11 التشريعات الباطلة والشاذة: قريش القبيلة المقدسة في الماضي للانفراد بالحكم

 

 

التشريعات الباطلة والشاذة: قريش القبيلة المقدسة في الماضي للانفراد بالحكم

 

نصت نصوص ملة مذهب السنة على أن يكون الحكم حصريًّا في قريش، لكن هل أوصى محمد بذلك حقًّا، لا يمكن تأكيد ذلك أو نفيه، لأن النصوص فيها بعض التناقض إما لاختلاف موقف المؤلفين للنصوص أو لتناقض محتمَل في موقف محمد نفسه من قريش، فبعض النصوص امتدحت قريش وجعلتهم صفوة البشر وأن الحكم لهم وأنهم أهل الله والحرم، ونصوص أخرى أدانتهم بشدة بصورة لا توحي بالتوصية بجعلهم حكامًا للعرب والعالم الإسلامي، لقد ظل القرشيون باختلاف بطونهم وقبائلهم يحكمون العالم الإسلامي قرونًا طوالًا في الخلافة الأولى (المسماة راشدة) ثم الأموية ثم العباسية، وفي عصر الأيوبيين والمماليك جعلوا الخلافة العباسية الثانية شكلية لإضفاء الشرعية الدينية المطلوبة ولم يكن للخليفة سلطة كبيرة أو مؤثرة فعليًّا فلم يكن له منها إلا الاسم كمنصب شرفي ديني، وبقدوم العثمانيين الأتراك زالت دولة المماليك والخلافة العباسية الشكلية. لا يوجد اليوم كيان لقريش بلهجتها المميزة الغريبة التي نرى بعضها في القرآن ولا توجد ملامح لهجتها في العربية الفصحى الحالية ولا وجود لتركيبتها ووحدتها كقبيلة لها مصالح مشتركة وخلافه، فقد انقرض ذلك النسب القبلي وكيانه إلى الأبد، تمامًا كما تحدث ابن خلدون في مقدمته عن انقراض الأنساب والقبائل والحكم بالعرق والتعصب القبلي. قد تجد قومًا في مصر يدّعون أنهم من أصل قرشي ما، وآخرين في السعودية أو السودان أو الأردن أو حتى باكستان والشيشان، لا توجد قواسم مشتركة كثيرة بين هؤلاء في الثقافة واللغة والأنثروبُلُجي (السلالة أو العرق البشري). ما كانوا يتمنونه من الحكم إلى الأبد سخر منه التاريخ سخرية لاذعة وجعلهم ذكرى بحكم تطور الزمن.

 

روى أحمد:

 

18 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَوْدِيِّ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ ، قَالَ : فَجَاءَ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَبَّلَهُ ، وَقَالَ : فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي، مَا أَطْيَبَكَ حَيًّا وَمَيِّتًا ، مَاتَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ .

قَالَ : فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَتَقَاوَدَانِ حَتَّى أَتَوْهُمْ ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أُنْزِلَ فِي الْأَنْصَارِ وَلا ذَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَأْنِهِمْ ، إِلَّا وَذَكَرَهُ ، وَقَالَ : وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا ، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ وَادِيًا ، سَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ " . وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ، وَأَنْتَ قَاعِدٌ : " قُرَيْشٌ وُلاةُ هَذَا الْأَمْرِ ، فَبَرُّ النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرِّهِمْ ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ " . قَالَ : فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : صَدَقْتَ ، نَحْنُ الْوُزَرَاءُ ، وَأَنْتُمُ الْأُمَرَاءُ.

 

صحيح لغيره ، رجاله ثقات رجال الشيخين ، وهو مرسل ، فإن حميد بن عبد الرحمن - وهو الحِميري ، فيما قاله ابن حجر في " أطراف المسند " 2 / ورقة 13 - تابعي ولم يدرك أبا بكر ولا عمر ، وثم يصرح هنا بذكر من حدَّثه . وقد تفرد به الإمام أحمد . وقوله : " توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... " له شاهد من حديث عائشة عند البخاري (1241) و (3667) . وقوله : " لو سلك الناس وادياً... " له شاهد من حديث أنس عند البخاري (3778) ، وآخر من حديث أبي هريرة عند البخاري أيضاً (3779) ، وثالث من حديث أُبي بن كعب عند الترمذي (3896) . وقوله : " قريش ولاة هذا الأمر ... " له شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (3495) ومسلم (1818) وصححه ابن حبان (6264) وسيأتي في " المسند " 2 / 161 و242 و319 .

وقوله " يتقاودان " : قال ابن الأثير في " النهاية " 4 / 119 : " يتقاودان " ، أي : يذهبان مسرعين كأن كل واحد منهما يَقود الآخر لسرعته .

 

وروى البخاري:

 

3495 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ

 

وروى مسلم:

 

باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش

 

 [ 1818 ] حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب وقتيبة بن سعيد قالا حدثنا المغيرة يعنيان الحزامي ح وحدثنا زهير بن حرب وعمرو الناقد قالا حدثنا سفيان بن عيينة كلاهما عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حديث زهير يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم وقال عمرو رواية الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم

 

 [ 1818 ] وحدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم

 

 [ 1819 ] وحدثني يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا روح حدثنا بن جريج حدثني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم الناس تبع لقريش في الخير والشر

 

 [ 1820 ] وحدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان

 

ورواه أحمد بن حنبل 7306 و9593 وأخرجه الحميدي (1044)، وأبو يعلى (6264)، وأبو عوانة 4/392 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2380) عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، والبخاري (3495) و (3496)، وأبو عوانة 4/392، والبيهقي 8/141، والبغوي (3384)

 

يتضح لي أن معنى قول محمد لم يكن تولي قريش لحكم العرب والمسلمين، بل هو نفس ما عرضته في الجزء الأول، أنه بإسلام قريش يسلم باقي العرب بقبائلهم ومناطقهم وأقاليمهم في شبه جزيرة العرب، لأنهم كانوا يعتبرون قريشًا رمزًا بكعبتها الأكثر شعبية بين سائر الكعبات والمزارات الوثنية كرمز الوثنية والإيمان بتعدد الآلهة الأكبر في شبه جزيرة العرب. ولعل اللفظ الأمين الأصلي بدون إضافات وتلفيق دليل على ملك قريش هو هكذا كما رواه مسلم  وأحمد، واللفظ واحد والترقيم لأحمد:

 

14545 - حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الناس تبع لقريش في الخير والشر"

 

إسناده قوي على شرط مسلم. وأخرجه أبو يعلى (1894) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وسيأتي من طريق الأعمش، عن أبي سفيان برقم (15049) و (15050). وسيأتي من طريق أبي الزبير، عن جابر برقم (15111) . وأخرجه ابن أبي شيبة 12/167، وابن أبي عاصم في "السنة" (1510) ، وأبو يعلى (2272) ، وابن حبان (6263) من طريق وكيع، وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (3847) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين وحده. وأخرجه مسلم (1819) من طريق روح. وأخرجه أبو عوانة 4/393، والبيهقي في "السنن" 8/141 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، وأبو عوانة 4/392 من طريق حجاج بن محمد، كلاهما عن ابن جريج، به. وأخرجه البزار (1577- كشف الأستار) من طريق سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر. ووقع في المطبوع منه: الزبير بدل أبي الزبير، وهو خطأ.

 

عن الوفود وعام الوفود ورد في البخاري:

 

4302 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو قِلاَبَةَ: أَلاَ تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ؟ قَالَ فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ، مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ، أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْ: أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الكَلاَمَ، وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي، وَكَانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلاَمِهِمُ الفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الفَتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلاَمِهِمْ...إلخ

ويقول ابن إسحاق في السيرة:

 

قال ابن إسحاق: لما افتتح رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مكةَ، وفرغ من تبوك، وأسلمت ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفود العرب من كلِّ وَجْه.

قال ابن هشام: حدثني أبو عُبَيدة: أن ذلك في سنة تسع، وأنها كانت تسمى سنة الوفود.

قال ابن إسحاق: وإنما كانت العرب تَرَبَّص بالإِسلام أمرَ هذا الحي من قريش وأمْر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وذلك أن قريشا كانوا إمامَ الناس وهاديهم، وأهلَ البيت الحرام،...إلخ وقادةُ العرب لا ينكرون ذلك، وكانت قريش هي التي نصبَتْ لحرب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وخلافِه، فلما افتُتحت مكة، ودانت له قريش، ودوَّخها الإِسلامُ، وعرفت العرب أنه لا طاقةَ لهم بحربِ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولا عداوته، فدخلوا في دين اللّه، كما قال عز وجل: {أَفْوَاجًا} يضربون إليه من كل وجه، يقول اللّه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا(3)} [النصر: 1ـ 3] أي فاحمدِ اللّه على ما أظهر من دينك، واستغفره انه كان توابا

 

كأننا نقرأ تطبيقًا عمليًّا غير نظريّ لكتاب على غرار (روح الأمم) لجوستاف لوبون، هل الانتصار برهان على نبوة، إذن لكان قمبيز وملوك الفرس أو الإسكندر أو أغسطس القيصر أو تشرشل والمرأة الحديدية وقادة دولة إسرائيل أو محمد أنور السادات أنبياء بهذا الاستدلال العجيب. وحقًّا لقد اتبع عرب شبه جزيرة العرب محمدًا إما إعجابًا وانبهارًا بالقوة الكاسحة التي اكتسبها بجيوشه غوغائه ومجرميه، أو خوفًا من قوة جيوشه وأذاهم، لا أكثر ولا أقل.

 

ولا يوجد في قصة نقاش ونزاع المهاجرين القرشيين واليثاربة_ في سقيفة بني ساعدة _حول من هو الأحق بالحكم أي خبر كاذب عن وصية لمحمد بجعل الحكم حصريًّا في قريش، النقاش كان دنيويًّا دهريًّا بالعقل فقط، روى البخاري:

 

6830 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا إِذْ رَجَعَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ فِي فُلَانٍ يَقُولُ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فَلْتَةً فَتَمَّتْ فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ إِنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ فَإِنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ وَأَنْ لَا يَعُوهَا وَأَنْ لَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا فَقَالَ عُمَرُ أَمَا وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عُقْبِ ذِي الْحَجَّةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ حَتَّى أَجِدَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا إِلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلًا قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ فَأَنْكَرَ عَلَيَّ وَقَالَ مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعْقِلَهَا فَلَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ.....إلخ.....أَلَا ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا مِنْكُمْ يَقُولُ وَاللَّهِ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا فَلَا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ أَلَا وَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الْأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُبَايَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَنْصَارَ خَالَفُونَا وَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلَانِ صَالِحَانِ فَذَكَرَا مَا تَمَالَأَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَقَالَا أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَقُلْنَا نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَا لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمْ اقْضُوا أَمْرَكُمْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقُلْتُ مَا لَهُ قَالُوا يُوعَكُ فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنْ الْأَمْرِ فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَكُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رِسْلِكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ وَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلَّا قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا حَتَّى سَكَتَ فَقَالَ مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا كَانَ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُسَوِّلَ إِلَيَّ نَفْسِي عِنْدَ الْمَوْتِ شَيْئًا لَا أَجِدُهُ الْآنَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ فَكَثُرَ اللَّغَطُ وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ حَتَّى فَرِقْتُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فَقُلْتُ ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ ثُمَّ بَايَعَتْهُ الْأَنْصَارُ وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَقُلْتُ قَتَلَ اللَّهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ عُمَرُ وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكُونُ فَسَادٌ فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُتَابَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا

 

مبايعة أبي بكر كرجل له شعبية خطيرة بشخصيته كانت حركة سياسية عاجلة كما قال عمر لكي لا يديروا ظهورهم لليثاربة فيجدوهم اختاروا رجلًا يثربيًّا ينازع الخلافة والملك مع آخر مهاجري مكي، لم يوجد لدى شخصين من وزن أبي بكر وعمر وغيرهم معهم أي نص محمديّ كحجة رغم التزامهم الظاهري كلهم خاصة في أول الإسلام جدًّا بتعاليم محمد، لو كان هناك وصية لمحمد حقيقية بحصر الملك في قريش لكانا ألقياها في عب اليثاربة الأنصار.

 

أيضًا ذكر البخاري خبرًا عن علي والعباس يدل على أن محمدًا لم يوصِ بأي شيء بخصوص الحكم:

 

4447 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَقَالَ النَّاسُ يَا أَبَا حَسَنٍ كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا إِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الْأَمْرُ إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا فَقَالَ عَلِيٌّ إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

ورواه أحمد 2374 و2997 والخبر عند ابن هشام في آخر السيرة.

 

ووردت نصوص بعضها حقيقية تاريخية تعكس كره محمد الشديد لمكة والقرشيين

 

فرغم أنه التزام بمشروعه العروبي الديني لجعلها قبلة العرب في دينه الجديد وكل المسلمين، لكنه كان يرفض أن يسكن أصحابه الذين هاجروا فيها ويعودوا لها، ويعتبره إفسادًا لثواب وفضيلة الهجرة، روى مسلم:

 

وروى البخاري:

 

بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَمَرْثِيَتِهِ لِمَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ


3936 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ مَرَضٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ لَا قَالَ فَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ الثُّلُثُ يَا سَعْدُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي قَالَ إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ لَكِنْ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَمُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ

ورواه مسلم 1628 ورواه أحمد 1440 و1482 و1488

 

بَاب إِقَامَةِ الْمُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ

3933 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ السَّائِبَ ابْنَ أُخْتِ الْنَّمِرِ مَا سَمِعْتَ فِي سُكْنَى مَكَّةَ قَالَ سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدَرِ

 

ورواه مسلم 1352 وأحمد 18985 و20525 و20526 وعبد الرزاق 8843

 

 

وروى أحمد:

 

1440 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ ثَلاثَةٍ، مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهِ يَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، وَهُوَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا كَمَا مَاتَ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَشْفِيَنِي . قَالَ: " اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا وَلَيْسَ لِي وَارِثٌ إِلا ابْنَةً . أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ ؟ قَالَ: " لَا " . قَالَ: أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْهِ ؟ قَالَ: " لَا " . قَالَ: أَفَأُوصِي بِنِصْفِهِ ؟ قَالَ: " لَا " قَالَ: أَفَأُوصِي بِالثُّلُثِ ؟ قَالَ: " الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّ نَفَقَتَكَ مِنْ مَالِكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى عِيَالِكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى أَهْلِكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِنَّكَ أَنْ تَدَعَ أَهْلَكَ بِعَيْشٍ - أَوْ قَالَ بِخَيْرٍ - خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ".

 

إسناده صحيح. ؤهيب: هو ابن خالد بن عجلان البصري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه ابن سعد 3/145 عن عفان، بهذا الإسناد. وأخرجه الدورقي (33) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (520) ، ومسلم (1628) (8) و (9) ، وابن خزيمة (2355) ، والبيهقي 9/18 من طريقين عن أيوب، به. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (331) ، والدورقي (34) ، وأبو يعلي (781) ، والشاشي (86) من طريق ابن عون، عن عمرو بن سعيد، به. وأخرجه مسلم (1628) (9) من طريق محمد بن سيرين، عن حميد بن عبد الرحمن، به. وانظر ما سيأتي برقم (1474) و (1479) و (1482) و (1488) و(1501) .

 

وروى الواقدي في كتاب المغازي:

 

عِيَادَةُ النّبِىّ ÷ لِسَعْدِ بْنِ أَبِى وَقّاصٍ بَعْدَ حَجّةِ الْوَدَاعِ

قَالَ: حَدّثَنِى مَعْمَرٌ، وَمُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ، وَمَالِكٌ، عَنْ الزّهْرِىّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَنِى رَسُولُ اللّهِ ÷ يَعُودُنِى عَامَ حَجّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَصَابَنِى، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ بَلَغَ بِى مَا تَرَى مِنْ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلا يَرِثُنِى إلاّ ابْنَةٌ لِى، فَأَتَصَدّقُ بِثُلُثَىْ مَالِي؟ قَالَ: “لا”، قُلْت: فَالشّطْرُ؟ قَالَ: “لا” ثُمّ قَالَ: “الثّلُثُ وَالثّلُثُ كَثِيرٌ، إنّك أَنْ تَتْرُكْ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفّفُونَ وَإِنّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللّهِ إلاّ أُجِرْت بِهَا، حَتّى مَا تَجْعَلُ فِى فِى امْرَأَتِك”، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللّهِ أُخَلّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ فَقَالَ: “إنّك إنْ تُخَلّفْ فَتَعْمَلَ صَالِحًا تَزْدَدْ خَيْرًا وَرِفْعَةً، وَلَعَلّك أَنْ تُخَلّفَ حَتّى يَنْتَفِعَ بِك أَقْوَامٌ أَوْ يُضَرّ بِك آخَرُونَ، اللّهُمّ أَمْضِ لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ، وَلا تَرُدّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ لَكِنّ الْبَائِسَ سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ - يُرْثَى لَهُ أَنْ مَاتَ بِمَكّةَ”.

قَالَ: فَحَدّثَنِى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ الأَعْرَجِ، قَالَ: خَلّفَ رَسُولُ اللّهِ ÷ عَلَى سَعْدٍ رَجُلاً، وَقَالَ: “إنْ مَاتَ سَعْدٌ بِمَكّةَ فَلا تَدْفِنْهُ بِهَا”.

قَالَ: فَحَدّثَنِى سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبَى وَقّاصٍ لِلنّبِىّ ÷: أَيُكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ الرّجُلُ فِى الأَرْضِ الّتِى هَاجَرَ مِنْهَا؟ قَالَ: “نَعَمْ”.

قَالَ: حَدّثَنِى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: مَرِضْت فَأَتَانِى رَسُولُ اللّهِ ÷ يَعُودُنِى، فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيِى فَوَجَدْت بَرْدَهَا عَلَى فُؤَادِىّ، ثُمّ قَالَ: “إنّك رَجُلٌ مَفْئُودٌ - الْمَفْئُودُ وَجَعُ الْفُؤَادِ - فَائِت الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ أَخَا ثَقِيفٍ، إنّهُ رَجُلٌ يُطَبّبُ فَمُرْهُ فَلِيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلْيَجَأْهُنّ بِنَوَاهُنّ - أَىْ يَدُقّهُنّ - ثُمّ لْيُدَلّكْكَ بِهِنّ”.

 

ولكلام الواقدي شاهد ضعيف رواه أحمد عن كره دفن المهاجرين بمكة وتحريمه:

 

16584 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْقَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ الْقَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ، فَخَلَّفَ سَعْدًا مَرِيضًا حَيْثُ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ، فَلَمَّا قَدِمَ مِنْ جِعِرَّانَةَ مُعْتَمِرًا دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجِعٌ مَغْلُوبٌ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي مَالًا وَإِنِّي أُورَثُ كَلَالَةً ، أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ أَوْ أَتَصَدَّقُ بِهِ ؟ قَالَ: " لَا "، قَالَ: أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْهِ ؟، قَالَ: " لَا "، قَالَ: أَفَأُوصِي بِشَطْرِهِ ؟، قَالَ: " لَا "، قَالَ: أَفَأُوصِي بِثُلُثِهِ ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَذَاكَ كَثِيرٌ "، قَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، أَمُوتُ بِالدَّارِ الَّتِي خَرَجْتُ مِنْهَا مُهَاجِرًا ؟ قَالَ: " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَرْفَعَكَ اللهُ فَيَنْكَأَ بِكَ أَقْوَامًا، وَيَنْفَعَ بِكَ آخَرِينَ، يَا عَمْرُو بْنَ الْقَارِيِّ إِنْ مَاتَ سَعْدٌ بَعْدِي فَهَا هُنَا فَادْفِنْهُ، نَحْوَ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ "، وَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا.

 

إسناده ضعيف لجهالة حال عمرو بنا القاري، وهو عمرو بن عبد الله بن عمرو بن عبد القاري، ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/242، والحافظ في "التعجيل"، ولم يذكرا في الرواة عنه غير عبد الله بن عثمان بن خثيم، ولم يؤثر توثيقه عن أحد، ووالده عبد الله بن عمرو ترجم له الحافظ في "التعجيل" 1/757، وقال: روى عنه ابنه عمرو، وذكره ابن حبان في "الثقات"، هكذا استدركه شيخنا الهيثمي، وقد ذكر في "التهذيب" وسمى جده عبداً بغير إضافة، وذكر أن بعضهم نسبه إلى جده، فقال: عبد الله بن عبد القاري، ورجح في ترجمة عبد الله بن عبد أنه أخو عبد الرحمن بن عبد القاري، وفيه نظر، فإن أخا عبد الرحمن ذكره البغوي وابن حبان في الصحابة، فالذي يظهر أنه آخر، وقد أخرج مسلم لعبد الله بن عمرو القاري حديثاً في قراءة سورة المؤمنين في الصلاة. قلنا: الذي روى له مسلم هو عبد الله بن عمرو غير منسوب، وقد جاء في بعض طرقه عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو وهم، وقيل: هو عبد الله بن عمرو المخزومي، وهو الأشبه. وقد اختلف فيه على عبد الله بن عثمان بن خثيم كما سيأتي. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/146، والبزار (1383) (زوائد) ، والبيهقي في "السنن" 9/18-19 من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/311 عن القاسم بن يحيى، عن عبد الله بن خثيم، به مختصراً، وفيه: دخل على سعد يوم الفتح. وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (2383) من طريق ابن أبي الضيف، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري، عن أبيه، عن جده عمرو بن القاري، به. وفيه: يوم الفتح. وقال البخاري في "التاريخ الكبير" 6/311: وقال محمد بن يزيد: عن ابن خثيم، عن عبيد الله بن عياض، عن أبيه، عن جده عمرو القاري. قال ابن يزيد: وهو عمرو بن عبد القاري. وقال ابن جريج: حدثنا ابن خثيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن القاري، مثله. وفي مطبوع البخاري: عبد الله بن عياض، وهو تصحيف. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/212، وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه عياض بن عمرو القاري، ولم يجرحه أحد، ولم يوثقه. قلنا: رواية الطبراني لم نقع عليها في المطبوع، فلعلمها في القسم المفقود منه، وقد فات الهيثمي أن ينسبه إلى البزار. وانظر حديث سعد بن أبي وقاص، السالف برقم (1440) .

قال السندي: قوله: فخلف، من التخليف. قوله: مغلوب، أي: عليه المرض، وليس المراد أنه مغلوب على عقله إلا أن يقال: يمكن أن يكون مغلوبا على عقله أولا، ثم حصل له الإفاقة بعد دخوله صلى الله عليه وسلم.

 

وكان محمد يكره حتى مجرد موته أو موت أحد أتباعه الأوائل في مكة، روى أحمد:

 

4778 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ قَالَ: " اللهُمَّ لَا تَجْعَلْ مَنَايَانَا بِهَا حَتَّى تُخْرِجَنَا مِنْهَا "

 

رجاله ثقات رجال الشيخين، وإسناده صحيح إن ثبت سماع سعيد بن أبي هند من ابن عمر، فلم نجد في كتب الرجال سماعه منه، وهو قد أدرك عبد الله بن عباس، وسمع منه، فهو معاصر لعبد الله بن عمر، ولم يُوصف بالتدليس. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي. وأخرجه البيهقي في "السنن" 9/19 من طريق يزيد بن عبد الله البيسري، عن عبد الله بن سعيد، به. وسيأتي برقم (6076) من طريق محمد بن ربيعة، عن عبد الله بن سعيد، به، وإليه أشار الهيثمي في "المجمع 5/253. وأخرجه البزار (1751) والطبراني في الكبير (13329) من طريق محمد بن ربيعة، بهذا الِإسناد. وأورده الهيثمي في"المجمع"5/253، وقال: رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح، خلا محمد بن ربيعة، وهو ثقة. وقد كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكره أن يموت هو أو أحد من المهاجر بن بمكة، حتى تثبت لهم هجرتهم، وقد رثى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسعد بن خولة أن مات بمكة، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة". أخرجه البخاري (3936) ، ومسلم (1628) (5) من حديث سعد بن أبي وقاص، وانظر ما سلف برقم (1440) .

قال السندي: قوله: منايانا: جمع منية، بمعنى الموت، وهذا دعاء للمهاجرين من مكة، لأن موتهم منقص للهجرة.

 

وقد احتاج العباس عم محمد لإذن منه ليبيت مجرد ليالي فقط في بيت بمكة لأجل منصب سقاية الحجاج، روى البخاري:

 

1745 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ وَأَبُو ضَمْرَةَ

 

ورواه مسلم 1315 وأحمد 4691 و4827 و5613.

 

وكان محمد عمومًا من خلال تاريخه في الدعوة الدينية يعتبر مضر وربيعة مجموعة من المتكبرين المتغطرسينن ومن مضر قريش وكنانة ومن ربيعة قبائل قيس عيلان كثقيف وهوازن، روى مسلم:

 

[ 51 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة ح وحدثنا بن نمير حدثنا أبي ح وحدثنا أبو كريب حدثنا بن إدريس كلهم عن إسماعيل بن أبي خالد ح وحدثنا يحيى بن حبيب الحارثي واللفظ له حدثنا معتمر عن إسماعيل قال سمعت قيسا يروي عن أبي مسعود قال أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال ألا إن الإيمان ههنا وأن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر

 

[ 52 ] حدثنا أبو الربيع الزهراني أنبأنا حماد حدثنا أيوب حدثنا محمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية

 

ورواه أحمد 7505 و8242 و7652 و8846 و9411 و9499 و10222 و10978

 

وروى البخاري:

 

4387 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ هَا هُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَنِ وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ

 

4388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

4389 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِتْنَةُ هَا هُنَا هَا هُنَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ

 

4390 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً الْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ

 

وروى أحمد:

 

17066 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: " الْإِيمَانُ هَاهُنَا " قَالَ: " أَلَا وَإِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ أَصْحَابِ الْإِبِلِ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ " قَالَ مُحَمَّدٌ: " عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو عوانة 1/58-59، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (803) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه الحميدي (458) ، وابن أبي شيبة 12/182، والبخاري (4387) ، ومسلم (51) ، وأبو عوانة 1/59، والطبراني في "الكبير" 17/ (564-569) ، وابن منده في "الإيمان " (426) و (427) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به. وبعضهم رواه بزيادة محمد بن عبيد. وأخرجه البخاري (3498) من طريق سفيان بن عيينة، عن إسماعيل ابن أبي خالد، به. بلفظ: "من هاهنا جاءت الفتن نحو المشرق، والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين أهل الوبر عند أصول أذناب الإبل والبقر في ربيعة ومضر". وسيأتي في الرواية 5/273. وانظر حديث أبي هريرة (7202) .ورواه أحمد 8846 و9499 و7505  و13346 و(8242) و(7652) و (8846) و (8942) و (9411) و (9499) و (10222) و (10978) و(7202) و(7432) و(22343).

الجفاء، قال السندي: هو الغلظة، وترك البر والصلة. والفدادون، قال ابن الأثير في "النهاية" 3/419: هم الذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم، واحدهم: فداد، يقال: فد الرجل يفدُّ فديدا إذا اشتد صوته. وقيل: هم المكثرون من الإبل، وقيل: هم الجمالون والبقارون والحمارون والرعيان.

 

 

22343 - حدثنا يحيى، عن إسماعيل، حدثنا قيس، عن أبي مسعود قال: أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال: " الإيمان هاهنا الإيمان هاهنا، وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر "

 

صحيح على شرط الشيخين.

 

13346 - حدثنا علي بن عياش، حدثنا محمد بن مهاجر، عن عروة بن رويم قال: أقبل أنس بن مالك إلى معاوية بن أبي سفيان وهو بدمشق قال: فدخل عليه فقال له معاوية: حدثني بحديث سمعته من نبي الله صلى الله عليه وسلم ليس بينك وبينه فيه أحد، قال: قال أنس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الإيمان يمان " هكذا إلى لخم وجذام. 

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عروة بن رويم، فقد روى له اصحاب السنن غير الترمذي، وهو ثقة يرسل. وقد صرح بسماعه من أنس في طريق أبي نعيم في "تاريخ أصبهان " وفي إحدى الطرق عند البخاري في "تاريخه"، لكن في هذين الطريقين إليه من لم نعرفه. وأخرجه الضياء في "المختارة" (2324) من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري تعليقا 5/87 و88، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان " 1/156، والضياء (2323) من طرق عن عروة بن رويم، به. ولفظه عند الضياء: عن عروة بن رويم قال: كنا عند عبد الملك بن مروان حين قدم عليه أنس، فقال له عبد الملك: حدثنا بحديث سمعته من رسول الله ليس بينك وبينه أحد ليس فيه تزيد ولا نقصان، قال أنس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الإيمان يمان إلى لخم وجذام، ألا إن الكفر، وقسوة القلوب في هذين الحيين من ربيعة ومضر". ولفظه عند أبي نعيم: "سمعت أنسا يحدث الخليفة بالجابية: الإيمان يمان والحكمة يمانية هذين الحيين من لخم وجذام ". وأخرجه الدولابي في "الكنى" 1/163 من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، عن محمد بن مهاجر، عن عروة بن رويم، عن أبي خالد الحرشي، عن أنس. وعلقه البخاري في "تاريخه " 5/87 عن محمد بن المهاجر، بالإسناد السابق. فأدخل أبا خالد بين عروة وأنس، وهو لا يعرف. وعلقه البخاري أيضا 5/87-88 فقال: قال الهيثم بن حميد، عن الحجوري، عن أنس. والحجوري هذا لم نتبينه. وأخرج عبد الرزاق (19887) عن معمر، عن قتادة مرسلا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان يمان إلى ها هنا" وأشار بيده حذو جذام "صلوات الله على جذام ". وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (857) ، وفي "مسند الشاميين " (522) من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، عن محمد بن مهاجر، عن عروة بن رويم، عن أبي كبشة الأنماري، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة من مغازيه، فنزل منزلا، فأتيناه فيه، فرفع يديه، وقال: "الإيمان يمان، والحكمة ها هنا" إلى لخم وجذام. ويشهد للحديث حديث عمرو بن عبسة، وسيأتي عند المصنف 4/387. ويشهد لقوله: "إلإيمان يمان "، حديث أبي هريرة السالف برقم (7202) . وهو صحيح.

ولخم وجذام: قبيلتان من قبائل اليمن.

 

وكان محمد يبغض قريشَا حسب بعض الأحاديث، ولم ينس قط أنهم اضطهدوه هو وأتباعه وأعاقوا مشروعه، حتى بعد فتح مكة واستسلام هوزان وثقيف من قبائل قيس عيلان ورسوخ حكمه على العرب، روى أحمد:

 

16166 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلَمُوا مِنْ ثَقِيفٍ، مِنْ بَنِي مَالِكٍ، أَنْزَلَنَا فِي قُبَّةٍ لَهُ، فَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْنَا بَيْنَ بُيُوتِهِ، وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ انْصَرَفَ إِلَيْنَا، وَلَا نَبْرَحُ حَتَّى يُحَدِّثَنَا، وَيَشْتَكِي قُرَيْشًا، وَيَشْتَكِي أَهْلَ مَكَّةَ، ثُمَّ يَقُولُ: " لَا سَوَاءَ، كُنَّا بِمَكَّةَ مُسْتَذَلِّينَ ، ومُسْتَضْعَفِينَ، فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَتْ سِجَالُ الْحَرْبِ عَلَيْنَا، وَلَنَا" ...إلخ

 

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، وعثمان ابن عبد الله بن أوس الثقفي، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "الميزان": محله الصدق. وقال ابن حجر في "التقريب": مقبول. وأخرجه أبو نعيم في "المعرفة" (973) ، والمزي في "تهذيب الكمال" 19/411 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (1108) وابن أبي شيبة 2/501-502، وأبو داود  (1393) ، وابن ماجه (1345) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1523) و (1578) و (1579) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1371) و (1372) و (1373) ، والطبراني في "الكبير" 1/ (599) (600) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (973) من طرق عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، بهذا الإسناد. وقد سقط من مطبوع الطبراني في الرواية رقم (600) اسم عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي من الإسناد. وسيكرر هذا الحديث 4/343.

قال السندي: قوله: أنزلنا، بفتح اللام، والضمير للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.  قوله: في قبة: خيمة.  قوله: "لا سواء". أي الأيام غير متساوية.  قوله: "سجال الحرب" بكسر سين، وخفة جيم، جمع سَجْل، وهو الدلو المملوءة ماء، وفيه تشبيه الحرب بالسجال، تكون بالنوبة فتكون تارة لهذا وتارة لذاك.

 

وفي حين سأعرض في التالي نصوص الأمر الديني المزعوم باحتكار قريش للسلطة، فقد وُجِدَتْ نصوص أدانت قريش وخاصة الأمويين، وهي نصوص كتبوها ملفقة بعد معاصرة الأحداث وانتهائها، روى البخاري:

 

3605 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقُ يَقُولُ هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ غِلْمَةٌ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ

 

7058 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ هَلَكَةُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعَلْتُ فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مُلِّكُوا بِالشَّأْمِ فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَمُ

 

ووراه أحمد 7871 و8033 و(7974) و (8033) و (8347) و (10292).

 

3604 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهْلِكُ النَّاسَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ قَالَ مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ

ورواه مسلم 2917 وأحمد (8005) و (8304) و (8901) و(10737)

 

3606 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ.

 

وروى أحمد:

 

15536 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَعْنِي الْمُؤَدِّبَ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَلِمَتَيْنِ: مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةٌ، وَمِنَ النَّجَاشِيِّ أُخْرَى، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " انْظُرُوا قُرَيْشًا فَخُذُوا مِنْ قَوْلِهِمْ، وَذَرُوا فِعْلَهُمْ "، وَكُنْتُ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ جَالِسًا فَجَاءَ ابْنُهُ مِنَ الْكُتَّابِ، فَقَرَأَ آيَةً مِنَ الْإِنْجِيلِ فَعَرَفْتُهَا - أَوْ فَهِمْتُهَا - فَضَحِكْتُ، فَقَالَ: مِمَّ تَضْحَكُ ؟ أَمِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى ؟ فَوَاللهِ إِنَّ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ: أَنَّ اللَّعْنَةَ تَكُونُ فِي الْأَرْضِ إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُهَا الصِّبْيَانَ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم من جهة إسماعيل بن أبي خالد، غير أن صحابيه لم يخرج له سوى أبي داود، ومجالد بن سعيد- وإن كان ضعيفاً  قد توبع. أبو النَّضْر: هو هاشم بن القاسم. وأخرجه ابن حبان (4585) من طريق عبيد الله بن عمرو، وأبو نعيم مختصراً في "أخبار أصبهان" 1/140 من طريق محمد بن عبيد، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/231، ومختصراً ابن أبي عاصم في "السنة" (1543) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3131) من طريق محمد بن بشر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن مجالد، به. وأخرجه أبو يعلى (6864) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/126، ومختصراً أبو داود (4736) ، وابن عدي في "الكامل" 13/1038 من طرق عن مجالد، به. وسيأتي مختصراً 4/260.

قال السندي: قوله: "انظروا قريشاً"، أي: ملوكهم، وكان غالبهم صغاراً، فلذلك جمع عامر هذه الكلمة مع كلمة النجاشي. قوله: "من قولهم"، أي: بعضه الموافق للدِّين. قوله: "فعلهم"، أي: كله، ففيه أن الغالب في فعلهم المخالفة.

 

18286 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " خُذُوا بِقَوْلِ قُرَيْشٍ، وَدَعُوا فِعْلَهُمْ "

 

حديث صحيح. وقوله: "عن عطاء" كذلك هو في الأصول الخطية للمسند، و (م) ، وكذلك هو في "أطراف المسند" 2/635، و"إتحاف المهرة" 6/398، والأشبه أنه خطأ، صوابه: "عن عامر" يعني الشعبي، فقد سلف بالرواية رقم (15536) من طريق إسماعيل ومجالد، عن الشعبي، وبالرواية السابقة من طريق مجالد، عن الشعبي. وقال المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عامر بن شهر: روى عنه عامر الشعبي، ولم يرو عنه غيره.

 

لكن من سخرية التاريخ أن ما كتبوه ضد الأمويين تحت رعاية بني العباس، المؤيدين لكل شيء ضد الأمويين، ارتكبه لاحقًا كما ترى في كتب التاريخ بنو العباس كذلك، فالعباسيون بحكم ضعف الحكم في أواخرهم ومسألة جعل الحكم في نسل شخص معين وحده احتكارًا، اضطروا أحيانًا للمبايعة لطفل كخليفة، في حين كان يحكم فعليًّا آخر كرجل أو حتى أم الغلام الشرقية التقليدية بدون دراية منها بشؤون الحكم! والنص عند أحمد عن خرافة النجاشي هذه ملفق بلا شك كنبوءة مزعومة وفيه إدانة للقرشيين كحكام منافقين يقولون خير الكلام ويفعلون أسوأ الأفعال والهدي. فهذه صفة من لن ينصح نبي مزعوم بتوليتهم الحكم والانفراد به، النصيحة الدينية بالاتساق مع وصف كهذا ستكون فعلًا متناقضًا وأخرق، لكن لا اتساقَ لأن كتبة الأحاديث ذوي ميول وتحزبات وآراء مختلفة.

 

وروى أحمد من النصوص المعادية لقريش التي تدين فساد حكمها أمويين وعباسيين:

 

(23316) 23705- حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ : انْطَلَقْتُ أَنَا وَعَمْرُو بْنُ صُلَيْعٍ حَتَّى أَتَيْنَا حُذَيْفَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ مُضَرَ لاَ تَدَعُ لِلَّهِ فِي الأَرْضِ عَبْدًا صَالِحًا إِلاَّ افْتَتَنَتْهُ وَأَهْلَكَتْهُ ، حَتَّى يُدْرِكَهَا اللَّهُ بِجُنُودٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُذِلَّهَا حَتَّى لاَ تَمْنَعَ ذَنَبَ تَلْعَةٍ.(5/390).

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي داود -وهو سليمان بن داود الطيالسي- فمن رجال مسلم . هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي. وهو في "مسند" الطيالسي (420) . وأخرجه البزار في "مسنده" (2797) من طريق معاذ بن هشام، والحاكم 4/469-470 (8449) من طريق موسى بن إسماعيل، كلاهما عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد . وزادا فيه قصة لأبي الطفيل وعمرو بن صليع مع حذيفة، وصححه الحاكم على شرط الشيخين. وأخرجه البزار (2798) من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، به. وأخرج ابن أبي شيبة 15/11 من طريق الوليد بن عبد الله بن جميع، عن أبي الطفيل قال: جاء رجل من محارب يقال له: عمرو بن صليع إلى حذيفة، فقال له: يا أبا عبد الله، حدثنا ما رأيت وشهدت ؟ فقال حذيفة: يا عمرو بن صليع، أرأيت محارب أم مضر ؟ قال: نعم . قال: فإن مضر لا تزال تقتل كل مؤمن وتفتنه أو يضربهم الله والملائكة والمؤمنون حتى لا يمنعوا بطن تلعة، أرأيت محارب أم قيس عيلان ؟ قال: نعم، فإذا رأيت عيلان قد نزلت بالشام فخذ حذرك . وإسناده حسن . وأخرج ابن أبي شيبة 15/111، والبزار (2858) من طريق منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة قال: ادنوا يا معشر مضر فوالله لا تزالون بكل مؤمن تفتنونه وتقتلونه حتى يضربكم الله وملائكته والمؤمنون حتى لا تمنعوا بطن تلعة، قالوا: فلم تدنينا ونحن كذلك ؟ قال: إن منكم سيد ولد آدم وإن منكم سوابق كسوابق الخيل . وإسناده صحيح. وسيأتي الحديث برقم (23349) من طريق عمرو بن حنظلة، وبرقم (23435) من طريق هزيل بن شرحبيل، كلاهما عن حذيفة . وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سلف برقم (11821) .

قوله: "حتى لا يمنعوا ذنب تلعة" : الذنب -بفتحتين- الأسفل، والتلعة -بفتح فسكون- مسيل الماء من أعلى إلى أسفل، وأذناب المسايل: أسافل الأودية، والمراد: وصفهم بالذل والضعف، وأنهم يصيرون بحيث لا يقدرون على منع أحد من أسفل واد من أوديته

 

23349 - حدثنا ابن نمير، حدثنا الأعمش، عن عبد الرحمن بن ثروان، عن عمرو بن حنظلة قال: قال حذيفة: " والله لا تدع مضر عبدا لله مؤمنا إلا فتنوه أو قتلوه، أو يضربهم الله والملائكة والمؤمنون، حتى لا يمنعوا ذنب تلعة "، فقال له رجل: أتقول هذا يا أبا عبد الله وأنت رجل من مضر ؟ قال: لا أقول إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمرو بن حنظلة، فقد تفرد بالرواية عنه عبد الرحمن بن ثروان، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، لكنه قد توبع كما سيأتي . وأخرجه ابن أبي شيبة 15/111، ومن طريقه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (989) ، والطبراني في "الأوسط" (6579) عن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد . ووقع في مطبوع "المصنف" عبد الله بن ثروان بدل عبد الرحمن بن ثروان . وأخرجه الحاكم 4/470 من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، به . وصححه على شرط الشيخين، فوهم! فعمرو بن حنظلة لم يخرج له أصحاب الكتب الستة . وسيأتي برقم (23435) من طريق أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، عن هزيل ابن شرحبيل عن حذيفة . وعبد الرحمن بن ثروان سمعه من عمرو بن حنظلة وهزيل لأن حذيفة تكلم بهذا الحديث في دار عمرو بن حنظلة فسمعه الاثنان من حذيفة كما سيأتي في الرواية المذكورة . وسلف الحديث أيضا بسند صحيح من طريق أبي الطفيل عن حذيفة برقم (23316) .

 

23435 - حدثنا أبو أحمد، حدثنا عبد الجبار بن العباس الشبامي، عن أبي قيس ـ قال عبد الجبار: أراه عن هزيل ـ قال: قام حذيفة خطيبا في دار عامر بن حنظلة، فيها التميمي، والمضري، فقال: "ليأتين على مضر يوم لا يدعون لله عبدا يعبده إلا قتلوه، أو ليضربن ضربا لا يمنعون ذنب تلعة، أو أسفل تلعة"، فقيل: يا أبا عبد الله، تقول هذا لقومك، أو لقوم أنت ـ يعني منهم ؟ قال: لا أقول ـ يعني ـ إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الجبار بن العباس الشبامي، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح . أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله بن الزبير، وأبو قيس: هو عبد الرحمن بن ثروان الأودي، وهزيل: هو ابن شرحبيل الأودي . وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/324 من طريق عبد الله بن نمير، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (991) من طريق جرير بن حازم، كلاهما عن الأعمش، عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، عن هزيل بن شرحبيل، عن حذيفة . وسلف عن الأعمش، عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، عن عمرو بن حنظلة، عن حذيفة برقم (23349) . وانظر ما سلف برقم (23316) .

 

وروى البزار في مسنده:

 

2797- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو ، قَالاَ : أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى حُذَيْفَةَ فَقُلْنَا : حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : لَوْ أَنِّي حَدَّثْتُكُمْ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَا انْتَظَرْتُمُ اللَّيْلَ الْقَرِيبَ ، قَالُوا : لاَ نُرِيدُ مِنْكَ هَذَا ، حَدِّثْنَا مَا يَنْفَعُنَا ، وَلاَ يَضُرُّكَ ، قَالَ : لاَ تَدَعُ ظَلَمَةُ مُضَرَ عَبْدًا لِلَّهِ صَالِحًا إِلاَّ قَتَلُوهُ أَوْ فَتَنُوهُ أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُمُ اللَّهُ ، وَالْمَلاَئِكَةُ ، وَالْمُؤْمِنُونَ حَتَّى لاَ تَمْنَعُوا ذَنَبَ تَلْعَةٍ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ إِلاَّ هِشَامٌ.

 

هذا نص فيه إدانة شديدة منسوبة إلى محمد على نحو ملفق عن طرق صحابي كان يدعي أن عنده أسرارًا كشفها له محمد عن المستقبل، والنص يتنافى بإدانته مع أي زعم للتوصية بالحكم لقريش احتكارًا. والرجل نفسه من قريش لكنه أدانهم لكرهه لظلمهم وسوء أفعالهم. وبسبب ميول حذيفة ومن على شاكلته لنقد السلطة رغم نفاقه لها في حالات أخرى، فقد زعم الشيعة الاثناعشرية بالتزييف أنه كان من الشيعة وروى نصوصهم الملفقة عن تقديس علي ونسله وحق نسله الإلهي الاستبدادي في اقتصار الحكم عليهم ولهم، كما نرى في كتاب (سليم بن قيس الهلالي) المليء في معظمه بخرافات ملفقة شيعية، وكتبهم الأخرى كذلك.

 

ومن نفاق حذيفة للسلطة أحيانًا ما رواه ابن أبي شيبة:

 

29466- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، قَالَ : غَزَوْنَا أَرْضَ الرُّومِ وَمَعَنا حُذَيْفَةُ ، وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَشَرِبَ الْخَمْرَ ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَحُدَّهُ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ : أَتَحُدُّونَ أَمِيرَكُمْ ، وَقَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ ، فَيَطْمَعُونَ فِيكُمْ ؟ فَقَالَ : لأَشْرَبَنَّهَا ، وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً ، وَلأَشْرَبَنَّهَا عَلَى رَغْمِ مَنْ رَغِمَ. (10/103).

 

وروى سعيد بن منصور في سننه:

 

2501 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنَّا فِي جَيْشٍ فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَمَعَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَعَلَيْنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، فَشَرِبَ الْخَمْرَ، فَأَرَدْنَا أَنَّ نُحِدَّهُ، قَالَ حُذَيْفَةُ: «أَتُحِدُّونَ أَمِيرَكُمْ؟ وَقَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فَيَطْمَعُونَ فِيكُمْ» فَبَلَغَهُ، فَقَالَ: لَأَشْرَبَنَّ وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً، وَلَأَشْرَبَنَّ عَلَى رَغْمِ مَنْ رَغِمَ

 

وبعضهم أدانوا صراعات القرشيين على الحكم كصراع عبد الله ومصعب ابني الزبير بن العوام مع عبد الملك بن مروان والأمويين، روى أحمد:

 

19805 - حدثنا حسن بن موسى، حدثنا سكين بن عبد العزيز، عن سيار بن سلامة أبي المنهال الرياحي قال: دخلت مع أبي على أبي برزة الأسلمي وإن في أذني يومئذ لقرطين . قال: وإني لغلام . قال: فقال أبو برزة: إني أحمد الله أني أصبحت لائما لهذا الحي من قريش فلان هاهنا يقاتل على الدنيا، وفلان هاهنا يقاتل على الدنيا، يعني عبد الملك بن مروان، قال: حتى ذكر ابن الأزرق قال: ثم قال: إن أحب الناس إلي لهذه العصابة الملبدة الخميصة بطونهم من أموال المسلمين، والخفيفة ظهورهم من دمائهم . قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأمراء من قريش . الأمراء من قريش . الأمراء من قريش لي عليهم حق، ولهم عليكم حق ما فعلوا ثلاثا: ما حكموا فعدلوا، واسترحموا فرحموا، وعاهدوا فوفوا، فمن لم يفعل ذلك منهم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"

 

إسناده قوي، سكين بن عبد العزيز صدوق لا بأس به. وانظر (19777) و19782 و19802. وهو في "مسند" الطيالسي (926) مختصر بلفظ: "الأئمة من قريش ما عملوا بثلاث" ولم يذكرها. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/160، والبزار في "مسنده" (3857) من طريق عارم محمد بن الفضل، وأبو يعلى (3645) من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي، كلاهما عن سكين بن عبد العزيز. ورواية البخاري مختصرة: "الأمراء من قريش" وقال بإثره: وروى عوف وغيره عن سيار، لم يرفعوه. وجاءت رواية أبي يعلى ضمن قصة.

قوله: "لائما" قال السندي: اسم فاعل من اللوم، أي: ألومهم على ما أحدثوا من الشرور. "الملبدة" قال: بكسر الباء، اسم فاعل من اللبد، والمراد: أنهم لصقوا بالأرض وأخملوا أنفسهم. "الخميصة بطونهم من أموال المسلمين" أي: الفارغة، وهي كناية عن عدم أكل أموال المسلمين بالباطل. "والخفيفة ظهورهم من دمائهم" كناية عن اجتنابهم قتل المسلمين في غير حله.

 

وفي هذا الحديث إعطاء حق إلهي للقرشيين للحكم كذلك وهو تشريع فاسد، للاستئثار بالسلطة، لكنه اشترط التزامهم بالعدل والأمانة وهو ما لم يفعلوه، وذكر الصحابي في الحديث الخوارج وقائدهم نافع بن الأزرق وما أثاروه من عنف وشرور، كما في الأعلام لخير الدين الزركلي:

 

ابن الأزرق

( 000 - 65 هـ = 000 - 685 م)

نافع بن الازرق بن قيس الحنفي، البكري الوائلي، الحروري، أبو راشد: رأس الازارقة، وإليه نسبتهم. كان أمير قومه وفقيههم. من أهل البصرة. صحب في أول أمره عبد الله بن عباس. وله (أسئلة - ط) رواها عنه، قال الذهبي: مجموعة في (جزء) أخرج الطبراني بعضها في مسند ابن عباس من المعجم الكبير. وكان هو وأصحاب له من أنصار الثورة على (عثمان) ووالوا عليا، إلى أن كانت قضية (التحكيم) بين علي ومعاوية، فاجتمعوا في (حروراء) وهى قرية من ضواحي الكوفة، ونادوا بالخروج على علي، وعرفوا لذلك، هم ومن تبع رأيهم، بالخوارج وكان نافع (صاحب الترجمة) يذهب إلى سوق الأهواز، ويعترض الناس بما يحير العقل (كما يقول الذهبي) ولما ولي عبيد الله بن زياد إمارة البصرة (سنة 55 هـ في عهد معاوية، اشتد على (الحروريين) وقتل (سنة 61) زعيمهم أبا بلال: مرداس بن حذير (انظر ترجمته) وعلموا بثورة عبد الله بن الزبير على الأمويين (بمكة) فتوجهوا إليه، مع نافع. وقاتلوا عسكر الشام في جيش ابن الزبير إلى أن مات يزيد بن معاوية (سنة 64) وانصرف الشاميون، وبويع ابن الزبير بالخلافة. وأراد نافع وأصحابه أن يعلموا رأى ابن الزبير في عثمان، فقال له خطيبهم (عبيدة بن هلال اليشكرى) بعد أن حمد الله وذكر بعثة نبيه صلى الله عليه وسلم وأثنى على سيرة أبى بكر وعمر: (. واستخلف الناس عثمان، فآثر القربى، ورفع الدرة ووضع السوط، ومزق الكتاب، وضرب منكر الجور، وآوى طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضرب السابقين بالفضل وحرمهم وأخذ الفئ فقسمه في فساق قريش ومجان العرب، فسارت إليه طائفة، فقتلوه، فنحن لهم أولياء ومن ابن عفان وأوليائه برآء، فما تقول أنت يا ابن الزبير ؟) فقال: (قد فهمت الذى ذكرت به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو فوق ما ذكرت وفوق ما وصفت، وفهمت ما ذكرت به أبا بكر وعمر، وقد وفقت وأصبت، وفهمت الذى ذكرت به عثمان، وإنى لا أعلم مكان أحد من خلق الله اليوم أعلم بابن عفان وأمره منى، كنت معه حيث نقم عليه، واستعتبوه فلم يدع شيئا إلا أعتبهم، ثم رجعوا إليه بكتاب له يزعمون أنه كتبه يأمر فيه بقتلهم، فقال لهم: ما كتبته، فإن شئتم فهاتوا بينتكم، فإن لم تكن حلفت لكم، فوالله ما جاؤوه ببينة ولا استحلفوه، ووثبوا عليه فقتلوه، وقد سمعت ما عبته به، فليس كذلك، بل هو لكم خير أهل، وأنا أشهدكم ومن حضرني أنى ولي لابن عفان وعدو لاعدائه) ولم يرض هذا نافعا وأصحابه، فانفضوا من حوله.

وعاد نافع ببعضهم إلى البصرة، فتذاكروا فضيلة الجهاد (كما يقول ابن الأثير) وخرج بثلاثمئة وافقوه على الخروج. وتخلف (عبد الله بن إباض) وآخرون، فتبرأوا منهم. وكان (نافع) جبارا فتاكا، قاتله المهلب بن أبى صفرة ولقي الاهوال في حربه وقتل يوم (دولاب) على مقربة من الاهواز (1).

  

(1) الكامل للمبرد 2: 172 - 181 ورغبة الآمل 7: 103 - 156، 220، 229 - 236 والاخبار الطوال، طبعة بريل 278 - 284 ولسان الميزان للذهبي 6: 144 وجمهرة الأنساب 293 وابن الأثير 4: 65، 66، 76 والطبري 7: 65 والاغانى طبعة الدار 6: 142 والحور العين 177 والمقريزي 3: 354 ومعجم البلدان: حروراء.وانظر دائرة المعارف الاسلامية: الخوارج. ومختصر الفرق بين الفرق 72، 73، 74، 77.

وقد فضّل الصحابي الناس الذي انتهجوا نهج اعتزال الفتن وعدم المشاركة في الحروب الداخلية للنزاع على الحكم ما بين المسلمين المتناحرين.

 

وكان أبو ذر الغفاري الصحابي يدين القرشيين ومنهم عثمان بن عفان ومعاوية بن أبي سفيان لفسادهم وظلمهم وجورهم وأكلهم أموال الناس واستئثارهم بمعظم أموال الفتوحات والزكاة والخراج والجزية، روى أحمد:

 

21530 - حدثنا يزيد، أخبرنا الأسود بن شيبان، عن يزيد أبي العلاء، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، قال: بلغني عن أبي ذر، حديث، فكنت أحب أن ألقاه فلقيته، فقلت له: يا أبا ذر، بلغني عنك حديث فكنت أحب أن ألقاك فأسألك عنه، فقال: قد لقيت فاسأل. قال: قلت: بلغني أنك تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثلاثة يحبهم الله، وثلاثة يبغضهم الله " قال: نعم، فما أخالني أكذب على خليلي محمد صلى الله عليه وسلم، ثلاثا يقولها، قال: قلت: من الثلاثة الذين يحبهم الله عز وجل؟ قال: رجل غزا في سبيل الله، فلقي العدو مجاهدا محتسبا فقاتل حتى قتل، وأنتم تجدون في كتاب الله عز وجل: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا} [الصف: 4] ، ورجل له جار يؤذيه، فيصبر على أذاه ويحتسبه حتى يكفيه الله إياه بموت أو حياة، ورجل يكون مع قوم فيسيرون حتى يشق عليهم الكرى والنعاس، فينزلون في آخر الليل فيقوم إلى وضوئه وصلاته " قال: قلت: من الثلاثة الذين يبغضهم الله؟ قال: "الفخور المختال، وأنتم تجدون في كتاب الله عز وجل: {إن الله لا يحب كل مختال فخور} [لقمان: 18] ، والبخيل المنان، والتاجر أو البياع الحلاف " قال: قلت: يا أبا ذر، ما المال؟ قال: فرق لنا وذود، يعني بالفرق: غنما يسيرة، قال: قلت: لست عن هذا أسأل، إنما أسألك عن صامت المال؟ قال: ما أصبح لا أمسى، وما أمسى لا أصبح. قال: قلت: يا أبا ذر، ما لك ولإخوتك قريش؟ قال: والله لا أسألهم دنيا ولا أستفتيهم عن دين الله حتى ألقى الله ورسوله ثلاثا يقولها.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الأسود بن شيبان، فمن رجال مسلم. يزيد شيخ المصنف: هو ابن هارون، ويزيد أبو العلاء: هو ابن عبد الله بن الشخير. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2784) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد، دون القطعة الأخيرة منه. وأخرجه الطيالسي (468) ، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (128) ، والبيهقي 9/160، وأخرجه البزار في "مسنده" (3908) ، والطحاوي (2784) من طريق أبي عامر العقدي، والطحاوي أيضا (2784) ، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 8/132 من طريق أبي نعيم، والطبراني في "الكبير" (1637) ، والحاكم 2/88 - 89 من طريق مسلم بن إبراهيم، أربعتهم (الطيالسي وأبو عامر وأبو نعيم ومسلم بن إبراهيم) عن الأسود بن شيبان، به. وانظر ما سلف برقم (21340) . قال السندي: "الكرى" بفتحتين: النعاس ومبادئ النوم.

"فرق" بكسر فاء وسكون راء، قطيع من الغنم كبير.  "ما أصبح" ماض من الإصباح.  "لا أمسي" صيغة المتكلم من التمسية، أي: لا أخليه إلى المساء.

 

(21309) 21634- حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ ، حَدَّثَنِي ضَمْرَةُ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ السَّيْبَانِيِّ ، عَنْ قَنْبَرٍ ، حَاجِبِ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُغَلِّظُ لِمُعَاوِيَةَ ، قَالَ : فَشَكَاهُ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، وَإِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَإِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَإِلَى أُمِّ حَرَامٍ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ قَدْ صَحِبْتُمْ كَمَا صَحِبَ ، وَرَأَيْتُمْ كَمَا رَأَى ، فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُكَلِّمُوهُ . ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ ، فَجَاءَ فَكَلَّمُوهُ ، فَقَالَ : أَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ ، فَقَدْ أَسْلَمْتَ قَبْلِي ، وَلَكَ السِّنُّ وَالْفَضْلُ عَلَيَّ ، وَقَدْ كُنْتُ أَرْغَبُ بِكَ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْمَجْلِسِ ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَإِنْ كَادَتْ وَفَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَفُوتَكَ ، ثُمَّ أَسْلَمْتَ ، فَكُنْتَ مِنْ صَالِحِي الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَمْرُو بْنَ الْعَاصِ ، فَقَدْ جَاهَدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَّا أَنْتِ يَا أُمَّ حَرَامٍ ، فَإِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ ، وَعَقْلُكِ عَقْلُ امْرَأَةٍ ، وَمَا أَنْتِ وَذَاكَ ؟ قَالَ : فَقَالَ عُبَادَةُ : لاَ جَرَمَ لاَ جَلَسْتُ مِثْلَ هَذَا الْمَجْلِسِ أَبَدًا. (5/147)

 

إسناده ضعيف، قنبر مولى معاوية، وقيل: قتير كما في "توضيح المشتبه" 7/251-252: مجهول فقد تفرد بالرواية عنه أبو زرعة السيباني، وهو يحيى بن أبي عمرو. ضمرة: هو ابن ربيعة الرملي. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/409 من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضا من طريق محمد بن أبي أسامة الحلبي، عن ضمرة، به.

 

الخبر أعلاه تاريخ، فلا يهمنا علم الإسناد وخزعبلاته فلسنا نتكلم عن نص تشريعي في الأحكام والعقائد. تقول كتب التاريخ والتفاسير أن أبا ذر كان ينتقد نهب الحكام لمال الناس وكنزهم له وللذهب والفضة، ويردد آية القرآن عن الذين يكنزون الذهب والفضة، فجادله معاوية جدلًا يدل على سوء الطوية والدخيلة بأنها آية "نزلت" في أهل الكتاب، فكان رد أبي ذر بل فينا وفيهم، وانتهى الأمر بأمر عثمان بجلب أبي ذر له من الشام على جمل بدون قتب ليعذبه بذلك، ثم رده ونفاه إلى الربذة كمنطقة معزولة. عدم التزام عثمان بنصائح الناصحين وظلمه للناس الصالحين كان من عوامل مقتله لتماديه في الغي والفساد وعدم تحقيقه لوعوده بالتوبة عن جرائمه وأسلوب حكمه الفاسد.

 

وادعى البعض أن اليمنيين سيحكمون العرب بدلًا من قريش بني عدنان، وينزعون منهم المُلك، روى البخاري:

 

7117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ

 

روى الحديثين مسلم 2910 و2911 وأحمد 9405 و16852

 

7139 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا تُوثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ تَابَعَهُ نُعَيْمٌ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ

 

وروى أحمد:

 

16827 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرِيزٌ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ الرَّحَبِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ الْمَقْرَائِيُّ، عَنْ أَبِي حَيٍّ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِي حِمْيَرَ، فَنَزَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ، فَجَعَلَهُ فِي قُرَيْشٍ " وَ سَ يَ عُ ودُ إِ لَ يْ هِ مْ "، وَكَذَا كَانَ فِي كِتَابِ أَبِي مُقَطَّعًا، وَحَيْثُ حَدَّثَنَا بِهِ تَكَلَّمَ عَلَى الِاسْتِوَاءِ "

 

إسناده جيد، أبو حيّ: وهو شداد بن حي المؤذن الحمصي، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه العِجْلي، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق، وجوَّد إسناده في "الفتح" 13/116، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح غير راشد بن سعد المقرائي، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" وأصحاب السنن، وهو ثقة، وغير صحابيه لم يخرج له سوى أبي داود وابن ماجه. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/264، وابن أبي عاصم في "السنة" (1115) ، والطبراني في "الكبير" (4227) ، وفي "مسند الشاميين" (1057) من طريق الحكم بن نافع أبي اليمان، عن حريز بن عثمان، بهذا الإسناد، وليس عند ابن أبي عاصم والطبراني: وسيعود إليهم. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/193، وقال: رواه أحمد والطبراني باختصار الحروف، ورجاله كلهم ثقات. وانظر حديث معاوية بن أبي سفيان الآتي برقم (16852) .

قال السندي: قوله: "كان هذا الأمر"، أي: الرياسة العامة.  قوله: تكلَّم على الاستواء: بأن قال: وسيعود إليهم.

 

الملاحظ أن أحد الرواة وهو عبد الله بن عمرو بن العاص من البيت الأموي القرشي نفسه كان يتعمد رواية الحديث لأنه لم يكن كرجل متدين صالح يحب أفعال قومه جدًّا ويراهم ظالمين فكان يحب ترديد أحاديث الأيديولوجي المضادة لقريش ولبني أمية. ولدينا هنا صحابيان يكذب أحدهما الآخر كما ترى. ونلاحظ أن أحمد في إحدى رواياته قطَّع حروفًا من الحديث لسبب غير مفهوم، لعله كان يخاف أن تقع مخطوطاته بيد العباسيين وهم قد اضطهدوه في مسألة خلق القرآن لأن الخليفة كان من المعتزلة كما نعلم. وحساب الحروف المقطعة قد يختلف عن الكلمة المكتوبة فله أن يقول أنه لم يكتب ولا يكون كاذبًا ومن الممكن قراءتها مثلًا: وسيعُ وُدٍّ إليهم، فهذه وسيلة تهرب من سلطة غاشمة. ولم تتحقق هذه النبوءة تاريخيًّا ولو لم يحكم العرب قحطاني، واندثرت الأنساب القديمة اليوم. وهذا الحديث مناقض تمامًا لحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، روى مسلم:

[ 1820 ] وحدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان

 

ورواه أحمد عن عبد الله بن عمر بن الخطاب كذلك:

 

4832 - حدثنا معاذ، حدثنا عاصم بن محمد، سمعت أبي يقول: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان " قال: وحرك إصبعيه يلويهما هكذا

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. معاذ: هو ابن معاذ العنبري، وعاصم: هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/171، وابن أبي عاصم في "السنة" (1122) ، وابن حبان (6266) ، وأبو يعلى (5589) من طريق معاذ، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (1956) ، والبخاري (3501) و (7140) ، ومسلم (1820) (4) ، وابن حبان (6655) ، والبيهقي في "السنن" 8/141، وفي "شعب الإيمان" (7351) ، وفي "الدلائل 6/520، والبغوي في "شرح السنة" (3848) من طرق، عن عاصم، به. وسيأتي برقم (5677) و (6121) .

 

وروى البخاري:

 

1885 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي سَمِعْتُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنْ الْبَرَكَةِ * تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ

 

ورواه مسلم 1369 وأحمد 12452 و12616.

 

نصوص تمتدح قريشًا وترفعهم فوق باقي الجنس البشر على نحو عنصري وتنص على حصر الحكم فيهم

 

روى مسلم:

 

[ 2276 ] حدثنا محمد بن مهران الرازي ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم جميعا عن الوليد قال بن مهران حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم

ورواه أحمد 16986 وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (161) والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/4، وفي "الصغير" 1/9، والترمذي (3606) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1495) و (1496) ، وفي "الآحاد والمثاني" (894) و (895) ، وأبو يعلى (7485) و (7487) ، والطبراني في "الكبير" 22/ (161) ، والبيهقي في "السنن الكبرى " 6/365، وفي "دلائل النبوة" 1/165 و166، والخطيب في "تاريخه" 13/64، والبغوي في "شرح السنة" (3613).

 

وروى أحمد:

 

17517 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: أَتَى نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّا نَسْمَعُ مِنْ قَوْمِكَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ مِنْهُمْ: إِنَّمَا مِثْلُ مُحَمَّدٍ مِثْلُ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ فِي كِبَا - قَالَ حُسَيْنٌ: الْكِبَا: الْكُنَاسَةُ - . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ أَنَا ؟ " . قَالُوا: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ . قَالَ: " أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - قَالَ: فَمَا سَمِعْنَاهُ قَطُّ يَنْتَمِي قَبْلَهَا - أَلَا إِنَّ اللهَ خَلَقَ خَلْقَهُ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ خَلْقِهِ، ثُمَّ فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ الْفِرْقَتَيْنِ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ بَيْتًا، وَأَنَا خَيْرُكُمْ بَيْتًا وَخَيْرُكُمْ نَفْسًا "

 

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف راوييه: يزيد بن عطاء: هو اليشكري الواسطي، وشيخه يزيد: هو ابن أبي زياد الهاشمي مولاهم أبو عبد الله الكوفي، وقد اضطرب الأخير في إسناد هذا الحديث، فمرة يرويه عن عبد الله بن الحارث عن عبد المطلب بن ربيعة كما هو عند المصنف هنا، ومرة يرويه عن عبد الله بن الحارث عن المطلب بن أبي وداعة عن العباس، ومرة أخرى يسقط منه العباس، ومرة يسقط المطلب بن أبي وداعة، انظر ما سلف في مسند العباس برقم (1788) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (675) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي ومحمد بن أبان، كلاهما عن يزيد بن عطاء، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/430-431، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (439) ، وفي "السنة" (1497) ، والطبراني 20/ (676) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/168-169 عن محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، به. لكن وقع اسم صحابي الحديث في رواية البيهقي: ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب، بإسقاط عبد المطلب. وفي الباب عن واثلة بن الأسقع عند مسلم (2276) ، وقد سلف برقم (16986) .

 

بهذه الصورة تصور داعمو السلطة رفع قريش فوق كل باقي البشر بصورة استعلائية متكبرة جوفاء لانفراد سلالة معينة منهم بالحكم باسم حق إلهي. كان الحكم المنفرد الاحتكاري الملكي باسم الحق الإلهي هو موضة الزمن القديم شرقًا وغربًا. الكتب التاريخية الإسلامية عندما أتصفحها أحيانًا أرى خطب الخلفاء الأمويين فيها ومن قبلهم عثمان بن عفان بجملته (قميصٌ قمصنيه الله) حافلة بنظرية الحق الإلهي وعدم جواز اعتراض المحكومين وأن عليهم الطاعة العمياء وأن الخليفة والسلطان ظل الله في أرضه.

 

يقول الواقدي:

 

وَجَعَلَ أَبُو قَتَادَةَ يُرِيدُ أَنْ يَنَالَ مِنْ قُرَيْشٍ، لِمَا رَأَى مِنْ غَمّ رَسُولِ اللّهِ ص فِى قَتْلِ حَمْزَةَ وَمَا مُثّلَ بِهِ كُلّ ذَلِكَ يُشِيرُ إلَيْهِ النّبِىّ ص أَنْ اجْلِسْ ثَلاثًا - وَكَانَ قَائِمًا - فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “أَحْتَسِبُك عِنْدَ اللّهِ”، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “يَا أَبَا قَتَادَةَ، إنّ قُرَيْشًا أَهْلُ أَمَانَةٍ مَنْ بَغَاهُمْ الْعَوَاثِرَ كَبّهُ اللّهُ لِفِيهِ وَعَسَى إنْ طَالَتْ بِك مُدّةٌ أَنْ تَحْقِرَ عَمَلَك مَعَ أَعْمَالِهِمْ، وَفَعَالَك مَعَ فَعَالِهِمْ، لَوْلا أَنْ تَبْطَرَ قُرَيْشٌ لأَخْبَرْتهَا بِمَا لَهَا عِنْدَ اللّهِ”. قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: وَاَللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا غَضِبْت إلاّ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ حِينَ نَالُوا مِنْهُ مَا نَالُوا، قَالَ رَسُولُ اللّهِ ص: “صَدَقْت، بِئْسَ الْقَوْمُ كَانُوا لِنَبِيّهِمْ”.

 

وفي مسند أحمد:

 

16928 - قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا، وَاللهِ لَوْلَا أَنْ تَبْطَرَ قُرَيْشٌ لَأَخْبَرْتُهَا مَا لِخِيَارِهَا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "

 

إسناده صحيح، وأخرجه الحافظ في "تغليق التعليق" 4/481 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 12/169، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "السنة" (1129) و (1527) عن أبي نعيم، بهذا الإسناد. ولفظ ابن أبي عاصم: "الناس تبع لقريش في هذا الأمر لخيارهم، وشرارهم تبع لشرارهم". وفي باب قوله: "الناس تبع لقريش...": عن أبي هريرة، برقم (7306) من مسند أحمد، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب. ونزيد عليها: عن أبي بريدة عند ابن أبي عاصم في "السنة" (1511) . وعن سهل بن سعد عند الطبراني في "الكبير" (5841)، وفي "الأوسط" (5592) . وفي باب قوله: "لولا أن تبطر قريش": عن جبير بن مطعم وابن عباس وقتادة عند ابن أبي عاصم بالأرقام (1528) و (1529) و (1530)

 

1521 - حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عمر بن سعد، أو غيره: أن سعد بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من يهن قريشا يهنه الله عز وجل "

 

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمر بن سعد، فمن رجال النسائي، وهو صدوق. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (19905) ، ومن طريقه أخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/746، ولم يقل فيه "أو غيره"، ووقع في المطبوع من "الكامل" مكان "عمر بن سعد": عامر بن سعد، وهو من خطأ الطبع، وانظر (1473) .

 

1587 -وحدثنا أبو كامل، مرة أخرى حدثني صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن محمد بن أبي سفيان بن العلاء بن جارية، عن محمد بن سعد، عن أبيه سعد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " من يرد هوان قريش، أهانه الله "

 

حديث حسن، وقوله في الإسناد عن أبي كامل: حدثني صالح بن كيسان، ليس المراد منه أن أبا كامل يرويه مباشرة عن صالح، فإنه لا تعرف له رواية عنه، وإنما المراد أنه رواه مرة أخرى عن إبراهيم بن سعد، عن صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/103، والترمذي (3905) ، وأبو يعلى (775) ، والشاشي (123) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (542) ، والحاكم 4/74، والبغوي (3849) من طريق سليمان بن داود الهاشمي، وابن أبي عاصم في "السنة" (1503) ، و"الآحاد والمثاني" (215) عن يعقوب بن حميد، والترمذي (3905) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثلاثتهم عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، بهذا الإسناد. وزادوا فيه بين محمد بن أبي سفيان وبين محمد بن سعد يوسف بن الحكم. قال الترمذي: حديث غريب من هذا الوجه. وانظر ما قبله.

 

 

ورواه أحمد (1473) و(1521) و(1586) و(1587) .

 

وصايا مضحكة تجعل من قريش قبيلة ومجموعة مقدسة، وإن أشخاصًا كالمماليك مسحوا بكرامة أواخر العباسيين أرض مصر حيث كان مقر الخلافة العباسية الثانية، ولم يعد لقريش وجود اليوم.

 

ويذكر ابن إسحاق التالي:

قال ابن إسحاق: فلما انهزمت هوازن استحر القتلُ من ثقيف في بني مالك، فقُتل منهم سبعون رجلا تحت رايتهم، فيهم عثمان بن عبد اللّه بن ربيعة بن الحارث بن حبيب، وكانت رايتهم مع ذي الخمار، لم فلما قتل أخذها عثمان بن عبد اللّه، فقاتل بها حتى قُتل.

قال ابن إسحاق: وأخبرني عامر بن وهب بن الأسود، قال: لما بلغ - رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قتلُه، قال: أبعده اللّه، فإنه كان يبغض قريشاً.

 

وهذا رواه عبد الرزاق في مصنفه:

 

19904 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أن رجلا من ثقيف قتل يوم أحد فقال النبي صلى الله عليه و سلم أبعده الله فإنه كان يبغض قريشا

 

مرسل من بلاغات الزهري فهو منقطع.

 

كما نرى لعنه_حسب القصة هنا_ ليس لأنه وثنيًّا، بل لكونه يكره قريشًا قبيلة محمد وقلب ومركز مشروعه لدين ودولة كما يرى البعض كالأستاذ سيد محمود القمني.

 

وقد ادعوا أن محمدًا أوصى بحق حكم إلهي استبدادي احتكاري للسلطة لقريش، روى البخاري:

 

3500 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ

 

3501 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ

7222 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ أَبِي إِنَّهُ قَالَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ

 

وروى مسلم:

 

[ 1820 ] وحدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان

 

 [ 1821 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حصين عن جابر بن سمرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ح وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي واللفظ له حدثنا خالد يعني بن عبد الله الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال دخلت مع أبي على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة قال ثم تكلم بكلام خفي علي قال فقلت لأبي ما قال قال كلهم من قريش

 

 [ 1821 ] حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كلهم من قريش

 

 [ 1821 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن سماك بن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ولم يذكر لا يزال أمر الناس ماضيا

 

 [ 1821 ] حدثنا هداب بن خالد الأزدي حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قال سمعت جابر بن سمرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثنى عشر خليفة ثم قال كلمة لم أفهمها فقلت لأبي ما قال فقال كلهم من قريش

 

ورواه أحمد 4832 والبخاري7140

 

[ 1822 ] حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا حدثنا حاتم وهو بن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكتب إلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش وسمعته يقول عصيبة من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض بيت كسرى أو آل كسرى وسمعته يقول إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم وسمعته يقول إذا أعطى الله أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه وأهل بيته وسمعته يقول أنا الفرط على الحوض

 

وروى أحمد:

 

17808 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَتَخَوَّلُنَا ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ قُرَيْشٌ، لَيَضَعَنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ فِي جُمْهُورٍ مِنْ جَمَاهِيرِ الْعَرَبِ سِوَاهُمْ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: كَذَبْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " قُرَيْشٌ وُلَاةُ النَّاسِ فِي الْخَيْرِ، وَالشَّرِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "

      

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير خبيب بن الزبير وهو ابن مُشْكان الهلالي- فقد روى له الترمذي وأبو داود في "المراسيل"، وهو ثقة. وأخرجه المزي في ترجمة حبيب بن الزبير من "التهذيب" 5/372-373 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1111) عن محمد بن المثنى، والخطيب في "تاريخه" 10/63 من طريق أبي بكر بن أبي الأسود، كلاهما عن غُندَر محمد بن جعفر، به. وأخرجه الترمذي (2227) من طريق خالد بن الحارث، وابن أبي عاصم (1110) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، كلاهما عن شعبة، به، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب. وفي الباب عن سهل بن سعد عند الطبراني في "الكبير" 6/ (5841) . وعن علي بن أبي طالب، سلف برقم (790) ، وانظر تتمة شواهده هناك.

قوله: "يتخوَّلنا" أي: يتعهَّدنا ويراعي حالنا بالعلم وغيره.  وقوله: "لئن لم تنته قريش" كأنه يشير إلى النزاع الذي وقع بينها على الخلافة.

 

20862 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي جَابِرٌ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "يَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا"، ثُمَّ لَا أَدْرِي مَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَسَأَلْتُ الْقَوْمَ كُلَّهُمْ، فَقَالُوا: قَالَ: "كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ"

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سماك. أبو كامل: هو مظفر بن مدرك، وزهير: هو ابن معاوية.

وأخرجه البغوي في "الجعديات" (2754) ، والطبراني (2063) من طريق علي بن الجعد، عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني (1936) من طريق عَمرو بن خالد الحراني، عن زهير، به .

وانظر (20836) .

 

• 20926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا ابن عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ عَزِيزًا مَنِيعًا، يُنْصَرُونَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ عَلَيْهِ إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً"، ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً أَصَمَّنِيهَا النَّاسُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: "كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن عون: هو عبد الله بن عون ابن أَرطَبان.

وأخرجه مسلم (1821) (9) من طريق نصر بن علي الجهضمي، عن يزيد ابن زريع، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم أيضاً من طريق أزهر بن سعد السمان، عن ابن عون، به.

وانظر (20814) .

قوله: "أصمَّنِيها الناسُ" قال ابن الأثير في "النهاية": أي: شَغَلوني عن سماعها، فكأنهم جعلوني أَصمَّ.

 

يعني كل المطلوب من قريش حسب زعم أصحاب السلطة وقرشيين كان اتباع الطقوس الإسلامية العلنية الشكلية فقط بدون تحقيق أي عدالة اجتماعية وقانونية، وزعموا أن الحكم لقريش على المسلمين أبد الدهر، وكما ترى سخر التاريخ منهم وجعلهم أحاديث وأباديد بعد كل صراعاتهم وأفعالهم وأفاعيلهم في البلدان والبشر. ومن العجيب استمرار وجود نصوص سنية تمد بني أمية وتذكر اثني عشر خليفة، مع أن كثيرين ممن بعدهم من بني أمية وبني العباس لا بأس بهم إسلاميًّا كحكم قويّ، لأن النصوص السنية كُتِبَت في عصر بني العباس، وهذا يدل على أنهم سجلوا كل تراثهم كما هو كما حفظوه، بما فيه نصوص قديمة جدًّا تحمل مزاعم لبني أمية أو حتى لعبد الله بن الزبير وأنه يخرج من مكة عند الكعبة.

 

وروى أحمد:

 

2170 - حدثنا عبد الله، حدثنا أبي من كتابه حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، قال الأعمش: حدثنا عن طارق، عن سعيد بن جبير، قال: قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم إنك أذقت أوائل قريش نكالا، فأذق آخرهم نوالا "

 

إسناده حسن، طارق -وهو ابن عبد الرحمن البجلي الأحمسي- مختلف فيه، وثقه ابن معين والعجلي، وقال أبو حاتم والنسائي وابن عدي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أحمد: ليس حديثه بذاك، وقال يحيى بن سعيد: يجري مع إبراهيم بن مهاجر مجرى واحدا، وله في البخاري حديث واحد، واحتج به مسلم وأصحاب السنن، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1538) ، والترمذي (3908) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم أيضا (1539) ، والترمذي (3908) من طريق عبد الحميد بن عبد الرحمن أبي يحيى الحماني، عن الأعمش، به. قال الترمذي: حسن صحيح غريب.

النكال: العذاب، والنوال: العطاء.

 

هنا ادعى الراوي أن محمدًا دعا لقريش بالنوال وتحصل الخير. وقد يُفهَم منه الحكم والعرش.

 

وقال ابن حزم في المحلَّى بالآثار:

1769 - مَسْأَلَةٌ: وَلاَ تَحِلُّ الْخِلاَفَةُ إِلاَّ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ صَلِيبَةً، مِنْ وَلَدِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ قِبَلِ آبَائِهِ.، وَلاَ تَحِلُّ لِغَيْرِ بَالِغٍ وَإِنْ كَانَ قُرَشِيًّا، وَلاَ لِحَلِيفٍ لَهُمْ، وَلاَ لِمَوْلًى لَهُمْ، وَلاَ لِمَنْ أُمُّهُ مِنْهُمْ وَأَبُوهُ مِنْ غَيْرِهِمْ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْ النَّاسِ اثْنَانِ. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَنَا شُعَيْبُ، هُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ كَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لاَ يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلاَّ أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ".

 

وجاء في (السائل الجرار):

 

ويجب على المسلمين شرعا نصب إمام مكلف ذكر حر علوي فاطمي ولو عتيقا لا مدعي سليم الحواس والأطراف مجتهد عدل سخي بوضع الحقوق في مواضعها مدبر أكثر رأيه الإصابة مقدام حيث يجوز السلامة لم يتقدمه مجاب وطريقها الدعوة ولا يصح إمامان

قوله فصل يجب على المسلمين نصب إمام

أقول قد أطال أهل العلم الكلام على هذه المسألة في الأصول والفروع واختلفوا في وجوب نصب الإمام هل هو قطعي أو ظني وهل هو شرعي فقط أو شرعي وعقلي وجاءوا بحجج ساقطة وأدلة خارجة عن محل النزاع والحاصل أنهم أطالوا في غير طائل ويغني عن هذا كله أن هذه الإمامة قد ثبت عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  الإرشاد إليها والإشارة إلى منصبها كما في قوله الأئمة من قريش وثبت كتابا وسنة الأمر بطاعة الأئمة ثم أرشد  صلى الله عليه وسلم  الاستنان بسنة الخلفاء الراشدين فقال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين وهو حديث صحيح وكذلك قوله الخلافة بعدي ثلاثون عاما ثم يكون ملكا عضوضا، ووقعت منه الإشارة إلى من سيقوم بعده ثم إن الصحابة لما مات رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قدموا أمر الإمامة ومبايعة الإمام على كل شيء حتى إنهم اشتغلوا بذلك عن تجهيزه  صلى الله عليه وسلم  ثم لما مات أبو بكر عهد إلى عمر ثم عهد عمر إلى النفر المعروفين ثم لما قتل عثمان بايعوا عليا وبعده الحسن ثم استمر المسلمون على هذه الطريقة حيث كان السلطان واحدا وأمر الأمة مجتمعا ثم لما اتسعت أقطار الإسلام ووقع الاختلاف بين أهله واستولى على كل قطر من الأقطار سلطان اتفق أهله على أنه إذا مات بادروا بنصب من يقوم مقامه وهذا معلوم لا يخالف فيه أحد بل هو إجماع المسلمين أجمعين منذ قبض رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إلى هذه الغاية فما هو مرتبط بالسلطان من مصالح الدين والدنيا ولو لم يكن منها إلا جمعهم على جهاد عدوهم وتأمين سبلهم وإنصاف مظلومهم من ظالمه وأمرهم بما أمرهم الله به ونهيهم عما نهاهم الله عنه ونشر السنن وإماتة البدع وإقامة حدود الله فمشروعية نصب السلطان هي من هذه الحيثية ودع عنك ما وقع في المسألة من الخبط والخلط والدعاوي الطويلة العريضة التي لا مستند لها إلا مجرد القيل والقال أو الاتكال على الخيال الذي هو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا

ثم من أعظم الأدلة على وجوب نصب الأئمة وبذل البيعة لهم ما أخرجه أحمد والترمذي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه من حديث الحارث الأشعري بلفظ من مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية ورواه الحاكم من حديث ابن عمر ومن حديث معاوية ورواه البزار من حديث ابن عباس

وأما اشتراط أن يكون مكلفا فوجهه واضح لأن الصغير لا يصلح لتدبير أمور المسلمين بل لم يصلح لتدبير أمر نفسه فكيف يصلح لتدبير أمر غيره

وأما كونه ذكرا فوجهه أن النساء ناقصات عقل ودين كما قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ومن كان كذلك لا يصلح لتدبير أمر الأمة ولهذا قال  صلى الله عليه وسلم  فيما ثبت عنه في الصحيح لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة

قوله حر

أقول أما الإمارة والسلطنة فلا مانع من ذلك ولا ورد في الشرع ما يدفعه بل ورد ما يقويه ويؤيده كما في الأحاديث الصحيحة المصرحة بطاعة السلطان كان عبدا حبشيا وقد أمر  صلى الله عليه وسلم  مولاه زيد بن حارثة وكذلك ولده أسامة بن زيد على أكابر المهاجرين والأنصار كما ذلك معروف في كتب الحديث والسير وأما الإمامة فقد بين النبي  صلى الله عليه وسلم  منصبها وصرح بما يصلح لها كما سيأتي

 

قوله علوي فاطمي

أقول العلوي الفاطمي هو خيرة الخيرة من قريش وأعلاها شرفا وبيتا ولا ينفي ذلك صحتها في سائر بطون قريش كما تدل عليه الأحاديث المصرحة بأن الأئمة من قريش وهي كثيرة جدا وإن لم تكن في الصحيحين بل عددها في كل مرتبة من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم زيادة على عدد المتواتر والمتواتر قطعي ويؤيد ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من طرق أن الناس تبع لقريش في الشر والخير وقد بين هذا الخير والشر بقوله  صلى الله عليه وسلم  قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة كما في حديث عمرو بن العاص عند الترمذي والنسائي وكما في حديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما بلفظ لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان وهو مروي من طريق غيره في الصحيح أيضا، فهذه الألفاظ تدل على أن المراد الإمامة الإسلامية وأما أمر الجاهلية فقد انقرض ومن جملة ما يدل على هذا أحاديث الأئمة من قريش كما ذكرنا ومن جملة ما يدل على ذلك قوله  صلى الله عليه وسلم  الخلافة بعدي ثلاثون عاما ثم ملك بعد ذلك وهو حديث حسن ومعنى الخلافة معنى الإمامة في عرف الشرع وهؤلاء الذين نص النبي  صلى الله عليه وسلم  على خلافتهم هم الخلفاء الأربعة وليس المراد بالإمامة هنا هو المعنى اللغوي الشامل لكل من يأتم به الناس ويتبعونه على أي صفة كان بل المراد الإمامة الشرعية ومن هذا قول أبي بكر يوم السقيفة محتجا على الأنصار إن العرب لا تعرف هذا الأمر لغير هذا الحي من قريش وقد حكى القاضي عياض والنووي الإجماع على أن الخلافة مختصة بقريش لا تجوز في غيرهم

 

نص أبو حنيفة من الفقهاء على جواز تولي الخلافة والحكم لغير قرشي ولذلك تبنى مذهبه الخلافة العثمانية التركية.

 

روى الواقدي بعد فتح مكة:

 

واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عَتّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكّةَ، وَخَلّفَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ يُعَلّمَانِ النّاسَ الْقُرْآنَ وَالْفِقْهَ فِي الدّينِ. وَقَالَ لَهُ: أَتَدْرِي عَلَى مَنْ أَسْتَعْمِلُك؟ قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ! قَالَ: اسْتَعْمَلْتُك عَلَى أَهْلِ اللهِ، بَلّغْ عَنّي أَرْبَعًا: لَا يَصْلُحُ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ، وَلَا بَيْعٌ مَا لَمْ يُضْمَنْ، ولا تأكل ربح ما ليس عندك.

 

ورواه ابن أبي شيبة:

 

22471- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَقَالَ : تَدْرِي إلَى أَيْنَ بَعَثْتُك ؟ بَعَثْتُك إلَى أَهْلِ اللهِ ، ثُمَّ قَالَ : انْهَهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ : عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ ، وَعَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ ، وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ ، وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ.

 

إسناده ضعيف لأجل حجاج بن أرطأة

 

مع ذلك بعض الأحاديث كانت أكثر اعتدالًا فاشترطت للقرشيين أن يحكموا بالعدل كشرط لدستورية حكمهم الملكي الاحتكاري المنفرد، روى أحمد:

 

7653 - حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لي على قريش حقا، وإن لقريش عليكم حقا، ما حكموا فعدلوا، وائتمنوا فأدوا، واسترحموا فرحموا "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (19902) ، ومن طريقه أخرجه ابن حبان (4581) و (4584) ، والطبراني في "الأوسط" (3012) . زاد في "المصنف" وعنه ابن حبان في الموضع الثاني والطبراني: "فمن لم يفعل ذلك منهم، فعليه لعنة الله". وفي الباب عن أنس، سيرد 3/129 و183. وعن أبي موسى الأشعري، سيرد 4/396. وعن أبي برزة الأسلمي، سيرد 4/421 و424.

 

مع ذلك فالنص يعطي لقبيلة واحدة هي قريش حكم الحكم الإلهي، وهي نظرية مزيفة كاذبة، لأن الله الخرافي لو كان له وجود عمومًا فكان سيكون محايدًا ليس لديه سبب لمحاباة قبيلة أو جنس بشري على باقي الأعراق والأجناس والقبائل. الانفراد بالسلطة واحتكارها من فئة من الناس هو باب الفساد والخراب، وتاريخ المسلمين شاهد على ذلك، وابن خلدون تكلم عن هذه المسألة، قد يخرج شخص قوي عبقري كعمر ومعاوية وعبد الملك ثم سيأتي من نسلهم ضعفاء وسفهاء وحمقى يفسدون كل تراثهم وكل مصالح الامبراطورية، وقراءة أي حكم وراثي وانحداره سترينا نفس القصة في أي مكان في العالم، بما فيه التاريخ المسيحي كذلك وغيره، وليس الإسلامي فقط. الحديث عن رحمة تقوم بها قريش، يناقضه قراءة تاريخ الفتوحات وتاريخ حروبهم مع بعضهم البعض كذلك، كقتل عثمان في خضم الثورة ومعركة الجمل ثم صفِّيِن، ثم صلب عبد الله بن الزبير وهو لم يعد سوى جثة ميتة تنكيلًا بجثة دون احترام لحرمة الموت، ومجازر الأمويين ضد بني العباس وعبد المطلب، ثم مجزرة العباسيين ضد الأموييين حتى الأطفال الصغار منهم على يد السفاح، ثم مجازرهم ضد العلويين، وغيرها (مقاتل الأمويين، ومقاتل الطالبيين) وتاريخ المغرب والأندلس-إسبانيا حافل بصراعات القبائل على أساس اختلاف الانتماآت وصراعات العرب والبربر.

 

وادعت أحاديث أن القرشيين أكثر ذكاءً وحكمةً وقوةً من غيرهم من البشر كتصنيف وتعالٍ وتكبر خيالي أجوف، فقد نرى من قراءة التاريخ وجود السفهاء في بعضهم وارتكابهم للأخطاء الفادحة، روى أحمد:

 

16742 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَزْهَرِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِلْقُرَشِيِّ مِثْلَيْ قُوَّةِ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ " فَقِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: " مَا عَنَى بِذَلِكَ، قَالَ: نُبْلَ الرَّأْيِ "

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، طلحة بن عبد الله بن عوف من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن أحد صحابيَّيه وهو عبد الرحمن بن الأزهر لم يرو له سوى أبي داود. يزيد: هو ابن هارون، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/168، وابن أبي عاصم في "السنة" (1508) ، = وأبو يعلى (7400) من طريق يزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (951) ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 1/368، والبزار (2785) (زوائد) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3130) ، وابن حبان (6265) ، والطبراني في "الكبير" (1490) ، والحاكم 4/72، وأبو نعيم في "الحلية" 9/64، والبيهقي في "السنن" 1/386، والخطيب في "تاريخه" 3/166، والبغوي في "شرح السنة" (3850) من طرق عن ابن أبي ذئب، به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي! قلنا: طلحة بن عبد الله لم يخرج له مسلم. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/178 و10/26، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني، ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح. وسيكرر برقم (16766) سنداً ومتناً.

قال السندي: قوله: نبل الرأي، بضم فسكون، بمعنى الذكاء والنجابة، ويمكن أن يكون بفتح فسكون، أي: سهم الرامي، أي: سهام رأي القرشي تصيب ضعف ما تصيب سهام رأي غيره، يريد أن رأية أقل خطأ، وكأنه لذلك خُصُّوا بالإمامة الكبرى.

وقال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 8/153-154: تأملنا هذا، فكان معناه عندنا- والله أعلم- أن على القرشي ذي الرأي، لا على من سواه من غير أهل الرأي وإن كان قرشياً، وذلك أن الشيء إذا وُصِفَ به رجل من قوم ذوي عدد، جاز أن تضاف الصفة إلى أولئك القوم جميعاً، وان كان المراد بهم خاصاً منهم.

 

العلم الحديث في الطب والأحياء والجينات ينفي خرافة تفوق أي جنس بشري وعرق إنساني على باقي الأعراق، لا يوجد فارق سوى المجتمع والتعليم ومستواه ومستوى الاقتصاد وخلافه. ادعاء العرب تفوقهم على غيرهم والقرشيين تفوقه على باقي البشر لا يختلف بكثير عن ادعاآت قديمة عن تفوق الرجل الأبيض الأورُبيّ أو أن السود البشرة أدنى من البيض أو أن الجنس الألماني كما ادعت النازية أفضل من غيره. النوع البشري واحد لاتصال ووحدة النوع بالتزاوج وإغراق الأحواض الجينية لكل المجموعات البشرية لبعضها البعض، فلا انفصال تطوري بالانعزال ليدعي عرق أنه متميز عن غيره، ونرى في الهامش سخافات الفقهاء لمحاولة الخروج من مآزق النصوص السخيفة بالتلاعب والمراوغة، وهي سمة أغلب الفقهاء عبيد كذب الأديان وعبيد لقمة عيشهم من الخرافات. ولا تزال سُنَّة قريش والحكام العرب القدماء قائمة، فمعظم الرؤساء والخلفاء والأمراء والملوك العرب والمسلمين والمديرين للأعمال يحبون من ينافقهم ويمتدهم ويتملقهم ويتزلف لهم ولكان خبيثًا غير أمين عديم الضمير، فمثل هذا لوصوليته وخسته يرفعونه في أرفع المناصب والوظائف.

 

جاء في نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري ج6:

 

وكتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية حين كبر وخاف العزل: أما بعد، فإنه قد كبرت سنّى، ودقّ عظمى، وقرب أجلى، وسفّهنى رجال قريش، فرأي أمير المؤمنين فى عمله موفّق. فكتب اليه معاوية: أمّا ما ذكرت من كبر سنّك، فإن سنّك أكلت عمرك. وأما اقتراب أجلك، فإنى لو كنت أستطيع أن أدفع المنيّة عن أحد لدفعتها عن آل أبى سفيان. وأما ما ذكرت من العمل فـ

ضحّ قليلا يدرك الهيجا [1] حمل

وأمّا ما ذكرت من سفهاء قريش، فإنّ حلماء قريش أنزلوك هذا المنزل. فاستأذن معاوية فى القدوم فأذن له؛ فلما وصل اليه قال له معاوية: كبرت سنك، واقترب أجلك، ولم يبق منك شىء، ولا أظنّنى إلا مستبدلا بك. قال: فانصرف والكآبة تعرف فى وجهه؛ فقيل له: ما تريد أن تفعل ؟ فقال: ستعلمون ذلك. ثم أتى معاوية فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ الأنفس يغدى عليها ويراح، ولست فى زمن أبى بكر ولا عمر، وقد اجترح الناس، ولو نصبت لنا علما من بعدك نصير اليه! مع أنى كنت قد دعوت أهل العراق الى يزيد فركنوا اليه حتى جاءنى كتابك؛ قال: يا أبا محمد، انصرف الى عملك فأحكم هذا الأمر لابن أخيك، وأعاده على البريد يركض.

__________

[1] وكذا فى اللسان. وضح قليلا: تأنّ قليلا ولا تعجل. وهو شطر بيت ورد فى شرح القاموس هكذا:

لبّث قليلا يلحق الهيجا حمل ... ما أحسن الموت اذا حان الأجل

وقائل البيت حمل بن بدر، وقيل حمل بن سعدانة الصحابى.

 

وكان بعض القرشيين ممن كانوا لا يزالون وثنيين قد استشعروا بأهمية مشروع محمد الديني القومي وفائدته للعرب وربما لقريش كوسيلة لحكم كل العرب من خلال أسطورة تأسيسية موحّدة وإعطاء أفضلية دينية لقريش، حتى أنهم ذكروا في التاريخ حضور العباس بن عبد المطلب عم محمد لبيعة العقبة الأولى بين محمد واليثاربة كتمهيد لهجرته إلى يثرب، ليستوثق من الأمر لابن أخيه، مع أنه كان لا يؤمن بدعوة محمد، روى أحمد:

 

14653 - حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا يحيى بن سليم، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، أنه حدثه جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث عشر سنين يتبع الحاج في منازلهم في الموسم وبمجنة وبعكاظ، وبمنازلهم بمنى يقول: "من يؤويني، من ينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة ؟ "، فلا يجد أحدا ينصره ويؤويه، حتى إن الرجل يرحل من مضر، أو من اليمن، إلى ذي رحمه، فيأتيه قومه، فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك، ويمشي بين رحالهم يدعوهم إلى الله عز وجل يشيرون إليه بالأصابع، حتى بعثنا الله عز وجل له من يثرب، فيأتيه الرجل فيؤمن به، فيقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله، فيسلمون بإسلامه، حتى لم يبق دار من دور يثرب إلا فيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم بعثنا الله عز وجل، فأتمرنا، واجتمعنا سبعون رجلا منا، فقلنا: حتى متى نذر رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة، ويخاف، فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم، فواعدناه شعب العقبة، فقال عمه العباس: يا ابن أخي، إني لا أدري ما هؤلاء القوم الذين جاءوك ؟ إني ذو معرفة بأهل يثرب، فاجتمعنا عنده من رجل ورجلين، فلما نظر العباس في وجوهنا، قال: هؤلاء قوم لا أعرفهم، هؤلاء أحداث ، فقلنا: يا رسول الله، علام نبايعك ؟ قال: " تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم فيه لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت يثرب، فتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة "، فقمنا نبايعه، فأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أصغر السبعين، فقال: رويدا يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، إن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على السيوف إذا مستكم، وعلى قتل خياركم، وعلى مفارقة العرب كافة، فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه ، فهو أعذر عند الله، قالوا: يا أسعد بن زرارة أمط عنا يدك، فوالله لا نذر هذه البيعة ، ولا نستقيلها ، فقمنا إليه رجلا رجلا يأخذ علينا بشرطة العباس، ، ويعطينا على ذلك الجنة.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن سليم، وهو الطائفي. وهو مكرر (14458) ، لكن لم يسق لفظه هناك. قوله: "بشرطة العباس" يعني المواثيق التي أخذها العباس عليهم بالوفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر "سيرة ابن هشام" 2/84، و"طبقات ابن سعد" 1/222، و"الدلائل" للبيهقي 2/454.

 

17078 - حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، حدثني أبي، عن عامر، قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم ومعه العباس عمه إلى السبعين من الأنصار عند العقبة تحت الشجرة، فقال: " ليتكلم متكلمكم، ولا يطيل الخطبة، فإن عليكم من المشركين عينا، وإن يعلموا بكم يفضحوكم " . فقال قائلهم وهو أبو أمامة: سل يا محمد لربك ما شئت، ثم سل لنفسك ولأصحابك ما شئت، ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على الله عز وجل وعليكم إذا فعلنا ذلك ؟ قال: فقال: " أسألكم لربي عز وجل أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأسألكم لنفسي ولأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم " قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك ؟ قال: " لكم الْجَنَّةُ " قَالُوا: فَلَكَ ذَلِكَ

 

مرسل صحيح، عامر الشعبي لم يدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال العجلي: مرسل الشعبي صحيح، لا يكاد يرسل إلا صحيحاً. وزكريا ابن أبي زائدة- وإن يكن مدلساً عن الشعبي خاصة، وقد رواه بالعنعنة- تابعه إسماعيل بن أبي خالد في الرواية (17080) ، ورجال الإسناد كلهم ثقات رجال الشيخين. وقد جاء متصلاً في الرواية (17079) ، إلا أن في طريقها مجالد بن سعيد الهمداني، وهو ضعيف. وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 2/450-451 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد مرسلا. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/47-48، وقال: رواه أحمد هكذا مرسلاً، ورجاله رجال الصحيح. وانظر الحديثين بعده.

 

(15798) 15891- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : فَحَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي كَعْبِ بْنِ الْقَيْنِ ، أَخُو بَنِي سَلِمَةَ ، أَنَّ أَخَاهُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الأَنْصَارِ ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ ، وَكَانَ كَعْبٌ مِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ ، وَبَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا ، قَالَ : خَرَجْنَا فِي حُجَّاجِ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، وَقَدْ صَلَّيْنَا وَفَقِهْنَا وَمَعَنَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا ، فَلَمَّا تَوَجَّهْنَا لِسَفَرِنَا وَخَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ ، قَالَ الْبَرَاءُ لَنَا : يَا هَؤُلاَءِ ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ وَاللَّهِ رَأْيًا ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي تُوَافِقُونِي عَلَيْهِ أَمْ لاَ ، قَالَ : قُلْنَا لَهُ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : قَدْ رَأَيْتُ أَنْ لاَ أَدَعَ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ مِنِّي بِظَهْرٍ ، يَعْنِي الْكَعْبَةَ ، وَأَنْ أُصَلِّيَ إِلَيْهَا ، قَالَ : فَقُلْنَا : وَاللَّهِ مَا بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا يُصَلِّي إِلاَّ إِلَى الشَّامِ ، وَمَا نُرِيدُ أَنْ نُخَالِفَهُ ، فَقَالَ : إِنِّي أُصَلِّي إِلَيْهَا ، قَالَ : فَقُلْنَا لَهُ : لَكِنَّا لاَ نَفْعَلُ ، فَكُنَّا إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ صَلَّيْنَا إِلَى الشَّامِ وَصَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ ، قَالَ أَخِي : وَقَدْ كُنَّا عِبْنَا عَلَيْهِ مَا صَنَعَ ، وَأَبَى إِلاَّ الإِقَامَةَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاسْأَلْهُ عَمَّا صَنَعْتُ فِي سَفَرِي هَذَا ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ خِلاَفِكُمْ إِيَّايَ فِيهِ ، قَالَ : فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكُنَّا لاَ نَعْرِفُهُ لَمْ نَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : هَلْ تَعْرِفَانِهِ ؟ قَالَ : قُلْنَا : لاَ ، قَالَ : فَهَلْ تَعْرِفَانِ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّهُ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : وَكُنَّا نَعْرِفُ الْعَبَّاسَ ، كَانَ لاَ يَزَالُ يَقْدَمُ عَلَيْنَا تَاجِرًا، قَالَ : فَإِذَا دَخَلْتُمَا الْمَسْجِدَ فَهُوَ الرَّجُلُ الْجَالِسُ مَعَ الْعَبَّاسِ ، قَالَ : فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا الْعَبَّاسُ جَالِسٌ ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ جَالِسٌ فَسَلَّمْنَا ، ثُمَّ جَلَسْنَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ : هَلْ تَعْرِفُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَا أَبَا الْفَضْلِ ؟ قَالَ : نَعَمْ هَذَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ ، وَهَذَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الشَّاعِرُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ : يَا نَبِيَّ اللهِ إِنِّي خَرَجْتُ فِي سَفَرِي هَذَا ، وَهَدَانِي اللَّهُ لِلإِِسْلاَمِ ، فَرَأَيْتُ أَنْ لاَ أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ ، فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا ، وَقَدْ خَالَفَنِي أَصْحَابِي فِي ذَلِكَ ، حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، فَمَاذَا تَرَى يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : لَقَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا قَالَ : فَرَجَعَ الْبَرَاءُ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشَّامِ ، قَالَ : وَأَهْلُهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى مَاتَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا ، نَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ ، قَالَ : وَخَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ ، فَوَاعَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَقَبَةَ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الْحَجِّ ، وَكَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَعَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ أَبُو جَابِرٍ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا ، وَكُنَّا نَكْتُمُ مَنْ مَعَنَا مِنْ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمْرَنَا فَكَلَّمْنَاهُ ، وَقُلْنَا لَهُ : يَا أَبَا جَابِرٍ ، إِنَّكَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا ، وَشَرِيفٌ مِنْ أَشْرَافِنَا ، وَإِنَّا نَرْغَبُ بِكَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ أَنْ تَكُونَ حَطَبًا لِلنَّارِ غَدًا ، ثُمَّ دَعَوْتُهُ إِلَى الإِسْلاَمِ ، وَأَخْبَرْتُهُ بِمِيعَادِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَنَا الْعَقَبَةَ ، وَكَانَ نَقِيبًا ، قَالَ : فَنِمْنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَعَ قَوْمِنَا فِي رِحَالِنَا حَتَّى إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ خَرَجْنَا مِنْ رِحَالِنَا لِمِيعَادِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، نَتَسَلَّلُ مُسْتَخْفِينَ تَسَلُّلَ الْقَطَا حَتَّى اجْتَمَعْنَا فِي الشِّعْبِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ ، وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلاً ، وَمَعَنَا امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِمْ نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ أُمُّ عُمَارَةَ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي سَلِمَةَ ، وَهِيَ أُمُّ مَنِيعٍ ، قَالَ : فَاجْتَمَعْنَا بِالشِّعْبِ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى جَاءَنَا وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ ، إِلاَّ أَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَحْضُرَ أَمْرَ ابْنِ أَخِيهِ ، وَيَتَوَثَّقُ لَهُ ، فَلَمَّا جَلَسْنَا كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوَّلَ مُتَكَلِّمٍ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ ، قَالَ : وَكَانَتِ الْعَرَبُ مِمَّا يُسَمُّونَ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الأَنْصَارِ الْخَزْرَجَ أَوْسَهَا وَخَزْرَجَهَا ، إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ ، وَقَدْ مَنَعْنَاهُ مِنْ قَوْمِنَا مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِنَا فِيهِ ، وَهُوَ فِي عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ ، وَمَنَعَةٍ فِي بَلَدِهِ ، قَالَ : فَقُلْنَا : قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ ، فَتَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ ، وَلِرَبِّكَ مَا أَحْبَبْتَ ، قَالَ : فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَلاَ وَدَعَا إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَغَّبَ فِي الإِسْلاَمِ، قَالَ : أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ ، وَأَبْنَاءَكُمْ قَالَ : فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ : نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا ، فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، فَنَحْنُ أَهْلُ الْحُرُوبِ ، وَأَهْلُ الْحَلْقَةِ ، وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ ، قَالَ : فَاعْتَرَضَ الْقَوْلَ ، وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالاً ، وَإِنَّا قَاطِعُوهَا ، يَعْنِي الْعُهُودَ ، فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ ، ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ ، وَتَدَعَنَا ؟ قَالَ : فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : بَلِ الدَّمَ الدَّمَ ، وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ أَنَا مِنْكُمْ ، وَأَنْتُمْ مِنِّي أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ ، وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا يَكُونُونَ عَلَى قَوْمِهِمْ ، فَأَخْرَجُوا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا مِنْهُمْ تِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ ، وَثَلاَثَةٌ مِنَ الأَوْسِ وَأَمَّا مَعْبَدُ بْنُ كَعْبٍ فَحَدَّثَنِي فِي حَدِيثِهِ ، عَنْ أَخِيهِ ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ ، ثُمَّ تَتَابَعَ الْقَوْمُ...إلخ

 

حديث قوي، وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاف- وإن كان مدلساً- صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه، وقد رواه عنه سلمةُ بنُ الفضل- كما سنذكر- وقد قال فيه جرير- فيما نقله عنه ابنُ معين-: ليس من لدن بغداد إلى أن تبلغ خراسان أثبت في ابن إسحاق من سلمة بن الفضل، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري. وأخرجه الطبري في "التاريخ" 2/360-362، وابن حبان (7011) من طريق سلمة بن الفضل، والطبراني في "الكبير" 19/ (175) من طريق جرير، و (174) ، والحاكم 3/441 مختصراً، والبيهقي في "الدلائل" 2/444-4447 من طريق يونس بن بكير، ثلاثتهم عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وتحرف اسم عبيد الله بن كعب عند الطبري وابن حبان والبيهقي إلى: عبد الله بن كعب. وأخرجه ابن خزيمة مختصراً (429) من طريق سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن معبد، عن كعب، به، ولم يذكر أخاه عبيد الله. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/45، وقال: رواه أحمد والطبراني بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع. وأورده ابن هشام في "السيرة" 1/439-443.

قال السندي: قوله: "وقد صلَّينا"، أي : كنا مسلمين نُصَلِّي. "وفقهنا" بضم القاف، أي: صرنا فقهاء. "عبْنَا" بكسر العين. "انطلق" بصيغة المتكلم أو بصيغة الأمر، أي: معي. "فأسأله" بصيغة المتكلم، بالنصب على الثاني، والرفع على الأول. "فواعَدنا" بصيغة المتكلم والغائب، والفاعل على الثاني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذا قوله: وعدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. "وإنا نرغب بك عما أنت فيه" الباء للتعدية، أو بمعنى في، أي: نرغبك عن دين الشرك، أو نرغب في شأنك عن دين الشرك، أي: بقاؤك فيه، أي: لا نحبه. "أن تكون " خشية أن تكون. "القَطا" بفتح القاف، طائر. "نُسَيبة" بالتصغير، هي غير أم عطية من بني هاشم. "حيثُ قد علمتُم " أي: في المنزلة التي قد علمتموها. "أُزُرنا" بضمتين أو سكون الثاني، جمع إزار، أي: [نساءنا وأهلنا] . "فاعترض القول" بالنصب، الفاعل أبو الهيثم، بفتح فسكون. "ابن التَّيهان" بفتح التاء المثناة من فوق، أو كسرة، وسكون الياء المثناة من تحت. "والهدم الهدم" بفتحتين أو سكون الثاني، رُوي بهما، وهو القبر، أي: أُقبر حيث تُقْبرون، وقيل: المنزل، أي: منزلكم، نحو: المحيا محياكم والممات والممات مماتكم، أي: لا أفارقكم. و"الهَدْمُ " بالفتح والسكون أيضاً: إهدارُ دم القتيل، يقال: دماؤهم بينهم هَدْم، أي: مهدرة، أي: طالبُ دمكم طالب دمي، أي: إن طلب أحدٌ دمكم طلبَ دمي، وإن هدر دمكم فقد هدر دمي، لاستحكام الألفة بيننا.

      

والخبر في السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق، والطبقات الكبرى لابن سعد. ولا ننسى من دراسة السيرة لابن هشام وطبقات ابن سعد دور بني هاشم وبني عبد المطلب في مساندة محمد وحمايته رغم عدم اعتقادهم بصحة دعاواه، لأجل القرابة و"صلة الرحم" حسب التعبير العربي.

 

خير نساء في العالم هم القرشيات بزعم الأحاديث!

 

وروى البخاري:

 

5082 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ

 

3434 - وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ تَابَعَهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ عَنْ الزُّهْرِيّ

 

ورواه أحمد 16929 و2923 و7650 والبخاري بعد 5356

 

روى مسلم:

 

[ 2527 ] حدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد قال عبد أخبرنا وقال بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم هانئ بنت أبي طالب فقالت يا رسول الله إني قد كبرت ولي عيال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نساء ركبن ثم ذكر بمثل حديث يونس غير أنه قال أحناه على ولد في صغره

 

ورواه أحمد 7650 و7651 و8244 و9113 و10059 و10525 و10921 وعبد الرزاق20603 وهو عند البخاري (5082) و (5365) بالمرفوع منه فقط. وروي نحو حديث أبي هريرة عن أم هانئ نفسها في "المعجم الكبير" للطبراني 24/ (1067) من طريق الشعبي عن أم هانئ، وسنده حسن.

 

كلام باطل وغير منطقي، فنساء العالم المتقدم من صاحبات الاختراعات المفيدة والعلم النافع الحقيقي أفضل بملايين المرات من مجموعة نساء بدويات مقموعات قامعات لبعضهن البعض رجعيات سلفيات ظلاميات. وحسب المحبر لمحمد بن حبيب أن محمدًا قال هذه الجملة لما خطب أم هانئ فرفضت لأن لديها صبية أيتام، وحسب الواقدي بل قاله يوم فتح مكة:

 

...قَالَ: حَدّثَنِى ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُحْرِزٍ، قَالا: لَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللّهِ ÷ مَكّةَ جَلَسَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِى مَجْلِسٍ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَمَرّ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: قَدْ كَانَ يُذْكَرُ لَنَا مِنْ نِسَاءِ قُرَيْشٍ حُسْنٌ وَجَمَالٌ مَا رَأَيْنَا هُنّ كَذَلِكَ قَالَ: فَغَضِبَ عَبْدُ الرّحْمَنِ حَتّى كَادَ أَنْ يَقَعَ بِسَعْدٍ وَأَغْلَظَ عَلَيْهِ فَفَرّ مِنْهُ سَعْدٌ حَتّى أَتَى رَسُولَ اللّهِ ÷ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَاذَا لَقِيت مِنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “وَمَا لَهُ”؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ. قَالَ: فَغَضِبَ النّبِىّ ÷ حَتّى كَانَ وَجْهُهُ لَيُتَوَقّدُ، ثُمّ قَالَ: “رَأَيْتهنّ وَقَدْ أُصِبْنَ بِآبَائِهِنّ وَأَبْنَائِهِنّ وَإِخْوَانِهِنّ وَأَزْوَاجِهِنّ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ وَأَبْذَلُهُ لِزَوْجٍ بِمَا مَلَكَتْ يَدٌ”.

 

مكة خير الأراضي بزعم أحاديث

 

روى أحمد:

 

18715 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ الزُّهْرِيَّ أخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ: " وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه روى له أصحاب السنن سوى أبي داود. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع، وشُعيب: هو ابن أبي حمزة، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب، وأبو سلمة بنُ عبدِ الرحمن: هو ابن عوف الزهري. وأخرجه ابنُ عبد البر في "التمهيد" 2/288، و"الاستذكار" 26/15-16 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/244- ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 2/517-518-، والمزي في "تهذيب الكمال" (في ترجمة عبد الله بن عدي) وتقي الدين الفاسي في "شفاء الغرام" 1/74 من طريق أبي اليمان، به. وجاء عند يعقوب بن سفيان: "وأحب أرض الله إليَّ". وأخرجه الحاكم 3/431، والمزي في "تهذيبه" 15/292، وتقي الدين الفاسي في "شفاء الغرام" 1/74 من طريق بشر بن شعيب، عن أبيه شعيب، به. وأخرجه الدارمي (2510) ، والترمذي (3925) - ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/336- والنسائي في "الكبرى" (4252) ، وابن ماجه (3108) ، وابن حبان (3708) ، والحاكم 3/7، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/289 و6/32-33، والمزي في "تهذيبه" 15/292، وتقي الدين الفاسي في "شفاء الغرام" 1/74 من طريق عُقَيْل، والفاكهي في "أخبار مكة" (2514) من طريق أبي منيع، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (622) من طريق ابن أبي ذئب، وابن خزيمة في "صحيحه"- كما في "إتحاف المهرة" 8/255- والمزي في "تهذيبه " من طريق يونس، أربعتهم عن الزهري، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح. قلنا: وقد خالفهم معمر- كما سيأتي في الرواية (18717) (18718) - فرواه عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فجعله من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: وحديث الزهري، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عدي ابن حمراء عندي أصح. قلنا: وهو قول أبي حاتم في "العلل" 1/280 و282، والبيهقي في "الدلائل" 2/518، والحافظ في "الإصابة" في ترجمة عبد الله بن عدي. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (457) ، والحاكم 3/280 من طريق الدراوردي، عن ابن أخي الزهري، عن عمَه الزهري، عن محمد بن جبير بن مُطْعِم، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء، به. إلا أن الحاكم ذكره بلفظ "وأحب أرض الله إليَّ". قال الطبراني: لم يروِ هذا الحديثَ عن ابن أخي الزهري إلا الدراوردي. وقد أشار الحافظ في "الإصابة" (في ترجمة عبد الله بن عدي) إلى هذا الإسناد، وقال: والمحفوظ الأول. قلنا: يعني رواية مَنْ رواه عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عدي. وقد تحرف في مطبوع الحاكم: "عمه" إلى "عمر". ورواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة- كما سيأتي في تخريج الرواية رقم (18718) - وهو وهم كذلك، نبَّه عليه الترمذي في عقب الرواية رقم (3925) ، وأبو حاتم وأبو زرعة في "العلل" 1/280. وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي (3926) وحسَّنه، وصححه ابن حبان (3709) ، والحاكم 1/486. وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (491) - ومن طريقه تقي الدين الفاسي في "شفاء الغرام" 1/74- والنسائي في "الكبرى" (4253) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (في ترجمة عبد الله بن عدي) من طريق يعقوب بن إبراهيم. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (621) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/97 من طرق عن إبراهيم بن سعد، به.

قال السندي: قوله بالحَزْوَرة. هو بحاء مهملة وزايٌ وفي "النهاية" بوزن قَسْوَرَة: موضع بمكة، وقد ضبطه بعضهم بتشديد الواو مع فتح الحاء والزاي والواو.

 

ما الذي سيجعل موضعًا لترويج الخرافات وممارسة الشمولية الدينية وهو صحراء قاحلة يوصَف بأنه خير الأرض؟!

                              

ولدينا حديث على الأغلب ملفَّق، لكنه ذكيّ جدّا تنبأ باضمحلال النسب القرشي وكيان قريش كقبيلة مميزة بوجودها ولهجتها وعاداتها، روى أحمد:

 

8437 - حدثنا عمر بن سعد، حدثنا يحيى يعني ابن زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن طارق، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسرع قبائل العرب فناء قريش، ويوشك أن تمر المرأة بالنعل، فتقول: إن هذا نعل قرشي "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، عمر بن سعد -وهو أبو داود الحفري- وسعد بن طارق من رجاله، وباقي رجال الإسناد من رجال الشيخين. أبو حازم: هو سليمان الأشجعي. وأخرجه البزار (2788- كشف الأستار) ، وأبو يعلى (6205) من طريق عمر بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرج ابن حبان (6853) من طريق علي بن مسهر، عن سعد بن طارق، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، فرفعه: "لا تقوم الساعة حتى تبعث ريح حمراء من قبل اليمن...". ثم قال بإثره: قال أبو هريرة: وإن أول قبائل العرب فناء قريش... فذكره بنحوه من كلام أبي هريرة ولم يرفعه. وفي الباب عن عائشة، سيأتي 6/74.

 

وادعى آخرون أنهم سيهلكون في حروب الجهاد والفتوحات الإرهابية الإسلامية، روى أحمد:

 

24519 - حدثنا هاشم، حدثنا إسحاق بن سعيد، عن أبيه، عن عائشة، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: " يا عائشة، قومك أسرع أمتي بي لحاقا "، قالت: فلما جلس، قلت: يا رسول الله، جعلني الله فداءك، لقد دخلت وأنت تقول كلاما ذعرني ، قال: " وما هو ؟ " قالت: تزعم أن قومك أسرع أمتك بك لحاقا، قال: " نعم "، قالت: ومم ذاك؟ قال: " تستحليهم المنايا ، وتنفس عليهم أمتهم "، قالت: فقلت: فكيف الناس بعد ذلك، أو عند ذلك، ؟ قال: " دبى ، يأكل شداده ضعافه، حتى تقوم عليهم الساعة "، قال أبو عبد الرحمن: " فسره رجل: هو الجنادب التي لم تنبت أجنحتها "

 

رجاله ثقات رجال الشيخين . هاشم : هو ابن القاسم ، وإسحاق بن سعيد : هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10 / 27 - 28 وذكر أن رجاله رجال الصحيح . وسيكرر برقم (24596) سندا ومتنا.

قال السندي: قولها : ذعرني ، بذال معجمة وعين مهملة أي: أفزعني . قوله : "وتنفس عليهم أمتهم" : من النفاسة، أي : يحسدونهم . وقوله : دبا : صغار الجراد قبل أن يطير ، وقيل : نوع يشبه الجراد جمع دباة

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

37020- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا الصَّعْقُ بْنُ حَزْنٍ ، عَنْ أَبِي جمرة الضُّبَعِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أَوَّلُ الْعَرَبِ هَلاَكًا قُرَيْشٌ وَرَبِيعَةُ ، قَالُوا : وَكَيْفَ ، قَالَ : أَمَّا قُرَيْشٌ فَيُهْلِكُهَا الْمُلْك ، وَأَمَّا رَبِيعَةُ فَتُهْلِكُهَا الْحَمِيَّةُ.

 

في الحقيقة الحديث فيه شيء من التبصر، لكن ليس هذا ما حدث بالضبط، قريش لم يفنوا بحروب أو مجاعات أو أمراض، لكن الكيان والنسب تفكك، تزعم أسرتي من أوراق قديمة أن الأسرة من أصل حسين بن علي، وهي موضة مشهورة عند المصريين، لذلك قد أشك فيها، مع أنه قد يكون لهم أصل عربي فعلًا وذكر بعضهم أن الأسرة مرت على السودان قبل القدوم لمصر ولذلك البعض منا سود البشرة زنجانيين، وبصورة أكثر واقعية كان لي صديق عجوز سوداني يقول أن أسرتهم لها جذور من بني العباس، لا أدري هل هذه موضة سودانية كذلك فلو لم تكن موضة كانت أجدر بالتصديق. الخلاصة أن كل الكيان والنسب القرشي انتهى، هم لم يموتوا، لكن ما مات هو اللهجة والكيان، أسلوب لهجة قريش وعاداتها ومصالحها كقبيلة انتهت مع الزمن. النسل أحدهم يتكلم اللهجة الشامية ويتبع عادات السوريين أو الأردنيين وربما كان له الشكل الأشقر أو العربي والآخر مصري له الشكل الصعيدي تقريبًا وآخر سوداني بسمات زنجية مئة بالمئة، ولا ننسى طبعًا مغاربة منهم كان حكام للبلد باسم النسل الهاشمي وكذلك الأردن.

وزعم الحديث أن الناس ستكون في فوضى من دون قريش غير صحيح، والحياة وتقدم البشر لا يقف لأجل مجموعة ما أو يتوقف على مجموعة من دونها لا تتقدم البشرية، والبشرية والمسلمون صاروا بلا شك أفضل حالًا بكثير من دون الحكم القرشي والحكم الإسلامي عمومًا بجنونه وشموليته وتدخله في عقائد وحريات وخصوصيات الناس وقيامه بأعمال التعذيب القتل والصلب والحرق والخوزقة والجلد، وممارسته احتلال الشعوب والدول وتعريب الألسنة ومسح الهويات. يبدو أن غرض الحديث أن يجعل الناس كلهم يحمون القرشيين ولا يطلبون منهم كثرة المشاركة في الحروب والغزوات أو محاولة منافستهم على الحكم، عندما يسمع المتدين الساذج أن الخير لأمته وقف على وجود قريش وأنهم هم بزعم الخرافة الوحيدون الذي يمكنهم تحقيق السلام بين الكل بطريقة مقولة زعماء العرب (من بعدي لا شيء سوى الفوضى) وأنهم كالرجل المحتضر، وأن رسول يوصيه بهم، فماذا سيفعل سوى تبجيل حاشية قريش وخليفتهم وتحقيق كل تكليفاتهم وعدم المطالبة بأي حقوق؟! في العصور القديمة ومطلع العصر الحديث لما كان بعض الشعب المصري يخرج للثورة على ملك كان يخرج واعظ لئيم لهم يقول لهم أنهم يرتكبون خطأ بالخروج على حفيد رسول الله، فكان الشعب الساذج بسبب حبه للدين والخرافات وتقديس الوعود الوهمية يتغير موقفه ويعود أدراجه لمجرد تريد خرافة كهذه له. في عصر الخلافة العباسية الثانية الشكلية المحاطة بالمماليك لا أذكر البحرية أم البرجية لكنهم كانوا أسوأ الفريقين، كان الحكم ظالمًا والمماليك يظلمون الناس بصورة بشعة، ومن يتأخر من الملتزمين عن دفع الجباية يعدمونه بعد تعذيبه ويسلخون جلده ويحشونه قشًّا ويطوفون به البلد! كما نقرأ في (إنباء الهصر بأنباء العصر) و (نزهة النفوس والأبدان في تواريخ الزمان) وغيرها من كتب عن عصر المماليك، وكان الناس يبجلون ببلاهة الخليفة العباسي، ولو خرج لنزهة أو وليمة أتخم فيها نفسه يكتبون مهلين له لا تدري على ماذا بالضبط، على فجعه وسعاره للطعام ونهمه له ربما وكرشه الضخم!

 

سخافة الفخر بالأنساب وعقيدة "شرف" النسب

 

روى مسلم وأحمد، واللفظ للأخير:

 

16986 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ شَدَّادٌ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ"

إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي عمار شداد- وهو ابن عبد الله القرشي-، فقد أخرج له مسلم، والبخاري في "الأدب المفرد" وهو ثقة. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (161) من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/4، وفي "الصغير" 1/9، ومسلم (2276) ، والترمذي (3606) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1495) و (1496) ، وفي "الآحاد والمثاني" (894) و (895) ، وأبو يعلى (7485) و (7487) ، والطبراني في "الكبير" 22/ (161) ، والبيهقي في "السنن " 6/365، وفي "الدلائل" 1/165 و166، والخطيب في "تاريخه" 13/64، والبغوي في "شرح السنة" (3613) من طرق عن الأوزاعي، به. قال الترمذي: حسن صحيح غريب. وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (896) من طريق أبي اليمان عن إسماعيل بن صفوان، عمن حدثه، عن واثلة، به. وسيأتي برقم (16987) . وفي الباب عن المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، سيأتي برقم (17517) .

 

روى أحمد:

 

21839 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْضَمٍ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدٍ لَا يَرَوْنَ أَنِّي أَفْضَلُهُمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَزْعُمُ أَنَّكُمْ مِنَّا قَالَ: " نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنُ كِنَانَةَ، لَا نَقْفُو أُمَّنَا، وَلَا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا " قَالَ: فَكَانَ الْأَشْعَثُ، يَقُولُ: " لَا أُوتَى بِرَجُلٍ نَفَى قُرَيْشًا مِنَ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ إِلَّا جَلَدْتُهُ الْحَدَّ "

 

إسناده حسن، رجاله ثقات غير مسلم بن هيصم، فهو صدوق حسن الحديث، وقول الحافظ عنه في "التقريب": مقبول: غير مقبول، فقد روى عنه جمع، وروى له مسلم، ووثقه ابن حبان . وأخرجه ابن المبارك في "مسنده" (161) ، والطيالسي (1049) ، وابن ماجه (2612) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (897) و (2425) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/60، والطبراني (645) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (929) ، والضياء في "المختارة" (1488) و (1489) ، والمزي في ترجمة عقيل بن طلحة من "تهذيب الكمال" 20/238-239 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد . وانظر حديث واثلة بن الأسقع السالف برقم (16986) . ورواه أحمد 21845 وأخرجه الضياء في "المختارة" (1487) من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/23، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (929) من طريق عفان بن مسلم وحده، به .

 

قال السندي: قوله: "إنا نزعم أنكم منا" قيل: قال ذلك لأن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت له جدة من كندة هي أم كلاب بن مرة، فذلك ما أراد الأشعث .

"لا نقفو أمنا" أي: لا نتبع الأمهات في الانتساب ونترك الآباء، بل نسبنا إلى الآباء دون الأمهات دائماً، وقيل: معنى لا نقفو أمنا، أي: لا نتهمها ولا نقذفها، من قفاه: إذا قذفه بما ليس فيه .

 

مفهوم "شرف" الأنساب و"تلوثها" بالعلاقات بدون زواج مفهوم سخيف وفق قيم الحداثة والتحضر، والتفاخر بالنسب وخرافة "نقائه" واستعلائه على غيره كل ذلك سخافات، الإنسان هو من يستغل كل قدراته إلى أقصى حد ليحسن من وضعه ومكانته ويرفع قيمة نفسه ويقرر مستقبله ومصيره.

 

17517 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: أَتَى نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّا نَسْمَعُ مِنْ قَوْمِكَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ مِنْهُمْ: إِنَّمَا مِثْلُ مُحَمَّدٍ مِثْلُ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ فِي كِبَا - قَالَ حُسَيْنٌ: الْكِبَا: الْكُنَاسَةُ - . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ أَنَا ؟ " . قَالُوا: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ . قَالَ: " أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - قَالَ: فَمَا سَمِعْنَاهُ قَطُّ يَنْتَمِي قَبْلَهَا - أَلَا إِنَّ اللهَ خَلَقَ خَلْقَهُ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ خَلْقِهِ، ثُمَّ فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ الْفِرْقَتَيْنِ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ بَيْتًا، وَأَنَا خَيْرُكُمْ بَيْتًا وَخَيْرُكُمْ نَفْسًا"

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف راوييه: يزيد بن عطاء: هو اليشكري الواسطي، وشيخه يزيد: هو ابن أبي زياد الهاشمي مولاهم أبو عبد الله الكوفي، وقد اضطرب الأخير في إسناد هذا الحديث، فمرة يرويه عن عبد الله بن الحارث عن عبد المطلب بن ربيعة كما هو عند المصنف هنا، ومرة يرويه عن عبد الله بن الحارث عن المطلب بن أبي وداعة عن العباس، ومرة أخرى يسقط منه العباس، ومرة يسقط المطلب بن أبي وداعة، انظر ما سلف في مسند العباس برقم (1788) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (675) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي ومحمد بن أبان، كلاهما عن يزيد بن عطاء، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/430-431، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (439) ، وفي "السنة" (1497) ، والطبراني 20/ (676) ، والبيهقي في "الدلائل" 1/168-169 عن محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، به. لكن وقع اسم صحابي الحديث في رواية البيهقي: ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب، بإسقاط عبد المطلب. وفي الباب عن واثلة بن الأسقع عند مسلم (2276) ، وقد سلف برقم (16986) .

 

يردد البعض ظنًّا معينًا بخصوص محمد ونسبه، لكن لاختلاف الفكر الإلحادي الحر جذريًّا عن هذه السخافات الغير مفيدة لمباحث الكتاب، أضرب عنه صفحًا وأتجاهله لانعدام قيمته أو إمكانية الاستدلال عليه، وأنه بلا فائدة، وقيمنا غير القيم الدينية في هذه الأمور عمومًا. إلا أن الحديث هو وغيره يدل على تكبر محمد والعنصرية واعتبار قريش أعلى من باقي البشر والناس، والعرب أعلى وأفضل من باقي البشر، وهي اعتقادات باطلة، بل حال العرب خاصة اليوم يجعلهم من أدنى الأمم في كل شيء.

 

تفضيل العرب على غير العرب

 

تفضيل العرب في تحرير المستعبَدين

 

ومن ضمن نفسية العنصرية الإسلامية العربية، لم يكن هناك فقط التمييز الديني في مقابل حق كل البشر في الحرية كحق من الحقوق الأصيلة والمساواة في الحقوق والواجبات في إطار التنافس الشريف النزيه، بل وكذلك تمييز جنسي عرقيّ، ومع كوني من جنس العرب وممن يتكلمون بلسانهم ومن نسلهم على الأرجح، فلا أرى ما يجعلنا نعتبر أي جنس بشري-العرب أو غيرهم_أعلى وأسمى من باقي أجناس وأنواع البشر مختلفي الألوان والسمات الجسمانية الخارجية، ولا ما يجعلنا نعتبرهم أولى بحق من الحقوق أكثر من غيرهم، أو يعطيهم الحق بالاستئثار والاحتكار لحق دون غيرهم كانفرادهم بحكم المسلمين لزمن طويل مع استعلائهم وتغطرسهم الأجوف في الزمن القديم.

 

وروى البخاري:

 

4366 - حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهَا فِيهِمْ هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ وَكَانَتْ فِيهِمْ سَبِيَّةٌ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمٍ أَوْ قَوْمِي

 

6404 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ مَنْ قَالَ عَشْرًا كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ مِثْلَهُ فَقُلْتُ لِلرَّبِيعِ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ مِنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ فَأَتَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ فَقُلْتُ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ مِن ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَقُلْتُ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ مِن أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ يُحَدِّثَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَوْلَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الرَّبِيعِ قَوْلَهُ وَقَالَ آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ سَمِعْتُ هِلَالَ بْنَ يَسَافٍ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلَهُ وَقَالَ الْأَعْمَشُ وَحُصَيْنٌ عَنْ هِلَالٍ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرٍو

 

وروى مسلم:

 

[ 2525 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن مغيرة عن الحارث عن أبي زرعة قال قال أبو هريرة لا أزال أحب بني تميم من ثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هم أشد أمتي على الدجال قال وجاءت صدقاتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذه صدقات قومنا قال وكانت سبية منهم عند عائشة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل

 

[ 2693 ] حدثنا سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الغيلاني حدثنا أبو عامر يعني العقدي حدثنا عمر وهو بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرار كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل وقال سليمان حدثنا أبو عامر حدثنا عمر حدثنا عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن ربيع بن خثيم بمثل ذلك قال فقلت للربيع ممن سمعته قال من عمرو بن ميمون قال فأتيت عمرو بن ميمون فقلت ممن سمعته قال من بن أبي ليلى قال فأتيت بن أبي ليلى فقلت ممن سمعته قال من أبي أيوب الأنصاري يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

وبالإضافة إلى مسلم والبخاري، رواه أحمد 23583 وأبو عوانة كما في "إتحاف المهرة" 4/369 من طريق روح بن عبادة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6404) ، ومسلم (2693) من طريق أبي عامر عبد الملك ابن عمرو، عن عمر بن أبي زائدة، به. وأخرجه الطبراني (4023) من طريق حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن الربيع بن خثيم، عن ابن أبي ليلى، عن أبي أيوب. وذكره البخاري تعليقاً بإثر (6404) عن إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، به - ولم يذكر الربيع بن خثيم فيه. وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (120) من طريق زهير بن معاوية وإسرائيل، و (121) من طريق زيد بن أبي أُنيسة، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به عن أبي أيوب موقوفاً، ولم يذكر زيدٌ عبدَ الرحمن بن أبي ليلى. وأخرجه الدارقطني في "العلل" 6/102-103، والطبراني (4020) من طريق شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي أيوب . وأخرجه حسين المروزي في زياداته على "زهد" ابن المبارك (118) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (113) ، والشاشي في "مسنده" (1149) ، والطبراني (4022) والبيهقي في "شعب الإيمان" (594) و (595) ، وابن حجر في "تغليق التعليق" 5/152 من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن الربيع بن خثيم، فذكره، ثم سأله الشعبي عمن سمعه ... إلخ . وأخرجه النسائي (118) ، والبيهقي في "الشعب" (2544) من طريق زائدة بن قدامة، عن منصور بن المعتمر، عن هلال بن يساف، عن الربيع بن خثيم، عن عمرو ابن ميمون، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن امرأة، عن أبي أيوب - وزاد في أوله: "من قرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ..." الحديث، وقد سلفت هذه الزيادة برقم (23554). وخالف زائدةَ بن قدامة أبو المحيَّاة يحيى بن يعلى عند النسائي (117) فرواه عن منصور بن المعتمر، عن هلال بن يساف، عن ربيع بن خثيم، عن عبد الله بن مسعود قوله. وهو من حديث ابن مسعود من طريق هلال بن يساف عند النسائي (114) و (115) و (116) ، وأشار إليه البخاري عقب الحديث (6404) .

 

[ 2276 ] حدثنا محمد بن مهران الرازي ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم جميعا عن الوليد قال بن مهران حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم

 

وروى أحمد:

 

26268 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا رَقَبَةٌ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ سَبْيٌ مِنَ الْيَمَنِ مِنْ خَوْلَانَ، فَأَرَادَتْ أَنْ تَعْتِقَ مِنْهُمْ، فَنَهَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ سَبْيٌ مِنْ مُضَرَ مِنْ بَنِي الْعَنْبَرِ، " فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتِقَ مِنْهُمْ "

 

حسن لغيره ، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير ابن معقل، وجاء اسمه عند الحاكم في "المستدرك" : عبد الله بن معقل، وذكر الحافظ في "أطراف المسند" أنه عبد الله بن معقل المحاربي ، وهذا قد ذكره المزي في "التهذيب" تمييزاً، وذكره الذهبي في "الميزان" ، وقال: محلُّه الصدق، وقال الحافظ في "التقريب": مجهول. ولم يذكره البخاري ولا ابن أبي حاتم ولا ابن حبان في كتبهم. مسعر: هو ابن كِدَام، وقد اختلف عليه في وصله وإرساله، والمرسل منه أصح.// وأخرجه البزار في "مسنده" (2827) (زوائد) من طريق أبي أحمد الزبيري، به، وتحرَّف فيه عُبيد بن حسن إلى عُبيد بن حسين. قال البزار: رواه شعبة، عن عبيد بن حسن، عن ابن معقل قال: كان على عائشة محرَّر من ولد إسماعيل... ولم يقل: عن عائشة. قلنا: يعني أنه رواه مرسلاً.// وروي عن مسعر مرسلاً كذلك: فقد أخرجه ابن راهويه (1768) عن الفضل بن دكين، والحاكم في "المستدرك" 2/216 من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن مسعر. عن عبيد ابن الحسن، عن ابن معقل قال: كانت على عائشة رقبة - أو نسمة - من ولد إسماعيل ... قال الحاكم: تابعه شعبة عن عبيد بن الحسن، ثم أخرجه من طريق وهب بن جرير، عن شعبة، به. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!// وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/242، وقال: رواه أحمد، وفيه من لم أعرفهم، ثم ذكره فيه 10/46، وقال: رواه أحمد والبزار بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح!// وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود عند البزار (2825) (زوائد) ، والطبراني في "الكبير" (10400) ، وفي إسناده علي بن عابس، وهو ضعيف. قال البزار: لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن إسماعيل إلا علي بن عابس. واَخر من حديث عبد الله بن عمر عند البزار (2826) (زوائد) وفي إسناده أحمد بن عبد الله بن أبي السفر (شيخ البزار) ، قال النسائى: ليس بالقوي، وقال أبو حاتم: شيخ. قلنا: ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان. لكن يُعتبر به في المتابعات والشواهد.

 

هنا اعتبر محمد أن اليمنيين لسمرتهم الشديدة وصلتهم العرقية بالتكاثر مع الإثيوبيين ليسوا من نفس الجنس العربي، الذي يسميه في خرافته بولد إسماعيل الخرافي.

 

16583 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَانَ لَهُ كَعَدْلِ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَكُتِبَ لَهُ بِهَا عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ بِهَا عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ فِي حِرْزٍ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِذَا أَمْسَى مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ "، قَالَ: فَرَأَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا عَيَّاشٍ يَرْوِي عَنْكَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: " صَدَقَ أَبُو عَيَّاشٍ "

 

حديث صحيح على خلاف في صحابيه، هل هو الزرقي أم غيره، وجرى على أنه هو: البخاري وأبو أحمد الحاكم والدولابي في "الكنى"، وهذا مقتضى صنيع الإمام أحمد هنا، وفرق بينهما الحافظ في "الإصابة"، والمزي في "تهذيب الكمال"، والخلاف في الصحابي لا يضر. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/79- 80 و10/244، والنسائي في "الكبرى" (9852) - وهو في "عمل اليوم والليلة" (27) - وابن ماجه (3867) من طريق حسن بن موسى، بهذا الإسناد- وقد تحرف في مطبوع ابن أبي شيبة اسم أبي عياش إلى ابن عياش. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/381-382، وأبو داود (5077) ، والطبراني في "الكبير" (5141) ، وفي "الدعاء" (331) من طريقين عن حماد ابن سلمة، به. وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (63) من طريق أبي هلال، عن أبي صالح، به. وأخرجه الدولابي في "الكنى" 1/46-47 من طريق زيد بن أسلم، عن أبي عياش، به. وأخرجه أبو داود (5077) من طريق وهيب: وهو ابن خالد، عن سهيل ابن أبي صالح، عن أبيه، عن ابن أبي عائش، به، فسماه ابن أبي عائش، وقال أبو داود: رواه إسماعيل بن جعفر وموسى الزمعي وعبد الله بن جعفر، عن سهيل، عن أبيه، عن ابن عائش .

 

لا يوجد أدنى سبب لتفضيل عرق بالتحرير والحرية، غريزة البشر البيولوجية تفضيل الناس من نفس اللون واللغة والبلد، عندما تسقط طائرة نهتم بمن ماتوا من بلدنا فقط وعددهم، عندما تحدث أي كارثة أو هجوم إرهابي نفس الأمر، نعطي مواطني الدولة مميزات أكثر مما للزائرين السياح والعاملين الأجانب الذين نفرض عليهم رسومًا أكثر من المواطن، الإنسان السامي يعرف أن كل ذلك خطأ، وأن كل البشر إخوة تحت الجِلد ومتساوون في الحقوق والواجبات عمومًا، عدا استثناء الحقوق بالجنايات والواجبات بالعاهات والأمراض. ولو كان هناك إله كما يزعمون فلن يكون متحيزًا لجنس بشري على حساب آخر، بل ولا متحيزًا للبشر على حساب باقي الكائنات، هذه تحيزات بشرية بيولوجية وشوفينية قومية انغلاقية عفنة معروفة، الإنسان السامي النبيل أسمى من هذه القاذورات، والله لو يكون له وجود فسيكون أكثر نزاهة وحيادًا وعدالة من ذلك، فلا يوجد سبب بشريّ تحيزيّ يجعله يفضل جنسًا على آخر، هذه مجرد أحلام بشر عنصريين حاقدين على إخوتهم الآخرين من البشرية، تمامًا كما يقول الأمركيون: بارك الله أمِرِكا God bless America، وليس بارك الله العالم وكل الكائنات.

 

وعن تفضيل العرب عمومًا، قال ابن أبي شيبة في مصنفه:

 

33136- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِدَاءَ الْعَرَبِيِّ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً , وَجَعَلَ فِدَاءَ الْمَوْلَى عِشْرِينَ أُوقِيَّةً , وَالأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.

 

33137- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ مِسْعَرٍ ، عَنْ وَبَرَةَ ، عَنْ خَرَشَةَ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ : هَلاَكُ الْعَرَبِ إذَا بَلَغَ أَبْنَاءُ بَنَاتِ فَارِسَ.

 

33138- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ مُخَارِقٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ غَشَّ الْعَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي وَلَمْ تَنَلْهُ مَوَدَّتِي.

 

ضعيف جدًّا ورواه أحمد 519 والترمذي 3928 وقال عنه الألباني: موضوع.

 

وجاء في كتب التاريخ:

 

في كتاب نثر الدر في المحاضرات لمنصور بن الحسين الآبي أبي سعد:

 

خطب سلمان إلى عمر بن الخطاب ابنته فلم يستجز رده، فأنعم له وشق ذلك عليه وعلى ابنه عبد الله بن عمر. فشكى عبد الله ذلك إلى عمرو بن العاص فقال له: أفتحب أن أصرف سلمان عنكم؟ فقال له: هو سلمان، وحاله في المسلمين حاله. قال: أحتال له حتى يكون هو التارك لهذا الأمر، والكاره له. قال: وددنا ذلك. فمر عمرو بسلمان في طريق فضرب بيده على منكبه وقال له: هنيئاً لك أبا عبد الله. قال: وما ذاك؟ قال: هذا عمر يريد أن يتواضع بك فيزوجك. قال: وإنما يزوجني ليتواضع بي؟! قال: نعم. قال: لا جرم والله لا خطبت إليه أبداً.

 

ونقتبس من مقالة عن العنصرية العربية وتاريخها في عصر عمر بن الخطاب وغيره:

 

المجال الأوّل : تفضيل العرب:

فبالنسبة إلى سياسته في تفضيل العرب ، فاننا نشير إلى ما يلي:

إن من كلماته المعروفة والمأثورة عنه ، قوله: « ليس على عربي ملك» (الأموال ص197 و198 ومصنف عبد الرزاق 13160 ومصنف ابن أبي شيبة 33297)

ويقول : « إنّي كرهت أن يصير السبي سنة على العرب» (تاريخ اليعقوبي ج2 ص139). وقد أعتق سبي اليمن ، وهن حبالى ، وفرق بينهن وبين من اشتراهن (الإيضاح ص249).

وأعتق كل مصل من سبي العرب ، وشرط عليهم : أن يخدموا الخليفة من بعده ثلاث سنين (راجع : المصنف لعبد الرزاق ج8 ص380 و381 وج9 ص168).

وكان في وصيته: أن يعتق كل عربي في مال ا‏لله. وللأمير من بعده عليهم ثلاث سنوات ، يليهم مثلما كان يليهم عمر (راجع المصنف للصنعاني ج8 ص380 و381 وج9 ص168).


وحدد فداء العربي مقداراً معيناً من الإبل ، ولكن ما حدده قد اختلف أيضاً (راجع في ذلك : المصنف للصنعاني ج10 ص104 و302 و103 وج7 ص278 و279 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص549 )

ولعل ذلك يرجع إلى أنه قد تقلب رأيه وتبدل من وقت الآخر..

 

ومما يروي عنه: أنه لما ولي قال: إنه لقبيح بالعرب أن يملك بعضهم بعضاً ، وقد وسع الله عزّ وجل ، وفتح الأعاجم ، واستشار في فداء سبايا العرب في الجاهلية والإسلام ، إلاّ امرأة ولدت لسيدها... إلخ (راجع : الكامل في التاريخ ج2 ص382 وتاريخ الأمم والملوك).


ورد سبي الجاهلية ، وأولاد الإماء منهم أحراراً إلى عشائرهم ، على فدية يؤدونها إلى الذين اسلموا وهم في أيديهم ، قال: وهذا مشهور من رأيه (الأموال ص197).

كما أنه قد أمر بردّ سبي مناذر ، وكل ما أصابوه منهم ، على اعتبار : أنها من قرى السواد (الأموال ص205 وفتوح البلدان ص 465).

وردّ سبي ميسان ، رغم أن بعضهم قد وطأ جاريته زماناً ، فردّها ولا يعلم إن كانت حاملاً منه أم لا ( الاموال ص205).

وكان إذا بعث عماله شرط عليهم شروطاً منها: « .. لا تضربوا العرب؛ فتذلوها ، ولا تجمروها فتفتنوها ، ولا تعتلوا عليها ؛ فتحرموها» (راجع: المصنف للصنعاني ج11 ص325 وتاريخ الامم والملوك ط الاستقامة ج3 ص273 ومستدرك الحاكم ج4 ص439).

ولعل سياسة عمر هذه ، هي التي دفعت البعض ، لأن يبادر إلى نسبة بعض الأقوال إلى رسول صلّى الله عليه وسلّم ، تتضمن الأمر بحب العرب ، وتحذر من بغضهم (راجع على سبيل المثال : ذكر أخبار أصبهان ج1 ص99 وكشف الأستار ج1 ص51 ولسان الميزان ج1 ص354 ).

 

كما أن سياسة عمر هذه تجاه العرب ، لعلها هي التي جعلته يأمن جانبهم ، حتى إنه ليقول : « قد كنت أظنّ : أن العرب لن يقتلني» (المصنف للصنعاني ج5 ص476) وفي لفظ آخر : « ما كانت العرب لتقتلني » (تاريخ عمر بن الخطاب ص240).

 

وعن عمر بن الخطاب ، أنه قال : « لا تعلموا رطانة الأعاجم» (السنن الكبرى ج9 ص234 وراجع : المصنف للصنعاني ج1 ص411 حديث 1609 واقتضاء الصراط المستقيم ص205 و199 عن مصنف ابن أبي شيبة11 / 9  حديث رقم 2806(

وسمع _وهو يطوف _ رجلين خلفه ، يرطنان؛ فالتفت إليهما ، وقال : ابتغيا إلى العربية سبيلاً (المصنف للصنعاني ج5/ ص496 حديث 9793

وعنه أنه قال : تعلموا العربية؛ فإنها تزيد في المروءة (ربيع الأبرار ج3 ص545).

فاذا كان التكلم بالعربية يزيد في المروءة بزعمه؛ فان التكلم بالفارسية يوجب ذهاب المروءة بنظره أيضاً.

فقد رووا عنه قوله : « من تكلم بالفارسية؛ فقد خبّ ، ومن خبّ ذهبت مروءته» (مصنف ابن أبي شيبة11 / 9  حديث رقم 2805 بلفظ (خبث) بدل (خب) وهو قريب المعنى وربيع الابرار ج1 ص796 ).

قال الكتاني : وقد استفسد ابن رشد ما جاء عن مالك ، وعن عمر ، من ذم تعاطي لغة الأعاجم (التراتيب الإدارية ج1 ص205).

 

أضف إلى جميع ما تقدّم : أنه نهى : أن يتزوج العجم في العرب ، وقال : لأمنعن فروجهن إلا من الأكفاء (الايضاح ص 280 و286 وفي هوامشه عن عدد من المصادر (

وعند الجاحظ أنه قال : « زوجوا الأكفاء. وكان أشد منه (أي من أبي بكر) في أمر المناكح» (العثمانية ص211).

وصاروا يفرقون بين العربية والموالي (الإيضاح ص286).

وقد انعكس ذلك على الفقه أيضاً ، فقد : قالت الحنفية : "قريش بعضها أكفاء لبعض ، ومن كان له أبوان في الإسلام فصاعداً من الموالي ، فهم أكفاء" الإسلام والمشكلة العنصرية ص67).

وفي التذكرة : أن الحنفية ، وبعض الشافعية ، قد أفتوا بأن العجم ليسوا أكفاء للعرب. أما الثوري ، فكان يرى التفريق بين المولى والعربية وشدد فيه وله فتاوى عجيبة أخرى لا مجال لذكرها هنا (راجع : المصنف للصنعاني ج6 ص154).

وقال ابن رشد : « قال سفيان الثوري وأحمد : لا تزوج العربية من مولى ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا تزوج قرشية إلا من قرشي ، ولا عربية إلا من عربي» ( بداية المجتهد : ج2 ص351).

كما ويلاحظ هنا : أنهم قد وضعوا بعض ما يسمى بالروايات ، ونسبوها إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (راجع : كشف الأستار ج2 ص161 ومجمع الزوائد ج4 ص275).

ونكاد نظن : أن الخليفة الثاني ، قد استفاد ذلك من كسرى ، الذي تعلم منه.. وذلك لان أنوشيروان اشترط على معدي كرب شروطاً ، منها : أن الفرس تزوج باليمن ، ولا تتزوج اليمن منها. وفي ذلك يقول الشاعر:


على أن ينكحوا النسوان منهم * ولا ينكحوا في الفار سينا (مروج الذهب ج2 ص56. ويلاحظ : أن الشطر الثاني غير مستقيم. ولعل الصحيح : وألاّ ينكحوا في الفارسينا(


وبعد .. فإننا نجد عمر بن عبد العزيز الأموي يقتفي خطى عمر بن الخطّاب في هذا المجال؛ فهو يقول :
لا يتزوج من الموالي في العرب إلا الأشتر البطر ، ولا يتزوج من العرب في الموالي إلا الطمع الطبع ، وقال :
لا خير في طمع يهدي إلى طمع * وغفة من قوام العيش تكفيني (الفائق ج1 ص353(


وقال الجاحظ : « وقالت الزنج للعرب : من جهلكم أنكم رأيتمونا لكم أكفاء في الجاهلية في نسائكم؛ فلما جاء الإسلام رأيتم ذلك فاسداً» (رسائل الجاحظ ج1 ص197).


وزعم الأصمعي ، قال : سمعت أعرابياً يقول لآخر :

أترى هذه العجم تنكح نساءنا في الجنة؟!

قال : أرى ذلك ـ والله‏ ـ بالأعمال الصالحة.

قال : توطأ_والله_رقابنا قبل ذلك (الكامل للمبرد ج4 ص16(

 

ثم يقارن صاحب المقال هذه التعاليم العمرية ببعض ما صح عن محمد من أقواله في المساواة النظرية بين البشر، المسلمين منهم على الأقل بصرف النظر عن الجنس واللون واللغة، رغم نص قرآنه وأحاديثه على العنصرية ضد غير المسلمين:

 

أقول: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (8736) 8721- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ فَخْرَهُمْ بِرِجَالٍ ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عِنْدَ اللهِ مِنْ عِدَّتِهِمْ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتَنَ.

 
المحدث:أحمد شاكر - المصدر:مسند أحمد- الصفحة أو الرقم:16/300 خلاصة حكم المحدث:إسناده صحيح

وقال محققو طبعة الرسالة للمسند: إسناده حسن، هشام بن سعد -وإن كان من رجال مسلم- تنزل رتبته عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/60، والبيهقي في "الشعب" (5127) و (5128) من طريق سفيان الثوري، والبيهقي في "السنن" 10/232، وفي "الشعب" (5126) ، وفي "الآداب" (422) من طريق حسين بن حفص، كلاهما عن هشام بن سعد، بهذا الِإسناد.

وأخرجه أبو داود (5116) ، وعنه البيهقي في "الآداب" (423) من طريق المعافى بن عمران وابن وهب، والترمذي (3956) من طريق موسى بن أبي علقمة، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3458) من طريق ابن وهب، والخطيب في "تاريخه" 6/188 من طريق المعافى بن عمران، ثلاثتهم عن هشام بن سعد، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. بزيادة أبي سعيد المقبري. رواية الترمذي مختصرة، وقال: حسن غريب.

وسيأتي الحديث برقم (8792) مختصراً، و (10781) .

وفي الباب عن ابن عباس، سلف برقم (2739) ، وإسناده صحيح.

قوله: "عبِّيَّة الجاهلية"، قال السندي: بضم عين مهملة، وكسر موحدة مشددة، وفتح ياء مثناة من تحت مشددة: الكبر والنخوة.

"مؤمن تقي، وفاجر شقي"، أي: الناس رجلان: مؤمن تقي فهو الخير الفاضل، وإن لم يكن حسيباً في قومه. وفاجر شقي فهو الدنيء، وإن كان في أهله شريفاً رفيعاً. "من عدتِهم" بتشديد الدال، أي: من عَدَدهم.

 وروى الترمذي:

 

3270 - حدثنا علي بن حجر أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا عبد الله بن دينار عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها فالناس رجلان بر تقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله والناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب قال الله { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير }

قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث عبد الله بن دينار عن بن عمر إلا من هذا الوجه وعبد الله بن جعفر يضعف ضعفه يحيى بن معين وغيره وعبد الله بن جعفر هو والد علي بن المديني قال وفي الباب عن أبي هريرة وبن عباس


المحدث:ابن العربي - المصدر:عارضة الأحوذي- الصفحة أو الرقم:6/337

خلاصة حكم المحدث:صحيح وكذا حكم عليه الألباني.

 

رواه أحمد:

 

(23489) 23885- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ ، قَالُوا : بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّ يَوْمٍ هَذَا ؟ قَالُوا : يَوْمٌ حَرَامٌ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّ شَهْرٍ هَذَا ؟ قَالُوا : شَهْرٌ حَرَامٌ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : أَيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟ قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ ، قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ ، قَالَ : وَلاَ أَدْرِي قَالَ : أَوْ أَعْرَاضَكُمْ ، أَمْ لاَ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَلَّغْتُ ، قَالُوا : بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ ، قَالَ : لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.

 

المحدث:الألباني - المصدر:شرح الطحاوية- الصفحة أو الرقم:361

خلاصة حكم المحدث:صحيح

وقال محققو طبعة الرسالة: إسناده صحيح: إسماعيل: هو ابن عُليَّة، وسعيد الجريري: هو ابن إياس، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي .

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 3/100 من طريق أبي قلابة القيسي، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن جابر قال: خطبنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسط أيام التشريق ... فذكره مختصراً .

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سلف برقم (11762) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب .

وفي باب قوله: "إن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ... إلا بالتقوى" عن أبي هريرة، سلف برقم (8736). وعن عقبة بن عامر، سلف برقم (17313) . وعن أبي ذرٍّ، سلف برقم (21407) .

تخريج بعض الأحاديث سالفة الذكر في المقال المقتبس:

 

تفضيل تحرير المستعبدين العرب بسياسة تمييز إيجابي للعرب

 

روى ابن أبي شيبة:

 

33297- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ : لَيْسَ عَلَى عَرَبِيٍّ مِلْك , وَلَسْنَا بِنَازِعِي مِنْ أَحَدٍ شيئا أَسْلَمَ عَلَيْهِ , وَلَكِنَّا نُقَوِّمُهُمْ للملة : خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ.

 

33298- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ صَدَقَةَ ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : كَانَ عُمَرُ يَقْضِي فِيمَا سَبَتِ الْعَرَبُ بَعْضُهَا على بَعْضٍ قَبْلَ الإِسْلاَمِ وَقَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ عَرَفَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَمْلُوكًا مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَفِدَاهُ الْعَبْدِ بِالْعَبْدَيْنِ وَالأَمَةِ بِالأَمَتَيْنِ.

 

وروى عبد الرزاق:

 

13158 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال قضى عمر بن الخطاب في فداء سبي العرب ستة فرائض وقضى عمر بن عبد العزيز في فداء سبي العرب في كل راس أربع مئة درهم قال معمر ثم ترك ذلك بعد في أهل عمان فقال هم أحرار حيث وجدتموهم

 

13160 - عبد الرزاق عن أبي بكر بن عياش قال أبو حصين عن الشعبي قال لما استخلف عمر قال ليس على عربي ملك ولسنا بنازعين من يد أحد شيئا أسلم عليه ولكنا نقومهم الملة

 

13161 - عبد الرزاق عن بن عيينة عن يحيى العشاوي قال كتب عمر بن عبد العزيز أن عمر بن الخطاب قضى في فداء سبي العرب في كل رأس مئة أربعة دراهم

 

13155 - عبد الرزاق عن بن جريج قال سمعت سليمان بن موسى يذكر أن عمر بن الخطاب قضى في مثل ذلك على آبائهم كل ولد له من الرقيق في الشبر والذرع قلت له فكان أولاده حسانا قال لايكلف مثلهم في الذرع عبد الرزاق عن معمر عن بن طاووس عن أبيه قال قال لي عمر اعقل عني ثلاثا الإمارة شورى وفي فداء العرب مكان كل عبد عبد وفي بن الأمة عبد وكتم بن طاووس الثالثة

 

13159 - عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الله بن عون عن غاضرة العنبري قال أتينا عمر بن الخطاب في نساء تبايعن في الجاهلية فأمر أن يقوم أولادهن على آبائهم ولا يسترقوا

 

15612 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج عن أيوب بن موسى قال أخبرني نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب أعتق كل مصلى من سبي العرب فبت عليهم وشرط عليهم أنكم تخدمون الخليفة من بعدي ثلاث سنوات وشرط عليهم أنه يصحبكم بمثل ما كنت أصحبكم به قال فابتاع الخيار خدمته تلك الثلاث سنوات من عثمان بأبي فروة وخلى عثمان سبيل الخيار فانطلق وقبض عثمان أبا فروة.

 

15613 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني موسى بن عقبة عن نافع أنه كان في وصية عمر بن الخطاب أن يعتق كل عربي في مال الله وللأمير من بعده عليهم ثلاث سنوات يلونهم نحو ما كان يليهم عمر قال نافع كان عبد الله يقول بل أعتق كل مسلم من رقيق المال

 

16781 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني أيوب بن سليمان قال أخبرني نافع عن عبد الله أن عمر بن الخطاب أعتق كل من صلى من سبي العرب فبت عتقهم وشرط عليهم أنكم تخدمون الخليفة بعدي ثلاث سنوات وشرط لهم أنه يصحبكم بمثل ما كنت أصحبكم به فابتاع الخيار خدمته تلك الثلاث سنوات من عثمان بأبي فروة وخلى عثمان سبيل الخيار فانطلق وقبض عثمان أبا فروة

 

ملاحظة: وذكرت سابقًا في هذا الباب وصايا وأحاديث منسوبة إلى محمد في الصحيحين والمسند بذلك التفضيل العنصري.

 

 

توصية عمر بحسن معاملة العرب فقط

 

روى عبد الرزاق:

 

20662 - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن عاصم بن أبي النجود أن عمر بن الخطاب كان إذا بعث عماله شرط عليهم ألا تركبوا برذونًا ولا تأكلوا نقيًّا ولا تلبسوا رقيقًا ولا تغلقوا أبوابكم دون حوائج الناس فإن فعلتم شيئا من ذلك فقد حلت بكم العقوبة قال ثم شيعهم فإذا أراد أن يرجع قال إني لم أسلطكم على دماء المسلمين ولا على أعراضهم ولا على أموالهم ولكني بعثتكم لتقيموا بهم الصلاة وتقسموا فيئهم وتحكموا بينهم بالعدل فإن أشكل عليكم شيء فارفعوه إلي ألا فلا تضربوا العرب فتذلوها ولا تجمروها فتفتنوها ولا تعتلوا عليها فتحرموها جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا وأنا شريككم

 

كراهية تزويج غير العرب من العربيات

 

روى عبد الرزاق:

 

10329 - عبد الرزاق عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ليلى الكندي قال أقبل سلمان في اثني عشر رجلا من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم فحضرت الصلاة فقالوا تقدم يا أبا عبد الله فقال إنا لا نؤمكم ولا ننكح نساءكم إن الله هدانا بكم قال ثم تقدم رجل من القوم وهم سفر فصلى بهم أربعا فلما انصرف قال سلمان ما لنا وللمربعة إنما يكفينا نصف المربعة نحن إلى الرخصة أحوج

 

10330 - عبد الرزاق عن الثوري قال لو أن رجلا أتى قوما فقال إني عربي فتزوج إليهم فوجدوه مولى كان لهم أن يردوا نكاحه وإن قال أنا مولى فوجدوه نبطيا رد النكاح فإن قال أنا عربي فكان عربيا من غير أولئك الذين انتمى إليهم جاز النكاح وإن قال أنا مولى لبني فلان فوجدوه مولى لغيرهم جاز النكاح قال عبد الرزاق وكان يرى التفريق إذا نكح المولى عربية ويشدد فيه

 

وللأمانة ذكر عبد الرزاق في مصنفه آراء معاكسة وحالات زواج كثيرة بين العرب وغير العربيات. كمثال:

10328 - عبد الرزاق عن بن جريج قال حدثت أن سلمان الفارسي تزوج امرأة من كندة ثيبا

 

10327 - عبد الرزاق عن بن جريج قال سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير يذكر أن امرأة من بني بكر بن كنانة تزوجت مولى بالعراق فاختلفوا فيه فجعلوا ذلك إلى عبيد بن عمير فأجاز نكاحه

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

17997- حَدَّثَنَا سُوَيْد بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيُّ , عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ نَكَحَ مَوْلًى لَنَا عَرَبِيَّةً فَأُوتِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ليستعدى عَلَيْهِ , فَقَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ عَدَا مَوْلَى آلِ كَثِيرٍ طَوْرَهُ.

 

17999- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مِسْعَر ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قُرَّةَ الْكِنْدِيِّ قَالَ : عَرَضَ أَبِي عَلَى سَلْمَانَ أُخْتًا له فَأَبَى وَتَزَوَّجَ مَوْلاَةً لَهُ يُقَالُ لَهَا بُقَيْرَةُ.

 

18000- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي الْكِنْدِيِّ , عَنْ سَلْمَانَ قَالَ : لاَ نَؤُمُّهُمْ وَلاَ نَنْكِحُ نِسَاءَهُمْ.

 

18001- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ , عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِي الْعَرَبِيِّ وَالْمَوْلَى : لاَ يَسْتَوِيَانِ فِي النَّسَبِ.

 

من أحاديث محبة العرب (وبعضها أو كلها ملفقة عمومًا)

 

روى الحاكم في المستدرك:

 

6999 - حدثنا أبو محمد المزني وأبو سعيد الثقفي في آخرين قالوا : ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ثنا العلاء بن عمر الحنفي ثنا يحيى بن يزيد الأشعري أنبأ ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبوا العرب لثلاث لأني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي

تابعه محمد الفضل عن ابن جريج

 

7947 - أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر المروزي ثنا محمد بن غالب ثنا عمر بن عبد الوهاب الرياحي عن الحجاج بن الأسود عن محمد بن واسع عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبوا الفقراء وجالسوهم وأحب العرب من قلبك ولتردد عن الناس ما تعلم من قلبك

 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه إن كان عمر الرياحي سمع من حجاج بن الأسود

 

قال الذهبي: صحيح

 

بل الحب والمحبة الحقيقية هي محبة كل البشر الطيبين منهم وكل الكائنات الحية.

 

وفي الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي:

 

وكانت دية العربي مائة وسقٍ، ودية الهجين خمسين وسقاً، ودية المولى عشرة أوسق؛ وكانت العرب تجعل دية المعم المخول مائة بعيرٍ، ودية المولى خمسةً وعشرين بعيراً.

 

وجاء في كتاب (من التمدن الإسلامي) للعلامة الشيعي الشيرازي:

 

الموالي في الجاهلية

 

المولى عند العرب وسط بين العبد والحر والغالب فيه أن يكون عبداً معتقاً فكل عبد أُعتق صار مولى وكل عبد أو أسير أعتقه صاحبه فهو مولى له ويُنسب إليه أو إلى قبيلته أو رهطه. فمولى العباس مثلاً هو مولى بني هاشم وهو أيضاً مولى قريش ومولى مضر. وقد يُنسب المولى إلى بلد مُعتقه فيقال: فلان مولى أهل المدينة أو مولى أهل مكة. والمولى عندهم كالقريب ولكنهم يسمون قرابة الأهل صريحة وقرابة المولى غير صريحة. ويقال له أيضاً: مولى حلف أو اصطناع وذلك أن ينتمي الرجل إلى رجل بالخدمة على اختلاف ضروبها أو بالمحالفة أو المخالطة أو الملازمة على أن يتعاقب ذلك أجيالاً. ومن هذا القبيل أكثر موالي العرب بعد الإسلام فقد كان العرب أهل السيادة والشركة وأهل البلاد يلازمونهم بالخدمة أو المخالطة أو المعاشرة فينسبون إليهم ويسمون ذلك ولاء الموالاة. وللموالي عند العرب أحكام عامة وأحكام خاصة فأحكامهم العامة أن المولى أحطّ منزلة من الحر وأرفع من العبد فهو حرّ لا يباع كالعبد لكنه لا يعامل معاملة الحر في الزواج والميراث فالمولى لا يتزوج حرة وديّة المولى نصف دية الحر كأنه عبد.

 

وجاء في  كتاب (مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم( لأحمد إبراهيم الشريف:

 

وكان الأمر ينتهي بالثائر إلى ثلاث حالات:

إما أن يثار ولي الدم من القاتل أو من عشيرته، وإما أن يأخذ الدية، وإما أن يعفو.

وعند أخذ الدية يلاحظ مكانة الرجل المقتول، فالرجل الحر الشريف غير المولى. ومتوسط الدية مئة من الإبل2. ودية الحليف نصف دية الصريح3. أما دية السادة فقد تصل إلى الخمسمئة وإلى الألف4.

__________

1 الأغاني 3/ 105.

2 نفسه 63، 65.

3 نفسه 19، 40.

4 العقد الفريد 5/ 148. الآلوسي 3/ 22- 24.

 

وعن كره عمر لغير العرب عمومًا روى البخاري:

 

3700 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ وَقَفَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ كَيْفَ فَعَلْتُمَا أَتَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا قَدْ حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ قَالَا حَمَّلْنَاهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ مَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ قَالَ انْظُرَا أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ قَالَ قَالَا لَا فَقَالَ عُمَرُ لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ لَأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا قَالَ فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ قَالَ إِنِّي لَقَائِمٌ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَالَ اسْتَوُوا حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ وَرُبَّمَا قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ أَوْ النَّحْلَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ كَبَّرَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَتَلَنِي أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ حِينَ طَعَنَهُ فَطَارَ الْعِلْجُ بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ لَا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا طَعَنَهُ حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا فَلَمَّا ظَنَّ الْعِلْجُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ وَتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ فَمَنْ يَلِي عُمَرَ فَقَدْ رَأَى الَّذِي أَرَى وَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ وَهُمْ يَقُولُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلَاةً خَفِيفَةً فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ قَالَ الصَّنَعُ قَالَ نَعَمْ قَالَ قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مِيتَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا فَقَالَ إِنْ شِئْتَ فَعَلْتُ أَيْ إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا قَالَ كَذَبْتَ بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ وَصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ وَحَجُّوا حَجَّكُمْ فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ فَقَائِلٌ يَقُولُ لَا بَأْسَ وَقَائِلٌ يَقُولُ أَخَافُ عَلَيْهِ فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ...إلخ

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه من قصة اغتيال عمر:

 

9775 - عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال كان عمر بن الخطاب لايترك أحدا من العجم يدخل المدينة فكتب المغيرة بن شعبة إلى عمر أن عندي غلاما نجارا نقاشا حدادا فيه منافع لأهل المدينة فإن رأيت أن تأذن لي أن أرسل به فعلت فأذن له وكان قد جعل عليه كل يوم درهمين وكان يدعي أبا لؤلؤة وكان مجوسيا في أصله فلبث ما شاء الله ثم إنه أتى عمر يشكو إليه كثرة خراجه فقال له عمر ما تحسن من الأعمال قال نجار نقاش حداد فقال عمر ما خراجك بكبير في كنه ما تحسن من الأعمال قال فمضى وهو يتذمز ثم مر بعمر وهو قاعد فقال ألم أحدث أنك تقول لو شئت أن أصنع رحى تطحن بالريح فعلت فقال أبو لؤلؤة لأصنعن رحى يتحدث بها الناس قال ومضى أبو لؤلؤة فقال عمر أما العبد فقد أوعدني آنفا فلما أزمع بالذي أزمع به أخذ خنجرا فاشتمل عليه ثم قعد لعمر في زاوية من زوايا المسجد وكان عمر يخرج بالسحر فيوقظ الناس بالصلاة فمر به فثار إليه فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت سرته وهي التي قتلته وطعن اثنا عشر رجلا من أهل المسجد فمات منهم ستة وبقي منهم ستة ثم نحر نفسه بخنجره فمات قال معمر وسمعت غير الزهري يقول ألقي رجل من أهل العراق عليه برنسا فلما أن اغتم فيه نحر نفسه قال معمر قال الزهري فلما خشي عمر النزف قال ليصل بالناس عبد الرحمن بن عوف قال الزهري فأخبرني عبد الله بن عباس قال فاحتملنا عمر أنا ونفر من الأنصار حتى أدخلناه منزله فلم يزل في غشية واحدة حتى أسفر فقال رجل إنكم لن تفزعوه بشيء إلا بالصلاة قال فقلنا الصلاة يا أمير المؤمنين قال ففتح عينيه ثم قال أصلي الناس قلنا نعم قال أما أنه لا حظ في الاسلام لاحد ترك الصلاة - قال وربما قال معمر اضاع الصلاة - ثم صلى وجرحه يثعب دما قال بن عباس ثم قال لي عمر أخرج فاسأل الناس من طعنني فانطلقت فإذا الناس مجتمعون فقلت من طعن أمير المؤمنين فقالوا طعنه أبو لؤلؤة عدو الله غلام المغيرة بن شعبه فرجعت إلى عمر وهو يستأني أن آتيه بالخبر فقلت يا أمير المؤمنين طعنك عدو الله أبو لؤلؤة فقال عمر الله أكبر الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يخاصمني يوم القيامة في سجدة سجدها لله قد كنت أظن أن العرب لن يقتلني ثم أتاه طبيب فسقاه نبيذا فخرج منه فقال الناس هذه حمرة الدم ثم جاءه آخر فسقاه لبنا فخرج اللبن يصلد فقال له الذي سقاه اللبن اعهد عهدك يا أمير المؤمنين فقال عمر صدقني أخو بني معاوية قال الزهري عن سالم عن بن عمر ثم دعا النفر الستة عليا وعثمان وسعدا وعبد الرحمن والزبير - ولا أدري أذكر طلحة أم لا - فقال إني نظرت في الناس فلم أر فيهم شقاقا فإن يكن شقاق فهو فيكم قوموا فتشاوروا ثم أمروا أحدكم قال معمر قال الزهري فأخبرني حميد بن عبد الرحمن عن المسور بن مخرمة قال أتاني عبد الرحمن بن عوف ليلة الثالثة من أيام الشورى بعد ما ذهب من الليل ماشاء الله فوجدني نائما فقال أيقظوه فأيقظوني فقال ألا أراك نائما والله ما اكتحلت بكثير نوم منذ هذه الثلاث اذهب فادع لي فلانا وفلانا ناسا من أهل السابقة من الأنصار فدعوتهم فخلا بهم في المسجد طويلا ثم قاموا ثم قال اذهب فادع لي الزبير وطلحه وسعدا فدعوتهم فناجاهم طويلا ثم قاموا من عنده ثم قال ادع لي عليا فدعوته فناجاه طويلا ثم قام من عنده ثم قال ادع لي عثمان فدعوته فجعل يناجيه فما فرق بينهما إلا أذان الصبح ثم صلى صهيب بالناس فلما فرغ اجتمع الناس إلى عبد الرحمن فحمدالله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني نظرت في الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان فلا تجعل يا علي على نفسك سبيلا ثم قال عليك يا عثمان عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله صلى الله عليه و سلم أن تعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم وبما عمل به الخليفتان من بعده قال نعم فمسح على يده فبايعه ثم بايعه الناس ثم بايعه علي ثم خرج فلقيه بن عباس فقال خدعت فقال علي أو خديعة هي قال فعمل بعمل صاحبيه ستا لا يخرم شيئا إلى ست سنين ثم إن الشيخ رق وضعف فغلب على أمره قال الزهري فأخبرني سعيد بن المسيب أن عبد الرحمن بن أبي بكر - ولم نجرب عليه كذبة قط - قال حين قتل عمر انتهيت إلى الهرمزان وجفينة وأبي لؤلؤة وهم نجي فبغتهم فثاروا وسقط من بينهم خنجر له رأسان نصابه في وسطه فقال عبد الرحمن فانظروا بما قتل عمر فنظروا فوجدوه خنجرا على النعت الذي نعت عبد الرحمن قال فخرج عبيد الله بن عمر مشتملا على السيف حتى أتي الهرمزان فقال أصحبني حتى ننظر إلى فرس لي وكان الهرمزان بصيرا بالخيل فخرج يمشي بين يديه فعلاه عبيد الله بالسيف فلما وجد حر السيف قال لا إله إلا الله فقتله ثم أتى جفينة وكان نصرانيا فدعاه فلما أشرف له علاه بالسيف فصلب بين عينيه ثم أتى ابنة أبي لؤلؤة جارية صغيرة تدعي الإسلام فقتلها فأظلمت المدينة يومئذ على أهلها ثم أقبل بالسيف صلتا في يده وهو يقول والله لاأترك في المدينة سبيا إلا قتلته وغيرهم وكأنه يعرض بناس من المهاجرين فجعلوا يقولون له ألق السيف ويأبى ويهابونه أن يقربوا منه حتى أتاه عمرو بن العاص فقال أعطني السيف يا بن أخي فأعطاه اياه ثم ثار إليه عثمان فأخذ برأسه فتناصيا حتى حجز الناس بينهما فلما ولي عثمان قال أشيروا علي في هذا الرجل الذي فتق في الاسلام ما فتق يعني عبيد الله بن عمر فأشار عليه المهاجرون أن يقتله وقال جماعة من الناس أقتل عمر أمس وتريدون أن تتبعوه ابنه اليوم؟!، أبعد الله الهرمزان وجفينة. قال فقام عمرو بن العاص فقال يا أمير المؤمنين إن الله قد أعفاك أن يكون هذا الأمر ولك على الناس من سلطان إنما كان هذا الأمر ولا سلطان لك فاصفح عنه يا أمير المؤمنين قال فتفرق الناس على خطبة عمرو وودى عثمان الرجلين والجارية قال الزهري وأخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر قال يرحم الله حفصة إن كانت لممن شجع عبيد الله على قتل الهرمزان وجفينة قال الزهري وأخبرني عبد الله بن ثعلبة أو قال بن خليفة الخزاعي قال رأيت الهرمزان رفع يده يصلي خلف عمر قال معمر وقال غير الزهري فقال عثمان أنا ولي الهرمزان وجفينة والجارية وإني قد جعلتهم دية

 

الشاب الفارسي القاتل لعمر كان صبورًا كثيرًا رغم سبي واستعباد قومه وسبيه وتغريبه عن وطنه وسلب حريته، وتضييق عمر حياته عليه جعله ينفد صبره وكأنها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال.

 

وقصة قتل عبيد الله بن عمر ناسًا أبرياء من غير العرب ذكرتها في باب (مما أحدثوه في دينهم ولم يكن منه) فليس في دينهم كما شرعه محمد أن يُقتل مسلمٌ كالهرمزان وابنة أبي لؤلؤة الطفلة بدون قصاص وكذلك جفينة المسيحي، وعثمان عفى عن القاتل تذرعًا بأن أباه عمر كذلك قُتِل، ومراعاة لرأي عام متعصب متعفن شوفيني، ودفع لذويه ديات حسب القصة، مما يدل على أنه قتل بدعاوى وهمية كاذبة وبدون وجه حق وظلمًا وعدوانًا.

 

وجاء في كتاب سليم بن قيس الهلالي (الحديث أو الخبر المزعوم برقم 23) وهو مصدر شيعي اثناعشري موضع شك في معظم مواده وغير تاريخي بصراحة لكن ورد فيه عن فلسفة الحكم العربي ما يصح عمومًا هكذا:

 

أبان عن سليم قال: كان لزياد بن سمية كاتب يتشيع وكان لي صديقا، فأقرأني كتابا كتبه معاوية إلى زياد جواب كتابه إليه:
أما بعد، فإنك كتبت إلي تسألني عن العرب، من أكرم منهم ومن أهين ومن أقرب ومن أبعد، ومن آمن منهم ومن أحذر؟

وأنا - يا أخي - أعلم الناس بالعرب. انظر إلى هذا الحي من اليمن، فأكرمهم في العلانية وأهنهم في الخلاء فإني كذلك أصنع بهم، أقرب مجالسهم وأريهم أنهم آثر عندي من غيرهم ويكون عطائي وفضلي على غيرهم سرا منهم لكثرة من يقاتلني منهم مع هذا الرجل.
وانظر (ربيعة بن نزار)، فأكرم أشرافهم وأهن عامتهم، فإن عامتهم تبع لأشرافهم وساداتهم.

وانظر إلى (مضر) فاضرب بعضها ببعض فإن فيهم غلظة وكبرا وأبهة ونخوة شديدة، وإنك إذا فعلت ذلك وضربت بعضهم ببعض كفاك بعضهم بعضا، ولا ترض بالقول منهم دون الفعل ولا بالظن دون اليقين.

وانظر إلى الموالي ومن أسلم من الأعاجم، فخذهم بسنة عمر بن الخطاب فإن في ذلك خزيهم وذلهم، أن تنكح العرب فيهم ولا ينكحوهم وأن ترثهم العرب ولا يرثوهم (1) وأن تقصر بهم في عطائهم وأرزاقهم، وأن يقدموا في المغازي يصلحون الطريق ويقطعون الشجر، ولا يؤم أحد منهم العرب في صلاة ولا يتقدم أحد منهم في الصف الأول إذا حضرت العرب إلا أن يتموا الصف.
ولا تول أحدا منهم ثغرا من ثغور المسلمين ولا مصرا من أمصارهم، ولا يلي أحد منهم قضاء المسلمين ولا أحكامهم فإن هذه سنة عمر فيهم وسيرته، جزاه الله عن أمة محمد وعن بني أمية خاصة أفضل الجزاء كيف طمع معاوية في الخلافة وكيف نالها؟

فلعمري لولا ما صنع هو وصاحبه وقوتهما وصلابتهما في دين الله لكنا وجميع هذه الأمة لبني هاشم الموالي، ولتوارثوا الخلافة واحدا بعد واحد كما يتوارث أهل كسرى وقيصر، ولكن الله أخرجها بأيديهما من بني هاشم وصيرها إلى بني تيم بن مرة، ثم خرجت إلى بني عدي بن كعب، وليس في قريش حيان أقل وأذل منهما ولا أنذل (2)، فأطمعانا فيها وكنا أحق منهما ومن عقبهما، لأن فينا الثروة والعز ونحن أقرب إلى رسول الله في الرحم منهما. ثم نالها قبلنا صاحبنا عثمان بشورى ورضا من العامة بعد شورى ثلاثة أيام بين الستة، ونالها من نالها قبله بغير شورى. فلما قتل صاحبنا عثمان مظلوما نلناها به لأن من قتل مظلوما فقد جعل الله لوليه سلطانا

 ولعمري يا أخي، لو أن عمر سن دية المولى نصف دية العربي لكان أقرب إلى التقوى، ولو وجدت السبيل إلى ذلك ورجوت أن تقبله العامة لفعلت ولكني قريب عهد بحرب فأتخوف فرقة الناس واختلافهم علي. وبحسبك ما سنه عمر فيهم فهو خزي لهم وذل. فإذا جاءك كتابي هذا فأذل العجم وأهنهم وأقصهم ولا تستعن بأحد منهم ولا تقض لهم حاجة.

فوالله إنك لابن أبي سفيان خرجت من صلبه، وما تناسب عبيدا نسبا دون آدم

 

(1) روي في البحار: ج ٨ طبع قديم ص ٢٨٧ أن عمر أطلق تزويج قريش في سائر العرب والعجم وتزويج العرب في سائر العجم، ومنع العرب من التزويج في قريش ومنع العجم من التزويج في العرب. فأنزل العرب مع قريش والعجم مع العرب منزلة اليهود والنصارى.
وروي في البحار: ج ٨ طبع قديم ص ٢٨٨ وفي الغدير: ج ٦ ص ١٨٧ عن موطأ مالك عن سعيد بن المسيب أنه قال: أبى عمر بن الخطاب أن يورث أحدا من الأعاجم إلا أحدا ولد في العرب.

(2) الأنذل: الأخس والأحقر والأسقط في الحسب.

 

ملاحظة: عندما كتب الشيخ عبد الرزاق كتابه (الإسلام وأصول الحكم) محاولًا تفنيد اشتراط قرشية الحاكم، رغم كون ذلك كتبه الرجل بعد عصور لم يعد بعدها لقريش أي كيان أو وجود حقيقي، ثار عليه آنذاك ظلاميو رجال الجامع الأزهر ثورة شمولية استبدادية غير عادية.

 

وكتب الأستاذ عادل العمري في مقال بعنوان جذور العنصرية العربية:

وقد ذهب أصحاب هذا الاتجاه (يعني العروبي الاستعلائي) إلى اشتراط أن يكون إمام المسلمين من العرب وأغلبهم رأى أن يكون من قريش بالذات، واستندوا في هذا إلى أحاديث صحيحة في عرف علماء الإسلام، وأخذ بها الغالبية العظمي من الفقهاء والأئمة السنة الأربعة وبعض المعتزلة ولم يخالفها إلا الخوارج وبعض المعتزلة وبعض الأشاعرة وبعض الزيدية. كما يؤمن بها الكثير من عامة المسلمين نظريا وإن كانت غير مطروقة عمليا في العصر الراهن.

 

وبلغت العنصرية قمتها في العصر الأموي حيث اعتبر الأمويون – عمليا - الإسلام دين العرب، فرفضوا إسلام "العجم" الذين كانوا يُسمون "الموالي" وفرضوا على من أسلم منهم الجزية ورفضوا أيه مشاركة في الحكم لغير العرب الأقحاح بل ومنع الحجاج ابن يوسف الثقفي غير العرب من إمامة الصلاة. لم يتخذ الأمويون هذه السياسة من منطلقات إيديولوجية أو بناء على مشاعر عنصرية بحتة ،بل وضعوا الإيديولوجيا لمصلحة الدولة،لجمع أكبر كم من الضرائب وضمان استقرارها ولو بمخالفة الشريعة صراحة.وقد انقلب عمر بن عبد العزيز على هذه السياسة؛فجعل الأولوية للمبادئ الإسلامية القرآنية،ويمكن اعتباره إسلامي لهذا السبب. وقد خفت هذه النزعة كثيرا في عصر الدولة العباسية التي شارك "العجم" في إقامتها بل وكان كل خلفائها من أبناء الجواري "العجم" عدا ثلاثة فقط.


وقد خبى هذا التوجه مع انحسار سيطرة العرب منذ الدولة العباسية وصعود مكانة الموالى ثم المماليك ،وخصوصا منذ السيطرة العثمانية. ثم عاد للانتشار من جديد مع تدهور الدولة العثمانية وبدء سيادة الغرب وانتشار الفكرة القومية عموما وصعود الحركة القومية العربية في مواجهة الأتراك.ولا يمكن اعتبار هذا التوجه مجرد ميراث إيديولوجي- مع عدم إنكار هذا العنصر- بل الأهم هو عامل آخر :تزايد الاضطهاد التركى للعرب فى عصر أفول تلك الإمبراطورية،والأهم:العنصرية الأوربية ضد الأخرىن والمواجهات المستمرة بين العرب والغرب العنصري،فتكونت عنصرية مضادة.

 

تعليق: وطالما استمرت أوهام الاستعلاء العربي الأجوف ومنه الاستعلاء القومي واللغوي مع تأخرنا فكريًّا وعلميًّا وحضاريًّا ومدنيًّا وأدبيًّا فلا يتوقع أي تقدم أو تحسن في أحوال الشعوب العربية مهما مرت القرون على أية حال، ولا يزال كثيرون من الجهال والمنغلقي العقول يحسبون أن شعرًا سلفيًّا قديمًا أفضل من الشعر الإنجليزي الحديث للورد بيرون مثلًا، وبلا ريب نحتاج لإحياء حركة الشعراء الحديثين الآخذين بأساليب غربية (كإيليا أبو ماضي في تراثا المعاصر ونزار قباني بفكره الغربي وغيرهما) مع الاحتفاظ بالأصالة والفصاحة العربية، وإلى مزيد من الانفتاح والتعلم من الشعوب والدول الأخرى المتقدمة، بدون الاغترار الأجوف لأن مثالب العرب منذ القدم كثيرة وقد صارت أكثر اليوم فهم صاروا منذ زمن طويل أهل كلام وعبث بلا أفعال ولا جد ولا بحث علمي ولا جدية في القرارات والأمور المصيرية لهم كشعوب.

 

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.