10 التشريعات الباطلة والشاذة: التشريعات العنصرية ضد الكتابيين وغير المسلمين

 

التشريعات الباطلة والشاذة: التشريعات العنصرية ضد الكتابيين وغير المسلمين

 

فرض الجزية (الإتاوة) على الكتابيين والمجوس والصابئة:

 

{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)} التوبة

 

هذه تبريرات أسطورية غير موضوعية ولا شخصية لأجل كراهية غير المسلمين، فما الذي سيجعلني أكره قومًا لم يأذوني في شيء لأجل اختلاف معتقداتهم، وكل المعتقدات خرافات، سواء اعتقدوا أن الله ثالوث أو عدة آلهة أو إلهة أنثى أو خنثى أو أي هراء آخر، اتبعوا خرافات الإنجيل أو خرافات أحبارهم ومؤسسي دينهم، ما الذي سيمثل اعتداء على شخصي لكي أكره ناسًا لم يعلوا لي شيئًا لأعاديهم وأحاربهم بدون سبب حقيقي، سوى العنصرية والعقد النفسية الدينية الجذور، لا يتفق الاستعلاء وتحديد دين على أنه دين للدولة وله الاستعلاء والانحياز في الدولة ضد متبعي الأديان الأخرى، مع المفهوم والقيم العلمانية المساوية بين البشر في الكوكب والمواطنين في الدولة، لا يوجد في اليهودية تعدد أو بنوة لشخص من الله، هناك تشديد إرهابي في اليهودية على هذه العقيدة التوحيدية كما يعلم كل من طالع كتاب اليهود، أراد محمد تشويه صورة اليهود بأي طريقة ولو بتلفيق كذب، وحتى لو صح أنهم يعتقدون بوجود ابن لله_وهذا من جهة علم الأديان غير سليم، لا توجد عقائد سرية في اليهودية، حتى تشريع قتل أطفال الفلسطينيين مُعلَن في توراتهم!_فهذا ليس مبررًا لكره اليهود لمجرد أنهم يهود، ولا المسيحيين وغيرهم لمجرد أنهم كذلك وغير مسلمين. هذا لا يدركه إلا الإنسان المتعلم المستنير سليم النفسية من العلل والاضطرابات الدينية نتيجة غسل الأدمغة وزرع الكراهية والنجاسة العنصرية الحقيقية. ينتج عن تشريع فرض الجزية على غير المسلمين نتيجتين، أولًا فرض الجزية العنصرية على غير المسلمين في الدولة كتحقير وإذلال واعتبارهم مواطنين درجة ثانية أو حتى ليسوا مواطنين وأقل من المسلمين قيمةً، في دولة لا تعرف مفهوم المواطنَة والمساواة والإخاء والحرية، والنتيجة الثانية هي الأمر الإسلامي المحمدي باحتلال الدول ذات الأغلبيات والحكم الغير إسلامي، فيما عُرِف بالغزوات والفتوحات في عصور قيام أمة المسلمين، من عرب وترك وغير ذلك، ومن عاونوهم على عنفهم من شوام ومصريين وبربر اتبعوهم بغسل الأدمغة والإسلام آنذاك. تعاليم التمييز العنصري واحتلال دول الشعوب الأخرى ونهبها وخطف نسائها وأطفالها للاستعباد لا يمكن أن تكون تعاليم صالحة أو إلهية المصدر، بل هي شرور وخبث وفساد وعدوان.

 

وروى البخاري:


4380 - حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدَانِ أَنْ يُلَاعِنَاهُ قَالَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لَا تَفْعَلْ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا قَالَا إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَّا أَمِينًا فَقَالَ لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ

 

3158 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الْأَنْصَارِيَّ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَافَتْ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا صَلَّى بِهِمْ الْفَجْرَ انْصَرَفَ فَتَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ

 

 3161 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبُوكَ وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ

 

1481 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ اخْرُصُوا وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ لَهَا أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلَا يَقُومَنَّ أَحَدٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ فَعَقَلْنَاهَا وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ فَلَمَّا أَتَى وَادِيَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ قَالَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...إلخ

 

3161 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبُوكَ وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ

 

ورواه أحمد بن حنبل 23604

 

وروى مسلم نفس الخبر، لكن عنده أن يوحنا بن روبة لم يذهب بنفسه، بل أرسل رسولًا:

 

[ 1392 ] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ فَأَتَيْنَا وَادِيَ الْقُرَى عَلَى حَدِيقَةٍ لاِمْرَأَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اخْرُصُوهَا فَخَرَصْنَاهَا وَخَرَصَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، وَقَالَ: أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ, وَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا تَبُوكَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلاَ يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى أَلْقَتْهُ بِجَبَلَيْ طَيِّئٍ، وَجَاءَ رَسُولُ ابْنِ الْعَلْمَاءِ، صَاحِبِ أَيْلَةَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَهْدَى لَهُ بُرْدًا، ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِيَ الْقُرَى، فَسَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةَ عَنْ حَدِيقَتِهَا كَمْ بَلَغَ ثَمَرُهَا؟ فَقَالَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ...إلخ

 

[ 1392 ] حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا المغيرة بن سلمة المخزومي قالا حدثنا وهيب حدثنا عمرو بن يحيى بهذا الإسناد إلى قوله وفي كل دور الأنصار خير ولم يذكر ما بعده من قصة سعد بن عبادة وزاد في حديث وهيب فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم ببحرهم ولم يذكر في حديث وهيب فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

وروى أحمد عن فرض الجزية على كتابيي اليمن:

 

(22013) 22363- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ : بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلاَثِينَ مِنَ الْبَقَرِ تَبِيعا ، أَوْ تَبِيعَةً ، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً ، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا ، أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ. (5/230)

 

إسناده صحيح، رجالُه ثقات رجال الشيخين، وقد سلف الكلام عليه عند حديث ابن مسعود السالف برقم (3905) أبو وائل: هو شقيق بن سلمة، ومسروق: هو ابن الأجْدع . وهو في "مصنف عبد الرزاق" (6841) ، ومن طريقه أخرجه الترمذي (623) ، وابن الجارود في "المنتقى" (343) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (260) ، والدارقطني 2/102، والبيهقي 4/98، والبغوي (1571) . وقرن عبد الرزاق والطبراني والدارقطني والبيهقي بسفيان معمراً . ولفظ ابن الجارود دون قوله: "أن آخذ من كل حالم ديناراً أو عدله معافر". وأخرجه أبو داود (1578) ، والبزار في "مسنده" (2654) ، وابن الجارود (343) ، وابن خزيمة (2268) من طرق عن سفيان الثوري، به. وأخرجه حميد بن زنجويه في "الأموال" (105) و (1454) ، والدارمي (1623) ، وابن ماجه (1803) ، والنسائي 5/25-26 و26، وابن خزيمة (2268) ، والشاشي في "مسنده" (1347) ، وابن حبان (4886) ، والطبراني 20/ (261) و (264) ، والحاكم 1/398، والبيهقي 4/98 و9/193 من طرق عن الأعمش، به . ولفظ ابن ماجه كلفظ ابن الجارود . وعند النسائي 5/26، والبيهقي 9/193 في أحد موضعيه: "ثنية" بدل قوله: "مسنة" . وقرن ابن خزيمة، والطبراني (264) بشقيقٍ إبراهيمَ النَّخعيَّ، وتحرف عند الطبراني شقيق إلى سفيان . وأخرجه أبو داود (1577) و (3039) ، والنسائي 5/26، وابن خزيمة (2268) ، والطبراني 20/ (263) ، والدارقطني 2/102، والبيهقي 4/98 و9/193 من طريق أبي معاوية، عن الأعمش سليمان بن مهران، عن إبراهيم النخعي، عن مسروق، عن معاذ . فذكر مكان شقيقٍ أبي وائل إبراهيمَ النخعيَّ . وأخرجه الطبراني 20/ (265) من طريق ابن أبي ليلى، عن أبي صالح، عن مسروق، عن معاذ . وأخرجه عبيد بن زنجويه في "الأموال" (105) و (1454) ، والدارمي (1623) ، والنسائي 5/26، والشاشي (1347) ، والبيهقي 4/98 و9/193 من طريق يعلى بن عبيد، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن معاذ . وعند النسائي والبيهقي "ثنية" بدل "مسنة" . ولم يذكروا فيه مسروقاً، وإبراهيم عن معاذ منقطع . وأخرجه مرسلاً الطيالسي (567) ، وأبو عبيد في "الأموال" (64) و (993) ، والشاشي (1348) و (1350) و (1352) (1353) من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق قال: بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذاً إلى اليمن . وقرن الأعمشُ عند أبي عبيد، والشاشي في الموضعين الثاني والرابع بأبي وائل إبراهيمَ النخعيَّ قال: بعث ... إلخ . واقتصر الطيالسي على قوله: "أن يأخذ من كل حالم ديناراً أو قيمته" . وأخرجه مرسلاً أبو يوسف القاضي في "الخراج" ص 77 عن الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق .وأخرجه مرسلاً كذلك ابن أبي شيبة 3/126-127 عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق . وأخرجه مرسلاً ابن أبي شيبة 3/127 عن وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي وأبي وائل قالا: بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذاً ... فذكره . وروى الحديث دون قوله: "ومن كل حالم ... إلخ" طاووس عن معاذ مرة، ومرة أدخل بينهما ابن عباس، سلف تخريجهما عند الحديث رقم (22010) . وأخرجه ابن أبي شيبة 3/127، والبيهقي 4/98 من طريق عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر قال: سألت نافعاً عن البقر فقال: بلغني عن معاذ أنه قال: في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين بقرة بقرة . وأخرجه مرسلاً أبو عبيد في "الأموال" (65) ، ومن طريقه ابن زنجويه (109) ، وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (229) ، ومن طريقه البيهقي 9/193-194 كلاهما (أبو عبيد ويحيى) عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن الحكم قال: كتب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى معاذ بن جبل وهو باليمن:  أن يأخذ من كل حالم أو حالمة ديناراً، أو قيمته، ولا يفتن يهودي عن يهوديته . هذا لفظ حديث يحيى ابن آدم، وفي حديث أبي عبيد زيادة . وأخرجه أبو يوسف القاضي في "الخراج" ص 128 عن الأعمش، عن عمارة بن عمير أو مسلم بن صبيح أبي الضحى، عن مسروق، به . مختصراً بالجزية في آخره . وأخرجه أبو داود (1599) ، وابن ماجه (1814) من طريق سليمان بن بلال، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن معاذ: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه إلى اليمن فقال: "خذ الحبَّ من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر" وعطاء لم يدرك معاذاً . وسيأتي من طريق أبي وائل عن معاذ بالأرقام (22037) و (22129) . وسيأتى من طريق يحيى بن الحكم عن معاذ برقم (22084) . وفي الباب عن ابن مسعود سلف برقم (3905) ، وانظر تتمة شواهده هناك .

 

لا نقبل بقيم كهذه بعنصريتها البغيضة، بل نريد دولة المواطَنة الكاملة التي فيها كل البشر المواطنين إخوة، لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، خطت بعض الدول العربية خطوات جيدة في ذلك، لكن لا يزال عليهم الكثير لإلغاء العنصرية والتمييز الراسخين بسبب الدين ونصوصه المشؤومة.

 

الجزية هي تمييز عنصري بين بشر كلهم إخوة ومتساوون، يعتقد المسلمون التقليديون أنهم أعلى من غيرهم في تكبر أجوف، عندما أحدثهم عن المواطنة والمساواة مع إخوتهم في الإنسانية كمسيحيي مصر يمتعضون في عصر السلفية والظلمات هذا، روى عبد الله بن أحمد بن حنبل:

 

* 20527 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ الْأَزْدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ حَيَّانَ الْأَعْرَجِ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: " بَعَثَنِي نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، أَوْ أَهْلِ هَجَرَ شَكَّ أَبُو حَمْزَةَ، " قَالَ: " كُنْتُ آتِي الْحَائِطَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ، فَيُسْلِمُ أَحَدُهُمْ، فَآخُذُ مِنَ الْمُسْلِمِ الْعُشْرَ، وَمِنَ الْآخَرِ الْخَرَاجَ "

 

إسناده ضعيف، المغيرة الأزدي مجهول، قال المزي في "التهذيب" 28/408: أظنه المغيرة بن مسلم القَسْمَلي، فإن القسامل من الأزد. ومحمد ابن زيد: أيضاً مجهول، وحيان الأعرج روايته عن العلاء منقطعة. أبو حمزة: هو محمد بن ميمون المروزي. وأخرجه المزي في ترجمة عتاب من "تهذيب الكمال" 19/292-293 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1831) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (174) من طريق عتاب بن زياد، به.

قال ياقوت: وهجر مدينة، وهي قاعدة البحرين، وربما قيل: الهَجَر، بالألف واللام، وقيل: ناحية البحرين كلها هجرُ، وهو الصواب. وهجر مشهورة بالتمر وكثرته، وفي المَثَل: كمُبْضعِ تمر إلى هجَر.

 

ناس لها نفس الثروة، ما الذي يجعلني أفرض على هذا ضريبة أكثر من هذا؟! أي عنصرية في التصنيف؟! وذكرت في موضع آخر من الباب هنا حالة قتل مسلم ومسيحي (نصراني) لمسيحي أنهم كانوا يحكمون بقتل المسيحي المشارك في القتل ودفع المسلم لنصف دية المسيحي القتيل، مع أنهما مشتركان في نفس الجريمة! وذكرت كذلك بموضع آخر هنا أن دية المسيحي واليهودي هي نصف بل وأقل من ذلك من دية المسلم. وجعلوا دية معتقدي الأديان الأخرى أبخس من ذلك كما سأورد.

 

وجاء في أحكام أهل الذمة لابن قيم الجوزية:

 

فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ، بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِنَ الْمَجُوسِ.

فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَجَمِ، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ.

وَاحْتَجَّ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى ذَلِكَ بِحُجَجٍ مِنْهَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: " «وَتُؤَدِّي إِلَيْكُمْ بِهَا الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ» "، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: " اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ، وَلَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ، وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّكُمْ إِنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ، وَذِمَّةَ رَسُولِهِ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا؟» ".

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْفِقْهِ.

مِنْهَا: وَصِيَّةُ الْإِمَامِ لِنُوَّابِهِ، وَأُمَرَائِهِ، وَوُلَاتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى الرَّعِيَّةِ فَبِهَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ يُحْفَظُ عَلَى الْأَمِيرِ مَنْصِبُهُ، وَتَقَرُّ عَيْنُهُ بِهِ وَيَأْمَنُ فِيهِ مِنَ النَّكَبَاتِ وَالْغِيَرِ، وَمَتَى تَرَكَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْلُبَهُ اللَّهُ عِزَّهُ، وَيَجْعَلَهُ عِبْرَةً لِلنَّاسِ فَمَا إِنْ سُلِبَتِ النِّعَمُ إِلَّا بِتَرْكِ تَقْوَى اللَّهِ وَالْإِسَاءَةِ إِلَى النَّاسِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْجَيْشَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَغُلُّوا مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَغْدِرُوا بِالْعَهْدِ، وَلَا يُمَثِّلُوا بِالْكُفَّارِ، وَلَا يَقْتُلُوا مَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَدْعُونَ الْكُفَّارَ - قَبْلَ قِتَالِهِمْ - إِلَى الْإِسْلَامِ، وَهَذَا وَاجِبٌ إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَةُ لَمْ تَبْلُغْهُمْ، وَمُسْتَحَبٌّ إِنْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ، هَذَا إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ هُمُ الْقَاصِدِينَ لِلْكُفَّارِ، فَأَمَّا إِذَا قَصَدَهُمُ الْكُفَّارُ فِي دِيَارِهِمْ فَلَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَحَرِيمِهِمْ.

وَمِنْهَا: إِلْزَامُهُمْ بِالتَّحَوُّلِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ إِذَا كَانُوا مُقِيمِينَ بَيْنَ الْكُفَّارِ، فَإِنْ أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ وَصَارَتِ الدَّارُ دَارَ الْإِسْلَامِ لَمْ يُلْزَمُوا بِالتَّحَوُّلِ مِنْهَا بَلْ يُقِيمُونَ فِي دِيَارِهِمْ، وَكَانَتْ دَارُ الْهِجْرَةِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ دَارَ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ صَارَتِ الْبِلَادُ الَّتِي أَسْلَمَ أَهْلُهَا بِلَادَ الْإِسْلَامِ فَلَا يَلْزَمُهُمُ الِانْتِقَالُ مِنْهَا.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْأَعْرَابَ لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ فِي الْفَيْءِ وَلَا فِي الْغَنَائِمِ مَا لَمْ يُقَاتِلُوا، فَإِذَا قَاتَلُوا اسْتَحَقُّوا مِنَ الْغَنِيمَةِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَأَمَّا الْأَعْرَابُ الَّذِينَ لَا يُقَاتِلُونَ الْكُفَّارَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ فِي الْفَيْءِ وَلَا فِي الْغَنِيمَةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ هَذَا ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ كَافِرًا مِنْ كَافِرٍ.

وَلَا يُقَالُ: هَذَا مَخْصُوصٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً، فَإِنَّ اللَّفْظَ يَأْبَى اخْتِصَاصَهُمْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَيْضًا فَسَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجُيُوشُهُ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ تُقَاتِلُ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ.

وَلَا يُقَالُ: إِنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهَا بِأَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمِرَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، فَيُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْقُرْآنِ وَمِنْ عُمُومِ الْكُفَّارِ بِالسُّنَّةِ، وَقَدْ أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْمَجُوسِ وَهُمْ عُبَّادُ النَّارِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وَلَا يَصِحُّ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ، وَلَوْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ عِنْدَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي أَمْرِهِمْ وَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» " بَلْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَذَكَرَ الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ أَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْكُتُبَ وَالشَّرَائِعَ الْعِظَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْمَجُوسِ - مَعَ أَنَّهَا أُمَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمَمِ شَوْكَةً وَعَدَدًا وَبَأْسًا - كِتَابًا وَلَا نَبِيًّا، وَلَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بَلِ الْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِذَا أُخِذَتْ مِنْ عُبَّادِ النِّيرَانِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ؟

فَإِنْ قِيلَ: فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْخُذْهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ مَعَ كَثْرَةِ قِتَالِهِ لَهُمْ.

قِيلَ: أَجَلْ وَذَلِكَ لِأَنَّ آيَةَ الْجِزْيَةِ إِنَّمَا نَزَلَتْ عَامَ " تَبُوكَ " فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَتْ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ وَلَمْ يَبْقَ بِهَا أَحَدٌ مِنْ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْجِزْيَةِ أَخَذَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّنْ بَقِيَ عَلَى كُفْرِهِ مِنَ النَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَلِهَذَا لَمْ يَأْخُذْهَا مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَلَا مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ لِأَنَّهُ صَالَحَهُمْ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْجِزْيَةِ.

 

وجاء في كتاب اختلاف العلماء للوزير أبو المظفر يحيى الشيباني:

 

واختلفوا فيمن لا كتاب له ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان من العرب والعجم، هل تؤخذ منهم الجزية أم لا ؟

فقال أبو حنيفة : لا تقبل إلا من العجم منهم دون العرب .

وقال مالك : تؤخذ من كل كافر عربيا كان أو عجميا إلا من مشركي قريش خاصة .

وقال الشافعي وأحمد في أظهر الروايتين : لا تقبل الجزية من عبدة الأوثان على الإطلاق عربيهم وعجميهم.

والرواية الأخرى عن أحمد كمذهب أبي حنيفة في اعتبار الأخذ من العجم منهم خاصةً.

 

هناك خلاف بين مذاهبهم هل تؤخذ الجزية من وثنيي الغير عرب أم لا، وسبب ذلك تبصر بعضهم باستحالة تكرار ما فعلوه في شبه جزيرة العرب، لأن هذا كان سيفتح عليهم جبهات شرسة في السند (باكستان) والهند وأفغانستان وغيرها حينئذٍ حينما كان هؤلاء سيضطرون للدفاع عن حيواتهم ذاتها، وقد رأوا من التاريخ آثار حروب الردة وكم القتلى من الجانبين. لذلك اتبع المتعصبون ظاهر النص القرآني بعدم قبول جزية من الوثنيين كتمييز عنصري أدنى وإبادتهم لو لم يُكرَهوا على الإسلام، فيما رأى آخرون الاكتفاء بالجزية كتمييز ضدهم.

 

لقد عاد ابن قيم الجوزية فكشف الوجه الأصلي الحقيقي للإسلام المعروف عندما قال تحت عنوان الحكمة من بقاء أهل الكتاب بين أظهرنا:

 

[الْحِكْمَةُ مِنْ إِبْقَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا]

قَالُوا: وَلِلَّهِ تَعَالَى حِكَمٌ فِي إِبْقَاءِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَإِنَّهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ شَاهِدُونَ بِأَصْلِ النُّبُوَّاتِ وَالتَّوْحِيدِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَفِي كُتُبِهِمْ مِنَ الْبِشَارَاتِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذِكْرِ نُعُوتِهِ وَصِفَاتِهِ وَصِفَاتِ أُمَّتِهِ مَا هُوَ مِنْ آيَاتِ نُبُوَّتِهِ وَبَرَاهِينِ رِسَالَتِهِ، وَمَا يَشْهَدُ بِصِدْقِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ.

وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ تَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْكِتَابِ دُونَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَبَقَاؤُهُمْ مِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ عَلَى مُنْكِرِ النُّبُوَّاتِ وَالْمَعَادِ وَالتَّوْحِيدِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لِمُنْكِرِي ذَلِكَ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] ، ذَكَرَ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] ، يَعْنِي: سَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ أَرْسَلْنَا قَبْلَ مُحَمَّدٍ رِجَالًا يُوحَى إِلَيْهِمْ أَمْ كَانَ مُحَمَّدٌ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ رَسُولٌ حَتَّى يَكُونَ إِرْسَالُهُ أَمْرًا مُنْكَرًا لَمْ يَطْرُقِ الْعَالَمَ رَسُولٌ قَبْلَهُ؟

وَقَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45] ، وَالْمُرَادُ بِسُؤَالِهِمْ سُؤَالُ أُمَمِهِمْ عَمَّا جَاءُوهُمْ بِهِ هَلْ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ شَرَعَ لَهُمْ أَنْ يُعْبَدَ مِنْ دُونِهِ إِلَهٌ غَيْرُهُ؟

قَالَ الْفَرَّاءُ: الْمُرَادُ سُؤَالُ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَيُخْبِرُونَهُ عَنْ كُتُبِهِمْ وَأَنْبِيَائِهِمْ.

 

.... وَهَذَا - وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ - فَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَأْبَاهُ فَتَأَمَّلْهُ وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94] ، وَقَوْلَهُ: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 96] ، وَقَوْلَهُ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99] ، وَهَذَا كُلُّهُ خِطَابٌ وَاحِدٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.

وَلَمَّا عَرَفَ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْخِطَابَ لَا يَتَوَجَّهُ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: الْخِطَابُ لَهُ وَالْمُرَادُ بِهِ هَذَا الصِّنْفُ الشَّاكُّ، وَكُلُّ هَذَا فِرَارٌ مِنْ تَوَهُّمِ مَا لَيْسَ بِمَوْهُومٍ: وَهُوَ وُقُوعُ الشَّكِّ مِنْهُ وَالسُّؤَالُ، وَقَدْ بَيَّنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إِمْكَانُ ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ وُقُوعِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا وَلَا مُمْكِنًا فَمَا مَقْصُودُ الْخِطَابِ وَالْمُرَادُ بِهِ؟

 قِيلَ: الْمَقْصُودُ بِهِ إِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَى مُنْكِرِي النُّبُوَّاتِ وَالتَّوْحِيدِ، وَأَنَّهُمْ مُقِرُّونَ بِذَلِكَ لَا يَجْحَدُونَهُ وَلَا يُنْكِرُونَهُ وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كُتُبَهُ بِذَلِكَ، وَأَرْسَلَ مَلَائِكَتَهُ إِلَى أَنْبِيَائِهِ بِوَحْيِهِ وَكَلَامِهِ، فَمَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَلْيَسْأَلْ أَهْلَ الْكِتَابِ، فَأُخْرِجَ هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوْجَزِ عِبَارَةٍ وَأَدَلِّهَا عَلَى الْمَقْصُودِ، بِأَنْ جُعِلَ الْخِطَابُ لِرَسُولِهِ الَّذِي لَمْ يَشُكَّ قَطُّ وَلَمْ يَسْأَلْ قَطُّ وَلَا عَرَضَ لَهُ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ هَذَا الْخِطَابَ بَدَا لَكَ عَلَى صَفَحَاتِهِ: مَنْ شَكَّ فَلْيَسْأَلْ فَرَسُولِي لَمْ يَشُكَّ وَلَمْ يَسْأَلْ.

وَالْمَقْصُودُ ذِكْرُ بَعْضِ الْحِكْمَةِ فِي إِبْقَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْجِزْيَةِ، وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ، فَيَجِبُ قِتَالُهُمْ حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ.

 

هم يحاولون لأجل تجميل الصورة أمام عامة الناس والرأي العام ما وسعهم تخفيف حدة عنف وإرهاب وشر وقذارة الديانة، لكن دومًا ينكشفون، هم يحاولون فقط تخبئة الحقائق، آخر الأمر أعطانا بعض شيوخ الأزهر ومنهج مصر التعليمي صورة مزيفة للإسلام وقالوا لنا أنه دين مسالم ودين سلام، انظر مثلًا تفسير المنتخب الخاص بهم وقارنه بأي تفسير قديم، لقد حرفوا المعاني وأخفوها، لأن إظهار معناها الحقيقي مع تبسيط للناس معناه أن كثيرين سيتركون الدين، أما الحمقى منهم فسيصيرون إرهابيين باسم اتباع تعاليم الدين.

 

وقال عن سبب وضع الجزية كشريعة عنصرية:

 

[سَبَبُ وَضْعِ الْجِزْيَةِ]

وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى حَرْفٍ وَهُوَ أَنَّ الْجِزْيَةَ هَلْ وُضِعَتْ عَاصِمَةً لِلدَّمِ، أَوْ مَظْهَرًا لِصَغَارِ الْكُفْرِ وَإِذْلَالِ أَهْلِهِ فَهِيَ عُقُوبَةٌ؟

فَمَنْ رَاعَى فِيهَا الْمَعْنَى الْأَوَّلَ قَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عِصْمَتِهَا لِدَمِ مَنْ خَفَّ كُفْرُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِ وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ - أَنْ تَكُونَ عَاصِمَةً لِدَمِ مَنْ يَغْلُظُ كُفْرُهُ.

وَمَنْ رَاعَى فِيهَا الْمَعْنَى الثَّانِيَ قَالَ: الْمَقْصُودُ إِظْهَارُ صَغَارِ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ وَقَهْرِهِمْ وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَخْتَصُّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ كَافِرٍ.

قَالُوا: وَقَدْ أَشَارَ النَّصُّ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ فِي قَوْلِهِ: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] ، فَالْجِزْيَةُ صَغَارٌ وَإِذْلَالٌ، وَلِهَذَا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ ضَرْبِ الرِّقِّ.

قَالُوا: وَإِذَا جَازَ إِقْرَارُهُمْ بِالرِّقِّ عَلَى كُفْرِهِمْ جَازَ إِقْرَارُهُمْ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ بِالْأَوْلَى ; لِأَنَّ عُقُوبَةَ الْجِزْيَةِ أَعْظَمُ مِنْ عُقُوبَةِ الرِّقِّ؛ وَلِهَذَا يُسْتَرَقُّ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ.

فَإِنْ قُلْتُمْ: لَا يُسْتَرَقُّ عَيْنُ الْكِتَابِيِّ - كَمَا هِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ - كُنْتُمْ مَحْجُوجِينَ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَرِقُّ سَبَايَا عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وَيَجُوزُ لِسَادَاتِهِنَّ وَطْؤُهُنَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ سَبَايَا " أَوْطَاسٍ "، وَكَانَتْ فِي آخِرِ غَزَوَاتِ الْعَرَبِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ أَنَّهُ قَالَ: " «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ» ".

فَجَوَّزَ وَطْأَهُنَّ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْإِسْلَامَ، وَأَكْثَرُ مَا كَانَتْ سَبَايَا الصَّحَابَةِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقِرُّهُمْ عَلَى تَمَلُّكِ السَّبْيِ.

وَقَدْ دَفَعَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا امْرَأَةً مِنَ السَّبْيِ نَفَلَهَا إِيَّاهُ، وَكَانَتْ مِنْ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ.

وَأَخَذَ عُمَرُ وَابْنُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ سَبْيِ " هَوَازِنَ "، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ.

وَهَذِهِ الْحَنَفِيَّةُ أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ سَبْيِ بَنِي حَنِيفَةَ. .

وَفِي الْحَدِيثِ: " «مَنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ» " وَلَمْ يَكُونُوا أَهْلَ كِتَابٍ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ.

قَالُوا: وَإِذَا جَازَ الْمَنُّ عَلَى الْأَسِيرِ وَإِطْلَاقُهُ بِغَيْرِ مَالٍ وَلَا اسْتِرْقَاقٍ فَلَأَنْ يَجُوزَ إِطْلَاقُهُ بِجِزْيَةٍ تُوضَعُ عَلَى رَقَبَتِهِ تَكُونُ قُوَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْلَى وَأَحْرَى، فَضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ عُقُوبَةً فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ عُقُوبَةِ الِاسْتِرْقَاقِ، وَإِنْ كَانَ عِصْمَةً فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ عِصْمَتِهِ بِالْمَنِّ عَلَيْهِ مَجَّانًا، فَإِذَا جَازَ إِقَامَتُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ فَإِقَامَتُهُ بَيْنَهُمْ بِالْجِزْيَةِ أَجْوَزُ وَأَحْوَزُ، وَإِلَّا فَيَكُونُ أَحْسَنَ حَالًا مِنَ الْكِتَابِيِّ الَّذِي لَا يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا بِالْجِزْيَةِ.

فَإِنْ قُلْتُمْ: إِذَا مَنَنَّا عَلَيْهِ أَلْحَقْنَاهُ بِمَأْمَنِهِ، وَلَمْ نُمَكِّنْهُ مِنَ الْإِقَامَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.

قِيلَ: إِذَا جَازَ إِلْحَاقُهُ بِمَأْمَنِهِ حَيْثُ يَكُونُ قُوَّةً لِلْكُفَّارِ وَعَوْنًا لَهُمْ وَبِصَدَدِ الْمُحَارَبَةِ لَنَا مَجَّانًا، فَلَأَنْ يَجُوزَ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ يَكُونُ قُوَّةً لِلْمُسْلِمِينَ وَإِذْلَالًا وَصَغَارًا لِلْكُفْرِ أَوْلَى وَأَوْلَى.

يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ إِذَا جَازَتْ مُهَادَنَتُهُمْ لِلْمَصْلَحَةِ بِغَيْرِ مَالٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ تَحْصُلُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَأَنْ يَجُوزَ أَخْذُ الْمَالِ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ وَقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْلَى وَهَذَا لَا خَفَاءَ بِهِ.

يُوَضِّحُهُ أَنَّ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ إِذَا كَانُوا أُمَّةً كَبِيرَةً لَا تُحْصَى كَأَهْلِ الْهِنْدِ وَغَيْرِهِمْ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ اسْتِئْصَالُهُمْ بِالسَّيْفِ، فَإِذْلَالُهُمْ وَقَهْرُهُمْ بِالْجِزْيَةِ أَقْرَبُ إِلَى عِزِّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ وَقُوَّتِهِ مِنْ إِبْقَائِهِمْ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ فَيَكُونُونَ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.

وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجِزْيَةَ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَاتِ لَا أَنَّهَا كَرَامَةٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا سِوَاهُمْ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّ الْجِزْيَةَ عِوَضٌ عَنْ سُكْنَى الدَّارِ - كَمَا يَقُولُهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ - فَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ سَيَأْتِي التَّعَرُّضُ إِلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالُوا: وَلِأَنَّ الْقَتْلَ إِنَّمَا وَجَبَ فِي مُقَابَلَةِ الْحِرَابِ لَا فِي مُقَابَلَةِ الْكُفْرِ وَلِذَلِكَ لَا يُقْتَلُ النِّسَاءُ وَلَا الصِّبْيَانُ وَلَا الزَّمْنَى وَالْعُمْيَانُ وَلَا الرُّهْبَانُ الَّذِينَ لَا يُقَاتِلُونَ بَلْ نُقَاتِلُ مَنْ حَارَبَنَا.

وَهَذِهِ كَانَتْ سِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَهْلِ الْأَرْضِ؛ كَانَ يُقَاتِلُ مَنْ حَارَبَهُ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي دِينِهِ أَوْ يُهَادِنَهُ أَوْ يَدْخُلَ تَحْتَ قَهْرِهِ بِالْجِزْيَةِ، وَبِهَذَا كَانَ يَأْمُرُ سَرَايَاهُ وَجُيُوشَهُ إِذَا حَارَبُوا أَعْدَاءَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، فَإِذَا تَرَكَ الْكُفَّارُ مُحَارَبَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَسَالَمُوهُمْ وَبَذَلُوا لَهُمُ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَلِلْمُشْرِكِينَ.

أَمَّا مَصْلَحَةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَمَا يَأْخُذُونَهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ قُوَّةً لِلْإِسْلَامِ مَعَ صَغَارِ الْكُفْرِ وَإِذْلَالِهِ، وَذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُمْ مِنْ تَرْكِ الْكُفَّارِ بِلَا جِزْيَةٍ.

وَأَمَّا مَصْلَحَةُ أَهْلِ الشِّرْكِ فَمَا فِي بَقَائِهِمْ مِنْ رَجَاءِ إِسْلَامِهِمْ إِذَا شَاهَدُوا أَعْلَامَ الْإِسْلَامِ وَبَرَاهِينَهُ، أَوْ بَلَغَتْهُمْ أَخْبَارُهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْإِسْلَامِ بَعْضُهُمْ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِهِمْ.

وَالْمَقْصُودُ إِنَّمَا هُوَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَلَيْسَ فِي إِبْقَائِهِمْ بِالْجِزْيَةِ مَا يُنَاقِضُ هَذَا الْمَعْنَى كَمَا أَنَّ إِبْقَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْجِزْيَةِ بَيْنَ ظُهُورِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُنَافِي كَوْنَ كَلِمَةِ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَكَوْنَ الدِّينِ كُلِّهِ لِلَّهِ، فَإِنَّ مِنْ كَوْنِ الدِّينِ كُلِّهِ لِلَّهِ إِذْلَالَ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ وَصَغَارَهُ وَضَرْبَ الْجِزْيَةِ عَلَى رُءُوسِ أَهْلِهِ، وَالرِّقِّ عَلَى رِقَابِهِمْ فَهَذَا مِنْ دِينِ اللَّهِ وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا إِلَّا تَرْكُ الْكُفَّارِ عَلَى عِزِّهِمْ وَإِقَامَةِ دِينِهِمْ كَمَا يُحِبُّونَ بِحَيْثُ تَكُونُ لَهُمُ الشَّوْكَةُ وَالْكَلِمَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

 

لم نكن نحتاج حتى للاستشهاد بكلام الرجل، فنص القرآن العنصري واضح: {عن يدٍ وهم صاغرون}. أحسنهم حالًا_ولا حَسَن فيهم ولا في آرائهم_ وهو الشافعي هنا قال أن ناس ومواطني البلد يدفعون أجرة عن إقامتهم في بلدهم! وقال ابن كثير:

 

وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: لَتَنْقَطِعَنَّ عَنَّا الْأَسْوَاقُ، وَلَتَهْلِكَنَّ التِّجَارَةُ وَلَيَذْهَبَنَّ مَا كُنَّا نُصِيبُ فِيهَا مِنَ الْمَرَافِقِ، فَنَزَلَتْ {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ ذَلِكَ - {إِنْ شَاءَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} أَيْ: إِنَّ هَذَا عِوَضُ مَا تَخَوَّفْتُمْ مِنْ قَطْعِ تِلْكَ الْأَسْوَاقِ، فَعَوَّضَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَطَعَ عَنْهُمْ مِنْ أَمْرِ الشِّرْكِ، مَا أَعْطَاهُمْ مِنْ أعناق أهل الكتاب، من الجزية. وَهَكَذَا رُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وعِكْرِمة، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَير، وقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ، وَغَيْرِهِمْ.

{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ} أَيْ: بِمَا يُصْلِحُكُمْ، {حَكِيم} أَيْ: فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْكَامِلُ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، الْعَادِلُ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ وَلِهَذَا عَوَّضَهُمْ عَنْ تِلْكَ الْمَكَاسِبِ بِأَمْوَالِ الْجِزْيَةِ الَّتِي يَأْخُذُونَهَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَالَ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} فَهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمَّا كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ إِيمَانٌ صَحِيحٌ بِأَحَدٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَلَا بِمَا جَاءُوا بِهِ، وَإِنَّمَا يَتَّبِعُونَ آرَاءَهُمْ وَأَهْوَاءَهُمْ وَآبَاءَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ، لَا لِأَنَّهُ شَرْعُ اللَّهِ وَدِينُهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِمَا بِأَيْدِيهِمْ إِيمَانًا صَحِيحًا لَقَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَى الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ [الْأَقْدَمِينَ] بَشَّرُوا بِهِ، وَأَمَرُوا بِاتِّبَاعِهِ، فَلَمَّا جَاءَ وَكَفَرُوا بِهِ، وَهُوَ أَشْرَفُ الرُّسُلِ، عُلِم أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُتَمَسِّكِينَ بِشَرْعِ الْأَنْبِيَاءِ الْأَقْدَمِينَ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، بَلْ لِحُظُوظِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ، فَلِهَذَا لَا يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ بِبَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ كَفَرُوا بِسَيِّدِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ وَخَاتَمِهِمْ وَأَكْمَلِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ [نَزَلَتْ] أَوَّلَ الْأَمْرِ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ، بَعْدَ مَا تَمَهَّدَتْ أُمُورُ الْمُشْرِكِينَ وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَلَمَّا اسْتَقَامَتْ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ؛ وَلِهَذَا تَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقِتَالِ الرُّومِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى ذَلِكَ، وَأَظْهَرَهُ لَهُمْ، وَبَعَثَ إِلَى أَحْيَاءِ الْعَرَبِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ فَنَدَبَهُمْ، فَأَوْعَبوا مَعَهُ، وَاجْتَمَعَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ نَحْوٌ [مِنْ] ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَتَخَلَّفَ بعضُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي عَامِ جَدْب، وَوَقْتِ قَيْظ وَحَرٍّ، وَخَرَجَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يُرِيدُ الشَّامَ لِقِتَالِ الرُّومِ، فَبَلَغَ تَبُوكَ، فَنَزَلَ بِهَا وَأَقَامَ عَلَى مَائِهَا قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ اسْتَخَارَ اللَّهَ فِي الرُّجُوعِ، فَرَجَعَ عَامَهُ ذَلِكَ لِضِيقِ الْحَالِ وَضَعْفِ النَّاسِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَقَدِ استدلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَن يَرَى أَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَوْ مِنْ أَشْبَاهِهِمْ كَالْمَجُوسِ، لِمَا صَحَّ فِيهِمُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ -فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ -وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ: بَلْ تُؤْخَذُ مِنْ جَمِيعِ الْأَعَاجِمِ، سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا تُؤْخَذُ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: بَلْ يَجُوزُ أَنْ تُضْرَبَ الْجِزْيَةُ عَلَى جَمِيعِ الْكُفَّارِ من كتابيٍّ، ومجوسي، ووثني، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِمَأْخَذِ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ وَذِكْرِ أَدِلَّتِهَا مَكَانٌ غَيْرُ هَذَا، واللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} أَيْ: إِنْ لَمْ يُسْلِمُوا، {عَنْ يَدٍ} أَيْ: عَنْ قَهْرٍ لَهُمْ وَغَلَبَةٍ، {وَهُمْ صَاغِرُونَ} أَيْ: ذَلِيلُونَ حَقِيرُونَ مُهَانُونَ. فَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إِعْزَازُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا رَفْعُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، بَلْ هُمْ أَذِلَّاءُ صَغَرة أَشْقِيَاءُ، كَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ" [صحيح مسلم برقم (2167)]

وَلِهَذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تِلْكَ الشُّرُوطِ الْمَعْرُوفَةَ فِي إِذْلَالِهِمْ وَتَصْغِيرِهِمْ وَتَحْقِيرِهِمْ، وَذَلِكَ مِمَّا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ الْحُفَّاظُ، مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْم الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: كَتَبْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ صَالَحَ نَصَارَى مِنْ أَهْلِ الشَّامِ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ لِعَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نَصَارَى مَدِينَةِ كَذَا وَكَذَا، إِنَّكُمْ لَمَّا قَدِمْتُمْ عَلَيْنَا سَأَلْنَاكُمُ الْأَمَانَ لِأَنْفُسِنَا وَذَرَارِينَا وَأَمْوَالِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا وَشَرَطْنَا لَكُمْ عَلَى أَنْفُسِنَا أَلَّا نُحْدِثَ فِي مَدِينَتِنَا وَلَا فِيمَا حَوْلَهَا دَيْرًا وَلَا كَنِيسَةً، وَلَا قِلاية وَلَا صَوْمَعة رَاهِبٍ، وَلَا نُجَدِّدَ مَا خَرِبَ مِنْهَا، وَلَا نُحْيِيَ مِنْهَا مَا كَانَ خُطَطَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَلَّا نَمْنَعَ كَنَائِسَنَا أَنْ يَنْزِلَهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، وَأَنْ نُوَسِّعَ أَبْوَابَهَا لِلْمَارَّةِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَأَنْ يَنْزِلَ مَنْ مَرَّ بِنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ نُطْعِمُهُمْ، وَلَا نأوي فِي كَنَائِسِنَا وَلَا مَنَازِلِنَا جَاسُوسًا، وَلَا نَكْتُمَ غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا نُعَلِّمَ أَوْلَادَنَا الْقُرْآنَ، وَلَا نُظْهِرَ شِرْكًا، وَلَا نَدْعُوَ إِلَيْهِ أَحَدًا؛ وَلَا نَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ ذَوِي قَرَابَتِنَا الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ إِنْ أَرَادُوهُ، وَأَنْ نُوَقِّرَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ نَقُومَ لَهُمْ مِنْ مَجَالِسِنَا إِنْ أَرَادُوا الْجُلُوسَ، وَلَا نَتَشَبَّهَ بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ مَلَابِسِهِمْ، فِي قَلَنْسُوَةٍ، وَلَا عِمَامَةٍ، وَلَا نَعْلَيْنِ، وَلَا فَرْقِ شَعْرٍ، وَلَا نَتَكَلَّمَ بِكَلَامِهِمْ، وَلَا نَكْتَنِيَ بكُنَاهم، وَلَا نَرْكَبَ السُّرُوجَ، وَلَا نَتَقَلَّدَ السُّيُوفَ، وَلَا نَتَّخِذَ شَيْئًا مِنَ السِّلَاحِ، وَلَا نَحْمِلَهُ مَعَنَا، وَلَا نَنْقُشَ خَوَاتِيمَنَا بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَا نَبِيعَ الْخُمُورَ، وَأَنْ نَجُزَّ مَقَادِيمَ رُءُوسِنَا، وَأَنْ نَلْزَمَ زِينا حَيْثُمَا كُنَّا، وَأَنْ نَشُدَّ الزَّنَانِيرَ عَلَى أَوْسَاطِنَا، وَأَلَّا نُظْهِرَ الصَّلِيبَ عَلَى كَنَائِسِنَا، وَأَلَّا نُظْهِرَ صُلُبَنَا وَلَا كُتُبَنَا فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَسْوَاقِهِمْ، وَلَا نَضْرِبَ نَوَاقِيسَنَا فِي كَنَائِسِنَا إِلَّا ضَرْبًا خَفِيًّا، وَأَلَّا نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا بِالْقِرَاءَةِ فِي كَنَائِسِنَا فِي شَيْءٍ مِنْ حَضْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا نُخْرِجَ شَعَانِينَ وَلَا بَاعُوثًا، وَلَا نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا مَعَ مَوْتَانَا، وَلَا نُظْهِرَ النِّيرَانَ مَعَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَسْوَاقِهِمْ، وَلَا نُجَاوِرَهُمْ بِمَوْتَانَا، وَلَا نَتَّخِذَ مِنَ الرَّقِيقِ مَا جَرَى عَلَيْهِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ نُرْشِدَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا نَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ فِي منازلهم. قَالَ: فَلَمَّا أَتَيْتُ عُمَرَ بِالْكِتَابِ، زَادَ فِيهِ: وَلَا نَضْرِبُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، شَرَطْنَا لَكُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا، وَقَبِلْنَا عَلَيْهِ الْأَمَانَ، فَإِنْ نَحْنُ خَالَفْنَا فِي شَيْءٍ مِمَّا شَرَطْنَاهُ لَكُمْ وَوَظَفْنا عَلَى أَنْفُسِنَا، فَلَا ذِمَّةَ لَنَا، وَقَدْ حَلَّ لَكُمْ مِنَّا مَا يَحِلُّ مِنْ أَهْلِ الْمُعَانَدَةِ وَالشِّقَاقِ.

 

 

ألا يشعر الإنسان الفاضل المحترم، الإنسان العاقل السامي الحقيقي الذي لا يتنازل البتة عن مبدإ الأخوة الإنسانية في سبيل عنصرية دينية خرافية، أن كل ذلك مقزز، الاغتناء من مال جزء من مواطني البلد وباحتلال الشعوب الأخرى، ونهبها وإذلالها؟! منهج الإسلام هو تحويل حياة الآخرين لجحيم حقيقي بكل الطرق الممكنة، ومضايقة وأذية وإذلال الآخرين بكل شكل ممكن، ومسح فكرة الأخوة بين البشر، وممارسة الكره والعنصرية، لقد ابتليت كملحد عندما أعلنت في بعض الوظائف عقيدتي بالاضطهاد بأقوى صوره أحيانًا، فقد جربنا كملحدين بعضنا على الأقل نفس الكأس الذي شربه المسيحيون واليهود والزردشتيون والهندوس والشامانيون والصابئة والمانويون وغيرهم لقرون، ربما الميزة لملحد مصري من أصل مسلم أن اسمه وبطاقته في دولة عنصرية كهذه يخفيان هويته ويسمحان له بالاختلاط بهم ما نافقهم وجاراهم كأنه مقتنع فعلًا بعنصريتهم وشرورهم وخرافاتهم البلهاء على أنه يؤمن بها ويستحسنها ويصفق لها، حسنًا لم أكن هذا الرجل ولن أكونه، فإن لم اتمكن من قول الحقيقة لجهلاء سفهاء من الدهماء الجهلة كنت أكتفي على الأقل بالصمت وعدم التأييد كموقف ممكن على الأقل.

 

فقهاء أتباع الملة الإجرامية الأسوأ في التاريخ محتارون ومختلفون هل نترك المؤمن بتعدد الآلهة على قيد الحياة أم لا؟! أما أنا يا سادة فأقول وأؤمن بأن الهندي الهندوسي والآسيوي والأوربي البودي وكل البشر إخوة لي، ولو تعرض أحدهم لتهديد من متطرف وكان بوسعي المساعدة فلن أتأخر عن المواجهة إيمانًا بالحق والإنسانية والقيم النبيلة الخيرة.

 

التحريض على العنف والأمر باحتلال الدول الغير إسلامية والاعتداء عليها

 

{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121)} التوبة

 

نموذج للتحريض بدعوى أن ارتكاب الشر والعدوان وبذل الجهود المضنية الجنونية في سبيل ذلك هو شيء خير وإحسان يكافؤهم عليه إله خرافي، وكذلك بذل الأموال لذلك الهدف الإجرامي العدواني الشرير. وقوله

{وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} فيه تحريض مباشر على احتلال دول الشعوب الأخرى الغير مسلمة بدعوى أن ذلك خير وفعل صالح! فأي تلبيس شرير ومغالطة منطقية شيطانية صوَّرَت لهم أن الشر والعدوان والأذى والنهب يكون خيرًا وعملًا صالحًا وقربى لإله مزعوم.

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} التوبة

 

بوسعنا القول أن أسوأ جيرة دولية يمكن أن تحصل عليها دولة غير إسلامية هي دولة إسلامية متشددة، فهذه وصية القرآن بالجيران الغير مسلمين الجغرافيين من دول أخرى، بأذيتها هي وسكانها واحتلالها ونهبها ، واستعباد من فيها إن لم يستسلموا ويرضوا بالاحتلال والنهب والإذلال.

 

الغير مسلمين أنجاس قذرون حسب القرآن

 

{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)} التوبة

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)} التوبة

 

{وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125)} التوبة

 

وروى البخاري:

 

5478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ وَبِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ فَمَا يَصْلُحُ لِي قَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ مُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ

 

وروى أحمد:

 

(17750) 17902- حَدَّثَنَا مُهَنَّا بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، وَعَفَّانُ وَهَذَا لَفْظُ مُهَنَّا ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ كِتَابٍ ، أَفَنَطْبُخُ فِي قُدُورِهِمْ ، وَنَشْرَبُ فِي آنِيَتِهِمْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا ، فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ ، وَاطْبُخُوا فِيهَا ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا بِأَرْضِ صَيْدٍ فَكَيْفَ نَصْنَعُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُكَلَّبَ ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ ، فَقَتَلَ فَكُلْ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّبٍ فَذَكِّ وَكُلْ ، وَإِذَا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ ، فَقَتَلَ ، فَكُلْ

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير مهنا بن عبد الحميد، فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو ثقة. وأخرجه الترمذي (1797) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2631) ، والدولابي في "الكنى" 2/138، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (1234) ، والطبراني في "الكبير" 22/ (580) ، والحاكم 1/144 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وبعضهم يختصره. وقرن الترمذي والدولابي والطبراني بأيوب قتادة. وقال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه الطبراني 22/ (581) ، والحاكم 1/144 من طريق هشيم بن بشير، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، به. مختصراً بقصة الآنية. ورواه بأسانيدهم: مسلم  1930 وانظر أحمد (17731) 17883 و(17733) والترمذي (1560) و (1796) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (1231) و (1232) ، والحاكم 1/143

 

وروى ابن أبي شيبة بالتوافق مع القرآن في عدم تحريم ذبائح وطعام الكتابيين:

 

33360- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ ، عَنْ أبِيهِ ، قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، عَنْ طَعَامِ النَّصَارَى ، فَقَالَ : لاَ يَخْتَلِجَنَّ فِي صَدْرِكَ طَعَامٌ ضَارَعَتْ فِيهِ نَصْرَانِيَّةٌ.

 

ضعيف

 

33361- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِطَعَامِهِمْ بَأْسًا.

 

أما رواية أحمد فهكذا:

 

(21965) 22311- حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ مُظَفَّرُ بْنُ مُدْرِكٍ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنِي قَبِيصَةُ بْنُ هُلْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : وَسَأَلَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : إِنَّ مِنَ الطَّعَامِ طَعَامًا أَتَحَرَّجُ مِنْهُ . فَقَالَ : لاَ يَخْتَلِجَنَّ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ ضَارَعْتَ فِيهِ النَّصْرَانِيَّةَ. (5/226)

 

إسناده ضعيف، قبيصة بن هلب تفرد بالرواية عنه سماك بن حرب، وجهله علي ابن المديني والنسائي، ومع ذلك قال العجلي: تابعي ثقة . وذكره ابن حبان في "الثقات"! وقد اختلف فيه على سماك بن حرب، فرواه جمع عنه، عن قبيصة بن هلب، عن أبيه، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورواه بعضهم عنه، عن مُرَيِّ بن قَطَري، عن عدي بن حاتم مرفوعاً كما سلف في الرواية (18262) ، ومري بن قطري مجهول أيضاً، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي بإثر الحديث (1565) . زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه أبو داود (3784) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/199، والطبراني 22/428، والبيهقي 7/279 من طرق عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد . ورواية ابن قانع مطولة بنحو الرواية الآتية برقم (21969). وأخرجه الترمذي (1565) ، والطبراني (429) و (430) و (431) من طرق عن سماك بن حرب، به . وقال الترمذي: حديث حسن . وسيأتي من طريق سماك بالأرقام (21966) و (21969) و (21971) = و (21972) و (21976) . وهو في الروايتين (21969) و (21971) مطول .

قوله: "أتحرج منه" قال السندي: من الحرج وهو الضيق، ويطلق على الإثم، ويعني: أجتنب وأمتنع .  "لا يختلجن" قد اختلف في روايته مادةً وهيئةً، أما الأول، فقال العراقي: المشهور أنه بتقديم الخاء المعجمة على الجيم، وروي بتقديم الحاء المهملة على الجيم، وأما الثاني، فهل هو من الافتعال أو من التفعل؟ والمعنى على التقديرين واحد، أي: لا يقع في نفسك شكٌّ منه وريبة . "شيء" أي: طعام كما في الرواية التالية .  "ضارعت" أي: شابهت به الملة النصرانية، أي: أهلها، والمعنى: لا يختلج في صدرك طعام تشبه فيه النصارى، يعني أن التشبه الممنوع إنما في الدين والعادات والأخلاق لا في الطعام الذي يحتاج إليه كل أحد، والتشبه فيه لازم لاتحاد جنس مأكول الفريقين وقد أذن الله تعالى فيه بقوله: (اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ) [المائدة: 5] فالتشبه في مثله لا عبرة به، ولا يختلج في صدرك لتسأل عنه .

 

وروى عبد الرزاق:

 

8577 - عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن عكرمة قال لا بأس بذبائح أهل الكتاب وكره أن يدفع المسلم شاته إلى اليهودي يذبحها

 

8581 - عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن عمرو بن ميمون بن مهران أن عمر بن عبد العزيز وكل بقوم من النصارى قوما من المسلمين إذا ذبحوا أن يسموا ولا يتركوهم أن يهلوا

 

أما الموقف مع الزردشتيين (المجوس) فأسوأ، روى أحمد:

 

6725- حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ لِي كِلاَبًا مُكَلَّبَةً ، فَأَفْتِنِي فِي صَيْدِهَا ؟ فَقَالَ : إِنْ كَانَتْ لَكَ كِلاَبٌ مُكَلَّبَةٌ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكَتْ عَلَيْكَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ ؟ قَالَ : ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ ، قَالَ : وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ ؟ قَالَ : وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفْتِنِي فِي قَوْسِي ؟ قَالَ : كُلْ مَا أَمْسَكَتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ ، قَالَ : ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ ؟ قَالَ : ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ ، قَالَ : وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي ؟ قَالَ : وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْكَ ، مَا لَمْ يَصِلَّ ، يَعْنِي يَتَغَيَّرْ ، أَوْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرَ غَيْرِ سَهْمِكَ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفْتِنَا فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ إِذَا اضْطُرِرْنَا إِلَيْهَا ؟ قَالَ : إِذَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهَا فَاغْسِلُوهَا بِالْمَاءِ ، وَاطْبُخُوا فِيهَا.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

33313- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، قَالَ : كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى مَجُوسِ هَجَرَ يَعْرِضُ عَلَيْهِمَ الإِسْلاَمَ فَمَنْ أَسْلَمَ قَبِلَ مِنْهُ وَمَنْ أَبَى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ عَلَى أَنْ لاَ تُؤْكَلَ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ ، وَلاَ تُنْكَحَ لَهُمَ امْرَأَةٌ.

 

33362- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَكَنٍ الأَسَدِيِّ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ : إنَّكُمْ نَزَلْتُمْ بَيْنَ فَارِسَ وَالنَّبَطِ , فَإِذَا اشْتَرَيْتُمْ لَحْمًا , فَإِنْ كَانَ ذَبِيحَةَ يَهُودِيٍّ ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ فَكُلُوهُ , وَإِنْ ذَبَحَهُ مَجُوسِيٌّ فَلاَ تَأْكُلُوهُ.

 

33341- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ قَابُوسَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ ، فَقَالَتْ : إنَّ لَنَا أظارًا مِنَ الْمَجُوسِ وَإِنَّهُمْ يَكُونُ لَهُمَ الْعِيدُ فَيُهْدُونَ لَنَا ، فَقَالَتْ : أَمَّا مَا ذُبِحَ لِذَلِكَ الْيَوْمِ فَلاَ تَأْكُلُوا , وَلَكِنْ كُلُوا مِنْ أَشْجَارِهِمْ.

 

33342- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ أُمِّهِ ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ , أَنَّهُ كَانَ لَهُ سُكَّانٌ مَجُوسٌ فَكَانُوا يُهْدُونَ لَهُ فِي النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ , فَيَقُولُ لأَهْلِهِ : مَا كَانَ مِنْ فَاكِهَةٍ فَاقْبَلُوهُ , وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ فَرُدُّوهُ.

 

33343- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ ، قَالَ : كُنَّا فِي غَزَاةٍ لَنَا فَلَقِينَا أُنَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَجْهَضْنَاهُمْ عَنْ مَلَّةٍ لَهُمْ , فَوَقَعْنَا فِيهَا فَجَعَلْنَا نَأْكُلُ مِنْهَا وَكُنَّا نَسْمَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أنَّهُ مَنْ أَكَلَ الْخُبْزَ سَمِنَ ، قَالَ : فَلَمَّا أَكَلْنَا تِلْكَ الْخُبْزَةَ جَعَلَ أَحَدُنَا يَنْظُرُ فِي عِطْفَيْهِ هَلْ سَمِنَ.

 

33344- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَإِبْرَاهِيمَ ، قَالاَ : لَمَّا قَدِمَ الْمُسْلِمُونَ أَصَابُوا مِنْ أَطْعِمَةِ الْمَجُوسِ مِنْ جُبْنِهِمْ وَخُبْزِهِمْ فَأَكَلُوا وَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

 

33345- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا طَبَخَ الْمَجُوسُ فِي قُدُورِهِمْ , وَلَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ طَعَامِهِمْ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ سَمْنٌ ، أَوْ جبن ، أَوْ كَامَخٌ ، أَوْ شيراز ، أَوْ لَبَنٌ.

 

33346- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : لاَ بَأْسَ بِخَلِّهِمْ وَكَامَخِهِمْ وَأَلْبَانِهِمْ.

33347- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : لاَ تَأْكُلْ مِنْ طَعَامِ الْمَجُوسِيِّ إِلاَّ الْفَاكِهَةَ.

 

33348- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ، عَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ ، قَالاَ : كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَجِيئُونَ بِالسَّمْنِ فِي ظُرُوفِهِمْ فَيَشْتَرِيه أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ فَيَأْكُلُونَهُ وَنَحْنُ نَأْكُلُهُ.

 

وفقًا لأول نصين قام محمد بأسلمة المعبد الوثني الكعبة الخاص بدين الوثنيين، وصادره وأخذه منهم لدينه العربي الجديد، ووصف الوثنيين بمصطلحات عنصرية خرافية كقوله أنهم نجسون قذرون، وأنهم "كافرون". وهي أوصاف عنصرية بحتة، ورغم أن سورة المائدة أباحت تناول الطعام مع الكتابيين، لكن بناءً على النص هنا كثير من المسلمين المتعصبين خاصة الريفيين يتعاملون مع غير المسلمين كالمسيحيين وربما حتى يحاولون مع الملحدين بأسلوب حقير للغاية كتجنب لمسهم وكراهيتهم وعدم مؤاكلتهم أو استعمال نفس الأدوات حتى في سكن عمل مغتربين مثلًا، والعمل على جعلهم يستقيلون من العمل...إلخ. شخصيًّا تعرضت ذات مرة لاضطهاد شخصي عندما عملت عملًا بسيطًا في مطعم عندما علم متعصبوهم بعقيدتي، فقال مديرهم وكان رجلًا جاهلًا تافهًا أني نجس ولا أصلح للعمل في الأطعمة! مثال لعنصرية وسخافة التعاليم الإسلامية المتعالية الجوفاء، التي تبرّر الاستعلاء الأجوف على باقي البشر الذين هم مثلهم. وسوف أستكمل باقي الملاحظات على الأحاديث والممارسات في قسم نقد الأحاديث.

 

تصنيف البشر بتصنيفات وهمية عنصرية

 

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} البينة

 

هذا تصنيف عنصريّ، فاعتقادات الإنسان الدينية ليست فضيلة أو أفضلية، بل هي حرية شخصية، والأفضلية والفضيلة تأتي من أفعاله وسلوكياته وأخلاقه، ولا يبدو لنا من تعاليم الإسلام وأفعال المسلمين أنهم أفضل الأمم، بل بمجمل أفعالهم هم أسؤها أو من أسوئها. لو شاركوا في مسابقة لربحوا جائزة متقدمة كأمة متأخرة وسيئة جدًّا في كل المجالات والأمور. أن يقولها عقلانيّ ملحد من نسلهم وبنيهم خيرٌ من أن يقولها غيرهم لهم، وقد قالوها لهم.

 

{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)}

 

قال الطبري:

 

...ويعني بقوله: أو لإخوانهن أو لأخواتهن، أو لبني إخوانهن، أو بني أخواتهن، أو نسائهن. قيل: عني بذلك نساء المسلمين.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُريج، قوله: (أَوْ نِسَائِهِنَّ) قال: بلغني أنهنّ نساء المسلمين، لا يحلّ لمسلمة أن ترى مشركة عريتها، إلا أن تكون أمة لها، فذلك قوله: (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) .

قال: ثني الحسين، قال: ثني عيسى بن يونس، عن هشام بن الغازي، عن عبادة بن نسيّ: أنه كره أن تقبل النصرانية المسلمة، أو ترى عورتها، ويتأوّل: (أَوْ نِسَائِهِنَّ) .

قال: ثنا عيسى بن يونس، عن هشام، عن عبادة، قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عُبيدة بن الجرّاح رحمة الله عليهما: أما بعد، فقد بلغني أن نساء يدخلن الحمامات، ومعهن نساء أهل الكتاب، فامنع ذلك، وحُلْ دونه. قال: ثم إن أبا عُبيدة قام في ذلك المقام مبتهلا اللهم أيما امرأة تدخل الحمام من غير علة ولا سقم، تريد البياض لوجهها، فسوّد وجهها يوم تبيض الوجوه.

 

وقال ابن كثير:

 

وَقَوْلُهُ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} يَعْنِي: تُظهر زِينَتَهَا أَيْضًا لِلنِّسَاءِ الْمُسَلِمَاتِ دُونَ نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِئَلَّا تَصِفَهُنَّ لِرِجَالِهِنَّ، وَذَلِكَ -وَإِنْ كَانَ مَحْذُورًا فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ -إِلَّا أَنَّهُ فِي نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَشَدُّ، فَإِنَّهُنَّ لَا يَمْنَعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ، وَأَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَإِنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ فَتَنْزَجِرُ عَنْهُ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُبَاشِرُ المرأةَ المرأةَ، تَنْعَتُهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

 

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِّ،، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ مَعَ نِسَاءِ أَهْلِ الشِّرْكِ، فانْهَ مَنْ قِبَلَك فَلَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَوْرَتِهَا إِلَّا أَهْلُ مِلَّتِهَا [سنن سعيد بن منصور في الأجزاء المفقودة غير المنشورة منه، وعنه البيهقي في سننه الكبرى 13321].

وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} قَالَ: نِسَاؤُهُنَّ الْمُسْلِمَاتُ، لَيْسَ الْمُشْرِكَاتُ مِنْ نِسَائِهِنَّ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَنْكَشِفَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُشْرِكَةِ.

وَرَوَى عَبد فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} ، قَالَ: هُنَّ الْمُسْلِمَاتُ لَا تُبْدِيهِ لِيَهُودِيَّةٍ وَلَا نَصْرَانِيَّةٍ، وَهُوَ النَّحْر والقُرْط والوٍشَاح، وَمَا لَا يَحِلُّ أَنْ يَرَاهُ إلا محرم.

 

نموذج ومثال لتفرقة التعاليم الإسلامية الفاسدة بين بني البشر على أساس الدين، وتشويه صورة أهل الأديان الأخرى، وتصويرهم كناس بلا ضمير، وأن المسلمين هم خيرة وصفوة البشر بأوهام استعلائية.

 

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)} آل عمران

 

نموذج للفكر والاعتقاد الإسلامي المستكبر، وهو اعتقاد كثير من المسلمين وكثير من أهل كل دين تقريبًا، من حيث الاستعلاء واعتبار أنفسهم أحسن من باقي الناس، الناظر لأحوال المسلمين منذ نشؤوا ونشأت ديانتهم وحتى اليوم لا يرى أنهم خير أمة على الإطلاق، بل ربما من أسوئها وأشرها لغيرهم ولبعضهم البعض، عرضت بعض الأمور الكاشفة لعصر محمد في ج1 (حروب محمد)، وكتب التاريخ الإسلامي عن كل عصر ومكان وإقليم لهم مليئة ببشاعاتهم ضد الدول الأخرى والأقليات، وجرائمهم وعدوانهم على بعضهم الآخر تنازعًا على الحكم، كتاريخ الطبري والكتب عن تاريخ إسبانيا الأندلس، وغيرها. المسلمون اليوم ومنذ زمنٍ أمة من أكثر الأمم تأخرًا حضاريًّا وعلميًّا وتعليميًّا وثقافيًّا وتكنولوجيًّا، ولست سعيدًا بذلك، فهم أمتي بحكم الانتماء، وجهلهم وتأخرهم يعيق العلمنة والتنوير والتقدم عنهم. وهنا وصف محمد الكتابيين بأن أكثرهم فاسقون وهو وصف عنصريّ لشخص كان ينشر الكراهية والفرقة بين البشر.

 

ولعلم المفسرين بحقيقة سوء حالهم وحقيقتهم وأوضاعهم وتاريخهم كمسلمين، حاولوا التلاعب بتفسير النص، رغم عموم وإطلاق لفظه ودلالته العامّة، فاعترفوا بأنهم ليسوا خير وأحسن البشر، بل ربما من أسوئهم، قال الطبري:

 

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"كنتم خير أمة أخرجت للناس".

فقال بعضهم: هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وخاصة، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

*ذكر من قال ذلك:

7606- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال في:"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، قال: هم الذين خرجوا معه من مكة.

7607- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية، عن قيس، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس:"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، قال: هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة.

7608- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"، قال عمر بن الخطاب: لو شاء الله لقال:"أنتم"، فكنا كلنا، ولكن قال:"كنتم" في خاصة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن صنع مثل صنيعهم، كانوا خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

7609- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قال، عكرمة: نزلت في ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل.

7610- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن المقدام، عن إسرائيل، عن السدي، عمن حدثه: قال عمر:"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، قال: تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا.

7611- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، قال: هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

 

وروى أحمد في مسنده:

 

2463 - حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110] قَالَ: " هُمِ الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى الْمَدِينَةِ - قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ: مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "

 

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سماك بن حرب، فمن رجال مسلم، وهو صدوق حسن الحديث، وجَود الحافظ في "الفتح" 8/225 إسناد هذا الحديث. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/130، وابن أبي شيبة 12/155-156 و14/334، والنسائي في "الكبرى" (11072) ، وابن جرير الطبري 4/43، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1157-آل عمران) ، والطبراني (12303) ، والحاكم 2/294 من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

 

كما ترى أيها القارئ الكريم كيف وصلت محاولة التلاعب والتهرب من معنى النص لعدم انطباقه على الواقع، فلعلمهم بجرائم الكثير من صحابة محمد وتقتيلهم لبعضهم البعض، تدنوا لدرجة القول بأنها تتعلق بخاصة ونخبة من أصحاب محمد، وليس كل أصحابه!

 

هناك تفسير آخر يجعل الأمر مشروطًا، قال الطبري:

 

وقال آخرون: معنى ذلك: كنتم خير أمة أخرجت للناس، إذا كنتم بهذه الشروط التي وصفهم جل ثناؤه بها. فكان تأويل ذلك عندهم: كنتم خير أمة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، أخرجوا للناس في زمانكم.

*ذكر من قال ذلك:

7614- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل:"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، يقول: على هذا الشرط: أن تأمرُوا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله  يقول: لمن أنتم بين ظهرانيه، كقوله: (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [سورة الدخان: 32] .

 

للأسف فهم لم يكونوا يومًا خير أمة من البشر، حتى بل وبالذات في عصر محمد والخلفاء الأوائل، بجرائم القتل والحروب وراجع (حروب محمد الإجرامية). لقد وصل الأمر لقتلهم بعض المسلمين اشتباهًا وتفتيشًا في الضمائر وممارسة للإرهاب، فلم يكونوا خيرًا للبشر بعمومهم ولا حتى لأنفسهم.

 

وقال ابن كثير:

 

وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عامةٌ فِي جَمِيعِ الْأُمَّةِ، كُلُّ قَرْن بِحَسْبِهِ، وَخَيْرُ قُرُونِهِمُ الَّذِينَ بُعثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلونهم، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} أَيْ: خِيَارًا {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} الْآيَةَ.

وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ، وَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ، وَمُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ، مِنْ رِوَايَةِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوية بْنِ حَيْدَة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً، أنْتُمْ خَيْرُهَا، وأنْتُمْ أكْرَمُ عَلَى اللهِ عزَّ وجَلَّ".

 

روى أحمد:

 

20015 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً . أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ "

 

إسناده حسن. الجُريري: هو سعيد بن إياس. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (1030) من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. إلا أنه قال: "أنتم آخرها" بدل قوله: "أنتم خيرها". وأخرجه عبد بن حميد (411) عن حسن بن موسى بإسناد آخر، وأخرجه (409) من طريق يزيد بن هارون، وأخرجه الدارمي (2760) ، وابن ماجه (4287) و (4288) ، والترمذي (3001) ، والطبري في "تفسيره" 1/265 و4/45، والطبراني في "المعجم الكبير" 19/ (1012) و (1023) و (1024) و (1025) من طرق عن بهز بن حكيم، به- وقال فيه بعضهم: "أنتم آخرها" بدل قوله:"أنتم خيرها"، ولفظ ابن ماجه: "نكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرها"، وزاد الترمذي في أوله: أنه سمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في قول الله تعالى: (كنتم خير أمة أُخرجت للناس) [آل عمران: 110] ...، وقال: حديث حسن.

 

20011 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ، وَابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ يَعْنِي يَحْيَى بْنَ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَعْنَى قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَزَعَةَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَهْزِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، ....إلخ ثُمَّ قَالَ: " هَاهُنَا تُحْشَرُونَ . هَاهُنَا تُحْشَرُونَ . هَاهُنَا تُحْشَرُونَ .، ثَلَاثًا، رُكْبَانًا وَمُشَاةً، وَعَلَى وُجُوهِكُمْ تُوفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ تَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى أَفْوَاهِكُمُ الْفِدَامُ . أَوَّلُ مَا يُعْرِبُ عَنْ أَحَدِكُمْ فَخِذُهُ " قَالَ ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ فَقَالَ: " إِلَى هَاهُنَا تُحْشَرُونَ.

 

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير حكيم- وهو ابن معاوية بن جدة القشيري- وهو صدوق حسن الحديث، وغير والده معاوية بن حيدة، فقد روى لهما أصحاب السنن وعلّق لهما البخاري. عبد الله بن الحارث: هو ابن عبد الملك المخزومي، وأبو قزعة: هو سُوَيد بن حُجَير الباهلي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11431) ، وابن جرير الطبري 5/66 و24/107، والطبراني في "المعجم الكبير" 19/ (1038) من طريق يحيى بن أبي بكير وحده، بهذا الإسناد. ورواية الطبري في الموضع الأول والطبراني مختصرة من قوله: ما حق زوج أحدنا... إلى آخر الحديث.

ورى أحمد الحديث بطوله بالأرقام (20022) و (20037) و (20043). ورواه مختصراً بالأرقام (20013) و (20015) و (20018) و (20025) و (20026) و (20027) و (20029) و (20030) و (20031) و (20045) و(20049) و (20050) و (20053) .

 

763 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هُوَ قَالَ ؟: " نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَسُمِّيتُ أَحْمَدَ، وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا ، وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ "

إسناده حسن من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. زهير: هو ابن محمد التميمي أبو المنذر الخراساني، ومحمد بن علي: هو ابن الحنفية. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/434 عن يحيى بن أبي بكير، عن زهير، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البزار (656) من طريق أبي عامر العقدي، عن زهير بن محمد، به. ورواه أحمد برقم (1361) .

 

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} الحجرات

 

تصنيف الناس على أساسٍ دينيّ هو تصنيف عنصريّ، لأنه يقيِّم الناس على أساس الدين، ولا يمكن لمسلم متدين أصولي أن يصف مسيحيًّا أو ملحدًا أو يهوديًّا بالتقوى والصلاح، من خلال تجربتي فلا يفقه المسلمون في معظمهم شيئًا عن المفهوم العلماني المدني للمواطن الصالح المستقيم، بل عندهم أن الصالح وذا التقييم الجيد هو المسلم المتدين فقط، فلان يصلي ويتدين فهو جيد، فلان لا يفعل فهو سيء وفاسد شرير، حسب منظورهم، وكان ولا يزال في دول الإسلام تفضيل عنصري في التوظيف، واستبعاد الأقليات الدينية، في العصور الأولى للإسلام لم يكن المستبعَدون أقليات، بل كانوا الأكثرية الغير مسلمة من قبط وفرس ومسيحيين شوام وغيرهم.

 

لا يجوز الأخذ بشهادة غير المسلمين إلا عند الضرورة وفي الوصية بالميراث فقط!

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ (106)} المائدة

 

قال الطبري في تفسيره عن أحكام الفقهاء المسلمين:

 

12909 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر، عن شريح في هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموتُ حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم"، قال: إذا كان الرجل بأرض غُرْبة ولم يجد مسلمًا يشهده على وصيته، فأشهد يهوديًّا أو نصرانيًّا أو مجوسيًّا، فشهادتهم جائزة. فإن جاء رجلان مسلمان فشهدا بخلاف شهادتهما، أجيزت شهادة المسلمين، وأبطلت شهادة الآخرَيْن.

 

12910 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا الأعمش، عن إبراهيم، عن شريح: أنه كان لا يجيز شهادة اليهود والنصارى على مسلم إلا في الوصية، ولا يجيز شهادتهما على الوصية إلا إذا كانوا في سفَر.

12911- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو معاوية ووكيع قالا حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن شريح قال: لا تجوز شهادة اليهودي والنصرانيّ إلا في سفر، ولا تجوز في سفر إلا في وصية.

12912 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن شريح، نحوه.

12913 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: كتب هشام بن هُبَيرة لمسلمة عن شهادة المشركين على المسلمين، فكتب:"لا تجوز شهادة المشركين على المسلمين إلا في وصية، ولا يجوز في وصية إلا أن يكون الرجل مسافرًا".

 

12926 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا زكريا، عن الشعبي: أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدَقوقَا هذه. قال: فحضرته الوفاة ولم يجد أحدًا من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهده رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة، فأتيا الأشعريّ فأخبراه، وقدِما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعدَ الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأحلفهما وأمضى شهادتهما.

 

وجاء في مصنف ابن أبي شيبة:

 

22262- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ ، قَالاَ : أَهْلُ الْكِتَابِ ، وَالْعَبْدُ ، وَالصَّبِيُّ إذَا كَانَتْ عِنْدَهُمْ شَهَادَةٌ ، فَأَسْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ ، وَعَتَقَ الْعَبْدُ ، وَشَبَّ الصَّبِيُّ ، فَشَهَادَتُهُمْ جَائِزَةٌ ، إلاَّ أَنْ تَكُونَ رُدَّتْ وَهُمْ كَذَلِكَ.

 

شَهَادَةُ أَهْلِ الشِّرْكِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

23322- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ مَجُوسِيٍّ عَلَى يَهُودِيٍّ ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ.

23323- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، عَنْ شُرَيْحٍ : أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

23324- حَدَّثَنَا وَكِيع ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عَزَّةَ ، عَنْ عَامِرٍ : أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ يَهُودِيٍّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ عَلَى يَهُودِيٍّ.

23325- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُكَيْر السُّلَمِيُّ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : شَهِدْتُ شُرَيْحًا أَجَازَ شَهَادَةَ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِخِفَافِهِمْ نَقْعٌ.

 

23328- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : قَالَ سُفْيَانُ : الإِسْلاَمُ مِلَّةٌ وَالشِّرْكُ مِلَّةٌ ، تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

قَالَ : وَقَالَ وَكِيعٌ : وَكَذَلِكَ نَقُولُ.

 

427- مَنْ قَالَ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةِ مِلَّةٍ إلاَّ عَلَى مِلَّتِهَا.

23329- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ : أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إذَا اخْتَلَفَتِ الْمِلَلُ لاَ تجوز شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

23330- حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْيَهُودِيِّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ ، وَلاَ النَّصْرَانِيِّ عَلَى الْيَهُودِيِّ ، وَلاَ مِلَّةٍ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِهَا إلاَّ الْمُسْلِمِينَ.

23331- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ دَاوُدَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ مِلَّةٍ عَلَى مِلَّةٍ إلاَّ الْمُسْلِمِينَ.

23332- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وحماد ، قَالا : لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

23333- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

23334- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ والشَّعْبِيِّ والْحَسَنِ ، قَالُوا : لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ مِلَّةٍ إلاَّ عَلَى أَهْلِ مِلَّتِهَا : الْيَهُودِيُّ عَلَى الْيَهُودِيِّ ، وَالنَّصْرَانِيُّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ.

23335- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ : أَنَّهُ كَانَ لاَ يَقْبَلُ شَهَادَةَ مِلَّةٍ عَلَى غَيْرِهِمْ.

23336- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ الْحَكَمَ عْن شَهَادَةِ الْيَهُودِيِّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ ، وَالنَّصْرَانِيِّ عَلَى الْيَهُودِيِّ ؟ فَقَالَ : الْحَكَمُ : لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى أهل دِينٍ.

23337- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ مِلَّةٍ عَلَى مِلَّةٍ إلاَّ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ وَكِيعٌ : كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لاَ يُجِيزُ شَهَادَةَ الْيَهُودِيِّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ ، وَلاَ النَّصْرَانِيِّ عَلَى الْيَهُودِيِّ.

 

428- فِي شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

23338- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنْ جَهْمٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : تجوز شَهَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لِلْمُسْلِمِينَ.

23339- حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

 

وقال عبد الرزاق في مصنفه/ باب: شهادة أهل الملل بعضهم على بعض:

 

10228 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة وربيعة بن أبي عبد الرحمن قالا لا تجوز شهادة اليهودي على النصراني ولا تجوز شهادة النصراني على اليهودي وتجوز شهادة النصراني على النصراني واليهودي على اليهودي

10229 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن أبي حصين عن الشعبي قال لا تجوز شهادة أهل ملة على أهل ملة إلا المسلمين

10230 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن شريح أنه كان يجيز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض

10231 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن عمرو بن ميمون أن عمر بن عبد العزيز أجاز شهادة مجوسي على نصراني أو نصراني على مجوسي

10232 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن عيسى عن الشعبي انه كان يجيز شهادة النصراني على اليهودي واليهودي على النصراني وروى خلافه أبو حصين

10234 - قال الثوري في نصراني مات فجاء رجل من المسلمين بشاهدين من النصارى بأن له عليه ألف درهم وجاء رجل من النصارى بشهود من النصارى بأن له عليه ألف درهم قال هو للمسلم لأن شهادة النصراني تضر بحق المسلم قال الثوري الكفر ملة والإسلام ملة

 

وجاء في تفسير ابن كثير:

 

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ووَكِيع قَالَا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ قال: لا تجوز شهادة اليهودي والنصراني إِلَّا فِي سَفَرٍ، وَلَا تَجُوزُ فِي سَفَرٍ إِلَّا فِي وَصِيَّةٍ.

ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي كُرَيْب، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعي قَالَ: قَالَ شُرَيْحٌ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ إِفْرَادِهِ، وَخَالَفَهُ الثَّلَاثَةُ فَقَالُوا: لَا تَجُوزُ شهادة أهل الذمة على المسلمين. وَأَجَازَهَا أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا بَيْنَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ كَافِرٍ فِي حَضَرٍ وَلَا سفر، إنما هي في المسلمين.

 

وقال الشافعي في الأم/ باب في الدين:

 

( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى قال اللَّهُ عز وجل { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } وقال مِمَّنْ تَرْضَوْنَ من الشُّهَدَاءِ ( أخبرنا الرَّبِيعُ ) قال ( أخبرنا الشَّافِعِيُّ ) قال أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ عن بن أبي نَجِيحٍ عن مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قال عَدْلَانِ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ ثُمَّ لم أَعْلَمْ من أَهْلِ الْعِلْمِ مُخَالِفًا في أَنَّ هذا مَعْنَى الْآيَةِ وإذا لم يَخْتَلِفُوا فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِأَرْبَعٍ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدَانِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ بَالِغَيْنِ وَأَنَّ عَبْدًا لو كان مُسْلِمًا عَدْلًا لم تَجُزْ شَهَادَتُهُ بِأَنَّهُ نَاقِصُ الْحُرِّيَّةِ وَهِيَ أَحَدُ الشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ فإذا زَعَمُوا هذا فَنَقْصُ الْإِسْلَامِ أَوْلَى أَنْ لَا تَجُوزَ معه الشَّهَادَةُ من نَقْصِ الْحُرِّيَّةِ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ هذه الْآيَةَ التي جَمَعَتْ هذه الْأَرْبَعَ الْخِصَالَ حَتْمٌ أَنْ لَا يَجُوزَ من الشُّهُودِ إلَّا من كانت فيه هذه الْخِصَالُ الْأَرْبَعَةُ الْمُجْتَمِعَةُ فَقَدْ خَالَفُوا ما زَعَمُوا من معني كِتَابِ اللَّهِ حين أَجَازُوا شَهَادَةَ كَافِرٍ بِحَالٍ وَإِنْ زَعَمُوا أنها دَلَالَةٌ وَأَنَّهَا غَيْرُ مَانِعَةٍ أَنْ يَجُوزَ غَيْرُ من جَمَعَ هذه الشُّرُوطَ الْأَرْبَعَةَ فَقَدْ ظَلَمُوا من أَجَازَ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ وقد سَأَلْتهمْ فَكَانَ أَعْلَى من زَعَمُوا أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ شُرَيْحٍ وقد أَجَازَ شُرَيْحٌ شَهَادَةَ العبد ( ( ( العبيد ) ) ) فقال له الْمَشْهُودُ عليه أَتُجِيزُ على شَهَادَةَ عَبْدٍ فقال قُمْ فَكُلُّكُمْ سَوَاءٌ عَبِيدٌ وَإِمَاءٌ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخَالِفُ شُرَيْحًا لِقَوْلِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ في الْآيَةِ شَرْطَ الْحُرِّيَّةِ فَلَيْسَ في الْآيَةِ بِعَيْنِهَا بَيَانُ الْحُرِّيَّةِ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لها وفي الْآيَةِ بَيَانُ شَرْطِ الْإِسْلَامِ فَلِمَ وَافَقَ شُرَيْحًا مَرَّةً وَخَالَفَهُ أُخْرَى وقد كَتَبْنَا هذا في كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذَكَرٍ وَلَا أنثي في شَيْءٍ من الدُّنْيَا لِأَحَدٍ وَلَا على أَحَدٍ حتى يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا مُسْلِمًا عَدْلًا وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِمِّيٍّ وَلَا من خَالَفَ ما وَصَفْنَا بِوَجْهٍ من الْوُجُوهِ وإذا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ من الْيَهُودِ على رَجُلٍ من النَّصَارَى وَشَهِدَ شَاهِدَانِ من النَّصَارَى على رَجُلٍ من الْيَهُودِ فإن أَبَا حَنِيفَةَ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه كان يقول ذلك جَائِزٌ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَبِهِ يَأْخُذُ وكان بن أبي لَيْلَى لَا يُجِيزُ ذلك وَيَقُولُ لِأَنَّهُمَا مِلَّتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ وكان أبو حَنِيفَةَ يُوَرِّثُ الْيَهُودِيَّ من النَّصْرَانِيِّ وَالنَّصْرَانِيَّ من الْيَهُودِيِّ وَيَقُولُ أَهْلُ الْكُفْرِ بَعْضُهُمْ من بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ وَبِهِ يَأْخُذُ وكان بن أبي لَيْلَى لَا يُوَرِّثُ بَعْضَهُمْ من بَعْضٍ

 

 ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا تَحَاكَمَ أَهْلُ الْمِلَلِ إلَيْنَا فَحَكَمْنَا بَيْنَهُمْ لم يُوَرِّثْ مُسْلِمًا من كَافِرٍ وَلَا كَافِرًا من مُسْلِمٍ وَوَرَّثْنَا الْكُفَّارَ بَعْضَهُمْ من بَعْضٍ فَنُوَرِّثُ الْيَهُودِيَّ النَّصْرَانِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ الْيَهُودِيَّ وَنَجْعَلُ الْكُفْرَ مِلَّةً وَاحِدَةً كما جَعَلْنَا الْإِسْلَامَ مِلَّةً لِأَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا هو إيمَانٌ أو كُفْرٌ وإذا شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَ قَاضِي الْكُوفَةِ على عَبْدٍ وَحَلُّوهُ وَوَصَفُوهُ أَنَّهُ لِرَجُلٍ فان أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال لَا أَكْتُبُ له وقال بن أبي لَيْلَى أَكْتُبُ شَهَادَتَهُمْ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الذي فيه الْعَبْدُ فَيَجْمَعُ الْقَاضِي الذي الْعَبْدُ في بَلَدِهِ بين الذي جاء بِالْكِتَابِ وَبَيْنَ الذي عِنْدَهُ الْعَبْدُ فَإِنْ كان لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَبْدُ حُجَّةٌ وَإِلَّا بَعَثَ بِالْعَبْدِ مع الرَّجُلِ الذي جاء بِالْكِتَابِ مَخْتُومًا في عُنُقِهِ وَأَخَذَ منه كَفِيلًا بِقِيمَتِهِ وَيَكْتُبُ إلَى الْقَاضِي بِجَوَابِ كِتَابِهِ بِذَلِكَ فَيَجْمَعُ قَاضِي الْكُوفَةِ بين الْبَيِّنَةِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ حتى يَشْهَدُوا عليه بِعَيْنِهِ ثُمَّ يَرُدَّهُ مع الذي جاء بِهِ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الذي كان فيه الْعَبْدُ حتى يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ ثُمَّ يمضى عليه الْقَضَاءَ وَيَبْرَأَ كَفِيلُهُ وَبِهِ يَأْخُذُ قال أبو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ما لم تجئ  تُهْمَةٌ أو أَمْرٌ يَسْتَرِيبُهُ من الْغُلَامِ وإذا سَافَرَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ فَحَضَرَهُ الْمَوْتُ فَأَشْهَدَ على وَصِيَّتِهِ رَجُلَيْنِ من أَهْلِ الْكِتَابِ فان أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كان يقول لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا وَبِهِ يَأْخُذُ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } وكان بن أبي لَيْلَى يَقُول ذلك جَائِزٌ ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا سَافَرَ الْمُسْلِمُ فَأَشْهَدَ على وَصِيَّتِهِ ذِمِّيَّيْنِ لم نَقْبَلْهُمَا لِمَا وَصَفْنَا من شَرْطِ اللَّهِ عز وجل في الشُّهُودِ وكان أبو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَرَى على شَاهِدٍ الزُّورَ تَعْزِيرًا غير أَنَّهُ يَبْعَثُ بِهِ إلَى سُوقِهِ إنْ كان سُوقِيًّا وَإِلَى مَسْجِدِ قَوْمِهِ إنْ كان من الْعَرَبِ فيقول الْقَاضِي يُقْرِئُكُمْ السَّلَامَ وَيَقُولُ إنَّا وَجَدْنَا هذا شَاهِدَ زُورٍ فَاحْذَرُوهُ وَحَذَّرُوهُ الناس وَذَكَرَ ذلك أبو حَنِيفَةَ عن الْقَاسِمِ عن شُرَيْحٍ وكان بن أبي لَيْلَى يقول عليه التَّعْزِيرُ وَلَا يَبْعَثُ بِهِ وَيَضْرِبُهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا قال أبو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أُعَزِّرُهُ وَلَا أَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَيُطَافُ بِهِ وقال أبو يُوسُفَ بَعْدَ ذلك أَبْلُغُ بِهِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى وإذا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِأَنْ قد شَهِدَ بِزُورٍ أو عَلِمَ الْقَاضِي يَقِينًا أَنَّهُ قد شَهِدَ بِزُورٍ عَزَّرَهُ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعِينَ وَيُشَهِّرُ بِأَمْرِهِ فَإِنْ كان من أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَقَّفَهُ في الْمَسْجِدِ وَإِنْ كان من أَهْلِ الْقَبِيلَةِ وَقَّفَهُ في قَبِيلَتِهِ وَإِنْ كان سُوقِيًّا وَقَّفَهُ في سُوقِهِ وقال إنَّا وَجَدْنَا هذا شَاهِدَ زُورٍ فَاعْرِفُوهُ وَاحْذَرُوهُ وإذا أَمْكَنَ بِحَالٍ أَنْ لَا يَكُونَ شَاهِدَ زُورٍ أو شُبِّهَ عليه بِمَا يَغْلَطُ بِه إلَّا من كانت فيه هذه الْخِصَالُ الْأَرْبَعَةُ الْمُجْتَمِعَةُ فَقَدْ خَالَفُوا ما زَعَمُوا من معني كِتَابِ اللَّهِ حين أَجَازُوا شَهَادَةَ كَافِرٍ بِحَالٍ وَإِنْ زَعَمُوا أنها دَلَالَةٌ وَأَنَّهَا غَيْرُ مَانِعَةٍ أَنْ يَجُوزَ غَيْرُ من جَمَعَ هذه الشُّرُوطَ الْأَرْبَعَةَ فَقَدْ ظَلَمُوا من أَجَازَ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ وقد سَأَلْتهمْ فَكَانَ أَعْلَى من زَعَمُوا أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ شُرَيْحٍ وقد أَجَازَ شُرَيْحٌ شَهَادَةَ العبد ( العبيد ) فقال له الْمَشْهُودُ عليه أَتُجِيزُ على شَهَادَةَ عَبْدٍ فقال قُمْ فَكُلُّكُمْ سَوَاءٌ عَبِيدٌ وَإِمَاءٌ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخَالِفُ شُرَيْحًا لِقَوْلِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ في الْآيَةِ شَرْطَ الْحُرِّيَّةِ فَلَيْسَ في الْآيَةِ بِعَيْنِهَا بَيَانُ الْحُرِّيَّةِ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لها وفي الْآيَةِ بَيَانُ شَرْطِ الْإِسْلَامِ فَلِمَ وَافَقَ شُرَيْحًا مَرَّةً وَخَالَفَهُ أُخْرَى وقد كَتَبْنَا هذا في كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذَكَرٍ وَلَا أنثي في شَيْءٍ من الدُّنْيَا لِأَحَدٍ وَلَا على أَحَدٍ حتى يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا مُسْلِمًا عَدْلًا وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِمِّيٍّ وَلَا من خَالَفَ ما وَصَفْنَا بِوَجْهٍ من الْوُجُوهِ وإذا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ من الْيَهُودِ على رَجُلٍ من النَّصَارَى وَشَهِدَ شَاهِدَانِ من النَّصَارَى على رَجُلٍ من الْيَهُودِ فإن أَبَا حَنِيفَةَ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه كان يقول ذلك جَائِزٌ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَبِهِ يَأْخُذُ وكان بن أبي لَيْلَى لَا يُجِيزُ ذلك وَيَقُولُ لِأَنَّهُمَا مِلَّتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ وكان أبو حَنِيفَةَ يُوَرِّثُ الْيَهُودِيَّ من النَّصْرَانِيِّ وَالنَّصْرَانِيَّ من الْيَهُودِيِّ وَيَقُولُ أَهْلُ الْكُفْرِ بَعْضُهُمْ من بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ وَبِهِ يَأْخُذُ وكان بن أبي لَيْلَى لَا يُوَرِّثُ بَعْضَهُمْ من بَعْضٍ ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا تَحَاكَمَ أَهْلُ الْمِلَلِ إلَيْنَا فَحَكَمْنَا بَيْنَهُمْ لم يُوَرِّثْ مُسْلِمًا من كَافِرٍ وَلَا كَافِرًا من مُسْلِمٍ وَوَرَّثْنَا الْكُفَّارَ بَعْضَهُمْ من بَعْضٍ فَنُوَرِّثُ الْيَهُودِيَّ النَّصْرَانِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ الْيَهُودِيَّ وَنَجْعَلُ الْكُفْرَ مِلَّةً وَاحِدَةً كما جَعَلْنَا الْإِسْلَامَ مِلَّةً لِأَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا هو إيمَانٌ أو كُفْرٌ وإذا شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَ قَاضِي الْكُوفَةِ على عَبْدٍ وَحَلُّوهُ وَوَصَفُوهُ أَنَّهُ لِرَجُلٍ فان أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال لَا أَكْتُبُ له وقال بن أبي لَيْلَى أَكْتُبُ شَهَادَتَهُمْ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الذي فيه الْعَبْدُ فَيَجْمَعُ الْقَاضِي الذي الْعَبْدُ في بَلَدِهِ بين الذي جاء بِالْكِتَابِ وَبَيْنَ الذي عِنْدَهُ الْعَبْدُ فَإِنْ كان لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَبْدُ حُجَّةٌ وَإِلَّا بَعَثَ بِالْعَبْدِ مع الرَّجُلِ الذي جاء بِالْكِتَابِ مَخْتُومًا في عُنُقِهِ وَأَخَذَ منه كَفِيلًا بِقِيمَتِهِ وَيَكْتُبُ إلَى الْقَاضِي بِجَوَابِ كِتَابِهِ بِذَلِكَ فَيَجْمَعُ قَاضِي الْكُوفَةِ بين الْبَيِّنَةِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ حتى يَشْهَدُوا عليه بِعَيْنِهِ ثُمَّ يَرُدَّهُ مع الذي جاء بِهِ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الذي كان فيه الْعَبْدُ حتى يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ ثُمَّ يمضى عليه الْقَضَاءَ وَيَبْرَأَ كَفِيلُهُ وَبِهِ يَأْخُذُ قال أبو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ما لم تجئ تُهْمَةٌ أو أَمْرٌ يَسْتَرِيبُهُ من الْغُلَامِ وإذا سَافَرَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ فَحَضَرَهُ الْمَوْتُ فَأَشْهَدَ على وَصِيَّتِهِ رَجُلَيْنِ من أَهْلِ الْكِتَابِ فان أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كان يقول لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا وَبِهِ يَأْخُذُ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } وكان بن أبي لَيْلَى يَقُول ذلك جَائِزٌ ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا سَافَرَ الْمُسْلِمُ فَأَشْهَدَ على وَصِيَّتِهِ ذِمِّيَّيْنِ لم نَقْبَلْهُمَا لِمَا وَصَفْنَا من شَرْطِ اللَّهِ عز وجل في الشُّهُودِ.

 

وحسب تشريع عنصري فقهي كهذا، لو كان الشاهد أو الشهود الوحيدون على حادثة قتل أو سرقة هم غير مسلمين لا يؤخَذ بشهادتهم ولو لصالح إرجاع الحقوق لأصحابها أو للصالح العامّ للدولة، فقط لو كانت شهادتهم تضر بشخص غير مسلم و/ أو تفيد مسلمًا يؤخَذ بها، أما لو كانت شهادتهم تضر أو تزيل فائدة عن مسلم فلا يأخذون بها، وعلى حد علمي فالدول الوطنية القومية كمصر ولبنان وغيرهما فيها مساواة قانونية عمومًا، ولا يؤخَذ فيها بتشريعات عنصرية كهذه، فمن الممكن في حالات كثيرة أن يكون المؤتمن على الوصية للمسلم صديق محامٍ مسيحيّ أو وكيل لأعماله. ويؤخّذ بشهادة المواطن أيًّا كان بدون تمييز وتفرقة عنصرية. ويجوز وفقًا للإسلام بعد نسخ آيات التوصية ووجود أنصبة للميراث شرعية في سورة النساء، للموصي أن يوصي بحرية في ثلث أملاكه فقط، أو يهب ما شاء قبل موته في كل أملاكه وهي حي، والدول الإسلامية المعاصرة في معظمها تعطي حرية علمانية للموصي أن يوصي في ماله كما يشاء، إلا أن رُفِعَتْ ضده من أبنائه قضية في محكمة بأنه مصاب باضطراب عقلي أو سفيه وكسبوها. قد تكون دول قليلة تطبق الشريعة الهمجية البدائية كالسعودية استثناءً من بين الدول الإسلامية، لأن معظم دول الإسلام تشق طريقها نحو التحضر إلى حدٍّ ما، فهي نصف متحضرة. تشريعات كالتي توردها كتب الفقه والتفسير ومصنف ابن أبي شيبة هي عنصرية وتعاليم خبيثة تفرق بين المواطنين وتثير الضغائن والنعرات الطائفية بينهم وتشجع تعالي فئة على باقي فئات المجتمع، وتعمل للتحيز لصالح فئة على باقي الفئات، وهي مما لا نريده في دولة متحضرة نعيش بها، ولا نقبل به، وهي لا تختلف عن التشريعات العنصرية في تلمود اليهود.

 

 

نسيان وإغفال الأخوة الإنسانية

 

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} الحجرات

 

ينطوي هذا النص على نسيان وإغفال لمفهوم الأخوة الإنسانية بين كل البشر، وهي الأخوة الحقيقية، في مقابل روابط دينية وهمية، وقد نعتبر هذا تحريضًا عنصريًّا غير مباشر، لأنه حصر الأخوة والسعي للصلح بين الإخوة في أتباع نفس الدين فقط، أما غيرهم فأوصى بمحاربتهم وإذلالهم واحتلال أراضيهم وفرض جزية ونهب عليهم، ناهيك عن أمره بإبادة الوثنيين.

 

استبعاد غير المسلمين من التوظيف في وظائف الدولة وعدم المودة معهم

 

قال ابن كثير في تفسير المائدة: 51

 

يَنْهَى تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُوَالَاةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، الَّذِينَ هُمْ أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، ثُمَّ تَهَدَّدَ وَتَوَعَّدَ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ فَقَالَ: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ] }

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِهَابٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -يَعْنِي ابْنَ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ-حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ سِمَاك بْنِ حَرْب، عَنْ عِياض: أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى فِي أَدِيمٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ لَهُ كَاتِبٌ نَصْرَانِيٌّ، فَرَفَعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ، فَعَجِبَ عُمَرُ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] وَقَالَ: إِنَّ هَذَا لِحَفِيظٌ، هَلْ أَنْتَ قَارِئٌ لَنَا كِتَابًا فِي الْمَسْجِدِ جَاءَ مَنِ الشَّامِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ [أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ] فَقَالَ عُمَرُ: أجُنُبٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا بَلْ نَصْرَانِيٌّ. قَالَ: فَانْتَهَرَنِي وَضَرَبَ فَخِذِي، ثُمَّ قَالَ: أَخْرِجُوهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ] }

ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ: لِيَتَّقِ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ. قَالَ: فَظَنَنَّاهُ يُرِيدُ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ] } الْآيَةَ. وَحَدَّثَنَا  أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس: أنه سئل عن ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ، فَقَالَ: كُلْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، نَحْوُ ذَلِكَ.

 

استنتج المسلمون من تعاليم محمد عن عدم مصادقة ومحبة الناس من الإخوة في الإنسانية من أهل الأديان والعقائد الأخرى غير الإسلام كذلك حكمًا بالتمييز في الوظائف ضد غير المسلمين، هناك كتب مخصوصة للتحريض على هذه المسألة الكريهة، منها كتاب (المذمة في استعمال أهل الذمة) وهو موثَّق بالعديد من الأخبار والنصوص العنصرية الدينية والتاريخية، وقال ابن كثير في تفسير هذا النص "الآيات" من آل عمران 118- 120:

 

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ مُحَمَّدُ بْنُ الوَزَّان، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي حَيّان التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي الزِّنْباع، عَنِ ابْنِ أَبِي الدِّهْقانة قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنْ هَاهُنَا غُلاما مِنْ أَهْلِ الحِيرة، حَافِظٌ كَاتِبٌ، فَلَوِ اتَّخَذْتَهُ كَاتِبًا؟ فَقَالَ: قَدِ اتَّخَذْتُ إِذًا بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [تفسير ابن أبي حاتم (2/550) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (8/658) من طريق أبي حيان التيمي به ورواه عبد بن حميد في تفسيره كما في الدر (2/300)].

فَفِي هَذَا الْأَثَرِ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الذَّمَّة لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ، الَّتِي فِيهَا اسْتِطَالَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ واطِّلاع عَلَى دَوَاخل أمُورهم الَّتِي يُخْشَى أَنْ يُفْشوها إِلَى الْأَعْدَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} .

وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا هُشَيم، حَدَّثَنَا العَوَّام، عَنِ الْأَزْهَرِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: كَانُوا يَأْتُونَ أنَسًا، فَإِذَا حَدَّثهم بِحَدِيثٍ لَا يَدْرُونَ مَا هُوَ، أتَوا الْحَسَنَ -يَعْنِي الْبَصْرِيَّ-فَيُفَسِّرُهُ لَهُمْ. قَالَ: فحدَّث ذَاتَ يَوْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا فَلَمْ يَدْرُوا مَا هُوَ، فَأَتَوُا الْحَسَنَ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ أَنَسًا حَدّثنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الشِّركِ وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا فَقَالَ الْحَسَنُ: أَمَّا قَوْلُهُ: "وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما قوله: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الشِّركِ" يَقُولُ: لَا تَسْتَشِيرُوا الْمُشْرِكِينَ فِي أُمُورِكُمْ. ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ: تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} .

هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ هُشَيْمٍ. وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ هُشَيم بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ تَفْسِيرِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ [رواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (9375) والطبري في تفسيره (7/142) من طريق هشيم بسياق أبي يعلى به، ورواه أحمد في مسنده (3/99) والنسائي في السنن (8/176) من غير ذكر تفسير الحسن البصري.].

وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ: "لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيّا أَيْ: بِخَطٍّ عَرَبِيٍّ، لِئَلَّا يُشَابِهَ نَقْشَ خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ نَقْشُه مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ

 

روى ابن أبي شيبة في مصنفه:

 

26392- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي الزِّنْبَاعِ ، عَنْ أَبِي الدِّهْقَانَةِ ، قَالَ : قيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : إنَّ هَاهُنَا غُلاَمًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ ، لَمْ يُرَ قَطُّ أَحْفَظُ مِنْهُ ، وَلاَ أَكْتُبُ مِنْهُ ، فَإِنْ رَأَيْت أَنْ تَتَّخِذَهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْك ، إذَا كَانَتْ لَكَ الْحَاجَةُ شَهِدَك ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : قَدَ اتَّخَذْت إذًا بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.

 

33668- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسٍ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ إنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ مَعَ مُشْرِكَ , لاَ تَتَرَاءى نَارَاهُمَا.

16447- حَدَّثَنَا عَبدَة بن سليمان , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ , عَنْ إبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَبَائِحَ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ وَنِسَاءَهُمْ وَيَقُولُ : هُمْ مِنَ الْعَرَبِ.

16448- حَدَّثَنَا عَبدَة , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَيَقُولُ : انْتَحَلُوا دِينًا فَذَلِكَ دِينُهُمْ.

16449- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , عَنْ حَبِيبٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ قَالَ : سُئِلَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ نَصَارَى الْعَرَبِ هَلْ تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ : لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَلاَ طَعَامُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ.

16450- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَير ، قَالَ : قَالَ عِكْرِمَةُ : {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} قَالَ : نصارى الْعَرَب فِي ذَبَائِحِهِمْ وَفِي نِسَائِهِمْ.

16451- حَدَّثَنَا عَفَّانَ قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ قَالَ : كُلُوا ذَبَائِحَ بَنِي ثَعْلَبَةَ وَتَزَوَّجُوا نِسَاءَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْهُمْ إلاَّ بِالْوِلاَيَةِ لَكَانُوا مِنْهُمْ.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

... وَسَائِرُ آيِ الْقُرْآنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ الْمُشْرِكِينَ بِإِطْلَاقِهَا غَيْرُ مُتَنَاوِلَةٍ لِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَتَادَةَ، وَلِأَنَّ مَا احْتَجُّوا بِهِ عَامٌّ فِي كُلِّ كَافِرَةٍ، وَآيَتُنَا خَاصَّةٌ فِي حِلِّ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالْخَاصُّ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلَّذِينَ تَزَوَّجُوا مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ: طَلِّقُوهُنَّ. فَطَلَّقُوهُنَّ إلَّا حُذَيْفَةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: طَلِّقْهَا. قَالَ: تَشْهَدُ أَنَّهَا حَرَامٌ؟ قَالَ: هِيَ جَمْرَةٌ، طَلِّقْهَا. قَالَ: تَشْهَدُ أَنَّهَا حَرَامٌ؟ قَالَ: هِيَ جَمْرَةٌ. قَالَ: قَدْ عَلِمْت أَنَّهَا جَمْرَةٌ، وَلَكِنَّهَا لِي حَلَالٌ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ طَلَّقَهَا، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا طَلَّقْتهَا حِينَ أَمَرَك عُمَرُ؟ قَالَ: كَرِهْت أَنْ يَرَى النَّاسُ أَنِّي رَكِبْت أَمْرًا لَا يَنْبَغِي لِي. وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا مَالَ إلَيْهَا قَلْبُهُ فَفَتَنَتْهُ، وَرُبَّمَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَيَمِيلُ إلَيْهَا. (5387) فَصْلٌ: وَأَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ هَذَا حُكْمُهُمْ، هُمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] . فَأَهْلُ التَّوْرَاةِ الْيَهُودُ وَالسَّامِرَةُ، وَأَهْلُ الْإِنْجِيلِ النَّصَارَى، وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي أَصْلِ دِينِهِمْ مِنْ الْإِفْرِنْجِ وَالْأَرْمَنِ وَغَيْرِهِمْ.

 

وروى أحمد:

 

(11954) 11976- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ ، حَدَّثَنَا الأَزْهَرُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِ ، وَلاَ تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبِيًّا.

 

إسناده ضعيف لجهالة الأزهر بن راشد البصري. العوام: هو ابن حوشب. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/455، والنسائي 8/176-177، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/263، والبيهقي في "السنن" 10/127، وفي "الشعب" (9375) ، والضياء في "المختار" (1546) من طرق عن هشيم ابن بشير، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري 4/16 من طريق سليمان بن أبي سليمان مولى بني هاشم ن أنس، به. وإسناده ضعيف لجهالة سليمان. وأخرج ابن أبي شيبة 8/460 من طريق يحيي بن آدم، عن أبي عوانة، عن قتادة، عن أنس: أن عمر قال: لا تنقُشوا ولا تكتبوا في خواتمكم بالعربية. وإسناده صحيح. وأخرج البخاري 1/455 عن خليفة بن خياط، عن معاذ بن هشام الدستوائي، سمع أباه عن قتادة، عن أنس: نهى عمرُ أن يُنقش في الخواتيم بالعربية. وإسناده حسن. قلنا: وهذا هو الصحيح عن أنس أنه من قول عمر، وليس مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما معنى حديث أنس المرفوع، فقد جاء تفسيره في الحديث نفسه عن الحسن البصري عند غير المصنف، فقد قال الحسن: اما قوله: "لا تنقشوا في خواتيمكم عربياً" محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما قوله "لا تستضيئوا بنار المشرك" يقول: لا تستشيروا المشركين في أموركم، ثم قال الحسن: تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: (يا أيها الذين امنوا لا تتًخذوا بطانة من دُونكم) [آل عمران: 118] . وتوجد شواهد تقوي الحديث:

 

37785- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَثْعَمَ، لِقَوْمٍ كَانُوا فِيهِمْ، فَلَمَّا غَشِيَهُمَ الْمُسْلِمُونَ اسْتَعْصَمُوا بِالسُّجُودِ، قَالَ: فَسَجَدُوا، قَالَ: فَقُتِلَ بَعْضُهُمْ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : أَعْطُوهُمْ نِصْفَ الْعَقْلِ لِصَلاَتِهِمْ ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَلاَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ.

 

وروى الطبراني في المعجم الكبير ج2:

 

2264 - حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل السراج ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن جرير قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فأمر لهم بنصف العقل وقال : ( إني بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين ) قالوا : يا رسول الله ولم ؟ قال : ( لا تراءى ناراهما )

 

2265 - حدثنا القاسم بن محمد الدلال الكوفي ثنا إبراهيم بن محمد ابن ميمون ثنا صالح بن عمر عن إسماعيل عن قيس عن جرير قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم جيشا إلى خثعم فلما غشيتهم الخيل اعتصموا بالصلاة فقتل رجل منهم فجعل لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم نصف العقل بصلاتهم وقال : ( إني بريء من كل مسلم مع مشرك )

 

وذكر هذا الحدث أبو داوود 2645 والترمذي 1604 والنسائي في الكبرى 6982 والبيهقي في الكبرى 16247 وانظر تعليق الشافعي عند الأخير: قال الشافعي إن كان هذا ثبت فأحسب النبي ص أعلم أعطى من أعطى منهم متطوعا وأعلمهم أنه بريء من كل مسلم مع مشرك والله أعلم في دار شرك ليعلمهم أن لا ديات لهم ولا قود

 

تعاليم عنصرية بغيضة تفرق بين بني الإنسان وتعيق تعاونهم ومحبتهم لبعضهم البعض. وتهدم الجهود لترسيخ مبدإ المواطنة والمساواة في البلدان العربية والإسلامية. ورغم إباحة سورة المائدة للزواج من الكتابيات وتناول الطعام مع الكتابيين فإن بعضهم نبذها ورأوها مناقضة لمبدإ عدم مصادقة ومودة الإخوة في الإنسانية من الكتابيين، كما نرى في مصنف ابن أبي شيبة وبعض تفسير الطبري.

 

ملاحظة: حذفت كثيرًا من النصوص الصحيحة المتعلقة بتشريعات العنف والعنصرية ضد الكتابيين والوثنيين وغير المسلمين رغم أهميتها نظرًا لإيرادي لها في الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية).

 

 

 

 

 

 

 

 

دراسة نقدية للتعاليم العنصرية في باقي الأحاديث

 

لا يقتل القاتل المسلم بالقتيل غير المسلم

 

نص معاهدة محمد في المدينة ومن وصايا محمد في حجة الوداع عدم قتل المسلم القاتل بمقتوله غير المسلم! (ألا يُقتَل مسلم بكافر)

 

جاء في السيرة لابن هشام في ذكره لمعاهدة المدينة:

 

....ولا يَقتلُ مؤمن مؤمناً في كافر، ولا ينصرُ كافراً على مؤمن....

 

وروى البخاري:

 

6903 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ مَرَّةً مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ فَقَالَ وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قُلْتُ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ

 

ورواه أحمد 599، وأخرجه الشافعي 2/104، والحميدي (40)، والبخاري (6903)، والنسائي 8/23، وابن الجارود (794)، وأبو يعلى (451)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/192، والبيهقي 8/28 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (91)، وعبد الرزاق (18508)، والدارمي (2356)، والبخاري (111) و(3046) و(6915)، وابن ماجه (2658)، والترمذي (1412)، والطحاوي 2/192، والبيهقي 8/28 من طرق عن مطرف، به. وأخرجه البزار (486) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به  599 

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

6662 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَهَاشِمٌ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ "

 

6690 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ، وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ: " لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ "

 

صحيح، وهذا إسناد حسن، وأخرجه أبو داود (4506) مسلم بن إبراهيم، عن محمد بن راشد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 9/294 من طريق محمد بن إسحاق، والترمذي (1413) من طريق أسامة بن زيد، وابن ماجه (2659) من طريق عبد الرحمن بن عياش، والبغوي (2532) من طريق المثنى بن الصباح، وابن عدي 7/2649 من طريق يحيي بن أبي أنيسة، كلهم عن عمرو بن شعيب، به، ولكنه عندهم حديث قولي. قال الترمذي: حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب حديث حسن. وأخرجه عبد الرزاق (9445) و (18504) عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا إسناد معضل. وهذا الحديث قطعة من حديث طويل هو خطبةُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفتح، ذكره الإمام أحمد مفرقاً في روايات عدة، سنذكر أرقامها في الرواية برقم (6681) . وانظر (6690) . وله شاهد صحيح من حديث علي بن أبي طالب سلف برقم (599) و (959) و (993) و(615) وآخر مطول من حديث عائشة عند أبي يعلى (4757)، والدارقطني 3/131، والبيهقي في "السنن" 8/29-30، ذكره الهيثمي في "المجمع" 6/292-293، ونسبه إلى أبي يعلى، وقال: ورجاله رجال الصحيح غير مالك بن أبي الرجال، وقد وثقه ابن حبان، ولم يضعفه أحد. وثالث من حديث ابن عباس عند عبد الرزاق (17787)، وابن ماجه (2660) . ورابع مطول من حديث ابن عمر عند ابن حبان (5996). وخامس بنحوه من حديث عمران بن الحصين عند البيهقي في "السنن" 8/29. وسادس من حديث معقل بن يسار عند البيهقي 8/30. وسابع مرسل من حديث عطاء بن أبي رباح عند ابن أبي شيبة 9/294. وثامن مرسل من حديث الحسن عند عبد الرزاق (18506) .

 

959- حَدَّثَنَا بَهْزٌ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ ، أَنَّ عَلِيًّا ، كَانَ يَأْمُرُ بِالأَمْرِ فَيُؤْتَى ، فَيُقَالُ : قَدْ فَعَلْنَا كَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ الأَشْتَرُ : إِنَّ هَذَا الَّذِي تَقُولُ قَدْ تَفَشَّغَ فِي النَّاسِ ، أَفَشَيْءٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ عَلِيٌّ : مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا خَاصَّةً دُونَ النَّاسِ ، إِلاَّ شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهُوَ فِي صَحِيفَةٍ فِي قِرَابِ سَيْفِي ، قَالَ : فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَخْرَجَ الصَّحِيفَةَ ، قَالَ : فَإِذَا فِيهَا : مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا ، أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ قَالَ : وَإِذَا فِيهَا : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ ، حَرَامٌ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا وَحِمَاهَا كُلُّهُ ، لاَ يُخْتَلَى خَلاهَا ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا ، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا ، إِلاَّ لِمَنْ أَشَارَ بِهَا ، وَلاَ تُقْطَعُ مِنْهَا شَجَرَةٌ إِلاَّ أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ ، وَلاَ يُحْمَلُ فِيهَا السِّلاحُ لِقِتَالٍ قَالَ : وَإِذَا فِيهَا : الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ، أَلاَ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ ، وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ. (1/119)

 

صحيح لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي حسان الأعرج، فمن رجال مسلم، وهو صدوق، وروايته عن علي مرسلة، ومع ذلك فقد حسن سنده الحافظ في "الفتح" 12/261. وأخرجه مختصرا أبو داود (2035) ، والنسائي 8/24 من طريقين عن همام، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (991) ، وانظر (615) و (993) و (1298) .

وقوله: "تفشغ"، أي: فشا وانتشر.

 

7012- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ عَامَ الْفَتْحِ ، عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ : بَعْدَ أَنْ أَثْنَى عَلَى اللهِ ، أَنْ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، كُلُّ حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً ، وَلاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ ، وَلاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، يَدُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ ، وَلاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ ، وَدِيَةُ الْكَافِرِ كَنِصْفِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ ، أَلاَ وَلاَ شِغَارَ فِي الإِسْلاَمِ ، وَلاَ جَنَبَ وَلاَ جَلَبَ ، وَتُؤْخَذُ صَدَقَاتُهُمْ فِي دِيَارِهِمْ ، يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ ، وَيَرُدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَقْصَاهُمْ ، ثُمَّ نَزَلَ.

 

حسن صحيح لغيره،  وأورده أحمد برقم (6692) من طريق ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد، عدا قوله: "لا هجرة بعد الفتح"، و"لا شغار في الإسلام"، ونورد تخريجهما هنا: فقوله: "لا شغار في الإسلام": أورده الهيثمي في "المجمع" 4/266، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، خلا ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث. قلنا: رواية ابن إسحاق هي الآتية برقم (7026) و (7027) ، وصرح ابن إسحاق بالتحديث في الثانية منهما، ولم يذكر الهيثمي هذه الطريق التي ليس فيها ابن إسحاق.

 

يعني دماء المسلمين فقط هي المتكافئة المتساوية (تتكافأ)، ما سوى ذلك فلا قصاص فيه لأنه في نظرتهم العنصرية حيوات أقل قيمة من حيوات المسلمين!

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

18506 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني أبو قزعة عن الحسن أن النبي صلى الله عليه و سلم قال المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ولا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده

 

18507 - عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال قيل لعلي هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا قال لا إلا ما في هذا القراب فأخرج من القراب صحيفة فإذا فيها المؤمنون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده

 

18508 - عبد الرزاق عن الثوري عن مطرف عن الشعبي عن أبي جحيفة قال قلت لعلي هل عندكم شيء سوى القرآن قال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يعطي الله عبدا فهما في كتابه أو ما في الصحيفة قال قلت وما في الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر

 

18520 - عبد الرزاق عن معمر عن ليث أحسبه عن الشعبي قال كتب عمر بن الخطاب في رجل من أهل الجزيرة نصراني قتله مسلم أن يقاد صاحبه فجعلوا يقولون للنصراني اقتله قال لا يأبى حتى يأتي العصب فبينا هو على ذلك جاء كتاب عمر بن الخطاب لا تقده منه

 

18509 - عبد الرزاق عن معمر عن ليث عن مجاهد قال قدم عمر بن الخطاب الشام فوجد رجلا من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة فهم أن يقيده فقال له زيد بن ثابت أتقيد عبدك من أخيك فجعل عمر ديته

 

18510 - عبد الرزاق عن الثوري عن حميد عن مكحول أن عمر أراد أن يقيد رجلا مسلما برجل من أهل الذمة في جراحة فقال له زيد بن ثابت أتقيد عبدك من أخيك

 

18511 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني بن أبي حسين أن رجلا مسلما شج رجلا من أهل الذمة فهم عمر بن الخطاب أن يقيده قال معاذ بن جبل قد علمت أن ليس ذلك له وأثر ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم فأعطاه عمر بن الخطاب في شجته دينارا فرضي به

 

18505 - عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال لا يقاد المسلم بالذمي ولا المملوك

 

18513 - عبد الرزاق عن بن جريج قال قلت لعطاء المسلم يقتل النصراني عمدا قال ديته قال قلت يغلظ عليه في الحرم قال لا

 

18519 - قال معمر عن سماك بن الفضل وكتب عمر بن عبد العزيز في زياد بن مسلم وقتل هنديا بعَدَنٍ أن أغرمه خمس مئة دينار ولا تقتله

 

18512 - عبد الرزاق عن معمر قال كتب عمر بن عبد العزيز جراح الرجل من أهل الذمة نصف جراح المسلم

 

18526 - عبد الرزاق عن معمر وسئل عن نصراني قتل عبدا مسلما قال يدفع إلى سيد العبد فإن شاء قتله قال الله تعالى ولعبد مؤمن خير من مشرك

 

18524 - عبد الرزاق عن بن جريج عن سليمان بن موسى قال يخير المسلم فإن شاء القود وإن شاء الدية

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

177- بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ قِصَاصٌ ؟.

28448- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حدَّثَنِي مَكْحُولٌ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَعْطَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ دَابَّتَهُ يُمْسِكُهَا ، فَأَبَى عَلَيْهِ فَشَجَّهُ مُوضِحَةً ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَلَمَّا خَرَجَ عُمَرُ صَاحَ النَّبَطِيُّ إِلَى عُمَرَ ، فَقَالَ عُمَرُ : مَنْ صَاحِبُ هَذَا ؟ قَالَ عُبَادَةُ : أَنَا صَاحِبُ هَذَا ، قَالَ : مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا ؟ قَالَ : أَعْطَيْتهُ دَابَّتِي يُمْسِكُهَا فَأَبَى ، وَكُنْتُ امْرَءًا فِي حَدٍّ ، قَالَ : إِمَا لاَ ، فَاقْعُدْ لِلْقَوَدِ ، فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : مَا كُنْتَ لِتَقِيدَ عَبْدَك مِنْ أَخِيك ، قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ تَجَافَيْتُ لَكَ عَنِ الْقَوَدِ لأُعْنِتَنَّكَ فِي الدِّيَةِ ، أَعْطِهِ عَقْلَهَا مَرَّتَيْنِ.

 

28449- حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : لاَ قَوَدَ بَيْنَ النَّصْرَانِيِّ وَالْحُرِّ الْمُسْلِمِ ، وَلاَ بَيْنَ النَّصْرَانِيِّ وَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ.

 

28547- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَن خَلِيفَةَ بْنِ خَيَّاطٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ ، وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ ، قَالَ : الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ.

 

28548- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ.

 

عمر كان يميل للعدالة الشكلية في دولته، صحيح أنه قام بفتوحات احتلال ونهب وخطف وسبي نساء وأطفال، لكنه كان يريد تطبيق العدل فمنعته التعاليم الدينية، لذلك تعمد تغليظ التعويض (الإرش أو دية الجرح) على الفاعل المسلم. لكن تظل المسألة واضحة في التمييز العنصري.

 

وروى البخاري:

 

5294 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فَسَأَلَ اللَّهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ وَقَالَ بِيَدِهِ وَوَضَعَ أُنْمُلَتَهُ عَلَى بَطْنِ الْوُسْطَى وَالْخِنْصِرِ قُلْنَا يُزَهِّدُهَا وَقَالَ الْأُوَيْسِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ عَدَا يَهُودِيٌّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَارِيَةٍ فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا وَرَضَخَ رَأْسَهَا فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِي آخِرِ رَمَقٍ وَقَدْ أُصْمِتَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَكِ فُلَانٌ لِغَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا قَالَ فَقَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا فَأَشَارَتْ أَنْ لَا فَقَالَ فَفُلَانٌ لِقَاتِلِهَا فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ

 

يعني اعتبروا المستعبَدين والكتابيين أقل قيمة من المسلمين، فالجارح لمستعبَد يدفع ثمن التعويض لمالكه فقط ولو قتله يدفع ثمنه فقط للمالك، ولو قتل المسلمُ غيرَ مسلمٍ يدفع لأهله الدية وهي نصف دية المسلم فقط ولا إعدام له، ولو جرحه يدفع نصف دية الجرح حسب قيمة الجروح التي سجلها المسلمون في كتب الحديث بأسعار للديات، وليس للكتابي أن يصر على القصاص ولا يقبل دية الجرح أو القتل. هذه هي بشاعة الإسلام في نسيان الأخوة الإنسانية الحقيقية وممارسة العنصرية، كقول زيد بن ثابت الصحابي لعمر: أتقيد عبدَكَ بأخيك؟!

 

ورغم أن المأثور عن عمر بن عبد العزيز أنه ساوى بين حياة المسلم والكتابي، وأقاد من المسلم لقتل الكتابي بدون ذنب، فإنه لم يرتضِ بمساواة حياة المسلم العربي بالهندي الوثني المؤمن بتعدد الآلهة المقتول في اليمن بعدن، وقضى بدفع دية بخسة رخيصة فقط مقابله خمسمئة دينار. (دية الكتابي كانت أربعة آلاف دينار، ودية المسلم أكثر من ضعف ذلك لأن عمر رفعها ولم يرفع ديات الكتابيين!). لا يوجد شيء اسمه إسلام عادل أو محايد أو معتدل. كله سيء أو أسوأ.

 

وروى ابن أبي شيبة مما رواه:

 

28034- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ ، قَالَ : قتَلَ رَجُلٌ مِنْ فُرْسَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ عِبَادِيًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ ، فَكَتَبَ عُمَرُ : أَنْ أَقِيدوا أَخَاهُ مِنْهُ ، فَدَفَعُوا الرَّجُلَ إِلَى أَخِي الْعِبادِيِّ فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ جَاءَ كِتَابُ عُمَرَ : أَنْ لاَ تَقْتُلُوهُ وَقَدْ قَتَلَهُ.

 

إسناده صحيح.

 

28041- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الأَسَدِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ ؛ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ ، فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَكَتَبَ عُمَرُ : أَنَ اقْتُلُوهُ بِهِ ، فَقِيلَ لأخِيهِ حُنَيْنٍ : اقْتُلْهُ ، قَالَ : حَتَّى يَجِيءَ الْغَضَبُ ، قَالَ : فَبَلَغَ عُمَرَ أَنَّهُ مِنْ فُرْسَانِ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ : فَكَتَبَ عُمَرُ : أَنْ لاَ تُقِيدُوهُ بِهِ ، قَالَ : فَجَاءَهُ الْكِتَابُ وَقَدْ قُتِلَ.

 

إسناده صحيح

 

ومع ذلك حاول البعض من الفقهاء والخلفاء ذوي الميول الإنسانية تحقيق العدالة ومخالفة هذا المبدأ العنصري، فروى ابن أبي شيبة:

 

28033- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ ، عَن حُمَيْدٍ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ؛ أّنَّهُ أَخْبَرَهُ ، قَالَ : مَرَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ ، فَأَعْجَبَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَتَلَهُ وَغَلَبَهُ عَلَيْهَا ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَكَتَبَ عُمَرُ : أَنَ ادْفَعُوهُ إِلَى وَلِيِّهِ ، قَالَ : فَدَفَعَناهُ إِلَى أُمِّهِ ، فَشَدَخَتْ رَأْسَهُ بِصَخْرَةٍ ، أَوْ بِصَلاَيَةٍ ، لاَ أَدْرِي قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ، أَوِ اعْتَرَفَ.

 

28040- حَدَّثَنَا مَعَن ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؛ أَنَّ رَجُلاً مِنَ النَّبَطِ عَدَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَتَلَهُ قَتْلَ غِيلَةٍ ، فَأُتِيَ بِهِ أَبَانُ بْنَ عُثْمَانَ ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ عَلَى الْمَدِينَةِ ، فَأَمَرَ بِالْمُسْلِمِ الَّذِي قَتَلَ الذِّمِّيَّ أَنْ يُقْتَلَ.

 

28039- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنِ الْمُسَاوِرِ ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : مَنِ اعْتَرَضَ ذِمَّةَ مُحَمَّدٍ بِقَتْلِهِمْ ، فَاقْتُلُوهُ.

 

28035- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْمُعَاهَدِ.

 

28036- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَن مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ؛ فِي الْمُسْلِمِ يَقتَلَ الذِّمِّيَّ عَمْدًا ، قَالَ : يُقْتَلُ بِهِ.

 

28037- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ ، عَنْ أَبِي نَضِرَةَ ، قَالَ : حُدِّثْنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَقَادَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.

 

إسناده ضعيف، فيه إبهام من حدث أبا نضرة، وذكرنا بإسناد صحيح أنه بعد قتله به أرسل لهم ألا يقتلوه، وكانوا قد قتلوه به كما أمر في أمره الأول.

وروى عبد الرزاق:

 

18516 - عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن إبراهيم أنه كان يرى قود المسلم بالذمي

 

18517 - عبد الرزاق عن أبي حنيفة عن إبراهيم مثله

 

لا عجب أن المصريين اختاروا مذهب أبي حنيفة، فهو الأفضل بين كل مذاهب الإسلام وتشريعاته السيئة والأرحم على الأقل. هؤلاء المصريون قوم خطوا بالتدريج خطوات جيدة نحو الدولة الوطنية ومبدأ المواطنة، اليوم تُقبَل شهادة الكتابي المسيحي والملحد في المحكمة عمومًا، وقد يكون شاهد الوصية أو المحامي الوكيل لمسلم مسيحيًّا، وهم تُقبَل شهاداتهم في المحكمة في الجنائيات وكذلك تُقبَل شهادة المرأة، وبمساواة مع الرجال، نتمنى أن يستمر التقدم والإسلام يعيق ذلك فلا يزال هناك تمييز ضد الكتابيين وضدنا كملحدين في الوظائف والحياة والجيش ومناصب الدولة. سمعت أنه لا يتم تولية مناصب قيادية للمسيحيين في أمن الدولة، وهذه سياسة خاطئة نتاج الهوس والوسواس الديني، في دولة تكفل حرية الاعتقاد والدعوة لا توجد عنصرية كهذه. لبنان رغم عنصرية وطائفية علمانيتها وتوزيعها للمناصب فقد تولى قيادة جيشها مسلمون وتولى رئاستها من غير المسيحيين كذلك شهاب المسلم. والهند ترأس رئاسة وزارتها ورئاستها مسلمون وسيخ من الأقلية غير الهندوسية. يجب إلغاء الطائفية والعنصرية. كذلك في مصر يصعب وصول المسيحي لمنصب قضائي، ربما في الجيش والشرطة هناك صعوبات لكن بعض الكتابيين ذوي الكفاءة وصلوا لمناصب. وضعنا كملحدين أسوأ بمراحل بما لا يُقارَن حينما نعلن عن اعتقادنا فالمسلمون في أغلبهم يرون أننا لا يجب أن نتنفس معهم نفس هواء الكوكب، ناهيك عن تقاسم وظائف ومناصب وحياة معهم. مع ذلك بتعود بعض زملاء الأعمال علي صاروا أصدقاء مسلمين أعزاء عليَّ ومعظمهم متدينون مصريون وأذكر سودانيًّا زاهدًا محبًا للتصوف والصلاة. نكمل مع عبد الرزاق:

 

18518 - عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن ميمون بن مهران قال شهدت كتاب عمر بن عبد العزيز قدم إلى أمير الجزيرة أو قال الحيرة في رجل مسلم قتل رجلا من أهل الذمة أن ادفعه إلى وليه فإن شاء قتله وإن شاء عفا عنه قال فدفع إليه فضرب عنقه وأنا أنظر

 

وحاولوا حتى نسبة ذلك إلى محمد نفسه، لكن إسناد الحديث ضعيف، ومخالف لما في الصحيحين بإسناد صحيح:

 

28031- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَن رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عن عبد الرحمن بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ ، قَالَ : قتَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، وَقَالَ : أَنَا أَحَقُّ مَنْ وَفَّى بِذِمْتِهِ.

 

إسناده ضعيف جدا. ابن البيلماني ضعيف، وهو من التابعين فحديثه مرسل، وفي الإسناد أيضًا حجاج بن أرطأة ليس بالقوي.

 

وحاولوا نسبته بصورة ملفقة لبعض أصحاب محمد ولا يصح، روى ابن أبي شيبة:

 

28032- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللهِ ؛ أَنَّهُمَا قَالاَ : إِذَا قَتَلَ يَهُودِيًّا ، أَوْ نَصْرَانِيًّا قُتِلَ بِهِ.

 

إسناده ضعيف جدا، فيه الليث بن أبي سليم وهو ضعيف وروايته عن علي وعبد الله منقطعة.

 

يعني على الأقل بعض المسلمين من فقهائهم وخلفائهم خجلوا واستحيوا من عنصرية التشريع الإسلامي وتحرجوا منه فلم يعملوا به وحققوا العدالة لصعوبة عدم فعل ذلك. ربما قاموا بالحروب والفتوحات على أنها صراع رجل لرجل ورجال لرجال، لكن الغدر بمسالم وإهدار حق شخص قتيل من مواطنيهم هذا ما وجد بعض الخلفاء صعوبة في قبوله. عمر بن الخطاب كرجل أحب تحقيق العدالة الشكلية في دولته، رغم التزامه بكل عنصرية الدين من فتوحات ونهب وسبي وجزية عنصرية، حاول تحقيق العدل بالمساواة بين حيوات الناس وقتل القاتل المسلم، لكن طاعته للدين كانت أقوى من العدالة وأضلته عنه. عمر بن عبد العزيز هو حفيد عمر من ناحية الأم، وأشبه الناس بصفاته، وله تشريعات ثورية إصلاحية للإسلام مثله كإلغاء تشريع القسامة (قسم الخمسين الباطل ليستحقوا قتل من يدعون عليه قتل شخص بدون دليل)، وعدم قتل الأسرى في حروب الفتوحات، وغيرها، وقد قاد المسلم من الكتابي، لكنه لم يواصل الأمر ليقود المسلم من الهندي المؤمن بتعدد الآلهة. لا عدالة حقيقية في التشريع الإسلامي.

 

ولا يوجد فيما ينسبونه إلى محمد سوى إدانة أخروية دينية فقط لقاتل الذميّ، روى البخاري:

 

3166 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا

 

وروى أحمد:

 

6745 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي أَبَا إِبْرَاهِيمَ الْمُعَقِّبَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ، [عَنْ مُجَاهِدٍ]، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا"

 

إسناده صحيح، إسماعيل بن محمد: هو ابن جبلة السراج البغدادي، ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" 6/265-226، وذكر أنه سُئل عنه الإمام أحمد، فقال: ثقة، وجعل يثني عليه، وقال عبد الله بن أحمد: كان من خيار الناس، كان أبي حدثنا عنه وهو حي وبعدما مات. وقد روى عنه جماعة، وترجمه الحسيني في "الإكمال" ص 30، والحافظ في "التعجيل" ص 37، وقال: لم أر له ذكراً في "تاريخ" البخاري، ولا ابن أبي حاتم، ولا ابن حبان، ولا مسلمة بن قاسم، ولا في "الكنى" لأبي أحمد الحاكم. قلنا: لكن ترجمه الخطيب كما تقدم، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن عمرو الفقيمي فمن رجال البخاري، وهو ثقة. مروان: هو ابن معاوية. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/25، وفي "الكبرى" (8742) عن دُحيم عبد الرحمن بن إبراهيم، والحاكم 2/126 من طريق علي بن مسلم الطوسي، والبيهقي في "السنن" 9/205 من طريق ابن أبي عمر العدني، ثلاثتهم عن مروان بن معاوية، بهذا الإسناد. يعني بإثبات مجاهد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، مع أن علي بن مسلم الطوسي والحسن بن عمرو الفُقيمي لم يخرج لهما مسلم. وتحرف اسم مروان بن معاوية في مطبوع "المجتبى" إلى هارون. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/426، وابن ماجه (2686) ، والبيهقي في "السنن" 9/205 من طريق أبي معاوية، والبخاري (3166) و (6914) من طريق عبد الواحد بن زياد، والإسماعيلي -فيما ذكره الحافظ في "الفتح" 6/270- من طريق عمرو بن عبد الغفار، ثلاثتهم عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو. لم يُذكر فيه جنادة بن أبي أمية. قال الحافظ: فهؤلاء ثلاثة رووه هكذا، وخالفهم مروان بن معاوية، فرواه عن الحسن بن عمرو الفقيمي، فزاد فيه رجلاً بين مجاهد وعبد الله بن عمرو، وهو جنادة بن أبي أمية، أخرجه من طريقه النسائي - (قلنا: وأحمد أيضاً) - ورجّح الدارقطني رواية مروان لأجل هذه الزيادة، لكن سماع مجاهد من عبد الله بن عمرو ثابت، وليس بمدلس، فيحتمل أن يكون مجاهد سمعه أولاً من جنادة، ثم لقي عبد الله بن عمرو، أو سمعاه معاً، وثبته فيه جنادة، فحدث به عن عبد الله بن عمرو تارة، وحدث به عن جنادة أخرى. وفي الباب عن أبي بكرة، سيرد 5/36 و38. وعن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سيرد 4/237 و5/369. وعن أبي هريرة عند ابن ماجه (2687) ، والحاكم 12/27، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

 

(20377) 20648- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي بَكَرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : كُنْهُهُ : حَقٌّ. (5/36)

 

إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المقرئ. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/425-426، وأبو داود (2760) ، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 87، والحاكم 2/142، من طريق وكيع وحده، بهذا الإسناد. وسقط قوله: عن أبيه من مطبوع ابن أبي شيبة. والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه الدارمي (2504) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ. وأخرجه الطيالسي (879) ، والبزار في "مسنده" (3679) ، والنسائي في "المجتبى" 8/24-25، و"الكبرى" (6949) ، وابن الجارود في "المنتقى" (835) و (1070) ، والبيهقي 9/231 من طرق عن عيينة بن عبد الرحمن، به.  وسيأتي من طريق عبد الرحمن بن جوشن برقم (20403) ، ومن طريق الأشعث بن ثُرمُلة بالأرقام (20383) و (20397) و (20523) ، ومن طريق الحسن البصري برقم (20469) ، ومن طريق عبد الرحمن بن أبي بكرة برقم (20506) و (20515) . وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، سلف برقم (6745) ، وسلفت عنده أحاديث الباب، ونزيد عليها هنا حديث رجل، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي سلف برقم (16590) . قوله: "معاهَداً" المراد به من له عهد مع المسلمين، سواء كان بعقد جزية، أو هدنة من سلطان، أو أمان من إسلام. وقوله: "من غير كنهه" كنه الأمر: حقيقته، وقيل: وقته وقدره، وقيل: غايته، يعني من قتله في غير وقته أو غاية أمره الذي يجوز فيه قتله.

وقوله: "حرم الله عليه الجنة" قال ابن خزيمة: معنى هذه الأخبار إنما هو على أحد معنيين: أحدهما: لا يدخل الجنة أي: بعض الجنان، إذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أعلم أنها جنان في جنة... والمعنى الثاني: أن كل وعيد في الكتاب والسنة لأهل التوحيد، فإنما هو على شريطة، أي: إلا أن يشاء الله أن يغفر ويصفح ويتكرم ويتفضل.

وقال الحافظ ابن حجر: المراد بهذا النفي- وإن كان عاماً- التخصيص بزمان ما، لما تعاضدت الأدلة العقلية والنقلية أن من مات مسلماً ولو كان من أهل الكبائر، فهو محكوم بإسلامه غير مخلد في النار، ومآله إلى الجنة، ولو عُذب قبل ذلك.

وقال السندي: حاصل هذا أن قتل الذمي في حكم الآخرة كقتل المسلم، وقد قال تعالى في الثاني: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً ...) الآية [النساء: 93] ، فكذلك قتل الذمي، وليس كفره يبيح قتله أو تخفيف وزره بعد أن دخل في العهد، والله تعالى أعلم.

انظر "التوحيد" لابن خزيمة 2/868- 870، و"النهاية" 4/206، و"فتح الباري" 2/259، والمغني 11/466.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[فَصْلٌ جِرَاحَاتُ أَهْلِ الْكِتَابِ]

(6832) فَصْلٌ: وَجِرَاحَاتُهُمْ مِنْ دِيَاتِهِمْ كَجِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَاتِهِمْ، وَتُغَلَّظُ دِيَاتُهُمْ بِاجْتِمَاعِ الْحُرُمَاتِ، عِنْدَ مَنْ يَرَى تَغْلِيظَ دِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ، بِهَا كَتَغْلِيظِ دِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ حَرْبٌ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنْ قَتَلَ ذِمِّيًّا فِي الْحَرَمِ؟ قَالَ: يُزَادُ أَيْضًا عَلَى قَدْرِهِ، كَمَا يُزَادُ عَلَى الْمُسْلِمِ. وَقَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدَ اللَّهِ: جَنَى عَلَى مَجُوسِيٍّ فِي عَيْنِهِ وَفِي يَدِهِ؟ قَالَ: يَكُونُ بِحِسَابِ دِيَتِهِ، كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمَ يُؤْخَذُ بِالْحِسَابِ، فَكَذَلِكَ هَذَا. قِيلَ: قَطَعَ يَدَهُ؟ قَالَ: بِالنِّصْفِ مِنْ دِيَتِهِ.

 

[مَسْأَلَةٌ قَتَلَ مُسْلِم رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَمْدًا]

(6833) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ قَتَلُوهُ عَمْدًا، أُضْعِفَتْ الدِّيَةُ عَلَى قَاتِلِهِ الْمُسْلِمِ؛ لِإِزَالَةِ الْقَوَدِ) هَكَذَا حَكَمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. هَذَا يُرْوَى عَنْ عُثْمَانَ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَرُفِعَ إلَى عُثْمَانَ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَغَلَّظَ عَلَيْهِ أَلْفَ دِينَارٍ. فَصَارَ إلَيْهِ أَحْمَدُ اتِّبَاعًا وَلَهُ. نَظَائِرُ فِي مَذْهَبِهِ؛ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الْأَعْوَرِ لَمَّا قَلَعَ عَيْنَ الصَّحِيحِ دِيَةً كَامِلَةً، حِينَ دَرَأَ الْقِصَاصَ عَنْهُ، وَأَوْجَبَ عَلَى سَارِقِ التَّمْرِ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ، حِينَ دَرَأَ عَنْهُ الْقَطْعَ.

وَهَذَا حُكْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَارِقِ التَّمْرِ. فَيَثْبُتُ مِثْلُهُ هَاهُنَا. وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ ذِمِّيًّا، أَوْ قَتَلَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا، لَمْ تُضَعَّفْ الدِّيَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ لَا تُضَاعَفُ بِالْعَمْدِ؛ لِعُمُومِ الْأَثَرِ فِيهَا، وَلِأَنَّهَا دِيَةٌ وَاجِبَةٌ، فَلَمْ تُضَاعَفْ، كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ، أَوْ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ ذِمِّيًّا. وَلَا فَرْقَ فِي الدِّيَةِ بَيْن الذِّمِّيِّ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْمِنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كِتَابِيٌّ مَعْصُومُ الدَّمِ. وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ، فَلَا دِيَةَ لَهُمَا؛ لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ فِيهِمَا.

 

يعني ليس لنا دية عند المسلمين الأصوليين يا أيتها الأقلية الفكرية المسماة بالعقلانيين أو الملحدين، من أفرادنا المتبعثرين البؤساء في بلاد العرب والمسلمين.

[فَصْلٌ جَرَحَ مُسْلِمٌ كَافِرًا فَأَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ ثُمَّ مَاتَ مُسْلِمًا]

(6594) فَصْلٌ وَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمٌ كَافِرًا، فَأَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ، ثُمَّ مَاتَ مُسْلِمًا بِسِرَايَةِ الْجُرْحِ، لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قَاتِلُهُ؛ لِأَنَّ التَّكَافُؤَ مَعْدُومٌ حَالَ الْجِنَايَةِ، وَعَلَيْهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْأَرْشِ بِحَالَةِ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ وَرِجْلَيْهِ، فَسَرَى إلَى نَفْسِهِ، دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ اُعْتُبِرَ حَالَ الْجُرْحِ، وَجَبَ دِيَتَانِ، وَلَوْ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ، ثُمَّ عَتَقَ وَمَاتَ، لَمْ يَجِبْ قِصَاصٌ؛ لِعَدَمِ التَّكَافُؤِ حَالَ الْجِنَايَةِ، وَعَلَى الْجَانِي دِيَةُ حُرٍّ اعْتِبَارًا بِحَالِ الِاسْتِقْرَارِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

وَلِلسَّيِّدِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ، مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ، أَوْ نِصْفِ دِيَةِ حُرٍّ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ، فَهِيَ الَّتِي وُجِدَتْ فِي مِلْكِهِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ حَصَلَ بَحْرِيَّته، وَلَا حَقَّ لَهُ فِيمَا حَصَلَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ الدِّيَةَ، لَمْ يَسْتَحِقّ أَكْثَرِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ نَقْصَ الْقِيمَةِ حَصَلَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ، وَإِعْتَاقُهُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي، أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ، فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، فِي مَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ، ثُمَّ أُعْتِقَ وَمَاتَ، أَنَّ عَلَى الْجَانِي قِيمَتَهُ لِلسَّيِّدِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الْجِنَايَةِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ. أَبِي بَكْرٍ، وَالْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ.

 

دية الكتابيين نصف أو ثلث دية المسلم في القتل العمد، ودية غير الكتابي أقل من ذلك بكثير، والملحد وتارك الإسلام دمه هدر

 

روى ابن أبي شيبة:

 

28549- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ ، عَن سِمَاكٍ ، عَن عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : كَانَت قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ ، وَكَانَتِ النَّضِيرُ أَشْرَفَ مِنْ قُرَيْظَةَ ، فَكَانَ إِذَا قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْظَةَ رَجُلاً مِنَ النَّضِيرِ قُتِلَ بِهِ ، وَإِنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ النَّضِيرِ رَجُلاً مِنْ قُرَيْظَةَ وَدَاه مِئَةَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ النَّضِيرِ رَجُلاً مِنْ قُرَيْظَةَ ، قَالُوا : ادْفَعُوهُ إِلَيْنَا نَقْتُلُهُ ، فَقَالُوا : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَوْهُ ، فَنَزَلَتْ : {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} فَالْقِسْطُ : النَّفْسُ بِالنَّفْسِ ، ثُمَّ نَزَلَتْ : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} .

 

قلت ما لام محمد اليهود عليه ووبخهم لأجله، وقع فيه هو وأتباعه وديانتهن فصاروا في السوء والعار والعنصرية والشنار سواء.

روى أحمد:

 

6716 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى "

 

إسناده حسن، أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث، ومحمد بن راشد: هو الخزاعي المكحولي، وسليمان: هو ابن موسى الأشدق. وأخرجه البيهقي في "السنن" 8/101 من طريق أبي النضر، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2268) ، والنسائي في "المجتبى" 8/45، والدارقطني 3/171 من طريق محمد بن راشد، به. وسلف مطولاً برقم (6692)

 

6692 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ، قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ مَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يَزِدْهُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، تُرَدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعَدِهِمْ، لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، دِيَةُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ ، وَلَا تُؤْخَذُ صَدَقَاتُهُمْ إِلَّا فِي دِيَارِهِمْ "

 

صحيح، وهذا إسناد حسن. يزيد: هو ابن هارون، ومحمد بن إسحاق-وإن كان رواه بالعنعنة- قد صرح بالتحديث في الرواية الآتية برقم (7024) ، وعند البيهقي والبغوي، وقد توبع كما في الرواية (7012) . وقد روى أحمدُ وغيره هذا الحديث مجموعاً ومفرقاً، وهو جزء من خطبة الفتح الواردة برقم (6681) . وأخرجه بطوله ابنُ الجارود في "المنتقى" (1052) ، والبيهقي في "السنن" 8/29، والبغوي (2542) من طرق، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (7012) بزيادة: "لا هجرة بعد الفتح"، و"ولا شغار في الإسلام". وقوله: "إنه ما كان من حلف في الجاهلية... ولا حلف في الإسلام": أخرجه الطبري (9297) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (9298) من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، به. وأخرجه الترمذي (1585) ، والطبري (9294) من طرق، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، به. وسيرد (6917) . وفي الباب عن ابن عباس سلف (2911) و (3046) . وعن جبير بن مطعم عند مسلم (2530) ، وسيرد 4/83. وعن قيس بن عاصم، سيرد بإسناد صحيح 5/61. وعن أنس عند البخاري (2294) ، ومسلم (2529) . وعن الزهري مرسلاً سلف ضمن حديث عبد الرحمن بن عوف برقم (1655) . وقوله: "المسلمون يد على من سواهم تكافأ دماؤهم... على قعدهمْ": أخرجه أبو داود (2751) من طريق ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود أيضا (2751) و (4531) -ومن طريقه البيهقي في "السنن" 8/29-، وابن الجارود في "المنتقى" (1073) من طريق يحيي بن سعيد الأنصاري، وابن ماجه (2685) من طريق عبد الرحمن بن عياش، والبغوي (2532) من طريق المثنى بن الصباح، ثلاثتهم عن عمرو بن شعيب، به. وسيرد برقم (6797) . وفي الباب عن علي سلف (959) . وعن عائشة عند أبي يعلى (4757) ، والدارقطني 3/131، والبيهقي في "السنن" 9/30، وصححه الحاكم 4/349، ووافقه الذهبي. وعن ابن عباس عند ابن ماجه (2683) . وعن معقل بن يسار عند ابن ماجه (2684) . وقوله: "لا يقتل مؤمن بكافر": سلف تخريجه برقم (6662) ، وهو مكرر (6690) و (6792) و (6827). وقوله: "دية الكافر نصف دية المسلم": أخرجه ابن أبي شيبة 9/287، وأبو داود (4583) من طريقين عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1413) ، والنسائي في "المجتبى" 8/45، والبيهقي في "السنن" 8/101 من طريق أسامة بن زيد، وابن ماجه (2644) من طريق عبد الرحمن بن عياش، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. وأخرجه الدارقطني 3/171 من طريق ابن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، به. ومن هذه الطريق سيرد مطولاً (7012) . وسيرد برقم (6716) . وأخرجه الدارقطني 3/145 من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل عقل أهل الكتاب من اليهود والنصارى على النصف من عقل المسلمين، وهو معضل. وله شاهد من حديث ابن عمر عند الطبراني في "الأوسط" فيما ذكره الزيلعي في "نصب الراية" 4/365.

 

وقوله: "تكافأ دماؤهم" بهمزة في آخره من الكفء وهو المثل، وأصله تتكافأ بتاءين كما في رواية، حذفت إحداهما، أي: تتساوى في القصاص والديات، لا يفضل شريف على وضيع. قوله: "يجير عليهم أدناهم"، يجير: من أجار، أي: يؤمن، اي: إذا عقد للكافر أماناً أدناهم -أي أقلهم عددا وهو الواحد، أو أحقرهم رتبة وهو العبد- لزمهم ذلك الأمان. قاله السندي، وفي رواية أبي داود: "أقصاهم" معناه أن بعض المسلمين وإن كان قاصي الدار إذا عقد للكافر عقداً لم يكن لأحد منهم أن ينقضه وإن كان أقرب داراً من المعقود له. قاله الخطابي.  قوله: "ويرُدُ عليهم أقصاهم"، قال السندي: ويرُدُ أي الغنيمة، أقصاهم أي: أبعدهم دارا ونسبا.  قوله: "تُرد سراياهم على قعدهم"، قال السندي: هذه الجملة تفسير للأولى، فلذلك ترك ذكر العاطف، أي: يرُد الغنيمة من قام من السرايا للقتال على قعدهم -بفتحتين، جمع قاعد-، أي: على من كان قاعداً منهم (أي: من السرايا) ، وليس المراد أنه يرد على القاعد في، وطنه. قال الخطابي في "المعالم" 2/314: ومعناه أن يخرج الجيش، فينيخوا بقرب دار العدو، ثم ينفصل منهم سرية، فيغنموا، فإنهم يرفُون ما غنموه على الذين هم ردء لهم لا ينفردون به، فأما إذا كان خروج السرية من البلد فإنهم لا يرفُون على المقيمين في أوطانهم شيئاً.  وقوله: "لا جلب ولا جنب"، قال السندي: أي: لا ينزل المُصدق (أي: عامل الزكاة) بعيداً حتى تجلب إليه المواشي، ولا يبعد صاحب الصدقة بالمواشي.

 

7012 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ عَامَ الْفَتْحِ، عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ: بَعْدَ أَنْ أَثْنَى عَلَى اللهِ، أَنْ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُلُّ حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، يَدُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَدِيَةُ الْكَافِرِ كَنِصْفِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، أَلَا وَلَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا جَنَبَ وَلَا جَلَبَ ، وَتُؤْخَذُ صَدَقَاتُهُمْ فِي دِيَارِهِمْ، يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ ، وَيَرُدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَقْصَاهُمْ "، ثُمَّ نَزَلَ

 

صحيح، وهذا إسناد حسن. وأورده أحمد برقم (6692) من طريق ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد، عدا قوله: "لا هجرة بعد الفتح"، و"لا شغار في الإسلام"، ونورد تخريجهما هنا: فقوله: "لا شغار في الإسلام": أورده الهيثمي في "المجمع" 4/266، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، خلا ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث.// قلنا: روايةُ ابن إسحاق هي الآتية برقم (7026) و (7027) ، وصرح ابنُ إسحاق بالتحديث في الثانية منهما، ولم يذكر الهيثمي هذه الطريق التي ليس فيها ابن إسحاق.// وفي الباب عن عبد الله بن عمر سلف بالأرقام (4526) و (4692) و (4918) و (5289) و (5654) . وعن أنس، سيرد 3/162 و197 بإسناد صحيح. وعن عمران بن الحصين، سيرد 4/429 و439، 443 بإسناد صحيح.

 

 

روى أبو داوود:

 

4542 - حدثنا يحيى بن حكيم ثنا عبد الرحمن بن عثمان ثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين قال فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر رحمه الله فقام خطيبا فقال ألا إن الإبل قد غلت قال ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاء ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة قال وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية .

 

حسن

 

وروى الترمذي:

 

1413 - حدثنا عيسى بن أحمد حدثنا ابن وهب عن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يقتل مسلم بكافر وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال دية عقل الكافر نصف دية عقل المؤمن

 قال أبو عيسى حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب حديث حسن واختلف أهل العلم في دية اليهودي والنصراني فذهب بعض أهل العلم في دية اليهودي والنصراني إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم وقال عمر بن عبد العزيز دية اليهودي والنصراني نصف دية المسلم وبهذا يقول أحمد بن حنبل وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ودية المجوسي ثمانمائة درهم وبهذا يقول مالك بن أنس و الشافعي وإسحق وقال بعض أهل العلم دية اليهودي والنصراني مثل دية المسلم وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة

 

قال الألباني: حسن صحيح

 

وقال الشافعي في الأم:

 

( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو أَنَّ حُرًّا وَعَبْدًا قَتَلَا عَبْدًا عَمْدًا كان على الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى الْعَبْدِ الْقَتْلُ وَهَكَذَا لو قَتَلَ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيًّا كان على الْمُسْلِمِ نِصْفُ دِيَةِ النَّصْرَانِيِّ وَعَلَى النَّصْرَانِيِّ الْقَوَدُ وَهَكَذَا لو قَتَلَ رَجُلٌ ابْنَهُ وَقَتَلَهُ معه أَجْنَبِيٌّ كان على أبيه نِصْفُ دِيَتِهِ وَالْعُقُوبَةُ وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْقِصَاصُ إذَا كان الضَّرْبُ في هذه الْحَالَاتِ كُلِّهَا عَمْدًا

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

مَنْ قَالَ دِيَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى النِّصْفِ ، أَوْ أَقَلَّ.

 

28022- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : دِيَةُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُؤْمِنِ.

 

28023- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ذَكْوَانَ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : دِيَةُ الْمُعَاهَدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.

 

28024- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، قَالَ : قرَأْتُ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : أَنَّ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.

 

28025- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ ، وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُ مِئَةٍ.

 

مَنْ قَالَ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.

 

28014- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ ، عَن مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كَانَ يَقُولُ : دِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.

 

28015- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ : مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ ، أَوْ ذِمَّةٌ فَدِيَتُهُ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ.

قَالَ سُفْيَانُ : ثُمَّ قَالَ عَلِّيٌّ بَعْدُ ذَلِكَ : لاَ أَعْلَمُ إِلاَّ ذَلِكَ.

 

28016- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ ، أَوْ ذِمَّةٌ فَدِيَتُهُ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ.

 

28017- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ ، عَن حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَن عَلْقَمَةَ ، قَالَ : دِيَةُ الْمُعَاهَدِ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.

 

28018- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَن مُجَاهِدٍ ، وَعَطَاءٍ ، قَالاَ : دِيَةُ الْمُعَاهَدِ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.

 

28019- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ (ح) وَعَنِ الْحَكَمِ ، وَحَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالاَ : دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْمُعَاهَدِ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ ، وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرِّجَالِ ، وَكَانَ عَامِرٌ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ : {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}.

 

28020- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَن أَيُّوبَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُه يَقُولُ : دِيَةُ الْمُعَاهَدِ دِيَةُ الْمُسْلِمِ ، وَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}.

 

28021- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَن مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : دِيَةُ أَهْلِ الْعَهْدِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ.

 

وروى عبد الرزاق:

 

10224 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن رجلا مسلما قتل رجلا من أهل الذمة عمدا فرفع إلى عثمان فلم يقتله وغلظ عليه الدية مثل دية المسلم

 

10225 - أخبرنا عبد الرزاق قال اخبرنا معمر والثوري عن منصور عن إبراهيم قال دية اليهودي والنصراني والمجوسي مثل دية المسلم

 

18491 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال دية اليهودي والنصراني والمجوسي وكل ذمي مثل دية المسلم قال وكذلك كانت على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر وعثمان حتى كان معاوية فجعل في بيت المال نصفها وأعطى أهل المقتول نصفا ثم قضى عمر بن عبد العزيز بنصف الدية فألغى الذي جعله معاوية في بيت المال قال وأحسب عمر رأى ذلك النصف الذي جعله معاوية في بيت المال ظلما منه قال الزهري فلم يقض لي أن أذاكر ذلك عمر بن عبد العزيز فأخبره أن قد كانت الدية تامة لأهل الذمة قلت للزهري إنه بلغني أن بن المسيب قال ديته أربعة آلاف فقال إن خير الأمور ما عرض على كتاب الله قال الله تعالى فدية مسلمة إلى أهله فإذا أعطيته ثلث الدية فقد سلمتها إليه

 

مرسل من مراسيل الزهري

 

18492 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن رجلا مسلما قتل رجلا من أهل الذمة عمدا فرفع إلى عثمان فلم يقتله به وغلظ عليه الدية مثل دية المسلم قال الزهري وقتل خالد بن المهاجر رجلا من أهل الذمة في زمن معاوية فلم يقتله به وغلظ عليه الدية ألف دينار

 

18495 - عبد الرزاق عن رباح بن عبد الله قال أخبرني حميد الطويل أنه سمع أنسا يحدث أن رجلا يهوديا قتل غيلة فقضى فيه عمر بن الخطاب باثني عشر ألف درهم

18494 - عبد الرزاق عن أبي حنيفة عن الحكم بن عتيبة أن عليا قال دية اليهودي والنصراني وكل ذمي مثل دية المسلم قال أبو حنيفة وهو قولي

 

18498 - عبد الرزاق عن بن جريج عن يعقوب بن عتبة وصالح وإسماعيل بن محمد قالوا عقل كل معاهد من أهل الكفر ومعاهدة كعقل المسلمين ذكرانهم وإناثهم جرت بذلك السنة في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم

 

مرسل معضل

18499 - عبد الرزاق عن معمر عن منصور عن إبراهيم قال دية اليهودي والنصراني والمجوسي مثل دية المسلم قال معمر وقاله الشعبي ايضا

 

18501 - عبد الرزاق عن الثوري عن قيس بن مسلم عن الشعبي قال دية اليهودي والنصراني دية المسلم وكفارته كفارة المسلم

 

وقال مالك بن أنس في الموطأ (رواية الزهري وترقيمها):

 

(16) باب ما جاء في دية أهل الكتاب

2294 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى , أَنَّ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وِ النَّصْرَانِيِّ إِذَا قُتِلَ أَحَدُهُمَا مِثْلُ نِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ ...

2296 - قَالَ مَالِكٌ: وَجِرَاحُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ فِي دِيَاتِهِمْ عَلَى حِسَابِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِي دِيَاتِهِمُ الْمُوضِحَةُ نِصْفُ عُشْرِ دِيَة الذمي، وَالْمَأْمُومَةُ ثُلُثُ دِيَتِهِ، وَالْجَائِفَةُ ثُلُثُ دِيَتِهِ , فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ جِرَاحَهُمْ كُلُّهَا.....

 

2295 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أنه كَانَ يَقُولُ: دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِئَةِ دِرْهَمٍ.....

 

2297 - قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ عِنْدَنَا: أَنَّهُ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ ...

 

أما رواية يحيى الليثي ففيها اختلاف فأحدهما حرف كلام مالك بالتأكيد:

 

( 15 باب ما جاء في دية أهل الذمة وحدثني يحيى عن مالك انه بلغه ان عمر بن عبد العزيز قضى ان دية اليهودي أو النصراني إذا قتل أحدهما مثل نصف دية الحر المسلم قال مالك الأمر عندنا ان لا يقتل مسلم بكافر الا ان يقتله مسلم قتل غيلة فيقتل به وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد ان سليمان بن يسار كان يقول دية المجوسي ثماني مائة درهم قال مالك وهو الأمر عندنا قال مالك وجراح اليهودي والنصراني والمجوسي في دياتهم على حساب جراح المسلمين في دياتهم الموضحة نصف عشر ديته والمأمومة ثلث ديته والجائفة ثلث ديته فعلى حساب ذلك جراحاتهم كلها )

 

يعني تثمينهم لحيوات الناس يختلف حسب دينهم، ديانة عنصرية في أعماقها، وكذلك ذكرت تفرقة مماثلة بين دية الرجل والمرأة في باب العنصرية ضد النساء، وأن المستعبَد لا دية له ويدفع القاتل ثمنه فقط لمالكه.       وعلى الأقل رفض البعض منهم التشريع العنصري ضد الكتابيين، وعارضوا الحديث المنسوب إلى محمد بالقرآن، لكن ظل لعصور طوال المعمول به هو التشريع العنصري وخاصة أن مبدأ لا يقتل مسلم بكافر ثابت في الصحيحين، فيظل هناك دومًا في كل الحالات تفرقة عنصرية، فالكتابي القتيل لن يُقتَص لحياته من القاتل في أحسن الأحوال سوى بدية كدية المسلم أو حسب كلام محمد نصف دية المسلم! ولم يورد البخاري ومسلم حديث نصف الدية، كأنهما لم يفرحا به لتناقضه مع نص القرآن واختلاف المسلمين على هذا الحكم، فالقرآن لا يذكر لتطرف محمد أي قود لمسلم بغير مسلم أو دفع دية عن قتيل غير مسلم، بل القرآن اعتبر حياة المسلم فقط تابع محمد هي حياة الإنسان التي لها قيمة، وما سوى ذلك فقتله فعل عادي. وحديثا عبد الرزاق 18491 و18495 وهما مرسلان منقطعان في الإسناد، متناقضان مع باقي الأخبار عن محمد وخلفائه الأربعة عن تنصيفهم لدية الذمي على نصف دية المسلم، ولا أدري أيها قصص ملفقة؟! لكن عمومًا لا يوجد إسلام جيد في مذهبه، هناك سيء وأسوأ وأسوأ منهما فقط.

 

وقال البيهقي في السنن الكبرى:

 

16132 - وأما الحديث الذي أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أنبأ أبو عبد الله الشيباني ثنا محمد بن عبد الوهاب أنبأ جعفر بن عون أنبأ بن جريج عن الزهري قال: كانت دية اليهودي والنصراني في زمن النبي صلى الله عليه و سلم مثل دية المسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلما كان معاوية أعطى أهل المقتول النصف وألقى النصف في بيت المال قال ثم قضى عمر بن عبد العزيز في النصف وألقى ما كان جعل معاوية

فقد رده الشافعي بكونه مرسلا وبأن الزهري قبيح المرسل وأنا روينا عن عمر وعثمان رضي الله عنهما ما هو أصح منه والله أعلم

 

15709 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه الأصبهاني قالا أنبأ علي بن عمر الحافظ ثنا محمد بن إسماعيل الفارسي ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر رضي الله عنه أن رجلا مسلما قتل رجلا من أهل الذمة عمدا ورفع إلى عثمان رضي الله عنه فلم يقتله وغلظ عليه الدية مثل دية المسلم

 

أما القرآن فليس به ذكر لأي قصاص أو دية من مسلم يقتل غير مسلم، لشدة تطرف وإجرام محمد وديانته في أساسها:

 

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)} النساء

ولما كان تشريع متطرف كهذا لا يصلح لدولة بل لغابة همج عدّلوا التشريع العنصري قليلًا، هذا احتمال. وعلى الأقل قال بعضهم بمساواة الديات كأقل شيء. هذا يساعدنا على فهم النفسية المسلمة والمسلمة العربية المتكبرة المتغطرسة بلا سبب وبصورة جوفاء على باقي البشرية.

 

أما لو كان قتل المسلم للذمي بخطإ فبعض الآراء قالت أنه ليس عليه دفع أي دية

 

قال ابن أبي شيبة:

 

49- المسلم يقتل الذِّمِّيَّ خَطَأً.

12570- حدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : إذَا قَتَلَ الْمُسْلِمُ الذِّمِّيَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ.

 

12571- حدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عن قيس , عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي الْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الذِّمِّيَّ خَطَأً ، قَالَ : كَفَّارَتُهُمَا سَوَاءٌ.

 

ما الفرق بين هذه التعاليم العنصرية ومنها كذلك الرأي بعدم القصاص من الحر الجارح أو القاذف أو المتسبب لعاهة لمستعبَد، عن سبب صياغة محمد لنص المائدة: 42، كما ذكر الطبري في تفسيره عن فعل اليهود العرب:

 

11974 - حدثنا هناد بن السري وأبو كريب قالا حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس أن الآيات في"المائدة"، قوله:"فاحكم بينهم أو أعرض عنهم"، إلى قوله:"المقسطين"، إنما نزلت في الدية في بني النضير وبني قريظة، وذلك أن قتلى بني النضير، وكان لهم شرف، تؤدِّي الدية كاملة، وإن قريظة كانوا يؤدون نصف الدية، فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله ذلك فيهم، فحملهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحقّ في ذلك، فجعل الدية في ذاك سواءً والله أعلم أيُّ ذلك كان.

 

الخبر في السيرة لابن إسحاق

11975 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن علي بن صالح، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كانت قريظة والنضير، وكان النضيرُ أشرفَ من قريظة، فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير، قُتِل به. وإذا قتل رجلٌ من النضير رجلا من قريظة، أدَّى مئة وَسْقَ تمرٍ. فلما بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَتَل رجل من النضير رجلا من قريظة فقالوا: ادفعوه إلينا! فقالوا: بيننا وبينكم رسول الله صلى الله عليه وسلم! فنزلت"وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط".

 

11976 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: كان في حكم حيي بن أخطب: للنّضِيريِّ ديتان، والقرظيّ دية، لأنه كان من النضير. قال: وأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بما في التوراة، قال: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [سورة المائدة: 45] ، إلى آخر الآية. قال: فلما رأت ذلك قريظة، لم يرضوا بحكم ابن أخطب، فقالوا: نتحاكم إلى محمد...إلخ

 

وروى البيهقي في السنن الكبرى:

 

15658 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو الحسين بن الفضل القطان قالا أنبأ أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماتي بالكوفة ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري ثنا عبيد الله بن موسى ح وأخبرنا أبو علي الروذباري أنبأ أبو بكر بن داسة ثنا أبو داود ثنا محمد بن العلاء ثنا عبيد الله عن علي بن صالح عن سماك بن حرب عن عكرمة عن بن عباس قال: كان قريظة والنضير وكان النضير أشرف من قريظة فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير قتل به وإذا قتل رجل من النضير رجلا من قريظة أدى مائة وسق من تمر فلما بعث النبي صلى الله عليه و سلم قتل رجل من النضير رجلا من قريظة فقالوا ادفعوه إلينا نقتله فقالوا بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه و سلم فأتوه فنزلت { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط } والقسط النفس بالنفس ثم نزلت { أفحكم الجاهلية يبغون } لفظ حديث بن أبي غرزة

 

وروى الطبراني في المعجم الكبير ج11:

 

11573- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : إِنَّ الآيَاتِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الدِّيَةِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَبَنِي النَّضِيرِ وَذَلِكَ أَنَّ قَبِيلَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَ لَهُمْ شَرَفٌ يُؤَدُّونَ الدِّيَةَ كَامِلَةً ، وَإِنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ كَانُوا يُؤَدُّونَ نِصْفَ الدِّيَةِ ، فَتَحَاكَمُوا فِي ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ فِيهِمْ فَحَمَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَقِّ فِي ذَلِكَ ، فَجَعَلَ الدِّيَةَ سَوَاءً.

 

وروى الحاكم في المستدرك:

 

8094 - أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ثنا سعيد بن مسعود ثنا عبيد الله بن موسى أنبأ علي بن صالح عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال  كانت قريظة والنضير وكان من أشراف قريظة فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير قتل به وإذا قتل رجل من النضير رجلا من قريظة قالوا : ادفعوه إلينا نقتله فقالوا بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه وسلم فأتوه فنزلت : { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين } { النفس بالنفس } ثم نزلت { أفحكم الجاهلية يبغون }

 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

 

صححه بعضهم كالذهبي، وقال بعضهم عنه في روايات سماك عن عكرمة اضطراب.

                                                              

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[مَسْأَلَةٌ دِيَةُ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ]

(6831) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَدِيَةُ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَنِسَاؤُهُمْ، عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَاتِهِمْ)

هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُرْوَةَ، وَمَالِكٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهَا ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ. إلَّا أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا، فَإِنَّ صَالِحًا رُوِيَ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْت أَقُولُ: دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَأَنَا الْيَوْمَ أَذْهَبُ إلَى نِصْفِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَحَدِيثُ عُثْمَانَ الَّذِي يَرْوِيه الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْهُ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، أَنَّ دِيَتَهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ؛ لِمَا رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، أَرْبَعَةُ آلَافٍ، أَرْبَعَةُ آلَافٍ» .

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَعَلَ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَدِيَةَ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ عَلْقَمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: دِيَتُهُ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيِّ؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.» وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ دِيَةَ الْمُسْلِمِ، فَقَالَ: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] .

وَقَالَ فِي الذِّمِّيِّ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَمْ يُفَرِّقْ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ دِيَتَهُمَا وَاحِدَةٌ، وَلِأَنَّهُ ذَكَرٌ حُرٌّ مَعْصُومٌ، فَتَكْمُلُ دِيَتُهُ كَالْمُسْلِمِ. وَلَنَا، مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «دِيَةُ الْمُعَاهَدِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» . وَفِي لَفْظٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى أَنَّ عَقْلَ الْكِتَابِيِّ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِم» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَفِي لَفْظٍ: «دِيَةُ الْمُعَاهَدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ» . قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ فِي دِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ شَيْءٌ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا، وَلَا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ. وَقَدْ قَالَ بِهِ أَحْمَدُ، وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ نَقْصٌ مُؤَثِّرٌ فِي الدِّيَةِ، فَأَثَّرَ فِي تَنْصِيفِهَا كَالْأُنُوثَةِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ أَهْلُ السُّنَنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحِ. وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ، فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ حِينَ كَانَتْ الدِّيَةُ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ، فَأَوْجَبَ فِيهِ نِصْفَهَا أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ، أَوْ ثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ النِّصْفُ. فَهَذَا بَيَانٌ وَشَرْحٌ مُزِيلٌ لِلْإِشْكَالِ، فَفِيهِ جَمْعٌ لِلْأَحَادِيثِ، فَيَكُونُ دَلِيلًا لَنَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، لَكَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقَدَّمًا عَلَى قَوْلِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ، بِغَيْرِ إشْكَالٍ، فَقَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا بَلَغَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةٌ، تَرَكَ قَوْلَهُ، وَعَمِلَ بِهَا، فَكَيْفَ، يَسُوغُ لَأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِهِ فِي تَرْكِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ الْآخَرُونَ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مَا رَوَيْنَاهُ، أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ فِي كُتُبِهِمْ، دُونَ مَا رَوَوْهُ.

وَأَمَّا مَا رَوَوْهُ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ خِلَافُهُ فَنَحْمِلُ قَوْلَهُمْ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ كَامِلَةً عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيظِ. قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا غَلَّظَ عُثْمَانُ الدِّيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَمْدًا، فَلَمَّا تَرَكَ الْقَوَدَ غَلَّظَ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ، وَمِثْلُ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ نَحَرَ رَقِيقُ حَاطِبٍ نَاقَةً لَرَجُلٍ مُزَنِيٍّ، فَقَالَ لَحَاطِبٍ: إنِّي أَرَاك تُجِيعُهُمْ، لَأُغَرِّمَنَّك غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْك. فَأَغْرَمَهُ مِثْلَيْ قِيمَتِهَا. فَأَمَّا دِيَاتُ نِسَائِهِمْ، فَعَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَاتِهِمْ، لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ. وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ دِيَةُ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَاتِهِمْ، كَذَلِكَ نِسَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَاتِهِمْ.

 

[فَصْلٌ جِرَاحَاتُ أَهْلِ الْكِتَابِ]

(6832) فَصْلٌ: وَجِرَاحَاتُهُمْ مِنْ دِيَاتِهِمْ كَجِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَاتِهِمْ، وَتُغَلَّظُ دِيَاتُهُمْ بِاجْتِمَاعِ الْحُرُمَاتِ، عِنْدَ مَنْ يَرَى تَغْلِيظَ دِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ، بِهَا كَتَغْلِيظِ دِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ حَرْبٌ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنْ قَتَلَ ذِمِّيًّا فِي الْحَرَمِ؟ قَالَ: يُزَادُ أَيْضًا عَلَى قَدْرِهِ، كَمَا يُزَادُ عَلَى الْمُسْلِمِ. وَقَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدَ اللَّهِ: جَنَى عَلَى مَجُوسِيٍّ فِي عَيْنِهِ وَفِي يَدِهِ؟ قَالَ: يَكُونُ بِحِسَابِ دِيَتِهِ، كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمَ يُؤْخَذُ بِالْحِسَابِ، فَكَذَلِكَ هَذَا. قِيلَ: قَطَعَ يَدَهُ؟ قَالَ: بِالنِّصْفِ مِنْ دِيَتِهِ.

 

[مَسْأَلَةٌ قَتَلَ مُسْلِم رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَمْدًا]

(6833) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ قَتَلُوهُ عَمْدًا، أُضْعِفَتْ الدِّيَةُ عَلَى قَاتِلِهِ الْمُسْلِمِ؛ لِإِزَالَةِ الْقَوَدِ) هَكَذَا حَكَمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. هَذَا يُرْوَى عَنْ عُثْمَانَ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَرُفِعَ إلَى عُثْمَانَ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَغَلَّظَ عَلَيْهِ أَلْفَ دِينَارٍ. فَصَارَ إلَيْهِ أَحْمَدُ اتِّبَاعًا وَلَهُ. نَظَائِرُ فِي مَذْهَبِهِ؛ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الْأَعْوَرِ لَمَّا قَلَعَ عَيْنَ الصَّحِيحِ دِيَةً كَامِلَةً، حِينَ دَرَأَ الْقِصَاصَ عَنْهُ، وَأَوْجَبَ عَلَى سَارِقِ التَّمْرِ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ، حِينَ دَرَأَ عَنْهُ الْقَطْعَ.

وَهَذَا حُكْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَارِقِ التَّمْرِ. فَيَثْبُتُ مِثْلُهُ هَاهُنَا. وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ ذِمِّيًّا، أَوْ قَتَلَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا، لَمْ تُضَعَّفْ الدِّيَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ لَا تُضَاعَفُ بِالْعَمْدِ؛ لِعُمُومِ الْأَثَرِ فِيهَا، وَلِأَنَّهَا دِيَةٌ وَاجِبَةٌ، فَلَمْ تُضَاعَفْ، كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ، أَوْ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ ذِمِّيًّا. وَلَا فَرْقَ فِي الدِّيَةِ بَيْن الذِّمِّيِّ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْمِنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كِتَابِيٌّ مَعْصُومُ الدَّمِ. وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ، فَلَا دِيَةَ لَهُمَا؛ لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ فِيهِمَا.

 

[مَسْأَلَةٌ دِيَة الْمَجُوسِيّ]

(6834) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى النِّصْفِ) وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَقَلَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ قَالَ: دِيَتُهُ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، كَدِيَةِ الْكِتَابِيِّ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: دِيَتُهُ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ حُرٌّ مَعْصُومٌ، فَأَشْبَهَ الْمُسْلِمَ.

وَلَنَا، قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ مُخَالِفًا، فَكَانَ إجْمَاعًا. وَقَوْلُهُ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . يَعْنِي فِي أَخْذِ جِزْيَتِهِمْ، وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ، بِدَلِيلِ أَنَّ ذَبَائِحَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ لَا تَحِلُّ لَنَا، وَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُهُ بِالْمُسْلِمِ وَلَا الْكِتَابِيِّ، لِنُقْصَانِ دِيَتِهِ وَأَحْكَامِهِ عَنْهُمَا، فَيَنْبَغِي أَنْ تَنْقُصَ دِيَتُهُ، كَنَقْصِ الْمَرْأَةِ عَنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَجُوسِيُّ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمِنًا؛ لِأَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ. وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَاتِهِمْ بِإِجْمَاعٍ. وَجِرَاحُ كُلِّ وَاحِدٍ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ دِيَتِهِ. وَإِنْ قُتِلُوا عَمْدًا، أُضْعِفَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ الْمُسْلِمِ؛ لِإِزَالَةِ الْقَوَدِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، قِيَاسًا عَلَى الْكِتَابِيِّ.

 

[فَصْلٌ دِيَةُ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَسَائِرِ مِنْ لَا كِتَابَ لَهُ]

(6835) فَصْلٌ: فَأَمَّا عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ، وَسَائِرِ مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ، كَالتُّرْكِ، وَمَنْ عَبَدَ مَا اسْتَحْسَنَ، فَلَا دِيَةَ لَهُمْ وَإِنَّمَا تُحْقَنُ دِمَاؤُهُمْ بِالْأَمَانِ، فَإِذَا قُتِلَ مَنْ لَهُ أَمَانٌ مِنْهُمْ، فَدِيَتُهُ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الدِّيَاتِ، فَلَا تَنْقُصُ عَنْهَا، وَلِأَنَّهُ كَافِرٌ ذُو عَهْدٍ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، فَأَشْبَهَ الْمَجُوسِيَّ.

[فَصْلٌ دِيَةُ مَنْ لَمْ تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ مِنْ الْكُفَّارِ]

(6836) فَصْلٌ: وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ مِنْ الْكُفَّارِ إنْ وُجِدَ، لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ حَتَّى يُدْعَى، فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الدَّعْوَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْطَى أَمَانًا، فَلَا ضَمَانَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَهْدَ لَهُ وَلَا أَيْمَانَ، فَأَشْبَهَ امْرَأَةَ الْحَرْبِيِّ وَابْنَهُ الصَّغِيرَ، وَإِنَّمَا حَرُمَ قَتْلُهُ لِتَبْلُغَهُ الدَّعْوَةُ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَضْمَنُ بِمَا يَضْمَنُ بِهِ أَهْلُ دِينِهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ، أَشْبَهَ مَنْ لَهُ أَمَانٌ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ فَإِنَّ هَذَا يَنْتَقِضُ بِصِبْيَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَمَجَانِينِهِمْ، وَلِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا عَهْدَ لَهُ، فَلَمْ يَضْمَنْ، كَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ. فَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ عَهْدٌ، فَلَهُ دِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُهُ، فَفِيهِ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ.

 

إذا قذف المسلم الذميّ(ة) في شرفه أو شرف أمه فلا عقاب عليه، ولو قذم الذميُّ المسلمَ(ة) يعاقَب- كيل بمكيالين

 

روى ابن أبي شيبة:

 

19- فِي الْمُسْلِمِ يَقْذِفُ الذِّمِّيَّ ، عَلَيْهِ حَدٌّ ، أَمْ لاَ ؟.

28788- حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ؛ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قَذَفَ يَهُودِيًّا ، أَوْ نَصْرَانِيًّا فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ.

28789- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ؛ أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.

28790- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَن يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ

28791- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، وَابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَيْسَ عَلَى قَاذِفِ أَهْلِ الذِّمَّةِ حَدٌّ.

28792- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَن طَاوُوسٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَالشُّعَبِيِّ (ح) وَالْحَكَمِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالُوا : إِذَا كَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ مُسْلِمٍ ، فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مُلاَعَنةٌ ، وَلَيْسَ عَلَى قَاذِفِهِمَا حَدٌّ.

28793- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَكَمِ ، قَالَ : إِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ ، وَلَهُ أُمٌّ يَهُودِيَّةٌ ، أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ.

20- فِي الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة تُقْذَفُ وَلَهَا زَوْجٌ ، أَوِ ابْنٌ مُسْلِمٌ.

28796- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَن يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَذَفَ نَصْرَانِيَّةً ؟ قَالَ : يُضْرَبُ إِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ مُسْلِمٌ.

28797- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ؛ فِي النَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ تُقْذَفُ وَلَهَا زَوْجٌ مُسْلِمٌ ، وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ ، قَالَ : عَلَى قَاذِفِهَا الْحَدُّ.

28798- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : إِذَا كَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّة تَحْتَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ، فَقَذَفَهَا رَجُلٌ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ.

28799- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ حَفْصٍ ؛ أَنَّ رَجُلاً قَذَفَ نَصْرَانِيَّةً ، وَلَهَا ابْنٌ مُسْلِمٌ ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَرْبَعَةً وَثَلاَثِينَ سَوْطًا.

 

28829- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ سَعِيدٍ الزُّبَيْدِيِّ ، عَن حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ؛ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : لَسْتَ لأَبِيك ، وَأُمَّهُ أَمَةٌ ، أَوْ يَهُودِيَّةٌ ، أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ ، قَالَ : لاَ يُجْلَدُ.

 

لاحظ أن الحد عندهم كما قال القرآن 80 جلدة وفق التشريع الوحشي، فهذه عدم مساواة في القانون والتنفيذ ممن رأوا تنفيذ عقوبة ما. وحسب النصوص السابقة لو اتهم الزوج المسلم زوجته الكتابية بخيانة زوجية يعني تهمة متعلقة بالشرف والأخلاق فلا تشريع لعان عليه.

 

29071- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ؛ فِي الْيَهُودِيَّةِ تُلاَعِنِ الْمُسْلِمَ ؟ قَالَ : لاَ ، وَلاَ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ ، وَلَكِنْ يُجْلَدُ الْعَبْدُ.

 

وعند الشيعة الاثنا عشرية:

 

[قرب الإسناد] ابن طريف عن ابن علوان عن الصادق (ع) عن أبيه عن علي صلوات الله عليهم قال أربع ليس بينهم لعان ليس بين الحر و المملوكة لعان و لا بين الحرة و المملوك لعان و لا بين المسلم و النصرانية و اليهودية لعان

 

[قرب الإسناد] علي عن أخيه (ع) قال سألته عن رجل مسلم تحته يهودية أو نصرانية فقذفها هل عليه لعان قال لا قال و سألته عن رجل قذف امرأته ثم طلقها و طلبت بعد الطلاق قذفه إياها قال إن هو أقر جلد و إن كانت في عدتها لاعنها قال و سألته عن رجل لاعن امرأته فحلف أربع شهادات ثم نكل عن الخامسة فقال إن نكل عن الخامسة فهي امرأته و جلد الحد و إن نكلت المرأة عن ذلك إذا كانت اليمين عليها فعليها مثل ذلك و قال الملاعنة و ما أشبهها من قيام

 

[الخصال] أبي عن سعد عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى عن ابن معروف عن النوفلي عن علي بن داود عن سليمان بن جعفر عن الصادق (ع) عن أبيه عن جده (ع) أن عليا (ع) قال ليس بين خمس من النساء و بين أزواجهن ملاعنة اليهودية تكون تحت المسلم و النصرانية و الأمة تكونان تحت الحر فيقذفهما و الحرة تكون تحت العبد فيقذفها و المجلود في الفرية لأن الله عز و جل يقول وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً و الخرساء ليس بينها و بين زوجها لعان إنما اللعان باللسان

 

ونعود إلى مصنف ابن أبي شيبة:

 

142- فِي الرَّجُلِ يَنْفِي الرَّجُلَ مِنْ أَبٍ لَهُ فِي الشِّرْكِ.

29488- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، قَالَ : سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ رَجُلٍ نَفَى رَجُلاً مِنْ أَبٍ لَهُ فِي الشِّرْكِ ؟ فَقَالَ : عَلَيْهِ الْحَدُّ ، لأَنَّهُ نَفَاهُ مِنْ نَسَبِهِ.

 

143- فِي رَجُلٍ قَذَفَ رَجُلاً ، وَأُمُّهُ مُشْرِكَةٌ.

 

29489- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ؛ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ افْتُرِيَ عَلَيْهِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَكَانَتْ أُمُّهُ مَاتَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَجَلَدَهُ عُمَرُ لِحُرْمَةِ الْمُسْلِمِ.

29490- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ عَمِّهِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ؛ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَذَفَ رَجُلاً ، وَأُمُّهُ مُشْرِكَةٌ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً قَذَفَ الأَشْعَثَ ، أَلَمْ يُضْرَبْ ؟.

 

29491- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ سَعِيدٍ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ؛ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : لَسْتَ لأَبِيك ، وَأُمُّهُ أَمَةٌ ، أَوْ يَهُودِيَّةٌ ، أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ ، قَالَ : لاَ حَدَّ عَلَيْهِ.

 

29492- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَكَمِ ، قَالَ : إِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ ، وَلَهُ أُمٌّ يَهُودِيَّةٌ ، أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ ، فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ.

 

سبب اختلافهم هنا أن المسألة لها علاقة بإهانة مسلم مع غير مسلمة هي الأم.

 

وقال عبد الرزاق:

 

10016 - أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري عن طارق بن عبد الرحمن ومطرف بن طريف قالا كنا عند الشعبي فرفع إليه رجلان مسلم ونصراني قذف كل واحد منهما صاحبه فضرب النصراني للمسلم ثمانين وقال للنصراني لما فيك أعظم من قذف هذا فتركه فرفع ذلك إلى عبد الحميد بن زيد فكتب فيه إلى عمر بن عبد العزيز فذكر ما صنع الشعبي فكتب عمر يحسن ما صنع الشعبي قال الثوري من قذف نصرانيا فليس عليه حد وقال في نصراني قذف نصرانيا لا يضرب بعضهم لبعض وإن تحاكموا إلى أهل الإسلام كما لا يضرب مسلم لهم إذا قذفهم كذلك لا يضرب بعضهم لبعض

10012 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر قال سمعت الزهري يقول لا حد على من رمى يهوديا ولا نصرانيا

 

10013 - أخبرنا عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني هشام بن عروة قال سألت أبي هل على من قذف أهل الذمة حد قال لا أرى عليه حدا

 

10014 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال سمعت نافعا يقول لا حد عليه

أليست تشريعات كهذه بنفس خبث بعض نصوص تلمود اليهود، وربما أشر وأخبث؟! بعض نصوص التلمود حتى فيها مساواة وخير! مع ذلك البعض قالوا برأي آخر كما قال ابن أبي شيبة:

 

28795- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ أَبِي خَلْدَةَ ، عَن عِكْرِمَةَ ، قَالَ : لَوْ أُوتِيَتْ بِرَجُلٍ قَذَفَ يَهُودِيًّا ، أَوْ نَصْرَانِيًّا وَأَنَا وَالٍ ، لَضَرَبْته.

 

28794- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : إِذَا قَذَفَ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ ، عُزِّرَ قَاذِفُهُ.

 

وقال عبد الرزاق:

 

10015 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج عن إسماعيل بن محمد ويعقوب بن عتبة قالا زعموا أن لا حد على من رماهم إلا أن ينكِّل السلطان

 

بعضهم ارتأى عمل عقوبة خفيفة فقط ( عزَّرَ-تعزيرًا) يعني تأديب، كما أوردت أعلاه من ابن أبي شيبة، يعني أيضًا عدم مساواة قانونية.

 

أما لو حدث العكس فيجب جلد غير المسلم أشد الجلد، كيف يجرؤ على سب أسياده وأسياد البلدان والمواطن الدرجة الأولى، لا مانع من أن يسبه المسلم هو لأنه درجة ثانية وذليل صاغر، أما العكس فلا، قال ابن أبي شيبة:

 

21- فِي الذِّمِّيِّ يَقْذِفُ الْمُسْلِمَ.

28800- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ فِي النَّصْرَانِيِّ يَقْذِفُ الْمُسْلِمَ ، قَالَ : يُجْلَدُ ثَمَانِينَ.

28801- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَن طَارِقٍ ، قَالَ : شَهِدْتُ الشَّعْبِيَّ ضَرَبَ نَصْرَانِيًّا قَذَفَ مُسْلِمًا ثَمَانِينَ.

28802- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : إِذَا قَذَفَ النَّصْرَانِيُّ الْمُسْلِمَ جُلِدَ الْحَدَّ.

28803- حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ : يُجْلَدُونَ فِي الْفِرْيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

28804- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ : أَتَانِي مُسْلِمٌ وَجُرْمُقَانِيٌّ ، قَدَ افْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، فَجَلَدْتُ الْجُرْمُقَانِيَّ ، وَتَرَكْت الْمُسْلِمَ ، فَأَتَى عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : أَحْسَنَ.

28805- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، قَالَ : شَهِدْتُ الشَّعْبِيَّ وَضَرَبَ نَصْرَانِيًّا قَذَفَ مُسْلِمًا ، فَقَالَ : اضْرِبْ ، وَلاَ يُرَى إِبْطُك.

 

وقالوا أنه لو سرق المسلم خمرًا من ذميٍّ فلا قطع ولا عقوبة عليه وفق بعض الآراء

 

روى عبد الرزاق:

 

9912 - أخبرنا عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء من سرق خمرا من أهل الكتاب قطع قال الثوري ليس على من سرق خمرا من أهل الكتاب قطع ولكن يغرم ثمنها

 

9911 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري ومعمر عن بن أبي نجيح عن عطاء قال من سرق خمرا من أهل الكتاب قطع

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

29008- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : إِذَا سَرَقَ الْمُسْلِمُ مِنَ الذِّمِّيِّ خَمْرًا ، قُطِعَ ، وَإِذَا سَرَقَهَا مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يُقْطَعْ.

29009- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَن مُجَالِدٍ ، عَنْ عَامِرٍ ؛ أَنَّ شُرَيْحًا ضَمَّنَ مُسْلِمًا خَمْرًا أَهْرَاقَهَا لِذِمِّيٍّ.

29010- حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : مَنْ سَرَقَ مِنْ يَهُودِيٍّ ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ ، أَوْ أَخَذَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، قُطِعَ.

 

هذا الرأي رقم 29008 جاء منصفًا للكتابيّ، لكنه مجحف في حق العلماني المتحرر وحرية التجارة والاقتصاد. الصلح والعهد الإسلامي في احتلال العرب كان لا يتدخل في عقائد المسيحيين سوى تدخله في عدم إظهارها للمسلمين كتشريع عنصري مصادر لبعض الحريات الدينية والاعتقادية، لكنه تركهم على بيع الخمر وشربها لأنفسهم والخنزير والصلبان وغيرها لأنها أمور تتعلق بعقيدتهم وعليها صولحوا.

 

وقال ابن قدامة في المغني عن تشريعاتهم العنصرية هكذا:

 

[مَسْأَلَة أَتْلَفَ لِذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا]

(3997) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (مَنْ أَتْلَفَ لِذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا، فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَيُنْهَى عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُمْ فِيمَا لَا يُظْهِرُونَهُ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ضَمَانُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، سَوَاءٌ كَانَ مُتْلِفُهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ، فِي الرَّجُلِ يُهْرِيقُ مُسْكِرًا لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ خَمْرًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: يَجِبُ ضَمَانُهُمَا إذَا أَتْلَفَهُمَا عَلَى ذِمِّيٍّ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ مُسْلِمًا بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا بِالْمِثْلِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ إذَا عَصَمَ عَيْنًا قَوَّمَهَا، كَنَفْسِ الْآدَمِيِّ، وَقَدْ عَصَمَ خَمْرَ الذِّمِّيِّ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُمْنَعُ مِنْ إتْلَافِهَا، فَيَجِبُ أَنْ يُقَوِّمَهَا، وَلِأَنَّهَا مَالٌ لَهُمْ يَتَمَوَّلُونَهَا، بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ عَامِلَهُ كَتَبَ إلَيْهِ: إنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ يَمُرُّونَ بِالْعَاشِرِ، وَمَعَهُمْ  الْخُمُورُ. فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا مِنْهُمْ عُشْرَ ثَمَنِهَا. وَإِذَا كَانَتْ مَالًا لَهُمْ وَجَبَ ضَمَانُهَا، كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ.

وَلَنَا، أَنَّ جَابِرًا، النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: رَوَى «أَلَا إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ» . مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وَمَا حَرُمَ بَيْعُهُ لَا لِحُرْمَتِهِ، لَمْ تَجِبْ قِيمَتُهُ، كَالْمَيْتَةِ، وَلِأَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ، كَالْمُرْتَدِّ، وَلِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ، فَلَا تُضْمَنُ، كَالْمَيْتَةِ، وَدَلِيلُ أَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ، فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِمَا، وَخِطَابُ النَّوَاهِي يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمَا، فَمَا ثَبَتَ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا، ثَبَتَ فِي حَقِّ الْآخَرِ. وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا مَعْصُومَةٌ، بَلْ مَتَى أُظْهِرَتْ حَلَّتْ إرَاقَتُهَا، ثُمَّ لَوْ عَصَمَهَا مَا لَزِمَ تَقْوِيمُهَا؛ فَإِنَّ نِسَاءَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَصِبْيَانَهُمْ مَعْصُومُونَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَيْنِ.

وَقَوْلُهُمْ: إنَّهَا مَالٌ عِنْدَهُمْ. يَنْتَقِضُ بِالْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ، فَإِنَّهُ مَالٌ عِنْدَهُمْ. وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ، فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ تَرْكَ التَّعَرُّضِ لَهُمْ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِأَخْذِ عُشْرِ أَثْمَانِهَا، لِأَنَّهُمْ إذَا تَبَايَعُوا وَتَقَابَضُوا حَكَمْنَا لَهُمْ بِالْمِلْكِ وَلَمْ نَنْقُضْهُ، وَتَسْمِيَتُهَا أَثْمَانًا مَجَازٌ، كَمَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى ثَمَنَ يُوسُفَ ثَمَنًا، فَقَالَ: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20] .

وَأَمَّا قَوْلُ الْخِرَقِيِّ: وَيُنْهَى عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُمْ فِيمَا لَا يُظْهِرُونَهُ، فَلِأَنَّ كُلَّ مَا اعْتَقَدُوا حِلَّهُ فِي دِينِهِمْ، مِمَّا لَا أَذَى لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ، مِنْ الْكُفْرِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَاِتِّخَاذِهِ، وَنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، لَا يَجُوزُ لَنَا التَّعَرُّضُ لَهُمْ فِيهِ، إذَا لَمْ يُظْهِرُوهُ، لِأَنَّنَا الْتَزَمْنَا إقْرَارَهُمْ عَلَيْهِ فِي دَارِنَا، فَلَا نَعْرِضُ لَهُمْ فِيمَا الْتَزَمْنَا تَرْكَهُ، وَمَا أَظْهَرُوهُ مِنْ ذَلِكَ، تَعَيَّنَ إنْكَارُهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ خَمْرًا جَازَتْ إرَاقَتُهُ، وَإِنْ أَظْهَرُوا صَلِيبًا أَوْ طُنْبُورًا جَازَ كَسْرُهُ، وَإِنْ أَظْهَرُوا كُفْرَهُمْ أُدِّبُوا عَلَى ذَلِكَ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ مَا يُحَرَّمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

 

[فَصْلٌ غَصْب مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا]

فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا، لَزِمَهُ رَدُّهَا؛ لِأَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى شُرْبِهَا. وَإِنْ غَصَبَهَا مِنْ مُسْلِمٍ، لَمْ يَلْزَمْ رَدُّهَا، وَوَجَبَتْ إرَاقَتُهَا؛ «لِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، فَأَمَرَهُ بِإِرَاقَتِهَا.» وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» .

وَلِأَنَّ مَا حُرِّمَ الِانْتِفَاعُ بِهِ، لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ، كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، فَإِنْ أَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ حَتَّى صَارَتْ خَلًّا، لَزِمَ رَدُّهَا عَلَى صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ خَلًّا، عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ، فَلَزِمَ رَدُّهَا إلَيْهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ، ضَمِنَهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَلِفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَإِنْ أَرَاقَهَا فَجَمَعَهَا إنْسَانٌ، فَتَخَلَّلَتْ عِنْدَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ الْخَلِّ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بَعْدَ إتْلَافِهَا، وَزَوَالِ الْيَدِ عَنْهَا.

 

[فَصْلٌ غَصْب كَلْبًا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ]

(3999) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ كَلْبًا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ، وَجَبَ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَاقْتِنَاؤُهُ، فَأَشْبَهَ الْمَالَ. وَإِنْ أَتْلَفَهُ، لَمْ يَغْرَمْهُ. وَإِنْ حَبَسَهُ مُدَّةً، لَمْ يَلْزَمْهُ أَجْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ.

 

وَإِنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي طَهَارَتِهِ بِالدَّبْغِ، فَمِنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ، أَوْجَبَ رَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ، فَهُوَ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ. وَمِنْ قَالَ: لَا يَطْهُرُ. لَمْ يُوجِبْ رَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى إصْلَاحِهِ. فَإِنْ أَتْلَفَهُ، أَوْ أَتْلَفَ مَيْتَةً بِجِلْدِهَا، لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ. وَإِنْ دَبَغَهُ الْغَاصِبُ، لَزِمَ رَدُّهُ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْخَمْرِ إذَا تَخَلَّلَتْ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَالًا بِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ الْخَمْرِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَطْهُرُ. لَمْ يَجِبْ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ رَدُّهُ، إذَا قُلْنَا: يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْيَابِسَاتِ. لِأَنَّهُ نَجِسٌ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، أَشْبَهَ الْكَلْبَ، وَكَذَلِكَ قَبْلَ الدَّبْغِ.

 

[فَصْلٌ كَسِرِّ صَلِيبًا أَوْ مِزْمَارًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ صَنَمًا]

(4000) فَصْلٌ: وَإِنْ كَسَرَ صَلِيبًا، أَوْ مِزْمَارًا، أَوْ طُنْبُورًا، أَوْ صَنَمًا، لَمْ يَضْمَنْهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ كَانَ ذَلِكَ إذَا فُصِلَ يَصْلُحُ لِنَفْعٍ مُبَاحٍ وَإِذَا كُسِرَ لَمْ يَصْلُحْ لِنَفْعٍ مُبَاحٍ، لَزِمَهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُفَصَّلًا وَمَكْسُورًا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ بِالْكَسْرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَضْمَنُ.

وَلَنَا، أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ، كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بُعِثْت بِمَحْقِ الْقَيْنَاتِ وَالْمَعَازِفِ.»

 

[فَصْلٌ كَسِرِّ آنِيَة ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ]

(4001) فَصْلٌ: وَإِنْ كَسَرَ آنِيَةَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، لَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَهَا مُحَرَّمٌ. وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَضْمَنُ، فَإِنَّ مُهَنَّا نَقَلَ عَنْهُ فِي مَنْ هَشَّمَ عَلَى غَيْرِهِ إبْرِيقًا فِضَّةً: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، يَصُوغُهُ كَمَا كَانَ. قِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اتِّخَاذِهَا؟» فَسَكَتَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ فِيمَنْ كَسَرَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا لَيْسَ بِمُبَاحٍ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ، كَالْمَيْتَةِ.

وَرِوَايَةُ مُهَنَّا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ؛ لِكَوْنِهِ سَكَتَ حِينَ ذَكَرَ السَّائِلُ تَحْرِيمَهُ، وَلِأَنَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ قَالَ: يَصُوغُهُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ صِيَاغَتُهُ. فَكَيْفَ يَجِبُ ذَلِكَ،.

 

 

[فَصْلٌ كَسِرِّ آنِيَةَ الْخَمْرِ]

(4002) فَصْلٌ: وَإِنْ كَسَرَ آنِيَةَ الْخَمْرِ، فَفِيهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَيَحِلُّ بَيْعُهُ، فَيَضْمَنُهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا خَمْرٌ، وَلِأَنَّ جَعْلَ الْخَمْرِ فِيهَا لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ ضَمَانِهَا، كَالْبَيْتِ الَّذِي جُعِلَ مَخْزَنًا لِلْخَمْرِ.

 

[فَصْلٌ الْغَصْبُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالِ كَالْحُرِّ]

(4003) فَصْلٌ: وَلَا يَثْبُتُ الْغَصْبُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ، كَالْحُرِّ؛ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْغَصْبِ، إنَّمَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ. وَإِنْ أَخَذَ حُرًّا، فَحَبَسَهُ فَمَاتَ عِنْدَهُ، لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ. وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ مُكْرَهًا، لَزِمَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَهُ، وَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُهَا كَمَنَافِعِ الْعَبْدِ.

وَإِنْ حَبَسَهُ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أَجْرٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَلْزَمُهُ أَجْرُ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَنْفَعَتَهُ، وَهِيَ مَالٌ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهَا، فَضَمِنَتْ بِالْغَصْبِ، كَمَنَافِعِ الْعَبْدِ. وَالثَّانِي، لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَا لَا يَصِحُّ غَصْبُهُ، فَأَشْبَهَتْ ثِيَابَهُ إذَا بَلِيَتْ عَلَيْهِ وَأَطْرَافَهُ، وَلِأَنَّهَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَجِبْ ضَمَانُهَا كَمَا ذَكَرْنَا. وَلَوْ مَنَعَهُ الْعَمَلَ مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ، لَمْ يَضْمَنْ مَنَافِعَهُ، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْعَبْدِ لَمْ يَضْمَنْ مَنَافِعَهُ، فَالْحُرُّ أَوْلَى. وَلَوْ حَبَسَ الْحُرَّ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ، لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَا لَمْ تَثْبُتْ الْيَدُ عَلَيْهِ فِي الْغَصْبِ، وَسَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا. وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ.

 

يعني كما ترى هذه تعاليم لإباحة بعض أملاك غير المسلمين والمسلمين المتحررين والعلمانيين والملحدين وغيرهم، بالسرقة والتخريب، وإباحة تسخير المواطن كما كان يفعل الخلفاء برعيتهم وشعوبهم المسلمة، فلا عجب أن ترى في عصرنا في التسعينيات سرقة الجماعات الإرهابية وتخريبها لمحلات الذهب المسيحية في أسيوط والمنيا وغيرها، وبعض ذلك تكرر في سنة حكم الإخوان والرئيس المخلوع مرسي، وعندما قرر جزء كبير من شعب مصر خلع حكم الإخوان لأن الجيش والإعلام اكتشفا وكشفا تخريبه للبلد وأمنها واقتصادها، قام المتطرفون في مناطق تركزهم كالمنيا وأسيوط بمصر بتخريب وحرق كنائس ومتاجر وعمارات مسيحية كثيرة، قال المسيحيون آنذاك جملة طريفة تدل على تسامحهم المعتاد: "الكنائس حُرِقتْ ونحن فرحانون" يعني في حبهم لبلدهم وخلع نظام حكم ديني فاشي كان سيدمر مصر تمامًا ويسلم أجزاء منها لبلدان أخرى كالعريش وحلايب وشلاتين، الأحداث التي حدثت وتحدث في سوريا والعراق أسوأ بكثير من اغتصاب واستعباد وذبح ونهب للمسيحيين والمسيحيات والصابئة والإيزيديين، بل والمسلمين والمسلمات المدنيين والمدنيات منهم كذلك. في حصار داعش لجبل زنجار الخاص بالإيزيديين تسببوا في موت أطفال ورضع وشيوخ، وقاموا باستعباد نساء وسبيهن وبيعهن وغيرها. هذا هو فقه استحلال مال ودم المواطن غير المسلم والمتحرر من الدين كذلك بل والمسلم نفسه. سأعود مرة أخرى لذكر أخبار مصر القديمة فبها كنت أدرى وعاصرت بعضها، في حين لم ولا أتابع أخبار الدول الأخرى كثيرًا بحكم الانشغال بالبحوث، ففي ثورة 25 يناير حُطِّمَتْ معظم بارات وأماكن سهر مصر وبعضها أماكن راقية تقدم فنًّا راقيًا وأماكن سهر جيدة وأصواتًا عذبة أو على الأقل رقصًا يمتع الناس. المسلم السلفي الوهابي يعتبر سرقة هذه الأماكن وسرقة المسيحي كذلك حلالًا له. أحدهم من المشاغبين سرق رقًّا للموسيقى من نحاس له قيمة، وهم سرقوا عامة كل كنبة أو أريكة أو صورة أو أي شيء حتى المصابيح من القاعات وأماكن السهر، حقيقة هم لم يتركوا سوى الجدران، فقد أخذوا الأبوب كذلك، أذكر المنظر المؤلم صباح جمعة الثورة لرجل حزين مالك لمرقص في شارع الهرم وقد حطموه كله ولم يتركوا سوى كنبة محترقة لعلهم لم يقدروا على أخذها أو أحبوا شباع ميولهم التخريبية بذلك، ولم تكن توجد حتى شبابيك وإطارات شبابيك للمكان فقد سرقوها كذلك. الديانة الإسلامية عمومًا وخاصة بالشكل والتفسير الوهابي هي صورة مظلمة لحال البشر عندما يتبعون التعاليم الإرهابية العنصرية. ذكر الروائي علاء حامد صاحب رواية (مسافة في عقل رجل) كيف قام الفلاحون من الدهماء الجهلاء بنهب أرضه وتحطيم سور خاص بميراثه وغيرها كمثال.

 

تعاليم للتحرش بغير المسلمين ومضايقتهم

 

روى مسلم:

[ 2167 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني الدراوردي عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبدؤا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه

 

 [ 2167 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا وكيع عن سفيان ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير كلهم عن سهيل بهذا الإسناد وفي حديث وكيع إذا لقيتم اليهود وفي حديث بن جعفر عن شعبة قال في أهل الكتاب وفي حديث جرير إذا لقيتموهم ولم يسم أحدا من المشركين

 

ومن أعجب ما رواه عبد الرزاق في مصنفه ويدل على مدى العنصرية والحقارة وتفاهة العقول الطفولية:

 

19458 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن بن عمر سلم على يهودي لم يعرفه فأخبر فرجع فقال رد علي سلامي فقال قد فعلت

 

اضطهاد الزردشتيين ومصادرة حقهم في حرية العقيدة

 

روى أحمد بن حنبل:

 

1657- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، سَمِعَ بَجَالَةَ ، يَقُولُ : كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، عَمِّ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ : أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ ، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ : وَسَاحِرَةٍ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ ، فَقَتَلْنَا ثَلاثَةَ سَوَاحِرَ ، وَجَعَلْنَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ حَرِيمَتِهِ فِي كِتَابِ اللهِ ، وَصَنَعَ جَزْءٌ طَعَامًا كَثِيرًا ، وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ ، وَدَعَا الْمَجُوسَ ، فَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ ، أَوْ بَغْلَيْنِ ، مِنْ وَرِقٍ وَأَكَلُوا مِنْ غَيْرِ زَمْزَمَةٍ ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ ، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ : قَبِلَ ، الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ ، حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ.

وقَالَ سُفْيَانُ : حَجَّ بَجَالَةُ مَعَ مُصْعَبٍ سَنَةَ سَبْعِينَ.

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بجالة - وهو ابن عَبَدَةَ التميمي العنبري البصري- فمن رجال البخاري. وجَزء بن معاوية: هو ابن حُصين بن عبادة التميمي السعدي عم الأحنف بن قيس وهو معدود في الصحابة، وكان عاملَ عمر على الأهواز، ووقع في رواية الترمذي أنه كان على مَناذر (وهي من قرى الأهواز) وذكر البلاذري أنه عاش إلى خلافة معاوية، وولي لِزياد بعضَ عمله. وأخرجه الطيالسي (225) ، والشافعي في "الرسالة" (1183) ، وعبد الرزاق (9972) و(9973) و (19390) و (19391) و (10024)، والحميدي (64) ، وأبو عبيد في "الأموال" (77) ، وابن أبي شيبة 12/243، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (123) ، والدارمي (2501) ، والبخاري (3156) و (3157) ، وأبو داود (3043) ، والترمذي (1587) وقال: حسن صحيح، والبزار (1060) ، والنسائي في "الكبرى" (8768) ، وابن الجارود (1105) ، وأبو يعلى (860) ، والشاشي (254) و (255) ، والبيهقي في الكبرى 8/247 - 248 و9/189، والبغوي (2750)، وبعضهم يرويه مختصراً . وأخرجه الترمذي (1586) وحسنه من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن دينار، به. وروه أحمد برقم (1685) .

 

وفي سنن سعيد بن منصور:

2180 - أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ بَجَالَةَ، يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ وَجَابِرَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، فَأَتَى كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَنَةٍ «أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَحُرَمِهِمْ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ» فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ، وَفَرَّقْنَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَحُرْمَتِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَصَنَعَ طَعَامًا ثُمَّ دَعَا الْمَجُوسَ، وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ، فَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ وَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنْ وَرِقٍ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخَذَ مِنَ الْمَجُوسِ جِزْيَةً حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ

 

2182 - أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، نا هُشَيْمٌ، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، أنا قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنِ اضْرِبُوا الزَّمَازِمَةَ، حَتَّى يَتَكَلَّمُوا، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ حُرْمَتِهِ، وَاقْتُلُوا السَّحَرَةَ»

 

2181 - أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، نا هُشَيْمٌ، نا عَوْفُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَازِنِيُّ، عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنْ فَرِّقُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ حُرَمِهِمْ كَيْمَا نُلْحِقَهُمْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَاقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَكَاهِنٍ»

 

تعاليم بمنع المجوس_بقدر ما استطاع المسلمون المتطرفون من الإكراه والمصادرة لحرية العقيدة وممارستها_من ذكر نصوصهم الدينية المقدسة، قبل تناول الطعام، وتعاليم بقتل كهنة ورجال الدين الزردشتيين (المجوس)، إرهاب وشر. واعتبارهم أنه لا حرمة لحياة إنسان من ديانة أخرى إذا لم ينص عليها محمد في القرآن والأحاديث وأفعاله، كان عمر سيبيد الزردشتيين ويكرههم على الإسلام، وعلى أي حالٍ رغم ذلك فقد حدث إرهاب وإكراه كبير للزردشتيين حتى اضطر كثير من بقيتهم القليلة إلى الهجرة منذ زمن طويل إلى الهند وهم مستقرون هناك إلى اليوم، ويعرفون بالبارسيين أي الفرس.

 

اضطهاد المسيحيين ومنعهم من تربية أبنائهم كمسيحيين

 

ومن التشريعات الغريبة كذلك ما روى عبد الرزاق في مصنفه:

 

9971 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني خلاد أن عمرو بن شعيب أخبره أن عمر بن الخطاب كان لا يدع يهوديا ولا نصرانيا ينصر ولده ولا يهوده في ملك العرب

9974 - أخبرنا عبد الرزاق عن بن جريج عن أبي إسحاق الشيباني عن كردوس التغلبي قال قدم على عمر رجل من تغلب فقال له عمر إنه قد كان لكم نصيب في الجاهلية فخذوا نصيبكم من الإسلام فصالحه على أن أضعف عليهم الجزية ولا ينصروا الأبناء

 

19393 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن التيمي عن أبي عوانة عن الكلبي عن الأصبع بن نباتة عن علي بن أبي طالب قال شهدت رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صالح نصارى بني تغلب على أن لا ينصروا الأبناء فإن فعلوا فلا عهد لهم قال وقال علي لو قد فرغت لقاتلتهم

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

10684- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنِ السَّفَّاحِ بْنِ مَطَرٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ؛ أَنَّهُ صَالَحَ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ عَلَى أَنْ تُضَعَّفَ عَلَيْهِمَ الزَّكَاةُ مَرَّتَيْنِ ، وَعَلَى أَنْ لاَ يَنْصُرُوا صَغِيرًا ، وَعَلَى أَنْ لاَ يُكْرَهُوا عَلَى دِينِ غَيْرِهِمْ . قَالَ دَاوُد : لَيْسَتْ لَهُمْ ذِمَّةٌ ، قَدْ نَصَرُوا.

 

مصادرة لكل حق الوالدين في تربية الأبناء كيفما يرون طالما لا يمارسون معهم العنف ولا يفسدون أخلاقهم الاجتماعية والتزامهم بالقوانين.

 

ومن التعاليم العنصرية التي ذكرتها بالتفصيل في آخر الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية) من كتب الأحاديث وصية محمد بإخراج غير المسلمين من شبه الجزيرة العربية، وبعد ذلك كان من الممارسات العنصرية التكميلية ما رواه عبد الرزاق في المصنف:

 

9977 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع قال كان عمر لا يدع النصراني واليهودي والمجوسي إذا دخلوا المدينة أن يقيموا بها إلا ثلاثا قدر ما ينفقوا سلعتهم فلما أصيب عمر قال قد كنت أمرتكم أن لا يدخل علينا منهم أحد ولو كان المصاب غيري لكان له فيه أمر قال وكان يقال لا يجتمع بها دينان

9979 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر قال كانت اليهود والنصارى ومن سواهم من الكفار من جاء المدينة منهم سفرا لا يقرون فوق ثلاثة أيام على عهد عمر فلا أدري أكان يفعل ذلك بهم قبل ذلك أم لا

 

9978 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب قال لما طعن عمر أرسل إلى ناس من المهاجرين فيهم علي فقال أعن ملأ منكم كان هذا فقال علي معاذ الله أن يكون عن ملأ منا ولو استطعنا أن نزيد من أعمارنا في عمرك لفعلنا قال قد كنت نهيتكم أن يدخل علينا منهم أحد

 

9980 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج قال: قال لي عطاء لا يدخل الحرم كله مشرك وتلا {بعد عامهم هذا} [التوبة: 28]

 

الظالم دومًا يخاف من المظلومين ويحذرهم ويحاول حجبهم وإبعادهم عنه لكي لا ينتقموا منه.

 

لا يتوارث المسلمون مع غيرهم من أقاربهم

 

روى البخاري:

 

6764 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ

 

1588 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ تَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ فَقَالَ وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا شَيْئًا لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَا يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ

 

ورواه مسلم 1614 و1351 وأحمد 21747 و(21752) و (21766) و (21808) و (21813) و (21820) .

 

وروى أحمد:

 

21766 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ نَنْزِلُ غَدًا ؟ فِي حَجَّتِهِ، قَالَ: " وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا ؟ " ثُمَّ قَالَ: " نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، يَعْنِي الْمُحَصَّبَ، حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْكُفْرِ " وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ: أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ، وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، وَلَا يُؤْوُوهُمْ، ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: " لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ، وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ " قَالَ الزُّهْرِيُّ: " وَالْخَيْفُ: الْوَادِي "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه المزي في ترجمة عمرو بن عثمان من "تهذيب الكمال" 22/156 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد . وأخرجه أبو داود (2010) و (2910) ، ومن طريقه الخطابي في "غريب الحديث" 1/275 عن أحمد بن حنبل، به . واقتصر الخطابي على أوله إلى قوله: "على الكفر". وهو في "مصنف عبد الرزاق" (9851) و (19304) ، ومن طريقه أخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (3058) ، ومسلم (1351) و (440) ، وابن ماجه (2942) ، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 2/831، ومحمد بن نصر = المروزي في "السنة" (393) ، والنسائي في "الكبرى" (4256) ، وابن خزيمة (2985) ، وأبو عوانة (5596) و (5597) ، والطبراني في "الكبير" (412) و (413) ، والدارقطني 3/62، والبيهقي 5/160 و6/218، والخطيب في "الفصل للوصل" 2/689، والبغوي (2747) ، والعلائي في "البغية" ص 187 . وأخرجه ابن المبارك في "مسنده" (162) ، والبزار في "مسنده" (2584) ، والنسائي في "الكبرى" (6379) من طرق عن معمر، به . واقتصر ابن المبارك والنسائي على آخره .وأخرجه عبد الرزاق (9851) ، ومن طريقه النسائي (4256) ، وأبو عوانة (5597) ، وأخرجه البزار (2582) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما (عبد الرزاق والوليد) عن الأوزاعي، عن الزُّهْري، به . ووقف البزار في روايته إلى قوله: "على الكفر" واقتصر النسائي على قصة عَقيلٍ . وانظر لهذا القَدْر (21747) و (21752) . وفي باب النزول بالمحصب حيث تقاسم بنو كنانة وقريش على الكفر عن أبي هريرة، سلف برقم (7580) ، وهو عند البخاري (1590) ، ومسلم (1314) (344) . قلنا: وقد ذهب علي ابن المديني في "العلل" ص 76-77، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل" 2/690 إلى أن الحديث من قوله: "نحن نازلون غداً" إلى قوله: "ولا يؤووهم" هو من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وأن معمراً هو الذي أدرجه في حديث علي بن الحسين عن عمرو ابن عثمان عن أُسامة . وقد سلف حديث أبي هريرة برقم (7240) . وقوله: "وذلك أن بني كنانة ... إلخ" من كلام الزهري كما يفهم ذلك من بعض المصادر التي خرَّجت الحديث، وذكر الحافظ في "الفتح" 3/453: أنه يختلج في خاطره أن ذلك من قول الزهري أُدرج في الخبر .

 

6664 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءٍ، وَغَيْرُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى"

 

حسن لغيره. يعقوب بن عطاء -وهو ابن أبي رباح، وإن كان ضعيفاً-، قد توبع. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البيهقي في "السنن" 6/218، والخطيب في "تاريخه" 5/290 و8/407 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (2911) ، والبغوي (2232) من طريق حبيب المعلم، وابن ماجه (2731) ، والبغوي (2532) ، وابنُ عدي 6/2418 من طريق المثنى بن الصباح، والدارقطني 4/72-73، وابنُ الجارود (967) من طريق محمد بن سعيد الطائفي، والدارقطني أيضاً 4/75 من طريق الضحاك بن عثمان و76 من طريق بكير بن الأشج، والحاكم 4/345، والبيهقي في "السنن" 6/218 من طريق قتادة. ستتهم عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد. ومحمد بن سعيد: يقال له: عمر بن سعيد، وهو الوارد في "منتقى" ابن الجارود. نبه على ذلك المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة محمد بن سعيد، وانظر "تهذيب" ابن حجر 7/454. وأخرجه عبد الرزاق (9857) و (9870) عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهذا إسناد معضل. وسيرد برقم (6844) . وهذا الحديث قطعة من خطبة الفتح، ستأتي مطولة برقم (6681) و (6933) لكنه -أي الإمام أحمد- لم يورد هذه القطعة فيها. وله شاهد من حديث أسامة بن زيد عند البخاري (6764) ، ومسلم (1614) ، سيرد 5/200. وآخر من حديث جابر عند الترمذي (2108) ، والحاكم 4/345، وصححه، ووافقه الذهبي. وثالث مطول من حديث عائشة عند الدارقطني 3/131، والبيهقي في "السنن" 8/30، وأبو يعلى (4757) ، وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/292-293، ونسبه إلى أبي يعلى، وقال: ورجاله رجال الصحيح، غير مالك ابن أبي الرجال، وقد وثقه ابن حبان، ولم يضعفه أحد. ورابع من حديث أبي هريرة عند البيهقي في "السنن" 10/163، والبزار (1384) .

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

32088- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ يَتَوَارَثُ الْمِلَّتَانِ الْمُخْتَلِفَتَانِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين . سفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب، وعلي بن حسين: هو ابن علي بن أبي طالب زينُ العابدين، وعمرو بن عثمان: هو ابن عفان الأُموي .

 

32089- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ : أَنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ مَاتَتْ عَمَّةٌ لَهُ مُشْرِكَةٌ يَهُودِيَّةٌ ، فَلَمْ يُوَرِّثْهُ عُمَرُ مِنْهَا ، وَقَالَ : يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا.

 

وروى الترمذي:

 

2108 - حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا حصين بن نمير عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يتوارث أهل ملتين

 قال أبو عيسى هذا حديث لا نعرفه من حديث جابر إلا من حديث أبي ليلى

 

قال الألباني: صحيح

 

وروى عبد الرزاق:

 

9853 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا مالك عن بن شهاب عن علي بن حسين أن أبا طالب ورثه عقيل وطالب ولم يرث علي منه شيئا وقال من أجل ذلك تركنا نصيبنا من الشعب

 

9862 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة أن الأشعث بن قيس قال يا أمير المؤمنين إن أختي كانت تحت مقول من المقاول فهودها وإنها ماتت فمن يرثها قال عمر أهل دينها

 

9865 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول لا يرث المسلم اليهودي ولا النصراني ولا يرثهم إلا أن يكون عبد رجل أو أمته

 

9866 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري ومالك عن يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي حكيم أن عمر بن عبد العزيز أعتق غلاما له نصرانيا فمات فأمرني أن أجعل ميراثه في بيت المال

 

9868 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر قال أخبرني من سمع عكرمة وسئل عن رجل أعتق عبدا له نصرانيا فمات العبد وترك مالا فقال ميراثه لأهل دينه

 

يعني لو مات زوج وترك أرملة مسكينة لا حيلة لها في التكسب فلا إرث لها، كأن يكون مسلمًا وهي مسيحية، أو مسيحيًّا وهي يهودية، وهكذا، تشريع فاسد وعنصري. وهو تشريع عنصري فاسد، فمعناه لو أن لك ابنًا ترك الإسلام فليس له ميراث، ولو أنك مسيحي وأسلمت فليس لولدك ميراث ولا آبائك المسيحيين، ويذهب مالك إما لمن أسلم من أقاربك وزوجتك المسلمة وما شابه، أو لخزانة الدولة الإسلامية. ولو مات أبوك وهو مسيحي أو غير ذلك فلا ميراث لك منه كذلك. تشريع عنصري بحت بغيض، لا تأخذ به اليوم على حد علمي محاكم مصر، لكن يظل ممكنًا تطبيقه بكتابة وصية يحرم فيها الشخص المخالفين لدينه من الورثة من الميراث. أما الحديثان الأخيران عن ميراث المولى (المعتَق) ممن لا يعرف له أقارب، لأن المعتاد أن يرثه المعتِق في الشرع القديم.

 

ومن خبث قدماء فقهاء شر ديانة في الأرض أنهم تحايلوا بحيلة لصوصية فشرعوا أنه إن مات القريب غير المسلم يرثه المسلم، أما العكس فلا شيء لغير المسلم. سرقة برخصة، روى أحمد:

 

(22005) 22355- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي حَكِيمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ ، قَالَ : كَانَ مُعَاذٌ بِالْيَمَنِ فَارْتَفَعُوا إِلَيْهِ فِي يَهُودِيٍّ مَاتَ وَتَرْكَ أَخَاهُ مُسْلِمًا ، فَقَالَ مُعَاذٌ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الإِسْلاَمَ يَزِيدُ وَلاَ يَنْقُصُ فَوَرَّثَهُ. (5/230)

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو الأسود الديلي -ويقال: الدؤلي، اسمه ظالم بن عمرو، وقيل غير ذلك- لا يعرف له سماع من معاذ، وقد اختلف فيه على عمرو بن أبي حكيم الواسطي كما سيأتي في تخريجه. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/374، وابن أبي عاصم في "السنة" (954) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (338) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (568) ، والطبراني 20/ (339) ، والبيهقي 6/254، والجورقاني في "الأباطيل والمناكير" (550) ، ووكيع في "أخبار القضاة" 1/98-99 من طرق عن شعبة، به . وتحرف عبد الله بن بريدة عند الطيالسي إلى عبيد الله بن أبي بريدة . ولفظ وكيع: "إن الإسلام يزيد" فورثه . وأخرجه أبو داود (2912) ، ومن طريقه أخرجه البيهقي 6/254-255 عن مسدد، عن عبد الوارث، عن عمرو بن أبي حكيم، به . وزاد بين أبي الأسود ومعاذ رجلاً مبهماً . وأخرجه البزار في "مسنده" (2636) ، والشاشي في "مسنده" (1380) ، والجورقاني (549) من طريق يزيد بن هارون، والطبراني 20/ (340) من طريق إبراهيم بن الحجاج، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عمرو ابن أبي حكيم، عن يحيى بن يعمر، عن معاذ بن جبل . وأسقط من إسناده عبد الله بن بريدة وأبا الأسود الديلي. وأخرجه الشاشي (1379) من طريق زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عمرو بن أبي حكيم، عن يحيى بن يعمر أو غيره، عن معاذ . والشك من حماد . وأسقط من إسناده أيضاً عبد الله وأبا الأسود . وسيأتي (22057) .

قال السندي: "إن الإسلام يزيد" أي: صاحبه يزيد ولا ينقص، أو أنه يعلو على سائر الأديان، ولا يرتفع عليه دين، ومقتضى ذلك -على ما فهمه- ألا يصير صاحبه محروماً من الإرث بسببه، نعم الكافر يصير محروماً بسببه من الإرث .

قال الحافظ في "الفتح" 12/50-51: إنه قياس في معارضة النص -يعني حديث أسامة بن زيد عند البخاري (6764) وسلف برقم (21747) : "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم"- وهو صريح في المراد ولا قياس مع وجوده، وأما الحديث -يعني حديث معاذ- فليس نصاً في المراد، بل هو محمول على أنه يفضل غيره من الأديان ولا تعلق له بالإرث .

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

87- مَنْ كَانَ يورِّث المسلِم الكافِر

 

32101- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الحَكِيمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيَلِيِّ ، قَالَ : كَانَ مُعَاذٌ بِالْيُمْنِ فَارْتَفَعُوا إلَيْهِ فِي يَهُودِيٍّ مَاتَ أَخَاهُ مُسْلِماً ، فَقَالَ مُعَاذٌ : إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : إنَّ الإسْلاَمَ يَزِيدُ وَلاَ يَنْقُصُ فَوَرَّثَهُ.

 

32102- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ ، قَالَ : مَا رَأِيْت قَضَاءٌ بَعْدَ قَضَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ مِنْ قَضَاءٍ قَضَى بِهِ مُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ كِتَابٍ ، قَالَ : نَرِثُهُمْ وَلاَ يَرِثُونَنَا ، كَمَا يَحِلُّ لَنَا النِّكَاحُ فِيهِمْ ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُمَ النِّكَاحُ فِينَا.

 

المسلمون خالفوا سنة محمد رسولهم المزعوم فكانوا كاليهود الذي يعيبون عليهم ترك تشريع التوراة والتلاعب لأكل الأموال وأنهم يكتبون الكتاب بأيديهم، فمحمد لم يقل لهم كلوا أموال المواريث لو مات غير المسلم وأعطوها للمسلم، ولو مات المسلم لا تعطوا الغير مسلم شيئًا، بل منع لسبب عنصري ديني التوارث بين المسلمين وغيرهم فقط كإجراء تشريعي معيب بدوره.

 

ولإكمال عنصرية وعقم التشريع وتلفه وفساده وظلاميته اختلفوا هل لو اختلفت ملل الأقارب غير المسلمين يتوارثون أم لا، روى ابن أبي شيبة:

88- فِي النّصرانِيِّ يرِث اليهودِيّ ، واليهودِيِّ يرِث النّصرانِيّ.

32103- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : لاَ يَرِثُ الْيَهُودِيُّ ألنَّصْرَانِيَّ ، وَلاَ يَرِثُ النَّصْرَانِيُّ الْيَهُودِيَّ.

 

32104- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : قَالَ سُفْيَانُ : الإسْلاَمُ مِلَّةٌ وَالشِّرْكُ مِلَّةٌ.

32105- حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ ، قَالاَ : الإسْلاَمُ مِلَّةٌ وَالشِّرْكُ مِلَّةٌ.

 

وروى عبد الرزاق:

 

9861 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عمن سمع الحسن يقول لا يرث اليهودي النصراني ولا النصراني اليهودي وكان غيره يقول الإسلام ملة والشرك ملة

 

وباقي أحاديث عبد الرزاق مثل ما رواه ابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[مَسْأَلَةٌ لَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا كَافِرٌ مُسْلِمًا]

(4946) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا، وَلَا كَافِرٌ مُسْلِمًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْتَقًا، فَيَأْخُذَ مَالَهُ بِالْوَلَاءِ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ. وَقَالَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءُ: لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ. يُرْوَى هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَبِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَعُرْوَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالْحَسَنُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَعَامَّةُ، الْفُقَهَاءِ. وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، أَنَّهُمْ وَرَّثُوا الْمُسْلِمَ مِنْ الْكَافِرِ، وَلَمْ يُوَرِّثُوا الْكَافِرَ مِنْ الْمُسْلِمِ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَسْرُوقٍ، وَعَبْدِ اللَّه بْنِ مَعْقِلٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، وَإِسْحَاقَ. وَلَيْسَ بِمَوْثُوقٍ بِهِ عَنْهُمْ. فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَيْسَ بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلَافٌ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ. وَرُوِيَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ احْتَجَّ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، أَنَّ مُعَاذًا حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْإِسْلَامُ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ» وَلِأَنَّنَا نَنْكِحُ نِسَاءَهُمْ، وَلَا يَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا، فَكَذَلِكَ نَرِثُهُمْ، وَلَا يَرِثُونَنَا. وَلَنَا؛ مَا رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ، وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» . وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ مُنْقَطِعَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، فَلَمْ يَرِثْهُ، كَمَا لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ. فَأَمَّا حَدِيثُهُمْ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَزِيدُ بِمَنْ يُسْلِمُ، وَبِمَا يُفْتَحُ مِنْ الْبِلَادِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَنْقُصُ بِمَنْ يَرْتَدُّ، لِقِلَّةِ مَنْ يَرْتَدُّ، وَكَثْرَةِ مِنْ يُسْلِمُ، وَعَلَى أَنَّ حَدِيثَهُمْ مُجْمَلٌ، وَحَدِيثَنَا مُفَسَّرٌ، وَحَدِيثَهُمْ لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى صِحَّتِهِ، وَحَدِيثَنَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَتَعَيَّنَ تَقْدِيمُهُ. وَالصَّحِيحُ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا نَرِثُ أَهْلَ الْمِلَلِ، وَلَا يَرِثُونَنَا. وَقَالَ فِي عَمَّةِ الْأَشْعَثِ: يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا. فَأَمَّا الْمُعْتَقُ إذَا خَالَفَ دِينُهُ دِينَ مُعْتِقِهِ، فَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْوَلَاءِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

 

[فَصْلٌ الْكُفَّارُ يَتَوَارَثُونَ إذَا كَانَ دِينُهُمْ وَاحِدًا]

(4947) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْكُفَّارُ فَيَتَوَارَثُونَ، إذَا كَانَ دِينُهُمْ وَاحِدًا، لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ خِلَافًا، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ يَرِثُ بَعْضًا. وَقَوْلُهُ: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» . دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دَارٍ» . دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَقِيلًا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ دُونَ جَعْفَرٍ، وَعَلِيٍّ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ عَلَى دِينِ أَبِيهِ، مُقِيمًا بِمَكَّةَ، فَبَاعَ رِبَاعَهُ بِمَكَّةَ، فَلِذَلِكَ لَمَّا قِيلَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا؟ قَالَ: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ» . وَقَالَ عُمَرُ فِي عَمَّةِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْس: يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا. فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَدْيَانُهُمْ، فَاخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ، فَرُوِيَ عَنْهُ، أَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. رَوَاهُ عَنْهُ حَرْبٌ، وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ. وَبِهِ قَالَ حَمَّادٌ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَدَاوُد؛ لِأَنَّ تَوْرِيثَ الْآبَاءِ مِنْ الْأَبْنَاءِ، وَالْأَبْنَاءِ مِنْ الْآبَاءِ، مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرًا عَامًّا، فَلَا يُتْرَكُ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ، وَمَا لَمْ يَسْتَثْنِهِ الشَّرْعُ يَبْقَى عَلَى الْعُمُومِ، وَلِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] عَامٌ فِي جَمِيعِهِمْ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ الْكُفْرَ مِلَلٌ مُخْتَلِفَةٌ، لَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» . يَنْفِي تَوَارُثَهُمَا، وَيَخُصُّ عُمُومَ الْكِتَابِ، وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْ أَحْمَدَ تَصْرِيحًا بِذِكْرِ أَقْسَامِ الْمِلَلِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: الْكُفْرُ ثَلَاثُ مِلَلٍ: الْيَهُودِيَّةُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ، وَدِينُ مَنْ عَدَاهُمْ؛ لِأَنَّ مَنْ عَدَاهُمْ يَجْمَعُهُمْ أَنَّهُمْ لَا كِتَابَ لَهُمْ. وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَعَطَاءٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالضَّحَّاكِ، وَالْحَكَمِ. وَالثَّوْرِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَشَرِيكٍ، وَمُغِيرَةَ الضَّبِّيِّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَوَكِيعٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ. وَرُوِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، الْقَوْلَانِ مَعًا. وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَكُونَ الْكُفْرُ مِلَلًا كَثِيرَةً، فَتَكُونُ الْمَجُوسِيَّةُ مِلَّةً، وَعِبَادَةُ الْأَوْثَانِ مِلَّةً أُخْرَى، وَعِبَادَةُ الشَّمْسِ مِلَّةً، فَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ. وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَإِسْحَاقُ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» . وَلِأَنَّ كُلَّ فَرِيقَيْنِ مِنْهُمْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمْ، وَلَا اتِّفَاقَ فِي دِينٍ فَلَمْ يَرِثْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، كَالْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَالْعُمُومَاتِ فِي التَّوْرِيثِ مَخْصُوصَةٌ، فَيُخَصُّ مِنْهَا مَحِلُّ النِّزَاعِ بِالْخَبَرِ وَالْقِيَاسِ، وَلِأَنَّ مُخَالِفِينَا قَطَعُوا التَّوَارُثَ بَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ فِي الْمِلَّةِ، لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ، فَمَعَ اخْتِلَافِ الْمِلَّةِ أَوْلَى. وَقَوْلُ مَنْ حَصَرَ الْمِلَّةَ بِعَدَمِ الْكِتَابِ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ هَذَا وَصْفٌ عَدَمِيٌّ، لَا يَقْتَضِي حُكْمًا، وَلَا جَمْعًا، ثُمَّ لَا بُدَّ لِهَذَا الضَّابِطِ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ، ثُمَّ قَدْ افْتَرَقَ حُكْمُهُمْ، فَإِنَّ الْمَجُوسَ يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، وَغَيْرُهُمْ لَا يُقِرُّ بِهَا، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي مَعْبُودَاتِهِمْ، وَمُعْتَقِدَاتِهِمْ، وَآرَائِهِمْ، يَسْتَحِلُّ بَعْضُهُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ، وَيُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَكَانُوا مِلَلًا كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ، رَوَى عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ جَعَلَ الْكُفْرَ مِلَلًا مُخْتَلِفَةً. وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ إجْمَاعًا.

 

[فَصْلٌ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَة يَتَوَارَثُونَ]

(4948) فَصْلٌ: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي، أَنَّ الْمِلَّةَ الْوَاحِدَةَ يَتَوَارَثُونَ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دِيَارُهُمْ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ مِنْ النُّصُوصِ تَقْتَضِي تَوْرِيثَهُمْ، وَلَمْ يَرِدْ بِتَخْصِيصِهِمْ نَصٌّ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِمْ قِيَاسٌ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِعُمُومِهَا. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى.» أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ يَتَوَارَثُونَ. وَضَبْطُهُ التَّوْرِيثَ بِالْمِلَّةِ وَالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ مُقْتَضَى التَّوْرِيثِ مَوْجُودٌ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى تَحَقُّقِ الْمَانِعِ. وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، فِي مَنْ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَقُتِلَ، أَنَّهُ يُبْعَثُ بِدِيَتِهِ إلَى مَلِكِهِمْ حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَى الْوَرَثَةِ. وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ كَانَ مَعَ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ فَسَلِمَ وَرَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ، فَوَجَدَ رَجُلَيْنِ فِي طَرِيقِهِ مِنْ الْحَيِّ الَّذِي قَتَلُوهُمْ، وَكَانَا أَتَيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَمَانٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ عَمْرٌو، فَقَتَلَهُمَا، فَوَدَاهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ بَعَثَ بِدِيَتِهِمَا إلَى أَهْلِهِمَا. وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي، أَنَّهُ لَا يَرِثُ حَرْبِيٌّ ذِمِّيًّا، وَلَا ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا مُنْقَطِعَةٌ، فَأَمَّا الْمُسْتَأْمَنُ فَيَرِثُهُ أَهْلُ الْحَرْبِ، وَأَهْلُ دَارِ الْإِسْلَامِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، إلَّا أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ لَا يَرِثُهُ الذِّمِّيُّ؛ لِأَنَّ دَارَهُمَا مُخْتَلِفَةٌ. قَالَ الْقَاضِي: وَيَرِثُ أَهْلُ الْحَرْبِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا، سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ دِيَارُهُمْ، أَوْ اخْتَلَفَتْ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا اخْتَلَفَتْ دِيَارُهُمْ، بِحَيْثُ كَانَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مَلِكٌ، وَيَرَى بَعْضُهُمْ قَتْلَ بَعْضٍ، لَمْ يَتَوَارَثَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمْ، أَشْبَهَ أَهْلَ دَارِ الْحَرْبِ، فَجَعَلُوا اتِّفَاقَ الدَّارِ، وَاخْتِلَافَهَا ضَابِطًا لِلتَّوْرِيثِ، وَعَدَمِهِ. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا كُلِّهِ حُجَّةً مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِعُمُومِ النَّصِّ الْمُقْتَضِي لِلتَّوْرِيثِ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الدِّينَ فِي اتِّفَاقِهِ، وَلَا اخْتِلَافِهِ، مَعَ وُرُودِ الْخَبَرِ فِيهِ، وَصِحَّةِ الْعِبْرَةِ فِيهَا، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَإِنْ اخْتَلَفْت الدَّارُ بِهِمْ، فَكَذَلِكَ الْكُفَّارَ. وَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ كَافِرًا، وَلَا الْكَافِرُ مُسْلِمًا؛ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ بِهِمْ، وَكَذَلِكَ لَا يَرِثُ مُخْتَلِفَا الدِّينِ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا.

 

[مَسْأَلَةٌ الْمُرْتَدّ لَا يَرِث أَحَدًا]

(4949) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا، إلَّا أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ) لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ أَحَدًا. وَهَذَا قَوْلُ، مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ مُسْلِمًا، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَرِثُ كَافِرٌ مُسْلِمًا» . وَلَا يَرِثُ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُ فِي حُكْمِ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَلِهَذَا لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ، وَلَا نِكَاحُ نِسَائِهِمْ، وَإِنْ انْتَقَلُوا إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَلِأَنَّ الْمُرْتَدَّ تَزُولُ أَمْلَاكُهُ الثَّابِتَةُ لَهُ وَاسْتِقْرَارُهَا، فَلَأَنْ لَا يَثْبُتُ لَهُ مِلْكٌ أَوْلَى. وَلَوْ ارْتَدَّ مُتَوَارِثَانِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ، فَإِنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ. وَلَا يُورَثُ. وَإِنْ رَجَعَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ، قُسِمَ لَهُ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

 

[فَصْلٌ مَال الزِّنْدِيق فِي بَيْت الْمَال]

(4950) فَصْلٌ: وَالزِّنْدِيقُ كَالْمُرْتَدِّ فِيمَا ذَكَرْنَا. وَالزِّنْدِيقُ هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيَسْتَسِرُّ بِالْكُفْرِ، وَهُوَ الْمُنَافِقُ، كَانَ يُسَمَّى فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَافِقًا، وَيُسَمَّى الْيَوْمَ زِنْدِيقًا. قَالَ أَحْمَدُ: مَالُ الزِّنْدِيقِ فِي بَيْتِ الْمَالِ.

 

[فَصْلٌ حُكْمُ الْمِيرَاثِ ارْتَدَّ أُحُد الزَّوْجَيْنِ قَبْل الدُّخُول]

(4951) فَصْلٌ: إذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ فِي الْحَالِ، وَلَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةَ. وَالْأُخْرَى يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَيَّهُمَا مَاتَ لَمْ يَرِثْهُ الْآخِرُ. وَحُكْمُ رِدَّتِهِمَا جَمِيعًا كَحُكْمِ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا، فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَامْتِنَاعِ الْمِيرَاثِ. وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: إذَا ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ مَعًا، فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ دِينَهُمَا لَمْ يَخْتَلِفْ، فَأَشْبَهَا الْكَافِرِينَ الْأَصْلِيِّينَ، إلَّا أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ الْمُرْتَدَّ مَا دَامَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ تَوَارَثَا؛ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا صَارَ كَحُكْمِ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ. وَلَنَا، أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَالْمُسْلِمِ مَعَ الْكَافِرِ.

 

[مَسْأَلَةٌ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ مِيرَاثِ مَوْرُوثِهِ الْمُسْلِمِ]

(4952) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ، قُسِمَ لَهُ) اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ مِيرَاثِ مَوْرُوثِهِ الْمُسْلِمِ؛ فَنَقَلَ الْأَثْرَمُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ، أَنَّهُ يَرِثُ. وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَسَنُ، وَمَكْحُولٌ، وَقَتَادَةُ، وَحُمَيْدٌ، وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَإِسْحَاقُ، فَعَلَى هَذَا إنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ بَعْضِ الْمَالِ وَرِثَ مِمَّا بَقِيَ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ، فِي مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْمَوْتِ: لَا يَرِثُ، قَدْ وَجَبَتْ الْمَوَارِيثُ لِأَهْلِهَا. وَهَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» . وَلِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ انْتَقَلَ بِالْمَوْتِ إلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يُشَارِكْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ، كَمَا لَوْ اقْتَسَمُوا، وَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْإِرْثِ مُتَحَقِّقٌ حَالَ وُجُودِ الْمَوْتِ، فَلَمْ يَرِثْ، كَمَا لَوْ كَانَ رَقِيقًا فَأُعْتِقَ، أَوْ كَمَا لَوْ بَقِيَ عَلَى كُفْرِهِ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ، وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ.» وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، بِإِسْنَادِهِ فِي " التَّمْهِيدِ "، عَنْ زَيْدِ بْنِ قَتَادَةَ الْعَنْبَرِيِّ، أَنَّ إنْسَانًا مِنْ أَهْلِهِ مَاتَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، فَوَرِثَتْهُ أُخْتِي دُونِي، وَكَانَتْ عَلَى دِينِهِ، ثُمَّ إنَّ جَدِّي أَسْلَمَ، وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُنَيْنًا، فَتُوُفِّيَ، فَلَبِثْت، سَنَةً، وَكَانَ تَرَكَ مِيرَاثًا، ثُمَّ إنَّ أُخْتِي أَسْلَمَتْ، فَخَاصَمَتْنِي فِي الْمِيرَاثِ إلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَحَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْقَمَ، أَنَّ عُمَرَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ، فَلَهُ نَصِيبُهُ، فَقَضَى بِهِ عُثْمَانُ، فَذَهَبَتْ بِذَاكَ الْأَوَّلِ، وَشَارَكَتْنِي فِي هَذَا. وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ انْتَشَرَتْ فَلَمْ تُنْكَرْ فَكَانَتْ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّهُ لَوْ تَجَدَّدَ لَهُ صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ الَّتِي نَصَبَهَا فِي حَيَاتِهِ، لَثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ فِيهِ، وَلَوْ وَقَعَ إنْسَانٌ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا، لَتَعَلَّقَ ضَمَانُهُ بِتَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَجَازَ أَنْ يَتَجَدَّدَ حَقُّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ وَرَثَتِهِ بِتَرِكَتِهِ، تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ، وَحَثًّا عَلَيْهِ، فَأَمَّا إذَا قُسِمَتْ التَّرِكَةُ، وَتَعَيَّنَ حَقُّ كُلِّ وَارِثٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا، فَإِذَا تَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ وَاحْتَازَهَا، كَانَ بِمَنْزِلَةِ قِسْمَتِهَا.

 

وقال ابن قيم الجوزية في أحكام أهل الذمة:

 

166 – فَصْلٌ [ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي تَوْرِيثِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَافِرِ] .

وَأَمَّا تَوْرِيثُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَافِرِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ، فَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَرِثُ كَمَا لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ: وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَتْبَاعِهِمْ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: بَلْ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، دُونَ الْعَكْسِ، وَهَذَا قَوْلُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَمَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ. قَالُوا: نَرِثُهُمْ وَلَا يَرِثُونَنَا، كَمَا نَنْكِحُ نِسَاءَهُمْ، وَلَا يَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا.

وَالَّذِينَ مَنَعُوا الْمِيرَاثَ: عُمْدَتُهُمُ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ: " «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» ". وَهُوَ عُمْدَةٌ مِنْ مَنْعِ مِيرَاثِ الْمُنَافِقِ الزِّنْدِيقِ، وَمِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ.

 

ديانة خبيثة وأتباع أخبث كانوا هؤلاء القدماء، يعني بعضهم قال لو مات غير المسلم نعطي المسلم ميراثه، وأما العكس فلا، هذه سرقة بطريقة تشريع قوانين مجحفة للنصب والنهب والجور.

 

منعهم في دولة الإسلام من بناء الكنائس وعدم تصليح ما تهدم منها كذلك

 

التعاليم الإجرامية الإسلامية التحريضية العنصرية لا تختلف عن التشريع التوراتي ذي الأيديولوجيا العنصرية الإجرامية، كما ورد في سفر التثنية 20: 10- 14

 

(10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. 12وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.)

 

أو كما في الترجمة العربية المشتركة: (10وإذا اَقتَرَبتُم مِنْ مدينةٍ لِتُحارِبوها فاَعْرُضوا علَيها السِّلْمَ أوَّلاً، 11فإذا اَستَسلَمَت وفتَحَت لكُم أبوابَها، فجميعُ سُكَّانِها يكونونَ لكُم تَحتَ الجزيةِ ويخدِمونكُم. 12وإنْ لم تُسالِمْكُم، بل حارَبَتكُم فحاصَرتُموها 13فأسلَمَها الرّبُّ إلهُكُم إلى أيديكُم، فاَضْرِبوا كُلَ ذكَرٍ فيها بِحَدِّ السَّيفِ. 14وأمَّا النِّساءُ والأطفالُ والبَهائِمُ وجميعُ ما في المدينةِ مِنْ غَنيمةٍ، فاَغْنَموها لأنْفُسِكُم وتمَتَّعوا بِغَنيمةِ أعدائِكُمُ التي أعطاكُمُ الرّبُّ إلهُكُم.)

 

حقيقة لا يختلف التشريع الإسلامي الإجرامي عن ذلك وهكذا مارسوا جرائمهم القذرة من النهب والسلب وتخريب ما لا ينالونه وخطف واستعباد الأطفال والنساء، هم فقط إضافة إلى الجزية والخراج على الأمم المستسلمة بلا حرب، أضافوا قاعدة أنهم في الدول المقتحمة صلحًا يتركون كنائسها ومعابدها والمقتحمة أو المفتوحة بالحرب إضافة إلى النهب والتخريب والقتل للرجال وسبي آلاف النساء والأطفال يقومون بهدم كنائسها ومعابدها. وجاء في أحكام أهل الذمة:

 

الْأَمْصَارُ الَّتِي أَنْشَأَهَا الْمُشْرِكُونَ وَمَصَّرُوهَا، ثُمَّ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً وَقَهْرًا بِالسَّيْفِ، فَهَذِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدَثَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ. وَأَمَّا مَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْفَتْحِ فَهَلْ يَجُوزُ إِبْقَاؤُهُ أَوْ يَجِبُ هَدْمُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ إِزَالَتُهُ وَتَحْرُمُ تَبْقِيَتُهُ؛ لِأَنَّ الْبِلَادَ قَدْ صَارَتْ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَرَّ فِيهَا أَمْكِنَةُ شِعَارِ الْكُفْرِ، كَالْبِلَادِ الَّتِي مَصَّرَهَا الْمُسْلِمُونَ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ بِبَلَدٍ» ". وَكَمَا لَا يَجُوزُ إِبْقَاءُ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي هِيَ شِعَارُ الْفُسُوقِ كَالْخَمَّارَاتِ وَالْمَوَاخِيرِ، وَلِأَنَّ أَمْكِنَةَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ قَدْ صَارَتْ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَمْكِينُ الْكُفَّارِ مِنْ إِقَامَةِ شِعَارِ الْكُفْرِ فِيهَا كَبَيْعِهِمْ وَإِجَارَتِهِمْ إِيَّاهَا لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْجِهَادِ حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لَهُ، وَتَمْكِينُهُمْ مِنْ إِظْهَارِ شِعَارِ الْكُفْرِ فِي تِلْكَ الْمَوَاطِنِ جَعَلَ الدِّينَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ.

 

.... يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَالصَّحَابَةَ مَعَهُ أَجْلَوْا أَهْلَ خَيْبَرَ مِنْ دُورِهِمْ وَمَعَابِدِهِمْ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ تَمْلِيكًا لَمْ يَجُزِ إِخْرَاجُهُمْ عَنْ مِلْكِهِمْ إِلَّا بِرِضًا أَوْ مُعَاوَضَةٍ.

وَلِهَذَا لَمَّا أَرَادَ الْمُسْلِمُونَ أَخْذَ كَنَائِسِ الْعَنْوَةِ الَّتِي خَارِجَ دِمَشْقَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ صَالَحَهُمُ النَّصَارَى عَلَى تَرْكِهَا وَتَعْوِيضِهِمْ عَنْهَا بِالْكَنِيسَةِ الَّتِي زِيدَتْ فِي الْجَامِعِ، وَلَوْ كَانُوا قَدْ مَلَكُوا تِلْكَ الْكَنَائِسَ بِالْإِقْرَارِ لَقَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: كَيْفَ تَأْخُذُونَ أَمْلَاكَنَا قَهْرًا وَظُلْمًا؟ بَلْ أَذْعَنُوا إِلَى الْمُعَاوَضَةِ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ أَخْذَ تِلْكَ الْكَنَائِسِ مِنْهُمْ، وَأَنَّهَا غَيْرُ مِلْكِهِمْ كَالْأَرْضِ الَّتِي هِيَ بِهَا.

فَبِهَذَا التَّفْصِيلِ تَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ فِعْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَدَمَ وَقَدْ أَفْتَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمُتَوَكِّلَ بِهَدْمِ كَنَائِسِ السَّوَادِ وَهِيَ أَرْضُ الْعَنْوَةِ.

 

...... وَهَذِهِ كَانَتْ سِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَهْلِ الْأَرْضِ؛ كَانَ يُقَاتِلُ مَنْ حَارَبَهُ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي دِينِهِ أَوْ يُهَادِنَهُ أَوْ يَدْخُلَ تَحْتَ قَهْرِهِ بِالْجِزْيَةِ، وَبِهَذَا كَانَ يَأْمُرُ سَرَايَاهُ وَجُيُوشَهُ إِذَا حَارَبُوا أَعْدَاءَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، فَإِذَا تَرَكَ الْكُفَّارُ مُحَارَبَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَسَالَمُوهُمْ وَبَذَلُوا لَهُمُ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَلِلْمُشْرِكِينَ.

أَمَّا مَصْلَحَةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَمَا يَأْخُذُونَهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ قُوَّةً لِلْإِسْلَامِ مَعَ صَغَارِ الْكُفْرِ وَإِذْلَالِهِ، وَذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُمْ مِنْ تَرْكِ الْكُفَّارِ بِلَا جِزْيَةٍ.

 

كما أوردنا في (حروب محمد الإجرامية) أمر بتحطيم كنائس وصوامع مسيحية في شبه جزيرة العرب، وكنت قلت هناك في أخبار الوفود المبايعة الخاضعة المذعنة لمحمد:

 

وفد حنيفة

 

كما حكى ابن سعد فقد أمرهم محمد بهدم كنيسة وترويع راهب مسيحي بها مما جعله يفر منها ومن وطنه خوفًا من القتل:

 

....ورجعوا إلى اليمامة وأعطاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إداوة من ماء فيها فضل طهور. فقال: إذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم وأنضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوا مكانها مسجدا. ففعلوا. وصارت الإداوة عند الأقعس بن مسلمة. وصار المؤذن طلق بن علي. فأذن فسمعه راهب البيعة فقال: كلمة حق. ودعوة حق! وهرب. فكان آخر العهد به

 

ورواه النسائي في السنن الكبرى له (780) ، والمجتبى (701) وابن حبان في صحيحه (1123) ، والطبراني في " المعجم الكبير" (8241) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/542-543، بإسناد صحيح، وأحمد بن حنبل 24009/ 26 و16293 وابن سعد في "الطبقات" 5/552، وابن أبي شيبة 2/80، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (47)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/92 بأسانيد حسنة.

 

ولفظ للنسائي

 

780 - أنبأ هناد بن السري عن ملازم هو بن عمرو قال حدثني عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي قال: خرجنا وفدا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه فضل طهوره فدعا بماء فتوضأ وتمضمض ثم صبه لنا في إداوة وأمرنا قال اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجدا فقلنا له إن البلد بعيد والحر شديد والماء ينشف قال مدوه من الماء فإنه لا يزيده إلا طيبا فخرجنا حتى قدمنا بلدنا فكسرنا بيعتنا ثم نضحنا مكانها واتخذناها مسجدا فنادينا فيه بالأذان قال والراهب رجل من طيء فلما سمع الأذان قال دعوة حق ثم استقبل تلعة من تلاعنا فلم نره بعد

 

لنا حق التشكك فيما ينسبونه للراهب المسكين المهدد في حياته، فلو أنه اعتقد أنها دعوة حق وسلام لما كان هرب بجلده!

 

أما عن تخريب وتدمير معابد الوثنيين وتقتيل كهنتهم فيطول الحديث وعرضناه في الجزء الأول (حروب محمد الإجرامية) بالتوثيق والتفصيل، وهي سياسة استمرت في فتوحات احتلال السند (باكستان) والهند وأفغانستان وغيرها، كما حكت كتب التاريخ كتاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية للساعاتي وطبقات أكبري وفتوح البلدان للبلاذري وقصة الحضارة لول ديورَنت وغيرها من مصادر متاحة بالعربية. وثيقة العهدة العمرية نصت على التالي:

 

نص العهدة العمرية من كتاب ابن قيم الجوزية:

حين احتل المسلمون بلاد الشام اشترط عمر بن الخطاب على نصاراهم ما يلي:

 

ألا يُحدِثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجدِّدوا ما خُرِّب، ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم، ولا يؤووا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يُظهِروا شِركاً، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوا، وأن يوقّروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبّهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلّدوا سيفاً، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجُزُّوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيَّهم حيثما كانوا، وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم، ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يَظهِروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جَرَتْ عليه سهام المسلمين. فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق.

 

ونص المعاهدة حسب كتاب أحكام أهل الذمة لابن قيم الجوزية هكذا:

 

ذِكْرُ الشُّرُوطِ الْعُمَرِيَّةِ وَأَحْكَامِهَا وَمُوجِبَاتِهَا

 

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبُو شُرَحْبِيلَ الْحِمْصِيُّ عِيسَى بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي [عَمِّي] أَبُو الْيَمَانِ وَأَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: كَتَبَ أَهْلُ الْجَزِيرَةِ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ: " إِنَّا حِينَ قَدِمْتَ بِلَادَنَا طَلَبْنَا إِلَيْكَ الْأَمَانَ لِأَنْفُسِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا عَلَى أَنَّا شَرَطْنَا لَكَ عَلَى أَنْفُسِنَا أَلَّا نُحْدِثَ فِي مَدِينَتِنَا كَنِيسَةً، وَلَا فِيمَا حَوْلَهَا دَيْرًا وَلَا قِلَّايَةً وَلَا صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ، وَلَا نُجَدِّدَ مَا خُرِّبَ مِنْ كَنَائِسِنَا وَلَا مَا كَانَ مِنْهَا فِي خُطَطِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَلَّا نَمْنَعَ كَنَائِسَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْزِلُوهَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنْ نُوَسِّعَ أَبْوَابَهَا لِلْمَارَّةِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَلَا نُؤْوِي فِيهَا وَلَا فِي مَنَازِلِنَا جَاسُوسًا، وَأَلَّا نَكْتُمَ غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَلَّا نَضْرِبَ بَنَوَاقِيسِنَا إِلَّا ضَرْبًا خَفِيًّا فِي جَوْفِ كَنَائِسِنَا، وَلَا نُظْهِرَ عَلَيْهَا صَلِيبًا، وَلَا تُرْفَعَ أَصْوَاتُنَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي كَنَائِسِنَا فِيمَا يَحْضُرُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَأَلَّا نُخْرِجَ صَلِيبًا وَلَا كِتَابًا فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَلَّا نُخْرِجَ بَاعُوثًا - قَالَ: وَالْبَاعُوثُ يَجْتَمِعُونَ كَمَا يَخْرُجُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ - وَلَا شَعَانِينَ، وَلَا نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا مَعَ مَوْتَانَا، وَلَا نُظْهِرَ النِّيرَانَ مَعَهُمْ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَلَّا نُجَاوِرَهُمْ بِالْخَنَازِيرِ وَلَا بِبَيْعِ الْخُمُورِ، وَلَا نُظْهِرَ شِرْكًا، وَلَا نُرَغِّبَ فِي دِينِنَا وَلَا نَدْعُوَ إِلَيْهِ أَحَدًا، وَلَا نَتَّخِذَ شَيْئًا مِنَ الرَّقِيقِ الَّذِي جَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَلَّا نَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَقْرِبَائِنَا أَرَادُوا الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْ نَلْزَمَ زِيَّنَا حَيْثُمَا كُنَّا، وَأَلَّا نَتَشَبَّهَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي لُبْسِ قَلَنْسُوَةٍ وَلَا عِمَامَةٍ وَلَا نَعْلَيْنِ وَلَا فَرْقِ شَعْرٍ وَلَا فِي مَرَاكِبِهِمْ، وَلَا نَتَكَلَّمَ بِكَلَامِهِمْ وَلَا نَكْتَنِيَ بِكُنَاهُمْ، وَأَنْ نَجُزَّ مَقَادِمَ رُءُوسِنَا، وَلَا نَفْرُقَ نَوَاصِيَنَا، وَنَشُدَّ الزَّنَانِيرَ عَلَى أَوْسَاطِنَا، وَلَا نَنْقُشَ خَوَاتِمَنَا بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَا نَرْكَبَ السُّرُوجَ، وَلَا نَتَّخِذَ شَيْئًا مِنَ السِّلَاحِ وَلَا نَحْمِلَهُ وَلَا نَتَقَلَّدَ السُّيُوفَ، وَأَنْ نُوَقِّرَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَجَالِسِهِمْ وَنُرْشِدَهُمُ الطَّرِيقَ وَنَقُومَ لَهُمْ عَنِ الْمَجَالِسِ إِنْ أَرَادُوا الْجُلُوسَ، وَلَا نَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَلَا نُعَلِّمَ أَوْلَادَنَا الْقُرْآنَ، وَلَا يُشَارِكَ أَحَدٌ مِنَّا مُسْلِمًا فِي تِجَارَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِلَى الْمُسْلِمِ أَمْرُ التِّجَارَةِ، وَأَنْ نُضِيفَ كُلَّ مُسْلِمٍ عَابِرِ سَبِيلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنُطْعِمَهُ مَنْ أَوْسَطِ مَا نَجِدُ. ضَمِنَّا لَكَ ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَذَرَارِيِّنَا وَأَزْوَاجِنَا وَمَسَاكِينِنَا، وَإِنْ نَحْنُ غَيَّرْنَا أَوْ خَالَفْنَا عَمَّا شَرَطْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَقَبِلْنَا الْأَمَانَ عَلَيْهِ فَلَا ذِمَّةَ لَنَا، وَقَدْ حَلَّ لَكَ مِنَّا مَا يَحِلُّ لِأَهْلِ الْمُعَانَدَةِ وَالشِّقَاقِ ".

 

كما نرى شروط إذلال وعنصرية لا تختلف كثيرًا عن الممارسات النازية وممارسات بابوية القرون الوسطى، تمييز الكتابيين بالملبس وعدم المجاهرة بالممارسات والرموز الدينية، وجز مقدمات الرؤوس وهي علامة إذلال عند العرب فالأسير المطلق سراحه بالعفو عنه كانوا يقصون مقدمة رأسه لتكون غير متساوية مع باقي شعر الرأس كعلامة إذلال، وتخيل ركوب الحصان بدون سرج، وغيرها فهذا وضْعٌ لقواعد اللعبة لكي يجرّفوا ويقضوا على وجود الأديان الأخرى من خلال عدم إصلاح وإحلال وبناء معابدها وكنائسها، وهي سياسة آتت نجاحًا مع باقي سياسات البطش والعنصرية والأذى والتحقير كما نرى.

 

هذا ما كان يحدث للمدن والدول المفتوحة صلحًا بلا حرب، فما بالك بالمفتوحة حربًا، حيث تقتيل كل الرجال أو معظمهم، وسبي واستعباد النساء والأطفال وتدمير كل الكنائس والمعابد، وعرضنا في أول هذا الباب قول ونقل ابن قيم الجوزية في (أحكام أهل الذمة) عن الموضوع وممارسات الإسلام في ذلك. وبعض الكتب كتاريخ مصر للمقريزي المعروف بالمقفّى الكبير وخطط المقريزي استفاض كثيرًا في ذكر الكنائس والمعابد التي هدمها المسلمون مع مرور الزمن، وذكر المقريزي رفض عمرو بن العاص لطلب أحد ممثلي مسيحيي مصر وضع نسبة محددة من الضريبة على مصر حسب الأملاك ورد عمر بأن مصر خزانة لهم يأخذون منها ما يشاؤون! وحسب كتاب الخطط للمقريزي:

 

وقال هشام بن أبي رقية اللخمي: قدم صاحب أخنا على عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال له: أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فنصير لها؟ فقال عمرو، وهو يشير إلى ركن كنيسة: لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم، وإن خفف عنا خففنا عنكم، ومن ذهب إلى هذا الحديث ذهب إلى أن مصر فتحت عنوة.

وعن يزيد بن أبي حبيب قال: قال عمر بن عبد: العزيز أيّما ذميّ أسلم فإن إسلامه يحرز له نفسه وماله، وما كان من أرض فإنها من فيء الله على المسلمين، وأيما قوم صالحوا على جزية يعطونها فمن أسلم منهم كانت داره وأرضه لبقيتهم.

 

وهناك كثير من الكتب في مكتبتي الإلكترونية عن بشاعات الفتح والحكم الإسلامي للبلدان المفتوحة المحتلة جميعًا قديمًا أتمنى رفعها للتحميل والاطلاع يومًا ما.

 

وروى عبد الرزاق:

 

10000 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن إسماعيل بن أمية أخبره أنه مر مع هشام بحدة وقد أحدثت فيها كنيسة فاستشار في هدمها فهدمها هشام

 

10001 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن رجل عمن سمع الحسن قال من السنة أن تهدم الكنائس التي بالأمصار القديمة والحديثة

 

9999 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرني عمي وهب بن نافع قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى عروة بن محمد أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين قال فشهدت عروة بن محمد ركب حتى وقف عليها ثم دعاني فشهدت على كتاب عمر وهدم عروة إياها فهدمها

 

10002 - أخبرنا عبد الرزاق عن بن التيمي عن أبيه عن شيخ من أهل المدينة - يقال له حنش أبو علي - عن عكرمة مولى بن عباس قال سئل بن عباس هل للمشركين أن يتخذوا الكنائس في أرض العرب فقال بن عباس أما ما مصر المسلمون فلا ترفع فيه كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار ولا صليب ولا ينفخ فيه بوق ولا يضرب فيه ناقوس ولا يدخل فيه خمر ولا خنزير وما كان من أرض صولحت صلحا فعلى المسلمين أن يفوا لهم بصلحهم قال تفسير ما مصر المسلمون ما كانت من أرض العرب أو أخذت من أرض المشركين عنوة

 

10003 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن زيد بن رفيع عن حرام بن معاوية قال كتب إلينا عمر بن الخطاب لا يجاورنكم خنزير ولا يرفع فيكم صليب ولا تأكلوا على مائدة يشرب عليها الخمر وأدبوا الخيل وامشوا بين الغرضين

 

10004 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن عمرو بن ميمون بن مهران قال كتب عمر بن عبد العزيز أن يمنع النصارى بالشام أن يضربوا ناقوسا قال وينهوا أن يفرقوا رؤوسهم ويجزوا نواصيهم ويشدوا مناطقهم ولا يركبوا على سرج ولا يلبسوا عصبا ولا يرفعوا صلبهم فوق كنائسهم فإن قدروا على أحد منهم فعل من ذلك شيئا بعد التقدم إليه فإن سلبه لمن وجده قال وكتب أن يمنع نساءهم أن يركبن الرحائل قال عمرو بن ميمون واستشارني عمر في هدم كنائسهم فقلت لا تهدم هذا ما صولحوا عليه فتركها عمر

 

وقال ابن أبي شيبة:

 

ما قالوا فِي هدمِ البِيعِ والكنائِسِ وبيوتِ النّارِ

 

33653- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَنَشٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : قيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ : أَلِلْعَجَمِ أَنْ يُحْدِثُوا فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ بِنَاءً ، أَوْ بِيعَةً ، فَقَالَ : أَمَّا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَرَبُ فَلَيْسَ لِلْعَجَمِ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ بِنَاءً ، أَوَ قَالَ : بِيعَةً , وَلاَ يَضْرِبُوا فِيهِ نَاقُوسًا ، وَلاَ يَشْرَبُوا فِيهِ خَمْرًا , وَلاَ يَتَّخِذُوا فِيهِ خِنْزِيرًا ، أَوْ يُدْخِلُوا فِيهِ , وَأَمَّا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَجَمُ يَفْتَحُهُ اللَّهُ عَلَى الْعَرَبِ وَنَزَلُوا ، يَعْنِي عَلَى حُكْمِهِمْ فَلِلْعَجَمِ مَا فِي عَهْدِهِمْ , وَلِلْعَجَمِ عَلَى الْعَرَبِ أَنْ يُوَفُّوا بِعَهْدِهِمْ ، وَلاَ يُكَلِّفُوهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ.

33654- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لاَ تَهْدِمْ بِيعَةً ، وَلاَ كَنِيسَةً ، وَلاَ بَيْتَ نَارٍ صُولِحُوا عَلَيْهِ.

33655- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ؛ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكَنَائِسِ , تُهْدَمُ ، قَالَ : لاَ إِلاَّ مَا كَانَ مِنْهَا فِي الحَرَم.

33656- حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنِ الْحَسَنِ , أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ تُتْرَكَ الْبِيَعُ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ.

33657- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ عَوْفٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : قدْ صُولِحُوا عَلَى أَنْ يُخْلَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النِّيرَانِ وَالأَوْثَانِ فِي غَيْرِ الأَمْصَارِ.

33658- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، قَالَ : حدَّثَنِي ابْنُ سُرَاقَةَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ كَتَبَ لأَهْلِ دَيْرِ طَيَايَا إنِّي أَمَّنْتُكُمْ عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَكَنَائِسِكُمْ أَنْ تُهْدَمَ.

33659- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ شَهِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , أَنَّهُ كَانَ لاَ يَتْرُكُ لأَهْلِ فَارِسَ صَنَمًا إِلاَّ كُسِرَ ، وَلاَ نَارًا إِلاَّ أُطْفِئَتْ.

33660- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ عَوْفَ قَالَ : شَهِدْت عَبْدَ اللهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ مَعْمَرٍ أُتِيَ بِمَجُوسِيٍّ بَنَى بَيْتَ نَارٍ بِالْبَصْرَةِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.

 

71- مَنْ قَالَ : لاَ يجتمِع اليهود والنّصارى مع المسلِمِين فِي مِصرٍ.

33661- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ ، قَالَ : أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ.

33662- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ : إنَّ آخِرَ كَلاَمُ تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ ، قَالَ : أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَأَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ.

 

لا نزال حتى عهد قريب كنا نرى مدى العنف الذي يحدث في بعض الأماكن في مصر لمجرد بناء المسيحيين لكنيسة جديدة، فتقوم الحرائق وأعمال العنف والشغب وصولًا إلى القتل، وتتحيز الدولة غالبًا ضد المسيحيين كحكم إسلامي، وآخر ما سمعت به منذ زمن طويل لعدم متابعتي للأحداث كان كمثال كنيسة كبيرة في العمرانية بحي الهرم بالجيزة، ووضعت الدولة عليها للأمانة حراسة كبيرة لأنها كانت قد تم بناؤها فعلًا. نتمنى وطنًا يمارس فيه كل شخص عقيدته وسلوكياته بحرية بما فيه المسلم والمسيحي والملحد وغيرهم، طالما لا يتعدى على حقوق وحريات غيره. سمعت ذات مرة أن هندوسًا بنوا معبدًا صغيرًا لهم في الكويت فهدمته الدولة، وحدثني ملحد ثقة يمني أن يهود اليمن البقايا منهم يعني ممن لم يهاجروا إسرائيل ويحاولون التمسك بالوطن والوطنية تعطيهم الدولة بطاقات فيها كلمة مسلم، ولا يُسمَح لهم ببناء أي معبد.

إخراج الغير مسلمين من شبه الجزيرة العربية

 

سبق عرض النصوص من الصحيحين وغيرهما عن تلك الوصية المحمدية في آخر الجزء الأول (حروب محمد). روى البخاري:


3053 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى خَضَبَ دَمْعُهُ الْحَصْبَاءَ فَقَالَ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَ ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا فَتَنَازَعُوا وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ فَقَالُوا هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ وَأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَأَلْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَقَالَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ وَقَالَ يَعْقُوبُ وَالْعَرْجُ أَوَّلُ تِهَامَةَ

 

3152 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْيَهُودَ مِنْهَا وَكَانَتْ الْأَرْضُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلْيَهُودِ وَلِلرَّسُولِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فَسَأَلَ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْرُكَهُمْ عَلَى أَنْ يَكْفُوا الْعَمَلَ وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا فَأُقِرُّوا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ فِي إِمَارَتِهِ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَا

 

المشركون أو غير المعتقدين بالإسلام نجس ونجسون حسب الإسلام

 

روى أحمد:

 

7361 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - إِنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، لَا أَدْرِي عَمَّنْ سُئِلَ سُفْيَانُ: عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ ؟ فَقَالَ -: كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَسَرُوهُ، أَخَذُوهُ، فَكَانَ إِذَا مَرَّ بِهِ قَالَ: " مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ " قَالَ: إِنْ تَقْتُلْ، تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ، تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تُرِدْ مَالًا، تُعْطَ مَالًا . قَالَ: فَكَانَ إِذَا مَرَّ بِهِ قَالَ: " مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ " قَالَ: إِنْ تُنْعِمْ، تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ، تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُرِدِ الْمَالَ، تُعْطَ الْمَالَ . قَالَ: فَبَدَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَطْلَقَهُ، وَقَذَفَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَلْبِهِ، قَالَ: فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى بِئْرِ الْأَنْصَارِ، فَغَسَلُوهُ، فَأَسْلَمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَمْسَيْتَ وَإِنَّ وَجْهَكَ كَانَ أَبْغَضَ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَدِينَكَ أَبْغَضَ الدِّينِ إِلَيَّ، وَبَلَدَكَ أَبْغَضَ الْبُلْدَانِ إِلَيَّ، فَأَصْبَحْتَ، وَإِنَّ دِينَكَ أَحَبُّ الْأَدْيَانِ إِلَيَّ، وَوَجْهَكَ أَحَبُّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ لَا يَأْتِي قُرَيشِاً حَبَّةٌ مِنَ الْيَمَامَةِ، حَتَّى قَالَ عُمَرُ: " لَقَدْ كَانَ وَاللهِ، فِي عَيْنِي أَصْغَرَ مِنَ الْخِنْزِيرِ، وَإِنَّهُ فِي عَيْنِي أَعْظَمُ مِنَ الْجَبَلِ . خَلَّى عَنْهُ، فَأَتَى الْيَمَامَةَ، حَبَسَ عَنْهُمْ، فَضَجُّوا وَضَجِرُوا، فَكَتَبُوا: تَأْمُرُ بِالصِّلَةِ؟ قَالَ: وَكَتَبَ إِلَيْهِ ".

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: عَنْ سُفْيَانَ، سَمِعْتُ ابْنَ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

إسناده قوي. وأخرجه بنحوه عبد الرزاق (9834) من طريق عبيد الله وعبد الله ابني عمر، عن سعيد المقبري، بهذا الإسناد. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن الجارود (15) ، وابن خزيمة (253) ، وأبو عوانة 4/161-162، وابن حبان (1238) ، والبيهقي في "السنن" 1/171. وأخرجه مسلم (1764) (60) ، وأبو عوانة 4/157-159 من طريق عبد الحميد بن جعفر، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/79-80 من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، كلاهما عن سعيد المقبري، به - وبعضهم يزيد فيه على بعض.وسيأتي برقم (9833) من طريق الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، وسيأتي مختصرا بقصة غسله فقط برقم (8037) من طريق عبد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 4/81 من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة.

ثمامة بن أثال -بضم الهمزة وفتح الثاء-: سيد من سادات بني حنيفة قوم مسيلمة الكذاب، ولما ارتد أهل اليمامة عن الإسلام، لم يرتد ثمامة وثبت على إسلامه، وكان مقيما باليمامة ينهاهم عن اتباع مسيلمة وتصديقه، ولما مر العلاء بن الحضرمي ومن معه على جانب اليمامة يريدون البحرين لقتال المرتدين فيها، لحق به ثمامة ومن ثبت معه من قومه على الإسلام، فقاتلوا المرتدين من أهل البحرين، وقتل بعد ذلك رضي الله عنه. انظر "أسد الغابة" 1/294-295، و"الإصابة" 1/410-412. قوله: "إن تقتل تقتل ذا دم"، قال السندي: المعنى: ذا دم عظيم لا يهدر، بل يؤخذ ثأره، ففيه الإشارة إلى رياسته في قومه.

 

ورواه البخاري:


4372 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ فَقَالَ عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ قَالَ مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ فَقَالَ عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ فَقَالَ أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ صَبَوْتَ قَالَ لَا وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وروى أحمد:

 

20611 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: " أَنَّهُ أَسْلَمَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ "

 

إسناده صحيح. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري، والأغرُّ: هو ابن الصبَّاح التَميمي. وأخرجه الترمذي (605) ، وابن خزيمة (254) ، والبغوي (341) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/433 من طريق محمد بن بشار بندار، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والعمل عليه عند أهل العلم: يستحبون للرجل إذا أسلم أن يغتسل ويغسل ثيابه. وأخرجه عبد الرزاق (9833) ، وأبو داود (355) ، والنسائي 1/109، وابن الجارود (14) ، وابن خزيمة (255) ، وابن المنذر في "الأوسط" (640) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/348، وابن حبان (1240) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (866) ، وأبو نعيم في "الحلية" 7/117، والبيهقي في "السنن" 1/171، وفي "معرفة السنن والآثار" (1421) و (1422) ، وفي "الدلائل" 5/317، والبغوي (340) من طرق عن سفيان الثوري، به. ووقع في مطبوع "المنتقى" لابن الجارود: سليمان، بدل: سفيان، وهو خطأ. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/396 و3/187، ومن طريقه البيهقي 1/172 عن قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن أبيه: أن جده قيس بن عاصم... وقال أبو حاتم في "العلل" 1/24: هذا خطأ، أخطأ قبيصة في هذا الحديث إنما هو الثوري، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن جده قيس: أنه أتى النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليس فيه أبوه. قلنا: قبيصة لم ينفرد بهذا الإسناد عن سفيان، بل تابعه عليه وكيع عند المصنف برقم (20615) ، لكن اختُلف على وكيع فيه، فروي عنه أيضاً بإسقاط حصين والد خليفة كما سيأتي، والمحفوظ إسقاطه، وإن ثبت فهو من المزيد في متصل الأسانيد، على أن حصين بن قيس هذا لم يرو عنه غير ابنه، وذكره ابن حبان في "الثقات" 4/156. وأخرجه بأطول مما هنا الطبراني في "الكبير" 18/ (867) ، وفي "الأوسط" (8037) ، والبيهقي في "الدلائل" 5/317 من طريق قيس بن الربيع، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن جدِّه.

 

وذكر ابن إسحاق في السيرة:

 

ثم خرج أبو سفيان حتى قَدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدخل على ابنته أم حبيبة بنت أبي سفيان؛ فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طَوَتْه عنه، فقال: يا بُنيَّةُ، ما أدري أرغبتِ بي عن هذا الفراش أم رغبتِ به عني؟ قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك نجس، ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: واللّه لقد أصابك يا بُنية بعدي شرٌّ.

 

وذكر الواقدي هكذا:

 

ثُمّ قَامَ مِنْ عِنْدِهِ فَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ أُمّ حَبِيبَة َ فَلَمّا ذَهَبَ لِيَجْلِسَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللّهِ ÷ طَوَتْهُ دُونَهُ فَقَالَ أَرَغِبْت بِهَذَا الْفِرَاشِ عَنّى أَوْ بِى عَنْهُ؟ قَالَتْ: بَلْ هُوَ فِرَاشُ رَسُولِ اللّهِ ÷ وَأَنْتَ امْرُؤٌ نَجَسٌ مُشْرِكٌ، قَالَ: يَا بُنَيّةُ لَقَدْ أَصَابَك بِعِلْمِك شَرّ، قَالَتْ: هَدَانِى اللّهُ لِلإِسْلامِ وَأَنْتَ يَا أَبَت سَيّدُ قُرَيْشٍ وَكَبِيرُهَا، كَيْفَ يَسْقُطُ عَنْك الدّخُولُ فِى الإِسْلامِ، وَأَنْتَ تَعْبُدُ حَجَرًا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ؟ قَالَ: يَا عَجَبَاه، وَهَذَا مِنْك أَيْضًا؟ أَأَتْرُكُ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَائِى وَأَتّبِعُ دِينَ مُحَمّدٍ؟

 

طقس الاغتسال لمن يدخل الدين واعتبار المشركين أو مختلفي الاعتقاد والفكر نجسًا ليس في الإسلام فقط، فهو كذلك في اليهودية (الحمام الطقسي لمن يتهود)، وفي المسيحية المعمودية، ولا علم لي بهذه الشعيرة في أديان أخرى لعدم الاطلاع الكافي ولأن الأديان الوثنية وغير الإبراهيمية عدا البودية تتوارث بالنسب والتربية لا بالدخول فيها، يندر جدًّا وجود هندوسي أوربي مثلًا. وكان طقس الاغتسال طقسًا دائمًا للأسينيين وطوائف المغتسلة كعلامة للتطهر الدائم، وكذا الصابئة المندائيين وهو رسم دخول الدين. رغم أن دين الإسلام أباح الأكل مع أهل الكتاب ومن طعامهم والزواج من نسائهم، وأن المفسرون فسروا آية {إنما المشركون نجس} بأنها نجاسة الدين وسوئه حسب قولهم، لكني كما أشرت بمواضع لاحظت وجود تقليد عنصري قوي للسلفيين المصريين وهم كثر بعدم الأكل مع الكتابي المسيحي أو حتى الشرب من زجاجة ماء أو كوب شرب منه. لا يمكنني احترام شخص لا يحترم أخاه الإنسان ولديه مثل هذا الغرور الأجوف والتغطرس والعنجهية الدنيئة، لذا دومًا وقفت مع أخي المسيحي، فعلى كوني ابن المسلمين، فأنا ملحد وابن لمصر القبطية  كذلك كما أعتبر نفسي. ليس كل المسلمين بالتأكيد على هذا النموذج الظلامي، هناك ناس متعلمة وتؤمن بالإخاء الإنساني، لكن يظل الدين عامل تسميم للأجواء بدون سبب معقول. إذا كان الإسلام يجعل هذه هي علاقة الإنسان بأخيه الإنسان حتى أخيه وأبيه وابنه، فكيف يقال عنه دين سلام ومساواة وإخاء وآخر رسالة مزعومة؟!

 

وقال الطبري في التفسير:

 

واختلف أهل التأويل في معنى "النجس"، وما السبب الذي من أجله سمَّاهم بذلك.

فقال بعضهم: سماهم بذلك، لأنهم يجنبون فلا يغتسلون، فقال: هم نجس، ولا يقربوا المسجد الحرام، لأن الجنب لا ينبغي له أن يدخل المسجد.

* ذكر من قال ذلك:

16591- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، في قوله: (إنما المشركون نجس) ،: لا أعلم قتادة إلا قال: "النجس"، الجنابة.

16592- وبه، عن معمر قال: وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي حذيفة، وأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيده، فقال حذيفة: يا رسول الله، إني جُنُب! فقال: إنّ المؤمن لا ينجُس.

16593- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس) ، أي: أجْنَابٌ.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: ما المشركون إلا رِجْسُ خنزير أو كلب.

وهذا قولٌ رُوِي عن ابن عباس من وجه غير حميد، فكرهنا ذكرَه.

 

أما ابن كثير فكان تفسيره هكذا:

 

أَمَرَ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنَيْنِ الطَّاهِرِينَ دِينًا وَذَاتًا بِنَفْيِ الْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ هُمْ نَجَس دينًا، عن المسجد الْحَرَامِ، وَأَلَّا يَقْرَبُوهُ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ. .....

 

وَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى نَجَاسَةِ الْمُشْرِكِ كَمَا دَلَّتْ [عَلَى طَهَارَةِ الْمُؤْمِنِ، وَلِمَا وَرَدَ فِي [الْحَدِيثِ] الصَّحِيحِ: "الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ" وَأَمَّا نَجَاسَةُ بَدَنِهِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِنَجِسِ الْبَدَنِ وَالذَّاتِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ إِلَى نَجَاسَةِ أَبْدَانِهِمْ.

وَقَالَ أَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ: مَنْ صَافَحَهُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

 

صحيح البخاري برقم (283) عن أبي هريرة، ولفظه: "إن المسلم لا ينجس".

 

أما القرطبي فقال:

 

قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ابتداء وخبر. واختلف العلماء في معنى وصف المشرك بالنجس ، فقال قتادة ومعمر بن راشد وغيرهما : لأنه جنب إذ غسله من الجنابة ليس بغسل. وقال ابن عباس وغيره : بل معنى الشرك هو الذي نجسه. قال الحسن البصري من صافح مشركا فليتوضأ. والمذهب كله على إيجاب الغسل على الكافر إذا أسلم إلا ابن عبدالحكم فإنه قال : ليس بواجب ، لأن الإسلام يهدم ما كان قبله. وبوجوب الغسل عليه قال أبو ثور وأحمد. وأسقطه الشافعي وقال : أحب إلي أن يغتسل. ونحوه لابن القاسم. ولمالك قول : إنه لا يعرف الغسل ، رواه عنه ابن وهب وابن أبي أويس. وحديث ثمامة وقيس بن عاصم يرد هذه الأقوال. رواهما أبو حاتم البستي في صحيح مسنده. وأن النبي صلى الله عليه وسلم مر بثمامة يوما فأسلم فبعث به إلى حائط أبي طلحة فأمره أن يغتسل ، فاغتسل وصلى ركعتين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لقد حسن إسلام صاحبكم" وأخرجه مسلم بمعناه. وفيه : أن ثمامة لما من عليه النبي صلى الله عليه وسلم انطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل. وأمر قيس بن عاصم أن يغتسل بماء وسدر. فإن كان إسلامه قبيل احتلامه فغسله مستحب. ومتى أسلم بعد بلوغه لزمه أن ينوي بغسله الجنابة. هذا قول علمائنا ، وهو تحصيل المذهب.

 

وقال مقاتل بن سليمان:

{يَأيُها الذين ءامنوا إِنما المُشركُونَ نَجسٌ}، يعنى مشركي العرب ، والنجس الذي ليس بطاهر ، الأنجاس الأخباث

 

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه:

 

26240- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَافِحَ الْمُسْلِمُ الْيَهُودِيَّ ، وَالنَّصْرَانِيَّ.

 

26241- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ تُصَافِحُوهُمْ ، فَمَنْ صَافَحَهُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ.

 

26242- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : سَأَلْتُه عَنْ مُصَافَحَةِ الْمَجُوسِيِّ فَكَرِهَ ذَلِكَ.

 

22257- حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : أن لاَ يَقْعُدَنَّ قَاضٍ فِي الْمَسْجِدِ يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ فَإِنَّهُمْ نَجَسٌ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}.

 

26239- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْعَسْقَلاَنِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى ابْنَ مُحَيْرِيزٍ يُصَافِحُ نَصْرَانِيًّا فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ.

 

وقال عبد الرزاق في مصنفه:

 

10174 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم قال كانوا يكرهون أن يأكلوا مع اليهود والنصارى وأن يصافحوهم

 

10173 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا عبد الله بن كثير عن شعبة عن معاوية أبي عبد الله العسقلاني قال أخبرني من رأى عبد الله بن محيريز يصافح رجلا نصرانيا بدمشق

 

10175 - قال عبد الرزاق سمعت الثوري وعمران لا يريان بمصافحة اليهودي والنصراني بأسا قال عبد الرزاق ولا بأس به

 

أما ابن حزم فلأنه من الظاهريين الحرفيين فكان لي أن أتوقع أنه سيقول هكذا، كما جاء في المحلى بالآثار له:

 

134 - مَسْأَلَةٌ: وَلُعَابُ الْكُفَّارِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْكِتَابِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ نَجِسٌ كُلُّهُ, وَكَذَلِكَ الْعَرَقُ مِنْهُمْ وَالدَّمْعُ, وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْهُمْ, وَلُعَابُ كُلِّ مَا لاَ يَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِهِ مِنْ طَائِرٍ أَوْ غَيْرِهِ, مِنْ خِنْزِيرٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ هِرٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ فَأْرٍ, حَاشَا الضَّبُعَ فَقَطْ, وَعَرَقُ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا وَدَمْعُهُ حَرَامٌ وَاجِبٌ اجْتِنَابُهُ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} وَبِيَقِينٍ يَجِبُ أَنَّ بَعْضَ النَّجَسِ نَجَسٌ ; لإِنَّ الْكُلَّ لَيْسَ هُوَ شَيْئًا غَيْرَ أَبْعَاضِهِ, فإن قيل: إنَّ مَعْنَاهُ نَجَسُ الدِّينِ, قِيلَ: هَبْكُمْ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ. أَيَجِبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ طَاهِرُونَ حَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا وَمَا فُهِمَ قَطُّ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} مَعَ قَوْلِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ" أَنَّ الْمُشْرِكِينَ طَاهِرُونَ, وَلاَ عَجَبَ فِي الدُّنْيَا أَعْجَبُ مِمَّنْ يَقُولُ فِيمَنْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ نَجَسٌ إنَّهُمْ طَاهِرُونَ, ثُمَّ يَقُولُ فِي الْمَنِيِّ الَّذِي لَمْ يَأْتِ قَطُّ بِنَجَاسَتِهِ نَصٌّ إنَّهُ نَجِسٌ, وَيَكْفِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ سَمَاعُهُ. وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى السَّلاَمَةِ.

فإن قيل: قَدْ أُبِيحَ لَنَا نِكَاحُ الْكِتَابِيَّاتِ وَوَطْؤُهُنَّ, قلنا نَعَمْ, فَأَيُّ دَلِيلٍ فِي هَذَا عَلَى أَنَّ لُعَابَهَا وَعَرَقَهَا وَدَمْعَهَا طَاهِرٌ فإن قيل: إنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْ ذَلِكَ. قلنا: هَذَا خَطَأٌ, بَلْ يَفْعَلُ فِيمَا مَسَّهُ مِنْ لُعَابِهَا وَعَرَقِهَا مِثْلَ الَّذِي يَفْعَلُ إذَا مَسَّهُ بَوْلُهَا أَوْ دَمُهَا أَوْ مَائِيَّةُ فَرْجِهَا, وَلاَ فَرْقَ, وَلاَ حَرَجَ فِي ذَلِكَ, ثُمَّ هَبْكَ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَهُمْ ذَلِكَ فِي نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ, مِنْ أَيْنَ لَهُمْ طَهَارَةُ رِجَالِهِمْ أَوْ طَهَارَةُ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ قَالُوا: قلنا ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ. قلنا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ, ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ, لإِنَّ أَوَّلَ بُطْلاَنِهِ أَنَّ عِلَّتَهُمْ فِي طَهَارَةِ الْكِتَابِيَّاتِ جَوَازُ نِكَاحِهِنَّ, وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَعْدُومَةٌ بِإِقْرَارِهِمْ فِي غَيْرِ الْكِتَابِيَّاتِ. وَالْقِيَاسُ عِنْدَهُمْ لاَ يَجُوزُ إلاَّ بِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ, وَهَذِهِ عِلَّةٌ مُفَرِّقَةٌ لاَ جَامِعَةٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

 

وسؤر كل كافر أو كافرة وسؤر كل مايؤكل لحمه

 

... 135 - مَسْأَلَةٌ: وَسُؤْرُ كُلِّ كَافِرٍ أَوْ كَافِرَةٍ وَسُؤْرُ كُلِّ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَوْ لاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ خِنْزِيرٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ حِمَارٍ أَهْلِيٍّ أَوْ دَجَاجٍ مُخَلًّى أَوْ غَيْرِ مُخَلًّى إذَا لَمْ يَظْهَرْ هُنَالِكَ لِلُّعَابِ مَا لاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَثَرٌ فَهُوَ طَاهِرٌ حَلاَلٌ, حَاشَا مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ فَقَطْ, وَلاَ يَجِبُ غَسْلُ الإِنَاءِ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ, حَاشَا مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ وَالْهِرُّ فَقَطْ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِطَهَارَةِ الطَّاهِرِ وَتَنَجُّسِ النَّجِسِ وَتَحْرِيمِ الْحَرَامِ وَتَحْلِيلِ الْحَلاَلِ, وَذَمَّ أَنْ تُتَعَدَّى حُدُودُهُ, فَكُلُّ مَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ طَاهِرٌ فَهُوَ طَاهِرٌ, وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَتَنَجَّسَ بِمُلاَقَاةِ النَّجِسِ لَهُ ; لإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ, وَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُلُّ مَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ نَجِسٌ فَإِنَّهُ لاَ يَطْهُرُ بِمُلاَقَاةِ الطَّاهِرِ لَهُ ; لإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ, وَلاَ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم . وَكُلُّ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ لاَ يَحْرُمُ بِمُلاَقَاةِ الْحَرَامِ لَهُ ; لإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ, وَلاَ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم . وَكُلُّ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ بِمُلاَقَاةِ الْحَلاَلِ لَهُ ; لإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ, وَلاَ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم . وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ مَنْ ادَّعَى أَنَّ الطَّاهِرَ يَتَنَجَّسُ بِمُلاَقَاةِ النَّجِسِ.

وَأَنَّ الْحَلاَلَ يَحْرُمُ بِمُلاَقَاةِ الْحَرَامِ, وَبَيْنَ مَنْ عَكَسَ الأَمْرَ فَقَالَ: بَلْ النَّجِسُ يَطْهُرُ بِمُلاَقَاةِ الطَّاهِرِ, وَالْحَرَامُ يَحِلُّ بِمُلاَقَاةِ الْحَلاَلِ, كِلاَ الْقَوْلَيْنِ بَاطِلٌ, بَلْ كُلُّ ذَلِكَ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ, إلاَّ أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ بِخِلاَفِ هَذَا فِي شَيْءٍ مَا فَيُوقَفُ عِنْدَهُ, وَلاَ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ. فَإِذَا شَرِبَ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا فِي إنَاءٍ أَوْ أَكَلَ أَوْ أَدْخَلَ فِيهِ عُضْوًا مِنْهُ أَوْ وَقَعَ فِيهِ فَسُؤْرُهُ حَلاَلٌ طَاهِرٌ, وَلاَ يَتَنَجَّسُ بِشَيْءٍ مِمَّا مَاسَّهُ مِنْ الْحَرَامِ أَوْ النَّجَسِ, إلاَّ أَنْ يَظْهَرَ بَعْضُ الْحَرَامِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ, وَبَعْضُ الْحَرَامِ حَرَامٌ كَمَا قَدَّمْنَا. حَاشَا الْكَلْبَ وَالْهِرَّ, فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

139 - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْكَافِرِ نَجِسٌ وَمِنْ الْمُؤْمِنِ طَاهِرٌ,

وَالْقَيْحُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْقَلْسُ وَالْقَصَّةُ الْبَيْضَاءُ وَكُلُّ مَا قُطِعَ مِنْهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَلَبَنُ الْمُؤْمِنَةِ, كُلُّ ذَلِكَ طَاهِرٌ, وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْكَافِرِ وَالْكَافِرَةِ نَجِسٌ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ لاَ يَنْجُسُ" . وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ قَبْلُ, وَبَعْضُ النَّجَسِ نَجَسٌ, وَبَعْضُ الطُّهْرِ طَاهِرٌ, لإِنَّ الْكُلَّ لَيْسَ هُوَ شَيْئًا غَيْرَ أَبْعَاضِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

 

والآن من يعتقد أن الإسلام دين سلام وتقارب وإخاء بين البشر؟! إنه عامل خطير للشر والعنف في العالم ولا شك. أغلب المسلمين ممن اتبعوا القرآن حرفيًّا ارتكبوا الشرور والعنصرية وعدم احترام إخوتهم في الإنسانية وانتشرت الكراهية التي أعمت بصيرتهم بينهم. مسلمو اليوم في معظم اختاروا أسوأ آراء الفقهاء وأكثرها عنصرية فتبنوها، كذلك التعامل العنصري للغاية والحقير ضد باقي البشر كأنهم يتعاملون مع كلب أجرب أو مريض جذام أو جرب! كما قلت الإسلام سيء ولعنة، لكن ممارسات المسلمين أسوأ وألعن وأكثر عنصرية بمراحل. هذه الممارسات العنصرية التحقيرية الجوفاء الغبية لا تزال تمارس من جاهلين من بعض المسلمين وليس كلهم بسبب انتشار الجهل والفقر في دولنا في عصر العلم والرفاهية والحداثة والحرية والكرامة والمساواة في دول أخرى تقدمت. وبالنسبة لابن حزم وعوام المسلمين من دهمائهم فنقول إذا كان القرآن أباح الزواج من الكتابيات والأكل مع الكتابيين فكيف قلتم بعدم جواز ذلك، إنه مما ابتدعتم في دينكم، حيث لم تكتفوا بما فيه من عنصرية وقد كانت كافية حقًّا وبزيادة. وإن قال ابن حزم بتجنب الرجل لعرق ولعاب زوجته الكتابية فيما هو نائم معها في نفس السرير آكلًا معها نفس الأكل الذي تطبخه غالبًا كعادتنا كشرقيين، وحتى في الغرب يغلب أن المرأة هي الطابخة وخلافه، مقبلًا إياها، هل المطلوب التعامل مع زوجة ومعه كمامة؟! هناك خلط للخلايا الجنسية بينهما لإنجاب أطفال للحياة فلا تقل لي يتجنب لعابها. هذه سخافة وعنصرية قذرة تافهة نجسة، لا شيء نجس في الموضوع كله سوى هذه العنصرية. ويظل هناك استنجاس باقي البشر كذلك وفقًا لأصول الإسلام غير المبتدعة، كالزردشتيين المجوس والهندوس وغيرهم من غير الكتابيين. أما أنا فكل البشر إخوتي ولا أكن احترامًا لآراء عنصرية كهذه.

التكبر الإسلامي

 

روى البخاري:

 

 876 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الْأَعْرَجَ مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمْ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ

 

ورواه أحمد 7399 ومسلم 855

 

طبعًا كلام مضحك غير منطقي، لأن ترتيب الأسبوع عند اليهود يبدأ من السبت، والمسيحيين من الأحد!

 

6624 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ


4741 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا آدَمُ يَقُولُ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ فَيُنَادَى بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ قَالَ يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ أُرَاهُ قَالَ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الْحَامِلُ حَمْلَهَا وَيَشِيبُ الْوَلِيدُ { وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ ثُمَّ أَنْتُمْ فِي النَّاسِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الْأَبْيَضِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا قَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ { تَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى } وَقَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَقَالَ جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ { سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى }

3459 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلَا مِنْ الْأُمَمِ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتْ الْيَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ فَعَمِلَتْ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ أَلَا فَأَنْتُمْ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ أَلَا لَكُمْ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ فَغَضِبَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً قَالَ اللَّهُ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّهُ فَضْلِي أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ

 

وروى أحمد:

 

15115 - حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَسْأَلُ عَنِ الْوُرُودِ، قَالَ: نَحْنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كَذَا، وَكَذَا " انْظُرْ، أَيْ: ذَلِكَ فَوْقَ النَّاسِ، قَالَ: " فَتُدْعَى الْأُمَمُ بِأَوْثَانِهَا ، وَمَا كَانَتْ تَعْبُدُ الْأَوَّلَ، فَالْأَوَّلَ، ثُمَّ يَأْتِينَا رَبُّنَا بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقُولُ: مَنْ تَنْتَظِرُونَ ؟ فَيَقُولُونَ: نَنْتَظِرُ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْكَ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ يَضْحَكُ "...إلخ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه مسلم (191) ، وأبو عوانة 1/139-140 من طريق روح، بهذا الإسناد. وزاد أبو عوانة فيه ألفاظاً منكرة. وأخرجه أبو عوانة 1/139 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، و1/139-140 من طريق حجاج بن محمد، كلاهما عن ابن جريج، به. ورواية أبي عاصم مختصرة. وانظر (14721) .

قوله: "نحن يوم القيامة على كذا وكذا، انظر، أي: ذلك فوق الناس" قال النووي في "شرح مسلم" 3/47-48: هكذا وقع هذا اللفظ في جميع الأصول من "صحيح مسلم"، واتفق المتقدمون والمتأخرون على أنه تصحيف وتغيير واختلاط في اللفظ، قال الحافظ عبد الحق في كتابه "الجمع بين الصحيحين" : هذا الذي وقع في كتاب مسلم تخليط من أحد الناسخين، أو كيف كان. وقال القاضي عياض: هذه صورة الحديث في جميع النسخ، وفيه تغيير كثير وتصحيف، قال: وصوابه: نجيء يوم القيامة على كوم، هكذا رواه بعض أهل الحديث- قلنا: هي رواية حديثنا السالف برقم (14721) - وفي كتاب ابن أبي خيثمة من طريق كعب بن مالك: يُحشر الناس يوم القيامة على تل وأمتي على تل، وذكر الطبري في "التفسير" من حديث ابن عمر: فيرقى هو، يعني: محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته على كوم فوق الناس، وذكر من حديث كعب بن مالك: يُحشر الناس يوم القيامة، فأكون أنا وأمتي على تل. قال القاضي: فهذا كله يبين ما تغير من الحديث، وأنه كان أظلمَ هذا الحرفُ على الراوي، أو امّحى، فعبّر عنه بكذا وكذا، وفسره بقوله: أي: فوق الناس، وكتب عليه: انظر، تنبيهاً، فجمع النقلة الكل ونسقوه على أنه من متن الحديث كما تراه. هذا كلام القاضي، وقد تابعه عليه جماعة من المتأخرين، والله أعلم.

 

20011 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ، وَابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ يَعْنِي يَحْيَى بْنَ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَعْنَى قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَزَعَةَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَهْزِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي حَلَفْتُ هَكَذَا وَنَشَرَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ حَتَّى تُخْبِرَنِي مَا الَّذِي بَعَثَكَ اللهُ بِهِ ؟ قَالَ: " بَعَثَنِي اللهُ بِالْإِسْلَامِ " . قَالَ: وَمَا الْإِسْلَامُ ؟ قَالَ: " شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، أَخَوَانِ نَصِيرَانِ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْ أَحَدٍ تَوْبَةً أَشْرَكَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ " . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا حَقُّ زَوْجِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ: " تُطْعِمُهَا إِذَا أَكَلْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ " . ثُمَّ قَالَ: " هَاهُنَا تُحْشَرُونَ . هَاهُنَا تُحْشَرُونَ . هَاهُنَا تُحْشَرُونَ . ثَلَاثًا، رُكْبَانًا وَمُشَاةً، وَعَلَى وُجُوهِكُمْ تُوفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ تَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى أَفْوَاهِكُمُ الْفِدَامُ . أَوَّلُ مَا يُعْرِبُ عَنْ أَحَدِكُمْ فَخِذُهُ " قَالَ ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ فَقَالَ: " إِلَى هَاهُنَا تُحْشَرُونَ

 

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير حكيم- وهو ابن معاوية بن جدة القشيري- وهو صدوق حسن الحديث، وغير والده معاوية بن حيدة، فقد روى لهما أصحاب السنن وعلّق لهما البخاري. عبد الله بن الحارث: هو ابن عبد الملك المخزومي، وأبو قزعة: هو سُوَيد بن حُجَير الباهلي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11431) ، وابن جرير الطبري 5/66 و24/107، والطبراني في "المعجم الكبير" 19/ (1038) من طريق يحيى بن أبي بكير وحده، بهذا الإسناد. ورواية الطبري في الموضع الأول والطبراني مختصرة من قوله: ما حق زوج أحدنا... إلى آخر الحديث. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9180) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/71، والطبراني 19/ (1037) من طريق حجاج الباهلي، والطبراني 19/ (1036) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن أبي قزعة سويد بن حجير، به. واقتصر النسائي على قصة حق الزوجة. وأخرج قصة حق الزوجة وحدها أبو داود (2144) ، والنسائي في "الكبرى" (9151) ، والبيهقي 7/295 من طريق سعيد بن حكيم، عن أبيه حكيم بن معاوية، به. وسيأتي الحديث بطوله بالأرقام (20022) و (20037) و (20043) . وسيأتي مختصراً بالأرقام (20013) و (20015) و (20018) و (20025) و (20026) و (20027) و (20029) و (20030) و (20031) و (20045) و (20049) و (20050) و (20053). وفي باب أن الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، عن عمر بن الخطاب، سلف برقم (184) . وعن أبي هريرة، سلف برقم (9501) . وهما في "الصحيح". وعن ابن عباس عند النسائي في "الكبرى" (5202) . وقوله: "لا يقبل الله من أحد توبة أشرك بعد إسلامه" وقع في هذه الرواية وهم، وصوابه ما وقع في رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: "لا يقبل الله من مشرك يشرك بعدما أسلم عملاً، أو يفارق المشركين إلى المسلمين" وستأتي برقم (20037) . وقد أجمع المسلمون على قَبُول توبة المرتدَّ بعد إسلامه إذا تاب ورجع إلى الإسلام. وفي باب حق الزوجة عن جابر ضمن حديث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ولهنَ عليكم رِزْقُهُن وكسوتهن بالمعروف". أخرجه مسلم (1218) . وفي باب النهي عن ضرب الوجه وتقبيحه بوجه عام دون حصره بالنساء عن أبي هريرة، سلف برقم (7420) . وفي باب صفة حشر الناس عن أبي هريرة، سلف برقم (8647). وعن أبي ذر، سيأتي برقم (21456) . ويشهد لكون هذه الأمة آخر الأمم حديثُ أبي هريرة السالف برقم (7310) .

 

22940 - حدثنا عفان، حدثنا عبد العزيز بن مسلم قال: حدثنا أبو سنان، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهل الجنة عشرون ومائة صف، منهم ثمانون من هذه الأمة" وقال عفان مرة: "أنتم منهم ثمانون صفا"

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح . عفان: هو ابن الصفار، وعبد العزيز بن مسلم: هو القسملي، وأبو سنان: هو ضرار بن مرة الشيباني، وابن بريدة: جاءت تسميته في الرواية رقم (23061) : عبد الله بن بريدة، ويحتمل أن يكون سليمان بن بريدة، فقد جاء الحديث من طريقه، وأيا كان، فهو ثقة . وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (366) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى في "معجم شيوخه" (211) ، وكذا ابن عدي في "الكامل" 4/1420 عن القاسم بن الليث بن مسرور، كلاهما (أبو يعلى والقاسم) عن عبد الله بن معاوية الجمحي، والطبراني في "الأوسط" (8488) من طريق إسحاق ابن عمر، كلاهما عن عبد العزيز بن مسلم، به . لكن قال القاسم بن الليث في روايته: "عن ضرار بن عمرو الملطي" بدل "ضرار بن مرة الشيباني"، وهو خطأ لم يتابعه عليه أحد. وسيأتي عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عبد العزيز بن مسلم القسملي برقم (23002) و (23061). وأخرجه ابن أبي شيبة 11/470-471، والترمذي (2546) ، وابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله" (74) ، وابن حبان (7459) ، والحاكم 1/81-82 من طريق محمد بن فضيل، عن أبي سنان ضرار بن مرة، به . وقال الترمذي: حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1627) من طريق أبي سعد البقال، عن ابن بريدة -هكذا لم يسمه-، عن أبيه . وأبو سعد البقال -وهو سعيد بن المرزبان- ضعيف . = وأخرجه الدارمي (2835) من طريق معاوية بن هشام، وابن ماجه (4289) ، والحاكم 1/82، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 1/275 من طريق الحسين بن حفص الأصبهاني، وابن حبان (7460) ، والحاكم 1/82 من طريق مؤمل بن إسماعيل، والحاكم 1/82 من طريق عمرو بن محمد العنقزي، وأبو سعيد ابن السبط في "فوائده" كما في "المداوي لعلل الجامع الصغير" 3/98-99 من طريق عمار بن محمد، خمستهم، عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه بريدة . وقال معاوية بن هشام في روايته: "عن سليمان بن بريدة، أراه عن أبيه" هكذا على الشك في وصله. وأخرجه مرسلا حسين المروزي في زياداته على "الزهد" لابن المبارك (1572) من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وأرسله أيضا يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي، عن الثوري فيما قاله الحاكم في "مستدركه" 1/82 . قلنا: لم تقع لنا روايتهما في شيء من المصادر التي بين أيدينا، فإن كان محفوظا، فالشك في وصله وإرساله من الثوري، ويؤيد ذلك رواية معاوية بن هشام عنه المذكورة آنفا، فإنه قال فيها: "عن سليمان بن بريدة، أراه عن أبيه" والله أعلم. وفي الباب عن ابن مسعود، سلف برقم (4328) ، وإسناده ضعيف، وانظر تتمة شواهده هناك. ونزيد في شواهده هنا: عن معاوية بن حيدة عند الطبراني في "الكبير" 19/ (1012) وفي إسناده حماد بن عيسى الجهني، وهو ضعيف .

 

كل أمة دينية تقريبًا خاصة أتباع الأديان التوحيدية هؤلاء لديهم تكبر شديد، فكلهم يرون أنهم شعب الله المختار وأحباء الله الخرافي وصفوته ومصطفَيْه ومختاريه.

 

وباقي أحاديث التكبر العنصري والتغطرس ذكرتها عند نص "آية" {كنت خير أمة أخرجت للناس}.

 

الجزية والتمييز العنصري وممارسة الكراهية لإجبار المسيحيين واليهود والصابئة والزردشتيين والمانويين والغنوسيين وغيرهم على الإسلام

 

روى أحمد:

 

16957 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ " وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ، يَقُولُ: "قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ"

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو المغيرة- وهو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني- من رجال الشيخين، وبقية رجال الإسناد ثقات من رجال مسلم. سُلَيم بن عامر: هو الخَبَائري. وأخرجه ابن منده في "الإيمان" (1085) ، والبيهقي في "السنن" 9/181 من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ" 2/150، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/331، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6155) ، وابن منده في "الإيمان" (1085) ، والحاكم 4/430، والبيهقي 9/181 من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع، عن صفوان بن عمرو السكسكي، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي! وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1280) من طريق معاوية بن صالح، عن سليم بن عامر، به. وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/14، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجاله رجال الصحيح. وفي الباب عن شداد بن أوس، سيرد (17115) . وعن عدي بن حاتم، سيرد 4/257. وعن ثوبان، سيرد 5/278. وعن المقداد بن الأسود، سيرد 6/4. وعن عائشة عند مسلم (2907) (52) .

 

(23814) 24315- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لاَ يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ ، وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الإِسْلاَمِ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ ، أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ ، إِمَّا يُعِزُّهُمُ اللَّهُ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا ، أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ لَهَا. (6/4).

 

إسناده صحيح. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/151، وابن حبان (6699) و (6701) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (601) ، وفي "الشاميين" (572) ، وابن منده في "الإيمان" (1084) من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد - وهو عند بعضهم مختصر. وأخرجه ابن منده (1084) ، والحاكم 4/430، والبيهقي 9/181 من طريقين عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وسلف برقم (16957) من طريق صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر، عن تميم الداري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر أحاديث الباب هناك.

قال السندي: قوله: "كلمة الإسلام" أي: حكم الإسلام، وهو أن يسلم أو يعطي الجزية. "بعز عزيز" أي: دخولا مقرونا بعز من أراد الله تعالى له أن يكون عزيزا. قلنا: وأراد ببيت المدر أهل المدن والقرى، والمدر: هو الطين. وببيت الوبر أهل البوادي.

 

(22395) 22754- وَبِهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ ، أَوْ قَالَ : إِنَّ رَبِّي زَوَى لِي الأَرْضَ ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زَوَى لِي مِنْهَا ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ : الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي أَنْ لاَ يَهْلِكُوا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ ، وَلاَ يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لاَ يُرَدُّ ، وَقَالَ يُونُسُ لاَ يُرَدُّ ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ ، أَنْ لاَ أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ ، وَلاَ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا ، أَوْ قَالَ : مَنْ بِأَقْطَارِهَا ، حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يَسْبِي بَعْضًا. وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ. وَإِذَا وُضِعَ فِي أُمَّتِي السَّيْفُ لَمْ يُرْفَعْ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. (5/278).

 

إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه. وأخرجه مطولا ومختصرا أبو داود (4252) ، وأبو عوانة في "الجهاد" (7509) ، وفي الفتن كما في "إتحاف المهرة" 3/48، وأبو عمرو الداني في "الفتن" (4) و (55) و (361) ، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (464) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1113) من طريق سليمان بن حرب، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولا ومختصرا أيضا الطيالسي (991) ، وابن أبي شيبة 11/458، ومسلم (1920) و (2889) ، وأبو داود (4252) ، والترمذي (2176) و (2202) و (2219) و (2229) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (287) ، وفي "الآحاد والمثاني" (456) و (457) ، وأبو عوانة في الجهاد (7509) ، وفي الفتن، وابن حبان (7238) ، وأبو نعيم في "الدلائل" (464) ، وأبو عمرو الداني (360) ، والقضاعي (914) و (1166) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/526-527، والبغوي (4015) من طرق عن حماد بن زيد، به. وأخرجه الحاكم 4/448 من طريق عباد بن منصور، عن أيوب، به . مختصرا بقوله: "لن تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد الأوثان" . وأخرجه مطولا ومختصرا مسلم (2889) ، وابن ماجه (10) و (3952) ، وبحشل في "تاريخ واسط" ص164، وأبو عوانة، وابن حبان (6714) ، والطبراني في "الأوسط" (8392) ، وفي "الشاميين" (2690) ، والبيهقي 9/181 من طريق قتادة، والحاكم 4/449-450 من طريق يحيى بن أبي كثير، كلاهما عن أبي قلابة، به . وسيأتي الحديث عن عفان عن حماد بن زيد برقم (22452) . وسيأتي قوله: "لا تزال طائفة من أمتي ..." مختصرا برقم (22403) . وانظر شواهده هناك . وقوله: "إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين" سلف برقم (22393) و (22394) . وقد سلف هذا الحديث بتمامه في مسند شداد بن أوس برقم (17115) من طريق معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء، عن شداد، فجعله من حديث شداد، وهو خطأ من معمر، وقد سلف الكلام على هذا الإسناد وشرحه هناك. وفي باب قوله: "لا يهلكوا بسنة بعامة، ولا يسلط عليهم عدوا" عن أنس، سلف برقم (12486) ، وذكرت شواهده هناك . وقوله: "سيكون كذابون ثلاثون" عن ابن عمر، سلف برقم (5694) ، وعن أبي هريرة، سلف برقم (7228) ، وذكرت شواهده عندهما .

قال السندي: قوله: "زوى لي الأرض" كرمى، أي: ضم زواياها، وهو يحتمل أن يكون حقيقة، ويحتمل أنه خلق له الإدراك فيكون مجازا، فإنه لما أدرك جميعها صار كأنه جمعت له حتى رآها، والمراد من الأرض ما سيبلغها ملك الأمة لا كلها، كما يدل عليه ما بعده . "مشارقها" أي البلاد الشرقية منها، وكذا مغاربها. "الأحمر" : الذهب، و"الأبيض" : الفضة . "بسنة" : بقحط .

 

21758 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ فِي مَرَضِهِ نَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ حُبِّ يَهُودَ " فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: فَقَدْ أَبْغَضَهُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، فَمَاتَ.

 

إسناده ضعيف، فإن ابن إسحاق مدلِّس، وهو هنا لم يصرح بسماعه من الزهري . وأخرجه الضياء في "المختارة" (1330) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (3094) ، والبزار في "مسنده" (2571) ، والطبراني في "الكبير" (390) ، والحاكم 1/341، والضياء (1328) و (1329) من طرق عن محمد بن إسحاق، به . وزادوا في آخره: فلما مات أتاه ابنه فقال: يا رسول الله، إن عبد الله بن أبي قد مات، فأعطِني قميصك أكفِّنه فيه . فنزع رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قميصه فأعطاه إياه . قلنا: وهذه الزيادة في إلباس النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قميصه لعبد الله بن أُبي صحيحة، قد جاءت من حديث ابن عمر، وقد سلف برقم (4680) ، ومن حديث جابر، وقد سلف برقم (15075) .

 

أصل هذا الخبر في السيرة لابن إسحاق. وذكر الواقدي:

 

قَالُوا: وَمَرِضَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَىّ فِى لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَوّالٍ، وَمَاتَ فِى ذِى الْقَعْدَةِ، وَكَانَ مَرَضُهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ ÷ يَعُودُهُ فِيهَا، فَلَمّا كَانَ الْيَوْمُ الّذِى مَاتَ فِيهِ دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ ÷ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ: “قَدْ نَهَيْتُك عَنْ حُبّ الْيَهُودِ”، فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَىّ: أَبْغَضَهُمْ سَعْدُ بْنُ زُرَارَةَ فَمَا نَفَعَهُ، ثُمّ قَالَ ابْنُ أُبَىّ: يَا رَسُولَ اللّهِ لَيْسَ بِحِينِ عِتَابٍ هُوَ الْمَوْتُ، فَإِنْ مُتّ فَاحْضُرْ غُسْلِى وَأَعْطِنِى قَمِيصَك أُكَفّنُ فِيهِ فَأَعْطَاهُ الأَعْلَى - وَكَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ - فَقَالَ: الّذِى يَلِى جِلْدَك، فَنَزَعَ قَمِيصَهُ الّذِى يَلِى جِلْدَهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمّ قَالَ: صَلّ عَلَىّ وَاسْتَغْفِرْ لِى.

 

لدي شك أن الرجل هو من طلب قميص محمد، فلو صح هذا لكان معناه أنه آمن بمزاعم محمد وأنه رسول، لكن القرآن نفسه لام فيه محمد نفسه على صلاته على عبد الله بن أبي كما نعلم على لسان الله الخرافي. والخلاصة هنا ترويج الكراهية للإخوة في الإنسانية، واعتبار أي حدث عادي كالموت البيولوجي الذي يصيب الجميع من الكائنات عديدة الخلايا لأننا لدينا برنامج تنظيم لموت الخلايا وتكاثرها فلو عاشت خلية للأبد تتحول إلى سرطان بلا نظام، اعتبره محمد عظة ما لأجل عدم كره إخوة في الإنسانية، نموذج للاستدلالات الغير منطقية.

 

وروى مسلم:

 

[ 2907 ] حدثنا أبو كامل الجحدري وأبو معن زيد بن يزيد الرقاشي واللفظ لأبي معن قالا حدثنا خالد بن الحارث حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن الأسود بن العلاء عن أبي سلمة عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى فقلت يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون }  أن ذلك تاما قال انه سيكون من ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفي كل من في قلبه مثقال حبه خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم

 

الأيديولوجي الإسلامية هي إكراه البشر على الإسلام بالعنصرية والاضطهاد، أي قراءة لتاريخ البطاركة لساويرس بن المقفع أو القصارى في نكبات النصارى وغيرها سيكشف لك ذلك، شهادتي للحق واجبة فكل الأقليات الدينية والفكرية أمام الإسلام والتعصب الديني للأغلبية في نفس الخندق والجبهة.

 

 

 

ترويج الكراهية بين بني البشر لأسباب وهمية خرافية

 

روى البخاري:

 

427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنْ الصُّوَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمْ الْعَبْدُ الصَّالِحُ أَوْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ.

  

435 و 436 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَا لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا

 

3460 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا تَابَعَهُ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


2223 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا

2236 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ فَقَالَ لَا هُوَ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

وروى أحمد:

 

14953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ: " أَفَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانُوا، وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَبَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، أَنْتُمْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ، قَتَلْتُمْ أَنْبِيَاءَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَبْتُمْ عَلَى اللهِ، وَلَيْسَ يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ، قَدْ خَرَصْتُ عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلِي، فَقَالَوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، قَدْ أَخَذْنَا، فَاخْرُجُوا عَنَّا

 

إسناده قوي على شرط مسلم، محمد بن سابق صدوق لا بأس به، وأبو الزبير قد صرح بسماعه من جابر فيما سلف برقم (14161) . وأخرجه أبو داود (3414) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/247، والدارقطني 2/133-134، والبيهقي 4/123 من طريق محمد بن سابق، بهذا الإسناد- ورواية الطحاوي مختصرة. وأخرجه الطحاوي 2/38-39 و3/247 من طريق أبي عون الزيادي، عن إبراهيم بن طهمان، به. والموضع الثاني مختصر ليس فيه قول ابن رواحة.

 

بدلًا من نشر مفهوم الأخوة الإنسانية، تروج نصوص الإسلام للكره والبغض بين البشر لأسباب واهية وهمية. المسلمون اعتبروا الحبشة الذين آووهم وحموهم واستضافوهم بعداء وبغضاء! هذا يجعلنا نفهم طبيعة العقلية الإسلامية المتطرفة التي لا يعرف الإخاء الإنساني ولا العطف والإحسان طريقًا لتنوير نفوسها وعقولها المظلمة الكارهة، المسلمون اتخذوا قبور صالحيهم ونبيهم وأنبيائهم الأسطوريين مساجد مثلهم كاليهود والمسيحيين، لدينا مسجدان للحسين واحد بمصر والآخر بالعراق، والمسجد النبوي المحمدي به قبر محمد يزورونه منذ القدم وحتى اليوم، وقبور الأنبياء كيحيى وإبراهيم وحزقيال وذي الكفل وغيرها في فلسطين، وهم أغنياؤهم أصحاب الأعمال ورؤوس الأموال أكلوا أموال الناس بالباطل وهذا أسوأ من بيع الخمر، فبيع الخمر ليس سرقة. وروى البخاري:

4230 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالْآخَرُ أَبُو رُهْمٍ إِمَّا قَالَ بِضْعٌ وَإِمَّا قَالَ فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي فَرَكِبْنَا سَفِينَةً فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَكَانَ أُنَاسٌ مِنْ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا يَعْنِي لِأَهْلِ السَّفِينَةِ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَةً وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ مَنْ هَذِهِ قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ قَالَ عُمَرُ الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ قَالَتْ أَسْمَاءُ نَعَمْ قَالَ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكُمْ فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ كَلَّا وَاللَّهِ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ وَكُنَّا فِي دَارِ أَوْ فِي أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُهُ وَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَمَا قُلْتِ لَهُ قَالَتْ قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا قَالَ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ قَالَتْ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالًا يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَا مِنْ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بُرْدَةَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّي

 

ورواه مسلم 2503

 

دعاء محمد بانتقال وباء يثرب إلى موطن لليهود في منطقة الجحفة حسب زعمه الأسطوريّ

 

روى البخاري وأحمد وغيرهما واللفظ لأحمد:

 

26240 - حدثنا يونس، حدثنا حماد يعني ابن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي وبيئة ذكر أن الحمى صرعتهم، فمرض أبو بكر وكان إذا أخذته الحمى يقول:

[البحر الرجز]

 

كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله

قالت: وكان بلال إذا أخذته الحمى يقول:

[البحر الطويل]

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل

وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل

اللهم العن عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأمية بن خلف كما أخرجونا من مكة، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لقوا قال: " اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة، أو أشد، اللهم صححها وبارك لنا في صاعها ومدها ، وانقل حماها إلى الجحفة " قال: فكان المولود يولد بالجحفة، فما يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى

 

 إسناده صحيح على شرط الشيخين. يونس: هو ابن محمد المؤدب. وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/568 من طريق مسدد، عن حماد بن زيد، يهذا الإسناد. وأخرجه الحميدي (223) - ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" 22/92 - عن سفيان بن عيينة، والبخاري (1889) ، والبيهقي في "الدلائل" 2/565-566 من طريق أبي أسامة، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/191 من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، ثلاثتهم عن هشام، به، بألفاظ متقاربة، وليس عندهم قصة المولود، وبعضهم زاد ذكر عامر بن فهيرة مع أبي بكر وبلال، وأنه قال:

وجدت طعم الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه

وسلف مختصرا برقم (24288) ، وانظر أرقام مكرراته هناك. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/890-89، ومن طريقه أخرجه البخاري (3926) و (5654) و (5677) ، وفي "الأدب المفرد" (525) ، والنسائي في "الكبرى" (7495) ، وابن حبان (3724) ، والبيهقي في "السنن" 3/382، والبغوي في "شرح السنة" (2013) . قال البغوي: هذا حديث صحيح. ورواه مسلم بإسناد آخر برقم 1376 مختصرًا.

 

وقال ابن حبان عقب الحديث: العلة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بنقل الحمى إلى الجحفة أن الجحفة حينئذ كانت دار اليهود، ولم يكن بها مسلم، فمن أجله قال صلى الله عليه وسلم : "وانقل حماها إلى الجحفة ".

 

دومًا ما كان هذا هو تصور الإنسان البدائي لإلهه أو إلهته أو آلهته، فهو ينصر قومه كأصدقاء له وحليف لهم، ويحارب ويبيد الآخرين لمجرد أنهم آخرون ليسوا من قوم المرء، تصورات ساذجة غثة، فلو أن هناك إلهًا للكون ما الذي سيجعله يتحيز لبشر على بشر آخرين، أو حتى كائنات أخرى كالبشر على غيرها من الكائنات، ولا سيما أن المسلمين عمومًا دينًا وتاريخًا سوى بعض أحداث العصر الحديث كانوا من أعنف الناس وأشرهم وأنا أعرض تشريعاتهم وتاريخهم في هذا الكتاب لنرى سوء الدين الإسلامي وتشريعاته والأتباع القدماء وبعض المعاصرين وقبح الفقه الذي كثيرًا ما جاء بتشريعات أسوأ من القرآن والأحاديث ذاتها. ناهيك عن أن يبيد الله أطفالًا لمجرد أنهم نسل يهودٍ.

 

استعمال كلمة قس وقسيسين على أنها شتيمة!

 

روى أحمد:

 

* 17711 - حَدَّثَنَا هَارُونُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ زِيَادٍ الْحَضْرَمِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ، حَدَّثَهُ: أَنَّهُ، مَرَّ وَصَاحِبٌ لَهُ بِأَيْمَنَ وَفِتيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ حَلُّوا أُزُرَهُمْ ، فَجَعَلُوهَا مَخَارِيقَ يَجْتَلِدُونَ بِهَا، وَهُمْ عُرَاةٌ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَمَّا مَرَرْنَا بِهِمْ قَالُوا: إِنَّ هَؤُلَاءِ قِسِّيسِينَ (1) فَدَعُوهُمْ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ تَبَدَّدُوا ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُغْضَبًا، حَتَّى دَخَلَ وَكُنْتُ أَنَا وَرَاءَ الْحُجْرَةِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " سُبْحَانَ اللهِ، لَا مِنَ اللهِ اسْتَحْيَوْا، وَلَا مِنْ رَسُولِهِ اسْتَتَرُوا "، وَأُمُّ أَيْمَنَ عِنْدَهُ تَقُولُ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ عَبْدُ اللهِ: " فَبِلَأْيٍ مَا اسْتَغْفَرَ لَهُمْ "، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ

 

(1) كذا في سائر الأصول الخطية و"مسند" أبي يعلى، وعلى هذه الرواية شرح السندي كما سيأتي، وفي (م) و"فتوح مصر" و"شُعب الإيمان": قسيسون، وهو الجادة.

 

إسناده صحيح. هارون: هو ابن معروف المروزي، وعمرو: هو ابن الحارث بن يعقوب المصري. وأخرجه-أبو يعلى (1540) ، عن هارون، بهذا الإسناد. وفى آخره: قال عبد الله: فبأبي ما استغفر لهم. وأخرجه البيهقي في "شعب الايمان" (7763) من طريق بحر بن نصر، عن ابن وهب، به. وعنده: فلا والله ما استغفر لهم. وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص301، والبزار (2029- كشف الأستار) من طريق ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد، به. وقال في آخره: غفر الله له.

قال السندي: قوله: "وصاحبٌ له"، أي: مرَّ هو وصاحب له، ففيه العطف على الضمير المرفوع المتصل بلا فصل ولا توكيد. "مخاريق" جمع مخراق، وهو ثوب يُلف ويَضرب به الصبيانُ بعضهم بعضاً. "قسيسين" بكسر قاف وتشديد سين مكسورة، والقسيس: هو العالم في لغة الروم، والظاهر قسيسون بالواو رفعاً، إلا أن يقال التقدير: إنهم على فعلهم، أو على حالهم، فهو على تقدير المضاف ثم إبقاء المضاف إليه بعد حذف المضاف على الجر. "تبددوا"، أي: تفرقوا. "فبلأيِ" بفتح اللام بعدها همزة ساكنة وبعدها ياء، والباء جارة، أي: بعد مشقة وجهد وإبطاء.

 

 

يوجد خطأ لغوي ثابت في معظم أصول مسند أحمد هو نصب خبر إن بدل رفعها! "إن هؤلاء قسيسين"، إنه لمشكوكٌ فيه بدرجة كبيرة أن عربيًّا من القدماء الأوائل بما فيهم محمد كان سيرتكب غلطة في أساسيات اللغة البسيطة كهذه، قبل عصر الفتوحات وحصول النسل المختلط مع الشعوب (الموَلَّدين) مرتكبي الأخطاء النحوية والصرفية (اللحن في اللغة). ربما يخبرنا هذا أن الحديث على صحة إسناده وجماله وروعته ملفَّق غالبًا، لم يكن عنصر الثقافة الإسلامية قد اكتمل ليصف بعنصرية الناس بأنهم قسيسون كشتيمة، محمد لم يتعامل مع المسيحيين بحكم كونه في يثرب سوى قليلًا، كمصادر له مثلًا للأساطير، لكن لم يكن هناك كثيرون منهم في مكة ويثرب بحيث يحدث احتكاك كبير مع المسلمين الأوائل. الاحتكاك الحقيقي حدث بفتح مصر والشام في عصر الخلفاء الأربعة الأوائل والتعامل مع هذين الشعبين في عصر الأمويين والعباسيين مما ولد كراهيات دينية متبادلة مؤسسة على أسس نصية قرآنية قوية. تحدثت أكثر عن هذه الغلطة النحوية بباب الأخطاء النحوية.

 

كلام عنصري ضد قبائل مسيحية وعربية وثنية آنذاك مما قاله محمد ونسب له

 

روى أحمد:

 

(19445و19446) 19675- حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الأَزْدِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ يَوْمًا خَيْلاً وَعِنْدَهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَا أَفْرَسُ بِالْخَيْلِ مِنْكَ ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ : وَأَنَا أَفْرَسُ بِالرِّجَالِ مِنْكَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَكَيْفَ ذَاكَ ؟ قَالَ : خَيْرُ الرِّجَالِ رِجَالٌ يَحْمِلُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ جَاعِلِينَ رِمَاحَهُمْ عَلَى مَنَاسِجِ خُيُولِهِمْ ، لاَبِسُو الْبُرُودِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَبْتَ بَلْ خَيْرُ الرِّجَالِ رِجَالُ أَهْلِ الْيَمَنِ ، وَالإِيمَانُ يَمَانٍ إِلَى لَخْمٍ وَجُذَامَ وَعَامِلَةَ ، وَمَأْكُولُ حِمْيَرَ خَيْرٌ مِنْ آكِلِهَا ، وَحَضْرَمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ ، وَقَبِيلَةٌ خَيْرٌ مِنْ قَبِيلَةٍ ، وَقَبِيلَةٌ شَرٌّ مِنْ قَبِيلَةٍ ، وَاللَّهِ مَا أُبَالِي أَنْ يَهْلِكَ الْحَارِثَانِ كِلاَهُمَا ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُلُوكَ الأَرْبَعَةَ : جَمَدَاءَ ، وَمِخْوَسَاءَ ، وَمِشْرَخَاءَ ، وَأَبْضَعَةَ ، وَأُخْتَهُمُ الْعَمَرَّدَةَ ثُمَّ قَالَ : أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أَلْعَنَ قُرَيْشًا مَرَّتَيْنِ ، فَلَعَنْتُهُمْ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ ، فَصَلَّيْتُ عَلَيْهِمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ : عُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، غَيْرَ قَيْسٍ وَجَعْدَةَ وَعُصَيَّةَ ثُمَّ قَالَ : لأَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَأَخْلاَطُهُمْ مِنْ جُهَيْنَةَ خَيْرٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ وَتَمِيمٍ وَغَطَفَانَ وَهَوَازِنَ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ : شَرُّ قَبِيلَتَيْنِ فِي الْعَرَبِ نَجْرَانُ ، وَبَنُو تَغْلِبَ ، وَأَكْثَرُ الْقَبَائِلِ فِي الْجَنَّةِ مَذْحِجٌ وَمَأْكُولُ.

قَالَ : قَالَ أَبُو الْمُغِيرَةِ : قَالَ صَفْوَانُ : حِمْيَرَ حِمْيَرَ خَيْرٌ مِنْ آكِلِهَا قَالَ : مَنْ مَضَى خَيْرٌ مِمَّنْ بَقِيَ. (4/387)

 

إسناده صحيح. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وصفوان بن عمرو: هو السكسكي وهو عند المصنف في "فضائل الصحابة" (1650) بهذا الإسناد. وأخرجه بتمامه الطبراني في "مسند الشاميين " (969) من طريقين عن أبي المغيرة، به، ولم يرد عنده استثناء قيس وجعدة وعصية. وأخرجه مختصرا ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2269) و (2282) مفرقا، والنسائي في "الكبرى" (8351) من طريق أبي المغيرة به. وأخرجه مختصرا جدا الطبراني في "مسند الشاميين" (2040) من طريق عافية ابن أيوب المصري، والحاكم 4/81 من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن معاوية بن صالح- وهو ابن حدير- عن شريح بن عبيد، عن عبد الرحمن بن عائذ، به. قال الحاكم: هذا حديث غريب المتن صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وسقط اسم شريح بن عبيد من مطبوع "مستدرك" الحاكم، و"تلخيص" الذهبي. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/248-249 مختصرا، وابن أبي عاصم (2270) و (2283) مفرقا مختصرا، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/327-328 مطولا، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (804) من طريق عبد الله بن يوسف- وهو التنيسي الكلاعي الحمصي- عن يحيى بن حمزة- وهو ابن واقد الدمشقي- عن أبي حمزة العنسي- وهو عيسى بن سليم الحمصي الرستني- عن عبد الرحمن بن جبير- وهو ابن نفير الحضرمي الحمصي- (وتحرف اسمه في مطبوع "المعرفة والتاريخ" إلى عبد الله) وراشد ابن سعد المقرئي وشبيب الكلاعي- وهو ابن نعيم أبو روح الحمصي- عن جبير بن نفير- عن عمرو بن عبسة، به. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير راشد بن سعد المقرئي، فمن رجال أصحاب السنن، وروى له البخاري في "الأدب المفرد"، وهو ثقة، وشبيب الكلاعي، فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو ثقة. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/43، وقال: رواه أحمد متصلا ومرسلا، والطبراني، وسمى الثاني (كذا في طبعة القدسي، وفي طبعة دار الفكر: وسمى الساقط) بسر بن عبيد الله، ورجال الجميع ثقات. قلنا: إنما رواه أحمد بإسناد متصل، وبإسناد فيه رجل مبهم، وهو الذي سيرد برقم (19450) من طريق حسن بن موسى، عن زهير بن معاوية، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن رجل عن عمرو بن عبسة، ويأتي الكلام عليه في موضعه. وأورده الهيثمي كذلك 1/43-44، مطولا، وقال: رواه الطبراني عن شيخه بكر بن سهل الدمياطي، قال الذهبي: حمل عنه الناس، وهو مقارب الحال، وقال النسائي: ضعيف، وبقية رجاله رجال الصحيح، وقد رواه بنحوه بإسناد جيد عن شيخين آخرين. وسلف منه قوله: "شر قبيلتين في العرب نجران وبنو تغلب" برقم (19442) وإسناده حسن. وفي الباب في قوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض يوما خيلا... إلى قوله: لعن الله الملوك الأربعة... وأختهم العمردة، عن معاذ بن جبل عند الطبراني في "الكبير" 20/ (192) من طريق خالد بن معدان، عنه، ولم يسمع منه، ولفظ معاذ فيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا يعرض الخيل... وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/44، وقال: رواه الطبراني، ورجاله ثقات إلا أن خالد بن معدان لم يسمع من معاذ. وفي الباب في قوله: "الإيمان يمان" عن أبي هريرة سلف برقم (7202) لإسناده صحيح على شرط الشيخين، وأحاديث الباب فيه مذكورة عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 4/259-261. وبسطنا شرحه في حديث أبي هريرة المشار إليه. وفي الباب في قوله: "عصية عصت الله ورسوله" عن ابن عمر سلف برقم (4702) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وذكرنا أحاديث الباب هناك. وفي الباب في قوله: "أسلم وغفار ومزينة وأخلاطهم من جهينة خير من بني أسد وتميم وغطفان وهوازن عند الله عز وجل يوم القيامة" عن أبي هريرة سلف برقم (7150) بلفظ: "لأسلم وغفار وشيء من مزينة وجهينة- أو: شيء من جهينة ومزينة-، خير عند الله- قال: أحسبه قال: يوم القيامة- من أسد وغطفان وهوازن وتميم" وهو عند البخاري (3523) ، ومسلم (2521) . وعن أبي بكرة الثقفي، سيأتي 5/36، ولفظه: "أرأيتم إن كان جهينة وأسلم وغفار ومزينة خيرا عند الله من بني أسد، ومن بني تميم، ومن بني عبد الله بن غطفان، ومن بني عامر بن صعصعة؟" فقال رجل: قد خابوا وخسروا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم خير من بني تميم، ومن بني عامر بن صعصعة، ومن بني أسد، ومن بني عبد الله بن غطفان". وأخرجه البخاري (3515) و (3516) و (6635) ، ومسلم (2522) (193) و (194) و (195) . وفي بعض رواياته أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك بعد أن قال له الأقرع بن حابس التميمي: إنما بايعك سراق الحجيج. وذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/45 بسياقة أخرى، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قاله وعنده عيينة بن حصن الفزاري، قال الهيثمي: وفيه الحسن بن أبي جعفر. قلنا: وهو ضعيف. وعن أنس عند البزار (2814) (زوائد) مرفوعا بلفظ: "لأسلم وغفار ورجال من مزينة وجهينة خير من الحليفين غطفان وبني عامر بن صعصعة" فقال عيينة ابن حصن: والله لأن أكون في هؤلاء في النار- يعني غطفان وبني عامر- أحب إلي من أن أكون في هؤلاء في الجنة. أورده الهيثمي في "المجمع" 10/45، وقال: وفيه إبراهيم بن محمد بن جناح، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي هريرة بلفظ: "قريش، والأنصار، وجهينة، ومزينة، وأسلم، وغفار، وأشجع موالي، ليس لهم مولى دون الله ورسوله". سلف برقم (7904) ، وهو متفق عليه. وبنحو لفظ حديث أبي هريرة عن زيد بن خالد الجهني، وأبي أيوب الأنصاري، سيأتيان 5/193- 194 و417-418. وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (4702) بلفظ: "أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها".

 

والملوك الأربعة الذين لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ذكر ابن سعد في "الطبقات" 5/13 أنهم كانوا وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم مع الأشعث بن قيس، فأسلموا ورجعوا إلى بلادهم، ثم ارتدوا، فقتلوا يوم النجير، وإنما سموا ملوكا لأنه كان لكل واحد منهم واد يملكه بما فيه. قلنا: وذكرهم ابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" ص428. والنجير؛ ذكر ياقوت في "معجمه" أنه حصن باليمن قرب حضرموت منيع، لجأ إليه أهل الردة مع الأشعث بن قيس في أيام أبي بكر رضي الله عنه، فحاصره زياد بن لبيد البياضي حتى افتتحه عنوة، وقتل من فيه، وأسر الأشعث بن قيس، وذلك في سنة (12) للهجرة.

 

قال السندي: قوله: يعرض، من العرض.  أفرس: أكثر معرفة.  على مناسج خيولهم؛ جمع منسج بكسر الميم، وهو للفرس بمنزلة الكاهل للإنسان.  إلى لخم؛ بفتح فسكون معجمة: قبيلة من اليمن.  وجذام: بالضم قبيلة من اليمن. وعاملة: بكسر الميم، من قضاعة.  ومأكول حمير؛ أي: أمواتهم، فإنهم أكلتهم الأرض. خير من آكلها؛ أي: أحيائها.  وحضر موت: أي أهلها.  الحارثان: ظاهره أن المراد بهما حضرموت وبنو الحارث، فكأنه أطلق عليهما الحارثان تغلبيا، ولعل المراد ملوك كندة وحضرموت، والله تعالى أعلم.  جمدا؛ بفتح فسكون، أو بفتحتين، ففي القاموس: جمد بن معدي كرب من ملوك كندة، أو هو بالتحريك.  ومخوسا: ضبط بكسر فسكون، وكذا مشرحا، وأما أبضعة: فضبط بفتح فسكون، وهم إخوة، وأختهم العمردة ، ضبط بفتحات مع تشديد الراء.  قلنا: وعصية؛ قال الحافظ في "الفتح" 6/544: هم بطن من بني سليم ينسبون إلى عصية- بمهملتين مصغر- ابن خفاف- بضم المعجمة وفاءين مخفف- ابن امرىء القيس بن بهثة- بضم الموحدة وسكون الهاء بعدها مثلثة- ابن سليم-[بن منصور] قلنا: وذكر ابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" ص468 أنهم من بطون قبائل قيس عيلان بن مضر.

 

19442 - حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عثمان بن عبيد أبو دوس اليحصبي، حدثنا عبد الرحمن بن عائذ الثمالي، عن عمرو بن عبسة السلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " شر قبيلتين في العرب نجران وبنو تغلب "

 

صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عثمان بن عبيد، وهو أبو دوس اليحصبي الشامي، وبقية رجاله ثقات. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن حجاج الخولاني الحمصي. وأخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء" 1/170 من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولا يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/329 عن عبد الله بن يوسف التنيسي، عن يحيى بن حمزة، عن أبي حمزة- وهو عيسى ابن سليم الرستني الحمصي- عن عبد الرحمن بن جبير الحضرمي وراشد بن سعد المقرئي وشبيب الكلاعي، عن جبير بن نفير، عن عمرو بن عبسة، به. وهذا إسناد صحيح. (وتحرف اسم عبد الرحمن بن جبير في مطبوع "المعرفة والتاريخ " إلى عبد الله بن جبير) . وسيرد مطولا برقم (19445) .

 

 

وروى البخاري:

 

3515 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي أَسَدٍ وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَقَالَ رَجُلٌ خَابُوا وَخَسِرُوا فَقَالَ هُمْ خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَمِنْ بَنِي أَسَدٍ وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ

 

3516 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةَ ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ شَكَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي عَامِرٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ خَابُوا وَخَسِرُوا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَخَيْرٌ مِنْهُمْ

 

ورواه أحمد 20384 و20423 و20410 و20487 و20510 و20513 و7150 ومسلم 2522

 

وقال ابن أبي شيبة:

 

16449- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , عَنْ حَبِيبٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ قَالَ : سُئِلَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ نَصَارَى الْعَرَبِ هَلْ تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ : لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَلاَ طَعَامُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ.

 

16451- حَدَّثَنَا عَفَّانَ قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ قَالَ : كُلُوا ذَبَائِحَ بَنِي ثَعْلَبَةَ وَتَزَوَّجُوا نِسَاءَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْهُمْ إلاَّ بِالْوِلاَيَةِ لَكَانُوا مِنْهُمْ.

 

16452- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي مِعْشَرٍ , عَنْ إبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَرِهَ ذَبَائِحَ نَصَارَى الْعَرَبِ وَنِسَاءَهُمْ.

وروى عبد الرزاق:

 

8570 - عبد الرزاق قال اخبرنا معمر عن أيوب عن بن سيرين عن عبيدة السلماني أن عليا كان يكره ذبيحة نصارى بني تغلب ويقول انهم لا يتمسكون من النصرانية إلا بشرب الخمر

 

قلت في ج1 أن سبب لعن محمد لملوك حمير ومنهم مخوس هو أنهم أول من تركوا الإسلام المجبَرين عليه بالسيف في آخر حياة محمد، فهم أول حركة الردة المبكرة التي ستتنامى بعد موت محمد، وذكرت تفاصيل أكثر، وهنا نرى لعن محمد للقبائل المسيحية المعروفة تاريخيًّا بشدة الثبات على المسيحية كعقيدة وولاء لأنهم رفضوا اتباع دينه الذين يريد سوق الكل له بالإجبار والجزية والاضطهاد، وعندما درست ذات مرة كمراجع لغوي بدار نشر تاريخ أسر لبنانية مسيحية كان أغلبهم ينسبون أنفسهم لغسان أو تغلب. المفاضلة بين الناس تكون على أساس حسن الأخلاق الإنسانية العلمانية والتقدم والرقي، وليس بتمييز عنصري ديني طائفي كما في أحاديث محمد المفاضلة بين البشر. وتصل العنصرية إلى درجة تمني موت بعض القبائل والمدن (مأكول حمير خير من آكلها) و(ما أبالي أن يهلك الحارثان). وهو مناقض بالمناسبة بالنسبة لملوك حمير مع حديث أحمد:

 

(22335) 22691- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَوَقَفَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي اللَّيْلَةَ الْكَنْزَيْنِ : كَنْزَ فَارِسَ وَالرُّومِ ، وَأَمَدَّنِي بِالْمُلُوكِ مُلُوكِ حِمْيَرَ الأَحْمَرَيْنِ ، وَلاَ مَلِكَ إِلاَّ الِلَّهُ ، يَأْتُونَ يَأْخُذُونَ مِنْ مَالِ اللهِ ، وَيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَالَهَا ثَلاَثًا.(5/272).

 

إسناده ضعيف لجهالة أبي همام الشعباني، جهله الحسيني، وقال الهيثمي في "المجمع" 10/56: لم أعرفه . وهو في "مصنف" عبد الرزاق (19878) .

 

ربما للحديث مصداقية فلعله تفاءل بهم لما جاءه وفدهم، حتى فاجؤوه بعدم حبهم لدينه وخرافاته. ولم أورد هذا في باب التناقضات لأن حديث ملوك حمير ضعيف. لكن هناك مودة ومناصرة لليمنيين في نصوص أخرى كما روى البخاري:

3517 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ

 

7139 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا تُوثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ تَابَعَهُ نُعَيْمٌ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ

 

ترويج هذه الخرافة والوعد آنذاك كان لمعارضة الدولة الأموية وقد أثار غضب الأمويين ومعاوية الخليفة.

 

وقد وصلت الكراهية للمسيحيين أن بعض متطرفي المسلمين لم يكتفوا بعنصرية القرآن، بل تزيدوا عليها، فالقرآن سمح بالزواج من الكتابيات والأكل مع رجالهم ونسائهم كإخوة في الإنسانية، وبعضهم إلى اليوم وكثيرون جدًّا في مصر بصورة غريبة لا يقبلون بالأكل معهم أو الشرب مما شربوا منه من ماء، بعنصرية حقيرة تافهة عنجهية، وقد حاول أحدهم لما علم بإلحادي أن يمارس ذلك معي، لكن رد فعلي الثائر للكرامة بعنف لدرجة خلع حذائي له ربما ما جعله لاحقًا يتغير ويصير صديقًا مسلمًا عزيزًا عليَّ! رغم تفرقنا في الأعمال لا نزال نسلم على بعض بالموبايل. لا يزال التقليد العنصري باستنجاس غير المسلمين وخاصة الكتابيين ممارسًا بضراوة ووساخة عنصرية نتنة خاصة من الناس الأكثر جهلًا في مصر من ذوي الأصول الريفية، حالة القاهرة أحيانًا تكون أقل حدة.

 

أما بنو عامر بن صعصعة ففي حدود علمي قام محمد كما ذكرت في ج1 من الأحاديث بالهجوم على ناس مسلمين منهم لعدم معرفته بإسلام معظمهم ومن بطونهم بنو قشير وبنو عبد الله بن كعب وقد هاجمهم محمد عدوانًا ابتداءً.

تصور عنصري لاهوتي بغيض

 

روى مسلم:

 

 [ 2767 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول هذا فكاكك من النار

 

 [ 2767 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان بن مسلم حدثنا همام حدثنا قتادة أن عونا وسعيد بن أبي بردة حدثاه أنهما شهدا أبا بردة يحدث عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا قال فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فحلف له قال فلم يحدثني سعيد أنه أستحلفه ولم ينكر على عون قوله

 

ورواه أحمد 19485 و19486 و19650 و19600 و19655 و19658 و19560 و19670 و19675 و19678

 

[ 2767 ] حدثنا محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رواد حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجئ يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى فيما أحسب أنا قال أبو روح لا أدرى ممن الشك قال أبو بردة فحدثت به عمر بن عبد العزيز فقال أبوك حدثك هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت نعم

 

كما سنورد من هامش طبعة الرسالة لمسند أحمد فهذا الحديث صحيح مروي عن سبعة أشخاص عن الصحابي أبي بردة، وقد حاول بعضهم بما فيه الحافظ الجليل البخاري وغيره رفضه وتضعيفه لتنافيه مع صريح آيات القرآن {لا تزر وازرة وزر أخرى}، و {أن ليس للإنسان ما سعى} وتنافيه وتناقضه مع مفهوم العدالة الإلهية اللاهوتي الخرافي عن الله الخرافي.

 

جاء في هامش طبعة الرسالة لمسند احمد على حديث رقم 19485

 

إسناده صحيح على شرط مسلم- وقد أخرجه في "صحيحه"- رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أن البخاري أعله في "التاريخ الكبير" بالاختلاف فيه على أبي بردة، وأشار إلى ذلك البيهقي في "الشعب" 1/342. لكن لفظه هذا رواه عن أبي بردة سبعة رواة لم يختلفوا عليه فيه، كما سيرد. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث، وهمام: هو ابن يحيى العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.. وأخرجه مسلم (2767) (50) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد. وقرن بسعيد بن أبي بردة عون بن عتبة. وأخرجه الطيالسي (499) ، ومسلم (2767) (50) من طريق عفان بن مسلم، وأبو يعلى (7281) عن هدبة، ثلاثتهم عن همام، بهذا الإسناد، وقرن مسلم بسعيد بن أبي بردة عونا، وسقط من مطبوع الطيالسي اسم قتادة. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/38- ومن طريقه العقيلي في "الضعفاء" 4/400-401 من طريق يحيى بن زكريا، وأبو يعلى (7267- 7268) من طريق عبد الرحمن بن سعيد بن أبي بردة، ورواه إسماعيل ابن محمد بن جحادة- فيما ذكر الدارقطني في "العلل" 7/206- عن موسى الجهني، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي بردة، به. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/38، والطبراني في "مسند الشاميين" (2554) ، والبيهقي في "البعث والنشور" (93) من طريق عبد الملك ابن عمير، وعبد الله بن أحمد في "السنة" (276) ، وأبو عوانة (كما في "إتحاف المهرة" 10/97) من طريق فرات بن سليمان، كلاهما عن أبي بردة، به. وسيرد بهذا اللفظ من طريق عون بن عتبة برقم (19486) ، ومن طريق محمد بن المنكدر برقم (19650) ، ومن طريق عمارة القرشي برقم (19654) ، ومن طريق طلحة بن يحيى التيمي برقم (19670) أربعتهم عن أبي بردة، به. وسيرد كذلك من طريق بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، برقم (19600) ، لكن اختلف فيه على بريد. فهؤلاء سبعة رواة رووا عن أبي بردة، عن أبي موسى هذا الحديث، لم يختلفوا عليه فيه، ولذلك أخرجه مسلم في "صحيحه"، وهذا ما أشار إليه البيهقي في "شعب الإيمان" عقب الحديث (378) بقوله: حديث أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عند مسلم بن الحجاج وغيره، رحمهم الله. قلنا: وهو هذا الحديث في الفداء، والظاهر أن مسلما انتقاه من الرواية المطولة، التي فيها زيادة: "إن أمتي أمة مرحومة، جعل الله عذابها بأيديها". وسترد برقم (19658) ، وفي إسنادها مبهم، وسترد هذه الزيادة فقط برقم (19678) ، وسنبسط الحديث عنها هناك. وأخرجه مسلم (2767) (51) ، وأبو عوانة (كما في "إتحاف المهرة" 10/97) ، والحاكم في "المستدرك" 4/252-253، والبيهقي في "البعث والنشور" (98) من طريق أبي روح حرمي بن عمارة، عن شداد أبي طلحة الراسبي، عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة، به، بلفظ: "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى" فيما أحسب أنا. قال أبو روح: لا أدري ممن الشك. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، فتعقبه الذهبي بأن شدادا له مناكير، ولم يتعقبه بأن مسلما قد أخرجه.

وضعفه كذلك البيهقي، فقال: وأما حديث شداد أبي طلحة الراسبي عن غيلان بن جرير، فهذا حديث شك فيه راويه، وشداد أبو طلحة ممن تكلم أهل العلم بالحديث فيه، وإن كان مسلم بن الحجاج استشهد به في كتابه، فليس هو ممن يقبل ما يخالف فيه، والذين خالفوه في لفظ الحديث عدد، وهو واحد، وكل واحد ممن خالفه أحفظ منه، فلا معنى للاشتغال بتأويل ما رواه، مع خلاف ظاهر ما رواه للأصول الصحيحة الممهدة في (ألا تزر وازرة وزر أخرى) [النجم: 38] . والله أعلم. قلنا: وضعفه أيضا الحافظ في "الفتح" 11/398، وأعله بغيلان بن جرير، ثم ذكر أن روايته هذه أولها النووي تبعا لغيره... ثم ذكر تأويله. قال البخاري: والخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة، وأن قوما يعذبون، ثم يخرجون، أكثر وأبين وأشهر. فقال البيهقي بعد أن نقل كلام البخاري، وذكر تصحيح مسلم لحديث الفداء؛ قال: وذلك (يعني حديث الفداء) لا ينافي حديث الشفاعة، فإن حديث الفداء، وإن ورد مورد العموم في كل مؤمن، فيحتمل أن يكون المراد به كل مؤمن قد صارت ذنوبه مكفرة بما أصابه من البلايا في حياته، ففي بعض ألفاظه: "إن أمتي أمة مرحومة؛ جعل الله عذابها بأيديها، فإذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل رجل من المسلمين رجلا من أهل الأديان، فكان فداءه من النار". وحديث الشفاعة يكون فيمن لم تصر ذنوبه مكفرة في حياته، ويحتمل أن يكون هذا القول لهم في حديث الفداء بعد الشفاعة، والله أعلم. ونقل كلام البيهقي الحافظ في "الفتح" 11/398، ثم قال: وقال غيره: يحتمل أن يكون الفداء مجازا عما يدل عليه حديث أبي هريرة [عند البخاري (6569)] بلفظ: "لا يدخل الجنة أحد إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا، ولا يدخل النار أحد إلا أري مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة"، فيكون المراد بالفداء إنزال المؤمن في مقعد الكافر من الجنة الذي كان أعد له، وإنزال الكافر في مقعد المؤمن الذي كان أعد له، وقد يلاحظ في ذلك قوله تعالى: (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) [الزخرف: 72] ، وبذلك أجاب النووي تبعا لغيره.

وسيرد الحديث بالأرقام (19486) و (19560) و (19600) و (19650) و (19654) و (19655) و (19658) و (19670) و (19675) و (19678) . وانظر حديث جابر (14722) ، وحديث البراء بن عازب (18534). وأحاديث الشفاعة التي أشار إليها البخاري سلفت من حديث أبي هريرة برقم (7717) ، وحديث أبي سعيد الخدري برقم (11533) ، وحديث أنس برقم (12153) ، وحديث جابر برقم (14312) .

 

هذا الحديث يناقض مفهوم العدالة، كيف تضع آثامًا على شخص لم يرتكبها؟! تصور عنصري لناس ذوي تفكير بدائي تصوروا أن الله شخص مشخصن منحاز لهم دون باقي البشر، نفس الفكر الاستعلائي الإسلامي العربي. وهو مقتبس كما قلت من الهاجادة في بحث سابق:

 

لكل فرد یخصص حصتین (مكانین)، أحدھما في الجحیم والآخر في الفردوس. عند الموت، تستبدل حصة الإنسان الصالح في الجحیم، بحیث یمتلك اثنتین في الفردوس، بینما العكس صحیح بالنسبة للآثمین

(ag. 15a)

 

لهذا لكان أفضل لهؤلاء الأخیرین لو لم یحیوا (Yeb. 63b)

 

عدم مبادأة الكتابيين بالسلام

 

روى مسلم:

 

باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم

 

[ 2163 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن عبيد الله بن أبي بكر قال سمعت أنسا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ح وحدثني إسماعيل بن سالم حدثنا هشيم أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر عن جده أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم

 

 [ 2163 ] حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ح وحدثني يحيى بن حبيب حدثنا خالد يعني بن الحارث قالا حدثنا شعبة ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لهما قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن أهل الكتاب يسلمون علينا فكيف نرد عليهم قال قولوا وعليكم

 

[ 2164 ] حدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر واللفظ ليحيى بن يحيى قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا إسماعيل وهو بن جعفر عن عبد الله بن دينار أنه سمع بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن اليهود إذا سلموا عليكم يقول أحدهم السام عليكم فقل عليك

 

[ 2164 ] وحدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله غير أنه قال فقولوا وعليك

 

[ 2165 ] وحدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب واللفظ لزهير قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت استأذن رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم فقالت عائشة بل عليكم السام واللعنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله قالت ألم تسمع ما قالوا قال قد قلت وعليكم

ورواه البخاري 6258 و6024 و6928 وأحمد 4564 و4698 و5221

 

ومما روى أحمد:

 

13240 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مَعَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْقَوْمُ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَدْرُونَ مَا قَالَ ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: السَّامُ عَلَيْكُمْ قَالَ: " رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ "، فَرَدُّوهُ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْتَ: كَذَا وَكَذَا ؟ " قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقُولُوا: عَلَيْكَ " أَيْ: عَلَيْكَ مَا قُلْتَ

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. عبد الله بن بكر: هو ابن حبيب السَّهْمي، وسعيد: هو ابن أبي عروبة. وانظر (12427) .

 

تعاليم انتهى زمنها وأسبابها القائمة على تعصبات دينية بلهاء متبادلة، كل البشر إخوة لا يصح أن تفرقهم مجرد خرافات وكتب قديمة عفا عليها الزمن. ورغم ذلك فالناس دومًا تميل رغم تعاليم الدين المشؤومة للإخاء الإنساني ومبدأ المواطنة والأخوة، ولو اعترض الظلاميون الأصوليون، فروى أحمد:

 

8561 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الشَّامِ، فَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ يَمُرُّونَ بِأَهْلِ الصَّوَامِعِ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ، فَسَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، وَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ".

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الطيالسي (2424) ، وأبو داود (5205) ، وأبو عوانة في الاستئذان كما في "إتحاف المهرة" 5/ورقة 150، والطحاوي 4/341 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وانظر (7567) .

 

احتفظ الشاميون إذن باحترامهم ومودتهم للرهبان والقسس والإخاء معهم كإخوة في الإنسانية، الدين خاصة الإسلام هو مفسدة للأخوة بين البشر ونشر للعنصرية والكره.

التفرقة بين الناس على أساس الدين، ومحبة أتباع نفس الدين فقط، وتقييم الناس بالالتزام الديني والعقيدة بدلًا من كفاآتهم وأخلاقهم الإنسانية وعلمهم

 

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} الحجرات

 

{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)} البقرة

 

روى أحمد:

 

15638 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ - بِحِفْظِهِ - قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ أَبُو يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَرْحُومٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَنَعَ لِلَّهِ، وَأَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ "

 

إسناده حسن كسابقه. وأخرجه الترمذي (2521) ، وأبو يعلى (1485) و (1500) ، والحاكم 2/164، والبيهقي في "الشعب" (15) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. قلنا: أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون وسهل بن معاذ، لم يخرج لهما الشيخان. وله شاهد من حديث أبي أمامة عند أبي داود (4681) دون قوله: "وأنكح لله"، وإسناده حسن كذلك.

 

23651 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ، أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يُوشِكُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الدُّنْيَا لُكَعُ بْنُ لُكَعٍ، وَأَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ بَيْنَ كَرِيمَتَيْنِ " لَمْ يَرْفَعْهُ

 

إسناده صحيح. أبو كامل: هو مظفَّر بن مدرِك، وإبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2051) من طريق عبد الله بن وهب، عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد مرفوعاً. وقال فيه: "بين كريمين". وأخرجه الطحاوي (2051) من طريق عقيل بن خالد، والطبراني في "مسند الشاميين" (3207) من طريق شعيب بن أبي حمزة، كلاهما عن ابن شهاب الزهري، به. رفعه شعيب، ولم يرفعه عقيل. وقالا فيه: "بين كريمين". وأخرجه عبد الرزاق (20642) عن معمر، عن الزهري، عن رجل من قريش، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا الرجل القرشي هو -على الأغلب- عبد الملك بن أبي بكر، وبناءً عليه فهو مرسل. وزاد عبد الرزاق فيه: قال معمر: فقال رجل للزهري: ما كريمين؟ قال: شريفين مُوسِرَين. قال: فقال رجل من أهل العراق: كذب، كريمين: تقيَّين صالحين.//والشطر الأول انظر شواهده عند حديث أبي هريرة السالف برقم (8320) .

وقوله: "بين كريمتين" قال السندي: أي: بين نفسين كريمتين، أو المراد: بين كريمين والهاء للمبالغة، قيل: أي بين أبوين مؤمنين، وقيل: بين أبٍ مؤمن وابنٍ مؤمنٍ، فهو بين مؤمنين هما طرفاه وهو مؤمن، والكريم: مَن كرَّم نفسه عن التدنُّس بشيء من مخالفة

 

ولما كان لدى اليثاربة قادة معظَّمون مقدَّرون عندهم كحكماء وساسة منهم عبد الله بن أبي بن سلول والجد بن قيس من وجوه الوثنية أو التشكك الذين اضطروا مع تنامي العنف الإسلامي إلى التظاهر بالإسلام لحماية حيواتهم، وقد ظل لهؤلاء تقديرهم عند كثيرين من قومهم آنذاك رغم كل شتيمة محمد لهم في قرآنه وتهجمه وتشويهه لصورتهم، حتى أن الواقدي ذكر مدى كبر جنازة عبد الله لدرجة أن محمدً كحركة سياسية اضطر لحضوره ثم في مسرحية مكشوفة لام نفسه في القرآن على لسان الله على ذلك، كأنه لام نفسه وهم لم يكن يحب الرجل الذي قاومه كثيرًا هو ودعوته ومزاعمه، لكنه لم يشأ الظهور بمظهر الشاتم بالموت وغير المتعاطف مع الموت، وروى أحمد عن محاربة محمد لزعامة أحد هؤلاء الزعماء أو كلهم:

 

22939 - حدثنا عفان، حدثني معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقولوا للمنافق سيدنا ؛ فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم"

 

رجاله ثقات رجال الشيخين، وقتادة -وهو ابن دعامة السدوسي- لا يعرف له سماع من عبد الله بن بريدة كما قال البخاري في "تاريخه الكبير" 4/12، وقال الترمذي في "السنن" بإثر الحديث (982) : قال بعض أهل العلم: لا نعرف لقتادة سماعا من عبد الله بن بريدة . قلنا: ومع ذلك فقد صحح إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/579، وكذا العراقي في تخريج أحاديث "الإحياء" 3/162، والنووي في "الأذكار" ص 449 . عفان: هو ابن مسلم الصفار، ومعاذ بن هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي . وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (760) ، وأبو داود (4977) ، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (364) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (244) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5987) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (391) ، وابن حزم في "المحلى" 11/219، والبيهقي في "الشعب" (4883) من طرق عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد .

 

هكذا أصبح التقييم ليس بإحسان الشخص للآخرين واستقامته وحسن خلقه وعلمه وحكمته وخلافه، بل تقسيم ديني فهذا مؤمن تقي وهذا فاسق وهذا منافق وهذا كافر...إلخ تقييمات وهمية لا قيمة لها من ناحية الإنسانية.

 

وروى البخاري:

 

1343 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ

 

وروى أحمد:

 

23657 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: " زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ " قَالَ: وَجَعَلَ يَدْفِنُ فِي الْقَبْرِ الرَّهْطَ قَالَ: وَقَالَ: " قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بالتحديث فيما سيأتي برقم (23662) ، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح، وعبد الله بن ثعلبة لم يشهد هذه القصة لأنه لم يكن مولوداً بعدُ، وإنما رواه عن جابر بن عبد الله كما سيأتي برقم (23660) ، فهو مرسل صحابي. وأخرجه ابن قانع في "معجمه" 2/96 عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه سعيد بن منصور في "السنن" (2584) عن هشيم، قال: أخبرنا ابن إسحاق، به. وأخرجه ابن قانع 2/96 من طريق أبي أيوب الإفريقي، عن الزهري، به - دون قوله: "وجعل يدفن..." إلخ. وانظر الأحاديث التالية.  وفي الباب عن أنس، سلف برقم (12300) . وعن هشام بن عامر، سلف برقم (16251) .

 

 

23658 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، قَالَ: لَمَّا أَشْرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، قَالَ: "أَشْهَدُ عَلَى هَؤُلَاءِ مَا مِنْ مَجْرُوحٍ جُرِحَ فِي اللهِ، إِلَّا بَعَثَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ، انْظُرُوا أَكْثَرَهُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ فَقَدِّمُوهُ أَمَامَهُمْ فِي الْقَبْر"

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه. وهو في "سيرة ابن هشام" 3/103-104 عن ابن إسحاق قال: وحدثني محمد ابن مسلم الزهري، فذكره. وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/290 من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، به. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (178) ، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (724) ، ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/191 من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (176) ، والطحاوي في  "شرح مشكل الآثار" (258) من طريق عمرو بن الحارث، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (177) ، وفي "الآحاد والمثاني" (2608) من طريق صالح بن كيسان، ثلاثتهم عن الزهري، به - لم يذكر فيه عبد الرحمن وعمرو قولَه: "انظروا أكثرهم.." إلخ، ورواية صالح بن كيسان أطول مما هنا. وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (7302) .

عندما نكتب أسماء شهداء أبطال قوميين مثلا على شاهد ضريح، فإما سنكتبها بالترتيب الأبجدي لهم، أو حسب الأكثر بطولة ومأثرة. لا على أساس أكثرهم حفظا لنص ديني أو أداء لطقوس دينية تخصه هو.

 

إذا كنا سنقيم الناس بالتقوى والخوف من الخرافات وأداء الطقوس الخرافية، وليس على أساس قيمتهم الإنسانية والفكرية وأخلاقهم وكفاآتهم المهنية، فهل يمكن لمسلم متشدد اعتبار مسيحي أو ملحد تقيًّا؟! لا أظن! أنا أدرى بأخلاق المسلمين لأني منهم وتحت جلدهم حرفيًّا مستترًا في كثير من الأحيان وسطهم.

 

روى أحمد:

 

9521 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تُنْكَحُ النِّسَاءُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَجَمَالِهَا، وَحَسَبِهَا، وَدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر بن حفص العمري، وسعيد: هو ابن أبي سعيد المقبري. وأخرجه الدارمي (2170) ، والبخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، وأبو داود (2047) ، والنسائي 6/68، وأبو يعلى (6578) ، وأبو نعيم في "الحلية" 8/383، والبغوي (2240) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سيأتي 3/80-81. وعن جابر بن عبد الله، سيأتي 3/302. وعن عائشة، سيأتي 6/152.

 

25191 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " تُزَوَّجُ الْمَرْأَةُ لِثَلَاثٍ: لِمَالِهَا وَجَمَالِهَا وَدِينِهَا، فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري، وحسين بن ذكوان: هو المعلم، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وفي الباب من حديث أبي هريرة، سلف برقم (9521) وإسناده صحيح، وقد ذكرنا بقية أحاديث الباب هناك.

 

أعتقد أن هذا باطل، تقييمي للمرأة إنسانيًّا سيكون بثقافتها وتعليمها وكفاءتها وحسن أخلاقها العلمانية (لطيفة مع الناس، لا تكثر من العلاقات مع رجال مختلفين بصورة شاذة فوق الطبيعية ومتعددة، مهذبة اللسان، مهذبة عفيفة اليد أمينة.. إلخ)، وأعتقد أن بعضنا قد يضيف بغرض الزواج صفة الجمال، لكن الجمال ذوقيًّا يختلف من شخص إلى آخر، ربما تمثل الأخلاق العلمانية لنا ما يمثله الدين بمعناه للمسلمين والمسيحيين وغيرهم، لكننا لا نقيم الناس بالإيمان بخرافات ولا بعدم الإيمان بخرافات كذلك، قد يكون صديق مسلم خير عندي من كثير من أصدقاء ومعارف ملحدين غير مؤمنين، أصدقاء عرفتهم من خيرة الناس كانوا مسلمين وملحدين، وعرفت كذلك مسيحيين جيدين جدًّا. لا علاقة بقيمة الناس وأخلاقهم بدينهم واعتقادهم.

 

وأحيانًا حاول محمد إيجاد أي صفة معيبة للشخصيات البارزة المعروف أنهم غير مسلمين حتى لو تظاهروا بذلك، روى عبد الرزاق في مصنفه:

 

20705 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لبني ساعدة من سيدكم قالوا الجد بن قيس قال لم سودتموه قالوا إنه أكثرنا مالا وإنا على ذلك لنزنه بالبخل فقال النبي صلى الله عليه و سلم وأي داء أدوا من البخل قالوا فمن سيدنا يا رسول الله قال بشر بن البراء بن معرور قال الزهري والبراء بن معرور أول من استقبل الكعبة حيا وميتا كان يصلي إلى الكعبة والنبي صلى الله عليه و سلم بمكة يصلي إلى بيت المقدس فأخبر به النبي صلى الله عليه و سلم فأرسل إليه أن يصلي نحو بيت المقدس فأطاع النبي صلى الله عليه و سلم فلما حضره الموت قال لأهله استقبلوا بي الكعبة

 

إسناده صحيح

ورواه الطبراني في المعجم الكبير في ج19:

 

163- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيُّ الْمَدَنِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلِمَةَ ؟ قَالُوا : الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ ، عَلَى أَنَّا نَزِنُهُ بِبُخْلٍ ، فَقَالَ : وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ ؟ قَالُوا : فَمَنْ سَيِّدُنَا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ.

 

قال الهيثمي في مجمع البحرين9/ 315: رواه الطبراني بإسنادين ورجال احدهما رجال الصحيح غير شيخي الطبراني ولم أر من ضعفهما.

 

 

164- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَفَّافُ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلَمَةَ ؟ قَالُوا : سَيِّدُنَا الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِمَ تُسَوِّدُونَهُ ؟ قَالُوا : فَإِنَّهُ أَكْثَرُ مِنَّا مَالاً ، وَإِنَّا لَنَزِنُهُ بِالْبُخْلِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ ، لَيْسَ ذَلِكَ سَيِّدُكُمْ ، قَالُوا : فَمَنْ سَيِّدُنَا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : سَيِّدُكُمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ.

 

الرجل صفته البخل وهي شيء يخصه، فهو لم يعتدِ على أحدٍ أو يأكل حق أحد، فهو أفضل بكثير ممن قتلوا الناس عدوانًا ونهبوهم، ثم تظاهروا بالكرم بإهداء بعض المنهوبات لمن جاءهم زائرًا. على الأقل أشخاص كالجد بن قيس لم تشارك في إرهاب محمد وجرائمه.

 

إهانة محمد للمختلفين في العقيدة لمجرد اختلافهم وعدم اتباعهم لمنظومته الدينية

 

روى أحمد:

 

2739 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ يَعْنِي الدَّسْتُوَائِيَّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَفْتَخِرُوا بِآبَائِكُمِ الَّذِينَ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَمَا يُدَهْدِهُ الْجُعَلُ بِمَنْخَرَيْهِ، خَيْرٌ مِنْ آبَائِكُمِ الَّذِينَ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ "

 

إسناده صحيح، سليمان بن داود: هو الطيالسي، ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين غير عكرمة، فمن رجال البخاري، أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وهو في "مسند الطيالسي" (2682) ، ومن طريقه أخرجه ابن حبان (5775) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (11862) ، وفى "الأوسط" (2599) من طريق حجاج بن نصير، عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني أيضاً في "الكبير" (11861) من طريق الحسن بن أبي جعفر، عن أيوب، به. وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/85 وقال: رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" و"الكبير" بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح.

قوله: "مُوِّتوا"، قال السندي: بتشديد الواو على بناء المفعول، يقال: أماته الله وموته، وضبطه بعضهم على بناء الفاعل (ضبطت هكذا عندنا في س) ولا يظهر وجهه. وقوله: "لَما يدهده الجعلُ"، قال: بفتح اللام، و"ما" موصولة، ويُدَهدِه: أي: يُدير ويدحرج، وهو بضم ياء من دَهْدَه كدحرج، لفظاً ومعنى، والجُعَلُ: بضم جيم وفتح عين، دُوَيبَة سوداء معروفة (كالخنفساء) تدير الخراء بأنفها.

 

ما يدحرجه الخنفس أو الجعران (الجعل) كما نعرف ليس سوى روث الحيوانات وبراز البشر الذي يتغذى عليه ويكوره ككرة يدحرجها للتخزين في منزله، أو بعض المهملات. هكذا يشبه محمد بشرًا كان لبعضهم بالتأكيد قيمة إنسانية صالحة طيبة لمجرد أنهم أثناء حيواتهم مؤمنين بتعدد الآلهة الخرافية، وهكذا يهينهم وبالتالي يهين أبناءهم من أتباعه بالإساءة للآباء والأجداد.

 

• 21178 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ؟ قَالَ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنُ الْإِسْلَامِ ". قَالَ: "فَأَوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّ هَذَيْنِ الْمُنْتَسِبَيْنِ، أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي أَوِ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ "

 

رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن زياد بن أبي الجعد، فقد روى له البخاري في "خلق أفعال العباد" والنسائي وابن ماجه، وهو صدوق، وقد تفرد به بهذا الإسناد، فرواه من حديث أُبيِّ مرفوعاً، وخالفه فيه عبيد الله ابن عمرو الرَّقي وجرير بن عبد الحميد، فروياه عن عبد الملك بن عمير، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ، وسيأتي في مسنده 5/241 (22089). ابن نمير: هو عبد الله. وأخرج حديث أُبيِّ الضياءُ في "المختارة" (1241) من طريق عبد الله بن أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد بن حميد (179) ، والبيهقي في "الشعب" (5133) من طريق ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد. ووقع في مطبوعة البيهقي: يزيد بن أبي زياد، وهو خطأ كما أسلفنا. وقد روي هذا الحديث عن عمر بن الخطاب من قوله عند عبد الرزاق (20942) ، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5131) ، وفيه أن عمر رضي الله عنه حدث به سعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي، وهو من رواية قتادة وعلي ابن زيد بن جدعان، ولم يلقيا عمر ولا سعداً ولا سلمان.

 

ليس الفتى من قال كان أبي    إن الفتى من قال هاأنا ذا

 

ليس هناك شك أنه لا معنى لتفاخر الشخص بآبائه لمآثرهم أو ثرائهم، لكن ليس معنى ذلك تحقير البشر لمجرد اتباعهم عقيدة ليس على هواك أو تختلف عما تعتقده أنت. ورغم صحة الإسناد هنا فهناك روايات مخالفة في الإسناد أتت به منقطعًا، ومن عادات الوعاظ المسلمين المعروفة تلفيق القصص الوعظية عن موسى فيما يسمى بالزهد والرقائق.

 

17212 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَىٍّ، عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ انْتَسَبَ إِلَى تِسْعَةِ آبَاءٍ كُفَّارٍ يُرِيدُ بِهِمْ عِزًّا وَكَرَمًا، فَهُوَ عَاشِرُهُمْ فِي النَّارِ "

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، قال البخاري في "التاريخ الكبير" 2/356 بعد أن أخرج هذا الحديث: ما أراه إلا مرسلاً، قلنا: يعني أن عبادة بن نُسَي لم يدرك أبا ريحانة، فقد ذكره ابن حبان في "الثقات" 7/162، وقال: مات سنة ثمان عشرة ومئة وهو شاب، وأبو ريحانة ذكره البخاري في "التاريخ الصغير" 1/116 فيمن كان بين سنة خمسين إلى ستين. ورجال الإسناد كلهم ثقات. حسين بن محمد: هو ابن بهرام المرُّوذي، وحميد الكندي: هو ابن مهران أبي حميد الخياط. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/355-356، وأبو يعلى (1439) ، والطبراني في "الأوسط" (446) ، والبيهقي في "الشعب" (5132) من طرق عن أبي بكر بن عياش، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/85، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وأبو يعلى، ورجال أحمد ثقات. قلنا: لم نجده في مطبوع "المعجم الكبير". وفي الباب عن أبي بن كعب، سيرد 5/128(21178)، و5/241 (22089) من حديث معاذ ابن جبل. وعن ابن عباس، سلف برقم (2739) .

 

وكان عمر بن الخطاب يختم الغير مسلمين كعلامة على دفع الجزية على رقابهم، كما قال ابن أبي شيبة:

 

ما قالوا فِي ختمِ رِقابِ أهلِ الذِّمّةِ.

 

33669- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَخْتِمُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ، يَعْنِي أَهْلَ الذِّمَّةِ.

 

33670- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، قَالَ : حدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ ، قَالَ : بَعَثَ عُمَرُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ ، وَابْنَ حُنَيْفٍ فَفَلَجَا الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ فَقَالاَ : مَنْ لَمْ يَجِئْ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ فَيُخْتِمُ فِي عُنُقِهِ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ.

 

33304- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ ، قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ إلَى أُمَرَاءِ الْجِزْيَةِ : لاَ تَضَعُوا الْجِزْيَةَ إِلاَّ عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى , وَلاَ تَضَعُوا الْجِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ ، وَلاَ عَلَى الصِّبْيَانِ ، قَالَ : وَكَانَ عُمَرُ يَخْتِمُ أَهْلَ الْجِزْيَةِ فِي أَعْنَاقِهِمْ.

 

33305- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : يُقَاتَلُ أَهْلُ الأَدْيَانِ عَلَى الإِسْلاَمِ وَيُقَاتَلُ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى الْجِزْيَةِ.

 

يبدو أنه ختم بحبر طبعًا عليه رمز أو حرف ما للدولة. وذكرت بمواضع أخرى شرط عهدة عمر أو صلحه مع المسيحيين.

 

 

 

توصية محمد بمخالفة الكتابيين لمجرد المخالفة والكره، حتى في الأمور التي لا علاقة لها بعقيدة ولا قيم ولا تحريمات

 

روى أحمد:

 

22283 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنَ الْأَنْصَارٍ بِيضٌ لِحَاهُمْ فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا، وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ " . قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلْا يَأْتَزِرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ " . قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَخَفَّفُونَ وَلَا يَنْتَعِلُونَ . قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَتَخَفَّفُوا وَانْتَعِلُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ " . قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ . قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ "

 

إسناده صحيح . زيد بن يحيى: هو ابن عُبيد الخزاعي، والقاسم: هو ابن عبد الرحمن الدمشقي .وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7924) من طريق زيد بن يحيى، بهذا الإسناد . دون قوله: "فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون، فقال رسول الله: تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب" . وفي باب خضاب الشعر عن أبي هريرة سلف برقم (7274) وانظر شواهده هناك . وفي باب إعفاء اللحى وقص الشارب، عن أبي هريرة سلف برقم (8785) .

قال السندي: "يتسرولون" أي: يلبسون السراويل لا الإزار فبيَّن لهم أن يخالفوهم بالجمع بينهما . "يتخففون" أي: يلبسون الخفّ . "عثانينهم": العثانين جمع عُثْنون، وهو اللحية . "يوفِّرون": من التوفير، بمعنى التكميل، وجاء فيه وَفَرَ كوعد أيضاً . "سبالهم": جمع سبلة بفتحتين، وهي الشارب .

 

وروى البخاري:

 

5892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ

 

ورواه مسلم 259-260 وانظر أحمد 8785 بنحوه

 

5917 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَسَدَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ

ورواه مسلم 2336 وأحمد2209 و2364

 

كان محمد يقلد اليهود والمسيحيين في كل شيء، فلما وجدهم وخاصة اليهود الذين تهوَّس بدينهم وتشريعاتهم غير راضين باتباعه في دعوته، تحول إلى الكره الجنوني لليهودية واليهود، ولما كان بنى دينه على اليهودية ولم يمكنه هدم كل كيان دينه، شرع يغير كثير من الأشياء عرضناها في باب النسخ كرمضان بدل يوم عاشوراء يوم صيام الكفارة اليهودي؛ والقبلة إلى مكة بدل القدس؛ وإلغاء تحريم الأكل من الأضحية بعد ثلاثة أيام وغيرها. ووصل الأمر إلى الأمر بمخالفتهم حتى على التفاهات. وصايا كهذه تثير الفرقة لا تحث على الحب بين بني البشر، لذا فهي وصايا فاسدة شريرة في جوهرها، حتى لو كانت حرية الملبس والهيئة محفوظة بالطبع للكل. وهذا الحديث هو ذريعة ووسيلة الرجعيين الجهلة في كل عصر لتحريم الناس من الأخذ بالحداثة والعلم والتقدم والحرية والتنوير بدعوى أن هذا تشبه بالـ"كفار" والمشركين! ولا أمل للعرب والمسلمين في أي تقدم أو تحرر ونهضة في الحقيقة بدون اتباع وتقليد للغرب العلماني اللاديني الحكم والسياسات والتوجهات، اتباعًا في كل شيء تقريبًا، عدا السياسات الاقتصادية والتنموية والحفاظ على اللغة بصورة عصرية علمانية. أما قصة تربية وإطالة اللحى فكانت لعصور طوال إجبارية على المسلمين والعرب كلهم، وكانوا "يجرّسون" ويعيبون من يرتكب خطأ بحلق لحيته، مع أن التمدن والأناقة في حلق اللحية. ولا يزال أصحاب الفكر السلفي المتعفن يحرصون على تطويل لحاهم، وهي حرية شخصية طبعًا.

 

 

إهدار نصف حق المسيحي وغير المسلم في ارتجاع المهر من المخطوبة لو أسلمت قبل دخوله بها حسب بعض الآراء

 

قال عبد الرزاق:

 

10070 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في النصرانية تكون تحت النصراني فتسلم قبل أن يدخل بها قال تفارقه ولا صداق لها

 

10071 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن يونس عن الحسن مثله قال الثوري وقال غيره لها نصف الصداق لأنها دعته إلى الإسلام

 

10072 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا رباح قال أخبرنا معمر عن قتادة قال تفارقه ولها نصف الصداق

 

10073 - أخبرنا عبد الرزاق عن رباح عن معمر عن عبد الكريم أبي أمية عن عكرمة عن بن عباس في النصرانية تكون تحت النصراني فتسلم قبل أن يدخل بها قال يفرق بينهما ولا صداق

 

إغفال الأخوة الإنسانية الحقيقية

 

روى أحمد:

 

5646 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين - حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور، وليث: هو ابن سعد، وعُقيل: هو ابن خالد بن عقيل الأيلي. وأخرجه البخاري (2442) و (6951) ، ومسلم (2580) ، وأبو داود (4893) ، والترمذي (1426) ، والنسائي في "الكبرى" (7291) ، وابن حبان (533) ، والطبراني في "الكبير" (13137) ، والقضاعي في مسنده" (168) و (169) و (477) ، والبيهقي في "السنن، 6/94 و201 و8/330، وفي "الشعب، (7614) ، وفي "الآداب" (104) ، والبغوي (3518) من طرق، عن الليث بن سعد، بهذا الِإسناد. وانظر ما سلف برقم (4749) و (5357) . وفي الباب عن أبي هريرة عند مسلم (2699) ، وعند أحمد 7427 .

 

1519 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قِتَالُ المسلم كُفْرٌ وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ "

 

إسناده حسن، والحديث صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.وهو في "مصنف عبد الرزاق" (20224) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه عبد بن حميد (138) ، والنسائي 7/121، والطبراني (324) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6622) ، وعلقه البخاري في "تاريخه" 1/89 من طريق عبد الرزاق. ورواية النسائي دون ذكر الهجران. وسيأتي الحديث في "المسند" برقم (1537) و (1589) من طريق أبي إسحاق، عن محمد بن سعد، عن أبيه. قال البخاري في "تاريخه" 1/89: وهذا أصح. وفي الباب عن ابن مسعود متفق عليه وسيأتي في "المسند" 1/385، وعن أبي هريرة عند ابن ماجه (3940) وإسناده حسن، ولفظ حديثهما: "سبابُ المسلم فسوق، وقتاله كفر". وفي الباب أيضاً في قصة الهجران عن أنس عند أحمد في "المسند" 3/110، وهو متفق عليه، وعن هشام بن عامر الأنصاري فيه أيضاً 4/20، وعن أبي أيوب الأنصاري عند البخاري (6077) ، ومسلم (2560) وهو في "المسند" 5/416، وعن عبد الله بن عمر عند مسلم (2561) ، وعن أبي هريرة عند أبي داود (4912) ، وعن عائشة عند أبي داود (4913) .

 

وروى مسلم:

 

[ 2699 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمداني واللفظ ليحيى قال يحيى أخبرنا وقال الآخران حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ...إلخ

 

[ 101 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب وهو بن عبد الرحمن القاري ح وحدثنا أبو الأحوص محمد بن حيان حدثنا بن أبي حازم كلاهما عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حمل علينا السلاح فليس منا ومن غشنا فليس منا

 

 [ 102 ] وحدثني يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر جميعا عن إسماعيل بن جعفر قال بن أيوب حدثنا إسماعيل قال أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال ما هذا يا صاحب الطعام قال أصابته السماء يا رسول الله قال أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس من غش فليس مني

 

 [ 2564 ] حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا داود يعنى بن قيس عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه

 

ورواه أحمد 7727

 

[ 2568 ] حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا خالد عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع

 

 [ 2568 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعا عن يزيد واللفظ لزهير حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عاصم الأحول عن عبد الله بن زيد وهو أبو قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة قال جناها

 

ورواه أحمد 22373 و22444 و22446 وعن علي 612

 

[ 2559 ] حدثني يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن بن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث

 

[ 42 ] وحدثني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي قال حدثني أبي حدثنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي بردة عن أبي موسى قال قلت يا رسول الله أي الإسلام أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده وحدثنيه إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو أسامة قال حدثني بريد بن عبد الله بهذا الإسناد قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المسلمين أفضل فذكر مثله

 

روى أحمد:

 

17451 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ ابْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُغَيِّبَ مَا بِسِلْعَتِهِ عَنْ أَخِيهِ إِنْ عَلِمَ بِهَا تَرَكَهَا "

 

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة، وقد توبع، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. ابن شماسة: هو عبد الرحمن.//وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (222) من طريق عبد الغفار بن داود الحراني، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة، به. بلفظ: "إذا باع أحدكم سلعةً فلا يكتم عيباً إن كان بها"./موأخرجه ابن ماجه (2246) ، والطبراني 17/ (877) ، والحاكم 2/8 من طريق يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، به. بلفظ: "المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب، إلا بيّنه له". ويحيى بن أيوب- وهو الغافقي المصري- صدوق حسن الحديث.

 

16624 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، أَنَّ شَيْخًا مِنْ بَنِي سَلِيطٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُكَلِّمُهُ فِي سَبْيٍ أُصِيبَ لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ وَعَلَيْهِ حَلْقَةٌ قَدْ أَطَافَتْ بِهِ، وَهُوَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ عَلَيْهِ إِزَارُ قِطْرٍ لَهُ غَلِيظٌ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَهُوَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ: " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ ، التَّقْوَى هَاهُنَا، التَّقْوَى هَاهُنَا "، يَقُولُ: أَيْ فِي الْقَلْبِ

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل المبارك: وهو ابن فَضَالة وهو- وإن كان يدلس ويسوي- قد صرح بالتحديث في جميع طبقات الإسناد، فانتفت شبهة تدليسه، وقد توبع، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، والحسن: هو البصري .//وأخرجه بنحوه أبو يعلى (6228) من طريق يونس، عن الحسن، به.//وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/184، وقال: رواه أحمد بأسانيد، وإسناده حسن، ورواه أبو يعلى بنحوه.//وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (2564) (32) ، وقد سلف برقم (7727) .//وآخر بنحوه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (5357) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب.//وسيأتي بالأرقام (16644) و(20688) و5/24 و25 و380، وسيكرر 5/379 سنداً ومتناً.

 

روى البخاري:

 

121 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ اسْتَنْصِتْ النَّاسَ فَقَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

 

1739 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

 

4406 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ ذُو الْحِجَّةِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ أَلَا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَلَا لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ صَدَقَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ مَرَّتَيْنِ

6878 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ

 

2442 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

 

6237 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ وَذَكَرَ سُفْيَانُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

 

ورواهن مسلم64 و2560 والبخاري6077 وأحمد 23528 و23576 و23584 و1519 و2036 و15972 و20386 و20387 و11762 وغيرها

 

 

روى أحمد:

 

12451 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مَيْمُونٌ الْمَرَئِيُّ، حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ الْتَقَيَا، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ، إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَحْضُرَ دُعَاءَهُمَا، وَلَا يُفَرِّقَ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا حَتَّى يَغْفِرَ لَهُمَا "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل ميمون المرئي -وهو ابن موسى-، وميمون بن سياه، فهما صدوقان. محمد بن بكر: هو البُرْساني. وأخرجه البزار (2004- كشف الأستار) ، وأبو يعلى (4139) ، وابن عدي في "الكامل" 6/2409 من طريق ميمون بن عجلان، عن ميمون بن سياه، بهذا الإسناد. وفي الباب عن البراء بن عازب، سيأتي 4/289. وعن أبي هريرة عند البزار (2005) ، وفيه مصعب بن ثابت، قال الهيثمي: وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور. وعن حذيفة بن اليمان، عند الطبراني في "الأوسط" (247) ، وابن وهب في "الجامع" (250) وإسناده حسن.//وعن أبي أمامة عند الطبراني في "الكبير" (8076) ، قال الهيثمي في "المجمع" 8/37: وفيه مهلب بن العلاء ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.//وعن سلمان الفارسي عند الطبراني في "الكبير" (6150) ، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير سالم بن غيلان، وهو ثقة. وانظر أحمد 18547 و18594 و18599 بأسانيد ضعيفة.

قوله: "يحضر دعاءهما" قال السندي: أي: يستجيب.

 

15488 - حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ يَعْنِي ابْنَ حَسَنٍ الْحَارِثِيَّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ حَارِثَةَ الضَّمْرِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ الضَّمْرِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى، فَكَانَ فِيمَا خَطَبَ بِهِ أَنْ قَالَ: " وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ " قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ لَقِيتُ غَنَمَ ابْنِ عَمِّي فَأَخَذْتُ مِنْهَا شَاةً فَاجْتزَرْتُهَا ؟ هَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ ؟ قَالَ: " إِنْ لَقِيتَهَا نَعْجَةً تَحْمِلُ شَفْرَةً وَزِنَادًا فَلَا تَمَسَّهَا "

 

عمارة بن حارثة الضمري، انفرد بالرواية عنه عبد الرحمن بن أبي سعيد: وهو الخدري، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وبقية رجاله ثقات. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العَقَدي. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (979) ، والبيهقي في "السنن" 6/97، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 1/332 من طريق أبي عامر، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني 3/25 من طريق زيد بن الحباب، عن عبد الملك بن الحسن، به. وسيأتي 5/113 من زوائد عبد الله بن أحمد، عن محمد بن عَبَّاد المكي، عن عبد الملك بن حسن، عن عمارة بن حارثة، به دون ذكر عبد الرحمن بن أبي سعيد في الإسناد. قال الدارقطني في "السنن" 3/26: والأول أصح. يعني طريق زيد بن الحباب. وسيكرر 5/113 سنداً ومتناً.//وله شاهد بمعناه سلف من حديث أبي هريرة برقم (7727) ولفظه "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه".

قال السندي: قوله: "فاجتزرتها": أي: ذبحتها، يريد: إذا كان الإذن دلالة لقرابة مثلاً، فكيف الحكم؟ قوله: "نعجة": أي: الأنثى من الضأن. قوله: "شفرة": أي سكين عريضة. قوله: "وزناد": بكسر الزاي: جمع زَنْد: العود الذي تقدح به النار.

 

23082 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا ثَوْرٌ الشَّامِيُّ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي خِدَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ "

 

إسناده صحيح . ثور الشامي: هو ابن يزيد أبو خالد الحمصي، وحريز بن عثمان: هو الرحبي الحمصي، وأبو خِداش: هو حِبَّان بن زيد الشَّرْعبي . وأخرجه ابن أبي شيبة 7/304 عن وكيع، بهذا الإسناد . وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/857، والبيهقي 6/150 من طريق يحيى ابن سعيد القطان، عن ثور الشامي، به . وأخرجه أبو عبيد في "الأموال" (729) ، وأبو داود (3477) ، وابن عدي 2/857، والبيهقي 6/150 من طرق عن حريز بن عثمان، به . وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (315) ، والبيهقي 6/150 من طريق سفيان الثوري عن ثور بن يزيد يرفعه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قال البيهقي: أرسله الثوري عن ثور، إنما أخذه ثور عن حريز .

 قوله: "الكلأ" قال السندي: المرعَى، يريد أنه لا ينبغي لأحد أن يمنع آخرَ مِن هذه الثلاثة .

 

تنطوي هذه النصوص وأمثالها ونظائرها على إغفال للأخوة الإنسانية الحقيقية الجامعة والأشمل، واستبدالها بأخوة ضيقة وهمية قائمة على أساس الدين والخرافة، في دعوة للعنصرية والانغلاق، وضيق لمفهوم الإحسان والمسالمة والسلام عند المسلمين، فمعظم الأحاديث لا توصي بمفهوم الأخوة مع كل البشر والإحسان للكل ومسالمة الكل، بل على فعل ذلك مع من هم على نفس العقيدة فقط. وهذا تحريض غير مباشر على العنصرية والأذى والشرور، من خلال زرع المفاهيم الفاسدة المشوِّهة للأفكار.

 

ومما يؤكد فكرتي هذه أن بعض الأحاديث قرنت بين هذا التحريض غير المباشر والتحريض المباشر على القتل والقتال، روى أحمد:

 

17027 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِسْلَامُ ؟ قَالَ: " أَنْ يُسْلِمَ قَلْبُكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ "، قَالَ: فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: " الْإِيمَانُ "، قَالَ: وَمَا الْإِيمَانُ ؟ قَالَ: " تُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ "، قَالَ: فَأَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: " الْهِجْرَةُ "، قَالَ: فَمَا الْهِجْرَةُ ؟ قَالَ: " تَهْجُرُ السُّوءَ "، قَالَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: " الْجِهَادُ "، قَالَ: وَمَا الْجِهَادُ ؟ قَالَ: " أَنْ تُقَاتِلَ الْكُفَّارَ إِذَا لَقِيتَهُمْ "، قَالَ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: " مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ "، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثُمَّ عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا: حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ أَوْ عُمْرَةٌ "

 

حديث صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه فمن رجال مسلم إلا أن أبا قلاَبة- وهو عبد الله بن زيد الجَرْمي- لم يدرك عمرو بن عبسة. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، وأيوب: هو السختياني. وهو في "مصنف" عبد الرزاق برقم (20107) ، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (301) . وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/59 و3/207، وقال: رواه أحمد والطبراني فى "الكبير" بنحوه، ورجاله ثقات. وسيأتي في الكوفيين 4/385.// ويشهد لقوله: "أن يُسْلم قلبك لله عز وجل" حديث معاوية بن حيدة، سيأتي 5/3 بإسناد صحيح.// ويشهد لقوله: "أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك" حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، متلف برقم (6515) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، بلقط: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"// وقوله: أي الإسلام أفضل؟ قال: "الإيمان"، سيرد 4/385 بإسناد ضعيف، أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في أفضل الإسلام: "من سلم المسلمون من لسانه ويده" وقوله: أي الجهاد أفضل؟ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من عُقر جواده..." له شاهد من حديث جابر سلف برقم (14210) وإسناده قوي، وسلف بغير هذا السياق من حديث عبد الله بن حبشي برقم (15401) بإسناد قوي، ولفظه: قيل: فأيُّ الجهاد أفضل؟ قال: "من جاهد المشركين بماله ونفسه" قيل: فأي القتل أشرف؟ قال: "من أُهريق دمُه وعُقِر جواده". وقوله: "ثم عملان هما أفضلُ الأعمال إلا من عمل بمثلهما حجة مبرورة أو عمرة" جاء بغير هذا السياق دون لفظ: "أو عمرة" من حديث أبي هريرة عند البخاري (26) ، وفيه سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيُّ العمل أفضل؟ فقال: "إيمان بالله ورسوله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله"، قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور". وسلف نحوه في مسند أبي هريرة برقم (7511) .

 

روى مسلم:

 

[ 657 ] وحدثني نصر بن علي الجهضمي حدثنا بشر يعني بن مفضل عن خالد عن أنس بن سيرين قال سمعت جندب بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم

 

ورواه أحمد 18803 و18814 والترمذي (222) ، والطبراني في "الكبير" (1655) وبعده، وأبو نعيم في "الحلية" 3/96، والبيهقي في "السنن" 1/464 وأخرجه ابن حبان (1743)، وانظر أحمد 5898 و20113

وروى الطبراني في المعجم الكبير ج12:

 

13210- حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ السَّمَيْدَعِ الأَنْطَاكِيُّ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ النَّصِيبِيُّ ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَفَّافُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، قَالَ : كَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَاعِدًا عِنْدَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَ هَذَا ، فَأَخَذَ سَالِمٌ السَّيْفَ وَأَخَذَ الرَّجُلَ ، وَتَوَجَّهَ بَابَ الْقَصْرِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَبُوهُ وَهُوَ يَتَوَجَّهُ بِالرَّجُلِ ، فَقَالَ : أَتُرَاهُ فَاعِلاً فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلاَثًا ، فَلَمَّا خَرَجُ بِهِ قَالَ لَهُ سَالِمٌ : صَلَّيْتَ الْغَدَاةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَخُذْ أَيَّ طَرِيقٍ شِئْتَ ثُمَّ جَاءَ فَطَرَحَ السَّيْفَ ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : أَضَرَبْتَ عُنُقَهَ ؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ : وَلِمَ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ أَبِي هَذَا يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ كَانَ فِي ذِمَّةِ اللهِ حَتَّى يُمْسِيَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : مَكِيسٌ إِنَّمَا سَمَّيْنَاكَ سَالِمًا لِتَسْلَمَ.

 

13211- حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي أَنَّ الْحَجَّاجَ أَمَرَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَالُ لَهُ سَالِمٌ : أَصَلَّيْتَ الصُّبْحَ ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : انْطَلِقْ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : مَا مَنَعَكَ مِنْ قَتْلِهِ ؟ فَقَالَ سَالِمٌ : حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ كَانَ فِي جِوَارِ اللهِ يَوْمَهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَ رَجُلاً قَدْ أَجَارَهُ اللَّهُ فَقَالَ الْحَجَّاجُ لاِبْنِ عُمَرَ : أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : نَعَمْ.

 

يحيى بن حميد الحماني ضعيف

 

هل يتطلب الأمر لتسالم أخاك في الإنسانية شرط أن يكون على نفس عقيدتك بأصولية والتزام متشدد ممارسًا نفس طقوسك وخرافاتك، لكي لا تؤذيه؟! هذه أفكار مختلة وحشية همجية مريضة.

 

نهب وسرقة أموال الوثنيين وخطف نسائهم حلال، وكذلك الكتابيين والزردشتيون والصابئة لو قاوموا الاحتلال الإسلامي

 

روى مسلم:

 

[ 868 ] وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى كلاهما عن عبد الأعلى قال بن المثنى حدثني عبد الأعلى وهو أبو همام حدثنا داود عن عمرو بن سعيد عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن ضمادا قدم مكة وكان من أزد شنوءة وكان يرقي من هذه الريح فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون إن محمدا مجنون فقال لو أنى رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي قال فلقيه فقال يا محمد إني أرقي من هذه الريح وإن الله يشفي على يدي من شاء فهل لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد قال فقال أعد علي كلماتك هؤلاء فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال فقال لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ولقد بلغن ناعوس البحر قال فقال هات يدك أبايعك على الإسلام قال فبايعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى قومك قال وعلى قومي قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فمروا بقومه فقال صاحب السرية للجيش هل أصبتم من هؤلاء شيئا فقال رجل من القوم أصبت منهم مطهرة فقال ردوها فإن هؤلاء قوم ضماد

 

ورواه أحمد:

 

2749 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ ضِمَادٌ الْأَزْدِيُّ مَكَّةَ، فَرَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغِلْمَانٌ يَتْبَعُونَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي أُعَالِجُ مِنَ الجُنُونِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ، فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِل، فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " قَالَ: فَقَالَ: رُدَّ عَلَيَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ . قَالَ: ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ الشِّعْرَ، وَالْعِيَافَةَ، وَالْكَهَانَةَ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، لَقَدْ بَلَغْنَ قَامُوسَ الْبَحْرِ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . فَأَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَسْلَمَ: " عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ ؟ "، قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ، عَلَيَّ وَعَلَى قَوْمِي . قَالَ: فَمَرَّتْ سَرِيَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْمِهِ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا، إِدَاوَةً أَوْغَيْرَهَا، فَقَالُوا: هَذِهِ مِنْ قَوْمِ ضِمَادٍ، رُدُّوهَا . قَالَ: فَرَدُّوهَا.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. عمرو بن سعيد: هو القرشي -ويقال: الثقفي- مولاهم أبو سعيد البصري. وأخرجه مسلم (868) (46) ، وابن ماجه (1893) ، وأبو عوانة في الجمعة كما في "إتحاف المهرة" 3/ورقة 28، وابن حبان (6568) ، وابن منده في "الإيمان" (131) و(132) ، والبيهقي 3/214 من طرق عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة بذكر خطبة الحاجة فقط مع اختلاف في ألفاظها، ووقع عند ابن منده من حديث مسلمة بن محمد الثقفي عن داود بن أبي هند أن السرية التي أغارت على قوم ضماد كانت في عهد عمر رضي الله عنه، وهو خطأ ومسلمة هذا لينُ الحديث، والصواب أنها كانت في عهدِ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما جاء صريحاً عند مسلم وغيره. وسيأتي الحديث مختصراً برقم (3275) .

ضِماد -بكسر الضاد وتخفيف الميم وآخره دال-: هو ابن ثعلبة الأزدي من أزد شنوءة. قوله: "غلمان"، قال السندي: أي: الأحداث وصغار الأسنان، وكأنه زعم من ذلك أنه مجنون، واستدل عليه باجتماع الأحداث. وقوله: "قاموس البحر"، قال: قيل: هو وسطه، وقيل: قعره الأقصى

 

التدخل في الحريات الشخصية للناس عامة ولأهل الأديان والعقائد الأخرى والتعرض لممتلكاتهم وتجاراتهم

 

روى الشاشي في مسنده:

 

1258- حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ مَرَّتْ عَلَيْهِ قِطَارَةٌ وَهُوَ بِالشَّامِ تَحْمِلُ الْخَمْرَ, فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ أَزَيْتٌ؟ قِيلَ: لاَ, بَلُ خَمْرٌ تُبَاعُ لِفُلاَنٍ، فَأَخَذَ شَفْرَةً مِنَ السُّوقِ, فَقَامَ إِلَيْهَا, وَلَمْ يَذَرْ مِنْهَا رَاوِيَةً, إِلاَّ بَقَرَهَا، وَأَبُو هُرَيْرَةَ إِذْ ذَاكَ بِالشَّامِ, فَأَرْسَلَ فُلاَنٌ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ, فَقَالَ: أَلاَ تُمْسِكْ عَنَّا أَخَاكَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ, إِمَّا بِالْغَدَوَاتِ, فَيَغْدُو إِلَى السُّوقِ, فَيُفْسِدُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مَتَاجِرَهُمْ, وَإِمَّا بِالْعَشِيِّ فَيَقْعُدُ بِالْمَسْجِدِ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ إِلاَّ شَتْمُ أَعْرَاضِنَا وَعَيْبُنَا, فَأَمْسِكْ عَنَّا أَخَاكَ.

فَأَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَمْشِي, حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُبَادَةَ فَقَالَ: يَا عُبَادَةُ, مَا لَكَ وَلِمُعَاوِيَةَ؟ ذَرْهُ وَمَا حَمَلَ, فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ} قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ, لَمْ تَكُنْ مَعَنَا إِذْ بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؟ بَايَعْنَاهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ, فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَنْ نَقُولَ فِي اللهِ, لاَ تَأْخُذُنَا فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ، وَعَلَى أَنْ نَنْصُرَهُ إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا يَثْرِبَ, فَنَمْنَعَهُ مَا نَمْنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا وَأَزْوَاجَنَا وَأَهْلَنَا, وَلَنَا الْجَنَّةُ، وَمَنْ وَفَّى وَفَّى اللهُ لَهُ الْجَنَّةَ بِمَا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ نَكَثَ, فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ، فَلاَ يُكَلِّمُهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بِشَيْءٍ.

 

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة" (5790)، والطبراني في "الأوسط" (2915) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 8/ورقة 865-866 حديث رقم 5547 من طرق عن يحيى بن سليم، بهذا الإسناد . ورواية الشاشي وابن عساكر مطولة .

 

وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق:

 

[5547] أخبرنا أبو الفضل محمد وأبو عاصم الفضيل ابنا إسماعيل المعدلان بهراة قالا أنا أحمد بن محمد بن محمد الخليلي أنا علي بن أحمد بن الحسن الخزاعي أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي نا محمد بن إسحاق الصغاني نا محمد بن عباد نا يحيى بن سليم عن ابن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه أن عبادة بن الصامت مرت عليه قطارة وهو وبالشام تحمل الخمر فقال ما هذه أزيت قيل لا بل خمر تباع لفلان فأخذ شفرة من السوق فقام إليها فلم يذر فيها رواية إلا بقرها وأبو هريرة إذ ذاك بالشام فأرسل فلان إلى أبي هريرة فقال ألا تمسك عنا أخاك عبادة بن الصامت أما بالغدوات فيغدوا إلى السوق فيفسد على أهل الذمة متاجرهم وأما بالعشي فيقعد بالمسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا وعيبنا فأمسك عنا أخاك فأقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عبادة فقال يا عبادة ما لك ولمعاوية ذره وما حمل فإن الله يقول " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم " قال يا أبو هريرة لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بايعناه على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأهلنا ولنا الجنة ومن وفى وفى الله له الجنة مما بايع عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن نكث فإنما ينكث على نفسه فلم يكلمه أبو هريرة بشئ فكتب فلان إلى عثمان بالمدينة إن عبادة بن الصامت قد أفسد علي الشام وأهله فإما أن يكف عبادة وإما أن اخلي بينه وبين الشام فكتب عثمان إلى فلان أن أرحله إلى داره من المدينة فبعث به فلان حتى قدم المدينة فدخل على عثمان الدار وليس فيها إلا رجل من السابقين بعينه ومن التابعين الذين أدركوا القوم متوافرين فلم يفجأ عثمان به إلا وهو قاعد في جانب الدار فالتفت إليه فقال ما لنا ولك يا عبادة فقام عبادة قائما وانتصب لهم في الدار فقال إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبا القاسم يقول سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى فلا تعتلوا بربكم فو الذي نفس عبادة بيده إن فلانا لمن أولئك فما راجعه عثمان بحرف

 

روى أحمد:

 

22769 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ: عُبَادَةُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّكَ لَمْ تَكُنْ مَعَنَا إِذْ بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا بَايَعْنَاهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ فِي اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَا نَخَافَ لَوْمَةَ لَائِمٍ فِيهِ، وَعَلَى أَنْ نَنْصُرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا يَثْرِبَ فَنَمْنَعَهُ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا وَأَزْوَاجَنَا وَأَبْنَاءَنَا، وَلَنَا الْجَنَّةُ فَهَذِهِ بَيْعَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي بَايَعْنَا عَلَيْهَا فَمَنْ نَكَثَ، فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفَى بِمَا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَّى اللهُ بِمَا بَايَعَ عَلَيْهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَدْ أَفْسَدَ عَلَيَّ الشَّامَ وَأَهْلَهُ فَإِمَّا تُكِفُ (1) إِلَيْكَ عُبَادَةَ، وَإِمَّا أُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّامِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ رَحِّلْ عُبَادَةَ حَتَّى تُرْجِعَهُ إِلَى دَارِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَبَعَثَ بِعُبَادَةَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فِي الدَّارِ، وَلَيْسَ فِي الدَّارِ غَيْرُ رَجُلٍ مِنَ السَّابِقِينَ أَوْ مِنَ التَّابِعِينَ قَدْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ، فَلَمْ يُفْجَأْ عُثْمَانُ إِلَّا وَهُوَ قَاعِدٌ فِي جَانِبِ الدَّارِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ مَا لَنَا وَلَكَ، فَقَامَ عُبَادَةُ بَيْنَ ظَهْرَيِ النَّاسِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا الْقَاسِمِ، مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّهُ سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ يُعَرِّفُونَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ، وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُمْ مَا تَعْرِفُونَ، فَلَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللهَ فَلَا تَعْتَلُّوا بِرَبِّكُمْ "

 

إسناده ضعيف، إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده، وهذا منها، وإسماعيل بن عبيد بن رفاعة الأنصاري روى عنه اثنان: عبد الله بن عثمان بن خثيم ومسلم بن خالد الزَّنجي، والثاني منهما ضعيف، وذكر ابن حبان إسماعيل بن عبيد في "ثقاته"، وقد روى إسماعيل هذا الحديث عن أبيه عن عبادة كما سيأتي برقم (22786) ، وقد اختُلف في إسناده .

وأخرجه بنحوه مختصراً البزار في "مسنده" (2731) من طريق يوسف بن خالد السمتي، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن عبادة . قلنا: يوسف السمتي رمي بالكذب .

وأخرجه مختصراً الحاكم 3/357 من طريق مسلم بن خالد، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن عبادة . ومسلم بن خالد ضعيف .

وأخرجه مختصراً الحاكم 3/357 من طريق زهير بن معاوية، عن إسماعيل بن عبيد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عبادة .

فقلب زهير أو مَن دونه إسناده، وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه .

وأخرجه مختصراً أيضاً الحاكم 3/356 من طريق محمد بن كثير المصيصي، عن عبد الله بن واقد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عبادة . ومحمد بن كثير ضعيف .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (5789) ، وفي "المصنف" 15/233-234، والحاكم 3/357 من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن الأعشى سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل، عن أزهر بن عبد الله قال: أقبل عبادة بن الصامت حاجاً من الشام، فأتى عثمان بن عفان متظلِّماً فقال: يا عثمان ألا أخبرك شيئاً سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: بلى، قال: فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ستكون عليكم أمراء يأمرونكم بما تعرفون، ويعملون ما تنكرون، فليس لأولئك عليكم طاعة" . وسقط سعيد من إسناد الحاكم، فصار:عن عبد الرحمن بن مكمل . وعزاه الهيثمي في "المجمع" 5/227 للطبراني، وقال: فيه الأعشى بن عبد الرحمن ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات . قلنا: والأعشى هذا روى له البخاري في "الأدب" وأبو داود والترمذي، وروى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأزهر بن عبد الله لم يسمع عبادة .

وأخرجه ابن ماجه (2865) عن هشام بن عمار، عن إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن ابن مسعود رفعه بلفظ: "سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون السنة ويعملون بالبدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها" . وسلف في مسنده برقم (3790) .

وقصة مبايعة عبادة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلفت من غير هذا الطريق برقم (22678) و (22679) .

ويشهد لقوله: "فلا طاعة لمن عصى الله"، حديث عمران بن حصين السالف برقم (19824) ، وانظر تتمة شواهده هناك .

قوله: "فلا تعتلوا بربكم"، قال السندي: من الاعتلال، أي: فلا تطيعوهم في المعاصي معتلين بإذن ربكم بأن أذن لكم في ذلك، فإنه ما أذن لكم بذلك، والله تعالى أعلم .

 

• 22786 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ عُبَيْدٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " سَيَلِي أُمُورَكُمْ مِنْ بَعْدِي رِجَالٌ يُعَرِّفُونَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ، وَيُنَكِّرُونَكُمْ مَا تَعْرِفُونَ، فَلَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللهَ فَلَا تَعْتَلُّوا بِرَبِّكُمْ "

 

إسناده ضعيف لضعف سويد بن سعيد الهروي . والحديث قد سلف الكلام عليه برقم (22769) . ابن خثيم: هو عبد الله بن عثمان .

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة" (5790) ، والشاشي في "مسنده" (1258) ، والطبراني في "الأوسط" (2915) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 8/ورقة 865-866 من طرق عن يحيى بن سليم، بهذا الإسناد . ورواية الشاشي وابن عساكر مطولة .

وأخرجه ابن ماجه (2865) عن سويد بن سعيد، عن يحيى بن سليم، عن عبد الله بن خثيم، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن ابن مسعود .

وسلف في مسنده برقم (3790) .

 

كانت السمة الرئيسية للمعارضة لعثمان_مثلما استمرت لفترة طويلة في كل العصور الإسلامية_أنها دينية متشددة متطرفة، شبيهة بالمعارضة الدينية في بعض الدول كالكويت والأردن، ومصر عصر محمد حسني مبارك قبل الإطاحة به بثورة وتأييد الجيش لها. ونرى هنا مثالًا للتعرض لأموال وأملاك وحريات أهل الأديان الأخرى، ولو أن كتب الفقه تنص على أن الخمر مصونة كملكية للذميين وأن من سرقها أو أتلفها يغرم ثمنها.

 

 



No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.