40 خاتمة

 

خاتمة

 

عندما يسألني أحدهم عن سبب تركي للإسلام قد أجيبه في العادة جوابًا ناقصًا عن بعض ملامح أسباب رفضي له واعتباره باطلًا والخطوط العريضة والعناوين الرئيسية لهذه الأسباب، إلا أني لست من الماهرين في كتابة المقالات الموجزة، وردي وتفصيلي على أسباب اعتباري الإسلام ديانة باطلة فاسدة التشريعات ومليئة بالأخطاء العلمية والخرافات والخزعبلات في نصوصها لم يكن يمكن بدون كتابة التسعة والثلاثين كتابًا وكتيبًا المشتمَلة في هذه الموسوعة. هذه هي أسبابي العقلانية العلمية البحثية، أما من الناحية الشخصية العاطفية التي عملت على تطوير شخصيتي اللادينية العقلانية المستقلة كمفكر حر مهتم بالمنهج العقلي والعلوم الحديثة والثقافة العلمية وناقد للإسلام بالذات وسائر الأديان والخرافات عمومًا فهو مدى شدة العنف الاجتماعي والقمع والبلادة الفكرية ومصادرة الحريات وجعل كل البشر المواطنين مجرد نسخ مكررة غير مبدعة معدومة العلم والتفكير والقراءة والاطلاع، ولا ريب أن هناك فارقًا شاسعًا بين ثقافة الإنسان العامي "رجل الشارع" الغربي في أوربا الغربية وأمِرِكا وأستراليا واليابان وإسرائيل في المعظم وبين الانحطاط الفكري الذي نراه عند مواطنينا العرب والمسلمين، حتى على مستوى والجمل والتعابير صار هناك فارق ثقافي شاسع يعكس رقي وتعليم الأمم الغربية، صارت توجد في عالم العرب والمسلمين ظاهرة غريبة اسمها (اغتراب المثقفين) فالمثقف المتعلم الحقيقي الذكي يجد نفسه وسط أمة من الدهماء الجهلة الذين لا يقرؤون ويعتبرونه غريبًا عنه بفكره وتفكيره المنظم المتقدم بكثير عن همجيتهم وأفكارهم البدائية، وهي ظاهرة لا وجود لها في الأمم المتقدمة الحديثة التي تهتم شعوبها وحكوماتها برفاهية وتعليم وتثقيف المواطنين وتقديم كافة الخدمات التعليمية والصحية والسكنية والغذائية وغيرها لهم.

 

من الناحية الشخصية كذلك فإن معيشتي وسط كل هذه الهمجية والتخلف والرجعية والجهل والبلادة الفكرية جعلتني أعاني في كثير من الأصعدة من الطفولة فاليفاعة فالرجولة فالكهولة، ومعاني منذ الشباب منذ اخترت اتخاذ منهج الفكر الحر العقلاني كانت رهيبة، يحرص المسلمون بمنظومتهم الاجتماعية والسياسية على اضطهاد كل من يفكر بشكل عقلاني وإيذائه وجعل حياته جحيمًا لا يطاق، بما يجعله في النهاية كسمكة في صحراء أو عظاءة برية وسط المحيط، لكن لا قوة على وجه البسيطة كانت قادرة على منعي من قول كلماتي ضد كل هذه الخرافات والرجعية والشمولية المنفذة اجتماعيًّا وسياسيًّا بأيدٍ من فولاذ الجهل والتخلف.

 

يحتمل أن الموسوعة لن تؤثر في الوقت الحالي على عدد كبير من الناس، لأن أغلبهم لا يقرؤون ولا يفكرون، وأخشى أن الكارثة أو الكوارث التي تنبأ بها الكثيرون من العلماء الطبيعيين المتخصصين في مجالات الأرصاد والجيولوجي (مرفق بحث الأستاذ خليل كلفت: عالم جديد الفصل 1 السكان: قنبلة زمنية؟) ومعهم تأييد بعض المثقفين كحامد عبد الصمد (كتابه سقوط العالم الإسلامي) من تصحر أكثر للمنطقة الشرقأوسطية وطغيان البحر الأبيض المتوسط على جزء من اليابسة وازدياد التكاثر السكاني الجنوني سوف تحدث إن آجلًا أو عاجلًا لا محالة، وعندها مع أحداث قادمة ومعطيات جديدة أخرى لا أحد يعلم ما هي الآن قد يفيق ذلك تلك الشعوب الإسلامية لتنهض وتؤسس على الأقل فكرًا إسلاميًا جديدًا معتدلًا ليبراليًّا كنظيره المسيحي الغربي، ويبدؤون في التفكير على نحو عقلاني علمي لتحسين أحواهم والنهضة بها، وربما يظهر ملحدون شرقيون وعرب أكثر، ملحدون عقلانيون محايدون حقيقيون، لا كمعظم الزبل الفكري والتعصب والتخلف الذي نراه حتى عند كثير ممن يعتبرون ملحدين من خلفيات إسلامية.

 

لكن المؤكد عندي أن كل دين وفقًا لسنة التاريخ مصيره في النهاية إلى الانتهاء والانقراض. العقل والعقلانية وحدها هي الباقية مع العلوم فقط إلى أطول مدى زمني ممكن للحضارات البشرية.

 

سوف يعتبر البعض في المستقبل هذه الموسوعة مأثرة تُذكَر لي، فيما ربما سوف يعتبرها الكثيرون إلى زمن قد يطول عارًا وخزيًا وشرًّا احتملته وارتكبته، فليكن هذا أو ذاك فكل ذلك سيكون على عاتق شخصيتي في حياتي وذكرى شخصيتي الاعتبارية على الأغلب لزمن طويل بعد انتهاء حياة الشخص الأصلي، وبصراحة لا يهمني رأي أحد طالما أثق بمبدئي، وأني لم أكن أحرض على عنصرية أو إجرام أو شيء ضد القيم الإنسانية العلمانية العامة، بل هو محض حق في التعبير والبحث والكتابة، وكما في جملة جان بول ساتر في رواية أسرى ألتونا: "لقد فعلت ما أردت وأردت ما فعلت"، وبالنسبة لي هو واجب كان يجب أن أقوم به لتحرير بعض العقول المتميزة للمثقفين القارئين، وهو واجب لأني علمت بقدرتي على إنجازه وتحقيقه وفقًا لإمكانياتي واطلاعي على الإسلام وعلوم الأديان، وقد كنت أرى أني سوف أنجزه رغم كل المعوقات وذلك منذ سنوات حلمت وأملت فيها أن أنجزه، وها هو ذا بين يدي القارئ بعد جهد هائل وسنوات من الإعداد والتجهيز والكتابة، فأتمنى ألا يضيع هباءً مع أمم العرب والشرقيين، كصيحات في وادٍ بصحراء ليس فيها من يسمع، حينذاك يكون ذلك هو ما يطلق عليه في المصطلح الإسلامي "علم لا ينفع". وعلى الأقل لقد ساهمت وحاولت تقديم جهد تنويري بقدراتي الأدبية المتواضعة من جهة البراعة والإبداع الأدبي المنعدم على حد علمي رغم السلامة اللغوية والنحوية والصرفية مع جفاف اللغة البحثية وبقدراتي البحثية المعقولة كما أرى، ولذلك جاء الكتاب في صورة بحثية جافة إلى حد كبير لا مزاح أو دعابات ملطفة كثيرة به، بل هو سرد للمعلومات والنصوص فحسب كما هي عليه وفقًا لحقائقها، وأود في الختام توجيه الشكر لبن كريشان صاحب المدونة المعروفة (أرض الرمال) حيث استعملت رسومه الكاريكاتيرية (الكرتونية) الخاصة لتلطيف الأمر قليلًا على القراء وقطع الإملال والإجهاد بقدر الإمكان عليهم.

 

آمالي الطيبة بتحسن أحوال هذه الأمم العربية والمشرقية. وتحسن أحوال كل الجنس البشري وكل الكائنات الحية عامة وأن نحقق الارتقاء القادم لجنسنا وأخلاقنا وفكرنا وأدواتنا، تقدم الفكر والعلم عند مجمل جنسنا البشري قد يخفف كم المعاناة والآلام والجوع والفقر والبؤس وانعدام المساواة والعدالة في هذا العالم عن كل البشر والكائنات الحية.

 

 

لؤي عشري

22/ 6/ 2016 م

 

 

      

 

 

شعارات لادينية وعلمانية وآمال للشعوب العربية والشرقية وللجنس البشري عامة

 

 

                  

 

 

 

 

 

 

 


 

 

 

 


No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.