ، قَالَتْ:...... فَقَالَتْ: فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَمَّا اشْتَدَّ حَصْرُهُمْ وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ، قِيلَ لَهُمْ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَشَارُوا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْحُ . قَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ " فَنَزَلُوا، وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ...إلخ الحديث والقصة
وله شاهد من حديث عبد الله بن قتادة، قال: نزلت هذه الآية: (لا تَخُونُوا اللّه والزَسُولَ) [الأنفال: 27]، قال: سأل أبا لبابة بنَ عبد المنذر بنو قريظة: ما الأمر؟ فأشار إلى حَلْقه: يقول الذبح. وهذا مرسل، أخرجه سعيد بن منصور في "السنن" (987) (التفسير)، والطبري في تفسير الآية المذكورة مختصراً. وآخر مرسل كذلك من طريق يونس بن بُكير عن ابن إسحاق، حدثني والدي إسحاق بن يسار، عن معبد بنِ كعب بن مالك. أخرجه البيهقي في "الدلائل" 4/15 ضمن حديث. وثالث من رواية موسى بن عقبة قوله، ضمن قصة غزوة بني قريظة. أخرجه البيهقي في "الدلائل" 4/12-14.
لقد ذكرت في (حروب محمد) أن هذه الحادثة مثال لتشويه الدين للأخلاق والضمير الحقيقيين الإنسانيين، فأبو لبابة أوجعه ضميره وحسه الإنساني السليم الصحيح لإنقاذ بشر إخوة له في الإنسانية يعرفهم وعاشرهم وهم جيرانه من القتل والإبادة واستعباد واغتصاب النساء وتشريد وبيع النساء والأطفال، لكن تصارع معه الضمير والوعي والبناء المعرفي والأخلاقي المشوَّه الذي زرعه دين محمد به، فتغلب عليه الأخير لجهله بحقائق المنطق، وأنه لا توجد قوة في الكون ولا حتى إله مزعوم يمكنه عمل فعل غير منطقي كتحويل أفعل غير إنسانية وحشية وهمجية وغير أخلاقية بطريقة سحرية إلى أفعال مشروعة وأخلاقية، هذه هي مغالطة أو معضلة يوثيريو في الفلسفة وعلم المنطق. ناس كأبي لبابة وغيره وحتى الإرهابيون المعاصرون جزءٌ منهم فيما أحسب عندهم طاقة ورغبة في عمل الخير، وليس كلهم معقدين نفسيًّا وسيكوباتييين فحسب، بل هم فقط غُرِّرَ بهم وأقنعهم المفسدون أن فعل الشر هو الخير وأن الشر هو الخير، وأن الدين بمزاعمه يجعل من الشر خيرًا، فتشوهت عندهم القيم والحقائق مع انعدام الحس المنطقيّ السليم عندهم وكذلك الحس الأخلاقيّ المشترك السليم المرهف. الحادثة مذكورة كذلك في المغازي للواقدي وتفسير الطبري وأسباب النزول للواحدي وغيرها.
{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)}
سبق التعليق على نظيرة لها، التعليم الذي يحض على التفرقة بين أفراد الأسرة لأجل تعصب وخرافات ومفاهيم وهمية هو تعليم شرير فاسد. يريد المتعصبون تجريد الناس من كل شيء، من مصادر سعاتهم، من ثروتهم ومن أسرتهم، لكي يبنوا المجد والسلطة لهم ويموتوا هم أو يعيشوا حياة بلا معنى، فيما يستأثرون هم بالتنعمات والخيرات وحدهم.
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)}
قال الطبري:
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله: وإن يعد هؤلاء لحربك، فقد رأيتم سنتي فيمن قاتلكم منهم يوم بدر، وأنا عائد بمثلها فيمن حاربكم منهم، فقاتلوهم حتى لا يكون شرك، ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، فيرتفع البلاء عن عباد الله من الأرض= وهو "الفتنة" = "ويكون الدين كله لله"، يقول: حتى تكون الطاعة والعبادة كلها لله خالصةً دون غيره.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16076 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة"، يعني: حتى لا يكون شرك.
16077 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن يونس، عن الحسن في قوله: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة"، قال: "الفتنة"، الشرك.
16078 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة"، يقول: قاتلوهم حتى لا يكون شرك= "ويكون الدين كله لله"، حتى يقال: "لا إله إلا الله"، عليها قاتل نبي الله صلى الله عليه وسلم، وإليها دَعا.
16079 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة"، قال: حتى لا يكون شرك.
... 16081 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله"، أي: لا يفتن مؤمن عن دينه، ويكون التوحيد لله خالصًا ليس فيه شرك، ويُخلع ما دونه من الأنداد.
16082 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة"، قال: حتى لا يكون كفر= "ويكون الدين كله لله"، لا يكون مع دينكم كفر.
وأما قوله: "فإن انتهوا"، فإن معناه: فإن انتهوا عن الفتنة، وهي الشرك بالله، وصارُوا إلى الدين الحق معكم = "فإن الله بما يعملون بصير"، يقول: فإن الله لا يخفى عليه ما يعملون من ترك الكفر والدخول في دين الإسلام، لأنه يبصركم ويبصر أعمالكم، والأشياء كلها متجلية له، لا تغيب عنه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين.
* * *
وقد قال بعضهم: معنى ذلك، فإن انتهوا عن القتال.
* * *
قال أبو جعفر: والذي قلنا في ذلك أولى بالصواب، لأن المشركين وإن انتهوا عن القتال، فإنه كان فرضًا على المؤمنين قتالهم حتى يسلموا.
وقال ابن كثير في تفسيره:
... وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} يَعْنِي: حَتَّى لَا يَكُونَ شِرْكٌ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ عَنْ أَنَسٍ، وَالسُّدِّيُّ، ومُقاتِل بْنُ حَيَّان، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: بَلَغَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَة بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَائِنَا: {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} حَتَّى لَا يُفْتَنَ مُسْلِمٌ عَنْ دِينِهِ.
وَقَوْلُهُ: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} قَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ: يُخْلِصُ التَّوْحِيدَ لِلَّهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وقَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيْج: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} أَنْ يُقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَيَكُونَ التَّوْحِيدُ خَالِصًا لِلَّهِ، لَيْسَ فِيهِ شِرْكٌ، وَيَخْلَعَ مَا دُونَهُ مِنَ الْأَنْدَادِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} لَا يَكُونُ مَعَ دِينِكُمْ كُفْرٌ.
وَيَشْهَدُ لَهُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ" [رواه البخاري في صحيحه (25) ومسلم في صحيحه (22) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب]
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: سُئِل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شُجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّة، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقَالَ: "من قاتل لتكون كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ" [البخاري (2810) ومسلم (1904)]
وَقَوْلُهُ: {فَإِنِ انْتَهَوْا} أَيْ: بِقِتَالِكُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ، فَكَفُّوا عَنْهُم وَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا بَوَاطِنَهُمْ، {فَإِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التَّوْبَةِ:5] ،وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التَّوْبَةِ:11] .
وَقَالَ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ} [الْبَقَرَةِ:193] .وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُسَامَةَ -لَمَّا عَلَا ذَلِكَ الرَّجُلَ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -فَقَالَ لِأُسَامَةَ: "أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ وَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذًا. قَالَ: "هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ؟ "، وَجَعَلَ يَقُولُ وَيُكَرِّرُ عَلَيْهِ: "مَنْ لَكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ " قَالَ أُسَامَةُ: حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ إِلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ [البخاري (4269) ومسلم (96)]
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} أَيْ: وَإِنِ اسْتَمَرُّوا عَلَى خِلَافِكُمْ وَمُحَارَبَتِكُمْ، {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ} سَيِّدُكُمْ وَنَاصِرُكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ، فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ.
حسب ترتيب نولدكه لتواريخ صياغة السور، فإن هذا أول نص إرهابي صريح محتمَل ينص على مقاتلة وإبادة الوثنيين لمجرد عقيدتهم المختلفة عن الإسلام، ومقاتلة حتى المسالمين منهم لأجل عقيدتهم فقط دون عدوان منهم على المسلمين، وفقًا لهذا الفهم والشرح للنص. إن صح أنه من جسم سورة الأنفال الأصيل وليس مضافًا من محمد لاحقًا. هذا النص هو البداية الواضحة لمفهوم الإرهاب الإسلامي والإكراه الديني للوثنيين، وإلغاء محمد ولحسه لكل ما نسبه لله سابقًا قبله عن التسامح والتعايش الذي قال أن الله أمر به وجعله قانونًا ومبدأً عامًّا لا انتهاكَ له. ويؤكد صحة فهمهم له قوله (فإن تولوا) يعني لم يتبعوا الإسلام، فلو كان المراد تركهم الحرب فقط لكان تولِّيهم وانصرافهم أمرًا جيدًا ومرغوبًا.
{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57)}
قال الطبري:
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا) ، (الذين عاهدت منهم) ، يا محمد، يقول: أخذت عهودهم ومواثيقهم أن لا يحاربوك، ولا يظاهروا عليك محاربًا لك، كقريظة ونظرائهم ممن كان بينك وبينهم عهد وعقد = (ثم ينقضون) ، عهودهم ومواثيقهم كلما عاهدوك وواثقوك، حاربوك وظاهروا عليك، وهم لا يتقون الله، ولا يخافون في فعلهم ذلك أن يوقع بهم وقعة تجتاحهم وتهلكهم، كالذي:-
16210- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم) ، قال: قريظة مالؤوا على محمد يوم الخندق أعداءه.
... القول في تأويل قوله: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإما تلقيَنَّ في الحرب هؤلاء الذين عاهدتهم فنقضوا عهدك مرة بعد مرة من قريظة، فتأسرهم، = (فشرد بهم من خلفهم) ، يقول: فافعل بهم فعلا يكون مشرِّدًا مَن خلفهم من نظرائهم، ممن بينك وبينه عهد وعقد. و"التشريد"، التطريد والتبديد والتفريق. وإنما أمِرَ بذلك نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل بالناقض العهد بينه وبينهم إذا قدر عليهم فعلا يكون إخافةً لمن وراءهم، ممن كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه عهد، حتى لا يجترئوا على مثل الذي اجترأ عليه هؤلاء الذين وصف الله صفتهم في هذه الآية من نقض العهد.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16214- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم) ، يقول: عظْ بهم من سواهم من الناس.
16215- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم) ، يقول: نكل بهم من خلفهم، مَنْ بعدهم من العدوّ، لعلهم يحذرون أن ينكُثوا فتصنع بهم مثل ذلك.
16216- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير: (فشرد بهم من خلفهم) ، قال: أنذر بهم من خلفهم.
كما وضحت في (حروب محمد الإجرامية) وذكرت بالأدلة والأحداث ليس اليهود من نقضوا العهد معه بإرادتهم، بل هو من فعل الكثير من العنف ضدهم وهو من بدأ به لدرجة الأمر بقتل أي شخص يهودي في الشارع لمجرد أنه يهودي، وهجومه على بني قينقاع وبني النضير بزعم حدثين غير مؤكدين ولا ثابتين وحولهما شبهات وشكوك واضحة وغير موثَّقين، وذكرت فيه عدة أمثلة أخرى لنقض محمد للعهود، فصفة الغدر تنطبق عليه أكثر من أي طرف من الأطراف المتصارعة آنذاك. مع ذلك يبدو أن السورة والنص أقدم من حدث موقعة الخندق-الأحزاب، ولعله يشير إلى بني قينقاع وليس بني قريظة. وهذا سنة 2 هجرية بعد بدر.
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58)}
هنا يعطي محمدٌ تبريرًا مطاطيًّا للعدوان والغدر بقبيلة أو دولة متعاهدة مع المسلمين، بدعوى أنه شعر بإحساسه أنهم سيخونونه، مجرد شعور داخليّ ذاتيّ غير موضوعيّ، دون دليل ملموس أو فعل فعلوه يستحقون عليه من المسلمين الغدر والأذى ضدهم، هذا كأن تكون تسير في الشارع وإذا بي فجأة أضربك بحديدة على رأسك دون أن تكون قد فعلت لي أدنى شيء، فأقول: لقد شعرت أنه سيؤذيني وخفت من ذلك! ثم آخذ محفظتك بما فيها من أموال. هذا لا يختلف عما فعله محمد وشرَّعه. الهجوم على الناس دون سبب حقيقي أو شيء فعلوه لأجل مزاعم وهمية تبريرية. ذكرت تفاصيل مرتبطة بهذا النص في الجزء الأول (حروب محمد) عند حديثي عن غزوة بني قينقاع، لا أعيد هنا كل التفاصيل، بل أقتبس فقط من قول الواقدي:
فَلَمّا أَصَابَ رَسُولُ اللّهِ ص أَصْحَابَ بَدْرٍ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، بَغَتْ يَهُودُ وَقَطَعَتْ مَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللّهِ ص مِنْ الْعَهْدِ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللّهِ ص إلَيْهِمْ فَجَمَعَهُمْ ثُمّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا، فَوَاَللّهِ إنّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنّى رَسُولُ اللّهِ قَبْلَ أَنْ يُوقِعَ اللّهُ بِكُمْ مِثْلَ وَقْعَةِ قُرَيْشٍ. فَقَالُوا: يَا مُحَمّدُ لا يَغُرّنّكَ مَنْ لَقِيت، إنّك قَهَرْت قَوْمًا أَغْمَارًا. وَإِنّا وَاَللّهِ أَصْحَابُ الْحَرْبِ وَلَئِنْ قَاتَلْتنَا لَتَعْلَمَنّ أَنّك لَمْ تُقَاتِلْ مِثْلَنَا.
فَبَيْنَا هُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ إظْهَارِ الْعَدَاوَةِ وَنَبْذِ الْعَهْدِ جَاءَتْ امْرَأَةٌ نَزِيعَةٌ مِنْ الْعَرَبِ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ إلَى سُوقِ بَنِى قَيْنُقَاعَ، فَجَلَسَتْ عِنْدَ صَائِغٍ فِى حُلِىّ لَهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ قَيْنُقَاعَ فَجَلَسَ مِنْ وَرَائِهَا وَلا تَشْعُرُ فَخَلّ دِرْعَهَا إلَى ظَهْرِهَا بِشَوْكَةٍ فَلَمّا قَامَتْ الْمَرْأَةُ بَدَتْ عَوْرَتُهَا فَضَحِكُوا مِنْهَا. فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَاتّبَعَهُ فَقَتَلَهُ فَاجْتَمَعَتْ بَنُو قَيْنُقَاعَ، وَتَحَايَشُوا فَقَتَلُوا الرّجُلَ وَنَبَذُوا الْعَهْدَ إلَى النّبِىّ ص وَحَارَبُوا، وَتَحَصّنُوا فِى حِصْنِهِمْ. فَسَارَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللّهِ ص فَحَاصَرَهُمْ فَكَانُوا أَوّلَ مَنْ سَارَ إلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ ص وَأَجْلَى يَهُودَ قَيْنُقَاعَ وَكَانُوا أَوّلَ يَهُودَ حَارَبَتْ.
فَحَدّثَنِى مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَإِمّا تَخَافَنّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ الْخَائِنِينَ} فَسَارَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللّهِ ص بِهَذِهِ الآيَةِ. قَالُوا: فَحَصَرَهُمْ فِى حِصْنِهِمْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً أَشَدّ الْحِصَارِ حَتّى قَذَفَ اللّهُ فِى قُلُوبِهِمْ الرّعْبَ. قَالُوا: أَفَنَنْزِلُ وَنَنْطَلِقُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “لا، إلاّ عَلَى حُكْمِى”، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللّهِ ص فَأَمَرَ بِهِمْ فَرُبِطُوا، قَالَ: فَكَانُوا يُكَتّفُونَ كِتَافًا. قَالُوا: وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللّهِ ص عَلَى كِتَافِهِمْ الْمُنْذِرَ بْنَ قُدَامَةَ السّالِمِىّ. قَالَ: فَمَرّ بِهِمْ ابْنُ أُبَىّ، وَقَالَ: حُلّوهُمْ، فَقَالَ الْمُنْذِرُ: أَتَحُلّونَ قَوْمًا رَبَطَهُمْ رَسُولُ اللّهِ ص؟ وَاَللّهِ لا يَحُلّهُمْ رَجُلٌ إلاّ ضَرَبْت عُنُقَهُ.
... فَحَدّثَنِى مُحَمّدٌ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: إنّ رَسُولَ اللّهِ ص لَمّا رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ حَسَدُوا فَأَظْهَرُوا الْغِشّ فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلامُ بِهَذِهِ الآيَةِ {وَإِمّا تَخَافَنّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ الْخَائِنِينَ} قَالَ: فَلَمّا فَرَغَ جِبْرِيلُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ ص: “فَأَنَا أَخَافُهُمْ”، فَسَارَ رَسُولُ اللّهِ ص بِهَذِهِ الآيَةِ حَتّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ وَلِرَسُولِ اللّهِ أَمْوَالُهُمْ وَلَهُمْ الذّرّيّةُ وَالنّسَاءُ.
.... بوسعنا هنا رؤية أخلاق النبوة والإسلام اللئيمة، فقد نهب أموال اليهود على أساس حجج وكلام مطاطي لا معنى له من نوع (غشوا المسلمين وحسدوهم) وقد خفت منهم فاعتديت عليهم، وأكلوا عليهم الديون التي تداينوها من بعضهم أو لم يردوا لبعضهم سوى جزءٍ منها بعد إلحاح طبعاً!
أحاديث مرتبطة غالبّا بغزوة قينقاع وتهديد محمد لهم ليُسلموا بالإكراه، أو بمرات أخرى لذهابه إلى بعض اليهود لتهديدهم، ربما قبل هذه الهجمة، روى أحمد بن حنبل:
27235 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ يَوْمًا: " إِنِّي رَاكِبٌ إِلَى يَهُودَ، فَمَنْ انْطَلَقَ مَعِي، فَإِنْ سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ "، فَانْطَلَقْنَا، فَلَمَّا جِئْنَاهُمْ وَسَلَّمُوا عَلَيْنَا فَقُلْنَا: وَعَلَيْكُمْ.
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، وأخرجه بأسانيدهم كل من: يعقوب سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/491، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/341-342، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/149، والطبراني في "الكبير"2/ (2162) و(2163) و(2614) و22/ (743) و(744)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (8904) - والنسائي في "الكبرى" (10220) - وهو في "عمل اليوم والليلة" (388) والمزي في ترجمة أبي عبد الرحمن الجهني من "التهذيب" 34/40-41 وابن سعد في الطبقات 4/351، وابن أبي شيبة 26275، وابن ماجه (3699) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2577) ، وأبو يعلى (936)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/197، والمزي 34/40- 41 والبخاري في "الأدب المفرد" (1102) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1005) وأحمد بن حنبل في المسند27236و27237و17295و18045.
23984 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا كَنِيسَةَ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ، يَوْمَ عِيدٍ لَهُمْ، فَكَرِهُوا دُخُولَنَا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ أَرُونِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا يَشْهَدُونَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، يُحْبِطِ اللهُ عَنْ كُلِّ يَهُودِيٍّ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الْغَضَبَ، الَّذِي غَضِبَ عَلَيْهِ" قَالَ: فَأَسْكَتُوا مَا أَجَابَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ ثَلَّثَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: "أَبَيْتُمْ فَوَاللهِ إِنِّي لَأَنَا الْحَاشِرُ، وَأَنَا الْعَاقِبُ، وَأَنَا النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى، آمَنْتُمْ أَوْ كَذَّبْتُمْ" . ثُمَّ انْصَرَفَ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كِدْنَا أَنْ نَخْرُجَ نَادَى رَجُلٌ مِنْ خَلْفِنَا: كَمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ . قَالَ: فَأَقْبَلَ . فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: أَيَّ رَجُلٍ تَعْلَمُونَي فِيكُمْ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ ؟ قَالُوا: وَاللهِ مَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ فِينَا رَجُلٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ مِنْكَ، وَلَا أَفْقَهُ مِنْكَ، وَلَا مِنْ أَبِيكَ قَبْلَكَ، وَلَا مِنْ جَدِّكَ قَبْلَ أَبِيكَ . قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ لَهُ بِاللهِ أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ، الَّذِي تَجِدُونَهُ فِي التَّوْرَاةِ، قَالُوا: كَذَبْتَ، ثُمَّ رَدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ، وَقَالُوا فِيهِ شَرًّا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَذَبْتُمْ لَنْ يُقْبَلَ قَوْلُكُمْ، أَمَّا آنِفًا فَتُثْنُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا أَثْنَيْتُمْ، وَلَمَّا آمَنَ أَكْذَبْتُمُوهُ، وَقُلْتُمْ فِيهِ مَا قُلْتُمْ، فَلَنْ يُقْبَلَ قَوْلُكُمْ" . قَالَ: فَخَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الأحقاف: 10]
إسناده صحيح على شرط مسلم وأخرجه الطبري في "التفسير" 26/11-12، وابن حبان (7162)، والطبراني في "الكبير" 18/ (83)، و"الشاميين" (948)، والحاكم في المستدرك 3/415-416
وجدت كذلك خبرًا عن التهديدات الإرهابية التي وجّهها المسلمون أتباع محمد آنذاك ليهود بني قينقاع، بما يكشف نياتهم السيئة المسبَقة، وجدت في تفسير مقاتل بن سليمان هكذا:
{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56)} الأنفال
(إن شر الدواب عند الله الذين كفروا)، يعنى بتوحيد الله ، (فهم)، يعنى بأنهم (لا يؤمنون) [ آية : 55 ] ، وهم يهود قريظة ، فمنهم حيى بن أخطب اليهودي وإخوته ، ومالك بن الضيف .
أردت تتبع الخبر عن مالك بن الصيف أو الضيف، وهو من يهود خيبر وليس من بني قينقاع كما علمت من قراآت أخرى، فوجدت أن ابن إسحاق في السيرة لم يزد على قوله:
وقال ابن إسحاق: وقال مالك بن الصَّيْف، حين بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، - وذَكر لهم ما أخذ عليهم له من الميثاق، وما عَهِد الله إليهم فيه: والله ما عُهِد إلينا في محمد عهدٌ وما أخذ له علينا من ميثاق، فأنزل الله فيه: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}. [البقرة: 100]
هذا يؤكد أن محمدًا ومن بعده من فقهاء ومفسري الإسلام يتلاعبون بالكلمات ويلفقون القصص، فمحمد يتهمهم بنقد العهد، لكن ليس عهدًا حقيقيًّا مع محمد، بل عهد خرافي مع الله، وزعم محمد هنا وفي آيات أخرى أن الله أخذ على اليهود عهدًا باتباع محمد، وهو زعم خرافي لا دليل عليه من نص كتاب اليهود، رغم أن كتاب اليهود ككتاب خرافات لا يصلح كدليل عمومًا. لاحقًا يظل ينعق شيوخهم بأن اليهود سمتهم نقض العهد.
حاولت تتبع المسألة أكثر، فوجدت خبرًا مهمًّا عن تهديد المسلمين لليهود بطريقة تكشف النوايا المتعصبة الشريرة، وذلك قبل جمع محمد لليهود من بني قينقاع وتهديده لهم الذي ذكره كتبة سيرة محمد، الخبر المهم الذي وجدته خبر عليه سيماء وعلامة الصحة التاريخية حفظه تفسير الطبري لنا، وليس في كتب السيرة كالسيرة برواية ابن هشام وبرواية يونس بن بكير والمغازي للواقدي والطبقات لابن سعد:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53)} المائدة
... 12157 - حدثنا هناد قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثني عثمان بن عبد الرحمن، عن الزهري قال: لما انهزم أهلُ بدر، قال المسلمون لأوليائهم من يهود: آمنوا قبل أن يصيبكم الله بيوٍم مثل يوم بدر! فقال مالك بن صيف: غرَّكم أن أصبتم رهطًا من قريش لا علم لهم بالقتال!! أما لو أمْرَرْنَا العزيمة أن نستجمع عليكم، لم يكن لكم يدٌ أن تقاتلونا! فقال عبادة: يا رسول الله، إن أوليائي من اليهود كانت شديدةً أنفسهم، كثيًرا سلاحهم، شديدةً شَوْكتُهم، وإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله من وَلايتهم، ولا مولى لي إلا الله ورسوله. فقال عبد الله بن أبيّ: لكني لا أبرأ من ولاء يهود، إنّي رجل لا بدَّ لي منهم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبا حُباب، أرأيت الذي نَفِست به من ولاء يهود على عبادة، فهو لك دونه؟ قال: إذًا أقبلُ! فأنزل الله تعالى ذكره: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعض أولياء بعض} إلى أن بلغ إلى قوله:{والله يعصمك من الناس}.
وورد في مجمع البيان للشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي، ، من تفاسير الشيعالاثناعشرية المهمة:
اختلف في سبب نزوله وإن كان حكمه عامًّا لجميع المؤمنين، فقال عطية بن سعد العوفي والزهري: لما انهزم أهل بدر قال المسلمون لأوليائهم من اليهود: "آمنوا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر"، فقال مالك بن ضيف: "أغركم أن أصبتم رهطًا من قريش لا علم لهم بالقتال، أما لو أمرونا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يدان بقتالنا". فجاء عبادة بن الصامت الخزرجي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال: "يا رسول الله إن لي أولياء من اليهود كثيرا عددهم قوية أنفسهم شديدة شوكتهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولايتهم ولا مولى لي إلا الله ورسوله." فقال عبد الله بن أبي: "لكني لا أبرأ من ولاية اليهود لأني أخاف الدوائر، ولا بد لي منهم." فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): "يا أبا الحباب ما نفست به من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه". قال: إذًا أقبَل". وأنزل الله الآية.... (وعنه نقله المجلسي في بحار الأنوار ج19 ص151.)
توجد عدة أخبار في تفسير مقاتل بن سليمان والطبري وفخر الدين الرازي والسيرة لابن إسحاق عن ارتباط أسباب صياغة محمد لبعض نصوصه "أسباب النزول" بحوارات وجدالات كانت لمالك بن الصيف (أو الضيف) أو له مشاركة فيها. مثل البقرة 104 و135 و174، وآل عمران 72 و183، والنساء: 47، والمائدة 68، والأنعام 91.
انتهى اقتباسي من الجزء الأول، والجدير بالذكر أني أشرت هناك لاحتمال كونها قصة مكذوبة لوجود حادثة أقدم معروفة بفجار المرأة، أو حرب الفجار بسبب المرأة، قبل الإسلام، بنفس التفصيلة كما لاحظ الأستاذ سيد محمود القمنيّ:
إن مما يجعلنا نشك في تلك القصة الإسلامية، متبعين رأي الدكتور القمني أمور منها تجهيل الخبر، فأين اسم الرجل المسلم أو العربي القتيل المزعوم، ما اسم المرأة؟ ثم يشير القمني أن بكتب التاريخ قصة قديمة تاريخية هي حرب (فِجار المرأة) من حروب الفجار الأربعة قبل الإسلام، التي حدثت بسبب فعل مشابه مع امرأة، فأدت إلى حرب كبيرة وقعت فيما يدعى بالأشهر الحُرُم المحرَّم فيها القتال لأنها موسم الحج، هذا كله يجعلنا نطعن في القصة الإسلامية، ورغم ما يقال عن عدم إجبار الإسلام لأهل الكتاب على اتباعه، فإن الإكراه الديني في كلام محمد واضح كالشمس! وللقمني وجهة نظر أراها صحيحة لأدلتها الكثيرة في كتابه (حروب دولة الرسول) على أن المعاهدة بين محمد واليهود لم تتم إلا بعد أحد، إذ احتاج هو لها، وليس في أول مقدمه حيث كان الأتباع قليلين والإسلام ضعيفاً، ولأنه لا ذكر لها في سياق غزو بني قينقاع! وقد استطاع القمني أن يجد خبراً عند ابن جرير الطبري وعنه ابن كثير في البداية والنهاية يؤخر تاريخ صحيفة المعاقل إلى السنة الثانية هجرية، أما القمني فيرى أنها بعد أحد، انظر كتابه ص 210، وله نفس آرائي في سعي محمد لإكراه اليهود على دينه، لأنهم خطر على دولته ودينه ومزاعمه كمنافسين له عالمين بأصل قصصه القرآنية من كتبهم وسقطاته وأخطائه وغيرها.
جاء في (الكامل في التاريخ) لابن الأثير، عن الفجار الأول:
وقيل كان سببه أن فتية من قريش قعدوا إلى امرأة من بني عامر وهي وضيئة عليها برقع فقالوا لها اسفري لننظر وجهك فلم تفعل فقام غلام منهم فشق ذيل ثوبها إلى ظهرها ولم تشعر فلما قامت انكشفت دبرها فضحكوا وقالوا منعتِنا النظر إلى وجهك فقد نظرنا إلى دبرك فصاحت المرأة يا بني عامر فضحت، فأتاها الناس واشتجروا حتى كاد يكون قتال ثم رأوا أن الأمر يسير فاصطلحوا.
أضيف هنا كذلك أنه لو صحت القصة المزعومة فإنه لا يصح لدولة متحضرة طرد جزء من السكان من وطنهم ومهاجمتهم على أساس هويتهم ودينهم، لأجل حادث فردي، بدل حل الأمور بالقانون أو حتى بالأعراف وجلسات الكبار على طريقة عقلاء البدو والصعيديين في مصر مثلًا. لا يزال مسلمو اليوم والأمس يقتدون بهذه القصص والتشريعات الهمجية، لو تشاجر رجلان أو طفلان مسلم ومسيحي في قرية أو مكان في مصر كمثال أو مسلم وهندوسي في الهند فلربما انتهى الأمر بقتل وحرق بيوت غير المسلمين، أو حرق من في البيوت كذلك، كثيرًا ما حدثت في الهند وكشمير الهندية وبجلادِش أحداث عنف متبادل دموية بين الأهالي المتعصبين من الفريقين مسلمين وهندوسًا، رواية العار لتسلمية نشرين تصور بصورة حيوية بعض ذلك، ولدينا حادثة قطع أذن رجل مسيحي كمثال في مصر، وغيرها من أحداث تعصب وجهل بشعة. وكثيرًا ما تنتهي فعلًا أمور كهذه بطرد وإجلاء الأقلية المسيحية من القرية محل الحادث بنفس طريقة سيرة محمد، وبرعاية الحكومة ربما لأنها مضطرة وربما لأنها مسلمون متعصبون كذلك. يكتب الصحفيون حينذاك عن عنصرية أفعال كتلك بلا نتيجة تذكر، لقد أسمعتَ إن أسمعتَ حيًّا، ولكن لا حياةَ لمن تُنادي. كما قال الشاعر. فالعقول الإسلامية مسمَّمة بدين الإسلام وتعاليمه الإرهابية.
يحاول الطبري الرد على النقد العقلاني القائم على مبادئ الحق والعدل والسلام لهذا النص أي الآية، بقوله:
فإن قال قائل: وكيف يجوز نقضُ العهد بخوف الخيانة، و"الخوف" ظنٌّ، لا يقين؟
قيل: إن الأمر بخلاف ما إليه ذهبت، وإنما معناه: إذا ظهرت أمارُ الخيانة من عدوك، وخفت وقوعهم بك، فألق إليهم مقاليد السَّلم وآذنهم بالحرب. وذلك كالذي كان من بني قريظة إذ أجابوا أبا سفيان ومن معه من المشركين إلى مظاهرتهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحاربتهم معهم، بعد العهد الذي كانوا عاهدوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على المسالمة، ولن يقاتلوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. فكانت إجابتهم إياه إلى ذلك، موجبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خوف الغدر به وبأصحابه منهم. فكذلك حكم كل قوم أهل موادعةٍ للمؤمنين، ظهر لإمام المسلمين منهم من دلائل الغدر مثل الذي ظهرَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قريظة منها، فحقٌّ على إمام المسلمين أن ينبذ إليهم على سواء، ويؤذنهم بالحرب.
لا يوجد في نص الآية ذكر الأمارات والأدلة، بل تذكر الشعور والإحساس الشخصي فقط، وقول الطبري أن النص يتعلق ببني قريظة وموقعة الأحزاب-الخندق غير صحيح، لأن السورة أقدم وأبكر من ذلك، من سياقات ما قبلها وما بعدها. والأغلب تعلقها ببني قينقاع وقد أوردت نقدي عن ذلك الحادث المتعلق بهم.
وعلى أية حال فحتى موقعة الخندق كان فيها للقرظيين ما يبرر لهم تحالفهم مع الوثنيين لأجل أفعال وعنف محمد ضد اليهود فهو البادئ بالعدوان.
قال ابن كثير في تفسيره:
{وَإِنْ جَنَحُوا} أَيْ: مَالُوا {لِلسَّلْمِ} أَيْ: الْمُسَالَمَةِ وَالْمُصَالَحَةِ وَالْمُهَادَنَةِ، {فَاجْنَحْ لَهَا} أَيْ: فَمِلْ إِلَيْهَا، وَاقْبَلْ مِنْهُمْ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا لَمَّا طَلَبَ الْمُشْرِكُونَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الصُّلْحَ وَوَضْعَ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ؛ أَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ مَعَ مَا اشْتَرَطُوا مِنَ الشُّرُوطِ الْأُخَرِ.
... وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ في بني قريظة. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ كُلَّهُ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَذِكْرُهَا مُكْتَنِفٌ لِهَذَا كُلِّهِ.
هناك تناقض تأريخي بين تاريخ صياغة السورة وبين تاريخ وقوع موقعة الأحزاب، ويقول السمرقندي في بحر العلوم وهو تفسيره:
قوله تعالى " إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون " قال إبن عباس نزلت في بني قريظة كعب بن الأشرف وأصحابه لأنهم عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نقضوا العهد وأعانوا أهل مكة بالسلاح على قتال النبي صلى الله عليه وسلم ثم قالوا نسينا وأخطأنا فعاهدهم مرة أخرى فنقضوا العهد فذلك قوله تعالى " الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة " يعني في كل حين وفي كل وقت " وهم لا يتقون "
وقال الطبري:
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإما تلقيَنَّ في الحرب هؤلاء الذين عاهدتهم فنقضوا عهدك مرة بعد مرة من قريظة، فتأسرهم، = (فشرد بهم من خلفهم) ، يقول: فافعل بهم فعلا يكون مشرِّدًا مَن خلفهم من نظرائهم، ممن بينك وبينه عهد وعقد
لا يوجد في كتب السيرة التاريخية أن بني قريظة ساعدوا قريشًا في مرةٍ أبكرَ من معركة الخندق. ومع ذلك فمساعدتهم ضعيفة بل معدومة وهي لا تعتبر سوى نية مساعدة فقط لم تحدث، فهم لم يشتركوا في المعركة ولا خرجوا من حصونهم كما هو معروف من كتب السيرة.
{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)}
آية تنص على مسالمة من يسالم المسلمين ولا يعاديهم وعدم البدء في العدوان، قال المفسرون أن هذه الآية أي النص منسوخة ملغية الحكم في حق الوثنيين، ويأولونها بأنها غير منسوخة في حق أهل الكتاب والمجوس بشرط دفع الجزية وخراج الأرض والرضا بحكم الفتح الإسلامي!، وهي منسوخة بآيات القتال والعداون اللاحقة في تاريخ الصياغة. قال الطبري:
16245- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وإن جنحوا للسلم) قال: للصلح، ونسخها قوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [سورة التوبة: 5]
16246- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وإن جنحوا للسلم) ، إلى الصلح= (فاجنح لها) ، قال: وكانت هذه قبل "براءة"، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم يوادع القوم إلى أجل، فإما أن يسلموا، وإما أن يقاتلهم، ثم نسخ ذلك بعد في "براءة" فقال: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، وقال: (قاتلوا المشركين كافة) ، [سورة التوبة: 36] ، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأمره بقتالهم حتى يقولوا "لا إله إلا الله" ويسلموا، وأن لا يقبلَ منهم إلا ذلك. وكلُّ عهد كان في هذه السورة وفي غيرها، وكل صلح يصالح به المسلمون المشركين يتوادعون به، فإن "براءة" جاءت بنسخ ذلك، فأمر بقتالهم على كل حال حتى يقولوا: "لا إله إلا الله".
16247- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري قالا (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، نسختها الآية التي في "براءة" قوله: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ) ، إلى قوله: (وَهُمْ صَاغِرُونَ) [سورة التوبة: 29]
... 16248- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، يقول: وإن أرادوا الصلح فأرده.
16249- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، أي: إن دعوك إلى السلم =إلى الإسلام= فصالحهم عليه.
16250- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، قال: فصالحهم. قال: وهذا قد نسخه الجهاد.
ورغم أنه يقول:
قال أبو جعفر: فأما ما قاله قتادة ومن قال مثل قوله، من أن هذه الآية منسوخة، فقولٌ لا دلالة عليه من كتاب ولا سنة ولا فطرة عقل.
وقد دللنا في غير موضع من كتابنا هذا وغيره على أن الناسخ لا يكون إلا ما نفى حكم المنسوخ من كل وجه. فأما ما كان بخلاف ذلك، فغير كائنٍ ناسخا.
وقول الله في براءة: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، غير نافٍ حكمُه حكمَ قوله. (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ، لأن قوله: (وإن جنحوا للسلم) ، إنما عني به بنو قريظة، وكانوا يهودًا أهلَ كتاب، وقد أذن الله جل ثناؤه للمؤمنين بصلح أهل الكتاب ومتاركتهم الحربَ على أخذ الجزية منهم.
وأما قوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) فإنما عُني به مشركو العرب من عبدة الأوثان، الذين لا يجوز قبول الجزية منهم.
لكن لا شك أنهم مجمعون أنه لا صلح ولا سلام مع الوثنيين، ولا ترك لغير المسلمين من كتابيين ومجوس دون فرض الجزية والاحتلال، قال ابن كثير:
{وَإِنْ جَنَحُوا} أَيْ: مَالُوا {لِلسَّلْمِ} أَيْ: الْمُسَالَمَةِ وَالْمُصَالَحَةِ وَالْمُهَادَنَةِ، {فَاجْنَحْ لَهَا} أَيْ: فَمِلْ إِلَيْهَا، وَاقْبَلْ مِنْهُمْ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا لَمَّا طَلَبَ الْمُشْرِكُونَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الصُّلْحَ وَوَضْعَ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ؛ أَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ مَعَ مَا اشْتَرَطُوا مِنَ الشُّرُوطِ الْأُخَرِ.
... وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ في بني قريظة. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ كُلَّهُ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَذِكْرُهَا مُكْتَنِفٌ لِهَذَا كُلِّهِ.
وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وقَتَادَةَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ فِي "بَرَاءَةَ": {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} الْآيَةَ [التَّوْبَةِ:29] فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ آيَةَ بَرَاءَةَ فِيهَا الْأَمْرُ بِقِتَالِهِمْ إِذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ كَثِيفًا، فَإِنَّهُ تَجُوزُ مُهَادَنَتُهُمْ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، وَكَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَا مُنَافَاةَ وَلَا نَسْخَ وَلَا تَخْصِيصَ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
وكما نرى فكل منهما حاول إزالة التناقض الواضح بين تعاليم السلام وتعاليم العنف والعدوان والإرهاب، مع تأكيدهما للأخيرة كقواعد للعمل دومًا، وكل آية تسامح سترى عندهما دومًا محاولة للتلاعب في معناها، فجملة (ولا تعتدوا) يأولونها مثلا بعدم قتل النساء والأطفال وغيرها من تلاعبات وتأويلات باردة مراوغة، وقال السمرقندي في بحر العلوم:
قال الفقيه إنما يجوز الصلح إذا لم يكن للمسلمين قوة القتال فأما إذا كان للمسلمين قوة فلا ينبغي أن يصالحوهم وينبغي أن يقاتلوهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية إن لم يكونوا من العرب وإنما لم توضع الجزية على العرب وتوضع على غير العرب حتى لا تبقى بقية الكفر في أنساب النبي صلى الله عليه وسلم لأن العرب كلهم من نسبه ولا توضع حتى يسلموا أو يقتلوا وإنما أمر الله تعالى نبيه بالصلح حين كانت الغلبة للمشركين وكانت بالمسلمين قلة
نموذج لتأويل خرافي للتدخل في حيوات الناس وحرياتهم وممارسة الإرهاب والحكم الشمولي الإرهابي.
وقال ابن حيان في البحر المحيط:
...وعن ابن عباس نسخت بقوله : قاتلوا الذين لا يؤمنون ، وعن مجاهد بقوله اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ، قال الزمخشري : والصحيح أنّ الأمر موقوف على ما يرى فيه الإمام صلاح الإسلام وأهله من حرب أو سلم وليس بحتم أن يقاتلوا أبداً أو يجابوا إلى الهدنة أبداً....
وقال البيضاوي في تفسيره:
{وإن جنحوا } مالوا ومنه الجناح وقد يعدى باللام وإلى { للسلم } للصلح أو الاستسلام وقرأ أبو بكر بالكسر { فاجنح لها } وعاهد معهم وتأنيث الضمير لحمل السلم على نقيضها فيه قال " السلم تأخذ منها ما رضيت به والحرب يكفيك من أنفاسها جرع " وقرئ فاجنح بالضم { وتوكل على الله } ولا تخف من إبطانهم خداعا فيه فإن الله يعصمك من مكرهم ويحيقه بهم { إنه هو السميع } لأقوالهم { العليم } بنياتهم والآية مخصوصة بأهل الكتاب لاتصالها بقصتهم وقيل عامة نسختها آية السيف.
وقال القرطبي:
وقد اختلف في هذه الآية ، هل هي منسوخة أم لا. فقال قتادة وعكرمة : نسخها {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة : 5]. {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة : 36] وقالا : نسخت براءة كل موادعة ، حتى يقولوا لا إله إلا الله. ابن عباس : الناسخ لها {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} [محمد : 35]. وقيل : ليست بمنسوخة ، بل أراد قبول الجزية من أهل الجزية. وقد صالح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده من الأئمة كثيرا من بلاد العجم ، على ما أخذوه منهم ، وتركوهم على ما هم فيه ، وهم قادرون على استئصالهم. وكذلك صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا من أهل البلاد على مال يؤدونه ، من ذلك خيبر ، رد أهلها إليها بعد الغلبة على أن يعملوا ويؤدوا النصف. قال ابن إسحاق : قال مجاهد عنى بهذه الآية قريظة ، لأن الجزية تقبل منهم ، فأما المشركون فلا يقبل منهم شيء. وقال السدي وابن زيد. : معنى الآية إن دعوك إلى الصلح فأجبهم. ولا نسخ فيها. قال ابن العربي : وبهذا يختلف الجواب عنه ، وقد قال الله عز وجل : {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} [محمد : 35]. فإذا كان المسلمون على عزة وقوة ومنعة ، وجماعة عديدة ، وشدة شديدة فلا صلح ، كما قال :
فلا صلح حتى تطعن الخيل بالقنا ... وتضرب بالبيض الرقاق الجماجم
وإن كان للمسلمين مصلحة في الصلح ، لنفع يجتلبونه ، أو ضرر يدفعونه ، فلا بأس أن يبتدئ المسلمون به إذا احتاجوا إليه. وقد صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على شروط نقضوها فنقض صلحهم. وقد صالح الضمري وأكيدر دومة وأهل نجران ، وقد هادن قريشا لعشرة أعوام حتى نقضوا عهده. وما زالت الخلفاء والصحابة على هذه السبيل التي شرعناها سالكة ، وبالوجوه التي شرحناها عاملة. قال القشيري : إذا كانت القوة للمسلمين فينبغي ألا تبلغ الهدنة سنة. وإذا كانت القوة للكفار جاز مهادنتهم عشر سنين ، ولا تجوز الزيادة. وقد هادن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة عشر سنين.
كما يرى القارئ الكريم تعاليم إرهابية وتخبطات نتاج اختلاف وتناقض تعاليم الآيات، وما وصلوا إليه في فقههم فقه الإرهاب وكتبهم هو المسالمة حين ضعفهم والحرب والعدوان والظلم حين قوتهم، هذه تعاليم الخسة والإرهاب والتمسكن إلى حين التمكن، وانظر قوله في سورة محمد {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} [محمد : 35] ، إلى درجة النهي الشيطاني الشرير عن السعي للسلام، في تناقض فاضح صارخ مع آية السلم هنا ومع سائر آيات السلام والتعايش التي قالها قبل ذلك زمنيًّا وأوردناها هنا.
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)}
قال الطبري:
16269- حدثنا محمد بن بشار قال. حدثنا محمد بن محبب قال، حدثنا سفيان، عن ليث، عن عطاء في قوله: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين) ، قال: كان الواحد لعشرة، ثم جعل الواحد باثنين; لا ينبغي له أن يفرَّ منهما.
16270- حدثنا سعيد بن يحيى قال، حدثنا أبي قال، حدثنا ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: جعل على المسلمين على الرجل عشر من الكفار، فقال: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين) ، فخفف ذلك عنهم، فجعل على الرجل رجلان. قال ابن عباس: فما أحب أن يعلم الناس تخفيف ذلك عنهم.
16271- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال: قال محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي نجيح المكي، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية، ثقلت على المسلمين، وأعظموا أن يقاتل عشرون مئتين، ومئة ألفا، فخفف الله عنهم. فنسخها بالآية الأخرى فقال: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين) ، قال: وكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم ينبغ لهم أن يفروا منهم. وإن كانوا دون ذلك، لم يجب عليهم أن يقاتلوا، وجاز لهم أن يتحوّزوا عنهم.
16272- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين) ، قال: كان لكل رجل من المسلمين عشرة لا ينبغي له أن يفرّ منهم. فكانوا كذلك حتى أنزل الله: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين) ، فعبأ لكل رجل من المسلمين رجلين من المشركين، فنسخ الأمر الأول =وقال مرة أخرى في قوله: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين) ، فأمر الله الرجل من المؤمنين أن يقاتل عشرة من الكفار، فشق ذلك على المؤمنين، ورحمهم الله، فقال: (إن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين) ، فأمر الله الرجلَ من المؤمنين أن يقاتل رجلين من الكفار.
16273- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال) ، إلى قوله: (بأنهم قوم لا يفقهون) ، وذلك أنه كان جعل على كل رجل من المسلمين عشرة من العدو يؤشِّبهم =يعني: يغريهم = بذلك، ليوطنوا أنفسهم على الغزو، وأن الله ناصرهم على العدو، ولم يكن أمرًا عزمه الله عليهم ولا أوجبه، ولكن كان تحريضًا ووصية أمر الله بها نبيه، ثم خفف عنهم فقال: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا) ، فجعل على كل رجلٍ رجلين بعد ذلك، تخفيفا، ليعلم المؤمنون أن الله بهم رحيم، فتوكلوا على الله وصبروا وصدقوا، ولو كان عليهم واجبًا كفّروا إذنْ كلَّ رجل من المسلمين نكل عمن لقي من الكفار إذا كانوا أكثر منهم فلم يقاتلوهم. فلا يغرنَّك قولُ رجالٍ! فإني قد سمعت رجالا يقولون: إنه لا يصلح لرجل من المسلمين أن يقاتل حتى يكون على كل رجل رجلان، وحتى يكون على كل رجلين أربعة، ثم بحساب ذلك، وزعموا أنهم يعصون الله إن قاتلوا حتى يبلغوا عدة ذلك، وإنه لا حرج عليهم أن لا يقاتلوا حتى يبلغوا عدَّةَ أن يكون على كل رجل رجلان، وعلى كل رجلين أربعة، وقد قال الله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [سورة البقرة: 207] ، وقال الله: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة النساء: 84]..إلخ
تناقض في التعاليم والتكاليف والنصوص، وعلى كلٍّ فمحمد هنا أرسى القاعدة الاستشهادية للاستماتة أمام العدو، بزعم النصر الإلهيّ ووجود جنات وهمية لمن يموتون من المجاهدين، وأن عليهم ألا يبالوا بعدد الجيش الآخر، عدم مبالاة الإرهابيين في أفغانستان بمدى قوة أمركا بناءً على هذه التعاليم المضحكة وبدون حسن تخطيط عسكري ولا أجهزة عسكرية وتسليحات تكافئ الأمركية، أدت بهم إلى مقتلهم وانمحاقهم وموت الكثيرين من الإرهابيين والمدنيين الذين لا علاقة لهم بالإرهاب كذلك خلال الضربات العسكرية والمواجهات. هذه التحريضات والقواعد والمنطلقات الدينية الإسلامية خطيرة لأنها تجعل الإرهابي الاستشهادي مجنونًا مهووسًا لن يوقفه غالبًا سوى سجنه أو إردائه قتيلًا قبل ارتكابه لعملية إرهابية، لا نقول أن الدفاع عن الأوطان إرهاب، لكن قتل المدنيين والعدوان على الدول المسالمة هو الإرهاب.
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69)}
هنا شرَّع محمد تشريعًا كسر به كل القواعد الإنسانية، ليس فقط ميثاق حقوق الإنسان المعاصر، فحتى الوثنيون العرب قبله كثيرًا ما كانوا يقبلون الفدية أو تبادل الأسرى أو يعفون عن أسراهم تكرمًا وابتعادًا عن جريمة قتل إنسان مكبَّل بلا حول ولا قوة. شرّع محمد لعدم الإبقاء على الأسرى وقتلهم، ربما المخرج الوحيد المعروف لنجاتهم من خلال قراءة سيرته هو إسلام الأسرى خوفًا من القتل، كما عرضت في الجزء الأول.
روى مسلم:
[ 1763 ] حدثنا هناد بن السري حدثنا بن المبارك عن عكرمة بن عمار حدثني سماك الحنفي قال سمعت بن عباس يقول حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر ح وحدثنا زهير بن حرب واللفظ له حدثنا عمر بن يونس الحنفي حدثنا عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل هو سماك الحنفي حدثني عبد الله بن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر ...إلخ ....قال أبو زميل قال بن عباس فلما أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر ما ترون في هؤلاء الأسارى فقال أبو بكر يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترى يا بن الخطاب قلت لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه وتمكني من فلان نسيبا لعمر فأضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان قلت يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله عز وجل { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } إلى قوله { فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا } الأنفال فأحل الله الغنيمة لهم
[ 2399 ] حدثنا عقبة بن مكرم العمي حدثنا سعيد بن عامر قال جويرية بن أسماء أخبرنا عن نافع عن بن عمر قال قال عمر وافقت ربي في ثلاث في مقام إبراهيم وفي الحجاب وفي أسارى بدر
وروى أحمد بن حنبل:
208 - حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ ، أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، ...إلخ....فَلَمَّا كَانَ يَوْمُئِذٍ ، وَالْتَقَوْا ، فَهَزَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُشْرِكِينَ ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا ، وَأُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا ، فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا وَعُمَرَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، هَؤُلاءِ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةُ وَالْإِخْوَانُ ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمُ الْفِدْيَةَ ، فَيَكُونُ مَا أَخَذْنَا مِنْهُمْ قُوَّةً لَنَا عَلَى الْكُفَّارِ ، وَعَسَى اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ فَيَكُونُونَ لَنَا عَضُدًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ " قَالَ : قُلْتُ : وَاللهِ مَا أَرَى مَا رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنِي مِنْ فُلانٍ - قَرِيبًا لِعُمَرَ - فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ، وَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ ، وَتُمَكِّنَ حَمْزَةَ مِنْ فُلانٍ ، أَخِيهِ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ ، حَتَّى يَعْلَمَ اللهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قُلُوبِنَا هَوَادَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ ، هَؤُلاءِ صَنَادِيدُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ وَقَادَتُهُمْ ، فَهَوِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ ، فَأَخَذَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ .
فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ ، قَالَ عُمَرُ : غَدَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَإِذَا هُمَا يَبْكِيَانِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَخْبِرْنِي مَاذَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبَكَ ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا ، قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنَ الْفِدَاءِ ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ " - لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ - وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إِلَى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال : 67 - 68] مِنَ الْفِدَاءِ ، ثُمَّ أُحِلَّ لَهُمُ الْغَنَائِمُ .
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ ، وَفَرَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى : {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران : 165] بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ.
إسناده حسن ، رجاله رجال الصحيح . أبو نوح : اسمه عبد الرحمن بن غزوان الضبي ، وقُراد لقب له . وأخرجه أبو داود (2690) عن أحمد بن حنبل ، بهذا الإسناد . مختصراً . وأخرجه ابن أبي شيبة 10 / 350 و14 / 365 - 366 ، ويعقوب بن شيبة في " مسند عمر " ص 63 - 64 ، وأبو عوانة 4 / 157 من طريق أبي نوح قُراد ، به ، وحسن يعقوب بن شيبة إسناده . وأخرجه عبد بن حميد (31) ، ومسلم (1763) ، ويعقوب بن شيبة ص 57 - 58 و58 - 60 و60 - 62 ، والترمذي (3081) ، والبزار (196) ، والبيهقي 9 / 189 و10 / 44 ، وأبو عوانة 4 / 152 و155 و156 ، وابن حبان (4793) ، والبيهقي في " السنن " 6 / 321 وفي " الدلائل " 3 / 51 - 52 ، وأبو نعيم في " الدلائل " (408) من طرق عن عكرمة بن عمّار ، به . وقد سقط من المطبوع من " دلائل أبي نعيم " : ابنُ عباس . ورواه أحمد كذلك برقم (221) .
والرباعية : هي السن التي بين الثنية والناب . والبيضة : هي خوذة الحديد توضع على الرأس ، من آلات الحرب .
وروى أحمد:
3632 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأَسْرَى ؟ " قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ، اسْتَبْقِهِمْ، وَاسْتَأْنِ بِهِمْ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْرَجُوكَ وَكَذَّبُوكَ، قَرِّبْهُمْ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، انْظُرْ وَادِيًا كَثِيرَ الْحَطَبِ، فَأَدْخِلْهُمْ فِيهِ، ثُمَّ أَضْرِمْ عَلَيْهِمْ نَارًا. قَالَ: فَقَالَ الْعَبَّاسُ: قَطَعْتَ رَحِمَكَ، قَالَ: فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، قَالَ: فَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ، وَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ لَيُلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ، حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللَّبَنِ، وَإِنَّ اللهَ لَيَشُدُّ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ، حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: {مَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي، وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، وَمَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ عِيسَى قَالَ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] ، وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ قَالَ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] ، وَإِنَّ مِثْلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ مُوسَى، قَالَ: رَبِّ {اشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88] ، أَنْتُمْ عَالَةٌ، فَلَا يَنْفَلِتَنَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا بِفِدَاءٍ، أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ " قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا سُهَيْلُ ابْنُ بَيْضَاءَ، فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الْإِسْلَامَ، قَالَ: فَسَكَتَ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُنِي فِي يَوْمٍ، أَخْوَفَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى قَالَ: " إِلَّا سُهَيْلُ ابْنُ بَيْضَاءَ " قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا، وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ، وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 67] ، إِلَى قَوْلِهِ {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68] (2)
إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو عبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود-، لم يسمع من أبيه، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وعمرو بن مرة: هو المرادي الكوفي. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 4/207-208 من طريق الإمام أحمد، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/417 و14/370-372، والترمذي (1714) و (3084) ، والطبري في "التفسير" [الأنفال: 67] ، و"التاريخ" 2/476، والبيهقي في "السنن" 6/321، والواحدي في "أسباب النزول" ص 236-237، من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن! وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وقال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث أبي عبيدة لم يروه عنه إلا عمرو بن مرة. وأخرجه مختصراً الطبراني في "الكبير" (10260) من طريق حفص بن أبي داود الأسدي، عن عمرو بن مرة، به. وفيه بدل عبد الله بن رواحة عبد الله بن جحش، وهو الصواب، كما ذكر الطبراني برقم (10259) ، وسيرد كذلك برقم (3634) . وأخرجه الطبراني أيضا في "الكبير" (10257) من طريق موسى بن مطير، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود. وذكره الهيثمي في "المجمع" 6/87، وقال: وفيه موسى بن مطير، وهو ضعيف. قلنا: موسى بن مطير كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم والساجي وجماعة: متروك، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن حبان: صاحب عجائب ومناكير لا يشك سامعها أنها موضوعة، فلا يفرح بهذه الطريق. والحديث بطوله ذكره الهيثمي في "المجمع" 6/86-87، وقال: روى الترمذي منه طرفا، رواه أحمد.... ورواه أبو يعلى بنحوه، ورواه الطبراني أيضاً، وفيه أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، ولكن رجاله ثقات. ورواه أحمد في الرواية رقم (3634) . وأخرجه مطولاً ومختصرا أبو يعلى (5187) عن أبي خيثمة، والطبراني في "الكبير" (10259) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 4/208، من طريق أبي الوليد الطيالسي، والحاكم 3/21-22، ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 3/138 من طريق إسحاق بن إبراهيم، ثلاثتهم عن جرير بن حازم. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه! ووافقه الذهبي، وقال: صحيح! سمعه جرير بن عبد الحميد. قلنا: هو منقطع كما ذكرنا آنفاً، وجرير هذا هو ابن حازم. وقال الطبراني: جعل موضع عبد الله بن رواحة عبد الله بن جحش، والصواب عبد الله بن جحش. قلنا: لم يرد على الصواب عند الحاكم وأبي نعيم والبيهقي.
وقوله: "إلا سهيل بن بيضاء"، قال ابن سعد في "الطبقات" 4/213: والذي روى هذه القصة في سهيل بن بيضاء قد أخطأ، سهيل بن بيضاء أسلم قبل عبد الله بن مسعود ولم يستخف بإسلامه، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلماً لا شك فيه، فغلط من روى ذلك الحديث ما بينه وبين أخيه، لأن سهيلاً أشهر من أخيه سهل، والقصة في سهل، وأقام سهل بالمدينة بعد ذلك، وشهد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض المشاهد، وبقي بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلنا: سيرد الاسم على الصحيح في الرواية الآتية برقم (3634) . ولبعضه شاهد من حديث عمر عند مسلم (1763) (58) ، تقدم برقم (208) و(221) . وآخر من حديث أنس، سيرد 3/243. وثالث من حديث ابن عمر عند الحاكم 2/329، وصححه ووافقه الذهبي، وقال: على شرط مسلم، ونسبه ابن كثير في "التفسير" إلى ابن مردويه.
فال السندي: قوله: "استأن": بهمزة بعد التاء، أي: انتظر لهم . قوله: "إن الله ليلين قلوب رجال فيه": أي: في شأنه والتقرب إليه، يريد أن مقصود الكل هو الله تعالى، إلا أن منهم من يتقرب إليه باللطف واللين، ومنهم من يتقرب إليه بالشدة. قوله: "وإن مَثَلَكَ"، بفتحتين: أي: حالك وصفتك في لين قلبك في الله. قوله: "أنتم عالة"، أي: محتاجون ليس لكم مال.
قارن بقول الواقدي:
فَحَدّثَنِى عِيسَى بْنُ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَصَابَ أَبُو بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ أَسِيرًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهُ: مَعْبَدُ بْنُ وَهْبٍ، مِنْ بَنِى سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ، فَلَقِيَهُ عُمَرُ ابْنُ الْخَطّابِ، وَكَانَ عُمَرُ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ يَحُضّ عَلَى قَتْلِ الأَسْرَى، لا يَرَى أَحَدًا فِى يَدَيْهِ أَسِيرًا إلاّ أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرّقَ النّاسُ. فَلَقِيَهُ مَعْبَدٌ وَهُوَ أَسِيرٌ مَعَ أَبِى بُرْدَةَ فَقَالَ: أَتَرَوْنَ يَا عُمَرُ أَنّكُمْ قَدْ غَلَبْتُمْ؟ كَلاّ وَاللاّتِ وَالْعُزّى فَقَالَ عُمَرُ: عِبَادَ اللّهِ الْمُسْلِمِينَ أَتَكَلّمُ وَأَنْتَ أَسِيرٌ فِى أَيْدِينَا؟ ثُمّ أَخَذَهُ مِنْ أَبِى بُرْدَةَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. وَيُقَالُ: إنّ أَبَا بُرْدَةَ قَتَلَهُ.
فَحَدّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ إسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “لا تُخْبِرُوا سَعْدًا بِقَتْلِ أَخِيهِ فَيَقْتُلَ كُلّ أَسِيرٍ فِى أَيْدِيكُمْ”.
فَحَدّثَنِى خَالِدُ بْنُ الْهَيْثَمِ مَوْلَى بَنِى هَاشِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “لا يَتَعَاطَى أَحَدُكُمْ أَسِيرَ أَخِيهِ فَيَقْتُلَهُ”. وَلَمّا أُتِىَ بِالأَسْرَى كَرِهَ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “يَا أَبَا عَمْرٍو، كَأَنّهُ شَقّ عَلَيْك الأَسْرَى أَنْ يُؤْسَرُوا”. قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللّهِ كَانَتْ أَوّلَ وَقْعَةٍ الْتَقَيْنَا فِيهَا وَالْمُشْرِكُونَ فَأَحْبَبْت أَنْ يُذِلّهُمْ اللّهُ وَأَنْ يُثْخَنَ فِيهِمْ الْقَتْلُ.
... حَدّثَنَا مُحَمّدٌ، قَالَ: حَدّثَنَا الْوَاقِدِىّ، قَالَ: فَحَدّثَنِى مَعْمَرٌ، عَنْ الزّهْرِىّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “اللّهُمّ اكْفِنِى نَوْفَلَ بْنَ خُوَيْلِدٍ”، وَأَقْبَلَ نَوْفَلٌ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ مَرْعُوبٌ قَدْ رَأَى قَتْلَ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ فِى أَوّلِ مَا الْتَقَوْا هُمْ وَالْمُسْلِمُونَ يَصِيحُ بِصَوْتٍ لَهُ زَجَلٌ رَافِعًا صَوْتَهُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ الْعَلاءِ وَالرّفْعَةِ فَلَمّا رَأَى قُرَيْشًا قَدْ انْكَسَرَتْ جَعَلَ يَصِيحُ بِالأَنْصَارِ: مَا حَاجَتُكُمْ إلَى دِمَائِنَا؟ أَمَا تَرَوْنَ مَا تَقْتُلُونَ؟ أَمَا لَكُمْ فِى اللّبَنِ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَأَسَرَهُ جَبّارُ بْنُ صَخْرٍ فَهُوَ يَسُوقُهُ أَمَامَهُ فَجَعَلَ نَوْفَلٌ يَقُولُ لِجَبّارٍ - وَرَأَى عَلِيّا مُقْبِلاً نَحْوَهُ - قَالَ: يَا أَخَا الأَنْصَارِ، مَنْ هَذَا؟ وَاَللاّتِى وَالْعُزّى، إنّى لأَرَى رَجُلاً، إنّهُ لَيُرِيدُنِى، قَالَ: هَذَا عَلِىّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، قَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ رَجُلاً أَسْرَعَ فِى قَوْمِهِ مِنْهُ، فَيَصْمُدُ لَهُ عَلِىّ عَلَيْهِ السّلامُ، فَيَضْرِبُهُ فَنَشِبَ سَيْفُ عَلِىّ فِى حَجَفَتِهِ سَاعَةً، ثُمّ نَزَعَهُ فَيَضْرِبُ سَاقَيْهِ وَدِرْعُهُ مُشَمّرَةٌ فَقَطَعَهُمَا؛ ثُمّ أَجْهَزَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِنَوْفَلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ”؟ فَقَالَ عَلِىّ: أَنَا قَتَلْته، قَالَ: فَكَبّرَ رَسُولُ اللّهِ ÷، وَقَالَ: “الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِى أَجَابَ دَعْوَتِى فِيهِ”.
..... قَالُوا: وَلَمّا حُبِسَ الأَسْرَى بِبَدْرٍ - اُسْتُعْمِلَ عَلَيْهِمْ شُقْرَانُ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ اقْتَرَعُوا عَلَيْهِمْ - طَمِعُوا فِى الْحَيَا فَقَالُوا: لَوْ بَعَثْنَا إلَى أَبِى بَكْرٍ فَإِنّهُ أَوْصَلُ قُرَيْشٍ لأَرْحَامِنَا، وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا آثَرُ عِنْدَ مُحَمّدٍ مِنْهُ فَبَعَثُوا إلَى أَبِى بَكْرٍ فَأَتَاهُمْ فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ، إنّ فِينَا الآبَاءَ وَالأَبْنَاءَ وَالإِخْوَانَ وَالْعُمُومَةَ وَبَنِى الْعَمّ وَأَبْعَدُنَا قَرِيبٌ. كَلّمْ صَاحِبَك فَلْيَمُنّ عَلَيْنَا أَنْ يُفَادِنَا. فَقَالَ: نَعَمْ إنْ شَاءَ اللّهُ لا آلُوكُمْ خَيْرًا، ثُمّ انْصَرَفَ إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷.
قَالُوا: وَابْعَثُوا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، فَإِنّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ فَلا نَأْمَنُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيْكُمْ لَعَلّهُ يَكُفّ عَنْكُمْ، فَأَرْسَلُوا إلَيْهِ فَجَاءَهُمْ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالُوا لأَبِى بَكْرٍ، فَقَالَ: لَنْ آلُوكُمْ شَرّا، ثُمّ انْصَرَفَ إلَى النّبِىّ ÷ فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ وَالنّاسَ حَوْلَهُ وَأَبُو بَكْرٍ يُلَيّنُهُ وَيَفْثَؤُهُ وَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمّى قَوْمُك فِيهِمْ الآبَاءُ وَالأَبْنَاءُ وَالْعُمُومَةُ وَالإِخْوَانُ وَبَنُو الْعَمّ وَأَبْعَدُهُمْ مِنْك قَرِيبٌ فَامْنُنْ عَلَيْهِمْ مَنّ اللّهُ عَلَيْك، أَوْ فَادِهِمْ يَسْتَنْقِذْهُمْ اللّهُ بِك مِنْ النّارِ فَتَأْخُذَ مِنْهُمْ مَا أَخَذْت قُوّةً لِلْمُسْلِمِينَ فَلَعَلّ اللّهَ يُقْبِلُ بِقُلُوبِهِمْ إلَيْك، ثُمّ قَامَ فَتَنَحّى نَاحِيَةً وَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَلَمْ يُجِبْهُ.
ثُمّ جَاءَ عُمَرُ فَجَلَسَ مَجْلِسَ أَبِى بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ هُمْ أَعْدَاءُ اللّهِ كَذّبُوك وَقَاتَلُوك وَأَخْرَجُوك اضْرِبْ رِقَابَهُمْ هُمْ رُءُوسُ الْكُفْرِ وَأَئِمّةُ الضّلالَةِ يُوَطّئُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ بِهِمْ الإِسْلامَ، وَيُذِلّ بِهِمْ أَهْلَ الشّرْكِ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَعَادَ أَبُو بَكْرٍ إلَى مَقْعَدِهِ الأَوّلِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمّى قَوْمُك فِيهِمْ الآبَاءُ وَالأَبْنَاءُ وَالْعُمُومَةُ وَالإِخْوَانُ وَبَنُو الْعَمّ وَأَبْعَدُهُمْ مِنْك قَرِيبٌ فَامْنُنْ عَلَيْهِمْ أَوْ فَادِهِمْ هُمْ عِتْرَتُك وَقَوْمُك، لا تَكُنْ أَوّلَ مَنْ يَسْتَأْصِلُهُمْ يَهْدِيهِمْ اللّهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُهْلِكَهُمْ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ شَيْئًا.
وَتَنَحّى نَاحِيَةً فَقَامَ عُمَرُ فَجَلَسَ مَجْلِسَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا تَنْتَظِرُ بِهِمْ؟ اضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ يُوَطّئُ اللّهُ بِهِمْ الإِسْلامَ وَيُذِلّ أَهْلَ الشّرْكِ هُمْ أَعْدَاءُ اللّهِ كَذّبُوك وَقَاتَلُوك وَأَخْرَجُوك يَا رَسُولَ اللّهِ اشْفِ صُدُورَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ قَدَرُوا عَلَى مِثْلِ هَذَا مِنّا مَا أَقَالُونَاهَا أَبَدًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَامَ نَاحِيَةً فَجَلَسَ وَعَادَ أَبُو بَكْرٍ فَكَلّمَهُ مِثْلَ كَلامِهِ الّذِى كَلّمَهُ بِهِ، فَلَمْ يُجِبْهُ فَتَنَحّى نَاحِيَةً، ثُمّ قَامَ عُمَرُ فَكَلّمَهُ كَلامَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ.
ثُمّ قَامَ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَدَخَلَ قُبّتَهُ فَمَكَثَ فِيهَا سَاعَةً، ثُمّ خَرَجَ وَالنّاسُ يَخُوضُونَ فِى شَأْنِهِمْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: الْقَوْلُ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَآخَرُونَ يَقُولُونَ: الْقَوْلُ مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ ÷ قَالَ: “مَا تَقُولُونَ فِى صَاحِبَيْكُمْ هَذَيْنِ؟ دَعُوهُمَا فَإِنّ لَهُمَا مَثَلاً؛ مَثَلُ أَبِى بَكْرٍ كَمَثَلِ مِيكَائِيلَ يَنْزِلُ بِرِضَاءِ اللّهِ وَعَفْوِهِ، عَنْ عِبَادِهِ، وَمَثَلُهُ فِى الأَنْبِيَاءِ كَمَثَلِ إبْرَاهِيمَ كَانَ أَلْيَنَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْعَسَلِ أَوْقَدَ لَهُ قَوْمُهُ النّارَ وَطَرَحُوهُ فِيهَا، فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ قَالَ: {أُفّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}، وَقَالَ: فَمَنْ تَبِعَنِى فَإِنّهُ مِنّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنّك غَفُورٌ رَحِيمٌ وَمَثَلُهُ مَثَلُ عِيسَى، إذْ يَقُولُ: {إِنْ تُعَذّبْهُمْ فَإِنّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، وَمَثَلُ عُمَرَ فِى الْمَلائِكَةِ كَمَثَلِ جِبْرِيلَ يَنْزِلُ بِالسّخْطَةِ مِنْ اللّهِ وَالنّقْمَةِ عَلَى أَعْدَاءِ اللّهِ، وَمَثَلُهُ فِى الأَنْبِيَاءِ كَمَثَلِ نُوحٍ كَانَ أَشَدّ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ إذْ يَقُولُ: رَبّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيّارًا فَدَعَا عَلَيْهِمْ دَعْوَةً أَغْرَقَ اللّهُ الأَرْضَ جَمِيعَهَا، وَمَثَلِ مُوسَى إذْ يَقُولُ: رَبّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ وَإِنّ بِكُمْ عَيْلَةً فَلا يَفُوتَنّكُمْ رَجُلٌ مِنْ هَؤُلاءِ إلاّ بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ”.
فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: يَا رَسُولَ اللّهِ إلاّ سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ - قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ: هَذَا وَهْمٌ سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ، مَا شَهِدَ بَدْرًا، إنّمَا هُوَ أَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: سَهْلٌ - فَإِنّى رَأَيْته يُظْهِرُ الإِسْلامَ بِمَكّةَ، فَسَكَتَ النّبِىّ ÷ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ، قَالَ عَبْدُ اللّهِ: فَمَا مَرّتْ عَلَىّ سَاعَةٌ قَطّ كَانَتْ أَشَدّ عَلَىّ مِنْ تِلْكَ السّاعَةِ فَجَعَلْت أَنْظُرُ إلَى السّمَاءِ أَتَخَوّفُ أَنْ تَسْقُطَ عَلَىّ الْحِجَارَةُ لِتَقَدّمِى بَيْنَ يَدَىْ اللّهِ وَرَسُولِهِ بِالْكَلامِ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ رَأْسَهُ، فَقَالَ: “إلاّ سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ”، قَالَ: فَمَا مَرّتْ عَلَىّ سَاعَةٌ أَقَرّ لَعَيْنَىّ مِنْهَا، إذْ قَالَهَا رَسُولُ اللّهِ ÷. ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “إنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ لَيُشَدّدُ الْقَلْبَ فِيهِ حَتّى يَكُونَ أَشَدّ مِنْ الْحِجَارَةِ، وَإِنّهُ لَيُلَيّنُ الْقَلْبَ فِيهِ حَتّى يَكُونَ أَلْيَنَ مِنْ الزّبْدِ”.
وَقَبِلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْهُمْ الْفِدَاءَ، وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “لَوْ نَزَلَ عَذَابٌ يَوْمَ بَدْرٍ مَا نَجَا مِنْهُ إلاّ عُمَرُ”، كَانَ يَقُولُ: “اُقْتُلْ وَلا تَأْخُذْ الْفِدَاءَ”. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَقُولُ: اُقْتُلْ وَلا تَأْخُذْ الْفِدَاءَ.
فَحَدّثَنِى مَعْمَرٌ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷ يَوْمَ بَدْرٍ: “لَو كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِىّ حَيّا لَوَهَبْت لَهُ هَؤُلاءِ النّتْنَى”.
وَكَانَتْ لِمُطْعِمِ بْنِ عَدِىّ عِنْدَ النّبِىّ ÷ إجَارَةٌ حِينَ رَجَعَ مِنْ الطّائِفِ.
ويقول ابن هشام:
قال ابن إسحاق: حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصَّفْراء قُتل النضر بن الحارث، قتله على بن أبى طالب، كما أخبرنى بعض أهل العلم من أهل مكة.
قال ابن إسحاق: ثم خرج حتى إذا كان بعرْق الظَّبْية قُتل عُقبة ابن أبي مُعَيْط.
قال ابن إسحاق: والذي أسر عُقبة: عبدُ الله بن سلمة أحد بني العَجْلان.
قال ابن إسحاق: فقال عُقبة حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله: فمن للصبية يا محمد؟ قال: النار. فقتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري، أخو بنى عَمرو بن عوف، كما حدثني أبو عُبيده بن محمد بن عمار بن ياسر.
قال ابن هشام: ويقال قتله علىُّ بن أبى طالب فيما ذكر لى ابن شهاب الزهري وغيره من أهل العلم.
روى الطبراني في المعجم الكبير ج11:
12154 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : وأخبرنيه عثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس قال: فادى النبي صلى الله عليه و سلم أسارى بدر وكان فداء كل واحد منهم أربعة ألاف وقتل عقبة بن أبي معيط قبل الفداء قام إليه علي بن أبي طالب فقتله صبرا فقال : من للصبية يا محمد ؟ قال : النار
إسناده صحيح كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد، وذكره ابن جرير الطبري في التاريخ له. ورواه عبد الرزاق في مصنفه برقم 9394
وروى أبو داوود في سننه/كتاب الجهاد/باب في قتل الأسير صبرًا (يعني بضرب عنقه):
2686 - حدثنا علي بن الحسين الرقي قال ثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال أخبرني عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقا فقال له عمارة بن عقبة أخو الوليد بن عقبة - أتستعمل رجلا من بقايا قتلة عثمان ؟ فقال له مسروق حدثنا عبد الله بن مسعود وكان في أنفسنا موثوق الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد قتل أبيك قال من للصبية ؟ قال " النار " فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الألباني: حسن صحيح
هذا الرجل عقبة بن أبي معيط مع أنه لم يصدر عنه فيما وصلنا شيء سيء جدًّا ضد الإسلام ولعله كان رجلًا جيدًا ناله هجوم من المسلمين بدون ذنب لمجرد كرههم وكره محمد الشديد لأبيه، بما فيه قصة ذهابه لجمع زكاة بني المصطلق {إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ...} إلخ
وروى نحوه الطبراني في المعجم الأوسط ج3 حديثي 2949 و 3003 وروى كذلك:
3801 - حدثنا علي بن سعيد الرازي قال نا عبد الله بن حماد بن نمير قال نا عمي حصين بن نمير عن سفيان بن حسين عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قتل رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم بدر ثلاثة صبرا قتل النضر بن الحارث من بني عبد الدار وقتل طعيمة بن عدي من بني نوفل وقتل عقبة بن أبي معيط لم يرو هذا الحديث عن أبي بشر إلا سفيان بن حسين تفرد به حصين بن نمير
ندم محمد على جريمته
جاء في السيرة لابن هشام:
قال ابن إسحاق: وقالت قُتَيلة بن الحارث، أخت النضر بن الحارث، تبكيه:
يا راكباً إن الأثيْل مظنة من صُبحِ خامسةٍ وأنت مُوَفَّقُ
أبلغْ بها مَيْتاً بأن تحيةً ما إن تزالُ بها النجائبُ تَخْفقُ
مني إليك وعَبرةً مسفوحةً جادت بواكفِها وأخرى تخنُقُ
هل يسمعنِّي النضرُ إن ناديتُهُ أم كيف يسمع مَيِّتٌ لا ينطقُ
أمحمد يا خيرَ ضنْءِ كريمةٍ فى قومِها والفحلُ فحلٌ مُعْرِقُ
ما كان ضَرَّك لو مَنَنْت وربما مَنَّ الفتى وهو المَغيظُ المحْنَقُ
أو كنت قابلَ فديةٍ فليُنفقنَّ بأعز ما يغلو به ما يُنفَقُ فالنضرُ أقربُ
من أسَرْتَ قرابةً وأحقُّهم إن كان عِتْقٌ يُعتَقُ
ظلتْ سيوفُ بنى أبيه تَنُوشُهُ للّه أرحامٌ هناك تُشققُ
صَبراً يُقاد إلى المنية مُتْعَباً رَسْف المقيَّد وهُو عانٍ مُوثَقُ
قال ابن هشام: فيقال، والله أعلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه هذا الشعر، قال: لو بلغنى هذا قبل قتله لمننت عليه.
الواكف: السائل. أمحمد: أرادت يا محمداه على الندبة. والضنء: الولد. كريمة: تقصد أمه، والفحل: أي الأبّ، والمعرق: الكريم.
ورغم تغيير محمد لاحقًا لرأيه وأمره في القرآن بأخذ الفدية من أهل الأسرى أو المن والإحسان إليهم، فقد عرضنا في ج1 (حروب محمد الإجرامية) نماذج عديدة لقتل الأسرى في الإسلام على يد محمد وأصحابه، ففي غزوة حنين وأوطاس مثلًا عرضنا من مسند أحمد إجباره الأسرى على الإسلام، لقوم كل ما فعلوه هو الدفاع عن قومهم وأنفسهم، وفي غزوتي عليّ بن أبي طالب لليمن وغيرها كقتله من لم يسلموا من أسرى قبيلة طيء، بجريمة إبادة دينية قذرة، كما عرضناه في ج1/ ص749، وغيرها.
روى أحمد بن حنبل:
12529 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَبُو غَالِبٍ الْبَاهِلِيُّ، شَهِدَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَدَوِيُّ: يَا أَبَا حَمْزَةَ بِسِنِّ أَيِّ الرِّجَالِ كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ بُعِثَ؟ قَالَ: "ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً"، قَالَ: ثُمَّ كَانَ مَاذَا ؟ قَالَ: "كَانَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، فَتَمَّتْ لَهُ سِتُّونَ سَنَةً، ثُمَّ قَبَضَهُ اللهُ إِلَيْهِ". قَالَ: سِنُّ أَيِّ الرِّجَالِ هُوَ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ: "كَأَشَبِّ الرِّجَالِ، وَأَحْسَنِهِ، وَأَجْمَلِهِ، وَأَلْحَمِهِ"
قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ: هَلْ غَزَوْتَ مَعَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: نَعَمْ، غَزَوْتُ مَعَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ بِكَثْرَةٍ، فَحَمَلُوا عَلَيْنَا حَتَّى رَأَيْنَا خَيْلَنَا وَرَاءَ ظُهُورِنَا، وَفِي الْمُشْرِكِينَ رَجُلٌ يَحْمِلُ عَلَيْنَا، فَيَدُقُّنَا ، وَيُحَطِّمُنَا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فَهَزَمَهُمُ اللهُ فَوَلَّوْا، فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ حِينَ رَأَى الْفَتْحَ، فَجَعَلَ يُجَاءُ بِهِمْ أُسَارَى رَجُلًا رَجُلًا، فَيُبَايِعُونَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عَلَيَّ نَذْرًا لَئِنْ جِيءَ بِالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْمِ يُحَطِّمُنَا، لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ، قَالَ: فَسَكَتَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجِيءَ بِالرَّجُلِ، فَلَمَّا رَأَى نَبِيَّ اللهِ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، تُبْتُ إِلَى اللهِ، يَا نَبِيَّ اللهِ، تُبْتُ إِلَى اللهِ، قَالَ: فَأَمْسَكَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُبَايِعْهُ لِيُوفِيَ الْآخَرُ نَذْرَهُ . قَالَ: فَجَعَلَ يَنْظُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْمُرَهُ بِقَتْلِهِ، وَجَعَلَ يَهَابُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَلَمَّا رَأَى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا بَايَعَهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ نَذْرِي، قَالَ: "لَمْ أُمْسِكْ عَنْهُ مُنْذُ الْيَوْمِ، إِلَّا لِتُوفِيَ نَذْرَكَ" . فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَلَا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ ؟ فَقَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ"
إسناده صحيح، عبد الصمد وأبوه من رجال الشيخين، ونافع أبو غالب -ويقال في اسمه أيضاً: رافع- من رجال أبي داود والترمذي وابن ماجه. وأخرجه ابن سعد 2/308، والبيهقي في "الدلائل" 7/237 من طريق عبد الله بن عمرو أبو معمر المِنْقري، وأبو داود (3194) عن داود بن معاذ، كلاهما عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد -واقتصر ابن سعد والبيهقي على الشطر الأول، بينما خرَّج أبو داود الشطر الثاني منه، وزاد فيه صفة القيام في صلاة الجنازة على الرجل والمرأة السالفة برقم (12180) .
قوله "أومضْت" ، قال السندي: أي: أشرت إليَّ بالعين.
قال الطبري في التفسير:
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما كان لنبي أن يحتبس كافرًا قدر عليه وصار في يده من عبدة الأوثان للفداء أو للمنّ. و"الأسر" في كلام العرب: الحبس، يقال منه: "مأسورٌ"، يراد به: محبوس. ومسموع منهم: "أبَاله الله أسْرًا".
وإنما قال الله جل ثناؤه ذلك لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، يعرِّفه أن قتل المشركين الذين أسرهم صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثم فادى بهم، كان أولى بالصواب من أخذ الفدية منهم وإطلاقهم.
وقوله: (حتى يثخن في الأرض) ، يقول: حتى يبالغ في قتل المشركين فيها، ويقهرهم غلبة وقسرًا. يقال منه: "أثخن فلان في هذا الأمر"، إذا بالغ فيه. وحكي: "أثخنته معرفةً"، بمعنى: قتلته معرفةً. = (تريدون) ، يقول للمؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تريدون) ، أيها المؤمنون، (عرض الدنيا) ، بأسركم المشركين =وهو ما عَرَض للمرء منها من مال ومتاع. يقول: تريدون بأخذكم الفداء من المشركين متاع الدنيا وطُعْمها = (والله يريد الآخرة) ، يقول: والله يريد لكم زينة الآخرة وما أعدّ للمؤمنين وأهل ولايته في جناته، بقتلكم إياهم وإثخانكم في الأرض. يقول لهم: فاطلبوا ما يريد الله لكم وله اعملوا، لا ما تدعوكم إليه أهواء أنفسكم من الرغبة في الدنيا وأسبابها...
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16286- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) ، وذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم، أنزل الله تبارك وتعالى بعد هذا في الأسارى: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) ، [سورة محمد: 4] ، فجعل الله النبيَّ والمؤمنين في أمر الأسارى بالخيار، إن شاءوا قتلوهم، وإن شاءوا استعبدوهم، وإن شاءوا فادَوْهم.
16287- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا) ، الآية، قال: أراد أصحاب نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر الفداءَ، ففادوهم بأربعة آلاف أربعة آلاف. ولعمري ما كان أثخن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ! وكان أول قتال قاتله المشركين.
16288- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن حبيب بن أبي عمرة، عن مجاهد قال: "الإثخان"، القتل.
16289- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا شريك، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير في قوله: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) ، قال: إذا أسرتموهم فلا تفادوهم حتى تثخنوا فيهم القتلَ.
16293- حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية قال، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: لما كان يوم بدر وجيء بالأسرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله، قومك وأهلك، استبقهم واستأنهم، لعل الله أن يتوب عليهم. وقال عمر: يا رسول الله، كذبوك وأخرجوك، قدّمهم فاضرب أعناقهم! وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله، انظر واديًا كثير الحطب فأدخلهم فيه، ثم أضرمه عليهم نارا. قال: فقال له العباس: قُطِعتْ رَحِمُك! قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبهم، ثم دخل. فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر. وقال ناس: يأخذ بقول عُمر. وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة. ثم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنّ الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوبَ رجال حتى تكون أشد من الحجارة! وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم، قال: (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة إبراهيم: 36] ، ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى قال: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ) ، الآية [سورة المائدة: 118] . مثلك يا عمر مثل نوح، قال: (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) [سورة نوح: 26] ، ومثلك كمثل موسى قال: (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ) [سورة يونس: 88] . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم عالة، فلا ينفلتّنَ أحدٌ منهم إلا بفداء أو ضرب عنق. قال عبد الله بن مسعود: إلا سهيل بن بيضاء، فإني سمعته يذكر الإسلام! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأيتُني في يوم أخوفَ أن تقع عليَّ الحجارة من السماء، مني في ذلك اليوم، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا سهيل بن بيضاء. قال: فأنزل الله: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) ، إلى آخر الثلاث الآيات.
بعد معركة بدر، كان محمد لكرهه الشديد لقومه قريش يريد قتل كل الأسرى القرشيين وعمل مذبحة، وكان قد قتل كبار قادتهم ممن أُسِروا، ثم أراد قتل الكل، فاعترض البعض من أهل التعقل باعتبار الأسرى من قومهم في النهاية، ووافق البعض، يتجلى هذا في موقف أبي بكر وعمر، وافق محمد على رأي أبي بكر على مضض غير مرتاح له نفسيًّا لكن عقله ألزمه أنه الصواب لكي لا تبدو صورته سيئة أمام الناس كسفاح يبيد الأسرى في أول دعوته لكي لا يخسر شعبية لا يزال يحتاجها ليزيد قواه، لكنه وضع رغم ذلك قاعدة تنص على قتل الأسرى دومًا حتى يتمكن من السيطرة على شبه جزيرة العرب ويكون له السلطان.
بشاعات قتل الأسرى في حروب محمد كتشريع إسلامي محمدي غير إنساني ولا متحضر عرضناه في الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية) في بدر وحنين- وأوطاس وغيرها، وهو مثال لتناقض الإسلام مع حقوق الإنسان والعدالة والرحمة، شخص أُسِر لم يعد له حول ولا قوة، من العدل نوعًا ما أن تتقاتل وتقتل رجلًا في حرب رجل لرجل، لكن قتل شخص أسير مقيَّد مكبَّل ليس من المروءة في شيء. قارن كل هذا الإرهاب البغيض بقول محمد في مكة قبل هجرته وتمكنه من اكتساب القوة:
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10)} الإنسان
****
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)}
قال الطبري:
... (أولئك بعضهم أولياء بعض) ، يقول: هاتان الفرقتان، يعني المهاجرين والأنصار، بعضهم أنصار بعض، وأعوان على من سواهم من المشركين، وأيديهم واحدة على من كفر بالله، وبعضهم إخوان لبعض دون أقربائهم الكفار.
.... 16336- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسن، عن يزيد، عن عكرمة والحسن قالا (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله) ، إلى قوله: (ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) ، كان الأعرابي لا يرث المهاجر، ولا يرثه المهاجر، فنسخها فقال: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) .
16337- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعهم أولياء بعض) ، في الميراث = (والذين آمنوا ولم يهاجروا) ، وهؤلاء الأعراب = (ما لكم من ولايتهم من شيء) ، في الميراث = (وإن استنصروكم في الدين) يقول: بأنهم مسلمون = (فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) ، في الميراث = (والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم) ، ثم نسختها الفرائض والمواريث، = "وأولوا الأرحام". الذين توارثوا على الهجرة = (بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) ، فتوارث الأعرابُ والمهاجرون.
القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: (والذين آمنوا) . الذين صدقوا بالله ورسوله = (ولم يهاجروا) . قومهم الكفار، ولم يفارقوا دارَ الكفر إلى دار الإسلام = (ما لكم) ، أيها المؤمنون بالله ورسوله. المهاجرون قومَهم المشركين وأرضَ الحرب = (من ولايتهم) ، يعني: من نصرتهم وميراثهم من شيء حتى يهاجروا) ، قومَهم ودورَهم من دار الحرب إلى دار الإسلام = (وإن استنصروكم في الدين) ، يقول: إن استنصركم هؤلاء الذين آمنوا ولم يهاجروا = (في الدين) ، يعني: بأنهم من أهل دينكم على أعدائكم وأعدائهم من المشركين، "فعليكم"، أيها المؤمنون من المهاجرين والأنصار، (النصر) = (إلا) أن يستنصروكم = (على قوم بينكم وبينهم ميثاق) ، يعني: عهد قد وثَّق به بعضكم على بعض أن لا يحاربه = (والله بما تعملون بصير) ، يقول: والله بما تعملون فيما أمركم ونهاكم من ولاية بعضكم بعضًا، أيها المهاجرون والأنصار، وترك ولاية من آمن ولم يهاجر ونصرتكم إياهم عند استنصاركم في الدين، وغير ذلك من فرائض الله التي فرضها عليكم = (بصير) ، يراه ويبصره، فلا يخفى عليه من ذلك ولا من غيره شيء.
هنا يغرس محمد أفكارًا مغلوطة لتشويه وعي أتباعه، فيحوِّلهم من الحس السليم المشترك الإنساني بالأخوة بين كل البشر، وبين كل البشر وكل الكائنات الحية، إلى مفهوم ضيق شائه قسَّم فيه البشر إلى مؤمن يتبعه و"كافر" أو "مشرك" ممن لا يتبعونه، وأنه على المؤمنين المسلمين أن يوالوا ويصادقوا ويخلصوا لبعضهم البعض فقط، ولا تكون لهم علاقات حسنة أو موالاة وصداقات مع غير المسلمين، هذه تعاليم عنصرية شريرة تقسم البشر وتبعدهم عن بعضهم وعن التعاون والمحبة والأخوة فيما بينهم لأجل أوهام وخرافات ومصالح لزعماء طامعين في أموال وسلطة ونفوذ. وهنا يدين من لم يهاجروا من مكة، لأنه أراد تكوين خليته الإرهابية لإكراه من لا يقبلون ديانته عليها بالقوة والسلاح، فالمنطق الدينيّ المسالم كان سيقول أنه لا مانع من بقاء الإنسان في وطنه لأن العقيدة محلها "القلب" أعني الوجدان والعقل والاعتقاد، لكن ليس هذا ما كان عليه غرض محمد، بل احتاج في هذه المرحلة للمزيد من الأعداد لأن أتباعه كانوا لا يزالون قليلين وهو يحتاج جنودًا، لذلك هو يأمر من آمنوا بكلامه وديانته في كل بلد غير يثرب آنذاك باعتبارها بلاد "كفر" و "شرك" بالهجرة عنها والإتيان عليه لينضم الرجال القادرون لجيشه، وربما يدعمه بعضهم بمالٍ يأتون به. بتأسيس محمد في هذه السورة لمفهوم القتال لأجل عقيدة خرافية وقتل البشر لأجلها، وقاعدة الهجرة والانضمام لمجموعته، يعني ترك موالاة الأخوة الإنسانية وترك الوطنية والانتماء، واستبدالهما بالتعصب والانتماء الديني الوهمي، وإدانة من لا يهاجرون، كان محمد قد أسَّس الكثير من أسس وقواعد الإرهاب والعنف والتعصب الإسلامي الذي لا يزال مستمرًا إلى اليوم، وتعاني منه حتى الدول الإسلامية نفسها دون أن يدركوا أن المشكلة في الإسلام نفسه وليس في فهم خاطئ له وأنه لا حل لمشكلة الإرهاب سوى بحذف هذه الأفكار الرديئة الأصيلة في الإسلام من عقول الناس وتنويرهم ضد الإسلام وظلاميته.
47 محمد
{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)}
هنا الكلام كما قال المفسرون يتكلم عن الوثنيين المحاربين للمسلمين فقط، وليس عموم الوثنيين من المسالمين، رغم أن ظاهر النص قد يوحي بعكس ذلك وأنه عام في كل الوثنيين، لكن ليس هذا مقصوده، فما زلنا هنا لم نصل لتشريع القتال الاعتدائي الإرهابي، بل الكلام عن القتال والجهاد الدفاعي والانتقامي الثأري، لكن في النص الكثير من الأفكار المؤسسة للنهج الإرهابي: فالقتال ليس دفاعًا عن عدالة أو حقوق أو حماية وطن، بل هو لأجل صراع دينيّ، وقتال بين حق وباطل حسب زعم محمد، ويشجع المقاتلين على عدم الخوف من خسارة حيواتهم الحقيقية الوحيدة بالموت بدعوة وعد وهمي بجنة خرافية، ليقتلوا إخوة في الإنسانية أو يخسروا نفوسهم وكل ذلك غالٍ لأجل وهم وعدم.
قال الطبري:
يقول تعالى ذكره لفريق الإيمان به وبرسوله: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله ورسوله من أهل الحرب، فاضربوا رقابهم.
وقوله (حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ) يقول: حتى إذا غلبتموهم وقهرتم من لم تضربوا رقبته منهم، فصاروا في أيديكم أسرى (فَشُدُّوا الْوَثَاقَ) يقول: فشدّوهم في الوثاق كيلا يقتلوكم، فيهربوا منكم.
قوله (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) يقول: فإذا أسرتموهم بعد الإثخان، فإما أن تمنوا عليهم بعد ذلك بإطلاقكم إياهم من الأسر، وتحرروهم بغير عوض ولا فدية، وإما أن يفادوكم فداء بأن يعطوكم من أنفسهم عوضا حتى تطلقوهم، وتخلوا لهم السبيل.
واختلف أهل العلم في قوله (حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) فقال بعضهم: هو منسوخ نسخه قوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [النساء": 89] وقوله (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) [الأنفال: 57] .
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُمَيد وابن عيسى الدامغانيّ، قالا ثنا ابن المبارك، عن ابن جُرَيج أنه كان يقول، في قوله (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) نسخها قوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) .
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن السديّ (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) قال: نسخها (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) نسخها قوله (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) إلى قوله (وَإِمَّا فِدَاءً) كان المسلمون إذا لقوا المشركين قاتلوهم، فإذا أسروا منهم أسيرا، فليس لهم إلا أن يُفادوه، أو يمنوا عليه، ثم يرسلوه، فنسخ ذلك بعد قوله (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) : أي عظ بهم من سواهم من الناس لعلهم يذّكرون.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، قال: كتب إلى أبي بكر رضي الله عنه في أسير أُسر، فذكر أنهم التمسوه بفداء كذا وكذا، فقال أبو بكر: اقتلوه، لقتلُ رجل من المشركين، أحبّ إليّ من كذا وكذا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ) ... إلى آخر الآية، قال: الفداء منسوخ، نسختها: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ) ... إلى (كُلَّ مَرْصَدٍ) [التوبة: 5] قال: فلم يبق لأحد من المشركين عهد ولا حرمة بعد براءة، وانسلاخ الأشهر الحرم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) هذا منسوخ، نسخه قوله: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) فلم يبق لأحد من المشركين عهد ولا ذمة بعد براءة.
هذا الرأي الذي نقله الطبري عن بعضهم ربما أغلبيتهم هو ما نراه في سيرة محمد وتاريخ حروب الردة في عصر خليفته أبي بكر، فقد رأينا في (حروب محمد الإجرامية) أنه أعلن آخر الأمر في سورة التوبة- المسماة براءة بأنه يجب على المسلمين إبادة وتقتيل الوثنيين إلا أن يُسلموا ويتبعوا الإسلام ولو نفاقًا، فلا معنى للفداء والمن بعد هذا التشريع بل ألغى بذلك كل تعايش أو رحمة أو احترام لحقوف الإنسان كحق الحياة وحق حرية الاعتقاد، وكذلك رأينا في الجزء الأول المذكور (حروب محمد) أنه كان يقتل هو وأصحابه كل أسير يرفض الإسلام كما حدث في حنين-وأوطاس، وإحدى غزوتي علي لليمن، وغيرها، ومن بعده لم يترك أبو بكر ومن معه من الوثنيين وأتباع مدعي النبوة الآخرين أحدًا منهم إلا من عاد إلى الإسلام، والوحيدون الذين نجى أسراهم بدرجة متوسطة من القتل هم المسلمون رافضو دفع الزكاة للدولة القائلون بوضعها في القبائل، لأنهم في النهاية مسلمون لا ينكرون خرافة الإسلام ولا يستبدلونها بخرافة وديانة خرافية أخرى، ومع ذلك قتل خالد بن الوليد وجنوده الكثيرين منهم، وكانوا لا يقتلون النساء من الوثنيين وتابعي مدعي النبوات الآخرين لأنهم كانوا يأخذونهن كسبايا مستعبدات باعتبار تشريع الإسلام أن المرأة لا تُقتَل، وأن النساء العربيات بأغلبهن كان يسهل تحويلهم إلى الإسلام لأنهن من النوع المنقاد للرجال المسيطرين عليهم.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه:
33301- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ هَذِهِ الْجَزِيرَةِ مِنَ الْعَرَبِ عَلَى الإِسْلاَمِ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ غَيْرَهُ , وَكَانَ أَفْضَلَ الْجِهَاد , وَكَانَ بَعْدَهُ جِهَادٌ آخَرُ عَلَى هَذِهِ الطُّغْمَةِ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ : {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ} إلَى آخِرِ الآيَةِ ، قَالَ الْحَسَنُ : مَا سِوَاهُمَا بِدْعَةٌ وَضَلاَلَةٌ.
وقال الطبري رأيًا آخر، رأيًا إنسانيًّا أرحم وأفضل، لكنه لا ينسجم مع حقيقة ما درسناه سابقًا في سيرة محمد:
وقال آخرون: هي محكمة وليست بمنسوخة، وقالوا: لا يحوز قتل الأسير، وإنما يجوز المن عليه والفداء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو عتاب سهل بن حماد، قال: ثنا خالد بن جعفر، عن الحسن، قال: أتى الحجاج بأسارى، فدفع إلى ابن عمر رجلا يقتله، فقال ابن عمر: ليس بهذا أُمرنا، قال الله عزّ وجلّ (حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) قال: [فعلا منهم] البكاء بين يديه فقال الحسن: لو كان هذا وأصحابه لابتدروا إليهم.
حدثنا ابن حميد وابن عيسى الدامغانيّ، قالا ثنا ابن المبارك، عن ابن جُرَيج، عن عطاء أنه كان يكره قتل المشرك صبرا، قال: ويتلو هذه الآية (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) .
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن، قال: لا تقتل الأسارى إلا في الحرب يهيب بهم العدوّ.
قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: كان عمر بن عبد العزيز يفديهم الرجل بالرجل، وكان الحسن يكره أن يفادى بالمال.
قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن رجل من أهل الشأم ممن كان يحرس عمر بن عبد العزيز، وهو من بني أسد، قال: ما رأيت عمر رحمه الله قتل أسيرا إلا واحدا من الترك كان جيء بأسارى من الترك، فأمر بهم أن يُسترقوا، فقال رجل ممن جاء بهم: يا أمير المومنين، لو كنت رأيت هذا لأحدهم وهو يقتل المسلمين لكثر بكاؤك عليهم، فقال عمر: فدونك فاقتله، فقام إليه فقتله.
والصواب من القول عندنا في ذلك أن هذه الآية محكمة غير منسوخة، وذلك أن صفة الناسخ والمنسوخ ما قد بيَّنا في غير موضع في كتابنا إنه ما لم يجز اجتماع حكميهما في حال واحدة، أو ما قامت الحجة بأن أحدهما ناسخ الآخر، وغير مستنكر أن يكون جعل الخيار في المنّ والفداء والقتل إلى الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وإلى القائمين بعده بأمر الأمة، وإن لم يكن القتل مذكورا في هذه الآية، لأنه قد أذن بقتلهم في آية أخرى، وذلك قوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ... الآية، بل ذلك كذلك، لأن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كذلك كان يفعل فيمن صار أسيرا في يده من أهل الحرب، فيقتل بعضا، ويفادي ببعض، ويمنّ على بعض، مثل يوم بدر قتل عقبة بن أبي مُعَيْطٍ وقد أتي به أسيرا، وقتل بني قُرَيظة، وقد نزلوا على حكم سعد، وصاروا في يده سلما، وهو على فدائهم، والمنّ عليهم قادر، وفادى بجماعة أسارى المشركين الذين أُسروا ببدر، ومنّ على ثمامة بن أثال الحنفيّ، وهو أسير في يده، ولم يزل ذلك ثابتا من سيره في أهل الحرب من لدن أذن الله له بحربهم، إلى أن قبضه الله إليه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دائما ذلك فيهم، وإنما ذكر جلّ ثناؤه في هذه الآية المنّ والفداء في الأسارى، فخصّ ذكرهما فيها، لأن الأمر بقتلهما والإذن منه بذلك قد كان تقدم في سائر آي تنزيله مكرّرا، فأعلم نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بما ذكر في هذه الآية من المنّ والفداء ما له فيهم مع القتل.
للأسف فنص سورة التوبة بالذات لا يدع مجالًا لترك وثنيٍّ في الأسر بدون قتله، وفقًا لنهج الإسلام لو اتبعوه حرفيًّا فهم لن يريدوا ولن يتصوروا حتى وجود وثنيّ كالهندوسي والبوديّ مثلًا (من وجهة نظري فالممارسة الأعلى والأصفى للبودية كفكر وممارسة بعض كهنة الثيراﭬادا في جنوب آسيا لا تعتبر وثنية، بل عقلانية دينية ذات مسحة إلحادية وغيبية في آن واحد، وهي الأقرب لفكر بودا الأصلي ونص الكتاب الضخم الـﭘاليّ "الـ تريبيتاكا"، لكن لن يقتنع المسلمون بذلك وليس عليه رأيهم)، لن يتصوروا وجود أحد هؤلاء يتنفس معهم نفس هواء الكوكب بدون أن يقتلوه! ربما يكون هناك مجال للنقاش بالنسبة لأسير مسيحي أو يهودي، لكن بالنسبة للوثنيين فلا شك أن هناك تناقضًا بين آية المن على الأسر في سورة محمد والتي في سورة الإنسان، مع ما يرد لاحقًا زمنيًّا في سورة التوبة.
مع ذلك وبصرف النظر عن النص القرآني الأصلي وأفعال محمد حسب كتب الأحاديث والسيرة، فإن كتب الفقه فيها خلاف بين المذاهب في مسألة وجوب قتل الوثنيين "المشركين" غير العرب_ "العجم" كما يسمونهم_من عدمه، وحول قبول الجزية منهم من عدمه، وعرضت سابقًا اقتباسًا من ذلك من (زاد المعاد) اكتفاءً به، حيث لا باع لي بصراحة في كتب الفقه على المذاهب الأربعة، بل أنا هنا أضيِّق الدراسة في دراسة النصوص والمنابع الأصلية للإسلام كمقدسة للمسلمين وملزِمة للحجة في النقد. بالتأكيد كثيرون من مسلمي اليوم رغم ذلك عندهم قدر من التسامح على الأقل لكي لا يقتلوا هندوسيًّا أو زردشتيًّا أو بوديًّا أو جاينيًّا أو صابئًا وغيرهم، لكن الويل كل الويل من الإرهابيين الأصوليين الآخذين بالمعاني والقيم الأصلية للنصوص الإرهابية. فهم يقومون بتفجير عمارات في السعودية لوجود عمالة هندوسية بها لأنهم يعلمون أن محمدًا أمر بعدم وجود غير مسلمين في شبه جزيرة العرب، وفي العراق طاردوا وقتّلوا الصابئين واليزيديين باعتبار أنهم لا نص واضح بأخذ جزية منهم في النصوص الأصلية، رغم أن بعض الفقهاء سمى المجوس والصابئة أشباه أهل الكتاب وألحق حكمهم بهم، لكنهم لا يأخذون بذلك، خاصة في حالة اليزيديين كديانة لم يذكرها الإسلام ولكونها يُعتقَد أنها مزيج من عقائد الإسلام والزردشتية وديانة بدائية ما ربما. ويقال في الأخبار تعرض نساء اليزيديات (الإيزيديات) على يد تنظيم داعش للاستعباد والاغتصاب تحت مسمى السبي وبيع بعضهن، كثير من صابئة العراق هاجروا منها إلى دول الغرب للنجاة بحيواتهم في عصر كتابة هذا الكتاب، بعد سقوط نظام صدام حسين بفعل أمِرِكا وظهور الأنظمة الإرهابية الأشد عنفًا ربما في التاريخ كله، كالقاعدة وداعش، داعش تعتبر القاعدة غير ملتزمين! القاعدة نفسها تعتبرهم متشددين ومنشقين وربما حتى تصفهم بالإرهابيين المتجاوزين للحد، ياللشيطان! تطرف يبرأ منه حتى المتطرفون! أي عالم مجنون يعيش فيه بعض العرب اليوم. إن مصر دولة مستقرة وأهلها معتدلون لا انقسام وطائفية فيهم وجيشهم وطنيّ ضد التطرف. تحية إذن لجيش مصر ورجاله الوطنيون مسلمين ومسيحيين وربما ملحدين كذلك، وبالمثل تونس لكن جيشها ثبت ضعفه الشديد لصغر حجمها وعددها، تمنياتنا الطيبة لانصلاح حال العراق وسوريا وغيرهما.
{وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20)}
هؤلاء الرافضون للقتال والخائفون منه كانوا كما حكم المفسرون المنافقين، لأنهم رأوا أن لا مصلحة لهم في خوض حروب لأجل محمد ومزاعمه الواهية، ولنا أن نتساءل عن سبب اضطرارهم للنفاق في هذه المرحلة، كان ذلك حتمًا رغم عدم وصول الأمر لمرحلة الإرهاب الشديد والإكراه الديني والتقتيل، لكنهم خشوا على حيواتهم ولأجل مصالحهم وسلطة بعضهم لأن إرهاصات ذلك كانت كثيرة من عنف المسلمين وتحطيمهم لمعابد وتماثيل ديانتهم الوثنية في يثرب، حتى قبل مقدم محمد كما نعلم من بعض كتب تراجم الصحابة والسيرة كقصة صنم عمرو بن الجموح الشهيرة، كرواية الطبراني في المعجم الكبير ج20:
849 - حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا ابن لهيعة عن أبي الاسود عن عروة قال: فلما حضر الموسم حج نفر من الانصار من بني مالك بن النجار منهم معاذ بن عفراء و أسعد بن زرارة ومن بني زريق رافع بن مالك و ذكوان بن عبد قيس ومن بني عبد الأشهل أبو الهيثم بن التيهان ومن بني عمرو بن عوف عويم بن ساعدة فأتاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرهم خبره الذي اصطفاه الله من نبوته وكرامته وقرأ عليهم القرآن فلما سمعوا قوله أنصتوا واطمأنت أنفسهم الى دعوته وعرفوا ما كانوا يسمعون من أهل الكتاب من ذكرهم اياه بصفته وما يدعوهم اليه فصدقوه وآمنوا به وكانوا من أسباب الخير ثم قالوا له : قد علمت الذي بين الأوس والخزرج من الدماء ونحن نحب ما أرشد الله به أمرك ونحن لله ولك مجتهدون وانا نشير عليك بما ترى فامكث على اسم الله حتى نرجع الى قومنا فنخبرهم بشأنك وندعوهم الى الله ورسوله فلعل الله يصلح بيننا ويجمع أمرنا فانا اليوم متباعدون متباغضون وان تقدم علينا اليوم ولم نصطلح لم يكن لنا جماعة عليك ولكن نواعدك الموسم من العام المقبل فرضي رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي قالوا فرجعوا الى قومهم فدعوهم سرا وأخبروهم برسول الله صلى الله عليه و سلم والذي بعثه الله به ودعا اليه بالقرآن حتى قل دار من دور الانصار الا أسلم فيها ناس لا محالة ثم بعثوا الى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن ابعث الينا رجلا من قبلك فيدعو الناس بكتاب الله فانه أدنى أن يتبع فبعث اليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم مصعب بن عمير أخا بني عبد الدار فنزل في بني غنم على أسعد بن زرارة فجعل يدعو الناس سرا ويفشو الاسلام ويكثر أهله وهم في ذلك مستخفون بدعائهم ثم ان أسعد بن زرارة أقبل هو و مصعب بن عمير حتى أتيا بئر مرى أو قريبا منها فجلسنا هنالك وبعثنا الى رهط من أهل الارض فأتوهم مستخفين فبينما مصعب بن عمير يحدثهم ويقص عليهم القرآن أخبر بهم سعد بن معاذ فأتاهم في لأمته معه الرمح حتى وقف عليهم فقال : علام يأتينا في دورنا بهذا الوحيد الفريد الطريح الغريب يسفه ضعفاءنا بالباطل ويدعوهم اليه ؟ لا أراكم بعدها بشيء من جوارنا فرجعوا ثم انهم عادوا الثانية ببئر مرى أو قريبا منها فأخبر بهم سعد بن معاذ الثانية فواعدهم بوعيد دون الوعيد الاول فلما رأى أسعد منه لينا قال : يا ابن خالة اسمع من قوله فان سمعت منكرا فاردده يا هذا منه وان سمعت خيرا فأجب اليه فقال : ماذا يقول ؟ فقرأ عليهم مصعب بن عمير { حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون } فقال سعد بن معاذ : وما أسمع الا ما أعرف فرجع وقد هداه الله ولم يظهر لهم الاسلام حتى رجع الى قومه فدعا بني عبد الأشهل الى الاسلام وأظهر اسلامه وقال : من شك فيه من صغير أو كبير أو ذكر أو أنثى فليأتنا بأهدى منه نأخذ به فو الله لقد جاءَ أمرٌ لتُحَزَّنَّ فيه الرقابُ فأسلمت بنو عبد الأشهل عند اسلام سعد ودعائه الا من لا يذكر فكانت أول دور من دور الانصار أسلمت بأسرها ثم أن بني النجار أخرجوا مصعب بن عمير واشتدوا على أسعد بن زرارة فانتقل مصعب بن عمير الى سعد بن معاذ فلم يزل عنده يدعو ويهدي الله على يديه حتى قل دار من دور الانصار الا أسلم فيها ناس لا محالة وأسلم أشرافهم وأسلم عمرو بن الجموح وكُسِرَتْ أصنامُهُمْ فكان المسلمون أعز أهلها وصلح أمرهم ورجع مصعب بن عمير الى رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان يدعى المقرئ
قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني مرسلا وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات.
وذكر ابن هشام في السيرة عن ابن إسحاق:
فلما قدموا المدينة أظهروا الإسلام بها، وفى قومهم بقايا من شيوخ لهم على دينهم من الشرك، منهم عمرو بن الجَمُوح بن زيد بن حرام بن كعب بن غَنْم بن كعب بن سلمة، وكان ابنه مُعاذ بن عمرو شهد العقبة، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وكان عَمرو بن الجَموح سيداً من سادات بني سَلمة، وشريفاً من أشرافِهم؛ وكان قد اتخذ في داره صنما من خشب، يقال له: مَناةُ، كما كانت الأشراف يصنعون، تتخذه إلها تعظّمه وتطهره، فلما أسلم فتيان بني سَلَمة: معاذُ ابن جبل، وابنه مُعاذ بن عَمْرو بن الجَموح، في فتيان منهم ممن أسلم وشهد العقبة كانوا يدلجون بالليل على صنم عَمرو ذلك فيحملوِنه فيطرحونه في بعض حُفر بنى سلمة، وفيها عِذَرُ الناس، مُنَكَّسا على رأسه، فإذا أصبح عمرو، قال: ويلكم! من عدا على آلهتنا هذه الليلة؟ قال: ثم يغدو يلتمسه، حتى إذا وجده غسلَه وطهره وطيبه، ثم قال: أما واللّه لو أعلم من فعل هذا بك لأخْزِينَّه. فإذا أمسى ونام عَمرو، عَدَوا عليه، ففعلوا به مثل ذلك، فيغدو فيجده في مثل ما كان فيه من الأذى، فيغْسله ويطهره ويطيبه، ثم يعدون عليه، إذ أمسى، فيفعلون به مثل ذلك. فلما أكثروا عليه، استخرجه من حيث ألْقَوْه يوما، فغسله وطهره وطيبه، ثم جاء بسيفه فعلقه عليه، ثم قال: إني واللّه ما أعلم من يصنع بك ما ترى، فإن كان فيك خير فامتنع، فهذا السيف معك - فلما أمسى ونام عمرو، عَدَوا غليه، فأخذوا السيف من عنقه، ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل، ثم ألْقَوْه في بئر من آبار بني سَلَمة، فيها عِذَر من عِذر الناس، ثم غدا عَمرو بن الجَموح فلم يجده في مكانه الذي كان به.فخرج يتبعه حتى وجده في تلك البئر منَكَّسا مقرونا بكلب ميت، فلما رآه وأبصر شأنه، وكلمه من أسلم من قومه، فأسلم برحمة اللّه، وحسُنَ إسلامه
القصة فيها عنصر تلفيق وسخافة، فحتمًا لم يكن الوثنيون يعبدون الحجارة نفسها أو يعتقدون أنها لها فعل وقدرة، بل كانت رمزًا وتجسيدًا لأشكال آلهتهم كما تخيلّوها بزعمهم وخيالهم.
{إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)}
قال الطبري:
يقول تعالى ذكره: أملى الله لهؤلاء المنافقين وتركهم، والشيطان سول لهم، فلم يوفقهم للهدى من أجل أنهم (قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نزلَ اللَّهُ) من الأمر بقتال أهل الشرك به من المنافقين: (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ) الذي هو خلاف لأمر الله تبارك وتعالى، وأمر رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نزلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ) فهؤلاء المنافقون (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ) يقول تعالى ذكره: والله يعلم إسرار هذين الحزبين المتظاهرين من أهل النفاق، على خلاف أمر الله وأمر رسوله، إذ يتسارّون فيما بينهم بالكفر بالله ومعصية الرسول، ولا يخفى عليه ذلك ولا غيره من الأمور كلها.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة (أَسْرَارَهُمْ) بفتح الألف من أسرارهم على وجه جماع سرّ. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة (إِسْرَارَهُمْ) بكسر الألف على أنه مصدر من أسررت إسرارا.
... القول في تأويل قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)}
... وقوله: (فلعرفتهم بسيماهم) يقول: فلتعرفهم بعلامات النفاق الظاهرة منهم في فحوى كلامهم وظاهر أفعالهم ثم إن الله تعالى ذكره عرفه إياهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ) ... إلى آخر الآية، قال: هم أهل النفاق، وقد عرّفه إياهم في براءة، فقال: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) ، وقال: (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) .
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ... الآية، هم أهل النفاق (فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) فعرّفه الله إياهم في سوره براءة، فقال: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) ، وقال (قل لهم لن تَنْفِرُوا (1) معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) .
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ) قال: هؤلاء المنافقون، قال: والذي أسروا من النفاق هو الكفر.
قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) قال: هؤلاء المنافقون، قال: وقد أراه الله إياهم، وأمر بهم أن يخرجوا من المسجد، قال: فأبوا إلا أن تمسكوا بلا إله إلا الله; فلما أبوا إلا أن تمسكوا بلا إله إلا إلله حُقِنت دماؤهم، ونكحوا ونوكحوا بها.
هنا بعدما كان قد أجبر الكثيرين على الإسلام خوفًا من بدايات العنف في يثرب ولأجل حفاظهم على مصالحهم، بدأ محمد في ممارسة أسلوب التفتيش على الضمائر ربما لأول مرة في نصوص القرآن حسب ترتيب صياغته المقترح من نولدكه. وبدأ في أسلوب التهديدات ومصادرة حق البشر في حرية التعبير والرأي والعقيدة. ومن الآيات قبلها في السورة نفهم سعيه على إجبارهم على المشاركة في حروبه. ما الذي جعلهم يحملون الضغائن لمحمد وأتباعه سوى أنهم أُجبِروا على التظاهر بالإسلام وما الذي يجعل شخصًا مبغضًا لدين يضطر لاتباعه سوى الإكراه؟!
{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36)}
قال الطبري:
يقول تعالى ذكره: فلا تضعفوا أيها المؤمنون بالله عن جهاد المشركين وتجبُنوا عن قتالهم. كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَلا تَهِنُوا) قال: لا تضعفوا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (فَلا تَهِنُوا) لا تضعف أنت.
وقوله (وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ) يقول: لا تضعفوا عنهم وتدعوهم إلى الصلح والمسالمة، وأنتم القاهرون لهم والعالون عليهم (وَاللَّهُ مَعَكُمْ) يقول: والله معكم بالنصر لكم عليهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، غير أنهم اختلفوا في معنى قوله (وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ) فقال بعضهم: معناه: وأنتم أولى بالله منهم. وقال بعضهم: مثل الذي قلنا فيه.
ذكر من قال ذلك، وقال معنى قوله (وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ) أنتم أولى بالله منهم.
حدثني أحمد بن المقدام، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت أبي يحدّث، عن قتادة، في قوله (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) قال: أي لا تكونوا أولى الطائفتين تصرع.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) قال: لا تكونوا أولى الطائفتين صرعت لصاحبتها، ودعتها إلى الموادعة، وأنتم أولى بالله منهم والله معكم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) قال: لا تكونوا أولى الطائفتين صرعت إلى صاحبتها (وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ) قال: يقول: وأنتم أولى بالله منهم ذكر من قال معنى قوله (وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ) : أنتم الغالبون الأعزّ منهم.
.... حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فى قوله (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ) قال: هذا منسوخ، قال: نسخه القتال والجهاد، يقول: لا تضعف أنت وتدعوهم أنت إلى السلم وأنت الأعلى، قال: وهذا حين كانت العهود والهدنة فيما بينه وبين المشركين قبل أن يكون القتال، يقول: لا تهن فتضعف، فيرى أنك تدعو. إلى السلم وأنت فوقه، وأعزّ منه (وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ) أنتم أعزّ منهم، ثم جاء القتال بعد فنسخ هذا أجمع، فأمره بجهادهم والغلظة عليهم. وقد قيل: عنى بقوله (وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ) وأنتم الغالبون آخر الأمر، وإن غلبوكم في بعض الأوقات، وقهروكم في بعض الحروب.
بعد ما كان قد قام به محمد من إرسال سرايا انتقامية لقطع طريق تجارة قريش وتزودها بالطعام ووصول الأمر لقتل معتمرين وثنيين مسالمين في شهر حرام محرم فيه القتال عند العرب، هنا في هذا النص قام بتحريض أتباعه على الشر المطلق وعدم الميل للسلام مع القرشيين، وهون عليهم قيمة حيواتهم الشخصية بمزاعمه الخرافية، وهذه بداية واضحة للإرهاب، فهو ينهاهم عن السلام والصلح ويدعوهم إلى الاستمرار في الحرب والعنف. أو على الأقل ينهى عن المبادأة بالسلام وهو مبدأ خاطئ لأنه من بدأ بعلاقة دولية سيئة بقطع الطريق، حتى لو قيل أنه ينتقم من اضطهاد الأقلية المسلمة في مكة قبل الهجرة الذين لم يكونوا أكثر من ثلاثمئة نفرٍ بكثير، فقد كان يجب عليه هو مد يده بالصلح والسلام، وعمومًا كما حكموا على النص فإن حكم وجود أي سلام مع الوثنيين ملغيّ، إلا لو كانوا مضطرين له اضطرارًا لقوة الوثنيين العسكرية، وإلا فحسب شريعة محمد الأصلية القرآنية فإن عليهم إجبارهم على الإسلام واحتلال بلدانهم وتحطيم أصنامهم ومعابدهم وقتل من لا يُسلم أو يقاومهم وسبي نساء وأطفال المدن المقاومة للاحتلال الإسلامي، نفس الأمر مع المسيحيين ومن شابههم من يهود ومجوس، فالسلام معهم فقط في حالة الضعف، أما لو وُجِدَت القوة فحسب فقههم الحربيّ يجب احتلال دولهم ونهبها وفرض الجزية وخراج الأراضي الزراعية عليها.
{إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)}
هنا حرّض محمد الأتباع في يثرب على تمويل حروبه الإرهابية العدوانية ونتائجها من ضرورات الدفاع والاستعداد لرد فعل قريش وغيرها على عدوانه ضد الآخرين، ويوجد تناقض في كلامه فالأول ينفي أنه يريد أموالهم ويقول أنه يريد إخلاصهم للعقيدة فقط، ثم يعود فيطالبهم بعدها مباشرة بطلب الأموال منهم للدعم وأنه لا يحفيهم المسألةَ أو يطلب منهم كل ما يملكون أو الكثير منه. هذا تناقض في آيتين متجاورتين وراء بعضهما.
آيات مبكرة من سورة المائدة
ذكر ابن إسحاق في السيرة عن غزوة بني قينقاع:
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، قال: فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه، فقام إليه عبدُ الله بنُ أبى بنُ سلول، حين أمكنه منهم، فقال: يا محمد، أحسن في مواليَّ، وكانوا حلفاء الخزرج. قال: فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: يا محمدُ أحسنْ فى مَوَاليَّ، قال: فأعرض عنه. فأدخل يَده في جَيْبِ دِرْعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن هشام: وكان يقال لها: ذات الفُضول.
قال ابن إسحاق: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسلْني، وغضب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى رأوا لوجهه ظُلَلاً ثم قال: ويْحك! أرسلْني؛ قال: لا والله لا أرسلك حتى تُحسنَ في موالىَّ، أربعمائةِ حاسر وثلاثمائةِ دارعٍ قد منعوني من الأحمر والأسود، تَحْصُدهم في غَداةٍ واحدة، إنى والله امرؤ أخشى الدوائرَ؛ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم لك.
قال ابن هشام: واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة فى محاصرته إياهم بشير بن عبد المنذر، وكانت محاصرته إياهم خمس عشرة ليلة.
قال ابن إسحاق: وحدثني أبى: إسحاقُ بن يسار، عن عُبادة بن الوَليد بن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رِسولَ الله صلى الله عليه وسلم، تشبث بأمرهم عبدُ الله بنُ أبي ابنُ سلول وقام دونهم . ومشى عبادةُ بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحد بني عَوْف، لهم من حِلفه مثلُ الذى لهم من عبد الله بن أبي، فخلعهم إلى رسول صلى الله عليه وسلم، وتبرأ إلى الله عز وجل، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم من حلفِهم، وقال: يا رسول الله، أتولى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وأبرأ من حِلف هؤلاء الكفار وولايتهم . قال: ففيه وفى عبد الله بن أبى نزلت هذه القصة من المائدة) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ الله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ( أي لعبد الله بن أبى وقوله: إنى أخشى الدوائر )يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى الله أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ* وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ( [المائدة: 51-53] ثم القصة إلى قوله تعالى:) إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(.[المائدة: 55] وذكر لتولي عبادة بن الصامت الله ورسوله والذين آمنوا، وتبرئه من بنى قينقاع وحلفهم وولايتهم:) وَمَنْ يَتَوَلَّ الله وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمْ الْغَالِبُونَ(.[المائدة: 56]
هذه المفاهيم الناهية عن الأخوة الإنسانية الحقيقية لأجل الدين الخرافي المفرّق للناس يجب أن يرفضها الإنسان الفاضل الحكيم العاقل. وعرضت في موضعٍ آخر سابقًا حقيقة عدوان المسلمين على بني قينقاع.
3 آل عمران
{قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)}
هنا يشير محمد إلى موقعة بدر، ونلاحظ نصه على أن العدو الوثني المكي بزعمه كان مثلي أي ضعف عدد المسلمين، وهو يناقض زعم روايات كتب السيرة والأحاديث أنهم كانوا أكثر من ثلاثة أضعاف، وروى مسلم:
1763- حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ (ح) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ هُوَ سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ ، وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً ...إلخ
وروى أحمد بن حنبل:
208- حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ ، أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، قَالَ : نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ ثَلاثُ مِئَةٍ وَنَيِّفٌ ، وَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِذَا هُمْ أَلْفٌ وَزِيَادَةٌ...إلخ
إسناده حسن ، رجاله رجال الصحيح . أبو نوح : اسمه عبد الرحمن بن غزوان الضبي ، وقُراد لقب له . وأخرجه أبو داود (2690) عن أحمد بن حنبل ، بهذا الإسناد . مختصراً . وأخرجه ابن أبي شيبة 10 / 350 و14 / 365 - 366 ، ويعقوب بن شيبة في " مسند عمر " ص 63 - 64 ، وأبو عوانة 4 / 157 من طريق أبي نوح قُراد ، به ، وحسن يعقوب بن شيبة إسناده . وأخرجه عبد بن حميد (31) ، ومسلم (1763) ، ويعقوب بن شيبة ص 57 - 58 و58 - 60 و60 - 62 ، والترمذي (3081) ، والبزار (196) ، والبيهقي 9 / 189 و10 / 44 ، وأبو عوانة 4 / 152 و155 و156 ، وابن حبان (4793) ، والبيهقي في " السنن " 6 / 321 وفي " الدلائل " 3 / 51 - 52 ، وأبو نعيم في " الدلائل " (408).
نلاحظ تقسيمه الخيالي الوهمي للبشر على أساس اعتقادهم الديني، وهو تفكير عنصري وحجر أساس للفكر الإرهابي الهوسي، فالحرب برأيه وزعمه ليست للدفاع عن وطن وحدوده أو انتقام ما من قريش، بل هو صراع ديني جاهل بين الأديان.
{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)}
روى أبو داوود في سننه:
3001 - حدثنا مصرف بن عمرو الأيامي ثنا يونس يعني ابن بكير قال ثنا محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس قال لما أصاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قريشا يوم بدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع فقال " يامعشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشا " قالوا يا محمد لايغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لايعرفون القتال إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا فأنزل الله عزوجل في ذلك { قل للذين ستغلبون } قرأ مصرف إلى قوله { فئة تقاتل في سبيل الله } ببدر { وأخرى كافرة } .
ضعيف الإسناد
وأصل الخبر في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق، وذكرته في ج1 حروب محمد الإجرامية، وهو مرتبط بالتهديد الإرهابي من محمد لليهود ليتبعوه بالتخويف والإكراه.
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)} آل عمران
أراد محمد تكريه وتزهيد الناس في الحياة الحقيقية ومسرّاتها وملذّاتها بزعمه أنها مؤقتة وأن هناك أخرى وهمية أبدية فيما زعم، لكي يعطوه أموالهم لدعم الإنفاق على حروبه والتسليح، وليشاركوا فيها مغامرين بحيواتهم الثمينة، وكما عرضت في غزوة بدر مثلًا في الجزء الأول فقد كان جبانًا حريصًا على حياته جدًّا ويجعل أتباعه في الواجهة ليفدوه بحيواتهم، وهذا لم يكن سلوك شخص يعتقد بوجود فندق خمس نجوم بعد الموت.
{فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)}
لا يزال حتى الآن لم تظهر النصوص النهائية للتمييز العنصري وفرض الجزية والاحتلال على الكتابيين، والأمر بتقتيل وإبادة الوثنيين، رغم مرورنا بنصوص تؤسس حجر الأساس لمنطلقات الفكر الإرهابي ومنهجه، فهنا يقول محمد أن عليه إبلاغ وتوصيل رسالته المزعومة فقط، وليس إكراه الناس.
{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)}
قال ابن كثير:
نَهَى اللَّهُ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُوَالُوا الْكَافِرِينَ، وَأَنْ يَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ يُسِرُّون إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ تَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} أَيْ: مَنْ يَرْتَكِبُ نَهْيَ اللَّهِ فِي هَذَا فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ كَمَا قَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النِّسَاءِ:144] وَقَالَ [تَعَالَى] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الْمَائِدَةِ: 51] .
[وَقَالَ تَعَالَى] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} إِلَى أَنْ قَالَ: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الْمُمْتَحِنَةِ: 1] وَقَالَ تَعَالَى -بَعْدَ ذِكْرِ مُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالْأَعْرَابِ-: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الْأَنْفَالِ: 73] .
وَقَوْلُهُ: {إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} أَيْ: إِلَّا من خاف في بعض البلدان أوالأوقات مِنْ شَرِّهِمْ، فَلَهُ أَنْ يَتَّقِيَهُمْ بِظَاهِرِهِ لَا بِبَاطِنِهِ وَنِيَّتِهِ، كَمَا حَكَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: "إنَّا لَنَكْشرُ فِي وُجُوهِ أقْوَامٍ وَقُلُوبُنَا تَلْعَنُهُمْ".
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَيْسَ التَّقِيَّةُ بِالْعَمَلِ إِنَّمَا التَّقِيَّةُ بِاللِّسَانِ، وَكَذَا رَوَاهُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا التَّقِيَّةُ بِاللِّسَانِ..إلخ
وقال الطبري:
قال أبو جعفر: وهذا نهيٌ من الله عز وجل المؤمنين أن يتخذوا الكفارَ أعوانًا وأنصارًا وظهورًا، ولذلك كسر"يتخذِ"، لأنه في موضع جزمٌ بالنهي، ولكنه كسر"الذال" منه، للساكن الذي لقيه وهي ساكنة.
* * *
ومعنى ذلك: لا تتخذوا، أيها المؤمنون، الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلُّونهم على عوراتهم، فإنه مَنْ يفعل ذلك ="فليس من الله في شيء"، يعني بذلك: فقد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ="إلا أن تتقوا منهم تقاة"، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مُسلم بفعل، كما:-
6825 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله:"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين"، قال: نهى الله سبحانه المؤمنين أن يُلاطفوا الكفار أو يتخذوهم وليجةً من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفارُ عليهم ظاهرين، فيظهرون لهم اللُّطف، ويخالفونهم في الدين. وذلك قوله:"إلا أن تتقوا منهم تقاةً".
6826 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان الحجاجُ بن عمرو حليفُ كعب بن الأشرف، وابن أبي الحقيق، وقيس بن زيد، قد بَطَنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة بن المنذر بن زَنْبَر، وعبد الله بن جبير، وسعد بن خيثمة، لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء اليهود، واحذروا لزومهم ومباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم! فأبى أولئك النفر إلا مُباطنتهم ولزومهم، فأنزل الله عز وجل:"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين" إلى قوله:"والله على كل شيء قدير".
(2) الأثر: 6826- لم أجده في سيرة ابن هشام التي بين أيدينا من سيرة ابن إسحاق. وقوله: "بطنوا بنفر من الأنصار"، يقال: "بطن فلان بفلان يبطن بطونًا وبطانة" إذا كان خاصًا به، ذا علم بداخلة أمره، مؤانسًا له، مطلعًا على سره، ومنه المباطنة.
خطورة النص أنه يقسم البشر بتصنيف عنصري وهمي على أساس الأديان، وينهى المسلمين عن المودة والصداقة والمحبة والتعاون في الخير مع من هم غير مسلمين، وهذه مفاهيم شريرة لأن كل البشر أخوة في الإنسانية وفي الكينونة الأوسع من الإنسانية كذلك مع كل الكائنات. كذلك فمعنى هذا أن المسلم المتدين منافق بعمق فهو قد يود ويبتسم لغير المسلم، فيما هو يدبِّر لخراب بيته ورزقه أو لأذيته. فعقيدة التقية التي نصَّ عليها محمد تتضمن النفاق والشر. هذه تعاليم فاسدة، إذا كان قومك أو أتباع ديانة بلدك هم الظالمون المعتدون فعليك كرجل فاضل إن كنت كذلك أن تنضم لصفوف أعدائهم، لتنصر الحق والعدل. لو أني عشت في عصر الفتوحات العربية وكنت عربيًّا لكنت فضلت القتال بشرفٍ ضد العرب، التحيز لأجل القومية والدين والجنس والعرق تصرف همجي غير عادل وليس صفة الإنسان العادل الكامل، لا يختلف عن تعصب كلاب الحي وتآزرها في شجار يدخله كلب منهم مع كلبٍ غريب عنهم. العدالة والأخوة الإنسانية والكينونية أسمى من ذلك السلوك الهمجي المنحط. يلاحظ كذلك وفقًا لسبب الصياغة "النزول" كما ذكره الطبري من الخبر التاريخي الذي رواه ابن إسحاق أن النص أي الآية يتضمن تدخل محمد في حيوات الناس ومن يصادقون ومن يعرفون ومن لا يعرفون، وهي خطوة من خطواته لفرض الشمولية والدكتاتورية العاتية، لأن للناس حرية الاجتماع، والاجتماع بمن شاؤوا، والتكلم فيما شاؤوا، واعتقاد ما شاؤوا. التعاليم التي تدعو للنعرات التعصبية والتفرقة بين البشر وتكريهم في بعضهم هي تعاليم فاسدة باطلة وشريرة، يجب نبذها وإدانتها والتبرؤ منها.
ليس هذا ما عليه الأمر فقط، بل أراد محمد التحكم حتى في ضمائر ومشاعر الناس وهذا ما لم يستطعه، فحاول تخويفهم بالخرافات الدينية، ولكن هذا لن يخدع شخصًا ذكيًّا يؤمن بالأخوة الإنسانية ويكفر بالخرافات والعنصرية والهمجية وسلوكيات وعقلية البدائيين:
{قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)} آل عمران
قال الطبري:
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه:"قل" يا محمد، للذين أمرتهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ="إن تخفوا ما في صدوركم" من موالاة الكفار فتُسِرُّوه، أو تبدوا ذلكم من نفوسكم بألسنتكم وأفعالكم فتظهروه ="يعلمه الله"، فلا يخفى عليه. يقول: فلا تُضمروا لهم مودّةً ولا تظهروا لهم موالاة، فينالكم من عقوبة ربكم ما لا طاقة لكم به، لأنه يعلم سرّكم وعلانيتكم، فلا يخفى عليه شيء منه، وهو مُحصيه عليكم حتى يجازيَكم عليه بالإحسان إحسانًا، وبالسيئة مثلها،
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}
قال الطبري:
6846- حدثني المثنى قال، حدثنا علي بن الهيثم قال، حدثنا عبد الوهاب، عن أبي عبيدة قال: سمعت الحسن يقول: قال أقوامٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إنا لنحب ربنا! فأنزل الله جل وعز بذلك قرآنًا:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، فجعل الله اتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم علمًا لحبه، وعذاب من خالفه.
الشي الخطير في هذا التعليم الفاسد أنه يربط الخيرية (كون الشخص خيِّرًا صالحًا طيِّبًا) بلزوم طاعة محمد بصورة عمياء على الدوام، حب الله عند الإنسان الدينيّ يُقصَد به عمومًا حب الكينونة الكلية لكل البشر والكائنات الحية لو بمعنى أسطوري موجَّهًا لكائن وهميّ باعتباره رمزًا للخيرية الكاملة، محمد استغل الخير الذي في الناس وإحساسهم بالرغبة في عمل الخير والإحسان، وكمثل الشيطان الخرافيّ الذي في الأديان لبَّس عليهم الباطل على أنه الحق، والشر على أنه الخير، وأن اتباعهم له وفعل كل شيء غير أخلاقي كقتل الأبرياء لمجرد مخالفتهم لهم في العقيدة هو من الأمور التي يحوِّلها الله الخرافي بطريقة مستحيلة غير منطقية من لا أخلاقية إلى أخلاقية وصالحة! ويربط فعل الجهاد والإرهاب وقطع الطريق والغارات بمفهوم المغفرة فالله يغفر كل الذنوب مقابل ذلك، وفعل هذه الأمور الشريرة ليس من الذنوب، لأنه أمر به الله بزعمه، في حين أن التفكير أو الحرية أو محبة كل البشر هي الذنب والإثم بزعمه.
قال الطبري كذلك تفسيرًا آخر:
وقال آخرون: بل هذا أمرٌ من الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقول لوفد نجران الذين قدموا عليه من النصارى: إن كان الذي تَقولونه في عيسى من عظيم القول، إنما يقولونه تعظيمًا لله وحبًّا له، فاتبعوا محمدًا صلى الله عليه وسلم.
ذكر من قال ذلك:
6849 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير:"قل إن كنتم تحبون الله"، أي: إن كان هذا من قولكم - يعني: في عيسى - حبًّا لله وتعظيمًا له =،"فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، أي: ما مضى من كفركم ="والله غفور رحيم".
قال أبو جعفر: وأولى القولين بتأويل الآية، قولُ محمد بن جعفر بن الزبير. لأنه لم يجر لغير وفد نجرانَ في هذه السورة ولا قبل هذه الآية، ذكرُ قوم ادَّعوا أنهم يحبُّون الله، ولا أنهم يعظمونه، فيكون قوله."إن كنتم تحبون الله فاتبعوني" جوابًا لقولهم، على ما قاله الحسن. وأمّا ما روى الحسن في ذلك مما قد ذكرناه، فلا خبر به عندنا يصحّ، فيجوز أن يقال إنّ ذلك كذلك، وإن لم يكن في السورة دلالة على أنه كما قال. إلا أن يكون الحسن أرادَ بالقوم الذين ذكر أنهم قالوا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفدَ نَجران من النصارى، فيكون ذلك من قوله نظير اختيارنا فيه.
وفي السيرة لابن إسحاق برواية ابن هشام:
ثم قال{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله} أي إن كان هذا من قولكم حقا، حُبًّا للّه وتعظيماً له { فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } أي ما مضى من كفركم { وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ *قُلْ أَطِيعُوا الله وَالرَّسُولَ } فأنتم تعرفونه وتجدونه في كتابكم{ فَإِنْ تَوَلَّوْا } ، أي على كفرهم {فَإِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}. [آل عمران: 31،32]
حسب التفسير الثاني بربطه بنقاش مع المسيحيين، وهو محتمَل لتحدث الآيات بعده عن تراث وثقافة أساطير المسيحيين، فيمكن اعتبار حث محمد على اتباعه بربطه بحب الله غير منطقي، فلا دليل ملموس على وجود هذا الله، ولا أن له علاقة بمحمد، فليس على من آمن بإله غير إله الإسلام أن يتبع محمدًا لزومًا، لأنه قد يرى كشخص متدين في أفعال محمد مخالفة لخيرية الله المزعوم.
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)}
نموذج للفكر والاعتقاد الإسلامي المستكبر، وهو اعتقاد كثير من المسلمين وكثير من أهل كل دين تقريبًا، من حيث الاستعلاء واعتبار أنفسهم أحسن من باقي الناس، الناظر لأحوال المسلمين منذ نشؤوا ونشأت ديانتهم وحتى اليوم لا يرى أنهم خير أمة على الإطلاق، بل ربما من أسوئها وأشرها لغيرهم ولبعضهم البعض، عرضت بعض الأمور الكاشفة لعصر محمد في ج1 (حروب محمد)، وكتب التاريخ الإسلامي عن كل عصر ومكان وإقليم لهم مليئة ببشاعاتهم ضد الدول الأخرى والأقليات، وجرائمهم وعدوانهم على بعضهم الآخر تنازعًا على الحكم، كتاريخ الطبري والكتب عن تاريخ إسبانيا الأندلس، وغيرها. المسلمون اليوم ومنذ زمنٍ أمة من أكثر الأمم تأخرًا حضاريًّا وعلميًّا وتعليميًّا وثقافيًّا وتكنولوجيًّا، ولست سعيدًا بذلك، فهم أمتي بحكم الانتماء، وجهلهم وتأخرهم يعيق العلمنة والتنوير والتقدم عنهم. وهنا وصف محمد الكتابيين بأن أكثرهم فاسقون وهو وصف عنصريّ لشخص كان ينشر الكراهية والفرقة بين البشر.
ولعلم المفسرين بحقيقة سوء حالهم وحقيقتهم وأوضاعهم وتاريخهم كمسلمين، حاولوا التلاعب بتفسير النص، رغم عموم وإطلاق لفظه ودلالته العامّة، فاعترفوا بأنهم ليسوا خير وأحسن البشر، بل ربما من أسوئهم، قال الطبري:
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"كنتم خير أمة أخرجت للناس".
فقال بعضهم: هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وخاصة، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
*ذكر من قال ذلك:
7606- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال في:"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، قال: هم الذين خرجوا معه من مكة.
7607- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية، عن قيس، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس:"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، قال: هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة.
7608- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"، قال عمر بن الخطاب: لو شاء الله لقال:"أنتم"، فكنا كلنا، ولكن قال:"كنتم" في خاصة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن صنع مثل صنيعهم، كانوا خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
7609- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قال، عكرمة: نزلت في ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل.
7610- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن المقدام، عن إسرائيل، عن السدي، عمن حدثه: قال عمر:"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، قال: تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا.
7611- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، قال: هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
وروى أحمد في مسنده:
2463 - حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110] قَالَ: " هُمِ الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى الْمَدِينَةِ - قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ: مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "
إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سماك بن حرب، فمن رجال مسلم، وهو صدوق حسن الحديث، وجَود الحافظ في "الفتح" 8/225 إسناد هذا الحديث. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/130، وابن أبي شيبة 12/155-156 و14/334، والنسائي في "الكبرى" (11072) ، وابن جرير الطبري 4/43، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1157-آل عمران) ، والطبراني (12303) ، والحاكم 2/294 من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
كما ترى أيها القارئ الكريم كيف وصلت محاولة التلاعب والتهرب من معنى النص لعدم انطباقه على الواقع، فلعلمهم بجرائم الكثير من صحابة محمد وتقتيلهم لبعضهم البعض، تدنوا لدرجة القول بأنها تتعلق بخاصة ونخبة من أصحاب محمد، وليس كل أصحابه!
هناك تفسير آخر يجعل الأمر مشروطًا، قال الطبري:
وقال آخرون: معنى ذلك: كنتم خير أمة أخرجت للناس، إذا كنتم بهذه الشروط التي وصفهم جل ثناؤه بها. فكان تأويل ذلك عندهم: كنتم خير أمة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، أخرجوا للناس في زمانكم.
*ذكر من قال ذلك:
7614- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل:"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، يقول: على هذا الشرط: أن تأمرُوا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله = يقول: لمن أنتم بين ظهرانيه، كقوله: (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [سورة الدخان: 32] .
للأسف فهم لم يكونوا يومًا خير أمة من البشر، حتى بل وبالذات في عصر محمد والخلفاء الأوائل، بجرائم القتل والحروب وراجع (حروب محمد الإجرامية). لقد وصل الأمر لقتلهم بعض المسلمين اشتباهًا وتفتيشًا في الضمائر وممارسة للإرهاب، فلم يكونوا خيرًا للبشر بعمومهم ولا حتى لأنفسهم.
وقال ابن كثير:
وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عامةٌ فِي جَمِيعِ الْأُمَّةِ، كُلُّ قَرْن بِحَسْبِهِ، وَخَيْرُ قُرُونِهِمُ الَّذِينَ بُعثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلونهم، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} أَيْ: خِيَارًا {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} الْآيَةَ.
وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ، وَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ، وَمُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ، مِنْ رِوَايَةِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوية بْنِ حَيْدَة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً، أنْتُمْ خَيْرُهَا، وأنْتُمْ أكْرَمُ عَلَى اللهِ عزَّ وجَلَّ".
روى أحمد:
20015 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً . أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ "
إسناده حسن. الجُريري: هو سعيد بن إياس. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (1030) من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. إلا أنه قال: "أنتم آخرها" بدل قوله: "أنتم خيرها". وأخرجه عبد بن حميد (411) عن حسن بن موسى بإسناد آخر، وأخرجه (409) من طريق يزيد بن هارون، وأخرجه الدارمي (2760) ، وابن ماجه (4287) و (4288) ، والترمذي (3001) ، والطبري في "تفسيره" 1/265 و4/45، والطبراني في "المعجم الكبير" 19/ (1012) و (1023) و (1024) و (1025) من طرق عن بهز بن حكيم، به- وقال فيه بعضهم: "أنتم آخرها" بدل قوله:"أنتم خيرها"، ولفظ ابن ماجه: "نكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرها"، وزاد الترمذي في أوله: أنه سمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في قول الله تعالى: (كنتم خير أمة أُخرجت للناس) [آل عمران: 110] ...، وقال: حديث حسن.
20011 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ، وَابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ يَعْنِي يَحْيَى بْنَ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَعْنَى قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَزَعَةَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَهْزِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، ....إلخ ثُمَّ قَالَ: " هَاهُنَا تُحْشَرُونَ . هَاهُنَا تُحْشَرُونَ . هَاهُنَا تُحْشَرُونَ .، ثَلَاثًا، رُكْبَانًا وَمُشَاةً، وَعَلَى وُجُوهِكُمْ تُوفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ تَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى أَفْوَاهِكُمُ الْفِدَامُ . أَوَّلُ مَا يُعْرِبُ عَنْ أَحَدِكُمْ فَخِذُهُ " قَالَ ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ فَقَالَ: " إِلَى هَاهُنَا تُحْشَرُونَ.
إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير حكيم- وهو ابن معاوية بن جدة القشيري- وهو صدوق حسن الحديث، وغير والده معاوية بن حيدة، فقد روى لهما أصحاب السنن وعلّق لهما البخاري. عبد الله بن الحارث: هو ابن عبد الملك المخزومي، وأبو قزعة: هو سُوَيد بن حُجَير الباهلي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11431) ، وابن جرير الطبري 5/66 و24/107، والطبراني في "المعجم الكبير" 19/ (1038) من طريق يحيى بن أبي بكير وحده، بهذا الإسناد. ورواية الطبري في الموضع الأول والطبراني مختصرة من قوله: ما حق زوج أحدنا... إلى آخر الحديث.
ورى أحمد الحديث بطوله بالأرقام (20022) و (20037) و (20043). ورواه مختصراً بالأرقام (20013) و (20015) و (20018) و (20025) و (20026) و (20027) و (20029) و (20030) و (20031) و (20045) و(20049) و (20050) و (20053) .
763 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هُوَ قَالَ ؟: " نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَسُمِّيتُ أَحْمَدَ، وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا ، وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ "
إسناده حسن من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. زهير: هو ابن محمد التميمي أبو المنذر الخراساني، ومحمد بن علي: هو ابن الحنفية. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/434 عن يحيى بن أبي بكير، عن زهير، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البزار (656) من طريق أبي عامر العقدي، عن زهير بن محمد، به. ورواه أحمد برقم (1361) .
{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}
قال الطبري:
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: لن يضركم، يا أهل الإيمان بالله ورسوله، هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب بكفرهم وتكذيبهم نبيَّكم محمدًا صلى الله عليه وسلم شيئا ="إلا أذى"، يعني بذلك: ولكنهم يؤذونكم بشركهم، وإسماعكم كفرهم، وقولهم في عيسى وأمه وعزير، ودعائهم إياكم إلى الضلالة، ولن يضروكم بذلك، وهذا من الاستثناء المنقطع الذي هو مخالف معنى ما قبله، كما قيل:"ما اشتكى شيئًا إلا خيرًا"، وهذه كلمة محكية عن العرب سماعًا.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
7626- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"لن يضروكم إلا أذى"، يقول: لن يضروكم إلا أذى تسمعونه منهم.
7627- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله:"لن يضروكم إلا أذى"، قال: أذى تسمعونه منهم.
هذه عقلية المسلم الأصوليّ منذ نشأت وتجلّت في يثرب زمن محمد، يعتبرون مجرد التعبير عن عقيدة أخرى أو حرية الدعوة والتعبير عن العقائد والآراء المختلفة أو نقد الإسلام أو غيره وفق حق التعبير عن الرأي دون فرضه أو فرض استماعه على المخالف ذي الرأي الآخر، يعتبرون ذلك عداوة في حد ذاته، وهذه من بدايات تبلور وظهور منع محمد ومصادرته لحق البشر في حرية الرأي والاعتقاد. قارن قوله {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)} آل عمران، وهي عقلية متعصبة غير معقولة، لا أفهم لماذا مجرد الاختلاف بين ناس في معتقداتهم الخرافية الخيالية يكون مدعاة للحرب والقتال كما تصور محمد ويتصور كثير من المسلمين وغيرهم، يعود محمد إلى تصوير اليهود على أنهم أمة مغضوب عليها من الله الخرافي وبذلك يبرر تعرضهم للأذى من المسيحيين ومنه حسب نيته المسبقة بعد ذلك على أنها بمشيئة إلهية لإذلالهم، وهو تعليم عنصري فاسد يجعل المسيئين لليهود يبررون شرورهم بأنها بتقدير ومشيئة الله وأنه لا بأس من إيذاء إخوة لهم في الإنسانية بدعوى أنهم مغضوب عليهم من إله خرافي، يضع دين محمد أسبابًا خرافية غير معقولة ولا شخصية ولا موضوعية ووهمية استحواذية لكراهية الآخرين، دومًا ما تصور المسلمون اليهود والمسيحيين أو اليهود بالذات كجبناء يفرون من القتال ويقاتلون من حصون، أثبت التاريخ في الحروب الصليبية والاحتلال الإسرائيلي أنهم كانوا مغترّين بنصوص القرآن وأن الحقيقة أن فيهم شجعانًا ومستميتين وفتّاكين خطيرين فعلًا، ربما نفس الأمر تثبته حملات أمِرِكا لتكسير أعدائها وقواهم كأمة مسيحية. الصورة النمطية أثبتت فشلها للتبنّي في حروب المسلمين دفاعًا عن أوطانهم كالاحتلالات الإسرائيلي وسابقًا البريطاني والفرنسي وغيره، وكذلك فِعَال أمركا في حروبها ضد الإرهاب والخطر والقوة المحتملين من أمة الإسلام. أما تبرير محمد للعنة المزعومة الخزعبلية بقتلهم الأنبياء فقلتُ غيرَ ما مرةٍ أنه يتناقض مع مبدإ العدل، وقول محمد في عدة آيات {ولا تزر وازرة وزرَ أخرى}، ولعلم محمد باحتمال تناقض كلامه وأحكامه التعميمية مع ما كان قد يحدث ولم يكن له علم به كمستقبل قال كلامًا مطاطيًّا عائمًا بأن الله قد يؤيد الكتابيين واليهود لمشيئة عنده أو يساعدهم بعض الناس فينتصروا على المسلمين وغيرهم.
قال الطبري:
7631- حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال: حدثنا عباد، عن الحسن في قوله:"ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس"، قال: أذلهم الله فلا مَنْعة لهم، وجعلهم الله تحت أقدام المسلمين.
... 7640- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس"، قال: إلا بعهد، وهم يهود. قال: والحبل العهد. قال: وذلك قول أبي الهيثم بن التَّيَّهان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتته الأنصار في العقبة:"أيها الرجل، إنا قاطعون فيك حبالا بيننا وبين الناس"، يقول: عهودًا، قال: واليهود لا يأمنون في أرضٍ من أرض الله إلا بهذا الحبل الذي قال الله عز وجل. وقرأ: (وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) [سورة آل عمران: 55] ، قال: فليس بلد فيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود في شرق ولا غرب، هم في البلدان كلها مستذَلُّون، قال الله: (وَقَطَّعْنَاهُم فِي الأرْضِ أُمَمًا) [سورة الأعراف: 168] ، يهود.
هنا نرى ما قلته من تبرير الممارسات العنصرية وكراهية الأقليات كاليهود وغيرهم وأذيتهم والإساءة لهم وهم إخوتنا في الإنسانية بدعوى تبرير وأمر أو قدر إلهي خرافي مزعوم.
وقال ابن كثير:
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ ومُبشِّرًا لَهُمْ أَنَّ النَّصْرَ والظَّفر لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ الْكَفَرَةِ الْمُلْحِدِينَ، فَقَالَ: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} وَهَكَذَا وَقَعَ، فَإِنَّهُمْ يَوْمَ خَيْبَر أَذَلَّهُمُ اللَّهُ وأرْغَم آنَافَهُمْ وَكَذَلِكَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ بَنِي قَيْنُقَاع وَبَنِي النَّضِير وَبَنِي قُرَيْظَة كُلُّهُمْ أَذَلَّهُمُ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ النَّصَارَى بِالشَّامِ كَسَرهم الصَّحَابَةُ فِي غَيْرِ مَا مَوْطِنٍ، وسَلَبوهم مُلْك الشَّامِ أَبَدَ الْآبِدِينَ وَدَهْرَ الدَّاهِرِينَ، وَلَا تَزَالُ عِصَابة الإسلام قائمة بالشام حتى ينزل عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] وَهُمْ كَذَلِكَ، وَيَحْكُمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ بِشَرْعِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فيَكْسر الصَّلِيب، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، ويَضَع الجزْية، وَلَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامَ.
ديانة فاسدة في جوهرها وأسسها، ولا أمل في إصلاحها بإصلاحٍ دينيٍّ.
{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)}
هنا صور محمد أتباعه (ومن ضمنهم من أسلم ويسلم من الكتابيين) على أنهم هم فاعلو الخيرات الصالحون، وغيرهم فاسقون أشرار فجرة، ولعُمري هذي هي الصورة السائدة دومًا في عقلية المسلم العاميّ المُسمَّمة بالدين، وهو تعميم غير منطقي وتشويه لصورة غير المسلمين بما لا دليل على صحته، فكل دين فيه صالحون ومحسنون. أداء الصلوات الخرافية في حد ذاته ليس فضيلة، قالها الحكيم سقراطس قبلي بكثير، في حواره مع يوثيريو، كما رواه أفلاطون عنه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)}
قال الطبري:
وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين كانوا يخالطون حلفاءهم من اليهود وأهل النفاق منهم، ويصافونهم المودَّة بالأسباب التي كانت بينهم في جاهليتهم قبل الإسلام، فنهاهم الله عن ذلك وأن يستنصحوهم في شيء من أمورهم.
*ذكر من قال ذلك:
7680- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال، قال محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود، لما كان بينهم من الجوار والحِلْف في الجاهلية، فأنزل الله عز وجل فيهم، ينهاهم عن مباطنتهم تخوُّف الفتنة عليهم منهم:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم" إلى قوله:"وتؤمنون بالكتاب كله".
7681- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا"، في المنافقين من أهل المدينة. نهى الله عز وجل المؤمنين أن يتولَّوهم.
... 7685- حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا هشيم قال، أخبرنا العوام بن حوشب، عن الأزهر بن راشد، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تستضيئوا بنار أهل الشرك، ولا تنقشوا في خواتيمكم عربيا قال: فلم ندر ما ذلك، حتى أتوا الحسن فسألوه، فقال: نعم، أما قوله:"لا تنقشوا في خواتيمكم عربيًّا"، فإنه يقول: لا تنقشوا في خواتيمكم"محمد"، وأما قوله:"ولا تستضيئوا بنار أهل الشرك"، فإنه يعني به المشركين، يقول: لا تستشيروهم في شيء من أموركم. قال: قال الحسن: وتصديق ذلك في كتاب الله، ثم تلا هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم".
... قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: قد بدت بغضاء هؤلاء الذين نهيتكم أيها المؤمنون، أن تتخذوهم بطانة من دونكم لكم ="من أفواههم"، يعني بألسنتهم. والذي بدا لهم منهم بألسنتهم، (1) إقامتهم على كفرهم، وعداوتهم من خالف ما هم عليه مقيمونَ من الضلالة. فذلك من أوكد الأسباب في معاداتهم أهل الإيمان، لأن ذلك عداوة على الدين، والعداوة على الدين العداوة التي لا زوال لها إلا بانتقال أحد المتعاديين إلى ملة الآخر منهما، وذلك انتقال من هدى إلا ضلالة كانت عند المنتقل إليها ضلالة قبل ذلك. فكان في إبدائهم ذلك للمؤمنين، ومقامهم عليه، أبينُ الدلالة لأهل الإيمان على ما هم عليه من البغضاء والعداوة.
* * *
وقد قال بعضهم: معنى قوله:"قد بدت البغضاء من أفواههم"، قد بدت بغضاؤهم لأهل الإيمان، إلى أوليائهم من المنافقين وأهل الكفر، بإطلاع بعضهم بعضًا على ذلك. وزعم قائلو هذه المقالة أنّ الذين عنوا بهذه الآية أهل النفاق، دون من كان مصرحًا بالكفر من اليهود وأهل الشرك.
* ذكر من قال ذلك:
7691- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد عن قتادة، قوله:"قد بدت البغضاء من أفواههم"، يقول: قد بدت البغضاء من أفواهُ المنافقين إلى إخوانهم من الكفار، من غشهم للإسلام وأهله، وبغضهم إياهم.
7692- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"قد بدت البغضاء من أفواههم"، يقول: من أفواه المنافقين.
ما الذي جعل اليهود في يثرب يكرهون محمد منذ أول دعوته الدينية سنة 3 هجرية تقريبًا، زمن صياغة محمد للسياق هنا متحدثًا عن موقعة أُحُد في النصوص"الآيات" التي بعد هذه، أليس بسبب أساليبه الشمولية الإلحاحية التطفلية التهمجية الهوسية لإكراه اليهود على اتباع ديانته؟! وقد عرضنا بعض ذلك هنا وفي باب (مصادرة الحريات الشخصية/ موضوع: عدم احترام تعدد الأديان والآراء). صياغة هذا النص تأتي زمن أحد بعد تهجير وتشريد أول قبيلة شردها محمد من اليهود وبدأ بها وهم يهود بني قينقاع واستيلائه على أرضهم وبيوتهم، فلماذا يفترض أنهم سيحبونه هو وأصحابه الأتباع ويقبّلونهم من خدودهم؟! وهم يتوقعون منه كل أذى وشر وعنصرية وإقصاء وتقتيل؟! ما الذي جعل بعضهم يتظاهر باعتقاد الإسلام_وذكر بعضهم ابن إسحاق في السيرة بالاسم_سوى الخوف والقلق والشعور بخطورة الشر القادم بأعمال محمد في غسل أمخاخ أتباعه وتحويلهم إلى مجرمين إرهابيين مستلَبين غير قادرين على معرفة الخير من الشر، والفضيلة من الرذيلة، ببلبلة وتشويه المفاهيم لديهم، فاندسوا وسطهم إما استئمانًا على حيواتهم بالنفاق والتظاهر، أو لمساعدة أقوامهم بمعرفة مسار أفعال وتخطيطات محمد وأتباعه؟! ودعا محمد أتباعه في تحريض مباشر على أبشع شيء وهو ألا يحب منهم أحدٌ اليهود وأهل الكتاب عمومًا، هل يوجد أسوأ من النهي عن الحب والإخاء واعتباره خطيئة؟! ديانة كراهية بامتياز، وثائق يهود مصر في الجنيزة استعملت تعبيرًا مميزًا عبرانيًّا لم يرد في الكتاب المقدس لهم ولا التلمود، للتعبير عن حالات العدوان على أفراد اليهود، وهو مصطلح معناه (الكاره)، كوصف لعدوانيي ومتطرفي المسلمين. قوله (وتؤمنون بالكتاب كله) يعني بزعمه كتب التوارة والإنجيل والقرآن، وهو ما يؤكد أنها نصوص عن اليهود، ولو أن الوثنيين والزنادقة والمتشكّكين تعرضوا لنفس الأسلوب من محمد وأتباعه، لكنه لم يستطع أذيتهم بسبب استتارهم بالنفاق وإجادتهم للعبة التظاهر واحتمال الإكراه الديني. نصيحتي للمسلمين دون مجاملة ولا لباقة: اعتبروها فتنة وافتتنوا وجربوا مرة واحدة في حياتكم، خذوا بنصائح من تصافونه وتسالمونه من الإسرائيليين والأمركيين والغربيين وتعلموا من علوم علمائهم ومعاهدهم، لعلكم تتخلصون من الفقر والحاجة ونقص الموارد وتأخر التصنيع في بلدانكم، هم لكم لو آخيتموهم في الإنسانية خير لكم من أنفسكم، فأنتم بقيمكم الرجعية وصلتم إلى مرحلة تاريخية لن تضروا فيها سوى أنفسكم بهذه القيم، أنتم شرٌّ على أنفسكم.
استنتج المسلمون من تعاليم محمد عن عدم مصادقة ومحبة الناس من الإخوة في الإنسانية من أهل الأديان والعقائد الأخرى غير الإسلام كذلك حكمًا بالتمييز في الوظائف ضد غير المسلمين، هناك كتب مخصوصة للتحريض على هذه المسألة الكريهة، منها كتاب (المذمة في استعمال أهل الذمة) وهو موثَّق بالعديد من الأخبار والنصوص العنصرية الدينية والتاريخية، وقال ابن كثير في تفسير هذا النص "الآية":
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ مُحَمَّدُ بْنُ الوَزَّان، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي حَيّان التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي الزِّنْباع، عَنِ ابْنِ أَبِي الدِّهْقانة قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنْ هَاهُنَا غُلاما مِنْ أَهْلِ الحِيرة، حَافِظٌ كَاتِبٌ، فَلَوِ اتَّخَذْتَهُ كَاتِبًا؟ فَقَالَ: قَدِ اتَّخَذْتُ إِذًا بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [تفسير ابن أبي حاتم (2/550) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (8/658) من طريق أبي حيان التيمي به ورواه عبد بن حميد في تفسيره كما في الدر (2/300)].
فَفِي هَذَا الْأَثَرِ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الذَّمَّة لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ، الَّتِي فِيهَا اسْتِطَالَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ واطِّلاع عَلَى دَوَاخل أمُورهم الَّتِي يُخْشَى أَنْ يُفْشوها إِلَى الْأَعْدَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} .
وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا هُشَيم، حَدَّثَنَا العَوَّام، عَنِ الْأَزْهَرِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: كَانُوا يَأْتُونَ أنَسًا، فَإِذَا حَدَّثهم بِحَدِيثٍ لَا يَدْرُونَ مَا هُوَ، أتَوا الْحَسَنَ -يَعْنِي الْبَصْرِيَّ-فَيُفَسِّرُهُ لَهُمْ. قَالَ: فحدَّث ذَاتَ يَوْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا فَلَمْ يَدْرُوا مَا هُوَ، فَأَتَوُا الْحَسَنَ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ أَنَسًا حَدّثنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الشِّركِ وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا فَقَالَ الْحَسَنُ: أَمَّا قَوْلُهُ: "وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما قوله: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الشِّركِ" يَقُولُ: لَا تَسْتَشِيرُوا الْمُشْرِكِينَ فِي أُمُورِكُمْ. ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ: تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} .
هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ هُشَيْمٍ. وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ هُشَيم بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ تَفْسِيرِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ [رواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (9375) والطبري في تفسيره (7/142) من طريق هشيم بسياق أبي يعلى به، ورواه أحمد في مسنده (3/99) والنسائي في السنن (8/176) من غير ذكر تفسير الحسن البصري.].
وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ: "لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيّا أَيْ: بِخَطٍّ عَرَبِيٍّ، لِئَلَّا يُشَابِهَ نَقْشَ خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ نَقْشُه مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
روى ابن أبي شيبة في مصنفه:
26392- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي الزِّنْبَاعِ ، عَنْ أَبِي الدِّهْقَانَةِ ، قَالَ : قيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : إنَّ هَاهُنَا غُلاَمًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ ، لَمْ يُرَ قَطُّ أَحْفَظُ مِنْهُ ، وَلاَ أَكْتُبُ مِنْهُ ، فَإِنْ رَأَيْت أَنْ تَتَّخِذَهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْك ، إذَا كَانَتْ لَكَ الْحَاجَةُ شَهِدَك ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : قَدَ اتَّخَذْت إذًا بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.
33668- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسٍ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ إنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ مَعَ مُشْرِكَ , لاَ تَتَرَاءى نَارَاهُمَا.
37785- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَثْعَمَ، لِقَوْمٍ كَانُوا فِيهِمْ، فَلَمَّا غَشِيَهُمَ الْمُسْلِمُونَ اسْتَعْصَمُوا بِالسُّجُودِ، قَالَ: فَسَجَدُوا، قَالَ: فَقُتِلَ بَعْضُهُمْ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : أَعْطُوهُمْ نِصْفَ الْعَقْلِ لِصَلاَتِهِمْ ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَلاَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ.
وروى أحمد:
19163 - حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن جرير قال: " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، وعلى فراق المشرك " . أو كلمة معناها.
حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على أبي وائل: وهو شقيق بن سلمة، وقد بينا ذلك في الرواية السالفة برقم (19153) . سليمان: هو ابن مهران الأعمش.
19153 - حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن جرير بن عبد الله البجلي قال: قلت: يا رسول الله، اشترط علي . فقال: " تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتنصح للمسلم، وتبرأ من الكافر "
حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على أبي وائل: وهو شقيق بن سلمة، فرواه عاصم- وهو ابن أبي النجود- كما في هذه الرواية، والرواية الآتية برقم (19219) و (19233) عن أبي وائل، عن جرير، به. وتابعه الأعمش- من رواية سفيان الثوري عنه- كما في الرواية (19182) ، ورواية شعبة عنه كما في الرواية (19163) ، وسفيان أعلم الناس بالأعمش. وخالفهما أبو الأحوص- كما في الرواية الآتية برقم (19328) فرواه عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أبي نحيلة- أو نخيلة- عن جرير، به، فزاد في الإسناد أبا نحيلة. وكذلك رواه منصور عن أبي وائل، من رواية شعبة عنه، كما في (19162) ، ولكنه أبهمه، ومن رواية جرير بن عبد الحميد عنه، كما عند النسائي في "المجتبى" 7/148، وفي " الكبرى" (7800) ، والطبراني (2318) ، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف، 4/2273، والبيهقي في "السنن" 9/13. فزاد فيه أبا نحيلة، والأكثر أنه صحابي فيما ذكر ابن ناصر الدين في "التوضيح" 9/51. ومنصور وإن كان أتقن من الأعمش، إلا أن الأعمش أحفظ منه، وقد تابعه عاصم بن أبي النجود كما سلف، فالأشبه رواية من رواه عن أبي وائل، عن جرير، دون واسطة، وقد أدرك أبو وائل جريرا، وهو ما رجحه ابن معين في "تاريخه" 1/310 فقال: لا أحفظ فيه "أبو نخيلة"، إنما هو عن أبي وائل، عن جرير. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2307) من طريق ابن عائشة، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني أيضا (2308) و (2309) ، وأبو الشيخ في "التوبيخ" (1) من طريقين عن عاصم، به. وأخرجه الطبراني (2303) من طريق ابن لهيعة، عن عبد ربه بن سعيد، عن سلمة بن كهيل، عن شقيق، عن جرير، قال: كان النبي إذا بايع بايع على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والسمع والطاعة لله ولرسوله، والنصح لكل مسلم. قال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 1/320-321: ليس لهذا الحديث أصل بالعراق، وهو حديث منكر بهذا الإسناد. وسيرد بالأرقام (19162) و (19163) و (19165) و (19182) و (19219) (19233) و (19238) .// وفي الباب في البيعة على عبادة الله وعدم الشرك: عن عبد الله بن عمرو ابن العاص، سلف برقم (6850) . وعن عبادة بن الصامت، سيرد 5/313. وعن عائشة، سيرد 6/151. وفي باب البيعة على الصلاة والزكاة...: عن بشير بن الخصاصية، سيرد 5/224.
(11954) 11976- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ ، حَدَّثَنَا الأَزْهَرُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِ ، وَلاَ تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا.
إسناده ضعيف لجهالة الأزهر بن راشد البصري. العوام: هو ابن حوشب. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/455، والنسائي 8/176-177، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/263، والبيهقي في "السنن" 10/127، وفي "الشعب" (9375) ، والضياء في "المختار" (1546) من طرق عن هشيم ابن بشير، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري 4/16 من طريق سليمان بن أبي سليمان مولى بني هاشم ن أنس، به. وإسناده ضعيف لجهالة سليمان. وأخرج ابن أبي شيبة 8/460 من طريق يحيي بن آدم، عن أبي عوانة، عن قتادة، عن أنس: أن عمر قال: لا تنقُشوا ولا تكتبوا في خواتمكم بالعربية. وإسناده صحيح. وأخرج البخاري 1/455 عن خليفة بن خياط، عن معاذ بن هشام الدستوائي، سمع أباه عن قتادة، عن أنس: نهى عمرُ أن يُنقش في الخواتيم بالعربية. وإسناده حسن. قلنا: وهذا هو الصحيح عن أنس أنه من قول عمر، وليس مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما معنى حديث أنس المرفوع، فقد جاء تفسيره في الحديث نفسه عن الحسن البصري عند غير المصنف، فقد قال الحسن: اما قوله: "لا تنقشوا في خواتيمكم عربياً" محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما قوله "لا تستضيئوا بنار المشرك" يقول: لا تستشيروا المشركين في أموركم، ثم قال الحسن: تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: (يا أيها الذين امنوا لا تتًخذوا بطانة من دُونكم) [آل عمران: 118] . وتوجد شواهد تقوي الحديث:
وروى الطبراني في المعجم الكبير ج2:
2264 - حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل السراج ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن جرير قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فأمر لهم بنصف العقل وقال : ( إني بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين ) قالوا : يا رسول الله ولم ؟ قال : ( لا تراءى ناراهما )
2265 - حدثنا القاسم بن محمد الدلال الكوفي ثنا إبراهيم بن محمد ابن ميمون ثنا صالح بن عمر عن إسماعيل عن قيس عن جرير قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم جيشا إلى خثعم فلما غشيتهم الخيل اعتصموا بالصلاة فقتل رجل منهم فجعل لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم نصف العقل بصلاتهم وقال : ( إني بريء من كل مسلم مع مشرك )
وذكر هذا الحدث أبو داوود 2645 والترمذي 1604 والنسائي في الكبرى 6982 والبيهقي في الكبرى 16247 وانظر تعليق الشافعي عند الأخير: قال الشافعي إن كان هذا ثبت فأحسب النبي ص أعلم أعطى من أعطى منهم متطوعا وأعلمهم أنه بريء من كل مسلم مع مشرك والله أعلم في دار شرك ليعلمهم أن لا ديات لهم ولا قود
تعاليم عنصرية بغيضة تفرق بين بني الإنسان وتعيق تعاونهم ومحبتهم لبعضهم البعض.
قال محمد عن موقعة أحد التي خسر وهُزِم فيها المسلمون:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}
قال الطبري:
7913- حدثني المثني قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك قراءة على ابن جريج في قوله:"وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء"، قال: فإن المسلمين كانوا يسألون ربهم:"ربنا أرنا يومًا كيوم بدر نقاتل فيه المشركين، ونُبليك فيه خيرًا، ونلتمس فيه الشهادة"! فلقوا المشركين يوم أحد، فاتخذ منهم شهداء.
7914- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء"، فكرَّم الله أولياءه بالشهادة بأيدي عدوِّهم، ثم تصير حواصل الأمور وعواقبها لأهل طاعة الله.
7915- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء"، قال: قال ابن عباس: كانوا يسألون الشهادة، فلقوا المشركين يوم أحد، فاتخذ منهم شهداء.
هذه برأيي مسألة خطيرة في تعاليم محمد، فمن يتم غسل أدمغتهم بها على نحو كامل، ممن يكون لهم قابلية للانقياد والانخداع، يصيرون محبين ومستسلمين ومستعدين للموت، فاقدين لغريزة الحياة، ويصيرون أعداء للحياة وبمثابة رسل الهلاك والموت والخراب لأنفسهم ولغيرهم. يبدو أن الإسلام بغسله لأدمغة بعض الناس بأفكاره السلبية المثيرة لليأس والسوداوية وتحقير الحياة والذات والإرادة الإنسانية يجعل الكثيرين منهم ليس لديهم دافع للحياة وحبها وتقديرها واحترامها واحترام حق الآخرين في الحياة، وكذلك يعانون نقص الدافع للعمل والإنتاج والتفكير والسعي. هل سمعنا عن إرهابيّ قام بإنجاز علميّ أو إنجاز ما للإنسانية؟! بالتأكيد لم نسمع سوى عن كل إجرام وخسة وجهل وانعدام بصيرة وعلم.
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}
قال الطبري:
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: فأعطى الله الذين وصفهم بما وصفهم، من الصبر على طاعة الله بعد مقتل أنبيائهم، وعلى جهاد عدوهم، والاستعانة بالله في أمورهم، واقتفائهم مناهج إمامهم على ما أبلوا في الله -"ثوابَ الدنيا"، يعني: جزاء في الدنيا، وذلك: النصرُ على عدوهم وعدو الله، والظفرُ، والفتح عليهم، والتمكين لهم في البلاد ="وحسن ثواب الآخرة"، يعني: وخير جزاء الآخرة على ما أسلفوا في الدنيا من أعمالهم الصالحة، وذلك: الجنةُ ونعيمُها، كما:-
7994- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا"، فقرأ حتى بلغ:"والله يحب المحسنين"، أي والله، لآتاهم الله الفتح والظهورَ والتمكينَ والنصر على عدوهم في الدنيا ="وحسنَ ثواب الآخرة"، يقول: حسن الثواب في الآخرة، هي الجنة.
هنا استلهم محمد من القصص الإجرامية الواردة في التوراة وكتاب اليهود، وذكرت في باب المصادر أن اشتقاق كلمة (ربيون) عبراني عرَّبه محمد، من كلمة رِبابة (ربوة) أي عشرة آلآف، وحسب محمد فالقتال ليس لأجل الدفاع عن وطن وحقوق، بل هو حرب دينية تعصبية بحتة، ثم غرس محمد مفهوم الذنوب الدينية الوهمية السخيف كترك صلاة أو التفكير في فكرة عقلانية أو السلوك الجنسي ليستغله في خلق عقدة ذنب وهمية وهوس عند الأتباع ثم زعم أن أكثر وسيلة مضمونة لنيل مغفرة الله الخرافي هي القتال وقتل أتباع العقائد الأخرى (عقيدة تطهرية تفترض التحرر من الإثم بقتل الآخرين)، مع وعود حياتية في الحياة كالمكاسب والأرزاق والغنائم والأسلاب والسبايا، وأخروية وهمية أي الجنة المزعومة، مقابل قتل الناس، على أساس التعصب الدينيّ.
{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)}
وفقًا لهذا النص فإن رؤية محمد كانت أن الحرب بين أتباعه وقريش ليست حربًا لانتقام من قريش ولا دفاعًا عن حدود يثرب من العدوان كرد فعل لقريش، بل هي صراع بين ديانتين، وفق مفاهيم القرون الوسطى قرون الجهل والظلام والتعصب، التي عاش بها ناس لم يعرفوا كثيرًا التعايش وأن كل البشر إخوة.
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)}
روى البخاري:
3039 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ قَالَ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ فَهَزَمُوهُمْ قَالَ فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ قَدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ أَيْ قَوْمِ الْغَنِيمَةَ ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمْ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلًا فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجِيبُوهُ ثُمَّ قَالَ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ قَالَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ أُعْلُ هُبَلْ أُعْلُ هُبَلْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُجِيبُوا لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَقُولُ قَالَ قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ قَالَ إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُجِيبُوا لَهُ قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَقُولُ قَالَ قُولُوا اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ
يوجد هنا لفظ مهم في رواية ابن إسحاق في السيرة:
قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير، أنه قال: والله لقد رأيتني أنظر إلى خَدَم هند بنت عُتبه وصواحبها مشمرات هوارب، ما دون أخذهن قليل ولا كثير إذ مالت الرُّماة إلى العسكر، حين كشفنا القومَ عنه وخلَّوْا ظهورَنا للخيل، فاتينا من خَلفنا، وصرخ صارخ: ألا إن محمداً قد قُتل؛ فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحابَ اللواء حتى ما يدنو منه أحدٌ من القوم.
إسناده صحيح رجاله ثقات، وقد صرَّح ابن إسحاق بالتحديث فانتفت شبهة التدليس. والخدم: الخلاخل.
نكتشف هنا جانبًا من نفسية المسلمين الأوائل أتباع محمد في عصره، وهو التلهف على الغنائم وخطف السبايا من النساء للاستعباد، فهم كانوا على عادة العرب القدماء معتادين على المعيشة بالسلب والنهب والغارات على القبائل الأخرى كوسيلة من وسائل الحصول على الرزق والموارد، صحيح أن هناك كذلك وسائل الربح الشرعية التي مارسها العرب كذلك، لكن في عصر محمد وما قبله كانت الغارات المتبادلة بين القبائل لنهب بعضها البعض وخطف نساء بعضهم البعض والأطفال ظاهرة معتادة لبدو همج وهم الذين حوّلهم محمد إلى أمة واحدة، ووجّه الهمجية والشر الذي فيهم باتجاه الأمم الأخرى، ولو أنه من وقت إلى آخر عندما كانوا يتوقفون عن الغزوات بعد عصر محمد يحاربون بعضهم البعض (كالنار تأكل بعضها بعضًا إن لم تجد ما تأكله) كما شبه الشاعر الحاقدين بتشبيه المجازي. تقول الرواية التاريخية أن محمدًا وضع الرماة بالسهام فوق جبل أحد كخطة إستراتيجية ليحموا ظهور باقي الجيش من التفاف جيش القرشيين عليهم، وهو تخطيط ممتاز بارع، لكنهم أول ما وجدوا جيشهم بالأسفل بدأ ينتصر والعدو ينسحب تاركًا وراءه الغنائم من الأسلحة والدروع وزاد العدو أدواته، تركوا مواقعهم ونزلوا، فالتف خالد بن الوليد القائد العسكريّ الماهر الذي كان وثنيًّا آنذاك على جيش المسلمين ونزل بخيوله والجند المكيين مفاجئًا المسلمين بضربة قوية حقَّقت النصر للمكيين القرشيين. المسلمون في يثرب كان الكثيرون منهم يعانون الفقر والحاجة فلذلك تسرعوا، هذه ثاني مرة بعد نزاعهم في بدر على الغنائم يظهر منهم التلهف على المكاسب، لكنهم تعلموا في موقعة أحد درسًا قاسيًا عسكريًّا سيحفظونه لباقي حروبهم في عصر محمد وعلى الأغلب كل ما تلا عصره، اليثاربة كذلك كانوا على حد علمي لم يخوضوا سوى الحروب والنزاعات الأهلية بين الأوس والخزرج وحلفاء هؤلاء وهؤلاء من يهود يثرب وغيرهم، بدر وأحد والخندق كانت فرصة لهم لاكتساب خبرات عسكرية أعمق وأقوى.
شواهد أخرى بخط صغير للقصة، من لا يريد فليتجازها إلى ما بعدها:
روى البخاري:
4043 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا مِنْ الرُّمَاةِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ وَقَالَ لَا تَبْرَحُوا إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلَا تَبْرَحُوا وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلَا تُعِينُونَا فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الْجَبَلِ رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ قَدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ فَأَخَذُوا يَقُولُونَ الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَبْرَحُوا فَأَبَوْا فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ فَقَالَ لَا تُجِيبُوهُ فَقَالَ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ قَالَ لَا تُجِيبُوهُ فَقَالَ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ قُتِلُوا فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَأَجَابُوا فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ اعْلُ هُبَلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجِيبُوهُ قَالُوا مَا نَقُولُ قَالَ قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجِيبُوهُ قَالُوا مَا نَقُولُ قَالَ قُولُوا اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ وَتَجِدُونَ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي
وبمثله في مسند أحمد (18593) 18794
روى أحمد بن حنبل:
2609 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَا نَصَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي مَوْطِنٍ، كَمَا نَصَرَ يَوْمَ أُحُدٍ . قَالَ: فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيْنِي وَبَيْنَ مَنِ انْكَرَ ذَلِكَ كِتَابُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي يَوْمِ أُحُدٍ: الْقَتْلُ - {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} [آل عمران: 152]- إِلَى قَوْلِهِ - {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152] ، وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الرُّمَاةَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَهُمْ فِي مَوْضِعٍ، ثُمَّ قَالَ: " احْمُوا ظُهُورَنَا، فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا نُقْتَلُ، فَلا تَنْصُرُونَا، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا فَلا تُشْرِكُونَا " فَلَمَّا غَنِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَاحُوا عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ، أَكَبَّ الرُّمَاةُ جَمِيعًا، فَدَخَلُوا فِي الْعَسْكَرِ يَنْهَبُونَ، وَقَدِ الْتَقَتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُمْ هَكَذَا - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ - وَالْتَبَسُوا، فَلَمَّا أَخَلَّ الرُّمَاةُ تِلْكَ الْخَلَّةَ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، دَخَلَتِ الْخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْتَبَسُوا، وَقُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ أَوَّلُ النَّهَارِ، حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ سَبْعَةٌ، أَوْ تِسْعَةٌ، وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً نَحْوَ الْجَبَلِ، وَلَمْ يَبْلُغُوا حَيْثُ يَقُولُ النَّاسُ الْغَارَ، إِنَّمَا كَانُوا تَحْتَ الْمِهْرَاسِ، وَصَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَلَمْ يُشَكَّ فِيهِ أَنَّهُ حَقٌّ، فَمَا زِلْنَا كَذَلِكَ مَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ قُتِلَ، حَتَّى طَلَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ السَّعْدَيْنِ نَعْرِفُهُ بِتَكَفُّئِهِ إِذَا مَشَى، قَالَ: فَفَرِحْنَا حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يُصِبْنَا مَا أَصَابَنَا، قَالَ: فَرَقِيَ نَحْوَنَا، وَهُوَ يَقُولُ: " اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ رَسُولِهِ " قَالَ: وَيَقُولُ مَرَّةً أُخْرَى: " اللهُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمِ أنْ يَعْلُونَا " حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا. فَمَكَثَ سَاعَةً، فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ يَصِيحُ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ: اعْلُ هُبَلُ - مَرَّتَيْنِ، يَعْنِي آلِهَتَهُ - أَيْنَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ؟ أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلا أُجِيبُهُ ؟ قَالَ: " بَلَى " فَلَمَّا قَالَ: اعْلُ هُبَلُ، قَالَ عُمَرُ: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ . قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّهُ قَدِ انْعَمَتْ عَيْنُهَا، فَعَادِ عَنْهَا، أَوْ فَعَالِ عَنْهَا، فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ؟ أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ ؟ فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ، وَهَا أَنَا ذَا عُمَرُ . قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، الْأَيَّامُ دُوَلٌ، وَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ . قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لَا سَوَاءً، قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَتْلاكُمْ فِي النَّارِ . قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَزْعُمُونَ ذَلِكَ، لَقَدْ خِبْنَا إِذَنْ وَخَسِرْنَا . ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَوْفَ تَجِدُونَ فِي قَتْلاكُمْ مَثْلَى (1) ، وَلَمْ يَكُنْ ذَاكَ عَنْ رَأْيِ سَرَاتِنَا . قَالَ: ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ ذَاكَ، وَلَمْ نَكْرَهْهُ (2)
(1) "مَثْلى" بالألف المقصورة كما في عامة أصولنا الخطية، قال السندي: هو جمع مُثلة. قلنا: ولم نجد هذا الجمع في كتب اللغة المتيسرة لنا، وقال الشيخ أحمد شاكر: "مثلى" خطأ لا وجه له، ورجح أن الصواب "مثلاً" بفتح الميم وسكون الثاء كما في النسخة الكتانية و"مجمع الزوائد" وغيره: مصدر "مَثَل بالقتيل" من بابَى ضرب ونصر: إذا نكل به بجدع أنفه أو قطع أذنه أو نحو ذلك، كمثل به تمثيلاً.
(2) إسناده حسن، عبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن داود شيخ أحمد -وهو الهاشمي- فقد روى له أصحاب السنن، وهو ثقة جليل. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، وعبيد الله: هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسير سورة آل عمران (1644) ، والطبراني (10731) ، والحاكم في المستدرك 2/296-297، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/269-271 من طريق سليمان بن داود الهاشمي، بهذا الإسناد. وصحح الحاكم إسناده، ووافقه الذهبي.
قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 2/114: هذا حديث غريب، وسياق عجيب، وهو من مرسلات ابن عباس، فإنه لم يشهد أحداً ولا أبوه.. ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها. وقال الشيخ أحمد شاكر معلقاً على قول ابن كثير هذا: وهو حديث غريب حقاً، في لفظه ما يوهم أن ابن عباس شهد الوقعة، وما كان ذلك قط، فإنه كان إذ ذاك طفلاً مع أبيه بمكة، والظاهر عندي أنه حكاه عن واحد من الصحابة ممن شهد أحدا، ونسي بعض الرواة أن يذكر من حدث ابن عباس به، حتى يقول في حديثه: "فما زلنا كذلك ما نشك أنه قد قتل" إلخ، وأما سياق القصة في ذاتها فصحيح، له شواهد كثيرة في الصحاح.
4414 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ خَلْفَ الْمُسْلِمِينَ، يُجْهِزْنَ عَلَى جَرْحَى الْمُشْرِكِينَ، فَلَوْ حَلَفْتُ يَوْمَئِذٍ رَجَوْتُ أَنْ أَبَرَّ : إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يُرِيدُ الدُّنْيَا، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ، ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} [آل عمران: 152] فَلَمَّا خَالَفَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَصَوْا مَا أُمِرُوا بِهِ، أُفْرِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِسْعَةٍ: سَبْعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ عَاشِرُهُمْ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ ، قَالَ: " رَحِمَ اللهُ رَجُلًا رَدَّهُمْ عَنَّا "، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ سَاعَةً حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ (2) أَيْضًا، قَالَ: " يَرْحَمُ اللهُ رَجُلًا رَدَّهُمْ عَنَّا "، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَا، حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبَيْهِ: " مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا " فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: اعْلُ هُبَلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ "، فَقَالُوا: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا عُزَّى، وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا اللهُ مَوْلَانَا ، وَالْكَافِرُونَ لَا مَوْلَى لَهُمْ "، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ يَوْمٌ لَنَا، وَيَوْمٌ عَلَيْنَا، وَيَوْمٌ نُسَاءُ، وَيَوْمٌ نُسَرُّ، حَنْظَلَةُ بِحَنْظَلَةَ، وَفُلَانٌ بِفُلَانٍ، وَفُلَانٌ بِفُلَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا سَوَاءً، أَمَّا قَتْلَانَا فَأَحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ، وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ "، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَدْ كَانَتْ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ لَعَنْ غَيْرِ مَلَأٍ مِنَّا، مَا أَمَرْتُ وَلَا نَهَيْتُ، وَلَا أَحْبَبْتُ، وَلَا كَرِهْتُ، وَلَا سَاءَنِي ، وَلَا سَرَّنِي، قَالَ: فَنَظَرُوا فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ، وَأَخَذَتْ هِنْدُ كَبِدَهُ فَلَاكَتْهَا ، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَأْكُلَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَأَكَلَتْ مِنْهُ شَيْئًا " قَالُوا: لَا . قَالَ: " مَا كَانَ اللهُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ حَمْزَةَ النَّارَ "، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَمْزَةَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَجِيءَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَوُضِعَ إِلَى جَنْبِهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَرُفِعَ الْأَنْصَارِيُّ، وَتُرِكَ حَمْزَةُ، ثُمَّ جِيءَ بِآخَرَ فَوَضَعَهُ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ، وَتُرِكَ حَمْزَةُ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ صَلَاةً.
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، الشعبي - وهو عامر بن شراحيل - لم يسمع من عبد الله بن مسعود، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح غير عطاء بن السائب، فقد روى له أصحاب السنن والبخاري متابعة، وهو صدوق اختلط بأخرة، وصححوا سماع حماد - وهو ابن سلمة - منه قبل اختلاطه. عفان: هو ابن مسلم الصفّار. وأخرجه ابن سعد 3/16، وابن أبي شيبة 14/402 عن عفان، به. وذكره ابن كثير في "التفسير" 2/115، وفي "البداية والنهاية" 4/40، وقال: تفرد به أحمد، وهذا إسناد فيه ضعف من جهة عطاء بن السائب. وأورده الهيثمي في "المجمع " 6/109-110، وقال: رواه أحمد، وفيه عطاء بن السائب، وقد اختلط. قلنا: قد ضعَّفه ابن كثير والهيثمي من جهة عطاء بن السائب، وإنما ضَعْفُه من جهة انقطاعه، ولم يذكرا ذلك، وإلا فإن حماد بن سلمة قد سمع من عطاء قبل اختلاَطه ورواه عبد الرزاق (6653) عن الشعبي مرسلاً لم يذكر فيه ابن مسعود. وقوله: أفرد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تسعة.. إلى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أنصفنا أصحابنا" له شاهد من حديث أنس عند مسلم (1789) . وقوله: فجاء سفيان، فقال: اعل هبل... إلى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الله مولانا والكافرون لا مولى لهم " له شاهد من حديث البراء عند البخاري (4043) . وقوله: "اعل هبل " له شاهد من حديث ابن عباس تقدم برقم (2609) ، وفيه أن الذي أجابه هو عمر بن الخطاب. وقوله: "يومٌ بيوم بدر، يوم لنا ويوم علينا، وقد كانت في القوم مثلة وإن كانت لعن غير ملأ منا، ولَا ساءني ولا سرني " له شاهد من حديث البراء المذكور عند البخاري (4043) . وآخر من حديث ابن عباس تقدم برقم (2609) ، وفيه أن الذي قال: "لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار" هو عمر بن الخطاب. ولصلاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الشهداء شاهد عند الحاكم 2/119، 120، وفي سنده أبو حماد الحنفي، قال أبوحاتم ليس بقوي، يكتب حديثه . وثالث من حديث عبد الله بن الزبير عند الطحاوي 1/503، وسنده حسن، وفيه أنه صلى عليه فكبر تسع تكبيرات، ثم أتي بالقتلى يُصفون ويصلي عليهم وعليه معهم. ورابع من حديث شداد بن الهاد عند النسائي 4/60 وسنده صحيح.
قلنا: وأكثر أهل العلم على أنه لا يصلى على الشهيد، وهو قول أهل المدينة، وبه قال الشافعي وأحمد. واستدلوا بحديث جابر عند البخاري (4079) أنه عليه الصلاة والسلام أمر بشهداء أحد فدفنوا بدمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلوا. وذهب قوم من أهل العلم إلى أنه يصلى عليه لحديث أحمد هذا وشواهده، وهو قول الثوري وأصحاب الرأي، وبه قال إسحاق.
قال السندي: قوله: يجهزن: في "القاموس ": جَهَز على الجريح، كمنع، وأجهز: أثبت قتله، وأسرعه، وتمم عليه. فلو حلفتُ: يريد أن مدار البِر في الحَلِف على الظن: وكنت أظن يومئذ أنه ليس أحد في الصحابة يريد الدنيا، فلو حلفت عليه لكنت بارّاً فيه. رَهِقُوه، أي: المشركون غشوه. ما أنصفنا: بسكون الفاء، أي: حيث ما خرج من المهاجرين أحد، بل كلهم خرجوا من الأنصار، فقتلوا. قال النووي: الرواية المشهورة فيه: ما أنصفْنا، بإسكان الفاء، وأصحابنا: منصوب مفعول به، هكذا ضبطه جماهيرُ العلماء من المتقدمين والمتأخرين. ومعناه: ما أنصفت قريش الأنصار، لكون القرشيين لم يخرجا للقتال، بل خرجت الأنصار واحد بعد واحد. وذكر القاضي (يعني عياض) وغيره أن بعضهم رواه: ما أنصفَنا بفتح الفاء، والمراد على هذا الذين فروا من القتال، فإنهم لم ينصفوا لفرارهم. عن غير ملأ منا، أي: غير تشاور من أشرافنا وجماعتنا.
وذكرت في (حروب محمد الإجرامية) كثيرًا من الشواهد والنصوص عن جبن محمد يوم موقعة أحد، وتقديمه لأصحابه ليدافعوا عنه ويُقتَلوا بدلًا منه.
{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}
قال الطبري:
قال أبو جعفر: يعني بذلك الطائفة المنافقةَ التي قد أهمَّتهم أنفسهم، يقولون: ليس لنا من الأمر من شيء، قل إن الأمر كله لله، ولو كان لنا من الأمر شيء ما خرجنا لقتال من قاتلنا فقتلونا. كما:-
8093- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قيل لعبد الله بن أبيّ: قُتل بنو الخزرج اليوم! قال: وهل لنا من الأمر من شيء؟ قيل إنّ الأمر كله لله!.
وهذا أمر مبتدأ من الله عز وجل، يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لهؤلاء المنافقين:"إن الأمر كله لله"، يصرفه كيف يشاء ويدبره كيف يحبّ.
ثم عاد إلى الخبر عن ذكر نفاق المنافقين، فقال:"يُخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك" يقول: يخفي، يا محمد، هؤلاء المنافقون الذين وصفتُ لك صفتهم، في أنفسهم من الكفر والشك في الله، ما لا يبدون لك. ثم أظهر نبيَّه صلى الله عليه وسلم على ما كانوا يخفونه بينهم من نفاقهم، والحسرة التي أصابتهم على حضورهم مع المسلمين مشهدهم بأحد، فقال مخبرًا عن قيلهم الكفرَ وإعلانهم النفاقَ بينهم:"يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا"، يعني بذلك، أنّ هؤلاء المنافقين يقولون: لو كان الخروج إلى حرب من خرجنا لحربه من المشركين إلينا، ما خرجنا ليهم، ولا قُتل منا أحد في الموضع الذي قتلوا فيه بأحد.
* * *
وذكر أن ممن قال هذا القول، معتّب بن قشير، أخو بني عمرو بن عوف.
*ذكر الخبر بذلك:
8094- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، قال، قال ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير قال: والله إنّي لأسمع قول معتِّب بن قشير، أخي بني عمرو بن عوف، والنعاسُ يغشاني، ما أسمعه إلا كالحلم حين قال: لوْ كان لنا من الأمر شيء ما قُتلنا هاهنا!
يوجد في هذا النص دليل قاطع على إكراه محمد لكثير من سكان يثرب الوثنيين والمتشككين على ديانته ودعوته فاضطروا للتظاهر بها، وأُجبِروا حتى على المشاركة في جيشه لأجل مشاكله التي تسبب بها، ليس فقط نفاقًا لمحمد لكي لا يشك الأكثرية المسلمة بأنهم ليسوا منهم، بل وربما كذلك للمشاركة في الدفاع عن بلادهم بسبب المشكلة التي أحدثها محمد بقطعه لطريق التجارة وغاراته على القوافل القرشية وعلى قبائل أخرى، مما جعلهم يسعون للانتقام من منه ومن البلاد التي آوت تنظيمه الإرهابي. مع ذلك لم يكتمل الإكراه الديني للوثنيين والمتشككين في يثرب إلا بعد غزوة خيبر، كما أوردت سابقًا في شاهد آخر، وكان محمد يحاول إجبار الناس في يثرب بالضغوط والكلام والتهديدات على المشاركة في حروبه، لكن عدم مشاركة البعض لم تكن تستدعي منه قتلهم أو عقابهم، نرى ذلك حتى في غزوة تبوك من آخر غزواته، فأنت لن تقود شخصًا غير شجاع أو غير عدواني أو غير مؤمن في قرارة نفسه للحرب معك لأن هذا لن يفيدك، بل قد يضرك. لكن كان من لا يشاركون يصيرون معروفين كمنافقين مستبعَدين متعرّضين للإقصاء من المجتمع المسلم وتحت الملاحظة والتهديد بحيث لو بدا منهم أي تعبير صريح عن أفكارهم وعقائدهم ونقدهم للإسلام يكون مبررًا لقتلهم فورًا على أيدي الأتباع الحمس المتعصبين لمحمد. الخبر عن معتب بن قشير سقط من رواية ابن هشام للسيرة لابن إسحاق في سياق موقعة أحد، ولكن توجد الإشارة إليه قبل أحد في ذكر من اجتمع إلى يهود من منافقي الأنصار في ج 2: 169 منه، وذكر الواقدي نفس الخبر في سياق أُحُد. توجد أخبار كذلك عن انسحاب عبد الله بن أبي بن سلول الزعيم الخزرجي بثلث الجيش سنوردها أدناه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)}
{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}
قال الطبري:
وقد قيل: إن الذين نهى الله المؤمنين بهذه الآية أن يتشبَّهوا بهم فيما نهاهم عنه من سوء اليقين بالله، هم عبد الله بن أبي ابن سلول وأصحابه.
*ذكر من قال ذلك:
8107- حدثني محمد قال: حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"يا أيها الذين آمنو لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم" الآية، قال: هؤلاء المنافقون أصحاب عبد الله بن أبي.
8108- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:"وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غُزًّى"، قول المنافق عبد الله بن أبي ابن سلول.
8109- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
وقال آخرون في ذلك: هم جميع المنافقين. إلخ
... قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك عبدَ الله بن أبيّ ابن سلول المنافق وأصحابَه، الذين رجعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، حين سار نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين بأحد لقتالهم، فقال لهم المسلمون: تعالوا قاتلوا المشركين معنا، أو ادفعوا بتكثيركم سوادنا! فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لسرنا معكم إليهم، ولكنا معكم عليهم، ولكن لا نرى أنه يكون بينكم وبين القوم قتالٌ! فأبدوْا من نفاق أنفسهم ما كانوا يكتمونه، وأبدوا بألسنتهم بقولهم:"لو نعلم قتالا لاتبعناكم"، غير ما كانوا يكتمونه ويخفونه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان به، كما:-
8193- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم من علمائنا، كلهم قد حدَّث قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني حين خرج إلى أحد - في ألف رجل من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين أحد والمدينة، انخزل عنهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول بثلث الناس وقال: أطاعهم فخرج وعصاني! والله ما ندري علامَ نقتل أنفسنا ههنا أيها الناس!! فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه من أهل النفاق وأهل الريْب، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول: يا قوم، أذكّركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوّهم! فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أن يكون قتال! فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدَكم الله أعداء الله! فسيُغني الله عنكم! ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
... 8195- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني يوم أحد- في ألف رجل، وقد وعدهم الفتحَ إن صبرُوا. فلما خرجوا، رجع عبد الله بن أبي ابن سلول في ثلثمئة، فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم، فلما غلبوه وقالوا له: ما نعلم قتالا ولئن أطعتنا لترجعن معنا! = قال: فذكر الله أصحاب عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وقول عبد الله بن جابر بن عبد الله الأنصاري حين دعاهم فقالوا:"ما نعلم قتالا ولئن أطعتمونا لترجعُنّ معنا"، فقال: (الَّذِينَ قَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ) .
وروى البخاري:
1884 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ نَقْتُلُهُمْ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ لَا نَقْتُلُهُمْ فَنَزَلَتْ {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا تَنْفِي الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ
في الواقع دراستي السابقة (حروب محمد الإجرامية) أثبتت أن المجبرين على التظاهر بالإسلام من متشككين ولا مبالين بالمسألة الدينية نفسها ووثنيين مضطرين لذلك، "المنافقين" كما سماهم محمد، خير من كثير من أصحاب محمد، وأكثر إنسانية ورحمة، وعملوا بمبدإ الأخوة في الإنسانية مع اليهود وغيرهم، وحاولوا مساعدتهم وإنقاذهم بقدر ما استطاعوا، ونصيحتهم هنا للمسلمين بالمسالمة وعدم الدخول في العنف والقتال، إنما هو نصيحة بالعودة إلى الغريزة السويّة والحس السليم المشترك، فالغريزة تملي على الإنسان مسالمة البشر الآخرين وعدم تعريض النفس للأذى وعدم أذية أو قتل الآخرين، بدلًا من ذلك قام محمد بتشويه غريزة عقلية أتباعه وغرس في أذهانهم أن القتل والشر هو الخير والفضيلة، وأبعدهم عن غريزة حب البقاء ومسالمة الآخرين بزعمه وجود حياة أخرى أفضل لو قُتِلوا، ولو انتصروا فلهم مغانم وأرباح، ثم قام بتبرير عجيب منطوٍ على مغالطة غير منطقية وخرافية بزعمه بتصورٍ خرافيّ أن موت من شاركوا معه في حربه قتلًا هو أمر مقدَّر من الله الخرافي، وأنهم حتى لو كانوا لم يشاركوا وكان مقدَّرًا لهم الموت لماتوا على نحوٍ طبيعي في أسِرَّتِهم، وهو كلام بلا معنى ولا منطق، فالشخص الذي لا يشارك في حروب وخاصة حروب للعدوان والتحرش بالآخرين، والشخص الذي كمثال لا يدمن المخدرات بالتأكيد يعيشان أكثر ممن يفعل ذلك، ولو كان استدلال محمد صحيحًا لكان علينا عدم معاقبة المتسبب في حريق وموت أشخاص نتيجة إهماله، وكذلك عدم معاقبة أي قاتل أو لص أو مغتصب لأن كل الأمور حسب التصور الديني الخرافي مقدَّرة مسبقًا من الله، ولا داعي وفقًا لذلك لأن نحرص على حيواتنا أو حيوات الآخرين فنتجنب مثلًا القيادة بسرعة مخالفة وصدم الناس وقتلهم أو قتل أنفسنا، لأن كل شيء مقدر سلفًا، و {لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} [من الآية 51 من التوبة]، حسب تعبير محمد. وفي الواقع نصيحة عبد الله بن أبي لمحمد بعدم الخروج للقرشيين وجعلهم يدخلون يثرب كان فكرة سليمة احتمالًا، لأن الأهالي أدرى بالطرق والشعاب، وكانوا سيقاومون القرشيين من كل اتجاه، ومن فوق الأماكن المرتفعة ومن على أسطح البيوت، لأنه كما قالوا له لم يتمكن أحد من دخولها عليهم قبل ذلك. الذي يؤكد ذلك أن القرشيين رغم انتصارهم على جيش محمد لم يحاولوا اقتحام المدينة يثرب، وهو تفكير وتخطيط سليم هنا، لأن القاعدة في التخطيط الحربي ألا تترك عدوك يفرض عليك مكان القتال، وألا تتبعه إلى كمين ينصبه لك. لو كان محمد تركهم يدخلون ليفرض عليهم أرض المعركة وهو مستعد. تزعم الراوية أن هذا كان رأي محمد كذلك، لكنه أطاع الرأي المخالف لبعض أتباعه وخالف رأي عبد الله بن أبي.
قال ابن إسحاق في السيرة:
... فقال عبد الله بن أبي بن سلول: يا رسول الله، أقم بالمدينة لا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا. منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر محبس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجههم، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حُبُّ لقاء القوم، حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته، فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة. وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار يقال له: مالك بن عَمرو، أحد بني النجار فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج عليهم، وقد ندم الناس، وقالوا: استكرهنا رسول الله. صلى الله عليه وسلم، ولم يكن لنا ذلك. فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله استكرهناك ولم يكن ذلك لنا، فإن شئت فاقعدْ صلى الله الله عليك، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ما ينبغى لنبي إذا لبس لَأمَتَه أن يضَعها حتى يُقاتلَ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف من أصحابه.
قال ابن هشام: واستعمل ابنَ أم مكتوم على الصلاة بالناس.
قال ابن إسحاق: حتى إذا كانوا بالشَّوْطِ بينَ المدينة وأحد، انخذل عنه عبد الله بنُ أبي ابنُ سلول بثُلث الناس، وقال: أطاعهم وعصانى، ما ندري علام نقتلُ أنفسَنا هاهنا أيها الناس، فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والرَّيْب، واتبعهم عبد الله ابن عَمرو بن حرام، أخو بني سلمة، يقول: يا قوم، أذكِّركم الله ألا تخذلوا قومَكم ونبيكم عندما حضر من عدوهم؛ فقالوا: لو نعلم، أنكم تقاتلون لما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أنه يكون قتال. قال: فلما استَعْصَوْا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدكم الله أعداءَ الله فسيُغنى الله عنكم نبيَّه.
ومما رووه محاولين رأب الصدع في خطإ محمد في اتخاذه هذا القرار، ما رواه أحمد:
(14787) 14847- حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، وَعَفَّانُ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ : أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ فِي حَدِيثِهِ : حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا مُنَحَّرَةً ، فَأَوَّلْتُ أَنَّ الدِّرْعَ الْحَصِينَةَ الْمَدِينَةُ ، وَأَنَّ الْبَقَرَ نَفَرٌ ، وَاللَّهِ خَيْرٌ ، قَالَ : فَقَالَ لأَصْحَابِهِ : لَوْ أَنَّا أَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا فِيهَا قَاتَلْنَاهُمْ ، فَقَالَوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَاللَّهِ مَا دُخِلَ عَلَيْنَا فِيهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَكَيْفَ يُدْخَلُ عَلَيْنَا فِيهَا فِي الإِسْلاَمِ ؟ قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ : فَقَالَ : شَأْنَكُمْ إِذًا ، قَالَ : فَلَبِسَ لأَمَتَهُ ، قَالَ : فَقَالَتِ الأَنْصَارُ : رَدَدْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْيَهُ ، فَجَاؤُوا ، فَقَالَوا : يَا نَبِيَّ اللهِ ، شَأْنَكَ إِذًا ، فَقَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لأَمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ.
2445- حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الأَعْمَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : تَنَفَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ ، فَقَالَ : رَأَيْتُ فِي سَيْفِي ذِي الْفَقَارِ فَلاًّ ، فَأَوَّلْتُهُ : فَلاًّ يَكُونُ فِيكُمْ ، وَرَأَيْتُ أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا ، فَأَوَّلْتُهُ : كَبْشَ الْكَتِيبَةِ ، وَرَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ ، فَأَوَّلْتُهَا : الْمَدِينَةَ ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَكَانَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروى البخاري:
3622 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أُرَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ هَزَزْتُهُ بِأُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ فَإِذَا هُمْ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ
وروى الحاكم في مستدركه:
2588 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ ابن وهب أخبرني ابن أبي الزناد عن أبيه عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر قال ابن عباس : وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءه المشركون يوم أحد كان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم بالمدينة يقاتلهم فيها فقال له ناس : لم يكونوا شهدوا بدر أتخرج بنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم نقاتلهم بأحد ورجوا أن يصيبوا من الفضيلة ما أصاب أهل بدر ؟ فما زالوا برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لبس أداته فندموا وقالوا : يا رسول الله أقم فالرأي رأيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما ينبغي لنبي أن يضع أداته بعد أن لبسها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه قال : وكان لما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ قبل أن يلبس الأداة : إني رأيت أني في درع حصينة فأولتها المدينة وأني مردف كبشا فأوليته كبش الكتيبة ورأيت أن سيفي ذا الفقار فل فأولته فلًّا فيكم ورأيت بقرا تذبح فبقر والله خير فبقر والله خير
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
قال الذهبي: صحيح
وقال ابن إسحاق في السيرة:
قال فلما سمع بهم - رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين: إنىٍ قد رأيت والله خيرا، رأيت بقراً ورأيت في ذُباب سيفي ثَلْما، ورأيت أنى أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة.
قال ابن هشام: وحدثني بعض أهل العلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: رأيت بقراً لي تُذبح؟ قال: فأما البقر فهى ناس من أصحابي. يُقتَلون، وأما الثَّلْم الذي رأيت في ذباب سيفي، فهو رجل من أهل بيتى يقتل. فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشَرِّ مُقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها، وكان رأي عبد الله بن أبي ابن سلول مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرى رأيه. في ذلك، وألا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الخروج، فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته بدر: يا رسول الله، اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جَبُنّا عنهم وضَعُفنا؟
يحاولون تصوير محمد على أنه شديد الذكاء لا يخطئ أو أنه له علم بالغيب، ولو كان كذلك وكان يعلم ما سيحدث بخبر سماوي لكان إصراره على الخروج للمواجهة خارج يثرب مع علمه بقتل أصحابه والهزيمة تصرفًا غير أخلاقي من الدرجة الأولى.
{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}
سبق التعليق على نظيراتها وأمثالها، وهي من مؤسسات فكر الإرهاب أو لنقل استحواذ الإرهاب الهوسيّ.
{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)}
تحريض للمؤمنين على تمويل الإرهاب ونفقاته ولوازمه، ورغم كل تهديداته الخرافية فإنها حتمًا لم ولن تهز شعرة أو تؤثر في خلية من تلافيف مراكز العاطفة والتفكير في عقول أناس غير مسلمين متظاهرين بالإسلام لحماية حيواتهم، غير محبين لأوامره الإرهابية المحرضة على الكره بين البشر.
{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)}
كان محمد قد وضع بعض الأسس للفكر الإرهابي كتقسيم البشر على أساس الدين إلى مؤمن و"كافر" أو "مشرك"، والاستشهاد والولاء والبراء، رغم أنه حتى ما بعد غزوة أحد بقليل وحتى الخندق لم يكن هناك صورة كاملة للإكراه الديني لمن لا يريدون اتباع الإسلام، بل ازداد الإكراه تدريجيًّا، حتى لم يعد هناك من يعلن عن نفسه كوثني بعد موقعة الخندق، هذا مفهم لأن توتر العلاقات بين مدينة مسلمة وأخرى وثنية كان من شأنه تأجيج التعصب في كلا المدينين بين الديانتين، مثلما نرى في العصور الحديثة كحالة الهند وبنجلادِش في الصراع الهندي الباكستاني. وهذا النص "الآية" بعد أحد بالتأكيد لإشارته للهزيمة فيها يأمر بالتسامح والتعايش وتحمل بعض نقد وتشكيك اليهود في الإسلام ومصداقية محمد بعد هزيمة أحد، وكما عرضت في سياق أحد بالجزء الأول أن النص وما قبله مرتبط بمحاولة طلب محمد من خلال إرساله أبا بكر من فنحاص اليهودي من سادات بني قينقاع _ولعله ممن ارتحلوا بعد تهجيرهم إلى خيبر_صدقة ومعونة لجيش وتسليح محمد، لا أفهم لماذا سيقوم صاحب دين مختلف بتمويل الحروب الإرهابية لدين آخر، وبخاصة أن مؤسس ذلك الدين قام بطرد وإجلاء قوم المطلوب منه ذلك من وطنهم! وأن فنحاص رد بسخرية على تشبيه محمد {يقرض الله} ساخرًا من محمد وديانته بقوله: احتاج ربكم، وكما نعلم من كتب السيرة (راجع ج1 حروب محمد الإجرامية) أن محمدًا بعدها بقليل بدأ في حملة اغتيالات ضد المعارضين والناقدين من الشعراء، وألغى حرية الرأي والتعبير، وذكر الطبري هنا بعض الأحداث التي أوردناها عن كتب الحديث والسيرة في ج1 من اغتيالات. ولاحقًا سيلغي محمد حرية الرأي والتعبير في نقد الإسلام أو أي نقاش فيه بنص صريح: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12)} التوبة.
الآيات المدنية من سورة النحل
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)}
{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)}
هذه النصوص قد تكون قيلت بعد موقعة أحد، لأن الثانية منها قيل أنها مرتبطة بهذا الحدث، كما في السيرة لابن هشام:
قال ابن إسحاق: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما بلغني، يلتمس حمزة بن عبد المطلب، فوجده ببطن الوادي قد بُقر بطنُه عن كَبِدِه، ومُثِّل به، فجُدع أنفه وأذناه.
فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رأى ما رأى: لولا أن تحزنَ صفية، ويكون سُنة من بعدي لتركته، حتى يكون في بطون السباع، وحواصل الطير، ولئن أظهرنى الله على قريش في مَوْطن من المواطن لأمثلنَّ بثلاثين رجلا منهم. فلما رأى المسلمون حزنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وغَيْظه على من فعل بعمه ما فعل، قالوا: والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلنَّ بهم مُثلة لم يُمثِّلها أحد من العرب.
.... قال ابن إسحاق: وحدثني بُرَيدة ابن سفيان بن فروة الاسْلمى، عن محمد بن كعب القُرَظى، وحدثني من لا أتهم، عن ابن عباس: أن الله عز وجل أنزل في ذلك، من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول أصحابه:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ* وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِالله وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل: 126، 127] فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصبر ونهى عن المثلة.
وروى بنحوه الطبراني في المعجم الكبير ج3:
2937 - ثنا محمد بن النضر الأزدي ثنا خالد بن خداش ( ح ) وحدثنا محمد بن الفضل السقطي ثنا سعيد بن سليمان قالا ثنا صالح المري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي: عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد نظر إلى حمزة وقد قتل ومثل به فرأى منظرا لم ير منظرا قط أوجع لقلبه منه ولا أوجل فقال : رحمة الله عليك فقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات ولولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أدعك حتى تجيء من أفواج شتى ثم حلف وهو واقف مكانه والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك فنزل القرآن وهو واقف في مكانه لم يبرح بعد {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} [النحل: 126] حتى تختم السورة فكفر رسول الله صلى الله عليه و سلم وأمسك عما أراد
وأخرجه الطبراني في ج11 رقم 11051 عن ابن إسحاق، والمستدرك على الصحيحين رقم 4894 ضعيف، وتوجد رواية مختلفة عند أحمد (21229) 21549 والمستدرك ج2 حديث 3368 تربط الآية بنفس الحدث لكن تجعل نزولها عند فتح مكة وعلى صحة إسنادها تبدو غير معقولة لنص الآية على الصبر.
هذه النصوص تتكلم عن الجهاد والمحاربة الدفاعية وهذه لا أحد يعترض عليها كحق مشروع، لكنها حتمًا تتكلم كذلك عن الجهاد الانتقامي من قريش، لأنهم قبلها كانوا قد عذّبوا واضطهدوا الأقلية المسلمة المكونة من أفراد قلائل لا يتعدون الثلاثمئة فرد، ونهبوا أموالهم وبيوتهم بعدما هاجروا وهربوا من مكة، لكن قد نختلف على الجهاد الانتقامي لأن الأمر لم يعد صراع بين أفراد، ونهب وقطع الطريق على قريش كان بمثابة سوء جيرة دولية ومخالفة لقواعد السلم الدولي تسببت في إشعال الحروب بين قريش ويثرب، رغم أنه لم يكن بينهما على حد علمي قبل ذلك أية مشاكل أو نزاعات. تبع ذلك بالتالي نتاج قواعد الأحلاف والتحالفات لقديمة أن كل حلفاء قريش كبني سليم وبني المصطلق وغيرهم أصبح واجبًا عليهم معاداة يثرب والمسلمين، فزادت الحروب وأعمال القتل والنهب اشتعالًا كما عرضتً في الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية). النص يبيح القتال_لا نقول أننا ضد القتال الدفاعي_بالتناقض مع نصوص تلقّي الإساءة بالإحسان والعفو وعدم رد الإساءة والشر، وهو اختلاف وتناقض بيِّن في التعاليم.
61 الصفّ
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)}
قال الطبري من ضمن عدة تفاسير للنصّ:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) قال: كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لوددنا أن الله دلنا على أحبّ الأعمال إليه، فنعمل به، فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال إليه إيمان بالله لا شكّ فيه، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقرّوا به؛ فلما نزل الجهاد، كره ذلك أُناس من المؤمنين، وشقّ عليهم أمره، فقال الله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ)
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) قال: كان قوم يقولون: والله لو أنا نعلم ما أحب الأعمال إلى الله؟ لعملناه، فأنزل الله على نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا) ... إلى قوله: (بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) فدلهم على أحبّ الأعمال إليه.
يرتبط هذا النص "الآيات" بتحريض محمد لأتباعه على ارتكاب العنف والعدوان ومعاداة الآخرين واستجلاب عداوتهم لهم، من خلال استغلال فكرة الله الخرافية، وادعائه بأنه إله يحب العنف والحرب والتقتيل، وأنه يأمر بهذه الأفعال الغير أخلاقية والغير صحيحة.
ثم قال الطبري تفسيرًا آخر للنص:
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في توبيخ قوم من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كان أحدهم يفتخر بالفعل من أفعال الخير التي لم يفعلها، فيقول فعلت كذا وكذا، فعذلهم الله على افتخارهم بما لم يفعلوا كذّبا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) قال: بلغني أنها كانت في الجهاد، كان الرجل يقول: قاتلت وفعلت، ولم يكن فعل، فوعظهم الله في ذلك أشدّ الموعظة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) يؤذنهم ويعلمهم كما تسمعون (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ) وكانت رجال تخبر في القتال بشيء لم يفعلوه ولم يبلغوه، فوعظهم الله في ذلك موعظة بليغة، فقال: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) .. إلى قوله: (كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) .
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) أنزل الله هذا في الرجل يقول في القتال ما لم يفعله من الضرب والطعن والقتل، قال الله (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) .
هذا كذلك مرتبط بتحريض محمد للأتباع على العنف والعدوان، واعتبارهم قصص العنف والتقتيل وفعل الشر من أفعال المروءة والشجاعة.
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}
حسب محمد، فالقتال ليس لأجل الدفاع عن حدود وطن ضد العدوان والاحتلال، بل هو حرب تعصبية دينية قائمة على الكراهية للمختلفين في العقيدة والدين، وهذا من مؤسسات العنف والإرهاب في عقول الإرهابيين المجاهدين منذ عصر الفتوحات الإجرامية.
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)}
قال الطبري عند الآية المطابقة لهذه بحروفها في سورة التوبة: 33
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الله الذي يأبى إلا إتمام دينه ولو كره ذلك جاحدوه ومنكروه = (الذي أرسل رسوله) ، محمدًا صلى الله عليه وسلم = (بالهدى) ، يعني: ببيان فرائض الله على خلقه، وجميع اللازم لهم= وبدين الحق، وهو الإسلام = (ليظهره على الدين كله) ، يقول: ليعلي الإسلام على الملل كلها = (ولو كره المشركون) ، بالله ظهورَه عليها.
وقال ابن كثير:
{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} أَيْ: عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوي لِي مِنْهَا" [صحيح مسلم برقم (2889)]
...وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (16957) 17082- حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا صَفْوَانُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ ، وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ.
وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ ، يَقُولُ : قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (23814) 24315- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لاَ يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ ، وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الإِسْلاَمِ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ ، أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ ، إِمَّا يُعِزُّهُمُ اللَّهُ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا ، أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ لَهَا.
وروى مسلم:
[ 2889 ] حدثنا أبو الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد واللفظ لقتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ...إلخ
فكرة الاستعلاء والتكبر على باقي أهل الأديان، والتمييز العنصري بين المسلمين وغير المسلمين، في التشريعات والتوظيف والمعاملة هو أساس من أسس الفكر الإسلامي العنصري الإرهابي المشوِّه لعقول الناس. استعمل محمد هنا كلمة الدين بمعنى كل ما يتدين به البشر أيْ الأديان. في دولة علمانية متحضرة متمدنة يقف كل المواطنين سواسية متساوين أمام القانون، لا كيل بمكيالين في دولة تقوم على مفهوم المواطَنة والأخوة الإنسانية، أما في دول الإسلام فكانت القاعدة دومًا ولا تزال هي التمييز العنصري إلا حالات قليلة. ومن ضمن معاني ظهور الدين عندهم مثلًا فرض الجزية على المواطنين غير المسلمين كتمييز عنصري وإذلال، وفي حالة إسلام الأم يُنزَع الأطفال من الأب حتى لو كان له حق حضانة بعد بلوغهم سن سبع سنوات بدعوى الدين الأفضل! في قانون مصر ودول غيرها كلبنان وسوريا لم يعد من وجود لقوانين وممارسات كهذه لتقدمهم خطوة في التمدن، لكنْ لا تزال الكراهية والعنصرية والتمييز موجودة بدرجات متنوعة في المجتمع والقطاع الخاص والحكومي. الإنسان الفاضل يعلم أن الفضيلة الحقيقية تكون في سلوكياته وتواضعه وحبه وإحسانه واحترامه لكل البشر، وأن الفضيلة والأفضلية تكمن في مجرد اتباعك وانتمائك لدين أو عقيدة معينة. الحس الإنساني السليم المشترك أن كل البشر متساوون في العموم ومن حيث المبدإ، وقد يتفاضلون فقط في الفضائل والأخلاق والبراعة والإتقان في أعمالهم ومهنهم، أما التكبر الأجوف على أسس وهمية والعصرية من مجموعة بشرية ضد المجموعات الأخرى فشي يوقن الشخص الفاضل أنه حقارة وسلوك حقير أحمق.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}
بئس الصفقة والتجارة، في سبيل الوهم والتعصب والكراهية والعنصرية يضعون حيواتهم في الخطر، فإن انتصروا فرحوا بنهب وقتل الآخرين واستعبادهم بخسة وانحطاط، وإن هُزِموا راحت خسارتهم بلا ثمن من الأوهام التي زعمها لهم محمد، وإن قُتِلوا فقد خسروا حيواتهم الوحيدة في سبيل هدف سيء وشرير حقير هو إيذاء الآخرين، وليس ميتة ونهاية لها معنى وسموّ، ولن يكون لهم وجود بعد ذلك ولا سيُعوَّضون عن خسارة حيواتهم بأي من مزاعم محمد الوهمية عن حياة أخرى أبدية. بل التجارة الرابحة هي السلام والتعاون والإخاء بين بني البشر.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)}
حواريو أيْ تلاميذ يسوع وتعاليمه وتعاليمهم وتاريخه وتاريخهم نظيف من العنف والإرهاب والحرب، وقد دعت المسيحية للسلام وعدم الحرب، لدرجة شديدة جعلتني أنتقد ذلك في كتابي نقد العهد الجديد/ باب تعاليم تدعو إلى الخنوع والذلة. النموذج الذي رسمه محمد بمزاعم كاذبة لأتباعه الجهلاء غير المطالعين والأميين غير موجود في التاريخ لخاص بالتلاميذ الحواريين. فقط بعد تنصر قسطنطين أو كُنستَنتين الامبراطور سيبدأ العنف المسيحي ويتصاعد مع الأباطرة من بعده، وهذا بعد موت يسوع وأتباعه الأوائل بقرون.
57 الحديد
{آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)}
هنا حرّض محمد أتباعَه على تمويل حروبه وتسليح الجيش للقيام بأعماله ونواياه الإرهابية القادمة، بعملية تشويه للمفاهيم وتصوير قتل أتباع الأديان الأخرى وخاصة الوثنيين على أنه شيء يجعله الله خيرًا بدلًا من حقيقة كونه شرًّا ولا أخلاقية في جوهره على نحوٍ لا يمكن تغييره. في الآيات المكية استعمل محمد الفتح بمعنى النصر الإلهي بمعجزة خرافية بدون تدخل وفعل البشر، ككارثة ما تحدث وحدها بشكل طبيعي، كخرافات قصص الأنبياء التي كان محمد يسردها، لكنه هنا في السور المدنية اليثربية صارت دلالة في لغته على النصر العسكري على الآخرين واقتحام بلادهم ونهبهم وسحقهم، من خلال أفعال العنف والقتال لأتباعه.
{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)}
قال ابن كثير:
{يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} أَيْ: يُنَادِي الْمُنَافِقُونَ الْمُؤْمِنِينَ: أَمَا كُنَّا مَعَكُمْ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا، نَشْهَدُ مَعَكُمُ الْجُمُعَاتِ، وَنُصَلِّي مَعَكُمُ الْجَمَاعَاتِ، وَنَقِفُ مَعَكُمْ بِعَرَفَاتٍ، وَنَحْضُرُ مَعَكُمُ الْغَزَوَاتِ، وَنُؤَدِّي مَعَكُمْ سَائِرَ الْوَاجِبَاتِ؟ {قَالُوا بَلَى} أَيْ: فَأَجَابَ الْمُؤْمِنُونَ الْمُنَافِقِينَ قَائِلِينَ: بَلَى، قَدْ كُنْتُمْ مَعَنَا، {وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ}...
وقال الطبري:
قوله: (يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى) يقول تعالى ذكره: ينادي المنافقون المؤمنين حين حُجز بينهم بالسور، فبقوا في الظلمة والعذاب، وصار المؤمنون في الجنة، ألم نكن معكم في الدنيا نصلي ونصوم، ونناكحكم ونوارثكم؟ قالوا: بلى، يقول: قال المؤمنون: بلى، بل كنتم كذلك، ولكنكم فَتَنْتمْ أنفسكم، فنافقتم، وفِتْنَتهم أنفسَهم في هذا الموضع كانت النفاق.
وكذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) قال: النفاق، وكان المنافقون مع المؤمنين أحياء يناكحونهم، ويغشَوْنهم، ويعاشرونهم، وكانوا معهم أمواتًا، ويعطون النور جميعا يوم القيامة، فيطفأ النور من المنافقين إذا بلغوا السور، ويماز بينهم حينئذ.
وقوله: (وَتَرَبَّصْتُمْ) يقول: وتلبثتم بالإيمان، ودافعتم بالإقرار بالله ورسوله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَتَرَبَّصْتُمْ) قال: بالإيمان برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقرأ: (فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ)
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَتَرَبَّصْتُمْ) يقول: تربصوا بالحق وأهله، وقوله: (وَارْتَبْتُمْ) يقول: وشككتم في توحيد الله، وفي نبوّة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَارْتَبْتُمْ) : شكوا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَارْتَبْتُمْ) : كانوا في شكّ من الله.
وقوله: (وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ) يقول: وخدعتكم أمانيّ نفوسكم، فصدتكم عن سبيل الله، وأضلتكم.
بسبب أعمال الإرهاب والترويع في يثرب، والتعصب الإرهابي للمسلمين، صار الكثير من وثنيي يثرب الباقين على وثنيتهم والآخرين المتشككين منافقين متظاهرين بالإسلام لحماية حيواتهم وأموالهم وبيوتهم ونسائهم وأولادهم من الإرهاب الإسلامي الشرس المجنون، ولما لم يجد محمد طريقة لإشفاء غليله من هؤلاء وتلاعبهم به وبدينه وسخريتهم منه وسعيهم للمكايد والنقد المستتر له، لجأ إلى تشويه صورتهم بالأسلوب الديني في أذهان أتباعه لكي لا يختلطوا بهم يتأثروا باستماعهم لأفكارهم المتعقلنة وحسهم السليم الإنساني ضد عنف وشرور محمد، انظر مثلًا لخبر أبي عفك الذي اغتاله أحد المسلمين بأمر محمد، لأنه قال في شعره نقدًا لتقسيم محمد للناس وتفريقه بين البشر الإخوة بديانته، وأفكاره الدينية المختلة المعتلة عن الذنوب والتحريم والتحليل، مثله مثل من قبله من يهودية ومسيحية وغيرها (السيرة لابن هشام والمغازي للواقدي):
لقد عشتُ دهراً وما إِنْ أرى ... من الناسِ داراً ولا مجمعَا
أبرَّ عهوداً وأوْفَى لمن ... يُعاقد فيهمْ إذا ما دَعَا
من اولادِ قَيْلَة في جمعِهم ... يَهُدُّ الجبالَ ولم يَخْضَعا (1)
فصدَّعهم راكبٌ جاءهم ... حَلالٌ حَرامٌ لشَتَّى مَعَا (2)
فلو أن بالعزِّ صدَّقتمُ ... أوِ الملكِ تابعتم تُبَّعَا
(1) قيلة: أم الأوس والخزرج. (2) صدعهم: فرقهم.
وانظر تعليق عصماء بنت مروان في شعرها على عدم جدوى محمد لليثاربة، أوردناه في ج1 حروب محمد، وهذا قالته تعليقًا على قتله لأبي عفك، وأنه لا خير لليثاربة إلا من رؤسائهم، ولاحظ شتيمتها البذيئة للخزرج (باست) أي (بمؤخرة ودبر)!. فقتلها كالعادة أحد أتباع محمد وبارك محمد فعلته، كلا الشخصين لم يغلطا في ما قالاه، التاريخ انتقم لهما ولا شك وأثبت صحة كلامهما، أعطى محمد_كما عرضنا في ج1_ المغانم العظيمة لكبار قومه قريش وكبار أقوام أخرى أكبر وأخطر من اليثاربة كبني تميم وغيرهم، آلت الخلافة لقرون للقرشيين، ومن بعدهم كان فاطميون وبويهيون وأيوبيون ومماليك وعثمانيون وغيرهم، لم ينل اليثاربة أي مناصب وزارية لا أي شيء، بل أقصوا واستُبعِدوا من السلطة، حينما حاول عبد الله بن الزبير القرشي التمرد على الدولة الأموية وهو في مكة وأخوه مصعب بن الزبير في يثرب الذي كالعادة آزره اليثاربة، كافأتهم الدولة الأموية بعد هزيمة الزبيريين بإباحة المدينة للجنود ثلاثة أيام ليستبيحوها، بعض المؤرخين قال أن الاستباحة كانت تعني النهب والسلب فقط، وقال آخرون أن آلاف العذراوات والنساء اغتصبهن الجيش الشاميّ، كل ذلك في كتب تاريخهم كالبداية والنهاية لابن كثير وتاريخ الطبري والكامل لابن الأثير والمنتظم لابن الجوزي. مع الزمن وعامل دخول أقوام كثيرة إلى يثرب وسكناها زمن محمد اضمحل وانقرض معظم نسل الأوس والخزرج. الأحاديث التي ألفوها أو أُلِّفَت لهم حاولت مواساتهم عن كل ذلك ونسبوها إلى محمد، روى البخاري:
3628 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ قَدْ عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الْأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ شَيْئًا يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
3792 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا قَالَ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ
3793 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي وَمَوْعِدُكُمْ الْحَوْضُ
كل ما ظفر به اليثاربة نتيجة حماقتهم آخر الأمر هو الهراء واغتصاب بعض بناتهم ونهبهم وقمعهم وسجنهم وتعذيبهم، هذا هو مكسبهم من الإسلام، لم يستمعوا لتحذيرات الحكماء الواعين كالشاعرين المذكورين وكعبد الله بن أبي بن سلول، كأنها مأساة جريكية (إغريقية) سارت إلى نهايتها بلا قابلية لتغييرها. الإسلام في تطبيقه الكامل هو نار إما أن تحرقك أو تحرق من بجوارك. أصوليو المسلمين نار إن لم تجد ما تأكله أو لم تستطع إيجاده والتغلب عليه من آخرين غير مسلمين، أكلت نفسها وارتد كيدهم إلى نحورهم كما هو حالهم بالذات في عصرنا.
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)}
هنا قام محمد كالعادة بغرس سمه في عقول أتباعه متبعًا الاستيراتيجية التي انتقدها وشخّصها بعض الكتاب الغربيين مثل: Darrel W. Ray - The God Virus--How Religion Infects Our Lives and Culture (ﭬيرَس الإله، كيف يُعدي الدينُ حيواتنا وثقافتنا)، وله ولما يشابهه ويوازيه ترجمات من مترجمينا العرب الأفاضل، بدأ محمد بغرس الفكرة الخيالية الهوسية أن الحياة مؤقتة لذلك لا داعي للاهتمام بها والحرص على الحفاظ عليها بعد الاقتتال، وزعم بطريقة خرافية بوجود حياة أخرى عوضَا عنها لمن يموتون في حروبه، ثم غرس مفهوم الذنوب الوهمية الدينية (التي ليست في حقيقة الإنسانية ذنوبًا بل أمورًا عادية) ليجعلهم في حالة هوس وقلق وتأنيب ضمير وهمي خيالي استحواذي دون وجود خطايا فعلية لهم، ثم زعم لهم أن الوسيلة المضمونة الكفَّارية المكفِّرة لهذه الذنوب الوهمية (الذباب المزعج في مسرحية سارتر) لكي يغفر الله الخرافي المراقب لكل صغيرة وتافهة ذنوبهم التافهة السخيفة الوهمية الكبيرة في عقولهم المتهوسة هي أن يرتكبوا ما هو ذنوب وجرائم حقيقية ألا وهو قتل الناس ونهبهم واستعبادهم زاعمًا لهم أنها أفعال فاضلة كريمة لا غبار عليها! يلجأ رجال الدين للحصول على الأتباع والعطايا والإكراميات والجاه إلى اتباع أسلوب محمد في خطبهم التخويفية عن الجحيم والله شديد العقاب الخزعبلي والذنوب الوهمية ومحقرات الذنوب ويغرسون ذلك باستمرار كحالة هوس محفَّزة في أذهان جمهور المؤمنين السذّج ليظلوا في حالة خوف وقلق يشل عقولهم عن أدنى تفكير وتفكر، ويجعلهم متدينين مستلَبي العقول والتفكير والإرادات دومًا. ثم كرر محمد نفس الجدلية المغالِطة العقيمة القائلة بأن من يموتون في حروبه الانتقامية والهجومية الإرهابية إنما ماتوا بناءً على قدر الله الخرافي. وقد نقدت هذه الجدلية سابقًا.
{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)}
في نص آخر بعد هذا النص زمنيًّا، قال محمد في سياق أحداث بعد غزوة بني المصطلق الإرهابية: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)} المنافقون، وهم المنافقون المتظاهرون اضطرارًا بالإسلام، ومنهم عبد الله بن أبي بن سلول، إن الامتناع عن تمويل العنف والقتل والإرهاب والحروب العدوانية الهمجية ليس بخلًا بل حكمة وخيرٌ وفضيلة وغريزة سويّة، وكذلك النصح للناس بعدم تمويل هذا الإجرام هو فعل فاضل صالح إنسانيّ نبيل. ربما المشكلة أن المنافقين لم يتحلّوا بهذه الفضيلة على نحو كامل، فمعظمهم لم يكونوا مثل ملحدين لهم مبدأ أخلاقي ثابت سامٍ، بل بعضهم سعى كبدوي همجي قديم يحب النهب والسلب إلى مشاركة محمد في حروبه طالما فيها نفع لهم، ونصحُهم بعدم تمويله كان لخشيتهم أن يتسبب بعداواته مع الأقوام الأخرى في هلاك ودمار يثرب وسكانها، أو أن يغلب المهاجرون على عنصر السكان الأصليين وسيادتهم على المدينة.
4 النساء
{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)}
{وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39) إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)}
قال الطبري:
9501 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان كَرْدَم بن زيد، حليفُ كعب بن الأشرف، وأسامة بن حبيب، ونافع بن أبي نافع، وبَحْريّ بن عمرو، وحُيَيّ بن أخطب، ورفاعة بن زيد بن التابوت، يأتون رجالا من الأنصار، وكانوا يخالطونهم، ينتصحون لهم، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم، فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النفقة، فإنكم لا تدرون ما يكون! فأنزل الله فيهم: "الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله"، أي: من النبوة (1)، التي فيها تصديق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، "وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا"، إلى قوله: "وكان الله بهم عليمًا" (2).
(1) في ابن هشام: "أي: من التوراة"، وهي أجود الروايتين، إن لم تكن هذه التي هنا من سهو الناسخ. ولكني خشيت أن يكون لها وجه، فتركتها.
(2) الأثر: 9501 - رواه ابن هشام عن ابن إسحاق في سيرته 2: 208، 209.
9500 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل"، قال: هؤلاء يهود. وقرأ:"ويكتمون ما آتاهم الله من فضله"، قال: يبخلون بما آتاهم الله من الرزق، ويكتمون ما آتاهم الله من الكتب. إذا سئلوا عن الشيء وما أنزل الله كتموه. وقرأ: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا) [سورة النساء: 53] من بخلهم.
... وأما على تأويل ابن عباس وابن زيد:"إن الله لا يحب من كان مختالا فخورًا"، الذين يبخلون على الناس بفضل ما رزقهم الله من أموالهم، ثم سائر تأويلهما وتأويل غيرهما سواء.
نصيحة اليهود والمتظاهرين بالإسلام كانت نصيحة متعقلنة عملية بطريقة وثنيي العرب نفسها، فكرة تصيد الفرص لنهب الآخرين وقياس موازين القوى، لا ندري هل كانوا صادقين_خصوصًا اليهود_في نية نصيحتهم التي ظاهرها السوء، أم كان قصدهم من تبرير كهذا لها النصح بعدم تمويل العنف والإرهاب، لكن كما قلتُ سابقًا فإن الامتناع عن تمويل الإرهاب والنصيحة بالامتناع هو فضيلة ومأثرة من مآثر اليهود والمتظاهرين بالإسلام "المنافقين" سيذكرها التاريخ لهم. أما زعمه وجود إشارة له في كتاب اليهود فرددت عليه في كتاب (تفنيد البشارات المزعومة بمحمد ويسوع).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}
قال الطبري:
القول في تأويل قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ}
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ربكم فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، وأطيعوا رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فإن في طاعتكم إياه لربكم طاعة، وذلك أنكم تطيعونه لأمر الله إياكم بطاعته، كما:-
9851 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن عصى أميري فقد عصاني.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله:"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول".
فقال بعضهم: ذلك أمرٌ من الله باتباع سنته.
*ذكر من قال ذلك:
9852 - حدثنا المثنى قال: حدثنا عمرو قال، حدثنا هشيم، عن عبد الملك، عن عطاء في قوله:"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، قال: طاعة الرسول، اتباع سُنته.
9853 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا يعلى بن عبيد، عن عبد الملك، عن عطاء:"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، قال: طاعة الرسول، اتباع الكتاب والسنة.
9854 - وحدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن عبد الملك، عن عطاء مثله.
* * *
وقال آخرون: ذلك أمرٌ من الله بطاعة الرّسول في حياته.
*ذكر من قال ذلك:
9855 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، إن كان حيًّا.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هو أمرٌ من الله بطاعة رسوله في حياته فيما أمرَ ونهى، وبعد وفاته باتباع سنته. وذلك أن الله عمّ بالأمر بطاعته، ولم يخصص بذلك في حال دون حال، فهو على العموم حتى يخصّ ذلك ما يجبُ التسليم له.
واختلف أهل التأويل في"أولي الأمر" الذين أمر الله عبادَه بطاعتهم في هذه الآية.
فقال بعضهم: هم الأمراء.
*ذكر من قال ذلك:
9856 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة في قوله:"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: هم الأمراء.
الحديث: 9856 - هذا موقوف على أبي هريرة. وإسناده صحيح. ومعناه صحيح. وقد ذكره الحافظ في الفتح 8: 191، وقال: "أخرجه الطبري بإسناد صحيح".
9857 - حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال، أخبرني يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال:"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، نزلت في رجل بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على سرية.
الحديث: 9857 - يعلى بن مسلم بن هرمز البصري المكي: ثقة، أخرج له الشيخان. ووثقه ابن معين وأبو زرعة. مترجم في التهذيب. والكبير للبخاري 4 / 2 / 417، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 302. والحديث رواه أحمد في المسند: 3124، عن حجاج، وهو ابن محمد، بهذا الإسناد. وفيه تسمية الرجل، أنه"عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي". وكذلك رواه البخاري في صحيحه (4584) عن صدقة بن الفضل، عن حجاج بن محمد، به. وذكره ابن كثير 2: 494، عن رواية البخاري، ثم قال: "وهكذا أخرجه بقية الجماعة إلا ابن ماجه، من حديث حجاج بن محمد الأعور، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، ولا نعرفه إلا من حديث ابن جريج". وقصة عبد الله بن حذافة رواها أحمد في المسند: 11662، من حديث أبي سعيد الخدري. وروى معناها أيضًا من حديث علي بن أبي طالب: 622.
9858 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبيد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن حُذافة بن قيس السهمي، إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في السرية.
9859 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث قال: سأل مسلمةُ ميمونَ بن مهران عن قوله:"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: أصحاب السرايا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
9861 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريَّة عليها خالد بن الوليد، وفيها عمار بن ياسر، فساروا قِبَل القوم الذين يريدون، فلما بلغوا قريبًا منهم عرَّسوا، وأتاهم ذو العُيَيْنَتين فأخبرهم، فأصبحوا قد هربوا، غير رجل أمر أهله فجمعوا متاعهم، ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد، فسأل عن عمار بن ياسر، فأتاه فقال: يا أبا اليقظان، إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإنّ قومي لما سمعوا بكم هربوا، وإني بقيت، فهل إسلامي نافعي غدًا، وإلا هربت؟ قال عمار: بل هو ينفعك، فأقم. فأقام، فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدًا غير الرجل، فأخذه وأخذ ماله. فبلغ عمارًا الخبر، فأتى خالدًا، فقال: خلِّ عن الرجل، فإنه قد أسلم، وهو في أمان مني. فقال خالد: وفيم أنت تجير؟ فاستبَّا وارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فأجاز أمان عمار، ونهاه أن يجير الثانية على أمير. فاستبَّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال خالد: يا رسول الله، أتترك هذا العبد الأجدع يسبني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد، لا تسبَّ عمارًا، فإنه من سب عمارًا سبه الله، ومن أبغض عمارًا أبغضه الله، ومن لعن عمارًا لعنه الله. فغضب عمار فقام، فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه فاعتذر إليه، فرضي عنه، فأنزل الله تعالى قوله:"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
الأثر: 9861 - أخرجه ابن كثير في تفسيره 2: 497، ثم قال: "وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق، عن السدي مرسلا. ورواه ابن مردويه من رواية الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، فذكر بنحوه. والله أعلم".
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: هم الأمراء والولاة = لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان لله طاعةً، وللمسلمين مصلحة، كالذي:-
... 9877 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يحيى، عن عبيد الله قال، أخبرني نافع، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على المرء المسلم، الطاعةُ فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية؛ فمن أمر بمعصية فلا طاعة.
9878 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثني خالد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
الحديثان: 9877، 9878 - ورواه أحمد في المسند: 4668، عن يحيى، وهو القطان، بمثل الإسناد الأول هنا. ورواه أيضًا: 6278، عن ابن نمير، عن عبيد الله، به.
وفي تفسير الآية 58 ذكر الطبري:
9848 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ) قال: قال أبي: هم السلاطين. وقرأ ابن زيد: (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ) [سورة آل عمران: 26] ..إلخ
كما قلت سابقًا، ففكرة الطاعة العمياء للقائد الديني والأمراء والسلاطين، هي أساس الإرهاب، فإن من جوهره التقديس والاتباع والحب الأعمى لفكرة أو دين أو شخص، بحيث يتبعه الأتباع دون تفكير وتبصر أخلاقيّ وإنسانيّ أو في عواقب الأفعال. وهي أساس الدكتاتورية وفردية الحكم والاستبداد ونهب خيرات الشعوب وفشل إدارة الدولة اقتصاديًّا وعسكريًّا وعلميًّا وتعليميًّا نتيجة الفردية في القرار والإدارة.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)} النساء
قال الطبري:
9891 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عامر في هذه الآية:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت"، قال: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة، فكان المنافق يدعو إلى اليهود، لأنه يعلم أنهم يقبلون الرشوة، وكان اليهودي يدعو إلى المسلمين، لأنه يعلم أنهم لا يقبلون الرشوة. فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جُهَيْنة، فأنزل الله فيه هذه الآية:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك" حتى بلغ"ويسلموا تسليمًا".
9892 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر في هذه الآية:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك"، فذكر نحوه = وزاد فيه: فأنزل الله:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك"، يعني المنافقين ="وما أنزل من قبلك"، يعني اليهود ="يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت"، يقول: إلى الكاهن ="وقد أمروا أن يكفروا به"، أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه، أن يكفر بالكاهن.
9893 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي قال: كانت بين رجل ممن يزعم أنه مسلم، وبين رجل من اليهود، خصومة، فقال اليهودي: أحاكمك إلى أهل دينك = أو قال: إلى النبي = لأنه قد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ الرشوة في الحكم، فاختلفا، فاتفقا على أن يأتيا كاهنًا في جهينة، قال: فنزلت:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك"، يعنى: الذي من الأنصار ="وما أنزل من قبلك"، يعني: اليهوديّ "يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت"، إلى الكاهن ="وقد أمروا أن يكفروا به"، يعني: أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه. وتلا"ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدًا"، وقرأ:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم" إلى"ويسلموا تسليما".
... 9895 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك"، الآية، حتى بلغ"ضلالا بعيدًا"، ذُكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجلين: رجل من الأنصار يقال له"بشر"، وفي رجل من اليهود، في مدارأة كانت بينهما في حق، فتدارءا بينهما، فتنافرا إلى كاهن بالمدينة يحكم بينهما، وتركا نبي الله صلى الله عليه وسلم. فعاب الله عز وجل ذلك = وذُكر لنا أن اليهودي كان يدعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما، وقد علم أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم لن يجور عليه. فجعل الأنصاري يأبى عليه وهو يزعم أنه مسلم، ويدعوه إلى الكاهن، فأنزل الله تبارك وتعالى ما تسمعون، فعابَ ذلك على الذي يزعم أنه مسلم، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب، فقال:"ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك" إلى قوله:"صدودًا".
يدل هذا النص الذي يحكي عن استمرار المنافقين المتظاهرين بالإسلام في ممارسة المعتقدات والعوائد الوثنية على أنهم لم يقتنعوا ويعتقدوا بالإسلام في قرار نفوسهم وعقولهم، بل كانوا وثنيين متبعين عقيدة العرافة والكهانة (الشامانية Shamanism) بوضوح ويحترمون الكهنة الوثنيين، وأنهم تظاهروا بالإسلام فقط لحماية أنفسهم من التعصب الإسلامي الذي كان يتنامي، حسب النص فمحمد مأمور بالتسامح والتعايش معهم وأن يعظهم فقط، رغم أن النص يتدخل في ممارساتهم وينهاهم عنها ويصادر حقهم في حرية اختيار ما يمارسون ويعتقدون من خرافات دينية سواء وثنية أو إسلام أو يهودية أو غيره أو اختيارهم لأي مرجعيات عرفية للحكم بينهم طالما رفضوا تشريع الإسلام، لكن لاحقًا يمسح محمد كل تعايش ويقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} التوبة، مع تنامي تعصبه، لكنه في العموم لم يقدر على المنافقين المتظاهرين أبدًا بأن يقتلهم، بل بكبتهم ومنع حقوقهم في حرية التعبير عن الرأي والفكر، يبدو لنا أن اليهودي رضي بالتحاكم إلى الكاهن الجهني لأنه كان سيحكم حكمًا بشريًّا كرجل من كبار وعقلاء الوثنيين، وليس ضربًا لأقداح وأزلام خرافية للتنبؤ والحكم، ولعله كان معروفًا للطرفين لأن جهينة جيران يثرب، وربما كان مشهورًا بحكمة وعدل ونزاهة، يبدو أن المتظاهر بالإسلام كره العودة إلى محمد وإعطاءه مكانة وسلطة مكتسَبة باعترافه بمرجعية له ومثله اليهودي، ولعل المتظاهر هو من كره اللجوء إلى اليهود خشية تحيزهم، وأن اليهودي خشي عكس ما تقول القصة أن يميل محمد إلى العربي المتظاهر كتابع ظاهريّ له، لكن محمدًا أراد أن يكون تحاكم الناس له فقط كسلطة وحيدة أوتوقراطية استبدادية إليه يرجع كل أمر في يثرب.
من الأفكار الخطيرة التي قالها ابن كثير:
... وَقِيلَ: فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، مِمَّنْ أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ، أَرَادُوا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى حُكَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَالْآيَةُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنَّهَا ذَامَّةٌ لِمَنْ عَدَلَ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَتَحَاكَمُوا إِلَى مَا سِوَاهُمَا مِنَ الْبَاطِلِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالطَّاغُوتِ هَاهُنَا....
يعتبر المسلمون خاصة المتطرفين منهم حيث يعتقدون بهذا بجدية، أنه يجب على دول المسلمين العودة إلى التشريع الهمجي القرآني الأحاديثي الإسلامي من رجم وجلد وقطع يد وغيرها من بشاعات ومصادرة للحريات الشخصية ومنها العودة إلى حد الردة لمن تركوا الإسلام ومنع حرية النشر والتعبير، أدبيات المتطرفين كسيد قطب وغيره اعتبرت القانون المتحضر أنه وضعيّ غير سماويّ؛ على أساس أن تشريعهم غير بشريّ يعني، وأنه طاغوت لاستبداله بما يسمونه بشرع الله، حسب تصوراتهم الخرافية البدائية بلا تفكير.
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66)}
نص يكشف عن نيات محمد الخفيّة التي كان قد بدأ يلمح بها، لكنه ينتظر ازدياد قوته فقط، فهنا استلهم محمد من قصة موسى وعبادة بني إسرائيل للعجل الذهبي التي حكاها في البقرة: 54 تمهيدًا وتلميحًا لعنفه القادم ليغرسه في عقول الأتباع كعنف مبرر دينيًّا. فهنا صرّح محمد بوضوح بتهديد المتظاهرين بالإسلام كدكتاتور أنهم إذا اتخذوا مرجعية وثنية بدلًا منه فسوف يأمر بقتلهم. لا أعلم متى صاغ محمد هذا النص لكنه عمومًا قبل موقعة الخندق-الأحزاب، لأن بعد الخندق وتنامي العنف والتعصب والخطر أسلم أو تظاهر بالإسلام كل من في يثرب. بالتالي اجتهادي هنا هو نفي ورفض الروايات التي ربطت بعض آيات السورة بغزوة الخندق مما سبق إيرده.
(26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ، وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ». فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ، وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُل. 29وَقَالَ مُوسَى: «امْلأُوا أَيْدِيَكُمُ الْيَوْمَ لِلرَّبِّ، حَتَّى كُلُّ وَاحِدٍ بِابْنِهِ وَبِأَخِيهِ، فَيُعْطِيَكُمُ الْيَوْمَ بَرَكَةً».) الخروج32: 26-29
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71)}
قال الطبري:
9929 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"خذوا حذركم فانفروا ثبات"، يقول: عصبًا، يعني سَرايَا متفرقين ="أو انفروا جميعًا"، يعني: كلكم.
بسبب عنف محمد الجهادي الانتقامي وقطعه الطريق واعتدائه على أقوام لم يبادئوه بالعدوان، أصبح على أتباعه الإرهابيين الحذر والقلق، لأنهم صنعوا العداوات، الشخص المسالم والدولة المسالمة التي ليس لها أعداء تصنعهم حتمًا ستكون أقل قلقًا أغلب الأحيان من دولة عدوانية إرهابية. (من عاش بالسيف مات بها) كما قال كتبة الأناجيل وهي حكمة تصلح لتبنيها.
{وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}
هذه سمة كثير من المتظاهرين بالإسلام بأخلاقهم العربية القديمة، تلهف على الغنائم والنهب نتيجة قطع الطريق والهجومات على القبائل الأخرى، كل مصلحتهم كانت ذلك فقط، وهم عدد لا يستهان به أضافوا قوة للإسلام، وحتى الكثير من المسلمين الحقيقيين كانوا يبيعون مبادئهم في لحظة، وعرضت في ج1 (حروب محمد) مثالًا فاضحًا لعبد الله بن أمية الضمري حينما اغتوى وحاول سرقة أموال أرسلها محمد إلى مكة.
{فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74) وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)}
من مؤسسات الإرهاب فكرة الحياة الخرافية الأخرى التعويضية عن احتمال خسارة الحياة الحقيقية الوحيدة في الحروب، لكن محمدًا هنا يتحدث عن حروبه الدفاعية والانتقامية الأولى فقط، مع ذلك فانا أرتاب في أن تبريره حقيقي لأن قريشًا لم تكن ستمنع أحدًا من الهجرة إلى يثرب، سوى أن محمدًا جعل منهم خلية إرهابية فهذا هو السبب الوحيد المحتمل لممانعة قريش، بدليل أنه يوصي مسلمي مكة بالهجرة والخروج إليه لينضموا لكيان دولته في نفس السورة في الآيات التي بعدها، لو كان هناك منع شديد لما كان لوصيته وأمره فائدة، مع ذلك استمر محمد في تقسيم البشر كمبرر للحرب والقتل إلى مؤمن وكافر حسب الخرافة التقليدية الإسلامية واليهومسيحية كذلك. وعاد محمد هنا إلى مغالطته بجدلية عقيمة قدرية عن أن كل شيء قدّره وكتبه مسبقًا الله الخرافي، وسبق وتناولتها.
{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)}
ما زال الإكراه الديني في زمن صياغة محمد لهذه الصورة لم يصل إلى صورته الكاملة، مع أنه ألمح بتهديد للمتظاهرين بالإسلام كما أوردنا أعلاه، ما زال لم يظهر الوجه الحقيقي لمحمد بالكامل وبوضوح كامل. فوفقًا للنص ليس لمحمد ولا عليه أن يجبر الناس على اتباع ما كان يدعو إليه.
قال الطبري:
... ثم قال جل ثناؤه لنبيه: ومن تولى عن طاعتك، يا محمد، فأعرض عنك، فإنا لم نرسلك عليهم"حفيظًا"، يعني: حافظًا لما يعملون محاسبًا، بل إنما أرسلناك لتبين لهم ما نزل إليهم، وكفى بنا حافظين لأعمالهم ولهم عليها محاسبين.
* * *
ونزلت هذه الآية، فيما ذكر، قبل أن يؤمر بالجهاد، كما:-
9979 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سألت ابن زيد عن قول الله:"فما أرسلناك عليهم حفيظًا" قال: هذا أول ما بعثه، قال: (إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ) [سورة الشورى: 48] . قال: ثم جاء بعد هذا بأمره بجهادهم والغلظة عليهم حتى يسلموا.
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)}
قال الطبري:
9985 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول"، وهم ناس كانوا يقولون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:"آمنا بالله ورسوله"، ليأمنوا على دمائهم وأموالهم. وإذا برزوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، خالفوا إلى غير ما قالوا عنده، فعابهم الله، فقال:"بيت طائفة منهم غير الذي تقول"، يقول: يغيرون ما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)
قال الطبري:
9991 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به"، يقول: إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوهم، أو أنهم خائفون منهم، أذاعوا بالحديث حتى يبلغ عدوَّهم أمرُهم.
9992 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به"، يقول: أفشوه وسعَوْا به.
وقال البغوي:
وذلك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يبعث السرايا فإذا غلبُوا أو غُلبُوا بادر المنافقون يستخبرون عن حالهم فيفشون ويحدثون به قبل أن يحدث به رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيضعفون به قلوب المؤمنين فأنزل اللَّه: (وَإِذَا جآءَهُمْ) يعني المنافقين
وقال ابن عطية:
قال جمهور المفسرين: الآية في المنافقين حسبما تقدم من ذكرهم، والآية نازلة في سرايا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبعوثه، والمعنى: أن المنافقين كانوا يشرهون إلى سماع ما يسوء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سراياه، فإذا طرأت لهم شبهة أمن للمسلمين أو فتح عليهم حقروها وصغروا شأنها وأذاعوا بذلك التحقير والتصغير، وإذا طرأت لهم شبهة خوف للمسلمين أو مصيبة عظموها وأذاعوا بذلك التعظيم
إذا كانت سمة المنافقين التخطيط لدمار وهزيمة المسلمين ونشر الخوف والإعلام المضاد في يثرب زمن محمد، فما الذي جعلهم يفعلون ذلك سوى أنهم أُجبِروا على الإسلام ولم يجعل محمد يثرب مكانًا لاحترام التعدد وحرية الناس في اعتناق ما شاؤوا من أديان، لماذا مثلًا لم نسمع قبل محمد عن مكائد وثنية في يثرب ضد اليهود واليهودية، أو مكائد وثنية في شبه جزيرة العرب ضد المسيحيين؟! لم يذكر التاريخ سوى صراع اليهود والمسيحيين في نجران.
{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)}
سبق التعليق على نظائرها، القتال لأجل التعصب الديني فقط، وليس لأجل دفاع عن حق أو وطن.
{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)}
ذكرت كتب التفسير وكتب الحديث عدة تفاسير محتملة لسبب صياغة "نزول" النص، أختار منها التالي لأنه الأنسب لمعنى وسياق النص، قال الطبري:
وقال آخرون: بل كان اختلافهم في قوم من أهل الشرك كانوا أظهروا الإسلام بمكة، وكانوا يعينون المشركين على المسلمين.
*ذكر من قال ذلك:
10054- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"فما لكم في المنافقين فئتين"، وذلك أن قوما كانوا بمكة قد تكلّموا بالإسلام، وكانوا يظاهرون المشركين، فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم، فقالوا: إن لقينا أصحابَ محمد"عليه السلام"، فليس علينا منهم بأس! وأن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة، قالت فئة من المؤمنين: سبحان الله = أو كما قالوا =، أتقتلون قوما قد تكلموا بمثل ما تكلَّمتم به؟ أمن أجل أنهم لم يهاجروا ويتركوا ديارَهم، تستحلّ دماؤهم وأموالهم لذلك! فكانوا كذلك فئتين، والرسول عليه السلام عندهم لا ينهى واحدا من الفريقين عن شيء، فنزلت:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله"، الآية.
10055- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"فما لكم في المنافقين فئتين" الآية،، ذكر لنا أنهما كانا رجلين من قريش كانا مع المشركين بمكة، وكانا قد تكلّما بالإسلام ولم يهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيهما ناس من أصحاب نبي الله وهما مقبلان إلى مكة، فقال بعضهم: إن دماءهما وأموالهما حلال! وقال بعضهم: لا يحلُّ لكم! فتشاجروا فيهما، فأنزل الله في ذلك:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا" حتى بلغ"ولو شاء الله لسلَّطهم عليكم فلقاتلوكم".
10056- حدثنا القاسم قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر بن راشد قال: بلغني أنّ ناسًا من أهل مكة كتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد أسلموا، وكان ذلك منهم كذبا، فلقوهم، فاختلف فيهم المسلمون، فقالت طائفة: دماؤهم حلال! وقالت طائفة: دماؤهم حرام! فأنزل الله:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا".
* * *
10057- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"فما لكم في المنافقين فئتين"، هم ناس تخلّفوا عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، وأقاموا بمكة وأعلنوا الإيمان ولم يهاجروا، فاختلف فيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتولاهم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ من وَلايتهم آخرون، وقالوا: تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يهاجروا! فسماهم الله منافقين، وبرّأ المؤمنين من وَلايتهم، وأمرهم أن لا يتولَّوهم حتى يهاجروا.
* * *
وقال آخرون: بل كان اختلافهم في قوم كانوا بالمدينة، أرادوا الخروج عنها نفاقًا.
* ذكر من قال ذلك:
10058- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا"، قال: كان ناس من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة، فقالوا للمؤمنين: إنّا قد أصابنا أوجاعٌ في المدينة واتَّخَمْناها، فلعلنا أن نخرج إلى الظَّهر حتى نتماثل ثم نرجع، فإنا كنا أصحاب برّيّة. فانطلقوا، واختلف فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت طائفة: أعداءٌ لله منافقون! وددنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا فقاتلناهم! وقالت طائفة: لا بل إخواننا غَمَّتهم المدينة فاتّخموها، فخرجوا إلى الظهر يتنزهون، فإذا بَرَؤوا رجعوا. فقال الله:"فما لكم في المنافقين فئتين"، يقول: ما لكم تكونون فيهم فئتين ="والله أركسهم بما كسبوا".
وقال آخرون: بل نزلت في اختلاف كان بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوم كانوا قدموا المدينة من مكة، فأظهروا للمسلمين أنهم مسلمون، ثم رجعوا إلى مكة وأظهروا لهم الشرك.
*ذكر من قال ذلك:
10052- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فما لكم في المنافقين فئتين"، قال: قوم خرجوا من مكة حتى أتوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون، ثم ارتدوا بعد ذلك، فاستأذنوا النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتّجرون فيها. فاختلف فيهم المؤمنون، فقائل يقول:"هم منافقون"، وقائل يقول:"هم مؤمنون". فبين الله نفاقهم فأمر بقتالهم، فجاؤوا ببضائعهم يريدون المدينة، فلقيهم علي بن عويمر، أو: هلال بن عويمر الأسلمي، وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم حلف= وهو الذي حَصِر صدره أن يقاتل المؤمنين أو يُقاتل قومه، فدفع عنهم بأنهم يَؤُمُّون هلالا وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد.
10053- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله بنحوه= غير أنه قال: فبيّن الله نفاقهم، وأمر بقتالهم، فلم يقاتلوا يومئذ، فجاؤوا ببضائعهم يريدون هلالَ بن عويمر الأسلمي، وبينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حِلْف.
شواهد من كتب الحديث، روى البخاري:
1884 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ نَقْتُلُهُمْ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ لَا نَقْتُلُهُمْ فَنَزَلَتْ {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا تَنْفِي الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ
ورواه البخاري 4050 و4589 ومسلم 2776 و1384 وأحمد 21599 و21630 و21634 و21636
وروى أحمد بن حنبل:
1667 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمُوا، وَأَصَابَهُمْ وَبَاءُ بِالْمَدِينَةِ حُمَّاهَا فَأُرْكِسُوا ، فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ - يَعْنِي أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا لَهُمْ: مَا لَكُمْ رَجَعْتُمْ ؟ قَالُوا: أَصَابَنَا وَبَاءُ الْمَدِينَةِ فَاجْتَوَيْنَا الْمَدِينَةَ . فَقَالُوا: أَمَا لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَافَقُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُنَافِقُوا، هُمْ مُسْلِمُونَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} الْآيَةَ [النساء: 88]
إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أن أبا سلمة لم يسمع من أبيه. ونسبه مؤلف "الدر المنثور" 2/610 إلى ابن أبي حاتم من وجه آخر، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن عوف، به.
كل هذه الأسباب ممكنة ومحتملة وكلها مرتبطة بالنص القرآني، هذه هي جذور وأسس الإرهاب، أن تقاتل وتقتل شخصًا لأجل عقيدته، هذا مكيّ وثنيّ إذن هو عدوّي وأقتله، هذا مكيّ مسلم إذن لا أقتله، وحسب محمد هنا قام بتكفير من لا يهاجرون إليه من مكة وينفصلون عن قريش الوثنية، وأنه لو قابلهم جنوده قطاع الطرق في طريق لتجارة فسوف يقتلونهم باعتبارهم كفارًا ومنافقين، ولو لم يشارك البعض من السكان في حروبه العدوانية فهم حلال قتلهم كفار. هل تختلف مفاهيم كهذه عن مفاهيم الجماعات الإرهابية كالقاعدة وداعش وغيرهم من أنه يجوز قتل المسلمين المقيمين بدور وبلدان "الكفر" وخاصة دار الحرب أي الدول المحاربة للمسلمين؟! وهناك كتاب شهير لإمام كان منهم ثم انسحب بعد سجنه وصار معتدلًا نتيجة ما يُعرف بالمراجَعات، هو إمام عبد العزيز الشريف المعروف بالدكتُر فضل، وله كتاب (التعرية لكتاب التبرئة) رد فيه على أيمن الظواهري وأفكاره في كتابه المذكور بطريقة دينية الطابع. مع ذلك لا يزال محمد هنا ينص على أنهم لو اعتزلوهم فلم يقاتلوهم فلا داعي لقتلهم فهي آية سلمية منسوخة، لكن المسلمين كما رأينا كانوا يسارعون لقتل القرشيين في سراياهم وغاراتهم التي عرضنها في ج1، فمن قال أن من يعتزلهم ولا يقاوم كان سيعيش أصلًا؟! أقل شيء كانوا سيأسرون المستسلم ويأخذون عليه فدية من قريش!
قيل تفسير آخر للنص، روى البخاري:
4050 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةً تَقُولُ نُقَاتِلُهُمْ وَفِرْقَةً تَقُولُ لَا نُقَاتِلُهُمْ فَنَزَلَتْ { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا } وَقَالَ إِنَّهَا طَيْبَةُ تَنْفِي الذُّنُوبَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ
لا أعتقد أن تفسيرًا كهذا صحيح، لم يكن محمد سيقوم بفعل أحمق كهذا، بإثارة شبح حرب أهلية في يثرب، وهو ما زال بعد لم يكتسب القوة الكافية، ولديه اليهود وكانوا ما يزالون قوة يحسب لها حسابًا لأنع عدد جنوده لم يصل إلى عدد مقبول للمواجهة معهم ومع أطراف أخرى خطيرة حول يثرب كبني سليم وغطفان وفزارة وغيرهم. وحديث النص عن {حتى يهاجروا} ينفي احتمالية تفسير كهذا. ويتفق معي خالد بن سليمان المزيني في كتابه (المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة)_دار ابن الجوزي_الدمّام_ السعودية:
...وإذا كان الأمر كذلك فان الله اشترط لولايتهم أن يهاجروا في سبيل الله في قوله: (فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وأمر بأخذهم وقتلهم حيث وجدوا إن هم تولوا عن الهجرة في قوله: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وهنا ينشأ إشكالات:
الأول: اشتراط الهجرة فإن سبب نزول الآية ليس فيه ذكر الهجرة مطلقاً وإنما فيه التخلف عن الجهاد، ولهذا أوّل ابن العربي الهجرة في سبيل الله هنا بهجر الأهل والولد والمال، والجهاد في سبيل اللَّه.
الثاني: سبب النزول يتحدث عن منافقي المدينة، والآية تتناول الهجرة في سبيل اللَّه وعلى هذا فإلى أيِّ مكان يهاجر منافقو المدينة إذا كانوا هم مقيمين في بلاد الهجرة، ولهذا قال الطبري: (فأما من كان بالمدينة في دار الهجرة مقيماً من المنافقين وأهل الشرك، فلم يكن عليه فرض هجرة لأنه في دار الهجرة كان وطنه ومقامه).
الثالث: أن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أمر بأخذهم وقتلهم حيث وجدوا إذا تولوا عن الهجرة في سبيله والآية تتحدث عن منافقين كما سلف، ومعلوم لكل من شمَّ رائحة العلم فضلاً عمن ذاقه أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يقتل المنافقين أو يأذن في قتلهم مع بشاعة ما صنعوا خشية أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه.
فبأيّ وجه من الوجوه وافقَ سببُ النزول سياقَ الآيات وطابق؟
وأما حديث عبد الرحمن بن عوف في القوم الذي اجتووا المدينة فخرجوا منها فاختلف الصحابة فيهم فنزلت الآية فالحديث ضعيف كما تقدم فلا يحتج به على السببية.
ثم إن هؤلاء قد هاجروا إلى المدينة، فلا يبقى معنى لقوله: (حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ .. ).
وعلى هذا فالأمر دائر بين ما ذكره مجاهد والضحاك لموافقته السياق القرآني للآيات وفي الآية الحقائق التالية:
1 - أن هؤلاء منافقون يظهرون الإسلام والإيمان ويبطنون الكفر لقوله: (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ) وقوله: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا).
2 - أن هؤلاء مطالبون بالهجرة في سبيل الله لإثبات إيمانهم، فليسوا من منافقي المدينة في شيء لأنهم غير مطالبين بالهجرة، وسواءٌ كانت هجرتهم من مكة أو غيرها فالآية لم تُعيِّن شيئاً.
3 - أن هؤلاء المنافقين إن لم يهاجروا في سبيل اللَّه إلى مدينة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاز أخذهم وقتلهم حيث وجدوا.
وما ذكره مجاهد والضحاك يوافق الحقائق السابقة وإن كنت إلى قول مجاهد أَمْيَل لأن اللَّه قال: (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ) والتعريف بالمنافقين للعهد الذهني أي المعهودون في أذهانكم، وهذا يوافق قول مجاهد: (حتى أتوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون فارتدوا) فالصحابة يعرفونهم، بخلاف من ذكر الضحاك أنهم مقيمون في مكة.
فإن قال قائل: عجباً من قولك، كيف تأتي إلى حديث يرويه الشيخان نص على أن سبب نزول الآية كذا، ثم تقول ليس هو سببَ نزولها؟...إلخ
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)}
ذكرت في ج1 (حروب محمد الإجرامية) حدثين ربطتهما الأحاديث بسبب الصياغة "النزول" للنص، ولنذكر كل الأحاديث والتعليق عليها عليها:
في ذكر غارة إرهابية على بني سليم
وجدت في كتب الحديث غزوة لم يذكرها كتبة كتب السيرة، ولا نعلم وقت وقوعها بالضبط، لكنها تقع ما بين سنة أربعة هجرية حينما تنامى عنف محمد وبين سنة ثمانية هجرية قبل فتح أو اقتحام مكة.
فقد روى أحمد بن حنبل:
2462 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَخَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسُوقُ غَنَمًا لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمِ إِلَّا لِيَتَعَوَّذَ مِنْكُمْ، فَعَمَدُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا غَنَمَهُ، فَأَتَوْا بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94] إِلَى آخِرِ الْآيَةَ
ورواه أحمد 2023 والترمذي 3030 وابن أبي شيبة 29544 و 33777 والطبراني في المعجم الكبير 11731
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (من مشايخ البخاري وأساتذته الذين روى عنهم):
33776- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قال: خَرَجَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ فِي سَرِيَّةٍ، قال: فَمَرُّوا بِرَجُلٍ فِي غَنِيمَةٍ لَهُ فَأَرَادُوا قَتْلَهُ، فَقال: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, فَقَتَلَهُ مِقْدَادٌ, فَقِيلَ لَهُ: قَتَلْتَهُ وَهُوَ يَقُولُ: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَقال: الْمِقْدَادُ: وَدَّ لَوْ فَرَّ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ، قال: فَلَمَّا قَدِمُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إلَيْكُمَ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال: الْغَنِيمَةُ {فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ}، قال: تَكْتُمُونَ إيمَانَكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} فَأَظْهَرُوا الإِسْلاَمَ {فَتَبَيَّنُوا} وَعِيدَ اللهِ {إنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.
وانظر ابن أبي شيبة 29543
وروى الطبراني في المعجم الكبير:
12379 - حدثنا أحمد بن علي بن الجارود الأصبهاني ثنا الحكم ابن ظبيان المازني ثنا جعفر بن سلمة الوراق ثنا أبوبكر بن علي بن عطاء ابن مقدم ثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد بن الأسود فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل له مال كثير لم يبرح فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فأهوى إليه المقداد فقتله فقال له رجل من أصحابه: قتلت رجلا قال لاإله إلا الله والله ليذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يارسول الله إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله فقتله المقداد فقال: (ادعوا لي المقداد - فقال - يامقداد قتلت رجلا قال: لا إله إلا الله فكيف لك بلا إله إلا الله ؟) قال: فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان رجلا مؤمنا يخفي إيمانه مع قوم كفار فقتلته وكذلك كنت أنت تخفي إيمانك بمكة)
وروى أبو داوود:
3974 - حدثنا محمد بن عيسى ثنا سفيان ثنا عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس قال لحق المسلمون رجلًا في غنيمة له فقال السلام عليكم فقتلوه وأخذوا تلك الغنيمة فنزلت {ولاتقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا} تلك الغنيمة
ولعل ما رواه البخاري شاهد على هذه الحادثة والجريمة، رغم أن ظاهره سؤال بريء وحوار نظري، لكن لعله جدال على خلفية الفعل المذكور:
6865 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ حَلِيفَ بَنِي زُهْرَةَ حَدَّثَهُ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ كَافِرًا فَاقْتَتَلْنَا فَضَرَبَ يَدِي بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ وَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ آقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقْتُلْهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ طَرَحَ إِحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا آقْتُلُهُ قَالَ لَا تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمِقْدَادِ إِذَا كَانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِي إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ فَقَتَلْتَهُ فَكَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تُخْفِي إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ مِنْ قَبْلُ
4019 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ ح حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ثُمَّ الْجُنْدَعِيُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنْ الْكُفَّارِ فَاقْتَتَلْنَا فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقْتُلْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ
ورواه مسلم 95 وابن أبي شيبة 29546 و 33779 وأحمد 23817 وأبو داوود 2644 والنسائي في سننه الكبرى 8591 والطبراني 20/ (594)
ورووا كذلك ما قد يكون عن نفس القصة أو عن غيرها، روى الطبراني في المعجم الكبير ج17:
980 - حدثنا فضيل بن محمد الملطي ثنا أبو نعيم ( ح ) وحدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا هدبة بن خالد ( ح ) وحدثنا بشر بن موسى ثنا أبو عبد الرحمن المقري ( ح ) وحدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ثنا القعنبي ( ح ) وحدثنا المقدام بن داود ثنا أسد بن موسى قالوا ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: أتاني أبو العالية أنا وصاحب لي فقال هلما وأنتما أشب مني وأوعى للحديث مني فانطلق بنا حتى أتى بنا إلى بشر بن عاصم الليثي فقال: حدث هذين حديثك
فقال بشر حدثنا عقبة بن مالك وكان من رهطه فقال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأغارت على قوم فشذ رجل من القوم فتبعه رجل من أهل السرية معه السيف شاهره فقال الشاذ من القوم: إني مسلم فلم ينظر فيما قال. قال: فضربه فقتله فنما الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فيه قولا شديدا فبلغ القاتل. قال: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ قال القائل والله يا رسول الله ما قال الذي قاله إلا تعوذًا من القتل فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم و عمن قبله من الناس و أخذ في خطبته ثم قال الثانية : و الله ما قال هذي قال إلا تعوذًا من القتل فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ثم لم يصبر أن قال الثالثة : والله ما قال الذي قال إلا تعوذًا من القتل فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرف المساءة في وجهه ثم قال: "إن الله أبى علي فيمن قتل مؤمنًا". قالها ثلاثًا
981 - حدثنا علي بن عبد العزيز وأبو مسلم الكشي قالا ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال قال: جمع بيني وبين بشر بن عاصم رجل فحدثني عن عقبة بن مالك أن جيشا لرسول الله صلى الله عليه و سلم غشوا أهل ماء صبحا فثار رجل من الماء فحمل عليه رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني مسلم فقتله، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه و سلم أُخبِر بذلك فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : "أما بعد فما بال المسلم يقتل المسلم و هو يقول اني مسلم" فقال يا رسول الله قالها تعوذا فقال هكذا وحول وجهه عنه فقال : "إن الله أبى علي فيمن قتل مسلمًا" قالها ثلاثا
وروى أحمد بن حنبل نحوه:
17009 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: جَمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ، رَجُلٌ فَحَدَّثَنِي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ سَرِيَّةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَشُوا أَهْلَ مَاءٍ صُبْحًا، فَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا قَدِمُوا أَخْبَرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ الْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ وَهُوَ يَقُولُ: إِنِّي مُسْلِمٌ "، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا ، فَصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهَهُ، وَمَدَّ يَدَهُ الْيُمْنَى، فَقَالَ: " أَبَى الله عَلَيَّ مَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
إسناده صحيح إن كان بشر بن عاصم الليثي هو الذي وثقه النسائي، فقد قال الحافظ في "التهذيب": لم ينسبه النسائي إذ وثقه، وزعم أن ابن القطان أن مراده بذلك الثقفي وأن الليثي مجهول الحال. قلنا: قد أطلق الذهبي في "الميزان" توثيقه عن النسائي، ومشى على توثيقه الحافظ في "التقريب"، فقال: صدوق يخطئ، وإن لم يكنه، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. ويبقى الحديث صحيحاً بشواهده. وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح.
17007 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَشْرُ بْنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ مِنْ رَهْطِهِ -، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً ، فَسَلَّحْتُ رَجُلًا سَيْفًا . قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا لَامَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَعَجَزْتُمْ إِذْ بَعَثْتُ رَجُلًا، فَلَمْ يَمْضِ لِأَمْرِي أَنْ تَجْعَلُوا مَكَانَهُ مَنْ يَمْضِي لِأَمْرِي ؟ "
أن تقتل إنسانًا دون أن يكون له جريرة قتل نفس، بسبب معتقداته، أن تقاتل وتقتل لأجل أن أوهام وخرافات أخيك في الإنسانية مختلفة عن خرافاتك لهو شيء أحمق وخسيس وسخيف، أن تقتل رجلًا لم يرفع عليك سلاحًا وكان يسلّم عليك بمودة وأخوة إنسانية مزروعة في أغلب طباعنا فهذا عدوان وإجرام ووحشية.
يبدو أن صياغة محمد للآية سببها حدوث أكثر من حادثة قتل لشخص مسلم أو يُبدي نفسه كذلك، في حين يقتله أتباع محمد تبعًا لأوامره الإجرامية في القرآن بقتل الوثنيين ما لم يسلموا بالإجبار، وإذا حاكمت وقتلت الناس على أساس عقائدها وممارساتها التعبدية، فإن الخطوة المنطقية التالية التي لا مفر منها في سياق إرهاب تكفيري كهذا (وشبيه به محاكم التفتيش المسيحية القديمة) هو مراقبة الممارسات والخصوصيات وانتهاك حرمة الحياة الشخصية والحريات وانتهاء بقتل الناس دون جريرة بشكل إرهابي لأجل ما يعتقدون أو ما يظن واحد منهم أن الآخر يعتقده وفق عملية تفتيش وتمحيص للضمائر والأفكار. أما اعتراض محمد فلن يكون له أي نتيجة ونرى في كتابنا هذا كيف أن النهج التكفيري الإسلامي وهو أساس الإسلام أدى إلى سفك دماء المسلمين بأيدي مسلمين بسبب التفتيش في الضمائر ومحاربة الناس لأجل عقائد وخرافات، منذ عصر محمد نفسه كما في غزوة جذيمة وغزوة جذام وسرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني مرة بفدك وسرية إضم وغزوة أوطاس وهذه الغارة وغيرها.
سَرِيّةُ أَبِى قَتَادَةَ إلَى إِضَمَ فِى رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ
جاء في (الأماكن) للحازمي: إضم: اسم موضع شمال المدينة من أرض جُهَينة، يقع خلف جبل أُحد وهو مجتمع أودية المدينة، ومنه تنحدر سيول هذه الأودية إلى وادي الحمض حتى تصب في البحر الأحمر بين أم لُجٍّ والوجه. جاء في (معجم البلدان) لياقوت الحموي: وقال السيد علي: إضم واد بجبال تهامة وهو الوادي الذي فيه المدينة ويسمى من عند المدينة القناة ومن أعلا منها عند السد يسمى الشظاة ومن عند الشظاة إلى أسفل يسمى إضما إلى البحر.... قال ابن السكيت إضم واد يشق الحجاز حتى يفرغ في البحر وأعلى إضم القناة التي تمر دون المدينة، وقيل إضم واد لأشجع وجهينة، وجاء في (معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع) للبكري الأندلسي: إضم بكسر أوله، وفتح ثانيه: وادٍ دون المدينة، قاله الطّوسيّ. وقال أبو عمرو الشّيبانيّ وابن الأعرابيّ: إضم: جبل لأشجع وجهينة، وقيل وادٍ لهم.
روى البخاري:
بَاب {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} السِّلْمُ وَالسَّلَمُ وَالسَّلَامُ وَاحِدٌ
4591 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو
عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {وَلَا تَقُولُوا
لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} قَالَ قَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ فَلَحِقَهُ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} تِلْكَ
الْغُنَيْمَةُ قَالَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ السَّلَامَ
ورواه مسلم برقم 3025 وأبو داوود 3974 وغيرهم
ويروي أحمد بن حنبل في مسنده مخرجًا عن ابن إسحاق:
23881 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ قَالَ: " بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِضَمَ، فَخَرَجْتُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ، وَمُحَلَّمُ بْنُ جَثَّامَةَ بْنِ قَيْسٍ "، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَطْنِ إِضَمَ مَرَّ بِنَا عَامِرٌ الْأَشْجَعِيُّ عَلَى قَعُودٍ، لَهُ مَعَهُ مُتَيِّعٌ وَوَطْبٌ مِنْ لَبَنٍ، فَلَمَّا مَرَّ بِنَا، سَلَّمَ عَلَيْنَا، فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلَّمُ بْنُ جَثَّامَةَ، فَقَتَلَهُ بِشَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَأَخَذَ بَعِيرَهُ وَمُتَيِّعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، نَزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 94]
معاني كلمات: قال السندي: "قَعُود" بفتح القاف: ما أمكن أن يُركَب عليه من البعير. "مُتيِّع" بتشديد الياء: تصغير متاع. و"وَطْب" بفتح فسكون: سِقاءُ اللبن يُتَّخذ من جلدٍ.
وهذا النص بعينه أصله في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق ج4، فلا داعي لتكراره، والكلمة الوحيدة المختلفة هي (فلما مرَّ بنا سلم علينا بتحية الإسلام، فأمسكنا عنه) ويضيف ابن هشام: قرأ أبو عمرو بن العلاء: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} لهذا الحديث.
ومن طريق ابن إسحاق أخرجه ابن أبي شيبة 14/547، وابن الجارود (777)، والطبري في "تفسيره" 5/222-223، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/305 و306، و أخرج البخاري (4591)، ومسلم (3025) عن ابن عباس قال: لقي ناسٌ من المسلمين رجلاً في غُنيمةٍ له، فقال: السلام عليكم، فأخذوه فقتلوه وأخذوا تلك الغُنيَمة، فنزلت: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السَّلام لستَ مؤمناً)
ويقول ابن سعد في الطبقات:
قالُوا: لما هُم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغزو أهل مكّة بعث أَبَا قتادة بْن ربعي فِي ثمانية نفر سرية إلى بطن إضم. وهي فيما بين ذي خشب وذي المروة. وبينها وبين المدينة ثلاثة برد. ليظن ظان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توجه إلى تلك الناحية ولأن تذهب بذلك الأخبار. إلخ
وروى الواقدي عن هذه الخدعة الحربية كذلك:
....وَقَالَ لأَبِى بَكْرٍ: “اطْوِ مَا ذَكَرْت لَك”، فَظَانّ يَظُنّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ ص يُرِيدُ الشّامَ وَظَانّ يَظُنّ ثَقِيفًا، وَظَانّ يَظُنّ هَوَازِنَ. وَبَعَثَ رَسُولُ اللّهِ ص أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِىّ فِى ثَمَانِيّةِ نَفَرٍ إلَى بَطْنِ إِضَمَ لِيَظُنّ ظَانّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ ص تَوَجّهَ إلَى تِلْكَ النّاحِيَةِ وَلأَنْ تَذْهَبَ بِذَلِكَ الأَخْبَارُ.
حَدّثَنِى عَبْدُ اللّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ أَبِى حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللّهِ ص إلَى بَطْنِ إِضَمَ أَمِيرُنَا أَبُو قَتَادَةَ فِى تِلْكَ السّرِيّةِ وَفِيهَا مُحَلّمُ بْنُ جَثّامَةَ اللّيْثِىّ، وَأَنَا فِيهِمْ فَبَيْنَا نَحْنُ بِبَعْضِ وَادِى إِضَمَ إذْ مَرّ بِنَا عَامِرُ بْنُ الأَضْبَطِ الأَشْجَعِىّ فَسَلّمَ عَلَيْنَا بِتَحِيّةِ الإِسْلامِ فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلّمُ ابْنُ جَثّامَةَ فَقَتَلَهُ وَسَلَبَهُ بَعِيرًا لَهُ وَمَتَاعًا وَوَطْبًا مِنْ لَبَنٍ كَانَ مَعَهُ، فَلَمّا لَحِقَنَا النّبِىّ ص نَزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا} الآيَةَ. فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ وَلَمْ يَلْقَوْا جَمْعًا حَتّى انْتَهَوْا إلَى ذِى خُشُبٍ فَبَلَغَهُمْ أَنّ رَسُولَ اللّهِ ص قَدْ تَوَجّهَ إلَى مَكّةَ، فَأَخَذُوا عَلَى بِين حَتّى لَحِقُوا النّبِىّ ص بِالسّقْيَا.
مجرد رجل بسيط مسالم يسعى في معاشه وحياته، معه متاع بسيط (متيع) وسقاء حليب، مجرد مارّ يحييك، أن تقوم بقتل شخص كهذا لمجرد اختلافه معك في عقيدتك، تبعًا لأوامر القرآن، فهذا هو التعريف العملي للإرهاب والعنف باسم الدين والخرافة والهراء لتبرير أعمال وحشية كهذه، لكن ليس هذا هو ما عليه الأمر فحسب، فحينما أمر محمد بهذا التحرك العسكري كان غرضه إلهاء قريش وتغفيلها ليهجم على مكة، لكنه في فعله ذلك نقض عهدًا كان قام به معه قبيلة أشجع (وهي إحدى بطون غطفان) سنة 5ه، بينما نحن الآن نتحدث عن سنة8ه، جاء في الطبقات الكبير لمحمد بن سعد/ج1/عنوان: وفادات العرب على رسول الله:
وفد أشجع
قالوا: وقدمت أشجع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الخندق. وهم مائة رأسهم مسعود بن رُخَيْلة. فنزلوا شِعْب سِلْعٍ. فخرج إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمر لهم بأحمال التمر. فقالوا: يا محمد لا نعلم أحدًا من قومنا أقرب دارًا منك منا. ولا أقل عددًا. وقد ضقنا بحربك وبحرب قومك. فجئنا نوادعك. فوادعهم. ويقال بل قدمت أشجع بعد ما فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بني قريظة. وهم سبعمائة. فوادعهم ثم أسلموا بعد ذلك.
وذكر كذلك نص الموادعة أو معاهدة السلام في ج1/ ذِكْرُ بِعْثَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرُّسُلَ بِكُتُبِهِ إِلَى الملوك يدعوهم إلى الْإِسْلَام وما كتب بِهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لناس مِن العرب وغيرهم، كالتالي:
قالوا: وكتب رسول الله. ص: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا حَالَفَ عَلَيْهِ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ رُخَيْلَةَ الأَشْجَعِيُّ. حَالَفَهُ عَلَى النَّصْرِ وَالنَّصِيحَةِ مَا كَانَ أَحَدٌ مَكَانَهُ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً. وَكَتَبَ عَلِيٌّ.
وقد ذكر ابن كثير في السيرة النبوية له (وهي جزء من كتابه البداية والنهاية) في أحداث سنة خمسة هجرية وفد أشجع وهو يعزو خبره إلى الواقدي بقوله (وفد أشجع ذكر الواقدي...إلخ)، ولي ملحوظة هنا أن لا أحد قبلي حلّل ذلك التحليل وتبين ذلك الأمر فيما أعلم، وهو كما ترون واضح جلِيّ، والرواة غفلوا أو تغافلوا عنه لأنه يفضح تاريخ الإسلام ومحمد مؤسسه.
هذه الغزوة كلها غدر فهي على قوم لهم عهد معه، وعلى أرض لجهينة وذكرنا أيضًا في غزوة الخبط أنه قد كان لهم عهد معه ونقضه وغدرَه كالعادة، فمحمد وأتباعه من أكبر وأسوأ ناقضي العهود على مر التاريخ.
وقد صاغ محمد الآيات القرآنية بسبب هذه الحادثة وغيرها كذلك كغزوة أسامة للحرقات من أرض جهينة والغارة على بني سليم.
محمد لا يفهم المشكلة التي صنعها بتأسيسه للإكراه الديني الإسلامي، فالإكراه على النفاق أو الاتباع الظاهري، يتلوه مراقبة الأفعال والتصريحات، ويعقبه محاسبة وتفتيش الأفكار والضمائر، عندما ترفع السيف على شخص فيحمي نفسه صادقًا أو كاذبًا بالقول أنه مسلم، فلا يمكنك تبين حقيقة الأمر أبدًا، بل قد يكون عدوك وتحت جلدك وبجيشك وفي قياداتك، وهو ما صنع ظاهرة المنافقين في الإسلام، وقبلها في المسيحية كذلك في القرن الثالث الميلادي، ووصل الأمر لمحمد بالنهي في القرآن عن التناجي أي انفراد شخصين بالحديث مع بعضها، هذا أسوأ من دكتاتوريات الصين وكوريا الشمالية والسعودية والسوفييت، أصدقاء لنا كثيرون ممن عرفنا من أحسن ناقدي الإسلام ومبغضيه كدين رجعي وعنيف مكتوب في بطاقات هوياتهم العربية صفة مسلم وهذا شيء مضحك، ويدخل كاتب هذه السطور بنفس هذا الباب رغم أنفه!
يذكر لنا ابن إسحاق أن لاحقًا بعد غزوة حنين، طالب عيينة بن حصن الفزاري زعيم غطفان محمدًا بقتل قاتل الرجل الأشجعي (والغطفاني بالتالي)، وبعد مفاوضة طويلة رضي بصعوبة بالدية، وهي النظام الإسلامي المأخوذ من عادات عرب الجزيرة الغريبة ويكاد يكون لا مثيل له في كل باقي الكوكب، لا توجد سوى في كوريا واليابان، وقبل دخول المسيحية في ألمانيا عند قبائلها:
قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: سمعت زياد بن ضُمَيْرة بن سعد السُّلمى يحدث عن عُروة بن الزبير عن أبيه، عن جده، وكانا شهدا حُنَينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، ثم عمد إلى ظل شجرة، فجلس تحتها، وهو بحُنين، فقام إليه الأقرع بن حابس، وعيينة بن حِصن بن حذيفة بن بدر، يختصمان في عامر ابن الأضبط الأشْجَعى: عُيينة يطلب بدم عامر، وهو يومئذ رئيس غَطَفان، والأقرع بن حابس يدفع عن مُحلِّم بن جَثَّامة، لمكانه من خِنْدف، فتداولا الخصومة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نسمع، فسمعنا عيينة بن حصن وهو يقول: واللّه يا رسول الله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحُرْقة مثل ما أذاق نسائى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا وخمسين إذا رجعنا، وهو يأبى عليه، إذ قام رجل من بني لَيْث، يقال له: مُكَيْثر، قصير مجموع - قال ابن هشام: مكيَل فقال: واللّه يا رسول الله ما وجدت لهذا القتيل شبهاً في غُرَّة الإسلام إلا كغنم وردت فرُميت أولاها، فنفَرَت أخراها، اسنُن اليومَ، وغيِّر غداً قال: فرفع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدَه. فقال: بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا، وخمسين إذا رجعنا. قال فقبلوا الدية.
قال: ثم قالوا: أين صاحبُكم هذا، يستغفر له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: قام رجل أدمُ(1) ضَرْب(2) طويل، عليه حُلة له، قد كان تهيأ للقتل فيها، حتى جلس بين يَدَيْ رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما اسمُك؟ قال: أنا محلِّم بن جَثَّامة، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم قال: اللهم لا تغفر لمحلِّم بن جَثَّامة ثلاثا. فقام وهو يتلقى دمعَه بفضل ردائه. قال: فأما نحن فنقول فيما بيننا: إنا لنرجو أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استغفر له، وأما ما ظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا.
فحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس بين يديه: أمَّنْتَهُ باللّه ثم قتلتَه ثم قال له المقالة التي قال.
...... قال ابن إسحاق: وأخبرنا سالم أبو النَّضر أنه حُدث: أن عُيينة بن حِصْن وقيساً حين قال الأقرع بن حابس وخلا بهم: يا معشر قيس، منعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيلا يستصلح به الناس أفأمنتم أن يلعنكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيلعنكم الله بلعنته، أو أن يغضب عليكم فيغضب الله عليكم بغضبه؟ واللّه الذي نفس الأقرع بيده لتُسْلِمنَّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فليصنعن فيه ما أراد، أو لآتين بخمسين رجلا من بني تميم يشهدون باللهّ كلهم، لقُتِل صاحبُكم كافراً ما صلى قط، فلاطُلَّنَّ دمه (3) فلما سمعوا ذلك، قبلوا الدية.
وأخرجه أحمد بن حنبل عن ابن إسحاق 21081 ومن لفظه (فَأَمَّا نَحْنُ بَيْنَنَا فَنَقُولُ: قَدْ اسْتَغْفَرَ لَهُ، وَلَكِنَّهُ أَظْهَرَ مَا أَظْهَرَ، لِيَدَعَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ) وفي 23879 لفظ مطابق لما في السيرة.
إسناده ضعيف لجهالة زياد بن ضمرة، لم يرو عنه غير محمد بن جعفر،وأخرجه الطبراني في "الكبير" (5457) من طريق سعيد بن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (4503)، وابن ماجه (2625)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (978)، وفي "الديات" ص 102، وابن الجارود في "المنتقى" (777)، والبيهقي 9/116 من طرق عن محمد بن إسحاق، به. والطبراني (5455)، والبيهقي 9/116 من طريق عبد الرحمن بن الحارث، عن محمد بن جعفر، به. وقال: عن أبيه، ولم يذكر جده.
___________
(1) الأدم: الأسمر. (2) ضرب: خفيف اللحم.
(3) أطل دمه: جعل دمه باطلا فلا يؤخذ بثأره ولا تأخذ فيه الدية.
وروى أبو داوود:
4503 - حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد قال ثنا محمد يعني ابن إسحاق فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال سمعت زياد بن ضميرة الضمري ح وثنا وهب بن بيان وأحمد بن سعيد الهمداني قالا ثنا ابن وهب أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن محمد بن جعفر أنه سمع زياد بن سعد بن ضميرة السلمي وهذا حديث وهب وهو أتم يحدث عروة بن الزبير عن أبيه قال موسى وجده وكانا شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا ثم رجعنا إلى حديث وهب أن محلم بن جثامة الليثي قتل رجلا من أشجع في الإسلام ؟ وذلك أول غير قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم عيينة في قتل الأشجعي لأنه من غطفان وتكلم الأقرع بن حابس دون محلم لأنه من خندف فارتفعت الأصوات وكثرت الخصومة واللغط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ياعيينة ألا تقبل الغِيِر؟" فقال عيينة لا والله حتى أدخل على نسائه من الحرب والحزن ما أدخل على نسائي قال ثم ارتفعت الأصوات وكثرت الخصومة واللغط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا عيينة ألا تقبل الغير ؟ " فقال عيينة مثل ذلك أيضا إلى أن قام رجل من بني ليث يقال له مكيتل عليه شِكّة وفي يده درقة فقال يارسول الله إني لم أجد لما فعل هذا في غرة الإسلام مثلا إلا غنما وردت فرمي أولها فنفر آخرها اسنن اليوم وغير غدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خمسون في فورنا هذا وخمسون إذا رجعنا إلى المدينة " وذلك في بعض أسفاره ومحلم رجل طويل آدم وهو في طرف الناس فلم يزالوا حتى تخلص فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تدمعان فقال يارسول الله إني قد فعلت الذي [ قد ] بلغك وإني أتوب إلى الله تبارك وتعالى فاستغفر الله عز و جل لي يارسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أقتلته بسلاحك في غرة الإسلام اللهم لا تغفر لمحلم " بصوت عال زاد أبو سلمة فقام وإنه ليتلقى دموعه بطرف ردائه قال ابن إسحاق فزعم قومه أن رسول الله صلى الله عليه استغفر له بعد ذلك
قال أبو داود قال النضر بن شميل الغير الدية .
إسناده ضعيف
الغير: بكسر الغين وفتح الياء جمع غيرة وهي الدية. الحرب: نهب مال الإنسان وتركه لاشىء له. شِكّة: بكسر الشين وتشديد الكاف السلاح. الدرقة: الترس من الجلد ليس بها خشب ولا عصب.
وعند الواقدي مما ذكره:
قَالُوا: وَصَلّى رَسُولُ اللّهِ ÷ الظّهْرَ يَوْمًا بِحُنَيْنٍ، ثُمّ تَنَحّى إلَى شَجَرَةٍ فَجَلَسَ إلَيْهَا، فَقَامَ إلَيْهِ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ يَطْلُبُ بِدَمِ عَامِرِ بْنِ الأَضْبَطِ الأَشْجَعِىّ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيّدُ قُرَيْشٍ - وَمَعَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، يَدْفَعُ عَنْ مُحَلّمِ بْنِ جَثّامَةَ لِمَكَانِهِ مِنْ خِنْدِفَ، فَاخْتَصَمَا بَيْنَ يَدَىْ النّبِىّ ÷ وَعُيَيْنَةُ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللّهِ، لا وَاَللّهِ لا أَدَعُهُ حَتّى أُدْخِلَ عَلَى نِسَائِهِ مِنْ الْحَرْبِ وَالْحَزَنِ مَا أَدْخَلَ عَلَى نِسَائِى، قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “تَأْخُذُ الدّيَةَ”؟ وَيَأْبَى عُيَيْنَةُ، فَارْتَفَعَتْ الأَصْوَاتُ وَكَثُرَ اللّغَطُ إلَى أَنْ قَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ: مُكَيْتَلٌ قَصِيرٌ مُجْتَمِعٌ عَلَيْهِ شِكّةٌ كَامِلَةٌ، وَدَرَقَةٌ فِى يَدِهِ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ، إنّى لَمْ أَجِدْ لِمَا فَعَلَ هَذَا شَبَهًا فِى غُرّةِ الإِسْلامِ إلاّ غَنَمًا وَرَدَتْ، فَرُمِيَتْ أُولاهَا فَنَفَرَتْ أُخْرَاهَا، فَاسْنُنْ الْيَوْمَ وَغَيّرْ غَدًا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ يَدَهُ، فَقَالَ: “تَقْبَلُونَ الدّيَةَ خَمْسِينَ فِى فَوْرِنَا هَذَا وَخَمْسِينَ إذَا رَجَعْنَا الْمَدِينَةَ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللّهِ ÷ بِالْقَوْمِ حَتّى قَبِلُوهَا”، وَمُحَلّمُ بْنُ جَثّامَةَ الْقَاتِلُ فِى طَرَفِ النّاسِ فَلَمْ يَزَالُوا يَرَوْنَهُ وَيَقُولُونَ: رأيتِ رَسُولَ اللّهِ ÷ يَسْتَغْفِرُ لَك، فَقَامَ مُحَلّمٌ فَقَامَ رَجُلٌ طَوِيلٌ آدَمُ مُحْمَرّ بِالْحِنّاءِ. عَلَيْهِ حُلّةٌ قَدْ كَانَ تَهَيّأَ فِيهَا لِلْقَتْلِ لِلْقِصَاصِ حَتّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَىْ النّبِىّ ÷ وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ كَانَ مِنْ الأَمْرِ الّذِى بَلَغَكُمْ فَإِنّى أَتُوبُ إلَى اللّهِ تَعَالَى فَاسْتَغْفِرْ لِى. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “مَا اسْمُك”؟ قَالَ: أَنَا مُحَلّمُ بْنُ جَثّامَةَ، قَالَ: “قَتَلْته بِسِلاحِك فِى غُرّةِ الإِسْلامِ، اللّهُمّ لا تَغْفِرْ لِمُحَلّمٍ بِصَوْتٍ عَالٍ يَتَفَقّدُ بِهِ النّاسَ”، قَالَ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ كَانَ الّذِى بَلَغَك وَإِنّى أَتُوبُ إلَى اللّهِ تَعَالَى فَاسْتَغْفِرْ لِى، فَعَادَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بِصَوْتٍ عَالٍ يَتَفَقّدُ بِهِ النّاسَ: “اللّهُمّ لا تَغْفِرْ لِمُحَلّمٍ حَتّى كَانَتْ الثّالِثَةُ”، قَالَ: فَعَادَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لِمَقَالَتِهِ، ثُمّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ ÷: “قُمْ”، فَقَامَ مِنْ بَيْنِ يَدَىْ رَسُولِ اللّهِ ÷، وَهُوَ يَتَلَقّى دَمْعَهُ بِفَضْلِ رِدَائِهِ.
وَكَانَ ضَمْرَةُ السّلَمِىّ يُحَدّثُ وَكَانَ قَدْ حَضَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، قَالَ: كُنّا نَتَحَدّثُ فِيمَا بَيْنَنَا أَنّ رَسُولَ اللّهِ ÷ حَرّكَ شَفَتَيْهِ بِاسْتِغْفَارٍ لَهُ، وَلَكِنّهُ أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَ قَدْرَ الدّمِ عِنْدَ اللّهِ.
وروى الطبراني في المعجم الكبير 6/ 41:
5455 - حدثنا أبو يزيد القراطيسي ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا ابن أبي زياد حدثني عبد الرحمن بن الحارث عن محمد بن جعفر بن الزبير أنه سمع زياد بن سعد بن ضميرة السلمي يحدث عن عروة بن الزبير عن أبيه أن محلم بن جثامة الليثي قتل رجلا من أشجع في الاسلام وذلك أول غير قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتكلم عيينة بن بدر في قتل الأشجعي لأنه رجل من غطفان وتكلم الأقرع بن حابس دون محلم بن جثامة لأنه رجل من خندف قال: فارتفعت الأصوات وكثرت الخصومة واللغط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا تقبل الغير يا عيينة ؟ ) قال: لا والله حتى أدخل على نسائه من الحرب والحزن مثل ما أدخل على نسائي قالها مرتين أو ثلالا إلى أن قام رجل من بني ليث يقال له مكيتل في يده درقة فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أجد لما فعل هذا في غرة الاسلام إلا غنم وردت فرمي أولما فنفر آخرها فاسنن اليوم وغير غدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خمسون في فورنا هذا وخمسون إذا قدمنا ) وذلك في بعض أسفاره و محلم رجل ضرب طويل آدم في طرف الناس قال: فلم يزالوا به حتى قام فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تدمعان فقال: يا رسول الله قد كان من الشأن الذي بلغك وإني أتوب إلى الله عز وجل فاستغفر لي يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قتلته بسلاحك في غرة الاسلام ؟ اللهم لا تغفر لمحلم ) بصوت عال قال ذلك ثلاث مرات كل ذلك يقول: ( قتلته بسلاحك في غرة الاسلام ؟ اللهم لا تغفر لملحم )
ينبغي أن نعتبر من هذا: أحدهم ممن يشجع محمدًا على ألاعيبه ويعلمها اقترح عليه أن يسن ويشرع اليوم بإهدار دم القتيل ويقول أنه منسوخ ملغي الحكم بعد ذلك. محمد كان غاضبًا من فعل محلم لكنه لم يقتله، لأن محمدًا هو من أسّس أيديولجيا التفتيش في الضمائر والعقائد، وسفك الدم وإزهاق الحيوات باسم العقيدة والخرافة، فكيف يحاسبه على شيء هو من تسبب فيه نتيجة دعوته الإرهابية المشؤومة؟! ولننظر لقول الأقرع بن حابس (فلأُطِلَّنَّ دمَه) أي أجعله هدرًا بلا قيمة بدعوى أنه وثني، ولا ننسى كما سنقول في الجزء الثاني من كتابنا في باب التعاليم العنصرية أن نص معاهدة محمد في المدينة ومن وصايا محمد عدم قتل المسلم القاتل بمقتوله غير المسلم! (ألا يُقتَل مسلم بكافر)
جاء في السيرة لابن هشام في ذكره لمعاهدة المدينة:
....ولا يَقتلُ مؤمن مؤمناً في كافر، ولا ينصرُ كافراً على مؤمن....
وروى البخاري:
6903 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ مَرَّةً مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ فَقَالَ وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قُلْتُ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ
ورواه أحمد 599، وأخرجه الشافعي 2/104، والحميدي (40)، والنسائي 8/23، وابن الجارود (794)، وأبو يعلى (451)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/192، والبيهقي 8/28 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (91)، وعبد الرزاق (18508)، والدارمي (2356)، والبخاري (111) و(3046) و(6915)، وابن ماجه (2658)، والترمذي (1412)، والطحاوي 2/192، والبيهقي 8/28 من طرق عن مطرف، به. وأخرجه البزار (486) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به 599
وروى أحمد بن حنبل:
6662 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَهَاشِمٌ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ "
6690 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ، وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ: " لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ "
صحيح، وهذا إسناد حسن، وأخرجه أبو داود (4506) مسلم بن إبراهيم، عن محمد بن راشد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 9/294 من طريق محمد بن إسحاق، والترمذي (1413) من طريق أسامة بن زيد، وابن ماجه (2659) من طريق عبد الرحمن بن عياش، والبغوي (2532) من طريق المثنى بن الصباح، وابن عدي 7/2649 من طريق يحيي بن أبي أنيسة، كلهم عن عمرو بن شعيب، به، ولكنه عندهم حديث قولي. قال الترمذي: حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب حديث حسن. وأخرجه عبد الرزاق (9445) و (18504) عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا إسناد معضل. وهذا الحديث قطعة من حديث طويل هو خطبةُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفتح، ذكره الإمام أحمد مفرقاً في روايات عدة، سنذكر أرقامها في الرواية برقم (6681) . وانظر (6690) . وله شاهد صحيح من حديث علي بن أبي طالب سلف برقم (599) و (959) و (993) و(615) وآخر مطول من حديث عائشة عند أبي يعلى (4757)، والدارقطني 3/131، والبيهقي في "السنن" 8/29-30، ذكره الهيثمي في "المجمع" 6/292-293، ونسبه إلى أبي يعلى، وقال: ورجاله رجال الصحيح غير مالك بن أبي الرجال، وقد وثقه ابن حبان، ولم يضعفه أحد. وثالث من حديث ابن عباس عند عبد الرزاق (17787)، وابن ماجه (2660) . ورابع مطول من حديث ابن عمر عند ابن حبان (5996). وخامس بنحوه من حديث عمران بن الحصين عند البيهقي في "السنن" 8/29. وسادس من حديث معقل بن يسار عند البيهقي 8/30. وسابع مرسل من حديث عطاء بن أبي رباح عند ابن أبي شيبة 9/294. وثامن مرسل من حديث الحسن عند عبد الرزاق (18506) .
وفقًا لتعاليم محمد فحياة الوثني مهدورة ولا قيمة لها ولا مشكلة ولا حرج في قتله، باستهتار بقيمة حياة الإنسان وحق كل إنسان وكل كائن حي في الحياة، وإذا قتل مسلمٌ وثنيًّا فلا عقوبة عليه!.
{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96)}
حث على الحروب الانتقامية والإرهابية العدوانية اشتراكًا وتمويلًا، وإيهام جمهور الأتباع السذج بأن القتل والحرب والعنف والعدوان فضيلة!
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)}
يفترض أن الإيمان لا يتطلب سوى الاعتقاد وأداء الطقوس فقط، لكن محمدًا هنا أصر على ربط الإيمان بالهجرة وترك الوطن، لأنه كان يريد تجميع كل أتباعه في مكان واحد لتكوين أول خلية إسلامية إرهابية ممارسة للعنف وقطع الطريق والغارات والنهب والسلب. حتى الرجال الشيوخ العجائز رحلوا ليهاجروا إلى محمد وبعضهم مات من الجهد في طريق السفر لكبر سنهم، فقال محمد بلا مبالاة بحيوات كبار السن والمخاطرين بحيواتهم هذا النص.
جاء في أسد الغابة:
جندب بن ضمرة الليثي هو الذي نزل فيه قوله تعالى ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله الآية وقد اختلف العلماء في اسمه فروى طاوس عن ابن عباس أن رجلا من بني ليث اسمه جندب بن ضمرة كان ذا مال وكان له أربعة بنين فقال اللهم إني أنصر رسولك بنفسي غير أني أعود عن سواد المشركين إلى دار الهجرة فأكون عند النبي فأكثر سواد المهاجرين والأنصار فقال لبنيه احملوني إلى دار الهجرة فأكون مع النبي فحملوه فلما بلغ التنعيم مات فأنزل الله عز وجل ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله الآية وروى حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط مثله وروى حجاج بن منهال عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن قسيط مثله وروى أيضا اسمه جندع بن ضمرة ووافقه عليه عامة أصحاب ابن إسحاق وروى عكرمة عن ابن عباس ضمرة بن أبي العيص وقال عبد الغني بن سعيد اسمه ضمرة وروى أبو صالح عن ابن عباس اسمه جندع بن ضمرة وقيل ضمضم بن عمرو الخزاعي وهذا اختلاف ذكره ابن منده وأبو نعيم وأما أبو عمر فقال جندب بن ضمرة الجندعي لما نزلت ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فقال اللهم قد أبلغت في المعذرة والحجة ولا معذرة ولا حجة ثم خرج وهو شيخ كبير فمات في بعض الطريق فقال بعض أصحاب النبي مات قبل أن يهاجر فلا ندري أعلى ولاية هو أم لا فنزلت ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ولم ينقل من الاختلاف شيئا.
وقال الطبري في تفسيره:
وذكر أن هذه الآية نزلت بسبب بعض من كان مقيمًا بمكة وهو مسلم، فخرج لما بلغه أن الله أنزل الآيتين قبلها، وذلك قوله:"إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" إلى قوله:"وكان الله عفوًّا غفورًا"، فمات في طريقه قبلَ بلوغه المدينة.
ذكر الأخبار الواردة بذلك:
... 10290- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: لما سمع هذه = يعني: بقوله:"إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" إلى قوله:"وكان الله عفوًّا غفورًا" = ضمرةُ بن جندب لضمري، قال لأهله، وكان وجعًا:"أرحلوا راحلتي، فإن الأخشبين قد غَمَّاني! " = يعني: جَبَلىْ مكة="لعلي أن أخرج فيصيبني رَوْح"! فقعد على راحلته، ثم توجه نحو المدينة، فمات بالطريق، فأنزل الله:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله". وأما حين توجه إلى المدينة فإنه قال:"اللهم إني مهاجر إليك وإلى رسولك".
10291- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: لما نزلت هذه الآية= يعني قوله:"إن الذين توفاهم الملائكة"، قال جندب بن ضمرة الجُنْدَعي."اللهم أبلغتَ في المعذرة والحجّة، ولا معذرة لي ولا حُجَّة"! قال: ثم خرج وهو شيخ كبير، فمات ببعض الطريق، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مات قبل أن يهاجر، فلا ندري أعلى ولايةٍ أم لا! فنزلت:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله".
10282- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله"، قال: كان رجل من خزاعة يقال له ضمرة بن العيص - أو: العيص بن ضمرة بن زنباع- قال: فلما أمروا بالهجرة كان مريضًا، فأمر أهله أن يفرُشوا له على سريره ويحملوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ففعلوا، فأتاه الموتُ وهو بالتَّنعيِم، فنزلت هذه الآية.
10283- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير أنه قال: نزلت هذه الآية:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله، في ضمرة بن العيص بن الزنباع= أو فلان بن ضمرة بن العيص بن الزنباع= حين بلغ التنعيم ماتَ، فنزلت فيه.
10285- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغَمًا كثيرًا وسعة"، الآية، قال: لما أنزل الله هؤلاء الآيات، ورجل من المؤمنين يقال له:"ضمرة" بمكة، قال:"والله إنّ لي من المال ما يُبَلِّغني المدينة وأبعدَ منها، وإنِّي لأهتدي! أخرجوني"، وهو مريض حينئذ، فلما جاوز الحرَم قبضَه الله فمات، فأنزل الله تبارك وتعالى:"ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله"، الآية.
10286- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: لما نزلت:"إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم"، قال رجل من المسلمين يومئذٍ وهو مريض:"والله ما لي من عُذْر، إني لدليلٌ بالطريق، وإنّي لموسِر، فاحملوني"، فحملوه، فأدركه الموت بالطريق، فنزل فيه "ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله".
{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)}
هذا تشريع صلاة الخوف أو الحرب وكيفية أدائها، علّقت على نص آخر شبيه بأنهم لو كانوا مسالمين زمن محمد لما كانوا احتاجوا إلى تشريعات كهذه كثيرًا، ولصلوا أو فعلوا ما شاؤوا في الزمن القديم على التراخي بدون أي مخاوف وحروب، على الأقل ستكون حروبهم قليلة جدًّا ضد من يحاول العدوان فقط على الدولة.
{وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)}
نص ينص على الأمر بالعدوانية واستهداف قريش في قوافلها التجارية وغيرها، بالقصد إليهم ابتداءً، بدلًا من الأمر بالسلام والاستقرار، مع وعد خرافي أخروي بالجنة الوهمية، دارت العجلة والحظ لصالح محمد في الماضي، لكن اليوم لو حاول المسلمون ذلك_كما يحاول الإرهابيون_مع تغير موازين القوى في العالم، فإنهم سيكونون شؤمًا على أنفسهم، ضرب الإرهابيون مبنيي التجارة العالمي فتسببوا في انتقام أمركا بقتل أضعاف العدد الذي قتله الإرهابيون من مدنيين في المبنيىن بضربه بالطائرات المخطوفة، واحتلوا العراق وأفغانستان لفترة طويلة وحقّقوا مصالح عسكرية واقتصادية وتجارية كعقود إجبارية مع العراق ونهب للبترول وسجنوا وعذبوا وأهانوا كثيرًا من الناس مجرمين وأبرياء. الدولة الفاضلة المستقرة تحافظ على أمنها ولا تعتدي على غيرها. السلام أفضل وهو اختيار ممكن، أما إذا أردنا محاربة أمركا وإسرائيل فلنعمل بجد للوحدة بين دول العرب أو الشرق، ولنقوِّ أنفسنا في العلوم والتسليح، ثم لنخضها حربًا شريفة إن لزم الأمر ولم ينفع سلام رجل عسكري لرجل عسكري، مسلح لمسلح، أما أن تقتل مدنيين لأنك غير قادر على عمل حرب وضرب العسكريين في حرب أشرف وأنبل فهذا سلوك منحط وحقير. يقول مثل المصريين (لم يقدر على الحمار، فتشطَّر على البردعة). محاولة الشرق الإسلامي لمعاداة العالم بما فيه دول مسالمة كفرانس وأستراليا ستجعل العالم يتبصّر فقط بحقيقة الإسلام والمسلمين. السلام هو الحل لكل العالم.
{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)} النساء
{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116)} النساء
نص يعترف فيه محمد بوجود ذنوب له، وقال الطبري:
10412- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله"، يقول: بما أنزل الله عليك وبيَّن لك="ولا تكن للخائنين خصيمًا"، فقرأ إلى قوله:"إن الله لا يحب من كان خوانًا أثيمًا". ذُكر لنا أن هؤلاء الآيات أنزلت في شأن طُعْمة بن أبيرق، وفيما همَّ به نبي الله صلى الله عليه وسلم من عذره، وبين الله شأن طعمة بن أبيرق، ووعظ نبيَّه وحذّره أن يكون للخائنين خصيمًا.
وكان طعمة بن أبيرق رجلا من الأنصار، ثم أحد بني ظفر، سرق درعًا لعمّه كانت وديعة عنده، ثم قذفها على يهودي كان يغشاهم، يقال له:"زيد بن السمين". فجاء اليهودي إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم يُهْنِف، فلما رأى ذلك قومه بنو ظفر، جاؤوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعذروا صاحبهم، وكان نبي الله عليه السلام قد همَّ بعُذْره، حتى أنزل الله في شأنه ما أنزل، فقال:"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" إلى قوله:"ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة"، يعني بذلك قومه="ومن يكسب خطيئة أو إثمًا ثم يرم به بريئًا فقد احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا"، وكان طعمة قذَف بها بريئًا. فلما بيَّن الله شأن طعمة، نافق ولحق بالمشركين بمكة، فأنزل الله في شأنه:
(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) .
10413- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيمًا"، وذلك أن نفرًا من الأنصار غزوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، فسرقت درع لأحدهم، فأظَنَّ بها رجلا من الأنصار، فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ طعمة بن أبيرق سرق درعي. فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رأى السارق ذلك، عَمَد إليها فألقاها في بيت رجل بريء، وقال لنفر من عشيرته: إني قد غيَّبْتُ الدرعَ وألقيتها في بيت فلان، وستوجد عنده. فانطلقوا إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ليلا فقالوا: يا نبيّ الله، إن صاحبنا بريء، وإن سارق الدرع فلان، وقد أحطْنا بذلك علمًا، فاعذر صاحبنا على رؤوس الناس وجادل عنه، فإنه إلا يعصمه الله بك يهلك! فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأه وعذره على رؤوس الناس، فأنزل الله:"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيمًا"، يقول: احكم بينهم بما أنزل الله إليك في الكتاب="واستغفر الله إنّ الله كان غفورًا رحيمًا ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" الآية. ثم قال للذين أتوا رسول الله عليه السلام ليلا"يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" إلى قوله:"أم من يكون عليهم وكيلا"، يعني: الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائن= ثم قال:"ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا"، يعني: الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب = ثم قال:"ومن يكسب خطيئة أو إثمًا ثم يرم به بريئًا فقد احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا"، يعني: السارقَ والذين يجادلون عن السارق.
10414- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله" الآية، قال: كان رجل سرق درعًا من حديد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وطرحه على يهودي، فقال اليهودي: والله ما سرقتها يا أبا القاسم، ولكن طرحت عليّ! وكان للرجل الذي سرق جيرانٌ يبرِّئونه ويطرحونه على اليهودي ويقولون: يا رسول الله، إن هذا اليهودي الخبيث يكفر بالله وبما جئت به! قال: حتى مال عليه النبي صلى الله عليه وسلم ببعض القول، فعاتبه الله عز وجل في ذلك فقال:"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيمًا واستغفر الله" بما قلت لهذا اليهودي="إن الله كان غفورًا رحيمًا"= ثم أقبل على جيرانه فقال:"ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا" فقرأ حتى بلغ"أم من يكون عليهم وكيلا". قال: ثم عرض التوبة فقال:"ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا ومن يكسب إثمًا فإنما يكسبه على نفسه"، فما أدخلكم أنتم أيها الناس، على خطيئة هذا تكلَّمون دونه="وكان الله عليمًا حكيمًا ومن يكسب خطيئة أو إثمًا ثم يرم به بريئًا"، وإن كان مشركًا="فقد احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا"، فقرأ حتى بلغ:"لا خير في كثير من نجواهم"، فقرأ حتى بلغ:"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى". قال: أبى أن يقبل التوبة التي عرَض الله له، وخرج إلى المشركين بمكة، فنقب بيتًا يسرقه، فهدمه الله عليه فقتله. فذلك قول الله تبارك وتعالى "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى"، فقرأ حتى بلغ"وساءت مصيرًا"= ويقال: هو طعمة بن أبيرق، وكان نازلا في بني ظَفر.
* * *
وقال آخرون: بل الخيانة التي وصف الله بها من وصفه بقوله:"ولا تكن للخائنين خصيمًا"، جحودُه وديعة كان أودِعها.
*ذكر من قال ذلك:
10415- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيمًا"، قال: أما"ما أراك الله"، فما أوحى الله إليك. قال: نزلت في طعمة بن أبيرق، استودعه رجل من اليهود درعًا، فانطلق بها إلى داره، فحفر لها اليهودي ثم دفنها. فخالف إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها. فلما جاء اليهودي يطلب درعه، كافره عنها، فانطلق إلى ناس من اليهود من عشيرته فقال: انطلقوا معي، فإني أعرف موضع الدرع. فلما علم بهم طعمة، أخذ الدرع فألقاها في دار أبي مُلَيْلٍ الأنصاري. فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها، وقع به طعمة وأناس من قومه فسبُّوه، وقال: أتخوِّنونني! فانطلقوا يطلبونها في داره، فأشرفوا على بيت أبي مليل، فإذا هم بالدرع. وقال طعمة: أخذها أبو مليل! وجادلت الأنصار دون طعمة، وقال لهم: انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له يَنْضَح عني ويكذِّب حجة اليهودي، فإني إن أكذَّب كذب على أهل المدينة اليهودي! فأتاه أناس من الأنصار فقالوا: يا رسول الله، جادل عن طعمة وأكذب اليهودي. فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل، فأنزل الله عليه:"ولا تكن للخائنين خصيمًا واستغفر الله" مما أردت="إن الله كان غفورًا رحيمًا ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوّانًا أثيما"= ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه فقال:"يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيِّتون ما لا يرضى من القول"، يقول: يقولون ما لا يرضى من القول ="ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة"= ثم دعا إلى التوبة فقال:"ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا"= ثم ذكر قوله حين قال:"أخذها أبو مليل" فقال:"ومن يكسب إثمًا فإنما يكسبه على نفسه" ="ومن يكسب خطيئة أو إثمًا ثم يرم به بريئًا فقد احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا" = ثم ذكر الأنصار وإتيانها إياه: أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه، فقال:"لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة"، يقول: النبوة= ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذِّبوا عن طعمة، فقال:"لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس". فلما فضح الله طعمة بالمدينة بالقرآن، هرب حتى أتى مكة، فكفر بعد إسلامه، ونزل على الحجاج بن عِلاط السُّلَمي، فنقب بيت الحجاج، فأراد أن يسرقه، فسمع الحجاج خشخشة في بيته وقعقعةَ جلودٍ كانت عنده، فنظر فإذا هو بطعمة فقال: ضيفي وابنَ عمي وأردتَ أن تسرقني!! فأخرجه، فمات بحرَّة بني سُلَيم كافرًا، وأنزل الله فيه:"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّه ما تولَّى" إلى"وساءت مصيرًا".
10416- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة، قال: استودع رجل من الأنصار طعمةَ بن أبيرق مشرُبة له فيها درع، وخرج فغاب. فلما قدم الأنصاري فتح مشربته، فلم يجد الدرع، فسأل عنها طعمة بن أبيرق، فرمى بها رجلا من اليهود يقال له زيد بن السمين: فتعلَّق صاحب الدرع بطُعمة في درعه. فلما رأى ذلك قومه، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فكلموه ليدْرأ عنه، فهمّ بذلك، فأنزل الله تبارك وتعالى:"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيمًا * واستغفر الله إن الله كان غفورًا رحيمًا * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم"، يعني: طعمة بن أبيرق وقومه= "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا"، محمد صلى الله عليه وسلم وقوم طعمة= "ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا"، محمد وطعمة وقومه= قال:"ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه" الآية، طعمة="ومن يكسب خطيئة أو إثمًا ثم يرم به بريئًا"، يعني زيد بن السمين="فقد احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا"، طعمة بن أبيرق="ولولا فضل الله عليك ورحمته" يا محمد="لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء"، قوم طعمة بن أبيرق="وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيمًا" يا محمد ="لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف"، حتى تنقضي الآية للناس عامة="ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غيرَ سبيل المؤمنين" الآية. قال: لما نزل القرآن في طعمة بن أبيرق، لحق بقريش ورجع في دينه، ثم عدا على مشرُبة للحجاج بن عِلاط البَهْزِيّ ثم السُّلمي، حليفٌ لبني عبد الدار، فنقبها، فسقط عليه حجر فلَحِج. فلما أصبح أخرجوه من مكة. فخرجَ فلقي ركبًا من بَهْرَاء من قضاعة، فعرض لهم فقال: ابن سبيل مُنْقَطَعٌ به! فحملوه، حتى إذا جنَّ عليه الليل عَدَا عليهم فسرقهم، ثم انطلق. فرجعوا في طلبه فأدركوه، فقذفوه بالحجارة حتى مات= قال ابن جريج: فهذه الآيات كلها فيه نزلت إلى قوله:"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"، أنزلت في طعمة بن أبيرق= ويقولون: إنه رمى بالدرع في دار أبي مليل بن عبد الله الخَزْرجي، فلما نزل القرآن لحق بقريش، فكان من أمره ما كان.
... قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بما دل عليه ظاهر الآية، قول من قال: كانت خيانته التي وصفه الله بها في هذه الآية، جحودَه ما أودع، لأن ذلك هو المعروف من معاني"الخيانات" في كلام العرب. وتوجيه تأويل القرآن إلى الأشهر من معاني كلام العرب ما وجد إليه سبيل، أولى من غيره.
روى الحاكم في المستدرك:
8164 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير حدثني محمد بن إسحاق حدثني عاصم بن عمرو بن قتادة عن أبيه عن جده قتادة بن النعمان رضي الله عنه قال كان بنو أبيرق رهط من بني ظفر وكانوا ثلاثة بشير وبشر ومبشر وكان يكنى أبا طعمة وكان شاعرا وكان منافقا وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول : قاله فلان فإذا بلغهم ذلك قالوا كذب عدو الله ما قاله إلا هو فقال :
( أو كلما قال الرجال قصيدة ضموا إلي بأن أبيرق قالها )
( متخطمين كأنني أخشاهم جدع الإله أنوفهم فأبانها )
وكانوا أهل فقر وحاجة في الجاهلية والإسلام وكان عمي رفاعة بن زيد رجلا موسرا أدركه الإسلام فو الله إن كنت لأرى أن في إسلامه شيئا وكان إذا كان له يسار فقدمت عليه هذه الضافطة من السدم تحمل الدرمك ابتاع لنفسه ما يحل به فأما العيال فكان يقيتهم الشعير فقدمت ضافطة وهم الأنباط تحمل درمكا فابتاع رفاعة حملين من شعير فجعلهما في علية له وكان في عليته درعان له وما يصلحهما من آلتهما فطرقه بشير من الليل فخرق العلية من ظهرها فأخذ الطعام ثم أخذ السلاح فلما أصبح عمي بعث إلي فأتيته فقال : أغير علينا هذه الليلة فذهب بطعامنا وسلاحنا فقال بشير وإخوته : والله ما صاحب متاعكم إلا لبيد بن سهل لرجل منا كان ذا حسب وصلاح فلما بلغه قال : أصلت والله بالسيف ثم قال : أي بني الأبيرق وأنا أسرق فو الله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن من صاحب هذه السرقة فقالوا : انصرف عنا فو الله إنك لبريء من هذه السرقة فقال : كلا وقد زعمتم ثم سألنا في الدار وتحسسنا حتى قيل لنا والله استوقد بنو أبيرق الليلة وما نراه إلا على طعامكم فما زلنا حتى كدنا نستيقن أنهم أصحابه فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته فيهم فقلت : يا رسول الله إن أهل بيت منا أهل جفاء وسفه غدوا على عمي فخرقوا علية له من ظهرها فغدوا على طعام وسلاح فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه وأما السلاح فليردوه علينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سأنظر في ذلك وكان لهم ابن عم يقال له أسير بن عروة فجمع رجال قومه ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن رفاعة بن زيد وابن أخيه قتادة بن النعمان قد عمدا إلى أهل بيت منا أهل حسب وشرف وصلاح يأبنونهم بالقبيح ويأبنونهم بالسرقة بغير بينة ولا شهادة فوضع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ما شاء ثم انصرف وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمته فجبهني جبها شديدا وقال : بئس ما صنعت وبئس ما مشيت فيه عمدت إلى أهل بيت منكم أهل حسب وصلاح ترميهم بالسرقة وتأبنهم فيها بغير بينة ولا تثبت فسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره فانصرفت عنه ولوددت أني خرجت من مالي ولم أكلمه فلما أن رجعت إلى الدار أرسل إلي عمي يا ابن أخي ما صنعت ؟ فقلت : والله لوددت أني خرجت من مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وأيم الله لا أعود إليه أبدا فقال : الله المستعان فنزل القرآن { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما } أي طعمة بن أبيرق فقرأ حتى بلغ { ثم يرم به بريئا } أي ليبد بن سهل { ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك } يعني أسير بن عروة وأصحابه ثم قال : { لا خير في كثير من نجواهم } إلى قوله { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } أي كان ذنبه دون الشرك وفلما نزل القرآن هرب فلحق بمكة وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي الدرعين وأداتهما فردهما على رفاعة قال قتادة : فلما جئته بهما وما معهما قال : يا ابن أخي هما في سيبل الله عز وجل فرجوت أن عمي حسن إسلامه وكان ظني به غير ذلك وخرج ابن أبيرق حتى نزل على سلافة بنت سعد بن سهل أخت بني عمرو بن عوف وكانت عن طلحة بن أبي طلحة بمكة فوقع برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يشتمهم فرماه حسان بن ثابت بأبيات فقال :
( أيا سارق الدرعين إن كنت ذاكرا بذي كرم بين الرجال أوادعه )
( وقد أنزلته بنت سعد فأصبحت ينازعها جلد استه وتنازعه )
( فهلا أسيرا جئت جارك راغبا إليه ولم تعمد له فتدافعه )
( ظننتم بأن يخفى الذي قد فعلتم وفيكم نبي عنده الوحي واضعه )
( فلولا رجال منكم تشتمونهم بذاك لقد حلت عليه طوالعه )
( فإن تذكروا كعبا إلى ما نسبتم فهم من أديم ليس فيه أكارعه )
( وجدتهم يرجونكم قد علمتم كما الغيث يرجيه السمين وتابعه )
فلما بلغها شعر حسان أخذت رحل أبيرق فوضعته على رأسها حتى قذفته بالأبطح ثم حلقت وسلقت وخرقت وخلفت إن بت في بيتي ليلة سوداء أهديت لي شعر حسان بن ثابت ما كنت لتنزل علي بخير فلما أخرجته لحق بالطائف فدخل بيتا ليس فيه أحد فوقع عليه فقلته فجعلت قريش تقول : والله لا يفارق محمدا أحد من أصحابه بخير
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
سكت عنه الذهبي في التلخيص، ورواه الترمذي 3036 بإسناد آخر قال عنه الألباني حسنٌ، وأخرجه الطبري في تفسير الآية بنفس إسناد الترمذي، وليس عندهما قصة سقوط منزل عليه، وكل القصص الإسلامية عن المرتدين ومعادي محمد تنتهي بناهية كلاسيكية كهذه مرض ما أو بيت يقع عليه أو صاعقة برق تضربه، وهي دومًا غالبًا خرافات وأمانٍ للرواة. ونلاحظ وجود عدة نهايات عند الطبري وغيره لموت الرجل، فمرة رجموه ومرة وقع عليه بيت ومرة مات ميتة عادية بحرة بني سليم وغيرها.
الأبطح: هو أبطح مكة، أو: بطحاء مكة، وهو مسيل واديها. الدرمك: القمح الأبيض
محمد ظاهريًّا التزم بالعقد الاجتماعي التعايشي كالعدالة في الأحكام، لكنه عمليًّا حطم كل العقد الاجتماعي، فلا يوجد يهود كانوا في يثرب إلا وطردهم وأجلاهم، أو أباد رجالهم واستعبد نساءهم وأطفالهم ونهبهم، أو نهبهم واستولى على أراضيهم.
سبب اختلاف الروايات هو محاولة الرواة تخبئة القصة الحقيقية التي فيها اليهودي من ملة وجنس آخر، وأن محمدًا اعترف بأنه كاد يميل ضد اليهودي دون دليل، مثلما اعترف محمد في نصوص بأنه كاد يميل للوثنية والتوفيق بينها وبين التوحيد، هذا ميل من محمد للاعتراف كما يبدو أحيانًا ببعض أخطائه، لا شك أن هذه فضيلة كانت عنده أحيانًا وكل إنسان له فضائل وليس كله رذائل وشرور. تدل القصة على عدم معرفة محمد للغيبيات، لا كما تزعم نصوص قرآنية وأحاديثية. محمد كان يتعمد بحيلة منه جعل النص المنسوب لله يبدو كأنه يلومه ويعارضه ويعاتبه لكي يوحي بأن قائل الكلام ليس هو (محمد). تنتقد الآيات استخفاء ابن أبيرق من قوله الشعر ضد محمد والإسلام، وسرقته وإنكاره، ينبغي أن نتساءل ما الذي دفع الرجل لكل هذه الأفعال الكارهة العدوانية، على الأغلب شعوره بالاضطهاد من المجتمع المسلم ذي الأغلبية ومصادرته لحقه في حرية العقيدة وممارستها، بالإضافة إلى فقره وحاجته وشعوره بالتهميش، وكان يقول الشعر ناسبًا إياه إلى آخرين مغامرًا بتعريض نفسه للخطر في سخرية جريئة من أصحاب وأتباع محمد، ما يدل على شدة كرهه للإسلام ومن أكرهوه دينيًّا لدرجة تجشُّم المخاطرة. الإكراه الديني مع الفقر كانا سبب جنوحه وإجرامه، فهذه جريمة سرقة بيت بالاقتحام والكسر، جريمة كبيرة في القوانين، وليس مجرد قول شعر كحرية للتعبير. لكنْ لاتنسَ أن الإسلام جعل كل القيم تختل وتصير بلا قيمة، كما أشرت بعدة مواضع من الكتاب، فهو يراهم يغيرون ويهجمون على الآخرين من قوافل وقبائل للنهب وخطف النساء، ما الفرق بين هذا وبين سرقته؟! ربما حتى سرقته تمت بطريقة ألطف من القتل والسلاح. بعض القصص أنه اُئتُمن على وديعة من يثربي أو من يهودي وهي على الأغلب الأصح لتوافقها مع مفهوم الخيانة، وأخرى أنه سرق الدرع وليس اختلسه كأمانة.
{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} النساء
بسبب الإكراه الديني الذي مارسه محمد وأتباعه في يثرب على الوثنيين والمتشككين، وخوفه من نقدهم له ولدينه أو تخطيطهم ضده، بدأ يأمر على طريقة أسوإ من أسوإ دولة شمولية تعتبر اجتماع شخصين أو ثلاثة منوعًا، بألا يتحدث أحد مع أحد بصوت منخفض!
{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)}
يتحدث النص عن صفات المتظاهرين بالإسلام من أردئهم نوعًا، وهم المستعدون القابلون للمشاركة في حروب محمد أحيانًا، فهؤلاء منهم هم قوم بلا مبادئ ولا أخلاق، كان همهم المكاسب فقط، دينهم الدرهم والمال، لو لم يكونوا مكرهين على التظاهر فلماذا كانوا غير جادّين في الإخلاص للإسلام ونصرته، وكانوا يجلسون مع اليهود أو بقايا وثنيي يثرب أو غير ذلك ومستعدين للتعاون كذلك؟! تقسيم محمد للناس إلى مؤمن وغير ذلك وأن التحيز يكون لمن على نفس دينك فقط خطأ، بل الإنسان الفاضل يتحيز للحق والعدل والمظلوم وصاحب الحق أيًّا كان معتقده.
نلاحظ خوف محمد والعقليات الإسلامية من مجرد الاستماع لنقد للدين ونصوصه، وهو ما يدلك على هشاشة حالة هذا الدين ونصوصه، كما ترى من أبواب كتابي هذا. ولاحقًا نسخ وألغى محمد تشريع مجرد تجنب من ينتقدون الدين، إلى تشريع قتلهم! دين حرية التعبير كم تعلم!
قال الطبري:
وفي هذه الآية، الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع، من المبتدعة والفسَقة، عند خوضهم في باطلهم.
وقال ابن كثير:
وَالَّذِي أُحِيلَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ النَّهْيِ فِي ذَلِكَ، هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الْأَنْعَامِ: 68] قَالَ مُقَاتِلُ بُنُ حَيَّانَ: نَسَخَت هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْأَنْعَامِ. يَعْنِي نُسخَ قَوْلُهُ: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} لِقَوْلِهِ {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأنعام: 69] .
نكتشف من تناقض النَسخ والتغيير إذن أن محمدًا كان يزداد في أحكامه تشددًا وتعصبًا. فمن يجلس مع غير مسلمين الآن مجرد الجلوس وهم يناقشون الإسلام بالنقد والتحليل يكون مثلهم، وبالتالي قد يصبح هذا مبررًا لقتله، في ضوء أعمال اغتيالات أمر بها محمد بعد موقعة أحد.
59 الحشر
{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4) مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5) وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)}
وفقًا لهذه النصوص فالله برعايته يتم طرد وإجلاء جزء من المواطنين من بلدهم لأجل دينهم الذي يعتنقونه، وبزعم حادث فرديّ حاول بعضهم القيام به، سألخّص هنا الموضوع بالاقتباس من الجزء الأول، مع إضافة ملاحظة أن محمدًا يقوم بفعل خاطئ أخلاقيًّا: أن تنهب أملاك مجموعة من البشر، لتحسن إلى بشر آخرين هو فعل غير أخلاقي، لأنه تم على أساس تصرف غير أخلاقي وجريمة.
إجلاء بني النضير اليهود من وطنهم يثرب
لما كان محمد وأتباعه تعرضوا لضربات متتالية أضعفت هيبة الدولة والدين الجديد، من هزيمة أحد والرجيع وبئر معونة ومحاولة اغتيال محمد على يد مرسل من مكة، ارتأى أنه يجب أن يعمل على تخويف أعدائه بالاغتيالات كما أسلفنا التوضيح، ثم لما كان غير قادر في ذلك الوقت على الانتقام من المكيين، ولا الجري خلف الأعراب المستترين بالجبال والصحاري دون جدوى ولا طائل، قرر أن يطوع الأمور لصالحه ليوجه ضرباته لمن يقدر عليه فقط من القوى المعادية، وفق الخطة التالية، فيقول ابن هشام في سياق حادث بئر معونة:
وأخذوا عمرو بن أمية أسيرًا، فلما أخبرهم أنه من مضر، أطلقه عامر بن الطفيل، وجز ناصيته، وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه.
فخرج عَمرو بن أمية، حتى إذا كان بالقَرْقَرة من صدْر قَناة (1)، أقبل رجلان من بني عامر. قال ابن هشام: ثم من بني كلاب، وذكر أبو عَمرو المدني أنهما من بني سُليم.
قال ابن اسحاق: حتى نزلا معه في ظل هو فيه. وكان مع العامريين عقد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوار، لم يعلم به عمرو بن أمية، وقد سألهم حين نزلا، ممن أنتما؟ فقالا: من بني عامر، فامهلهما، حتىٍ إذا ناما، عدا عليهما فقتلهما، وهو يرى أنه قد أصاب بهما ثُؤْرة من بني عامر، فيما اصابوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدم عمرو بن أمية على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره الخبر؟ قال رسول الله صلى: لقد قتلت قتيلين لأدِيَنَّهما؟
قال ابن اسحاق: ثم خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النَّضِير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من
بني عامر، اللذين قَتل عَمرو بن امية الضَّمْري، للجوار الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لهما، كما حدثني يزيد بن رومان، وكان بين بني النضير وبين بني عامر عَقد وحلف. فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذينك القتيلين، قالوا: نعم، يا أبا القاسم، نعينك على ما أحببتَ....إلخ القصة
قناة: مكان قريب من المدينة.
ويقول الواقدي:
أَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ مِنْ بِئْرِ مَعُونَةَ حَتّى كَانَ بِقَنَاةٍ فَلَقِىَ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِى عَامِرٍ فَنَسَبَهُمَا فَانْتَسَبَا، فَقَابَلَهُمَا حَتّى إذَا نَامَا وَثَبَ عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا. ثُمّ خَرَجَ حَتّى وَرَدَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ص مِنْ سَاعَتِهِ فِى قَدْرِ حَلْبِ شَاةٍ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “بِئْسَ مَا صَنَعْت، قَدْ كَانَ لَهُمَا مِنّا أَمَانٌ وَعَهْدٌ”، فَقَالَ: مَا شَعَرْت، كُنْت أَرَاهُمَا عَلَى شِرْكِهِمَا، وَكَانَ قَوْمُهُمَا قَدْ نَالُوا مِنّا مَا نَالُوا مِنْ الْغَدْرِ بِنَا، وَجَاءَ بِسَلَبِهِمَا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ ص فَعُزِلَ سَلَبُهُمَا حَتّى بُعِثَ بِهِ مَعَ دِيَتِهِمَا.
وَذَلِكَ أَنّ عَامِرَ بْنَ الطّفَيْلِ بَعَثَ إلَى رَسُولِ اللّهِ ص إنّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِك قَتَلَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَوْمِى، وَلَهُمَا مِنْك أَمَانٌ وَعَهْدٌ فَابْعَثْ بِدِيَتِهِمَا إلَيْنَا، فَسَارَ رَسُولُ اللّهِ ص إلَى بَنِى النّضِيرِ يَسْتَعِينُ فِى دِيَتِهِمَا، وَكَانَتْ بَنُو النّضِيرِ حُلَفَاءَ لِبَنِى عَامِرٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ ص يَوْمَ السّبْتِ فَصَلّى فِى مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَمَعَهُ رَهْطٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، ثُمّ جَاءَ بَنِى النّضِيرِ فَيَجِدُهُمْ فِى نَادِيهِمْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللّهِ ص وَأَصْحَابُهُ فَكَلّمَهُمْ رَسُولُ اللّهِ ص أَنْ يُعِينُوهُ فِى دِيَةِ الْكِلابِيّيْنِ اللّذَيْنِ قَتَلَهُمَا عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ. فَقَالُوا: نَفْعَلُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا أَحْبَبْت، قَدْ أَنَى لَك أَنْ تَزُورَنَا وَأَنْ تَأْتِيَنَا، اجْلِسْ حَتّى نُطْعِمَك وَرَسُولُ اللّهِ ص مُسْتَنِدٌ إلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهِمْ، ثُمّ خَلا بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فَتَنَاجَوْا،...إلخ القصة
إن بالقصة ألغازاً وتصرفات عجيبة أثارت انتباه أستاذنا القمني، فإذا كان زعيم بني عامر، عامر بن الطفيل هو من حرض بني سليم على قتل رجال محمد، حتى لو أخذنا بقول كتب السيرة أن بني عامر أنفسهم لم يشاركوا في قتلهم ولم يطيعوه، فكيف لمحمد أن يتقبل بعدئذٍ بقليل وبصدر رحب مطالبة عدوه بوقاحة بديتي القتيلين على أساس وجود أمان مزعوم ما لهذين الشخصين! ناهيك عن عدم حماية بني عامر لمن هو في حمايتهم وجوارهم وهو عارٌ ومسؤولية في عرف عرب شبه الجزيرة العربية وأخلاقهم...في الواقع أميل إلى الأخذ برأي القمني أنه مجرد تبرير وضعه كتبة السيرة أو قام به محمد للقيام بالعدوان على يهود بني الضمير، وباعتبار أنه كتب عهد دفاع مشترك بعد أُحُد مع اليهود (وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين)، فقد طلب منهم دية العامريين كمساعدة منهم، هنا هو يحملهم مسؤولية أفعال أتباعه المسلمين وانخراطهم في العنف والقتال مع كل جيرانهم، ويستنزفهم ماليًّاً تحت ضغط التهديد بالحرب والعنف، إضافة إلى أن مساعدتهم لرجل يعاديهم دينيًّا لأنهم قاوموا ديانته ومزاعمه شيء يستنزف قواهم ومالياتهم ولا يفيدهم بأدنى شيء، بل يجعلهم يخسرون حلفهم مع بني عامر....ثم تزعم القصة أن محمد جاءه الخبر "من السماء" أن اليهود حاولوا إلقاء صخرة ضخمة عليه من فوق، فأعلن الحرب عليهم، في الواقع لا يمكن الاطمئنان من غير المؤمنين بهذه المزاعم الخرافية بخبر السماء المزعوم هذا، إلا أن يكون محمد_لو كانت قصته بها شيء من الصدق_عرف بطريقة ما من خلال جاسوس او لمحة رآها بهذه المحاولة المزعومة لاغتياله. على كل في عرف العدالة والحق لا يمكن أن نطرد مجموعة سكانية وجنس من الأجناس أو أتباع ديانة من وطنهم، لأن أحدهم أو بعضهم حاول قتل شخص أو زعيم ما أو شخص يزعم أنه رسول من إله وهمي مزعوم. لا يمكننا لوم قوم سبق لمحمد أن مارس ضدهم العنف والعنصرية المماثلة للنازية وأمر بقتل أي شخص منهم لأجل عقيدته، كما رأينا في قصة قتل محيصة لليهودي الذي كان يحسن إليه.
لننظر إلى قول حيي أنها مكيدة، حسب الواقدي:
......وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِىَ ابْنَ أُبَىّ فَيُخْبِرَهُ بِرِسَالَتِهِ إلَى مُحَمّدٍ وَيَأْمُرَهُ بِتَعْجِيلِ مَا وَعَدَ مِنْ النّصْرِ.
فَذَهَبَ جُدَىّ بْنُ أَخْطَبَ إلَى رَسُولِ اللّهِ ص بِاَلّذِى أَرْسَلَهُ حُيَىّ، فَجَاءَ إلَى رَسُولِ اللّهِ ص وَهُوَ جَالِسٌ فِى أَصْحَابِهِ، فَأَخْبَرَهُ فَأَظْهَرَ رَسُولُ اللّهِ ص التّكْبِيرَ وَكَبّرَ الْمُسْلِمُونَ لِتَكْبِيرِهِ، وَقَالَ: “حَارَبْت الْيَهُود” وَخَرَجَ جُدَىّ حَتّى دَخَلَ عَلَى ابْنِ أُبَىّ، وَهُوَ جَالِسٌ فِى بَيْتِهِ مَعَ نَفِيرٍ مِنْ حُلَفَائِهِ، وَقَدْ نَادَى مُنَادِى رَسُولِ اللّهِ ص يَأْمُرُهُمْ بِالْمَسِيرِ إلَى بَنِى النّضِيرِ، فَيَدْخُلُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَىّ عَلَى عَبْدِ اللّهِ أَبِيهِ وَعَلَى النّفَرِ مَعَهُ، وَعِنْدَهُ جُدَىّ بْنُ أَخْطَبَ، فَلَبِسَ دِرْعَهُ وَأَخَذَ سَيْفَهُ فَخَرَجَ يَعْدُو، فَقَالَ جُدَىّ: لَمّا رَأَيْت ابْنَ أُبَىّ جَالِسًا فِى نَاحِيَةِ الْبَيْتِ وَابْنُهُ عَلَيْهِ السّلاحُ يَئِسْت مِنْ نَصْرِهِ فَخَرَجْت أَعْدُو إلَى حُيَىّ، فَقَالَ: مَا وَرَاءَك؟ قُلْت: الشّرّ سَاعَةَ أَخْبَرْت مُحَمّدًا بِمَا أَرْسَلْت بِهِ إلَيْهِ أَظْهَرَ التّكْبِيرَ، وَقَالَ: “حَارَبْت الْيَهُودَ”، فَقَالَ: هَذِهِ مَكِيدَةٌ مِنْهُ، قَالَ: وَجِئْت ابْنَ أُبَىّ فَأَعْلَمْته، وَنَادَى مُنَادِى مُحَمّدٍ بِالْمَسِيرِ إلَى بَنِى النّضِيرِ.
نعم لم تكن المسألة دية عامريين، بل هي أسلوب استفزاز، أستفزك وأحملك فوق طاقتك وأبتزك، لأوقعك في الخطإ_لو كانت قصة محاولة الاغتيال صحيحة_، ثم أتظاهر أني بريء ومستقيم وطاهر!
وقد اعتبر محمد يثرب بلداً ملكاً له، بعدما كان لاجئًا لها، يطرد منه من أراد، من مواطنيه وأبنائه:
يقول الواقدي:
.....فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “هَمّتْ الْيَهُودُ بِالْغَدْرِ بِى”، فَأَخْبَرَنِى اللّهُ بِذَلِكَ فَقُمْت، وَجَاءَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: اذْهَبْ إلَى يَهُودِ بَنِى النّضِيرِ، فَقُلْ لَهُمْ: إنّ رَسُولَ اللّهِ أَرْسَلَنِى إلَيْكُمْ أَنْ اُخْرُجُوا مِنْ بَلَدِه.
..... قَالَ: قَدْ فَرَغْت، إنّ رَسُولَ اللّهِ ص أَرْسَلَنِى إلَيْكُمْ يَقُولُ لَكُمْ: قَدْ نَقَضْتُمْ الْعَهْدَ الّذِى جَعَلْت لَكُمْ بِمَا هَمَمْتُمْ بِهِ مِنْ الْغَدْرِ بِى، وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا كَانُوا ارْتَأَوْا مِنْ الرّأْىِ، وَظُهُورِ عَمْرِو بْنِ جَحّاشٍ عَلَى الْبَيْتِ يَطْرَحُ الصّخْرَةَ، فَأَسْكَتُوا، فَلَمْ يَقُولُوا حَرْفًا.
وَيَقُولُ: اُخْرُجُوا مِنْ بَلَدِى، فَقَدْ أَجّلْتُكُمْ عَشْرًا فَمَنْ رُئِىَ بَعْدَ ذَلِكَ ضَرَبْت عُنُقَهُ، قَالُوا: يَا مُحَمّدُ مَا كُنّا نَرَى أَنْ يَأْتِىَ بِهَذَا رَجُلٌ مِنْ الأَوْسِ.
قَالَ مُحَمّدٌ: تَغَيّرَتْ الْقُلُوبُ، فَمَكَثُوا عَلَى ذَلِكَ أَيّامًا يَتَجَهّزُونَ وَأَرْسَلُوا إلَى ظَهْرٍ لَهُمْ بِذِى الْجَدْرِ تُجْلَبُ وَتَكَارَوْا مِنْ نَاسٍ مِنْ أَشْجَعَ إبِلاً وَأَخَذُوا فِى الْجَهَازِ.
لقد تخلى الجميع عن مساعدة بني النضير، من القبائل اليهودية العربية المستعربة الأخرى وخاصة بني قريظة، وحلفاء اليهود من قبيلة غطفان، ووعدهم أبي بن سلول بمساعدتهم ثم لم يستطع لعجزه واختلال ميزان القوة لصالح الإسلام أن يفعل حرفًا مما وعد به، كما ذكر القرآن وكتب السيرة، يمكننا أن نقول أن تخاذل اليهود والوثنيين ضد العنصرية الإسلامية وتناميها هو ما أدى إلى دمارهم فتعرض الوثنيون للمذابح والإبادة والإكراه، وتعرض اليهود للقتل والنفي خارج كل الجزيرة العربية، وينطبق عليهم مثل قصة كتاب كليلة ودمنة: (لقد أُكِلْتُ يومَ قُتِل الثور الأبيض).
يقول الواقدي:
فَقَالَ سَلاّمٌ: لَيْسَ قَوْلُ ابْنِ أُبَىّ بِشَيْءٍ إنّمَا يُرِيدُ ابْنُ أُبَىّ أَنْ يُوَرّطَك فِى الْهَلَكَةِ حَتّى تُحَارِبَ مُحَمّدًا، ثُمّ يَجْلِسُ فِى بَيْتِهِ وَيَتْرُكُك. قَدْ أَرَادَ مِنْ كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ النّصْرَ فَأَبَى كَعْبٌ، وَقَالَ: لا يَنْقُضُ الْعَهْدَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى قُرَيْظَةَ وَأَنَا حَىّ، وَإِلاّ فَإِنّ ابْنَ أُبَىّ قَدْ وَعَدَ حُلَفَاءَهُ مِنْ بَنِى قَيْنُقَاعَ مِثْلَ مَا وَعَدَك حَتّى حَارَبُوا وَنَقَضُوا الْعَهْدَ وَحَصَرُوا أَنَفْسَهُمْ فِى صَيَاصِيِهِمْ، وَانْتَظَرُوا نُصْرَةَ ابْنِ أُبَىّ، فَجَلَسَ فِى بَيْتِهِ وَسَارَ مُحَمّدٌ إلَيْهِمْ فَحَصَرَهُمْ حَتّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ فَابْنُ أُبَىّ لا يَنْصُرُ حُلَفَاءَهُ، وَمَنْ كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ النّاسِ كُلّهِمْ، وَنَحْنُ لَمْ نَزَلْ نَضْرِبُهُ بِسُيُوفِنَا مَعَ الأَوْسِ فِى حَرْبِهِمْ كُلّهَا، إلَى أَنْ تَقَطّعَتْ حَرْبُهُمْ فَقَدِمَ مُحَمّدٌ فَحَجَزَ بَيْنَهُمْ، وَابْنُ أُبَىّ لا يَهُودِىّ عَلَى دِينِ يَهُودَ، وَلا عَلَى دِينِ مُحَمّدٍ، وَلا هُوَ عَلَى دِين قَوْمِهِ، فَكَيْفَ تَقْبَلُ مِنْهُ قَوْلاً قَالَهُ؟ قَالَ حُيَىّ: تَأْبَى نَفْسِى إلاّ عَدَاوَةَ مُحَمّدٍ وَإِلاّ قِتَالَهُ.
هكذا فإن حرص المجموعات المختلفة على مصالحها الضيقة وخلافاتها القديمة وعدم إدراكهم لقوة المشروع المحمدي والمستجدات وكيفية مواكبتها ساعد كثيرًا على القضاء على تلك المجموعات واحدة تلو الأخرى بالنفي لليهود، وبتكميم أفواه ضعفاء الرأي والفكر والقلب، لم يكن أبي بن سلول ملحدًا مفكرًا حرًّا، بل شخصًا بلا مبادئ لا يتقيد بأي شيء تقريبًا، يسعى لمصالحه الشخصية وينافق محمدًا والمسلمين، لولا ذلك لكان ذكره التاريخ بما هو أفضل بكثير، لكنه كان غالبًا سيتعرض لقتلٍ عاجل منهم فلا يسعنا لومه كثيرًا.
ولما حاصر المسلمون ومحمد حصون يهود بني النضير وكانوا لم يتمكنوا من اقتحامها بعد، فقد قاموا بحرق زروعهم من النخيل والذي كان ثروتهم ومصدراً غذائيًا هامًا في تلك البلاد، فهل من يتلف المزروعات يكون حزب الخير والهدى:
وَكَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يَحْمِلُ التّمْرَ إلَى الْمُسْلِمِينَ، فَأَقَامُوا فِى حِصْنِهِمْ وَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ ص بِالنّخْلِ فَقُطِعَتْ وَحُرِقَتْ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى قَطْعِهَا رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ أَبَا لَيْلَى الْمَازِنِىّ، وَعَبْدَ اللّهِ بْنَ سَلاّمٍ، فَكَانَ أَبُو لَيْلَى يَقْطَعُ الْعَجْوَةَ، وَكَانَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ سَلاّمٍ يَقْطَعُ اللّوْنَ، فَقِيلَ لَهُمَا فِى ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو لَيْلَى: كَانَتْ الْعَجْوَةُ أَحْرَقَ لَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ سَلاّمٍ: قَدْ عَرَفْت أَنّ اللّهَ سَيُغْنِمُهُ أَمْوَالَهُمْ وَكَانَتْ الْعَجْوَةُ خَيْرَ أَمْوَالِهِمْ فَنَزَلَ فِى ذَلِكَ رِضَاءً بِمَا صَنَعْنَا جَمِيعًا، مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَلْوَانِ النّخْلِ لِلّذِى فَعَلَ ابْنُ سَلاّمٍ، أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا، يَعْنِى الْعَجْوَةَ، فَبِإِذْنِ اللّهِ وَقَطَعَ أَبُو لَيْلَى الْعَجْوَةَ، وَلِيُخْزِىَ الْفَاسِقِينَ، يَعْنِى بَنِى النّضِيرِ رِضَاءً مِنْ اللّهِ بِمَا صَنَعَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا، فَلَمّا قُطِعَتْ الْعَجْوَةُ شَقّ النّسَاءُ الْجُيُوبَ وَضَرَبْنَ الْخُدُودَ وَدَعَوْنَ بِالْوَيْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “مَا لَهُنّ”؟ فَقِيلَ: يَجْزَعْنَ عَلَى قَطْعِ الْعَجْوَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “إنّ مِثْلَ الْعَجْوَةِ جُزِعَ عَلَيْهِ”، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “الْعَجْوَةُ وَالْعَتِيقُ – الْفَحْلُ الّذِى يُؤَبّرُ بِهِ النّخْلُ – مِنْ الْجَنّةِ، وَالْعَجْوَةُ شِفَاءٌ مِنْ السّمّ”.
......... وَجَزِعُوا عَلَى قَطْعِ الْعَجْوَةِ فَجَعَلَ سَلاّمُ بْنُ مِشْكَمٍ يَقُولُ: يَا حُيَىّ، الْعَذْقُ خَيْرٌ مِنْ الْعَجْوَةِ يُغْرَسُ فَلا يُطْعِمُ ثَلاثِينَ سَنَةً يُقْطَعُ فَأَرْسَلَ حُيَىّ إلَى رَسُولِ اللّهِ ص يَا مُحَمّدُ إنّك كُنْت تَنْهَى عَنْ الْفَسَادِ لِمَ تَقْطَعُ النّخْلَ؟ نَحْنُ نُعْطِيك الّذِى سَأَلْت، وَنَخْرُجُ مِنْ بِلادِك. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “لا أَقْبَلُهُ الْيَوْمَ، وَلَكِنْ اُخْرُجُوا مِنْهَا وَلَكُمْ مَا حَمَلَتْ الإِبِلُ إلاّ الْحَلْقَةُ”.
وروى البخاري:
4031 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ فَنَزَلَتْ { مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ }
4032 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ قَالَ وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
قَالَ فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ
أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ وَتَعْلَمُ أَيُّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ
ورواه مسلم 1746 وأحمد (4532) و(5520) و (5582) و (6054) و (6250) و (6367) ويكرر برقم (5136) .
وروى النسائي في الكبرى:
8610 - أنبأ الحسن بن محمد عن عفان الصفار قال حدثنا حفص بن غياث قال حدثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن بن عباس: في قول الله { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها } قال اللينة هي النخلة وليخزي الفاسقين قال استنزلوهم من حصونهم وأمروا بقطع النخل فحك في صدورهم فقال المسلمون قد قطعنا بعضا وتركنا بعضا فلنسألن رسول الله صلى الله عليه و سلم هل لنا فيما قطعنا من أجر وما علينا فيما تركنا من وزر فأنزل الله { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة } الآية قال الزعفراني كان عفان حدثنا بهذا الحديث عن عبد الواحد عن حبيب ثم رجع فحدثناه عن حفص
قال الترمذي في سننه 1552 :
وقد ذهب قوم من أهل العلم إلى هذا، ولم يروا بأساً بقطع الأشجار وتخريب الحصون، وكره بعضهم ذلك، وهو قول الأوزاعي. قال الأوزاعي: ونهى أبو بكر الصديق يزيد أن يقطع شجراً مثمراً أو يخريب عامراً، وعمل بذلك المسلمون. وقال الشافعي: لا بأس بالتحريق في أرض العدو، وقطع الأشجار والثمار، وقال أحمد: وقد تكون في مواضع لا يجدون منه بداً، فأما بالعبث، فلا تحرق. وقال إسحاق: التحريق سنة إذا كان أنكى فيهم.
نموذج لتخبط المسلمين إزاء تعاليم الخراب والتخريب.
ومن آيات التحريض العنصري والسرور بمعاناة البشر والتحريض على التدمير والتخريب والنهب، ما في القرآن:
ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها، يذكر فيها ما أصابهم الله به من نقمته. وما سلط عليهم به رسوله صلى الله عليه وسلم، وما عمل به فيهم، فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ الله فَأَتَاهُمْ الله مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ}، وذلك لهدمهم بيوتَهم عن نُجُفِ أبوابهم إذ احتملوها {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ. وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ الله عَلَيْهِمْ الْجَلَاءَ} [الحشر: 2،3] وكان لهم من الله نقمة، {لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا}: أي بالسيف، {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} [الحشر: 3] مع ذلك {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا}. واللينة: ما خالف العجوة من النخل {فَبِإِذْنِ الله}: أي فبامر الله قُطعت، لم يكن فسادا، ولكن كان نقمة من الله {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5]. قال ابن هشام: اللينة: من الألوان، وهى ما لم تكن بَرْنية، ولا عجوة من النخل.
وجاء في السيرة النبوية لابن هشام:
قال ابن اسحاق: فتحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل والتحريق فيها، فنادوه: أن يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد، وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخيل وتحريقها
ويروي البخاري:
4031 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ فَنَزَلَتْ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ}
لم يكن الأمر إلا محض عملية حرب تعصب وسعي لفرض دين محمد على يهود يثرب، ومنهم بنو النضير، يروي الواقدي:
..... فَأَبَى حُيَىّ أَنْ يَقْبَلَ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ، فَلَمّا رَأَى ذَلِكَ يَامِينُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو سَعْدِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: وَإِنّك لَتَعْلَمُ أَنّهُ لَرَسُولُ اللّهِ فَمَا تَنْتَظِرُ أَنْ نُسْلِمَ، فَنَأْمَنَ عَلَى دِمَائِنَا وَأَمْوَالِنَا؟ فَنَزَلا مِنْ اللّيْلِ فَأَسْلَمَا فَأَحْرَزَا دِمَاءَهُمَا وَأَمْوَالَهُمَا.
ويؤكد الخبر ابن هشام:
ولم يسلم من بني النضير إلارجلان: يامينُ بنُ عُمَيْر، أبو كعب بن عمرو بن جِحاش، وأبو سعد بن وهب، - أسلما على أموالهما فاحرزاها.
وهكذا طردهم محمد من وطنهم واستولى على أرضهم واستحل ونهب أملاكهم ومزروعاتهم هو ومن معه، وجعلهم يتخلون عن ديونهم أو أجزاء منها مما كان مدينًا به المسلمون لهم، بينما ذهب بعضهم إلى الشام وآخرون إلى اليمن وبعضهم إلى حصون خيبر في يثرب مع بني قريظة، يقول الواقدي:
وَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللّهِ ص خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَأَجَلاهُمْ رَسُولُ اللّهِ ص مِنْ الْمَدِينَةِ، وَوَلِىَ إخْرَاجَهُمْ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالُوا: إنّ لَنَا دُيُونًا عَلَى النّاسِ إلَى آجَالٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “تَعَجّلُوا، وَضَعُوا”، فَكَانَ لأَبِى رَافِعٍ سَلاّمُ بْنُ أَبِى الْحُقَيْقِ عَلَى أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ عِشْرُونَ وَمِائَةُ دِينَارٍ إلَى سَنَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى أَخْذِ رَأْسِ مَالِهِ ثَمَانِينَ دِينَارًا، وَأَبْطَلَ مَا فَضَلَ.
وَكَانُوا فِى حِصَارِهِمْ يُخَرّبُونَ بُيُوتَهُمْ مِمّا يَلِيهِمْ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُخَرّبُونَ مَا يَلِيهِمْ وَيُحَرّقُونَ حَتّى وَقَعَ الصّلْحُ فَتَحَمّلُوا، فَجَعَلُوا يَحْمِلُونَ الْخَشَبَ وَنُجُفَ الأَبْوَابِ، وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص لِصَفِيّةَ بِنْتِ حُيَىّ: “لَوْ رَأَيْتنِى وَأَنَا أَشُدّ الرّحْلَ لِخَالِك بَحْرِىّ بْنِ عَمْرٍو، وَأُجْلِيهِ مِنْهَا”، وَحَمَلُوا النّسَاءَ وَالصّبْيَانَ فَخَرَجُوا عَلَى بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمّ عَلَى الْجَبَلِيّةِ، ثُمّ عَلَى الْجِسْرِ حَتّى مَرّوا بِالْمُصَلّى، ثُمّ شَقّوا سُوقَ الْمَدِينَةِ، وَالنّسَاءُ فِى الْهَوَادِجِ عَلَيْهِنّ الْحَرِيرُ وَالدّيبَاجُ وَقُطُفُ الْخَزّ الْخُضْرُ وَالْحُمْرُ، وَقَدْ صَفّ لَهُمْ النّاسُ فَجَعَلُوا يَمُرّونَ قِطَارًا فِى أَثَرِ قِطَارٍ، فَحُمِلُوا عَلَى سِتّمِائَةِ بَعِيرٍ يَقُولُ رَسُولُ اللّهِ ص: “هَؤُلاءِ فِى قَوْمِهِمْ بِمَنْزِلَةِ بَنِى الْمُغِيرَةِ فِى قُرَيْشٍ”.
واستولى محمد على أموالهم مستحلاً النهب والسلب، شأنه شأن كل عرب وروم ذلك الزمن القديم الهمجيّ، فاغتنى منه، وعلى كثرة أملاكه يحدثنا بعض أصحاب كتب الأحاديث أحاديث خرافية عن فقر وزهد محمد وأنه مات لا يملك شيئًا، وهو كلام للسذج ومن لايعرف، فإنه له أملاكه في النضير ثم في خيبر بعدها وغيرها من أملاك وغنائم كان له في بعضها الخمس وبعضها كان له كله، وقد تيسرت أحوال أتباعه بتوزيعه من أملاك النضير على المهاجرين، فألغى تشريع الإخاء بين المهاجرين والأنصار الذي كان تبعة وتكلفة على الأنصار سكان يثرب الأصليين، وتشجيعًا للنظام الإقطاعيّ الطبقيّ أعطى محمدٌ تمييزًا بعض صحبه آبار وأراضي من آبار بني النضير:
حَدّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: وَقَبَضَ رَسُولُ اللّهِ ص الأَمْوَالَ، وَقَبَضَ الْحَلْقَةَ فَوَجَدَ مِنْ الْحَلْقَةِ خَمْسِينَ دِرْعًا، وَخَمْسِينَ بَيْضَةً وَثَلاثَمِائَةِ سَيْفٍ وَأَرْبَعِينَ سَيْفًا. وَيُقَالُ غَيّبُوا بَعْضَ سِلاحِهِمْ وَخَرَجُوا بِهِ.
وَكَانَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الّذِى وَلِىَ قَبْضَ الأَمْوَالِ وَالْحَلْقَةَ وَكَشْفَهُمْ عَنْهَا.
فَقَالَ عُمَرُ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَلا تُخَمّسُ مَا أَصَبْت مِنْ بَنِى النّضِيرِ كَمَا خَمّسْت مَا أَصَبْت مِنْ بَدْرٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “لا أَجْعَلُ شَيْئًا جَعَلَهُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ لِى دُونَ الْمُؤْمِنِينَ” بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} الآيَةُ كَهَيْئَةِ مَا وَقَعَ فِيهِ السّهْمَانِ لِلْمُسْلِمِينَ”.
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ يَقُولُ: كَانَ لِرَسُولِ اللّهِ ص ثَلاثُ صَفَايَا، فَكَانَتْ بَنُو النّضِيرِ حَبْسًا لِنَوَائِبِهِ، وَكَانَتْ فَدَكُ لابْنِ السّبِيلِ، وَكَانَتْ خَيْبَرُ قَدْ جَزّأَهَا ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ فَجُزْءَانِ لِلْمُهَاجِرِينَ، وَجُزْءٌ كَانَ يُنْفَقُ مِنْهُ عَلَى أَهْلِهِ، فَإِنّ فَضْلَ رَدّهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ.
حَدّثَنِى مُوسَى بْنُ عُمَرَ الْحَارِثِىّ، عَنْ أَبِى عُفَيْرٍ، قَالَ: إنّمَا كَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ بَنِى النّضِيرِ كَانَتْ لَهُ خَالِصَةً، فَأَعْطَى مَنْ أَعْطَى مِنْهَا وَحَبَسَ مَا حَبَسَ، وَكَانَ يَزْرَعُ تَحْتَ النّخْلِ زَرْعًا كَثِيرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ص يَدْخُلُ لَهُ مِنْهَا قُوتُ أَهْلِهِ سَنَةً مِنْ الشّعِيرِ وَالتّمْرِ لأَزْوَاجِهِ وَبَنِى عَبْدِ الْمُطّلِبِ، فَمَا فَضَلَ جَعَلَهُ فِى الْكُرَاعِ وَالسّلاحِ وَإِنّهُ كَانَ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْ ذَلِكَ السّلاحُ الّذِى اُشْتُرِىَ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ ص.
وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ص قَدْ اسْتَعْمَلَ عَلَى أَمْوَالِ بَنِى النّضِيرِ أَبَا رَافِعٍ مَوْلاهُ وَرُبّمَا جَاءَ رَسُول اللّهِ ص بِالْبَاكُورَةِ مِنْهَا، وَكَانَتْ صَدَقَاتُهُ مِنْهَا وَمِنْ أَمْوَالِ مُخَيْرِيقٍ. وَهِىَ سَبْعَةُ حَوَائِطَ - الْمِيثَبُ وَالصّافِيَةُ وَالدّلاّلُ وَحُسْنَى، وَبُرْقَةُ وَالأَعْوَافُ وَمَشْرَبَةُ أُمّ إبْرَاهِيمَ، وَكَانَتْ أُمّ إبْرَاهِيمَ تَكُون هُنَاكَ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ص يَأْتِيهَا هُنَاكَ.
وَقَالُوا: إنّ رَسُولَ اللّهِ ص لَمّا تَحَوّلَ مِنْ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إلَى الْمَدِينَةِ تَحَوّلَ أَصْحَابُهُ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَتَنَافَسَتْ فِيهِمْ الأَنْصَارُ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَيْهِمْ حَتّى اقْتَرَعُوا فِيهِمْ بِالسّهْمَانِ فَمَا نَزَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ إلاّ بِقُرْعَةِ سَهْمٍ.
فَحَدّثَنِى مَعْمَرٌ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمّ الْعَلاءِ قَالَتْ: صَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِى الْقُرْعَةِ وَكَانَ فِى مَنْزِلِنَا حَتّى تُوُفّىَ وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ فِى دُورِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَلَمّا غَنِمَ رَسُولُ اللّهِ ص بَنِى النّضِيرِ دَعَا ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ فَقَالَ: “اُدْعُ لِى قَوْمَك” قَالَ ثَابِتٌ: الْخَزْرَجَ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “الأَنْصَارَ كُلّهَا”، فَدَعَا لَهُ الأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ، فَتَكَلّمَ رَسُولُ اللّهِ ص فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمّ ذَكَرَ الأَنْصَارَ وَمَا صَنَعُوا بِالْمُهَاجِرِينَ، وَإِنْزَالَهُمْ إيّاهُمْ فِى مَنَازِلِهِمْ، وَأَثَرَتَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، ثُمّ قَالَ: “إنْ أَحْبَبْتُمْ قَسَمْت بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ مِمّا أَفَاءَ اللّهُ عَلَىّ مِنْ بَنِى النّضِيرِ، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ السّكْنَى فِى مَسَاكِنِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَعْطَيْتهمْ وَخَرَجُوا مِنْ دُورِكُمْ”، فَتَكَلّمَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالا: يَا رَسُولَ اللّهِ بَلْ تَقْسِمُهُ لِلْمُهَاجِرِينَ وَيَكُونُونَ فِى دُورِنَا كَمَا كَانُوا، وَنَادَتْ الأَنْصَارُ: رَضِينَا وَسَلّمْنَا يَا رَسُولَ اللّهِ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “اللّهُمّ ارْحَمْ الأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الأَنْصَارِ”، فَقَسَمَ رَسُولُ اللّهِ ص مَا أَفَاءَ اللّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَى الْمُهَاجِرِينَ، وَلَمْ يُعْطِ أَحَدًا مِنْ الأَنْصَارِ مِنْ ذَلِكَ الْفَيْءِ شَيْئًا، إلاّ رَجُلَيْنِ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ - سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، وَأَبَا دُجَانَةَ، وَأَعْطَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ سَيْفَ ابْنِ أَبِى الْحُقَيْقِ، وَكَانَ سَيْفًا لَهُ ذِكْرٌ عِنْدَهُمْ.
قَالُوا: وَكَانَ مِمّنْ أَعْطَى مِمّنْ سُمّىَ لَنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ بِئْرَ حِجْرٍ، وَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ بِئْرَ جَرْمٍ وَأَعْطَى عَبْدَ الرّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ سُؤَالَةَ - وَهُوَ الّذِى يُقَالُ لَهُ: مَالُ سُلَيْمٍ.
وَأَعْطَى صُهَيْبَ بْنَ سِنَانَ الضّرّاطَةَ وَأَعْطَى الزّبَيْرَ بْنَ الْعَوّامِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الأَسَدِ الْبُوَيْلَةَ. وَكَانَ مَالُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَبِى دُجَانَةَ مَعْرُوفًا، يُقَالُ لَهُ: مَالُ ابْنِ خَرَشَةَ وَوَسّعَ رَسُولُ اللّهِ ص فِى النّاسِ مِنْهَا.
أما ابن هشام فكعادته منعًا للإحراج يكتفي بالقول دون تفصيل:
وخلَّوا الأموالَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصةً، يضعها حيثُ يشاء، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المهاجرين الأولين دون الأنصار. إلاأن سهلَ ابن حُنَيف وأبا دُجانة سِمَاك بن خَرَشة ذكرا فقرا، فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروى البخاري كذلك:
2904 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا لَمْ يُوجِفِ المُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ، وَلاَ رِكَابٍ، «فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي السِّلاَحِ وَالكُرَاعِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ»
ومثله روى مسلم برقم 1757
ويقول مؤلف وفاء الوفا
بويرة:
تصغير البئر التي يسقى منها، و في الصحيح: حرّق نخل النضير، و هي البويرة، قال المجد: البويرة موضع منازل بني النضير، و ذكره المرجاني ثم قال: و قيل:اسم موضع مخصوص من مواضعهم.
قلت: ويرجح الأول قول جمل بن جوال التغلبي من أبيات:
و أقفرت البويرة من سلام وسعية وابن أخطب فهي بور وقد كانوا ببلدتهم بعولا كما نقلت بميطان الصخور
واعتمد الثاني الحافظ ابن حجر، قال: و يقال لها البويلة باللام بدل الراء- و قال ابن سيد الناس في قوله: حريق بالبويرة مستطير
و يروى بالبويلة قال: و ذكر ابن سعد أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أعطى الزبير بن العوام وأبا سلمة البويلة من أرض بني النضير، و تقدم أن البويلة أطم لبني النضير بمنازلهم، قال ابن زبالة: كان لحي منهم لحقوا باليمن، فلعله كان بقرب البويرة فسميت به أيضا.
وروى البخاري:
3151 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ
ورواه بسياق أطول البخاري5224 وأحمد26937 ومسلم2182 والنسائي الكبرى9170 فراجعه.
وروى أحمد بن حنبل بإسناد ضعيف:
6458 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي الْعُمَرِيَّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ حُضْرَ فَرَسِهِ، بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: ثُرَيْرٌ، فَأَجْرَى الْفَرَسَ حَتَّى قَامَ، ثُمَّ رَمَى بِسَوْطِهِ ، فَقَالَ: "أَعْطُوهُ حَيْثُ بَلَغَ السَّوْطُ"
وأخرجه أبو داود (3072) ، والطبراني في"الكبير" (13352) ، والبيهقي في "السنن"6/144 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وهو عند أبي داود والبيهقي دون قوله: بأرض يقال لها: ثرير.
وجاء في القرآن (مع تفسير ابن إسحاق في السيرة):
{وَمَا أَفَاءَ الله عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} - قال ابن إسحاق: يعني من بني النضير. {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ الله يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَالله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: 6]: أي له خاصة. قال ابن هشام: أوجفتم: حركتم وأتعبتم في السير.
{مَا أَفَاءَ الله عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} قال ابن اسحاق: ما يُوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب، وفتح بالحرب عُنوة فلله وللرسولَ {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] يقول: هذا قَسْم آخر فيما أصيب بالحرب بين المسلمين، على ما وضعه الله عليه.
ويقول الواقدي في سرده لآيات سورة الحشر، موضحًا تشريع التشريد والنهب وتوزيعه على المسلمين وعلى أقارب محمد من بني هاشم:
{هُوَ الّذِى أَخْرَجَ الّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوّلِ الْحَشْرِ} يَعْنِى بَنِى النّضِيرِ حَيْنَ أَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللّهِ ص مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى الشّامِ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوّلَ الْحَشْرِ فِى الدّنْيَا إلَى الشّامِ؛ {مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا} يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ لِلْمُؤْمِنَيْنِ: مَا ظَنَنْتُمْ ذَلِكَ كَانَ لَهُمْ عِزّ وَمَنَعَةٌ، {وَظَنّوا أَنّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللّهِ} حَيْنَ تَحَصّنُوا؛ {فَأَتَاهُمُ اللّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} حَالَ ظُهُورِ رَسُولِ اللّهِ ص، وَإِجْلاؤُهُمْ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرّعْبَ لَمّا نَزَلَ رَسُولُ اللّهِ ص بِسَاحَتِهِمْ رَعَبُوا وَأَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ، وَكَانَ الرّعْبُ فِى قُلُوبِهِمْ لَهُ وَجَبَانٌ، {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى الْمُؤْمِنِينَ} قَالَ: كَانُوا لَمّا حُصِرُوا وَالْمُسْلِمُونَ يَحْفِرُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَرَائِهِمْ وَهُمْ يَنْقُبُونَ مِمّا يَلِيهِمْ فَيَأْخُذُونَ الْخَشَبَ وَالنّجُفَ؛ {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِى الأَبْصَارِ} قَالَ: يَعْنِى يَا أَهْلَ الْعُقُولِ.
{وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ} يَقُولُ: فِى أُمّ الْكِتَابِ أَنْ يَجْلُوا. {ذَلِكَ بِأَنّهُمْ شَاقّوا اللّهَ وَرَسُولَهُ} يَقُولُ: عَصَوْا اللّهَ وَرَسُولَهُ وَخَالَفُوهُ.
{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا}.. الآيَةُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ ص قَدْ اسْتَعْمَلَ عَلَى قَطْعِ نَخْلِهِمْ أَبَا لَيْلَى الْمَازِنِىّ وَعَبْدَ اللّهِ بْنَ سَلاّمٍ، فَكَانَ أَبُو لَيْلَى يَقْطَعُ الْعَجْوَةَ وَكَانَ ابْنُ سَلاّمٍ يَقْطَعُ اللّوْنَ، فَقَالَ لَهُمْ بَنُو النّضِيرِ: أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ مَا يَحِلّ لَكُمْ عَقْرُ النّخْلِ.
فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ ص فِى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْطَعُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا يَقْطَعُ، فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} أَلْوَانِ النّخْلِ سِوَى الْعَجْوَةِ {أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} قَالَ: الْعَجْوَةُ {فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيُخْزِىَ الْفَاسِقِينَ} يَقُولُ: يَغِيظُهُمْ مَا قُطِعَ مِنْ النّخْلِ.
{مَا أَفَاءَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلّهِ وَلِلرّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السّبِيلِ} قَوْلُهُ: فَلِلّهِ وَلِلرّسُولِ وَاحِدٌ، {وَلِذِى الْقُرْبَى} قَرَابَةُ رَسُولِ اللّهِ ص {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السّبِيلِ} فَسَهْمُ رَسُولِ اللّهِ ص خُمْسُ الْخُمْسِ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ص يُعْطِى بَنِى هَاشِمٍ مِنْ الْخُمْسِ وَيُزَوّجُ أَيَامَاهُمْ.
وَكَانَ عُمَرُ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ قَدْ دَعَاهُمْ إلَى أَنْ يُزَوّجَ أَيَامَاهُمْ وَيَخْدُمَ عَائِلَهُمْ وَيَقْضِىَ عَنْ غَارِمَهُمْ، فَأَبَوْا إلاّ أَنْ يُسَلّمَهُ كُلّهُ، وَأَبَى عُمَرُ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ.
فَحَدّثَنِى مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ أَنّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيّا كَانُوا يَجْعَلُونَهُ فِى الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السّبِيلِ.
وَقَوْلُهُ: {كَىْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} يَقُولُ: لا يُسْتَنّ بِهَا مِنْ بَعْدُ فَتُعْطَى الأَغْنِيَاءَ {وَمَا آتَاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} يَقُولُ: مَا جَاءَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ ص مِنْ أَمْرٍ وَنَهْىٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا نَزَلَ مِنْ الْوَحْىِ.
{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانًا} يَعْنِى الْمُهَاجِرِينَ الأَوّلِينَ مِنْ قُرَيْشٍ الّذِينَ هَاجَرُوا إلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ بَدْرٍ. {وَالّذِينَ تَبَوّءُوا الدّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} يَعْنِى الأَنْصَارَ، يَقُولُ: هُمْ أَهْلُ الدّارِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ؛ {وَلا يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} لا يَجِدُونَ فِى أَنْفُسِهِمْ حَسَدًا مِمّا أَعْطَى غَيْرَهُمْ يَعْنِى الْمُهَاجِرِينَ حَيْنَ أَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ ص وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ، فَهَذِهِ الأَثَرَةُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ حَيْنَ قَالُوا لِلنّبِىّ ص أَعْطِهِمْ وَلا تُعْطِنَا، وَهُمْ مُحْتَاجُونَ {وَمَنْ يُوقَ شُحّ نَفْسِهِ} قَالَ: ظُلْمَ النّاسِ.
.......... {لأَنْتُمْ أَشَدّ رَهْبَةً فِى صُدُورِهِمْ مِنَ اللّهِ} يَعْنِى ابْنَ أُبَىّ وَالْمُنَافِقِينَ الّذِينَ مَعَهُ خَوْفًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْبَلُوا؛ {ذَلِكَ بِأَنّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا} يَعْنِى بَنِى النّضِيرِ وَالْمُنَافِقِينَ، {إِلاّ فِى قُرًى مُحَصّنَةٍ} يَقُولُ: فِى حُصُونِهِمْ {أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتّى} يَعْنِى الْمُنَافِقِينَ وَبَنِى النّضِيرِ.
{ذَلِكَ بِأَنّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} يَقُولُ: دِينُ بَنِى النّضِيرِ مُخَالِفٌ دِينَ الْمُنَافِقِينَ [ وَهُمْ ] جَمِيعًا. فِى عَدَاوَةِ الإِسْلامِ مُجْتَمِعُونَ. {كَمَثَلِ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ} قَالَ: يَعْنِى قَيْنُقَاعَ حَيْنَ أَجْلاهُمْ رَسُولُ اللّهِ ص.
لقد امتدح كثير من أتباع محمد وغيرهم بني النضير لأفعالهم الخيرة وحسن جيرتهم وضيافتهم وعشرتهم وإحسانهم ووفائهم بالعهود، ورثوا لهم بعد ذلك التشريد والنهب، يقول الواقدي:
وَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ: وَهُوَ يَرَاهُمْ، وَسَرَاةُ الرّجَالِ عَلَى الرّحَالِ: أَمَا وَاَللّهِ إنّ لَقَدْ كَانَ عِنْدَكُمْ لَنَائِلٌ لِلْمُجْتَدِى وَقِرًى حَاضِرٌ لِلضّيْفِ وَسَقْيًا لِلْمُدَامِ وَحِلْمٌ عَلَى مَنْ سَفِهَ عَلَيْكُمْ وَنَجْدَةٌ إذَا اُسْتُنْجِدْتُمْ. فَقَالَ الضّحّاكُ بْنُ خَلِيفَةَ: وَاصَبَاحَاه، نَفْسِى فَدَاؤُكُمْ مَاذَا تَحَمّلْتُمْ بِهِ مِنْ السّؤْدُدِ وَالْبَهَاءِ وَالنّجْدَةِ وَالسّخَاءِ؟ قَالَ: يَقُولُ نُعَيْمُ ابْنُ مَسْعُودٍ الأَشْجَعِىّ: فِدًى لِهَذِهِ الْوُجُوهِ الّتِى كَأَنّهَا الْمَصَابِيحُ ظَاعِنِينَ مِنْ يَثْرِبَ. مَنْ لِلْمُجْتَدِى الْمَلْهُوفِ؟ وَمَنْ لِلطّارِقِ السّغْبَانِ؟ وَمَنْ يَسْقِى الْعُقَارَ؟ وَمَنْ يُطْعِمُ الشّحْمَ فَوْقَ اللّحْمِ؟ مَا لَنَا بِيَثْرِبَ بَعْدَكُمْ مُقَامٌ.
يَقُولُ أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ: وَهُوَ يَسْمَعُ كَلامَهُ، نَعَمْ فَالْحَقْهُمْ حَتّى تَدْخُلَ مَعَهُمْ النّارَ، قَالَ نُعَيْمٌ: مَا هَذَا جَزَاؤُهُمْ مِنْكُمْ لَقَدْ اسْتَنْصَرْتُمُوهُمْ فَنَصَرُوكُمْ عَلَى الْخَزْرَجِ، وَلَقَدْ اسْتَنْصَرْتُمْ سَائِرَ الْعَرَبِ فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْكُمْ، قَالَ أَبُو عَبْسٍ: قَطَعَ الإِسْلامُ الْعُهُودَ.
ومن أشعار الوثنيين، نقل لنا ابن هشام:
وقال عباس بن مرداس أخو بني سُليم يمتدح رجال بني النضير:
لو أن اهلَ الدارِ لم يتصدَّعوا رأيت خِلال الدارِ مَلْهًى ومَلْعبَا (1)
فإنك عَمْري هل أريك ظَعائنا سلكْنَ على رُكْنِ الشَّطاةِ فَتْيأبَا (2)
عليهن عينٌ مِن ظباء تَبالةٍ أوانسُ يُصبينَ الحليمَ المجرَّبا (3)
إذا جاء باغي الخير قلن فُجاءةً له بوجوهٍ كالدنانيرِ مرحبَا
وأهلا فلا ممنوعَ خير طلبتَه ولا أنت تخشى عندَنا أن تؤنَّبَا
فلاتحسبنِّى كنتُ مولى بنِ مِشْكَمٍ سَلامٍ ولامَوْلَى حُيَى بنِ أخْطبَا
عباس بن مرداس يرد على خوات بن جبير: فأجابه عباس ابن مرداس السلمي، فقال:
هجوْتَ صريحَ الكاهنيْن وفيكمُ لهم نِعم كانت من الدهر تُرْتُبَا (4)
أولئك أحْرَى لو بكيتَ عليهمُ ... وقومُك لو أدَّوْا من الحقِّ مُوجبَا
من الشكرِ إن الشكرَ خير مَغَبَّة ... وأوفقُ فعلا للذي كان أصوبَا (5)
_____________________
(1) يتصدعوا: يتفرقوا.
(2) الظعائن: النساء في الهوادج. الشطاة وتيأب: مرضعان. ونوَّن الظعائن وإن كان ممنوعا من الصرف لصيغة منتهى الجموع - لضرورة الشعر.
(3) العين: واسعات الأعين. تبالة: موضع باليمن يشتهر بالظباء، ويصبين: يذهبن العقل.
(4) الترتب: الثابت. والكاهنان: قريظة والنضير، والكاهن في اللغة بمعنى الكاهل، وهو الذي يقوم بحاجة أهله، إذا خلف عليهم، يقال: هو كاهن أبيه وكاهله، قاله الهروي، فيحتمل أن يكون سمي الكاهنان بهذا.
(5) المغبة: العاقبة.
أخَوَّاتُ أذْرِ الدمعَ بالدمعِ وابكهمْ ... وأعْرضْ عن المكروه منهم ونَكِّبَا (1)
فكنتَ كمن أمسى يُقطِّع رأسَه ... ليبلغَ عزًّا كان فيه مُرَكَّبَا
فإنك لو لاقيتَهمْ في ديارِهم ... لألفيْتَ عَمَّا قد تقول مُنَكِّبَا (1)
سِراعٌ إلى العَلْيا كرام لدى الوَغَى ... يُقال لباغِى الخيرِ أهلا ومرحَبَا (2)
وبعد معركة محمد لاحقًا مع يهود بني قريظة، نقرأ شعرًا قاله يهودي عربي من بني ذبيان ردًّا على شعر لحسان بن ثابت، في السيرة لابن هشام:
وأجابه جبل بن جَوَّال الثعلبي أيضا، وبكى النضير وقُريظة، فقال:
ألا يا سَعْدُ سَعْدَ بني مُعاذٍ لِمَا لَقِيَتْ قريظةُ والنضيرُ
لعَمْرُكَ إنَّ سَعْدَ بني مُعاذٍ غَداةَ تحمَّلوا لهوَ الصَّبورُ
فأما الخزرَجيُّ أبو حُبابٍ ... فقال لقَينُقاعٍ لا تَسيروا
وبُدِّلت الموالي من حُضَيْر أسَيْدا والدوائرُ قد تدورُ
وأقفرتِ البُوَيْرةُ من سَلامٍ وسَعْيةَ وابنِ أخطبَ فَهْيَ بُورُ
وقد كانوا ببلدتِهم ثِقالا كما ثَقُلَتْ بميْطان الصُّخورُ (3)
فإنْ يهلكْ أبو حَكَمٍ سَلام فلا رَث السلاحِ ولا دَثُور (4)
وكل الكاهنين وكان فيهم مع اللِّين الخَضارمة الصقور
وجدنا المجْدَ قد ثَبتُوا عليه بمجدٍ لا تُغَيبه البدورُ
أقيموا يا سراةَ الأوْسِ فيها كأنكمُ من المَخْزاهِ عور
تركتم قِدْرَكم لا شىءَ فيها وقِدْرُ القومِ حامية تفورُ
__________
(1) نكب: أبعد.
(2) الوغى: الجلَبة والأصوات ومنه وغى الحرب
(3) ميطان: جبل بالمدينة.
(4) الدثور: المتغير.
وقد اغتنى محمد بنهبه لأموال اليهود، ويقول البخاري:
2904 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَاب كَيْفَ قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْظَةَ
وَالنَّضِيرَ وَمَا أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ فِي نَوَائِبِهِ
3128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخَلَاتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ
3151 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ
4028 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ حَارَبَتْ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا وَأَجْلَى يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ
4031 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ فَنَزَلَتْ { مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ }
4032 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ قَالَ وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ قَالَ فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ وَتَعْلَمُ أَيُّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ
4029 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ سُورَةُ الْحَشْرِ قَالَ قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ تَابَعَهُ هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ
{أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14)}
يتعلق هذا النص كما قلت في الجزء الأول بعبد الله بن أبي بن سلول، وعرضت القصة من كتابي السيرة ابن هشام والواقدي، وهي تكشف ولاء الرجل ومن معه لليهود ومحاولته مساعدتهم لولا أنه لم يجد قوة تمكنه من ذلك، ما الذي دفعه لذلك؟ إن أسلم تظاهرًا فقط لحماية حياته، وكان بخدعته حافظ على شعبيته، ولذلك لم يتمكن محمد من قتله لصعوبة ذلك فلو قام به لربما فشلت دعوته هو وانتهى مشروعه وقامت حرب أهلية في يثرب، فهذه كانت حكمة من محمد، والسبب الآخر كون كثير من قبائل اليهود كانوا قبل محمد حلفاء للخزرج وكان عبد الله بن أبي بن سلول يشعر بمشاعر وود لهم لأنهم كانوا مناصرين ومخلصين للخزرج دومًا. الزمن أثبت وجود كثير من الشجعان من المسيحيين واليهود، فمنهم من حرّر بلاده في إسبانيا من الاحتلال العربي الإسلامي الغاشم الذي جثم على بلادهم لقرون من العدوان والنهب والاحتلال ومحاولات التعريب، بل إن المعتدين متجاوزي الحد منهم كفرانس وإنجلاند (بريطانيا، بْرِتِنْ) وإيتالي (إيطاليا) وهولاند والبرتجال احتلوا بلدان الشرق وأفريقيا لفترات، ويهود العالم في إسرائيل حقّقوا رغبتهم في الاستيلاء على كل فلسطين تقريبًا رغم أنوف كل العرب والمسلمين، وفي كتاب (الاعتبار) لأسامة بن منقذ مثلًا اعترف بشجاعة الصليبيين المتعصبين في العصور الوسطى أيام احتلال فلسطين منهم رغم ذكره لجهلهم وجفاء أخلاقهم وهمجيتهم وتعصبهم. المسلمون مخدوعون بنصوص القرآن التي تخدر عقولهم، عائشين في الكسل، لذلك يتلقون الصفعة والهزيمة تلو الأخرى، لأنهم وضعوا هذه التصورات التشويهية لصورة أهل الأديان والبلدان الأخرى في أذهانهم كقادة خاطئة، ويفاجؤون دومًا بشجاعة هؤلاء في الدفاع عن مصالحهم. سأتفق مع محمد هنا فقط على صحة زعمه أن المنافقين جبناء وأخسّاءفي معظمهم، لأني رأيت في مجتمع مصر المتعصب حالات لمنافقين ملحدين متظاهرين بالإسلام، هؤلاء أغلبهم من الملتزمين بييع حقوقهم في حرية التعبير والعقيدة والحياة وأسلوبها كانوا حينما تتعامل معهم تجدهم ناسًا بلا مبادئ تقريبًا وذوي ازدواجية في القيم وعيوب عديدة، لم أجد عيبًا كهذا في الملحدين الإنسانيين الأشجع ممن يواجهون ويعبرون عن رأيهم ويتحملون أغلى الأثمان رخيصة في تقديرهم لأجل حريتهم وحقهم في اختيار طريق حياتهم وحريتهم في التعبير ونمط الحياة. قد يضطر الملحد الشجاع للنفاق في مجتمع كهذا رغمًا عنه ليعيش يومًا آخر لأجل الكفاح الإلحادي والكتابة والتفكير وتقديم البرامج وخلافه، لكنه لا يرضى بالنفاق وإيطاء الرأس للشموليين، بل فقط يفعل هذا على مضض وليس على طول الخط ولا يبيع مبادءه، ويعمل كديكارت وﭬولتير ومثلهما دينيس ديدرو أحيانًا وغيرهم على التخفي حتى يكسب الحرب الفكرية الكبرى بإتمامه ما يريد تقديمه للجزء الذي يعيش فيه من العالم، ربما نخسر معركة في حرية التعبير واختيار أسلوب الحياة في عصرنا، لكن علينا نشر التنوير والتحرير لنسمو بعقول الناس ممن لا يزالون يقرؤون.
صراع ورثة محمد على ميراثه ونزع عمر بن الخطاب له منهم
روى مسلم:
[ 1757 ] وحدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أن مالك بن أوس حدثه قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فجئته حين تعالى النهار قال فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله متكئا على وسادة من آدم فقال لي يا مال إنه قد دف أهل أبيات من قومك وقد أمرت فيهم برضخ فخذه فاقسمه بينهم قال قلت لو أمرت بهذا غيري قال خذه يا مال قال فجاء يرفا فقال هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد فقال عمر نعم فأذن لهم فدخلوا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي قال نعم فأذن لهما فقال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن فقال القوم أجل يا أمير المؤمنين فاقض بينهم وأرحهم فقال مالك بن أوس يخيل إلي أنهم قد كانوا قدموهم لذلك فقال عمر اتئدا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة قالوا نعم ثم أقبل على العباس وعلي فقال أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة قالا نعم فقال عمر إن الله جل وعز كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره قال { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول } ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا قال فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النضير فوالله ما استأثر عليكم ولا أخذها دونكم حتى بقي هذا المال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة ثم يجعل ما بقي أسوة المال ثم قال أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون ذلك قالوا نعم ثم نشد عباسا وعليا بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك قالا نعم قال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئتما تطلب ميراثك من بن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نورث ما تركنا صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق فوليتها ثم جئتني أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد فقلتما ادفعها إلينا فقلت إن شئتم دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتماها بذلك قال أكذلك قالا نعم قال ثم جئتماني لأقضي بينكما ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فرداها إلي
[ 1757 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد قال بن رافع حدثنا وقال الآخران أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فقال إنه قد حضر أهل أبيات من قومك بنحو حديث مالك غير أن فيه فكان ينفق على أهله منه سنة وربما قال معمر يحبس قوت أهله منه سنة ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله عز وجل
روى البخاري:
5357 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ قَالَ لِي مَعْمَرٌ قَالَ لِي الثَّوْرِيُّ هَلْ سَمِعْتَ فِي الرَّجُلِ يَجْمَعُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ أَوْ بَعْضِ السَّنَةِ قَالَ مَعْمَرٌ فَلَمْ يَحْضُرْنِي ثُمَّ ذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ
5358 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مَالِكٌ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ إِذْ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ قَالَ نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمْ قَالَ فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا فَجَلَسُوا ثُمَّ لَبِثَ يَرْفَا قَلِيلًا فَقَالَ لِعُمَرَ هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمَا فَلَمَّا دَخَلَا سَلَّمَا وَجَلَسَا فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنْ الْآخَرِ فَقَالَ عُمَرُ اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ قَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ قَالَا قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَالِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ { مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ إِلَى قَوْلِهِ قَدِيرٌ } فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ فَعَمِلَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالَا نَعَمْ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ يَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَذَا وَكَذَا وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جِئْتُمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ وَأَتَى هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ وَبِمَا عَمِلْتُ بِهِ فِيهَا مُنْذُ وُلِّيتُهَا وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي فِيهَا فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ فَقَالَ الرَّهْطُ نَعَمْ قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ قَالَا نَعَمْ قَالَ أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا فَأَنَا أَكْفِيَكُمَاهَا
6725 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ عَلَيْهِمَا السَّلَام أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَيْهِمَا مِنْ فَدَكَ وَسَهْمَهُمَا مِنْ خَيْبَرَ فَقَالَ لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَا أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلَّا صَنَعْتُهُ قَالَ فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ
33 الأحزاب
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)}
هنا الحديث طبعًا عن موقعة الخندق أو الأحزاب التي حفر فيها مسلمو محمد خندقًا لمنع اجتياح يثرب بالجنود القرشيين والغطفانيين، سبب تحالف كل هؤلاء ضد يثرب كان ما قام به محمد من قطع لطرق التجارة، وتهديد غير عادي لأمن كل جيرانه من قبائل ومدن.
{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17) قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19)}
المنافقون المجبورون على التظاهر بالإسلام وعلى التورط في حروب محمد ومحاربة حروبه التي لا يرديونها دفاعًا عن مدينتهم التي بسبب عدوان محمد صارت مهددة بكارهيها، لم يكونوا يحبون خوض حروب محمد، وخشوا من العواقب، وحاولوا نصيحة قومهم بالعودة إلى بيوتهم ولزومها (لا مقام لكم) (هلم إلينا)، ويصفهم محمد بالجبن وكما قلت هو على الأغلب وصف صادق على معظمهم، لكن موقفهم أقرب إلى السلامة من جهة مسالمة الآخرين وعدم العدوان، ووصفهم محمد بأنهم سليطو اللسان في نقد المسلمين وسلوكياتهم، كل ما فعله محمد كان خطأ وفي ظروف أخرى كان سيؤدي إلى نتائج سيئة كما يحدث لمن يقلدون تصرفاته اليوم، إكراه الناس على دين لن يجعلهم أبدًا من أتباعه، وعمل دولة دينية وحروب دينية يسبب مشاكل خطيرة من عنصرية وعداوات بين البشر، ووجود مواطنين لا يريدون خوض حروب دينية لا يؤمنون بهدفها الإجرامي التعصبي واحتمال خيانة كثيرين للدولة الدينية لأنها لا تحتضن كل المواطنين كمتساوين ولهم كلهم كامل حقوقهم في العقيدة والتعبير عن الرأي وحرمة الحياة، لذلك لا عجب ألا يشاركوا محمدًا ويتمنوا له ولأتباعه الهلاك. ومرة أخرى عاد محمد لجدليته العبثية العقيمة من حجة التقدير الإلهي المزعوم، لتهوين المخاطرة بالحياة في سبيل العنف والحرب والإرهاب، التي سبق ونقدتها في هذا الباب.
{وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)}
قلت في الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية) أن محاولة بني قريظة للتحالف مع قريش وغطفان لها مبررات قوية بسبب أن محمدًا هو من بدأ بالعنف المتطرف الإرهابي ضد اليهود، لن أعود لذكر براهيني من خلال سرد الأحادث التي ذكرتُ هناك، عمومًا لم يخرج بنو قريظة من حصونهم ولا قاموا بأي شيء يُذكَر في محاربة المسلمين، ومع ذلك أبادهم محمد بقتل رجالهم، وسبى واستعبد نساءهم وأطفالهم، وحسب محمد في هذا النص فالتقتيل واغتصاب واستعباد النساء من البشر، والنهب والاستيلاء على أراضي الآخرين هي أمور تحدث بأمر ومشيئة إلهية! تصورات رهيبة ودموية وغير معقولة وإجرامية حقًّا. لا يوجد مبرر لأفعال كهذه بأي حال. وأحداث العنف والتقتيل والسبي البشعة الواردة عن ذلك الحدث في كتب الحديث والسيرة ذكرتها في الجزء الأول.
{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61)}
بالعودة إلى كتب التفسير كتفسير الطبري وأسباب النزول للواحدي يرتبط هذا النص بمسألة أن هواة الدعارة كن ينتظرن عندما تخرج النساء ليلًا لقضاء الحاجة حيث لم يكن عند بدو العرب حمامات منزلية، فيحاولون إغواء النساء وخاصة الإماء، لأنه لم يكن قد فرض محمد على حرائر النساء غير المستعبدات الخمار العربي لتغطية الشعور، وهو محرم لبسه للمتسعبدات، بغرض أن يعرف المتحرشون الحرائر فلا يقربوهن، فلم يكن للمستعبدات قيمة أو كرامة في زمن ومجتمع محمد، وجاء نصه مؤيدًا للاستعباد والعنصرية كما ترى، ولما كان الأمر كما ذكر الواحدي أن بعض المعاكسين تعرّضوا لنساء محمد واشتكين له، هدد محمد المتحررين والماجنين هؤلاء بالقتل والإجلاء لأول مرة، لكن هذا تهديد لا يمكن اعتباره جديًّا أو قابلًا للتنفيذ، لأن المنافقين كانوا مراوغين لا يمكن معرفة حقيقة عدم اعتقادهم بديانة محمد ومزاعمه، أو أنهم يكيدون ضد الإسلام وأتباعه، وكذلك إذا خرجت زوجة أو نساء للخلاء وعاكسهن شخص فالأغلب أنه إذا رحل وخصوصًا في الظلام فلن يمسك به أحد بعدما تلفظ معهن بكلام معاكسة وما شابه. ذكر كذلك الطبري ارتباط النص في الآية 60 بتخويفهم للمسلمين في يثرب وتثبيط همتهم عندما حاصر المتحالفون ضد يثرب (الأحزاب) المدينة يثرب، هذه أول مرة في تأريخ صياغة سور القرآن إذن يعلن فيها محمد بوضوح أنه سيقتل من يبدو منهم عدم الإسلام، ولو تحت ذريعة قيامهم بحرب إعلامية بنشر الشائعات في يثرب.
قال الطبري:
وقوله (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) يقول: وأهل الإرجاف في المدينة بالكذب والباطل. وكان إرجافهم فيما ذكر كالذي حدثني بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ ... ) الآية، الإرجاف: الكذب الذي كان نافقه أهل النفاق، وكانوا يقولون: أتاكم عدد وعدة. وذكر لنا أن المنافقين أرادوا أن يظهروا ما في قلوبهم من النفاق، فأوعدهم الله بهذه الآية قوله: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ... ) الآية، فلما أوعدهم الله بهذه الآية كتموا ذلك وأسروه.
حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) هم أهل النفاق أيضًا الذين يرجفون برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبالمؤمنين. وقوله (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) يقول: لنسلطنك عليهم ولنحرشنك بهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي قال ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) يقول: لنسلطنك عليهم.
حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) : أي لنحملنك عليهم لنحرشنك بهم.
قوله (ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا) يقول: ثم لننفينهم عن مدينتك فلا يسكنون معك فيها إلا قليلا من المدة والأجل، حتى تنفيهم عنها فنخرجهم منها.
كما حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا) أي بالمدينة.
وقوله (مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا) يقول تعالى ذكره: مطرودين منفيين (أَيْنَمَا ثُقِفُوا) يقول: حيثما لقوا من الأرض أخذوا وقتلوا لكفرهم بالله تقتيلا.
63 المنافقون
إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2)}
سبب صياغة محمد لهذه السورة هو أن نزاعًا بسيطًا عارضًا بين اليثاربة والمهاجرين جعل عبد الله بن أبي بن سلول الزعيم الخزرجي يشعر أنه سيغلبون على أهل المدينة الأصليين عددًا وحكمًا وسلطة، فأبدى اعتراضه، كما تقول القصة، فروى البخاري في سياق ما بعد غزوة المريسيع أي بني المصطلق:
4901 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَمِّي فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَقَالَ أَيْضًا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي فَذَكَرَ عَمِّي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا فَصَدَّقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَنِي فَأَصَابَنِي هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ إِلَى قَوْلِهِ هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [سورة المنافقون] فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ
4903 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ لِأَصْحَابِهِ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ وَقَالَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَسَأَلَهُ فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ قَالُوا كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِمَّا قَالُوا شِدَّةٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقِي فِي {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فَدَعَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَقَوْلُهُ {خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} قَالَ كَانُوا رِجَالًا أَجْمَلَ شَيْءٍ
4904 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَمِّي فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي فَذَكَرَ عَمِّي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَانِي فَحَدَّثْتُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا وَكَذَّبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَهُمْ فَأَصَابَنِي غَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي وَقَالَ عَمِّي مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَتَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} وَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ
وفي السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق:
فبيْنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الماء، وردت واردة الناس، ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غِفَار، يقال له: جَهْجَاه بن مسعود يقود فرسَه، فازدحم جَهْجَاه وسِنان بن وَبَر الجُهنى، حليف بني عَوْف بن الخزرج على الماء، فاقتتلا، فصرخ الجُهنى: يا معشر الأنصار، وصرخ جَهْجَاه: يا معشر المهاجرين. فغضب عبدُ الله بن أبيّ ابن سَلول، وعنده رهط من قومه فيهم: زيد بن أرقم، غلام حَدَث، فقال: أوَقَدْ فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بلادِنا، والله ما أعدَّنا وجلابيب قريش إلا كما قال الأول: سَمِّن كلبَك يأكلْك، أما والله لئن رجعنا إلا المدينة ليُخْرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ. ثم أقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادَكم، وقاسمتموهم أموالَكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم. فسمع ذلك زيد بن أرقم، فمشى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عند فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه، فأخبره الخبر، وعنده عمر بن الخطاب، فقال: مُرْ به عَبَّاد بن بشر فليقتله، فقال له رسول الله اصلى الله عليه وسلم: فكيف يا عُمر إذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه! لا، ولكن أذن بالرحيل، وذلك في ساعةٍ لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتحل فيها، فارتحل الناس.
وقد مشى عبد الله بن أبى ابن سَلول إلى رسول الله اصلى الله عليه وسلم، حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلغه ما سمع منه، فحلف بالله: ما قال، ولا تكلمتُ به. - وكان في قومه شريفاً عظيماً -، فقال من حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار من أصحابه: يا رسولَ الله، عسى أن يكون الغلامُ قد أوْهم في حديثه، ولم يحفظ ما قال، حَدَباً على ابن أبَيّ ابن سلول، ودَفْعاَ عنه.
....ونزلت السورةُ التي ذكر الله فيها المنافقين في ابن أبيّ ومن كان على مثلِ أمره، فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن زيد بن أرقم، ثم قال: هذا الذي أوفى الله بإذنِه. وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبى الذي كان من أمر أبيه.
وفي المغازي للواقدي:
قَالُوا: فَبَيْنَا الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَاءِ الْمُرَيْسِيعِ قَدْ انْقَطَعَتْ الْحَرْبُ وَهُوَ مَاءٌ ظَنُونٌ، إنّمَا يَخْرُجُ فِى الدّلْوِ نِصْفُهُ أَقْبَلَ سِنَانُ بْنُ وَبَرٍ الْجُهَنِيّ - وَهُوَ حَلِيفٌ فِى بَنِى سَالِمٍ - وَمَعَهُ فَتَيَانِ مِنْ بَنِى سَالِمٍ يَسْتَقُونَ فَيَجِدُونَ عَلَى الْمَاءِ جَمْعًا مِنْ الْعَسْكَرِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَكَانَ جَهْجَا بْنُ سَعِيدٍ الْغِفَارِىّ أَجِيرًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ، فَأَدْلَى سِنَانٌ وَأَدْلَى جَهْجَا دَلْوَهُ وَكَانَ جَهْجَا أَقْرَبَ السّقَاءِ إلَى سِنَانِ بْنِ وَبَرٍ فَالْتَبَسَتْ دَلْوُ سِنَانٍ وَدَلْوُ جَهْجَا، فَخَرَجَتْ إحْدَى الدّلْوَيْنِ وَهِىَ دَلْوُ سِنَانِ بْنِ وَبَرٍ. قَالَ سِنَانٌ: فَقُلْت: دَلْوِى. فَقَالَ جَهْجَا: وَاَللّهِ مَا هِىَ إلاّ دَلْوِى. فَتَنَازَعَا إلَى أَنْ رَفَعَ جَهْجَا يَدَهُ فَضَرَبَ سِنَانًا فَسَالَ الدّمُ فَنَادَى: يَا آلَ خَزْرَجٍ وَثَارَتْ الرّجَالُ. قَالَ سِنَانٌ: وَأَعْجَزَنِى جَهْجَا هَرَبًا وَأَعْجَزَ أَصْحَابِى، وَجَعَلَ يُنَادِى فِى الْعَسْكَرِ: يَا آلَ قُرَيْشٍ يَا آلَ كِنَانَةَ فَأَقْبَلَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ سِرَاعًا.
قَالَ سِنَانٌ: فَلَمّا رَأَيْت مَا رَأَيْت نَادَيْت بِالأَنْصَارِ، قَالَ: فَأَقْبَلَتْ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، وَشَهَرُوا السّلاحَ حَتّى خَشِيت أَنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ حَتّى جَاءَنِى نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ يَقُولُونَ: اُتْرُكْ حَقّك.
قَالَ سِنَانٌ: وَإِذَا ضَرَبْته لَمْ يَضْرُرْنِى شَيْئًا، قَالَ سِنَانٌ: فَجَعَلْت لا أَسْتَطِيعُ أَفْتَاتُ عَلَى حُلَفَائِى بِالْعَفْوِ لِكَلامِ الْمُهَاجِرِينَ، وَقَوْمِى يَأْبَوْنَ أَنْ أَعْفُو إلاّ بِأَمْرِ رَسُولِ اللّهِ ÷ أَوْ أَقْتَصّ مِنْ جَهْجَا. ثُمّ إنّ الْمُهَاجِرِينَ كَلّمُوا حُلَفَائِى، فَكَلّمُوا عُبَادَةَ بْنَ الصّامِتِ وَنَاسًا مِنْ حُلَفَائِى، فَكَلّمَنِى حُلَفَائِى فَتَرَكْت ذَلِكَ وَلَمْ أَرْفَعْهُ إلَى النّبِىّ ÷.
وَكَانَ ابْنُ أُبَىّ جَالِسًا فِى عَشَرَةٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ ابْنُ أُبَىّ، وَمَالِكٌ وَدَاعِسٌ وَسُوَيْدٌ، وَأَوْسُ بْنُ قَيْظِىّ وَمُعَتّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَزَيْدُ بْنُ اللّصَيْتِ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ نَبْتَلَ - وَفِى الْقَوْمِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ غُلامٌ لَمْ يَبْلُغْ أَوْ قَدْ بَلَغَ - فَبَلَغَهُ صِيَاحُ جَهْجَا: يَا آلَ قُرَيْشٍ فَغَضِبَ ابْنُ أُبَىّ غَضَبًا شَدِيدًا، وَكَانَ مِمّا ظَهَرَ مِنْ كَلامِهِ وَسَمِعَ مِنْهُ أَنْ قَالَ: وَاَللّهِ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ مَذَلّةً، وَاَللّهِ إنْ كُنْت لَكَارِهًا لِوَجْهِى هَذَا، وَلَكِنْ قَوْمِى غَلَبُونِى قَدْ فَعَلُوهَا، قَدْ نَافَرُونَا وَكَاثَرُونَا فِى بَلَدِنَا، وَأَنْكَرُوا مِنّتَنَا، وَاَللّهِ مَا صِرْنَا وَجَلابِيبُ قُرَيْشٍ هَذِهِ إلاّ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: سَمّنْ كَلْبَك يَأْكُلْك، وَاَللّهِ لَقَدْ ظَنَنْت أَنّى سَأَمُوتُ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَ هَاتِفًا يَهْتِفُ بِمَا هَتَفَ بِهِ جَهْجَا، وَأَنَا حَاضِرٌ لا يَكُونُ لِذَلِكَ مِنّى غِيَرٌ، وَاَللّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَة ِ لَيُخْرِجَن الأَعَزّ مِنْهَا الأَذَلّ، ثُمّ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ: هَذَا مَا فَعَلْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ أَحْلَلْتُمُوهُمْ بِلادَكُمْ فَنَزَلُوا مَنَازِلَكُمْ وَآسَيْتُمُوهُمْ فِى أَمْوَالِكُمْ حَتّى اسْتَغْنَوْا أَمَا وَاَللّهِ لَوْ أَمْسَكْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ لَتَحَوّلُوا إلَى غَيْرِ بِلادِكُمْ، ثُمّ لَمْ يَرْضَوْا بِمَا فَعَلْتُمْ، حَتّى جَعَلْتُمْ أَنَفْسَكُمْ أَغْرَاضًا لِلْمَنَايَا، فَقَتَلْتُمْ دُونَهُ فَأَيْتَمْتُمْ أَوْلادَكُمْ وَقَلَلْتُمْ وَكَثُرُوا، فَقَامَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ كُلّهِ إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَيَجِدُ عِنْدَهُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ - أَبَا بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ، وَسَعْدًا، وَمُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَأَوْسَ بْنَ خَوْلِىّ وَعَبّادَ بْنَ بِشْرٍ - فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللّهِ ÷ خَبَرَهُ وَتَغَيّرَ وَجْهَهُ، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “يَا غُلامُ لَعَلّك غَضِبْت عَلَيْهِ”، قَالَ: لا وَاَللّهِ لَقَدْ سَمِعْته مِنْهُ، قَالَ: “لَعَلّهُ أَخْطَأَ سَمْعُك”، قَالَ: لا يَا نَبِىّ اللّهِ، قَالَ: “لَعَلّهُ شُبّهَ عَلَيْك”، قَالَ: لا، وَاَللّهِ لَقَدْ سَمِعْته مِنْهُ يَا رَسُولَ اللّهِ.
وَشَاعَ فِى الْعَسْكَرِ مَا قَالَ ابْنُ أُبَىّ، وَلَيْسَ لِلنّاسِ حَدِيثٌ إلاّ مَا قَالَ ابْنُ أُبَىّ، وَجَعَلَ الرّهْطُ مِنْ الأَنْصَارِ يُؤَنّبُونَ الْغُلامَ، وَيَقُولُونَ: عَمَدْت إلَى سَيّدِ قَوْمِك تَقُولُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ، وَقَدْ ظَلَمْت وَقَطَعْت الرّحِمَ، فَقَالَ زَيْدٌ: وَاَللّهِ لَقَدْ سَمِعْت مِنْهُ، قَالَ: وَوَاللّهِ مَا كَانَ فِى الْخَزْرَجِ رَجُلٌ وَاحِدٌ أَحَبّ إلَىّ مِنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَىّ، وَاَللّهِ لَوْ سَمِعْت هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ أَبِى لَنَقَلْتهَا إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷، وَإِنّى لأَرْجُو أَنْ يُنْزِلَ اللّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيّهِ حَتّى يَعْلَمُوا أَنَا كَاذِبٌ أَمْ غَيْرِى، أَوْ يَرَى رَسُولُ اللّهِ ÷ تَصْدِيقَ قَوْلِى، وَجَعَلَ زَيْدٌ يَقُولُ: اللّهُمّ أَنْزِلْ عَلَى نَبِيّك مَا يُصَدّقُ حَدِيثِى، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللّهِ مُرْ عَبّادَ بْنَ بِشْرٍ فَلْيَأْتِك بِرَأْسِهِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللّهِ ÷ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَيُقَالُ: قَالَ: قُلْ لِمُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ يَأْتِك بِرَأْسِهِ، فَقَالَ النّبِىّ ÷: “وَأَعْرَضَ عَنْهُ لا يَتَحَدّثُ النّاسُ أَنّ مُحَمّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ”، وَقَامَ النّفَرُ مِنْ الأَنْصَارِ الّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ النّبِىّ ÷ وَرَدّهُ عَلَى الْغُلامِ، فَجَاءُوا إلَى ابْنِ أُبَىّ فَأَخْبَرُوهُ، وَقَالَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِىّ: يَا أَبَا الْحُبَابِ، إنْ كُنْت قُلْته فَأَخْبِرْ النّبِىّ يَسْتَغْفِرْ لَك، وَلا تَجْحَدْهُ فَيَنْزِلَ مَا يُكَذّبُك، وَإِنْ كُنْت لَمْ تَقُلْهُ فَأْتِ رَسُولَ اللّهِ فَاعْتَذِرْ إلَيْهِ وَاحْلِفْ لِرَسُولِ اللّهِ مَا قُلْته. فَحَلَفَ بِاَللّهِ الْعَظِيمِ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا.
ثُمّ إنّ ابْنَ أُبَىّ أَتَى إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَقَالَ: “يَا ابْنَ أُبَىّ، إنْ كَانَتْ سَلَفَتْ مِنْك مَقَالَةٌ فَتُبْ”، فَجَعَلَ يَحْلِفُ بِاَللّهِ مَا قُلْت مَا قَالَ زَيْدٌ، وَلا تَكَلّمْت بِهِ، وَكَانَ فِى قَوْمِهِ شَرِيفًا، فَكَانَ يُظَنّ أَنّهُ قَدْ صَدَقَ وَكَانَ يُظَنّ بِهِ سُوءُ الظّنّ.
فَحَدّثَنِى هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، قَالَ: لَمّا كَانَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ أُبَىّ مَا كَانَ أَسْرَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ السّيْرَ، وَأَسْرَعْت مَعَهُ وَكَانَ مَعِى أَجِيرٌ اسْتَأْجَرْته يَقُومُ عَلَى فَرَسِى، فَاحْتَبَسَ عَلَىّ فَوَقَفْت لَهُ عَلَى الطّرِيقِ أَنْتَظِرُهُ حَتّى جَاءَ فَلَمّا جَاءَ وَرَأَى مَا بِى مِنْ الْغَضَبِ أَشْفَقَ أَنْ أَقَعَ بِهِ فَقَالَ: أَيّهَا الرّجُلُ عَلَى رِسْلِك، فَإِنّهُ قَدْ كَانَ فِى النّاسِ أَمْرٌ مِنْ بَعْدِك، فَحَدّثْنِى بِمَقَالَةِ ابْنِ أُبَىّ، قَالَ عُمَرُ: فَأَقْبَلْت حَتّى جِئْت رَسُولَ اللّهِ ÷ وَهُوَ فِى فَىْءِ شَجَرَةٍ عِنْدَهُ غُلَيْمٌ أُسَيْوِدُ يَغْمِزُ ظَهْرَهُ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ كَأَنّك تَشْتَكِى ظَهْرَك، فَقَالَ: “تَقَحّمَتْ بِى النّاقَةُ اللّيْلَةَ”. فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ إِيذَنْ لِى أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَ ابْنِ أُبَىّ فِى مَقَالَتِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “أَوَكُنْت فَاعِلاً”؟ قَالَ: نَعَمْ وَاَلّذِى بَعَثَك بِالْحَقّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “إذًا لأُرْعِدَتْ لَهُ آنُفٌ بِيَثْرِبَ كَثِيرَةٌ لَوْ أَمَرْتهمْ بِقَتْلِهِ قَتَلُوهُ”. قُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ فَمُرْ مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يَقْتُلُهُ، قَالَ: “لا يَتَحَدّثُ النّاسُ أَنّ مُحَمّدًا قَتَلَ أَصْحَابَهُ”، قَالَ: فَقُلْت: فَمُرْ النّاسَ بِالرّحِيلِ، قَالَ: “نَعَمْ”، فَأَذّنْت بِالرّحِيلِ فِى النّاسِ.
وَيُقَالُ: لَمْ يَشْعُرْ أَهْلُ الْعَسْكَرِ إلاّ بِرَسُولِ اللّهِ ÷ قَدْ طَلَعَ عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ وَكَانُوا فِى حَرّ شَدِيدٍ، وَكَانَ لا يَرُوحُ حَتّى يُبْرِدَ إلاّ أَنّهُ لَمّا جَاءَهُ خَبَرُ ابْنِ أُبَىّ رَحَلَ فِى تِلْكَ السّاعَةِ، فَكَانَ أَوّلَ مَنْ لَقِيَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: السّلامُ عَلَيْك أَيّهَا النّبِىّ وَرَحْمَةُ اللّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “وَعَلَيْك السّلامُ”، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ رَحَلْت فِى سَاعَةٍ مُنْكَرَةٍ مَا كُنْت تَرْحَلُ فِيهَا، وَيُقَالُ: لَقِيَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ - قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ: وَهُوَ أَثْبَتُ عِنْدَنَا – فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ خَرَجْت فِى سَاعَةٍ مُنْكَرَةٍ مَا كُنْت تَرُوحُ فِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “أَوَلَمْ يَبْلُغْكُمْ مَا قَالَ صَاحِبُكُمْ”؟ قَالَ: أَىّ صَاحِبٍ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: “ابْنُ أُبَىّ، زَعَمَ أَنّهُ إنْ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ أَخْرَجَ الأَعَزّ مِنْهَا الأَذَلّ”، قَالَ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللّهِ تُخْرِجُهُ إنْ شِئْت، فَهُوَ الأَذَلّ وَأَنْتَ الأَعَزّ، وَالْعِزّةُ لِلّهِ وَلَك وَلِلْمُؤْمِنِينَ، ثُمّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ اُرْفُقْ بِهِ فَوَاَللّهِ لَقَدْ جَاءَ اللّهُ بِك، وَإِنّ قَوْمَهُ لَيُنَظّمُونَ لَهُ الْخَرَزَ مَا بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ إلاّ خَرَزَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ يُوشَعَ الْيَهُودِىّ قَدْ أَرّبَ بِهِمْ فِيهَا لِمَعْرِفَتِهِ بِحَاجَتِهِمْ إلَيْهَا لِيُتَوّجُوهُ فَجَاءَ اللّهُ بِك عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَمَا يَرَى إلاّ قَدْ سَلَبَتْهُ مُلْكَهُ.
قَالَ: فَبَيْنَا رَسُولُ اللّهِ ÷ يَسِيرُ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يُعَارِضُ النّبِىّ ÷ بِرَاحِلَتِهِ يُرِيهِ وَجْهَهُ فِى الْمَسِيرِ، وَرَسُولُ اللّهِ ÷ يَسْتَحِثّ رَاحِلَتَهُ فَهُوَ مُغِذّ فِى السّيْرِ إذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ، قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: فَمَا هُوَ إلاّ أَنْ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ ÷ تَأْخُذُهُ الْبُرَحَاءُ وَيَعْرَقُ جَبِينُهُ وَتَثْقُلُ يَدَا رَاحِلَتِهِ حَتّى مَا كَادَ يَنْقُلُهَا، عَرَفْت أَنّ رَسُولَ اللّهِ ÷ يُوحَى إلَيْهِ وَرَجَوْت أَنْ يَكُونَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ تَصْدِيقُ خَبَرِى. قَالَ زَيْدُ ابْنُ أَرْقَمَ: فَسُرّىَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ ÷ فَأَخَذَ بِأُذُنِى، وَأَنَا عَلَى رَاحِلَتِى، حَتّى ارْتَفَعْت مِنْ مَقْعَدِى، وَيَرْفَعُهَا إلَى السّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: “وَفَتْ أُذُنُك يَا غُلامُ وَصَدّقَ اللّهُ حَدِيثَك”، وَنَزَلَ فِى ابْنِ أُبَىّ السّورَةُ مِنْ أَوّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَحْدَهُ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [سورة المنافقون].
فَحَدّثَنِى عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ الْهُرَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْت عُبَادَةَ بْنَ الصّامِتِ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ لابْنِ أُبَىّ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ: إِيتِ رَسُولَ اللّهِ يَسْتَغْفِرْ لَك، قَالَ: فَرَأَيْته يَلْوِى رَأْسَهُ مُعْرِضًا، يَقُولُ عُبَادَةُ: أَمَا وَاَللّهِ لَيُنْزِلَن فِى لَىّ رَأْسِك قُرْآنٌ يُصَلّى بِهِ.
وَحَدّثَنِى يُونُسُ بْنُ مُحَمّدٍ الظّفَرِىّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ، قَالَ: مَرّ عُبَادَةُ بْنُ الصّامِتِ بِعَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَىّ عَشِيّةَ رَاحَ النّبِىّ ÷ مِنْ الْمُرَيْسِيعِ، وَقَدْ نَزَلَ عَلَى النّبِىّ ÷ سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ فَلَمْ يُسَلّمْ عَلَيْهِ، ثُمّ مَرّ أَوْسُ ابْنُ خَوْلِىّ فَلَمْ يُسَلّمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ أُبَىّ: إنّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ تَمَالأْتُمَا عَلَيْهِ، فَرَجَعَا إلَيْهِ فَأَنّبَاهُ وَبَكَتَاهُ بِمَا صَنَعَ، وَبِمَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ إكْذَابًا لِحَدِيثِهِ، وَجَعَلَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِىّ يَقُولُ: لا أَكَذِبُ عَنْك أَبَدًا حَتّى أَعْلَمَ أَنْ قَدْ تَرَكْت مَا أَنْتَ عَلَيْهِ، وَتُبْت إلَى اللّهِ إنّا أَقْبَلْنَا عَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ نَلُومُهُ وَنَقُولُ لَهُ: كَذَبْت عَلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِك، حَتّى نَزَلَ الْقُرْآنُ بِتَصْدِيقِ حَدِيثِ زَيْدٍ وَإِكْذَابِ حَدِيثِك، وَجَعَلَ ابْنُ أُبَىّ يَقُولُ: لا أَعُودُ أَبَدًا، وَبَلَغَ ابْنَهُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَىّ مَقَالَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ لِرَسُولِ اللّهِ ÷: مُرْ مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يَأْتِك بِرَأْسِهِ، فَجَاءَ إلَى النّبِىّ ÷ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنْ كُنْت تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَ أَبِى فِيمَا بَلَغَك عَنْهُ فَمُرْنِى، فَوَاَللّهِ لأَحْمِلَن إلَيْك رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَجْلِسِك هَذَا، وَاَللّهِ لَقَدْ عَلِمَتْ الْخَزْرَجُ مَا كَانَ فِيهَا رَجُلٌ أَبَرّ بِوَالِدٍ مِنّى، وَمَا أَكَلَ طَعَامًا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا مِنْ الدّهْرِ وَلا يَشْرَبُ شَرَابًا إلاّ بِيَدِى، وَإِنّى لأَخْشَى يَا رَسُولَ اللّهِ أَنْ تَأْمُرَ غَيْرِى فَيَقْتُلَهُ فَلا تَدَعُنِى نَفْسِى أَنْظُرُ إلَى قَاتِلِ أَبِى يَمْشِى فِى النّاسِ فَأَقْتُلُهُ، فَأَدْخُلُ النّارَ، وَعَفْوُك أَفْضَلُ وَمَنّك أَعْظَمُ.
قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “يَا عَبْدَ اللّهِ مَا أَرَدْت قَتْلَهُ، وَمَا أَمَرْت بِهِ، وَلَنُحْسِنَنّ صُحْبَتَهُ مَا كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا”. فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ أَبِى كَانَتْ هَذِهِ الْبَحْرَةُ قَدْ اتّسَقُوا عَلَيْهِ لِيُتَوّجُوهُ عَلَيْهِمْ فَجَاءَ اللّهُ بِك، فَوَضَعَهُ اللّهُ وَرَفَعَنَا بِك، وَمَعَهُ قَوْمٌ يُطِيفُونَ بِهِ وَيَذْكُرُونَ أُمُورًا قَدْ غَلَبَ اللّهُ عَلَيْهَا.
إذا كان عبد الله بن أبي ومن على رأيه يكرهون الإسلام جدًّا بحيث يتضايقون ويتحسسون من أي موقف لمهاجري محمد، ويتصيدون ربما أي حادثة للقول بأن محمدًا سيضر بلادهم، فما الذي جعل أشخاصًا مثله يضطر للتظاهر بالإسلام واتباع مزاعم محمد، النص نفسه وضح فيه محمد أنهم فعلوا ذلك "جُنّة" يعني لحماية حيواتهم وأموالهم ونسائهم وأطفالهم من متطرفي المسلمين، لا أكثر من ذلك. وهنا يتبدى بوضوح الإكراه الديني لهم، وأن هذا لم يصنع مؤمنين حقيقيين، بل أعداء مخلصين لهدفهم ضد الإسلام.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}
استعمل محمد المعلومات التي وصلته من ناقل الكلام له ليشنِّع ويكرِّه كعادته جمهور المؤمنين في عبد الله بن أبي، ومع ذلك ذكر الواقدي أن جنازة الرجل لما مات كانت جنازة كبيرة اضطر محمد نفسه لحضورها رغم كرهه الشديد له، راجع الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية). زعم محمد أنهم آمنوا ثم كفروا، لكن قوله هذا زعم فارغ لعله قاله للتأثير في أتباعه فقط، فمعظم هؤلاء لم يعتقدوا بمحمد طرفة عين كرسول ولا صدقوا مزاعمه، نلاحظ أن محمدًا رد على كل كلمة وصلته من عبد الله بن أبي، وأعلن هنا كما أعلن من قبل في حروبه مع اليهود أن المدينة يثرب صارت موطنًا له والمهاجرين كذلك، بل صارت ملكًا له كملك وأمير عليها، وأنه لن يستطيع معارضوه إخراجه منها لإكمال مشروع للدين والامبراطورية العربية، وقد نجح بعزيمة قوية في ذلك، ولو أنه تم على جثث الآلاف وسبي آلاف النساء والأطفال، وموت الكثير منهن كذلك في حروبه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10)}
مرة أخرى يزهّد محمد الناس من أتباعه في الأموال، ويريدهم أن ينفقوها على تسليح حروبه ونفقاته التموينية، بدلًا من إنفاقها في الخير والإحسان، أو في الاستمتاع بحيواتهم ولضروريات الحياة. زعم محمد أن من نفقات الزكاة والصدقات والإحسان نفقات حروبه العدوانية، فخلط بين مفهومي الخير والشر، ولبّس على أتباعه وخدعهم.
24 النور
{وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} النور
سبق التعليق على نظيرتها في النساء: 6-63 وتتعلق بإجبار الناس على قبول أحكامه الدينية غير المدنية. وحرصه على أن يكون وحده السلطة الشرعية والقضائية والحكم.
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54)}
كان لا يزال هناك نسبة قليلة جدًّا إذن من التسامح في نفس محمد، لكن في الآتي من السورة سنرى تعصبًا شديدًا لدرجة إجبار جميع سكان يثرب على حضور صلاة الجمعة بالتهديد للمتظاهرين بالإسلام. وكل مقصوده هو معصياتهم وليس تركهم للتظاهر بالإسلام بالكلية. ونص آخر عن فكرة احتلال واجتياح الشعوب الأخرى باسم التعصب الديني والجهاد.
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)}
هذا النص هو ملخص فلسفة تبرير الإسلام والمسلمين لاجتياح واحتلال ونهب وتقتيل واستعباد الشعوب والدول الأخرى غير الإسلامية باسم الله المزعوم المبرر لجرائمهم، كما فعلوه في فتوحاتهم في ماضي قوتهم، بحيث يحكمون باستعلاء وعنصرية ونهب واستغلال الشعوب غير المسلمة. قال الطبري:
يقول تعالى ذكره: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ منكم) أيها الناس، (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) يقول: وأطاعوا الله ورسوله فيما أمراه ونهياه (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ) يقول: ليورثنهم الله أرض المشركين من العرب والعجم، فيجعلهم ملوكها وساستها (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يقول: كما فعل منْ قبلهم ذلك ببني إسرائيل، إذ أهلك الجبابرة بالشأم، وجعلهم ملوكها وسكانها (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ) يقول: وليوطئنّ لهم دينهم، يعني: ملتهم التي ارتضاها لهم، فأمرهم بها.
قال ابن كثير في آخر تفسير سورة الجمعة:
ولكن هاهنا شَيْءٌ يَنْبَغِي أَنْ يُعلَم وَهُوَ: أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ قَدْ قِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ:
60 - حدثنا محمود بن خالد ، حدثنا الوليد ، أخبرني أبو معاذ بكير بن معروف أنه سمع مقاتل بن حيان ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين حتى كان يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب وقد صلى الجمعة ، فدخل رجل فقال : إن دحية بن خليفة قدم بتجارته ، وكان دحية إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف ، فخرج الناس فلم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء ؛ فأنزل الله عز وجل {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها} [الجمعة: 11]، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة وأخر الصلاة ، وكان لا يخرج أحد لرعاف أو لحدث بعد النهي حتى يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم ، يشير إليه بأصبعه التي تلي الإبهام فيأذن له صلى الله عليه وسلم ثم يشير إليه بيده ، فكان من المنافقين من يثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد ، فكان إذا استأذن رجل من المسلمين قام المنافق إلى جنبه مستترا به حتى يخرج ؛ فأنزل الله جل وعز {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذًا} [النور: 63] » الآية
والآيات التهديدية لإجبار المتظاهرين بالإسلام لحماية أنفسهم من القتل على حضور الصلوات وعدم التسلل من المسجد بعد التظاهر بالحضور، هي:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} النور
58 المجادلة
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)} المجادلة
قال ابن أبي حاتم في أسباب النزول:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَنَاجَوْنَ فِيمَا بَيْنَهُم دُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَنْظُرُونَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَيَتَغَامَزُونَ بِأَعْيُنِهِمْ، فَإِذَا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ نَجْوَاهُمْ قَالُوا: مَا نَرَاهُمْ إِلَّا وَقَدْ بَلَغَهُمْ عَنْ أَقْرِبَائِنَا وَإِخْوَانِنَا الَّذِينَ خَرَجُوا فِي السَّرَايَا قَتْلٌ أَوْ مَوْتٌ أَوْ مُصِيبَةٌ أَوْ هَزِيمَةٌ، فَيَقَعُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ وَيُحْزِنُهُمْ، فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَقَدُمَ أَصْحَابُهُمْ وَأَقْرِبَاؤُهُمْ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ وَكَثُرَ، شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَتَنَاجَوْا دُونَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ وَعَادُوا إِلَى مُنَاجَاتِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وقال ابن كثير:
قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ [فِي قَوْلِهِ] {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى} قَالَ: الْيَهُودُ وَكَذَا قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَزَادَ: كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْيَهُودِ مُوَادَعَةٌ، وَكَانُوا إِذَا مَرَّ بِهِمْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسُوا يَتَنَاجَوْنَ بَيْنَهُمْ، حَتَّى يَظُنَّ الْمُؤْمِنُ أَنَّهُمْ يَتَنَاجَوْنَ بِقَتْلِهِ-أَوْ: بِمَا يَكْرَهُ الْمُؤْمِنُ-فَإِذَا رَأَى الْمُؤْمِنُ ذَلِكَ خَشيهم، فَتَرَكَ طَرِيقَهُ عَلَيْهِمْ. فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّجْوَى، فَلَمْ يَنْتَهُوا وَعَادُوا إِلَى النَّجْوَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} .
وقال مقاتل بن سليمان:
يعني اليهود كان بينهم وبين محمد ( صلى الله عليه وسلم ) موادعة ، فإذا رأوا رجلاً من المسلمين وحده يتناجون بينهم ، فيظن المسلم أنهم يتناجون بقتله ، أو بما يكره ، فيترك الطريق من المخافة ، فبلغ ذلك النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فنهاهم عن النجوى ، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى ، فقال الله تعالى : ( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما ( للذي ) نهوا عنه ويتنجون بالإثم ( يعني بالمعصية ) والعدوان ( يعني الظلم) ومعصيت الرسول ( يعني حين نهاهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن النجوى فعصوه .
وقال الطبري:
...قوله: (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ) يقول جلّ ثناؤه: ثم يرجعون إلى ما نهوا عنه من النجوى، (وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) يقول جلّ ثناؤه: ويتناجون بما حرّم الله عليهم من الفواحش والعدوان، وذلك خلاف أمر الله، ومعصية الرسول محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
إنه لواضحٌ أن محمدًا أقام دولة دينية شمولية إقصائية ترهب وتهدد وتميز ضد غير المسلمين، وتفتش في ضمائر الناس، ولأن أكره الوثنيين والمتشككين في يثرب على الإسلام بالإكراه، ومارس العنف والسياسات النازية والتطهير العرقي ضد اليهود، كان من الطبيعي أن يصير خائفًا من بعض المواطنين أنفسهم، لأنهم بفقدانهم حريتهم بإكراه محمد كان لهم الحق في مقاومته والعمل ضده بكل السبل، فقام بالنهي عن كلام اثنين مع بعضهم بصوت خفيض، بطريقة ربما لم تفكر فيها بجدية حتى أعتى الدول الشمولية في التاريخ القديم والمعاصر، كإيران وكوريا الشمالية والصين حاليًّا، إيران تحجب فيس بُك، والصين تحجب جوجل نفسه! لكن لا دولة من هذه الدول الشمولية الدكتاتورية المستبدة في نظم حكمها فكر حكامها في منع اثنين من الكلام سويًّا! هذا ما نسمية في عصرنا الحالي بتعبيراتنا بالفاشيّة الإسلامية. اعرفوا نتائج الدولة العنصرية الدينية (الإسلامية في هذه الحالة) مسبقًا من خلال تجارب الماضي، قبل أن تفكروا في إقامتها كنموذج أمثل كما يتصور السذج منكم يا مسلمون، ستكون النتيجة مواطنين يخافون ويقلقون من مواطنين آخرين ويكرهون بعضهم البعض على نحو متبادل، ولا يدخرون وسعًا لتدمير بعضهم البعض، حرب التعصب وحرب الكل ضد الكل، لقد قال أينسْتَيْن عالم الفيزياء المتعقلن يومًا: (الحماقة هي أن تفعل نفس الشيء بنفس الطريقة وتتوقع نتائج مختلفة). وقال كذلك: (شيئان لا نهاية لهما: الكون والغباء البشريّ).
وبسبب عنف محمد ضد اليهود وإبادته لبعضهم وسبيه واستعباده لنسائهم وأطفالهم كبني قريظة بعد موقعة الخندق، كان الباقون منهم يحملون كل كره له أسبابه الموضوعية لمحمد وأتباعه المجرمين المهاويس، فكانوا يتلاعبون لفظيًّا بسخرية كالعادة عندما يحيون محمد، ولا داعي لنقل ما في كتب التفسير، لأنه في كتب الحديث كذلك، روى البخاري:
6024 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْلًا يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ
6030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَالَ مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ
ورواه مسلم:
[ 2165 ] وحدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب واللفظ لزهير قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت استأذن رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم فقالت عائشة بل عليكم السام واللعنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله قالت ألم تسمع ما قالوا قال قد قلت وعليكم
[ 2165 ] حدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت أتى النبي صلى الله عليه وسلم أناس من اليهود فقالوا السام عليك يا أبا القاسم قال وعليكم قالت عائشة قلت بل عليكم السام والذام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة لا تكوني فاحشة فقالت ما سمعت ما قالوا فقال أوليس قد رددت عليهم الذي قالوا قلت وعليكم
[ 2165 ] حدثناه إسحاق بن إبراهيم أخبرنا يعلى بن عبيد حدثنا الأعمش بهذا الإسناد غير أنه قال ففطنت بهم عائشة فسبتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مه يا عائشة فإن الله لا يحب الفحش والتفحش وزاد فأنزل الله عز وجل { وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله }
والحديث عند أحمد (24090) 24591 و (24851) 25363 و (24851) 25363 و(25633) 26151 وغيرها، وفي أحدها لفظ :
24851 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقَالَ: " عَلَيْكُمْ "، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: عَلَيْكُمْ لَعْنَةُ اللهِ، وَلَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ، قَالُوا: مَا كَانَ أَبُوكِ فَحَّاشًا ، فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ ؟ " قَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالُوا ؟ قَالَ: " فَمَا رَأَيْتِينِي قُلْتُ: عَلَيْكُمْ، إِنَّهُ يُصِيبُهُمْ مَا أَقُولُ لَهُمْ، وَلَا يُصِيبُنِي مَا قَالُوا لِي "
رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يذكروا له سماعاً من عائشة. وقد سلف بغير هذا السياق بإسنادٍ صحيح برقم (24090) .
وروى ابن خزيمة في صحيحه:
574 - أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا أبو بشر الواسطي نا خالد - يعني ابن عبد الله - عن سهيل - وهو ابن أبي صالح - عن أبيه عن عائشة قالت: دخل اليهود على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : السأم عليك يا محمد فقال النبي صلى الله عليه و سلم : وعليك فقالت عائشة : فهممت أن أتكلم فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه و سلم لذلك فسكت ثم دخل آخر فقال : السأم عليك فقال : عليك فهممت أن أتكلم فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه و سلم لذلك ثم دخل الثالث فقال : السأم عليك فلم أصبر حتى قلت : وعليك السام وغضب الله ولعنته إخوان القردة والخنازير أتحيون رسول الله صلى الله عليه و سلم بما لم يحيه الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش قالوا قولا فرددنا عليهم إن اليهود قوم حسد وهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على السلام وعلى آمين
قال أبو بكر خبر ابن أبي مليكة عن عائشة في هذه القصة قد خرجته في كتاب الكبير
قال الأعظمي : إسناده صحيح، وانظر كذلك صحيح ابن خزيمة 1585 وإسناده صحيح.
ورواه أحمد:
25029 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَعَلَيْكَ " قَالَتْ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، قَالَتْ: ثُمَّ دَخَلَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَعَلَيْكَ " قَالَتْ: ثُمَّ دَخَلَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: بَلِ السَّامُ عَلَيْكُمْ وَغَضَبُ اللهِ إِخْوَانَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، أَتُحَيُّونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لَمْ يُحَيِّهِ بِهِ اللهُ ؟ قَالَتْ: فَنَظَرَ إِلَيَّ، فَقَالَ: " مَهْ، إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ، قَالُوا قَوْلًا، فَرَدَدْنَاهُ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَضُرَّنَا شَيْءٌ، وَلَزِمَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِنَّهُمْ لَا يَحْسُدُونَا عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا عَلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّتِي هَدَانَا اللهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي هَدَانَا اللهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى قَوْلِنَا خَلْفَ الْإِمَامِ: آمِينَ "
حديث صحيح ، علي بن عاصم : وهو الواسطي ، وإن كان ضعيفاً ، قد توبع ، ومحمد بن الأشعث بن قيس : روى عنه جمع ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وبقية رجاله ثقات ، وحصين بن عبد الرحمن : هو السلمي ، وعمر بن قيس : هو الماصر . وأخرجه مطولاً دون قصة الجمعة والقبلة ابن خزيمة (574) و (1585) عن أبي بشر الواسطي إسحاق بن شاهين ، عن خالد بن عبد الله الواسطي ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن عائشة ، وهذا إسناد صحيح. وأخرجه البيهقي 2 / 56 من طريق سليمان ، عن حصين ، به "أنهم حسدونا على القبلة التي هُدينا لها وضلوا عنها ، وعلى الجمعة التي هُدينا لها وضلوا عنها ، وعلى قولنا خلف الإمام آمين". وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (988) ، وابن ماجه (856) من طريق حماد بن سلمة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن عائشة ، مختصراً بلفظ : "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين" . وإسناده صحيح . قلنا : وهو عند أحمد (24090) و(25924) وإسناداهما صحيحان . ويشهد للجمعة حديث أبي هريرة عند البخاري (876) ، ومسلم (855) .
هذا من باب (سخافة بعض أسباب الصياغة)، إذا كان شخص يعاكسه بالكلام ويسخر ويستهزئ ويتسامج أو يمزح فلا داعي لعمل نصوص دينية مقدسة للأتباع السذّج البلهاء في معظمهم ليظلوا يقرؤونها لآلاف السنين كنصوص عديمة الجدوى، متعلقة بعقلية رجل له عقلية طفل كان يحب الرد على كل كبيرة وصغيرة تقل ضده لشدة حساسيته وشعوره بالاضطهاد وجنون العظمة، نهايك عن كونها محرضة على الكره بين بني البشر على أساس اختلاف الأديان الخرافية. وإن صح تاريخيًّا لفظ حديث أحمد 25029 وحديثا ابن خزيمة فيكون محمد استوحى بعض نص القرآن هنا من كلام عائشة زوجته في ردها عليهم.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16)} المجادلة
روى أحمد بن حنبل:
2407 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ظِلِّ حُجْرَةٍ مِنْ حُجَرِهِ وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، قَدْ كَادَ يَقْلِصُ عَنْهُمِ الظِّلُّ، قَالَ: فَقَالَ: " إِنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ إِنْسَانٌ يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ بِعَيْنَيْ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَتَاكُمْ، فَلَا تُكَلِّمُوهُ "، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ أَزْرَقُ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَهُ، قَالَ: عَلَامَ تَشْتُمُنِي أَنْتَ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ ؟ نَفَرٌ دَعَاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، قَالَ: فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَدَعَاهُمْ فَحَلَفُوا بِاللهِ وَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ} [المجادلة: 18] الْآيَةَ
إسناده حسن. زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه الطبراني (12308) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/282-283 من طريق عمرو بن خالد الحراني، عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار (2270 - كشف الأستار) ، وابن جرير الطبري 28/23، والطبراني (12309) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وانظر أحمد (2147)
3277 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي ظِلِّ حُجْرَتِهِ - قَالَ يَحْيَى: قَدْ كَادَ يَقْلِصُ عَنْهُ - فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: " يَجِيئُكُمْ رَجُلٌ يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ بِعَيْنِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَلَا تُكَلِّمُوهُ " فَجَاءَ رَجُلٌ أَزْرَقُ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ، فَقَالَ: " عَلَامَ تَشْتُمُنِي أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ ؟ " قَالَ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى آتِيَكَ بِهِمْ، قَالَ: فَذَهَبَ، فَجَاءَ بِهِمْ، فَجَعَلُوا يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا، وَمَا فَعَلُوا، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} [المجادلة: 18] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ
إسناده حسن، سماك بن حرب من رجال مسلم، وهو صدوق حسن الحديث في غير روايته عن عكرمة، وباقي رجال السند ثقات من رجال الشيخين. وانظر أحمد (2147) .
روى الحاكم في المستدرك:
3795 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ الحسن بن علي بن عفان ثنا عمرو بن محمد العنقري ثنا إسرائيل ثنا سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل حجرة وقد كاد الظل أن يتقلص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان فإذا جاءكم لا تكلموه. فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق أعور فقال حين رآه دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: على ما تشتمني أنت وأصحابك. فقال: ذرني آتك بهم فانطلق فدعاهم فحلفوا ما قالوا وما فعلوا حتى يخون فأنزل الله عز وجل { يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون }
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وروى الطبراني في ج12 من المعجم الكبير:
12307 - حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي و أحمد بن محمد الخزاعي الأصبهاني قالا ثنا محمد بن كثير ثنا إسرائيل عن سماك بن حرب بن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم جالسا في ظل حجرة قد كاد يقلص عليها الظل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إنكم سيأتيكم رجل ينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاءكم فلا تكلموه ) فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل فدعاه فقال ( على م تشتمني أنت وأصحابك ؟ ) قال : ادعوهم. فدعاهم فجعلوا يحلفون بالله ما قالوا وما فعلوا حتى تجاوز عنهم فأنزل الله عز و جل { يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم } الآية
وجاء في أسباب النزول لابن أبي حاتم:
قَالَ السُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَبْتَلٍ الْمُنَافِقِ، كَانَ يجالس النبي صلى اللَّه عليه وسلم ثُمَّ يَرْفَعُ حَدِيثَهُ إِلَى الْيَهُودِ. فَبَيْنَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فِي حُجْرَةٍ مِنْ حُجَرِهِ إِذْ قَالَ: يَدْخُلُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ قَلْبُهُ قَلْبُ جَبَّارٍ، وَيَنْظُرُ بِعَيْنَيْ شَيْطَانٍ. فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَبْتَلٍ، وَكَانَ أَزْرَقَ، فَقَالَ لَهُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: عَلَامَ تَشْتُمُنِي أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ؟ فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا فَعَلَ ذَلِكَ، فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: فَعَلْتَ. فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا باللَّه ما شتموه. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَاتِ.
وفي السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق:
...ومن بني لَوْذان بن عَمْرو بن عَوْف: نَبْتَل بن الحارث، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم- فيما بلغني -: من أحبَّ أن ينظر إلى الشيطان، فلينظر إلى نَبْتَل بن الحارث، وكان رجلاً جسيماً أذلم ثائر شعر الرأس، أحمر العينين أسْفَع الخدَّين، وكان يأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث إليه فيسمع منه، ثم ينقل حديثه إلى المنافقين، وهو الذي قال: إنما محمد أذُن، من حدّثه شيئاً صدقه. فأنزل الله عز وِجل فيه: {وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِالله وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ الله لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)} [التوبة: 61].
وقال الطبري:
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ألم تنظر بعين قلبك يا محمد، فترى إلى القوم الذين تَولَّوْا قومًا غضب الله عليهم، وهم المنافقون تولَّوا اليهود وناصحوهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) إلى آخر الآية، قال: هم المنافقون تولَّوا اليهود وناصحوهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) قال: هم اليهود تولاهم المنافقون.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله عز وجلّ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ) قال: هؤلاء كفرة أهل الكتاب اليهود والذين تولوهم المنافقون تولوا اليهود، وقرأ قول الله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) حتى بلغ (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) لئن كانَ ذلك لا يفعلُونَ وقال: هؤلاء المنافقون قالوا: لا ندع حلفاءنا وموالينا يكونوا معًا لنصرتنا وعزّنا، ومن يدفع عنا نخشى أن تصيبنا دائرة، فقال الله عزّ وجلّ: (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) حتى بلغ (فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ) وقرأ حتى بلغ (أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) قال: لا يبرزون.
وقوله: (مَا هُمْ مِنْكُمْ) يقول تعالى ذكره: ما هؤلاء الذين تولَّوْا هؤلاء القوم الذين غضب الله عليهم، منكم يعني: من أهل دينكم وملتكم، ولا منهم ولا هم من اليهود الذين غضب الله عليهم، وإنما وصفهم بذلك منكم جلّ ثناؤه لأنهم منافقون إذا لقوا اليهود، قالوا (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) .
.... وقوله: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً) يقول جلّ ثناؤه: جعلوا حلفهم وأيمانهم جنة يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم، وذلك أنهم إذا أطلع منهم على النفاق، حلفوا للمؤمنين بالله إنهم لمنهم (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) يقول جلّ ثناؤه: فصدّوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم، وذلك أنهم كفر، وحكم الله وسبيله في أهل الكفر به من أهل الكتاب القتل، أو أخذ الجزية، وفي عبدة الأوثان القتل، فالمنافقون يصدّون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم إنهم مؤمنون، وإنهم منهم، فيحولون بذلك بينهم وبين قتلهم، ويمتنعون به مما يمتنع منه أهل الإيمان بالله.
وانظر أحمد بن حنبل 2147 على خلل في متن الرواية.
هل العبرة والشرط لجلوسي مع شخص أن يكون من نفس ديانتي؟! هذا تدخل عنصري في حيوات الناس وحرياتهم الشخصية، كل شخص حر في أن يجلس مع من شاء، هل العبرة لحدثي مع شخص أو مجموعة بشرية أو مناصرتي لها هو انتمائي لها أو لغيرها {مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ}، أم بكونهم ودودين أو مظلومين وأصحاب حق، هل تشويه محمد لصورة اليهود والكتابيين بأساطير خرافية وقوله أنهم ملعونون له أي معنى موضوعي عند إنسان حكيم عاقل؟! أجبر محمد الوثنيين في يثرب على الإسلام، وقام بعنف كثير من إجلاء وطرد وتقتيل وسبي ونهب ضد اليهود، والآن كان يخشى من تآمر الفئتين اللتين ظلمهما عليه وعلى مشروعه وديانته، هذه صورة الدولة التي يحلم بها مسلمو اليوم؟! دولة تصادر حق الإنسان في أن يتحدث ويجلس مع من يريد، وتمنع حرية الكلام أو حتى الكلام بين اثنين، دولة يخاف فيها مواطنوها ويتوجّسون شرًّا من بعضهم البعض؟! تعست دولة بهذا الشكل، لأنها ستنهار في النهاية، وهو ما حدث بانهيار كل خلافات (جمع خلافة) الحكم الإسلامي في التاريخ. ويبدو أنه حسب القرآن والطبري أن المنافقين كانوا غلطانين وليس لهم حقٌّ ألا يقولوا للمسلمين: تفضلوا اقتلونا لو سمحتم! وكان محمد لا يريد لأحد أن يفتح فمه ويتكلم بنقدٍ أو عيبٍ له.
{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)}
كما قلت من قبل، حسب تنظير محمد فهي حرب تعصب بين الأديان، حرب عمياء جاهلة جاهلية، وليست دفاعًا عن وطن أو قضية ما، مجرد مسعى متعصب لإذلال وتقتيل ونهب الآخرين من أهل الأديان وإيذائهم والعدوان عليهم، مع إجبار الوثنيين على الإسلام بالإكراه، وتقتيل وإبادة من يرفضون. وحسب محمد فالولاء للدين أولى من الولاء للقوم والوطن، في بعض الحالات يثير تنظير محمد الإرهابي هذا مشاكل كبيرة وإرهابًا وخيانات إسلامية لبعض أوطانهم، قد يقوم مسلم متطرف في مصر أو الأردن أو سوريا أو لبنان بتقتيل وتفجير ناس من مواطني دولته وجيشها وشرطتها وفيالأغلب من نفس ديانة الإسلام بدعوى أن ولاءه للجماعة المتطرفة وليس للوطن، وتثير نظرية كهذه خللًا ونقصًا في الوطنية عند متشديي المسلمين في دول يكونون فيها هم الأقلية كالهند وأمِرِكا مثلًا. أعتقد أنه صعبٌ جدًّا أن يخوض مسلم هندي متدين أصولي بوطنية واقتناع حربًا ضد جيش باكستان دفاعًا عن حدود بلده في نزاع وصراع حربي حدوديّ. صعب أن يشارك مسلم أصولي في جيش أمِرِكي لضرب الإرهاب في دولة كأفغانستان، فقط مسلم مستنير العقل غير متطرف قد يشارك لمصلحة بلده لأن نظرته ومفهومه الديني معلمًن ومتسامح.
48 الفتح
{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)}
روى البخاري:
4150 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ تَعُدُّونَ أَنْتُمْ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ...إلخ
وروى أحمد بن حنبل:
15470 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَمِّهِ مُجَمِّعِ ابْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ - وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ - قَالَ: شَهِدْنَا الْحُدَيْبِيَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا عَنْهَا إِذَا النَّاسُ يُنْفِرُونَ الْأَبَاعِرَ ، فَقَالَ: النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا لِلنَّاسِ ؟ قَالُوا: أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجْنَا مَعَ النَّاسِ نُوجِفُ حَتَّى وَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ عِنْدَ كُرَاعِ الْغَمِيمِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، وَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: " أَيْ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَفَتْحٌ " فَقُسِمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، لَمْ يُدْخِلْ مَعَهُمْ فِيهَا أَحَدًا إِلَّا مَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ، فِيهِمْ ثَلَاثُ مِائَةِ فَارِسٍ، فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ، وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا
إسناده ضعيف، يعقوب بن مُجَمِّع بن جارية، والد مجمع- وإن كان حسن الحديث- انفرد به، وقد خولف فيه كما سيأتي في التخريج. ونسبه الحافظ في "الفتح" 6/68 إلى أبي داود، وقال: وفي إسناده ضعف وبقية رجاله ثقات. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/437، والدارقطني في "السنن" 4/105-106 من طريق يونس بن محمد، وأبو داود (2736) و (3015) ، والطبري في "التفسير" 26/71، والحاكم 2/131، والبيهقي في "السنن" 6/325، وفي "الدلائل" 4/239 من طريق محمد بن عيسى ابن الطباع، كلاهما عن مجمع ابن يعقوب، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وقد سقط من مطبوع الحاكم يعقوب بن مجمع وعبد الرحمن من الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (1082) ، والحاكم 2/459 من طريق إسماعيل بن أبي إدريس، عن مُجَمع بن يعقوب عن أبيه مجمع بن جارية، به دون ذكر عبد الرحمن بن يزيد، وصححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: لم يرو مسلم لمجمِّع شيئاً ولا لأبيه، وهما ثقتان! وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (1082) - ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" 32/264- من طريق محمد بن عيسى ابن الطباع، عن مجمِّع بن يعقوب، عن أبيه، قال: سمعت عمي مجمع بن جارية يقول... فذكر الحديث، وقد ضبب المزي فوق لفظ: سمعت عمي، إذ إن مجمع بن جارية والد يعقوب بن مجمع لا عَمِّه، ولم يذكر في الإسناد عبد الرحمن بن زيد، وقد وضعه محقق الطبراني بين حاصرتين، ظناً منه أنه في الإسناد، وهو وهم منه. وقال أبو داود: حديث أبي معاوية أصح والعمل عليه، وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال: ثلاث مئة فارس، وكانوا مئتي فارس. قلنا: حديث أبي معاوية الذي أشار إليه هو حديث ابن عمر الذي سلف برقم (4448) ، وفيه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهماً له، وسهمين لفرسه. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. ونقل ابن القيم في "زاد المعاد" 3/294 عن البيهقي قوله: والذي رواه مجمع بن يعقوب بإسناده في عدد الجيش وعدد الفرسان قد خولف فيه، نفي رواية جابر وأهل المغازي: أنهم كانوا ألفاً وأربع مئة، وهم أهل الحديبية، وفي رواية ابن عباس، وصالح بن كيسان، وبُشَير بن يسار وأهل المغازي أن الخيل كانت مئتي فرس، وكان للفرس سهمان، ولصاحبه سهم، ولكل راجل سهم. قلنا: وبحديث مجمع احتج لأبي حنيفة في قوله: للفارس سهمان، فقد ذكر الحافظ في "الفتح" 6/ 68 أن محمد بن سحنون قال: انفرد أبو حنيفة بذلك دون فقهاء الأمصار، قلنا: وقد ذكر الإمام الحافظُ جمالُ الدين عبدُ الله بن يوسف الزيلعيُّ في كتابه العظيم "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية"3/416- 418 الأحاديث التي اسْتُدِلَ بها لقولِ أبي حنيفة رحمه الله، ثم تكلَّم عليها، وأبان عن عللهما وانتهى إلى ضعفها.
اعتبر محمد فرضه مسمار جحا بإقرار حق للمسلمين في زيارة الكعبة، وعقد هدنة مع قريش نصرًا له، وهذا بُعد نظر منه، لأن فترة السلام سمحت له باستقطاب كثيرين لدينه، حيث اعتبروه ديانة دولة قوية فرضت نفسها على قريش كنظير وند دينيّ. وتفرغ محمد لباقي منافسيه وأعدائه بذلك، فكان أول ما فعله هو اجتياج خيبر اليهودية انتقامًا من محاولاتها السابقة لإفساد مشروعه القائم على الكثير من العنف والقتل. وهي من ضمن إشارته ونيته بكلمة الفتح.
{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)}
المنافقون المجبورون في يثرب على التظاهر بالإسلام كانوا ككل مقهور مظلوم يتمنون أن يُهزَم ويُقتَل محمد وتابعيه عند ذهابهم لمحاولة دخول مكة لأداء عمرتهم الإسلامية، فكان لهم عودة محمد بمكسب سياسي كهذا مصدر ضيق وغيظ، لو كان محمد حاكمًا عادلًا أعطى المواطنين حرياتهم وحقوقهم ألم يكونوا سيتمنون له ولحزبه كل خير ويناصروه؟!
{سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16)}
{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)}
{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)}
هنا كان محمد يعاقب من لم يأتوا معه من أعراب ما حول يثرب ليناصروه إذا حدث قتال أثناء ذهابه إلى مكة لمحاولة دخولها لعمل عمرة بالطريقة الإسلامية الجديدة والطواف حول الكعبة الوثنية كخطوة لأسلمتها، بمنعهم من اقتحام خيبر معه وأخذ نصيب من أسلاب ونهب يهود الحجاز في خيبر، ويستعمل إغراء المكافأة بالنهب والسلب وسبايا النساء والأطفال المستعبدين لمن ناصروه في الحديبية بعد عودتهم من مكة ومهادنتهم لقريش حيث هجم بمجرد عودته على آخر أقوى حصون اليهود في خيبر، وعرضنا النصوص التاريخية المزعجة المقززة عن أفعال أتباعه وهمجيهم في الجزء الأول بما لا داعي لتكراره لطول النصوص، وهو هنا يستعمل الإغراء للأعراب المترددين في مناصرته بأن يمنع عنهم المشاركة في غزو خيبر، ويغريهم بأنهم لو أطاعوه سيجعلهم يقاتلون قتالا مع قوم أشداء، إن انتصروا معه عليهم نالوا الغنائم والمكاسب، وهذا يكشف نيته عمومًا لاجتياح باقي شبه جزيرة العرب تباعًا وهذا كان يعني مواجهة أقوام كثيرة أولى بأس شديد وأعداد وعتاد وسلاح كما يقول النص بتعميم دون تحديد من هم المذكورون، لأنه لا يقصد تحديد قوم بعينهم، بل هي نية محمد لمحاربة كل قوى شبه جزيرة العرب والسيطرة عليها. وكان فتحه لمكة بعدها بداية لاجتياحه هو وجيوشه وقادتها لباقي شبه جزيرة العرب، فخاض الحروب التي خطط لها إما بنفسه كحربه مع أقوى منافس لقريش والقوة المعتبرة للوثنيين العرب هوازن وثقيف وقبائل قيس عيلان عمومًا، وإرساله أمراءه لباقي البلدان كاليمن التي أرسل إليها عليّ بن أبي طالب وخالد بن الوليد، ما يدلك على شدة المعارك فيها كذلك. وقد كشف محمد عن الإرهاب العدواني والإكراه الديني في قوله {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}، فهذا إعلان لحرب التعصب الدينيّ ضد الوثنيين العرب والإبادة لهم ما لم يسلموا ويتبعوا أفكار ومشروع محمد، وقد نعتبر النص منطويًا على تهديد للأعراب بانقلاب محمد ضدهم لو لم يناصروه.
قال الطبري:
...وقال آخرون: هم هَوازن بحُنين.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير وعكرمة، في قوله (سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) قال: هوازن.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير وعكرمة في هذه الآية (سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) قال: هوازن وثقيف.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) قال: هي هَوازن وغَطَفان يوم حُنين.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) فدعوا يوم حُنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الإجابة ورغب في الجهاد.
وقال آخرون: بل هم بنو حنيفة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهري (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) قال بنو حنيفة مع مُسَيلمة الكذّاب.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير وعكرِمة أنهما كانا يزيدان فيه هوازن وبني حنيفة.
... وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المخلَّفين من الأعراب أنهم سيدعون إلى قتال قوم أولي بأس في القتال، ونجدة في الحروب، ولم يوضع لنا الدليل من خبر ولا عقل على أن المعنيَّ بذلك هوازن، ولا بنو حنيفة ولا فارس ولا الروم، ولا أعيان بأعيانهم، وجائز أن يكون عني بذلك بعض هذه الأجناس...إلخ
... حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا) قال: المغانم الكثيرة التي وعدوا: ما يأخذونها إلى اليوم.
وعلى هذا التأويل يحتمل الكلام أن يكون مرادا بالمغانم الثانية المغانم الأولى، ويكون معناه عند ذلك، فأثابهم فتحا قريبا، ومغانم كثيرة يأخذونها، وعدكم الله أيها القوم هذه المغانم التي تأخذونها، وأنتم إليها واصلون عدة، فجعل لكم الفتح القريب من فتح خيبر. ويُحتمل أن تكون الثانية غير الأولى، وتكون الأولى من غنائم خيبر، والغنائم الثانية التي وعدهموها من غنائم سائر أهل الشرك سواهم.
وقال آخرون: هذه المغانم التي وعد الله هؤلاء القوم هي مغانم خيبر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا) قال: يوم خيبر، قال: كان أبي يقول ذلك.
وقوله (فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ) اختلف أهل التأويل في التي عجلت لهم، فقال جماعة: غنائم خيبر والمؤخرة سائر فتوح المسلمين بعد ذلك الوقت إلى قيام الساعة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثناء عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ) قال: عجل لكم خيبر.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ) وهي خيبر.
وقال آخرون: بل عنى بذلك الصلح الذي كان بين رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبين قريش.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ) قال: الصلح.
وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب ما قاله مجاهد، وهو أن الذي أثابهم الله من مسيرهم ذلك مع الفتح القريب المغانم الكثيرة من مغانم خيبر، وذلك أن المسلمين لم يغنموا بعد الحديبية غنيمة، ولم يفتحوا فتحا أقرب من بيعتهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بالحديبية إليها من فتح خيبر وغنائمها.
وأما قوله (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً) فهي سائر المغانم التي غنمهموها الله بعد خيبر، كغنائم هوازن، وغطفان، وفارس، والروم.
وإنما قلنا ذلك كذلك دون غنائم خيبر، لأن الله أخبر أنه عجل لهم هذه التي أثابهم من مسيرهم الذي ساروه مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى مكة، ولما علم من صحة نيتهم في قتال أهلها، إذ بايعوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، على أن لا يفرّوا عنه، ولا شكّ أن التي عجلت لهم غير التي لم تُعجَّل لهم.
وفسر الواقدي في كتابه المغازي:
وَقَوْلُهُ: {سَيَقُولُ الْمُخَلّفُونَ إذَا انْطَلَقْتُمْ إلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا} إلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ: هُمْ الّذِينَ تَخَلّفُوا عَنْهُ وَأَبَوْا أَنْ يَنْفِرُوا مَعَهُ هَؤُلاءِ الْعَرَبُ مِنْ مُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ وَبَكْرٍ، لَمّا أَرَادَ رَسُولُ اللّهِ ÷ التّوَجّهَ إلَى خَيْبَرَ قَالُوا: نَحْنُ نَتْبَعُكُمْ. يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدّلُوا كَلامَ اللّهِ} قَالَ: الّذِى قَضَى اللّهُ قَضَى أَلاّ تَتْبَعُونَا، وَهُوَ كَلامُ اللّهِ يُقَال قَضَاءَهُ. يَقُولُ: {قُلْ لِلْمُخَلّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ} يَعْنِى هَؤُلاءِ الّذِينَ تَخَلّفُوا عَنْك فِى عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ. {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِى بَأْسٍ شَدِيدٍ} قَالَ: هُمْ فَارِسُ وَالرّومُ، وَيُقَالُ هَوَازِنُ، وَيُقَالُ: بَنِى حَنِيفَةَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلّوْا كَمَا تَوَلّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} قَالَ: إنْ أَبَيْتُمْ أَنْ تُقَاتِلُوا كَمَا أَبَيْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مَعَ رَسُولِ اللّهِ ÷ إلَى غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ. {فَتْحًا قَرِيبًا} قَالَ: صُلْحُ قُرَيْشٍ وَمَغَانِمُ كَثِيرَةٌ تَأْخُذُونَهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَفِى قَوْلِهِ عَزّ وَجَلّ: {فَعَجّلَ لَكُمْ هَذِهِ} قَالَ: فَتْحَ خَيْبَرَ،
هكذا احتوى القرآن على التحريض على النهب والغنيمة الحربية والعدوان. وكان محمد لديه النية المسبقة والتخطيط للحرب مع قريش وهوازن وثقيف وقبائل قيس عيلان عامة. لا توجد آية أو معجزة في العدوان على الناس {وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}، بل هي آية على العنف والإرهاب.
{وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21)}
الآية 21 تؤكد نية محمد المسبقة لنقض الصلح بمجرد اكتسابه القوة الكافية لاجتياح مكة، فهو يقول لم تقدروا على اقتحام مكة لكن الله محيط بالقدرة عليها، وهي كلمة نبوءة مطاطية بحيث لو نجح في اجتياح مكة يعتبرها الأتباع نبوءة ناجحة متحققة له، ولو لم يكن قد نجح لقالوا أن النص عامّ المعنى يتكلم عن قدرة الله الخرافي المطلقة، وقد كان أن نجح في هدفه، وعرضت في الجزء الأول عدة أعمال نقض لذلك الصلح قام بها بمحمد كنقض للعهد وعدم التزام بالعهود.
{وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}
تصوير القرآن لغير المسلمين كجبناء يفرون في الحروب جعلهم لاحقًا يُهزَمون لعدم استعدادهم للواقع بعدم صحة ذلك، لاحقًا واجه المسلمون محاربين لم يكونوا أقل منهم جنونًا وشراسة ممن اجتاحوا أجزاء من عالم الإسلام كالمغول والصليبيين ثم مسلمي المغول مع تيمور لنك السفّاح وأوائل مسلمي المغول كانوا مسلمين اسمًا فقط تقريبًا فنهبوا المسلمين وسبوا نساءهم واستعبدوهن مع أطفال، وفي التاريخ كحقيقة أبلت قبائل هوازن وثقيف في معركة حنين-وأوطاس وحصار الطائف بلاءً لا بأس به، حتى أن محمدًا لم يتمكن رغم هزيمته لهم من اقتحام الطائف، وأسلموا واستسلموا لمحمد بالتفاوض معه لأنهم تأثروا كشعوب همجية بقوته، ومعارك علي وخالد في اليمن وغيرها، وبعد موت محمد كانت هناك ساحات كثيرة وجبهات مفتوحة للقتال بين المسلمين وأتباع مدعي النبوات الآخرين، خاصة بني حنيفة أتباع مسلمة الحنفي مدعي النبوة القديم قبل ادعاء محمد نفسه، وكانت صورة القتال كما تصورها كتب التاريخ رهيبة ومن كل جانب، حرب شاملة ولها عدة أطراف: مسلمون مطيعون لخلافة أبي بكر، مسلمون رافضون لدفع الزكاة للدولة الامبراطورية (الخلافة) ويريدون جعلها في قبائلهم فقط بطريقة وطنية أو عشائرية، فحاربتهم الفئة الأولى وقتّلت منهم وحتى سبت بعض نسائهم، رغم اعتراض القادة لاحقًا على سبي واغتصاب خالد بن الوليد لامرأة مالك بن نويرة بعدما قتله وجعل رأسه بديلًا لثالثة الأثافي تحت قدر الطبخ! مع كون القتيل كان مسلمًا امتنع فقط عن دفع الزكاة للدولة، أتباع مسلمة الحنفي، أتباع سجاح، أتباع الأسود العنسي، وغيرهم، وكل فئة من مدعي النبوة كانت تخشى كذلك من هجوم الأخرى عليها، وذكروا تحالف مسلمة وسجاح مدعية النبوة. الحرب مع بني حنيفة لم تكن ذهابًا في نزهة كما قالت كتب التاريخ. اليوم أكثر من أي وقت بسبب تغير موازين القوى وذهاب قوة العرب والترك والشرقيين فإن استهتارهم بمحتليهم وأعدائهم سيجعلهم يخسرون في حالات كثيرة، لأن موجات التدين والتعصب تحشر هذه الصورة الهزلية في أذهانهم كحقيقة.
{هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)}
كلام للاستهلاك المحلي، وطمأنة وتطييب خاطر مسلمي يثرب من محمد، فهو يبرر عجزهم في سنة 7 هجرية عن اقتحام مكة وعمل صلح فيه بعض شروط اعتُبِرت مائلة ضد المسلمين، لا بنقص العدد والقوة آنذاك، بل بوجود مسلمين لو دخل مكة بالحرب لآذى بعضهم بإصابات الحرب، وهذ مجرد تبرير، ففي كل سيرته كان هناك ضحايا مسلمون دومًا كما عرضنا في ج1، وهو لاحقًا اقتحم مكة ولو أنه كان من الحظ أن لم يكن فيها كبيرُ قتالٍ.
{هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)}
يمكن للبصير أن يرى سوء نية محمد المسبق ونيته نقض صلح الحديبية بكل وسيلة ممكنة بالتحايل والتلاعب والغدر، كما عرضت في ج1، فرغم أنه كان للتو عقد صلح ومعاهدة سلام مع مكة، فإن استمر في تحريض الأتباع السذج وشحنهم بالكراهية ضد القرشيين باستعمال مسائل وأمور خرافية يجعلهم يتعصبون لها، مثل منع قريش لهم من زيارة "بيت الله" وعمل طقوسه المقدسة من تقديم للهدي (ذبائح الكعبة المقدمة كصدقات وشعيرة) بصورة مؤثرة عاطفيًّا، هذه ليست نوايا شخص يخطط لسلام مستقبلي، عندما خطط السادات مثلًا للسلام كان ينشر منشورات إيجابية عن اليهود وتاريخهم في مصر وأنهم إخوة العرب وأن أحدهم كان من أعضاء مجمع اللغة العربية وحاخام اليهود المصريين الأكبر في نفس الوقت، من يرِد السلامَ يعمل على تذكير البشر بطرق حقيقية أو خرافية بالحقيقة السليمة في أصلها: أن كل البشر إخوة ومن أصل واحد، كلكم لهوموسابينس (الإنسان المتعقل)، وهوموسابينس من هوموإركتُس (الإنسان منتصب القامة) من أفريقيا.
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)}
عرضت من قبل التفاسير لآية بنفس الحروف تقريبًا، وهي فكرة الاستعلاء والتمييز العنصري ضد غير المسلمين في الدولة، والتمييز في الحكم والقوانين والحقوق والواجبات على أساس الدين، وعدم المساواة بين الطرفين المسلم وغير المسلم، وسنذكر بعض ذلك في باب التشريعات العنصرية ضد الكتابيين، وتتضمن كذلك التحريض على احتلال باقي الدول الغير إسلامية، ومعاداة باقي البشرية الغير مسلمين، وهناك فهم آخر عند الطبري وابن كثير خطير في فكرته الإرهابية رغم ارتباطها بالإسخاتولوجي أو الأخرويات وأحداث آخر الزمان الأسطوري، قال الطبري:
يعني تعالى ذكره بقوله (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ) الذي أرسل رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بالبيان الواضح، وَدِين الحَق، وهو الإسلام; الذي أرسله داعيا خلقه إليه (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) يقول: ليبطل به الملل كلها، حتى لا يكون دين سواه، وذلك كان كذلك حتى ينزل عيسى ابن مريم، فيقتل الدجال، فحينئذ تبطل الأديان كلها، غير دين الله الذي بعث به محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ويظهر الإسلام على الأديان كلها.
... ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُمَيد، قال. ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو بكر الهُذَليّ، عن الحسن (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) يقول: أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الدين كله، وهذا إعلام من الله تعالى نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، والذين كرهوا الصلح يوم الحديبية من أصحابه، أن الله فاتح عليهم مكة وغيرها من البلدان، مسليهم بذلك عما نالهم من الكآبة والحزن، بانصرافهم عن مكة قبل دخولهموها، وقبل طوافهم بالبيت. (اهـ)
وروى البخاري:
3448 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا
أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ
أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ
يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ
وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا
يَقْبَلَهُ أَحَدٌ حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ
الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ
شِئْتُمْ {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ
شَهِيدًا}
وعند الشيعة في تفسير العياشي:
عن رفاعة بن موسى قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : " وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها " قال : إذا قام القائم لا يبقى أرض إلا نودي فيها شهادة أن لا إله الله وأن محمدا رسول الله .
عن ابن بكير قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله : " وله أسلم من في
السموات والارض طوعا وكرها " قال : انزلت في القائم عليه السلام إذا خرج
باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الارض وغربها ،
فعرض عليهم الاسلام فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة ، وما يؤمر به المسلم ،
ويجب لله عليه ، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلا
وحد الله .
قلت له : جعلت فداك إن الخلق أكثر من ذلك ؟ فقال : إن الله إذا أراد أمرا قلل الكثير ، وكثر القليل .
عن أبي المقدام ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله " ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " ( 2 ) يكون أن لا يبقى أحد إلا أقر بمحمد صلى الله عليه واله .
أعتقد أن أسطورة كهذه ستكون النوذج المحتذى والتبرير للمتطرفين من المسلمين لتبرير إلغاء التعايش مع الكتابيين وغير المسلمين، وتهديدهم بالقتل لو لم يسلموا، هناك فعلًا تقتيل لمسيحيي العراق حتى صارت أوضاعم صعبة فيما بعد سقوط نظام صدام ثم انسحاب أمِرِكا فرحة بتدمير العراق وإثارة الفوضى وتواجد جماعات الإرهاب فيها. سيكون حلمًا للمتطرفين منهم_على الأغلب لن يحققوه أبدًا لأن سنة التاريخ أن امبراطورية انهارت لا يراها الناس بعد ذلك تنهض من جديد لتحكم جزءً كبيرًا من العالم كما كانت_حلمًا لهم أن يحصلوا على قوة كافية لحكم كل العالم ومع إثارة الفوضى فيه ربما يخرج شخص بدعم من ذوي السلطة ليدعي أنه المهديّ المنتظر الخرافيّ أو المسيح النازل من السماء من عند الله لقتال الكتابيين وغيرهم وإلغاء فكرة التعايش السلمي وعمل المذابح ضدهم، لكن هذا غير مرجح للغاية مع وجود التقدم العلمي في أيدي الناس الذين يستحقونه أكثر رغم كل أخطائهم من الغربيين، فهم لن يصلوا أبدًا لسفاهة وإجرام وخطورة مسلمين متطرفين يحصلون على تقدم علمي أو سلاح متقدم. معظم أشكال الإسلام الممارس اليوم_ربما عدا إيران_تتناقض تمامًا مع العلم والبحث العلمي، وهو ليس سوى معول ومطرقة هدم للمسلمين أنفسهم وأي أمل لهم بتقدم وازدهار، فيمكن الاطمئنان أن الإسلام اليوم يكبح شره بشره وبنفسه!
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)}
تعاليم عنف إرهابية عداونية واضحة لا شك فيها، تقسم البشر إلى مؤمنين وغير مؤمنين، ومهمة أصحاب الإيمان الأعمى المتعصب (الإسلام) هي قتل كل من هو مختلف عنهم من وثنيين، وممارسة القهر والعنصرية والعنف وفرض الجزية والإتاوة على أهل الكتاب وأشباه أهل الكتاب من مجوس وصابئة. وقتلهم لو لم يستسلموا وسبي نسائهم وهدم معابدهم والاستيلاء على بيوتهم وأراضيهم وأملاكهم.
وبالنسبة للنص الأول الذي زعم محمد وجوده بشكل ما في التوراة فكلام عامّ جدًّا، لا يمكن الاستلال على أي نص قصده لننتقد استشهاده بأنه منطبق عليه وإشارة له كمباركة لإرهابه وإجرامه من الله بزعمه، أم النص الذي زعم أنه من الإنجيل، فيلوح لي أن أخطأ، لأن هذا النص ليس في الإنجيل، بل هو في كتاب اليهود في سِفْر إشعيا، ولعل سبب الخلط أن المسيحيين كانوا ولا يزالون يسمون أحيانًا كل الكتاب المقدس بقسميه العهد القديم أو كتاب اليهود والقسم المسيحي العهد الجديد باسم (الإنجيل).
(1وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ، 2وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ. 3وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ، 4بَلْ يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ، وَيَحْكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ، وَيَضْرِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ، وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ. 5وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَهَ مَتْنَيْهِ، وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقْوَيْهِ.
6فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا. 7وَالْبَقَرَةُ وَالدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعًا، وَالأَسَدُ كَالْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْنًا. 8وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ الأُفْعُوَانِ. 9لاَ يَسُوؤُونَ وَلاَ يُفْسِدُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ. 10وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ، إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا.
11وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ السَّيِّدَ يُعِيدُ يَدَهُ ثَانِيَةً لِيَقْتَنِيَ بَقِيَّةَ شَعْبِهِ، الَّتِي بَقِيَتْ، مِنْ أَشُّورَ، وَمِنْ مِصْرَ، وَمِنْ فَتْرُوسَ، وَمِنْ كُوشَ، وَمِنْ عِيلاَمَ، وَمِنْ شِنْعَارَ، وَمِنْ حَمَاةَ، وَمِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ. 12وَيَرْفَعُ رَايَةً لِلأُمَمِ، وَيَجْمَعُ مَنْفِيِّي إِسْرَائِيلَ، وَيَضُمُّ مُشَتَّتِي يَهُوذَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَطْرَافِ الأَرْضِ. 13فَيَزُولُ حَسَدُ أَفْرَايِمَ، وَيَنْقَرِضُ الْمُضَايِقُونَ مِنْ يَهُوذَا. أَفْرَايِمُ لاَ يَحْسِدُ يَهُوذَا، وَيَهُوذَا لاَ يُضَايِقُ أَفْرَايِمَ. 14وَيَنْقَضَّانِ عَلَى أَكْتَافِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ غَرْبًا، وَيَنْهَبُونَ بَنِي الْمَشْرِقِ مَعًا. يَكُونُ عَلَى أَدُومَ وَمُوآبَ امْتِدَادُ يَدِهِمَا، وَبَنُو عَمُّونَ فِي طَاعَتِهِمَا.) من إشعيا 11
هذه نبوءة خرافية عن أحلام اليهود القدماء برد سبيهم من بابل فيما قبل الميلاد، وأن تعود دولتهم من جديد في فلسطين، وأن يقوم شخص من نسل داوود الذي كان من نسل يسّى كداوود جديد يقودهم عسكريًّا، وأن ينهبوا بطريقة البدو الهمج الشعوب الأخرى، كمحمد وأسلوبه بالضبط، اختلف المؤرخون هل العابيرو أو الخابيرو البدو النهابين القدماء المذكورين في برديات قدماء المصريين هم أنفسهم اليهود العبرانيون أم لا، وربما كان اليهود جزءً منهم أو من أقاربهم أو هم أنفسهم، يقول معجم المحيط الجامع في الكتاب المقدس وشعوب الشرق القديم:
دلّت هذه الكلمة حتى القرن الثاني عشر [قبل الميلاد] على هامشيّي المجتمعات القبلية والمدنيّة وبقايا المجتمعات البدوية المفككة. اجتمعوا في [جماعات] فقاموا باعمال السلب والنهب في أوقات السلم وجعلوا نفوسهم مرتزقة في أيام الحرب. نجدهم في كل الشرق الأوسط القديم : في بلاد الرافدين، في الاناضول، في مصر، ولكن بالاخص في سورية وفلسطين. هناك من ربط بين عابيرو وعابير ابو (في النصوص البابلية) وعبري (في النصوص التوراتية).
ويقول وليم وهبة في دائرة المعارف الكتابية:
ولكن إلى جانب أن إبراهيم كان من نسل " عابر " لعله لُقِّب " بالعبراني " لسبب آخر ، إذ أن السجلات المسمارية من الألف الثانية قبل الميلاد تشير إلى فئة من الشعوب المهاجرة باسم " هابيرو أو حابيرى ، أو عابيرو " . وترجع هذه الإشارة إلى زمن " وارد - سن " " وريم – سن " من الأسرة العيلامية ( حوالي 1800 ق.م.) كما أن مراسلات مملكة " مارى " ( على نهر الفرات ) تتكلم عن وجود عدو من 2.000 جندي من " الهابيرو " بقيادة شخص اسمه " بابا – هدد " . كما أن الوثائق الحثية والبابلية تذكرهم بأنهم كانوا يحصلون على جرايات منتظمة من الدولة . كما اكتشف لوح في " نوزي " ( إلى الشرق من أشور ) يرجع إلى نحو 1500 ق . م. يذكر شخصاً من " الهابيرو " من أشور ، اسمه " ماراديجلات " ( أى ابن الدجلة ) ، كان عبداً متطوعاً لأحد أرباب البيوتات . كما يذكر لوح آخر امرأة من " الهابيرو " اسمها " سن – بالطي " ( أي " الإلاهة الأم هي حياتي" ) كانت جارية لامرأة اسمها " تهب – تِلاَّ "
وهذه الأسماء هي أسماء وثنية تماماً ، وليس فيها – بكل تأكيد – من كان له علاقة بعائلة إبراهيم . ومن ثم لا يمكن القول بأنهم كانوا من " العبرانيين " بالمعنى الكتابى . وينطبق نفس الشيء على " الحابيرى " في شمالي سورية ، الذين شغلوا مراكز ذات شأن في الحكومة .
وهناك مشكلة أخرى تثيرها رسائل تل العمارنة ، حيث توجد بها مجموعة من الرسائل موجهة إلى أمنحتب الثالث وإلى أمنحتب الرابع ( أخناتون ) في أيام الأسرة الثامنة عشرة ( حوالي 1400 – 1300 ق . م. ) ، إذ يشكو " عبدو – حيبا " ملك أورشليم من أن الغزاة من " الهابيرى " يغزون " بلاد الملك " ( أي الأراضي التي يتولى إدارتها من قِبَل مصر ) . وهناك العديد من الإشارات إلى أولئك الغزاة من حكام كنعانيين آخرين من شمالي سورية وفينيقية ( وبخاصة بيبلوس ) . وبينما لا يذكر سفر يشوع قيامة بأي عمليات حربية في تلك الأصقاع الشمالية ، إلا أنه ليس فيه أيضاً ما يمنع افتراض أن الأسباط الشمالية ( مثل أشير ونفتالي ) – بعد أن استولوا على أنصبتهم ( يش 19 ) – أرسلوا قواتهم إلى الأراضي الفنيقية المجاورة لهم .
ومما يستلفت النظر أنه لا يوجد في رسائل تل العمارنة ، أي رسائل من المدن التي وقعت في يد بني إسرائيل في بداية دخولهم الأرض مثل : أريحا وعاي وبيت إيل وجبعون ، بل جاءت معظم الرسائل من المدن التي لم يستولى عليها بنو إسرائيل إلا مؤخراً ، مثل مجدو وأشقلون وعكا وجازر وأورشليم أما شكيم – التي وقف بالقرب منها بنو إسرائيل- بين جبلي عيبال وجرزيم – ليؤكدوا عهدهم أمام الرب – فإن " عبدو – حيبا " يشكو من أن " لا بايو " ملك شكيم قد انحاز إلى جانب " العابيرو " .
وفي ضوء كل ذلك ، يبدو أن كلمة " حابيرو " أو " عابيرو " مشتقة من كلمة " عبر " فكانت تُطلق على الشعوب التي " عبرت " الحدود ، مثل البدو الرحل ، أو عمال التراحيل ، بغض النظر عن الأصل أو الجنس الذي ينتمون إليه . فباعتبار إبراهيم مهاجرا من أور وحاران ، كان الكنعانيون يرون أنه ينطبق عليه وصف " العابيرو " أي " العابر " أو المهاجر . ومن المفروض أن نسله ورث هذا اللقب جيلا بعد جيل ، حتى في أثناء إقامتهم في أرض مصر ( انظر خر 1 : 15 و 16 ،2 : 6 و7و12و13 ، 3 : 18 ، 5: 3 ، 7 : 16 ، 9 : 1 و13 ، 10 : 3 0000إلخ ) وبعد دخولهم ‘إلى أرض كنعان ( 1صم 4 : 6 و9 0إلخ ) .
وتبدأ الإشارة في النقوش المصرية إلى " العابيرو " في حكم تحتمس الثالث ( 1504 – 1450 .ق.م. ) ، كما يشهد بذلك قبرا بيومر وأنتيف ( اللذين كانا من كبار الموظفين في عهده ) ، ثم عمود منف من عهد ابنه أمنحتب الثاني ، الذي يقول إنه أسر من " العابيرو " 3.600 في الحرب . كما تقابل سيتي الأول مع " العابيرو " في يرموت ( حوالي 1310 ق.م. ) . وكرس رمسيس الثالث أسرى من " العابيرو " لخدمة معبد آمون في عين شمس . بينما يذكر رمسيس الرابع أنه كان في جيشه 800 من رماة السهام بالقسي من " العابيرو " مما يعني أنهم من الجيوش المرتزقة . ولا يمكن فهم هذه الإشارات الواردة في النقوش المصرية إلا على أساس أنها تشير إلى أقوام مهاجرين في كنعان ، أكثر مما تشير إلى العبرانيين ( بني إسرائيل ) بصورة خاصة .
وكما سبق القول ، كان يطلق لقب " العبرانيين " على بني إسرائيل طوال زمن إقامتهم في مصر ، فيقول موسى عن الله ، " إله العبرانيين " ( خر 5 : 3 ، 7 : 16 ، 9 : 1 و 13 ، 10 : 3 ) . كما نصت الشريعة على أن " العبد العبراني " يجب أن يعامل معاملة طيبة ، ويطلق حُراً في السنة السابعة ( تث 15 : 12 ، انظر إرميا 34 : 9 ) . كما أن الفلسطينيين – في أواخر أيام القضاة – أطلقوا على بني إسرائيل " العبرانيين " ، ربما كنوع من التحفيز ( 1 صم 4 : 6و9، 14 : 11 ، 29 : 3 ) . وبعد انقسام مملكة سليمان إلى : مملكة إسرائيل ( في الشمال ) ، ومملكة يهوذا ( في الجنوب ) ، في نحو 930 ق.م. ، كان بنو إسرائيل يطلقون هذا اللقب على أنفسهم ، عند اتصالهم بالأمم الأخرى ، فيقول يونان النبي مثلاً للنوتية : أنا عبراني ، " وأنا خائف من الرب ، إله السماء الذي صنع البحر والبر " ( يونان 1 : 9).
وهو نفس أسلوب الآرييين البدو الذين أسسوا الهندوسية بعد اجتياح الهند وتحطيم وتدمير حيوات السكان الأصليين الدراﭬيديين السود البشرة، انظر Aum Beep Beep, Lifting the Lid on Hinduism, by BY Vipul Trivedi ، وقد اجتاح روما والغرب الأوربي القبائل الهمجية الغربية كذلك عدة مرات في التاريخ، ويبدو أنها كانت سنة التاريخ القديم أن يهزم بدو همج المزارعين المتحضرين المسالمين أغلب الأحيان، لكن مع تقدم العلم وكونه أصبح جزءً من معادلة القوة العسكرية أعتقد أنه لم يعد ممكنًا للهمجية البدوية الوحشية أن تهزم الحضارة مرة أخرى، لكن ليحذر أصحاب الحضارت، لأن الهمج سيحاولون الحصول على قوة الأسلحة الحديثة التي أنتجتها الحضارة والعلوم كغش في اللعبة والتفاف.
66 التحريم
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)}
قال الطبري في تفسيره:
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ) بالسيف (وَالْمُنَافِقِينَ) بالوعيد واللسان.
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ) قال: أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يجاهد الكفار بالسيف، ويغلظ على المنافقين بالحدود (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) يقول: وأشدد عليهم في ذات الله...
بعدما كان محمد يأمر في السور المؤلَّفة في مكة بالتعايش والتسامح واحترام تعدد الأديان، رغم انطواء نصصه آنذاك أيضًا عى تعصب وشتيمة، حوّل محمد موقفه ودينه لتأسيس دين إرهابيّ يحارب باسم الدين والله الخرافي كل الناس من أتباع العقائد الأخرى، وليس هذا فقط ما عليه الأمر، فقد دعا بأمر إلهي مزعوم له إلى تهديد المتظاهرين بالإسلام "المنافقين" رغم مصادرته لحقهم في حرية الرأي والعقيدة والمجاهرة بهما وحرية اختيار وممارسة أي ديانة أراد البشر، بحيث هددهم لكي لا يتكلموا أو يعبروا بنقدٍ موجَّه ضده هو ومزاعمه وتصرفاته، وهي سمة الحاكم المستبد ذو نظام الحكم القابل للنقد، وضع الإسلام هش جدًّا كدين وخرافة، لذلك يخافون من أي نقد ضده يكشفه، من غير المفهوم ماذا كان يريد محمد من المنافقين المجبورين، لو كان الأمر بيده ويد أتباعه ومن على نهجه لتحكموا في عقول وأفكار الناس نفسها على طريقة أفلام الخيال العلمي الأمِرِكية بحيث يجعلون الناس يعيشون في الخرافات واللامنطق فقط ولا يفكرون بعقولهم تفكيرًا عقلانيًّا أو علميًّا بمنهج علمي أبدًا. وعمليًّا لم يتمكن محمد قط من عمل أي شيء ضد المتظاهرين باتباعه مع عدم اعتقادهم رغم نهجه الإرهابي، لو كان الأمر بيده وكان الغربيون قد اخترعوا جهاز كشف الكذب لربما بلغ به جنون التعصب والتحكم والشمولية أن يستعمله على من يشك بهم لقتل من يتضح أنهم لا يؤمنون به! فرض الأحكام الدينية الشمولية على المجتمع بمنع الحريات كلها من حرية الاعتقاد والتعبير والرأي وممارسة ما شاء المواطنون من عقيدة بتهديد القتل ومنع حرية الملبس والمأكل والمشرب والحريات الجنسية الخاصة بخصوصة الحياة واختيارات الفرد هو وسيلة الإسلام لأسلمة كل جوانب الحياة والدولة والمجتمع وإصابة جهود أي مفكر حر أو ناقد بالشلل في دولة لا يستطيع الكلام فيها ولا العيش كما يريد، بدون تفكر علمي ولا فلسفة ولا منطق ولا نقد ولا علم إنسانية وتاريخية حقيقية كعلم النفس والاجتماع والتاريخ وعلم الأديان (لا يوجد في العالم العربي أي معهد لدراسات حقيقية حرة عقلانية موضوعية تأريخية لعلوم الأديان ومقارنتها وتاريخها، بل فقط دراسات تجهيلية دينية شمولية عفنة لتأكيد وتعزيز الخرافات_وليس المنطق والعقلانية والنتائج المحايدة السليمة الغير مستبقة قبل البحث من أساسه_في مؤسسات وجهات دينية إسلامية ومسيحية، علماء الأديان الحقيقيون ببلدان العرب شقّوا طريقهم بأنفسهم، كفراس السواح وخزعل الماجدي وسليمان مظهر ونبيل فياض، أنا صرت باحث أديان بمصادفات قادتني إلى الطريق الصحيح)، كل كل ما يوجد في دولة أصولية جاهلة هو فقط أسلمة وجهل وترديد للخرافات بلا معارضة لها.
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)}
الغرض الشرير لمحمد هنا من استعمال هذه الأساطير الكتابية والهاجادية (بنت فرعون في الهاجاديَّات) هو صنع النموذج والقدوة الأسطوية الدينية السيئة للتفرقة بين البشر حتى الذين من أسرة واحدة بسبب اختلاف العقائد والاعتقادات والآراء الدينية، أصحاب الفكر المختلف بسبب سموم القرآن المزروعة في عقول المسلمين يعانون الأمرّين والشدائد بسبب تفكيرهم ودراساتهم من بلدانهم وحكوماتهم ومجتمعاتهم وأسرهم. لا يزال هذا الوضع قائمًا، في دولة كمصر يُحبس ويُعتقَل مشاهير وغير مشاهير من الملحدين العقلانيين الشبه مستترين والغير مستترين ككرم صابر ثم فاطمة ناعوت وطلاب جامعيون شباب لأجل عقيدة العقلانية والتفكير الحر كمنهج لتحرير العقول وتنويرها بنور المنطق والعقلانية والعلوم. ناهيك عن دول كالسعودية يُقتَل فيها من تحدَّث بوضوح ضربًا بالسيف لتطيير رقبته؛ وإن تكلّم بغموض وتلميح يجلدونه آلاف الجلدات خلال شهور أوسنوات في أحكام ترويعية قمعية إرهابية تدل على هشاشة نظام حكم واعتقاد. نظام الجلد بمئات وآلاف الجلدات هو من شرع الزردشتيين في الأﭬستا، فحكام وفقهاء السعودية من فسد منهم بالفساد الشمولي الديني هم مجوس أمة المسلمين.
60 الممتحنة
{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)}
روى البخاري:
3183 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدَّتِهِمْ مَعَ أَبِيهَا فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا قَالَ نَعَمْ صِلِيهَا
5978 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِي أَبِي أَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آصِلُهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا {لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}
2620 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي قَالَ نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ
ورواه بأسانيدٍ صحيحة: أحمد26913 و26914 و26939 و 26940 و26994 وأخرجه الشافعي في "المسند" 2/187 (بترتيب السندي) ، وفي "السنن" (511) ، وفي "الأم" 2/52، والحميدي (318) ، والبخاري في "صحيحه" (5878) ، وفي "الأدب المفرد" (25) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (203-206) و(208) و(341) و (342) و (343)، والبيهقي في "السنن" 4/191 و9/129، والبغوي في "شرح السنة" (3425) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 7/110 البيهقي في "السنن الكبرى" 4/191، وفي "شعب الإيمان" (7931) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/264 وأخرجه الشافعي في "السنن" (512) ، والطيالسي (1643) ، وعبد الرزاق (9932) ، وسعيد بن منصور في "سننه" (2917) ، والبخاري (2620) و (3183) ، ومسلم (1003) وأبو داود (1668) ، وابن حبان (452)، والبغوي في "التفسير" [الممتحنة: 8]
قال السندي: قولها: "راغبة" أي: في الخير والإحسان
وروى أحمد بن حنبل:
(16111) 16210- حَدَّثَنَا عَارِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ أَسْعَدَ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حَسَلٍ، عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ بِهَدَايَا، ضِبَابٍ، وَقِرظٍ، وَسَمْنٍ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَأَبَتْ أَسْمَاءُ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا، وَتُدْخِلَهَا بَيْتَهَا، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَأَنْ تُدْخِلَهَا بَيْتَهَا.
إسناده ضعيف لضعف مصعب بن ثابت: وهو ابن عبد الله بن الزبير، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. عارم: هو محمد بن الفضل السدوسي. وأخرجه أبو داود الطيالسي (1639) ، وابن سعد في "الطبقات" 8/252، والطبري في "التفسير" 28/66، وأبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (878) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 2/485-486 (3804) من طريق علي بن الحسن بن شقيق، عن عبد الله بن المبارك، عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جدِّه، قال: قدمت قتيلة، فذكره، وفيه زيادة لفظ (وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية)، وأخرجه الطبري في "التفسير" 28/66، وابن عدي في "الكامل" 6/2359 من طريق بشر بن السري، عن مصعب بن ثابت، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/123، وقال: رواه أحمد والبزار، وفيه مصعب بن ثابت، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح. ورواه أحمد من حديث أسماء بنت أبي بكر 6/344، وهو عند البخاري (5978) ، ومسلم (1003) ، وفيه أن أسماء هي التي سألتِ النبيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
26939 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عَقِيلٍ الثَّقَفِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي فِي مُدَّةِ قُرَيْشٍ مُشْرِكَةً، وَهِيَ رَاغِبَةٌ ، يَعْنِي مُحْتَاجَةٌ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا ؟ قَالَ: " صِلِي أُمَّكِ ".
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي عَقِيل عبد اللّه ابن عَقِيل الثقفي، فقد روى له أصحاب السنن، وهو ثقة.
قال السيوطي في الدر المنثور:
وأخرج أبو داود في تاريخه وابن
المنذر عن قتادة لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين نسختها فاقتلوا
المشركين حيث وجدتموهم سورة التوبة الآية 5
وقال الطبري:
وقال آخرون: بل عُنِي بها من مشركي مكة من لم يقاتل المؤمنين، ولم يخرجوهم من ديارهم؛ قال: ونسخ الله ذلك بعدُ بالأمر بقتالهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قول الله عزّ وجلّ: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ) ... الآية، فقال: هذا قد نسخ، نَسَخَه، القتال، أمروا أن يرجعوا إليهم بالسيوف، ويجاهدوهم بها، يضربونهم، وضرب الله لهم أجلَ أربعة أشهر، إما المذابحة، وإما الإسلام.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ) ... الآية، قال: نسختها (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة: 5].
هذا النص صاغه محمد بعد صلح الحديبية، وهو أقدم من أول السورة المتناقض في تعاليمه على نحوٍ واضح معها، فهنا بتأثير مناخ السلام بعد صلح الحديبية، وتبادل الزيارات بين قريش ويثرب، من الأقارب الوثنيين والمسلمين، والمشاعر الإنسانية الطبيعية لبعض المسلمين بالمودة نحو أقاربهم ومعارفهم وإخوتهم في الإنسانية، تأثر محمد وعاد إلى قاعدة التسامح مع هؤلاء الأهالي، لكنه سرعان ما سيعود لينقلب من جديد ويلغي أدنى تسامح وينص في باقي السورة قبل فتح مكة أنه لا يجوز وجود مودة بين المسلمين والوثنيين لمجرد اختلافهم في معتقداتهم الخرافية عن بعضهم البعض، بل وفي سورة التوبة سيُعلن أنه سيقتل كل من لا يسلم ويتبع ديانته ولو تظاهرًا من الوثنيين. نص يسمح بالمودة والزيارات، وآخر لا يسمح للوثني حتى بالعيش والتنفس من هواء الكوكب!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)}
قال ابن أبي حاتم في أسباب النزول:
قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: نَزَلَتْ فِي حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَذَلِكَ أَنَّ سَارَةَ مَوْلَاةَ أَبِي عَمْرِو بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَجَهَّزُ لِفَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ لَهَا: "أَمُسْلِمَةً جِئْتِ؟ " قَالَتْ: لَا، قَالَ: "فَمَا جَاءَ بِكِ؟ " قَالَتْ: أَنْتُمْ كُنْتُمُ الْأَهْلَ وَالْعَشِيرَةَ وَالْمَوَالِيَ، وَقَدِ احْتَجْتُ حَاجَةً شَدِيدَةً فَقَدِمْتُ عَلَيْكُمْ لِتُعْطُونِي وَتَكْسُوَنِي، قَالَ لَهَا: "فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ شَبَابِ أَهْلِ مَكَّةَ"، وَكَانَتْ مُغَنِّيَةً، قَالَتْ: مَا طُلِبَ مِنِّي شَيْءٌ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَحَثَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَكَسَوْهَا وَحَمَلُوهَا وَأَعْطَوْهَا، فَأَتَاهَا حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ وَكَتَبَ مَعَهَا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَأَعْطَاهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ تُوَصِّلَ الْكِتَابَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَتَبَ فِي الْكِتَابِ: مِنْ حَاطِبٍ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ، فَخَرَجَتْ سَارَةُ وَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا فَعَلَ حَاطِبٌ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا وَعَمَّارًا وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ وَأَبَا مَرْثَدٍ وَكَانُوا كُلُّهُمْ فُرْسَانًا، وَقَالَ لَهُمُ: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ فِيهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، فَخُذُوهُ مِنْهَا وَخَلُّوا سَبِيلَهَا، فَإِنْ لَمْ تَدْفَعْهُ إِلَيْكُمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهَا"، فَخَرَجُوا حَتَّى أَدْرَكُوهَا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَقَالُوا لَهَا: أَيْنَ الْكِتَابُ؟ فَحَلَفَتْ بِاللَّهِ مَا مَعَهَا مِنْ كِتَابٍ، فَفَتَّشُوا مَتَاعَهَا فلم يجدوا معا كِتَابًا، فَهَمُّوا بِالرُّجُوعِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ مَا كَذَبَنَا وَلَا كَذَّبْنَا، وَسَلَّ سَيْفَهُ، وَقَالَ: أَخْرِجِي الْكِتَابَ وَإِلَّا وَاللَّهِ لَأُجَرِّدَنَّكِ وَلَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَخْرَجَتْهُ مِنْ ذُؤَابَتِهَا وَكَانَتْ قَدْ خَبَّأَتْهُ فِي شَعْرِهَا، فَخَلَّوْا سَبِيلَهَا وَرَجَعُوا بِالْكِتَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى حَاطِبٍ فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ: "هَلْ تَعْرِفُ الْكِتَابَ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا غَشَشْتُكَ مُنْذُ نَصَحْتُكَ، وَلَا أَحْبَبْتُهُمْ مُنْذُ فَارَقْتُهُمْ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَّا وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَمْنَعُ عَشِيرَتَهُ، وَكُنْتُ غَرِيبًا فِيهِمْ وَكَانَ أَهْلِي بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَخَشِيتُ عَلَى أَهْلِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ بِهِمْ بَأْسَهُ وَأَنَّ كِتَابِي لَا يُغْنِي عَنْهُمْ شَيْئًا. فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَذَرَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ السورة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "وَمَا يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ لَهُمْ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ".
روى مسلم:
[ 2494 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر واللفظ لعمرو قال إسحاق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن الحسن بن محمد أخبرني عبيد الله بن أبي رافع وهو كاتب علي قال سمعت عليا رضى الله تعالى عنه وهو يقول بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انا والزبير والمقداد فقال ائتوا روضة خاخ فان بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادي بنا خيلنا فإذا نحن بالمرأة فقلنا اخرجي الكتاب فقالت ما معي كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا قال لا تعجل علي يا رسول الله اني كنت أمرا ملصقا في قريش قال سفيان كان حليفا لهم ولم يكن من انفسها وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم ان اتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي ولم افعله كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق فقال عمر دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق فقال انه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فانزل الله عز وجل { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } وليس في حديث أبي بكر وزهير ذكر الآية وجعلها إسحاق في روايته من تلاوة سفيان
ورواه البخاري:
3007 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ قَالَ
أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي
رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ بَعَثَنِي رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ
بْنَ الْأَسْوَدِ قَالَ انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا
ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا
خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ
فَقُلْنَا أَخْرِجِي الْكِتَابَ فَقَالَتْ مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ فَقُلْنَا
لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ
عِقَاصِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ
الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا حَاطِبُ مَا هَذَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ
عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ
أَنْفُسِهَا وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ
بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي
ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا
قَرَابَتِي وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ
بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لَقَدْ صَدَقَكُمْ قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ
هَذَا الْمُنَافِقِ قَالَ إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ
اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا
شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ قَالَ سُفْيَانُ وَأَيُّ إِسْنَادٍ هَذَا
كما أثبتُ في ج1 بأدلة قاطعة أن المسلمين هم من نقضوا صلح ومعاهدة الحديبية وليس وثنيو قريش، وهنا محمد كان يوصي بوصاياه الشريرة بأن يكون الولاء ليس للحق والوفاء والقرابة وصلة القرابات، بل وفقًا لتعاليمه الخبيثة العنصرية يكون الولاء والمناصرة على طول الخط في الحروب للمسلمين من نفس الدين حتى لو كانوا هم الظالمين المعتدين المجتاحين لدولة غيرهم، وفي زمن هذا النص كان محمد على وشك اجتياح مكة وقتل بعض مقاومي الفتح فيها كما ذكرتُ في ج1، وقتل بعض أعدائه القدماء ومغنيتين من النساء قينتين كانتا تغنيان شعر هجاءٍ ضده، كما ذكرت في ج1وهنا في باب مصادرة الحريات، ثم إجبار السكان على الإسلام لكي لا يتعرضوا للقتل، فصاروا يأتونه خاضعين مبايعين كما أوردتُ في ج1، وهذه نفس عادة حكام العرب في معظم شبه الجزيرة العربية إلى اليوم، يرث الحكم أحدٌ أو حتى ينقلب على أبيه الحاكم فيأتي الأمراء والأثرياء والزعماء والأعيان لمبايعة الحاكم الجديد بكل خضوع وخشية وبلا اعتراض. المعترض إما سيُسجن أو يُقتَل أو يُنفى. وفي النص أعاد محمد تذكير أتباعه بما حدث منذ ثمان سنوات كاملة، وهو اضطهاد وثنيي قريش لمسلمي قريش ومكة، لكن هؤلاء كانوا حوالي ثلاثمئة فردٍ فقط، محمد اقتحم مكة بجيش من قبائل عديدة تحت إمرته قوامه فيما قالوا عشرة آلاف! هل هناك ما يبرر إكراه الناس على عقيدة بالإجبار والتهديد، والاستيلاء على معابدهم وتحويلها لمتعبَّدَات لدينٍ آخر؟! وينهى محمد في النص عن أي مودة بين بني البشر لأجل التعصب الديني الأعمى الإسلامي، بعدما كان قال في نص أقدم زمنيًّا من نفس سورة الممتحنة بتأثير مناخ السلام وتبادل زيارات الأقارب الوثنيين والمسلمين بين مكة ويثرب أنه لا بأس بمودة من لم يؤذوا المسلمين ويحاربوهم، ثم عاد للدعوة للعداء والتفرقة والكراهية بين بني البشر وتصنيفهم على أساس مسلم وغير مسلم، وهو تصنيف عنصري خرافي سخيف بلا قيمة، لأن كل البشر إخوة لا ينبغي أن تفرقهم أوهام وعنصريات دينية أو عِرقية، ثم سيأمر في سورة التوبة بالإكراه النهائي للوثنيين على الإسلام وقتل من لا يقبل باتباع ديانته منهم، فصار على كل وثنيّ عربيّ أو متشكِّك إما التظاهر بالإسلام كتظاهر لحماية حياته ونفسه وأملاكه وزوجته وأولاده أو الاعتقاد به. أحد الملحدين في زمن الظلام (صالح بن عبد القدُّوس) قرأت عنه في تراثنا العربي أنه كان يتظاهر بالإسلام ويدخل المساجد ليصلي ليحمي نفسه ويجعل المسلمين لا يتيقنون من حقيقته، فلما سأله مقربون منه: (قيل: رؤي ابن عبد القدوس يصلي صلاة تامة الركوع والسجود، فقيل له: ما هذا، ومذهبك معروف ؟ قال: سنة البلد، وعادة الجسد، وسلامة الأهل والولد !)، ويبدو أنه كان لادينيًّا ربوبيًّا، ومعظم الخارجين عن الدين في مجتمعات القهر الشديد ونقص المعلومات العلمية البديلة للدين كما في زمنه القديم يكونون كذلك. وقد انتقد محمدًا في شعره وتم إعدامه.
{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)}
قال الطبري:
يقول تعالى ذكره: عسى الله أيها المؤمنون أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم من أعدائي من مشركي قريش مودّة، ففعل الله ذلك بهم، بأن أسلم كثير منهم، فصاروا لهم أولياء وأحزابًا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) قال: هؤلاء المشركون قد فعل، قد أدخلهم في السلم وجعل بينهم مودّة حين كان الإسلام حين الفتح.
وفقًا للمفهوم العنصري الضيِّق الصدئ للإسلام وللمتعصبين من كل دين عمومًا أنه لا مودة بين بني البشر، إلا من كان من نفس ملة المجموعة وديانتها فقط، هذه عقلية وتفكير ظلاميّ مريض. وهذا النص على الأرجح صاغه محمد بعد نجاح اقتحام وأسلمة مكة وهدم أصنامها والكثير من معابد وأصنام شبه جزيرة العرب في نفس الوقت والعام، وإكراه القرشيين والكنانيين في مكة وغيرهم في بلدان شبه جزيرة العرب على الإسلام، وقتل كثير من كهنة (رجال دين) الوثنية الشامانية (العرافة والكهانة) العربية القديمة.
{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)} الممتحنة
روى البخاري:
2733 - وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ وَبَلَغْنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ أَنَّ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ قَرِيبَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ وَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى أَبُو جَهْمٍ فَلَمَّا أَبَى الْكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ } وَالْعَقْبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إِلَى مَنْ هَاجَرَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ وَمَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إِيمَانِهَا وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرِ بْنَ أَسِيدٍ الثَّقَفِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي الْمُدَّةِ فَكَتَبَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ أَبَا بَصِيرٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
مثال آخر قاطع ودليل واضح على بشرية مصدر القرآن. وفي النص مثال لاتخاذ أتباع محمد المعاصرين له للغارات والنهب والسلب كمصدر من مصادر الدخل للدولة وللأفراد كهمجية ولصوصية وإجرام.
جاء في السيرة لابن هشام:
قال ابن إسحاق: وسألت الزهري عن هذه الآية، وقول الله عز وجل فيها: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا الله الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} [الممتحنة: 11] فقال: يقول: إن فات أحداً منكم أهله إلى الكفار، ولم تأتكم امرأة تأخذون بها مثل الذي يأخذون منكم، فعوضوهم من فىء إن أصبتموه،...إلخ
وقال ابن كثير في تفسيره:
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَقَرَّ الْمُؤْمِنُونَ بِحُكْمِ اللَّهِ، فَأَدَّوْا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ نَفَقَاتِ الْمُشْرِكِينَ الَّتِي أَنْفَقُوا عَلَى نِسَائِهِمْ، وَأَبَى الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُقِرُّوا بِحُكْمِ اللَّهِ فِيمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَدَاءِ نَفَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} فَلَوْ أَنَّهَا ذَهَبَتْ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ امرأةٌ مِنْ أَزْوَاجِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، رَدّ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى زَوْجِهَا النَّفَقَةَ الَّتِي أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنَ العَقب الَّذِي بِأَيْدِيهِمُ، الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَرُدُّوهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ نَفَقَاتِهِمُ الَّتِي أَنْفَقُوا عَلَى أَزْوَاجِهِمُ اللَّاتِي آمَنَّ وهاجرنَ، ثُمَّ رَدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَضْلًا إِنْ كَانَ بَقِيَ لَهُمْ. وَالْعَقِبُ: مَا كَانَ [بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ] مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ حِينَ آمَنَّ وَهَاجَرْنَ.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: يَعْنِي إِنْ لَحِقَتِ امْرَأَةُ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بِالْكُفَّارِ، أَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يُعْطَى مِنَ الْغَنِيمَةِ مِثْلَ مَا أَنْفَقَ.
وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ: {فَعَاقَبْتُم} أَصَبْتُمْ غَنِيمَةً مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ غَيْرِهِمْ {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} يَعْنِي: مَهْرَ مِثْلِهَا. وَهَكَذَا قَالَ مَسْرُوقٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، وَالزُّهْرِيُّ أَيْضًا.
وَهَذَا لَا يُنَافِي الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ إِنْ أَمْكَنَ الْأَوَّلُ فَهُوَ أَوْلَى، وَإِلَّا فَمِنَ الْغَنَائِمِ اللَّاتِي تُؤْخَذُ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ. وَهَذَا أَوْسَعُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}
قال ابن المنذر النيسابوري في تفسيره:
198 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَوْ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، وَزَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ، يُوَادَّانِ رِجَالا مِنَ الْيَهُودِ، فَأَنْزَلَ اللهُ : {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ} الآيَةَ "
وفي لباب النقول للسيوطي نقله عنه.
وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره:
قوله: ( يأيها الذين ءامنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم) يعني اليهود نزلت في عبد الله بن أبي ، ومالك بن دخشم كانت اليهود زينوا لهم ترك الإسلام ، فكان أناس من فقراء المسلمين يخبرون اليهود عن أخبار المسلمين ليتواصلوا بذلك فيصيبون من ثمارهم وطعامهم، فنهى الله عز وجل عن ذلك .
هذا كلام محتمل جدًّا، وقد ذكرت أدلة على عدم إخلاص مالك بن الدخشم أو الدخيشن في اتباعه لمحمد وخرافاته ومزاعمه الخزعبيلة، في ج1 (حروب محمدالإجرامية)، رغم امتداح محمد له أو رفضه اتهامه في إيمانه في أحاديث صحيحة. وموقف الرجل مثلًا يوم موقعة أحد دليل على ذلك كما حكاه الواقدي وغيرها من مواقفه.
وقال ابن أبي حاتم في أسباب النزول:
نَزَلَتْ فِي نَاسٍ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يُخْبِرُونَ الْيَهُودَ بِأَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ وَيُوَاصِلُونَهُمْ فَيُصِيبُونَ بِذَلِكَ مِنْ ثِمَارِهِمْ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ.
وقال الطبري:
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) من اليهود (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ) .
قال الزمخشري في الكشاف:
روى أنّ بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم «4». فقيل لهم لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً مغضوبا عليهم قَدْ يَئِسُوا من أن يكون لهم حظ في الآخرة لعنادهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وهم يعلمون أنه الرسول المنعوت في التوراة كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا أحياء. وقيل مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ بيان للكفار ، أى : كما يئس الكفار الذين قبروا من خير الآخرة ، لأنهم تبينوا قبح حالهم وسوء منقلبهم.
وقال ابن جزى في التسهيل لعلوم التنزيل:
لا تتولوا قوما غضب الله عليهم يعني اليهود وكان بعض فقراء المسلمين يتودد إليهم ليصيبوا من أموالهم وقيل يعني كفار قريش والأول أظهر لأن الغضب قد صار عرفا لليهود كقوله غير المغضوب عليهم. قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور من قال إن القوم الذين غضب الله عليهم هم اليهود فمعنى يئسوا من الآخرة يئسوا من خير الآخرة والسعادة فيها ومن قال إن القوم الذين غضب الله عليهم هم كفار قريش فالمعنى يئسوا من وجود الآخرة وصحتها لأنهم مكذبون بها تكذيبا جزما
مما يؤكد أن فهم بعض المفسرين للنص أنه عن اليهود صحيح، أن محمدًا تكلم عن فئتين هنا بمصطلحاته: "الكفار" ويقصد بها المؤمنون بتعدد الآلهة، الوثنيون، والفئة الأخرى التي يصفها بوصف أسطوري عنصري دومًا بأن الله غضب عليها هم اليهود، ولعل هذا النص مبكِّر قبل كسر محمد لقوة اليهود بعدوانه المتكرر على قبائلهم ومساكنهم وحصونهم، لأننا الآن تجاوزنا صلح الحديبية 7ه وتحطيم قوة خيبر آخر معقل لقوى اليهود وفرض خراج نصف الأرض على يهود فدك ووادي القرى ومن تبقوا في خيبر على أن تكون الأرض ملكًا للمسلمين العرب، ثم تجاوزنا كذلك فتح مكة، فيبدو مؤكدًا أن هذا نص أقدم، وكل سور القرآن هكذا بلا نظام ولا ترتيب منهجي للمواضيع والقصص والتعاليم، بل فوضى تامة، ولا وجود لنصوص مرتبة حسب زمن الصياغة على الإطلاق، بل كل النصوص مختلطة، ولعلي قاربت محاولة جيدة في كل أبواب الكتاب للتحديد بعين الخبرة زمن كل نص قدر الإمكان، وبرأيي هذا النص صيغ قبل الحديبية وخيبر وربما قبل الخندق وقريظة، وفيه كالعادة حرَّض محمد أتباعه على الكراهية وعدم المودة والتوادّ والمحبّة مع الإخوة في الإنسانية والكينونة لمجرد اختلاف الأديان الخرافية التافهة التجهيلية.
إلا أن حمزة بن محمود الكرماني في غرائب التفسير يرى تأويلًا محتملًا عن أنها تعود على الوثنيين للتأكيد على الوصية بمعاداتهم وعدم مودتهم والسلام معهم كما ورد في أول السورة:
قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ). عاد إلى أول السورة، وخاطب حاطب وفتحها به.
وعلى كلٍّ فكلا المعنيين والمقصدين قبيح بغيض ظلاميّ.
آية من آيات من سورة 5 المائدة قالها محمد في عام عمرة القضية أو عمرة القضاء 8ه
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)}
وفقًا لهذا النص فإذا قابل المسلم وثنيًّا أثناء سفره (المسلم) العادي أو ذهابه مُحرِمًا إلى شعيرة الحج أو العمرة، في الأشهر الحرم فيحرم قتال الوثنيين خلال تلك الفترة، كأن ذلك هو السبب الوحيد مع كونه سببًا خرافيًّا لأن يمتنع المسلم عن قتل وقتال أخيه الإنسان غير المسلم، ومع ذلك لم يتوقف محمد عند هذا الحكم، وكما قال ابن كثير في تفسيره:
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدة، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَر الَّذِي بَيْنَ جُمادى وَشَعْبَانَ".
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِمْرَارِ تَحْرِيمِهَا إِلَى آخِرِ وَقْتٍ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} يَعْنِي: لَا تَسْتَحِلُّوا قِتَالًا فِيهِ. وَكَذَا قَالَ مُقَاتل بْنُ حَيَّان، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الجزَريُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا، وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التَّوْبَةِ:5] قَالُوا: وَالْمُرَادُ أَشْهَرُ التَّسْيِيرِ الْأَرْبَعَةُ، [ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} ] قَالُوا: فَلَمْ يَسْتَثْنِ شَهْرًا حَرَامًا مِنْ غَيْرِهِ.
وَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ [رَحِمَهُ اللَّهُ] الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ قِتَالَ أَهْلِ الشِّرْكِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَغَيْرِهَا مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكَ لو قلد عنقه أو ذِرَاعَيْهِ بِلِحَاءِ جَمِيعِ أَشْجَارِ الْحَرَمِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ أَمَانًا مِنَ الْقَتْلِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَقْدُ ذِمَّةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَمَانٍ، وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحْثٌ آخَرُ، لَهُ مَوْضِعٌ أَبْسَطُ مِنْ هَذَا.
.... وقَدْ ذَكَرَ عِكْرِمة، والسُّدِّي، وَابْنُ جُرَيْجٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الحُطم بْنِ هِنْدٍ الْبَكْرِيِّ، كَانَ قَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْح الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ اعْتَمَرَ إِلَى الْبَيْتِ، فَأَرَادَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَنْ يَعْتَرِضُوا فِي طَرِيقِهِ إِلَى الْبَيْتِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} .
وَقَدْ حَكَى ابْنُ جَرِيرٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكَ يَجُوزُ قَتْلُهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ، وَإِنْ أمَّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ أَوِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ؛ فَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ فِي حَقِّهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ومما قاله الطبري من الآراء:
10999- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم أن تعتدوا"، قال: بغضاؤهم، حتى تأتوا ما لا يحل لكم. وقرأ:"أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا"، وقال: هذا كله قد نسخ، نسخه الجهاد.
وقال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد:
ولا خلاف فى جواز القتال فى الشهر الحرام إذا بدأ العدو، إنما الخلاف أن يُقاتل فيه ابتداءً، فالجمهور: جوَّزوه، وقالوا: تحريمُ القِتَال فيه منسوخٌ، وهو مذهبُ الأئمة الأربعة، رحمهم الله.
وذهب عطاء وغيرُه إلى أنه ثابتٌ غيرُ منسوخ، وكان عطاء يحلِفُ بالله: ما يَحِلُّ القِتَالُ فى الشهر الحرام، ولا نسَخَ تحريمَه شىءٌ.
وأقوى من هذين الاستدلالين الاستدلالُ بحصار النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للطائف، فإنه خرج إليها فى أواخِر شوَّال، فحاصرهم بضعاً وعشرين ليلة، فبعضُها كان فى ذى القَعَدة، فإنه فتح مكة لِعَشرٍ بقينَ مِن رمضان، وأقام بها بعد الفتح تسع عشرةَ يقصُرُ الصلاة، فخرج إلى هَوازن وقد بقى من شوَّال عشرون يوماً، ففتح الله عليه هَوازِنَ، وقسم غنائمها، ثم ذهب منها إلى الطائف، فحاصرها بضعاً وعشرين ليلة، وهذا يقتضى أن بعضها فى ذى القَعَدة بلا شك.
أليست حقًّا ديانة لطيفة متحضرة؟! القتل لأجل اختلاف الدين!
110 النصر
{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} النصر
ذكرت في ج1 أن في عام الوفود نتيجة إرهاب محمد وسيطرته على كامل شبه جزيرة العرب جاءت وفود القبائل لتعلن طاعتها لمحمد خوفًا وإكراهًا في أكثر الحالات، ومن أسلموا طواعية كانوا كما قال جوستاف فلوبير في (روح الأمم) في حديثه عن الشعوب الهمجية والرعاع الغير مثقفين الذين يتبعون وينبهرون بالأقوى ويعترفون بالسلطة له.
49 الحجرات
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)}
روى محمد بن سعد في الطبقات الكبير ج1:
وَفْدُ أَسَدٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالا: قَدِمَ عَشَرَةُ رَهْطٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي أَوَّلِ سَنَةِ تِسْعٍ. فِيهِمْ حَضْرَمِيُّ بْنُ عَامِرٍ. وَضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ. وَوَابِصَةُ بْنُ مَعْبَدٍ. وَقَتَادَةُ بْنُ الْقَايِفِ. وَسَلَمَةُ بْنُ حُبَيْشٍ. وَطَلْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ. وَنَقَادَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ. فَقَالَ حَضْرَمِيُّ بْنُ عَامِرٍ: أَتَيْنَاكَ نَتَدَرَّعُ اللَّيْلَ الْبَهِيمَ. فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ. وَلَمْ تَبْعَثْ إِلَيْنَا بَعْثًا. فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} الحجرات
وعنه نقله السيوطي في لباب النقول وفي الدر المنثور.
روى الطبراني في المعجم الأوسط:
8016 - حدثنا موسى بن هارون نا سهل بن عثمان نا حفص بن غياث عن حجاج بن أرطأة عن إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي عن عبد الله بن أبي أوفى قال قال أناس من العرب يا رسول الله أسلمنا ولم نقاتلك وقاتلك بنو فلان فأنزل الله {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم} الآية لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم بن السكسكي إلا الحجاج ولاعن الحجاج إلا حفص تفرد به سهل بن عثمان
حسنه السيوطي في لباب النقول/ تفسير سورة الحجرات
وروى النسائي في الكبرى:
11519 - أنا سعيد بن يحيى بن سعيد نا أبي نا محمد بن قيس عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وأخبرنا سعيد بن يحيى عن أبيه عن محمد بن قيس عن رجل من ثقيف الذي يقال له أبو عون عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: قدم وفد بني أسد على رسول الله صلى الله عليه و سلم فتكلموا فقالوا قاتلتك مضر ولسنا بأقلهم عددا ولا أكلهم شوكة وصلنا رحمك قال لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما تكلموا هكذا قالوا لا قال إن فقه هؤلاء قليل وإن الشيطان ينطق على ألسنتهم قال عطاء في حديثه فأنزل الله جل وعز {يمنون عليك أن أسلموا} الآية
وروى البزار في مسنده:
5141- حَدَّثنا إبراهيم بن سَعِيد الجوهري ، قَال : حَدَّثنا يَحْيَى بن سَعِيد الأُمَوي عن مُحَمد بن قيس ، عَن أبي عون ، عَن سَعِيد بن جُبَير ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِي الله عَنْهُمَا ، قال : جاءت بنو أسد إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وَسَلَّم فقالوا : يا رَسولَ اللهِ أسلمنا وقاتلتك العرب ولم نقاتلك فقال رسول الله : إن فقههم قليل ، وَإن الشيطان ينطق على ألسنتهم ونزلت هذه الآية : {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم} الآية.
وهذا الحديث لا نعلَمُ أحَدًا رواه عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وَسَلَّم بهذا اللفظ إلاَّ ابن عباس ، ولاَ له طريقًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إلاَّ هذا الطريق ، ولاَ نَعْلَمُ أسند مُحَمد بن عُبَيد الله ، عَن سَعِيد بن جُبَير غير هذا الحديث ، ومُحَمَّد بن عُبَيد الله هو : أَبُو عون.
وقال الطبري:
وذُكر أن هؤلاء الأعراب من بني أسد، امتنوا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقالوا: آمنا من غير قتال، ولم نقاتلك كما قاتلك غيرنا، فأنزل الله فيهم هذه الآيات.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبَير في هذه الآية (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) أهم بنو أسد؟ قال: قد قيل ذلك.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا سهل بن يوسف، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: قلت لسعيد بن جُبَير (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) أهم بنو أسد؟ قال: يزعمون ذاك.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، قال: كان بشر بن غالب ولبيد بن عطارد، أو بشر بن عطارد، ولبيد بن غالب عند الحجاج جالسين، فقال بشر بن غالب للبيد بن عطارد: نزلت في قومك بني تميم (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ) فذكرت ذلك لسعيد بن جُبَير، فقال: إنه لو علم بآخر الآية أجابه (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) قالوا أسلمنا ولم تقاتلك بنو أسد.
وقال ابن أبي حاتم في تفسيره:
18623 - عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ جَاءَ نَاسٌ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّا قَدْ أَسْلَمْنَا وَلَنْ نُقَاتِلَكَ كَمَا قَاتَلَكَ بَنُو فُلانٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يَمُنُّونَ عليك أن أسلموا.
وقال السيوطي في الدر المنثور:
وأخرج ابن
المنذر عن ابن جريج قال : أخبرت عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن تميما ورجلا من
بني أسد بن خزيمة إستبا فقال الأسدي : إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أعراب بني
تميم فقال سعيد رضي الله عنه : لو كان التميمي فقيها إن أولها في بني تميم وآخرها
في بني أسد
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن حبيب بن أبي عمرة قال : كان بيني وبين رجل من بني أسد كلام فقال الأسدي إن الذين ينادونك من وراء الحجرات بني تميم أكثرهم لا يعقلون فذكرت ذلك لسعيد بن جبير قال : أفلا تقول لبني أسد قال الله يمنون عليك أن أسلموا فإن العرب لم تسلم حتى قوتلت ونحن أسلمنا بغير قتال فأنزل الله هذا فيهم
وأخرج عبد بن حميد من طريق قتادة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : قال رجل من
بني أسد لرجل من بني تميم وتلا هذه الآية إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم
بني تميم لا يعقلون فلما قام التميمي وذهب قال سعيد بن جبير : أما إن التميمي لو
يعلم ما أنزل في بني أسد لتكلم قلنا : ما أنزل فيهم ؟ قال : جاؤوا إلى النبي صلى
الله عليه و سلم فقالوا : إنا قد أسلمنا طائعين وإن لنا حقا فأنزل الله يمنون عليك
أن أسلموا الآية
وقال ابن كثير:
...فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَعْرَابَ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسُوا بِمُنَافِقِينَ، وَإِنَّمَا هُمْ مُسْلِمُونَ لَمْ يَسْتَحْكِمِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَادَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مَقَامًا أَعْلَى مِمَّا وَصَلُوا إِلَيْهِ، فَأُدِّبُوا فِي ذَلِكَ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مُنَافِقِينَ يُظهرون الْإِيمَانَ وَلَيْسُوا كَذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَابْنِ زَيْدٍ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِهِ: {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أَيِ: اسْتَسْلَمْنَا خَوْفَ الْقَتْلِ وَالسِّبَاءِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ امْتَنُّوا بِإِيمَانِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ أَنَّهُمْ قَوْمٌ ادَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مَقَامَ الْإِيمَانِ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ بَعْدُ، فَأُدِّبُوا وَأُعْلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ بَعْدُ، وَلَوْ كَانُوا مُنَافِقِينَ لَعُنِّفُوا وَفُضِحُوا، كَمَا ذُكِرَ الْمُنَافِقُونَ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ. وَإِنَّمَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ تَأْدِيبًا: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} أَيْ: لَمْ تَصِلُوا إِلَى حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ بَعْدُ.
هنا فرَّق محمدٌ بين الإسلام والإيمان، فبسبب أعمال الإكراه الديني التي قام بها، صار هناك فرق بين التظاهر بالإسلام والاستسلام لجبروت محمد، وبين الإيمان الحقيقي بخرافات الإسلام المحمديّ، لو لم يكن محمد قام بأعمال العنف وشرَّع وأمر بها لكانت ظاهرة النفاق ستكون قليلة ونادرة جدًّا، كان سيكون هناك فقط كما في كل دين خرافة ومجتمع ديني ناس لهم مصالح ومكاسب من التظاهر بالتدين. لا أدل على ذلك من أن أحد من حضروا وهو طلحة بن خويلد كان من مدّعي النبوة تقليدًا لمحمد بعد موته كما نعلم من كتب التاريخ، ولعل بعض أو كل من جاؤوا معه في الوفد ناصروه واتبعوه.
9 التوبة
حَجّ أَبي بَكْرٍ سَنَةَ تِسْعٍ، وتبليغ علي للوثنيين سورة براءة (التوبة)
ما أن حاز محمد على قوة كبيرة وسيطرة على أجزاء كبرى من شبه الجزيرة العربية، وضم له معظم القبائل كأتباع كقريش وهوازن وثقيف وبني سليم وبني غفار وأشجع ومزينة وغطفان وغيرهم، حتى شرع في استكمال إكراهه للوثنيين على اتباع دينه، وأرسل أبا بكر ثم أبدله بعلي كممثل وقريب له_حسب تقاليد العرب_ليعلن للوثنيين ممن له عهد مع المسلمين ومحمد نقض تلك العهود وأن أمامهم "مهلة!" أربعة أشهر سلام وأمان ليسلموا أو يهربوا من شبه الجزيرة العربية، فمن له عهد غير محدد المدة معه فقد أعلن نقضه ونبذه إليه وأمامه تلك الأربعة أشهر ليسلم أو يهرب وإلا سيقتله المسلمون، ومن ليس له عهد أو باقٍ أقل من الأربعة أشهر فله تلك الأربعة أشهر فقط أمانًا، ومن له عهد فعهده إلى انتهاء مدته ثم سيحاربه محمد وأتباعه لإكراهه (ولو أني أشك في أنه ترك أحدًا إلى تمام مدة عهده، ولعل معظم أو كل عهوده كانت مفتوحة دون مدة فنقضها)، وأعلن بذلك سيادة عهد الإرهاب والإكراه واستفحاله أكثر من كل الأحداث التي سردناها سابقًا. وأتم تحويل الكعبة من مكان مقدّس وثني تعددي إلى مكان مقدس إسلامي وبزعمه إبراهيميّ بناه إبراهيم وإسماعيل، ولم يكن الوثنيون يعرفون هذين الشخصين الأسطوريين من الأصل.
يقول ابن هشام مقتبسًا من ابن إسحاق:
قال ابن إسحاق: وحدثني حكيم ابن حكيم بن عبَّاد بن حُنَيْف، عن أبي جعفر محمد بن على رضوان اللّه عليه، أنه قال: لما نزلت براءةُ على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقد كان بعث أبا بكر الصديق ليقيم للناس الحج، قيل له: يا رسول اللّه لو بعثت بها إلى أبي بكر، فقال: لا يؤدي عني إلا رجلٌ من أهل بيتي، ثم دعا علي بن أبي طالب. رضوان اللّه عليه، فقال له: اخرج بهذه القصة من صدر براءة، وأذن في الناس يومَ النحر إذا اجتمعوا بمنى، أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عهد فهو له إلى مدته فخرج علي بن أبي طالب رضوان اللّه عليه على ناقةِ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم العَضْباء، حتى أدرك أبا بكر بالطريق فلما رآه أبو بكر بالطريق قال: أأمير أم مأمور؟ فقال: بل مأمور، ثم مضيا. فأقام أبو بكر للناس الحج، والعرب إذ ذاك في تلك السَّنة على منازلهم من الحج، التي كانوا عليها في الجاهلية. حتى إذا كان يوم النحر، قام علي بن أبي طالب رضى اللّه عنه، فأذَّن في الناس بالذي أمره به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال: أيها الناس، إنه لا يدخل الجنةَ كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان، ومن كان له عند رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عهد فهو له إلى مدته؛ وأجل الناس أربعةَ أشهر من يوم أذَّن فيهم، ليرجع كل قوم إلى مأمنهم أو بلادِهم، ثم لا عهد لمشرك ولا ذمة، إلا أحد كان له عند رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عهد إلى مدة، فهو له إلى مدته. فلم يحج بعد ذلك العام مشرك، ولم يطف بالبيت عريان. ثُمَّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَكَانَ هَذَا مِنْ بَرَاءَةَ فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ الْعَامِّ وَأَهْلِ الْمُدَّةِ إِلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى.
قال ابن إسحاق: ثم أمر اللّه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بجهاد أهل الشرك، ممن نقض من أهل العهد الخاص، ومن كان من أهل العهد العام، بعد الأربعة الأشهر التي ضرب لهم أجلا إلا أن يعدوَ فيها عاد منهم، فيُقتل بعدائه.
وروى البخاري:
369 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ، نُؤَذِّنُ بِمِنًى: أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ " قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةٌ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ: «لاَ يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ»
ورواه مسلم 1347.
ولنذكر آيات سورة التوبة الإرهابية هاهنا مخلوطة بتفسير ابن كثير الدمشقي والأحاديث الصحاح التي أوردها للتفسير:
[سورة التوبة (9) : الآيات 1 الى 2]
بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (2)
وَأَوَّلُ هَذِهِ السُّورَةِ "الْكَرِيمَةِ" نَزَلَ عَلَى "رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" لَمَّا رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهَمَّ بِالْحَجِّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يَحْضُرُونَ عَامَهُمْ هَذَا الْمَوْسِمَ عَلَى عَادَتِهِمْ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ يطوفون بالبيت عراة، فكره مخالطتهم وبعث أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمِيرًا على الحج تلك السنة ليقيم للناس مناسكهم ويعلم المشركين أن لا يَحُجُّوا بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا، وَأَنْ يُنَادِيَ فِي الناس بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَمَّا قَفَلَ أَتْبَعُهُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِيَكُونَ مُبَلِّغًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ عُصْبَةً لَهُ كَمَا سَيَأْتِي بيانه.
فقوله تعالى: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَيْ هَذِهِ بَرَاءَةٌ أَيْ تَبَرُّؤٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ هَاهُنَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَقَالَ قَائِلُونَ: هَذِهِ الْآيَةُ لِذَوِي الْعُهُودِ الْمُطْلَقَةِ غَيْرِ الْمُؤَقَّتَةِ أَوْ مَنْ لَهُ عَهْدٌ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَيُكْمَلُ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ مُؤَقَّتٌ فَأَجَلُهُ إِلَى مُدَّتِهِ مَهْمَا كَانَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ [التوبة: 4] الآية، وَلِمَا سَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ. وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ وَأَقْوَاهَا، وَقَدِ اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَرُوِيَ عَنِ الْكَلْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ الآية، قَالَ: حَدَّ اللَّهُ لِلَّذِينِ عَاهَدُوا رَسُولَهُ أَرْبَعَةَ أشهر يسيحون في الأرض حيث شاؤوا وأجل مَنْ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ انْسِلَاخَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ من يوم النحر إلى سلخ المحرم فَذَلِكَ خَمْسُونَ لَيْلَةً، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إِذَا انسلخ الأشهر الحرم أَنْ يَضَعَ السَّيْفَ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وبينه عهد بقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام، وأمر بمن كَانَ لَهُ عَهْدٌ إِذَا انْسَلَخَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى عَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ ربيع الآخر أن يضع فيهم السيف أيضا حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ « انظر تفسير الطبري 6/ 303.».
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْمَوْسِمِ سَنَةَ تِسْعٍ، وَبَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً مِنْ بَرَاءَةَ فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ، يُؤَجِّلُ الْمُشْرِكِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَسِيحُونَ في الأرض فقرأها عليهم يوم عرفة أجلهم عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ وَشَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَعَشْرًا مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ وَقَالَ: لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ عَامِنَا هَذَا مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ «تفسير الطبري 6/ 304.».
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى أَهْلِ الْعَهْدِ خُزَاعَةَ وَمُدْلِجٍ وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ أَوْ غَيْرُهُمْ، فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تَبُوكَ حِينَ فَرَغَ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا يَحْضُرُ الْمُشْرِكُونَ فَيَطُوفُونَ عُرَاةً فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَحُجَّ حَتَّى لَا يَكُونَ ذَلِكَ» فَأَرْسَلَ أَبَا بكر وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَطَافَا بِالنَّاسِ فِي ذِي الْمَجَازِ وَبِأَمْكِنَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِهَا وبالمواسم كلها، فآذنوا أصحاب العهد بأن يؤمّنوا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَهِيَ الْأَشْهُرُ الْمُتَوَالِيَاتُ عِشْرُونَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى عَشْرٍ يَخْلُونَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ ثُمَّ لَا عَهْدَ لَهُمْ، وَآذَنَ النَّاسَ كُلَّهُمْ بِالْقِتَالِ إِلَّا أَنْ يُؤَمَّنُوا «تفسير الطبري 6/ 304.» ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ وقَتَادَةَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ ابْتِدَاءُ التَّأْجِيلِ مِنْ شَوَّالٍ وَآخِرُهُ سَلْخَ الْمُحَرَّمِ، وَهَذَا الْقَوْلُ غَرِيبٌ وَكَيْفَ يُحَاسَبُونَ بِمُدَّةٍ لَمْ يَبْلُغْهُمْ حُكْمَهَا وَإِنَّمَا ظَهَرَ لَهُمْ أَمْرُهَا يَوْمَ النَّحْرِ حِينَ نَادَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بذلك ولهذا قال تعالى:
[سورة التوبة (9) : آية 3]
وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (3)
يَقُولُ تَعَالَى وَإِعْلَامٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَقَدُّمٌ وَإِنْذَارٌ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْمَنَاسِكِ وَأَظْهَرُهَا وَأَكْثَرُهَا جَمْعًا أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ أَيْ بَرِيءٌ مِنْهُمْ أَيْضًا ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ إِلَيْهِ، فَقَالَ فَإِنْ تُبْتُمْ أَيْ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَيِ اسْتَمْرَرْتُمْ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ بَلْ هو قادر عليكم وَأَنْتُمْ فِي قَبْضَتِهِ وَتَحْتَ قَهْرِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ أَيْ فِي الدُّنْيَا بِالْخِزْيِ وَالنَّكَالِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالْمَقَامِعِ وَالْأَغْلَالِ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: 4656- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي المؤذنين الذين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى أن لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. قَالَ حُمَيْدٌ: ثُمَّ أَرْدَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يوم النحر ببراءة، وأن لا يحج بعد هذا الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. «حديث 4656 كتاب التفسير، تفسير سورة 9، باب 2، 3»
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا: 3177- حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى: «لاَ يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَيَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ»، وَإِنَّمَا قِيلَ الأَكْبَرُ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ النَّاسِ: الحَجُّ الأَصْغَرُ، فَنَبَذَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ العَامِ، فَلَمْ يَحُجَّ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْرِكٌ. هذا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ. «حديث 3177 كتاب الجهاد باب 66»
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «المسند 2/ 299» : 7977 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ " بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِبَرَاءَةٌ ". فَقَالَ: مَا كُنْتُمْ تُنَادُونَ ؟ قَالَ: كُنَّا نُنَادِي: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ، فَإِنَّ أَجَلَهُ أَوْ أَمَدَهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَإِنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ، وَلَا يَحُجُّ هَذَا الْبَيْتَ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ. قَالَ: فَكُنْتُ أُنَادِي حَتَّى صَحِلَ صَوْتِي.
إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محرر بن أبي هريرة، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد وقع في متن الحديث نكارة من جهة قول الراوي "ومن كان بينه وبين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهدٌ فإن أجله أو أمده إلى أربعة أشهر"، فالصحيح أن أجله إلى أمده بالغاً ما بلغ ولو زاد على أربعة أشهر، وذلك لقوله تعالى في سورة براءة (فأتِمُّوا عَهْدَهم إلى مُدَّتهم) ، وأما من لم يكن له عهدٌ من المشركين، أو كان له عهد، لكن ظاهَرَ على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو نقض عهده قبل انقضاء مدته، فذلك أمده إلى أربعة أشهر
صحل صوتي: بُحَّ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَرَّرُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ بَعَثَهُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي فَكَانَ إِذَا صحل ناديت فقلت: بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُنَادُونَ؟ قَالَ بِأَرْبَعٍ، لَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مؤمنة، ولا يحج بعد عامنا هذا مشرك. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ « تفسير الطبري 6/ 306» مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ بِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ « تفسير الطبري 6/ 306» : وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ وَهْمًا مِنْ بَعْضِ نَقَلَتِهِ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ مُتَظَاهِرَةٌ فِي الْأَجَلِ بِخِلَافِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ « 13214»: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم بعثه ببراءة مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا بَلَغَ ذَا الْحُلَيْفَةِ قَالَ: «لَا يُبَلِّغُهَا إِلَّا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي» فَبَعَثَ بِهَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
وَرَوَاهُ الترمذي « 3090، سنن الترمذي، كتاب التفسير، تفسير سورة 9، باب 5.» في التفسير: عن بُنْدَارٍ عَنْ عَفَّانَ وَعَبْدِ الصَّمَدِ كِلَاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقال الإمام أحمد: 594 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أُثَيْعٍ، - رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ - سَأَلْنَا عَلِيًّا: بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ ؟ يَعْنِي يَوْمَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي الْحَجَّةِ، قَالَ: "بُعِثْتُ بِأَرْبَعٍ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَلا يَحُجُّ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُسْلِمُونَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا"
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ « كتاب التفسير، تفسير سورة 9، باب 5» عَنْ قِلَابَةَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ كَذَا قَالَ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عن أبي إسحاق فقال: زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ وَهِمَ فِيهِ، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. أخرجه الحميدي (48) ، والدارمي (1919) ، والترمذي (871) و (872) و (3092) ، وأبو يعلى (452) ، والبيهقي 9/207 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه البزار (785) من طريق معمر، والطبري 10/64 من طريق زكريا بن أبي زائدة، والبيهقي 9/206-207 من طريق زهير بن معاوية، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به. وأخرجه الحاكم 4/178
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ « تفسير الطبري 6/ 306» : حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُنْزِلَتْ بَرَاءَةُ بأربع: أن لا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلَا يَقْرَبَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مُشْرِكٌ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَهُوَ إِلَى مُدَّتِهِ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ بَرَاءَةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَدْ كَانَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ لِيُقِيمَ الْحَجَّ لِلنَّاسِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: «لَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي» ثُمَّ دَعَا عليا فقال «اذهب بهذه القصة من سورة بَرَاءَةَ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ إِذَا اجْتَمَعُوا بِمِنًى، أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَافِرٌ، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو له إِلَى مُدَّتِهِ» فَخَرَجَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَضْبَاءِ حَتَّى أَدْرَكَ أَبَا بَكْرٍ فِي الطَّرِيقِ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: أَمِيرٌ أو مأمور؟ فقال بَلْ مَأْمُورٌ، ثُمَّ مَضَيَا فَأَقَامَ أَبُو بَكْرٍ للناس الحج إِذْ ذَاكَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عَلَى مَنَازِلِهِمْ مِنَ الْحَجِّ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ قَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالَّذِي أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَافِرٌ، وَلَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ولا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ إِلَى مُدَّتِهِ، فَلَمْ يَحُجَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، ثُمَّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَكَانَ هَذَا مِنْ بَرَاءَةَ فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ الْعَامِّ وَأَهْلِ الْمُدَّةِ إِلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى «السيرة لابن هشام».
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ « تفسير الطبري 6/ 309، 310» : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ راشد، أخبرنا حيوة بن شريح، أخبرنا ابن صَخْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيَّ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيَّ وهو يقول: سألت عليا عَنْ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي قُحَافَةَ يُقِيمُ لِلنَّاسِ الْحَجَّ وَبَعَثَنِي مَعَهُ بِأَرْبَعِينَ آيَةً مِنْ بَرَاءَةَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَخَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: قُمْ يَا عَلِيُّ فَأَدِّ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُمْتُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ آيَةً مِنْ بَرَاءَةَ، ثُمَّ صَدَرْنَا فَأَتَيْنَا مِنًى فَرَمَيْتُ الْجَمْرَةَ وَنَحَرْتُ الْبَدَنَةَ ثُمَّ حَلَقْتُ رَأْسِي وَعَلِمْتُ أن أهل الجمع لم يكونوا كلهم حضروا خطبة أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ عَرَفَةَ فَطُفْتُ أَتَتَبَّعُ بِهَا الفساطيط أقرأها عَلَيْهِمْ فَمِنْ ثَمَّ إِخَالُ حَسِبْتُمْ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ أَلَا وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ.
وَقَالَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَأَلْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ عَنْ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ قَالَ: يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ أَمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: كُلٌّ فِي ذَلِكَ «تفسير الطبري 6/ 310» ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا: عن ابن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ عَرَفَةَ «المرجع السابق». وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ الشَّنِّيُّ: حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَصَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فَلَا يُصَومَنَّهُ أَحَدٌ. قَالَ: فَحَجَجْتُ بَعْدَ أَبِي فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْضَلِ أَهْلِهَا فَقَالُوا: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ عَنْ أَفْضَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: أُخْبِرُكَ عَمَّنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنِّي مِائَةَ ضِعْفٍ عُمَرُ أَوْ ابْنُ عُمَرَ، كَانَ يَنْهَى عَنْ صَوْمِهِ وَيَقُولُ هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «المرجع السابق» وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَطَاوُسٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ.
[سورة التوبة (9) : آية 4]
إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)
هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ ضَرْبِ مُدَّةِ التَّأْجِيلِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِمَنْ لَهُ عَهْدٌ مُطْلَقٌ لَيْسَ بِمُؤَقَّتٍ، فَأَجَلُهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يَسِيحُ فِي الْأَرْضِ يَذْهَبُ فِيهَا لِيَنْجُوَ بِنَفْسِهِ حَيْثُ شَاءَ، إِلَّا مَنْ لَهُ عَهْدٌ مُؤَقَّتٌ فَأَجَلُهُ إِلَى مُدَّتِهِ الْمَضْرُوبَةِ الَّتِي عُوهِدَ عَلَيْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْأَحَادِيثُ وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وذلك بشرط أن لا يَنْقُضَ الْمُعَاهَدُ عَهْدَهُ وَلَمْ يُظَاهِرْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَحَدًا أَيْ يُمَالِئْ عَلَيْهِمْ مَنْ سِوَاهُمْ، فَهَذَا الَّذِي يُوَفَّى لَهُ بِذِمَّتِهِ وَعَهْدِهِ إِلَى مُدَّتِهِ ولهذا حرض تَعَالَى عَلَى الْوَفَاءِ بِذَلِكَ، فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ أي الموفين بعهدهم.
[سورة التوبة (9) : آية 5]
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمُرَادِ بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ هَاهُنَا مَا هِيَ؟ فذهب ابن جرير إلى أنها الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة: 36] الآية، قال أبو جعفر الباقر، ولكن قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: آخِرُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فِي حَقِّهِمُ الْمُحَرَّمُ، وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ حَكَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الضَّحَّاكُ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ السِّيَاقِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْعَوْفِيِّ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَشْهُرُ التَّسْيِيرِ الأربعة المنصوص عليها بقوله فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ [التَّوْبَةِ: 2] ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ أَيْ إِذَا انْقَضَتِ الْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي حَرَّمْنَا عَلَيْكُمْ فِيهَا قِتَالَهُمْ وَأَجَّلْنَاهُمْ فِيهَا فَحَيْثُمَا وَجَدْتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ لِأَنَّ عود العهد على مَذْكُورٍ أَوْلَى مِنْ مُقَدَّرٍ، ثُمَّ إِنَّ الْأَشْهُرَ الْأَرْبَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ سَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِهَا فِي آيَةٍ أُخْرَى بَعْدُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ.
وَقَوْلُهُ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ أَيْ مِنَ الْأَرْضِ وَهَذَا عَامٌّ، وَالْمَشْهُورُ تَخْصِيصُهُ بِتَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِي الْحَرَمِ، بِقَوْلِهِ: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ [الْبَقَرَةِ: 191] وَقَوْلُهُ: وَخُذُوهُمْ أَيْ وَأْسِرُوهُمْ إِنْ شِئْتُمْ قَتْلًا وَإِنْ شِئْتُمْ أَسْرًا، وَقَوْلُهُ: وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ أَيْ لَا تَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِ وِجْدَانِكُمْ لَهُمْ، بَلِ اقْصِدُوهُمْ بِالْحِصَارِ فِي مَعَاقِلِهِمْ وَحُصُونِهِمْ وَالرَّصْدِ فِي طُرُقِهِمْ وَمَسَالِكِهِمْ حَتَّى تُضَيِّقُوا عَلَيْهِمُ الْوَاسِعَ وَتَضْطَرُّوهُمْ إِلَى الْقَتْلِ أَوِ الْإِسْلَامِ، وَلِهَذَا قَالَ: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
وَلِهَذَا اعْتَمَدَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَأَمْثَالِهَا، حَيْثُ حَرَّمَتْ قِتَالَهُمْ بِشَرْطِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ وَهِيَ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْقِيَامُ بِأَدَاءِ وَاجِبَاتِهِ، وَنَبَّهَ بأعلاها على أدناها فإن أشرف أركان الإسلام بعد الشهادتين الصَّلَاةُ الَّتِي هِيَ حَقُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبَعْدَهَا أَدَاءُ الزَّكَاةِ الَّتِي هِيَ نَفْعٌ مُتَعَدٍّ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَحَاوِيجِ وَهِيَ أَشْرَفُ الْأَفْعَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَخْلُوقِينَ، وَلِهَذَا كَثِيرًا مَا يَقْرِنُ اللَّهُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ» «أخرجه البخاري في الإيمان باب 17، ومسلم في الإيمان حديث 32» الْحَدِيثَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِذَا شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا وَأَكَلُوا ذَبِيحَتَنَا وَصَلُّوا صَلَاتَنَا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ»
« المسند 3/ 199، 224، 225» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَأَهْلُ السُّنَنِ إِلَّا ابْنَ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ بِهِ. «أخرجه البخاري في الصلاة باب 28، وأبو داود في الزكاة باب 1، والجهاد باب 95، والترمذي في الإيمان باب 1، 2، وتفسير سورة 88، والنسائي في الزكاة باب 3، والإيمان باب 15، والجهاد باب 1، والتحريم باب 1، وابن ماجة في المقدمة باب 9، والفتن باب 1.»
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ «تفسير الطبري 6/ 320» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَعِبَادَتِهِ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَارَقَهَا وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ» قَالَ: وَقَالَ أَنَسٌ: هُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَبَلَّغُوهُ عَنْ رَبِّهِمْ قَبْلَ هَرْجِ الْأَحَادِيثِ وَاخْتِلَافِ الْأَهْوَاءِ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي آخِرِ مَا أُنْزِلَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ قَالَ: تَوْبَتُهُمْ خَلْعُ الْأَوْثَانِ وَعِبَادَةُ رَبِّهِمْ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، ثُمَّ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ [التَّوْبَةِ: 11] وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا حكام بن سلمة، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ بِهِ سَوَاءً.
وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ هِيَ آيَةُ السَّيْفِ الَّتِي قَالَ فِيهَا الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ: إِنَّهَا نَسَخَتْ كُلَّ عَهْدٍ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أحد من المشركين وكل عقد وَكُلَّ مُدَّةٍ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ وَلَا ذِمَّةٌ مُنْذُ نَزَلَتْ بَرَاءَةُ، وَانْسِلَاخِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَمُدَّةُ مَنْ كَانَ لَهُ عهد من المشركين قبل أن تنزل براءة أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، مِنْ يَوْمِ أُذِّنَ بِبَرَاءَةَ إِلَى عَشْرٍ مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ: عَنِ ابْنِ عباس فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَضَعَ السَّيْفَ فِيمَنْ عَاهَدَ إِنْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَنَقْضِ مَا كَانَ سَمَّى لهم من العهد وَالْمِيثَاقِ، وَأَذْهَبَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأنصاري قال: قال سفيان بن عيينة: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعَةِ أَسْيَافٍ سَيْفٍ في المشركين من العرب، قال الله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ هَكَذَا رَوَاهُ مُخْتَصَرًا، وَأَظُنُّ أَنَّ السَّيْفَ الثَّانِيَ هو قتال أهل الكتاب لقوله تَعَالَى: قاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ [التَّوْبَةِ: 29] وَالسَّيْفُ الثَّالِثُ قِتَالُ الْمُنَافِقِينَ فِي قَوْلِهِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ [التوبة: 73 والتحريم: 9] الآية، وَالرَّابِعُ قِتَالُ الْبَاغِينَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ [الْحُجُرَاتِ: 9] ثُمَّ اخْتَلَفَ المفسرون في آية السيف هذه فقال الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً [مُحَمَّدٍ: 4] وَقَالَ قَتَادَةُ بالعكس.
ملاحظة من لؤي: سورة محمد قبل التوبة براءة، وبراءة من آخر ما أعلنه محمد أو "نزل" كما تقول كتب تفاسيره وأحاديثهم الصحيحة، فحكم الإرهاب وآية السيف نسخا أي تسامح أو تعامل بشريّ متحضّر.
[سورة التوبة (9) : آية 6]
وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6)
يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَمَرْتُكَ بِقِتَالِهِمْ وَأَحْلَلْتُ لَكَ اسْتِبَاحَةَ نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ اسْتَجارَكَ أَيْ اسْتَأْمَنَكَ فَأَجِبْهُ إِلَى طِلْبَتِهِ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ أَيْ الْقُرْآنَ تَقْرَؤُهُ عَلَيْهِ وَتَذْكُرُ لَهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدين تقيم به عليه حُجَّةَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ أَيْ وَهُوَ آمِنٌ مُسْتَمِرُّ الْأَمَانِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ وَدَارِهِ وَمَأْمَنِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ أَيْ إِنَّمَا شَرَعْنَا أَمَانَ مِثْلِ هَؤُلَاءِ لِيَعْلَمُوا دِينَ اللَّهِ وَتَنْتَشِرَ دَعْوَةُ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تفسير هذه الآية قال: إنسان يأتيك ليسمع مَا تَقُولُ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ فَهُوَ آمِنٌ حتى يأتيك فتسمعه كَلَامَ اللَّهِ وَحَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ حَيْثُ جَاءَ....إلخ
[سورة التوبة (9) : آية 7]
كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7)
يُبَيِّنُ تَعَالَى حِكْمَتَهُ فِي الْبَرَاءَةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَنَظْرَتِهِ إِيَّاهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ السَّيْفُ الْمُرْهَفُ أَيْنَ ثُقِفُوا فَقَالَ تعالى: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ أي أمان وَيُتْرَكُونَ فِيمَا هُمْ فِيهِ وَهُمْ مُشْرِكُونَ بِاللَّهِ كَافِرُونَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ يَعْنِي يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ [الفتح: 25] الآية، فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ أَيْ مَهْمَا تَمَسَّكُوا بِمَا عَاقَدْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ وَعَاهَدْتُمُوهُمْ مِنْ تَرْكِ الْحَرْبِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ.
وَقَدْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ. اسْتَمَرَّ الْعَقْدُ وَالْهُدْنَةُ مَعَ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ فِي سَنَةِ سِتٍّ إِلَى أَنْ نقضت قريش العهد ومالؤوا حلفاءهم وهم بنو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ أَحْلَافِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلُوهُمْ مَعَهُمْ فِي الْحَرَمِ أَيْضًا فَعِنْدَ ذَلِكَ غَزَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْبَلَدَ الْحَرَامَ وَمَكَّنَهُ مِنْ نَوَاصِيهِمْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، فَأَطْلَقَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ عَلَيْهِمْ فَسُمُّوا الطُّلَقَاءَ، وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ أَلْفَيْنِ، وَمَنِ اسْتَمَرَّ عَلَى كُفْرِهِ وَفَرَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِالْأَمَانِ وَالتَّسْيِيرِ فِي الأرض أربعة أشهر يذهب حيث شاء، ومنهم صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَغَيْرُهُمَا، ثُمَّ هَدَاهُمُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْإِسْلَامِ التَّامِّ، وَاللَّهُ الْمَحْمُودُ عَلَى جَمِيعِ مَا يقدره ويفعله.
[سورة التوبة (9) : آية 8]
كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ (8)
يَقُولُ تَعَالَى مُحَرِّضًا لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى معاداتهم وَالتَّبَرِّي مِنْهُمْ وَمُبَيِّنًا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يكون لهم عهد لشركهم بالله تعالى وكفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنهم لو ظَهَرُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأُدِيلُوا عَلَيْهِمْ لَمْ يُبْقُوا وَلَمْ يَذَرُوا وَلَا رَاقَبُوا فِيهِمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَعِكْرِمَةُ وَالْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْإِلُّ الْقَرَابَةُ وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ. وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ...إلخ
خلاصة الأمر أعلن محمد بلسان قريبة علي بن أبي طالب ومناديه كأبي هريرة وغيره أنه قد نقض كل العهود وأنه يجبر كل السكان المؤمنين بتعدد الآلهة على الإسلام برضاهم أو بلا اقتناع بتهديد السيف، وأنه يحول المعبد الوثني الكعبة كما كان يخطط منذ زمن طويل إلى حرم إسلامي إبراهيمي لديانة توحيدية. سيؤدي هذا الإعلان لحروب وإبادة كثير من البشر لأجل إكراههم قبل موت محمد، وبعد موت محمد ستحدث حروب إبادة ودموية وتعصب يموت فيها ناس أكثر بسبب فرحهم بموت محمد وخروجهم من الإسلام الذي أُدخِلوا فيه بالإكراه فيما عُرِف في التاريخ الإسلامي بحروب الرِدّة، وأنا أسمّيها حروب الإكراه الديني والإرهاب المتبادل. ومن القبائل التي كانت مسالمة مع محمد وله معها عهود سلام: بني ضمرة وأشجع ومدلج ومذحج وخزاعة وكل بني بكر عدا بني الديل، مع أني أحكم بأن بني الديل والقرشيين ليسوا هم من نقض صلح الحديبية، بل خزاعة حلفاء المسلمين ومحمد فعلوا، وكل ذلك لا يبرر أبدًا الإكراه الديني والإبادة والتهديد بالقتل. ونلاحظ أحكام محمد التعميمية التشويهية ضد الوثنيين العرب القدماء، فبزعمه كلهم لو تسلطوا على المسلمين لأبادوهم، والوضع لم يكن ليصير كذلك في حرب مت أنت لأعيش أنا، لولا أن محمدًا بممارسات الحروب والغارات وقطع الطرق جعلهم رمزًا للشر والعداوة ومستهدفين من الوثنيين لخوفهم من العنف الإسلامي وشرور تعاليم الإسلام الإرهابية.
قال الطبري:
فأما قوله: (يرضونكم بأفواههم) ، فإنه يقول: يعطونكم بألسنتهم من القول، خلاف ما يضمرونه لكم في نفوسهم من العداوة والبغضاء = (وتأبى قلوبهم) ، أي: تأبَى عليهم قلوبهم أن يذعنوا لكم، بتصديق ما يبدونه لكم بألسنتهم. يحذِّر جل ثناؤه أمرَهم المؤمنين، ويشحذهم على قتلهم واجتياحهم حيث وجدوا من أرض الله، وأن لا يقصِّروا في مكروههم بكل ما قدروا عليه = (وأكثرهم فاسقون) ، يقول: وأكثرهم مخالفون عهدَكم، ناقضون له، كافرون بربهم، خارجون عن طاعته.
كما نرى: تحريض على العدوان والشر والأذى، والإكراه والإرهاب الديني.
{اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12)} التوبة
قال ابن كثير:
يَقُولُ تَعَالَى ذَمًّا لِلْمُشْرِكِينَ وَحَثًّا لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى قِتَالِهِمْ: {اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا} يَعْنِي: أَنَّهُمُ اعْتَاضُوا عَنِ اتِّبَاعِ آيَاتِ اللَّهِ بِمَا الْتَهَوْا بِهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا الْخَسِيسَةِ، {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} أَيْ: مَنَعُوا الْمُؤْمِنِينَ مِنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ، {إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً} تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ، وَكَذَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} إِلَى آخِرِهَا، تَقَدَّمَتْ.
وقال الطبري:
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: ابتاع هؤلاء المشركون الذين أمركم الله، أيها المؤمنون، بقتلهم حيث وجدتموهم، بتركهم اتباعَ ما احتج الله به عليهم من حججه، يسيرًا من العوض قليلا من عرض الدنيا.
سبب الحرب التي كان يقوم بها محمد ويحرض عليها إذن هو تعصب ديني لإجبار من لم يتبعوه من وثنيين على اتباعه بالقهر والسلاح، وبدون إيمان أو قتناع اختياري حقيقي منهم، أما تعميمه ضدهم كمعادين معتدين فتعميم غير صحيح وغير منطقي، أما معنى طعنوا في دينكم فهو مجرد التعبير عن نقدٍ للإسلام وأفكاره ونصوصه، فحسب محمد هذا مبرر كافٍ لقتل من يتكلم بذلك! واعتبار مجرد النقاش والجدال عن الإسلام وضده نقض عهد وعداوة وحربًا! دليل على هشاشة الخرافات والمزاعم الإسلامية، قال الطبري:
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فإن نقض هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم من قريش، عهودَهم من بعد ما عاقدوكم أن لا يقاتلوكم ولا يظاهروا عليكم أحدًا من أعدائكم = (وطعنوا في دينكم) ، يقول: وقدَحوا في دينكم الإسلام، فثلبوه وعابوه = (فقاتلوا أئمة الكفر) ، يقول: فقاتلوا رؤساء الكفر بالله = (إنهم لا أيمان لهم) ، يقول: إن رؤساء الكفر لا عهد لهم = (لعلهم ينتهون) ، لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم.
وقال ابن كثير:
يَقُولُ تَعَالَى: وَإِنْ نَكَثَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ عَاهَدْتُمُوهُمْ عَلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَيْمَانَهُمْ، أَيْ: عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ، {وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ} أَيْ: عَابُوهُ وَانْتَقَصُوهُ. وَمِنْ هَاهُنَا أُخِذَ قَتْلُ مَنْ سَبَّ الرَّسُولَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، أَوْ مَنْ طَعَنَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ ذَكَرَهُ بِتَنَقُّصٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} أَيْ: يَرْجِعُونَ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ وَالضَّلَالِ.
{أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15)}
هنا تعميم محمد غير منطقي، فمن أخرجوه هو وأتباعه كانوا المكيين القرشيين ومواليهم حلفاءهم، وليس كل وثنيي شبه جزيرة العرب الذين كان محمد يأمر حينئذٍ في هذا النص وغيره بقتالهم وإرهابهم كلهم وإكراههم على الإسلام، فهو هنا يثير العواطف الدينية ويحرِّض عنصريًّا بكلام غير سليم ولا منطقي، وكذلك فإن عدوان قريش السابق منذ سنين طوال لا يعطي الحق بإجبارهم وإجبار سائر الوثنيين على دين ما، لأن الإكراه الديني جريمة لا مبرر لها. وقوله (وهموا) فهم لم يهموا_بالنسبة لقريش_بل أخرجوه فعلًا، لكنه تحداهم بخرافاته العجائزية قديمًا في سور مكية بأنهم لو أخرجوه فسيبيدهم الله، وهناك احتمال أنه كان مقتنعًا شخصيًّا حقًّا بذلك نتيجة مرض نفسي أو خيالات وهلاوس ما. والمطلوب الآن حسب النص تعذيب وإباددة وتقطيع وجرح وتقتيل الوثنيين لمجرد أنهم عقيدتهم وثنية، شيء لا يختلف عن ممارسات هتلر في حكم جرمانيا النازية واجتياحها لدول أخرى كذلك أو المسيحية القرونوسطية بعد تولّيها سلطة امبراطورية الروم.
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)}
قال الطبري:
... (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم) ، الآية، حاضًّا على جهادهم: (أم حسبتم) ، أيها المؤمنون = أن يترككم الله بغير محنة يمتحنكم بها، وبغير اختبار يختبركم به، فيعرف الصادقَ منكم في دينه من الكاذب فيه = (ولما يعلم الله الذين جاهدوا) ، يقول: أحسبتم أن تتركوا بغير اختبار يعرف به أهل ولايته المجاهدين منكم في سبيله، من المضيِّعين أمرَ الله في ذلك المفرِّطين = (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله) ، يقول: ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم، والذين لم يتخذوا من دون الله ولا من دون رسوله ولا من دون المؤمنين = (وليجة). هو الشيء يدخل في آخر غيره، يقالُ منه: "ولج فلان في كذا يلجِه، فهو وليجة".
ودون رسوله والمؤمنين به أولياءَ وبطانةً، بعد ما قد نهاكم عنه، لا يخفى ذلك عليه، ولا غيره من أعمالكم، والله مجازيكم على ذلك، إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا.
* * *
وبنحو الذي قلت في معنى "الوليجة"، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16548- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (ولا المؤمنين وليجة) ، يتولّجها من الولاية للمشركين.
16549- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع: (وليجة) ، قال: دَخَلا.
16550- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (أم حسبتم أن تتركوا) ، إلى قوله: (وليجة) ، قال: أبى أن يدعهم دون التمحيص. وقرأ: (" أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ "، وقرأ: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ) ، [سورة آل عمران: 142] ، (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم) ، الآيات كلها، [سورة البقرة 214] أخبرهم أن لا يتركهم حتى يمحِّصهم ويختبرهم. وقرأ: (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ، لا يختبرون (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) ، [سورة العنكبوت: 1 - 3] ، أبى الله إلا أن يمَحِّص.
16551- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: (وليجة) ، قال: هو الكفر والنفاق = أو قال أحدَهما.
تعليمات عنصرية إرهابية، تنهى عن مناصرة المختلفين في الدين أو التعاطف أو المودة الإنسانية معهم واتجاههم، الوثنيين في هذا النص، حتى لو كانوا هم المظلومين المعتدى عليهم، ومناصرة المسلمين على طول الخط، وفي حربهم الدموية الشاملة المتمضنة لإبادة كل الوثنيي والثقافة والديانة الوثنية العربية، ويبرر تبريرًا بأن الله كان يحتاج إلى الأمر بعنف وشر كهذا ليعلم من يخلص للإيمان به الخرافي وبالتعاليم الفاسدة الشريرة الإجرامية.
أسلمة الكعبة المعبد الوثني:
{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)}
وفقًا لهذين النصين قام محمد بأسلمة المعبد الوثني الكعبة الخاص بدين الوثنيين، وصادره وأخذه منهم لدينه العربي الجديد، ووصف الوثنيين بمصطلحات عنصرية خرافية كقوله أنهم نجسون قذرون، وأنهم "كافرون". وهي أوصاف عنصرية بحتة، ورغم أن سورة المائدة أباحت تناول الطعام مع الكتابيين، لكن بناءً على النص هنا كثير من المسلمين المتعصبين خاصة الريفيين يتعاملون مع غير المسلمين كالمسيحيين وربما حتى يحاولون مع الملحدين بأسلوب حقير للغاية كتجنب لمسهم وكراهيتهم وعدم مؤاكلتهم أو استعمال نفس الأدوات حتى في سكن عمل مغتربين مثلًا، والعمل على جعلهم يستقيلون من العمل...إلخ. شخصيًّا تعرضت ذات مرة لاضطهاد شخصي عندما عملت عملًا بسيطًا في مطعم عندما علم متعصبوهم بعقيدتي، فقال مديرهم وكان رجلًا جاهلًا تافهًا أني نجس ولا أصلح للعمل في الأطعمة! مثال لعنصرية وسخافة التعاليم الإسلامية المتعالية الجوفاء، التي تبرّر الاستعلاء الأجوف على باقي البشر الذين هم مثلهم.
الإنسان المسالم الخيِّر خيرٌ وأفضل من المتعصب الإرهابي المؤذي:
{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21)}
روى مسلم:
[ 1879 ] حدثني حسن بن علي الحلواني حدثنا أبو توبة حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام قال حدثني النعمان بن بشير قال كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج وقال آخر ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام وقال آخر الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم فزجرهم عمر وقال لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه فأنزل الله عز وجل { أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر }
قال الطبري:
16559- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (أجعلتم سقاية الحاج) ، إلى قوله: (الظالمين) ، وذلك أن المشركين قالوا: عمارة بيت الله، وقيام على السقاية، خير ممن آمن وجاهد، وكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون، من أجل أنهم أهله وعُمَّاره. فذكر الله استكبارهم وإعراضهم، فقال لأهل الحرم من المشركين: (قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ) [سورة المؤمنون: 66، 67] ، يعني أنهم يستكبرون بالحرم. وقال: (به سامرًا) ، لأنهم كانوا يسمرون، ويهجرون القرآن والنبيَّ صلى الله عليه وسلم. فخيَّر الإيمان بالله والجهاد مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، على عمران المشركين البيتَ وقيامهم على السقاية. ولم يكن ينفعهم عند الله مع الشرك به، أن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه. قال الله: (لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين) ، يعني: الذين زعموا أنهم أهل العمارة، فسماهم الله "ظالمين"، بشركهم، فلم تغن عنهم العمارة شيئًا.
16565- حدثني محمد بن الحسن قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدى: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله) ، قال: افتخر علي، وعباس، وشيبة بن عثمان، فقال للعباس: أنا أفضلكم، أنا أسقي حُجَّاج بيت الله! وقال شيبة: أنا أعمُر مسجد الله! وقال علي: أنا هاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجاهد معه في سبيل الله! فأنزل الله: (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله) ، إلى: (نعيم مقيم) .
لا شك أن هذه مغالطات من محمد، الظالمون كانوا المسلمين أتباعه أكثر بكثير من أي ظلم قام به القرشيون وعموم الوثنيين، وتكلمت في باب (الاستدلالات والأمور الغير منطقية) عن مغالطة تغيير معاني الكلمات المعروفة كتعريف (الظلم) وهو العدوان على الآخرين وأكل حقوقهم، لا شك أن وثنيًّا مسالمًا يحسن لزوار معبد وثني كإحسان بحت بطعام وشراب واستضافة كمودة بين البشر، أفضل من آخر مسلم أو وثني أو غير ذلك يمارس الإرهاب والقتل والقتال والشر.
معركة حنين-وأوطاس:
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)}
هنا ذكر محمد غزوة ومعركة حنين-وأوطاس العدوانية الإرهابية التي قام بها ضد قبائل هوازن وثقيف، وقد عرضتُ في ج1 كم العنف والعدوان في حرب محمد هذه وغيرها، وخلفياتها التاريخية، وبدء محمد بالعدوان، وهدفه من إجبارهم على دينه بالإكراه والعنف. وهو هنا زعم أنها حرب وقتل بمباركة إلهية بزعمه!
فرض الجزية (الإتاوة) على الكتابيين والمجوس والصابئة:
{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)}
هذه تبريرات أسطورية غير موضوعية ولا شخصية لأجل كراهية غير المسلمين، فما الذي سيجعلني أكره قومًا لم يأذوني في شيء لأجل اختلاف معتقداتهم، وكل المعتقدات خرافات، سواء اعتقدوا أن الله ثالوث أو عدة آلهة أو إلهة أنثى أو خنثى أو أي هراء آخر، اتبعوا خرافات الإنجيل أو خرافات أحبارهم ومؤسسي دينهم، ما الذي سيمثل اعتداء على شخصي لكي أكره ناسًا لم يعلوا لي شيئًا لأعاديهم وأحاربهم بدون سبب حقيقي، سوى العنصرية والعقد النفسية الدينية الجذور، لا يتفق الاستعلاء وتحديد دين على أنه دين للدولة وله الاستعلاء والانحياز في الدولة ضد متبعي الأديان الأخرى، مع المفهوم والقيم العلمانية المساوية بين البشر في الكوكب والمواطنين في الدولة، لا يوجد في اليهودية تعدد أو بنوة لشخص من الله، هناك تشديد إرهابي في اليهودية على هذه العقيدة التوحيدية كما يعلم كل من طالع كتاب اليهود، أراد محمد تشويه صورة اليهود بأي طريقة ولو بتلفيق كذب، وحتى لو صح أنهم يعتقدون بوجود ابن لله_وهذا من جهة علم الأديان غير سليم، لا توجد عقائد سرية في اليهودية، حتى تشريع قتل أطفال الفلسطينيين مُعلَن في توراتهم!_فهذا ليس مبررًا لكره اليهود لمجرد أنهم يهود، ولا المسيحيين وغيرهم لمجرد أنهم كذلك وغير مسلمين. هذا لا يدركه إلا الإنسان المتعلم المستنير سليم النفسية من العلل والاضطرابات الدينية نتيجة غسل الأدمغة وزرع الكراهية والنجاسة العنصرية الحقيقية. ينتج عن تشريع فرض الجزية على غير المسلمين نتيجتين، أولًا فرض الجزية العنصرية على غير المسلمين في الدولة كتحقير وإذلال واعتبارهم مواطنين درجة ثانية أو حتى ليسوا مواطنين وأقل من المسلمين قيمةً، في دولة لا تعرف مفهوم المواطنَة والمساواة والإخاء والحرية، والنتيجة الثانية هي الأمر الإسلامي المحمدي باحتلال الدول ذات الأغلبيات والحكم الغير إسلامي، فيما عُرِف بالغزوات والفتوحات في عصور قيام أمة المسلمين، من عرب وترك وغير ذلك، ومن عاونوهم على عنفهم من شوام ومصريين وبربر اتبعوهم بغسل الأدمغة والإسلام آنذاك. تعاليم التمييز العنصري واحتلال دول الشعوب الأخرى ونهبها وخطف نسائها وأطفالها للاستعباد لا يمكن أن تكون تعاليم صالحة أو إلهية المصدر، بل هي شرور وخبث وفساد وعدوان.
{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)}
لا يمكن وصف تعاليم الإسلام الشريرة وتشريعاته الهمجية والمعيبة المليئة بالعيوب والتحيز بأنها نور أو أنوار، برأيي أنها ظلام في معظمها وظُلم وأذى وعنصرية ضد الغير مسلمين وضد النساء وضد أحرار الفكر العقلانيين، عقدة نفسية دينية متوارثة.
الاستعلاء والتكبر على باقي البشر
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)}
{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)}
في العلمانية والدولة المتحضرة الحديثة تكون المساواة بين كل البشر، ولا سيما مواطني الدولة، أما التمييز العنصري وإعلاء فئة على أخرى بتمييزها بتشريعات وظروف أفضل فهو السمة الرئيسية للدول الدينية العنصرية كدول أورُبا المسيحية في القرون الوسطى، ودول الإسلام بصورة كاملة في العصور القديمة، وبعضها حتى اليوم كالسعودية، وأخرى بصورة أخف قليلًا كمصر المعاصرة وغيرها. أحد من في الجيش قال ذات مرة أمامي أنهم يعاملون المسيحيين "زي الجزم" في الجيش. هذه سياسات لا تأتي بخير لأنها ليست خيرًا لو أردت رأيي، فمن زرع حصد منتوج حصاده.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} التوبة
ما أن قام دين الإسلام كدين مؤسسي حتى حدث فيه نفس الشيء، طبيعة الدين عمومًا أنه خداع للسذج والمستغفَلين، وحصول على الأموال والخضوع منهم، العيب الذي في بعض رجال الدين المسيحي يوجد كذلك في رجال الدين الإسلامي وكل الأديان الأخرى كاليهودي والهندوسي والبودي، وقد تختلف درجات ذلك، ويظل هناك رجال دين أشرف من آخرين بالتأكيد، لكن معظم ربح ورواتب رجال الدين هي مقابل أدائهم لا شيء، مجرد ترويج خرافات وجهل وعزاآت وهمية، أما وصفهم بأنهم يصدون عن "سبيل الله" ودينه، ففي دولة متحضرة متمدنة لا يكون هناك تمييز على أساس ديني، أو تحديد دين على أنه الحق والحقيقة ودين الدولة الذي تميز أتباعه على باقي المواطنين المعتقدين بمذاهب وأديان أخرى، لأن المعتقد نفسه أيًّا كان ليس فضيلة أو مفخرة في حد ذاته، بما فيه العقلانية – الإلحاد، بل أخلاق الإنسان وقيمته الإنسانية وتساميه وتعاطفه وإحسانه للآخرين وأمانته وشرفه هي ما تعلي من شأنه وكذلك كفاءته وإخلاصه في عمله.
تتضمن هذه الآية كذلك تحريضًا على تمويل الإرهاب، ونهيًا للناس عن اكتناز الذهب والفضة، والتبرع بها لحروب محمد وإرهابه وشروره بدعوى أنه من باب أفعال الخير والإحسان، لم يعمل أحد من الأثرياء المعروفين عمومًا في زمنه كعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان بتعاليم كهذه ولم يصيروا فقراء، ادعى البعض أن هذه آية منسوخة، لكن هذا باطل لأنها في إحدى أواخر السور التي قالها محمد، سنة 9ه، ورأى فيها البعض تناقضًا مع الآيات المحددة لنصيب معين كنسبة من أموال الأثرياء:
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)}
لكن كما نعلم من كتب السيرة وتأريخ القرآن، ففرض تشريع الزكاة كان سنة 2 ه بعد موقعة بدر، قال ابن كثير في السيرة:
... قُلْتُ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فُرِضَتِ الزَّكَاةُ ذَاتُ النُّصُبِ: كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ.
.... وَفِيهَا حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، عَلَى مَا سَلَفَ.
وَفِيهَا فُرِضَ الصِّيَامُ، صِيَامُ رَمَضَانَ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَفِيهَا فُرِضَتِ الزَّكَاةُ ذَاتُ النُّصُبِ وَفُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ.
وَفِيهَا خَضَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْيَهُودِ الَّذِينَ هُمْ بِهَا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَبَنِي النَّضِيرِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ وَيَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ وَصَانَعُوا الْمُسْلِمِينَ، وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ مُنَافِقُونَ، مِنْهُمْ مَنَ هُوَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنِ انْحَلَّ بِالْكُلِّيَّةِ فَبَقِيَ مُذَبْذَبًا لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ، كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ.
ولدينا أحاديث تحدد نصابًا معينًا محددًا للزكاة على الأموال والأغنام والتمر عن محمد، ما يكشف تناقضًا وأن غرضه كان التشديد والتخويف فقط ليُسقطوا بعض أمواله في كيسه لتمويل حروبه ونفقاته، وأحاديث تقول بنسخ هذه الآية وهو غير صحيح، لأنها من آخر ما صاغه محمد، روى البخاري:
1404 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنْ كَنَزَهَا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا فَوَيْلٌ لَهُ إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلْأَمْوَالِ
1405 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ
وفي الأحاديث الشهيرة الطويلة في مسند أحمد مثل 72 و4634، ومصنف عبد الرزاق في أوله، تحدد نسب معينة على عدد الأغنام والمواشي للزكاة، وعند البخاري 1454 و1448.
وعلى النقيض بعض الوعّاظ الزاهدين ذوي الميول الاشتراكية تمسكوا بنصها، لذلك تعرض أحدهم للنفي والتكدير وعزله عن الناس على يد عثمان لفساده هو وحاشيته وعشيرته، وهو أبو ذر الغفاري:
1406 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ سَمِعَ هُشَيْمًا أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا قَالَ كُنْتُ بِالشَّأْمِ فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي {الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قَالَ مُعَاوِيَةُ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ فَقُلْتُ نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْكُونِي فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَنْ اقْدَمْ الْمَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِي إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ فَكُنْتَ قَرِيبًا فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا الْمَنْزِلَ وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ
الأمر بقتال وتقتيل كل الوثنيين لإكراههم على الإسلام
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)}
لم يكن كل وثني يقاتل المسلمين، لكن محمدًا جعل أتباعه يعادون الجميع، ويجعلونها حرب مت أنت لأعيش أنا، بعنصرية وهمجية بدون مبرر. تعميم محمد باطل وخطأ، القتل بسبب الدين، أن تقتل شخصًا والسبب: أنه يعتقد بالتعدد، منهج مطابق للنازية والإرهاب.
التحريض على العدوان واحتلال أراضي الشعوب الأخرى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)}
في هذه النصوص نرى إلحاح محمد اللجوج الحريص على جعل أكبر عدد ممكن يشارك في العنف والعدوان والقتال وغزو الدول الأخرى، بالتأكيد يوجد ناس كانوا مسالمين لا يحبون العنف، أو حتى جبناء ليس لهم شجاعة على القتال، ومحمد صور للأتباع القتال على أنه خيرٌ أمرَ به إله مزعوم، وكانوا ذوي سذاجة كافية لتصديق أن الشر المطلق يمكن بطريقة سحرية غير منطقية جعله خيرًا وإحسانًا! (معضلة يوثيريو القديمة الي نقدها سقراط أو مغالطة المتدينين المتشددين).
{إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)}
هذه الفكرة القدرية السخيفة سبق ونقدتها، فلو كان ذلك صحيحًا فليس علينا الحذر أثناء عبور الطريق من السيارات ولا تجنب الوقع في حفرة لأن كل شيء مقدر من الله، وليس علينا معاقبة مجرم ارتكب جناية لأن الله المزعوم كتب ذلك عليه كذلك، وليس علينا الإحسان لفقير ولا إنقاذ شخص من كارثة لأن كل شيء بزعم الأديان مقدر سلفًا، وأوهم محمد أتباعه بوجود جنة وهمية يذهب قتلى حروبه إليها، بحيث تكون عزاء وهميًّا وتشجيعًا لهم على أن الله سيكافؤهم إما في الحياة بإشباعهم من سفك دماء الناس وإرواء ميولهم للعنف ودمويتهم وحصولهم على المنهوبات والنساء السبايا المستعبَدات، وإما سيكافؤهم على شرورهم بزعمه المشين في حياة وهمية أخرى مزعومة.
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)}
كما علقتُ من قبلُ، فهي بئس الصفقة، تقتل أخاك الإنسان وتخاطر بحياتك الشخصية لأجل وهم تافه عدميّ، لم يوجد في الإنجيل تعاليم عنف، بل هي في كتاب اليهود ومنه التوراة كنقيض متناقض مع تعاليم الإنجيل، ولو أن المسيحيين في القرون الوسطى تورطوا بعنف دموي رهيب، أما حديثه عن عهد وميثاق عملوه مع الله الخرافي فخرافة بلا قيمة، ومن غير المفهم أي استبشار يكون بشؤمٍ كشؤم الجهاد، بسبب كمية السبايا والاختلاط مع الشعوب وفرض العربية بالقهر عليهم دمر العرب هويتهم وكيانهم وفككوه بما فيه الكيان اللغوي المتماسك، وفي النهاية ربط محمد التقوى الدينية الزائفة من صلوات وتسابيح لكائن خرافي مع الجهاد والتقتيل والإرهاب، فعندهم أن القتل جزء من التقوى وطاعة الله والأخلاق! لو أن شخصًا يصلي ثم يتوجه لتقل بعض الناس لاحتلال بلدهم فلم يكن في ذلك بأسٌ عندهم، أما من يترك الصلاة أو الصوم أو تكون له علاقة مع امرأة بدون عقد زواج أو ينظر لامرأة غير متزوج منها فيالها من مصيبة بنظرهم! أي سخافة لعقول تعتبر القتل بدون حق وبدون أن يكون الطرف الآخر يهددك أو قتل حدًا على أنه شيء عادي بل وواجب وخير! وفي حقيقة الأمر فالطقوس الخرافية ليست خيرًا ولا إحسانًا لأنها موجهة لوهم، وليست موجهة لكائن أخ لك في الإنسانية أو الكينونة الأشمل (الحيوانات).
{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)}
القصة التي جاءت في الأحاديث عن هذا النص تحكي قصة ثلاثة من أتباع محمد مؤمنين له، لكنهم لسبب لم يدركوه بالكامل تقاعسوا عن مشاركته في غزة تبوك التي فرض فيها سلطانه على دويلات ومدن وقرى أطراف الشام وفرض عليها جزية كعلامة على سلطانه، وكانت حجته لعمل هذه الغزوة أن الروم يحشدون له ليغزوه، ولم تكن هذه سوى إشاعة ومبرر ليقوم هو بعدوانه، نجاحه في ذلك كان من علامات انهيار سلطان الاحتلال الرومي في الشام وحلول الاحتلال العربي الجزري البدوي مكانه، سبب تكاسل الثلاثة أنهم شعروا بعدم الحاجة للقتال والمخاطرة بالحياة والعدوان على الناس وقتلهم بدون مبرر صحيح، لكنهم بسبب انطلاء دعوة محمد الخادعة عليهم عادوا يتأسفون ويعترفون_ظنًّا منهم أن هناك إلهًا شريرًا يعلم الغيبيات وهو غاضب منهم لعدم اشتراكهم في القتال وشرور محمد _ بأنهم لم يكن لهم عذر لعدم مشاركته الإرهاب والشر، وأقتبس من الجزء الأول لي:
ولما عاد محمد اعترفوا له بذلك ولم يختلقوا الأعذار كما فعل الأعراب ومنافقي يثرب المتظاهرين بالإسلام، عاقبهم محمد لفترة بمنع تحدث الناس معهم ومنعهم من السكنى مع زوجاتهم وغيرها، لكن كل هذا ليس ما أثار حزنهم، بل أثار مشاعرهم وشجاهم أن يطردوا من حظيرة وظل الوهم الوارف خارج الوعود الإسلامية الوهمية، عندما نقرأ القصة وكيف يبكي أحدهم حزنًا وندمًا حتى يكاد يصاب بمرض الكتاراكت (تبيض عيناه) ويكاد يموت من الفرح ويخشى عليه لما يعلن محمد في قرآنه توبة الله المزعوم وبالأحرى عفو محمد عنهم، نقول هذه نفوس طيبة ينطبق عليها قول ستيـﭭن وينبرج، وملاحظتنا على معضلة أو مسألة يوثيرو، فهم يعتقدون أن الفعل إذا جاءهم زعم أنه بأمر إله مزعوم فهو أخلاقي حتى لو كان فعلًا إجراميًّا دمويًّا سافلًا، وهذا يدل على عقل مضللة تائهة نست وغفلت عن أن الأخلاق موضوعية وليست ذاتية في معظمها وفي القواعد الأخطر والأجل كالمسالمة المتبادلة بين البشر وبني الجنس الواحد. إن الثلاثة لم يستطيعوا تفسير سبب تقاعسهم أو تهربوا من مواجهة الفكرة، إن طبيعة النفس البشرية السوية هي حب السلام والسلامة وكره العدوان والقتل والشر، ولهذا هم لم ينشطوا لمشاركة محمد أو هذا أحد أهم الأسباب إضافة إلى الحر والجهد والنفقات. (اهـ)
أما رواية البخاري فكالتالي:
4418 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ قَالَ كَعْبٌ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا كَانَ مِنْ خَبَرِي أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرٌ وَلَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ يُرِيدُ الدِّيوَانَ قَالَ كَعْبٌ فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلَّا ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللَّهِ وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتْ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا فَأَقُولُ فِي نَفْسِي أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِي حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لِأَتَجَهَّزَ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا ثُمَّ غَدَوْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أَنِّي لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ مَا فَعَلَ كَعْبٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَنَظَرُهُ فِي عِطْفِهِ فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِئْسَ مَا قُلْتَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلًا حَضَرَنِي هَمِّي وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي فَلَمَّا قِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَادِمًا وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَ فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِي مَا خَلَّفَكَ أَلَمْ تَكُنْ قَدْ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ فَقُلْتُ بَلَى إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ لَا وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي فَقَالُوا لِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُتَخَلِّفُونَ قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ قَالُوا نَعَمْ رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ مَا قُلْتَ فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ فَقُلْتُ مَنْ هُمَا قَالُوا مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيُّ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الْأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَأَقُولُ فِي نَفْسِي هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ عَلَيَّ أَمْ لَا ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ فَقُلْتُ يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَفَاضَتْ عَيْنَايَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ قَالَ فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ الْمَدِينَةِ إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ حَتَّى إِذَا جَاءَنِي دَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ فَإِذَا فِيهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا وَهَذَا أَيْضًا مِنْ الْبَلَاءِ فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهَا حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنْ الْخَمْسِينَ إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينِي فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ فَقُلْتُ أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ قَالَ لَا بَلْ اعْتَزِلْهَا وَلَا تَقْرَبْهَا وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ قَالَ كَعْبٌ فَجَاءَتْ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ قَالَ لَا وَلَكِنْ لَا يَقْرَبْكِ قَالَتْ إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي لَوْ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِنَا فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ قَالَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ الْفَرَسِ فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ يَقُولُونَ لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ قَالَ كَعْبٌ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ قَالَ كَعْبٌ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السُّرُورِ أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ قَالَ قُلْتُ أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ لَا بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لَا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ إِلَى قَوْلِهِ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنْ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } قَالَ كَعْبٌ وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ { وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا } وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَنْ الْغَزْوِ إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ
كل هذا الحصار والقمع والعزل لأنهم رفضوا أو تكاسلوا عن مشاركة محمد في عدوانه وشروره وأعماله الإجرامية العنصرية الدموية. لقد لاحظ ستيفن وينبرج عالم الفيزياء الحائز على جائزة نوبل بنظرة ثاقبة أن الدين هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تجعل شخصًا طيبًا في حقيقته يرتكب فعلًا شريرًا وإجراميًّا، ظنًّا منه وهمًا أنه يفعل خيرًا، وهو التلبيس الشرير "الشيطانيّ" لأديان كالإسلام والهندوسية واليهودية، وأحيانًا المسيحية اليوم. أما زعم صاحب القصة أو الراوي أنه جاءته رسالة من ملك الروم الشرقيين (بيزنطة، تركيا حاليًّا بعد الحكم والفتح التركي والتتريك) هركليوز (هرقل) فقصة يجب أن نشك فيها، فلماذا سيهتم الرجل بأمور أفراد أو فرد، وهل كان صعبًا عليه زرع جواسيس لدرجة التهلف هكذا على الرجل؟!
{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)}
قال الطبري:
17174- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: وكان ثلاثة منهم، يعني: من المتخلفين عن غزوه تبوك = لم يوثقوا أنفسهم بالسواري، أرجئوا سَبْتَةً، لا يدرون أيعذبون أو يتاب عليهم، فأنزل الله: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ) ، إلى قوله: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) ، [سورة التوبة: 117، 118] .
17175- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية = يعني قوله: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) = أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أموالهم = يعني من أموال أبي لبابة وصاحبيه = فتصدَّق بها عنهم، وبقي الثلاثة الذين خالفوا أبا لبابة، ولم يوثقوا، ولم يذكروا بشيء، ولم ينزل عذرهم، وضاقت عليهم الأرض بما رحُبت. وهم الذين قال الله: (وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم) . فجعل الناس يقولون: هلكوا! إذ لم ينزل لهم عذر، وجعل آخرون يقولون: عسى الله أن يغفرَ لهم! فصاروا مرجئين لأمر الله، حتى نزلت: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ) ، الذين خرجوا معه إلى الشام = (مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) ، ثم قال: (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) ، يعني المرجئين لأمر الله، نزلت عليهم التوبة، فعُمُّوا بها، فقال: (حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) ، إلى قوله: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) .
{وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104)}
قال الطبري:
17136- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحًا وآخر سيئًا) ، قال: كانوا عشرة رَهْطٍ تخلّفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فلما حضرَ رُجوع النبي صلى الله عليه وسلم، أوثق سبعةٌ منهم أنفسهم بسواري المسجد، فكان ممرّ النبي صلى الله عليه وسلم إذا رجع في المسجد عليهم. فلما رآهم قال: "من هؤلاء الموثِقُون أنفسهم بالسواري؟ قالوا: هذا أبو لبابة وأصحابٌ له تخلفوا عنك، يا رسول الله، [وحلفوا لا يطلقهم أحد] ، حتى تطلقهم، وتعذرهم. فقال النبي عليه السلام: وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم، حتى يكون الله هو الذي يطلقهم، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين! فلما بلغهم ذلك قالوا: ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله الذي يطلقنا! فأنزل الله تبارك وتعالى: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحًا وآخر سيئًا عسى الله أن يتوب عليهم) = و"عسى" من الله واجب. فلما نزلت أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأطلقهم وعَذَرَهُم.
وطبعًا اصطاد محمد في الماء العكر، من خلال عقدة الذنب الوهمية عند هؤلاء السذج لأنهم حزينون شاعرون بالذنب لعدم مشاركتهم في الشرور والإرهاب والقل والعنف والعدوان، فطلب منهم "تطهير" أنفسهم بإعطاء أموال لتمويل حروبه الإرهابية وما شابه.
التحريض على العنف والأمر باحتلال الدول الغير إسلامية والاعتداء عليها
{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121)} التوبة
نموذج للتحريض بدعوى أن ارتكاب الشر والعدوان وبذل الجهود المضنية الجنونية في سبيل ذلك هو شيء خير وإحسان يكافؤهم عليه إله خرافي، وكذلك بذل الأموال لذلك الهدف الإجرامي العدواني الشرير. وقوله {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} فيه تحريض مباشر على احتلال دول الشعوب الأخرى الغير مسلمة بدعوى أن ذلك خير وفعل صالح! فأي تلبيس شرير ومغالطة منطقية شيطانية صوَّرَت لهم أن الشر والعدوان والأذى والنهب يكون خيرًا وعملًا صالحًا وقربى لإله مزعوم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} التوبة
بوسعنا القول أن أسوأ جيرة دولية يمكن أن تحصل عليها دولة غير إسلامية هي دولة إسلامية متشددة، فهذه وصية القرآن بالجيران الغير مسلمين الجغرافيين من دول أخرى، بأذيتها هي وسكانها واحتلالها ونهبها ، واستعباد من فيها إن لم يستسلموا ويرضوا بالاحتلال والنهب والإذلال.
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)}
حسب هذا النص فالمطلوب فقط هو الطاعة العمياء لمحمد ولنصوصه الدينية على ما فيها من تعاليم عنف وعدوان وشر، بدون تفكير منطقي عقلاني ولا أخلاقي ولا أي شيء، على أنها تعاليم إلهية مزعومة تصدر من إله كامل يأمر بالشرور والعدوان! يأمر بالصلوات كتقوى زائفة بلا أهمية وفي النفس الوقت يأمر بجرائم حقيقية كالقتل.
{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92)}
روى البخاري:
4415 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ الْحُمْلَانَ لَهُمْ إِذْ هُمْ مَعَهُ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ وَهِيَ غَزْوَةُ تَبُوكَ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أَصْحَابِي أَرْسَلُونِي إِلَيْكَ لِتَحْمِلَهُمْ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَيْءٍ وَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ وَلَا أَشْعُرُ وَرَجَعْتُ حَزِينًا مِنْ مَنْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ عَلَيَّ فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَأَخْبَرْتُهُمْ الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا سُوَيْعَةً إِذْ سَمِعْتُ بِلَالًا يُنَادِي أَيْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ فَأَجَبْتُهُ فَقَالَ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكَ فَلَمَّا أَتَيْتُهُ قَالَ خُذْ هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ وَهَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ لِسِتَّةِ أَبْعِرَةٍ ابْتَاعَهُنَّ حِينَئِذٍ مِنْ سَعْدٍ فَانْطَلِقْ بِهِنَّ إِلَى أَصْحَابِكَ فَقُلْ إِنَّ اللَّهَ أَوْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ فَارْكَبُوهُنَّ فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِمْ بِهِنَّ فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لَا أَدَعُكُمْ حَتَّى يَنْطَلِقَ مَعِي بَعْضُكُمْ إِلَى مَنْ سَمِعَ مَقَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَظُنُّوا أَنِّي حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا لَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا لِي وَاللَّهِ إِنَّكَ عِنْدَنَا لَمُصَدَّقٌ وَلَنَفْعَلَنَّ مَا أَحْبَبْتَ فَانْطَلَقَ أَبُو مُوسَى بِنَفَرٍ مِنْهُمْ حَتَّى أَتَوْا الَّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْعَهُ إِيَّاهُمْ ثُمَّ إِعْطَاءَهُمْ بَعْدُ فَحَدَّثُوهُمْ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ أَبُو مُوسَى
ورواه مسلم 1649
وقال ابن إسحاق في السيرة:
ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله ص وهم البكاؤون، وهم سبعة نفرٍ من الأنصار وغيرهم من بني عمرو بن عوف: سالم بن عمير، وعلبة بن زيد أخو بني حارثة، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب، وأخو بني مازن بن النجار، وعَمرو بن حُمام بن الجُموح، أخو بني سَلمة، وعبد اللّه بن المغَفَّل المُزَني - وبعضُ الناس يقول: بل هو عبد اللّه بن عَمْرو المُزَني - وهَرَميّ بن عبد اللّه، أخو بني واقف، وعِرْباض بن سارية الفَزَاري. فاستحملوا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وكانوا أهلَ حاجة، فقال: لا أجد ما أحملُكم عليه، فتولَّوا وأعينُهم تفيض من الدمع حَزَناً ألا يجدوا ما يُنفقون.
قال ابن إسحاق: فبلغني أن ابن يامين بن عُمَيْر بن كعب النَّضْري لقى أبا ليلى عبد الرحمن بن كعب وعبد اللّه بن مُغَفَّل وهما يبكيان، فقال:- ما يبكيكما؟ قالا: جئنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ليحملنا، فلم نجد عنده ما يحملنا عليه وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج معه؛ فأعطاهما ناضِحاً له، فارتحلاه؛ وزودهما شيئاً من تمر، فخرجا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
سبق وقلت جملة ستيـﭭـن وينبرج، وقد نضيف جملة البحيري المفكر الناقد بأن هؤلاء "ناس غلابة" لا يفهمون أن ما يفعلونه شر، لأن الكتب والفقهاء ورجال الدين صوّروه لهم أنه فعل خير! لكنْ حقًّا مع احترامي لرأيه فلو صح ذلك، فإنه مما يؤسف له مدى محدودية مستوى ذكاء وتفكير الكثير من البشر، بحيث يُصوَّر لهم الشر الذي لا جدال فيه على أنه أمر إلهي مقدس، ويصدِّقون هراءً كهذا. سقراطس في حواره مع يوثيريو انتقد هذه الفكرة، فهل لو قال إله مزعوم أو نص ديني أن فعلًا شريرًا خبيثًا إجراميًّا كالقتل والإرهاب والاحتلال والاستعباد وزواج الأطفال أمورًا أخلاقية وصالحة فإنها تصير كذلك بطريقة سحرية؟!
الحض على تمويل الإرهاب والعدوان
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)}
{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)}
هذا من المغالطات المنطقية والأخلاقية لمحمد وتلبيسه الشرير "الشيطاني"، أعني الشرير للغاية طبعًا وليسنسبة لشيطان خرافي حرفيًّا، فهناك شياطين البشر فقط دومًا، فقد جعل محمد من بنود ومصارف الزكاة والإحسان والخير تمويل الحروب العداونية الإرهابية، باعتبارها من ضمن أعمال الخير. هكذا يصبح قطع رؤوس ناس يدافعون عن وطنهم من احتلال إسلامي قديم ونهب بلد وفرض جزية عليه، وسبي نساء المدن المقاومة وأطفالها، من ضمن بنود الإحسان والخير حسب تعاليم محمد.
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104)} التوبة
{أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126)} التوبة
كما قلت فهذا خلط للمفاهيم، تصوير الشر على أنه من ضمن أفعال الخير، وقام محمد بزرع مفهوم الذنوب الدينية الوهمية الخرافية، لخلق وزرع عقدة ذنب عند معظم الأتباع السذج من أمور تافهة فطرية طبيعية، وجعلهم يشعرون أنهم يكفرون عنها بارتكاب ذنوب وجرائم وآثام حقيقية فعلية كبيرة كقتل البشر من إخوانهم وتمويل حروب الإرهاب الإسلامي وعدوانها. أسلوب زرع عقدة الذنب والقلق الدائم كما قالت بعض الكتب الغربية لفلاسفتنا ربما مثل كتاب نفي اللاهوت، وكتاب ﭬيرس الإله، هو أسلوب لصنع عبيد ومستلبي الإرادات والفكر للأديان، لأن القلق والارتعاد من خرافات وهمية عند السذج يعيقهم عن التفكير.
امتناع وتهرب المتاظرهين بالإسلام المنافقين" عن مشاركة محمد في حروبه وكذلك عن تمويلها ومنها غزوته لتبوك وقرى أطراف الشام المسيحية، وبعض تبريراتهم للتهرب من الاشتراك في عنف وإرهاب محمد
{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)}
{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)}
كان سبب حلفهم وقسمهم لمحمد والمسلمين هو رغبتهم في حماية حيواتهم من الإرهاب والعنف الإسلامي، ولم يشاركوا في غزوة محمد لأطراف الشام المسماة تبوك، لأن منهم بالتأكيد من كان مسالمًا لا يحب العنف، ومنهم من كان جبانًا لا يحب الحروب لا عن طيبة وصلاح فيه، ولا ينبغي أن نرسم صورة وردية لكل المتظاهرين بالإسلام، فبيئة شبه جزيرة العرب آنذاك_عدا حالات قليلة لصفوة شبه الجزيرو وبعض سكان اليمن_لم تكن لتنبت ناسًا معظمهم ذوو أخلاق عالية جدًّا، فمعظم المتظاهرين بالإسلام اعتبرا تصرف محمد تهورًا وخافوا من قوة دولة الروم البيزنطيين، ولم يعرفوا أنها ضعفت بأوضاعها الداخلية وحروبها السابقة مع الفرس، وكان وضع محمد لسلطانه على أطراف الشام دليلًا على ذلك وبرهانًا. وقد ثبَّطوا الذاهبين للحرب والإرهاب إيثارًا للسلامة وكرهًا للإسلام ومحمد لإجباره إياهم على التظاهر بعقيدة لا يؤمنون بها ذرةً ولا طرفة عين، وإفساده بذلك لحيواتههم بمصادرته حرياتهم وحيواتهم.
{رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87) لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88)}
أيًا ما كانت دوافعهم للامتناع، فحتمًا موقفهم الأخلاقي أفضل بكثير من الأتباع المتعصبين المتورطين مع محمد في عنفه وإرهابه وعدوانه العنصري على الآخرين.
{وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90)}
الأعراب ممن حول يثرب في البادية خشية انتقام وشر محمد، سايسوه واعتذروا بأي حجج ليتركهم في حالهم بعيدًا عن حرب بلا ربح لهم ومع مخاطر، وقد رضي منهم بذلك، ربما لأنه وجد أن وضع أشخاص لا يريدون في المشاركة في حروبه الدينية سيضره ويضر قوة جيشه.
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49)}
قبل تحرك واستعداد الجيش، جاء الجد بن قيس، أحد أثرياء وزعماء يثرب ممن لم يؤمنوا بمحمد ذرّةً، واضطروا للحفاظ على حيواتهم ومراكزهم للتظاهر باتباعه، وقال، كما روى الطبراني في المعجم الكبير ج2:
2154- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ ، قَالَ لِجَدِّ بْنِ قَيْسٍ : هَلْ لَكَ فِي بَنَاتِ الأَصْفَرِ فَقَالَ : ائْذَنْ لِي وَلاَ تَفْتِنِّي ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلاَ تَفْتِنِّي}
ضعيف
وفي ج12:
12654- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ قَالَ لِلْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ : يَا جِدُّ بْنَ قَيْسٍ مَا تَقُولُ فِي مُجَاهَدَةِ بَنِي الأَصْفَرِ ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ , إِنِّي امْرُؤٌ صَاحِبُ نِسَاءٍ ، وَمَتَى أَرَى نِسَاءَ بَنِي الأَصْفَرِ أُفْتَتَنُ فَائْذَنْ لِي فِي الْجُلُوسِ ، وَلاَ تَفْتِنِّي ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا}.
ضعيف
وفي ج11 منه:
11052- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ ، حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ ، حَدَّثَنَا أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : اغْزُوا تَغْنَمُوا بَنَاتَ الأَصْفَرِ فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: إِنَّهُ ليَفْتِنُكُمْ بِالنِّسَاءِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلاَ تَفُتِنِّي}.
ضعيف
هذه كلمة حق، فهو كان يغري الناس بالنساء السبايا المخطوفات والغنائم والنهب، ومن غير المؤكَّد هل كانوا يقصدون فتنة لعمل أفعال منحدرة أخلاقيًّا كالعدوان والقتال والنهب، أم قصدوا الفتنة والإغراء الذي يؤدي بهم إلى حرب يكون فيها هلاكهم كما ظن بعضهم.
وروى الواقدي في المغازي:
وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لِلْجَدّ بْنِ قَيْسٍ: “أَبَا وَهْبٍ هَلْ لَك الْعَامَ تَخْرُجُ مَعَنَا لَعَلّك تَحْتَقِبُ مِنْ بَنَاتِ الأَصْفَرِ”؟ فَقَالَ الْجَدّ: أوَ تَأْذَنُ لِى وَلا تَفْتِنّي؟ فَوَاَللّهِ لَقَدْ عَرَفَ قَوْمِى مَا أَحَدٌ أَشَدّ عُجْبًا بِالنّسَاءِ مِنّى، وَإِنّى لأَخْشَى إنْ رَأَيْت نِسَاءَ بَنِى الأَصْفَرِ لا أَصْبِرُ عَنْهُنّ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَقَالَ: “قَدْ أَذِنْت لَك” .
فَجَاءَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْجَدّ - وَكَانَ بَدْرِيّا، وَهُوَ أَخُو مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ لأُمّهِ - فَقَالَ لأَبِيهِ: لِمَ تَرُدّ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ مَقَالَتَهُ؟ فَوَاَللّهِ مَا فِى بَنِى سَلِمَةَ أَكْثَرُ مَالاً مِنْك، وَلا تَخْرُجُ وَلا تَحْمِلُ أَحَدًا، قَالَ: يَا بُنَىّ مَا لِى وَلِلْخُرُوجِ فِى الرّيحِ وَالْحَرّ وَالْعُسْرَةِ إلَى بَنِى الأَصْفَرِ؟ وَاَللّهِ مَا آمَنُ خَوْفًا مِنْ بَنِى الأَصْفَرِ وَإِنّى فِى مَنْزِلِى بِخُرْبَى، فَأَذْهَبُ إلَيْهِمْ فَأَغْزُوهُمْ إنّى وَاَللّهِ يَا بُنَىّ عَالِمٌ بِالدّوَائِرِ فَأَغْلَظَ لَهُ ابْنُهُ، فَقَالَ: لا وَاَللّهِ وَلَكِنّهُ النّفَاقُ، وَاَللّهِ لَيَنْزِلَنّ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فِيك قُرْآنٌ يَقْرَءُونَهُ، قَالَ: فَرَفَعَ نَعْلَهُ فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَهُ، فَانْصَرَفَ ابْنُهُ وَلَمْ يُكَلّمْهُ.
وَجَعَلَ الْخَبِيثُ يُثَبّطُ قَوْمَهُ، وَقَالَ لِجَبّارِ بْنِ صَخْرٍ: وَنَفَرٍ مَعَهُ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ يَا بَنِى سَلِمَةَ لا تَنْفِرُوا فِى الْحَرّ. يَقُولُ: لا تَخْرُجُوا فِى الْحَرّ زَهَادَةً فِى الْجِهَادِ وَشَكّا فِى الْحَقّ وَإِرْجَافًا بِرَسُولِ اللّهِ ÷. فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ فِيهِ، {وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِى الْحَرّ} إلَى قَوْلِهِ: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وَفِيهِ نَزَلَتْ {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِى وَلا تَفْتِنّى} الآيَةَ، أَىْ كَأَنّهُ إنّمَا يَخْشَى الْفِتْنَةَ مِنْ نِسَاءِ بَنِى الأَصْفَرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِهِ إنّمَا تَعَذّرَ بِالْبَاطِلِ فَمَا سَقَطَ فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ أَكْثَرُ بِتَخَلّفِهِ عَنْ رَسُولِ اللّهِ ÷ وَرَغْبَتِهِ بِنَفْسِهِ عَنْ نَفْسِهِ. يَقُول اللّهُ عَزّ وَجَلّ: {وَإِنّ جَهَنّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} يَقُولُ: إنّ جَهَنّمَ لَمِنْ وَرَائِهِ، فَلَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ جَاءَ ابْنُهُ إلَى أَبِيهِ فَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَك إنّهُ سَوْفَ يَنْزِلُ فِيك قُرْآنٌ يَقْرَأهُ الْمُسْلِمُونَ؟ قَالَ: يَقُولُ أَبُوهُ: اُسْكُتْ عَنّى يَا لُكَعُ، وَاَللّهِ لا أَنْفَعُك بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، وَاَللّهِ لأَنْتَ أَشَدّ عَلَىّ مِنْ مُحَمّدٍ.
وقال الطبري في تفسيره:
16785- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (ائذن لي ولا تفتني) ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغزُوا تبوك، تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم! فقال الجدّ: ائذن لنا، ولا تفتنَّا بالنساء.
16787-...... قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس قوله: (ائذن لي ولا تفتني) ، قال: هو الجدّ بن قيس قال: قد علمت الأنصار أني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن، ولكن أعينك بمالي.
ندم محمد على إذنه لهم بعدم المشاركة
{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46)}
فكر محمد أنه كان يجب عليه جعل الاشتراك في حروبه الدينية إلزاميًّا، لكي يعلم بأكبر قدر ممكن من يتظاهرون بالإسلام إذا امتنعوا عن أعمال القتل سواءً لاعتبارهم القتل فعلًا غير أخلاقي، أو لأن المحارَبين من محمد المعتدى عليهم وثنيون مثل بعضهم، أو لعدم وجود مبرر لديهم لكل عدوان محمد على الآخرين. ثم صوّر محمد العنف والإرهاب على أنه شيء جميل رائع يبخل به الله المزعوم إله الشر والإرهاب الوهمي على من لا يخلصون الإيمان بالخرافات والشر والعنصرية. ويبدو أن التجنيد الإلزامي الإجباري للحروب الدينية العدوانية (الفتوحات) وحروب الردة سيكون سياسة أبي بكر وعمر ومن بعدهما.
التهديدات الإرهابية من محمد للمتظاهرين بالإسلام "المنافقين" لحماية حيواتهم وللوثنيين
{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)}
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)}
كأن محمدًا كان يتصور أنه يمكنه بالتهديد والإكراه تغيير الأفكار والقناعات التي في العقول بالقوة، بالنسبة للمتظاهرين باتباعه لحماية حيواتهم، فكان كمن يحاول صر الفيل في منديل، وعبور البحر دون أن يبتل، ولو كان بيد محمد وكان في زمنه جهاز كشف الكذب لاستعمله ليبيد من يقول له الجهاز أنهم لا يؤمنون بخزعبلاته وتحريضاته الإرهابية واستعلاءه على الناس، وأراد محمد بتهديداته إجبارهم بالتخويف والتهديد بالقتل على المشاركة في حروبه، لكنه لم ينفذ تهديداته بجدية فعليًّا لاستحالة تمييز المتظاهر "المنافق" من المؤمن المغسول الدماغ الحقيقي المخلص لمبادئ الجهالة والإرهاب، لكن ما تمكن منه هو تكميم أفواه الغير مقتنعين بدعوته، ومنع حرية التعبير والرأي وإظهار العقيدة وممارستها، سوى ذلك فلم يتمكن من النيل من حيوات المنافقين لمكرهم ودهائهم، وكان محمد وأتباعه ولا يزال كذلك كما رأيت من تجربتي الشخصية في اضطهادين تعرضت لهما شخصيًّا أن العنف والتهديد والعنصرية والأذى قد يؤدي إلى الاقتناع بالإسلام وخرافاته وشروره! ومنذ نشأة الإسلام وكذلك المسيحية واليهودية وهناك المستترون بالدين كمظهر لحماية نفوسهم من الإرهاب الديني المتعصب. ومن ضمن تهديدات محمد الجدية ضد الأعراب ممن حول يثرب في البادية كذلك بأنه قد يغير عليهم وينهبهم كما كان قد اعتاد كما نعلم من قراءة كتب السيرة، لكي يجبرهم بالتخويف على المشاركة في جيشه وإرهابه. ولعدم الإطالة فبعض تفسيرات وأسباب صياغة النصوص في باب (مصادر الحريات).
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (74)}
أما إبادة الوثنيين وإجبارهم على الإسلام والتظاهر به ففعلها محمد وجنده، وأما المتظاهرون بالإسلام فلم يقدر عليهم البتة، قال الطبري:
16963- حدثنا القاسم قال، حدثني الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (جاهد الكفار والمنافقين) ، قال: "الكفار"، بالقتال، و"المنافقين"، أن يغلُظ عليهم بالكلام.
وقال آخرون: بل أمره بإقامة الحدود عليهم.
* ذكر من قال ذلك:
16965- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: (جاهد الكفار والمنافقين) ، قال: جاهد الكفار بالسيف، والمنافقين بالحدود، أقم عليهم حدودَ الله.
... قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب، ما قال ابن مسعود: من أنّ الله أمر نبيَه صلى الله عليه وسلم من جهاد المنافقين، بنحو الذي أمرَه به من جهاد المشركين.
فإن قال قائل: فكيف تركهم صلى الله عليه وسلم مقيمين بين أظُهرِ أصحابه، مع علمه بهم؟ قيل: إن الله تعالى ذكره إنما أمر بقتال من أظهرَ منهم كلمةَ الكفر، ثم أقام على إظهاره ما أظهر من ذلك. وأمّا مَنْ إذا اطُّلع عليه منهم أنه تكلم بكلمة الكفر وأُخِذ بها، أنكرها ورجع عنها وقال: "إني مسلم"، فإن حكم الله في كلّ من أظهر الإسلام بلسانه، أن يحقِنَ بذلك له دمه وماله، وإن كان معتقدًا غير ذلك، وتوكَّل هو جلّ ثناؤه بسرائرهم، ولم يجعل للخلق البحثَ عن السرائر. فلذلك كان النبيّ صلى الله عليه وسلم، مع علمه بهم وإطْلاع الله إياه على ضمائرهم واعتقاد صُدورهم، كان يُقِرّهم بين أظهر الصحابة، ولا يسلك بجهادهم مسلك جهاد من قد ناصبَه الحرب على الشرك بالله، لأن أحدهم كان إذا اطُّلِع عليه أنه قد قال قولا كفر فيه بالله، ثم أخذ به أنكره وأظهر الإسلام بلسانه. فلم يكن صلى الله عليه وسلم يأخذه إلا بما أظهر له من قوله، عند حضوره إياه وعزمه على إمضاء الحكم فيه، دون ما سلف من قولٍ كان نطقَ به قبل ذلك، ودون اعتقاد ضميرِه الذي لم يبح الله لأحَدٍ الأخذ به في الحكم، وتولَّى الأخذَ به هو دون خلقه.
* * *
وقوله: (واغلظ عليهم) ، يقول تعالى ذكره: واشدد عليهم بالجهاد والقتال والإرْهاب.
ما فعله محمد وتفعله دول المسلمين هو مصادرة حرية الرأي والعقيدة والتعبير عنهما، وأسلمة كل اوجه الحياة وتسميمها وتشويها، لكن كل مفكر حر يمكنه أن يظل حرًّا في عقله وأفكاره على الأقل، فلا يوجد من يمكنه سجن الأفكار والفكر والعقلانية.
{وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90)}
{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93)}
{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)}
صيغة تهديد مباشرة لمن تخلف من البدو، وكذلك للممتنعين من اليثاربة.
محاولة بعض المتظاهرين بالإسلام المشتركين في الجيش اغتيال محمد
{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (74)}
بعضهم كابن أبي حاتم في التفسير ربطوا هذا النص بمحاولة مزاحمة محمد على مضيق جبليّ ليلًا لإسقاطه من فوقه، قال ابن أبي حاتم في أسباب النزول:
قَالَ الضَّحَّاكُ: هَمُّوا أَنْ يَدْفَعُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَكَانُوا قَوْمًا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَقْتُلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهُمْ مَعَهُ، يَلْتَمِسُونَ غِرَّتَهُ حَتَّى أَخَذَ فِي عَقَبَةٍ، فَتَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ وَتَأَخَّرَ بَعْضُهُمْ وَذَلِكَ كَانَ لَيْلًا قَالُوا: إِذَا أَخَذَ فِي الْعَقَبَةِ دَفَعْنَاهُ عَنْ رَاحِلَتِهِ فِي الْوَادِي، وَكَانَ قَائِدُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَسَائِقُهُ حُذَيْفَةَ فَسَمِعَ حُذَيْفَةُ وَقْعَ أَخْفَافِ الْإِبِلِ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِقَوْمٍ مُتَلَثِّمِينَ، فَقَالَ: إِلَيْكُمْ إِلَيْكُمْ يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ؛ فَأَمْسَكُوا، وَمَضَى النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَتَّى نَزَلَ مَنْزِلَهُ الَّذِي أَرَادَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَهُ: {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا}
سبب محاولتهم اغتيال محمد كان إجباره لهم على االتظاهر باتباع منظومته الدينية، وعمله على القضاء على ديانة الوثنية، دون ترك أي مجال لحق الحرية الدينية وحرية الرأي والتعبير والعقيدة، وهي حقوق أساسية كل إنسان.
روى أحمد بن حنبل:
23792 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: إِنَّ رَسُولَ اللهِ أَخَذَ الْعَقَبَةَ، فَلَا يَأْخُذْهَا أَحَدٌ، فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُودُهُ حُذَيْفَةُ وَيَسُوقُ بِهِ عَمَّارٌ إِذْ أَقْبَلَ رَهْطٌ مُتَلَثِّمُونَ عَلَى الرَّوَاحِلِ، غَشَوْا عَمَّارًا وَهُوَ يَسُوقُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلَ عَمَّارٌ يَضْرِبُ وُجُوهَ الرَّوَاحِلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُذَيْفَةَ: " قَدْ، قَدْ " حَتَّى هَبَطَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا هَبَطَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ وَرَجَعَ عَمَّارٌ، فَقَالَ: " يَا عَمَّارُ، هَلْ عَرَفْتَ الْقَوْمَ ؟ " فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُ عَامَّةَ الرَّوَاحِلِ وَالْقَوْمُ مُتَلَثِّمُونَ قَالَ: " هَلْ تَدْرِي مَا أَرَادُوا ؟ " قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " أَرَادُوا أَنْ يَنْفِرُوا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَطْرَحُوهُ " قَالَ: فَسَأَلَ عَمَّارٌ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ، كَمْ تَعْلَمُ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ فَقَالَ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ فِيهِمْ فَقَدْ كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ، فَعَذَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً قَالُوا: وَاللهِ مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ، وَمَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَشْهَدُ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْبَاقِينَ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ....إلخ
إسناده قوي على شرط مسلم. يزيد: هو ابن هارون. وهذا الحديث قد رواه أبو الطفيل عن حذيفة بن اليمان، فقد أخرجه البزار في "مسنده" (2800) و (2803) من طريق محمد بن فضيل، عن الوليد بن جُميع، عن أبي الطفيل، عن حذيفة. وأخرج نحوه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/260-261 من طريق محمد بن إسحاق، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البَخْتَري، عن حذيفة بن اليمان قال: كنتُ آخذاً بخُطام ناقة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقود به وعمار يسوقه...فذكره. ورواية أبي البختري -وهو سعيد بن فيروز- عن حذيفة بن اليمان مرسلة. والقطعة الأخيرة من الحديث في مسند أحمد بمسند حذيفة برقم (23321) و (23395) من طريق أبي الطفيل عنه.
وروى مسلم في صحيحه:
2779- حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ ، قَالَ : كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ ، فَقَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ ؟ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ : أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ ، قَالَ : كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ، وَعَذَرَ ثَلاَثَةً ، قَالُوا : مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ ، وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ فَمَشَى فَقَالَ : إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ ، فَلاَ يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ ، فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ.
ورواه أحمد بمثله رقم 23321، وأخرجه دون المرفوع منه ابن أبي شيبة 14/599-600 (38259) عن أبي نعيم الفضل ابن دكين وحده، به. وأخرجه مختصراً بالمرفوع منه البزار في "مسنده" (2803) من طريق محمد بن فضيل، عن الوليد بن جميع، به. ورواه أحمد في حديث برقم (23395) من طريق أبي نعيم، و (23409) من طريق وكيع، كلاهما عن الوليد بن جميع. وفي مسند أبي الطفيل برقم (23792).
من شروحهم: قوله: "من أهل العقبة" قال النووي: هذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمنى، التي كانت بها بيعة الأنصار رضي الله عنهم، وإنما هذه عقبة على طريق تبوك، اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة تبوك، فعصمه الله تعالى منهم. "ما يكون بين الناس" قال السندي: من الخصام.
تراجع محمد عن فكرة إجبار المتظاهرين بالإسلام على التجند في جيشه وحروبه الإرهابية وأسباب ذلك
{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)}
{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83)}
بسبب خشية محمد من إضعافهم لقوة جيشه بعدم تحمسهم لحروبه وبما يقومون به في العادة من حرب دعائية مضادة، ولأن بعض المندسين منهم حاولوا اغتياله، ارتأى محمد أن الأفضل تركهم لحالهم_رغم كل تهديداته السابقة_وعدم اصطحابهم مع الجيش الإرهابي.
حماية المتظاهرين بالإسلام "المنافقين" لحيواتهم بالكذب والقسم
{وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)}
بسبب فَرَقِهم أي خوفهم من الإرهاب والقتل الإسلامي لجؤوا إلى التظاهر بالإسلام، لدرجة القسم بالله الخرافي أنهم منهم.
{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62)} التوبة
قال الطبري:
16900- حدثني المثنى قال، حدثني عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن) ، يسمع من كل أحد.
16901- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن) ، قال: كانوا يقولون: "إنما محمد أذن، لا يحدَّث عنا شيئًا، إلا هو أذن يسمع ما يقال له".
16902- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ويقولون هو أذن) ، نقول ما شئنا، ونحلف، فيصدقنا.
وقال ابن أبي حاتم في أسباب النزول:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} الْآيَةَ. نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُؤْذُونَ الرَّسُولَ وَيَقُولُونَ فِيهِ مَا لَا يَنْبَغِي، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَبْلُغَهُ مَا تَقُولُونَ فَيَقَعَ بِنَا: فَقَالَ الْجُلَاسُ بْنُ سُوَيْدٍ نَقُولُ مَا شِئْنَا ثُمَّ نَأْتِيهِ فَيُصَدِّقُنَا بِمَا نَقُولُ، فَإِنَّمَا مُحَمَّدٌ أُذُنٌ سَامِعَةٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرُهُ، نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُقَالُ لَهُ نَبْتَلُ بْنُ الْحَارِثِ، وَكَانَ رَجُلًا أَدْلَمَ أَحْمَرَ الْعَيْنَيْنِ أَسْفَعَ الْخَدَّيْنِ مُشَوَّهَ الْخِلْقَةِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ الشَّيْطَانَ فَلْيَنْظُرْ إِلَى نَبْتَلِ بْنِ الْحَارِثِ"، وكان ينم حديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُنَافِقِينَ، فَقِيلَ لَهُ: لَا تَفْعَلْ، فَقَالَ: إِنَّمَا مُحَمَّدٌ أُذُنٌ، مَنْ حَدَّثَهُ شَيْئًا صَدَّقَهُ. نَقُولُ مَا شِئْنَا، ثُمَّ نَأْتِيهِ فَنَحْلِفُ لَهُ فَيُصَدِّقُنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: اجْتَمَعَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِيهِمْ جُلَاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ وَوَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَأَرَادُوا أَنْ يَقَعُوا فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَهُمْ غُلَامٌ الْأَنْصَارِ يُدْعَى: عَامِرَ بْنَ قَيْسٍ فَحَقَّرُوهُ، فَتَكَلَّمُوا وَقَالُوا: وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ. فَغَضِبَ الْغُلَامُ وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقٌّ وَإِنَّكُمْ لَشَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ، فَدَعَاهُمْ فَسَأَلَهُمْ، فَحَلَفُوا أَنَّ عَامِرًا كَاذِبٌ وَحَلَفَ عَامِرٌ أَنَّهُمْ كَذَبَةٌ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُفَرِّقْ بَيْنَنَا حَتَّى تُبَيِّنَ صِدْقَ الصَّادِقِ مِنْ كَذِبِ الْكَاذِبِ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} وَنَزَلَ قَوْلُهُ: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ}
وقال الواقدي في المغازي:
{وَمِنْهُمُ الّذِينَ يُؤْذُونَ النّبِىّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} نَزَلَتْ فِى عَبْدِ اللّهِ بْنِ نَبْتَلٍ. قَالَ: كَانَ يَقُولُ: إنّى لأَنَالُ مِنْ مُحَمّدٍ مَا أَشَاءُ ثُمّ آتِى مُحَمّدًا فَأَحْلِفُ لَهُ فَيَقْبَلُ مِنّى. يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: {أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} يَعْنِى أَنّهُ يَقْبَلُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ {وَرَحْمَةٌ لِلّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ} يَعْنِى ابْنَ نَبْتَلٍ {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
{يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ} حَلِفُهُ لِلنّبِىّ مَا قَالُوا؛ {لِيُرْضُوكُمْ} يَعْنِى النّبِىّ وَأَصْحَابَ مُحَمّدٍ. ثُمّ يَقُولُ: {وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} أَلاّ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَلا تَقُولُوا إلاّ خَيْرًا.
وقال ابن إسحاق:
ومن بني لَوْذان بن عَمْرو بن عَوْف: نَبْتَل بن الحارث، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم- فيما بلغني -: من أحبَّ أن ينظر إلى الشيطان، فلينظر إلى نَبْتَل بن الحارث، وكان رجلاً جسيماً أذلم ثائر شعر الرأس، أحمر العينين أسْفَع الخدَّين، وكان يأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث إليه فيسمع منه، ثم ينقل حديثه إلى المنافقين، وهو الذي قال: إنما محمد أذُن، من حدّثه شيئاً صدقه. فأنزل الله عز وِجل فيه: {وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِالله وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ الله لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)} [التوبة: 61].
....ثم ذكر غشَّهم وأذاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: {وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. [التوبة: 62] وكان الذي يقول تلك المقالة، فيما بلغني، نَبْتل بن الحارث أخو بني عمرو بن عوف، وفيه نزلت هذه الاية، وذلك أنه كان يقول: إنما محمدُ أذُن، من حدثه شيئا صَدَّقه. يقول اللّه تعالى: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ}: أي يسمع الخير ويصدق به.
ثم قال تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ}. ثم قال: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}. [التوبة: 65].
كانوا يذمون ويعيبون محمدًا، لإجرامه وعيوبه الكثيرة وانتهاكاته بنفسه للتشريع السقيم الذي وضعه، وأفعاله الهمجية الإجرامية المعروفة وتناقضاته الشخصية، فلما كان ينقل أحد له شيئًا من كلامهم، كانوا ينكرون حماية لأنفسهم بدعوى أن الشخص المدعي كاره لهم يريد أذاهم، وقالوا أن محمدًا يصدق أي شيء ولها تفسيران كما قال الطبري.
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)}
سبب اعتذارهم وتذللهم له كما عرضنا القصة في باب (مصادرة الحريات) ليس إيمانًا بمزاعمه الخرافية ولا تقديرًا له، بل كان خوفًا منه وحمايةً منهم لحيواتهم. راجع الباب المذكور، وفي النص صيغة تهديد واضحة لتكميم الأفواه ومنع حرية التعبير عن الآراء والمعتقدات,
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (74)}
ذكرنا سبب ومناسبة صياغتها في باب (مصادرة الحريات) فراجعه. وترتبط بنقلة الكلام لمحمد ورغبته في مصادرة حق الناس في الكلام والنقد والسخرية والتفكير.
تشويه صورة المتظاهرين بالإسلام
وبسبب عدم مقدرة محمد على إيذاء المتظاهرين "المنافقين" لمراوغتهم وتلاعبهم وتنكرهم كمسلمين، لجأ محمد إلى وسيلة أخيرة لعزلهم عن المجتمع الإسلامي العائش في الخرافات والتعصب والظلمات، وهي عمل حملة هجم كلامي لتشويه صورتهم الذهنية في أذهان المسلمين، بأسلوب ديني خطابي وعظي خرافي سمته التعميم الغير منطقي:
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68)}
بالتأكيد لم يعتقد المتظاهرون بالإسلام أن كلام القرآن هو كلام الله الخرافي، وكانوا متيقنين أنه كلام محمد، بالتالي كلام محمد ضدهم لا يؤثر فيهم بشيء، لأنه لم يصدِّقوا مزاعمه وافتراضاته، بل كلامه كان للاستهلاك المحلي والتأثير في الأتباع لتجنبهم.
{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)}
{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87)}
{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80)}
ولما عجز محمد عن الوصول لهم بأذى او إبادة، أمر بتجاهلهم ونبذهم فقط:
{يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96)}
ولما كان معظم بدو (أعراب) ما حول يثرب أسلموا تظاهرًا بالإكراه، فكثيرٌ منهم لم يشاركوا محمدًا في غزوه لأطراف الشام (تبوك) وأعمال العنف الخاصة به وبجيشه، فسبهم محمد بطريقة تعميمية عنصرية دينية، ثم عاد للاستدراك ليصحح كلامه ويستثني من الجملة التعميمية، لكي لا يخشر الأتباع والمناصرين الحقيقيين من الأعراب بسبب تعميمه وعنصريته وتهجمه:
{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99)}
{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)}
وبعدما أجبر محمد المنافقين المتظاهرين بالإسلام على الحضور بالإكراه والتهديد للخمس صلوات الإسلامية في مسجده في يثرب، ونفس السياسة اتبعها أتباعه كنظام ديني شمولي في الأماكن الأخرى، قال أنه لا تعجبه طريقة حضورهم وأدائهم للصلاة! فما الذي تنتظره من ناس تم إجبارهم على صلاة ودين لم يريدوا ممارسته ولا يعتقدون به:
{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)} التوبة
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)} النساء
قال الطبري في تفسير التوبة: 54
يقول: لا يأتونها إلا متثاقلين بها. لأنهم لا يرجون بأدائها ثوابًا، ولا يخافون بتركها عقابًا، وإنما يقيمونها مخافةً على أنفسهم بتركها من المؤمنين، فإذا أمنوهم لم يقيموها = (ولا ينفقون) ، يقول: ولا ينفقون من أموالهم شيئًا = (إلا وهم كارهون) ، أن ينفقونه في الوجه الذي ينفقونه فيه، مما فيه تقوية للإسلام وأهله.
وقال في تفسير النساء 142
وأما قوله:"وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس"، فإنه يعني: أن المنافقين لا يعملون شيئًا من الأعمال التي فرضها الله على المؤمنين على وجه التقرُّب بها إلى الله، لأنهم غير موقنين بمعادٍ ولا ثواب ولا عقاب، وإنما يعملون ما عملوا من الأعمال الظاهرة إبقاءً على أنفسهم، وحذارًا من المؤمنين عليها أن يُقتلوا أو يُسلبوا أموالهم. فهم إذا قاموا إلى الصلاة التي هي من الفرائض الظاهرة، قاموا كسالى إليها، رياءً للمؤمنين ليحسبوهم منهم وليسوا منهم، لأنهم غير معتقدي فرضها ووجوبها عليهم، فهم في قيامهم إليها كسالى، كما:-
10724- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى"، قال: والله لولا الناسُ ما صَلَّى المنافق، ولا يصلِّي إلا رياء وسُمْعة.
10725- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس"، قال: هم المنافقون، لولا الرياء ما صلُّوا.
قصة بناء مسجد بمنهج مخالف لمنهج محمد وديانته
قد يكون ما قصده من بنوه هو أن يكون أول لعبة محاولة إصلاح ديني داخلي للإسلام وتحويله لدين تسامح وصلاح، وذكرت رواية ابن إسحاق في السيرة أنهم كانوا يقرؤون القرآن في صلواتهم:
ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عَوْف: جارية بن عامر بن العَطَّاف، وابناه: زيد ومُجمَّع، ابنا جارية. وهم ممن اتخذ مسجدَ الضرار. وكان مُجَمَّع غلاما حدثا قد جمع من القرآن أكثره، وكان يصلى بهم فيه، ثم إنه لما أخرب المسجدُ، وذهب رجال من بني عمرو ابن عوف، كانوا يصلون ببني عمرو بن عوف في مسجدهم، وكان زمان عمر بن الخطاب، كُلِّم في مُجَمِّع ليصلى بهم فقال: لا، أو ليس بإمام المنافقين في مسجد الضِّرار؟ فقال لعمر: يا أمير المؤمنين، والله الذي لا إِله إلا هو، ما علمتُ بشىءٍ من أمرِهم، ولكني كنت غلاماً قارئاً للقرآن، وكانوا لا قرآنَ معهم، فقدمونى أصلى بهم، وما أرى أمرَهم، إلا على أحْسن ما ذكروا، فزعموا أن عمر تركه فصلى بقومه.
فيظهر أنهم قوم كان لهم رؤية مستنيرة لما هو متاح من إصلاح الإسلام أو محاولة ذلك من الداخل، فهذه كانت الحيلة الوحيدة لباقية الممكنة بسبب مصادرة محمد لحرية العقيدة والرأي والنقد، لذلك لم يقتلهم محمد بل هو شك فيهم فقط، وأنهم يريدون تغيير الخط العام العنيف لدينه الشرير العداوني، أما قصة أن أبا عامر الراهب كان يؤم من فيه أو أنهم كانوا يخططون لجعله يؤمهم ويتحدث معهم هناك، قال الواقدي في المغازي:
قَالَ: حَدّثَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدُ بْنِ رُومَانَ، قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ حَتّى نَزَلَ بِذِى أَوَانٍ، وَقَدْ كَانَ جَاءَهُ أَصْحَابُ مَسْجِدِ الضّرَارِ، جَاءُوا خَمْسَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ مُعَتّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ، وَحِذَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو حَبِيبَةَ بْنُ الأَزْعَرِ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ نَبْتَلِ بْنِ الْحَارِثِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا رُسُلُ مَنْ خَلْفَنَا مِنْ أَصْحَابِنَا، إنّا قَدْ بَنَيْنَا مَسْجِدًا لِذِى الْقِلّةِ وَالْحَاجَةِ، وَاللّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ، وَاللّيْلَةِ الشّاتِيَةِ، وَنَحْنُ نُحِبّ أَنْ تَأْتِيَنَا فَتُصَلّىَ بِنَا فِيهِ، وَرَسُولُ اللّهِ ÷، يَتَجَهّزُ إلَى تَبُوكَ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “إنّى عَلَى جَنَاحِ سَفَرٍ وَحَالِ شُغْلٍ، وَلَوْ قَدِمْنَا إنْ شَاءَ اللّهُ أَتَيْنَاكُمْ فَصَلّيْنَا بِكُمْ فِيهِ”. فَلَمّا نَزَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بِذِى أَوَانٍ رَاجِعًا مِنْ تَبُوكَ أَتَاهُ خَبَرُهُ، وَخَبَرُ أَهْلِهِ مِنْ السّمَاءِ، وَكَانُوا إنّمَا بَنَوْهُ قَالُوا: بَيْنَهُمْ يَأْتِينَا أَبُو عَامِرٍ فَيَتَحَدّثُ عِنْدَنَا فِيهِ، فَإِنّهُ يَقُولُ: لا أَسْتَطِيعُ آتِىَ مَسْجِدَ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، إنّمَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ يَلْحَظُونَنَا بِأَبْصَارِهِمْ، يَقُولُ اللّهُ تَعَالَى: {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ} يَعْنِى أَبَا عَامِرٍ، فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ ÷ عَاصِمَ بْنَ عَدِىّ الْعَجْلانِىّ، وَمَالِكَ بْنَ الدّخْشَمِ السّالِمِىّ، فَقَالَ: “انْطَلِقَا إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ الظّالِمِ أَهْلُهُ، فَاهْدِمَاهُ، ثُمّ حَرّقَاهُ”، فَخَرَجَا سَرِيعَيْنِ عَلَى أَقْدَامِهِمَا حَتّى أَتَيَا مَسْجِدَ بَنِى سَالِمٍ، فَقَالَ مَالِكُ بْنُ الدّخْشَمِ لِعَاصِمِ بْنِ عَدِىّ: أَنْظِرْنِى حِينَ أَخْرُجُ إلَيْك بِنَارٍ مِنْ أَهْلِى، فَدَخَلَ إلَى أَهْلِهِ فَأَخَذَ سَعَفًا مِنْ النّخْلِ فَأَشْعَلَ فِيهِ النّارَ، ثُمّ خَرَجَا سَرِيعَيْنِ يَعْدُوَانِ حَتّى انْتَهَيَا إلَيْهِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَهُمْ فِيهِ وَإِمَامُهُمْ يَوْمَئِذٍ مُجَمّعُ بْنُ جَارِيَةَ، فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا أَنْسَى تَشَرّفَهُمْ إلَيْنَا كَأَنّ آذَانَهُمْ آذَانُ السّرْحَانِ. فَأَحْرَقْنَاهُ حَتّى احْتَرَقَ وَكَانَ الّذِى ثَبَتَ فِيهِ مِنْ بَيْنِهِمْ زَيْدُ بْنُ جَارِيَةَ بْنِ عَامِرٍ حَتّى احْتَرَقَتْ أَلْيَتُهُ فَهَدَمْنَاهُ حَتّى وَضَعْنَاهُ بِالأَرْضِ وَتَفَرّقُوا.
فَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ ÷ الْمَدِينَةَ عَرَضَ عَلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىّ الْمَسْجِدَ يَتّخِذُهُ دَارًا - وَكَانَ مِنْ دَارِ وَدِيعَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَدَارُ أَبِى عَامِرٍ إلَى جَنْبِهِمَا فَأَحْرَقُوهُمَا مَعَهُ - فَقَالَ: مَا كُنْت لأَتّخِذَ مَسْجِدًا قَدْ نَزَلَ فِيهِ مَا نَزَلَ دَارًا؛ وَإِنّ بِى لَغِنًى يَا رَسُولَ اللّهِ، وَلَكِنْ أَعْطِهِ ثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ، فَإِنّهُ لا مَنْزِلَ لَهُ، فَأَعْطَاهُ ثَابِتًا.
وَكَانَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَدْ أَعَانَهُمْ فِيهِ بِخَشَبٍ، وَكَانَ غَيْرَ مَغْمُوصٍ عَلَيْهِ فِى النّفَاقِ وَلَكِنّهُ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ أُمُورًا تُكْرَهُ لَهُ. فَلَمّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ أَخَذَ أَبُو لُبَابَةَ خَشَبَهُ ذَلِكَ فَبَنَى بِهِ مَنْزِلاً، وَكَانَ بَيْتُهُ الّذِى بَنَاهُ إلَى جَنْبِهِ. قَالَ: فَلَمْ يُولَدْ لَهُ فِى ذَلِكَ الْبَيْتِ مَوْلُودٌ قَطّ، وَلَمْ يَقِفْ فِيهِ حَمَامٌ قَطّ، وَلَمْ تَحْضُنْ فِيهِ دَجَاجَةٌ قَطّ.
وَكَانَ الّذِينَ بَنَوْا مَسْجِدَ الضّرَارِ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً: جَارِيَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ الْعَطّافِ - وَهُوَ حِمَارُ الدّارِ - وَابْنُهُ مُجَمّعُ بْنُ جَارِيَةَ وَهُوَ إمَامُهُمْ، وَابْنُهُ زَيْدُ بْنُ جَارِيَةَ - وَاَلّذِى احْتَرَقَتْ أَلْيَتُهُ فَأَبَى أَنْ يَخْرُجَ - وَابْنُهُ يَزِيدُ بْنُ جَارِيَةَ، وَوَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَخِذَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَمِنْ دَارِهِ أُخْرِجَ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ نَبْتَلٍ، وَبِجَادُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو حَبِيبَةَ بْنُ الأَزْعَرِ، وَمُعَتّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَعَبّادُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ.
قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “زِمَامٌ خَيْرٌ مِنْ خِذَامٍ، وَسَوْطٌ خَيْرٌ مِنْ بِجَادٍ”، وَكَانَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ نَبْتَلٍ - وَهُوَ الْمُخَبّرُ بِخَبَرِهِ - يَأْتِى رَسُولَ اللّهِ ÷ فَيَسْمَعُ حَدِيثَهُ، ثُمّ يَأْتِى بِهِ الْمُنَافِقِينَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلامُ: يَا مُحَمّدُ إنّ رَجُلاً مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَأْتِيك فَيَسْمَعُ حَدِيثَك، ثُمّ يَذْهَبُ بِهِ إلَى الْمُنَافِقِينَ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “أَيّهُمْ هُوَ”؟ قَالَ: الرّجُلُ الأَسْوَدُ ذُو الشّعْرِ الْكَثِيرِ الأَحْمَرُ الْعَيْنَيْنِ كَأَنّهُمَا قِدْرَانِ مِنْ صُفْرٍ كَبِدُهُ كَبِدُ حِمَارٍ فَيَنْظُرُ بِعَيْنِ شَيْطَانٍ.
وَكَانَ عَاصِمُ بْنُ عَدِىّ يُخْبِرُ يَقُولُ: كُنّا نَتَجَهّزُ إلَى تَبُوكَ مَعَ النّبِىّ فَرَأَيْت عَبْدَ اللّهِ بْنَ نَبْتَلٍ، وَثَعْلَبَةَ بْنَ حَاطِبٍ قَائِمَيْنِ عَلَى مَسْجِدِ الضّرَارِ، وَهُمَا يُصْلِحَانِ مِيزَابًا قَدْ فَرَغَا مِنْهُ فَقَالا: يَا عَاصِمُ إنّ رَسُولَ اللّهِ ÷ قَدْ وَعَدَنَا أَنْ يُصَلّىَ فِيهِ إذَا رَجَعَ، فَقُلْت فِى نَفْسِى: وَاَللّهِ مَا بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ إلاّ مُنَافِقٌ مَعْرُوفٌ بِالنّفَاقِ أَسّسَهُ أَبُو حَبِيبَةَ بْنُ الأَزْعَرِ، وَأُخْرِجَ مِنْ دَارِ خِذَامِ بْنِ خَالِدٍ، وَوَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ فِى هَؤُلاءِ النّفَرِ - ....، وَقِيلَ: لِعَاصِمِ بْنِ عَدِىّ، وَلِمَ أَرَادُوا بِنَاءَهُ؟ قَالَ: كَانُوا يَجْتَمِعُونَ فِى مَسْجِدِنَا، فَإِنّمَا هُمْ يَتَنَاجَوْنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَلْتَفِتُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فَيَلْحَظُهُمْ الْمُسْلِمُونَ بِأَبْصَارِهِمْ فَشَقّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَرَادُوا مَسْجِدًا يَكُونُونَ فِيهِ لا يَغْشَاهُمْ فِيهِ إلاّ مَنْ يُرِيدُونَ مِمّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِهِمْ، فَكَانَ أَبُو عَامِرٍ يَقُولُ: لا أَقْدِرُ أَنْ أَدْخُلَ مِرْبَدَكُمْ هَذَا وَذَاكَ أَنّ أَصْحَابَ مُحَمّدٍ يَلْحَظُونَنِى وَيَنَالُونَ مِنّى مَا أَكْرَهُ. قَالُوا: نَحْنُ نَبْنِى مَسْجِدًا تَتَحَدّثُ فِيهِ عِنْدَنَا.
وجاء في تفسير عبد الرزاق الصنعاني:
عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير في قوله تعالى والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا قال هم حي يقال لهم بنو غنم عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير قال الذين بنى فيهم المسجد الذي أسس على التقوى بنو عمرو بن عوف قال في قوله تعالى وإرصادا لمن حارب الله ورسوله أبو عامر الراهب انطلق إلى الشام فقال الذين بنوا مسجدا ضرارا إنما بنيناه ليصلي فيه أبو عامر
رواية صحيحة إلى عروة، لكنها مرسلة. وأخرج هذه الرواية المرسلة أبو جعفر الطبري في تفسيره (14/472) رقم (17196) شاكر، من طريق الزهري عن عروة عن عائشة به، وأخرجه من طريق عبد الرزاق ابن أبي حاتم في تفسيره رقم (1595) عن عروة فقط، دون ذكر عائشة. فالظاهر أن ذكر عائشة عند الطبري غير محفوظ، لأن ابن أبي حاتم في روايته المذكورة روى الحديث عن الحسن بن يحيى - شيخ الطبري - بإسناده عن عروة مرسلاً، فدل ذلك على أن ذكر عائشة فيه وهم. انظر: مرويات عروة بن الزبير، لعادل عبد الغفور، 794، رسالة دكتوراه.
فلا شك يبدو لي الآن أن قصة انتظارهم أو استقبالهم لأبي عامر إما مزيفة تبريرية، أو أنه لم يكن لديه دليل قاطع على صحتها، والروم كانوا في حالة ضعف عن أن يورطوا أنفسهم في حملة عديمة الجدوى حسب ظنهم آنذاك في شبه الجزيرة العربية، لأن محمدًا لو صح عنده ذلك لكان حينئذٍ سيبيدهم ويعدمهم جميعًا، كـ"مرتدّين" وخونة، لأن أبا عامر هذا رجل لم يتبعه وهرب من اضطهاد الإسلام إلى مكة، ثم شارك كما قيل في موقعة أحد، ثم في تحزيب الأحزاب لموقعة الأحزاب-الخندق ومحاولة اقتحام يثرب، ثم هاجر من مكة بعد الاقتحام الإسلامي لها إلى الشام قبل الاحتلال الإسلامي لها، كما حكى ابن إسحاق:
... ومعه في الأوْس رجل، هو في قومه من الأوس شريف مطاع، أبو عامر عبد عَمرو بن صَيْفى بن النعمان، أحد بنى ضُبَيْعة بن زيد، وهو أبو حَنْظلة، الغسيل يومَ أحُد، وكان قد ترهب في الجاهلية ولبس المُسوح، وكان يقال له: الراهب. فشقيا بشرفهما وضَرَّهما.
... وأما أبو عامر فأبى إلا الكفرَ والفراقَ لقومهِ حين اجتمعوا على الِإسلام، فخرج منهم إلى مكة ببضعةَ عشرَ رجلاً مفارقاً للإِسلام ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما حدثني محمدُ بن أبى أمامة عن بعض آل حنظلة بن أبى عامر -: لا تقولوا: الراهب، ولكن قولوا الفاسق.
... قال ابن إسحاق: وحدثني جعفر بن عبد الله بن أبى الحكم، وكان قد أدرك وسَمِعَ، وكان راويةً أن أبا عامر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة، قبل أن يخرج إلى مكة فقال: ما هذا الدين الذي جئتَ به؟ فقال جئت بالحنيفية دين إبراهيم، قال: فأنا عليها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لستَ عليها، قال، بلى، قال: إنك أدخلت يا محمد في الحنيفية ما ليس منها، قال: ما فعلتُ، ولكنى جئت بها بيضاء نقية، قال: الكاذب أماته الله طريداً غريباً وحيداً - يعرض برسول الله صلى الله عليه وسلم - أي أنك جئتَ بها كذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل، فمن كذب ففعل الله تعالى ذلك به، فكان هو ذلك عدو الله، خرج إلى مكة، فلما افتتح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكةَ خرج إلى الطائف. فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام. فمات بها طريداً غريباً وحيداً.
وفي سياق موقعة أُحُد ذكر ابن إسحاق:
... قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عُمر ابن قتادة : أن أبا عامر، عبد عمرو بن صَيْفى بن مالك بن النعمان ، أحد بنى ضُبَيعة، وقد كان خرج حين خرج إلى مكة مُباعِداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، معه خمسون غلاما من الأوس ، وبعض الناس كان يقول : كانوا خمسة عشر رجلا، وكان يَعِد قريشاً أن لو قد لقي قومه لم يختلف عليه منهم رجلان . فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش وعبدان أهل مكة، فنادى: يا معشر الأوس أنا أبو عامر قالوا: فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق . وكان أبو عامر يُسمى في الجاهلية : الراهب ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفاسق - فلما سمع ردَّهم عليه قال : أصاب قومى بعدي شرّ، ثم قاتلهم قتالا شديدا، ثم راضَخَهم بالحجارة.
قال سامي أنور جاهين في تخريجه لأحاديث السيرة: إسناده صحيح، وأخرجة الطبري في تاريخه وأبو فرج الأصفهاني في الأغاني.
... ووقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون، وهم لا يعلمون، فأخذ علي بن أبي طالب بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفعه طلحة بن عُبَيْد الله حتى استوى قائما، ومَصَّ مالك ابن سنان ، أبو أبي سعيد الخدري، الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ازدرده ...
وقال الطبري في التفسير:
فتأويل الكلام: والذين ابتنوا مسجدًا ضرارًا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرًا بالله لمحادّتهم بذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ويفرِّقوا به المؤمنين، ليصلي فيه بعضهم دون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيختلفوا بسبب ذلك ويفترقوا = (وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل) ، يقول: وإعدادًا له، لأبي عامر الكافر الذي خالف الله ورسوله، وكفر بهما، وقاتل رسول الله = (من قبل) ، يعني من قبل بنائهم ذلك المسجد. وذلك أن أبا عامر هو الذي كان حزَّب الأحزاب = يعني: حزّب الأحزاب لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم = فلما خذله الله، لحق بالروم يطلب النَّصْر من ملكهم على نبي الله، وكتب إلى أهل مسجد الضِّرار يأمرهم ببناء المسجد الذي كانوا بنوه، فيما ذكر عنه، ليصلي فيه، فيما يزعم، إذا إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، وتلك هي الفعلة الحسنة = (والله يشهد إنهم لكاذبون) ، في حلفهم ذلك، وقيلهم: "ما بنيناه إلا ونحن نريد الحسنى! "، ولكنهم بنوه يريدون ببنائه السُّوآى، ضرارًا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرًا بالله، وتفريقًا بين المؤمنين، وإرصادًا لأبي عامر الفاسق.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
17187- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن ابن عباس قوله: (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا) ، وهم أناس من الأنصار ابتنوا مسجدًا، فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدكم، واستعدُّوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فآتي بجند من الروم، فأخرج محمدًا وأصحابه! فلما فرغوا من مسجدهم، أتوا النبي عليه الصلاة والسلام فقالوا: قد فرغنا من بناء مسجدنا، فنحبُّ أن تصلي فيه، وتدعو لنا بالبركة! فأنزل الله فيه: (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) ، إلى قوله: (وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) .
نلاحظ مدى عنف محمد ورجاله لدرجة إحراق المسجد والناس فيه، واحتراق إلية (مؤخرة) أحدهم لأنه حاول الثبات فيه والدفاع عنه وهذه شجاعة كبيرة قد تدل على أهمية الهدف الذي كان يراه، إما الإصلاح الفكري أو كمنبر لمعارضة محمد في السر كما قد نفهم من وجهة نظر أخرى. في الدول العلمانية يُسمح لكل أحد بتأسيس أي دين أو مذهب أو توجه فكري أو فلسفي أو معبد للتعبد بأي شكلٍ، طالما لا يؤذي أحدًا فله حرية الاعتقاد وممارسة العقيدة، محمد لم يكن لديه قيمة كهذه، بل كان الحاكم الأوحد المستبد المؤسسس لمذهب لتوحيد كل شبه جزيرة العرب عليه، ولا يحق لأحد من وجهة نظره منافسته بفكرة أو مذهب آخر بأفكار بديلة أكثر تسامحًا واستنارة وسلامًا. لا شك أنه مع الزمن في العصور العصور الحديثة ظهر كثير من الإصلاحيين واكتسبوا السلطة وانتشرت ثقافتهم الأفضل كمحمد عبده وجمال البنّا وغيرهما في مصر بحيث أصبح الأزهر يحاول اتباع بعض أفكارهم وتوجهاتهم، كتحريف تفسير المنتخب الأزهري وإخفائه لكل حقيقة معاني نصوص سورة التوبة عن العامة في ذلك التفسير، أو مواعظ الراحل طنطاوي المتسامحة النيِّرة، ولو أن التعليم الديني في الأزهر وغيره يظل تجهيلًا ومصدرًا للتطرف والإرهاب والمرض النفسي. ربما حاول هؤلاء المتظاهرين بالإسلام في زمن محمد عمل دعوة مضادة لمحمد تتسم بالمذهب الربوبيّ التألُّهيّ والتعايش والمحبة ونبذ العنف والعدوان، أو شكلًا آخر من الإسلام برؤية متسامحة، أو لنقد محمد فقط كمنبر مضاد له فكل إنسان يحتاج للتعبير عن آرائه وحياته وأفكاره وأن يرى من يوافقونه الفكر، وهو حق لكل إنسان، لكن محمدًا لم يكن ليسمح بأيٍّ من هذه الاحتمالات.
أسلوب تعامل محمد وأتباعه المتعصبين مع المنافقين بعدما خافوا وأسلموا نفاقًا حذرًا من نوايا محمد القادمة، قبل الإكراه النهائي بعد موقعة الخندق-الأحزاب، من نص من الفترة الإسلامية المبكرة في يثرب، في السنة الثانية من دخول محمد وهجرته إليها، في السيرة لابن إسحاق برواية ابن هشام:
وكان هؤلاء المنافقون يحضُرون المسجد فيستمعون أحاديث المسلمين، ويَسْخَرون ويستهزئون بدينهم، فاجتمع يوماً في المسجد منهم ناس، فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون بينهم، خافضى أصواتهم، قَد لصق بعضُهم ببعض، فأمر بهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاخرجوا من المسجد إخراجاً عنيفاً، فقام أبو أيوب، خالدُ ابنُ زيد بنُ كُلَيْب، إلى عُمر بن قَيْس، أحد بنى غَنْم بن مالك بن النجار - كان صاحب آلهتهم في الجاهلية - فأخذ برجله فسحبه، حتى أخرجه من المسجد، وهو يقول: أتخرجني يا أبا أيوب من مرْبد بني ثعلبة، ثم أقبل أبو أيوب أيضاً إلى رافع بن وَدِيعة، أحد بني النجار فلبَّبه بردائه ثم نثره نثراً شديداً، ولطم وجهَه، ثم أخرجه من المسجد، وأبو أيوب يقول له: أفّ لك منافقاً خبيثاً. أدراجَك يا منافق من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن هشام: أي ارجعْ من الطريق التي جئتَ منها....
وقام عُمارة بن حَزْم إلى زيد بن عمرو، وكان رجلاً طويل اللحية، فأخذ بلحيته فقاده بها قوداً عنيفاً حتى أخرجه من المسجد، ثم جمع عُمارة يَدَيْه فلَدَمَه بهما في صدرِهِ لَدْمَة خَرَّ منها. قال: يقول: خدشْتني يا عُمارة قال: أبعدك الله يا منافقُ، فما أعدَّ الله لك من العذاب أشدُّ من ذلك، فلا تقربنَّ مسجدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن هشام: اللَّدْم: الضرب ببطن الكف. ....
قال ابن إسحاق: وقام أبو محمد، رجل من بنى النجار، كان بدْرياً، و أبوِ محمد مسعود بن أوس بن زيد بن أصْرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار: إلى قَيْس بن عمرو بن سهل، وكان قيس غلاماً شاباً، وكان لا يُعلم في المنافقين شاب غيره، فجعل يدفع في قفاه حتى أخرجه من المسجد. وقام رجل من بَلْخُدْرَة بن الخزرج، رهط أبي سعيد الخُدْري، يقال له: عبد الله بن الحارث حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج المنافقين من المسجد إلى رجل يقال له: الحارث بن عَمْرو، وكان ذا جُمَّة، فأخذ بجُمته فسحبه بها سحباً عنيفاً، على ما مر به من الأرض، حتى أخرجه من المسجد. قال يقول المنافقُ: لقد أغلظْتَ يا بن الحارث فقال له: إنك أهل لذلك، أي عدوَّ الله لما أنزل الله فيك: فلا تقربنَّ مسجدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنك نَجِس وقام رجل من بنى عَمْرو بن عَوْف إلى أخيه زُوَيِّ بن الحارث فأخرجه من المسجد إخراجاً عنيفاً، وأفَّف منه، قال: غلب عليك الشيطان وأمْرُهُ.
فهؤلاءِ من حضر المسجدَ يومئذ من المنافقين، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهم.
هو حتمًا لم يعلم ما يقولونه بالضبط، لكنه كما نرى كمستبد طاغية احتار ولم يعرف ماذا يفعل معهم، فهو كان يريد تغيير الأفكار والضمائر نفسها بالقوة والتهديد، لكن هذا غير ممكن عمليًّا ومستحيل.
بعض سمات المتظاهرين بالإسلام المميزة التي ميِّزتهم ككارهين وغير مؤمنين بالإسلام
{إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50)}
نتيجة طبيعية لكونهم كانوا مُكرَهين مجبَرين على التظاهر بالإسلام والالتزام به طقوسًا وألا يعبروا عن آراء في العلن معارضة لخرافاته، كارهين لأي نصر للإسلام في عدوانه على الناس الآخرين، يسعدون بأي مصائب تحدث للمسلمين، هذه السمة الأساسية دومًا لأي دولة تقوم على أساس ديني عنصري طائفي، على عكس الدولة العلمانية دولة المواطَنة، ففي بعض الدول كأمِرِكا وأستراليا توجد تنوعات كبيرة من الأديان والمذاهب، مع مسحة كبيرة من العلمانية والتحرر وعدم التدين والتشدد، ونسبة كبيرة من اللادينيين الملحدين، لذلك يتعايشون سويًّا ويتزوجون من بعضهم كما يشاؤون دون اهتمامٍ بالاختلاف الطائفي، ودون نوايا سيئة وتحارب، على عكس حال كثير من دول الإسلام اليوم كالعراق وسوريا، ربما مصر النموذج المشرف إلى حد كبير في التعايش رغم وجود آلاف الحالات والتحفظات، لكن تماسكها ومبدأ المواطنة فيها جيد وقويّ، فلم تسقط في الفوضى كما أرادت لها قوى خارجية بعد سقوط نظام حكم محمد حسني مبارك. بالتأكيد هناك نماذج حققت نجاحات معقولة كذلك في تبني مبدإ المواطنة وتجذيره في عقول شعوبها، لكن يظل الإسلام بأفكاره عاملًا لنسف كل الجهود بخرافاته ومنابره الشريرة الظلامية وتصديق الناس بسذاجة لمبادئ شريرة "شيطانية" على أنها من تعاليم إله يأمر بظنهم بالعنصرية وتحقير الإنسان لأخيه الإنسان لأسباب خرافية وتافهة وبلا معنى.
{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)}
{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)}
السمة الهامة لهم كانت عدم تطوعهم بدعم مالي لتمويل حروب محمد الاعتدائية، إلا إذا كان ذلك تمويهًا من بعض الخائفين على حيواتهم، أو بالإكراه والإلزام حينما فرض محمد الزكاة كضريبة رسمية إلزامية، منذ سنة 2ه، وكذك سخريتهم من المستميتين في التبرع بالمال لشرور محمد لدرجة التصدق ولو بشيء قليل لا يجدون غيره، لأن الأتباع السذج ظنوا التبرع بكل ما كانوا يستطيعون عليه للإرهاب والأذى هو شيء يرضي الله وللتقرب منه!
من نصوص التحريض على العنف في الأحاديث المحمدية
محمد لم يكن يمانع في قتل الأطفال والنساء في أول الإسلام
قام خالد بن الوليد بجريمة حرب حيث قتل امرأة، مما يعكس دمويته وشره واضطرابه النفسي، ولم يقم محمد بمحاكمته وعقابه، روى ابن إسحاق:
قال ابن إسحاق: وحدثني بعضُ أصحابنا: أن رسول اللّه صلي الله عليه وسلم مر يومئذ بامرأةٍ وقد قتلها خالدُ بن الوليد والناس متقصِّفون عليها، فقال: ما هذا؟ فقالوا: امرأة قتلها خالد بن الوليد: فقال رسول اللّه صلي الله عليه وسلم لبعضِ من معه: أدركْ خالداً، فقل له: إن رسول اللّه ينهاك أن تقتل وليداً أو امرأة أو عَسيفاً.
ورواه أحمد:
15992 - حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُرَقِّعُ بْنُ صَيْفِيٍّ، عَنْ جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ، أَخِي حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَمَرَّ رَبَاحٌ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، مِمَّا أَصَابَتِ الْمُقَدِّمَةُ، فَوَقَفُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ خَلْقِهَا، حَتَّى لَحِقَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَانْفَرَجُوا عَنْهَا، فَوَقَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ " فَقَالَ لِأَحَدِهِمْ: " الْحَقْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ: لَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً، وَلَا عَسِيفًا"
وأخرجه النسائي في "الكبرى"" (8625) و(8628)، وابنُ ماجه (2842)، وأبو يعلى (1546)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/221، وابنُ حبان (4789)، والطبراني في "الكبير" (4619) (4620) و(4621) و(4622)، والبيهقي في "السنن" 9/91، و9/ 82، وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/314، وأبو داود (2669)، وابن أبي حاتم في "العلل" 1/345، وابنُ عبد البر في"التمهيد"16/140، وأحمد بن حنبل (15993) و(15994) و(15995)
4739 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ "
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/381، والدارمي 2/222-223، والبخاري (3015) ، ومسلم (1744) (25) ، وأبو عوانة 4/93، والطحاوى 3/220، والبيهقي 9/77 من طرق، عن عبيد الله بن عمر، به. وأخرجه الطحاوي 3/221 من طريق جويرية بن أسماء، عن نافع، به. وأحمد ن حنبل بالأرقام (4746) و (5458) و (5658) و (5753) و (5959) و (6037) و (6055) وفي الباب عن ابن عباس برقم (2316) و (2728) .
15588 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ، فَأَفْضَى بِهِمُ الْقَتْلُ إِلَى الذُّرِّيَّةِ ، فَلَمَّا جَاءُوا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا حَمَلَكُمْ عَلَى قَتْلِ الذُّرِّيَّةِ ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا كَانُوا أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: " أَوَهَلْ خِيَارُكُمْ إِلَّا أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ نَسَمَةٍ تُولَدُ، إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا"
وأورده البخاري في "تاريخه الكبير" 1/445 من طريق السري بن يحيى عن الحسن، قال: حدثنا الأسود بن سريع، فذكر الحديث. وسيأتي من طريق السري برقم (16303)
15589 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَزَوْتُ مَعَهُ فَأَصَبْتُ ظَهْرًا ، فَقَتَلَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ حَتَّى قَتَلُوا الْوِلْدَانَ - وَقَالَ مَرَّةً: الذُّرِّيَّةَ - فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " مَا بَالُ أَقْوَامٍ جَاوَزَهُمُ الْقَتْلُ الْيَوْمَ حَتَّى قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ " فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا هُمْ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: " أَلَا إِنَّ خِيَارَكُمْ أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ " ثُمَّ قَالَ: " أَلَا لَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً، أَلَا لَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً " قَالَ: " كُلُّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا، فَأَبَوَاهَا يُهَوِّدَانِهَا وَيُنَصِّرَانِهَا "
رجاله ثقات رجال الشيخين لكن سماع الحسن من الأسود بن سريع لا يثبت عند بعضهم. إسماعيل: هو ابن عُلَيَّة، ويونس: هو ابن عبيد العبدي. وأخرجه الحازمي في "الاعتبار" ص213 من طريق إسماعيل، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1160) ، والنسائي في "الكبرى" (8616) ، والدارمي 2/223، والطبراني في "الكبير" (829) و (832) ، والحاكم 2/123، والبيهقي في "السنن" 9/77 من طرق عن يونس ابن عبيد، وصححه الحاكم
ويذكر الواقدي:
وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ قَدْ قَدّمَ سُلَيْمًا فِى مُقَدّمَتِهِ عَلَيْهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَمَرّ رَسُولُ اللّهِ ÷ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، وَالنّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: “مَا هَذَا”؟ قَالُوا: امْرَأَةٌ قَتَلَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ ÷ رَجُلاً يُدْرِكُ خَالِدًا فَقَالَ: إنّ رَسُولَ اللّهِ ÷ يَنْهَاك أَنْ تَقْتُلَ امْرَأَةً أَوْ عَسِيفًا.
وَرَأَى رَسُولُ اللّهِ ÷ امْرَأَةً أُخْرَى فَسَأَلَ عَنْهَا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا قَتَلْتهَا يَا رَسُولَ اللّهِ أَرْدَفْتهَا وَرَائِى فَأَرَادَتْ قَتْلِى فَقَتَلْتهَا. فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ ÷ فَدُفِنَتْ.
طبعًا تلك التي حاولت قتله كان يريد سبيها وحاولت الدفاع عن حريتها ضد الاستعباد والخطف، والحَدَث له شاهد من مراسيل أبي داوود:
311 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن عكرمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة بالطائف فقال: «ألم أنه عن قتل النساء، من صاحب هذه المرأة المقتولة ؟» فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله، أردفتها فأرادت أن تصرعني فتقتلني، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توارى.
وفي مسند أحمد بن حنبل:
2316 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْهُ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ امْرَأَةً، أَوْ سَبَاهَا، فَنَازَعَتْهُ قَائِمَ سَيْفِهِ، فَقَتَلَهَا، فَمَرَّ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُخْبِرَ بِأَمْرِهَا، فَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ.
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، الحجاج -وهو ابن أرطاة- مدلس وقد عنعن. أبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيان. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 12/381 مختصراً. وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 14/470 عن عبد الرحيم بن سليمان، ويشهد له حديث ابن عمر عند أحمد 2/22، وهو في "الصحيحين"، وحديث عكرمة مرسلاً عند أبي داود في "المراسيل" (333) .
وبموضع آخر يذكر:
حَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، قَالَ: حَدّثَنِى مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ أَنّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ يَصِيحُ يَوْمَئِذٍ بِالْخَزْرَجِ يَا لَلْخَزْرَجِ يَا لَلْخَزْرَجِ، وأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ يَا لَلأَوْسِ ثَلاثًا، فَثَابُوا وَاَللّهِ مِنْ كُلّ نَاحِيَةٍ كَأَنّهُمْ النّحْلُ تَأْوِى إلَى يَعْسُوبِهَا. قَالَ: فَحَنِقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُمْ حَتّى أَسْرَعَ الْمُسْلِمُونَ فِى قَتْلِ الذّرّيّةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللّهِ ÷ فَقَالَ: “مَا بَالُ أَقْوَامٍ ذَهَبَ بِهِمْ الْقَتْلُ حَتّى بَلَغَ الذّرّيّةَ أَلا لا تُقْتَلُ الذّرّيّةُ ثَلاثًا”. قَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَلَيْسَ إنّمَا هُمْ أَوْلادُ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “أَوَلَيْسَ خِيَارُكُمْ أَوْلادَ الْمُشْرِكِينَ؟ كُلّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا، فَأَبَوَاهَا يُهَوّدَانِهَا أَوْ يُنَصّرَانِهَا”.
وروى أحمد بن حنبل:
15588 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ، فَأَفْضَى بِهِمُ الْقَتْلُ إِلَى الذُّرِّيَّةِ، فَلَمَّا جَاءُوا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا حَمَلَكُمْ عَلَى قَتْلِ الذُّرِّيَّةِ ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا كَانُوا أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: "أَوَهَلْ خِيَارُكُمْ إِلَّا أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ نَسَمَةٍ تُولَدُ، إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا "
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (833) ، والحاكم 2/123، والبيهقي في "السنن" 9/130 من طريق يونس بن محمد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1162) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1397) من طريق شيبان، عن قتادة، به. وأخرجه مطولاً ومختصراً عبد الرزاق في "المصنف" (20090) ، وابن أبي شيبة 12/386، وأبو يعلى (942) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1396) ، والطبراني في "الكبير" (826) و (828) و (830) و (831) و (832) و (834) و (835) ، وفي "الأوسط" (2005) من طرق عن الحسن، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/216، وقال: رواه أحمد بأسانيد، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وبعض أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح. ورواه أحمد بن حنبل بالأرقام (15589) و (16299) و (16303) . ونهيه عن قتل الذرية يشهد له حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب السالف رواه حمد (4739) ،وقوله: "ما من نسمة تولد إلا على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها" يشهد له حديث أبي هريرة عند البخاري (1358) ، ومسلم (2658) ، وسلف 2/393، ولفظه عند البخاري: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
رجال حديث أحمد بن حنبل ثقات رجال الشيخين إلا أن الحسن- وهو البصري- لم يسمع من الأسود بن سريع فيما ذكره علي ابن المديني في "العلل" ص59، فقد سئل عن هذا الحديث فقال: إسناده منقطع... والحسن عندنا لم يسمع من الأسود لأن الأسود خرج من البصرة أيام علي، وكان الحسن بالمدينة. قلنا: وقد تابعه على ذلك البزار كما في "نصب الراية" 1/90، وابن أبي حاتم في "المراسيل"- فقد ذكره في جملة الصحابة الذين لم يسمع منهم الحسن-، وابن منده فيما ذكره المزي في "تهذيب الكمال"، وهو ما رجحه الحافظ في "تهذيب التهذيب" كما سيأتي. وقد اختلف في سنة وفاة الأسود بن سريع، فقد ذكر علي ابن المديني أنه قتل أيام الجمل يعني سنة (36 هـ) ، وتابعه على ذلك ابن السكن، وأبو داود وأبو حاتم وأبو سليمان بن زبر وابن حبان، قال بعضهم: قتل، وقال بعضهم: فُقد فيما ذكر الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب". ونقل عن أحمد وابن معين أنه توقي سنة (42 هـ) ، وإليه ذهب البخاري في "التاريخ الكبير"، لكن قال: قال علي: قتل أيام الجمل. وقد نقل الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" عن الباوردي قوله في "معرفة الصحابة" عن الحسن، قال: لما قتل عثمان ركب الأسود سفينة، وحمل معه أهله وعياله، فما رئي بعد. ثم عقب الحافظ بقوله: وكل هذا يدل على أن الحسن وأقرانه لم يلحقوه.
قلنا: ويعكر على هذا أن الحسن قد صرح في بعض الأسانيد بسماعه من الأسود بن سريع، فقد أخرج النسائي في "الكبرى" (8616) ، والحاكم 2/123 من طريق هشيم، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، قال: حدثنا الأسود بن سريع، فذكر الحديث. وأخرج الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" الحديث من طريق السري بن يحيى، عن الحسن، قال: حدث الأسود بن سريع وذلك برقم (1394) و (1395) ، ومن طريق الأشعث بن عبد الملك، عن الحسن أن الأسود بن سريع حدثهم... فذكر الحديث، وذلك برقم (1396) وهو ما مال إليه الطحاوي في تصحيح سماع الحسن من الأسود. وأورده البخاري في "تاريخه الكبير" 1/445 من طريق السري بن يحيى عن الحسن، قال: حدثنا الأسود بن سريع، فذكر الحديث. ورواه أحمد بن حنبل من طريق السري برقم (16303) .
وروى البخاري:
3014 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ
3015 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ
حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا قَالَ وُجِدَتْ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ
ورواه مسلم 1744
وهكذا لم يقم محمد سوى بنهيهم، ولم يحاكم أو يعدم أحدًا على قتل الأطفال والنساء، الدين له تأثير سلبي حقًّا، إن كنت ستحتاج من يقول لك أن قتل طفل أو امرأة أو شيخ وعجوز هو فعل إجرامي مقزز، هذا افتقاد لكل حس إنساني وحتى حيواني.
ولنلاحظ أن ما رواه الواقدي:
قَالَ: حَدّثَنِى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: رَأَيْت النّبِىّ ÷ بِحُنَيْنٍ يَتَخَلّلُ الرّجَالَ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَأَنَا مَعَهُ فَأُتِىَ يَوْمَئِذٍ بِشَابّ فَأَمَرَ مَنْ عِنْدَهُ فَضَرَبُوهُ بِمَا كَانَ فِى أَيْدِيهِمْ وَحَثَا عَلَيْهِ التّرَابَ.
الكلام هنا ليس عن خالد، بل عن شخص طبقوا عليه حد الخمر وفق طريقة محمد التي لم يكن فيها الجلد، الذي ابتكره لاحقًا عمر بن الخطاب، روى أحمد بن حنبل:
16809 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُ النَّاسَ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، " فَأُتِيَ بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ بِمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ "
إن المسؤولية الإجرامية لقتل هؤلاء الأطفال يتحملها محمد كمحرض إجرامي، وكل قتلى لا نعلمهم قتلوا في غارات المسلمين الأوائل الإرهابية اللصوصية الدموية، لأن أحد أصحابه سأله سابقًا_في رحلته لمحاولة القيام بعمرة وقصة صلح الحديبية_عن قتل النساء والأطفال فلم يمانع ذلك وشجّع عليه بمنتهى الهمجية والوحشية:
روى البخاري:
بَاب أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ الْوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ
٣٠١٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثنَا سُفْيَانُ حَدَّثنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قاَلَ مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باِلْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يبُيَّتُونَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَالَ هُمْ مِنْهُمْ وَسمِعْتُهُ يقَولُ لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
3013 - وَعَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا الصَّعْبُ فِي الذَّرَارِيِّ كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثُنَا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الصَّعْبِ قَالَ هُمْ مِنْهُمْ وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ عَمْرٌو هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ
رواه مسلم 1745
وروى أحمد بن حنبل:
16422 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، فَأَهْدَيْتُ لَهُ مِنْ لَحْمِ حِمَارِ وَحْشٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ ، فَرَدَّهُ عَلَيَّ، فَلَمَّا رَأَى فِي وَجْهِي الْكَرَاهَةَ قَالَ: " إِنَّهُ لَيْسَ بِنَا رَدٌّ عَلَيْكَ وَلَكِنَّا حُرُمٌ "
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ "
وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ ، فَقَالَ: " هُمْ مِنْهُمْ "، ثُمَّ يَقُولُ الزُّهْرِيُّ: ثُمَّ نَهَى عَنْ ذَلِكَ بَعْدُ
16426 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا نُصِيبُ فِي الْبَيَاتِ مِنْ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: "هُمْ مِنْهُمْ"
الحديثان صحيحان رجالهما رجال الصحيحين، ورواه أحمد بأسانيد عديدة ٦٤٢٤ و ١٦٤٢٦ و ١٦٦٥٧ و ١٦٦٥٨ و ١٦٦٦٤ و ١٦٦٦٨ و ١٦٦٦٩ و ١٦٦٧ ولرؤية الحديث في كتب الحديث الأخرى راجع هوامش الأرقام المذكورة في طبعة دار الرسالة لمسند أحمد. ورواه مسلم في صحیحه ١٧٤٥
بل وفي زوائد عبد الله على أبيه أحمد بن حنبل في مسنده لفظ أسوأ وأبشع:
16679 - قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ يَعْنِي النَّضْرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ" 16680 - قَالَ: وَأَهْدَيْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ ، فَرَدَّهُ عَلَيَّ، فَعَرَفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِي، فَقَالَ: "إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ"
16681 - وَسَأَلْتُهُ: عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: " اقْتُلْهُمْ مَعَهُمْ "، قَالَ: وَقَدْ نَهَى عَنْهُمْ يَوْمَ خَيْبَرَ
حديث صحيح، وإسناده إسناد سابقه برقم (16679) ، والقائل: وقد نهى عنهم يوم خيبر: هو الزهري كما هو مبين في الرواية السالفة برقم (16422) إلا أن في لفظ: خيبر تحريف قديم إذ جاء في رواية ابن حبان (137) يوم حنين، وهو الصواب، قال الحافظ في "الفتح" 6/147: ويؤيد كون النهي في غزوة حنين ما سيأتي من حديث رَبَاح بن الربيع الآتي: فقال لأحدهم: "الحق خالداً فقل له لا تقتل ذرية ولا عسيفاً".. وخالد أول مشاهده مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزوة الفتح، وفي ذلك العام كانت غزوة حنين. قلنا: وقد سلف حديث رَباح بن الربيع برقم (15992) وإسناده قوي.
لاحقًا لأجل هذه الفضيحة قام الزهري بالكذب وتحريف الحديث، روى عبد الله بن أحمد:
• 16682 - قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَعْنِي الْحُمَيْدِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَيُبَيَّتُونَ، فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمْ مِنْهُمْ" (1)
• 16685 - قَالَ سُفْيَانُ: فَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، بِحَدِيثِ الصَّعْبِ هَذَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَبْلَ أَنْ نَلْقَاهُ، فَقَالَ فِيهِ: " هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ " . فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ، تَفَقَّدْتُهُ، فَلَمْ يَقُلْ، وَقَالَ: " هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ " (2)
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن أحمد، فمن رجال النسائي، وهو ثقة. وقد سلف من طريق سفيان بن عيينة، برقم (16422) .
(2) إسناده صحيح، وهو موصول بالإسناد السالف برقم (16682) إلا أن سفيان بن عيينة يرويه هنا عن عمرو بن دينار، عن الزهري، به. وقد سلف طريق عمرو بن دينار برقم (16424) . والقائل: "هم خير منهم" هو الزهري، وهو إشارة منه إلى نسخ هذا الحكم. انظر "فتح الباري" 6/147. وانظر (16422) .
يعني حرف الزهري الرواية وكلام محمد السليم تاريخيًّا وقوعُه لكي يدلنا على النسخ؟! ثم يحدثوننا عن أمانة رواتهم وسلامة ديانتهم؟!
وفي كتاب المغازي للواقدي:
وَحَدّثَنِى عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ابْنِ عُتْبَةَ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنْ الصّعْبِ بْنِ جَثّامَةَ، أَنّهُ حَدّثَهُ أَنّهُ جَاءَ رَسُولَ اللّهِ ÷ بِالأَبْوَاءِ يَوْمَئِذٍ بِحِمَارٍ وَحْشِىّ فَأَهْدَاهُ لَهُ فَرَدّهُ رَسُولُ اللّهِ ÷، قَالَ الصّعْبُ: فَلَمّا رَآنِى وَمَا بِوَجْهِى مِنْ كَرَاهِيَةِ رَدّ هَدِيّتِى، قَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “إنّا لَمْ نَرُدّهُ إلاّ أَنّا حُرُمٌ”. قَالَ: فَسَأَلْت رَسُولَ اللّهِ ÷ يَوْمَئِذٍ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا نُصَبّحُ الْعَدُوّ وَالْغَارَةَ فِى غَلَسِ الصّبْحِ فَنُصِيبُ الْوِلْدَانَ تَحْتَ بُطُونِ الْخَيْلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “هُمْ مَعَ الآبَاءِ”. وَقَالَ: سَمِعْته يَوْمَئِذٍ يَقُولُ: “لا حِمَى إلاّ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ”، وَيُقَالُ: إنّ الْحِمَارَ يَوْمَئِذٍ كَانَ حَيّا.
وجاء في فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني:
قَوْله عَن عبيد الله هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَوْلُهُ فَسُئِلَ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ السَّائِلِ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي صَحِيحِ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدِهِ عَنِ الصَّعْبِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ أَنَقْتُلُهُمْ مَعَهُمْ قَالَ نَعَمْ فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاوِيَ هُوَ السَّائِلُ قَوْلُهُ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ أَيِ الْمَنْزِلِ هَكَذَا فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ مُسْلِمٍ سُئِلَ عَنِ الذَّرَارِيِّ قَالَ عِيَاضٌ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَوَجَّهَ النَّوَوِيُّ الثَّانِيَ وَهُوَ وَاضِحٌ قَوْلُهُ هُمْ مِنْهُمْ أَيْ فِي الْحُكْمِ تِلْكَ الْحَالَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبَاحَةَ قَتْلِهِمْ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ إِلَيْهِمْ بَلِ الْمُرَادُ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْوُصُولُ إِلَى الْآبَاءِ إِلَّا بِوَطْءِ الذُّرِّيَّةِ فَإِذَا أُصِيبُوا لِاخْتِلَاطِهِمْ بِهِمْ جَازَ قَتْلُهُمْ قَوْلُهُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِأَبِي ذَرٍّ فَسَمِعْتُهُ بِالْفَاءِ وَالْأَوَّلُ أَوْضَحُ وَقَوْلُهُ لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الشُّرْبِ وَقَوْلُهُ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الأول وَكَانَ بن عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً مُجَرَّدًا هَكَذَا وَمَرَّةً يَذْكُرُ فِيهِ سَمَاعَهُ إِيَّاهُ أَوَّلًا مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَذْكُرُ سَمَاعَهُ إِيَّاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَنُنَبِّهُ عَلَى نُكْتَةٍ فِي الْمَتْنِ وَهِيَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ قَالَ هُمْ مِنْهُمْ وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَهُوَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ قَالَ عَلِيٌّ رَدَّدَهُ سُفْيَانُ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ مَرَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ فِي سِيَاقِ هَذَا الْبَابِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوهِمُ أَنَّ رِوَايَةَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ هَكَذَا بِطَرِيقِ الْإِرْسَالِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَبَّاسِ بْنِ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثنَا قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ الْمَدِينَةَ الزُّهْرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَن عبيد الله عَن بن عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ قَالَ سُفْيَانُ فَقَدِمَ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ فَسَمِعْتُهُ يُعِيدُهُ وَيُبْدِيهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَزَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي طَرِيقِ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيث قَالَ وَأَخْبرنِي بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ إِلَى بن أَبِي الْحَقِيقِ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ انْتَهَى وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِمَعْنَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَكَأَنَّ الزُّهْرِيَّ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى نَسْخِ حَدِيثِ الصَّعْبِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ بِحَالٍ حَتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ وَجَعَلُوا مَعَهُمُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ وَلَا تحريقهم وَقد أخرج بن حِبَّانَ فِي حَدِيثِ الصَّعْبِ زِيَادَةً فِي آخِرِهِ ثُمَّ نَهَى عَنْهُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهِيَ مُدْرَجَةٌ فِي حَدِيثِ الصَّعْبِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَيُؤَيِّدُ كَوْنَ النَّهْيِ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ مَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ رِيَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ الْآتِي فَقَالَ لِأَحَدِهِمْ الْحَقْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ لَا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا والعسيف حَدِيثِ رِيَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ التَّمِيمِيُّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ فَرَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَقَالَ مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهَا لَوْ قَاتَلَتْ لَقُتِلَتْ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ كَمَا نقل بن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ عَلَى مَنْعِ الْقَصْدِ إِلَى قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ أَمَّا النِّسَاءُ فَلِضَعْفِهِنَّ وَأَمَّا الْوِلْدَانُ فَلِقُصُورِهِمْ عَنْ فِعْلِ الْكُفْرِ وَلِمَا فِي اسْتِبْقَائِهِمْ جَمِيعًا من الاتنفاع بِهِمْ إِمَّا بِالرِّقِّ أَوْ بِالْفِدَاءِ فِيمَنْ يَجُوزُ أَنْ يُفَادَى بِهِ وَحَكَى الْحَازِمِيُّ قَوْلًا بِجَوَازِ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ الصَّعْبِ وَزَعَمَ أَنَّهُ نَاسِخٌ لِأَحَادِيثِ النَّهْيِ وَهُوَ غَرِيبٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَتْلِ الْمَرْأَةِ الْمُرْتَدَّةِ فِي كِتَابِ الْقِصَاصِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ حَتَّى يَرِدَ الْخَاصُّ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ تَمَسَّكُوا بِالْعُمُومَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى قَتْلِ أَهْلِ الشِّرْكِ ثُمَّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَخَصَّ ذَلِكَ الْعُمُومَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ يَتَخَلَّى عَنِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ أَصْنَافِ الْأَمْوَالِ زُهْدًا لِأَنَّهُمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَحْصُلُ مِنْهُمُ الضَّرَرُ فِي الدِّينِ لَكِنْ يَتَوَقَّفُ تَجَنُّبُهُمْ عَلَى حُصُولِ ذَلِكَ الضَّرَرِ فَمَتَى حَصَلَ اجْتُنِبَتْ وَإِلَّا فَلْيُتَنَاوَلْ مِنْ ذَلِك بِقدر الْحَاجة.
ومما قاله ابن قدامة في المغني بعد ذكره قتل الأطفال عند الاضطرار فقط دون قصد، قال:
[فَصْلٌ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ فِي صَفِّ الْكُفَّارِ أَوْ عَلَى حِصْنِهِمْ فَشَتَمَتْ الْمُسْلِمِينَ]
(7578) فَصْلٌ: وَلَوْ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ فِي صَفِّ الْكُفَّارِ أَوْ عَلَى حِصْنِهِمْ، فَشَتَمَتْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ تَكَشَّفَتْ لَهُمْ، جَازَ رَمْيُهَا قَصْدًا؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ الطَّائِفِ أَشْرَفَتْ امْرَأَةٌ، فَكَشَفَتْ عَنْ قُبُلِهَا، فَقَالَ: هَا دُونَكُمْ فَارْمُوهَا. فَرَمَاهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَمَا أَخْطَأَ ذَلِكَ مِنْهَا». [سنن سعيد بن منصور 2865]
وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا لِلْحَاجَةِ إلَى رَمْيِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةِ رَمْيِهَا. وَكَذَلِكَ يَجُوزُ رَمْيُهَا إذَا كَانَتْ تَلْتَقِطُ لَهُمْ السِّهَامَ، أَوْ تَسْقِيهِمْ، أَوَتُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمُقَاتِلِ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الصَّبِيِّ وَالشَّيْخِ وَسَائِرِ مَنْ مُنِعَ مِنْ قَتْلِهِ مِنْهُمْ.
وجاء في المغازي للواقدي:
قَالُوا: وَارْتَفَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ عِنْدَ مَسْجِدِ الطّائِفِ الْيَوْمَ. قَالُوا: وَأَخْرَجُوا امْرَأَةً سَاحِرَةً فَاسْتَقْبَلَتْ الْجَيْشَ بِعَوْرَتِهَا - وَذَلِكَ حِينَ نَزَلَ النّبِىّ ÷ - يَدْفَعُونَ بِذَلِكَ عَنْ حِصْنِهِمْ
في النهاية فكل شيء له نص يحرمه وآخر يبيحه في الإسلام، وكل شرٍّ وإجرام مباح ومبرَّر. ما كان يقوم به الوثنيون هو طقس سحر وثني لجلب الشؤم بطريقة خرافية على جيش المسلمين حسب خرافاتهم، لا يزال البعض من الأفارقة يعتقدون أن ممارسة سحرية يمكن أن تجعل فريقًا لكرة القدم خاصٍ بهم يفوز! ويزعم المصريون مثلًا أحيانًا أن بعض النساء الإسرائيليات كن يتعرين تمامًا على حدود الجبهة الإسرائيلية عند الخط الفاصل أيام الاحتلال الإسرائيلي لسيناء لاستفزاز الجنود المصريين ليفعلوا أي شيء ضدهن فيبرروا الهجوم على مصر، لكن هذه سخافة فلا أعتقد أن الإسرائيليين كانوا سيضحون بمواطنيهم ونسائهم بهذه البساطة، فليس ذلك في ثقافتهم عمومًا في تعامل الدولة مع المواطنين الخاصين بها، لكن في مواقف افتراضية كهذه خصوصًا لو فهمنا الطبيعة المتحررة الاعتيادية دون قصد استفزاز عند الغربيين والإسرائيليين وغيرهم من الشعوب الديمقراطية والتي قد تصل إلى انحلال تام أحيانًا وتعرٍّ في ظل الحرية الشخصية ووجود شواطئ مخصصة لذلك مثلًا، فلنا أن نفهم أن المسلم قد ينساق بطيعة عقليته لتفجير السياح في بلده وقتل الناس في الدول العلمانية التي يهاجر إليها لأن عقليته وديانته بنصوصها ووعيها وتصوراتها تسمح بذلك م باب كره الحرية والحقد عليها ومن باب كره أصحاب الأديان الأخرى، فمجرد شتيمة ضد المسلمين أو الإسلام أو تشجيع مواطنة لجنود بلدها للدفاع عن البلد والعرض والكرامة والحق تبيح قتلها عند المسلمين الأصوليين.
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة:
مَنْ رخَّصَ فِي قتلِ الوِلدانِ والشّيوخِ.
33809- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الدَّارِ مِنْ دُورِ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ وَفِيهِمَ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ ، فَقَالَ : هُمْ مِنْهُمْ.
33810- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اقْتُلُوا الشُّيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ.
اسرق وانهب وتعال عندنا وأسلم ولا حرج عليك
هل سمعنا عن أي دستور لدولة يقول أن من يتبع ديانة معينة ويعتنقها يعفى عن كل جرائمه السابقة، سواء كانت سرقة أم قتلًا أم اغتصابًا..إلخ نعم هذا تجده في الإسلام:
يروي البخاري من حديث 2732، في سرده لصلح الحديبية:
..... وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ وَقَالَ لَهُ أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ أَيْ غُدَرُ أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فقتلَهم، وأخذَ أموالَهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما الإسلام فأقبَل، وأما المال فلستُ منه في شيء......
وانظر أحمد 18928 و18153 وغيرهما
ويقول ابن هشام عن ابن إسحاق:
...قال: ثم جعل يتناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكلمه. قال: والمغيرة بن شُعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد. قال: فجعل يقرع يدَه إذ تناول لحيةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن لا تصل إليك، قال: فيقول عُروة: ويحك، ما أفظَّك وأغلظَكَ! قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال له عروة: من هذا يا محمد؟ قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة: قال: أي غُدَر، وهل غسَلْتَ سوءَتَك إلا بالأمسِ.
قال ابن هشام: أراد عروةُ بقولِه هذا أن المغيرةَ بنَ شُعْبة قبلَ إسلامه قتل ثلاثةَ عشرَ رجلاً من بني مالك، من ثقيف، فتهايج الحَيَّان من ثقيف: بنو مالك رهط المقتولين، والأحلاف رهط المغيرة، فَوَدَى عروةُ المقتولِين ثلاثَ عشرةَ ديةً، وأصلح ذلك الأمر.
ويحكي الواقدي القصة كعادته بكامل تفاصيلها وهو العلامة الذي حفظ لنا كثيرًا من تفاصيل تاريخ السيرة المحمدية:
...فَطَفِقَ عُرْوَةُ وَهُوَ يُكَلّمُ رَسُولَ اللّهِ ÷ يَمَسّ لِحْيَتَهُ - وَالْمُغِيرَةُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللّهِ ÷ بِالسّيْفِ عَلَى وَجْهِهِ الْمِغْفَرُ - فَطَفِقَ الْمُغِيرَةُ كُلّمَا مَسّ لِحْيَةَ رَسُولِ اللّهِ ÷ قَرَعَ يَدَهُ، وَيَقُولُ: اُكْفُفْ يَدَك عَنْ مَسّ لِحْيَةِ رَسُولِ اللّهِ قَبْلَ أَلاّ تَصِلَ إلَيْك، فَلَمّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ غَضِبَ عُرْوَةُ، فَقَالَ: لَيْتَ شِعْرِى مَنْ أَنْتَ يَا مُحَمّدُ مَنْ هَذَا الّذِى أَرَى مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِك؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “هَذَا ابْنُ أَخِيك الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ”، قَالَ: وَأَنْتَ بِذَلِكَ يَا غُدَرُ؟ وَاَللّهِ مَا غَسَلْت عَنْك عَذِرَتَك إلاّ بِعُلابِطَ أَمْسِ لَقَدْ أَوْرَثْتنَا الْعَدَاوَةَ مِنْ ثَقِيفٍ إلَى آخِرِ الدّهْرِ يَا مُحَمّدُ أَتَدْرِى كَيْفَ صَنَعَ هَذَا؟ إنّهُ خَرَجَ فِى رَكْبٍ مِنْ قَوْمِهِ فَلَمّا كَانُوا بَيْنَنَا وَنَامُوا فَطَرَقَهُمْ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ حَرَائِبَهُمْ وَفَرّ مِنْهُمْ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ خَرَجَ مَعَ نَفَرٍ مِنْ بَنِى مَالِكِ بْنِ حُطَيْطِ بْنِ جُشَمِ بْنِ قَسِىّ - وَالْمُغِيرَةُ أَحَدُ الأَحْلامِ - وَمَعَ الْمُغِيرَةِ حَلِيفَانِ لَهُ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا: دَمّونُ - رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ - وَالآخَرُ: الشّرِيدُ وَإِنّمَا كَانَ اسْمَهُ عَمْرٌو، فَلَمّا صَنَعَ الْمُغِيرَةُ بِأَصْحَابِهِ مَا صَنَعَ شَرّدَهُ فَسُمّىَ بِالشّرِيدِ.
وَخَرَجُوا إلَى الْمُقَوْقَسِ صَاحِبِ الإِسْكَنْدَرِيّةِ، فَجَاءَ بَنِى مَالِكٍ وَآثَرَهُمْ عَلَى الْمُغِيرَةِ فَأَقْبَلُوا رَاجِعِينَ حَتّى إذَا كَانُوا بِبَيْسَانَ شَرِبُوا خَمْرًا، فَكَفّ الْمُغِيرَةُ عَنْ بَعْضِ الشّرَابِ وَأَمْسَكَ نَفْسَهُ وَشَرِبَتْ بَنُو مَالِكٍ حَتّى سَكِرُوا، فَوَثَبَ عَلَيْهِمْ الْمُغِيرَةُ فَقَتَلَهُمْ وَكَانُوا ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً. فَلَمّا قَتَلَهُمْ وَنَظَرَ إلَيْهِمْ دَمّونُ تَغَيّبَ عَنْهُمْ وَظَنّ أَنّ الْمُغِيرَةَ إنّمَا حَمَلَهُ عَلَى قَتْلِهِمْ السّكْرُ فَجَعَلَ الْمُغِيرَةُ يَطْلُبُ دَمّونَ وَيَصِيحُ بِهِ فَلَمْ يَأْتِ وَيُقَلّبُ الْقَتْلَى فَلا يَرَاهُ فَبَكَى، فَلَمّا رَأَى ذَلِكَ دَمّونُ خَرَجَ إلَيْهِ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: مَا غَيّبَك؟ قَالَ: خَشِيت أَنْ تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْت الْقَوْمَ.
قَالَ الْمُغِيرَةُ: إنّمَا قَتَلْت بَنِى مَالِكٍ بِمَا صَنَعَ بِهِمْ الْمُقَوْقَسُ، قَالَ: وَأَخَذَ الْمُغِيرَةُ أَمْتِعَتَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَحِقَ بِالنّبِىّ ÷ فَقَالَ النّبِىّ ÷: “لا أُخَمّسُهُ هَذَا غَدْرٌ” وَذَلِكَ حِينَ أُخْبِرَ النّبِىّ ÷ خَبَرَهُمْ.
وَأَسْلَمَ الْمُغِيرَةُ، وَأَقْبَلَ الشّرِيدُ فَقَدِمَ مَكّةَ فَأَخْبَرَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ بِمَا صَنَعَ الْمُغِيرَةُ بِبَنِى مَالِكٍ فَبَعَثَ أَبُو سُفْيَانَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ إلَى عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ يُخْبِرُهُ الْخَبَرَ - وَهُوَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ بْنِ أَبِى عَامِرِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُعَتّبٍ - فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: خَرَجْت حَتّى إذَا كُنْت بِنَعْمَانَ قُلْت فِى نَفْسِى: أَيْنَ أَسْلُكُ؟ إنْ سَلَكْت ذَا غِفَارٍ فَهِىَ أَبْعَدُ وَأَسْهَلُ وَإِنْ سَلَكْت ذَا الْعَلَقِ فَهِىَ أَغْلَظُ وَأَقْرَبُ.
فَسَلَكْت ذَا غِفَارٍ فَطَرَقْت عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو الْمَالِكِىّ، فَوَاَللّهِ مَا كَلّمْته مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَاللّيْلَةَ أُكَلّمُهُ. قَالَ: فَخَرَجْنَا إلَى مَسْعُودٍ فَنَادَاهُ عُرْوَةُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: فَأَقْبَلَ مَسْعُودٌ إلَيْنَا وَهُوَ يَقُولُ: أَطَرَقْت عَرَاهِيَةً أَمْ طَرَقْت بِدَاهِيَةٍ؟ بَلْ طَرَقْت بِدَاهِيَةٍ أَقَتَلَ رَكْبُهُمْ رَكْبَنَا أَمْ قَتَلَ رَكْبُنَا رَكْبَهُمْ؟ لَوْ قَتَلَ رَكْبُنَا رَكْبَهُمْ مَا طَرَقَنِى عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ: أَصَبْت، قَتَلَ رَكْبِى رَكْبَك يَا مَسْعُودُ اُنْظُرْ مَا أَنْتَ فَاعِلٌ فَقَالَ مَسْعُودٌ: إنّى عَالِمٌ بِحِدَةِ بَنِى مَالِكٍ وَسُرْعَتِهِمْ إلَى الْحَرْبِ فَهَبْنِى صَمْتًا. قَالَ: فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ فَلَمّا أَصْبَحَ غَدَا مَسْعُودٌ، فَقَالَ بَنِى مَالِكٍ: إنّهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنّهُ قَتَلَ إخْوَانَكُمْ بَنِى مَالِكٍ فَأَطِيعُونِى وَخُذُوا الدّيَةَ اقْبَلُوهَا مِنْ بَنِى عَمّكُمْ وَقَوْمِكُمْ. قَالُوا: لا يَكُونُ ذَلِكَ أَبَدًا، وَاَللّهِ لا تُقِرّك الأَحْلافُ أَبَدًا حِينَ تَقْبَلُهَا.
قَالَ: أَطِيعُونِى وَاقْبَلُوا مَا قُلْت لَكُمْ فَوَاَللّهِ لَكَأَنّى بِكِنَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَالَيْل قَدْ أَقْبَلَ تَضْرِبُ دِرْعُهُ رَوْحَتَىْ رِجْلَيْهِ لا يُعَانِقُ رَجُلاً إلاّ صَرَعَهُ وَاَللّهِ لَكَأَنّى بِجُنْدُبِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَدْ أَقْبَلَ كَالسّيّدِ عَاضّا عَلَى سَهْمٍ مُفَوّقٍ بِآخَرَ لا يَسِيرُ إلَى أَحَدٍ بِسَهْمِهِ إلاّ وَضَعَهُ حَيْثُ يُرِيدُ، فَلَمّا غَلَبُوهُ أَعَدّ لِلْقِتَالِ وَاصْطَفّوا، أَقْبَلَ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالَيْل يَضْرِبُ دِرْعُهُ رَوْحَتَىْ رِجْلَيْهِ يَقُولُ: مَنْ مُصَارِعٌ؟ ثُمّ أَقْبَلَ جُنْدُبُ بْنُ عَمْرٍو عَاضّا سَهْمًا مُفَوّقًا بِآخَرَ، قَالَ مَسْعُودٌ: يَا بَنِى مَالِكٍ أَطِيعُونِى، قَالُوا: الأَمْرُ إلَيْك، قَالَ: فَبَرَزَ مَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ: يَا عُرْوَةُ بْنَ مَسْعُودٍ اُخْرُجْ إلَىّ فَخَرَجَ إلَيْهِ فَلَمّا الْتَقَيَا بَيْنَ الصّفّيْنِ، قَالَ: عَلَيْك ثَلاثَ عَشْرَةَ دِيَةً فَإِنّ الْمُغِيرَةَ قَدْ قَتَلَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَاحْمِلْ بِدِيَاتِهِمْ. قَالَ عُرْوَةُ: حَمَلْت بِهَا، هِىَ عَلَىّ، قَالَ: فَاصْطَلَحَ النّاسُ. قَالَ الأَعْشَى أَخُو بَنِى بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ:
تَحَمّلَ عُرْوَةُ الأَحْلافِ لَمّا رَأى أَمْرًا تَضِيقُ بِهِ الصّدُورُ
ثـــــَلاثَ مِئِيـــنَ عَادِيَةً وَأَلْفًـــا كَذَلِكَ يَفْعَلُ الْجَلَـــدُ الصّبُـــــورُ
كما نرى، تسبب المغيرة بن شعبة في فتنة كادت تحدث بين قبليتين كبيرتين وحرب مدمرة مهلكة، بسبب غدره وسفكه لدماء ناس أمنوا له بخسة منه، وما أن هرب حتى تخلص من إمكانية أن يقاد إلى قصاص يمنع سفك الدماء والثأر، ورغم إسلامه وانتمائه من ثم لأعداء الوثنيين، التزم عمه بدفع الديات وغرمها هو مغرمًا ثقيلًا 1300 جمل للديات من ماله، ثم هذا هو سلوك ابن أخيه معه...كما نرى سوء السلوك والجنوح واحد، فقط تحول من غادر عربي وثني إلى ناهب غازٍ مسلم، وللمغيرة وغيره قصص وفضائح أخرى سرد بعضها فرج فودة وخليل عبد الكريم وغيرهما في بعض كتبهم ككتاب الحقيقة الغائبة لفرج مقتبسة من كتب التاريخ، بعد موت محمد.
وهناك حدث مشابه رواه لنا محمد بن سعد في الطبقات الكبير ج1/ ذكر بعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرسل بكتبه إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام وما كتب به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لناس من العرب وغيرهم:
قالوا: وكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجماع كانوا في جبل تهامة قد غصبوا المارة من كنانة ومزينة والحكم والقارة ومن اتبعهم من العبيد. فلما ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد منهم وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - فكتب لهم رسول الله. ص: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من محمد النبي رسول الله لعباد الله العتقاء إنهم إن آمنوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فعبدهم حر ومولاهم محمد ومن كان منهم من قبيلة لم يرد إليها وما كان فيهم من دم أصابوه أو مال أخذوه فهو لهم وما كان لهم من دين في الناس رد إليهم ولا ظلم عليهم ولا عدوان وإن لهم على ذلك ذمة الله وذمة محمد والسلام عليكم. وكتب أبي بن كعب.
ديانة ترحب بقطاع الطرق والمطاريد لتعزز قوتها في أول عهدها
والقاعدة الشرعية عندهم أن الإسلام يجب ما قبله، ويقول ابن هشام عن ابن إسحاق في قصة إسلام عمرو بن العاص:
...فقلت: يا رسول الله، إنى أبايعك على أن يُغْفَر لى ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمرو، بايعْ، فإن الإسلام يَجُبُّ ما كان قبله، وإن الهجرة تَجُبَّ ما كان قبلها؛ قال: فبايعته، ثم. انصرفت
قال ابن هشام: ويقال: فإن الإسلام يَحُثُّ ما كان قبله، وإن الهجرة تَحُث ما كان قبلها.
وروى أحمد بن حنبل:
17827 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ ابْنِ شِمَاسَةَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، قَالَ: لَمَّا أَلْقَى الله عَزَّ وَجَلَّ فِي قَلْبِي الْإِسْلَامَ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَايِعَنِي، فَبَسَطَ يَدَهُ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: لَا أُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللهِ حَتَّى تَغْفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي، قَالَ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا عَمْرُو أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ، يَا عَمْرُو أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ "
إسناده صحيح على شرط مسلم. يحيى بن إسحاق: هو السَّيلَحينيُّ، وابن شِماسة: هو عبد الرحمن المَهريُّ. وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص251 من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح واسد بن موسى، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وانظر مسند أحمد بنحوه عن عمرو بن العاص (17777) و (17780) و(17813).
ورواه أحمد بن حنبل عن ابن إسحاق برقم 17777و17813 و17827، وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/312 عن عبد الله بن محمد الجُعفي المُسنَدي عن يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد- ولم يسق لفظه وهو في "سيرة ابن هشام" 3/289- 291 عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. ومن طريق ابن إسحاق أخرجه البخاري في "تاريخه" 2/311 و312، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص252-253، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (507) ، والحاكم 3/297-298 و454، والبيهقي في "السنن" 9/123، وفي "الدلائل" 4/346-348. وهو عند الطحاوي والحاكم والبيهقي في "السنن" مختصر. وأخرج نحوه مطولاً الواقدي في "مغازيه" 2/741-744، ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 4/343-346 عن عبد الحميد بن جعفر
وروى مسلم:
[ 120 ] حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال قال أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال أما من أحسن منكم في الإسلام فلا يؤاخذ بها ومن أساء أخذ بعمله في الجاهلية والإسلام
[ 120 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي ووكيع ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة واللفظ له حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال قلنا يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر
[ 121 ] حدثنا محمد بن المثنى العنزي وأبو معن الرقاشي وإسحاق بن منصور كلهم عن أبي عاصم واللفظ لابن المثنى حدثنا الضحاك يعني أبا عاصم قال أخبرنا حيوة بن شريح قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن بن شماسة المهري قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلا وحول وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا قال فأقبل بوجهه فقال إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إني قد كنت على أطباق ثلاث لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني ولا أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه فقتلته فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت ابسط يمينك فلأبايعك فبسط يمينه قال فقبضت يدي قال مالك يا عمرو قال قلت أردت أن أشترط قال تشترط بماذا قلت أن يغفر لي قال أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي
[ 122 ] حدثني محمد بن حاتم بن ميمون وإبراهيم بن دينار واللفظ لإبراهيم قالا حدثنا حجاج وهو بن محمد عن بن جريج قال أخبرني يعلى بن مسلم أنه سمع سعيد بن جبير يحدث عن بن عباس أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا ثم أتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا إن الذي تقول وتدعو لحسن ولو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما } ونزل { يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله }
وانظر أحمد (3596) و(3604) و (3886) و (4086) و (4103) و (4408)
ورواه الواقدي:
فَبَايَعْته عَلَى أَنْ يَغْفِرَ لِى مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِى، وَلَمْ يَحْضُرْنِى مَا تَأَخّرَ. فَقَالَ: إنّ الإِسْلامَ يَجُبّ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَالْهِجْرَةُ تَجُبّ مَا كَانَ قَبْلَهَا
ولا يعمل حكام وقانونيو الإسلام بتشريع شاذ كهذا. ألا ترى أن كتبهم الفقهية قالت أنه لو استكره (اغتصب) الذمي مسلمة أو كان له علاقة بها (زنى بمصطلحهم) فإنه يُقتَل بحكمهم، حتى لو أسلم بعد ذلك.
قال ابن قدامة في المغني:
[فَصْلٌ قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ]
(6593) فَصْلٌ فَإِنْ قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ، أَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَارِحُ، وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ. فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يُقْتَصُّ مِنْهُ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ، فَكَانَ الِاعْتِبَارُ فِيهَا بِحَالِ وُجُوبِهَا دُونَ حَالِ اسْتِيفَائِهَا، كَالْحُدُودِ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْلَ إسْلَامِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِإِسْلَامِهِ، كَالدَّيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْتَلَ بِهِ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» . وَلِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَلَا يُقْتَلُ بِكَافِرٍ، كَمَا لَوْ كَانَ مُؤْمِنًا حَالَ قَتْلِهِ، وَلِأَنَّ إسْلَامَهُ لَوْ قَارَنَ السَّبَبَ، مَنَعَ عَمَلَهُ، فَإِذَا طَرَأَ أَسْقَطَ حُكْمَهُ.
وقال ابن قيم الجوزية في أحكام أهل الذمة:
261 - فَصْلٌ[حُكْمُ إِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ بَعْدَ فُجُورِهِ بِمُسْلِمَةٍ] .
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَإِنْ أَسْلَمَ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ.
قَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، حَدَّثَنَا حَنْبَلٌ، وَأَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ بُخْتَانَ حَدَّثَهُمْ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ [أَبِي] هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ: كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - وَسُئِلَ عَنْ ذِمِّيٍّ فَجَرَ بِمُسْلِمَةٍ -؟ قَالَ: يُقْتَلُ. قِيلَ: فَإِنْ أَسْلَمَ؟ قَالَ: يُقْتَلُ، هَذَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ! وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ فِي كَلَامِهِمْ كُلِّهِ، انْتَهَى.
وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ حَدٌّ، وَهُوَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ.
وَمَعْنَى إِقَامَتِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ لَا سِيَّمَا إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
وَسَنَعُودُ إِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ قُرْبٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
265 – فَصْلٌ [مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ] .
وَأَمَّا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالُوا: يَنْتَقِضُ الْعَهْدُ بِالْقِتَالِ، أَوْ مَنْعِ الْجِزْيَةِ، أَوِ التَّمَرُّدِ عَلَى الْأَحْكَامِ، أَوْ إِكْرَاهِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الزِّنَى، أَوِ التَّطَلُّعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالُوا: وَمَنْ نَقَضَ عَهْدَهُ وَجَبَ قَتْلُهُ وَلَمْ يَسْقُطْ بِإِسْلَامِهِ.
وذكر عن مذهب الشافعي هكذا:
ثُمَّ قَالَ: " وَأَيُّهُمْ قَالَ أَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا وَصَفْتُهُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَأَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ قَوْلًا، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ فِعْلًا لَمْ يُقْتَلْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ قُتِلَ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا، فَيُقْتَلُ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَا بِنَقْضِ عَهْدٍ، وَإِنْ فَعَلَ مَا وَصَفْنَا وَشُرِطَ أَنَّهُ نَقْضٌ لِعَهْدِ الذِّمَّةِ فَلَمْ يُسْلِمْ، لَكِنَّهُ قَالَ: " أَتُوبُ وَأُعْطِي الْجِزْيَةَ كَمَا كُنْتُ أُعْطِيهَا، أَوْ [عَلَى] صُلْحٍ أُجَدِّدُهُ " عُوقِبَ وَلَمْ يُقْتَلْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَعَلَ فِعْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَالْحَدَّ، فَأَمَّا مَا دُونَ هَذَا مِنَ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ فَكُلُّ قَوْلٍ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَلَا يُقْتَلُ.
ومما نقل عن مذهب أبي حنيفة وأصحابه:
وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْحَدِّ الْمُقَدَّرِ فِيهِ إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ، وَيَحْمِلُونَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقَتْلِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْجَرَائِمِ عَلَى أَنَّهُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ وَيُسَمُّونَهُ الْقَتْلَ سِيَاسَةً، وَكَانَ حَاصِلُهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَ بِالْقَتْلِ فِي الْجَرَائِمِ الَّتِي تَغَلَّظَتْ بِالتَّكْرَارِ، وَشُرِعَ الْقَتْلُ فِي جِنْسِهَا، وَلِهَذَا أَفْتَى أَكْثَرُ أَصْحَابِهِمْ بِقَتْلِ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِهِ.
وجاء في الصارم المسلول على شاتم الرسول:
نعم قد يوجه ما ذكره السامري بأن يقال : [ السب قد يكون غلطا من المسلم لا اعتقادا ] فإذا تاب منه قبلت توبته إذ هو عثرة لسان و سوء أدب أو قلة علم و الذمي سبه أذى محض لا ريب فيه فإذا وجب الحد عليه لم يسقط بإسلامه كسائر الحدود و قد ينزع هذا إلى قول من يقول : إن السب لا يكون كفرا في الباطن إلا أن يكون استحلالا و هو قول مرغوب عنه كما سيأتي إن شاء الله
....واعلم أن أصحابنا ذكروا أنه لا تقبل توبته لأن الإمام أحمد قال : لا يستتاب و من أصله أن كل من قبلت توبته فإنه يستتاب كالمرتد و لهذا لما اختلفت الرواية عنه في الزنديق و الساحر و الكاهن و العراف و من ارتد و كان مسلم الأصل هل يستتابون أم لا ؟ على روايتين فإن قلنا : [ لا يستتابون ] قتلوا بكل حال و إن تابوا و قد صرح في رواية عبد الله بأن من سب رسول الله صلى الله عليه و سلم قد وجب عليه القتل و لا يستتاب فتبين أن القتل قد وجب و ما وجب من القتل لم يسقط بحال. يؤيد هذا أنه قد قال في ذمي فجر بمسلمة : يقتل قيل له : فإن أسلم ؟ قال : [ يقتل ] هذا قد وجب عليه فتبين أن الإسلام لا يسقط القتل الواجب و قد ذكر في الساب أنه قد وجب عليه القتل وأيضا فإنه أوجب على الزاني بمسلمة بعد الإسلام القتل الذي وجب عقوبة على الزنا بمسلمة حتى إنه يقتله سواء كان حرا أو عبدا أو محصنا أو غير محصن كما قد نص عليه في مواضع ولم يسقط ذلك القتل بالإسلام و يوجب عليه مجرد حد الزنا لأنه أدخل على المسلمين من الضرر و المعرة ما أوجب قتله و نقض عهده فإذا أسلم لم تزل عقوبة ذلك الإضرار عنه كما لا تزول عنه عقوبة قطعة للطريق لو أسلم ولم يجز أن يقال : هو بعد الإسلام كمسلم فعل ذلك يفعل به ما يفعل بالمسلم لأن الإسلام يمنع ابتداء العقوبة و لا يمنع دوامها لأن الدوام أقوى كما لو قتل ذمي ذميا ثم أسلم قتل ولو قتله وهو مسلم لم يقتل
تعاليم إكراه الوثنيين على الإسلام
روى البخاري:
25 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الْحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ
392 - حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ
1399 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ
1400 - فَقَالَ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ
ورواه البخاري (6924) و (6925)
و (7284) و (7285) ، ومسلم (20) وأحمد 67 و(117)
و (239) و (335) و15875
و15878.
وروى مسلم:
[ 21 ] وحدثنا أبو الطاهر وحرملة بن يحيى وأحمد بن عيسى قال أحمد حدثنا وقال الآخران أخبرنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب قال حدثني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله
[ 21 ] حدثنا أحمد بن عبدة الضبي أخبرنا عبد العزيز يعني الدراوردي عن العلاء ح وحدثنا أمية بن بسطام واللفظ له حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله
[ 21 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر وعن أبي صالح عن أبي هريرة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس بمثل حديث بن المسيب عن أبي هريرة ح وحدثني أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح وحدثني محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن يعني بن مهدي قالا جميعا حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ { إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر
[ 22 ] حدثنا أبو غسان المسمعي مالك بن عبد الواحد حدثنا عبد الملك بن الصباح عن شعبة عن واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله
[ 23 ] وحدثنا سويد بن سعيد وابن أبي عمر قالا حدثنا مروان يعنيان الفزاري عن أبي مالك عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله
وفي أسلوب تعامل محمد مع الوثنيين واليهود كان يقوم بحرب دينية إرهابية، روى البخاري:
2943 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَ مَا يُصْبِحُ فَنَزَلْنَا خَيْبَرَ لَيْلًا
2945 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهَا لَيْلًا وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمًا بِلَيْلٍ لَا يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ}
ورواه أحمد 12618 و13140 و12351 و13481 و13486 والبخاري 610
مفهوم الحرب الدينية المقدسة الجهادية
روى مسلم:
[ 1922 ] وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة
[ 1923 ] حدثني هارون بن عبد الله وحجاج بن الشاعر قالا حدثنا حجاج بن محمد قال قال بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة
ورواه أحمد 20859 و20933 و21011 و21014 و21045 و21985 و8274 و20985
هنا نرى مفهوم خوض الحرب ليس لأجل قضية عادلة ما كالدفاع عن وطن، بل حروب كراهية وعنصرية لاحتلال ونهب الدول الأخرى.
بعض الأحاديث أضافت ذكر الشام وهو مديح للحكام الأمويين وأنصارهم أهل الشام، كما روى أحمد:
(16965) 17090- حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ نُفَيْلٍ ، أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي أسَمْتُ الْخَيْلَ ، وَأَلْقَيْتُ السِّلاَحَ ، وَوَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ، قُلْتُ : لاَ قِتَالَ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الآنَ جَاءَ الْقِتَالُ ، لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ ، يَزْيِغُ اللَّهُ قُلُوبَ أَقْوَامٍ ، فَيُقَاتِلُونَهُمْ ، وَيَرْزُقُهُمُ اللَّهُ مِنْهُمْ ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، أَلاَ إِنَّ عُقْرَ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ ، وَالْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.(4/104).
إسناده حسن، إسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذه منها، وباقي رجال الإسناد ثقات. الحكم بن نافع: هو أبو اليمان الحمصي، وإبراهيم بن سليمان: هو الأفطس الدمشقي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (6358) من طريق أبي اليمان الحكمِ بن نافع، بهذا الإسناد، بزيادة: وقال وهو مُولٍ ظهره إلى اليمن: "إني أجد نفَسَ الرحمن من ها هنا". وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمباني" (2460) عن الحَوْطي- وهو عبد الوِهاب بن نَجْدة-، عن إسماعيل بن عياش، به. بزيادة: ثم قال: "إني لأجد نَفس ربي عز وجل من ها هنا". وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري في "التاريخ" 4/70-71، ويعقوبُ بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/336-337، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/275، وفي "شرح مشكل الآثار" (228) ، والطبراني في "الكبير" 7/ (6358) من طريق عبد الله بن سالم- وهو الحمصي-، عن إبراهيم بن سليمان، به. وأخرجه مطولاً ومختصراً كذلك ابنُ سعد 7/427-428، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة" 2/298، والنسائي في "المجتبى" 6/214-215، وفي "الكبرى" (4401) ، وأبو عوانة 5/16، والطبراني في "الكبير" (6357) و (6359) ، وفي "مسند الشاميين" (57) و (1419) من طريقين عن الوليد بن عبد الرحمن الجُرَشي، به، وفيه يقول سلمة بن نفيل- كما عند النسائي-: كنتُ جالساً عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رجل: يا رسول الله، أذال الناسُ الخيلَ، ووضعوا السلاح، وقالوا: لا جهاد... وأخرجه ابنُ قانع في "معجم الصحابة" 2/277، والطبراني في "الكبير" (6360) ، وفي "مسند الشاميين" (2524) من طريق نصر بن علقمة يرده إلى جبير بن نفير، عن سلمة بن نفيل، قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله إن الخيل قد سُيِّبَت. = وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تزال طائفة..." له شاهد بنحوه عن قُرة بن إياس المُزَني، سلف برقم (15596) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.
(19290) 19505- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّامِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ ، يَخْطُبُ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الشَّامِ حَدَّثَنِي الأَنْصَارِيُّ قَالَ شُعْبَةُ ، يَعْنِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوهُمْ يَا أَهْلَ الشَّامِ. (4/369)
مرفوعه صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عبد الله الشامي، ذكره الحافظ في "التعجيل"، وقال: كذا ذكره الهيثمي، ولم أر له في أصل المسند ذكراً، ولا أورده الحسيني. قلنا: كذا قال مع أنه ذكره في "أطراف المسند" 2/374. وبقية رجاله ثقات. سليمان بن داود: هو الطيالسي.
(22320) 22676- قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ : حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ ، عَنِ السَّيْبَانِيِّ وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الدِّينِ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلاَّ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأَوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ وَأَيْنَ هُمْ ؟ قَالَ : بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. (5/269)
حديث صحيح لغيره دون قوله: "قالوا: يا رسول الله، وأين هم ... إلخ"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عمرو بن عبد الله السَّيْباني الحضرمي، فقد تفرد بالرواية عنه يحيى بن أبي عمرو السيباني، ولم يوثقه غير ابن حبان والعجلي . ضمرة: هو ابن ربيعة الفلسطيني .
هذه الأحاديث قيلت عمومًا كمديح لرفع معنويات الشوام، ولتشجيع حركة الفتوحات الجهادية الإرهابية لاحتلال البلدان الغير إسلامية، وربما مواجهة الحسين بن علي ثم عبد الله بن الزبير وأخيه مصعب وغيرهم. لاحقًا يعني العصر الحالي استغل رجال الدين وزعماء المقاومة الفلسطينية جهل العوام فقالوا أن محمدًا تنبأ باحتلال فلسطين، حسنًا هذا غير صحيح والمقاومة مشروعة ولكن قتل المدنيين سواء فلسطينيين أو إسرائيليين تصرف إجرامي غير أخلاقي من الطرفين، والسلام مع إسرائيل والتعايش والتعلم منهم كان سيكون أكثر فائدة بكثير للعرب. وترك الفلسطينيين بدون مساعدة بدعوى أن محمدًا تنبأ بأنهم سيكونون وحدهم تصرف سخيف وخسيس وسلبي وتافه.
وذكرت في ج1 أعمال إكراه الوثنيين العرب الأسرى على الإسلام بعدة غزوات، بالإضافة إلى الإكراه بالحروب والإرهاب عمومًا، ومن ذلك يحضرني الآن فتح مكة وأسرى معركة هوازن وأوطاس وأسرى معارك اليمن وغيرها، وروى أحمد ذلك الكلام المقزز في تصوره المريض:
8013 - حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد، عن محمد بن زياد، وعفان، حدثنا حماد، أخبرنا محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: " عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل "
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد -وهو ابن سلمة- فمن رجال مسلم. محمد بن زياد: هو القرشي الجمحي مولاهم. وأخرجه أبو داود (2677) عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان (134) من طريق الربيع بن مسلم، عن محمد بن زياد، به. وسيأتي برقم (9271) و (9889) من طريق محمد بن زياد، وبرقم (9783) من طريق أبي صالح عن أبي هريرة. وفي الباب عن أبي أمامة، سيأتي 5/249 و256 (22148 و22203). وأخرج البخاري (4557) ، والنسائي في "الكبرى" (11071) ، والطبري 4/44، وابن أبي حاتم في تفسير آل عمران (1161) ، والحاكم 4/84 من طريق سفيان الثوري، عن ميسرة بن عمار، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة في قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) [آل عمران: 110] ، قال: خير الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام. واللفظ للبخاري.
ورواه البخاري:
3010 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَجِبَ اللَّهُ
مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ
4557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنْ
أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } قَالَ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ تَأْتُونَ بِهِمْ
فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ
في الواقع هذا خير ما تتوقعه من متطرف ومن دين إرهابي، ألا يسارع بقتل مقاومي الاحتلال الإسلامي، ويجبرهم بالإكراه على ديانته فقط. عقليات إرهابية شمولية ضيقة وتصورات مقززة للنفس.
وروى البخاري عن وفد عبد قيس:
53 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي
جَمْرَةَ قَالَ كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُجْلِسُنِي عَلَى سَرِيرِهِ
فَقَالَ أَقِمْ عِنْدِي حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي فَأَقَمْتُ
مَعَهُ شَهْرَيْنِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوْا
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ الْقَوْمُ أَوْ مَنْ
الْوَفْدُ قَالُوا رَبِيعَةُ قَالَ مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ أَوْ بِالْوَفْدِ غَيْرَ
خَزَايَا وَلَا نَدَامَى فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ
أَنْ نَأْتِيكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا
الْحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ
وَرَاءَنَا وَنَدْخُلْ بِهِ الْجَنَّةَ وَسَأَلُوهُ عَنْ الْأَشْرِبَةِ
فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ
بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالُوا
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ
وَصِيَامُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ وَنَهَاهُمْ عَنْ
أَرْبَعٍ عَنْ الْحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ وَرُبَّمَا
قَالَ الْمُقَيَّرِ وَقَالَ احْفَظُوهُنَّ وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ
وروى أحمد:
17829 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنِي أَبُو الْقَمُوصِ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحَدُ الْوَفْدِ الَّذِينَ، وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالَ: وَأَهْدَيْنَا لَهُ فِيمَا نُهْدِي نَوْطًا، أَوْ قِرْبَةً مِنْ تَعْضُوضٍ ، أَوْ بَرْنِيٍّ ، فَقَالَ: " مَا هَذَا ؟ " قُلْنَا: هَذِهِ هَدِيَّةٌ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ نَظَرَ إِلَى تَمْرَةٍ مِنْهَا فَأَعَادَهَا مَكَانَهَا، وَقَالَ: " أَبْلِغُوهَا آلَ مُحَمَّدٍ "، قَالَ: فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ عَنْ أَشْيَاءَ، حَتَّى سَأَلُوهُ عَنِ الشَّرَابِ، فَقَالَ: " لَا تَشْرَبُوا فِي دُبَّاءٍ ، وَلَا حَنْتَمٍ ، وَلَا نَقِيرٍ ، وَلَا مُزَفَّتٍ ، اشْرَبُوا فِي الْحَلَالِ الْمُوكَى عَلَيْهِ "، فَقَالَ لَهُ قَائِلُنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا يُدْرِيكَ مَا الدُّبَّاءُ، وَالْحَنْتَمُ، وَالنَّقِيرُ، وَالْمُزَفَّتُ ؟ قَالَ: " أَنَا لَا أَدْرِي مَا هِيَهْ، أَيُّ هَجَرٍ أَعَزُّ ؟ " قُلْنَا: الْمُشَقَّرُ، قَالَ: " فَوَاللهِ، لَقَدْ دَخَلْتُهَا وَأَخَذْتُ إِقْلِيدَهَا "، - قَالَ: وَكُنْتُ قَدْ نَسِيتُ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا فَأَذْكَرَنِيهِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي جَرْوَةَ - قَالَ: " وَقَفْتُ عَلَى عَيْنِ الزَّارَةِ "
ثُمَّ قَالَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ الْقَيْسِ إِذْ أَسْلَمُوا طَائِعِينَ غَيْرَ كَارِهِينَ غَيْرَ خَزَايَا ، وَلَا مَوْتُورِينَ، إِذْ بَعْضُ قَوْمِنَا لَا يُسْلِمُونَ حَتَّى يُخْزَوْا ، وَيُوتَرُوا " قَالَ: وَابْتَهَلَ وَجْهُهُ هَاهُنَا مِنَ الْقِبْلَةِ حَتَّى اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَقَالَ: " إِنَّ خَيْرَ أَهْلِ الْمَشْرِقِ عَبْدُ الْقَيْسِ "
إسناده صحيح. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلية، وعوف: هو ابن أبي جميلة. وأخرجه أبو داود (3695) ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/297-298، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/346، والبيهقي 8/302، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/449-450 من طرق عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، بهذا الإسناد- والحديث عندهم مختصر غير يعقوب بن سفيان فساقه كرواية المصنف، وذكر بعضهم اسم هذا الرجل الراوي على الشك: وهو قيس ابن النعمان، كما سيأتي في الحديث التالي. وأخرجه خليفة بن خياط في "مسنده" (34) ، والطبراني في "الكبير" 22/ (924) من طريق عون بن كهمس، والدولابي في "الكنى" 1/27، والطبراني 22/ (924) من طريق محمد بن حمران بن عبد العزيز القيسي، كلاهما عن داود بن المساور، عن مقاتل بن همام، عن أبي خيرة الصباحي قال: كنت في الوفد الذين قدموا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عبد قيس...، واقتصروا على قصة دعائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوفد عبد القيس، وذكروا أن الصحابي هو أبو خيرة الصباحي، وزادوا: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوَّدهم بأراك يستاكون به. وانظر ما سلف برقم (15559) ، وما سيأتي برقم (17830) و (17831) . وفي باب قوله: "اشربوا في الحلال الموكى عليه" عن ابن عباس، سلف برقم (2607) . وعن أبي سعيد الخدري، سلف أيضاً برقم (11544) . وفي باب دعائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوفد عبد القيس عن ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (12972) . وعن عروة بن الزبير وجعفر بن عبد الله بن الحكم عند ابن سعد في "الطبقات" 1/314. وفي باب قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن خير أهل المشرق عبد القيس" عن ابن عباس عند البزار (2821- كشف الأستار) ، والطبراني (12970) .
قوله: "في الحلال الموكى عليه"، أي: فيما يحلُ لكم استعماله في الانتباذ والشرب فيه، وهو المُوكى عليه الذي رُبطَ فمه بخيط أو شيء، فقوله: "الموكَى عليه" بيان وتفسير للحلال. المُشَقَر: حصن عظيم بالبحرين لعبد القيس. وعين الزارة: بالبحرين أيضاً، والزارة قرية كبيرة بها.
15559 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَهُمْ يَقُولُونَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَدَّ فَرَحُهُمْ بِنَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ أَوْسَعُوا لَنَا، فَقَعَدْنَا فَرَحَّبَ بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا لَنَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ: " مَنْ سَيِّدُكُمْ وَزَعِيمُكُمْ ؟ " فَأَشَرْنَا بِأَجْمَعِنَا إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ عَائِذٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَهَذَا الْأَشَجُّ " وَكَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ بِضَرْبَةٍ لِوَجْهِهِ بِحَافِرِ حِمَارٍ، قُلْنَا: نَعَمْ . يَا رَسُولَ اللهِ، فَتَخَلَّفَ بَعْضُ الْقَوْمِ، فَعَقَلَ رَوَاحِلَهُمْ ، وَضَمَّ مَتَاعَهُمْ ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَيْبَتَهُ فَأَلْقَى عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ، وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ بَسَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجْلَهُ، وَاتَّكَأَ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ الْأَشَجُّ أَوْسَعَ الْقَوْمُ لَهُ، وَقَالُوا: هَاهُنَا يَا أَشَجُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَوَى قَاعِدًا، وَقَبَضَ رِجْلَهُ: " هَاهُنَا يَا أَشَجُّ " فَقَعَدَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ بِهِ، وَأَلْطَفَهُ، وَسَأَلَهُ عَنْ بِلَادِهِ وَسَمَّى لَهُ قَرْيَةً قَرْيَةً الصَّفَا، وَالْمُشَقَّرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ قُرَى هَجَرَ، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، لَأَنْتَ أَعْلَمُ بِأَسْمَاءِ قُرَانَا مِنَّا، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ وَطِئْتُ بِلَادَكُمْ، وَفُسِحَ لِي فِيهَا، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْأَنْصَارِ فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَكْرِمُوا إِخْوَانَكُمْ، فَإِنَّهُمْ أَشْبَاهُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِكُمْ أَشْعَارًا، وَأَبْشَارًا أَسْلَمُوا طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ، وَلَا مَوْتُورِينَ إِذْ أَبَى قَوْمٌ أَنْ يُسْلِمُوا حَتَّى قُتِلُوا " ...إلخ الحديث
إسناده ضعيف، يحيى بن عبد الرحمن العَصَري- وعصر: بطن من عبد القيس- لم يروِ عنه سوى اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف، وقال ابن حجر في "التقريب": مقبول. أي: ضعيف يقبل في المتابعات وشهاب بن عباد- وهو العَصَري كذَلك- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، وقال الدارقطني: صدوق زائغ، وذكره الذهبي في "المغني في الضعفاء". يونس ابن محمد: هو ابن مسلم المؤدَّب البغدادي. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1198) عن موسى بن إسماعيل، عن يحيى بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/177-178، وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات.
وقال ابن سعد في الطبقات الكبير:
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُمَّانَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالا: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ رَجُلا مِنْهُمْ.
فَقَدِمَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ رَجُلا رَأْسُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ الأَشَجُّ. وَفِيهِمُ الْجَارُودُ وَمُنْقِذُ بْنُ حَيَّانَ. وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ الأَشَجِّ. وَكَانَ قُدُومُهُمْ عَامَ الْفَتْحِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلاءِ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ. قَالَ: [مَرْحَبًا بِهِمْ نِعْمَ الْقَوْمُ عَبْدُ الْقَيْسِ! قال: فجاؤوا في ثيابهم ورسول الله ص فِي الْمَسْجِدِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ. وَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أَيُّكُمْ عَبْدُ اللَّهِ الأَشَجُّ! قَالَ: أَنَا يَا رسول الله. وَكَانَ رَجُلا دَمِيمًا. فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّهُ لا يُسْتَسْقَى فِي مُسُوكِ الرِّجَالِ إِنَّمَا يُحْتَاجُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى أَصْغَرَيْهِ لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ. ....إلخ
هؤلاء ناس أسلموا لأنهم خشوا من إرهاب محمد فاستبقوا أن يؤذيهم ويهجم عليهم، وقد رأوه يتوسع في بلاد شبه جزيرة العرب. لكي لا يصيروا خاسرين منهزمين و"خزايا" مع تنامي قوة محمد ودولته الشمولية المتوسعة. وواضح من أحاديث محمد التي لم ألاحظها من قبل أنه كان استولى على أجزاء من بلدهم وحكمها فعلًا ومنها أقوى حصونهم المشقر، يعني كانوا تحت ضغط تهديد مؤكد وجديّ ووشيك. واشترط عليهم محمد شرط الوفود الإرهابي المعروف، إذا قاموا بغارة همجية على آخرين فله كإدارة مركزية للإجرام خمس المنهوبات وصفيّ (يعني هدية ما رمزية ربما سيف أو فتاة سبية من المخطوفات..إلخ) وذكرت شروط عام الوفود في ج1. ونلاحظ تكبره وتفاخره بتوسعه واحتلاله للبلدان وبناء امبراطورية كانت في طريقها لمزيد من التوسع بالعنف للاحتلال بعد موته وهو قد مهّد لذلك جيدًا.
وروى البخاري عن مسألة عدم وجود حرية واحترام لكل الأديان وأن الأمر قتالًا على الوجود بمعنى مت أنت وأعيش أنا وحدي، وعدم وجود فكرة التعايش والتنوع:
4302 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ أَلَا تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ قَالَ فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ مَا هَذَا الرَّجُلُ فَيَقُولُونَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلَامِهِمْ الْفَتْحَ فَيَقُولُونَ اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا فَقَالَ صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا وَصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا...إلخ
ورواه أحمد 20333
من حديث 2732 عن صلح وهدنة الحديبية: .......فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمْ الْحَرْبُ وَأَضَرَّتْ بِهِمْ فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ....
وفي الكثير مما عرضناه في ج1 نرى نماذج واضحة للداعشية المعاصرة، ففي الغارة على بني الملوح مثلًا نجد خطف وأسر شخص لمجرد الشك في أنه مخالف لهم في العقيدة، بدون أن يحاربهم لا هو ولا قومه. روى أحمد:
15844 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: قَالَ أَبِي: كَمَا حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: " بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْكَلْبِيَّ كَلْبَ لَيْثٍ إِلَى بَنِي مُلَوَّحٍ بِالْكَدِيدِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ "، فَخَرَجَ فَكُنْتُ فِي سَرِيَّتِهِ ، فَمَضَيْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِقُدَيْدٍ لَقِينَا بِهِ الْحَارِثَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ ابْنُ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيُّ، فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ لِأُسْلِمَ، فَقَالَ غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا جِئْتَ مُسْلِمًا فَلَنْ يَضُرَّكَ رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ اسْتَوْثَقْنَا مِنْكَ . قَالَ: فَأَوْثَقَهُ رِبَاطًا ثُمَّ خَلَّفَ عَلَيْهِ رَجُلًا أَسْوَدَ كَانَ مَعَنَا، فَقَالَ: امْكُثْ مَعَهُ حَتَّى نَمُرَّ عَلَيْكَ، فَإِنْ نَازَعَكَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، قَالَ: ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَطْنَ الْكَدِيدِ، فَنَزَلْنَا عُشَيْشِيَةً بَعْدَ الْعَصْرِ، فَبَعَثَنِي أَصْحَابِي فِي رَئِيَّةٍ، فَعَمَدْتُ إِلَى تَلٍّ يُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ، فَانْبَطَحْتُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ الْمَغْرِبَ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَنَظَرَ فَرَآنِي مُنْبَطِحًا عَلَى التَّلِّ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى عَلَى هَذَا التَّلِّ سَوَادًا مَا رَأَيْتُهُ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَانْظُرِي لَا تَكُونُ الْكِلَابُ اجْتَرَّتْ بَعْضَ أَوْعِيَتِكِ، قَالَ: فَنَظَرَتْ فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ مَا أَفْقِدُ شَيْئًا، قَالَ: فَنَاوِلِينِي قَوْسِي، وَسَهْمَيْنِ مِنْ كِنَانَتِي، قَالَ: فَنَاوَلَتْهُ فَرَمَانِي بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِي جَنْبِي، قَالَ: فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ، ثُمَّ رَمَانِي بِآخَرَ فَوَضَعَهُ فِي رَأْسِ مَنْكِبِي ، فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ، وَلَمْ أَتَحَرَّكْ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاللهِ لَقَدْ خَالَطَهُ سَهْمَايَ، وَلَوْ كَانَ زَائِلَةً لَتَحَرَّكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتِ فَابْتَغِي سَهْمَيَّ فَخُذِيهِمَا لَا تَمْضُغُهُمَا عَلَيَّ الْكِلَابُ، قَالَ: وَأَمْهَلْنَاهُمْ حَتَّى رَاحَتْ رَائِحَتُهُمْ حَتَّى إِذَا احْتَلَبُوا، وَعَطَنُوا - أَوْ سَكَنُوا - وَذَهَبَتْ عَتَمَةٌ مِنَ اللَّيْلِ شَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ ، فَقَتَلْنَا مَنْ قَتَلْنَا مِنْهُمْ، وَاسْتَقْنَا النَّعَمَ ، فَتَوَجَّهْنَا قَافِلِينَ ، وَخَرَجَ صَرِيخُ الْقَوْمِ إِلَى قَوْمِهِمْ مُغَوِّثًا ، وَخَرَجْنَا سِرَاعًا حَتَّى نَمُرَّ بِالْحَارِثِ ابْنِ الْبَرْصَاءِ، وَصَاحِبِهِ فَانْطَلَقْنَا بِهِ مَعَنَا، وَأَتَانَا صَرِيخُ النَّاسِ فَجَاءَنَا مَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ إِلَّا بَطْنُ الْوَادِي، أَقْبَلَ سَيْلٌ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ شَاءَ مَا رَأَيْنَا قَبْلَ ذَلِكَ مَطَرًا، وَلَا خَالًا، فَجَاءَ بِمَا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ فَلَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ وُقُوفًا يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا، مَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَنَحْنُ نَجُوزُهَا سِرَاعًا حَتَّى أَسْنَدْنَاهَا فِي الْمَشْلَلِ، ثُمَّ حَدَرْنَاهَا عَنَّا فَأَعْجَزْنَا الْقَوْمَ بِمَا فِي أَيْدِينَا.
إسناده ضعيف، مسلم بن عبد الله بن خُبيب الجهني تفرد بالرواية عنه يعقوب بن عتبة- وهو ابن المغيرة الثقفي- قال ابن حجر في "التقريب": مجهول. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري.وأخرجه بطوله ابن هشام في "السيرة" 4/257-258، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2591) ، والطبراني في "الكبير" (1726) من طرق عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً أبو داود (2678) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/208،والحاكم2/124، والبيهقي في "السنن" 9/88-89 من طرق عن ابن إسحاق، به. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي! قلنا: يعقوب بن عتبة لم يرو له سوى أبي داود والنسائي وابن ماجه، ومسلم بن عبد الله بن خبيب لم يرو له سوى أبي داود، ومحمد بن إسحاق: أخرج له مسلم متابعة. ووقع في رواية الطبراني: جندب بن عبد الله الجهني. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/202-203، وقال: عند أبي داود طرفٌ من أوله، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجاله ثقات، فقد صرَّح ابن إسحاق بالسماع في رواية الطبراني.
قال السندي: قوله: بالكديد، بفتح فكسر: ماء قريب من عُسْفان. قوله: بقديد، بضم ففتح: سوق قبيل ذلك الماء. قوله: شننا: أي فرقنا عليهم الغارة، وهي النهب من جميع الجهات. قوله: ما لا قبل: أي ما لا طاقة لنا بحربه قوله: "ولا خالاً" بفتح الخاء: السحاب. قوله: في المشلل، بفتح اللام الأولى مشدَّدة: جبل بقرب قديد.
الخبر تاريخي وهو في سائر كتب سيرة محمد، فلا نهتم كثيرًا بخزعبلات الإسناد هاهنا. وهناك نماذج سيئة بأسانيد جيدة ذكرناها في ج1 مثلًا عند غزو محمد لحنين وأوطاس، وغزوتي علي لليمن، وقد حذفت هذه الأخبار من هنا لكي لا أكرر ما سبق كتابته.
توصية محمد بقتل كبار السن والعجائز من رجال الوثنيين لأنهم بطبيعتهم الأكثر ثباتًا على معتقدات وتقاليد الوثنية العربية
روى أحمد:
20145 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ، وَاسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ "
إسناده ضعيف، فالحسن لم يصرح بسماعه، وكذا الحجاج- وهو ابن أرطاة- هنا، لكنه صرح بسماعه عند سعيد بن منصور، وعنه أبو داود كما سيأتي عند الحديث رقم (20230) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (6901) ، والبغوي في "شرح السنة" (2695) من طريق أي معاوية محمد بن خازم، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/388 من طريق عبد الرحيم بن سليمان، والطبراني في "الكبير" (6900) من طريق المنهال بن خليفة، كلاهما عن حجاج بن أرطاة، به. وأخرجه الترمذي (1583) ، والطبراني في "الكبير" (6902) ، وفي "الشاميين" (2641) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، به. وسعيد بن بشير ضعيف، ومع ذلك فقد قال الترمذي: حسن صحيح غريب، وأشار إلى رواية حجاج بن أرطاة عن قتادة، فكأنه من أجل ذلك حسنه، ولم يلتفت إلى عنعنة الحسن عن سمرة، فهو ممن يرى أنه سمع منه. وأخرجه بنحوه الطبراني (7037) من طريق جعفر بن سعد بن سمرة، عن خبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه، عن سمرة. وهذا إسناد ضعيف، فيه غير ما راو ضعيف أو مجهول.
والشَرْخ: جمع شارخ، وهو الحديثُ السن، وشَرْخ الشباب أوله.
هذه التعاليم رسمت سياسة تعامل المسلمين مع الوثنيين خاصة العرب منهم، فلا تقل لي هنا أن الحديث ضعيف، فعليه كان عملهم، انظر مثلًا في ج1 قتل عمرو بن أمية الضمري للعجوز الأعور الوثني من بني الديل من بني بكر وقتل الزبير بن باطا العجوز اليهودي ودريد بن الصمة الجشمي الذي كان عجوزًا للغاية ولم يقاتل وغيرها. روى البخاري:
4323 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ
بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ حُنَيْنٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ فَلَقِيَ
دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ...إلخ
وقد فرض رقابة دينية شمولية استبدادية ضد حرية الناس في التعبير والاعتقاد والتعبير عن اعتقاداتهم وأفكارهم، روى أحمد:
16163 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْسًا أَخْبَرَهُ، قَالَ: إِنَّا لَقُعُودٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصُّفَّةِ، وَهُوَ يَقُصُّ عَلَيْنَا وَيُذَكِّرُنَا إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ ، فَقَالَ: "اذْهَبُوا فَاقْتُلُوهُ " قَالَ: فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ، دَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَيَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ " قَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: "اذْهَبُوا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ حُرِّمَتْ عَلَيَّ دِمَاؤُهُمْ، وَأَمْوَالُهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا"
إسناده صحيح، النعمان بن سالم- وهو الطائفي- من رجال مسلم، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه فلم يخرج له سوى أصحاب السنن خلا الترمذي. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/743 و10/123 مختصراً، و12/376 مطولاً - ومن طريقه ابن ماجه (3929) - والنسائي في "المجتبى" 7/81 من طريق عبد الله بن بكر السهمي، بهذا الإسناد. ورواه أحمد برقم (16160) و(16164).
أما بالنسبة لتعامله مع الكتابيين من مسيحيين ويهود فقد روّج في نصوصه (كلامه) للكراهية والعنف والعدوان لأسباب خرافية واهية، وقد عرضنا كثيرًا منها من القرآن، وروى أحمد نموذجًا لأحكام محمد المطلقة بالتكفير والعنصرية في أثناء حصاره لمنطقة وادي القرى اليهودية، فروى أحمد:
20351 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ بُدَيْلٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ شَقِيقٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِوَادِي الْقُرَى، وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بُلْقِينَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ: " هَؤُلَاءِ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ "، وَأَشَارَ إِلَى الْيَهُودِ " قَالَ: فَمَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ: " هَؤُلَاءِ الضَّالُّونَ " يَعْنِي النَّصَارَى، قَالَ: وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: اسْتُشْهِدَ مَوْلَاكَ، أَوْ قَالَ: غُلَامُكَ فُلَانٌ، قَالَ: " بَلْ يُجَرُّ إِلَى النَّارِ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا "
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير صحابيَّه، ولا تضرُ جهالته. بُدَيل العقيلي: هو ابن مَيْسرة. وسيتكرر برقم (20736) . والشطر الأول من الحديث عند عبد الرزاق في "تفسيره" 1/37، ومن طريقه أخرجه الطبري في "تفسيره" 1/80 و83. وأخرجه البيهقي 6/336 من طريق حماد بن زيد، عن بُديل بن ميسرة وخالد الحذاء والزبير بن الخِرَّيت، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل من بَلقَين، بأطول من هذا. وأخرجه البيهقي أيضاً 6/336 من طريق حماد بن سلمة، عن بديل بن ميسرة بنحوه. وأرسله سعيد الجريري وعروة وخالد الحذاء، فرووه عن عبد الله بن شقيق: أن رجلاً أتى رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... أخرجه من طريقهم الطبريُ 1/80 و83. ويشهد للشطر الأول حديث عدي بن حاتم، وقد سلف في مسنده برقم (19381) ويشهد للشطر الثاني غير ما حديث، انظر حديث أنس برقم (12528) ، وسُمي المولى في حديث أبي هريرة: مِدْعَم، وفي حديث عبد الله بن عمرو: كَركَرة.
بُلْقِينَ أي: بني القَين، وهو حيٌ من بني أَسد، كما قالوا: بَلحارث وبَلهُجَيم، وهو من شواذ التخفيف، قال ابن الجواني: العرب تعتمد ذلك فيما ظهر في واحده النطقُ باللام مثل: الحارث والخزرج والعَجلان، ولا يقولونه فيما لم تظهر لامُه، لذلك لا يقولون: بلنجَّار في بني النجار، لأن اللام لا تظهر في النطق بالنجار، فلا تجوَّزُه العربية.
ورواه البيهقي في سننه الكبرى مطولًا هكذا:
12710 - أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ أنا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا مسدد ثنا حماد بن زيد عن بديل بن ميسرة وخالد والزبير بن الخريت عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بلقين قال: أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وهو بوادي القرى وهو يعرض فرسا فقلت يا رسول الله بما أمرت قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله قلت يا رسول الله فمن هؤلاء الذين نقاتل قال هؤلاء اليهود المغضوب عليهم وهؤلاء النصارى الضالون قلت فما تقول في الغنيمة قال لله خمسها وأربعة أخماسها للجيش قلت فما أحد أولى به من أحد قال لا ولا السهم تستخرجه من جنبك أحق به من أخيك المسلم
يعني تحريض على العنف والعدوان على إخوتك في الإنسانية لأجل خرافات ولأجل النهب والاحتلال.
وروى أحمد من حديث رقم 19381:
.... فَقَالَ لَهُ: " يَا عَدِيُّ بْنَ حَاتِمٍ مَا أَفَرَّكَ أَنْ يُقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ؟ فَهَلْ مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللهُ ؟ مَا أَفَرَّكَ أَنْ يُقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ ؟ فَهَلْ شَيْءٌ هُوَ أَكْبَرُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ " قَالَ: فَأَسْلَمْتُ، فَرَأَيْتُ وَجْهَهُ اسْتَبْشَرَ، وَقَالَ: " إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ، وإنَّ الضَّالِّينَ النَّصَارَى ".....
بعضه صحيح، وفي هذا الإسناد عبَّاد بن حُبَيْش، لم يرو عنه غيرُ سماك بن حرب، ولم يوثقه غير ابن حبان، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف. قلنا: وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير سماك بن حرب، فمن رجال مسلم، وهو صدوق في غير روايته عن عكرمة. وأخرجه مطوَّلاً ومختصراً ابنُ أبي حاتم في "التفسير" (40) ، وابن حبان (6246) ، والطبراني في "الكبير" 17/ (237) ، وأبو نعيم في "الحلية" 7/170، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/339-340، والمزي في "تهذيب الكمال" (في ترجمة عبّاد بن حُبيش) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً ومختصراً أيضاً الترمذي (2954) ، والطبري (194) و (208) ، وابن حبان (7206) و (7365) ، والطبراني في "الكبير" 17/ (237) من طريق محمد بن جعفر، به. قال الترمذي: هذا حديث حسنٌ غريب، ولا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب. وأخرجه مطولاً ومختصراً كذلك الترمذي (2953) ، وابن أبي حاتم في "التفسير" (41) من طريق عمرو بن أبي قيس، والطبراني في "الكبير" 17/ (236) من طريق قيس بن الربيع، كلاهما عن سِماك بن حرب، به. ولم يرد في رواية الترمذي- وقد رواه مطولاً- قصة عمة عدي بن حاتم. وقوله: "إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى" تابع عباداً فيه عامرُ بنُ شَراحيل الشعبي- وهو ثقة- عند الطبري في "التفسير" (193) و (207) ، ومُرَيُّ بن قَطَري- وهو مجهول- عند الطبري أيضاً (195) و (209) . وله شاهد من حديث عبد الله بن شقيق، عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سيرد 5/77 (20351). وقوله: "فلكم أيها الناس أن ترتضخوا من الفضل... بتمرة، بشق تمرة، وإن أحدكم لاقي الله عز وجل فقائل ما أقول: ألم أجعلك سميعاً بصيراً" إلى آخر الحديث جاء بنحوه عند البخاري (3595) . وسلف بعض حديث البخاري هذا بنحوه برقم (18246) ، وانظر أرقام مكرراته هناك. وسلف في الحديث رقم (19378) قصة إسلام عدي دون ذكر عمته، وفيه: "يا عديُّ، أسْلِمْ تَسْلَم".
الانسحاب من الحرب الإرهابية خطيئة كبرى حسب الإسلام
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)} الأنفال
وروى البخاري:
2766 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي
سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ عَنْ أَبِي
الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا
رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ
النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ
مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ
الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ
ورواه مسلم 89
لقد احتفظت كتبهم لنا بحالة لشخص انسحب من دينهم نفسه لما رأى مدى عنف مذابحهم وشرورهم في احتلال العراق، كما روى ابن أبي شيبة:
33424- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :لَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَتْحُ تُسْتَرَ وَتُسْتَرُ مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ سَأَلَهُمْ : هَلْ مِنْ مُغَرِّبَةٍ ، قَالُوا : رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ فَأَخَذْنَاهُ ، قَالَ : مَا صَنَعْتُمْ بِهِ ، قَالُوا : قَتَلْنَاهُ ، قَالَ : أَفَلاَ أَدْخَلْتُمُوهُ بَيْتًا وَأَغْلَقْتُمْ عَلَيْهِ بَابًا وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا ، ثُمَّ اسْتَتَبْتُمُوهُ ثَلاَثًا فَإِنْ تَابَ وَإِلاَّ قَتَلْتُمُوهُ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ لَمْ أَشْهَدْ وَلَمْ آمُرْ وَلَمْ أَرْضَ إذَا بَلَغَنِي ، أَوَ قَالَ : حِينَ بَلَغَنِي.
ورواه مالك في الموطأ (رواية الزهري وترقيمها):
2986 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ، فَأَخْبَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ، قَالَ: فَمَا فَعَلْتُمْ بِهِ؟ قَالَ: قَرَّبْنَاهُ , فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، فَقَالَ: هلاَ حَبَسْتُمُوهُ ثَلاَثًا، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ , لَعَلَّهُ يَتُوبُ، أو يُرَاجِعُ أَمْرَ اللهِ؟ اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ، وَلَمْ آمُرْ، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي.
الرجل اختار ما هو شريف ونبيل، لقد رأى بعينيه أفعال المسلمين الوحشية في الفتوحات، فآثر القتل على المشاركة في قتل الناس بدون ذنب والعدوان على الشعوب. هذا رجل يستحق تذكره وتخليد ذكراه.
طبيعة الحروب أنها يكون فيها انسحاب ومرونة فهي لا تدار بطريقة الاستماتة هذه، ولحسن حظ محمد أنه كان له من يخططون غيره خارج يثرب في حروبه التوسعية، وجيشه نفسه وأكبر اصحابه انسحبوا وهربوا في أحد وحنين وغيرها، لذلك اضطر لسحب حكمه في هذا النص "الآية":
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)} آل عمران
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)} التوبة
الوضع الطبيعي عندهم هو القتال والسلام (الموادعة) حالة استثنائية لا تتم بدون معاهدة
روى أحمد:
17015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يَسِيرُ بِأَرْضِ الرُّومِ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ أَمَدٌ ، فَأَرَادَ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُمْ، فَإِذَا انْقَضَى الْأَمَدُ غَزَاهُمْ، فَإِذَا شَيْخٌ عَلَى دَابَّةٍ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَلَا يَحِلَّنَّ عُقْدَةً وَلَا يَشُدَّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا، أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ "، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَرَجَعَ، وَإِذَا الشَّيْخُ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ.
حديث صحيح بشاهده، وهذا إسناد منقطع بين سُلَيم بن عامر- وهو الخَبَائرِي- وبين عمرو بن عَبَسَة، فقد ذكر أبو حاتم أنه لم يدركه، وإن كان سمعه من معاوية، فهو محتمل السماع منه، فقد تُوفي سنة 102- على ما ذكره الذهبي في "السير" 5/186- ويكون بين وفاته ووفاة معاوية نحو أربعين عاماً. وبقيةُ رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الفيض- وهو موسى بن أيوب الحمصي- فمن رجال أصحاب السنن سوى ابن ماجه، وهو ثقة. وأخرجه الطيالسي (1155) ، وأبو عبيد في "الأموال" (448) ، وابن زنجويه في "الأموال" (660) و (661) ، وأبو داود (2759) ، والترمذي (1580) ، والنسائي في "الكبرى" (8732) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/196، والبيهقي في "السنن" 9/231، وفي "الشعب" (4358) و (4359) ، وصححه ابن حبان (4871) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وسيأتي برقم (17025) ، وسيكرر 4/385-386. ويشهد له حديثُ أبي هريرة عند الجاري (369) في الصلاة و (3177) في الجزية: باب كيف يُنْبَذُ إلى أهل العهد، وفيه قال أبو هريرة: بعثني أبو بكر رضي الله عنه فيمن يُؤَذِّنُ يوم النحر بمنى: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان... فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشرك. وسلف في مسند أبي هريرة برقم (7977) ، زيادة لفظ: "ومن كان بينه وبين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهد، فإن أجله- أو أمده- إلى أربعة أشهر".
وقد نقل الحافظ في "الفتح" 6/279 عن الأزهري قوله: المعنى: إذا عاهدت قوماً، فخشيت منهم النقض، فلا توقع بهم بمجرد ذلك، حتى تعلمهم.
اعتبارهم الحروب الدينية الإرهابية (الجهاد) أفضل الفضائل
امتلأت كتب الحديث مثلها كالقرآن بنصوص التحريض على القتال والإرهاب.
روى البخاري:
26 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ
بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ
مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ
2785 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو حَصِينٍ أَنَّ ذَكْوَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ قَالَ لَا أَجِدُهُ قَالَ هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ
527 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ أَخْبَرَنِي قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا قَالَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَالَ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي
ورواه مسلم 85
7226- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ مَا تَخَلَّفْتُ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ
2518 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ
قَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ قُلْتُ فَأَيُّ الرِّقَابِ
أَفْضَلُ قَالَ أَعْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا قُلْتُ فَإِنْ
لَمْ أَفْعَلْ قَالَ تُعِينُ ضَايِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ قَالَ فَإِنْ لَمْ
أَفْعَلْ قَالَ تَدَعُ النَّاسَ مِنْ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ
بِهَا عَلَى نَفْسِكَ
2787 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ
ورواه مسلم 1876 وأحمد 7175 و7226 و7227 و7480 و10523 و7416
907 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ قَالَ أَدْرَكَنِي أَبُو عَبْسٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ
237 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُه الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ
ورواه أحمد 7953 و7051 و8474 و 8419 إلى 8421 ومسلم 1886
2897 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ
عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَأْتِي زَمَانٌ يَغْزُو
فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَالُ نَعَمْ فَيُفْتَحُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ
فَيُقَالُ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَيُقَالُ نَعَمْ فَيُفْتَحُ ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ فَيُقَالُ فِيكُمْ
مَنْ صَحِبَ صَاحِبَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَيُقَالُ نَعَمْ فَيُفْتَحُ
ورواه مسلم 2532 والبخاري 3594 و3649 وأحمد 11041
2792 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
2793 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقَابُ قَوْسٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ وَقَالَ لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ
2794 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرَّوْحَةُ وَالْغَدْوَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
2816 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ
قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ
جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مُثِّلَ
بِهِ وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ فَنَهَانِي
قَوْمِي فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ فَقِيلَ ابْنَةُ عَمْرٍو أَوْ أُخْتُ
عَمْرٍو فَقَالَ لِمَ تَبْكِي أَوْ لَا تَبْكِي مَا زَالَتْ الْمَلَائِكَةُ
تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا قُلْتُ لِصَدَقَةَ أَفِيهِ حَتَّى رُفِعَ قَالَ
رُبَّمَا قَالَهُ
2817 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَحَدٌ
يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى
الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى
الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنْ الْكَرَامَةِ
ورواه أحمد 12771 و12003 و13628 و14083 ومسلم 1877
2809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ
بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ
بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ
يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ
بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ
كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ قَالَ يَا أُمَّ
حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ
الْأَعْلَى
6567 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِنْ قَلْبِي فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ وَإِلَّا سَوْفَ تَرَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ لَهَا هَبِلْتِ أَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّهُ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى
الأم المكلومة حزينة على مصابها في ابنها الذي راح ضحية الإرهاب والمشاركة فيه، فأعطاها محمد عزاء وهميًّا لا يفيد. عرضت نماذج كثيرة كهذا في الجزء الأول (حروب محمد).
روى أحمد:
13871 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ حَارِثَةَ ابْنَ الرُّبَيِّعِ جَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ نَظَّارًا ، وَكَانَ غُلَامًا، فَجَاءَ سَهْمٌ غَرْبٌ ، فَوَقَعَ فِي ثُغْرَةِ نَحْرِهِ ، فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ الرُّبَيِّعُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ عَلِمْتَ مَكَانَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَسَأَصْبِرُ، وَإِلَّا فَسَيَرَى اللهُ مَا أَصْنَعُ، قَالَ: فَقَالَ: "يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا لَيْسَتْ بِجَنَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى "
إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (223) من طريق عفان، بهذا الإسناد. ورواه أحمد 12252 و13250 و13787 و14011 و13200.
وروى مسلم:
[ 1913 ] حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا ليث يعني بن سعد عن أيوب بن موسى عن مكحول عن شرحبيل بن السمط عن سلمان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن الفتان
وعود وهمية ووعد بالتخلص من تخويفات وهمية فيما بعد الموت وفي القبر لتبرير قتل الناس!
وروى أحمد:
83 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ : أَنَّ الصُّبَيَّ بْنَ مَعْبَدٍ ، كَانَ نَصْرَانِيًّا تَغْلِبِيًّا أَعْرَابِيًّا فَأَسْلَمَ ، فَسَأَلَ : أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ فَقِيلَ لَهُ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ . فَأَرَادَ أَنْ يُجَاهِدَ ، فَقِيلَ لَهُ : حَجَجْتَ ؟ فَقَالَ : لَا . فَقِيلَ : حُجَّ وَاعْتَمِرْ ، ثُمَّ جَاهِدْ . فَانْطَلَقَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْحَوَائطِ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا ، فَرَآهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ ، فَقَالا : لَهُوَ أَضَلُّ مِنْ جَمَلِهِ ، أَوْ مَا هُوَ بِأَهْدَى مِنْ نَاقَتِهِ . فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهِمَا فَقَالَ : هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ الْحَكَمُ : فَقُلْتُ لِأَبِي وَائِلٍ : حَدَّثَكَ الصُّبَيُّ ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصُّبي بن معبد ، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي ، وهو ثقة . الحكم : هو ابن عتيبة ، وأبو وائل : هو شقيق بن سلمة . وأخرجه الطيالسي (58) عن شعبة ، بهذا الإسناد . وسيأتي برقم (169) و (227) و (254) و (256) و (379) .
227 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنِي سَيَّارٌ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ نَصْرَانِيًّا يُقَالُ لَهُ : الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، أَسْلَمَ ، فَأَرَادَ الْجِهَادَ ، فَقِيلَ لَهُ : ابْدَأْ بِالْحَجِّ ، فَأَتَى الْأَشْعَرِيَّ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُهِلَّ بالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ جَمِيعًا ، فَفَعَلَ ، فَبَيْنَا هُوَ يُلَبِّي إِذْ مَرَّ بِزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : لَهَذَا أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِ أَهْلِهِ ، فَسَمِعَهَا الصُّبَيُّ ، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا قَدِمَ أَتَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ . قَالَ : وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى يَقُولُ : وُفِّقْتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ.
إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصُّبي بن معبد - والحديث رواه أبو وائل عنه كما تقدم برقم (83) - فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي. هشيم : هو ابن بشير ، وسيار : هو أبو الحكم ، وأبو وائل : هو شقيق بن سلمة .
6487 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ، وَلَا التَّفَحُّشَ ، وَإِيَّاكُمْ والشُّحَّ ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ ، فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ، فَبَخِلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ ، فَفَجَرُوا "
قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: " أَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ "، فَقَامَ ذَاكَ أَوْ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: " أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ رَبُّكَ، وَالْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ: هِجْرَةُ الْحَاضِرِ ، وَالْبَادِي، فَهِجْرَةُ الْبَادِي أَنْ يُجِيبَ إِذَا دُعِيَ، وَيُطِيعَ إِذَا أُمِرَ، وَالْحَاضِرِ أَعْظَمُهُمَا بَلِيَّةً، وَأَفْضَلُهُمَا أَجْرًا "
إسناده صحيح، أبو كثير: هو الزبيدي، اختلف في اسمه، فقيل: زهير بن الأقمر، وقيل: عبد الله بن مالك، وقيل: جهمان، أو: الحارث بن جهمان، وثقه النسائي والعجلي وابنُ حبان، وروى له أبو داود والترمذي والنسائي والبخاري في "أفعال العباد"، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عبد الله بن الحارث -وهو للزبيدي المُكْتب-، فمن رجال مسلم. ابنُ أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم. وأخرجه بطوله ابن حبان (5176) من طريق ابن أبي عدي، بهذا الإسناد. وأخرجه بطوله أيضاً الطيالسي (2272) ، ومن طريقه ابنُ حبان (5176) ، والبيهقي في "السنن" 10/243، وفي "الشعب" (10834) ، عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 1/11 من طريقين عن شعبة، به، وصححه، ووافقه الذهبي. وأخرجه الحاكم 1/11 أيضاً من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، به. وأخرجه بطوله أيضاً البيهقي في "شعب الإيمان" (7458) من طريق الحسن بن عرفة، عن عمر بن عبد الرحمن أبي حفص الأبار، عن محمد بن جحادة، عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عمرو، وهذا إسناد حسن. وقوله: "الظلم ظلمات يوم القيامة" أخرجه الدارمي 2/240 عن أبي الوليد الطيالسي، عن شعبة، به، بزيادة: "إياكم والظلم" في أوله. وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري (2447) ، وسلف بالأرقام (5662) و (5832) و (6206) و (6210) . وعن أبي هريرة، سيرد (9568) . وعن جابر، سيرد 3/323. وقوله: "وإياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفحش والتفحش" له شاهد من حديث أبي هريرة، سيرد 2/431. وآخر من حديث عائشة عند مسلم (2164) (11) ، وسيرد 6/135 و229. وثالث من حديث ابن الحنظلية عند أبي داود (4089) ، وسيرد 4/180. وقوله: "أيُّ الإسلام أفضل": أخرجه ابن أبي شيبة 9/64، 65 عن غندر، عن شعبة، به. وسيرد برقم (6837) . وقوله: "أي الهجرة أفضل... والهجرة هجرتان...": أخرجه النسائي في "المجتبى" 7/144، وفي "الكبرى" (8702) من طريق غندر، عن شعبة، بهذا الإسناد، وسيرد برقم (6837) . =وأحاديث الباب سنذكرها عند الحديث (6813) . وقوله: "الهجرة هجرتان...": أخرجه ابن حبان (4863) من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، به. وما ورد في باب "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، سنذكره في تخريج الحديث (6515) . وهذا الحديث سيرد بالأرقام (6515) و (6753) و (6792) و (6806) و (6813) و (6814) و (6835) و (6836) و (6837) و (6889) و (6912) و (6925) و (6953) و (6955) و (6982) و (6983) و (7017) و (7086) .
17022 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَاصَرْنَا مَعَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِصْنَ الطَّائِفِ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فَلَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ " قَالَ: " فَبَلَغْتُ يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا " فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ عِدْلُ مُحَرَّرٍ ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَاعِلٌ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ عَظْمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهِ مِنَ النَّارِ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً مُسْلِمَةً، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَاعِلٌ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهَا مِنَ النَّارِ "
إسناده صحيح على شرط مسلم، معدان بن أبي طلحة من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه فلم يخرج له سوى مسلم. روح: هو ابن عبادة، وهشام بن أبي عبد الله هو الدستوائي. وأخرجه مطولاً ومختصراً الطيالسي (1154) - ومن طريقه البيهقي 10/272، وفى "الشعب" (4341) -، وأبو داود (3965) ، والترمذي (1638) ، والحاكم 2/95 و121 و3/49- 50، والنسائي في "المجتبى" 6/26، وفي "الكبرى" (4351) ، والفاكهي في "أخبار مكة" (1960) ، وابن حبان (4615) ، والبيهقي في "الدلائل" 5/159 من طرق عن هشام بن أبى عبد الله، بهذا الإسناد، قال الترمذي: هذا حديث صحيح، وأبو نجيح: هو عمرو بن عبسة. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه، ووافقه الذهبي. وقال أيضاً في الموضع الثاني: صحيح على شرط الشيخين، فإن أبا نجيح هو عمرو بن عبسة، وقال أيضاً في الموضع الثالث: صحيح عالِ ولم يخرجاه. وأخرجه البيهقي في "السنن" 9/161 من طريق شيبان، عن قتادة، به. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (4340) من طريق حصين بن عبد الصمد، عن سالم بن أبي الجعد، عن عمرو بن عبسة مرفوعاً بلفظ: "أيما امرىء مسلم أعتق امرأتين مسلمتين فهما فكاكه من النار، كل عضو فيهما عضو منه، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فهي فكاكها، يجزي كل عضو منها عضواً من النار"، قال البيهقي: سقط من إسناده معدان بن أبي طلحة. وقد سلف برقم (17020) ، وسيأتي برقم (17023) و4/385.
22710 - حدثنا محمد بن بكر، وروح، وعبد الرزاق قالوا: أخبرنا ابن جريج قال: وقال سليمان بن موسى أيضا حدثنا كثير بن مرة، أن عبادة بن الصامت حدثهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما على الأرض من نفس تموت ولها عند الله خير تحب أن ترجع إليكم إلا المقتول، وقال روح: إلا القتيل، في سبيل الله، فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى "
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل سليمان بن موسى -وهو الأشدق- وباقي رجال الإسناد ثقات . روح: هو ابن عبادة. والحديث في "مصنف" عبد الرزاق (9535). وأخرجه بنحوه البزار (2707) من طريق روح بن عبادة وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار أيضا (2706) من طريق أبي عاصم النبيل، عن ابن جريج، به. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (401) ، وفي "الشاميين" (1211) من طريق الهيثم بن حميد، عن زيد بن واقد، عن سليمان بن موسى، به. وأخرجه النسائي 6/35-36، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/44 من طريق محمد بن عيسى بن قاسم بن سميع، عن زيد بن واقد، عن كثير بن مرة، به . ووهم فيه محمد بن عيسى فأسقط سليمان بن موسى! وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (181) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، و (3525) من طريق بقية بن الوليد، كلاهما عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، عن عبادة . وإسناده حسن في المتابعات. وسيأتي برقم (22748) عن عبد الرزاق وحده. ويشهد له حديث أنس السالف برقم (12273). وحديث عبد الرحمن بن أبي عميرة السالف برقم (17894) .
7480 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي مُنْخُرَيْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَلَا يَجْتَمِعُ شُحٌّ وَإِيمَانٌ فِي قَلْبِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ "
صحيح بطرقه وشواهده، حصين بن اللجلاج، اختلف في اسمه، فقيل: خالد بن اللجلاج، وقيل: القعقاع بن اللجلاج، وقيل: أبو العلاء بن اللجلاج، لم يرو عنه غير صفوان بن أبي يزيد، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وجهله المزي والذهبي وابن حجر، وصفوان بن أبي يزيد، ويقال: ابن يزيد، ويقال: ابن سليم، روى عنه غير واحد، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن حجر في "التقريب" : مقبول، يعني إذا توبع، وإلا فلين الحديث، ومحمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص الليثي، وهو حسن الحديث. وأخرجه المزي في ترجمة حصين من "تهذيب الكمال" 6/532-533 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي 6/14 من طريق يزيد بن هارون، به. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2402) ، وابن أبي شيبة 5/334 و9/97، وهناد في "الزهد" (467) ، والبخاري في "تاريخه" 4/307، والنسائي 6/14 من طرق عن محمد بن عمرو، به. وعند ابن أبي شيبة في الموضع الثاني الشطر الثاني من الحديث فقط، وعند النسائي الشطر الأول منه. وأخرجه النسائي 6/14 من طريق عبيد الله بن أبي جعفر، عن صفوان بن أبي يزيد، عن أبي العلاء بن اللجلاج، عن أبي هريرة موقوفا. وأوردها البخاري 4/307. وعبيد الله بن أبي جعفر ثقة. وسيأتي الحديث مرفوعا برقم (8512) و (9693) من طريق صفوان بن أبي يزيد، به. وأخرج الشطر الأول منه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (119) ، والطبراني في "الأوسط" (1932) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنيني، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعا. وهذا الحديث تفرد به الحنيني عن مالك، وهو ضعيف. وسيأتي الحديث في "المسند" بشطريه برقم (8479) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، والشطر الأول منه سيأتي برقم (10560) من طريق محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة. وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند بحشل في "تاريخ واسط" ص 69، وفي سنده ضعف. ويشهد للشطر الأول بنحو لفظه حديث أبي الدرداء، سيأتي في مسنده 6/443-444. ويشهد له أيضا حديث عائشة عند ابن أبي عاصم في "الجهاد" (120) ، وفيه: شيخه وهو متروك. ولحديث عائشة لفظ آخر، سيأتي في مسندها 6/85، ونصه: "ما خالط قلب امرىء مسلم رهج في سبيل الله، إلا حرم الله عليه النار"، والرهج: الغبار. وله لفظ ثالث عند العقيلي في "الضعفاء" 2/122، وابن الأعرابي في "معجمه" (156) ، ونصه: "من اغبرت قدماه في سبيل الله، فلن يلج النار أبدا"، وفي إسناديهما ضعف، لكنه يتحسن بما سيأتي في "المسند" 3/479 من حديث أبي عبس بن جبر، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من اغبرت قدماه في سبيل الله عز وجل، حرمهما الله عز وجل على النار"، وهو في "صحيح البخاري" (907) ، وستأتي بقية شواهده بهذا اللفظ في موضعه من "المسند".
12771 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، وَحَجَّاجٌ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّ لَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ غَيْرَ الشَّهِيدِ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ "
إسناده صحيح على شرط الشيخين.وأخرجه البخاري (2817) ، ومسلم (1877) (109)، والترمذي (1662) ، وأبو يعلى (3020) ، وابن حبان (4662) من طريق محمد بن جعفر وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عوانة 5/32 من طريق حجاج بن محمد وحده، به. وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (28) ، وأبو داود الطيالسي (1965) ، وعبد بن حميد (1167) ، والدارمي (2409) ، وأبو يعلى (3056) و (3224) و (3260) ، وأبو عوانة 5/32 و33، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (851) ، والبيهقي في "السنن" 9/163، وفي "شعب الإيمان" (4244) من طرق عن شعبة، به. وأخرجه الترمذي (1661) ، وأبو يعلى (3019) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به. وانظر (12003) .
12003 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا، وَإِنَّ لَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ، غَيْرَ الشَّهِيدِ، يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ فَيُقْتَلَ، لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ " أَوْ مَعْنَاهُ
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن الهيثم، فمن رجال مسلم. وأخرجه الطيالسي (1964) ، وعبد بن حميد (1167) ، والدارمي (2409) ، وأبو يعلى (3056) و (3224) و (3260) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (851) ، والبيهقي في "الشعب" (4244) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1661) ، وأبو يعلى (3019) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به. وأخرجه أبو الشيخ (851) ، وابن حبان (4661) ، والبيهقي (4244) من طريق معاوية بن قرة، عن أنس. وسيأتي الحديث من طريق قتادة بالأرقام (12771) و (13628) و (13926) و (13964) و (14083) ، ومن طريق حميد برقم (13964) ، ومن طريق ثابت برقم (12273) كلاهما عن أنس. وفي الباب عن عبد الرحمن بن أبي عميرة، سيأتي 4/216. وعن عبادة بن الصامت، سيأتي 5/318.
14083 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَحَدٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ عَشَرَةُ أَمْثَالِهَا، إِلَّا الشَّهِيدَ، فَإِنَّهُ وَدَّ أَنْ يَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا، فَاسْتُشْهِدَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لِمَا رَأَى مِنَ الْفَضْلِ "
إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد سلف برقم (13628) عن بهز بن أسد مقروناً بعفان بن مسلم.
13162 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُؤْتَى بِالرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ كَيْفَ وَجَدْتَ مَنْزِلَكَ ؟ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ خَيْرُ مَنْزِلٍ، فَيَقُولُ: سَلْ وَتَمَنَّ، فَيَقُولُ: مَا أَسْأَلُ وَأَتَمَنَّى إِلَّا أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا، فَأُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، وَيُؤْتَى بِالرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، كَيْفَ وَجَدْتَ مَنْزِلَكَ ؟ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، شَرُّ مَنْزِلٍ، فَيَقُولُ لَهُ: أَتَفْتَدِي مِنْهُ بِطِلَاعِ الْأَرْضِ ذَهَبًا ؟ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، نَعَمْ، فَيَقُولُ: كَذَبْتَ، قَدْ سَأَلْتُكَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَيْسَرَ، فَلَمْ تَفْعَلْ فَيُرَدُّ إِلَى النَّارِ "
إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه عبد بن حميد (1329) ، وأبو يعلى (3497) ، وابن حبان (7350) ، والحاكم 2/75، وأبو نعيم في "الحلية" 6/253-254، والبيهقي في "البعث" (600) من طرق عن حماد بن سلمة، به -واقتصر ابن حبان على الشطر الثاني منه. وسيأتي الحديث بتمامه برقم (13511) عن حسن الأشيب، عن حماد بن سلمة. وسلف الشطر الأول برقم (12342) من طريق ثابت، والثاني برقم (12289) من طريق أبي عمران الجوْني، كلاهما عن أنس.
وروى مسلم:
[ 1878 ] حدثنا سعيد بن منصور حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل قال لا تستطيعوه قال فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا تستطيعونه وقال في الثالثة مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى
[ 1910 ] حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي أخبرنا عبد الله بن المبارك عن وهيب المكي عن عمر بن محمد بن المنكدر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه مات على شعبة من نفاق قال بن سهم قال عبد الله بن المبارك فنرى أن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ورواه أحمد 8865 وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/192، وأبو داود (2502) ، والنسائي 6/8، وأبو عوانة 5/84، والحاكم 2/79، وأبو نعيم في "الحلية" 8/159-160، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/48، وفي "شعب الإيمان" (4223) ، والخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/443 من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الِإسناد. وأخرجه أبو عوانة 5/84 من طريق أبي ربيعة، عن وهيب بن الورد، به. وأخرجه أبن أبي عاصم في "الجهاد" (43) ، وابن الجارود في "المنتقى" (1036) ، والحاكم 2/79 من طريق عبد الله بن رجاء، والبغوي في "التفسير" 1/188 من طريق سعيد بن عثمان العبدي، كلاهما عن عمر بن محمد بن المنكدر، به. وأخرجه بنحوه الترمذي (1666) ، وابن ماجه (2763) ، وابن عدي 1/278، والحاكم 2/79 من طريق إسماعيل بن رافع، عن سمي، به. وأخرجه عبد بن حميد (1434) ، والطبراني في "مسند الشاميين" (287) من طريق مكحول، والطبراني (796) و (809) من طريق عبد الملك بن مروان، كلاهما عن أبي هريرة، بلفظ: "من لم يغز أو يجهز غازياً، أو يخلف غازياً في سبيل الله في أهله بخير أصابه الله بقارعة". وإسناد الطريق ضعيف. لكن يشهد لهذا اللفظ حديث أبي أمامة عند أبي داود (2503) ، وابن ماجه (2762) ، وإسناده حسن.
[ 1883 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم وزهير بن حرب واللفظ لأبي بكر وإسحاق قال إسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد عن سعيد بن أبي أيوب حدثني شرحبيل بن شريك المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال سمعت أبا أيوب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت
بهذه السذاجة كانت معظم عقول متبعي الإسلام، بحيث يقال لهم أن فعل الشرور والعدوان هو خير، فيصدقون كلامًا غير منطقي كهذا. والتحريض على القتال يتخذ تعليمًا بالقتال لمجرد حب القتل والعدوان على أنه فضيلة وخير، قتل الناس وتخريب أملاكهم وأذيتهم وخطف نسائهم وأطفالهم خير حسب ظنهم، والأحاديث تخلط مفهوم الخير مع مفهوم الشر، فعندهم أن قتل حياة مساوٍ في الخير للإحسان لفقير أو تحرير مستعبَد! مغالطات أخلاقية وذهنية غير عادية. وحتى مجرد القتل بدون تحقيق مغانم ونهب خير، روى مسلم:
[ 1906 ] حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن حدثنا حيوة بن شريح عن أبي هانئ عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم
[ 1906 ] حدثني محمد بن سهل التميمي حدثنا بن أبي مريم أخبرنا نافع بن يزيد حدثني أبو هانئ حدثني أبو عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تم أجورهم
رواه أحمد 6577
بل واعتبروا أن حتى مجرد محاولة إيذاء الآخرين ولو لم ينجحوا فيه له ثواب كفعل خير وإحسان! روى أحمد:
6625 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنِي لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ شُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَفْلَةٌ كَغَزْوَةٍ ".
إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق بن عيسى -وهو ابن نجيح البغدادي، أبو يعقوب بن الطباع- فمن رجال مسلم، وابن شفي -وهو حسين بن شفي بن ماتع-، تابعي مصري ثقة، فقد روى له أبو داود، وأبوه شفي ثقة، روى له أبو داود، والترمذي، والنسائي، والبخاري في "خلق أفعال العباد"، وابن ماجه في "التفسير". ليث: هو ابن سعد. وأخرجه أبو داود (2487) ، والحاكم في "المستدرك" 2/73 من طريق علي بن عياش، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4275) ، و"السنن" 9/28، والبغوي في "شرح السنة" (2671) من طريق محمد بن رمح، وأبو نعيم في "الحلية" 5/169 من طريق عبد الله بن صالح، ثلاثتهم عن الليث، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقد سقط من مطبوع "المستدرك" من السند: "عن أبيه".
وقوله: "قفْلة كغزوة"، قال الخطابي: في "معالم السنن" 2/236-237: هذا يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون أراد به القفول عن الغزو والرجوع إلى الوطن، يقول: إن أجر المجاهد في انصرافه إلى أهله كأجره في إقباله إلى الجهاد، وذلك لأن تجهيز الغازي يُضر بأهله، وفي قفوله إليهم إزالةُ الضرر عنهم واستجمام للنفس، واستعداد بالقوة للعود.
والوجه الآخر: أن يكون أراد بذلك التعقيب، وهو رجوعه ثانياً في الوجه الذي جاء منه منصرفا، وإن لم يلق عدواً، ولم يشهد قتالاً، وقد يفعل ذلك الجيشُ إذا انصرفوا من مغزاتهم، وذلك لأحد أمرين... ثم ذكرهما الخطابي، فانظره.
بل وحتى مجرد النية السيئة الشريرة لإيذاء إخوة في الإنسانية هي فعل فاضل بله ثواب بزعم العقول غير المفكرة الفاقدة للبوصلة الأخلاقية والحس الأخلاقي الغريزي السويّ، روى أحمد:
23753 - حدثنا روح، حدثنا مالك، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن عتيك بن الحارث بن عتيك، فهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه أنه أخبره أن جابر بن عتيك أخبره: أن عبد الله بن ثابت لما مات قالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيدا، أما إنك قد كنت قضيت جهازك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة ؟ " قالوا: قتل في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة "
حديث صحيح، عتيك بن الحارث بن عتيك ذكره ابن حبان في "ثقاته" وصحح حديثه هذا، ورواية مالك لحديثه في "الموطأ" تقوية له، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير صحابي الحديث، فقد خرج له أبو داود والنسائي. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/233-234، ومن طريقه أخرجه الشافعي في "مسنده" 1/199-200، وأبو داود (3111) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2141) ، والنسائي في "المجتبى" 4/13-14، وفي "الكبرى" (7529) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/291، وفي "شرح المشكل" (5104) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/140، وابن حبان (3189) و (3190) ، والطبراني (1779) ، والحاكم 1/351، والبيهقي 4/69-70، والبغوي في "شرح السنة" (1532) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/309، والمزي في ترجمة عتيك بن الحارث من "تهذيبه" 19/333-334، وصحح الحاكم إسناده، ووافقه الذهبي. وزادوا في أوله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غلب عليه، فصاح به، فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "غلبنا عليك يا أبا الربيع" فصاح النسوة وبكين، فجعل جابر يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعهن، فإذا وجب فلا تبكين باكية" قالوا: يا رسول الله، وما الوجوب؟ قال: "إذا مات" فقالت ابنته.. وذكره. وأخرج هذا الحديث بطوله عبد الرزاق في "مصنفه" (6695) عن ابن جريج قال: أخبرت خبرا رفع إلى أبي عبيدة بن الجراح صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى عبد الله بن ثابت يعوده.. وذكره. وأخرج ابن أبي شيبة 5/332-333، وابن ماجه (2803) ، والنسائي 6/51-52، وابن قانع 1/140-141، والطبراني (1780) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 19/206 من طريق أبي العميس عتبة بن عبد الله المسعودي، عن عبد الله ابن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن أبيه، عن جده: أنه مرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقال قائل من أهله: إن كنا لنرجو أن تكون وفاته قتل شهادة في سبيل الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شهداء أمتي إذا لقليل ..." قال ابن عبد البر: هكذا يقول أبو العميس في إسناد هذا الحديث، والصواب ما قاله فيه مالك، ولم يقمه أبو العميس. ويشهد له حديث راشد بن حبيش، عن عبادة بن الصامت سلف برقم (15998) . وانظر أحاديث الباب عند حديث أبي هريرة السالف برقم (8092) .
قولها: قضيت جهازك، بفتح الجيم وكسرها، أي: أتممت ما تحتاج إليه في سفرك للغزو. المطعون: الميت بالطاعون. والغرق -بفتح الغين وكسر الراء-: الذي يموت غريقا في الماء. وذات الجنب: هو التهاب في الغشاء المحيط بالرئة. والمبطون: هو الذي يموت بمرض بطنه كالإسهال والاستسقاء ونحوهما. وقوله: "المرأة تموت بجمع" بضم الجيم وسكون الميم: الميتة في النفاس وولدها في بطنها لم تلده وقد تم خلقه، وقيل: هي التي تموت من الولادة سواء ألقت ولدها أم لا.
ثقافة الموت
روى مسلم:
[ 1890 ] حدثنا محمد بن أبي عمر المكي حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة فقالوا كيف يا رسول الله قال يقاتل هذا في سبيل الله عز وجل فيستشهد ثم يتوب الله على القاتل فيسلم فيقاتل في سبيل الله عز وجل فيستشهد
ورواه أحمد 9976 و7326
[ 1908 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه
[ 1909 ] حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى واللفظ لحرملة قال أبو الطاهر أخبرنا وقال حرملة حدثنا عبد الله بن وهب حدثني أبو شريح أن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف حدثه عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ولم يذكر أبو الطاهر في حديثه بصدق
وروى أحمد:
13015 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، وَحَدَّثَنَا هَاشِمٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ عَمِّي - قَالَ هَاشِمٌ: أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ - سُمِّيتُ بِهِ لَمْ يَشْهَدْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: فَشَقَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: فِي أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غِبْتُ عَنْهُ لَئِنْ أَرَانِي اللهُ مَشْهَدًا فِيمَا بَعْدُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أَصْنَعُ . قَالَ: فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا، قَالَ: فَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ: يَا أَبَا عَمْرٍو أَيْنَ ؟ قَالَ: وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ ؟ قَالَ: فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ، فَوُجِدَ فِي جَسَدِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ ؟ قَالَ: فَقَالَتْ أُخْتُهُ عَمَّتِي الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ: فَمَا عَرَفْتُ أَخِي إِلَّا بِبَنَانِهِ ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: " {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] " قَالَ: فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن المغيرة، فمن رجال مسلم. وأخرجه مسلم (1903) (148) ، والواحدي في "أسباب النزول" ص237-238 من طريق بهز بن أسد وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عوانة 5/38 من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم وحده، به. وأخرجه الترمذي (3200) ، والنسائي في "الكبرى" (8291) ، وابن حبان (7023) من طريق عبد الله بن المبارك، والطيالسي (2044) ، ومن طريقه النسائي في " الكبرى" كما في "التحفة" 1/135، وأبو عوانة 4/306-307 و307 و5/37-38 و38، كلاهما (الطيالسي وابن المبارك) عن سليمان بن المغيرة، به. وأخرجه البخاري (4783) ، والواحدي ص238 من طريق عبد الله بن المثنى الأنصاري، عن ثمامة بن عبد الله، عن جده أنس قال: نُرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر: (من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه) . وسيأتي الحديث من طريق حماد، عن ثابت برقم (13658) ، ومن طريق حميد عن أنس برقم (13085) .
قوله: "واهاً" ، قال في "القاموس" في فصل الواو من باب الهاء ص1621: واهاً له، وبترك تنوينه: كلمة تعجُّب من طيب كل شيء، وكلمةُ تلهُّف. والبنان: الأصابع أو أطرافها.
14210 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: " مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ ، وَأُهْرِيقَ دَمُهُ "
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سفيان- وهو طلحة بن نافع الواسطي- فمن رجال مسلم،. وهو صدوق لا بأس به. وأخرجه ابن أبي شيبة 5/290-291 عن وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارمي (2392) ، والطبراني في "الصغير" (713) من طريق مالك ابن مغول، وابن حبان (4639) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن الأعمش، به. ورواية الطبراني فيها زيادات. وسيأتي بهذا الإسناد برقم (14233) ، وفيه زيادة: أن أفضل الصلاة طول القنوت. وسيأتي من طريق أبي الزبير، عن جابر برقم (14727) . وفي الباب عن عبد الله بن حبشي، سيأتي 3/411-412. وعن عمرو بن عبسة، سيأتي 4/385.
21355 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ، يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ، وَثَلَاثَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللهُ، أَمَّا الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللهُ: فَرَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَأَلَهُمْ بِاللهِ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُمْ فَمَنَعُوهُ، فَتَخَلَّفَ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ فَأَعْطَاهُ سِرًّا لَا يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ إِلَّا اللهُ وَالَّذِي أَعْطَاهُ، وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِمَّا يُعْدَلُ بِهِ، نَزَلُوا فَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ فَقَامَ يَتَمَلَّقُنِي وَيَتْلُو آيَاتِي، وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ فَلَقَوْا الْعَدُوَّ فَهُزِمُوا، فَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يَفْتَحَ اللهُ لَهُ. وَالثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمُ اللهُ: الشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ، وَالْغَنِيُّ الظَّلُومُ "
حديث صحيح، زيد بن ظَبيان وإن تفرد بالرواية عنه ربعي بن حراش، ولم يوثقه غير ابن حبان، إلا أنه قد توبع كما في الرواية السالفة برقم (21340) ، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. منصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه الحاكم 1/416-417، والمزي في ترجمة زيد بن ظيبان من "تهذيب الكمال" 10/82 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم. وأخرجه تاماً ومختصراً ابن أبي شيبة 5/289، والترمذي (2568) ، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (129) ، والنسائي 3/207-208 و5/84، وابن خزيمة (2456) و (2564) ، وابن حبان (3350) و (4771) من طريق محمد ابن جعفر، به. وصححه الترمذي. وأخرجه الترمذي (2568م) ، والحاكم 1/416-417 و2/113 من طرق عن شعبة، به. وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل" (251) ، وابن حبان (3350) من طريق جرير، عن منصور بن المعتمر، به. وانظر الحديثين التاليين، وما سلف برقم (21340) .
22476 - حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن نعيم بن همار، أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الشهداء أفضل ؟ قال: " الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة، ويضحك إليهم ربك، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه "
حديث قوي، إسماعيل بن عياش صدوق في رواياته عن الشاميين أهل بلده، وهذا منها، وباقي رجاله ثقات، لكن سقط منه قيس الجذامي بين كثير ابن مرة وبين نعيم بن همار، وقيس صحابي، وهو ثابت في الإسناد كما بينت رواية البخاري في "تاريخه" 8/95، وإسنادها قوي . وهو في "العلل" للمصنف 2/309-310 . وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2566) ، والبخاري في "تاريخه" 8/95، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (228) ، وفي "الآحاد والمثاني" (1277) ، وأبو يعلى (6855) ، والطبراني في "مسند الشاميين" (1167) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/152، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 472-473، وابن الأثير في "أسد الغابة" 5/350 من طرق عن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد . وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1169) من طريق بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، به . وأخرجه بزيادة قيس الجذامي ابن أبي عاصم في "الجهاد" (229) ، والطبراني في "مسند الشاميين" (1168) ، وابن قانع 3/152 من طريق إسماعيل بن رافع، عن بحير، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن قيس الجذامي، عن نعيم . وإسماعيل بن رافع ضعيف . وأخرجه البخاري في "التاريخ" 8/95 من طريق برد بن سنان، عن سليمان ابن موسى، عن مكحول الشامي، عن كثير بن مرة، عن قيس الجذامي، عن نعيم . وهذا إسناد قوي، برد بن سنان وسليمان بن موسى الأشدق صدوقان لا بأس بهما، وباقي رجاله ثقات .
الاستماتة في سبيل موت الذات أو قتل الآخرين وأذيتهم لا يمكن اعتباره سلوكًا لإنسان سويّ النفسية. وكما قلت مرارًا مشكلة الإسلام وحركات الإرهاب الدينية في كل الأديان عمومًا أنها تخلط المفاهيم في ذهن الأتباع السذج وتبلبلها فتجعل الخير كالشر والشر كالخير وتفسد كل القيم الأخلاقية، فالأحاديث تجعل القتل كالتصدق والتزكي.
وروى أحمد من مظاهر نشر الدين للكراهية وحب الموت وكره الحياة:
19659 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَوْدِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُقَالُ لَهُ: حُمَمَةُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى أَصْبَهَانَ غَازِيًا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: اللهُمَّ إِنَّ حُمَمَةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَكَ، فَإِنْ كَانَ حُمَمَةُ صَادِقًا فَاعْزِمْ لَهُ بِصِدْقَهُ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَاعْزِمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَرِهَ اللهُمَّ لَا تَرُدَّ حُمَمَةَ مِنْ سَفَرِهِ هَذَا . قَالَ: فَأَخَذَهُ الْمَوْتُ، وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: الْبَطْنُ ، فَمَاتَ بأَصْبَهَانَ . قَالَ: فَقَامَ أَبُو مُوسَى فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا وَاللهِ مَا سَمِعْنَا فِيمَا سَمِعْنَا مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا بَلَغَ عِلْمَنَا إِلَّا أَنَّ حُمَمَةَ شَهِيدٌ "
إسناده صحيح إن ثبت سماعُ حُميد بن عبد الرحمن الحميري لهذه القصة من أبي موسى، فليس في الإسناد تصريحٌ من حُميد بسماعه منه. ورجالُ الإسناد ثقات رجال الشيخين غير داود بن عبد الله الأودي، فمن رجال أصحاب السنن، وهو ثقة. عفّان: هو ابن مسلم الصفار، وأبو عوانة: هو الوضّاح بن عبد الله اليَشْكُري. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 13/13-14، والحارث (1031) "بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث"، وأبو نُعيم في "أخبار أصبهان" 1/71 من طريق عفان، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (505) ، والطبراني في "الكبير" (3610) من طريق مسدد، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/71 من طريق الطيالسي ومسدد، كلاهما عن أبي عوانة، به. وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/317، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" وأحمد بنحوه، وفيه داود الأَوْدي وثقه ابنُ معين في رواية وضعَّفه في أخرى. قلنا: إنما ضعَّف ابنُ معين داودَ بنَ يزيد الأودي، ولم يُضعَّف داود بن عبد الله الأودي هذا، بل وثقه مطلقاً، نبَّه على ذلك الحافظُ في "تهذيب التهذيب". وأورده أيضاً 9/400، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير داود بن عبد الله الأودي، وهو ثقة، وفيه خلاف. ونسبه ابن حجر في "الإصابة" (في ترجمة حُمَمَة) كذلك إلى ابن المبارك في كتاب الجهاد.
قال السندي: قوله: كان يقال له حُمَمة: ضبط بضم حاء مهملة، وفتح الميمين، وكذا وقع في "الإصابة" بميمين، وقد وقع في بعض النسخ بالضاد موضع الميم الثانية، وجاء أنه بات عنده رجل، فرآه يبكي عنده الليل أجمع. فاعزِمْ: من العزم، والمرادُ الإرادة، أي: فحقِّق صدقه، والله تعالى أعلم.
وحسب الأحاديث دعا محمد على أمته بالموت والهلاك كأنه شيء جميل، يا أخي على الأقل لو كان الهدف نبيلًا؟! روى أحمد:
15608 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، حَدَّثَنَا كُرَيْبُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ قَيْسٍ، أَخِي أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتِي فِي سَبِيلِكَ بِالطَّعْنِ ، وَالطَّاعُونِ "
إسناده حسن، كريب بن الحارث بن أبي موسى، من رجال "التعجيل"، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه البخاري في "الكنى" 9/14، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2503) ، والدولابي في "الكنى" 1/18، وابن حبان في "الثقات" 7/357، والطبراني في "الكبير" 22/ (792) و (793) ، والحاكم 2/93، والبيهقي في "الدلائل" 6/384 من طرق عن عبد الواحد بن زياد العبدي، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وفي مطبوع الثقات: عن أبي بردة، عن أبي موسى، وهو خطأ. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/312، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، ورجال أحمد ثقات. وسيكرر 4/138 (الطبعة الميمنية) سنداً ومتناً. وفي الباب من حديث أبي موسى الأشعري، سيرد 4/395. وآخر من حديث عائشة، سيرد 6/133.
(19528) 19757- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَ الطَّاعُونِ . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ ، فَمَا الطَّاعُونُ ؟ قَالَ : وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَفِي كُلٍّ شُهَدَاءُ. (4/395)
هذا إسناد اختُلف فيه على زياد بن علاقة، فرواه سفيان- وهو الثوري كما في هذه الرواية- عنه، عن رجل، عن أبي موسى. وكذلك رواه شعبة عنه، كما سيأتي برقم (19743) . ورواه سَعَّادُ بنُ سليمان، كما عند البخاري في "التاريخ الكبير" 4/211- 212، والبزار (3040) "زوائد"، والطبراني في "الأوسط" (1418) ، ومسعر بنُ كدام، كما عند الطبراني في "الصغير" (351) كلاهما عنه، عن يزيد ابن الحارث (وهو لا يعرف، وفي مطبوع البزار: زياد بن الحارث) ، عن أبي موسى، به. ورواه حجاجُ بنُ أرطاة كما عند الطبراني في "الأوسط" (8507) عنه، عن كردوس بن عياش الثعلبي، عن أبي موسى، به. وحجاج ضعيف. ورواه أبو حنيفة- كما في "مسنده" (393) - عنه، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي موسى، به. وعبد الله بن الحارث مجهول. ورواه أبو بكر النهشلي كما في الرواية (19744) ، عنه، عن أسامة بن شريك، عن أبي موسى. والظاهرُ أن الحديث معروفٌ في بني ثعلبة قومِ زياد بن علاقة، فقد جاء في رواية شعبة (19743) عن زياد، قال: حدثني رجل من قومي.. ثم قال في آخره: فلم أَرْضَ بقوله، فسألتُ سيد الحي وكان معهم، فقال: صدق، حدثناه أبو موسى. وهو ما جاء التصريح به عند أبي شيبة، فيما حكاه عنه الدارقطني في "العلل" 7/256-257، فقال: وقال أبو شيبة: عن زياد، عن اثني عشر رجلاً من بني ثعلبة، عن أبي موسى. ومن ثم قال الدارقطني: والاختلافُ فيه من قِبَلِ زياد بن علاقة، ويُشبه أن يكون حَفِظَهُ عن جماعة، فمرةً يرويه عن ذا، ومرة يرويه عن ذا. وانظر (19708) .
19743 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي قَالَ شُعْبَةُ: قَدْ كُنْتُ أَحْفَظُ اسْمَهُ قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نَنْتَظِرُ الْإِذْنَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ ، وَالطَّاعُونِ " . قَالَ: فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ ؟ قَالَ: " طَعْنُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، فِي كُلٍّ شَهَادَةٌ" قَالَ زِيَادٌ: فَلَمْ أَرْضَ بِقَوْلِهِ فَسَأَلْتُ سَيِّدَ الْحَيِّ، وَكَانَ مَعَهُمْ فَقَالَ صَدَقَ . حَدَّثَنَاهُ أَبُو مُوسَى.
اختلال القيم والتصورات
وعلى العموم فكرة الاستشهاد هو في الأغلب وسيلة المسلم اليائس من تحقيق أي سعادة في حياته، فينجح لتخيل حياة وهمية أخرى ستكون مكافأة على ارتكابه شرور وقتل يحسب بعلته النفسية-الدينية أنه خير له عليه أجر من إله خرافي، روى مسلم:
[ 1886 ] حدثنا زكريا بن يحيى بن صالح المصري حدثنا المفضل يعني بن فضالة عن عياش وهو بن عباس القتباني عن عبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين
[ 1886 ] وحدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني عياش بن عباس القتباني عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين
[ 1885 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال فقام رجل فقال يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف قلت قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك
ورواه أحمد 7051 و14490 و15010 و14796 و22542 و22585
على العموم كما قلت في قسم نقد القرآن من هذا الباب، فإن محمدًا عمل على خلق عقدة ذنب وهمية لدى الأتباع ومشاعر دائمة بالذنب على أمور عادية كنظرة لامرأة أجنبية أو علاقة بدون زواج أو حتى مجرد التفكير ضد خرافات الدين أو ترك صلاة أو صيام ما من رمضان...إلخ في حين لم يكن لديهم ضمير يؤنبهم على جرائم حقيقية كقتل البشر باسم إله لأنهم مخالفون لهم في العقيدة كفعلهم مع الوثنيين واليهود. وقد اعتبروا قتل الناس فعل خير كالتصدق على فقراء أتباع الإسلام!
وقد اعتبروا أن مجرد ترك صلاة واحدة أو النظر لامرأة غير متزوج منها إثمًا كبيرًا فادحًا، أما قتل نفس إنسانية فمسألة بسيطة! روى البخاري:
553 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ
ورواه أحمد 22957 و23026 و23048 و22959 و23026 و23045 و23055
552 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ
يعني لم يعتبروا أن في ما كانوا يفعلونه من احتلال ونهب واستعباد وخطف شيئًا يعتبر جريمة أو إثمًا أو خطيئة أو تلومهم عيه ضمائرهم، بل ترك الطقوس الظاهرية التي تشعرهم هوسيًّا بالتخلص من خطاياهم. وكما ذكرت في باب (مصادرة الحريات) حديث معاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري، فهما قتلا إنسانًا لمجرد اختلافه في العقيدة تحت مسمى حد الردة، ثم جلسا يتحدثان عن الصلاة وقيام الليل، فأي عقول معتلة مختلة مريضة هذه؟! وأعطوا لهذه الصلوات وأهميتها قيمة وهمية كبيرة وتركوا القيم الإنسانية الحقيقية البديهية والضمير الإنساني والحس الأخلاقي السليم.
ونعود لذكر بعض أحاديث الوعود الوهمية والتحريض:
[ 1887 ] حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة كلاهما عن أبي معاوية ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير وعيسى بن يونس جميعا عن الأعمش ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير واللفظ له حدثنا أسباط وأبو معاوية قالا حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال سألنا عبد الله هو بن مسعود عن هذه الآية { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } قال أما إنا قد سألنا عن ذلك فقال أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال هل تشتهون شيئا قالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا
[ 1900 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء قال جاء رجل من بني النبيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ح وحدثنا أحمد بن جناب المصيصي حدثنا عيسى يعني بن يونس عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء قال جاء رجل من بني النبيت قبيل من الأنصار فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله ثم تقدم فقاتل حتى قتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم عمل هذا يسيرا وأجر كثيرا
ورواه أحمد 18565 و18592
[ 1901 ] حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر وهارون بن عبد الله ومحمد بن رافع وعبد بن حميد وألفاظهم متقاربة قالوا حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا سليمان وهو بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيسة عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا أدري ما استثنى بعض نسائه قال فحدثه الحديث قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فقال إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة فقال لا إلا من كان ظهره حاضرا فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض قال يقول عمير بن الحمام الأنصاري يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض قال نعم قال بخ بخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحملك على قولك بخ بخ قال لا والله يا رسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها قال فإنك من أهلها فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة قال فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل
ورواه أحمد 12398
[ 1902 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وقتيبة بن سعيد واللفظ ليحيى قال قتيبة حدثنا وقال يحيى أخبرنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه قال سمعت أبي وهو بحضرة العدو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف فقام رجل رث الهيئة فقال يا أبا موسى آنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا قال نعم قال فرجع إلى أصحابه فقال أقرأ عليكم السلام ثم كسر جفن سيفه فألقاه ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل
ورواه أحمد 19680 و19114 و19538
لاحظ الرجل رث الثياب فقير الذي لا يملك من سعادة الحياة ومادتها شيئًا، في تحليلات د. رفعت السعيد في كتاباته التي قرأتُ عن الإخوان وجماعات الإرهاب الصادرة عن دار أخبار اليوم أن أغلب المنخرطين في أعمال وجماعات الإرهاب فقراء من أصول ريفية بسيطة معدمة جاؤوا القاهرة والمدن فشعروا باغتراب وعدم انسجام.
وروى البخاري:
2808 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ قَالَ أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا
ناس لا يوجد أي قدر من الرفاهية أو السعادة في حياتها، حياتها كالموت فليس لديهم ما يخسرونه، فيضحون بها في سبيل وهم التعويض بحياة أخرى أفضل.
وكما قلت ليس بعد قتل بعض المشاركين في الأعمال الإرهابية لدى زعماء الإرهاب وأمرائه سوى العزاآت الوهمية، روى أحمد عن غزوة أحد:
14881 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ السُّلَمِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا جَابِرُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحْيَا أَبَاكَ، فَقَالَ لَهُ: تَمَنَّ عَلَيَّ، فَقَالَ: أُرَدُّ إِلَى الدُّنْيَا، فَأُقْتَلُ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: إِنِّي قَضَيْتُ، أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ "
إسناده حسن، عبد الله بن محمد بن عقيل يُحسن له في المتابعات والشواهد، وقد توبع كما سيأتي في التخريج. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه الحميدي (1265) ، وعبد بن حميد (1039) ، وأبو يعلى (2002) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارمي في "الرد على الجهمية" ص 89- 90، والحاكم 2/119-120 من طريق أبي حماد الحنفي، عن ابن عقيل، به. ورواية الحاكم مطولة. وأخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (سيرة ابن هشام) 3/127، ومن طريقه الطبري (8215) قال: وحدثني بعض أصحابنا، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. وأخرجه ابن ماجه (190) و (2800) ، والترمذي (3010) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (602) ، وابن خزيمة في "التوحيد" 2/890، وابن حبان (7022) ، والحاكم 3/203- 204، والبيهقي في "الدلائل" 3/298-299، والواحدي في "أسباب النزول" ص 86 من طريق طلحة بن خراش، عن جابر. وإسناده جيد.
17182 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، وَالْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ الْحَكَمُ: سِتَّ خِصَالٍ - أَنْ يُغْفَرَ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيَرَى - قَالَ الْحَكَمُ: وَيُرَى - مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ، وَيُزَوَّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُجَارَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنَ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ - قَالَ الْحَكَمُ: يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ - وَيُوضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، الْيَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعَ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ "
رجاله ثقات، غير إسماعيل بن عياش، فقد اضطرب فيه: فرواه بهذا الإسناد عند عبد الرزاق في "مصنفه" (9559) ، وسعيد بن منصور في "سننه" (2562) ، وابن ماجه (2799) ، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (204) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (629) ، وفي "مسند الشاميين" (1120) ، والبيهقي في "الشعب" (4254) . ورواه عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما سيأتي في الرواية التالية. ورواه عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن عقبة بن عامر، موقوفاً، عند الطبراني في "مسند الشاميين" (1163) . ورواه عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن نعيم ابن همّار، مرفوعاً، فيما أورده ابن أبي حاتم في "العلل" 1/328. ورواه عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلاَّم، عن أبي مُعانِق الأشعري، عن أبي مالك، مرفوعاً، عند ابن أبي عاصم في "الجهاد" (205). وقد تابع إسماعيلَ بن عياش بقيةُ بن الوليد، بهذا الإسناد، عند الترمذي (1663) ، لكنه عنعنه، وتدليسه تدليس التسوية وهو شر أنواع التدليس، ومع ذلك قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. وقد قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/328: سألت أبي عن حديث رواه إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن نعيم بن همار، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "للشهيد عند الله ست خصال؟" قال أبي: رواه بقية، عن بحير، عن خالد بن معدان، عن المقدام، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت لأبي: أيهما الصحيح؟ فقال: كان ابن المبارك يقول: إذا اختلف بقيةُ وإسماعيل، فبقيةُ أحبُّ إلي، قلتُ: فأيهما أشبهُ عندك؟ قال: بقية أحب إلينا من إسماعيل، فأما الحديث فلا يضبط أيهما الصحيح. قلنا: وقد رُوي الحديث من طريق كثير بن مرة كذلك، عن قيس الجذامي، فيما سيرد برقم (17783) . أخرجه الإمام أحمد عن زيد بن يحيى الشامي، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عنه، به. وقد قال صالح بنُ محمد البغدادي في عبدِ الرحمن بنِ ثابت: أنكروا عليه أحاديث يرويها عن أبيه، عن مكحول، مسندة. قلنا: فمثله لا يحتمل تفرده، ولم نجد له متابعاً سوى إسماعيل بن عياش الذي اضطرب فيه، وبقية الذي عنعن في إسناده.
إذا أراد الإنسان الدفاع عن وطنه أو عن قضية عادلة فهذا قتال مشروع عادل، أما القتال لأجل التعصب الديني والفتوحات والعدوان والأذى وقتل المدنيين والعزل فهذا هو الإرهاب والقتال غير المشروع.
اعتبار الغزو والاحتلال والعدوان مضرب المثل في الفضيلة وقيمة عليا
روى البخاري:
6007 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَحْسِبُهُ قَالَ يَشُكُّ الْقَعْنَبِيُّ كَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ
ورواه مسلم 2982
روى أحمد:
15826 - حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْعَامِلُ فِي الصَّدَقَةِ بِالْحَقِّ لِوَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَالْغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ "
حديث حسن، هذا الإسناد- وإن كان منقطعاً- جاء متصلاً بذكر محمود بن لبيد بين عاصم بن عمر- وهو ابن قتادة- ورافع بن خديج في الرواية الآتية 4/143، وفيها أيضاً صرح محمد بن إسحاق بالتحديث. ورجال هذا الإسناد ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق، فقد روى له مسلم متابعة وهو صدوق. وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (423) عن يعلى بن عبيد، بهذا الإسناد. وأورده الهيثمي في "المجمع" 3/84 وقال: رواه أحمد، وفيه ابن إسحاق وهو ثقة، ولكنه مدلس، وبقية رجاله رجال الصحيح. وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف عند الطبراني في "الكبير" (281) أخرجه عن المقدام بن داود، عن ذؤيب بن عمامة، عن سليمان بن سالم، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العامل إذا استُعمل، فأخَذَ الحق، وأعطى الحق، كالمجاهد في سبيل الله حتى يرجع". قال الهيثمي في "المجمع" 3/84: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه ذؤيب ابن عمامة، قال الذهبي: ضعفه الدارقطني وغيره، ولم يُهْدَر.
(17285) 17417- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : الْعَامِلُ بِالْحَقِّ عَلَى الصَّدَقَةِ ، كَالْغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ.(4/143).
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن محمود بن لبيد- وهو من صغار الصحابة- لم يخرج له سوى مسلم. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري. وأخرجه ابن أبي شيبة 3/216، وأبو داود (2936) ، والترمذي (645) ، وابن ماجه (1809) ، وابن خزيمة (2334) ، والطبراني في "الكبير" (4298) و (4299) و (4300) ، والحاكم 1/406، والبيهقي في "السنن" 7/16، والبغوي في "شرح السنة" (1565) من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه الترمذي (645) ، والطبراني في "الكبير" (4289) ، والبغوي في "شرح السنة" (1565) من طريق يزيد بن عياض، عن عاصم بن عمر بن قتادة، به.// قال الترمذي: حديثُ رافع بن خَدِيج حديثٌ حسن صحيح، ويزيد بن عياض ضعيفٌ عند أهل الحديث، وحديث محمد بن إسحاق أصح.
الأمر بحب تربية الخيول لأجل الحرب
في الزمن القديم لم يكن أكثر استعمال الخيول للزراعة ونقل الأشياء، بل للحروب، لذلك حث محمد والأحاديث والقرآن {من قوة ومن رباط الخيل} على تربيتها، الخيول نفسه كائنات مسالمة طيبة بريئة، لكن الإنسان استغلها في حروبه القديمة، للقتل والتدمير والدفاع والهجوم، نتيجة ذلك كان الكثير من هذه الكائنات المسالمين (أستخدم ضمير العاقل لاعتباري أن الكائنات المتطورة لها عقل متطور ولو أقل من البشر) يموتون في الحروب وبطرق بشعة غالبًا، ما بين عقرها أو قطع أرجلها وعرقبتها، لأجل إسقاط الفارس الراكب على أحدهم وتخسير الطرف الآخر قوة سرعة الحصان وعلوه، في الحرب العالمية الأولى قبل اختراع المركبات الحديثة مات ملايين الخيول فيما قرأت بجوار ملايين البشر، وسقطت الخلافة والامبراطورية العثمانية الاستعمارية الإسلامية التركية خلال هذه الحرب، وهي إحدى حسنات حرب بشعة لقوى استعمارية تصارعت على الشرق الأوسط وأجزاء من أوربا وتقاسمتها بموت الرجل المريض الدولة العثمانية لفترة طويلة بينها.
روى مسلم:
[ 1872 ] وحدثنا نصر بن علي الجهضمي وصالح بن حاتم بن وردان جميعا عن يزيد قال الجهضمي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا يونس بن عبيد عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير بن عبد الله قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوي ناصية فرس بإصبعه وهو يقول الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والغنيمة
ورواه البخاري 3119 وأحمد (4616) و(4816) و (5102) و (5768) و (5769) و (5783) و (5918) وفي الباب: عن أبي هريرة، سيرد 2/383. وعن أبي سعيد الخدري، سيرد 3/39. وعن جابر بن عبد الله، سيرد 3/352. وعن سلمة بن نفيل، سيرد 4/104. وعن عتبة بن عبد السلمي، سيرد 4/183. وعن جرير بن عبد الله، سيرد 4/361. وعن عروة بن أبي الجعد، سيرد 4/375 (19354). وعن أبي ذر، سيرد 5/181. وعن أسماء بنت يزيد، سيرد 6/455.
[ 1874 ] وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا يحيى بن سعيد كلاهما عن شعبة عن أبي التياح عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البركة في نواصي الخيل
وروى أحمد:
19196 - حدثنا هشيم، أخبرنا يونس، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة بن عمرو، عن جرير بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتل عرف فرس بأصبعيه وهو يقول: " الخيل معقود بنواصيها الخير، الأجر والمغنم، إلى يوم القيامة "
إسناده صحيح على شرط مسلم، عمرو بن سعيد: وهو الثقفي من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. هشيم: هو ابن بشير، ويونس: هو ابن عبيد العبدي. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/481، ومسلم (1872) (97) ، والنسائي في "المجتبى" 6/221، وفي "الكبرى" (4414) ، وأبو عوانة 5/11-13، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/274، وفي "شرح مشكل الآثار" (223) و (224) ، وابن حبان (4669) ، والطبراني في "الكبير" (2409) و(2411) و (2412) و (2413) ، والبيهقي 6/329، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/100، والبغوي في "شرح السنة" (2646) من طرق عن يونس، بهذا الإسناد. وفي الباب من حديث ابن عمر، سلف برقم (4616) ، وذكرنا هناك تتمة أحاديث الباب.
19355 - حدثنا سفيان، أخبرنا البارقي شبيب، أنه سمع عروة البارقي يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " الخيل معقود في نواصيها الخير " ورأيت في داره سبعين فرسا.
إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة، وشبيب: هو ابن غرقدة. وأخرجه الشافعي في "السنن" (638) ، والحميدي (841) ، وسعيد بن منصور (2430) ، والبخاري (3643) ، ومسلم (1873) (99) ، وأبو عوانة 5/11، والطبراني في "الكبير" 17/ (411) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (223) ، والبيهقي في "السنن" 6/329، وفي "الشعب" (4306) وفي "معرفة السنن والآثار" (13047) ، وابن عبد البر في "الاستذكار" (20439) ، وفي "الاستيعاب" (في ترجمة عروة بن عياض بن أبي الجعد) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2426) ، وابن أبي شيبة 12/482، ومسلم (1873) (99) ، وابن ماجه (2786) ، والطبراني في "الكبير" 17/ (410) من طريق أبي الأحوص، وأبو عوانة 5/11 من طريق زائدة بن قدامة، كلاهما عن شبيب، به. وعند سعيد بن منصور: "معقوص"، بدل: "معقود"، وهما بمعنى واحد. وقد سلف برقم (19354) .
وروى البخاري:
3642 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَيَّ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ قَالَ سُفْيَانُ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ قَالَ سَمِعَهُ شَبِيبٌ مِنْ عُرْوَةَ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ شَبِيبٌ إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَيَّ يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ 3643 - وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ وَقَدْ رَأَيْتُ فِي دَارِهِ سَبْعِينَ فَرَسًا قَالَ سُفْيَانُ يَشْتَرِي لَهُ شَاةً كَأَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ
2852 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ
2853 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
ومن ضمن رعاية الخيول للسرعة تضميرها وتخفيف وزنها بتدريبها على السباق والركض، مثلما تفعل مع متدرب كمال أجسام لحرق الدهون وبناء العضلات، روى مسلم:
[ 1870 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال قرأت على مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بالخيل التي قد أضمرت من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق وكان بن عمر فيمن سابق بها
كان يوجد وعي لدى البعض بما كانوا يفعلونه من شر وأذى لهذه الكائنات في حروبهم، روى أبو داوود في المراسيل:
270 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا جرير يعني ابن حازم ، عن الزبير يعني ابن الخريت ، عن نعيم بن أبي هند ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بفرس فقام إليه ، فمسح وجهه وعينيه ومنخريه بكم قميصه ، فقيل : يا رسول الله تمسح بكم قميصك ؟ قال : « إن جبريل عاتبني في الخيل »
اعتبار الجهاد شرطًا وركنًا من أركان الإسلام
سبق وعرضت ذلك من القرآن نفسه، وروى أحمد:
21952 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو يَعْنِي الرَّقِّيَّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْعَبْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ السَّدُوسِيَّ يَعْنِي ابْنَ الْخَصَاصِيَّةِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَايِعَهُ، قَالَ: فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنْ أُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَأَنْ أُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ، وَأَنْ أَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَأَنْ أَصُومَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَأَنْ أُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ . فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَّا اثْنَتَانِ، فَوَاللهِ مَا أُطِيقُهُمَا: الْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ، فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ مَنْ وَلَّى الدُّبُرَ، فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ، فَأَخَافُ إِنْ حَضَرْتُ تِلْكَ جَشِعَتْ نَفْسِي، وَكَرِهَتِ الْمَوْتَ، وَالصَّدَقَةُ فَوَاللهِ مَا لِي إِلَّا غُنَيْمَةٌ وَعَشْرُ ذَوْدٍ، هُنَّ رَسَلُ أَهْلِي وَحَمُولَتُهُمْ . قَالَ: فَقَبَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، ثُمَّ حَرَّكَ يَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: " فَلَا جِهَادَ وَلَا صَدَقَةَ، فَبِمَ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِذًا ؟ " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا أُبَايِعُكَ . قَالَ: فَبَايَعْتُهُ عَلَيْهِنَّ كُلِّهِنَّ
رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي المثنى العبدي -وهو مُؤثر بن عَفَاذة الكوفي- فلم يرو عنه غير جَبَلة بن سُحَيْم، وذكره ابن حبان والعجلي في "الثقات"، وغير صحابيه فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" وأصحاب السنن إلا الترمذي . زكريا بن عدي: هو ابن الصَّلت التيمي مولاهم أبو يحيى الكوفي . وأخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (451) من طريق زكريا بن عدي، بهذا الإسناد . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1233) ، وفي "الأوسط" (1148) ، والحاكم 2/79، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1176) ، والبيهقي 9/20، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ورقة 381-382 من طريق عبد الله بن جعفر الرقي، عن عبيد الله بن عمرو الرقي، به . وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/89، والطبراني في "الكبير" (1234) ، وأبو نعيم (1176) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 1/195، وابن عساكر 3/ورقة 382 من طريق قيس بن الربيع، عن جبلة بن سُحيم، به . ولم يسق ابن قانع لفظه .
قوله: "جشعت نفسي" قال السندي: أي: فزعت . "رِسل أهلي" الرسل بكسر راء وسكون سين: اللبن . وانظر شرح الحديث الثامن من "جامع العلوم والحكم" للإمام ابن رجب الحنبلي .
وروى البخاري:
7055 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ
ورواه أحمد 22700 و22679 و22725 و22700 و22716 و15653 ومسلم 1709
نفس منهج حركات الإرهاب: السمع والطاعة لأمير وقائد الإرهابيين.
وروى البخاري:
2963 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ مُجَاشِعٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَخِي فَقُلْتُ بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ مَضَتْ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا فَقُلْتُ عَلَامَ تُبَايِعُنَا قَالَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ
4307-4308 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ انْطَلَقْتُ بِأَبِي مَعْبَدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ قَالَ مَضَتْ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ مُجَاشِعٌ وَقَالَ خَالِدٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ مُجَاشِعٍ أَنَّهُ جَاءَ بِأَخِيهِ مُجَالِدٍ
4305-4306 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُجَاشِعٌ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَخِي بَعْدَ الْفَتْحِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ قَالَ ذَهَبَ أَهْلُ الْهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا فَقُلْتُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ قَالَ أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ فَلَقِيتُ مَعْبَدًا بَعْدُ وَكَانَ أَكْبَرَهُمَا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ مُجَاشِعٌ
ورواه أحمد 15848 و15851 ومسلم 1863
4309 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُهَاجِرَ إِلَى الشَّأْمِ قَالَ لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ فَانْطَلِقْ فَاعْرِضْ نَفْسَكَ فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا وَإِلَّا رَجَعْتَ وَقَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
1834 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا...إلخ
ورواه مسلم 1353 وأحمد 1991
وروى أحمد:
15958 - حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ: أَتُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ، وَدِينَ آبَائِكَ، وَآبَاءِ أَبِيكَ ؟ " قَالَ: " فَعَصَاهُ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: أَتُهَاجِرُ وَتَذَرُ أَرْضَكَ، وَسَمَاءَكَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ " قَالَ: " فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ " قَالَ: " ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ، فَقَالَ: هُوَ جَهْدُ النَّفْسِ، وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ، فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، وَيُقَسَّمُ الْمَالُ " قَالَ: " فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ " فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَمَاتَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّةٌ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ "
إسناده قوي، أبو عَقيل الثقفي، وثقه أحمد وأبو داود والنسائي وابن معين في رواية ابن أبي خيثمة والدارمي عنه، وذكره ابن حبان وابن شاهين وابن خلفون في "الثقات"، وقد روى له أصحاب السنن. وموسى بن المسيب روى له البخاري في "أفعال العباد"، والنسائي وابن ماجه، قال أحمد: ما أعلم إلا خيراً، وقال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه أخرج له النسائي فحسب، وحسن إسناده الحافظ في "الإصابة". وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 10/202 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 6/21، وابن حبان (4593) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4246) من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/187- 188، وابنُ أبي شيبة 5/293، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1043) و (2675) ، وفي "الجهاد" (13) ، والطبراني في "الكبير" (6558) من طريق محمد بن فضيل، عن موسى بن المسيب، به. ومحمد بن فضيل ثقة.
قال السندي: "في الطّوَل"- بكسر الطاء وفتح الواو- وهو الحَبْلُ الذي يُشَدُ طرفُه في وتد، والآخر في يد الفرس، ومقصوده أن المهاجر يصيرُ كالمقيد في بلاد الغربة، لا يدورُ إلا في بيته، ولا يخالِطه إلا بعض معارفه، فهو كالفَرَس في طِوَلٍ لا يدور ولا يرعى إلا بقدره، بخلاف أهل البلاد، فإنهم مبسوطون لا ضيق عليهم، واحدهم كالفرس المرسل. "جَهد النفس"- بفتح الجيم-: بمعنى المشقة والتعب، والمراد بالمال الجِمال والعبيد ونحوهما، أو المال مطلقاً، وإطلاق الجهد للمشاكلة، أي: تنقيصه وإضاعته.
الإرهاب في الإسلام الباكر كان شرطًا للإسلام، لا يصح إسلام بدون إما الانضمام إلى يثرب وجيشها أو المشاركة في حروب على جبهات أخرى وإعطاء محمد خمس الغنائم منها.
روى أحمد:
16597 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ ، أَنَّ جُنَادَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ حَدَّثَهُ ، أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ الْهِجْرَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ ، فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ ، قَالَ : فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ أُنَاسًا يَقُولُونَ : إِنَّ الْهِجْرَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْهِجْرَةَ لَا تَنْقَطِعُ مَا كَانَ الْجِهَادُ "
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له أحد في الكتب الستة. حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور، وليث: هو ابن سعد. وأبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليَزَني. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2630) من طريق شعيب بن الليث، عن الليث، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/251، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، قلنا. وصححه الحافظ في "الإصابة". وسيكرر 5/375 سنداً ومتناً.
ونهى محمد عن حب السلام وحرف الغريزة والحس السليم الإنساني، روى أحمد:
9762 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشِعْبٍ فِيهِ عَيْنٌ عَذْبَةٌ، قَالَ: فَأَعْجَبَهُ يَعْنِي طِيبَ الشِّعْبِ فَقَالَ: لَوْ أَقَمْتُ هَاهُنَا وَخَلَوْتُ ثُمَّ قَالَ: لَا، حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: " مُقَامُ أَحَدِكُمْ - يَعْنِي فِي سَبِيلِ اللهِ - خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ أَحَدِكُمْ فِي أَهْلِهِ سِتِّينَ سَنَةً، أَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ، وَتَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ؟ جَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ "
إسناده حسن، هشام بن سعد صدوق حسن الحديث. وأخرجه الترمذي (1650) ، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (135) ، والبزار (1652 - كشف الأستار) ، والحاكم 2/68، والبيهقي 9/160 من طرق عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (10786) ، وانظر ما سلف برقم (9142) . ويشهد له حديث أبي أمامة الباهلي، سيأتي 5/266، وإسناده ضعيف. وفي باب قوله: "مقام أحدكم..." عن عمران بن حصين عند الدارمي (2396) ، والبزار (1666) ، والحاكم 2/68، والبيهقي 9/161، وإسناده ضعيف. وفي باب قوله: "من قاتل في سبيل الله ..." عن عمرو بن عبسة، سيأتي 4/387، وإسناده ضعيف. وعن معاذ بن جبل، سيأتي 5/230، وإسناده صحيح.
(22014) 22364- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ، حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فُوَاقَ نَاقَةٍ ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْقَتْلَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ صَادِقًا ثُمَّ مَاتَ ، أَوْ قُتِلَ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ ، وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللهِ ، أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً ، فَإِنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغَرِّ مَا كَانَتْ ، لَوْنُهَا كَالزَّعْفَرَانِ وَرِيحُهَا كَالْمِسْكِ ، وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَعَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ.
قَالَ أَبِي : وقَالَ حَجَّاجٌ وَرَوْحٌ : كَأَعَزِّ ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : كَأَغَرِّ وَهَذَا الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (5/230)
إسناده صحيح، رجاله ثقات، وما ذكره المزي من كون رواية سليمان ابن موسى عن مالك مرسلة مدفوع بتصريح سليمان بسماعه له من مالك بن يخامر عند غير واحد ممن خرج الحديث، وسليمان قد توبع، وابن جريج قد صرح أيضاً بالسماع في بعض المصادر التي خرجته . ورواية حجاج -وهو ابن محمد المصيصي- التي أشار إليها المصنف ستأتي في التخريج، ورواية روح ستأتي في "المسند" (22116) .وهو في "مصنف" عبد الرزاق (9534) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني 20/ (204) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/170 . وأخرجه عبد بن حميد (119) ، وابن ماجه (2792) ، والبيهقي في "الشعب" (4250) من طريق أبي عاصم النبيل، عن ابن جريج، به . واقتصر ابن ماجه على أوله، وتحرف مالك بن يخامر عند البيهقي إلى مالك بن عامر . وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (205) ، وفي "الشاميين" (1651) من طريق شريح بن عبيد، وفي "الكبير" 20/ (207) من طريق جبير بن نفير، كلاهما عن مالك بن يخامر، به . ولم يذكر الطبراني في "الشاميين" ولا في روايته الأولى من "الكبير" أول الحديث . وأخرج رواية الحجاج بن محمد النسائي 6/25-26، والشاشي (1345) ، والبيهقي 9/170 من طرق عنه، عن ابن جريج، به . وأخرجه ابن حبان (3185) ، والبيهقي 9/170 من طريق إبراهيم بن محمد الفزاري أبو إسحاق، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن عبد الله بن مالك بن يخامر، عن مالك، عن معاذ . واقتصر ابن حبان على قصة: "من جرح جرحاً في سبيل الله"، ورواية البيهقي دون أوله . وسيأتي بالأرقام (22050) و (22110) . وفي باب قوله: "من قاتل في سبيل الله فواق ناقة"، سلف عن أبي هريرة برقم (9762) . وعن عمرو بن عبسة، سلف في "المسند" برقم (19444) . وفي باب قوله: "من سأل الله القتل من عند نفسه" عن سهل بن حنيف عند مسلم (1909) ، وانظر تخريجه عند ابن حبان برقم (3192) . وعن أنس عند مسلم برقم (1908) . وفي باب قوله: "من جرح جرحاً في سبيل الله"، سلف عن أبي هريرة برقم (7302) . وانظر شواهده هناك .
يزينون الموت للسذج والبلهاء لارتكاب الإجرام والمخاطرة بالحياة، ما أحكم وأظرف ما قاله عادل إمام في (السفارة في العمارة) لما قالوا له أنت مكانك مش هنا، انت مكانك فوق، فرد: اطلعوا انتم فوق وانا هفضل هنا.
اعتبارهم المشاركة في الحروب الإرهابية الاعتدائية مأثرة ومفخرة بدلًا من حقيقة كونها عارًا
روى البخاري:
4473 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ كَهْمَسٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً
ورواه أحمد 22953 و22954 ومسلم 1814
وروى مسلم:
[ 1814 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن الحباب ح وحدثنا سعيد بن محمد الجرمي حدثنا أبو تميلة قالا جميعا حدثنا حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن ولم يقل أبو بكر منهن وقال في حديثه حدثني عبد الله بن بريدة
[ 1814 ] وحدثني أحمد بن حنبل حدثنا معتمر بن سليمان عن كهمس عن بن بريدة عن أبيه أنه قال غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة
[ 1815 ] حدثنا محمد بن عباد حدثنا حاتم يعني بن إسماعيل عن يزيد وهو بن أبي عبيد قال سمعت سلمة يقول غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات وخرجت فيما يبعث من البعوث تسع غزوات مرة علينا أبو بكر ومرة علينا أسامة بن زيد
وروى أحمد:
22884 - حدثنا عبد الصمد، حدثنا شعبة، حدثنا تميم بن حويص قال: سمعت أبا زيد يقول: " قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة مرة " قال شعبة: وهو جد عزرة هذا
إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير تميم بن حويص، فقد روى عنه جمع، ووثقه ابن حبان والعجلي والنسائي، وقال أبو حاتم: صالح . عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث . وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/28 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد .وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (50) من طريق القاسم بن الفضل الحراني، عن معاوية بن قرة، عن أبي زيد عمرو بن أخطب: أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع غزوات! وقول شعبة في آخره: "هو جد عزرة" يريد أن أبا زيد عمرو بن أخطب جد عزرة بن ثابت .
هذا نتاج تعاليم محمد الإجرامية، لم يكونوا يتفاخرون بتحرير بشر أو إحسان لفقراء أو علاج ناس مرضى أو تحقيق تقدم علمي أو رفاه لسكانهم، بل بحروب عدوانية وقتل للبشر وفعل للعنف.
تشجيع النساء على المشاركة في الإرهاب بكل ما يستطعن
لا مانع عندي من مشاركة المرأة في الدفاع عن الوطن في قضية عادلة، يوجد في جيش مصر وغيره بعض النساء، رغم أصولية المجتمع، وإن كنت أرى جعلهن لمهام الدفاع الداخلي والتنظيم الداخلي للجيش والتنظيمات الإدارية والخدمات الطبية والكتابية وخلافه، يعني اقتداءً بإسرائيل صديقتنا العدوة في هذا المجال، بكراهة خروج النساء المجندات لحرب خارجية. لكن ما هو مرفوض بالتأكيد المشاركة في حروب عدوانية احتلالية وإرهابية كالفتوحات والتفجيرات والعمليات الإرهابية وما شاكل. روى البخاري:
1652 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ
عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فَقَدِمَتْ
امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ أَنَّ أُخْتَهَا كَانَتْ
تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَدْ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ
عَشْرَةَ غَزْوَةً وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ قَالَتْ كُنَّا
نُدَاوِي الْكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى..إلخ
بَاب حَمْلِ النِّسَاءِ الْقِرَبَ إِلَى النَّاسِ فِي الْغَزْوِ
2881 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ فَبَقِيَ مِرْطٌ جَيِّدٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِ هَذَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي عِنْدَكَ يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ فَقَالَ عُمَرُ أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمَرُ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ تَزْفِرُ تَخِيطُ
بَاب مُدَاوَاةِ النِّسَاءِ الْجَرْحَى فِي الْغَزْوِ
2882 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْقِي وَنُدَاوِي الْجَرْحَى وَنَرُدُّ الْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ
وروى مسلم:
[ 1809 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا فكان معها فرآها أبو طلحة فقال يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا الخنجر قالت اتخذت إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك قالت يا رسول الله اقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن
[ 1810 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى
[ 1811 ] حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي حدثنا عبد الله بن عمرو وهو أبو معمر المنقري حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز وهو بن صهيب عن أنس بن مالك قال لما كان يوم أحد انهزم ناس من الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مجوب عليه بحجفة قال وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع وكسر يومئذ قوسين أو ثلاثا قال فكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل فيقول انثرها لأبي طلحة قال ويشرف نبي الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم فيقول أبو طلحة يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف لا يصبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك قال ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما المشمرتان أرى خدم سوقهما تنقلان القرب على متونهما ثم تفرغانه في أفواههم ثم ترجعان فتملأنها ثم تجيئان تفرغانه في أفواه القوم ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة إما مرتين أو ثلاثا من النعاس
باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم والنهي عن قتل صبيان أهل الحرب
[ 1812 ] حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا سليمان يعنى بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى بن عباس يسأله عن خمس خلال فقال بن عباس لولا أن أكتم علما ما كتبت إليه كتب إليه نجدة أما بعد فأخبرني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء وهل كان يضرب لهن بسهم وهل كان يقتل الصبيان ومتى ينقضي يتم اليتيم وعن الخمس لمن هو فكتب إليه بن عباس كتبت تسألني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة وأما بسهم فلم يضرب لهن وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل الصبيان فلا تقتل الصبيان وكتبت تسألني متى ينقضي يتم اليتيم فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف العطاء منها فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم وكتبت تسألني عن الخمس لمن هو وإنا كنا نقول هو لنا فأبى علينا قومنا ذاك
ورواهن أحمد 2235 و20789 و20792 و20793 و20797 و20799 والبخاري 324 و980 و971
وجاء في المغازي للواقدي على سبيل المثال لا الحصر، وبعضه عند ابن إسحاق كذلك:
وَأَحْذَى رَسُولُ اللّهِ ÷ نِسَاءً شَهِدْنَ بَنِى قُرَيْظَةَ وَلَمْ يُسْهِمْ لَهُنّ - صَفِيّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، وَأُمّ عُمَارَةَ وَأُمّ سَلِيطٍ وَأُمّ الْعَلاءِ وَالسّمَيْرَاءُ بِنْتُ قَيْسٍ، وَأُمّ سَعْدِ ابْنِ مُعَاذٍ.
وفي صلح الحديبية:
وَسَلَكَ طَرِيقَ الْبَيْدَاءِ، وَخَرَجَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ سِتّ عَشْرَةَ مِائَةً وَيُقَالُ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَيُقَالُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلاً؛ خَرَجَ مَعَهُ مَنْ أَسْلَمَ مِائَةُ رَجُلٍ وَيُقَال سَبْعُونَ رَجُلاً؛ وَخَرَجَ مَعَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أُمّ سَلَمَةَ زَوْجُ النّبِىّ ÷ وَأُمّ عُمَارَةَ، وَأُمّ مَنِيعٍ، وَأُمّ عَامِرٍ الأَشْهَلِيّةُ فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ يَمُرّ بِالأَعْرَابِ فِيمَا بَيْنَ مَكّةَ وَالْمَدِينَةِ فَيَسْتَنْفِرُهُمْ فَيَتَشَاغَلُونَ لَهُ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَذَرَارِيّهِمْ - وَهُمْ بَنُو بَكْرٍ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ - فَيَقُولُونَ: فِيمَا بَيْنَهُمْ أَيُرِيدُ مُحَمّدٌ يَغْزُو بِنَا إلَى قَوْمٍ مُعِدّينَ مُؤَيّدِينَ فِى الْكُرَاعِ وَالسّلاحِ؟ وَإِنّمَا مُحَمّدٌ وَأَصْحَابُهُ أَكَلَةُ جَزُورٍ لَنْ يَرْجِعَ مُحَمّدٌ وَأَصْحَابُهُ مِنْ سَفَرِهِمْ هَذَا أَبَدًا قَوْمٌ لا سِلاحَ مَعَهُمْ وَلا عُدَدٌ وَإِنّمَا يَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ حَدِيثٍ عَهْدُهُمْ بِمَنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ بِبَدْرٍ.
وفي خيبر:
وَحَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ، عَنْ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أُمّ عُمَارَةَ قَالَتْ: ذَبَحْنَا بِخَيْبَرَ لِبَنِى مَازِنِ بْنِ النّجّارِ فَرَسَيْنِ فَكُنّا نَأْكُلُ مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَحَ حِصْنَ الصّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ.
حَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أُمّ عُمَارَةَ، قَالَتْ: لَقَدْ وَجَدْنَا فِى حِصْنِ الصّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ مِنْ الطّعَامِ مَا كُنْت أَظُنّ أَنّهُ لا يَكُونُ بِخَيْبَرَ، جَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَأْكُلُونَ مَقَامَهُمْ شَهْرًا وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْحِصْنِ فَيَعْلِفُونَ دَوَابّهُمْ مَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ خُمُسٌ وَأُخْرِجُ مِنْ الّبُزُوزِ شَيْءٌ كَثِيرٌ يُبَاعُ فِى الْمَقْسَمِ؟ وَوُجِدَ فِيهِ خَرْزٌ مِنْ خَرْزِ الْيَهُودِ. فَقِيلَ لَهَا: فَمَنْ الّذِى يَشْتَرِى ذَلِكَ فِى الْمَقْسَمِ؟ قَالَتْ الْمُسْلِمُونَ وَالْيَهُودُ الّذِينَ كَانُوا فِى الْكَتِيبَةِ فَآمَنُوا، وَمَنْ حَضَرَ مِنْ الأَعْرَابِ، فَكُلّ هَؤُلاءِ يَشْتَرِى، فَأَمّا مَنْ يَشْتَرِى مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنّمَا يُحَاسَبُ بِهِ مِمّا يُصِيبُهُ مِنْ الْمَغْنَمِ.
وَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْ الْمَدِينَةِ عِشْرُونَ امْرَأَةً أُمّ سَلَمَةَ زَوْجَتُهُ وَصَفِيّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، وَأُمّ أَيْمَنَ وَسَلْمَى امْرَأَةُ أَبِى رَافِعٍ مُوَلاّةُ النّبِىّ ÷ وَامْرَأَةُ عَاصِمِ بْنِ عَدِىّ وَلَدَتْ سَهْلَةَ بِنْتَ عَاصِمٍ بِخَيْبَرَ، وَأُمّ عُمَارَةَ نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ وَأُمّ مَنِيعٍ وَهِىَ أُمّ شُبَاثٍ، وَكُعَيْبَة بِنْتُ سَعْدٍ الأَسْلَمِيّة، وَأُمّ مَتَاعٍ الأَسْلَمِيّة، وَأُمّ سُلَيْمٍ بِنْتُ مِلْحَانَ، وَأُمّ الضّحّاكِ بِنْتُ مَسْعُودٍ الْحَارِثِيّةُ، وَهِنْدُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ، وَأُمّ الْعِلاءِ الأَنْصَارِيّةُ وَأُمّ عَامِرٍ الأَشْهَلِيّة، وَأُمّ عَطِيّةَ الأَنْصَارِيّةُ، وَأُمّ سَلِيطٍ.
وَحَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ أُمّ عَلِىّ بِنْتِ الْحَكَمِ، عَنْ أُمَيّةَ بِنْتِ قَيْسِ بْنِ أَبِى الصّلْتِ الْغِفَارِيّةِ، قَالَتْ: جِئْت رَسُولَ اللّهِ ÷ فِى نِسْوَةٍ مِنْ بَنِى غِفَارٍ، فَقُلْنَا: إنّا نُرِيدُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَنْ نَخْرُجَ مَعَك فِى وَجْهِك هَذَا فَنُدَاوِى الْجَرْحَى وَنُعِينُ الْمُسْلِمِينَ بِمَا اسْتَطَعْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ”، قَالَتْ: فَخَرَجْنَا مَعَهُ وَكُنْت جَارِيَةً حَدِيثَةَ السّنّ، فَأَرْدَفَنِى رَسُولُ اللّهِ ÷ عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ فَنَزَلَ الصّبْحَ فَأَنَاخَ وَإِذَا أَنَا بِالْحَقِيبَةِ عَلَيْهَا دَمٌ مِنّى، وَكَانَتْ أَوّلَ حَيْضَةٍ حِضْتُهَا، فَتَقَبّضَتْ إلَى النّاقَةِ وَاسْتَحْيَيْت....إلخ
حَدّثَنِى عَبْدُ السّلامِ بْنُ مُوسَى بْنِ جُبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُنَيْس، قَالَ: خَرَجْت مَعَ النّبِىّ ÷ إلَى خَيْبَرَ وَمَعِى زَوْجَتِى حُبْلَى، فَنُفِسَتْ بِالطّرِيقِ فَأَخْبَرَتْ رَسُولُ اللّهِ ÷، فَقَالَ: “انْقَعْ لَهَا تَمْرًا فَإِذَا أَنْعَمَ بَلّهُ فَامْرُثْهُ ثُمّ تَشْرَبُهُ”، فَفَعَلَتْ فَمَا رَأَتْ شَيْئًا تَكْرَهُهُ، فَلَمّا فَتَحْنَا خَيْبَرَ أَحْذَى النّسَاءَ، وَلَمْ يُسْهِمْ لَهُنّ فَأَحْذَى زَوْجَتِى وَوَلَدِى الّذِى وُلِدَ، قَالَ عَبْدُ السّلامِ: لَسْت أَدْرِى غُلامٌ أَمْ جَارِيَةٌ.
وَحَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أُمّ الْعَلاءِ الأَنْصَارِيّةِ، قَالَتْ: فَأَصَابَنِى ثَلاثُ خَرَزَاتٍ وَكَذَلِك أَصَابَ صَوَاحِبِى، وَأُتِىَ يَوْمئِذٍ بِرِعَاثٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: هَذَا لِبَنَاتِ أَخِى سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ فَقَدِمَ بِهَا عَلَيْهِنّ فَرَأَيْت ذَلِكَ الرّعَاثَ عَلَيْهِنّ وَذَلِكَ مِنْ خُمُسِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ.
حَدّثَنِى عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِى يَحْيَى، عَنْ ثُبَيْتَةَ بِنْتِ حَنْظَلَةَ الأَسْلَمِيّة، عَنْ أُمّهَا أُمّ سِنَانٍ قَالَتْ لَمّا أَرَادَ رَسُولُ اللّهِ ÷ الْخُرُوجَ جِئْته فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ أَخْرُجُ مَعَك فِى وَجْهِك هَذَا، أَخْرِزُ السّقَاءَ وَأُدَاوِى الْمَرْضَى وَالْجَرِيحَ إنْ كَانَتْ جِرَاحٌ - وَلا يَكُونُ - وَأَنْظُرُ الرّحْلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “اُخْرُجِى عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ، فَإِنّ لَك صَوَاحِبُ قَدْ كَلّمْنَنِى، وَأَذِنَتْ لَهُنّ مِنْ قَوْمِك، وَمِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ شِئْت فَمَعَ قَوْمِك، وَإِنْ شِئْت فَمَعَنَا”. قُلْت: مَعَك قَالَ: فَكُونِى مَعَ أُمّ سَلَمَةَ زَوْجَتِى، قَالَتْ: فَكُنْت مَعَهَا، فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ يَغْدُو مِنْ الرّجِيعِ كُلّ يَوْمٍ عَلَيْهِ الدّرْعُ، فَإِذَا أَمْسَى رَجَعَ إلَيْنَا، فَمَكَثَ عَلَى ذَلِكَ سَبْعَةِ أَيّامٍ حَتّى فَتَحَ اللّهُ النّطَاةَ، فَلَمّا فَتَحَهَا تَحَوّلَ إلَى الشّقّ، وَحَوْلَنَا إلَى الْمَنْزِلَةِ فَلَمّا فَتَحَ خَيْبَرَ رَضَخَ لَنَا مِنْ الْفَيْءِ فَأَعْطَانِى خَرْزًا وَأَوْضَاحًا مِنْ فِضّةٍ أُصِيبَتْ فِى الْمَغْنَمِ وَأَعْطَانِى قَطِيفَةً فَدَكِيّةً وَبُرْدًا يَمَانِيًا، وَخَمَائِلَ وَقِدْرًا مِنْ صُفْرٍ.
وَكَانَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَدْ جَرَحُوا فَكُنْت أُدَاوِيهِمْ بِدَوَاءٍ كَانَ عِنْدَ أَهْلِى فَيَبْرَءُونَ فَرَجَعْت مَعَ أُمّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ لِى: حِينَ أَرَدْنَا نَدْخُلُ الْمَدِينَةَ، وَكُنْت عَلَى بَعِيرٍ مِنْ إبِلِ النّبِىّ ÷ مَنَحَهُ لِى، فَقَالَتْ: بَعِيرُك الّذِى تَحْتَك لَك رَقَبَتُهُ أَعْطَاكِيهِ رَسُولُ اللّهِ، قَالَتْ: فَحَمِدْت اللّهَ وَقَدِمْت بِالْبَعِيرِ فَبِعْته بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ. قَالَتْ فَجَعَلَ اللّهُ فِى وَجْهِى ذَلِكَ خَيْرًا.
قَالُوا: فَأَسْهَمَ لِلنّسَاءِ وَأَسْهَمَ لِسَهْلَةَ بِنْتِ عَاصِمٍ وَلَدَتْ بِخَيْبَرَ وَوُلِدَ لِعَبْدِ اللّهِ ابْنِ أُنَيْس بِخَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لِلنّسَاءِ وَالصّبْيَانِ. وَيُقَالُ: رَضَخَ لِلنّسَاءِ وَالصّبْيَانِ وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ كَأَهْلِ الْجِهَادِ.
وَحَدّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: رَأَيْت فِى رَقَبَةِ أُمّ عُمَارَةَ خَرْزًا حُمْرًا فَسَأَلْتهَا عَنْ الْخَرْزِ، فَقَالَتْ: أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ خَرْزًا فِى حِصْنِ الصّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ دُفِنَ فِى الأَرْضِ فَأُتِىَ بِهِ إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ فَأَمَرَ بِهِ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ النّسَاءِ فَأُحْصِينَ فَكُنّا عِشْرِينَ امْرَأَةً فَقَسَمَ ذَلِكَ الْخَرْزَ بَيْنَنَا هَذَا وَأَرْضَخَ لَنَا مِنْ الْفَيْءِ قَطِيفَةً وَبُرْدًا يَمَانِيًا وَدِينَارَيْنِ وَكَذَلِك أَعْطَى صَوَاحِبِى. قُلْت: فَكَمْ كَانَتْ سُهْمَانُ الرّجَالِ؟ قَالَتْ: ابْتَاعَ زَوْجِى غَزِيّةُ بْنُ عَمْرٍو مَتَاعًا بِأَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا وَنِصْفٍ فَلَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ فَظَنَنّا أَنّ هَذِهِ سُهْمَانُ الْفُرْسَانِ - وَكَانَ فَارِسًا - وَبَاعَ ثَلاثَةَ أَسْهُمٍ فِى الشّق زَمَنَ عُثْمَانَ بِثَلاثِينَ دِينَارًا.
وفي غزوة حنين وأوطاس:
قَالَ: حَدّثَنِى سُلَيْمَان بْنُ بِلالٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيّةَ قَالَ قَالَتْ أُمّ عُمَارَةَ لَمّا كَانَ يَوْمَئِذٍ وَالنّاسُ مُنْهَزِمُونَ فِى كُلّ وَجْهٍ وَأَنَا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِى يَدِى سَيْفٌ لِى صَارِمٌ وَأُمّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خَنْجَرٌ قَدْ حَزَمَتْهُ عَلَى وَسَطِهَا - وَهِىَ يَوْمَئِذٍ حَامِلٌ بِعَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ - وَأُمّ سَلِيطٍ وَأُمّ الْحَارِثِ. قَالُوا: فَجَعَلَتْ تُسِلّهُ وَتَصِيحُ بِالأَنْصَارِ أَيّةُ عَادَةٍ هَذِهِ مَا لَكُمْ وَلِلْفِرَارِ، قَالَتْ: وَأَنْظُرُ إلَى رَجُلٍ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ مَعَهُ لِوَاءٌ يُوضِعُ جَمَلَهُ فِى أَثَرِ الْمُسْلِمِينَ فَأَعْتَرِضُ لَهُ فَأَضْرِبُ عُرْقُوبَ الْجَمَلِ. وَكَانَ جَمَلاً مُشْرِفًا، فَوَقَعَ عَلَى عَجُزِهِ وَأَشُدّ عَلَيْهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَضْرِبُهُ حَتّى أَثْبَتّه، وَأَخَذْت سَيْفًا لَهُ وَتَرَكْت الْجَمَلَ يُخَرْخِرُ يَتَصَفّقُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ وَرَسُولُ اللّهِ ÷ قَائِمٌ مُصْلِتٌ السّيْفَ بِيَدِهِ قَدْ طَرَحَ غِمْدَهُ يُنَادِى: “يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ”، قَالَ: وَكَرّ الْمُسْلِمُونَ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا بَنِى عَبْدِ الرّحْمَنِ، يَا بَنِى عُبَيْدِ اللّهِ، يَا خَيْلَ اللّهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ قَدْ سَمّى خَيْلَهُ خَيْلَ اللّهِ، وَجَعَلَ شِعَارَ الْمُهَاجِرِينَ بَنِى عَبْدِ الرّحْمَنِ، وَجَعَلَ شِعَارَ الأَوْسِ بَنِى عُبَيْدِ اللّهِ، فَكَرّتْ الأَنْصَارُ، وَوَقَفَتْ هَوَازِنُ حَلْبَ نَاقَةٍ فَتُوحٍ ثُمّ كَانَتْ إيّاهَا، فَوَاَللّهِ مَا رَأَيْت هَزِيمَةً كَانَتْ مِثْلَهَا، ذَهَبُوا فِى كُلّ وَجْهٍ فَرَجَعَ ابْنَاىَ إلَىّ - حَبِيبٌ وَعَبْدُ اللّهِ ابْنَا زَيْدٍ - بِأُسَارَى مُكَتّفِينَ فَأَقُومُ إلَيْهِمْ مِنْ الْغَيْظِ. فَأَضْرِبُ عُنُقَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَجَعَلَ النّاسُ يَأْتُونَ بِالأُسَارَى، فَرَأَيْت فِى بَنِى مَازِنِ بْنِ النّجّارِ ثَلاثِينَ أَسِيرًا. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ بَلَغَ أَقْصَى هَزِيمَتِهِمْ مَكّةَ، ثُمّ كَرّوا بَعْدُ وَتَرَاجَعُوا، فَأَسْهَمَ لَهُمْ النّبِىّ ÷ جَمِيعًا. فَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَقُولُ: إنّ أُمّ سُلَيْمٍ، أُمّى ابْنَةَ مِلْحَانَ جَعَلَتْ تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْت هَؤُلاءِ الّذِينَ أَسْلَمُوك وَفَرّوا عَنْك وَخَذَلُوك لا تَعْفُ عَنْهُمْ إذَا أَمْكَنَك اللّهُ مِنْهُمْ - فَاقْتُلْهُمْ كَمَا تَقْتُلُ هَؤُلاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: “يَا أُمّ سُلَيْمٍ، قَدْ كَفَى اللّهُ عَافِيَةُ اللّهِ أَوْسَعُ”، وَمَعَهَا يَوْمَئِذٍ جَمَلُ أَبِى طَلْحَةَ قَدْ خَشِيَتْ أَنْ يَغْلِبَهَا، فَأَدْنَتْ رَأْسَهُ مِنْهَا فَأَدْخَلَتْ يَدَهَا فِى خِزَامَتِهِ مَعَ الْخِطَامِ وَهِىَ شَادّةٌ وَسَطَهَا بِبُرْدٍ لَهَا، وَمَعَهَا خَنْجَرٌ فِى يَدِهَا، فَقَالَ لَهَا أَبُو طَلْحَةَ: مَا هَذَا مَعَك يَا أُمّ سُلَيْمٍ؟ قَالَتْ: خَنْجَرٌ أَخَذْته مَعِى، إنْ دَنَا مِنّى أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَعَجْته بِهِ، قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: مَا تَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا تَقُولُ أُمّ سُلَيْمٍ؟.
وَكَانَتْ أُمّ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيّةُ أَخَذَتْ بِخِطَامِ جَمَلِ أَبِى الْحَارِثِ زَوْجِهَا، وَكَانَ جَمَلُهُ يُسَمّى الْمِجْسَارَ، فَقَالَتْ: يَا حَارِ تَتْرُكُ رَسُولَ اللّهِ ÷ فَأَخَذَتْ بِخِطَامِ الْجَمَلِ. وَالْجَمَلُ يُرِيدُ أَنْ يَلْحَقَ بِأُلاّفِهِ وَالنّاسُ يُوَلّونَ مُنْهَزِمِينَ. وَهِىَ لا تُفَارِقُهُ. فَقَالَتْ أُمّ الْحَارِثِ: فَمَرّ بِى عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ. فَقَالَتْ أُمّ الْحَارِثِ: يَا عُمَرُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: أَمْرُ اللّهِ، وَجَعَلَتْ أُمّ الْحَارِثِ تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَنْ جَاوَزَ بَعِيرِى فَأَقْتُلُهُ وَاَللّهِ إنْ رَأَيْت كَالْيَوْمِ مَا صَنَعَ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ بِنَا تَعْنِى بَنِى سُلَيْمٍ وَأَهْلَ مَكّةَ الّذِينَ انْهَزَمُوا بِالنّاسِ.
وفي بدر قبلهن كلهن (حرب دفاعية نتجت عن تكرر هجوم محمد على القوافل ومحاولته الهجوم على قافلة قرشية كبيرة قبلها):
وَلَمّا أَبْصَرَ النّبِىّ ÷ سَيْفَ عَلِىّ عَلَيْهِ السّلامُ مُخْتَضِبًا، قَالَ: إنْ كُنْت أَحْسَنْت الْقِتَالَ، فَقَدْ أَحْسَنَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصّمّةِ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَسَيْفُ أَبِى دُجَانَةَ غَيْرُ مَذْمُومٍ، فَلَمْ يُطِقْ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ، فَخَرَجَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَة َ يَطْلُبُ مَعَ النّسَاءِ مَاءً، وَكُنّ قَدْ جِئْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ امْرَأَةً مِنْهُنّ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللّهِ ÷ يَحْمِلْنَ الطّعَامَ وَالشّرَابَ عَلَى ظُهُورِهِنّ وَيَسْقِينَ الْجَرْحَى وَيُدَاوِينَهُمْ.
قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: رَأَيْت أُمّ سُلَيْمٍ بِنْتَ مِلْحَانَ وَعَائِشَةَ عَلَى ظُهُورِهِمَا الْقِرَبُ يَحْمِلانِهَا يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانَتْ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تَسْقِى الْعَطْشَى وَتُدَاوِى الْجَرْحَى، وَكَانَتْ أُمّ أَيْمَنَ تَسْقِى الْجَرْحَى، فَلَمّا لَمْ يَجِدْ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عِنْدَهُمْ مَاءً - وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ قَدْ عَطِشَ يَوْمَئِذٍ عَطَشًا شَدِيدًا - ذَهَبَ مُحَمّدٌ إلَى قَنَاةٍ وَأَخَذَ سِقَاءَهُ حَتّى اسْتَقَى مِنْ حِسْىٍ - قَنَاةٍ عِنْدَ قُصُورِ التّيْمِيّينَ الْيَوْمَ - فَأَتَى بِمَاءٍ عَذْبٍ فَشَرِبَ رَسُولُ اللّهِ ÷ وَدَعَا لِمُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ بِخَيْرٍ.
وأخبار كهذه كثيرة عن مشاركة النساء المسلمات في حروب محمد، كما نرى في السيرة لابن إسحاق والمغازي للواقدي وكتب الحديث، خاصة القويات كبيرات السن كأم عمارة وغيرها، أذكر قرأت أنها كان لديها أثر جرح كأنه تجويف كبير. ومشاركة هند بنت عتبة ونساء قريش في بعض حروب الشام واحتلالها بضرب الرجال المدافعين بأعمدة خشبية. اليوم داعش تقوم بتجنيد النساء لحروبها وأعمالها الإرهابية، وهي خسة لم تقدم عليها الكثير من الحركات الإرهابية الأقدم منها، فهم يقتدون بسنة محمد الإجرامية تمامًا. تخيل أن القاعدة نفسها تعتبرهم منشقين وضالين! إلى أين تتجه هذه المنطقة العربية في مصائبها؟!
الغدر بالمسالمين ومبادأتهم بالعدوان لمجرد اختلاف العقيدة
روى أحمد:
4857 - حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ: هَلْ كَانَتِ الدَّعْوَةُ قَبْلَ الْقِتَالِ ؟ قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّ ذَاكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ " وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى سَبْيَهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ " وَحَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ
إسناده صحيح على شرط الشيخين. معاذ: هو ابن معاذ بن نصر العنبري، وابن عون: هو عبد الله البصري، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 12/365 و14/427، والبخاري (2541) ، ومسلم (1730) ، والبيهقي في "السنن" 9/79 و107، وفي "المعرفة" (18012) من طرق، عن ابن عون، به. وسيأتي برقم (4873) و (5124) .
وفي اشتراط الدعاء قبل القتال خلاف، فذهب طائفة منهم عمر بن عبد العزيز إلى اشتراط الدعاء إلى الإسلام قبل القتال، وذهب الأكثر إلى أن ذلك كان في بدء الأمر، قبل انتشار دعوة الإسلام، فإن وُجد من لم تبلغه الدعوة، لم يُقاتل حتى يُدعى، نصَّ عليه الشافعي، وقال مالك: من قربت داره قوتل بغير دعوة، لاشتهار الإسلام، ومن بعدت داره فالدعوة أقطع للشك. قاله الحافظ في "الفتح" 6/108.
وقال السندي: قوله: هل كانت الدعوة؟ أي: إلى الإسلام. قبل القتال، أي: واجبة قبل القتال، بحيث إنه لا يجوز لهم أن يقاتلوا قبلها. إن ذاك، أي: وجوب الدعوة كان في أول الإسلام، ثم نُسخ حين اشتهر أمرُ الإسلام. غارُّون: بتشديد الراء، أي: غافلون.
4873 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ: مَا أَقْعَدَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْغَزْوِ، وَعَنِ الْقَوْمِ إِذَا غَزَوْا، بِمَا يَدْعُونَ الْعَدُوَّ قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ ؟ وَهَلْ يَحْمِلُ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِي الْكَتِيبَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ إِمَامِهِ ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ كَانَ يَغْزُو وَلَدُهُ، وَيَحْمِلُ عَلَى الظَّهْرِ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ أَفْضَلَ الْعَمَلِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى، وَمَا أَقْعَدَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْغَزْوِ إِلَّا وَصَايَا لِعُمَرَ، وَصِبْيَانٌ صِغَارٌ وَضَيْعَةٌ كَثِيرَةٌ، " وَقَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ يَسْقُونَ عَلَى نَعَمِهِمْ ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى سَبَايَاهُمْ ، وَأَصَابَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ " قَالَ: فَحَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ ابْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ، وَإِنَّمَا كَانُوا يُدْعَوْنَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ فَلَا يَحْمِلُ عَلَى الْكَتِيبَةِ إِلَّا بِإِذْنِ إِمَامِهِ
إسناده صحيح على شرط الشيخين. يزيد: هو ابن هارون، وابن عون: هو عبد الله البصري، ونافع: هو مولى ابن عمر . وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (8585) من طريق يزيد بن زريع، عن ابن عون، به. وقد سلف برقم (4857) .
قال السندي: قوله: وهل يحمل الرجل: أي: يقاتل العدو. في الكتيبة: أي في العسكر. يغزو ولده: الظاهر رفع الولد على الفاعلية. ويحمل: أي: يحملهم، أي: الولد على الظهر.
الإسلام ديانة إرهابية في جوهرها وطبيعتها.
قتل البشر بمباركة السماء والله والملائكة بزعمهم
روى البخاري:
3214 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِي سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ زَادَ مُوسَى مَوْكِبَ جِبْرِيلَ
4122 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ وَهُوَ حِبَّانُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ بَنِي مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ رَمَاهُ فِي الْأَكْحَلِ فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنْ الْغُبَارِ فَقَالَ قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ اخْرُجْ إِلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَيْنَ فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ فَرَدَّ الْحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ قَالَ فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ قَالَ هِشَامٌ فَأَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَعْدًا قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجُوهُ اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي لَهُ حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ فَافْجُرْهَا وَاجْعَلْ مَوْتَتِي فِيهَا فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا فَمَاتَ مِنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
روى مسلم:
[ 1763 ] حدثنا هناد بن السري حدثنا بن المبارك عن عكرمة بن عمار حدثني سماك الحنفي قال سمعت بن عباس يقول حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر ح وحدثنا زهير بن حرب واللفظ له حدثنا عمر بن يونس الحنفي حدثنا عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل هو سماك الحنفي حدثني عبد الله بن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آت ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال يا نبي الله كذاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين } فأمده الله بالملائكة قال أبو زميل فحدثني بن عباس قال بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين قال أبو زميل قال بن عباس فلما أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر ما ترون في هؤلاء الأسارى فقال أبو بكر يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترى يا بن الخطاب قلت لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه وتمكني من فلان نسيبا لعمر فأضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان قلت يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله عز وجل { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } إلى قوله { فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا } الأنفال فأحل الله الغنيمة لهم
اعتبار الجهاد أفضل الفضائل
روى البخاري:
2892 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا
ورواه مسلم 1913
969 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ قَالُوا وَلَا الْجِهَادُ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ
6494 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَالنُّعْمَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ورواه مسلم 1888 وأحمد 11838
وذكر أحمد بن حنبل عن عثمان أنه قال هكذا:
470 - حَدَّثَنَا هَاشِمٌ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، حَدَّثَنِي زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنِّي كَتَمْتُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَرَاهِيَةَ تَفَرُّقِكُمْ عَنِّي ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ لِيَخْتَارَ امْرُؤٌ لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ ".
إسناده حسن ، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي صالح مولى عثمان ، وحديثه من قبيل الحسن ، وقد تقدم الكلام عليه عند الحديث رقم (442) . هاشم : هو ابن القاسم الليثي البغدادي ، وليث : هو ابن سعد . وأخرجه ابن أبي شيبة 5 / 327 ، وعبد بن حميد (51) ، والدارمي (2424) ، والترمذي (1667) ، وابن أبي عاصم في " الجهاد " (300) ، والبزار (406) ، والنسائي 6 / 39 - 40 ، والحاكم 2 / 143 ، والبيهقي 9 / 39 من طرق عن الليث ، بهذا الإسناد .
في الحقيقة ما كان يريده عثمان بالضبط هو شغل الناس بالحروب وأن يتلَّهُوا عنه بذلك، فلا يثوروا على فساده، وهي النصيحة التي نصح بها المقربون منه كما عرضت في آخر الجزء الأول حروب محمد الإجرامية. لكن كان الأوان قد فات.
روى أحمد:
1987 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حَبِيبِ بْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ خَطَبَ النَّاسَ بِتَبُوكَ: " مَا فِي النَّاسِ مِثْلُ رَجُلٍ آخِذٍ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَجْتَنِبُ شُرُورَ النَّاسِ، وَمِثْلُ آخَرَ بَادٍ فِي نِعْمَةٍ يَقْرِي ضَيْفَهُ وَيُعْطِي حَقَّهُ "
إسناده صحيح، حبيب بن شهاب وثقه ابن معين والنسائي، وقال أحمد: ليس به بأس، وأبوه شهاب العنبري وثقه أبو زرعة، وذكرهما ابن حبان في "الثقات". يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/386 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (154) ، والطبراني (12924) من طريق يحيى بن سعيد، به. وسيأتي برقم (2837) ، وانظر (2116) .
بادٍ: مقيم في البادية. والنًعَم: واحد الأنعام، وهي المال الراعية: الإبل والبقر والضَّأن والمعز، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل. ويَقري: يضيف. ويعطي حقَّه: يؤتي الزكاة.
2116 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَقَالَ: " أَلا أُحَدِّثُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلَةً ؟ " فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ، أَفَأُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَلِيهِ ؟ " قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " امْرُؤٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ، يُقِيمُ الصَّلاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْتَزِلُ شُرُورَ النَّاسِ، أَفَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ مَنْزِلَةً ؟ " قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " الَّذِي يُسْأَلُ بِاللهِ وَلا يُعْطِي بِهِ "
إسناده صحيح، سعيد بن خالد: هو ابن عبد الله بن قارظ الكناني المدني روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه وهو ثقة، وشيخه فيه إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب ثقة حديثُه عند النسائي، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (3539) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (169) ، وابن أبي شيبة 5/294، والدارمي (2395) ، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (153) ، والنسائي 5/83-84، وابن حبان (604) ، والطبراني (10767) من طرق عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2661) ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (3539) عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن خالد، عن عطاء، به. وأخرجه الترمذي (1652) من طريق ابن لهيعة، وابن أبي عاصم (152) من طريق أسامة بن زيد، وابن حبان (605) من طريق ابن وهب، ثلاثتهم عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عطاء بن يسار، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، ويروى هذا الحديث من غير وجه عن ابن عباس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأخرجه سعيد بن منصور (2434) ، والطبراني (10768) من طريق ابن وهب، عن بكير، عن أبيه، عن عطاء، به. وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/445 عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري، عن عطاء مرسلاً. وسيأتي برقم (2927) و (2928) و (2958) .
هذه هي صفة المواطن النموذجي للخليفة المسلم المستبد، إما يتلهى عنه بالحروب لأجل مجد الامبراطورية وتوسعتها، أو لو كان لا يحب الدماء فيعتزل كأبي ذر المنفي في الصحراء بعيدًا ولا يزعجه ويعظه ضد ظلمه. وينبغي أن ندرك أن أحاديث الاعتزال هذه ملفقة كلها فلم تحدث فتن في عصر محمد وتناحر داخلي يجعله يوصي بذلك، وهو لم يكن يعلم المستقبل الحافل بحروب المسلمين مع بعضهم.
الحض على تمويل الإرهاب: من جهز غازيًا
روى البخاري:
2843 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ
حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا
ورواه مسلم 1895 وأحمد 17039 و17045 و17056
وروى أحمد:
126 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ ، أَخْبَرَنَا لَيْثٌ ، وَيُونُسُ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ سُرَاقَةَ - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ أَظَلَّ رَأْسَ غَازٍ ، أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ جَهَّزَ غَازِيًا حَتَّى يَسْتَقِلَّ ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ حَتَّى يَمُوتَ - قَالَ : يُونُسُ : أَوْ يَرْجِعَ - وَمَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ اللهِ تَعَالَى ، بَنَى اللهُ لَهُ بِهِ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ "
حديث صحيح ، عثمان بن عبد الله بن سُراقة - وهو ابن بنت عمر - مختلف في إدراكه جدِّه عمر ، وهو في قول المزي لم يُدركه ، فهو على هذا مرسل ، وفي قول ابنِ حجر أدركه وسمع منه ، وأيد ذلك بأنه قد وقع التصريح بسماعه منه عند أبي جعفر بن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " فهو على هذا متصل ، وهو ثقة من رجال البخاري ، وباقي رجال السند ثقات رجال الشيخين غير الوليد بن أبي الوليد ، فمن رجال مسلم ، وهو ثقة ، ووهم ابن حجر في " التقريب " إذ ليَّنه ، فقد وثقه ابن حبان وأبو زرعة والذهبي في " الكاشف " . أبو سلمة الخزاعي : هو منصور بن سلمة البغدادي ، ويونس : هو ابن محمد بن مسلم المؤدب ، وليث : هو ابن سعد . وأخرجه ابن أبي شيبة 1 / 310 و5 / 351 ، وابن ماجه (735) و (2758) ، والبزار (304) ، وابن حبان (1608) من طريق يونس بن محمد المؤدب ، بهذا الإسناد . وأخرجه أبو يعلى (253) ، وعنه ابن حبان (4628) عن عبد الله بن يزيد المقرئ ، والحاكم 2 / 89 من طريق يحيى بن بكير ، كلاهما عن الليث بن سعد ، به . وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي ، إلا أنهما وهما فجعلا عثمان بن عبد الله بن سراقة ابنَ بنت عثمان بن عفان ! وأخرجه ابن ماجه (735) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن يزيد بن الهاد ، به . وأخرجه عبد بن حميد (34) من طريق الدراوردي ، عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن عثمان بن سراقة ، به . وانظر (376) . وفي الباب عن غير واحد من الصحابة ، انظر تخريجها في " صحيح ابن حبان " عند موضع هذا الحديث .
تجهيز الغازي : تحميله وإعداد ما يحتاج إليه في الغزو. وقوله : " حتى يستقلَّ " ، أي : حتى يذهب ويحتمل ويرحل
6624 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي حَيْوَةُ يَعْنِي ابْنَ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ شُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِلْغَازِي أَجْرُهُ، وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ وَأَجْرُ الْغَازِي "
إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق بن عيسى -وهو ابن نجيح البغدادي، أبو يعقوب بن الطباع- فمن رجال مسلم، وابن شفي -وهو حسين بن شفي بن ماتع-، تابعي مصري ثقة، فقد روى له أبو داود، وأبوه شفي ثقة، روى له أبو داود، والترمذي، والنسائي، والبخاري في "خلق أفعال العباد"، وابن ماجه في "التفسير". ليث: هو ابن سعد. وأخرجه أبو داود (2526) من طريق حجاج بن محمد وعبد الله بن وهب، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3264) ، والبغوي في "شرح السنة" (2671) ، والبيهقي في"شعب الإيمان" (4275) ، و"السنن"9/28 من طريق محمد بن رمح، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي (3263) عن عبد الملك بن مروان، عن حجاج بن محمد، عن الليث، قال: حدثني حيوة بن شريح، عن شفي، عن عبد الله... الحديث. قال الطحاوي: هكذا حدثنا عبد الملك، ولم يُدخل بين حيوة وبين شفي فيه أحدا.
والجاعل: اسم فاعل من جعل، والاسم: الجُعْل، بضم الجيم، والمصدر: الجعْل. قال في "النهاية": يقال: جعلتُ كذا جعْلا وجُعْلا، وهو الأجر على الشيء. وقوله: "للجاعل أجره وأجر الغازي"، قال الخطابي في "معالم سنن أبي داود" 2/244: في هذا ترغيب للجاعل ورخصة للمجعول له. والمراد الترغيب في تجهيز الغزاة وإعانتهم بالمال، وهذا محمول على من كان له عذر يقعُدُ به عن الغزو، وهو من باب قوله عليه الصلاة والسلام: "من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا".
وقد نقل البغوي عن مجاهد قوله: قلتُ لابن عُمر: أريد الغزو، قال: إني أحبُّ أن أعينك بطائفة من مالي، قلت: وسع الله على، قال: إن غناك لك، وإني أحب أن يكون من مالي في هذا الوجه.
20630 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ كَثِيرٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي ثَوْبِهِ، حِينَ جَهَّزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ ، قَالَ: فَصَبَّهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُقَلِّبُهَا بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: " مَا ضَرَّ ابْنُ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ " يُرَدِّدُهَا مِرَارًا
إسناده حسن من أجل كثير- وهو ابن أبي كثير- مولى عبد الرحمن بن سمرة. ضَمْرَة: هو ابن ربيعة الفلسطيني.وهو في "فضائل الصحابة" (738) من طريق هارون بن معروف، بهذا الإسناد، من رواية عبد الله بن أحمد. ومن طريق الإمام أحمد وابنه عبد الله أخرجه المزي في ترجمة عبد الله بن القاسم من "التهذيب" 15/440. وأخرجه ابن هانئ في "مسائل أحمد" 2/172، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/283، والترمذي (3701) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1279) ، وفي "الجهاد" (82) ، والطبراني في "الأوسط" (9222) ، والحاكم 3/102، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/215 من طرق عن ضمرة، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه أبو نعيم فى "الحلية" 1/59 من طريق عمر بن هارون البلخي، عن عبد الله بن شوذب، به. وفي الباب عن عبد الرحمن بن خباب السلمي، سلف في "المسند" برقم (16696) من زيادات عبد الله بن أحمد.
هنا نرى الحض على تمويل الشر والعدوان، وخداع عقول بسطاء العقول فاقدي الحس الأخلاقي ليعتبروا ذلك خيرًا.
12246 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَأَنْفُسِكُمْ، وَأَلْسِنَتِكُمْ "
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد -وهو ابن سلمة- فمن رجال مسلم. يزيد: هو ابن هارون، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وأخرجه الضياء في "المختارة" (1905) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي 6/7، والضياء (1902) من طريق يزيد بن هارون، به. وأخرجه الدارمي (2431) ، وأبو داود (2504) ، والنسائي 6/51، وابن عدي 3/916، والحاكم 2/81، والبيهقي 9/20، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" 1/233 من طرق عن حماد بن سلمة، به- وفي بعض روايات الحديث: "جاهدوا المشركين بأيديكم" . وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وسيأتي برقم (12555) و (13638) . وأخرجه أبو يعلى (3875) ، وابن حبان (4708) ، والبغوي (3410) ، والضياء (1903) و (1904) من طريق عفان، به- ولفظه عندهم: "جاهِدُوا المشركين بأيديكم وألسنتِكم ". وأخرجه هكذا الضياء (1642) من طريق أبي يعلى، عن زهير بن حرب، عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس. فجعله من حديث ثابت عن أنس.
يعني الإرهاب الشامل والإعانة عليه بكل وسيلة يقدر عليها الشخص المتطرف مغسول الدماغ، باليد والسلاح والمشاركة في العنف أو التحريض اللساني على العنصرية والإرهاب وتقتيل وترويع البشر وبالشعر والفكر المتطرف...إلخ
وروى مسلم:
[ 1894 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس بن مالك ح وحدثني أبو بكر بن نافع واللفظ له حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس بن مالك أن فتى من أسلم قال يا رسول الله إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز قال ائت فلانا فإنه قد كان تجهز فمرض فأتاه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول أعطني الذي تجهزت به قال يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به ولا تحبسي عنه شيئا فوالله لا تحبسي منه شيئا فيبارك لك فيه
وأخرجه أحمد 13160
ومن عجيب أمرهم أن تجد ناسًا متعبدين زاهدين يبدون مسالمين تمامًا يتبعون نتاج غسل الأدمغة ويحرضون على تمويل الإرهاب والعنف، روى أحمد:
17622 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ بِشْرٍ التَّغْلِبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي وَكَانَ، جَلِيسًا لِأَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: كَانَ بِدِمَشْقَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، وَكَانَ رَجُلًا مُتَوَحِّدًا ، قَلَّمَا يُجَالِسُ النَّاسَ، إِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةٍ، فَإِذَا فَرَغَ فَإِنَّمَا يُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ أَهْلَهُ، فَمَرَّ بِنَا يَوْمًا وَنَحْنُ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً ، فَقَدِمْتُ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَلَسَ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ: لَوْ رَأَيْتَنَا حِينَ الْتَقَيْنَا نَحْنُ وَالْعَدُوَّ، فَحَمَلَ فُلَانٌ فَطَعَنَ، فَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا الْغُلَامُ الْغِفَارِيُّ، كَيْفَ تَرَى فِي قَوْلِهِ ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ أَبْطَلَ أَجْرَهُ، فَسَمِعَ ذَلِكَ آخَرُ، فَقَالَ: مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا ، فَتَنَازَعَا حَتَّى سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " سُبْحَانَ اللهِ، لَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَدَ وَيُؤْجَرَ " قَالَ: " فَرَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ سُرَّ بِذَلِكَ، وَجَعَلَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: أَنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَمَا زَالَ يُعِيدُ عَلَيْهِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: لَيَبْرُكَنَّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ "
قَالَ: ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْمُنْفِقَ عَلَى الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ، كَبَاسِطِ يَدِهِ بِالصَّدَقَةِ لَا يَقْبِضُهَا "
قَالَ: ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيْمٌ الْأَسَدِيُّ لَوْلَا طُولُ جُمَّتِهِ وَإِسْبَالُ إِزَارِهِ " فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْمًا فَجَعَلَ يَأْخُذُ شَفْرَةً فَيَقْطَعُ بِهَا شَعَرَهُ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ، وَرَفَعَ إِزَارَهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ قَالَ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: " دَخَلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَإِذَا عِنْدَهُ شَيْخٌ جُمَّتُهُ فَوْقَ أُذُنَيْهِ، وَرِدَاؤُهُ إِلَى سَاقَيْهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقَالُوا: هَذَا خُرَيْمٌ الْأَسَدِيُّ "
قَالَ: ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ، وَنَحْنُ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ، فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ ، وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ "
إسناده محتمل للتحسين، بشر والد قيس- واسمه بشر بن قيس التغلبي- روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات، وهو تابعي كبير، كان جليساً لأبي الدرداء كما في حديثنا، وابنه قيس تفرد بالرواية عنه هشام بن سعد، وقال فيه: كان رجل صدق، وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه باساً. وذكره ابن حبان في الثقات. وأما هشام بن سعد فهو صدوق له أوهام، وليس في متن حديثه هذا ما ينكر عليه أو يخالف فيه. قلنا: وبعض هذا الحديث له شواهد تعضده. وأخرجه تاماً أبو داود (4089) من طريق عبد الملك بن عمرو، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك الطبراني في "الكبير" (5616) و (5617) ، والبيهقي في "الشعب" (6204) ، وفي "الآداب" (594) ، والمزي في ترجمة بشر بن قيس من "تهذيب الكمال" 4/143-144. من طرق عن هشام بن سعد، به. وأخرج القطعة الأولى منه ابن أبي شيبة 12/506، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (244) ، والطبراني (5618) من طرق عن هشام بن سعد، به. وأخرج القطعة الثانية منه الحاكم 2/91-92 من طريق جعفر بن عون، عن هشام بن سعد، به. وأخرج القطعة الثالثة منه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/225، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/268، والبيهقي في "الآداب" (702) من طرق عن هشام بن سعد، به. وأخرج القطعة الرابعة منه ابن المبارك في "الزهد" (853) ، وابن أبي شيبة 5/345، والبيهقي في "الشعب" (6205) ، والحاكم 4/183 وابن عساكر في "تاريخه " 3/ورقة 349 من طرق عن هشام بن سعد، به. وأخرج أبو عوانة 5/16-17 عن أبي أسامة الحلبي، عن أبيه، عن أبي سعد الأنصاري، عن عبادة بن محمد بن عبادة بن الصامت: أن سهل بن الحنظلية حدث معاوية قال: سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها، والمنفق عليها كالباسط يده لا يقبضها". = وأخرج ابن الأثير في "أسد الغابة" 2/469 نحو لفظ أبي عوانة السالف من طريق عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن عبادة بن محمد بن عبادة بن الصامت، عن رجل كان في حرس معاوية، قال: عرضت على معاوية خيلٌ، فقال لرجل من الأنصار يقال له: ابن الحنظلية: ماذا سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في الخيل؟ ويشهد للقطعة الأولى حديث أبي ذر الغفاري في الرجل يعمل العمل فيحمده عليه الناس، وسيأتي 5/258، وهو عند مسلم (2642) . وحديث أبي عقبة، وسيأتي 5/295، وإسناده ضعيف. ويشهد للقطعة الثانية: "إن المنفق على الخيل..." حديث أبي كبشة عند أبي عوانة 5/19، والحاكم 2/91، وصححه ابن حبان برقم (4674) ، ولفظه: "الخيل معقود في نواصيها الخير، وأهلها معانون عليها، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة". وحديث أبي هريرة أيضاً عند ابن حبان برقم (4675) ولفظه: "مثل المنفق على الخيل كالمتكفف بالصدقة" فقلنا لعمر: ما المتكفف بالصدقة؟ قال: الذي يعطي بكفيه. وانظر حديث أبي هريرة السالف برقم (8866) . وقوله: "نعم الرجل خريم..." سيأتي عن خريم نفسه في مسنده 4/321 و322 و345. ويشهد لقوله: "فإن الله عز وجل لا يحب الفحش ولا التفحش" ما سلف من حديث عبد الله بن عمرو (6487) ، وانظر تتمة شواهده هناك. وسيأتي برقم (17624) .
قوله: "متوحداً" قال السندي: أي: معتزلاً عن الناس. "كلمة" بالنصب، أي: أسألك، أو أعطنا. "قد أبطل أجره" لأنه رياء وسمعة.
8866 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، سَمِعْتُ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ، يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ، إِيمَانًا بِاللهِ وَتَصْدِيقًا بِمَوْعُودِهِ، كَانَ شِبَعُهُ وَرِيُّهُ وَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ حَسَنَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، إبراهيم بن إسحاق قد توبع، ومن فوقه ثقات رجال الشيخين غير طلحة بن أبي سعيد فمن رجال البخاري. وأخرجه البخاري (2853) ، ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (2648) ، وفي "التفسير" 2/259 عن علي بن حفص، وابن حبان (4673) ، والبيهقي في "الشعب" (4303) من طريق حبان بن موسى، وفي "السنن" 10/16 من طريق عبدان، ثلاثتهم عن ابن المبارك، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي 6/225، وأبو يعلى (6568) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/274، والحاكم 2/92، والبيهقي في "السنن" 10/16 من طريق ابن وهب، عن طلحة بن أبي سعيد، به. وأخرج ابن حبان (4675) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مثل المنفق على الخيل، كالمتكفف بالصدقة"، فقلنا لمعمر: ما المتكفف بالصدقة، قال: الذى يعطي بكفيه. وانظر ما سلف برقم (7563) . وفي الباب عن سهل ابن الحنظلية، سيأتي 4/179-180. وعن أسماء بنت يزيد، سيأتي 6/455. وعن أبي كبشة عند ابن حبان (4674) . وعن تميم الداري عند ابن ماجه (2791) .
ومن اختلال القيم الأخلاقية وتشوهها وتحرفها وفسادها عنهم أنهم في عصر الفتوحات اعتبروا تمويل الإرهاب والفتوحات الاحتلالية الإجرامية أولى وأكثر فضيلة من مساعدة فقرائهم بذلك المال كصدقات، روى الترمذي:
1626 - حدثنا محمد بن رافع حدثنا زيد بن حباب حدثنا معاوية بن صالح عن كثير بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن عدي بن حاتم الطائي: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل ؟ قال خدمة عبد في سبيل الله أو ظل فسطاط أو طروقة فحل في سبيل الله
قال أبو عيسى وقد روي عن معاوية بن صالح هذا الحديث مرسلا وخولف زيد في بعض إسناده قال وروى الوليد بن جميل هذا الحديث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا بذلك زياد بن أيوب
قال الألباني: حسن، وقال محققو طبعة الرسالة للمسند: وأخرجه الطبراني في الكبير 17/ (255) والحاكم في المستدرك 2/90-91 من طريق كثير بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عدي بن حاتم . وإسناده حسن أيضا .
1627 - حدثنا يزيد بن هرون أخبرنا الوليد بن جميل عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل الله ومنيحة خادم في سبيل الله أو طروقة فحل في سبيل الله
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح [ غريب ] وهو أصح عندي من حديث معاوية بن صالح
قال الألباني: حسن، وقال محققو طبعة المسند عند حديث 22321: وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7916) من طريق الوليد بن جميل، عن القاسم، بهذا الإسناد
الفساطيط وهي الخيام الكبيرة كانت تستعمل للجنود كمآوي، وطروقة فحل يعني إعارة الحصان الذكر لتلقيح الأنثى لإنتاج خيول للحروب. وجاء في حاشية السندي على مسند أحمد:
قوله: "ظل فسطاط" قال السندي: بأن يعطي خيمة في سبيل الله يستظل بها المجاهدون، أو يضرب خيمة ويجمع المجاهدين في ظلها .
وروى أحمد:
21719 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ الطَّائِيِّ، قَالَ: أَوْصَى إِلَيَّ أَخِي بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِهِ، قَالَ: فَلَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَخِي أَوْصَانِي بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِهِ، فَأَيْنَ أَضَعُهُ، فِي الْفُقَرَاءِ، أَوْ فِي الْمُجَاهِدِينَ، أَوْ فِي الْمَسَاكِينَ ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَوْ كُنْتُ، لَمْ أَعْدِلْ بِالْمُجَاهِدِينَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَثَلُ الَّذِي يُعْتِقُ عِنْدَ الْمَوْتِ مَثَلُ الَّذِي يُهْدِي إِذَا شَبِعَ "
إسناده ضعيف لجهالة أبي حبيبة الطائي، فلم يرو عنه غير أبي إسحاق السبيعي، ولم يوثقه غير ابن حبان . وأخرجه الترمذي (2123) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد . وأخرجه عبد الرزاق (16740) ، وعبد بن حميد (202) ، وأبو داود (3968) ، والحاكم 2/213، والبيهقي 4/190 و10/273، والمزي في "تهذيب الكمال" 33/227-228 من طرق عن سفيان الثوري، به، واقتصر عبد الرزاق وأبو داود على المرفوع منه .وانظر ما قبله في المسند. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 6/238 من طريق محمد بن جعفر. وأخرجه الطيالسي (980) ، والدارمي (3226) ، والطبراني في "الأوسط" (8644) ، والحاكم 2/213، والبيهقي 4/190 من طرق عن شعبة، به . وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2330) ، والنسائي في "الكبرى" (4893) ، وابن حبان (3336) ، والطبراني في "الأوسط" (5493) ، وأبو الشيخ = في "الأمثال" (327) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4347) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به، ولم يذكر سعيد بن منصور والنسائي وأبو الشيخ والطبراني والبيهقي لفظة "يتصدق"، وابن حبان لم يذكر العتق . وانظر ما بعده، وما سيأتي 6/448 (27533). وفي الباب عن أبي هريرة سلف برقم (7159) في حديثه عن أعظم الصدقة قال: "... ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان" . وهو في "الصحيحين" .
الفعل الإرهابي واحد وإجرامي بصرف النظر عن النية أو الهدف
روى البخاري:
123 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا فَقَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
7458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
3126 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
ورواه مسلم 1904 وأحمد 19493 و19543 و19596 و19631 و14739 و19739 و19740
3062 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح و حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الَّذِي قُلْتَ لَهُ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّارِ قَالَ فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا فَلَمَّا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ
ورواه مسلم 111 وأحمد 8090 و17218 و"مصنف عبد الرزاق" (9573)، وأَبو عوانة 1/46، وابن حبان (4519) ، وابن منده في "الإِيمان" (163) و (643) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1097) . وأخرجه البخاري (6606) ومن طريقه أخرجه البغوي (2526) من طريق ابن المبارك عن معمر، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8883) ، وابن منده في "الإِيمان" (643) ، وابن حجر في "تغليق التعليق" 4/130 من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن أَبي هريرة. واقتصر النسائي على قوله: "إن الله يؤيد..." إلخ.
2810 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ
أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ
لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى
مَكَانُهُ فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ
اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وروى أحمد:
17218 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضُ مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ: " إِنَّ هَذَا لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ "، فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ، قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ، حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحُ، فَأَتَاهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي ذَكَرْتَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَقَدْ وَاللهِ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَكَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحُ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ". وَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ وَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ الرَّجُلُ إِلَى كِنَانَتِهِ ، فَانْتَزَعَ مِنْهَا سَهْمًا، فَانْتَحَرَ بِهِ، فَاشْتَدَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، قَدْ صَدَّقَ اللهُ حَدِيثَكَ، قَدِ انْتَحَرَ فُلَانٌ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ
إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد ابن إبراهيم الزهري. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/214، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وقد وردت هذه القصة من حديث أبي هريرة عند البخاري (3062) ، ومسلم (111) وفيه زيادة، وقد سلف برقم (8090) .
2527 - حدثنا أحمد بن صالح ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عاصم بن حكيم عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن عبد الله بن الديلمي أن يعلى بن منية قال: أذن رسول الله صلى الله عليه و سلم بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لي خادم فالتمست أجيرا يكفيني وأجري له سهمه فوجدت رجلا فلما دنا الرحيل أتاني فقال ما أدري ما السهمان وما يبلغ سهمي ؟ فسم لي شيئا كان السهم أو لم يكن فسميت له ثلاثة دنانير فلما حضرت غنيمته أردت أن أجري له سهمه فذكرت الدنانير فجئت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت له أمره فقال " ما أجد [ له ] في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى " .
قال الألباني: صحيح
إن أي مشاركة في أفعال إرهاب وتعصب ديني، إسلامي أو غيره، تظل جريمة مقززة، لا يغير حقيقة ذلك وجوهره نية المشارك فيها أيًّا ما كانت سواء لأوهام دينية أو أمراض نفسية أو أطماع في المنهوبات. تنص نصوص كهذه على أن الهدف هو المجرد الكره العنصري وإرضاء كائن وهمي إلهي بصورة هوسية عن طريق قتل بشر حقيقيين في جريمة حقيقية قائمة على الإجرام والعدوان.
وروى الواقدي في سياق أحد بكتابه المغازي:
قَالُوا: وَكَانَ قُزْمَانُ عَدِيدًا فِى بَنِى ظَفَرٍ لا يُدْرَى مِمّنْ هُوَ، وَكَانَ لَهُمْ حَائِطًا مُحِبّا، وَكَانَ مُقِلاّ لا وَلَدَ لَهُ وَلا زَوْجَةَ، وَكَانَ شُجَاعًا يُعْرَفُ بِذَلِكَ فِى حُرُوبِهِمْ تِلْكَ الّتِى كَانَتْ تَكُونُ بَيْنَهُمْ، فَشَهِدَ أُحُدًا فَقَاتَلَ قِتَالاً شَدِيدًا فَقَتَلَ سِتّةً أَوْ سَبْعَةً وَأَصَابَتْهُ الْجِرَاحُ، فَقِيلَ لِلنّبِىّ ÷: قُزْمَانُ قَدْ أَصَابَتْهُ الْجِرَاحُ فَهُوَ شَهِيدٌ، قَالَ: “مِنْ أَهْلِ النّارِ”.
فَأُتِىَ إلَى قُزْمَانُ فَقِيلَ لَهُ: هَنِيئًا لَك يَا أَبَا الْغَيْدَاقِ الشّهَادَةَ، قَالَ: بِمَ تُبَشّرُونِ؟ وَاَللّهِ مَا قَاتَلْنَا إلاّ عَلَى الأَحْسَابِ، قَالُوا: بَشّرْنَاك بِالْجَنّةِ، قَالَ: جَنّةٌ مِنْ حَرْمَلٍ، وَاَللّهِ مَا قَاتَلْنَا عَلَى جَنّةٍ وَلا عَلَى نَارٍ، إنّمَا قَاتَلْنَا عَلَى أَحْسَابِنَا، فَأَخْرَجَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَجَعَلَ يَتَوَجّأُ بِهِ نَفْسَهُ، فَلَمّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْمِشْقَصُ أَخَذَ السّيْفَ فَاتّكَأَ عَلَيْهِ حَتّى خَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنّبِىّ ÷ فَقَالَ: “مِنْ أَهْلِ النّارِ”.
وهذا الخبر عند ابن إسحاق في السيرة كذلك:
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، قال : كان فينا رجل أتيّ لا يُدرى ممن هو، يقال له : قُزْمان ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، إذا ذُكر له : إنه لمن أهل النار، قال : فلما كان يوم أحد قاتل قتالا شديداً. فقتل وحده ثمانية أو سبعة من المشركين ، وكان ذا بأس ، فأثبتته الجراحةُ . فاحتُمل إلى دار بني ظَفَر، قال : فجعل رجال من المسلمين يقولون له : والله لقد أبليت اليوم يا قزمان ، فابشر، قال : بماذا أبشر؟ فوالله إن قاتلتُ إلا عن أحساب قومي ، ولولا ذلك ما قاتلت قال : فلما اشتدت عليه جراحته أخذ سهما من كنانته ، فقتل به نفسَه .
وذكر الواقدي في سياق غزوة حنين:
وَذُكِرَ لِلنّبِىّ ÷ أَنّ رَجُلاً كَانَ بِحُنَيْنٍ قَاتَلَ قِتَالاً شَدِيدًا حَتّى اشْتَدّ بِهِ الْجِرَاحُ، فَذُكِرَ لِلنّبِىّ ÷ فَقَالَ: “مِنْ أَهْلِ النّارِ”، فَارْتَابَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِى أَنْفُسِهِمْ مَا اللّهُ بِهِ عَلِيمٌ فَلَمّا اشْتَدّ بِهِ الْجِرَاحُ أَخَذَ مِشْقَصًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَانْتَحَرَ بِهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بِلالاً أَنْ يُنَادِىَ: “أَلا لا دَخَلَ الْجَنّةَ إلاّ مُؤْمِنٌ وَأَنّ اللّهَ يُؤَيّدُ الدّينَ بِالرّجُلِ الْفَاجِر”.
الذين يبعيون ويهربون السلاح للمتطرفين، والمتطرفون المشاركون في الإرهاب والعنف، ومن يشاركون لمجرد أغراض سياسية أو عسكرية أو مالية، كل هؤلاء متساوون في الجرم. لا شيء يجعل الإرهاب وقتل الناس لأجل اختلاف العقيدة ولنهب الناس فضيلة.
ويوجد وعد من محمد بأن القاتل المسلم لا يجتمع في جهنم المتوعد بها مع القتيل غير المسلم، فروى مسلم:
[ 1891 ] حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر قالوا حدثنا إسماعيل يعنون بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا
مثل كل هذه الوعود التي نعرضها في هذا الباب تخدر عقل المسلوب العقل الأخرق المغسول الدماغ ليتركب أبشع الأفعال من قتل الأبرياء والمسالمين ولا سيما المدنيين من سياح ضيوف على البلد أو سكان وصحفيي دول مسالمة للمسلمين تمامًا كفرانس وأستراليا.
تعاليم التكفير والهجرة وتحليل دماء المسلمين في الدول الغير إسلامية، وتحليل قتل غير المسلمين في الدول الغير إسلامية
روى ابن أبي شيبة في مصنفه:
33668- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسٍ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ إنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ مَعَ مُشْرِكَ , لاَ تَتَرَاءى نَارَاهُمَا.
37785- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَثْعَمَ، لِقَوْمٍ كَانُوا فِيهِمْ، فَلَمَّا غَشِيَهُمَ الْمُسْلِمُونَ اسْتَعْصَمُوا بِالسُّجُودِ، قَالَ: فَسَجَدُوا، قَالَ: فَقُتِلَ بَعْضُهُمْ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : أَعْطُوهُمْ نِصْفَ الْعَقْلِ لِصَلاَتِهِمْ ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَلاَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ.
وروى أحمد:
19163 - حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن جرير قال: " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، وعلى فراق المشرك " . أو كلمة معناها.
حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على أبي وائل: وهو شقيق بن سلمة، وقد بينا ذلك في الرواية السالفة برقم (19153) . سليمان: هو ابن مهران الأعمش.
19153 - حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن جرير بن عبد الله البجلي قال: قلت: يا رسول الله، اشترط علي . فقال: " تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتنصح للمسلم، وتبرأ من الكافر "
حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على أبي وائل: وهو شقيق بن سلمة، فرواه عاصم- وهو ابن أبي النجود- كما في هذه الرواية، والرواية الآتية برقم (19219) و (19233) عن أبي وائل، عن جرير، به. وتابعه الأعمش- من رواية سفيان الثوري عنه- كما في الرواية (19182) ، ورواية شعبة عنه كما في الرواية (19163) ، وسفيان أعلم الناس بالأعمش. وخالفهما أبو الأحوص- كما في الرواية الآتية برقم (19328) فرواه عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أبي نحيلة- أو نخيلة- عن جرير، به، فزاد في الإسناد أبا نحيلة. وكذلك رواه منصور عن أبي وائل، من رواية شعبة عنه، كما في (19162) ، ولكنه أبهمه، ومن رواية جرير بن عبد الحميد عنه، كما عند النسائي في "المجتبى" 7/148، وفي " الكبرى" (7800) ، والطبراني (2318) ، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف، 4/2273، والبيهقي في "السنن" 9/13. فزاد فيه أبا نحيلة، والأكثر أنه صحابي فيما ذكر ابن ناصر الدين في "التوضيح" 9/51. ومنصور وإن كان أتقن من الأعمش، إلا أن الأعمش أحفظ منه، وقد تابعه عاصم بن أبي النجود كما سلف، فالأشبه رواية من رواه عن أبي وائل، عن جرير، دون واسطة، وقد أدرك أبو وائل جريرا، وهو ما رجحه ابن معين في "تاريخه" 1/310 فقال: لا أحفظ فيه "أبو نخيلة"، إنما هو عن أبي وائل، عن جرير. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2307) من طريق ابن عائشة، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني أيضا (2308) و (2309) ، وأبو الشيخ في "التوبيخ" (1) من طريقين عن عاصم، به. وأخرجه الطبراني (2303) من طريق ابن لهيعة، عن عبد ربه بن سعيد، عن سلمة بن كهيل، عن شقيق، عن جرير، قال: كان النبي إذا بايع بايع على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والسمع والطاعة لله ولرسوله، والنصح لكل مسلم. قال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 1/320-321: ليس لهذا الحديث أصل بالعراق، وهو حديث منكر بهذا الإسناد. وسيرد بالأرقام (19162) و (19163) و (19165) و (19182) و (19219) (19233) و (19238) .// وفي الباب في البيعة على عبادة الله وعدم الشرك: عن عبد الله بن عمرو ابن العاص، سلف برقم (6850) . وعن عبادة بن الصامت، سيرد 5/313. وعن عائشة، سيرد 6/151. وفي باب البيعة على الصلاة والزكاة...: عن بشير بن الخصاصية، سيرد 5/224.
20037 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بَهْزٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ أُولَاءِ ، وَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى أَنْ لَا آتِيَكَ، وَلَا آتِيَ دِينَكَ، وَإِنِّي قَدْ جِئْتُ امْرَأً لَا أَعْقِلُ شَيْئًا إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللهِ بِمَ بَعَثَكَ رَبُّنَا إِلَيْنَا ؟ قَالَ: " بِالْإِسْلَامِ " . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا آيَةُ الْإِسْلَامِ ؟ قَالَ: " أَنْ تَقُولَ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَتَخَلَّيْتُ ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ أَخَوَانِ نَصِيرَانِ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْ مُشْرِكٍ يُشْرِكُ بَعْدَمَا أَسْلَمَ عَمَلًا، أَوْ يُفَارِقُ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مَا لِي أُمْسِكُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، أَلَا إِنَّ رَبِّي دَاعِيَّ وَإِنَّهُ سَائِلِي: " هَلْ بَلَّغْتَ عِبَادِي ؟ " وَأَنَا قَائِلٌ لَهُ: " رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُهُمْ أَلَا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ مَدْعُوُّونَ، وَمُفَدَّمَةٌ أَفْوَاهُكُمْ بِالْفِدَامِ وَإِنَّ أَوَّلَ مَا يُبِينُ، وَقَالَ بِوَاسِطٍ يُتَرْجِمُ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا دِينُنَا . قَالَ: " هَذَا دِينُكُمْ وَأَيْنَمَا تُحْسِنْ يَكْفِكَ "
إسناده حسن. وأخرجه مطولاً ومختصراً عبد الرزاق (20115) ، وابن أبي شيبة 13/257، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (401) ، وابن ماجه (234) و (2536) ، والنسائي في "المجتبى" 5/4-5 و82-83، وفي "الكبرى" (11469) ، والطبري 24/107، والطبراني في " الكبير" 19/ (969) و (970) و (971) و (972) و (973) و (1013) ، وابن عدي في "الكامل" 2/500، ومحمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (401) و (402) ، وابن عبد البر في "الاستيعاب" 1/321-322 من طرق عن بهز بن حكيم، بهذا الإسناد - وبعضهم يزيد فيه على بعض.//وأخرجه الطبراني 19/ (1033) من طريق يحيى بن جابر الطائي، عن حكيم بن معاوية، به. واقتصر على أوله إلى قوله: "وكل مسلم على مسلم محرم "، وعلى قوله: "هذا دينكم، أينما تكن يكفك".// وسيأتي برقم (20043) عن إسماعيل ابن عُليَّة عن بهز، وسلف برقم (20011) من طريق أبي قزعة عن حكيم بن معاوية.
"بحُجَزكم" جمع حُجْزة: وهي معقد الإزار.
(11954) 11976- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ ، حَدَّثَنَا الأَزْهَرُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِ ، وَلاَ تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا.
إسناده ضعيف لجهالة الأزهر بن راشد البصري. العوام: هو ابن حوشب. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/455، والنسائي 8/176-177، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/263، والبيهقي في "السنن" 10/127، وفي "الشعب" (9375) ، والضياء في "المختار" (1546) من طرق عن هشيم ابن بشير، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري 4/16 من طريق سليمان بن أبي سليمان مولى بني هاشم ن أنس، به. وإسناده ضعيف لجهالة سليمان. وأخرج ابن أبي شيبة 8/460 من طريق يحيي بن آدم، عن أبي عوانة، عن قتادة، عن أنس: أن عمر قال: لا تنقُشوا ولا تكتبوا في خواتمكم بالعربية. وإسناده صحيح. وأخرج البخاري 1/455 عن خليفة بن خياط، عن معاذ بن هشام الدستوائي، سمع أباه عن قتادة، عن أنس: نهى عمرُ أن يُنقش في الخواتيم بالعربية. وإسناده حسن. قلنا: وهذا هو الصحيح عن أنس أنه من قول عمر، وليس مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما معنى حديث أنس المرفوع، فقد جاء تفسيره في الحديث نفسه عن الحسن البصري عند غير المصنف، فقد قال الحسن: اما قوله: "لا تنقشوا في خواتيمكم عربياً" محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما قوله "لا تستضيئوا بنار المشرك" يقول: لا تستشيروا المشركين في أموركم، ثم قال الحسن: تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: (يا أيها الذين امنوا لا تتًخذوا بطانة من دُونكم) [آل عمران: 118] . وتوجد شواهد تقوي الحديث:
وروى الطبراني في المعجم الكبير ج2:
2264 - حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل السراج ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن جرير قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فأمر لهم بنصف العقل وقال : ( إني بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين ) قالوا : يا رسول الله ولم ؟ قال : ( لا تراءى ناراهما )
2265 - حدثنا القاسم بن محمد الدلال الكوفي ثنا إبراهيم بن محمد ابن ميمون ثنا صالح بن عمر عن إسماعيل عن قيس عن جرير قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم جيشا إلى خثعم فلما غشيتهم الخيل اعتصموا بالصلاة فقتل رجل منهم فجعل لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم نصف العقل بصلاتهم وقال : ( إني بريء من كل مسلم مع مشرك )
وذكر هذا الحدث أبو داوود 2645 والترمذي 1604 والنسائي في الكبرى 6982 والبيهقي في الكبرى 16247 وانظر تعليق الشافعي عند الأخير: قال الشافعي إن كان هذا ثبت فأحسب النبي ص أعلم أعطى من أعطى منهم متطوعا وأعلمهم أنه بريء من كل مسلم مع مشرك والله أعلم في دار شرك ليعلمهم أن لا ديات لهم ولا قود
نفس تعاليم الجماعات الإرهابية ومنهجها، وسبق وعرضت نفس التعاليم من القرآن نفسه في سياقات النقد القرآني:
{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)} الحديد
جيش ديني إرهابي
عملية تأسيس جيش لأهداف دينية يعني دولة وجيش غير وطنيين، ولا يقومان على مفهوم المواطنة، بل على مفهوم التفرقة العنصرية والإرهاب والعدوان
روى مسلم:
[ 1817 ] حدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك ح وحدثنيه أبو الطاهر واللفظ له حدثني عبد الله بن وهب عن مالك بن أنس عن الفضيل بن أبي عبد الله عن عبد الله بن نيار الأسلمي عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم جئت لأتبعك وأصيب معك قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤمن بالله ورسوله قال لا قال فارجع فلن أستعين بمشرك قالت ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة قال فارجع فلن أستعين بمشرك قال ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة تؤمن بالله ورسوله قال نعم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق
ورواه أحمد 24386 وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن سعد 3/535، ومسلم (1817) ، وأبو داود (2732) ، والترمذي (1558) ، والنسائي في "الكبرى" (8886) و (11600) ، والدارمي (2497) ، وابن الجارود (1048) ، وأبو عوانة 4/332-333 و333 -334، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2572) و (2573) و (2574) و (2576) ، والدارقطني في "العلل" 5/الورقة 50، والبيهقي في "السنن" 9/36-37، والحازمي في "الاعتبار" ص217 من طرق عن مالك، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، والعملُ على هذا عند بعض أهل العلم.وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8760) عن إسحاق، عن وكيع، عن مالك، عن الفضيل بن أبي عبد الله، عن عبد الله بن نيار، به. وأخرجه إسحاق (759) - ومن طريقه الدارمي (2496) - وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/272 من طريق ابن أبي شيبة، كلاهما وإسحاق وابن أبي شيبة) عن وكيع، عن مالك، عن عبد الله بن نيار، عن عروة، عن عائشة، به. لم يذكر فيه: الفضيل بن أبي عبد الله. = وأخرجه ابن أبي شيبة 12/395- ومن طريقه ابن ماجه (2832) - وابن ماجه (2832) كذلك عن علي بن محمد، كلاهما عن وكيع، عن مالك، عن عبد الله بن يزيد، عن نيار، عن عروة، به. وقال ابن ماجه: قال علي في حديثه: عبد الله بن يزيد أو زيد. وجاء في مطبوع ابن أبي شيبة: عن أبي نيار، وفي مطبوع ابن ماجه: عن دينار! قال المزي في "التحفة" 12/13: كذا عنده- يعني ابن ماجه- وهو تخليط فاحش، والصواب ما تقدم. وقد نسب أبو حاتم- كما في "العلل" لابنه 1/305- والدارقطني في "العلل" 5/الورقة 50 الوهم إلى وكيع. وسيرد برقم (25158) .وفي الباب عن جدِّ خُبَيب، سلف برقم (15763) ، وذكرنا هناك تتمة أحاديث الباب.
وروى أحمد:
15763 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُرِيدُ غَزْوًا، أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، وَلَمْ نُسْلِمْ فَقُلْنَا: إِنَّا نَسْتَحْيِي أَنْ يَشْهَدَ قَوْمُنَا مَشْهَدًا لَا نَشْهَدُهُ مَعَهُمْ، قَالَ: " أَوَأَسْلَمْتُمَا ؟ " قُلْنَا: لَا، قَالَ: " فَلَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ " قَالَ: فَأَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا مَعَهُ، فَقَتَلْتُ رَجُلًا وَضَرَبَنِي ضَرْبَةً، وَتَزَوَّجْتُ بِابْنَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَانَتْ تَقُولُ: لَا عَدِمْتَ رَجُلًا وَشَّحَكَ هَذَا الْوِشَاحَ ، فَأَقُولُ: لَا عَدِمْتِ رَجُلًا عَجَّلَ أَبَاكِ النَّارَ
إسناده ضعيف دون قوله: "فلا نستعين بالمشركين على المشركين" فهو صحيح لغيره، عبد الرحمن بن خبيب والد خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن إساف الأنصاري، ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 5/278، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 5/230، ولم يذكرا في الرواة عنه غير ابنه خبيب، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وبقية رجاله ثقات. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/394، والبخاري في "التاريخ الكبير" 3/209، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2763) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2577) ، والطبراني في "الكبير" (4194) و (4195) ، والحاكم 2/121 (2563)، والبيهقي في "السنن" 9/37 من طريق يزيد بن هارون، به، وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4196) من طريق أبي جعفر الرازي، عن مستلم، به. بلفظ: "أنا لا أستعين بمشرك". وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/303، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجالهما ثقات. قلنا: وقوله: "فلا نستعين بالمشركين على المشركين" له شاهد من حديث طويل لعائشة عند مسلم (1817) ، وسيرد 6/67 ولفظه: "فارجع، فلن أستعين بمشرك". وآخر من حديث أبي حميد الساعدي، عند الطبراني في "الأوسط" (5138) ، والحاكم 2/121.
وروى الحاكم في المستدرك على الصحيحين:
2564 - أخبرني أحمد بن محمد العنزي ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ثنا يوسف بن عيسى المروزي ثنا الفضل بن موسى السيناني عن محمد بن عمرو ابن علقمة عن سعد بن المنذر عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا خلف ثنية الوداع إذا كتيبة قال : من هؤلاء ؟ قالوا : بنو قينقاع وهو رهط عبد الله بن سلام قال : وأسلموا ؟ قالوا : لا بل هم على دينهم قال : قل لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين
وكتبت في ج1 عن غزوة أحد:
رفض محمد دمج اليهود حلفاء أبي بن سلول في جيشه الإسلامي الدينيّ، وهو ما يعكس عدم الرغبة في تكوين دولة قومية يكون فيها كل البشر متساوون، وهو ما يدل كذلك على صحة نظرية القمي من أن وثيقة معاهدة المدينة لم تُكتَب إلا بعد أحد، لأنها تنص_بخلاف ذلك_ على أن المسلمين واليهود في يثرب أمة واحدة يتشاركون في الدفاع عنها ودفع الديات.
[1] ونص ابن هشام: وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم. ......... وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يهودَ بني عَوْف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم، إلا من ظَلم وأثِم، فإنه لا يُوتِغ إلا نفسَه، وأهلَ بيته، وإن ليهود بنى النجار مثل ما ليهود بنى عَوْف، وإن ليهود بنى الحارث مثل ما ليهود بنى عَوْف، وإن ليهود بنى ساعدة مثل ما ليهود بني عَوْف، وإن ليهود بنى جُشَم مثل ما ليهود بني عَوْف، وإن ليهود بنى الأوْس مثل ما ليهود بنى عَوْف، وإن ليهود بنى ثَعْلبة مثل ما ليهود بنى عَوْف، إلا من ظَلم وأثِم، فإنه لا يُوتغ إلا نفسه وأهل بيته، وإن جَفْنةَ بطن من ثعلبة كأنفسهم، وإن لبنى الشُّطَيْبة مثل ما ليهود بنى عَوْف، وإن البر دون الإثم وإن موالى ثعلبة كأنفسهم، وإن بطانة يهود كأنفسهم، وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم، وإنه لا ينحجز على نار جُرْح، وإنه من فتك فبنفسه فتك، وأهل بيته، إلا من ظلم، وإن الله على أبر هذا وإن على اليهود نفقتَهم وعلى المسلمين نفقتَهم وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإِثم، وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه وإن النصر للمظلوم وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة وإن الجار كالنفس غير مُضار ولا أثم، وإنه لا تُجار حُرمة إلا بإذن أهلها، وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يُخاف فساده، فإن مردَّه إلى الله عز وجل، وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبرّه وإنه لا تُجار قريش ولا من نصرها وإن بينهم النصر على من دهم يثرب، وإذا دُعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه، فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وإنهم إذا دُعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين، إلا من حارب في الدين، على كل أناس حصتهم في جانبهم الذي قِبَلهم وإن يهود الأوس، مواليهم وأنفسهم، على مثل ما لأهل هذه الصحيفة، مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة.
وجاء في الواقدي:
حَتّى انْتَهَى إلَى رَأْسِ الثّنِيّةِ، الْتَفَتَ فَنَظَرَ إلَى كَتِيبَةٍ خَشْنَاءَ لَهَا زَجَلٌ خَلْفَهُ فَقَالَ: “مَا هَذِهِ”؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ هَؤُلاءِ حُلَفَاءُ ابْنِ أُبَىّ مِنْ يَهُودَ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “لا يُسْتَنْصَرُ بِأَهْلِ الشّرْكِ عَلَى أَهْلِ الشّرْكِ”
ورواه الحاكم في مستدركه 2/ 122 وابن سعد في الطبقات الكبير ج2
ويقول ابن هشام:
قال ابن هشام: وذكر غير زياد، عن محمد بن إسحاق عن الزهري: أن الأنصار يوم أحد، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا نستعين بحلفائنا من يهود؟ فقال: لا حاجة لنا فيهم
نصرت بالرعب
{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)} آل عمران
روى البخاري:
335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ َح قَال وحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ الْفَقِيرُ قَالَ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً
رواه مسلم 521 وأحمد 19735 و19618 و19735 و14264 و7068 وغيرهم.
ربما كشف هنا محمد سرًّا من أسرار نجاحاته العسكرية الدموية، وهو أسلوب معروف لكل القادة الحربيين الناجحين، وهو نشر الأقاويل وممارسة العنف الشديد الجنوني لتخويف الطرف الآخر المتحارَب معه. وهو أسلوب الإرهاب والترويع.
نهب أراضي الدول الغير مسلمة
بالإضافة إلى كل النصوص التي أوردناها عن نهب الأراضي والدول الغير إسلامية في تشريع الإسلام في هذا الباب وفي الجزء الأول (حروب محمد)، أضيف ما رواه مسلم:
[ 1756 ] حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن رافع قالا حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ولرسوله ثم هي لكم
ورواه أحمد 8216 ووأَبو داود (3036) عن أَحمد بن حنبل، به. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (10137) ، وعنه -من غير طريق أحمد- أخرجة مسلم (1736) ، وأَبو عوانة 4/131، وابن حبان (4826) ، والبيهقي 6/318، والبغوى (2719) . وأخرجه بنحوه البيهقي 9/139 من طريق المرجَّى بن رجاء، عن أَبي سلمة، عن قتادة، عن أَبي رافع، عن أَبي هريرة.
قوله: "وأقمتم فيها"، قال السنديَ: أي دخلتموها بلا قتال. "فسهمكم فيها": أي: حقكم من العطاء كما يُصرف الفيءُ، لا كما تُصرف الغنيمة. "وأَيما قرية عصت الله ورسوله": أي: أخذتموها عنوة ففيها الخُمُس.
يعني القرية أو المدينة التي لا تستسلم للاحتلال الإسلامي تكون كلها ملكًا للفاتحين المستعمرين بعد إهلاك من يهلكونه من سكانها وسبي نسائها وأطفالها. والتي تستسلم لهم نصيبهم فيها كباقي المسلمين مواطني الدرجة الأولى من الخراج والجزية المفروض على مواطني الدرجة الثانية وهم غير المسلمين.
لقد تحدثت كثيرًا عن استيلاء محمد على أراضي اليهود في ج1، وتكلمت عن بعض عطاآته الإقطاعية هناك، حتى أني عملت لها فهرسًا إلكترونيًّا في ج1 لجمعها كلها من كل الكتاب، أباح محمد الاستيلاء على أموال وأملاك وأراضي بل ونفوس الغير مسلمين بالقتل والاستعباد، وذكرت في أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية في حديثي عن تميم الداري أحد مصادر محمد المسيحية المحتمَلة وإعطاء محمد له ولأخيه قريتين كاملتين بالشام، سأضيف هنا عطاءين إقطاعيين آخرين لمحمد كذلك، روى أحمد:
17737 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اكْتُبْ لِي بِأَرْضِ كَذَا وَكَذَا - لِأَرْضٍ بِالشَّامِ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ -، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُولُ هَذَا ؟ " فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَظْهَرُنَّ عَلَيْهَا، قَالَ: فَكَتَبَ لَهُ بِهَا...إلخ
إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه منقطع، فأبو قلابة- وهو عبد الله بن زيد الجرمي- لم يسمع من أبي ثعلبة، بينهما أبو أسماء الرحبي، كما سيأتي في الرواية (17750) . وهو في "مصنف عبد الرزاق" (8503) و (10151) . والموضع الثاني مختصر. وأخرجه تاماً ومقطعاً الطيالسي (1014) و (1015) و (1016) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (1233) ، والطبراني في "الكبير" 22/ (604) و (605) ، والحاكم 1/143 من طرق عن أيوب، به. وأخرج قصة الآنية الطبراني 22/ (603) ، والحاكم 1/143-144 من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة، به. وأخرجه الطبراني 22/ (599) من طريق النضر. بن معبد أبي قحذم، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث شراحيل، عن أبي ثعلبة بنحوه. وأخرجه مطولاً ومختصراً دون قصة إقطاعه الأرض أبو داود (3839) ، والطبراني في "الكبير" 22/ (584) ، وفي "مسند الشاميين " (783) من طريق مسلم بن مِشْكم، وابن ماجه (2831) ، والطبراني 22/ (597) من طريق عروة ابن رويم، والطبراني 22/ (592) ، والبيهقي 10/10 من طريق عمير بن هانئ، وابن ماجه (3211) من طريق سعيد بن المسيب، والطبراني 22/ (600) من طريق أبي رجاء العطاردي، خمستهم عن أبي ثعلبة. وانظر أحمد (17731) و (17735) .
هذا كما ترى كما نقول عن وعد بلفور لليهود بفلسطين بالضبط: وعد وعطاء من لا يملك لمن لا يستحق ولا حق له.
وروى الطبراني مثالًا آخر لعطاء إقطاعي قائم على أساس حالة مزاج محمد المرتفعة الراضية في المعجم الكبير ج25:
396- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالاَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْظِيِّ بْنِ شَدَّادِ بْنِ أُسَيْدٍ الْمَدَنِيُّ ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ ، وَزُرْعَةُ ، وَمُحَمَّدٌ بَنُو الْحُصَيْنِ بْنِ سِنَانٍ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ بْنِ سَوَاءَانَ ، حَدَّثَتْهُمْ أُمُّ سُنْبُلَةَ ، قَالَتْ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَدِيَّةٍ ، فَأَبَيْنَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذْنَهَا ، وَقُلْنَ إِنَّا لاَ نَأْخُذُ هَدِيَّةً ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : خُذُوا هَدِيَّةَ أُمِّ سُنْبُلَةَ ، فَهِيَ أَهْلُ بَادِيَتِنَا ، وَنَحْنُ أَهْلُ حَضْرَتِهَا ، وَأَعْطَاهَا وَادِي كَذَا وَكَذَا ، فَاشْتَرَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْهَا ، قَالَ : فَأَعْطَاهَا ذَوْدًا ، قَالَ عَمْرُو بْنُ قَيْظِيٍّ : فَرَأَيْتُ بَعْضَهَا . قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ : قُلْتُ لِزَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ : مَنْ أَعْطَاهَا ؟ قَالَ : رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الحديث ضعيف فيه مجهولون حسب علم الإسناد عندهم وفيه عمرو بن قيظي ضعيف، لكنه موثق بالأسماء بما يجعلنا نثق فيه ففيه اسم المشتري منها، لكن له شاهدًا مما روى أحمد:
(25010) 25524- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلاَنَ ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نِيارٍ الأَسْلَمِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : أَهْدَتْ أُمُّ سُنْبُلَةَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَنًا ، فَلَمْ تَجِدْهُ ، فَقَالَتْ لَهَا : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى أَنْ نَأْكَلَ طَعَامَ الأَعْرَابِ ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا مَعَكِ يَا أُمَّ سُنْبُلَةَ ؟ قَالَتْ : لَبَنًا أَهْدَيْتُ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : اسْكُبِي أُمَّ سُنْبُلَةَ فَسَكَبَتْ ، فَقَالَ : نَاوِلِي أَبَا بَكْرٍ فَفَعَلَتْ ، فَقَالَ : اسْكُبِي أُمَّ سُنْبُلَةَ ، فَنَاوِلِي عَائِشَةَ فَنَاوَلَتْهَا ، فَشَرِبَتْ ، ثُمَّ قَالَ : اسْكُبِي أُمَّ سُنْبُلَةَ فَسَكَبَتْ ، فَنَاوَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَرِبَ ، قَالَتْ عَائِشَةُ ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِ أَسْلَمَ ، : وَاَبْرَدِهَا عَلَى الْكَبِدِ ، يَا رَسُولَ اللهِ ، قَدْ كُنْتُ حُدِّثْتُ أَنَّكَ قَدْ نَهَيْتَ عَنْ طَعَامِ الأَعْرَابِ ؟ فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ، إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِالأَعْرَابِ ، هُمْ أَهْلُ بَادِيَتِنَا ، وَنَحْنُ أَهْلُ حَاضِرَتِهِمْ ، وَإِذَا دُعُوا أَجَابُوا ، فَلَيْسُوا بِالأَعْرَابِ. (6/133)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي ، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح . المفضَّل : هو ابنُ فَضَالةَ بن عُبيد المصري . وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 8 / 294 ، والبزار في "مسنده" (1940) و (1941) (زوائد) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4 / 168 ، والحاكم في "المستدرك" 4 / 128 (7168) ، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (في ترجمة أم سنبلة) من طرق عن عبد الرحمن بن حرملة ، به . قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي . وأخرجه أبو يعلى (4773) ، والطحاوي 4 / 167 من طريق صالح بن كيسان ، عن عروة ، عن عائشة ، به ، نحوه . وأورده الهيثمي في "المجمع" 4 / 149 ، وقال : رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ، ورجال أحمد رجال الصحيح . وفي الباب عن أم سنبلة الأسلمية عند الطبراني في "الكبير" 25 / (396) ، أورده الهيثمي في "المجمع" 4 / 148 - 149 ، وقال : وفيه عمرو بن قيظي وتابعيه ، وهم ثلاثة ، ولم أعرفهم .
بعد تمكن محمد وجيشه من حماية يثرب من هجمة قريش وغطفان عليها ردًّا على قطعه الطرق التجارية، اطمأن لقوته وتحقق هدفه طالما أمكنه حماية ظهره ومدينته، فقال حسب البخاري:
4109 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا
4110 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ أَجْلَى الْأَحْزَابَ عَنْهُ الْآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ
ورواه أحمد 18308 و18309 و27206
وروى أحمد:
18778 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنِي عُمُومَتِي، عَنْ جَدِّهِمْ صَخْرِ بْنِ عَيْلَةَ، أَنَّ قَوْمًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَرُّوا عَنْ أَرْضِهِمْ، حِينَ جَاءَ الْإِسْلَامُ، فَأَخَذْتُهَا، فَأَسْلَمُوا، فَخَاصَمُونِي فِيهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّهَا عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: " إِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِأَرْضِهِ وَمَالِهِ "
إسناده ضعيف، فقد اختلف فيه على أبان بن عبد الله البجلي، فرواه وكيع- كما في هذا الإسناد- عنه، عن عمومته، عن جَدِّهم صَخْر بن عيلة. ورواه وكيع كذلك- كما عند ابن سَعْد 6/31- عن أبان، عن عثمان بن أبي حازم، عن صخر بن عيلة، فسمَى أحَدَ عمومةِ أبان. وهو عثمان إلا أنه مجهول الحال، فقد انفرد بالرواية عنه ابنُ أخيه أبان، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان. ثم إن عثمان إنما يرويه عن أبيه، عن جده صخر كما رواه الفريابي - كما عند الدارمي (1674) ، وأبي داود (3067) - عن أبان، عن عثمان بن أبي حازم، عن أبيه، عن جده صخر. ووالد عثمان مجهول الحال كذلك، فقد انفرد بالرواية عنه ابنه عثمان، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله، ولم يؤثر توثيقه عن أحد، وقال الحافظ في "التقريب" مستور. ثم إن أبان بن عبد الله انفرد به، وهو مختلف فيه لا يحتمل تفرده، فقد ذكره ابنُ حبان في "المجروحين"، فقال: وكان ممن فحش خطؤه، وانفرد بالمناكير. وقال الذهبي في "ديوان الضعفاء والمتروكين": كوفي صدوق، له مناكير. وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/12 من طريق أحمد بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سَعْد في "الطبقات" 6/31 من طريق وكيع وأبي نعيم، قالا: حدثنا أبان، عن عثمان بن أبي حازم، عن صخر بن العيلة، قال: أخذتُ عمة المغيرة بن شعبة، فقدمت بها إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالوا: وجاء المغيرة فسأل رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمته، وأخبره أنها عندي، فدعاني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم، فادفعها إليه". قال: وقد كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطاني ماءً لبني سُلَيْم. قال: فأتوا نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فسألوه الماء، قال: فدعاني نبئ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم، فادفعه إليهم" فدفعته إليهم.
وأخرجه ابن سَعْد 6/31، وابن أبي شيبة 12/466-467، والدارمي (1673) و (2480) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" 4/310-311 عن أبي نعيم الفضل بن دكين، والطبراني في "الكبير" (7279) من طريق مسلم بن إبراهيم، والطبراني كذلك (7280) من طريق محمد بن الحسن الأسدي، ثلاثتهم عن أبان، عن عثمان بن أبي حازم، عن صخر بن العيلة، بلفظ ابن سعد السالف، وقرن الطبراني في طريق محمد بن الحسن بعثمان بن أبي حازم كثير بنَ أبي حازم. ولم نقع على ترجمة كثير فيما بين أيدينا من المصادر. وأخرجه الدارمي (1674) ، وأبو داود (3067) - ومن طريقه البيهقي في "السنن" 9/114- من طريق الفريابي، عن أبان، عن عثمان بن أبي حازم، عن أبيه، عن جده صخر بن العيلة، به، ولفظه عند أبي داود:
أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزا ثقيفاً، فلما أن سمع ذلك صخر ركب في خيل يمدُّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجد نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد انصرف ولم يفتح، فجعل صخر يومئذٍ عهد الله وذمته ألا يفارق هذا القصر حتى ينزلوا على حكم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكتب إليه صخر: أما بعد، فإن ثقيفاً قد نزلت على حكمك يا رسول الله، وأنا مقبل إليهم وهم في خيل. فأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصلاة جامعة فدعا لأحمس عشر دعوات: "اللهم بارك لأحمس في خيلها ورجالها" وأتاه القوم، فتكلم المغيرة بن شعبة، فقال: يا نبي الله، إن صخراً أخذ عمتي، ودخلت فيما دخل فيه المسلمون، فدعاه فقال: "يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم، فادفع إلى المغيرة عمته" (فدفعها إليه. وسأل نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ماء لبني سُلَيْم قد هربوا عن الإسلام، وتركوا ذلك الماءَ"؟ فقال: يا نبي الله أَنْزِلْنِيه أنا وقومي، قال: "نعم"، فأنزله وأسلم- يعني السُلَّمِييْنَ- فأتوا صخراً، فسألوه أن يدفع إليهم الماءَ، فأَبى، فأَتَوْا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: يا نبي الله، أسلمنا، وأتينا صخراً ليدفعَ إلينا ماءنا، فأبى علينا. فأتاه، فقال: "يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم، فادفع إلى القوم ماءهم" قال: نَعَمْ يا نبي الله. فرأيتُ وجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتغير عند ذلك حمرةً حياءً من أخذه الجارية، وأخذه الماء.
الخبر تاريخي فلا يهمنا الإسناد كثيرًا، إعادة محمد لقومٍ أراضيهم بعد الهجوم عليهم رغم أن إسلامهم جاء لاحقًا، فعل لم يتكرر عمومًا في باقي الفتوحات الإسلامية، المدن المفتوحة حربًا لم يعد من أراضيها التي أخذها العرب لأنفسهم أي شيء للسكان المواطنين حتى لو أسلمو بعد ذلك. قيم هؤلاء القدماء غريبة وهمجية بالنسبة إلينا، كما قال جواد العلي في (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) لم يكن لدى هؤلاء مشكلة أو عار في نهب الآخرين علنًا، العار والخجل عندهم في السرقة المدنية خلسةً، محمد شعر بالخجل لأنه اضطر لأخذ الفتاة المخطوفة والأرض من صخر بن عيلة! وليس من أعمال السبي والخطف والاستعباد والاغتصاب واستلاب حرية وحياة البشر. وذكرت في ج1 الاستيلاء على أراضي بني قريظة وبني النضير وبني حارثة وخيبر من اليهود.
قال ابن أبي شيبة:
33648- حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عْن أَسْلَمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ : وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ , لَوْلاَ أَنْ يُتْرَكَ آخِرُ النَّاسِ لاَ شَيْءَ لَهُمْ مَا افْتُتِحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْكُفَّارِ إِلاَّ قَسَمْتُهَا سُهْمَانًا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ سُهْمَانًا , وَلَكِنْ أَرَدْت أَنْ يَكُونَ جِرْيَةً تَجْرِي عَلَيْهِمْ وَكَرِهْتُ أَنْ يُتْرَكَ آخِرُ النَّاسِ لاَ شَيْءَ لَهُمْ.
33652- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَنْظَلَةَ بْنُ نُعَيم أَنَّ سَعْدًا كَتَبَ إلَى عُمَرَ أَنَّا أَخَذْنَا أَرْضًا لَمْ يُقَاتِلْنَا أَهْلُهَا ، قَالَ : فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ : إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَقْسِمُوهَا بَيْنَكُمْ فَاقْسِمُوهَا , وَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَدَعُوهَا فَيَعْمُرُهَا أَهْلُهَا وَمَنْ دَخَلَ فِيكُمْ بَعْدُ كَانَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ , فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَشَاحُّوا فيها وَفِي شُرْبِهَا فَيَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا , فَكَتَبَ إلَيْهِ سَعْدٌ : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ رَأْيَهُمْ لِرَأْيِكَ تَبَعٌ , فَكَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يَرُدُّوا الرَّقِيقَ إلَى امْرَأَةٍ حَمَلَتْ مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
بعض الكتب التاريخية فيما قرأت ذكرت أن هذه هي أرض مصر بالذات، اعتبروها ملكًا للعرب الفاتحين بأهلها عليها للعمل فيها وامتصاص دمهم وتعبهم. لأنهم رأوا أنهم لو كانوا قسموها فلا خير بعد ذلك للأجيال الآتية منهم. عمومًا الكلام هنا لم يكن عن مصر فقط بل كل البلدان المحتلة من العرب آنذاك.
وروى أحمد:
1424 - حَدَّثَنَا عَتَّابٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُقْبَةَ وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ بْنِ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَمَّنْ سَمِعَ، عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ وَهْبٍ الْخَوْلانِيَّ، يَقُولُ: لَمَّا افْتَتَحْنَا مِصْرَ بِغَيْرِ عَهْدٍ، قَامَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَقَالَ: " يَا عَمْرُو بْنَ الْعَاصِ اقْسِمْهَا " . فَقَالَ عَمْرٌو: لَا أَقْسِمُهَا . فَقَالَ الزُّبَيْرُ: " وَاللهِ لَتَقْسِمَنَّهَا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ "، قَالَ عَمْرٌو: وَاللهِ لَا أَقْسِمُهَا حَتَّى أَكْتُبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَنْ أَقِرَّهَا حَتَّى يَغْزُوَ مِنْهَا حَبَلُ الْحَبَلَةِ.
إسناده ضعيف لجهالة المبهم الذي لم يسم، وعبد الله- ويقال له أيضاً عبيد الله- بن المغيرة بن أبي بردة لم يوثقه غيرُ ابن حبان 5/53، وسفيانُ بن وهب الخولاني صحابي شهد حَجةَ الوداع وفتحَ مصر، وعاش حتى ولي الإمرة لعبدِ العزيز بنِ مروان على الغزو إلى إفريقية سنة 78، فبقي بها إلى أن مات سنة 82. عبد الله: هو ابن المبارك.
وأخرجه ابنُ عبدِ الحكم في "فتوح مصر" ص 263 عن يوسف بن عدي، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو عُبيد في "الأموال" (149) عن ابن أبي مريم- وهو سعيدُ بن الحكم-، ومن طريقه الشاشي في "مسنده" (43) ، وأخرجه ابنُ عبد الحكم ص 88 عن عبد الملك بن مسلمة وعثمان بن صالح، ثلاثتهم عن ابنِ لهيعة، به.
وقال عبدُ الله بنُ لهيعة- بعدما ذكر ابن عبد الحكم ص263 روايةَ ابنِ المبارك ورواية عبد الملك بن مسلمة-: وحدثني يحيى بنُ ميمون، عن عُبيد الله بن المغيرة، عن سفيان بن وهب نحوه. فإن حَفِظَ ابنُ لهيعة هذا، فيمكن أن يحسن الحديث.
قوله: "حتى يغزو منها حَبَل الحبلة"، قال ابن الأثير في "النهاية" 1/334: يريد: حتى يغزو منها أولاد الأولاد، ويكون عاماً في الناس والدوابً، أي: يكثر المسلمون فيها بالتوالد.
وقال أبوعبيد: أراه أراد أن تكون فيئاً موقوفاً للمسلمين ما تناسلُوا يَرِثُه قرن عن قرن، فتكون قوة لهم على عدوهم.
نهب وسرقة أموال الوثنيين وخطف نسائهم حلال، وكذلك من يقاوم الاحتلال الإسلامي من الكتابيين والزردشتيين وغيرهم
روى مسلم:
[ 868 ] وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى كلاهما عن عبد الأعلى قال بن المثنى حدثني عبد الأعلى وهو أبو همام حدثنا داود عن عمرو بن سعيد عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن ضمادا قدم مكة وكان من أزد شنوءة وكان يرقي من هذه الريح فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون إن محمدا مجنون فقال لو أنى رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي قال فلقيه فقال يا محمد إني أرقي من هذه الريح وإن الله يشفي على يدي من شاء فهل لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد قال فقال أعد علي كلماتك هؤلاء فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال فقال لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ولقد بلغن ناعوس البحر قال فقال هات يدك أبايعك على الإسلام قال فبايعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى قومك قال وعلى قومي قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فمروا بقومه فقال صاحب السرية للجيش هل أصبتم من هؤلاء شيئا فقال رجل من القوم أصبت منهم مطهرة فقال ردوها فإن هؤلاء قوم ضماد
[ 1968 ] وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا وكيع حدثنا سفيان بن سعيد بن مسروق عن أبيه عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن رافع بن خديج قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة فأصبنا غنما وإبلا فعجل القوم فأغلوا بها القدور فأمر بها فكفئت ثم عدل عشرا من الغنم بجزور وذكر باقي الحديث كنحو حديث يحيى بن سعيد
وروى البخاري:
3134 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سِهَامُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا
6043 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ أَفَتَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ بَلَدٌ حَرَامٌ أَتَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ شَهْرٌ حَرَامٌ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا
6785 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَلَا أَيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً قَالُوا أَلَا شَهْرُنَا هَذَا قَالَ أَلَا أَيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً قَالُوا أَلَا بَلَدُنَا هَذَا قَالَ أَلَا أَيُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً قَالُوا أَلَا يَوْمُنَا هَذَا قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ أَلَا نَعَمْ قَالَ وَيْحَكُمْ أَوْ وَيْلَكُمْ لَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ
وروى أحمد:
(20386) 20657- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي بَكَرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي حَجَّتِهِ ، فَقَالَ : أَلاَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا ؟ قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ : أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ ؟ قُلْنَا : بَلَى ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّ شَهْرٍ هَذَا ؟ قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ ؟ قُلْنَا : بَلَى ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟ قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ : أَلَيْسَتِ الْبَلْدَةَ ؟ قُلْنَا : بَلَى ، قَالَ : فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ ، قَالَ : وَأَحْسَبُهُ قَالَ : وَأَعْرَاضَكُمْ ، عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ ، أَلاَ لاَ تَرْجِعُنَّ بَعْدِي ضُلاَّلاً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ مِنْكُمْ ، فَلَعَلَّ مَنْ يُبَلَّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ يَسْمَعُهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ : وَقَدْ كَانَ ذَاكَ ، قَالَ : كَانَ بَعْضُ مَنْ بُلِّغَهُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ. (5/37)
(20695) 20971- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ عَمِّهِ ، قَالَ : كُنْتُ آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، أَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ ، فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، هَلْ تَدْرُونَ فِي أَيِّ يَوْمٍ أَنْتُمْ ؟ وفِي أَيِّ شَهْرٍ أَنْتُمْ ؟ وَفِي أَيِّ بَلَدٍ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : فِي يَوْمٍ حَرَامٍ ، وَشَهْرٍ حَرَامٍ ، وَبَلَدٍ حَرَامٍ ، قَالَ : فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَهُ ، ثُمَّ قَالَ : اسْمَعُوا مِنِّي تَعِيشُوا ، أَلاَ لاَ تَظْلِمُوا ، أَلاَ لاَ تَظْلِمُوا ، أَلاَ لاَ تَظْلِمُوا ، إِنَّهُ لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ، أَلاَ وَإِنَّ كُلَّ دَمٍ ، وَمَالٍ وَمَأْثَرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِي هَذِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ يُوضَعُ دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي لَيْثٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ ، أَلاَ وَإِنَّ كُلَّ رِبًا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ قَضَى أَنَّ أَوَّلَ رِبًا يُوضَعُ ، رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، لَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ ، لاَ تَظْلِمُونَ ، وَلاَ تُظْلَمُونَ ، أَلاَ وَإِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ، ثُمَّ قَرَأَ : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} ، أَلاَ لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ، أَلاَ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَكُمْ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ ، لاَ يَمْلِكْنَ لأَنْفُسِهِنَّ شَيْئًا ، وَإِنَّ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ حَقًّا : أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا غَيْرَكُمْ ، وَلاَ يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لأَحَدٍ تَكْرَهُونَهُ ، فَإِنْ خِفْتُمْ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، قَالَ حُمَيْدٌ : قُلْتُ لِلْحَسَنِ : مَا الْمُبَرِّحُ ؟ قَالَ : الْمُؤَثِّرُ ، وَلَهُنَّ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَإِنَّمَا أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ ألا وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا ، وَبَسَطَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ ثُمَّ قَالَ : لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ أَسْعَدُ مِنْ سَامِعٍ.
قَالَ حُمَيْدٌ : قَالَ الْحَسَنُ حِينَ بَلَّغَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ : قَدْ وَاللَّهِ بَلَّغُوا ، أَقْوَامًا كَانُوا أَسْعَدَ بِهِ. (5/72)
وروى أحمد حديث خطبة الوداع هذا عن كثير من الصحابة، مثلًا في18722 و15886 و2036 و20336 وغيرها
يعني المحرم فقط هو دم وعرض وكرامة المسلمين، أما غيرهم فلا مشكلة كأنهم جنس آخر غير جنسنا البشري!
وروى أحمد:
2749 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ ضِمَادٌ الْأَزْدِيُّ مَكَّةَ، فَرَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغِلْمَانٌ يَتْبَعُونَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي أُعَالِجُ مِنَ الجُنُونِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ، فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِل، فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " قَالَ: فَقَالَ: رُدَّ عَلَيَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ . قَالَ: ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ الشِّعْرَ، وَالْعِيَافَةَ، وَالْكَهَانَةَ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، لَقَدْ بَلَغْنَ قَامُوسَ الْبَحْرِ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . فَأَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَسْلَمَ: " عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ ؟ "، قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ، عَلَيَّ وَعَلَى قَوْمِي . قَالَ: فَمَرَّتْ سَرِيَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْمِهِ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا، إِدَاوَةً أَوْغَيْرَهَا، فَقَالُوا: هَذِهِ مِنْ قَوْمِ ضِمَادٍ، رُدُّوهَا . قَالَ: فَرَدُّوهَا.
إسناده صحيح على شرط مسلم. عمرو بن سعيد: هو القرشي -ويقال: الثقفي- مولاهم أبو سعيد البصري. وأخرجه مسلم (868) (46) ، وابن ماجه (1893) ، وأبو عوانة في الجمعة كما في "إتحاف المهرة" 3/ورقة 28، وابن حبان (6568) ، وابن منده في "الإيمان" (131) و(132) ، والبيهقي 3/214 من طرق عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة بذكر خطبة الحاجة فقط مع اختلاف في ألفاظها، ووقع عند ابن منده من حديث مسلمة بن محمد الثقفي عن داود بن أبي هند أن السرية التي أغارت على قوم ضماد كانت في عهد عمر رضي الله عنه، وهو خطأ ومسلمة هذا لينُ الحديث، والصواب أنها كانت في عهدِ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما جاء صريحاً عند مسلم وغيره. وسيأتي الحديث مختصراً برقم (3275) .
ضِماد -بكسر الضاد وتخفيف الميم وآخره دال-: هو ابن ثعلبة الأزدي من أزد شنوءة. قوله: "غلمان"، قال السندي: أي: الأحداث وصغار الأسنان، وكأنه زعم من ذلك أنه مجنون، واستدل عليه باجتماع الأحداث. وقوله: "قاموس البحر"، قال: قيل: هو وسطه، وقيل: قعره الأقصى
15806 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى ؟ قَالَ: " مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ، وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ أَمَّا السِّنُّ: فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ: فَمُدَى الْحَبَشَةِ " قَالَ: وَأَصَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْبًا ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ ، فَسَعَوْا لَهُ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِهَذِهِ الْإِبِلِ - أَوْ قَالَ: لِهَذِهِ النَّعَمِ - أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا "
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن عامر: وهو الضُّبعي، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد"، وهو ثقة. شعبة: هو ابن الحجاج، وسعيد بن مسروق: هو الثوري والد سفيان. وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 4/183، والبيهقي في "السنن" 9/245-246 من طريق سعيد بن عامر، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5503) ، والنسائي في "المجتبى" 7/228، وفي "الكبرى" (4498) ، والطحاوي في "شرح المعاني" 4/183 من طرق عن شعبة، به. وأخرجه مطولاً ومختصراً الطيالسي (963) و (964) ، ومسلم (1968) (22) ، والنسائي في "المجتبى" 7/191، وفي "الكبرى" (4809) ، وابن ماجه (3137) ، والطبراني في "الكبير" (4383) ، والبيهقي في "السنن" 9/246 من طريق زائدة بن قدامة، والشافعي في "المسند" 2/173، والحميدي (410) و(411) ، ومسلم (1968) (22) ، والنسائي في "المجتبى" 7/226، وفي "الكبرى" (4492) ، والطبراني في "الكبير" (4391) ، والبيهقي 9/247 من طريق عمر بن سعيد، والبخاري (2488) و (3075) و (5498) ، وابن حبان (5886) ، والطبراني (4384) ، والبغوي في "شرح السنة" (2782) من طريق أبي عوانة، والبخاري (5544) ، وابن ماجه (3178) و (3183) ،والطبراني (4392) ، من طريق عمرو بن عبيد الطنافسي، ومسلم (1968) (22) ، والطبراني (4394) ، والبيهقي 9/247 من طريق إسماعيل بن مسلم، والطبراني (4386) من طريق داود بن عيسى الكوفي، و (4387) من طريق أبي حنيفة، و (4388) من طريق حبيب بن حبيب، و (4389) من طريق حسان بن إبراهيم، و (4390) من طريق إسرائيل، و (4392) من طريق مندل بن علي وحماد بن شعيب الحراني، و (4393) من طريق مبارك بن سعيد بن مسروق، كلهم عن سعيد بن مسروق، به. وقال الطيالسي: قال زائدة: ما يرون في الدنيا حديثاً في هذا الباب أحسن منه. وقال الطيالسي: هو والله من جياد الحديث. قلنا: وزاد فيه إسماعيل بن مسلم: فرميناه بالنبل حتى وَهَصْناه. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 5/387- 388، والبخاري (5543) ، وأبو داود (2821) ، والترمذي (1491) و (1492) و (1600) ، والنسائي في "المجتبى" 7/226، وفي "الكبرى" (4125) و (4493) ، والطبراني (4385) ، والبيهقي في "السنن" 9/247 من طريق أبي الأحوص والطبراني (4389) ، والبيهقي في "السنن" 9/247 من طريق حسان بن إبراهيم الكرماني، كلاهما عن سعيد ابن مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن أبيه رفاعة، عن جده رافع. فزادا: عن أبيه رفاعة. وذكر الترمذي أن الأول أصح، أي دون هذه الزيادة، ثم قال: والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون أن يُذَكّى بسِنٍّ ولا بعظم. وقال الرازي في "العلل" 2/45: سألت أبي عن حديثٍ رواه أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق، عن عَبَاية بن رفاعة، عن أبيه، عن جده رافع بن خديج... فساقه، ثم قال: قال أبي: روى هذا الحديث الثوريُ وغيره، ولم يقولوا فيه: عن أبيه، قلت: فأيهما أصح؟ قال: الثوري أحفظ. قلنا: رواية الثوري سترد بالرقم (17261) . وأخرجه الطبراني (4395) من طريق ليث بن أبي سُلَيم، عن عباية، عن أبيه، عن جده. وليث ضعيف. وأخرجه مختصراً ابنُ أبي شيبة 5/389 عن أبي خالد الأحمر، عن ابن جريج، عمن حدَّثه، عن رافع بن خَدِيج. بنحوه.// ورواه أحمد برقم (15813) و4/140 و140- 141 و142.
وذكرت في ج1 من البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم ومن كتب السيرة عشرات أعمال النهب الموثقة، معظم حياة أتباع محمد كانت قائمة على النهب والسلب، وليس تجارة أو زراعة أو صناعة نافعة، يقال أن كلمة سراكين بمعنى عرب في الاستعمال الغربي القديم جاءت من الكلمة العربية: سرّاقين.
وكانوا يعتبرون أن رزقهم من النهب وأنه أشرف الرزق! وأن العمل الشرعي القانوني الأخلاقي المحلل كالزراعة والتجارة والأمور النافعة غثة حقيرة بمقارنتها بالإرهاب، روى أحمد:
5114- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ، يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي ، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ ، وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ. (2/50)
إسناده ضعيف. ابن ثوبان - وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان - اختلفت فيه أقوالُ المجرحين والمعدلين، فمنهم من قوى أمره، ومنهم من ضعفه، وقد تغير بأخرة، وخلاصة القول فيه أنه حسنُ الحديث إذا لم يتفرد بما ينكر، فقد أشار الإمام أحمد إلى أن له أحاديث منكرة، وهذا منها. وأخرجه عبد بن حميد (848) عن سليمان بن داود الطيالسي، والطبراني في "مسند الشاميين" (216) من طريق محمد بن يوسف الفريابي وعلي بن عياش الحمصي وغسان بن الربيع، وابن الأعرابي في "معجمه" (1137) ، والبيهقي في "الشعب" (1199) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، أربعتهم عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، بهذا الأسناد. وزادوا فيه بعد قوله"بعثت بالسيف": "بين يدي الساعة". وعلق البخاري 6/98 (الفتح) بعضه بصيغة التمريض في باب ما قيل في الرماح، فقال: ويذكر عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري. وسيأتي برقم (5115) و (5667) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، به. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (231) عن أبي أمية الطرسوسي، عن محمد بن وهب بن عطية، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، به. وهذا إسناد فيه ثلاث علل: الأولى: تفرد الوليد بن مسلم بهذا الطريق، فرواه عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، وخالف بذلك جمعاً من الشيوخ حيث رووه عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن حسان بن عطية، كما مر آنفاً، ثم إن الوليد يدلس تدليس التسوية، وهو هنا لم يصرح بصيغة السماع بين الأوزاعي وبين حسان بن عطية، والأوزاعي قد لقي عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وكاتبه، فلعله سمعه منه فدلسه الوليد وأسقط ابن ثوبان، والله أعلم. الثانية: أن أبا أمية الطرسوسي شيخ الطحاوي له أوهام إذا حدث من حفظه، قال ابن حبان في "الثقات"9/137: كان من الثقات، دخل مصر فحدثهم من حفظه من غير كتاب بأشياء أخطأ فيها، فلا يعجبني الاحتجاج بخبره إلا ما حدث من كتابه. قلنا: والطحاوي إنما أخذ عن أبي أمية بمصر، وهو هنا قد سمى شيخه محمد بن وهب بن عطية، والذي حدث بمصر عن الوليد بن مسلم وغيره هو محمد بن وهب بن مسلم القرشي الدمشقي، وهو ضعيف منكر الحديث، والأول صالح الحديث، وأما ابن عدي وابن منده، فقد ذكرا أن محمد بن وهب بن عطية منكر الحديث، كذا قالا، ولعلهما أرادا ابن مسلم القرشي الدمشقي قوهما في اسمه، وكلاهما ذكرت له رواية عن الوليد بن مسلم. انظر"ميزان الاعتدال" 4/61، و"تاريخ دمشق"لابن عساكر 16/94-95. الثالثة: الاضطراب الذي وقع فيه على الأوزاعي، فقد روي عنه هكذا كما هو عند الطحاوي. وروي عنه، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكره ابن أبي حاتم في "العلل"1/319، وقال عن أبيه، عن دحيم (وقع في أصله: أبي دحيم، وهو خطأ، ودحيم: لقب لعبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي) : هذا الحديث ليس بشيء، الحديث حديث الأوزاعي، عن سعيد بن جبلة، عن طاووس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعني مرسلاً. قلنا: كأن دحيماً وأبا حاتم يريان أن المحفوظ عن الأوزاعي هي الرواية المرسلة لا غير، ولهذا المرسل الذي أشار إليه دحيم خرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/322، وعلى إرساله فقد حسن الحافظ ابن حجر إسناده في "الفتح"6/980 فهذه العلل الثلاثة مجتمعة لا يمكن معها تقوية الحديث المرفوع بمتابعة الأوزاعي لعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، والله تعالى أعلم. وفي الباب عن أنس بن مالك عند أبي نعيم في " أخبار أصبهان " 1/129 من طريق الحجاج بن يوسف بن قتيبة، عن بشر بن الحسين الأصبهاني، عن الزبير بن عدي، عن أنس رفعه. وليس فيه لفظ السيف، وإسناده ضعيف جداً، فيه بشر بن الحسين الأصبهاني مجمع على ضعفه، واتهمه بعضهم بالوضع، انظر"الميزان" 1/315-3160 وعن الحسن البصري مرسلاً عند سعيد بن منصور في "سننه" (2370) ، ومراسيل الحسن شبه الريح، ضعاف، وفي إسناده أبو عمير الصوري لم نتبينه. ويشهد لقوله:"من تشبه بقوم فهو منهم" حديث حذيفة عند البزار (144) (زوائد) ، وقال: لا نعلمه مسندا عن حذيفة إلا من هذا الوجه، وقد وقفه بعضهم على حذيفة. وأورده الهيثمي في "المجمع"10/271 ونسبه إلى الطبراني في "الأوسط"فقط، وقال: فيه علي بن غراب (وهو عند البزار أيضاً) ، وقد وثقه غير واحد، وضعفه بعضهم، وبقية رجاله ثقات.
5562 م1 ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَئِنْ أَنْتُمُ اتَّبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَتَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، لَيُلْزِمَنَّكُمُ اللَّهُ مَذَلَّةً فِي أَعْنَاقِكُمْ ، ثُمَّ لاَ تُنْزَعُ مِنْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُونَ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ ، وَتَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ.
إسناده ضعيف لضعف أبي جناب وشهر بن حوشب. وقد سلف برقم (5007) . وانظر (4825) .
وقال البخاري بصيغة الجزم معلَّقًا في صحيحه قبل حديث رقم 2914:
بَاب مَا قِيلَ فِي الرِّمَاحِ وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي
ومعظم أملاك وأموال محمد كان مصدرها نهب الآخرين
وذكرنا الكثير من ذلك في ج1 ومنه مال وأراضي اليهود ومال هوازن وثقيف وقبائل ومدن اليمن وغيرها من منهوبات معظم شبه جزيرة العرب وأطرافها مع الشام، ونذكر هنا أقله كمثال صغير تافه مع كل أملاكه هو أن ناقته الشهيرة كانت من المنهوبات، روى أحمد:
19894 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِي عُقَيْلٍ، فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ وَأُصِيبَتْ مَعَهُ الْعَضْبَاءُ ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ: " مَا شَأْنُكَ ؟ " فَقَالَ: بِمَ أَخَذْتَنِي ؟ بِمَ أَخَذْتَ ؟ سَابِقَةَ الْحَاجِّ، إِعْظَامًا لِذَلِكَ، فَقَالَ: " أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ " . ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رقِيقًا فَأَتَاهُ فَقَالَ: " مَا شَأْنُكَ ؟ " قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ . قَالَ: " لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ " . ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: " مَا شَأْنُكَ ؟ " فَقَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فَاسْقِنِي . قَالَ: " هَذِهِ حَاجَتُكَ " . قَالَ: فَفُدِيَ بِالرَّجُلَيْنِ، وَأُسِرَتْ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَأُصِيبَ مَعَهَا الْعَضْبَاءُ فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ، فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْوَثَاقِ، فَأَتَتِ الْإِبِلَ فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنَ الْبَعِيرِ رَغَا ، فَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْعَضْبَاءِ، فَلَمْ تَرْغُ . قَالَ: وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا، ثُمَّ زَجَرَتْهَا ، فَانْطَلَقَتْ وَنَذِرُوا بِهَا فَطَلَبُوهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ، فَنَذَرَتْ إِنِ اللهُ أَنْجَاهَا عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ، رَآهَا النَّاسُ فَقَالُوا: الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ نَذَرْتُ إِنْ أَنْجَاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: " سُبْحَانَ اللهِ بِئْسَمَا جَزَتْهَا ؛ إِنِ اللهُ أَنْجَاهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ "
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي المهلب- وهو الجرمي- فمن رجال مسلم. وأخرجه مسلم (1641) ، وأبو داود في رواية ابن العبد كما في "التحفة" 8/202، وابن الجارود (933) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (456) من طريق إسماعيل ابن عُلية، بهذا الإسناد. وانظر (19863) .
قال السندي: قوله: "ناقة منوقة" بتشديد الواو المفتوحة، أي: مجربة. "ونذروا بها" بكسر الذال، أي: علموا بها.
19827 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَدَى رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ "
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي المهلب - وهو الجرمي-، فمن رجال مسلم. وأخرجه أبو عبيد في " الأموال" (321) ، وابن أبي شيبة 12/416، والطحاوي 3/260 من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. وسيتكرر برقم (19879) . وأخرجه سعيد بن منصور (2820) ، والترمذي (2714) ، والنسائي في "الكبرى" (8664) ، والطحاوي 3/260 من طريق سفيان بن عيينة، والطيالسي (846) عن حماد بن سلمة، كلاهما عن أيوب السختياني، به. وسيأتي مطولاً بالأرقام (19863) و (19883) و (19894) ، ويأتي تتمة تخريجه وشرحه هناك.
لا تعتبَر هذه قضية عادلة من وجهة نظري، مشكلتك مع قوم، إذن لا يصح أن تؤذي قومًا غيرهم لمجرد أنهم حلفاء منذ زمن قبل مشاكلك مع القوم الآخرين. ونهب الناس ليس له مبرر، وج1 حافل بسرد أعمال النهب. وباقي الحديث يتعلق بما عنونته في ج1 بعنوان مطارة اللصوص إلى ذي الغابة، وفيه معلومة مهمة هناك أن اليثاربة قاموا بالرعي في تخوم منطقة لا تخصهم مما اسجلب هجوم الهاجمين.
وكانوا يعيشون على نهب الآخرين وعلى خطف الناس لطلب فدية
روى أحمد:
23116 - حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب قال: سمعت رجلا من بني ليث قال: أسرني ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت معهم، فأصابوا غنما، فانتهبوها فطبخوها، قال: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن النهبى ـ أو النهبة ـ لا تصلح، فأكفئوا القدور "
صحيح لغيره دون قوله: "فاكفؤوا القدور"، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب، والرجل الليثي: هو ثعلبة بن الحكم كما جاء مسمى في المصادر التي خرجت الحديث . وأخرجه الطيالسي (1195) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/173، وفي "الأوسط" 1/200، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/49، والطبراني في "الكبير" (1375) و (1379) ، وابن قانع 1/121، والحاكم 4/134، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1354) و (1355) من طرق عن شعبة، عن سماك بن حرب، عن ثعلبة بن الحكم الليثي . ورواية "التاريخ الأوسط" دون ذكر المرفوع. وأخرجه بنحوه عبد الرزاق (18841) ، والبخاري في "الكبير" 2/173، و"الأوسط" 1/200، وابن ماجه (3938) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (935) ، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/49، وفي "شرح المشكل" (1318) ، وابن قانع 1/120، وابن حبان (5169) ، والطبراني (1371) و (1372) و (1373) و (1374) و (1376) و (1377) و (1378) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1356) ، والمزي في ترجمة ثعلبة بن الحكم من "تهذيب الكمال" 4/391 من طرق عن سماك بن حرب، عن ثعلبة بن الحكم، فذكره. وأخرجه الطبراني (1382) ، وأبو نعيم (1357) من طريق يزيد بن أبي زياد عن ثعلبة بن الحكم . قلنا: ويزيد ضعيف . وأخرجه البخاري تعليقا في "الكبير" 2/173، والحاكم 2/134 من طريق أسباط بن نصر، عن سماك، عن ثعلبة بن الحكم، عن ابن عباس، به . قال البخاري عقبه: ولا يصح عن ابن عباس، وبنحوه قال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان كما في "العلل" 2/224 . قلنا: وأسباط ليس بذاك القوي . ثم قال أبو حاتم: ثعلبة بن الحكم قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم . وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (8317) . وعن جابر بن عبد الله، سلف برقم (14351) وانظر تتمة الشواهد عندهما .
كان اعتراض محمد الوحيد هو عدم تقسيمهم للغنيمة المنهوبة قبل الأكل منها. وذكرت في ج1 صورة كاملة لمعظم أو كل ما وصلنا عن غزواتهم وأعمالهم الإجرامية وأعمال النهب والسلب التي كانوا يتعيشون منها، السؤال لو صار كل الكوكب مسلمين أصولييين جهاديين، وهم لا يتكسبون بزراعة ولا صناعة ولا تجارة ولا أي شيء سوى النهب والاحتلال، فمن أين سيعيشون بعد ذلك، ربما كانوا سيضطرون للبدء في تعلم مهن نافعة، أو ربما كفروا بعضهم البعض كالعادة وبدأوا القتال من جديد فالدماء هي هوايتهم المحببة، الجهاديون الفاتحون فعليًّا أشخاص لا فائدة لها إنسانيًّا ولا حضاريًّا. العرب كانوا أمة متأخرة متخلفة بلا حضارة وقت الفتوحات ولم تكن حروب الزمن القديم فيها تكنولوجيا فكان الانتصار لهم أسهل، وهم لم يكونوا مثل روما التي احتلت العالم لكنها قدمت له الحضارة والتمدن، هم لم يقدموا سوى النهب والاستعباد والخراب في المعظم لدول كانت فيها حضارات عريقة.
تحريم إنتاج البغال
لم يحرم محمد ركوب أو تربية واستعمال البغال، فهو نفسه كما هو مشهور كان له واحد أهداه له كيرس أي المقوقس والي مصر الرومي، لكنه حرم إنتاجها بالسماح بالتزاوج بين الخيول والأحصنة، روى أحمد:
785 - حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةٌ ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَنَّا أَنْزَيْنَا الْحُمُرَ عَلَى خَيْلِنَا فَجَاءَتْنَا بِمِثْلِ هَذِهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ "
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن زرير الغافقي، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وهو ثقة. أبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزَني. وأخرجه أبو داود (2565) ، والبزار (889) ، والنسائي 6/224، والطحاوي 3/271، وابن حبان (4682) ، والبيهقي 10/22 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/540 من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وانظر أحمد (738) و (785) و(1359) و(766) و(582) وأبو يعلى (484)
1977 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَالِمٍ أَبُو جَهْضَمٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا مَأْمُورًا ، بَلَّغَ وَاللهِ مَا أُرْسِلَ بِهِ، وَمَا اخْتَصَّنَا دُونَ النَّاسِ بِشَيْءٍ لَيْسَ ثَلاثًا، أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ، وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَأَنْ لَا نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ " قَالَ مُوسَى: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ حَسَنٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: " إِنَّ الْخَيْلَ كَانَتْ فِي بَنِي هَاشِمٍ قَلِيلَةً، فَأَحَبَّ أَنْ تَكْثُرَ فِيهِمْ "
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير موسى بن سالم أبي جهضم، فقد روى له أصحاب السنن، وهو ثقة. وأخرجه الترمذي (1701) ، وابن خزيمة (175) من طريق ابن علية، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي 1/89، وابن خزيمة (175) ، والبيهقي 10/23 من طريقين عن أبي جهضم، به. ورواه أحمد برقم (2060) و (2092) و (2238)، وانظر أبو داود (808) ، والنسائي 6/224، والطحاوي 1/205.
766 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلٌ أَوْ بَغْلَةٌ ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا ؟ قَالَ: " بَغْلٌ، أَوْ بَغْلَةٌ " قُلْتُ: وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ ؟ قَالَ: " يُحْمَلُ الْحِمَارُ عَلَى الْفَرَسِ، فَيَخْرُجُ بَيْنَهُمَا هَذَا " قُلْتُ: أَفَلا نَحْمِلُ فُلانًا عَلَى فُلانَةَ ؟ قَالَ: " لَا، إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ "
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، علي بن علقمة- وهو الأنماري- لم يرو عنه سوى سالم بن أبي الجعد، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عدي: ما أرى بحديثه بأساً، ؤقال البخاري: في حديثه نظر، وذكره العقيلي وابنُ الجارود في "الضعفاء"، وشريك- وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ. وأخرجه الطيالسي (156) ، والبزار (669) ، والطحاوي 3/271، وابن عدي في "الكامل" 5/1847 من طرق عن شريك، بهذا الإسناد. وانظر (738) ، وللحديث طريق أخرى صحيحة عند المصنف برقم (785) ، وانظر أيضاً (582) .
قوله: "الذين لا يعلمون"، قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/273: أي لأنهم يتركون بذلك إنتاج ما في ارتباطه الأجر، وينتجون ما لا أجر في ارتباطه.
وقال الخطابي في "معالم السنن" 2/251: يشبه أن يكون المعنى في ذلكْ- والله أعلم- أن الحمر إذا حمِلت على الخيل تعطلت منافع الخيل، وقل عددها، وانقطع نَماؤها، والخيل يحتاج إليها للركوب والركض والطلب، وعليها يجاهَد العدو، وبها تحرَز الغنائم، ولحمها مأكول، ويسهم للفرس كما يسهم للفارس، وليس للبغل شيء من هذه الفضائل، فأحب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَنمو عدد الخيل، ويكثر نسلها، لما فيها من النفع والصلاح.
وقال السندي: استدِل على جواز اتخاذ البغال بركوب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبامتنان الله تعالى على الناس بها بقوله: (والخيل والبغال)] النحل: 8 [، أجيب بجواز أن تكون البغال كالصور، فإن عملها حرام، واستعمالها في الفرش مباح، والله تعالى أعلم.
هذا شرعه محمد لأنه لا يحب ولا يشجع الزراعة ولا يعرف فوائد البغال في مجال الزراعة في النقل والحرث، باعتبارها بقوة الأحصنة وهدوء الحمير، كان محمد يشجع التكسب بالنهب والسلب فقط، لذلك كره تربية وإنتاج بغال يذهب جزء من موارد أتباعه عليها، وكان يفضل الخيول للهجوم والحرب والعدوان والغارات للنهب والسبي.
تشريعات النهب وتوزيع المنهوبات
روى البخاري:
6707 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِلَّا الْأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ يُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامًا يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي الْقُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ
7170 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ لِأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي فَجَلَسْتُ ثُمَّ بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ سِلَاحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي قَالَ فَأَرْضِهِ مِنْهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَلَّا لَا يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدَّاهُ إِلَيَّ فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ عَنْ اللَّيْثِ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدَّاهُ إِلَيَّ
3051 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ ثُمَّ انْفَتَلَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ
3141 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
قَالَ بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ فَنَظَرْتُ عَنْ
يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَإِذَا أَنَا بِغُلَامَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ
حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا
فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ قُلْتُ
نَعَمْ مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ
مِنَّا فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ فَغَمَزَنِي الْآخَرُ فَقَالَ لِي مِثْلَهَا فَلَمْ
أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ قُلْتُ أَلَا
إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا
فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلَاهُ ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ أَيُّكُمَا قَتَلَهُ قَالَ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَالَ هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا
قَالَا لَا فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ فَقَالَ كِلَاكُمَا قَتَلَهُ سَلَبُهُ
لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَكَانَا مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ
وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ قَالَ مُحَمَّدٌ سَمِعَ يُوسُفُ صَالِحًا
وَإِبْرَاهِيمَ أَبَاهُ
3142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حُنَيْنٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَلَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَدَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ حَتَّى ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ مَا بَالُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ فَقُمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَلَبُهُ عِنْدِي فَأَرْضِهِ عَنِّي فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَاهَا اللَّهِ إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ فَأَعْطَاهُ فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ
3074 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ فِي النَّارِ فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ ابْنُ سَلَامٍ كَرْكَرَةُ يَعْنِي بِفَتْحِ الْكَافِ وَهُوَ مَضْبُوطٌ كَذَا
3124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا وَلَا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا فَغَزَا فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا فَقَالَ إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمْ الْغُلُولُ فَلْيُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمْ الْغُلُولُ فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا فَجَاءَتْ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا
وروى أحمد:
21675 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَشْجَعَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ " فَتَغَيَّرَ وُجُوهُ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: " إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللهِ " " فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ"
ورواه أحمد 17031 وإسناده محتمل للتحسين، قال فيه ابن نمير عند أحمد: ابن أبي عمرة - وهو عبد الرحمن الثقة، وقال فيه يزيدُ بنُ هارون: أبو عمرة مولى زيد بن خالد الجهني، وهو مجهول الحال، لم يرو عنه غير محمد بن يحيى بن حَبّان الأنصاري، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الحاكم: رجل معروف بالصدق، وأقره الذهبي، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، والصحيح أن الحديث حديثُه، نصَّ عليه الترمذي عقب الحديث رقم (2296) ، وأبو حاتم كما في "العلل" 1/366، والحافظ في "أطراف المسند" 2/413، وقد رواه غير الإمام أحمد من طريق ابن نُمير، فقال: أبو عمرة، على الصواب، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/491-492 ومن طريقه الطبراني (5180) عن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد، إلا أنه قال: عن أبي عمرة. وهو الجادة كما أسلفنا. وأخرجه عبد بن حميد (272) ، وابن الجارود (1081) ، والطبراني (5174) و (5181) ، والبيهقي في "السنن" 9/101 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه الشافعي في "السنن" (636) - ومن طريقه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (78) -، وعبد الرزاق (9502) ، والحميدي (815) ، وابن أبي شيبة 12/492، والطبراني في "الكبير" (5177) ، والحاكم 1/364 من طريق سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، به، إلا أنه وقع في مطبوع الطبراني: عن ابن أبي عمرة! قال الحاكم: رواه الناس عن يحيى بن سعيد. أبو عمرة هذا رجل معروف بالصدق ولم يخرجاه. وقال الذهبي: أبو عمرة جهني صدوق. وأخرجه الشافعي في "السنن" (637) - ومن طريقه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (79) - عن عبد الوهَاب بن عبد المجيد الثقفي، عن يحيى بن سعيد، به. وجاء في مطبوع الشافعي: ابن أبي عمرة! وأخرجه ابن ماجه (2848) ، والبيهقي في "السنن" 9/101 من طريق الليث عن يحيى، به. ووقع في مطبوع ابن ماجه: ابن أبي عمرة، وهو خطأ، فقد ذكره المزي على الصواب في "تحفة الأشراف" 3/244، فقال: عن أبي عمرة. وأخرجه عبد الرزاق (9501) - ومن طريقه الطبراني (5175) - عن ابن جريج، وابن الجارود (1081) من طريق أبي خالد الأحمر، والحاكم 2/127 من طريق بشر بن المفضل، وأبو نعيم في "الحلية" 8/262 من طريق أبي إسحاق الفزاري، كلهم عن يحيى بن سعيد، به. وأخرجه الطبراني (5178) و (5179) من طريق أنس بن عياض والدراوردي، عن يحيى بن سعيد، به. وفيه: عن ابن أبي عمرة! وأخرجه أبو مصعب الزهري في "الموطأ" (924) - ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (2729) ، وفي "التفسير" 1/441-، والطبراني (5176) من طريق القعنبي وعبد الله بن الحكم، وعبد الله بن يوسف، والبيهقي 9/101 من طريق عبد الله بن وهب، خمستهم عن مالك، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبّان، عن أبي عمرة، به. وأخرجه يحيى بن يحيى في "الموطأ" 2/458 عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبّان أن زيد بن خالد الجهني، به. قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 14/193: هكذا رواه يحيى بن يحيى، عن محمد بن يحيى بن حبان أن زيد بن خالد، لم يقل عن أبي عمرة، ولا عن ابن أبي عمرة، وهو غلط منه، وسقط من كتابه ذكر أبي عمرة، أو ابن أبي عمرة. ثم قال: وعند أكثر شيوخنا في هذا الحديث في "الموطأ": توفي رجلٌ يوم حنين، وهو وهم، وإنما هو يوم خيبر، وعلى ذلك جماعة الرواة، وهو الصحيح، والدليل على ذلك قوله في الحديث: "فوجدنا خرزات من خرز يهود" ولم يكن بحنين يهود. وسُئل أبو حاتم- كما في "العلل" للرازي 1/366- عن حديث رواه حماد ابن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن زيد بن خالد أن رجلاً مات... فقال: كذا رواه حماد بن زيد، ورواه جماعة عن يحيى، عن محمد بن يحيى، عن أبي عمرة، عن زيد بن خالد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . القصة، وهو الصحيح. وسيأتي برقم 5/192. وفي الباب عن عمر بن الخطاب، سلف برقم (203) وإسناده حسن. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، سلف برقم (6493) . وعن أبي هريرة عند البخاري (6707) ، ومسلم (115) .
وفي السيرة لابن هشام:
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي نَجيح، عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم يومئذ عن إتيان الحبالى من السبايا، وعن أكل الحمار الأهلي، وعن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن بيع المغانم حتى تُقسم.
قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق مولى تُجِيب؛ عن حَنَش الصنْعانى، قال: غزوْنا مع رُوَيْفع بن ثابت الأنصاري المغرب، فافتتح قرية من قرى المغرب يقال لها جِرْبة، فقام فينا خطيباً، فقال: يأيها الناس، إنى لا أقول فيكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله فينا يوم خيبر، قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا يحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماؤه زرعَ غيره، يعني إتيان الحبالى من السبايا، ولا يحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب امرأةً من السبي حتى يستبرئَها، ولا يحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنماً حتى يُقسم، ولا يحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركبَ دابة من فىء المسلمين حتى إذا أعجفها ردَّها فيه، ولا يحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوباً من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه.
ورواه أحمد 16990 و 16997 عن ابن إسحاق، ولو أنه يجعله قاله في غزوة حنين.
وروى أحمد:
9017 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَنَائِمِ حَتَّى تُقْسَمَ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تُحْرَزَ مِنْ كُلِّ عَارِضٍ، وَأَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ حَتَّى يَحْتَزِمَ "
حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الراوي عن أبي هريرة. وأخرجه أبو داود (3369) من طريق حفص بن عمر، والبيهقي 2/240 من طريق النضر بن شميل، كلاهما عن شعبة، بهذا الِإسناد. ورواية البيهقي مختصرة بالاحتزام فقط. وسيأتي الحديث برقم (9909) و (10105) . وللنهي عن بيع الثمرة حتى تحرز، انظر ما سلف برقم (7559) . وللنهي عن بيع المغانم حتى تقسم شاهد عن أبي سعيد الخدري، سيأتي في "المسند" 3/42. وإسناده ضعيف. وعن ابن عباس عند النسائي 7/301، والحاكم 2/540، والبيهقي 5/338. وإسناده حسن. ويشهد لقصة الاحتزام حديث سلمة بن الأكوع، وسيأتي في "المسند" 4/49، وإسناده حسن.
قال السندي: قوله: "حتى تحرز": من الحِرْز، أي: تحفَظ. وقوله: "حتى يحتزم"، أي: يشد وسطه، وهو أمر بالتحزيمِ في الصلاة، وهو أن يشد ثوبه عليه، لأنهم ما كانوا أهل سراويل، ومن كان عليه إزار وكان جيبه واسعاً ولم يشد وسطه، ربما انكشفت عورتُه.
16822 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَمْ يُخَمِّسْ السَّلَبَ "
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي المغيرة: وهو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني فمن رجال الشيخين. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (1077) من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عبيد في "الأموال" (772) ، وسعيد بن منصور (2698) ، وأبو داود (2721) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/226، والبيهقي في "السنن " 6/310، وابن عبد البر في "الاستذكار" (19753) من طريق إسماعيل ابن عياش، عن صفوان بن عمرو، به. وعندهم زيادة: قضى بالسلب للقاتل. وأخرجه أبو يعلى (7191) و (7192) من طريقين عن عمرو بن صفوان، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن خالد بن الوليد، به . وسيكرر في مسند عوف بن مالك 6/26 سنداً ومتناً، وسيأتي ثمة كذلك من حديث عوف بن مالك مطولاً، وانظر حديث سلمة بن الأكوع السالف برقم (16492) .
16492 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " بَارَزْتُ رَجُلًا فَقَتَلْتُهُ فَنَفَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَبَهُ "
إسناده صحيح على شرط الشيخين. وكيع: هو ابن الجراح. وأبو عُميس: هو عتبة بن عبد الله المسعودي. وأخرجه الدارمي 2/219، وابن ماجه (2836) ، وأبو عوانة 4/123 من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (16494) ، ومطولًا بالأرقام (16519) و (16523) و (16531) و (16536) . وفي الباب من حديث أبي قتادة عند البخاري (3142) ، ومسلم (1751) (41) ، وسيرد 5/295. وانظر حديث خالد بن الوليد الآتي 4/90.
قال السندي: قوله: فنفلني، من التنفيل، أي: أعطاني.
وروى مسلم:
[ 1762 ] حدثنا يحيى بن يحيى وأبو كامل فضيل بن حسين كلاهما عن سليم قال يحيى أخبرنا سليم بن أخضر عن عبيد الله بن عمر حدثنا نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم في النفل للفرس سهمين وللرجل سهما
وروى البخاري:
3135 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنْ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ
يعني تشريعات لتقسيم المسروقات والمنهوبات على طريقة شيخ العصابة أو المنسر.
تعاليم هدم المعابد الوثنية والكنائس المسيحية واليهودية
لكي لا نكرر النصوص فقد ذكرت في الجزء الأول شغب المسلمين في مكة وهدمهم للتماثيل في الفترة المكية قبل هجرة محمد، ثم عند فتح مكة في مكة وإرسال محمد لهدم التماثيل الخاصة بالمؤمنين بتعدد الآلهة في كل شبه جزيرة العرب، وذكرت كذلك في وفد حنيفة قصة هدم كنيسة من كتب الحديث والسير، وذكرت في باب تعاليم العنف من هذا الجزء بعض الأدلة على هدم تماثيل سكان يثرب كذلك قبل وبعد هجرة محمد. وذكرت هدم الكنائس والمعابد اليهودية والزردشتية في باب التعاليم العنصرية بسياق أكمل وأطول وباب تعاليم العنف.
أسلوب تعامل محمد مع اليهود العرب اليثاربة
تهجم محمد على معبد يهودي وتهديده لهم ليتبعوا دينه بالإكراه
روى أحمد:
23984 - حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا صفوان قال: حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم يوما وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة، يوم عيد لهم، فكرهوا دخولنا عليهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معشر اليهود أروني اثني عشر رجلا يشهدون أنه لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، يحبط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب، الذي غضب عليه " قال: فأسكتوا ما أجابه منهم أحد، ثم رد عليهم فلم يجبه أحد، ثم ثلث فلم يجبه أحد، فقال: " أبيتم فوالله إني لأنا الحاشر، وأنا العاقب، وأنا النبي المصطفى، آمنتم أو كذبتم " . ثم انصرف وأنا معه حتى إذا كدنا أن نخرج نادى رجل من خلفنا: كما أنت يا محمد . قال: فأقبل . فقال ذلك الرجل: أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود ؟ قالوا: والله ما نعلم أنه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله منك، ولا أفقه منك، ولا من أبيك قبلك، ولا من جدك قبل أبيك . قال: فإني أشهد له بالله أنه نبي الله، الذي تجدونه في التوراة، قالوا: كذبت، ثم ردوا عليه قوله، وقالوا فيه شرا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كذبتم لن يقبل قولكم، أما آنفا فتثنون عليه من الخير ما أثنيتم، ولما آمن أكذبتموه، وقلتم فيه ما قلتم، فلن يقبل قولكم " . قال: فخرجنا ونحن ثلاثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا وعبد الله بن سلام، وأنزل الله عز وجل فيه: {قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [الأحقاف: 10]
إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وصفوان: هو ابن عمرو السكسكي. وأخرجه الطبري في "التفسير" 26/11-12، وابن حبان (7162) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (83) ، وفي "الشاميين" (948) ، والحاكم 3/415-416 من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد. وقصة إسلام عبد الله بن سلام سلفت برقم (12057) في سياق قصة أخرى، وهي أصح.
محاولة إكراه اليهود على الإسلام
محاولة إكراه يهود بني قينقاع وعدم رضوخهم سبب تهجير محمد لهم
روى البخاري:
3167 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ
حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ فَخَرَجْنَا حَتَّى
جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَالَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ
الْأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ
الْأَرْضِ فَمَنْ يَجِدْ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ وَإِلَّا
فَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ
ورواه البخاري 3167 و6944 و7348 وأحمد 9826
وقد يُحتمَل أن الخبر عن بني النضير، وهو يتضمن الإكراه الديني وتهجير الناس من أوطانها بأسلوب النازية.
وجاء عن تهديد محمد لليهود بأسلوب تهجمي تهديدي غير مهذب كذلك ما ورواه البخاري:
3911 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَابٌّ لَا يُعْرَفُ قَالَ فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ قَالَ فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ قَالَ فَقِفْ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَانِبَ الْحَرَّةِ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الْأَنْصَارِ فَجَاءُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا وَقَالُوا ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَحَفُّوا دُونَهُمَا بِالسِّلَاحِ فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ فِي نَخْلٍ لِأَهْلِهِ يَخْتَرِفُ لَهُمْ فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِي يَخْتَرِفُ لَهُمْ فِيهَا فَجَاءَ وَهِيَ مَعَهُ فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي قَالَ فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلًا قَالَ قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ فَأَرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ وَيْلَكُمْ اتَّقُوا اللَّهَ فَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ فَأَسْلِمُوا قَالُوا مَا نَعْلَمُهُ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ قَالَ فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَالُوا ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ قَالَ يَا ابْنَ سَلَامٍ اخْرُجْ عَلَيْهِمْ فَخَرَجَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ اتَّقُوا اللَّهَ فَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ فَقَالُوا كَذَبْتَ فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ورواه أحمد 13205
وذكرت في ج1 تهجمات أخرى منها طلب أبي بكر بأمر من محمد صدقة من اليهود لتمويل حروبه الإرهابية العدوانية وتهجم أبي بكر على الرابي الحبر فنحاص داخل المعبد اليهودي، وذكرت تهديد محمد لليهود مرة أخرى قبل غزوة بني قينقاع وتهجيرهم من بلدهم.
قتل وإبادة وسبي وتهجير محمد لليهود العرب في يثرب بسبب عدم اتباعهم له
روى أحمد:
6367 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقُرَيْظَةَ، حَارَبُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ، وَمَنَّ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ، وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا بَعْضَهُمْ، لَحِقُوا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّنَهُمْ، وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ: بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، ويَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ "
إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"مصنف عبد الرزاق" (9988) و (19364) ، ومن طريقه أخرجه البخاري (4028) ، ومسلم (1766) (62) ، وأبو داود (3005) . وأخرجه مسلم (1766) (62) ، والبيهقي 9/208 من طريق حفص بن ميسرة، عن موسى، به. وقال مسلم: وحديث ابن جريج أكثر وأتم. وانظر (4532) و (6368) .
روى مسلم:
[ 2405 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب يعني بن عبد الرحمن القاري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله علي يديه قال عمر بن الخطاب ما أحببت الإمارة إلا يومئذ قال فتساورت لها رجاء أن أدعى لها قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأعطاه إياها وقال امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك قال فسار على شيئا ثم وقف ولم يلتفت فصرخ يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس قال قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله
ورواه أحمد 8990 و8163 وانظر 10822
وعلى هذا نفهم حديث (أمرت أن أقاتل الناس) على ضوء جديد، فرض الجزية ومسالمة الكتابيين وعدم إكراههم بدأ سنة 9 ه، ما قبل ذلك يوجد كم لا بأس به من الإبادة والإكراه. وقد استفضت في تاريخ حروب محمد الإجرامية في الجزء الأول، مبينًا ذلك بالأدلة، فلا داعي لوضع نصوص الكتاب مرة أخرى هنا لعدم الإطالة، كانت مسودة دراستي لمسند أحمد وهوامش طبعة الرسالة له فيها كل تلك النصوص مرة أخرى، لكن لن يلائم إعادة سرد كل حروب محمد هنا مرة أخرى.
اليهود كانوا يضيفون محمدًا فما كان جزاؤهم سوى الإبادة والسبي والتهجير، روى أحمد:
13201 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ ، " فَأَجَابَهُ "
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبان -وهو ابن يزيد العطار- فمن رجال مسلم. وسيأتي عن عفان، عن أبان برقم (13861) .
12861 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ خَيَّاطًا دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَعَامٍ، فَأَتَاهُ بِطَعَامٍ وَقَدْ جَعَلَهُ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ وَقَرْعٍ . " فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتْبَعُ الْقَرْعَ مِنْ الصَّحْفَةِ "، قَالَ أَنَسٌ: " فَمَا زِلْتُ يُعْجِبُنِي الْقَرْعُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ "
إسناده صحيح على شرط الشيخين. همام: هو ابن يحيى العوْذي. وأخرجه أبو يعلى (2883) ، وابن حبان (5293) من طريق همام بن يحيى بهذا الإسناد. وانظر (12811) و (13201) .
قوله: "إهالة سنِخة" ، قال ابن الأثير في "النهاية" 1/84: كل شيء من الأدْهان مما يُؤْتدم به إهالةٌ، وقيل: هو ما أُذِيب من الألْيةِ والشحم، وقيل: الدسم الجامد. والسَّنِخة: المتغيرة الريح.
13860 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ ، فَأَجَابَهُ " وَقَدْ قَالَ أَبَانُ أَيْضًا: أَنَّ خَيَّاطًا.
يعني حتى فقراؤهم كانوا يودونه، لا أحد سممه كما ترى أو ألقى عليه جلمود صخر كما سيدعي لاحقًا، وقد زعمتُ في ج1 أن محمدًا هو من بادأهم بالعدوان وقدمت براهيني على ذلك.
النهي عن كل أنواع اللعب عدا التدريب العسكري
روى الطبراني في المعجم الكبير ج2:
1785- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ (ح) وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَصْبَغِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ وَجَابِرَ بْنَ عُمَيْرٍ الأَنْصَارِيَّ يَرْتَمِيَانِ فَمَلَّ أَحَدُهُمَا فَجَلَسَ ، فَقَالَ لَهُ الآخَرُ : كَسِلْتَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ لَهُوٌ ، أَوْ سَهْوٌ إِلاَّ أَرْبَعَ خِصَالٍ : مَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ ، وَتَأْدِيبُهُ فَرَسَهُ ، ومُلاَعَبَةُ أَهْلِهِ ، وَتَعَلُّمُ السِّبَاحَةِ.
ورواه النسائي في "الكبرى" (8938) و (8939) و (8940) ، والبزار (1704- كشف الأستار)، وجوَّد إسناده المنذري في "الترغيب" 2/170، وصححه ابن حجر في ترجمة جابر بن عمير من "الإصابة". وقال الهيثمي في المجمع5/ 269 رواه الطبراني في الأوسط والكبير والبزار 1704 ورجال الطبراني رجال الصحيح خلا عبد الوهاب بن بخت وهو ثقة، قلت وأبو عبد الرحيم اسمه خالد بن أبي يزيد بن سماك بن رستم الأموي مولاهم الحراني وانظر الحديث رقم 315 من سلسلة الأحاديث الصحيحة لمحمد ناصر الدين الألباني. ورواه النسائي في عشرة النساء ق74/ 2 وأبو نعيم في أحاديث أبي القاسم أصم ق17-18.
وروى مسلم:
[ 1919 ] حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر أخبرنا الليث عن الحارث بن يعقوب عن عبد الرحمن بن شماسة أن فقيما اللخمي قال لعقبة بن عامر تختلف بين هذين الغرضين وأنت كبير يشق عليك قال عقبة لولا كلام سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعانيه قال الحارث فقلت لابن شماسة وما ذاك قال إنه قال من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصى
[ 1918 ] وحدثنا هارون بن معروف حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي علي عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه
ورواه أحمد 17433 وأبو يعلى (1742) ، والبغوي في "التفسير" 2/258 من طريق هارون بن معروف، بهذا الإسناد. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2449) ، وأبو عوانة 5/102، وابن حبان (4697) ، والطبراني في "الكبير" 17/ (912) ، والبيهقي 10/13 من طرق عن عبد الله بن وهب، به. وأخرجه مسلم (1918) ، وأبو عوانة 5/102 من طريق بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، به. وأخرجه بنحوه الترمذي (3083) من طريق وكيع، عن أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن رجل لم يسمه، عن عقبة بن عامر.
وروى أحمد:
17300 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَّامٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْأَزْرَقِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ الثَّلَاثَةَ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ الْجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالْمُمِدَّ بِهِ، وَالرَّامِيَ بِهِ "
وَقَالَ: " ارْمُوا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا "
" كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ بَاطِلٌ، إِلَّا رَمْيَةَ الرَّجُلِ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ . وَمَنْ نَسِيَ الرَّمْيَ بَعْدَمَا عُلِّمَهُ، فَقَدْ كَفَرَ الَّذِي عُلِّمَهُ "
حديث حسن بمجموع طرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله الأزرق- وهو ابن زيد- فقد تفرد بالرواية عنه أبو سلاَّم- وهو ممطور الأسود الحبشي-، وقيل في عبد الله بن زيد هذا: إنه قاصُّ مسلمة بالقسطنطينية، وفرَّق بينهما البخاري وابن أبي حاتم، وصوَّبه المزي في ترجمة خالد بن زيد من "التهذيب" 8/74. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. وقد اضطُرِبَ في إسناده، فرواه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي هنا وفيما يأتي برقم (17338) عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلاَّم ممطور الحبشي عن عبد الله بن زيد الأزرق، وخالفه معمرُ بن راشد فرواه عن يحيى، عن زيد ابن سلاَّم فيما سيأتي برقم (17337) و (17400) ، وزيد هذا حفيد أبي سلاَّم الحبشي، وهو ثقة.// وخالف يحيى بنَ أبي كثير فيه أيضاً عبدُ الرحمن بن يزيد بن جابر، فرواه عن أبي سلاَّم الحبشي، عن خالد بن زيد، عن عقبة بن عامر، وذلك فيما سيأتي برقم (17321) و (17335) و (17336) . وخالد بن زيد، وقيل: ابن يزيد، مجهول.// وحديث هشام بن أبي عبد الله الدستوائي أخرجه الطيالسي (1006) و (1007) ، والدارمي (2405) ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/502، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (295) ، والطبراني في "الكبير" 17/ (940) و (941) ، والبيهقي 10/13-14 و218 من طرق عنه، بهذا الإسناد. // وأخرج القطعة الأخيرة بنحوه مسلم (1919) ، والبيهقي 10/13 من طريق عبد الرحمن بن شماسة، عن عقبة بن عامر رَفَعه: "من عَلِمَ الرميَ ثم تركه، فليس منَّا، أو قد عصى".// وأخرجها ابن ماجه (2814) من طريق عثمان بن نعيم الرعيني، عن المغيرة بن نهيك، عن عقبة رفعه: "من تعلم الرمي ثم تركه فقد عصاني". وإسناده ضعيف لجهالة عثمان والمغيرة.// ويشهد له دون هذه القطعة الأخيرة حديث أبي هريرة عند الحاكم 2/95 من طريق سويد بن عبد العزيز، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف لضعف سويد، وخالفه الليث وحاتم بن إسماعيل وجماعة فرووه عن ابن عجلان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً، هكذا قال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان كما في "العلل" 1/302 لابن أبي حاتم، وقالا: وهو الصحيح مرسلٌ. قلنا: ورجال المرسل ثقات لا بأس بهم، وتابع ابنَ عجلان على إرساله محمدُ بن إسحاق عند الترمذي (1637) .// ويشهد للقطعة الأولى منه حديث أبي هريرة عند الخطيب في "تاريخه" 3/128 و6/367، وهو ضعيف.// ويشهد لقوله في القطعة الثانية: "كل شيء يلهو به الرجل..." إلخ، حديث جابر بن عمير أو جابر بن عبد الله عند النسائي في "الكبرى" (8938) و (8939) و (8940) ، والبزار (1704- كشف الأستار) ، والطبراني في "الكبير" (1785) وجوَّد إسناده المنذري في "الترغيب" 2/170، وصححه ابن حجر في ترجمة جابر بن عمير من "الإصابة".// ويشهد للقطعة الأخيرة منه حديث أبي هريرة عند الطبراني فى "الصغير" (543) ، وفي "الأوسط " (4189) . وسنده حسن في المتابعات والشواهد.
مثال لاختلال القيم الأخلاقية: التصدق بمال منهوب وريع أرض منهوبة مستولى عليها
روى البخاري:
2737 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُ بِهِ قَالَ إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا
رواه مسلم 1632 وأحمد 4608
3140 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ قَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ وَزَادَ قَالَ جُبَيْرٌ وَلَمْ يَقْسِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَلَا لِبَنِي نَوْفَلٍ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَبْدُ شَمْسٍ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ إِخْوَةٌ لِأُمٍّ وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لِأَبِيهِمْ
وروى مسلم:
[ 1757 ] وحدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أن مالك بن أوس حدثه قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فجئته حين تعالى النهار قال فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله متكئا على وسادة من آدم فقال لي يا مال إنه قد دف أهل أبيات من قومك وقد أمرت فيهم برضخ فخذه فاقسمه بينهم قال قلت لو أمرت بهذا غيري قال خذه يا مال قال فجاء يرفا فقال هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد فقال عمر نعم فأذن لهم فدخلوا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي قال نعم فأذن لهما فقال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن فقال القوم أجل يا أمير المؤمنين فاقض بينهم وأرحهم فقال مالك بن أوس يخيل إلي أنهم قد كانوا قدموهم لذلك فقال عمر اتئدا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة قالوا نعم ثم أقبل على العباس وعلي فقال أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة قالا نعم فقال عمر إن الله جل وعز كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره قال { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول } ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا قال فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النضير فوالله ما استأثر عليكم ولا أخذها دونكم حتى بقي هذا المال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة ثم يجعل ما بقي أسوة المال ثم قال أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون ذلك قالوا نعم ثم نشد عباسا وعليا بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك قالا نعم قال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئتما تطلب ميراثك من بن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نورث ما تركنا صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق فوليتها ثم جئتني أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد فقلتما ادفعها إلينا فقلت إن شئتم دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتماها بذلك قال أكذلك قالا نعم قال ثم جئتماني لأقضي بينكما ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فرداها إلي
وروى أحمد:
6078 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا مِنْ يَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ لَهَا: ثَمْغٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَصَبْتُ مَالًا نَفِيسًا ، أُرِيدُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، قَالَ: " فَجَعَلَهَا صَدَقَةً لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ ، وَلَا تُورَثُ، يَلِيهَا ذَوُو الرَّأْيِ مِنْ آلِ عُمَرَ، فَمَا عَفَا مِنْ ثَمَرَتِهَا جُعِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَفِي الرِّقَابِ، وَالْفُقَرَاءِ، وَلِذِي الْقُرْبَى، وَالضَّيْفِ، وَلَيْسَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا جُنَاحٌ أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُؤْكِلَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مِنْهُ مَالًا " قَالَ حَمَّادٌ: فَزَعَمَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُهْدِي إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ مِنْهُ قَالَ: فَتَصَدَّقَتْ حَفْصَةُ بِأَرْضٍ لَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَتَصَدَّقَ ابْنُ عُمَرَ بِأَرْضٍ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَوَلِيَتْهَا حَفْصَةُ
إسناده صحيح على شرط الشيخين. يونس: هو ابن محمد المؤدب، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه مختصراً الدارقطني 4/186، والبيهقي 6/159 من طريق الهيثم بن سهل، عن حماد بن زيد، به. وأخرج البخاري الشطر الأخير منه (2777) من طريق قتيبة بن سعيد، عن حماد بن زيد، به. وأخرجه مختصراً الدارقطني 4/186 من طريق أبي جعفر الحراني، عن يونس بن محمد، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر. قلنا: جعله من مسند عمر، والمشهور أنه من مسند ابن عمر. وانظر تخريجنا للرواية رقم (4608) .
القيمة الأخلاقية تقول بأنه لا يصح فعل الخير من خلال فعل شر، فهذا يكون شرًّا محضًا. لا يجوز سرقة ناس وتخريب حيواتهم وتقتيلهم ونفيهم لكي تسعد ناس آخرين وتتصدق عليهم. لا يصح أن تقتل شخصًا لا يحاول قتل آخر بدعوى أن قتله سيجعل الآخرين أكثر رفاهية مثلًا.
محمد يبارك ويدعو لإرهابييه ومجرميه ويعطي الوعود الوهمية
روى البخاري:
2884 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ قَالَ انْزِعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ
4323 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ قَالَ أَبُو مُوسَى وَبَعَثَنِي مَعَ أَبِي عَامِرٍ فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ رَمَاهُ جُشَمِيٌّ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ فِي رُكْبَتِهِ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا عَمِّ مَنْ رَمَاكَ فَأَشَارَ إِلَى أَبِي مُوسَى فَقَالَ ذَاكَ قَاتِلِي الَّذِي رَمَانِي فَقَصَدْتُ لَهُ فَلَحِقْتُهُ فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى فَاتَّبَعْتُهُ وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ أَلَا تَسْتَحْيِي أَلَا تَثْبُتُ فَكَفَّ فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ لِأَبِي عَامِرٍ قَتَلَ اللَّهُ صَاحِبَكَ قَالَ فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي أَقْرِئْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِي وَاسْتَخْلَفَنِي أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ فَمَكُثَ يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ وَقَالَ قُلْ لَهُ اسْتَغْفِرْ لِي فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ النَّاسِ فَقُلْتُ وَلِي فَاسْتَغْفِرْ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا قَالَ أَبُو بُرْدَةَ إِحْدَاهُمَا لِأَبِي عَامِرٍ وَالْأُخْرَى لِأَبِي مُوسَى
ورواه مسلم 2498 وأحمد 19567
وروى مسلم:
[ 2472 ] حدثنا إسحاق بن عمر بن سليط حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن كنانة بن نعيم عن أبي برزة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له فأفاء الله عليه فقال لأصحابه هل تفقدون من أحد قالوا نعم فلانا وفلانا وفلانا ثم قال هل تفقدون من أحد قالوا نعم فلانا وفلانا وفلانا ثم قال هل تفقدون من أحد قالوا لا قال لكني افقد جليبيبا فاطلبوه فطلب في القتلى فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عليه فقال قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني وأنا منه هذا مني وأنا منه قال فوضعه على ساعديه ليس له الا ساعدا النبي صلى الله عليه وسلم قال فحفر له ووضع في قبره ولم يذكر غسلا
ورواه أحمد 19778 و19784 و19810
وروى أحمد:
22140 - حدثنا روح، عن هشام، عن واصل، مولى أبي عيينة، عن محمد بن أبي يعقوب، عن رجاء بن حيوة، عن أبي أمامة قال: أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة فأتيته فقلت: يا رسول الله، ادع الله لي بالشهادة . فقال: "اللهم سلمهم وغنمهم". قال: فسلمنا وغنمنا. قال: ثم أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوا ثانيا، فأتيته فقلت: يا رسول الله، ادع الله لي بالشهادة . فقال: "اللهم سلمهم وغنمهم". قال: فسلمنا وغنمنا. قال: ثم أنشأ غزوا ثالثا، فأتيته فقلت: يا رسول الله، إني أتيتك مرتين قبل مرتي هذه فسألتك أن تدعو الله لي بالشهادة، فدعوت الله أن يسلمنا ويغنمنا فسلمنا وغنمنا . يا رسول الله، فادع الله لي بالشهادة . فقال: "اللهم سلمهم وغنمهم" . قال: فسلمنا وغنمنا، ثم أتيته فقلت: يا رسول الله، مرني بعمل . قال: " عليك بالصوم ؛ فإنه لا مثل له". قال: فما رئي أبو أمامة ولا امرأته ولا خادمه إلا صياما . قال: فكان إذا رئي في دارهم دخان بالنهار قيل اعتراهم ضيف نزل بهم نازل. إلخ
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير واصل مولى أبي عيينة، ورجاء بن حيوة الكندي الفلسطيني، فمن رجال مسلم. روح: هو ابن عبادة القيسي البصري، وهشام: هو ابن حسان القردوسي البصري، ومحمد بن أبي يعقوب: هو محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب التميمي البصري. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7465) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/175 و6/277 من طريق روح بن عبادة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 4/165، والبيهقي 4/301 من طريق جرير ابن حازم، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، به . واقتصر النسائي على قصة الصيام. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (7899) ، ومن طريقه الطبراني في "الشاميين" (2112) ، وفي "الكبير" (7464) عن هشام بن حسان، عن محمد ابن أبي يعقوب، به . لم يذكر فيه "واصل مولى أبي عيينة" . وسقط من مطبوع "المصنف": "رجاء بن حيوة" . ولم يذكر في الحديث القطعة الأخيرة منه: "وإنك لن تسجد لله سجدة ... إلخ". وسيأتي الحديث بالأرقام (22141) و (22142) و (22195) و (22220) من طريق مهدي بن ميمون عن محمد بن أبي يعقوب، ومختصرا بقصة الصيام برقمي (22149) و (22276) من طريق شعبة عن محمد بن أبي يعقوب، لكن زاد بينه وبين رجاء أبا نصر حميد بن هلال، وهو من المزيد في متصل الأسانيد، وأبو نصر هذا ثقة .
يعني مباركة القيام بالمزيد من القتل واعتباره عملًا صالحًا ونبيلًا يقتدى به! وذكرت مباركته لقاتلي كهنة ذي الخلصة وهادمي معبده في ج1، وذكرت دعاءه ومباركته لأسامة بن زيد في اعتزام الهجوم على الشام أثناء احتضاره في آخر ج1.
من مساوئ الإكراه والإرهاب الديني: عدم معرفة المسلم من المتظاهر بذلك والمستغل لصفة مسلم فقط
وروى البخاري:
25 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الْحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ
2641 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ
وروى أحمد:
286 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ سَعِيدٌ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلَا إِنَّا إِنَّمَا كُنَّا نَعْرِفُكُمْ إِذْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِذْ يَنْزِلُ الْوَحْيُ ، وَإِذْ يُنْبِئُنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ ، أَلَا وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ انْطَلَقَ ، وَقَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ ، وَإِنَّمَا نَعْرِفُكُمْ بِمَا نَقُولُ لَكُمْ ، مَنْ أَظْهَرَ مِنْكُمْ خَيْرًا ظَنَنَّا بِهِ خَيْرًا وَأَحْبَبْنَاهُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ أَظْهَرَ مِنْكُمْ لَنَا شَرًّا ظَنَنَّا بِهِ شَرًّا ، وَأَبْغَضْنَاهُ عَلَيْهِ ، سَرَائِرُكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ ، أَلا إِنَّهُ قَدْ أَتَى عَلَيَّ حِينٌ وَأَنَا أَحْسِبُ أَنَّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يُرِيدُ اللهَ وَمَا عِنْدَهُ ، فَقَدْ خُيِّلَ إِلَيَّ بِآخِرَةٍ أَلا إِنَّ رِجَالًا قَدْ قَرَؤُوهُ يُرِيدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ النَّاسِ ، فَأَرِيدُوا اللهَ بِقِرَاءَتِكُمْ ، وَأَرِيدُوهُ بِأَعْمَالِكُمْ .
أَلا إِنِّي وَاللهِ مَا أُرْسِلُ عُمَّالِي إِلَيْكُمْ لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ ، وَلا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ ، وَلَكِنْ أُرْسِلُهُمْ إِلَيْكُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ دِينَكُمْ وَسُنَّتَكُمْ ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ شَيْءٌ سِوَى ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِذَاً لَأُقِصَّنَّهُ مِنْهُ ، فَوَثَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَعِيَّةٍ ، فَأَدَّبَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ ، أَئِنَّكَ لَمُقْتَصُّهُ مِنْهُ ؟ قَالَ : إِي وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ ، إِذَاً لَأُقِصَّنَّهُ مِنْهُ ، أَنَّى لا أُقِصَّنَّهُ مِنْهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِصُّ مِنْ نَفْسِهِ ؟ ألا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ ، وَلا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ ، وَلا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ ، وَلا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ.
أبو فِراس - وهو النهدي - لم يرو عنه غير أبي نضرة المنذر بن مالك ، ولم يوثقه غير ابن حبان 5 / 585 وقال أبو زرعة : لا أعرفه . وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين . وأخرجه النسائي 8 / 34 من طريق إسماعيل بن إِبراهيم ، بهذا الإسناد ، مختصراً . وأخرجه الطيالسي (54) ، وهناد في " الزهد " (877) ، وابن عبد الحكم في " فتوح مصر " ص 167 ، وأبو داود (4537) والحاكم 4 / 439 ، والبيهقي 9 / 29 و42 من طرق عن الجريري ، به . قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي مع أن أبا فراس لم يخرج له مسلم . وأخرج البخاري (2641) مختصراً بنحوه عن الحكم بن نافع ، عن شعيب ، عن الزهري ، حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الله بن عتبة ، قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : " أن ناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه ، وليس إِلينا من سريرته شيء ، الله يحاسب سريرتَه ، ومن أظهر لنا سوءاً لم نَأْمَنْه ، ولم نصدقه ، وإن قال : إن سريرته حسنة " .
الأبشار : جمع بشرة ، وهي ظاهر الجلد . وقوله : " ولا تُجمِّروهم " ، قال السندي : من التجمير - بالجيم والراء المهملة - ، وتجمير الجيش : جمعهم في الثغور ، وحَبْسهم عن العَوْد إلى أهليهم . فتكفروهم : أي تحملوهم على الكفران وعدمِ الرضا بكم ، أو على الكفر بالله لظنهم أنه ما شرع الإنصاف في الدين . الغِياض : جمع غَيْضة - بفتح الغين - وهي الشجر الملتفُّ ، قيل : لأنهم إذا نزلوها تفرقوا فيها ، فتمكن منهم العدوُّ .
وروى أحمد:
23670 - حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، أن رجلا، من الأنصار حدثه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فساره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين، فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أليس يشهد أن لا إله إلا الله ؟ " قال الأنصاري ؟ بلى يا رسول الله، ولا شهادة له، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أليس يشهد أن محمدا رسول الله ؟ " قال: بلى يا رسول الله، ولا شهادة له، قال: " أليس يصلي ؟ " قال: بلى يا رسول الله، ولا صلاة له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أولئك الذين نهاني الله عنهم "
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه، وإبهامه لا يضر، وقد سمي في الروايات الأخرى عبد الله بن عدي الأنصاري. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 10/150 و164 من طريق روح بن عبادة، عن مالك، عن الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه مرسلا مالك في "الموطأ" 1/171 عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ... فذكره، ومن طريقه أخرجه الشافعي في "المسند" 1/13-14، والبيهقي في "السنن" 8/196، وفي "معرفة السنن والآثار" (7302) و (16577) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/163. وقد سقط مالك من مطبوع "معرفة السنن والآثار" في الموضع الثاني. وأخرجه ابن عبد البر 10/161 من طريق محمد بن بكر، عن ابن جريج، به مرسلا. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 10/162 و165 و165-166 و167 من طرق عن الزهري، به.
وذهب ابن عبد البر إلى أن الرجل المتهم بالنفاق هو مالك بن الدخشم واستشهد بقصة عتبان بن مالك زاره رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، فذكر مالك بن الدخشم واتهم بالنفاق! وانظر قصة عتبان هذه في "المسند" (16482) . قلنا: ومالك بن الدخشم شهد بدرا، وهو الذي أسر سهيل بن عمرو. قال ابن الأثير في "أسد الغابة" 5/22-23: ولا يصح عنه النفاق، وقد ظهر من حسن إسلامه ما يمنع من اتهامه، وهو الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحرق مسجد الضرار هو ومعن بن عدي. وفي باب النهي عن قتل المصلين عن أبي هريرة عند أبي داود (4928) ، وأبي يعلى (6126) . وفي باب حقن دم من نطق بلا إله إلا الله، عن غير واحد من الصحابة، انظر حديث أبي هريرة السالف برقم (8163)
وروى البخاري:
5401 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي فَإِذَا كَانَتْ الْأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ لَهُمْ فَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي فِي بَيْتِي فَأَتَّخِذُهُ مُصَلًّى فَقَالَ سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ عِتْبَانُ فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ لِي أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ فَصَفَفْنَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ صَنَعْنَاهُ فَثَابَ فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُلْ أَلَا تَرَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قُلْنَا فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيَّ أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ وَكَانَ مِنْ سَرَاتِهِمْ عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودٍ فَصَدَّقَهُ
يحتمل أن المذكور كان مالك بن الدخشم أو الدخيشن، وذكرت بعض خبره في ج1 عند موقعة أحد، فهو كمثال بمجرد ما سمع إشاعة موت محمد كان ينصح الجيش على الانسحاب وغيرها.
لا يوجد بكثرة ظاهرة النفاق الديني في المجتمعات المسيحية الغربية المعاصرة، في العصور الوسطى نتاج الإرهاب ومحاكم التفتيش كان هناك كثير من الناس غير المقتنعين بالمسيحية من العوام ومن العلماء المضطرين للتظاهر باعتناقها، اليوم لا يوجد كثير من المتظاهرين بالمسيحية مع عدم إيمان بها سوى بعض المنتفعين منها اجتماعيًّا كانسجام مع غالبية بعض المجتمعات أو لكونهم حتى رجال دين أو صانعي مواد دينية (قابلت ذات مرة لادينيًّا مصريًّا أقرب إلى الربوبية كان يعمل في الترويج لبيع تماثيل المسيح والصلبان، طبعًا كان يتظاهر بالتدين لبيع الوهم الديني كمادة، ولا شك أن كثيرًا من رجال الدين عرفوا حقيقة زيف الدين وتناقضاته لكنهم يتربحون منه). أما في الإسلام وحتى اليوم يوجد ناس كثيرون غير مخلصين له وغير مؤمنين به يتظاهرون فقط لحامية حيواتهم في الدول الأكثر تشددًا، أو لحماية مصالحهم من أن تضيع وعلاقاتهم مع الأغلبية الدينية الشمولية من أن تفسد لكرهم لغير المسلمين. في الأحاديث والسيرة قام محمد بقتل الكثيرين لتعبيرهم عن رأيهم ضده كلامًا أو شعرًا، راجع ج1 حروب محمد الإجرامية وكذلك باب (مصادرة الحريات الشخصية)، وهنا نرى حديثًا يستأذن فيه أحدهم لقتل شخص لمجرد الشك في اختلافه في العقيدة، فرد محمد بأن الرجل يظهر عقيدة محمد، نموذج للدولة والمجتمع الذين صنعهما محمد، نموذج قرون وسطي ظلامي لا نرتضيه لدولة متحضرة متمدنة، لأنها حينئذ بتطبيق ذلك ستفقد كل تمدن وتقدم وأخلاق إنسانية حقيقية وتحضر.
بل وحتى الصلوات والشعائر العلنية لم تعد دليلًا على الإسلام والإيمان بسبب الإكراه الديني والنفاق الاضطراري، روى أحمد:
23803 - حدثنا أبو كامل مظفر بن مدرك، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة: أن رجلا مر على قوم فسلم عليهم، فردوا عليه السلام، فلما جاوزهم قال رجل منهم: والله إني لأبغض هذا في الله، فقال أهل المجلس: بئس والله ما قلت، أما والله لننبئنه، قم يا فلان، رجلا منهم، فأخبره، قال: فأدركه رسولهم، فأخبره بما قال، فانصرف الرجل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، مررت بمجلس من المسلمين فيهم فلان، فسلمت عليهم فردوا السلام، فلما جاوزتهم أدركني رجل منهم فأخبرني أن فلانا قال: والله إني لأبغض هذا الرجل في الله، فادعه فسله علام يبغضني ؟ فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عما أخبره الرجل، فاعترف بذلك وقال: قد قلت له ذلك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فلم تبغضه ؟ " قال: أنا جاره وأنا به خابر، والله ما رأيته يصلي صلاة قط إلا هذه الصلاة المكتوبة التي يصليها البر والفاجر، قال الرجل: سله يا رسول الله: هل رآني قط أخرتها عن وقتها، أو أسأت الوضوء لها، أو أسأت الركوع والسجود فيها ؟، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: لا، ثم قال: والله ما رأيته يصوم قط إلا هذا الشهر الذي يصومه البر والفاجر ؟، قال: يا رسول الله هل رآني قط أفطرت فيه، أو انتقصت من حقه شيئا ؟، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا، ثم قال: والله ما رأيته يعطي سائلا قط، ولا رأيته ينفق من ماله شيئا في شيء من سبيل الله بخير، إلا هذه الصدقة التي يؤديها البر والفاجر، قال: فسله يا رسول الله هل كتمت من الزكاة شيئا قط، أو ماكست فيها طالبها ؟ قال: فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: لا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قم إن أدري لعله خير منك"
ضعيف لإرساله، فالصواب أنه من مراسيل ابن شهاب الزهري كما سيأتي بإثر الرواية التالية. وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/260-261 وزاد نسبته إلى الطبراني في "الكبير". وذكره الدارقطني في "العلل" 7/41-42 ورجح إرساله.
وروى البخاري:
4905 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا فِي غَزَاةٍ قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فِي جَيْشٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ فَعَلُوهَا أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ثُمَّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ قَالَ سُفْيَانُ فَحَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرًا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
6865 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ حَلِيفَ بَنِي زُهْرَةَ حَدَّثَهُ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ كَافِرًا فَاقْتَتَلْنَا فَضَرَبَ يَدِي بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ وَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ آقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقْتُلْهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ طَرَحَ إِحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا آقْتُلُهُ قَالَ لَا تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمِقْدَادِ إِذَا كَانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِي إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ فَقَتَلْتَهُ فَكَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تُخْفِي إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ مِنْ قَبْلُ
4591 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو
عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { وَلَا تَقُولُوا
لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا } قَالَ قَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ فَلَحِقَهُ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ { تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } تِلْكَ
الْغُنَيْمَةُ قَالَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ السَّلَامَ
ورواه مسلم 95 وأحمد 23811 و23817 و23831 و23832
وتفاصيل مهمة عن كل ذلك في ج1 (حروب محمد الإجرامية).
وبسبب الإكراه الديني كان يعمل المتظاهرون بالإسلام (المنافقون) بالطعن في جدوى أفعال المسلمين ومعتقداتهم، ولم يستطع محمد فعل أي شيء، لأنه ليس بوسع أي مستبد مهما كان تجبرهم أن يملك قدرة على السيطرة على أفكار العقول، روى أحمد:
16764 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَجْرٌ بِمَكَّةَ ؟ قَالَ: "لَتَأْتِيَنَّكُمْ أُجُورُكُمْ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي جُحْرِ ثَعْلَبٍ" قَالَ: فَأَصْغَى إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِهِ، فَقَالَ: "إِنَّ فِي أَصْحَابِي مُنَافِقِينَ"
إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن جبير بن مطعم، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. وقد سلف نحوه برقم (16759) . و أخرجه أبو يعلى (7405) ، والبيهقي في "السنن" 9/17 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/252، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه رجل لم يُسَمَّ. وسيأتي برقم (16781).
وروى البخاري:
6148 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ قَالَ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَذَا السَّائِقُ قَالُوا عَامِرُ بْنُ الْأَكْوَعِ فَقَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ قَالَ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ الْيَوْمَ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ قَالُوا عَلَى لَحْمٍ قَالَ عَلَى أَيِّ لَحْمٍ قَالُوا عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْرِقُوهَا وَاكْسِرُوهَا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ أَوْ ذَاكَ فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ فَتَنَاوَلَ بِهِ يَهُودِيًّا لِيَضْرِبَهُ وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاحِبًا فَقَالَ لِي مَا لَكَ فَقُلْتُ فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ قَالَ مَنْ قَالَهُ قُلْتُ قَالَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَبَ مَنْ قَالَهُ إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِيٌّ نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ
وروى مسلم:
[ 1802 ] حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد واللفظ لابن عباد قالا حدثنا حاتم وهو بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع عن سلمة بن الأكوع قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فتسيرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع ألا تسمعنا من هنياتك وكان عامر رجلا شاعرا فنزل يحدو بالقوم يقول
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتفينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا
إنا إذا صيح بنا أتينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا السائق قالوا عامر قال يرحمه الله فقال رجل من القوم وجبت يا رسول الله لولا أمتعتنا به قال فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة ثم قال إن الله فتحها عليكم قال فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيرانا كثيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذه النيران على أي شيء توقدون فقالوا على لحم قال أي لحم قالوا لحم حمر الإنسية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أهريقوها واكسروها فقال رجل أو يهريقوها ويغسلوها فقال أو ذاك قال فلما تصاف القوم كان سيف عامر فيه قصر فتناول به ساق يهودي ليضربه ويرجع ذباب سيفه فأصاب ركبة عامر فمات منه قال فلما قفلوا قال سلمة وهو آخذ بيدي قال فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساكتا قال مالك قلت له فداك أبي وأمي زعموا أن عامرا حبط عمله قال من قاله قلت فلان وفلان وأسيد بن حضير الأنصاري فقال كذب من قاله إن له لأجران وجمع بين إصبعيه إنه لجاهد مجاهد قل عربي مشى بها مثله وخالف قتيبة محمدا في الحديث في حرفين وفي رواية بن عباد وألق سكينة علينا
[ 1802 ] وحدثني أبو الطاهر أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب أخبرني عبد الرحمن ونسبه غير بن وهب فقال بن عبد الله بن كعب بن مالك أن سلمة بن الأكوع قال لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالا شديدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتد عليه سيفه فقتله فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وشكوا فيه رجل مات في سلاحه وشكوا في بعض أمره قال سلمة فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر فقلت يا رسول الله ائذن لي أن أرجز لك فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب أعلم ما تقول قال فقلت
والله لولا الله ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت
وأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
والمشركون قد بغوا علينا
قال فلما قضيت رجزي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال هذا قلت قاله أخي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمه الله قال فقلت يا رسول الله إن ناسا ليهابون الصلاة عليه يقولون رجل مات بسلاحه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مات جاهدا مجاهدا قال بن شهاب ثم سألت ابنا لسلمة بن الأكوع فحدثني عن أبيه مثل ذلك غير أنه قال حين قلت إن ناسا يهابون الصلاة عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبوا مات جاهدا مجاهدا فله أجره مرتين وأشار بإصبعيه
إما أن يكون المسلمون الأوائل بأغلبهم كانوا لا يفكرون ويأخذون بالظاهريات والمفاهيم الحرفية بدون فهم، أو أن منافقين وسطهم روّجوا فيهم هذه التشكيكات في خرافاتهم اللاهوتية.
وكان المتظاهرون بالإسلام يعملون على إبراز مساوئ وفضائح ومثالب أفراد مجتمع المسلمين، وازدواجية المبادئ لديهم، لذلك قال محمد كما روى أحمد:
19776 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ شَاذَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ "
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، أبو بكر بن عياش وسعيد بن عبد الله بن جريج صدوقان. الأعمش: هو سليمان بن مِهْران. وأخرجه أبو داود (4880) ، وأبو يعلى (7424) من طريق أسود بن عامر، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (168) ، وأبو يعلى (7423) ، والبيهقي في "السنن"، 10/247، وفي "الشعب" (6754) ، وفى "الآداب" (173) من طرق عن أبي بكر بن عياش، به. وسيأتي برقم (19801) . وفي الباب عن ثوبان، سيأتي 5/279 وإسناده حسن. وعن ابن عمر عند الترمذي (2032) ، والبغوي (3526) ، وصححه ابن حبان (5763) . وإسناده قوي. وعن البراء بن عازب عند ابن أبي الدنيا في "الصمت" (167) ، وأبي يعلى (1675) ، وأبي نعيم في "الدلائل" (356) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/256. وعن بريدة بن الحصيب عند الطبراني في "الكبير" (1155) ، وفي "الأوسط" (2957) ، وأبي نعيم في "الدلائل" (357) . وعن ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (11444) ، وفي "الأوسط" (3790)
(22402) 22765- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا مَيْمُونٌ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ تُؤْذُوا عِبَادَ اللهِ ، وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ ، وَلاَ تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ طَلَبَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ. (5/279).
ومنذ قديم الزمن لم يتمكن المسلمون من فعل شيء لمصادرة حرية الأفكار التي في رؤوس البشر، فروى أحمد:
17318 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قَبِيلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْكِتَابَ وَاللَّبَنَ " قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بَالُ الْكِتَابِ ؟ قَالَ: " يَتَعَلَّمُهُ الْمُنَافِقُونَ ثُمَّ يُجَادِلُونَ بِهِ الَّذِينَ آمَنُوا " فَقِيلَ: وَمَا بَالُ اللَّبَنِ ؟ قَالَ: " أُنَاسٌ يُحِبُّونَ اللَّبَنَ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ الْجَمَاعَاتِ وَيَتْرُكُونَ الْجُمُعَاتِ "
حديث حسن، ابن لهيعة- وإن كان سيئ الحفظ- قد روى عنه هذا الحديث عبد الله بن يزيد المقرىء كما سيأتي، وروايته عنه صالحة، وهو متابع أيضاً. أبو قَبيل: هو حي بن هانئ المَعَافري. وأخرجه بنحوه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص293 عن النضر بن عبد الجبار، والطبراني في "الكبير" 17/ (816) من طريق سعيد بن أبي مريم، ثلاثتهم عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وقرن ابن عبد الحكم بالنضر عبدَ الله بن يزيد المقرئ، وسيأتي الحديث عن هذا الأخير برقم (17415) . وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ " 2/507، والطبراني 17/ (815) ، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" 2/193 من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح، عن الليث، والطبراني 17/ (817) ، والحاكم 2/374، والبيهقي في "الشعب" (2964) من طريق مالك بن الخير الزبادي، كلاهما عن أبي قبيل، به. وعبد الله بن صالح سيئ الحفظ، ومالك بن الخير الزبادي قال الذهبي في "الميزان" 3/426: محله الصدق. وصحح الحاكم إسناده. وسيأتي برقم (17421) من طريق درّاج أبي السمح، عن أبي قبيل. وسلف مختصراً من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6640) ، ولفظه: "لا أخاف على أمتي إلا اللبن، فإن الشيطان بين الرغوة والصَّريح". وإسناده ضعيف.
قال السندي: قوله: "فيخرجون من الجماعات"، أي: لا يتيسر الإكثار منه إلا في البادية، فيخرجون إليها، فيؤدي ذلك إلى ترك الجمع والجماعات.
الحديث منسوب لمحمد بالتلفيق طبعًا، لكنه يعبر عن واقع حال المسلمين منذ نشأة الإسلام، فكل الإصلاحيين وحتى غير المؤمنين بالإسلام وخرافاته وإرهابه كانوا مضطرين للتظاهر بمظهر الدين، ومن أواخرهم جمال البنا وإسلام البحيري وربما نعد أحمد صبحي منصور القرآني شيئًا مقاربًا. لصعوبة نقد الدين علنًا بدون التعرض للاضطهاد والقتل أو التهديدات بالقتل، وبدون هجوم اجتماعي وأذى، في سبيل السعي للإصلاح وحث الناس على نبذ الخرافات والجهالات واستخدام العقل. ولم يخرج الملحدون من جحورهم وقماقمهم التي استتروا فيها وبالنفاق سوى اليوم في العصر الحديث ببركة الشباب الملحدين العقلانيين الذين كانوا أشجع من كبار مفكري العلمانية، فشجعوا آباءهم الكبار هؤلاء على الخروج للعلن بكلام علني، أقصد مثال إسماعيل صاحب برنامج البط الأسود والمفكر الكبير محمود سيد القمني في حواره معه وخطابه في الحزب العلماني. لم يكن سيد محمود القمني أستاذنا الفاضل يظهر بوجهه الإلحادي وهو وجهنا كلنا قبل ذلك.
بعض المتظاهرين بالإسلام من وثنيين أو متشكيين كما ذكرت في ج1 حاولوا إسقاط محمد من على مضيق جبلي عند عودته من تبوك وفرض السيطرة على أطراف شبه جزيرة العرب مع الشام، كما أوردت من صحيح مسلم ومسند أحمد وغيرهما، وهنا ذكر الواقدي هكذا:
فَلَمّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا مَنَعَك الْبَارِحَةَ مِنْ سُلُوكِ الْوَادِى، فَقَدْ كَانَ أَسْهَلَ مِنْ الْعَقَبَةِ؟ قَالَ: “يَا أَبَا يَحْيَى، أَتَدْرِى مَا أَرَادَ الْبَارِحَةَ الْمُنَافِقُونَ وَمَا اهْتَمّوا بِهِ؟ قَالُوا: نَتْبَعُهُ فِى الْعَقَبَةِ، فَإِذَا أَظْلَمَ اللّيْلُ عَلَيْهِ قَطَعُوا أَنْسَاعَ رَاحِلَتِى وَنَخَسُوهَا حَتّى يَطْرَحُونِى مِنْ رَاحِلَتِى”. فَقَالَ أُسَيْدٌ: يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَدْ اجْتَمَعَ النّاسُ وَنَزَلُوا، فَمُرْ كُلّ بَطْنٍ أَنْ يَقْتُلَ الرّجُلَ الّذِى هَمّ بِهَذَا، فَيَكُونُ الرّجُلُ مِنْ عَشِيرَتِهِ هُوَ الّذِى يَقْتُلُهُ، وَإِنْ أَحْبَبْت، وَاَلّذِى بَعَثَك بِالْحَقّ فَنَبّئْنِى بِهِمْ فَلا تَبْرَحُ حَتّى آتِيَكُمْ بِرُءُوسِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا فِى النّبِيتِ فَكَفَيْتُكَهُمْ وَأَمَرْت سَيّدَ الْخَزْرَجِ فَكَفَاك مَنْ فِى نَاحِيَتِهِ، فَإِنّ مِثْلَ هَؤُلاءِ يُتْرَكُونَ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ حَتّى مَتَى نُدَاهِنُهُمْ وَقَدْ صَارُوا الْيَوْمَ فِى الْقِلّةِ وَالذّلّةِ وَضَرَبَ الإِسْلامُ بِجِرَانِهِ فَمَا يُسْتَبْقَى مِنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷ لأُسَيْدٍ: “إنّى أَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ النّاسُ إنّ مُحَمّدًا لَمّا انْقَضَتْ الْحَرْبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَضَعَ يَدَهُ فِى قَتْلِ أَصْحَابِهِ”، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ، فَهَؤُلاءِ لَيْسُوا بِأَصْحَابٍ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “أَلَيْسَ يُظْهِرُونَ شَهَادَةَ أَنْ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ”؟ قَالَ: بَلَى، وَلا شَهَادَةَ لَهُمْ، قَالَ: “أَلَيْسَ يُظْهِرُونَ أَنّى رَسُولُ اللّهِ”؟ قَالَ: بَلَى، وَلا شَهَادَةَ لَهُمْ، قَالَ: “فَقَدْ نُهِيت عَنْ قَتْلِ أُولَئِكَ”.
ليس عندي شك أن محمدًا لم يكن متأكدًا من ماهيتهم مئة بالمئة لذلك لم يفعل شيئًا. مثال لمساوئ الإكراه تكررت بعد ذلك على مر العصور، لما كنت أقرأ كتب التاريخ أحيانًا قرأت أن هناك شيوخًا رجال دين تعاونوا مع المغول عندما اجتاحوا عالم الإسلام.
نموذج آخر لإكراه وثنيي يثرب
روى أحمد:
12061 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: " أَسْلِمْ " قَالَ: أَجِدُنِي كَارِهًا . قَالَ: " أَسْلِمْ، وَإِنْ كُنْتَ كَارِهًا "
إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الضياء في "المختارة" (1990) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى (3765) و (3879) ، ومن طريقه (1989) و (1992) من طريقين عن حميد الطويل، به. وفيه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك لرجل من بني النجار.وسيأتي برقم (12868) عن يحيي القطان، عن حميد. وانظر ما سيأتي أيضاً برقم (12543) .
12543 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ يَعُودُهُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا خَالُ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ " فَقَالَ: أَوَ خَالٌ أَنَا أَوْ عَمٌّ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا بَلْ خَالٌ "، فَقَالَ لَهُ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، قَالَ: خَيْرٌ لِي ؟ قَالَ: " نَعَمْ"
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد -وهو ابن سلمة- فمن رجال مسلم. وأخرجه الضياء في "المختارة" (1640) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار (787- كشف الأستار) من طريق الحجاج بن المنهال، والضياء (1641) من طريق عبد الملك بن عبد العزيز، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وسيأتي من طريقين آخرين عن حماد برقم (12563) و (13826) . وانظر ما سلف برقم (12061) .
ورواه أبو يعلى:
3879 - حدثنا زهير حدثنا عبد الله بن بكر حدثنا حميد: عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لرجل من بني النجار : ( أسلم ) قال : أجدني كارها قال : ( أسلم وإن كنت كارها )
إسناده صحيح على شرط الشيخين
طبعًا واضح أن الرجل كان كبير السن، ممن بقوا على وثنيتهم، ومحمد كان يريد تحويل الكل لديانته، كأن وجود شخص مخالف يشكك فيها وفي صحتها، بنفس الطريقة لذلك أباد وهجر محمد اليهود، وكان إعلان مصطفى محمود لإلحاده يستدعي استدعاء رئيس مصر له شخصيًّا.
وكان محمد يجبر سكان يثرب من غير المؤمنين به على الإسلام بالإكراه والتهديد وأسلوب ديوان الزنادقة العباسي ومحاكم التفتيش الإسبانية والمسيحية القديمة، روى أحمد:
17474 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْعَامِرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ، قَالَ: فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، فَقَالَ: "عَلَيَّ بِهِمَا" فَأُتِيَ بِهِمَا تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا ، قَالَ: " مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا ؟ " قَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا . قَالَ: " فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ، فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهُمَا لَكُمَا نَافِلَةٌ" وَرُبَّمَا قِيلَ لِهُشَيْمٍ: فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ يُحَرَّفَ . فَيَقُولُ: يُحَرَّفَ عَنْ مَكَانِهِ "
إسناده صحيح، جابر بن يزيد بن الأسود روى عنه يعلى بن عطاء وعبد الملك بن عمير، ووثقه النسائي وابن حبان، وباقي رجاله ثقات، ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 2/29 تصحيحه عن ابن السكن، ثم قال: وقال الشافعي في القديم: إسناده مجهول. قال البيهقي: لأن يزيد بن الأسود ليس له راو غير ابنه، ولا لابنه جابر راو غير يعلى. قال ابن حجر: يعلى من رجال مسلم، وجابر وثَّقه النسائي وغيره، وقد وجدنا لجابر بن يزيد راوياً غير يعلى، أخرجه ابن منده في "المعرفة" من طريق بقية عن إبراهيم بن ذي حماية عن عبد الملك بن عمير عن جابر. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/274-275، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1462) ، والترمذي (219) ، والنسائي 2/112-113، وابن خزيمة (1279) و (1638) و (1713) ، وابن حبان (1565) ، والطبراني 22/ (614) ، والدارقطني 1/413، والبيهقي 2/301 من طريق هشيم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه الطبراني 22/ (612) و (614) و (616) و (617) ، والدارقطني 1/414 من طرق عن يعلى بن عطاء، به. وأخرجه الدارقطني 1/414 من طريق بقية بن الوليد، حدثني إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية، حدثني عبد الملك بن عمير، عن جابر بن يزيد، به. وفي الباب عن محجن الدِّيلي، سلف برقم (16393) . وعن أبي ذر عند مسلم (648) ، وسيأتي 5/147.
قال السندي: "تُرعَد" على بناء المفعول من الإرعاد، أي: ترجف وتضطرب. "فرائصهما" جمع فريصةٍ: وهي لحمة في الجَنْب ترتعد عند الفزع، والكلام كناية عن الفزع.
قال الخطابي في "معالم سنن أبي داود" 1/164-165: وفي الحديث من الفقه: أن من صلّى في رحله، ثم صادف جماعة يصلون، كان عليه أن يصلي معهم أيَّ صلاة كانت من الصلوات الخمس، وهو مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق، وبه قال الحسن والزهري. وقال قوم: يعيد إلا المغربَ والصبحَ، كذلك قال النخعي، وحكى ذلك الأوزاعي، وكان مالك والثوري يكرهان أن يعيد صلاة المغرب، وكان أبو حنيفة لا يرى أن يعيد صلاة العصر والمغرب والفجر إذا كان قد صلاهن. قلت: وظاهر الحديث حجة على جماعة مَن مَنع عن شيء من الصلوات كلها، ألا تراه يقول: "إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الإمام ولم يصل، فليصلِّ معه "ولم يستثن صلاة دون صلاة. وقال أبو ثور: لا يُعاد الفجر والعصر إلا أن يكون في المسجد، وتقام الصلاة فلا يخرج حتى يصليها.
تحريض محمد ضد قومه قريش
روى مسلم:
[ 2865 ] حدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار بن عثمان واللفظ لأبي غسان وابن المثنى قالا حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومى هذا كل مال نحلته عبدا حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاحتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وقال إنما بعثتك لأبتليك وأبتلى بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان وإن الله أمرني أن أحرق قريشا فقلت رب إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة قال استخرجهم كما استخرجوك واغزهم نغزك وأنفق فسننفق عليك وابعث جيشا نبعث خمسة مثله وقاتل بمن أطاعك من عصاك قال وأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال قال وأهل النار خمسة الضعيف الذي لا زبر له الذين هم فيكم تبعا لا يتبعون أهلا ولا مالا والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك وذكر البخل أو الكذب والشنظير الفحاش ولم يذكر أبو غسان في حديثه وأنفق فسننفق عليك
ورواه أحمد 17484
[ 1780 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة قال وفدت وفود إلى معاوية وذلك في رمضان فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام فكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله فقلت ألا أصنع طعاما فأدعوهم إلى رحلي فأمرت بطعام يصنع ثم لقيت أبا هريرة من العشي فقلت الدعوة عندي الليلة فقال سبقتني قلت نعم فدعوتهم فقال أبو هريرة ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار ثم ذكر فتح مكة فقال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين وبعث خالدا على المجنبة الأخرى وبعث أبا عبيدة على الحسر فأخذوا بطن الوادي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة قال فنظر فرآني فقال أبو هريرة قلت لبيك يا رسول الله فقال لا يأتيني إلا أنصاري زاد غير شيبان فقال اهتف لي بالأنصار قال فأطافوا به ووبشت قريش أوباشا لها وأتباعا فقالوا نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى ثم قال حتى توافوني بالصفا قال فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل أحدا إلا قتله وما أحد منهم يوجه إلينا شيئا قال فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم ثم قال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن فقالت الأنصار بعضهم لبعض أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته قال أبو هريرة وجاء الوحي وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينقضي الوحي فلما انقضى الوحي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار قالوا لبيك يا رسول الله قال قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته قالوا قد كان ذاك قال كلا إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم والمحيا محياكم والممات مماتكم فأقبلوا إليه يبكون ويقولون والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم قال فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان وأغلق الناس أبوابهم قال وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت قال فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه قال وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس وهو آخذ بسية القوس فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول جاء الحق وزهق الباطل فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو
[ 1780 ] وحدثنيه عبد الله بن هاشم حدثنا بهز حدثنا سليمان بن المغيرة بهذا الإسناد وزاد في الحديث ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى احصدوهم حصدا وقال في الحديث قالوا قلنا ذاك يا رسول الله قال فما اسمي إذًا كلا إني عبد الله ورسوله
[ 1780 ] حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي حدثنا يحيى بن حسان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا ثابت بن عبد الله بن رباح قال وفدنا إلى معاوية بن أبي سفيان وفينا أبو هريرة فكان كل رجل منا يصنع طعاما يوما لأصحابه فكانت نوبتي فقلت يا أبا هريرة اليوم نوبتي فجاؤوا إلى المنزل ولم يدرك طعامنا فقلت يا أبا هريرة لو حدثتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدرك طعامنا فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فجعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى وجعل الزبير على المجنبة اليسرى وجعل أبا عبيدة على البياذقة وبطن الوادي فقال يا أبا هريرة ادع لي الأنصار فدعوتهم فجاءوا يهرولون فقال يا معشر الأنصار هل ترون أوباش قريش قالوا نعم قال انظروا إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا وأخفى بيده ووضع يمينه على شماله وقال موعدكم الصفا قال فما أشرف يومئذ لهم أحد إلا أناموه قال وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا وجاءت الأنصار فأطافوا بالصفا فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيدت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم قال أبو سفيان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن فقالت الأنصار أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلتم أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته ألا فما اسمى إذا ثلاث مرات أنا محمد عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم فالمحيا محياكم والممات مماتكم قالوا والله ما قلنا إلا ضنا بالله ورسوله قال فإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم
نبوآت مزعومة مكتوبة بعد الانتهاء من الأحداث بقرون لمباركة أعمال العنف
روى مسلم:
[ 2889 ] حدثنا أبو الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد واللفظ لقتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا
رواه أحمد 17115
[ 2900 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب عليهم ثياب الصوف فوافقوه عند أكمة فإنهم لقيام ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد قال فقالت لي نفسي ائتهم فقم بينهم وبينه لا يغتالونه قال ثم قلت لعله نجي معهم فأتيتهم فقمت بينهم وبينه قال فحفظت منه أربع كلمات أعدهن في يدي قال تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم فارس فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله ثم تغزون الدجال فيفتحه الله قال فقال نافع يا جابر لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم
روى أحمد:
1540 - حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تُقَاتِلُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ لَكُمْ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ لَكُمْ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ لَكُمْ، ثُمَّ تُقَاتِلُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ
إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه نافع بن عتبة، فمن رجال مسلم وحده. حسين: هو ابن علي الجُعفي، وزائدة: هو ابن قدامة، وعبد الصمد؟ هو ابن عبد الوارث. وهذا الحديث والذي بعده ليسا من مسند سعد، وإنما هما من مسند نافع بن عتبة. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/146-147، وعنه ابن ماجه (4091) ، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثاني" (642) عن حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده، وسيأتي تمام تخريجه في مسند نافع بن عتبة من "المسند" 4/337. وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/81 - 82 عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة.
روى البخاري:
3596 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي فَرَطُكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ إِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ مَفَاتِيحِ الْأَرْضِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِي أَنْ تُشْرِكُوا وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا
ورواه البخاري 344 و4085 و6426 و6590 ومسلم 2296 وأحمد 17344 و17397 و17402
2894 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ قَالَ عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ أَنْتِ مِنْهُمْ ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَيَقُولُ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْوِ فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا
ورواه أحمد 27032 و27377 و27378
هذه غزوة على قبرس أو رودس كما يبدو من الجزر التابعة آنذاك لبيزنطة، وبعضها اليوم يتبع اليونان.
وذكروا عن فتح أقاليم فارس (إيران) كما روى البخاري:
3590 - حَدَّثَنِي يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكَرْمَانَ مِنْ الْأَعَاجِمِ حُمْرَ الْوُجُوهِ فُطْسَ الْأُنُوفِ صِغَارَ الْأَعْيُنِ وُجُوهُهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ نِعَالُهُمْ الشَّعَرُ تَابَعَهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
ورواه أحمد 7263 و8240 و8241
قالوا في التفسير وكتب الجغرافيا: وخوز بلاد الأهواز وتستر وكرمان بين خراسان وبحر الهند. لاحقًا صاروا يدعون ويروجون للجاهلين غير المتفكرين والمدققين من جهال العامة ممن لا يحاولون قراءة الكتب ومعرفة المقصود بأسماء هذه الأماكن أنها نبوءة عن حرب المسلمين مع المنغوليين (المغول) التي حدثت لاحقًا بعد موت محمد بقرون وأنها نبوءة معجزة له. هؤلاء لا يخجلون من الكذب وتلفيق الأساطير وحتى الكذب على محمد نفسه.
تحريضات في شكل نبوآت
روى البخاري:
3618 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ
ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا
هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ
بَعْدَهُ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ
3176 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ
وروى أحمد:
(18957) 19165- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ) ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ ، فَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا ، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ . قَالَ : فَدَعَانِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَأَلَنِي ، فَحَدَّثْتُهُ ، فَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ. (4/335)
(22335) 22691- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَوَقَفَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي اللَّيْلَةَ الْكَنْزَيْنِ : كَنْزَ فَارِسَ وَالرُّومِ ، وَأَمَدَّنِي بِالْمُلُوكِ مُلُوكِ حِمْيَرَ الأَحْمَرَيْنِ ، وَلاَ مَلِكَ إِلاَّ الِلَّهُ ، يَأْتُونَ يَأْخُذُونَ مِنْ مَالِ اللهِ ، وَيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَالَهَا ثَلاَثًا.(5/272).
6645- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي ، وَسُئِلَ : أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً : الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ ، أَوْ رُومِيَّةُ ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ ، قَالَ : فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا ، قَالَ : فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً : قُسْطَنْطِينِيَّةُ ، أَوْ رُومِيَّةُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً ، يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ.
(15862) 15956- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ ، قَالَ : أَصَبْتُ جَرَّةً حَمْرَاءَ فِيهَا دَنَانِيرُ ، فِي إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ فِي أَرْضِ الرُّومِ ، قَالَ : وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ، يُقَالُ لَهُ : مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : فَأَتَيْتُ بِهَا يَقْسِمُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَعْطَانِي مِثْلَ مَا أَعْطَى رَجُلاً مِنْهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لاَ نَفْلَ إِلاَّ بَعْدَ الْخُمُسِ إِذًا لأَعْطَيْتُكَ ، قَالَ : ثُمَّ أَخَذَ فَعَرَضَ عَلَيَّ مِنْ نَصِيبِهِ فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ ، قُلْتُ : مَا أَنَا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْكَ. (3/470)
(17734) 17886- حَدَّثَنَا هَاشِمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ ، صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَغْزَى النَّاسَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لاَ تَعْجِزُ هَذِهِ الأُمَّةُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ إِذَا رَأَيْتَ الشَّامَ مَائِدَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ.(4/193).
144- حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي أَرْضِ الرُّومِ ، فَوُجِدَ فِي مَتَاعِ رَجُلٍ غُلُولٌ ، فَسَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ ، عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ وَجَدْتُمْ فِي مَتَاعِهِ غُلُولاً فَأَحْرِقُوهُ ، قَالَ : وَأَحْسَبُهُ قَالَ : وَاضْرِبُوهُ قَالَ : فَأَخْرَجَ مَتَاعَهُ فِي السُّوقِ ، قَالَ : فَوَجَدَ فِيهِ مُصْحَفًا ، فَسَأَلَ سَالِمًا فَقَالَ : بِعْهُ وَتَصَدَّقْ بِثَمَنِهِ.
(15648) 15733- حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيِّ ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ اللَّخْمِيِّ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : نَزَلْنَا عَلَى حِصْنِ سِنَانٍ بِأَرْضِ الرُّومِ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ ، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ ، فَقَالَ مُعَاذٌ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّا غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ كَذَا وَكَذَا ، فَضَيَّقَ النَّاسُ الطَّرِيقَ ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا فَنَادَى : مَنْ ضَيَّقَ مَنْزِلاً ، أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا فَلاَ جِهَادَ لَهُ. (3/440)
4146- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ : هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلاَّ : يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، جَاءَتِ السَّاعَةُ قَالَ : وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَجَلَسَ ، فَقَالَ : إِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَقُومُ حَتَّى لاَ يُقْسَمَ مِيرَاثٌ ، وَلاَ يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ ، قَالَ : عَدُوًّا يَجْمَعُونَ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ ، وَنَحَّى بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ ، قُلْتُ : الرُّومَ تَعْنِي ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَيَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رِدَّةٌ شَدِيدَةٌ ، قَالَ : فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءَ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ ، فَيَفِيءَ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا ، فَيَفِيءَ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ ، نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ ، فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً ، إِمَّا قَالَ : لاَ يُرَى مِثْلُهَا ، وَإِمَّا قَالَ : لَمْ نَرَ مِثْلَهَا ، حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ ، فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيِّتًا ، قَالَ : فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُوا مِئَةً ، فَلاَ يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلاَّ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ ؟ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقْسَمُ ؟ قَالَ : بَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ ، إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ : أَنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَ فِي ذَرَارِيِّهِمْ ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، وَيُقْبِلُونَ ، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي لأَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ. (1/435)
(16826) 16951- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ هُوَ الْقُرْقُسَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا ، وَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِهِمْ ، فَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْزِلُونَ بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ ، فَيَرْفَعُ الصَّلِيبَ ، وَيَقُولُ : أَلاَ غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَتَكُونُ الْمَلاَحِمُ ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْكُمْ ، فَيَأْتُونَكُمْ فِي ثَمَانِينَ غَايَةً ، مَعَ كُلِّ غَايَةٍ عَشْرَةُ آلاَفٍ.(4/91).
(21992) 22342- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ النَّهَّاسِ بْنِ قَهْمٍ ، حَدَّثَنِي شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سِتٌّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : مَوْتِي ، وَفَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَمَوْتٌ يَأْخُذُ فِي النَّاسِ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ، وَفِتْنَةٌ يَدْخُلُ حَرْبُهَا بَيْتَ كُلِّ مُسْلِمٍ ، وَأَنْ يُعْطَى الرَّجُلُ أَلْفَ دِينَارٍ فَيَتَسَخَّطَهَا ، وَأَنْ تَغْدِرَ الرُّومُ فَيَسِيرُونَ فِي ثَمَانِينَ بَنْدًا ، تَحْتَ كُلِّ بَنْدٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا. (5/228)
(23157) 23544- حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : سَتُصَالِحُكُمُ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا ، ثُمَّ تَغْزُونَ وَهُمْ عَدُوًّا فَتُنْصَرُونَ ، وَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ صَلِيبًا ، فَيَقُولُ : غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ ، وَيَجْمَعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ.(5/371).
(23157) 23544- حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : سَتُصَالِحُكُمُ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا ، ثُمَّ تَغْزُونَ وَهُمْ عَدُوًّا فَتُنْصَرُونَ ، وَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ صَلِيبًا ، فَيَقُولُ : غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ ، وَيَجْمَعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ.(5/371).
(18023) 18186- حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ قَالَ : بَيْنَا أَنَا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقُلْتُ لَهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكُمُ الرُّومُ ، وَإِنَّمَا هَلَكَتُهُمْ مَعَ السَّاعَةِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو : أَلَمْ أَزْجُرْكَ عَنْ مِثْلِ هَذَا.(4/230).
(22487) 22854- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ ، أَنَّ ابْنَ زُغْبٍ الإِيَادِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ : نَزَلَ عَلَيَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَوَالَةَ الأَزْدِيُّ فَقَالَ لِي : وَإِنَّهُ لَنَازِلٌ عَلَيَّ فِي بَيْتِي بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَقْدَامِنَا لِنَغْنَمَ ، فَرَجَعْنَا وَلَمْ نَغْنَمْ شَيْئًا ، وَعَرَفَ الْجَهْدَ فِي وُجُوهِنَا فَقَامَ فِينَا فَقَالَ : اللَّهُمَّ لاَ تَكِلْهُمْ إِلَيَّ فَأَضْعُفَ ، وَلاَ تَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا ، وَلاَ تَكِلْهُمْ إِلَى النَّاسِ فَيَسْتَأْثِرُوا عَلَيْهِمْ . ثُمَّ قَالَ : لَيُفْتَحَنَّ لَكُمُ الشَّامُ وَالرُّومُ وَفَارِسُ أَوِ الرُّومُ وَفَارِسُ حَتَّى يَكُونَ لأَحَدِكُمْ مِنَ الإِبِلِ كَذَا وَكَذَا ، وَمِنَ الْبَقَرِ كَذَا وَكَذَا ، وَمِنَ الْغَنَمِ حَتَّى يُعْطَى أَحَدُهُمْ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَسْخَطَهَا . ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي ، أَوْ هَامَتِي ، فَقَالَ : يَا ابْنَ حَوَالَةَ ، إِذَا رَأَيْتَ الْخِلاَفَةَ قَدْ نَزَلَتِ الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلاَزِلُ وَالْبَلاَيَا وَالأُمُورُ الْعِظَامُ ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ.(5/288).
وروى مسلم:
[ 2889 ] حدثنا أبو الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد واللفظ لقتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا
الكنزين الأحمر والأبيض: فسروها بفارس والروم، أو الذهب والفضة. ورواه أحمد 17115
[ 2897 ] حدثنا زهير بن حرب حدثنا معلى بن منصور حدثنا سليمان بن بلال حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا فيفتتحون قسطنطينية فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان إن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون وذلك باطل فإذا جاؤوا الشام خرج فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته
[ 2899 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر كلاهما عن بن علية واللفظ لابن حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن حميد بن هلال عن أبي قتادة العدوي عن يسير بن جابر قال هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجيري إلا يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة قال فقعد وكان متكئا فقال إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام فقال عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام قلت الروم تعني قال نعم وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم فيقتلون مقتلة إما قال لا يرى مثلها وإما قال لم ير مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقى منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك فجاءهم الصريخ إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ قال بن أبي شيبة في روايته عن أسير بن جابر
[ 2898 ] حدثني حرملة بن يحيى التجيبي حدثنا عبد الله بن وهب حدثني أبو شريح أن عبد الكريم بن الحارث حدثه أن المستورد القرشي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقوم الساعة والروم أكثر الناس قال فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال ما هذه الأحاديث التي تذكر عنك أنك تقولها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له المستورد قلت الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال عمرو لئن قلت ذلك إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأجبر الناس عند مصيبة وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم
[ 2543 ] حدثني أبو الطاهر أخبرنا بن وهب أخبرني حرملة ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب حدثني حرملة وهو بن عمران التجيبي عن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال سمعت أبا ذر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة فاخرج منها قال فمر بربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها
المسلمون استماتوا في تحقيق هذه التحريضات، لأنهم اعتبروا أن عدم تحققها معناه إخفاق نبوة محمد، وقد أخذ احتلال بيزنطة القسطنطينية منهم وقتًا أطول، على يد محمد الفاتح العثماني التركي الذي ترَّكَ هو وخلفاؤه اللسان اليوناني البيزنطي وجعلوا اللغة هي التركية بدلًا منها. كان انتشار الإسلام كديانة مناسبة للبدو والهمج القائمين بالغارات في بلدان المشرق ومنهم السلاجقة والترك معناه أن بيزنطة أصبحت مهددة ومحاصرة من هؤلاء. ومنذ زمن معاوية الأموي كانت محاولات احتلال واقتحام بيزنطة، وكانوا أحيانًا يأخذون أجزاء من حدودها أو جزرًا تابعة لها كصقلية ورودس. مع ذلك وردت أحاديث احتياطية لأنهم خافوا من الفشل آنذاك قالت أنها سيفتحها المهدي المنتظر وأن المسلمين في آخر الزمان سيحاربون الروم! ولما وجدوا اليوم أنها نبوءة فاسدة لأن محمد الفاتح هو من اقتحمها وأسلمها، وأن قومها اليوم مسلمون، حاولوا التبرير بالعقلية الإرهابية أنها وإن كان أهلها مسلمين لكنها تحكم بالعلمانية اليوم لذلك سيفتحها المهدي من جديد! يعني يبررون محاربة المسلم المعتدل العلماني وقتله في القتال! وكذلك الحديث الصحيح ذكر رفع الرجل الرومي للصليب! يعني الحديث يتكلم عن روم شرقيين مسيحيين، الروم الشرقيون البيزنطيون الأرثوذكس قديمًا صاروا منذ زمن طويل أتراكًا مسلمين كما ترى وعثمانيوهم ومواطنوهم المتتركين بالتركية كلغة وهوية حكموا لفترة العالم العربي والإسلامي كله تقريبًا عدا الهند وفارس وأماكن أخرى، وكان منهم المعقول في حكمه كالسلطان سليم الأول ومن بعدهم ازدادوا فسادًا حتى انهار حكمهم وقامت جماعة تركيا الفتاة والاتحاد والترقي وخلعوا السلطان الأخير عبد الحميد الثاني. سنة التاريخ أن الامبراطورية التي لا تنهار لا تقوم من جديد، كما حدث مع مصر وبابل وآشور وميديا وعيلام وفارس واليونان والروم الغربيين (إيطاليا) والشرقيين (بيزنطة تركيا حاليًّا)، لذلك لا نتوقع حدوث نهضة للعرب والمسلمين تجعلهم يبنون امبراطورية إرهابية جديدة، لاختلاف ظروف التاريخ واعتماد حروب اليوم على العلوم الحديثة واتفاقهم على ألا يتفقوا ولو لتحقيق كرامتهم وحقوقهم ناهيك عن العدوان على آخرين! ومن المستحيل عليهم اليوم إستراتيجيًّا اقتحام دولة كفرانس أو إيتالي خاصة إيتالي (إيطاليا) لأجل الحدود البحرية الحامية لها، فلا اتصال أرضي لها مع بلدان العرب، وأمركا كذلك أكثر منعة وقوة هي وبريطانيا ويُعتقَد أن أستراليا ونيوزيلاند الأكثر أمانًا لعزلهما بالمحيط وغيرهن.
لقد حلم المسلمون بسبب انتشار الإسلام السريع في الشرق آنذاك أن فاتحي روما (إيطاليا) سيكونون هم أنفسهم من الروم أو الغربيين، لكن الواقع الحالي لارتفاع ثقافة العلمانية والعلوم الحديثة والوعي بنصوص وتاريخ الإسلام كديانة إرهابية ذات تشريعات معيبة ينفي احتمال حدوث انتشار كبير حقيقي في الغرب أو حكم الغرب به، فثقافتنا العلمانية الإلحادية كفيلة بسحق الأسلمة هناك لأنها تكون قوية جدًّا مع نور العلم والثقافة وجودة الحياة، وهو الحاصل المتوفر في الغرب، وتكون بلا قوة في دول الجهل والتخلف وعدم التعلم والتثقف والقراءة، وروى مسلم:
[ 2920 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني بن محمد عن ثور وهو بن زيد الديلي عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر قالوا نعم يا رسول الله قال لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بنى إسحاق فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها قال ثور لا أعلمه إلا قال الذي في البحر ثم يقولوا الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر ثم يقولوا الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ فقال إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون
الحديث طبعًا مستوحى من الخرافة اليهودية في سفر يشوع 6 من التاناخ (الكتاب المقدس العبراني) عن احتلال اليهود لأريحا الفلسطينية.
وروى أحمد حديثًا آخر للتحريض على احتلال دولة الهند، لكن على حد علمي معظم ما نجح الهرب فيه هو احتلال باكستان السند التي كانت تابعة لها وليس الهند، أما الهند فحكمها لقرون الأفغان المسلمون ثم المغول المسلمون:
22396 - حدثنا أبو النضر، حدثنا بقية، حدثنا عبد الله بن سالم، وأبو بكر بن الوليد الزبيدي، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن لقمان بن عامر الوصابي، عن عبد الأعلى بن عدي البهراني، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عصابتان من أمتي أحرزهم الله من النار: عصابة تغزو الهند، وعصابة تكون مع عيسى ابن مريم "
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف من أجل بقية -وهو ابن الوليد- لكنه قد توبع، وباقي رجاله موثقون غير أبي بكر بن الوليد الزبيدي، فهو مجهول الحال، لكن تابعه عبد الله بن سالم -وهو الأشعري الحمصي، وهو ثقة- . أبو النضر: هو هاشم بن القاسم الليثي مولاهم . وأخرجه النسائي 6/42-43 من طريق أسد بن موسى، عن بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن الوليد وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (1851) من طريق حيوة بن شريح، عن بقية، عن عبد الله بن سالم وحده، به . وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/72، والطبراني في "الأوسط" (6737) ، وفي الشاميين (1851) ، وابن عدي في "الكامل" 2/583، وابن عساكر 15/197 من طريق الجراح بن مليح البهراني، عن محمد بن الوليد الزبيدي، به .
التحريض على العنف في شكل معجزات أسطورية تُحكى:
قال ابن اسحاق: وحُدثت عن سلمان الفارسي، أنه قال: ضربت في ناحية من الخندق، فغلظت عليّ صخرة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قريب مني، فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان علىَّ، نزل فأخذ المِعْوَل من يدي، فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة، قال: ثم ضرب به ضربة أخرى، فلمعت تحته برقة أخرى. قال: ثم ضرب به الثالثةَ، فلمعت تحتَه برقة أخرى. قال: قلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما هذا الذي رأيت لمع تحت المِعْوَل وأنت تضرب؟ قال: أوَقَدْ رأيتَ ذلك يا سلمانُ؟ قال: قلت نعم، قال: أما الأولى فإن الله فتح علي بها اليمن، وأما الثانية فإن الله فتح علىَّ بها الشام والمغرب، وأما الثالثة فإن الله فتح علي بها المشرق. " قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن أبي هريرة أنه كان يقول - حين فُتحت هذه الأمصار في زمان عمر وزمان عثمان وما بعده -:افتتحوا ما بدا لكم، فوالذى نفس أبي هريرة بيده، ما افتتحتم من مدينة ولا تفتتحونها إلى يوم القيامة إلاوقد أعطى الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وسلم مفاتيحَها قبلَ ذلك.
وروى الواقدي كذلك:
وَحَدّثَنِى أُبَىّ بْنُ عَبّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ، قَالَ: كُنّا مَعَ رَسُولِ اللّهِ ÷ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَأَخَذَ الْكَرْزَنَ وَضَرَبَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ ÷ حَجَرًا فَصَلّ الْحَجَرَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مِمّ تَضْحَكُ؟ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “أَضْحَكُ مِنْ قَوْمٍ يُؤْتَى بِهِمْ مِنْ الْمَشْرِقِ فِى الْكُبُولِ يُسَاقُونَ إلَى الْجَنّةِ وَهُمْ كَارِهُونَ”.
فَحَدّثَنِى عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ الْحُكْمِىّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ، رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ، يَضْرِبُ يَوْمَئِذٍ بِالْمِعْوَلِ فَصَادَفَ حَجَرًا صَلْدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْهُ الْمِعْوَلَ وَهُوَ عِنْدَ جَبَلِ بَنِى عُبَيْدٍ، فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَذَهَبَتْ أَوّلُهَا بَرْقَةً إلَى الْيَمَنِ، ثُمّ ضَرَبَ أُخْرَى فَذَهَبَتْ بَرْقَةً إلَى الشّامِ، ثُمّ ضَرَبَ أُخْرَى فَذَهَبَتْ بَرْقَةً نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَكُسِرَ الْحَجَرُ عِنْدَ الثّالِثَةِ. فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ يَقُولُ وَاَلّذِى بَعَثَهُ بِالْحَقّ لَصَارَ كَأَنّهُ سَهْلَةٌ وَكَانَ كُلّمَا ضَرَبَ ضَرْبَةً يَتْبَعُهُ سَلْمَانُ بِبَصَرِهِ فَيُبْصِرُ عِنْدَ كُلّ ضَرْبَةٍ بَرْقَةً فَقَالَ سَلْمَانُ: يَا رَسُولَ اللّهِ رَأَيْت الْمِعْوَلَ كُلّمَا ضَرَبْت بِهِ أَضَاءَ مَا تَحْتَهُ. فَقَالَ: “أَلَيْسَ قَدْ رَأَيْت ذَلِكَ”؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ النّبِىّ ÷: “إنّى رَأَيْت فِى الأُولَى قُصُورَ الشّامِ، ثُمّ رَأَيْت فِى الثّانِيَةِ قُصُورَ الْيَمَنِ، وَرَأَيْت فِى الثّالِثَةِ قَصْرَ كِسْرَى الأَبْيَضَ بِالْمَدَائِنِ”، وَجَعَلَ يَصِفُهُ لِسَلْمَانَ فَقَالَ: صَدَقْت وَاَلّذِى بَعَثَك بِالْحَقّ إنّ هَذِهِ لَصِفَتُهُ، وَأَشْهَدُ أَنّك لَرَسُولُ اللّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “هَذِهِ فُتُوحٌ يَفْتَحُهَا اللّهُ عَلَيْكُمْ بَعْدِى يَا سَلْمَانُ لَتُفْتَحَن الشّامُ، وَيَهْرُبُ هِرَقْلُ إلَى أَقْصَى مَمْلَكَتِهِ، وَتَظْهَرُونَ عَلَى الشّامِ فَلا يُنَازِعُكُمْ أَحَدٌ، وَلَتُفْتَحَن الْيَمَنُ، وَلَيُفْتَحَن هَذَا الْمَشْرِقُ وَيُقْتَلُ كِسْرَى بَعْدَهُ”. قَالَ سَلْمَانُ: فَكُلّ هَذَا قَدْ رَأَيْت.
وكما نرى هذه نبوآت مكتوبة بعد انتهاء الأحداث وحكم العرب لتلك الأقاليم، فكتب الحديث والسيرة مكتوبة في العصر العباسيّ متأخرًا كما نعلم.
التحريض على الكراهية والعنف في صورة إسخاتولوجية (أساطير نهاية الزمان والقيامة)
روى أحمد:
4146 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلَّا: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، جَاءَتِ السَّاعَةُ قَالَ: وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَجَلَسَ، فَقَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ ، قَالَ: عَدُوًّا يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَنَحَّى بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ، قُلْتُ: الرُّومَ تَعْنِي ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَيَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رِدَّةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا، فَيَفِيءَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ، نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَيَجْعَلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ، فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً - إِمَّا قَالَ: لَا يُرَى مِثْلُهَا، وَإِمَّا قَالَ: لَمْ نَرَ مِثْلَهَا - حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ، فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيِّتًا، قَالَ: فَيَتَعَادُّ بَنُو الْأَبِ كَانُوا مِائَةً، فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ ؟ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقْسَمُ ؟ قَالَ: بَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ: أَنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَ فِي ذَرَارِيِّهِمْ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَيُقْبِلُونَ، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ "
هو مكرر (3643) سنداً، وهذا متنه أطول. إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي قَتَادة -وهو تميم بن نذَير، وقيل: ابن زبير، العَدَوي- فمن رجال مسلم. إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن علَية، أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، يسير بن جابر: ويقال: ابن عمرو، وقيل غير ذلك كما في "التهذيب". وأخرجه ابن أبي شيبة 15/138، ومسلم (2899) (37) ، وأبو يعلى (5381) ، والحاكم 4/476-477، من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي! وأخرجه عبد الرزاق (20812) ، ومسلم (2899) ، والبغوي (4247) ، من طريقين عن أيوب، به. وأخرجه الطيالسي (392) ، ومسلم (2899) ، وأبو يعلى (5253) ، وابن حبان (6786) ، من طرق عن حميد بن هلال، به.
قوله: ليس له هِجيرىَ، قال السندي: بكسر هائه وتشديد جيم مقصور الآخر، أي: شأنه ودأبه ذلك.// عدواً: هكذا بالنصب في نسخ المسند، أي: تجدون عدوا، وفي مسلم: عدو، بالرفع.// يجمعون، أي: العساكر.//عند ذاكم القتالِ، بالجر. ردة بالرفع.
(16826) 16951- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ هُوَ الْقُرْقُسَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا ، وَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِهِمْ ، فَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْزِلُونَ بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ ، فَيَرْفَعُ الصَّلِيبَ ، وَيَقُولُ : أَلاَ غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَتَكُونُ الْمَلاَحِمُ ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْكُمْ ، فَيَأْتُونَكُمْ فِي ثَمَانِينَ غَايَةً ، مَعَ كُلِّ غَايَةٍ عَشْرَةُ آلاَفٍ.(4/91).
(23157) 23544- حَدَّثَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : سَتُصَالِحُكُمُ الرُّومُ صُلْحًا آمِنًا ، ثُمَّ تَغْزُونَ وَهُمْ عَدُوًّا فَتُنْصَرُونَ ، وَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ، ثُمَّ تَنْصَرِفُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ صَلِيبًا ، فَيَقُولُ : غَلَبَ الصَّلِيبُ ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدُقُّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ ، وَيَجْمَعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ.(5/371).
وروى البخاري:
3176 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا
3448 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا
أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ
أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ
يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ
وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا
يَقْبَلَهُ أَحَدٌ حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا
وَمَا فِيهَا ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَإِنْ
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ
الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}
وروى مسلم:
[ 2899 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر كلاهما عن بن علية واللفظ لابن حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن حميد بن هلال عن أبي قتادة العدوي عن يسير بن جابر قال هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجيري إلا يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة قال فقعد وكان متكئا فقال إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام فقال عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام قلت الروم تعني قال نعم وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم فيقتلون مقتلة إما قال لا يرى مثلها وإما قال لم ير مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقى منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك فجاءهم الصريخ إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ قال بن أبي شيبة في روايته عن أسير بن جابر
[ 2899 ] وحدثني محمد بن عبيد الغبري حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن أبي قتادة عن يسير بن جابر قال كنت عند بن مسعود فهبت ريح حمراء وساق الحديث بنحوه وحديث بن علية أتم وأشبع
[ 2899 ] وحدثنا شيبان بن فروخ حدثنا سليمان يعنى بن المغيرة حدثنا حميد يعني بن هلال عن أبي قتادة عن أسير بن جابر قال كنت في بيت عبد الله بن مسعود والبيت ملآن قال فهاجت ريح حمراء بالكوفة فذكر نحو حديث بن علية
باب ما يكون من فتوحات المسلمين قبل الدجال
[ 2900 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب عليهم ثياب الصوف فوافقوه عند أكمة فإنهم لقيام ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد قال فقالت لي نفسي ائتهم فقم بينهم وبينه لا يغتالونه قال ثم قلت لعله نجي معهم فأتيتهم فقمت بينهم وبينه قال فحفظت منه أربع كلمات أعدهن في يدي قال تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم فارس فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله ثم تغزون الدجال فيفتحه الله قال فقال نافع يا جابر لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم
التحريضات بالأساطير الإسخاتولوجية عن آخر الزمان الخرافي لا تأتي كتعاليم عنف مباشرة، لكنها مثل العقائد العنصرية المباشرة ضد غير المسلمين في القرآن والأحاديث، تشكل وعي العقل المسلم الخرافي الديني وتوجهه ومثاله ونموذجه.
حلم المسلمين بإبادة المسيحيين واليهود وكل أتباع الديانات
روى البخاري:
2222 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ
شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ
حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ
الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ
رغم أن الإسلام نص على أنه لا إكراه للكتابيين على الإسلام، ولا قتل لأمة من أمم
الكائنات، كالخنزير وغيره، فإن حلم المسلمين المتطرفين القدماء هو خروج شخص يدعي أنه
المسيح أو المهدي فيقوم بفرض الإسلام بالسيف والإجبار على الكتابيين وغيرهم، كما
فعل محمد وأبو بكر مع الوثنيين العرب.
السمة الرئيسية للعقل المتطرف كره الآخرين المختلفين وعدم الاعتراف بالتنوع ووجوده، والرغبة في قتل الآخرين لأنهم يشككون في وهمه وحلمه بالوعود الأخروية، عن طريق إبادتهم، ذات مرة قلت كلمة أديان فقال لي متطرف: لا شيء اسمه أديان أو دين سوى الإسلام، لأن الله يقول: {إن الدين عند الله الإسلام}، حقيقة هذا لا يغير واقع وجود أديان عديدة يتدين بها البشر رغم سفاهة السفيه المتشدد الذي يعتقد أن النص الشمولي من عند إله مغرور أخرق متعصب مثله. من هذا القبيل فإن الإلحاد يقال أنه ليس دينًا لأنه لا يتسم بالقالب الجامد الملزم الشمولي، لكنه عقيدة مما يعتقده المرء ويرسم به خط حياته، يعني ما يعتاده المرء ويصير له عادة وديدن ودين. فكلمة دين معناها الأصلي عادة واعتياد.
السباب العنصري
جاء في ابن هشام بسياق غزوة بني قريظة:
قال ابن اسحاق: وقدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب برايته إلى بني قُريظة، وابتدرها الناسُ. فسار علي بن أبي طالب، حتى إذ دنا من الحصون سمع منها مقالةً قبيحة لرسول للّه صلى الله عليه وسلم، فرجع حتى لَقِىَ رسولَ للّه صلى الله عليه وسلم بالطريق، فقال: يا رسول للّه، لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث؛ قال: لم؟ أظنك سمعت منهم لي أذًى؟ قال: نعم يا رسول الله؛ قال: لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا، فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم. قال: يا إخوانَ القِردَةِ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته؟ قالوا: يا أبا لقاسم، ما كنتَ جهولا
وفي الواقدي:
فحَدّثَنِى ابْنُ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِى قَتَادَةَ، قَالَ: انْتَهَيْنَا إلَيْهِمْ فَلَمّا رَأَوْنَا أَيْقَنُوا بِالشّرّ وَغَرَزَ عَلِىّ عَلَيْهِ السّلامُ الرّايَةَ عِنْدَ أَصْلِ الْحِصْنِ فَاسْتَقْبَلُونَا فِى صَيَاصِيِهِمْ يَشْتُمُونَ رَسُولَ اللّهِ ÷ وَأَزْوَاجَهُ.
قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: وَسَكَتْنَا وَقُلْنَا: السّيْفُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وَطَلَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ فَلَمّا رَآهُ عَلِىّ، عَلَيْهِ السّلامُ، رَجَعَ إلَى رَسُولِ اللّهِ ÷ وَأَمَرَنِى أَنْ أَلْزَمَ اللّوَاءَ فَلَزِمْته، وَكَرِهَ أَنْ يَسْمَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ أَذَاهُمْ وَشَتْمَهُمْ. فَسَارَ رَسُولُ اللّهِ ÷ إلَيْهِمْ وَتَقَدّمَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللّهِ لا نَبْرَحُ حِصْنَكُمْ حَتّى تَمُوتُوا جُوعًا، إنّمَا أَنْتُمْ بِمَنْزِلَةِ ثَعْلَبٍ فِى جُحْرٍ. قَالُوا: يَا ابْنَ الْحُضَيْرِ نَحْنُ مَوَالِيكُمْ دُونَ الْخَزْرَجِ وَخَارُوا، وَقَالَ: لا عَهْدَ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَلا إلّ.
وَدَنَا رَسُولُ اللّهِ ÷ مِنْهُمْ وَتَرّسْنَا عَنْهُ فَقَالَ: “يَا إخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَعَبَدَةَ الطّوَاغِيتِ أَتَشْتُمُونَنِى”؟ قَالَ: فَجَعَلُوا يَحْلِفُونَ بِالتّوْرَاةِ الّتِى أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى: مَا فَعَلْنَا، وَيَقُولُونَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا كُنْت جَهُولاً، ثُمّ قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ ÷ الرّمَاةَ مِنْ أَصْحَابِهِ.
ورواه الحاكم في المستدرك: 4332 .... فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه أن يستتروا بالحجف حتى يسمعهم كلامه فناداهم : يا إخوة القردة والخنازير قالوا : يا أبا القاسم لم تك فحاشا فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ وكانوا حلفاءه فحكم فيهم أن يقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فإنهما قد احتجا بعبد الله بن عمر العمري في الشواهد ولم يخرجاه
علق الذهبيّ: على شرط البخاري ومسلم
بصرف النظر عن السياق، محمد كشخص عادي غير مقدس رد الشتائم بشتائم، واستغل خرافات اليهود ضدهم ووصفهم بشكل عنصري أنهم إخوان القردة والخنازير، ووصف البشر بمثل هذه التفاهات العنصرية والجهالات الخرافية أمر لا تقبله قواعد المساواة والأخوة الإنسانية الصحيحة، بصرف النظر عن أي عداوة أو أي تبرير.
اضطهاد الزردشتيين وقتل رجال دينهم
روى أحمد بن حنبل:
1657- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، سَمِعَ بَجَالَةَ ، يَقُولُ : كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، عَمِّ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ : أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ ، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ : وَسَاحِرَةٍ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ ، فَقَتَلْنَا ثَلاثَةَ سَوَاحِرَ ، وَجَعَلْنَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ حَرِيمَتِهِ فِي كِتَابِ اللهِ ، وَصَنَعَ جَزْءٌ طَعَامًا كَثِيرًا ، وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ ، وَدَعَا الْمَجُوسَ ، فَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ ، أَوْ بَغْلَيْنِ ، مِنْ وَرِقٍ وَأَكَلُوا مِنْ غَيْرِ زَمْزَمَةٍ ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ ، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ : قَبِلَ ،الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ ، حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ.
وقَالَ سُفْيَانُ : حَجَّ بَجَالَةُ مَعَ مُصْعَبٍ سَنَةَ سَبْعِينَ.
إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بجالة - وهو ابن عَبَدَةَ التميمي العنبري البصري- فمن رجال البخاري. وجَزء بن معاوية: هو ابن حُصين بن عبادة التميمي السعدي عم الأحنف بن قيس وهو معدود في الصحابة، وكان عاملَ عمر على الأهواز، ووقع في رواية الترمذي أنه كان على مَناذر (وهي من قرى الأهواز) وذكر البلاذري أنه عاش إلى خلافة معاوية، وولي لِزياد بعضَ عمله. وأخرجه الطيالسي (225) ، والشافعي في "الرسالة" (1183) ، وعبد الرزاق (9972) و(9973) و (19390) و (19391) و (10024)، والحميدي (64) ، وأبو عبيد في "الأموال" (77) ، وابن أبي شيبة 12/243، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (123) ، والدارمي (2501) ، والبخاري (3156) و (3157) ، وأبو داود (3043) ، والترمذي (1587) وقال: حسن صحيح، والبزار (1060) ، والنسائي في "الكبرى" (8768) ، وابن الجارود (1105) ، وأبو يعلى (860) ، والشاشي (254) و (255) ، والبيهقي في الكبرى 8/247 - 248 و9/189، والبغوي (2750)، وبعضهم يرويه مختصراً . وأخرجه الترمذي (1586) وحسنه من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن دينار، به. وروه أحمد برقم (1685) .
وفي سنن سعيد بن منصور:
2180 - أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ بَجَالَةَ، يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ وَجَابِرَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، فَأَتَى كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَنَةٍ «أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَحُرَمِهِمْ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ» فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ، وَفَرَّقْنَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَحُرْمَتِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَصَنَعَ طَعَامًا ثُمَّ دَعَا الْمَجُوسَ، وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ، فَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ وَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنْ وَرِقٍ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخَذَ مِنَ الْمَجُوسِ جِزْيَةً حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ
2182 - أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، نا هُشَيْمٌ، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، أنا قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنِ اضْرِبُوا الزَّمَازِمَةَ، حَتَّى يَتَكَلَّمُوا، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ حُرْمَتِهِ، وَاقْتُلُوا السَّحَرَةَ»
2181 - أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، نا هُشَيْمٌ، نا عَوْفُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَازِنِيُّ، عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنْ فَرِّقُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ حُرَمِهِمْ كَيْمَا نُلْحِقَهُمْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَاقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَكَاهِنٍ»
تعاليم بمنع المجوس_بقدر ما استطاع المسلمون المتطرفون من الإكراه والمصادرة لحرية العقيدة وممارستها_من ذكر نصوصهم الدينية المقدسة، قبل تناول الطعام، وتعاليم بقتل كهنة ورجال الدين الزردشتيين (المجوس)، إرهاب وشر. واعتبارهم أنه لا حرمة لحياة إنسان من ديانة أخرى إذا لم ينص عليها محمد في القرآن والأحاديث وأفعاله، كان عمر سيبيد الزردشتيين ويكرههم على الإسلام، وعلى أي حالٍ رغم ذلك فقد حدث إرهاب وإكراه كبير للزردشتيين حتى اضطر كثير من بقيتهم القليلة إلى الهجرة منذ زمن طويل إلى الهند وهم مستقرون هناك إلى اليوم، ويعرفون بالبارسيين أي الفرس.
مصادرة حق المسيحيين في تربية أولادهم على المسيحية
ومن التشريعات الغريبة كذلك ما روى عبد الرزاق في مصنفه:
9971 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني خلاد أن عمرو بن شعيب أخبره أن عمر بن الخطاب كان لا يدع يهوديا ولا نصرانيا ينصر ولده ولا يهوده في ملك العرب
9974 - أخبرنا عبد الرزاق عن بن جريج عن أبي إسحاق الشيباني عن كردوس التغلبي قال قدم على عمر رجل من تغلب فقال له عمر إنه قد كان لكم نصيب في الجاهلية فخذوا نصيبكم من الإسلام فصالحه على أن أضعف عليهم الجزية ولا ينصروا الأبناء
مصادرة لكل حق الوالدين في تربية الأبناء كيفما يرون طالما لا يمارسون معهم العنف ولا يفسدون أخلاقهم الاجتماعية والتزامهم بالقوانين.
ومن التعاليم العنصرية التي ذكرتها بالتفصيل في آخر الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية) من كتب الأحاديث وصية محمد بإخراج غير المسلمين من شبه الجزيرة العربية، وبعد ذلك كان من الممارسات العنصرية التكميلية ما رواه عبد الرزاق في المصنف:
9977 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع قال كان عمر لا يدع النصراني واليهودي والمجوسي إذا دخلوا المدينة أن يقيموا بها إلا ثلاثا قدر ما ينفقوا سلعتهم فلما أصيب عمر قال قد كنت أمرتكم أن لا يدخل علينا منهم أحد ولو كان المصاب غيري لكان له فيه أمر قال وكان يقال لا يجتمع بها دينان
9979 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر قال كانت اليهود والنصارى ومن سواهم من الكفار من جاء المدينة منهم سفرا لا يقرون فوق ثلاثة أيام على عهد عمر فلا أدري أكان يفعل ذلك بهم قبل ذلك أم لا
9978 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب قال لما طعن عمر أرسل إلى ناس من المهاجرين فيهم علي فقال أعن ملأ منكم كان هذا فقال علي معاذ الله أن يكون عن ملأ منا ولو استطعنا أن نزيد من أعمارنا في عمرك لفعلنا قال قد كنت نهيتكم أن يدخل علينا منهم أحد
9980 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج قال: قال لي عطاء لا يدخل الحرم كله مشرك وتلا {بعد عامهم هذا} [التوبة: 28]
الظالم دومًا يخاف من المظلومين ويحذرهم ويحاول حجبهم وإبعادهم عنه لكي لا ينتقموا منه.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.