23 التناقضات من خلال نسخ الأحكام

التناقضات من خلال نسخ الأحكام في القرآن والأحاديث

 

راجع باب (تعاليم العنف والعنصرية) ففيه تناقض مذهل بين نصوص_أيْ: "آيات"_السلام والتعايش والتسامح التي قالها محمد أولًا كأحكام ومبادئ مطلقة، منسوبة إلى الله الخرافي، ثم ألقاها وتخلص منها وأمر بالعدوان على غير المسلمين بإبادة الوثنيين إن لم يسلموا، وفرض احتلال الدول غير المسلمة وفرض الجزية على مواطنيها وعلى الأقليات غير المسلمة من أهل الكتاب والزردشتيين المجوس والصابئة كتمييز عنصري مع تعاليم عنصرية أخرى ضدهم.

                                                                 

{وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)} النحل

 

بالتأكيد  محمد هو من كان يغير من نصوصه ويبدلها وينقحها ويصححها ويعدلها ثم يزعم أن الله هو من غيَّرَ وعدَّل وصحّح، لو أن الله هو صاحب الكلام لما احتاج إلى ذلك، بل لأتى بتشريع وحكمة كاملة محكَمة منذ البدء. ويقول الطبري:

 

يقول تعالى ذكره: وإذا نسخنا حكم آية، فأبدلنا مكانه حكم أخرى، والله أعلم بما ينزل: يقول: والله أعلم بالذي هو أصلح لخلقه فيما يبدِّل ويغير من أحكامه، قالوا: إنما أنت مفتر يقول: قال المشركون بالله، المكذبو رسوله لرسوله: إنما أنت يا محمد مفتر: أي مكذب تخرص بتقوّل الباطل على الله، يقول الله تعالى بل أكثر هؤلاء القائلين لك يا محمد: إنما أنت مفتر جهال، بأنّ الذي تأتيهم به من عند الله ناسخه ومنسوخه، لا يعلمون حقيقة صحته.

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ) رفعناها فأنزلنا غيرها.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ) قال: نسخناها، بدّلناها، رفعناها، وأثبتنا غيرها.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ) هو كقوله (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا) .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ) قالوا: إنما أنت مفتر، تأتي بشيء وتنقضه، فتأتي بغيره. قال: وهذا التبديل ناسخ، ولا نبدل آية مكان آية إلا بنسخ.

 

{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)} البقرة

 

إذا كان مثلها فلماذا حذفها أو نسيها من الأساس؟! محمد كان ينسى بعض النصوص التي كان يؤلفها ثم يقول أنسانيها الله: أي أنساني إياها الله! وهو دليل على بشرية دعوة وقرآن محمد.

 

لا قبلة ثم صار هناك قبلة

 

{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)} البقرة

 

قال الطبري:

 

وقال آخرون: بل أنزل الله هذه الآية قبل أن يفرض على نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين به التوجه شطر المسجد الحرام. وإنما أنزلها عليه معلما نبيه عليه الصلاة والسلام بذلك وأصحابه أن لهم التوجه بوجوههم للصلاة حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب، لأنهم لا يوجهون وجوههم وجها من ذلك وناحية، إلا كان جل ثناؤه في ذلك الوجه وتلك الناحية، لأن له المشارق والمغارب، وأنه لا يخلو منه مكان،  كما قال جل وعز: (وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا) [سورة المجادلة: 7] قالوا: ثم نسخ ذلك بالفرض الذي فرض عليهم في التوجه شطر المسجد الحرام.

* ذكر من قال ذلك:

1835- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد عن قتادة: قوله جل وعز: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) ، ثم نسخ ذلك بعد ذلك، فقال الله: (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام) [سورة البقرة: 149-150]

1836- حدثنا الحسن قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) ، قال: هي القبلة، ثم نسختها القبلة إلى المسجد الحرام.

1837- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام قال، حدثنا يحيى قال، سمعت قتادة في قول الله: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) ، قال: كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وبعد ما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم وجه بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام. فنسخها الله في آية أخرى: (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) إِلَى (وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [سورة البقرة: 144] ، قال: فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر القبلة.

1838- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعته - يعني زيدا - يقول: قال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هؤلاء قوم يهود يستقبلون بيتا من بيوت الله لو أنا استقبلناه! فاستقبله النبي صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهرا، فبلغه أن يهود تقول: والله ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم! فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ورفع وجهه إلى السماء، فقال الله عز وجل: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) الآية [سورة البقرة: 144] .

 

وفقًا لهذا النص فالله لا يبالي إلى أين يوجه  الإنسان وجهه، فهو في كل مكان، وما يهمه هو العبادة فقط، لكن لاحقًا سيغير الله رأيه! طبعًا أعني سيغير محمد رأيه. تحويل محمد للقبلة من اتجاه الشرق والقدس إلى مكة هو تناقض في الأفعال يكشف عدم إلهية الإسلام والقرآن، وهو علامة فارقة لبداية هجر محمد لاتباعه الشديد لليهودية في كل شيء واتخاذ عناصر عربية أخرى في دينه من التقاليد العربية الوثنية القبل إسلامية بل ومخالفة ومعاندة اليهود والمسيحيين كشعار جديد لدينه. سبب ذلك هو عواطف محمد الشخصية المتهوِّسة لرفض معظم اليهود لاتباعه.

 

بعد ذلك ببضع آيات في القرآن حسب ترتيبه المتاح تأتي لمحمد أو ربما تعود له فكرة تبني الكثير من عناصر التقليد والطقوس العربية القبل إسلامية ليستقطب العرب لدينه، ويبتدئ (مجددًا حسب ترتيب الصياغة والتأليف الذي اقترحه نولدكه وغيره) في امتداح الكعبة العربية تمهيدًا لإعلان جعلها قبلة المسلمين أتباعه، وهو كذلك تمهيد لأسلمتها هي ومكة:

 

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)} البقرة

 

بعدها بآيات قلائل يعلن محمد عن حادثة تحويله لاتجاه القبلة:

 

{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)}

 

وروى أحمد:

2991 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ بِمَكَّةَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالْكَعْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَبَعْدَ مَا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صُرِفَ إِلَى الْكَعْبَةِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه البزار (418- كشف الأستار) عن محمد بن المثنى، والطبراني (11066) من طريق عبد الله بن نمير، كلاهما عن يحيى بن حماد، بهذا الإسناد. وانظر ما تقدم برقم (2252).

 

18496 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ، وَأَخْوَالِهِ، مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ، شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا، صَلَاةَ الْعَصْرِ "، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ، وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ، قَالَ: فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُحَوَّلَ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. حسن بن موسى: هو الأشيب، وزهير: هو ابن معاوية- وإن سمع من أبي إسحاق، وهو عمرو بن عبد الله السبيعي بعد الاختلاط- قد انتقى له البخاري هذا الحديث، ثم إنه قد توبع، وقد صرح أبو إسحاق بسماعه من البراء في رواية سفيان الثوري الآتية برقم (18539). وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/243، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2581) من طريق الحسن بن موسى، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/242، والبخاري في "صحيحه" (40) و(4486) ، وابن الجارود (165) ، والطبري في "التفسير" (2153) ، وأبو عوانة 1/393-394 و2/81 و81-82، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/2-3، وفي "معرفة السنن والآثار" (2876) ، وفي "السنن الصغير" (346) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/48، والبغوي في ا"التفسير" (الآية (144) من سورة البقرة) ، والحازمي في "الاعتبار" ص62 من طرق عن زهير، به. زاد البخاري وغيره: أنه مات على القبلة قبل أن تُحَوَّلَ رجالٌ ، وقُتلوا، فلم نَدْرِ ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: (وما كان الله لِيُضِيع إيمانكم) [البقر ة: 143]. وأخرجه الطيالسي (719) ، وسعيد بن منصور (223) و (224) (التفسير) ، وابن أبي شيبة 1/334، ومسلم (525) ، والنسائي في "المجتبى" 1/243، وفي "الكبرى" (945) و (11000) و (11003) - وهو في "التفسير" (20) و (23) - وابن خزيمة (437) ، وأبو عوانة 1/393 و394، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/135 و136 من طرق عن أبي إسحاق، به. وفي رواية مسلم وإحدى روايتي ابن عبد البر: ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً. ورواه أيضا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق، واختلف عنه: فرواه يحيى بن آدم عند الطبري في "التفسير" (2151) عنه، عن أبي إسحاق، به، وفيه: سبعة عشر شهراً. ورواه أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد عند الدارقطني في "السنن" 1/273-274، عنه، عن أبي إسحاق، به، وفيه: ستة عشر شهراً. ورواه علقمة بن عمرو عند ابن ماجه (110) ، عنه، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: صلينا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهراً، وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخوله المدينة بشهرين!.. قلنا: وقوله: بعد دخول المدينة بشهرين، يناقض قوله ثمانية عشر شهراً. فعلقمة بن عمرو- وهو الدارمي العطاردي- صدوق، له غرائب، وكذلك فإن سماع أبي بكر بن عياش من أبي إسحاق ليس بذاك القوي، فيما ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه في "العلل" 1/35. وسيرد برقمي (18539) و (18707). وفي الباب عن ابن عباس، سلف برقم (2252). وعن ابن عمر، سلف برقم (4642) .

 

وروى البخاري:

 

40 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ وَكَانَتْ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}

 

وانظر أحمد 18539


4488 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَيْنَا النَّاسُ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ إِذْ جَاءَ جَاءٍ فَقَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرْآنًا أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا فَتَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ

 

4490 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَيْنَمَا النَّاسُ فِي الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ جَاءَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ أَلَا فَاسْتَقْبِلُوهَا وَكَانَ وَجْهُ النَّاسِ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا بِوُجُوهِهِمْ إِلَى الْكَعْبَةِ

 

وانظر أحمد 4642 ومسلم 526 والبخاري 4993

 

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)} البقرة

 

كان محمد يصلي أولًا كاليهود والمسيحيين باتجاه الشرق نحو القدس، رغم أن بعض النصوص المكية للقرآن ذكرت تقديس الكعبة ومكة وأيام طقوس الحج، وقالت روايات أنه كان يصلي في مكة باتجاه الكعبة في اتجاه الشرق، ثم قبل هجرة محمد إلى يثرب قام شخص بفعلٍ كان بمثابة الفكرة الاقتراح لمحمد لتعريب دينه وتخليصه من الشكل الإسرائيلي (اليهودي)، روى ابن إسحاق في السيرة لابن هشام:

 

قال ابن إسحاق: حدثني مَعْبَد بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القَيْن، أخو بنى سَلَمة، أن أخاه عبد الله بن كعب، وكان من أعلم الأنصار، حدثه أن أباه كعبا حدثه، وكان كعب ممن شهد العقبة وبايع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بها، قال: خرجنا في حجاج قومنا من المشركين، وقد صلينا وفقِهنا، ومعنا البراء بن معرور، سيدنا وكبيرنا. فلما وجهنا لسفرنا، وخرجنا من المدينة، قال البراء لنا: يا هؤلاء، إني قد رأيت رأيا، فواللّه ما أدري، أتوافقونني عليه، أم لا؟ قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: قد رأيت أن لا أدع هذه البَنِيَّة مني بظهر، يعنى الكعبة، وأن أصلي إليها. قال: فقلنا، واللّه ما بلغنا أن نبيَّنا صلى الله عليه وسلم يصلى إلا إلى الشام، وما نريد أن نخالفه. قال؛ فقال: إني لمصلٍ إليها. قال: فقلنا له: لكنا لا نفعل.

قال: فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام، وصلى إلى الكعبة، حتى قدمنا مكة. قال: وقد كنا عبنا عليه ما صنع، وأبى إلا الإقامة على ذلك. فلما قدمنا مكة قال لي: يابن أخى، انطلق بنا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، حتى نسألَه عما صنعت في سفري هذا، فإنه واللّه قد وقع في نفسي منه شيء، لما رأيت من خلافكم إياي فيه.

قال: فخرجنا نسأل عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وكنا لا نعرفه، ولم نره قبل ذلك فلقينا رجلا من أهل مكة، فسألناه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال: هل تعرفانه؟ فقلنا: لا؛ قال: فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه؟ قال: قلنا: نعم - قال: كنا نعرف العباس، وكان لا يزال يقدم علينا تاجراً - قال: فإن دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس. قال: فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس، ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم جالس معه، فسلمنا ثم جلسنا إليه. فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم للعباس: هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟ قال: نعم، هذا البَراء بن معرور، سيد قومه، وهذا كعب بن مالك قال: فواللّه ما أنسى قول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: الشاعر؟ قال نعم، قال: فقال له البراء بن معرور: يا نبى اللّه، إني خرجت في سفري هذا، وقد هدانى اللّه للإِسلام، فرأيت أن لا أجعل هذه البَنيَّة مني بظهر، فصليت إليها، وقد خالفني أصحابى في ذلك حتى وقع في نفسي من ذلك شىء، فماذا ترى يا رسول اللّه؟ قال: كنت على قبلة لو صبرت.

 

ورواه أحمد عنه في مسنده (15798) 15891 وهو حديث قوي، وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاق- وإن كان مدلساً- صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه، وقد رواه عنه سلمةُ بنُ الفضل- كما سنذكر- وقد قال فيه جرير- فيما نقله عنه ابنُ معين-: ليس من لدن بغداد إلى أن تبلغ خراسان أثبت في ابن إسحاق من سلمة بن الفضل، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري. وأخرجه الطبري في "التاريخ" 2/360-362، وابن حبان (7011) من طريق سلمة بن الفضل، والطبراني في "الكبير" 19/ (175) من طريق جرير، و (174) ، والحاكم في المستدرك 3/441 مختصراً، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/444-4447 من طريق يونس بن بكير، ثلاثتهم عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وتحرف اسم عبيد الله بن كعب عند الطبري وابن حبان والبيهقي إلى: عبد الله بن كعب.  وأخرجه ابن خزيمة مختصراً (429) من طريق سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن معبد، عن كعب، به، ولم يذكر أخاه عبيد الله. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/45، وقال: رواه أحمد والطبراني بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع.

 

الذين سألوا هذا السؤال {ما ولاهم عن قبلتهم} ليسوا سفهاء، أسلوب محمد ضد المنطق والنقد العقلانيّ كان دومًا هو الشتيمة والتسفيه، بل هو سؤال منطقيّ، وردود محمد غير منطقية فهل يحتاج الله لعمل اختبار وتجربة بدونها لا يمكنه معرفة من يتبع رسوله المزعوم؟! يبدو أنه محدود العلم إذن! محمد لم يأتِ بأي معجزة مما زعم لا للوثنيين ولا لليهود ولا لأتباعه، وكل ما لدينا بعد نصوص كثيرة تنفي قدرة محمد وتماطل وتجادل دفاعًا عن عجزه التام، ما تتحفنا به قصص الأحاديث وكتب السيرة بمعجزات في حكايات عنه ولا يوجد دليل عليها فهي مجرد قصص وأوهام وخيالات وأساطير، ولو أنهم كانوا يعلمون بصحة دعوة محمد لما كان وُجِد شيء يمنعهم من اتباعه لطالما يتعلق الأمر بمصيرٍ أبديٍّ كما زعموا، من سيتجاهل مصيرًا أبديًّا يعلم أنه سيلاقيه وبأي تفكير لو كان لديه يقين وعلم به؟! محمد كان يمارس تكرار الكذب حتى يصدقه الأتباع فقط.

 

 

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)} البقرة

 

قال الطبري:

 

فإن قال قائل: فأيّةُ حُجة كانت لأهل الكتاب بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحوَ بيت المقدس، على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟

قيل: قد ذكرنا فيما مضى ما روي في ذلك. قيل: إنهم كانوا يقولون: ما درَى مُحمد وأصحابهُ أين قبلتهم حتى هديناهم نحن! وقولهم: يُخالفنا مُحمد في ديننا ويتبع قبلتنا! فهي الحجة التي كانوا يحتجُّون بها عَلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، على وجه الخصومة منهم لهم، والتمويه منهم بها على الجهالّ وأهل الغباء من المشركين.

وقد بينا فيما مضى أن معنى حِجاج القوم إيَّاه، الذي ذكره الله تعالى ذكره في كتابه، إنّما هي الخصومات والجدال. فقطع الله جل ثناؤه ذلك من حجتهم وَحسمه، بتحويل قبلة نبيّه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به، من قبلة اليهود إلى قبلة خليله إبراهيم عليه السلام. وذلك هو معنى قول الله جل ثناؤه:"لئلا يكون للناس عليكم حجة"، يعني ب"الناس"، الذين كانوا يحتجون عليهم بما وصفت.

 

... 2292- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"لئلا يكون للناس عليكم حجة"، يعني بذلك أهلَ الكتاب. قالوا -حين صُرف نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة البيت الحرام-: اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه!

 

محمد حل المشكلة بصنع مشكلة أكبر، كانت له قبلة وطقس معين، فقام بتغييره، وفي كل تناقضات القرآن نرى أدلة على عدم إلهية القرآن، ما فعله محمد لم يزِل أي إشكال، لا يزال معروفًا أن أول قبلة لمحمد والإسلام كانت بيت المقدس ناحية هيكل سليمان-المسجد الأقصى بتسمية القرآن، لا يزل معروفًا كما سنعرض في دراسة الأحاديث أنه كان قد تبنى كثيرًا من الشعائر اليهودية بحذافيرها، ثم لما لم يتبعه اليهود ألغى الكثير منها أو عدَّلَه كالاكتفاء بصيام عاشوراء (يوم الغفران اليهودي) وتحريم أكل ذبيحة عيد الأضحى بعد ثلاثة أيام (بالتوافق مع تشريع عيد الفصح اليهوديّ). كل الأمور واضحة، ودراسات مصادر الإسلام كالتي قام بها كلير تسدل وجون سي بلر وابن الوراق وأبراهام جيجر وغيرهم وما كتبته عن الموضوع يكشف الأمور، حقيقة السياق اليهودي لنشأة الإسلام واعتماده عليه في تأسيسه حقيقة لا مهربَ منها، إلى الأبد. لذلك لا يحب خبثاء علمائهم اطلاع الناس ودراستهم دراسة عقلانية غير موجَّهة دينيًّا بغسل المخ للأديان الأخرى ونصوصها.

 

ويبدأ محمد في التشريع لأداء طقوس الحج وتنظيمها، هنا مثلا ينص على ضرورة عمل السعي بين الصفا والمروة حيث بعض مذاهب العرب كانت لا تقوم به عند اليثاربة، جاعلًا من الكعبة "مسمار جحا" كما يُقال، ليدخل مكة بعد صلح الحديبية لعمل عمرة إسلامية غير وثنية:

 

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} البقرة

 

إن أغبى شيء فعله وثنيو قريش المكيون هو قبول دخول محمد مكة مع أتباعه لعمل طقوس دين جديد في مكة حول الكعبة، لأنها كانت حيلته لأسلمة الكعبة وطقوسها، هم فقط فكروا سياسيًّا أنه لا يجوز وفق شرعهم وتقاليد قدمائهم منع جميع مذاهب العرب كما اعتيد على زيارة الكعبة والطواف حولها، باعتباره منعًا لزيارة بيت الله أو الآلهة، وهي المسألة التي ضغط محمد عليها بشدة في نصوصه لإحراجهم. الأديان الوثنية بطبيعتها تتسم بالتنوع الشديد في العقائد والممارسات، هذا يعلمه دارس كتب السيرة والحديث، ودارس ديانات مصر القديمة وجريس (اليونان) وروما والهندوسية.

 

بعد ذلك يعود محمد ليقول بالتناقض مع ذلك:

 

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)} البقرة

 

قال عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره:

 

عبد الرزاق قال نا معمر عن قتادة قال كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصاري قبل المشرق فنزلت ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب

 

وقال الطبري:

 

وقال آخرون: عنى الله بذلك اليهود والنصارى. وذلك أن اليهود تصلي فتوجِّه قبل المغرب، والنصارى تصلي فتوَجَّه قبل المشرق، فأنزل الله فيهم هذه الآية، يخبرهم فيها أن البرّ غير العمل الذي يعملونه، ولكنه ما بيناه في هذه الآية

* ذكر من قال ذلك:

2518- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: كانت اليهود تصلي قبَل المغرب والنصارى تصلي قبل المشرق، فنزلت:"ليس البر أن تولوا وُجُوهكم قبل المشرق والمغرب".

2519- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ليس البر أن تُولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر"، ذُكر لنا أن رَجلا سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن البر فأنزل الله هذه الآية. وذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا الرجل فتلاها عليه. وقد كان الرجلُ قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ثم مات على ذلك يُرْجى له ويطمع له في خير، فأنزل الله:"ليسَ البر أن تولوا وجوهَكم قبل المشرق والمغرب". وكانت اليهود تَوجَّهت قبل المغرب، والنصارى قبل المشرق -"ولكن البر من آمنَ بالله واليوم الآخر" الآية.

 

إذا كان الأمر كذلك فما كان الداعي لتحديد وجهة لقبلة صلاة المسلمين، أما كان يتسق مع هذا أن يجعلها اعتباطيًّا وكيفما اتفق، على أن يكون المصلون إذا صلوا جماعة يلتزموا فقط بأن يكونوا في اتجاهٍ واحد؟!

 

وعندما منع وثنيو مكة محمدًا وأتباعه من دخولها لعمل عمرة، واصطلحوا على صلح الحديبية، قال محمد في سورة البقرة:

 

{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196) الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199) فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200)} البقرة

 

هنا يشرع محمد في توضيح وترسيم المناسك وقواعدها لأتباعه.

 

الحر بالحر والعبد بالعبد

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} البقرة

 

قال ابن كثير:

 

وَذُكِرِ فِي سَبَبِ نُزُولَهَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَير حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهيعة، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} يَعْنِي: إِذَا كَانَ عَمْدا، الْحُرُّ بِالْحُرِّ. وَذَلِكَ أَنَّ حيَّيْنِ مِنَ الْعَرَبِ اقْتَتَلُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِقَلِيلٍ، فَكَانَ بَيْنَهُمْ قَتْلٌ وَجِرَاحَاتٌ، حَتَّى قَتَلُوا الْعَبِيدَ وَالنِّسَاءَ، فَلَمْ يَأْخُذْ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّى أَسْلَمُوا، فَكَانَ أَحَدُ الْحَيَّيْنِ يَتَطَاوَلُ عَلَى الْآخَرِ فِي الْعُدَّةِ وَالْأَمْوَالِ، فَحَلَفُوا أَلَّا يَرْضَوْا حَتَّى يُقْتَلَ بِالْعَبْدِ مِنَّا الْحُرُّ مِنْهُمْ، وَبِالْمَرْأَةِ مِنَّا الرَّجُلُ مِنْهُمْ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ.

{الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأنْثَى بِالأنْثَى} مِنْهَا مَنْسُوخَةٌ، نَسَخَتْهَا {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [الْمَائِدَةِ: 45] .

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالأنْثَى بِالأنْثَى} وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ بِالْمَرْأَةِ، وَلَكِنْ يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ بِالرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةَ بِالْمَرْأَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ، فَجَعَلَ الْأَحْرَارَ فِي الْقِصَاصِ سَوَاءً فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَمْدِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ فِي النَّفْسِ، وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَجَعَلَ الْعَبِيدَ مُسْتَوِينَ  فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَمْدِ فِي النفس وفيما دون النفس رجالهم. مَسْأَلَةٌ: مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ لِعُمُومِ آيَةِ الْمَائِدَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَدَاوُدُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَكَمِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: وَيُقْتَلُ السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ؛ لِعُمُومِ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ: "مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَذَعَهُ جَذَعْنَاهُ، وَمَنْ خَصَاهُ خَصَيْنَاهُ" [مسند أحمد و أبو داود في السنن برقم (4515، 4516) والترمذي في السنن برقم (1414)] وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ وَقَالُوا: لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ سِلْعَةٌ لَوْ قُتِلَ خَطَأً لَمْ تَجِبْ فِيهِ دِيَةٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيهِ قِيمَتُهُ، وَأَنَّهُ لَا يُقَادُ بِطَرَفِهِ فَفِي النَّفْسِ بِطَرِيقِ أَوْلَى، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ" [صحيح البخاري برقم (111)] وَلَا يَصِحُّ حَدِيثٌ وَلَا تَأْوِيلٌ يُخَالَفُ هَذَا، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لِعُمُومِ آيَةِ الْمَائِدَةِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ: لَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ لِآيَةِ الْمَائِدَةِ؛ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ" [ابن ماجة في السنن برقم (2683)] وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لَا يُقْتَلُ بِهَا خَاصَّةً.

 

تنص سورة البقرة على أن حياة المستعبَد لا تساوي حياة الحر، وأن حياة المرأة أقل من حياة الرجل، وأنه لا بأس من ممارسة الثأر المتبادل! قبيلة قتل منها شخصٌ أحد أفراد القبيلة الأخرى، عندئذٍ لا مانع أن ترد القبيلة الأخيرة بقتل أي شخص مقابل القتيل، وليس نفس القاتل، قيم مجتمع همجي بدوي قبلي لا تمدن فيه ولا دولة، وهي عادة لا تزل موجودة في صعيد مصر وغيره. مبدأ الثأر وقتل شخص لا ذنب له لم يرتكب الجريمة مبدأ ظالم غير عادل وهمجي غير دستوريّ، وهذا يدل على عدم إلهية مصدر لقرآن وتشريعاته، ومحدودية تفكير محمد للغاية، لاحقًا يغيِّر ويلغي محمد هذا المبدأ، أعني مبدأ الثأر:

 

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)} المائدة

 

{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)} المائدة

 

وروى مسلم من نص خطبة الوداع في آخر حجة لمحمد:

[ 1218 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن حاتم قال أبو بكر حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله ..... فقلت أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده فعقد تسعا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله فخرجنا معه .............فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم بن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل....

 

وروى أحمد:

 

(20695) 20971- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ عَمِّهِ ، قَالَ : كُنْتُ آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، أَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ ، فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، هَلْ تَدْرُونَ فِي أَيِّ يَوْمٍ أَنْتُمْ ؟ وفِي أَيِّ شَهْرٍ أَنْتُمْ ؟ وَفِي أَيِّ بَلَدٍ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : فِي يَوْمٍ حَرَامٍ ، وَشَهْرٍ حَرَامٍ ، وَبَلَدٍ حَرَامٍ ، قَالَ : فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَهُ ، ثُمَّ قَالَ : اسْمَعُوا مِنِّي تَعِيشُوا ، أَلاَ لاَ تَظْلِمُوا ، أَلاَ لاَ تَظْلِمُوا ، أَلاَ لاَ تَظْلِمُوا ، إِنَّهُ لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ، أَلاَ وَإِنَّ كُلَّ دَمٍ ، وَمَالٍ وَمَأْثَرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِي هَذِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ يُوضَعُ دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي لَيْثٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ....

 

6933- حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : لَمَّا فُتِحَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةُ ، قَالَ : كُفُّوا السِّلاَحَ ، إِلاَّ خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ ، فَأَذِنَ لَهُمْ ، حَتَّى صَلَّوْا الْعَصْرَ ، ثُمَّ قَالَ : كُفُّوا السِّلاَحَ ، فَلَقِيَ مِنَ الْغَدِ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلاً مِنْ بَنِي بَكْرٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ ، فَقَتَلَهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَامَ خَطِيبًا ، فَقَالَ : إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ مَنْ عَدَا فِي الْحَرَمِ ، وَمَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ ، وَمَنْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ....

 

6681- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ حُسَيْنٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كُفُّوا السِّلاَحَ إِلاَّ خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُمْ ، حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ ، ثُمَّ قَالَ : كُفُّوا السِّلاَحَ ، فَلَقِيَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلاً مِنْ بَنِي بَكْرٍ ، مِنْ غَدٍ ، بِالْمُزْدَلِفَةِ ، فَقَتَلَهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَامَ خَطِيبًا ، فَقَالَ ، وَرَأَيْتُهُ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ ، قَالَ : إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ ، أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ....

6757- حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ ، أَخْبَرَنِي حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللهِ ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ ، أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ.

 

الجدير بالذكر كما هو واضح من الحديث نفسه أن محمدًا سمح لخزاعة بالانتقام الثأريّ، ثم عاد للنهي! لا أعتقد أن أسلوب محمد يصلح كسياسة لقوات حفظ السلام الخاصة بالأمم المتحدة، الهدف المتحضر هو الحفاظ على حيوات الناس، وليس إدارة مجازر الانتقام.

 

أما عن قتل القاتل الذي يقتل مستعبَدًا، فاختلف فيه فقهاء المسلمين، فقال الإمام مالك في موطئه أنه لا يُقتَل به، وقال الإمام أحمد أنه يُقتَل به لنص آية القرآن {من قتل نفسًا بغير نفسٍ}. وسنعرض باقي هذه المسألة في باب (الاستعباد).

 

آيات الوصية منسوخة ملغية

 

{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)} البقرة

 

قال ابن كثير:

 

اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ. وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا -عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ -قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْمَوَارِيثِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ نَسَخَتْ هَذِهِ، وَصَارَتِ الْمَوَارِيثُ الْمُقَدَّرَةُ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ، يَأْخُذُهَا أَهْلُوهَا حَتْمًا مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَلَا تَحْمِلُ منَّة الْمُوصِي، وَلِهَذَا جَاءَ الْحَدِيثُ فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا عَنْ عَمْرو بْنِ خَارِجَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: "إِنِ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ"[ مسند أحمد (22294) 22650  وسنن الترمذي برقم (2121) وسنن النسائي (6/247) وسنن ابن ماجة برقم (2712)].

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَية، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بن سِيرِينَ، قَالَ: جَلَسَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ} فَقَالَ: نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

وَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يُونُسَ، بِهِ. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عباس فِي قَوْلِهِ: {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ} قَالَ: كَانَ لَا يَرْثُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ غَيْرُهُمَا إِلَّا وَصِيَّةً لِلْأَقْرَبِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْمِيرَاثِ فبيَّن مِيرَاثَ الْوَالِدَيْنِ، وَأَقَرَّ وَصِيَّةَ الْأَقْرَبِينَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ} نَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النِّسَاءِ: 7] .

ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى، وَسَعِيدِ بْنِ المسيَّب، وَالْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَير، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَعِكْرِمَةَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَقَتَادَةَ، وَالسُّدِّيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيّان، وَطَاوُسٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعي، وشُرَيح، وَالضَّحَّاكِ، وَالزُّهْرِيِّ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمِيرَاثِ.

 

... قُلْتُ: وَبِهِ قَالَ أَيْضًا سعيدُ بْنُ جُبَير، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ. وَلَكِنْ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ لَا يُسَمَّى هَذَا نَسْخًا فِي اصْطِلَاحِنَا الْمُتَأَخِّرِ؛ لِأَنَّ آيَةَ الْمِيرَاثِ إِنَّمَا رَفَعَتْ حُكْمَ بَعْضِ أَفْرَادِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ آيَةِ الْوِصَايَةِ، لِأَنَّ "الْأَقْرَبِينَ" أَعَمُّ مِمَّنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ، فَرُفِعَ حُكْمُ مَنْ يَرْثُ بِمَا عُيِّنَ لَهُ، وَبَقِيَ الْآخَرُ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ الْأُولَى. وَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ: أَنَّ الْوِصَايَةَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا كَانَتْ نَدْبًا حَتَّى نُسِخَتْ. فَأَمَّا مَنْ يَقُولُ: إِنَّهَا كانت واجبة وهو الظاهر من سِيَاقِ الْآيَةِ -فَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً بِآيَةِ الْمِيرَاثِ، كَمَا قَالَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ وَالْمُعْتَبَرِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ؛ فَإِنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ [الْوَارِثِينَ] مَنْسُوخٌ بِالْإِجْمَاعِ. بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ". فَآيَةُ الْمِيرَاثِ حُكْمٌ مُسْتَقِلٌّ، وَوُجُوبٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِأَهْلِ الْفُرُوضِ وَلِلْعَصِبَاتِ، رَفَعَ بِهَا حُكْمَ هَذِهِ بِالْكُلِّيَّةِ. بَقِيَ الْأَقَارِبُ الَّذِينَ لَا مِيرَاثَ لَهُمْ، يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوصَى لَهُمْ مِنَ الثُّلُثِ، اسْتِئْنَاسًا بِآيَةِ الْوَصِيَّةِ وَشُمُولِهَا، وَلِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ". قَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا مَرَّتْ عَلَيّ لَيْلَةً مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي [صحيح البخاري برقم (2738) وصحيح مسلم برقم (1627)] .

 

وروى الحاكم في المستدرك:

 

3083 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ثنا يحيى بن محمد بن يحيى ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن ابن عباس رضي الله عنهما  أنه قام فخطب الناس هاهنا يعني بالبصرة فقرأ عليهم سورة البقرة وبين ما فيها فأتى على هذه الآية {إن ترك خيرا الوصية للوالدين} قال: نسخت هذه ثم ذكر ما بعده

 هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه

 

قال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم

 

وروى أبو داوود في سننه:

 

2870 - حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال ثنا ابن عياش عن شرحبيل بن مسلم سمعت أبا أمامة قال:  سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " .

 

قال الألباني: حسن صحيح

 

3565 - حدثا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ثنا ابن عياش عن شرحبيل بن مسلم قال سمعت أبا أمامة قال:  سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ولا تنفق المرأة شيئا من بيتها إلا بإذن زوجها " فقيل يارسول الله ولا الطعام ؟ قال " ذاك أفضل أموالنا " ثم قال " العارية مؤداة والمنحة مردودة  والدين مقضي والزعيم غارم " .

 

قال الألباني: صحيح

 

مؤداة قضية الزام في أدائها عينا حال القيام

المنحة ما يمنحه الرجل صاحبه من أرض يزرعها مدة ثم يردها أو شاة يشرب درها ثم يردها على صاحبها أو شجرة يأكل ثمرتها 

الزعيم أي الضامن الكفيل يتحمل ما لا يقدر عليه من ضمنه

 

ورواه الترمذي:

 

2120 - حدثنا علي بن حجر و هناد قالا حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم في خطبته عام حجة الوداع إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوراث الولد للفراش وللعاهر الحجر وحسابهم على الله ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم القيامة لا تنفق امرأة من بيت زوجها إلا بإذن زوجها قيل يا رسول الله ولا الطعام ؟ قال ذلك أفضل أموالنا ثم قال العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم

 

قال الألباني: صحيح

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

22294 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ عَامَّ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، وَالْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ . وَمَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ التَّابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . لَا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا " . فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الطَّعَامَ ؟ قَالَ: " ذَلِكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا " . قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ وَالدَّيْنَ مَقْضِيٌّ، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ "

 

إسناده حسن من أجل إسماعيل بن عياش، فهو صدوق حسن الحديث في روايته عن أهل بلده، وهذا منها، ولبعضه شواهد يصح بها . أبو المغيرة: هو عبد القُدُّوس بن الحجاج الخولاني. وأخرجه بأخصر مما هنا الطبراني في "الكبير" (7621) من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد . وقرن بشرحبيل بن مسلم صفوانَ الأَصم الطائي. وأخرجه تاماً ومقطعاً الطيالسي (1127) و (1128) ، وعبد الرزاق (7277) و (14767) و (14796) و (16308) و (16621) ، وسعيد بن منصور في "سننه" (427) ، وابن أبي شيبة 4/415 و6/145 و585 و7/200 و8/727 و11/149، وأبو داود (2870) و (3565) ، وابن ماجه (2007) و (2295) و (2398) و (2405) و (2713) ، والترمذي (670) و (1265) و (2120) ، وابن الجارود في "المنتقى" (1023) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/104، وفي "شرح مشكل الآثار" (3633) و (4461) ، والطبراني في "الكبير" (7615) ، وفي "الشاميين" (541) ، وابن عدي في "الكامل" 1/290 و290-291، والدارقطني 3/40-41، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/228 و281، والقضاعي في "مسند الشهاب" (50) ، والبيهقي 4/193-194 و6/88 و212 و264، والبغوي (1696) و (2162) من طرق عن إسماعيل بن عياش، به . وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7531) من طريق المسيب بن واضح، عن إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد، عن أبي أمامة، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في حجة الوداع: "يا أيها الناس إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، لا وصية لوارث" والمسيب بن واضح يخطئ .

وأخرجه ابن الجارود (949) من طريق الوليد بن مسلم، قال: حدثنا ابن جابر -وهو عبد الرحمن بن يزيد-، حدثني سليم بن عامر وغيره، عن أبي أمامة وغيره ممن شهد خطبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ، فكان فيما تكلم به: "ألا إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث" . وإسناده صحيح .

وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5781) ، والطبراني في "الكبير" (7649) عن الحسين بن إسحاق التستري وإسحاق بن داود الصواف التستري، ثلاثتهم (النسائي وحسين وإسحاق) عن عبد الله بن الصباح، والطبراني في "الشاميين" (1846) ، والدارقطني 3/40 من طريق أبي الأشعث أحمد بن المقدام، كلاهما (عبد الله وأحمد) عن معتمر بن سليمان، عن الحجاج بن فُرافِصة، عن محمد بن الوليد، عن أبي عامر الوَصَّابي، عن أبي أمامة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "العارية مؤداة، والمنيحة مؤداة" قال رجل: يا رسول الله، أرأيت عهد الله؟ قال: "عهد الله أحق ما أُدِّي" . هكذا قال أحمد بن المقدام، عن المعتمر بن سليمان: "عن أبي عامر الوَصَّابي" وهو لقمان بن عامر، وقال الحسين بن إسحاق، وإسحاق بن داود، عن عبد الله بن الصباح: "عن أبي عامر الهوزني" وهو عبد الله بن لُحَيٍّ، وقال النسائي، عن عبد الله بن الصباح: "عن أبي عامر" هكذا لم يسمه ولم ينسبه، وذكر المزي في "تحفة الأشراف" 4/180: أن أبا بكر بن أبي داود رواه عن عبد الله بن الصباح فسماه لقمان بن عامر الوصابي، ويغلب على ظننا أن نسبته الهوزني وهمٌ، والصواب أنه أبو عامر الوصابي، وسواء كان الوصابي أو الهوزني، فإسناد الحديث حسن من أجل الحجاج بن فرافصة .

وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5782) ، وابن حبان (5094) ، والطبراني في "الكبير" (7637) من طريقين عن الجراح بن مليح البهراني، عن حاتم بن حريث الطائي، قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العارية مؤداة، والمنيحة مردودة" وزاد ابن حبان والطبراني: "ومن وجد لِقْحةَ مُصرَّاةً، فلا يحل له صِرارها حتى يُريَها" وفي الطبراني: "حتى يَرُدَّها" وإسناده حسن . وانظر ما بعده .

ويشهد للحديث بتمامه حديث أنس عند أبي داود (5115) ، وابن ماجه (2399) و (2714) ، والطبراني في "الشاميين" (620) و (621) ، والدارقطني 4/70، والبيهقي 6/264-265، والخطيب في "المتفق والمفترق" 2/1046، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ورقة 342 و342-343 . وبعضهم يرويه مختصراً، وإسناده ضعيف لجهالة سعيد بن أبي سعيد راويه عن أنس بن مالك، وهو الساحلي البيروتي لا المقبري كما رجحناه في تعليقنا على الحديث الآتي برقم (22507) .

ويشهد لقوله: "إن الله قد أعطى ..." إلى قوله: "إلى يوم القيامة" حديث عمرو بن خارجة، سلف برقم (17663) ، وإسناده ضعيف .

 

(17663) 17813- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.17814- وعَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ خَارِجَةَ ، قَالَ لَيْثٌ فِي حَدِيثِهِ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ ، فَقَالَ : أَلاَ إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَحِلُّ لِي ، وَلاَ لأَهْلِ بَيْتِي ، وَأَخَذَ وَبَرَةً مِنْ كَاهِلِ نَاقَتِهِ فَقَالَ : وَلاَ مَا يُسَاوِي هَذِهِ ، أَوْ مَا يَزِنُ هَذِهِ ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ . إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، وَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ.

 

(17666) 17817- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ ، قَالَ : خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ ، وَأَنَا تَحْتَ جِرَانِهَا وَهِيَ تَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا ، وَلُعَابُهَا يَسِيلُ بَيْنَ كَتِفَيَّ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، وَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَالْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ، وَمَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ.

 

ضعيفان، وصحيحان لغيرهما

 

 

{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)} النساء

 

وفقًا لها النص كان يجوز للموصي أن يوصي كيفما شاء، لذلك أمر القرآن الحاضرين لوصيته أن ينصحوه بألا يوصي بوصية جائرة ظالمة للورثة كما قال المفسرون، وحكم حرية التوصية منسوخ بآيات تحديد أنصبة الميراث. يحق للموصي حسب التشريع الإسلامي حرية الوصية في ثلث المال لو كثُر فقط، ولا تعمل معظم دول الإسلام اليوم بمنع حق التوصية، بل فقط لو مات الموروث المسلم دون وصية تقسِّم المحكمة الميراث حسب الشرع الإسلامي. باستثناء وحيد أن مصر وغيرها لا تعمل على حد علمي بالمبدإ العنصري في الأحاديث القائل بعدم توارث أهل الملتين المختلفتين تبادليًّا، فلو كان الميت مسيحيًّا أسلم سيرث بنوه مسلمين ومسيحيين في حدود ما أعلم كلهم حسب الشرع الإسلامي للمواريث، فمصر وغيرها دول إسلامية نصف علمانية في قوانينها وأكثر تسامحًا من دول أصولية تطبق التشريع الهمجيّ كاملًا كالسعودية. يُعمل بالشريعة في مصر في مسائل معينة فقط كالمواريث والأحوال الشخصية للمسلمين، لكنها تؤثر على تطبيقات أخرى للقوانين كما سنرى.

 

قال ابن كثير:

 

ذِكْرُ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ:

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} قَالَ: مَنْسُوخَةٌ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبَى} نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}

وَقَالَ العَوْفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبَى} كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنزل الْفَرَائِضُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْفَرَائِضَ، فَأَعْطَى كُلَّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ، فَجُعِلَتِ الصَّدَقَةُ فِيمَا سَمى الْمُتَوَفَّى. رَوَاهُنَّ ابْنُ مَرْدُويه.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصبَّاح، حَدَّثَنَا حَجَّاج، عَنِ ابْنِ جُرَيج وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ عَطاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمِيرَاثِ، فَجُعِلَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ نُصِيبُهُ مِمَّا تَرك الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ -مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ -نَصِيبًا مَفْرُوضًا

وَحَدَّثَنَا أُسَيْدُ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، كَانَتْ قَبْلَ الْفَرَائِضِ، كَانَ مَا تَرَكَ الرَّجُلُ مِنْ مَالٍ أُعْطِيَ مِنْهُ الْيَتِيمُ وَالْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ وَذَوِي الْقُرْبَى إِذَا حَضروا الْقِسْمَةَ، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ، نَسَخَتْهَا الْمَوَارِيثُ، فَأَلْحَقَ اللَّهُ بِكُلِّ ذِي حَق حَقَّهُ، وَصَارَتِ الْوَصِيَّةُ مِنْ مَالِهِ، يُوصِي بِهَا لِذَوِي قَرَابَتِهِ حَيْثُ يَشَاءُ.

وَقَالَ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ، نَسَخَتْهَا الْمَوَارِيثُ وَالْوَصِيَّةُ.

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَأَبِي مَالِكٍ، وزيد ابن أَسْلَمَ، وَالضَّحَّاكِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّان، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ. وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهور الْفُقَهَاءِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِهِمْ.

 

وقال الطبري:

 

وقال آخرون: بل نزل ذلك من أجل أنّ المال كان للولد قبل نزوله، وللوالدين الوصية، فنسخ الله تبارك وتعالى ذلك بهذه الآية.

ذكر من قال ذلك:

8727 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أو عطاء، عن ابن عباس في قوله:"يوصيكم الله في أولادكم" قال، كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسخ الله من ذلك ما أحبَّ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس مع الولد، وللزوج الشطر والربع، وللزوجة الربع والثمن.

 

في أول الإسلام كان التشريع علمانيًّا يبيح للموصي أن يوصي كيفما شاء للورثة، كتشريعات القانون المدنيّ، لاحقًا ألغاه محمد وجعل أنصبة إجبارية للورثة لا يجوز للموصي عمل غيرها، باستثناء أن محمدًا سمح للموصي بحرية التوصية في ثلث أملاكه فقط، القرآن بآياته المنسوخة الملغية هو متحف لتطور الإسلام والآيات الملغية وتطور التشريعات. هذه ليست شريعة إلهية، بل تشريع بشري كان يتم تعديله حسب تطور رؤى صاحبه والمواقف والأفكار التي تأتيه.

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108)

قال الطبري:

 

12931 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عبد الله بن عياش قال: قال زيد بن أسلم في هذه الآية:"شهادة بينكم" الآية كلها، قال: كان ذلك في رجل تُوُفّيَ وليس عنده أحد من أهل الإسلام، وذلك في أوّل الإسلام، والأرض حرب، والناس كفار، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالمدينة، وكان الناس يتوارثون بالوصية، ثم نُسِخت الوصية وفرضت الفرائض، وعمل المسلمون بها.

 

تشريع للشهادة على الوصية، وهو منسوخ ملغيّ، بتشريع آيات الميراث وأنصبته الإسلامية، ويمكن أن نقول أنه منسوخ جزئيًّا، لأن تشريع الإسلام يعطي للشخص حرية الوصية في ثلث ماله وأملاكه فقط. وفي الدول الإسلامية المعاصرة النصف متمدنة ومتحضرة كمصر وغيرها_بخلاف السعودية_يُعمل بين الورثة المسلمين بشريعة الأنصبة الإسلامية إذذا لم يوصِ الموصي بشيء، أما لو أوصى وصية فيكون التطبيق علمانيًّا وتطبَّق وصيته حتى لو كانت بعدم إعطاء الورثة أي شيء وإعطاء الميراث لآخر(ين) أو حتى لجمعية خيرية، وكذلك لو أوصى بمساواة أولاده الرجال والنساء في الميراث تُنفَّذ وصيته.

 

آيات المواريث:

 

{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} النساء

 

 

عدة الأرملة والميراث

 

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)} البقرة

 

روى البخاري:

 

4530 - حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } قَالَ قَدْ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الْأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا أَوْ تَدَعُهَا قَالَ يَا ابْنَ أَخِي لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ

 

4531 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } قَالَ كَانَتْ هَذِهِ الْعِدَّةُ تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ } قَالَ جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى { غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } فَالْعِدَّةُ كَمَا هِيَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَالَ عَطَاءٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى { غَيْرَ إِخْرَاجٍ } قَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهِ وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ } قَالَ عَطَاءٌ ثُمَّ جَاءَ الْمِيرَاثُ فَنَسَخَ السُّكْنَى فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ وَلَا سُكْنَى لَهَا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا وَعَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِدَّتَهَا فِي أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ { غَيْرَ إِخْرَاجٍ } نَحْوَهُ

 

وروى أبو داوود:

 

2298 - حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال حدثني علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس: { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج } فنسخ ذلك بآية الميراث بما فرض الله  لهن من الربع والثمن ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا .

 

حسنٌ

 

قال الطبري في تفسيره:

 

...لدلالة ظاهر القرآن على أن مقام المتوفى عنها زوجها في بيت زوجها المتوفى حولا كاملا كان حقا لها قبل نزول قوله: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [سورة البقرة: 234]، وقبل نزول آية الميراث، ولتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو الذي دل عليه الظاهر من ذلك، أوصى لهن أزواجهن بذلك قبل وفاتهن، أو لم يوصوا لهن به.

 

... وإنما تأويل ذلك: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا، كتب الله لأزواجهم عليكم وصية منه لهن أيها المؤمنون- أن لا تخرجوهن من منازل أزواجهن حولا كما قال تعالى ذكره في"سورة النساء" (غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ) [سورة النساء: 12] ، ثم ترك ذكر:"كتب الله"، اكتفاء بدلالة الكلام عليه، ورفعت"الوصية" بالمعنى الذي قلنا قبل.

 

... * ذكر بعض من قال: إن سكنى حول كامل كان حقا لأزواج المتوفين بعد موتهم_ على ما قلنا_أوصى بذلك أزواجهن لهن أو لم يوصوا لهن به، وأن ذلك نسخ بما ذكرنا من الأربعة الأشهر والعشر والميراث.

 

5572- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن منهال قال، حدثنا همام بن يحيى قال: سألت قتادة عن قوله:"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج"، فقال: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كان لها السكنى والنفقة حولا في مال زوجها، ما لم تخرج. ثم نسخ ذلك بعد في"سورة النساء"، فجعل لها فريضة معلومة: الثمن إن كان له ولد، والربع إن لم يكن له ولد، وعدتها أربعة أشهر وعشرا، فقال تعالى ذكره: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [سورة البقرة: 234] ، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر الحول.

 

5573- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج" الآية، قال: كان هذا من قبل أن تنزل آية الميراث، فكانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كان لها السكنى والنفقة حولا إن شاءت، فنسخ ذلك في"سورة النساء"، فجعل لها فريضة معلومة: جعل لها الثمن إن كان له ولد، وإن لم يكن له ولد فلها الربع، وجعل عدتها أربعة أشهر وعشر، فقال: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) .

 

وقال ابن كثير:

 

قَالَ الْأَكْثَرُونَ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِالَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيع عَنْ حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكة، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} قَدْ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الْأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا -أَوْ تَدَعُهَا؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ.

وَمَعْنَى هَذَا الْإِشْكَالِ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِعُثْمَانَ: إِذَا كَانَ حُكْمُهَا قَدْ نُسِخَ بِالْأَرْبَعَةِ الْأَشْهَرِ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِبْقَاءِ رَسْمِهَا مَعَ زَوَالِ حُكْمِهَا، وَبَقَاءِ رَسْمِهَا بَعْدَ الَّتِي نَسَخَتْهَا يُوهِمُ بَقَاءَ حُكْمِهَا؟ فَأَجَابَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ، وَأَنَا وَجَدْتُهَا مُثَبَّتَةً فِي الْمُصْحَفِ كَذَلِكَ بَعْدَهَا فَأُثْبِتُهَا حَيْثُ وَجَدْتُهَا.

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عطاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} فَكَانَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا فِي الدَّارِ سَنَةً، فَنَسَخَتْهَا آيَةُ الْمَوَارِيثِ فَجُعِلَ لَهُنَّ الرُّبُعُ أَوِ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكَ الزَّوْجُ. ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالسُّدِّيِّ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ.

وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ اعْتَدَّتْ سَنَةً فِي بَيْتِهِ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}

فَهَذِهِ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا وَقَالَ: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النِّسَاءِ:12] فَبَيَّنَ مِيرَاثَ الْمَرْأَةِ وَتَرَكَ الْوَصِيَّةَ وَالنَّفَقَةَ.

قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَالرَّبِيعِ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَالُوا: نَسَخَتْهَا {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}

قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: نَسْخَتْهَا الَّتِي فِي الْأَحْزَابِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الْأَحْزَابِ:49] .

قُلْتُ: وَرُوِيَ عَنْ مُقَاتِلٍ وَقتادة: أنها منسوخة بآية الميراث.

 

لم يكن هناك مقدار وأنصبة للميراث للمرأة ولا أي أحد أول الإسلام قبل صياغة محمد لآيات الميراث، لذلك كان الأمر بتوفير النفقة والسكنى لعام كامل للأرملة، وكان محمد اتبع في أول الإسلام العدة العربية للمرأة الأرملة وكان لا يجوز للمرأة الخروج من منزل الفقيد ولا الزواج لمدة سنة كاملة! ولننظر إلى التشريع الوثني الذي تبناه محمد في الأول من خلال روايات كتب الحديث.

 

روى البخاري:

5336 - قَالَتْ زَيْنَبُ وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ قَالَ حُمَيْدٌ فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِي ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ قَالَ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا

 

ورواه مسلم 1488 – 1489 ومن مروياته:

 

[ 1488 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن حميد بن نافع قال سمعت زينب بنت أم سلمة تحدث عن أمها أن امرأة توفى زوجها فخافوا على عينها فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنوه في الكحل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت إحداكن تكون في شر بيتها في أحلاسها أو في شر أحلاسها في بيتها حولا فإذا مر كلب رمت ببعرة فخرجت أفلا أربعة أشهر وعشرا

 

لاحقًا ألغى وأبطل محمد هذه الآية والحكم، وقال بتشريع الأربعة أشهر وعشرة أيام:

 

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)} البقرة

 

لماذا اختار محمدٌ هذه المدة بالضبط ولماذا عشرة أيام بالذات إضافية؟! لا نعلم بالضبط، ربما فكرة ما في ذهنه أو رقم اعتباطيّ، أو تشريع ابتكره كبديل، وربما استمد من تقليد عربيّ آخر مختلف. ربما فكَّرَ مثلًا باستمتاعٍ متصورًا النساء العربيات الساذجات وإحداهن تعد بصبر هذه الأيام العشرة الأخيرة؟! أو تقريب حسابيّ لفترة السبعة أشهر وعشرين يومًا كتقليد وثنيّ مشابه والتي ذكرتها بعض الأحاديث السالفة أعلاه. وهذا التخبط في التشريع والتحيُّر والتغيير والتحسين يدلّ على عدم إلهية مصدر الإسلام وتشريعاته وأنه جهود وأفكار بشرية لنا أن ننقدها لأنها مليئة كلها بالعيوب والخرافات والرجعية والتأخُّر. القرآن متحف حقيقيّ لبعض مراحل تطور التشريعات والأساطير واللاهوت الإسلاميّ، فيه كل المتنافرات والمتناقضات بجوار بعضها.

                                                  

ميراث المرأة

 

{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} النساء

 

جاء في مسند أحمد بن حنبل:

 

14798 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ فِي أُحُدٍ شَهِيدًا، وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا، فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالًا، وَلَا يُنْكَحَانِ إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ، قَالَ: فَقَالَ: " يَقْضِي اللهُ فِي ذَلِكَ "، قَالَ: فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَمِّهِمَا، فَقَالَ: " أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ، وَأُمَّهُمَا الثُّمُنَ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ "

 

إسناده محتمل للتحسين من أجل ابن عقيل، وقد تفرد به، وقد صححه الترمذي من طريقه. فقد أخرجه في "سننه" (2092) عن عبد بن حميد، عن زكريا بن عدي، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث صحيح لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل. وأخرجه أبو داود (2891) و (2892) ، وابن ماجه (2720) ، وأبو يعلى (2039)، والحاكم 4/333-334 من طرق عن عبيد الله بن عمرو، به، والدارقطني 4/78 و79، والبيهقي 6/216 و229، والواحدي في "أسباب النزول" ص 96-97 من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. وأخرجه ابن سعد 3/524، والطحاوي 4/395

 

ويروي الترمذي:

 

2092 - حدثنا عبد بن حميد حدثني زكرياء بن عدي أخبرنا عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: جاءت امرأة سعد ابن أبي الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا تنكحان إلا ولهما مال قال يقضي الله في ذلك فنزلت آية الميراث فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى عمهما فقال أعط ابنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك

 قال أبو عيسى هذا حديث صحيح لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل وقد رواه شريك أيضا عن عبد الله بن محمد بن عقيل

 

 قال الألباني: حسن

 

ويقول أبو داود في السنن:

 

2891 - حدثنا مسدد قال ثنا بشر بن المفضل قال ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى جئنا امرأة من الأنصار في الأسواف فجاءت المرأة بابنتين لها فقالت يارسول الله هاتان بنتا ثابت بن قيس قتل معك يوم أحد وقد استفاء عمهما مالهما وميراثهما كله ولم يدع لهما مالا إلا أخذه فما ترى يارسول الله ؟ فوالله لاتنكحان أبدا إلا ولهما مال فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يقضي الله في ذلك " قال ونزلت سورة النساء { يوصيكم الله في أولادكم } الآية فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ادعوا لي المرأة وصاحبها " فقال لعمهما " أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فلك "

 قال أبو داود أخطأ بشر فيه إنما هما ابنتا سعد بن الربيع وثابت بن قيس قتل يوم اليمامة .

 

قال شعيب الأرنوؤط وفريقه: إسناده محتَمل للتحسين من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد صحح الترمذي الحديث من طريقه. إلا أن قوله هنا: بنتا ثابت بن قيس، خطأ، والصحيح: بنتا سعد بن الربيع كما أشار المصنف بإثر الحديث. وقد صححه ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 213. مُسَدّد: هو ابن مُسَرهَدِ.

وأخرجه ابن ماجه (2720)، والترمذي (2222) من طريقين عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل. وقد رواه شريكٌ أيضاً عن عبد الله بن محمد بن عقيل.

وهو في "مسند أحمد" (14798).

قال الألباني: حسن لكن ذكر ثابت بن قيس فيه خطأ والمحفوظ أنه سعد بن الربيع

الأسواف هو اسم لحرم المدينة الذي حرمه محمد، ومحله اليوم الشارع المعروف بذلك الاسم.

 

2892 - حدثنا ابن السرح قال ثنا ابن وهب قال أخبرني داود بن قيس وغيره من أهل العلم عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله: أن إمرأة سعد بن الربيع قالت يارسول الله إن سعدا هلك وترك ابنتين وساق نحوه

 قال أبو داود وهذا هو أصح.

 

قال فريق شعيب الأرؤنوط المحققون: إسناده محتمل للتحسين كسابقه. ابن وهب: هو عبد الله، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو ابن السّرح أبو الطاهر.

 قال الألباني: حسن

 

ويقول الواقدي في المغازي:

 

وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ: لَمّا قُتِلَ سَعْدُ بْنُ رَبِيعٍ بِأُحُدٍ رَجَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ إلَى الْمَدِينَةِ، ثُمّ مَضَى إلَى حَمْرَاءِ الأَسَدِ. وَجَاءَ أَخُو سَعْدِ بْنِ رَبِيعٍ فَأَخَذَ مِيرَاثَ سَعْدٍ، وَكَانَ لِسَعْدٍ ابْنَتَانِ وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ حَامِلاً، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَوَارَثُونَ عَلَى مَا كَانَ فِى الْجَاهِلِيّةِ حَتّى قُتِلَ سَعْدُ بْنُ رَبِيعٍ، فَلَمّا قَبَضَ عَمّهُنّ الْمَالَ - وَلَمْ تَنْزِلْ الْفَرَائِضُ - وَكَانَتْ امْرَأَةُ سَعْدٍ امْرَأَةً حَازِمَةً صَنَعَتْ طَعَامًا - ثُمّ دَعَتْ رَسُولَ اللّهِ ÷ - خُبْزًا وَلَحْمًا وَهِىَ يَوْمئِذٍ بِالأَسْوَافِ. فَانْصَرَفْنَا إلَى النّبِىّ ÷ مِنْ الصّبْحِ فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ وَنَحْنُ نَذْكُرُ وَقْعَةَ أُحُدٍ وَمَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَنَذْكُرُ سَعْدَ بْنَ رَبِيعٍ إلَى أَنْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: قُومُوا بِنَا، فَقُمْنَا مَعَهُ وَنَحْنُ عِشْرُونَ رَجُلاً حَتّى انْتَهَيْنَا إلَى الأَسْوَافِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ وَدَخَلْنَا مَعَهُ فَنَجِدُهَا قَدْ رَشّتْ مَا بَيْن صُورَيْنِ وَطَرَحَتْ خَصَفَةً. قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ: وَاَللّهِ مَا ثَمّ وِسَادَةٌ وَلا بِسَاطٌ فَجَلَسْنَا وَرَسُولُ اللّهِ ÷ يُحَدّثُنَا عَنْ سَعْدِ بْنِ رَبِيعٍ، يَتَرَحّمُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْت الأَسِنّةَ شَرَعَتْ إلَيْهِ يَوْمئِذٍ حَتّى قُتِلَ، فَلَمّا سَمِعَ ذَلِكَ النّسْوَةُ بَكَيْنَ فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللّهِ ÷ وَمَا نَهَاهُنّ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْبُكَاءِ، قَالَ جَابِرٌ: ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنّةِ، قَالَ: فَتَرَاءَيْنَا مَنْ يَطْلُعُ فَطَلَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ فَقُمْنَا فَبَشّرْنَاهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷، ثُمّ سَلّمَ، ثُمّ رَدّوا عَلَيْهِ، ثُمّ جَلَسَ.

ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنّةِ”، فَتَرَاءَيْنَا مَنْ يَطْلُعُ مِنْ خِلالِ السّعَفِ، فَطَلَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ فَقُمْنَا فَبَشّرْنَاهُ بِمَا قَالَ النّبِىّ ÷، فَسَلّمَ، ثُمّ جَلَسَ، ثُمّ قَالَ: “يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنّةِ”، فَنَظَرْنَا مِنْ خِلالِ السّعَفِ فَإِذَا عَلِىّ عَلَيْهِ السّلامُ قَدْ طَلَعَ فَقُمْنَا فَبَشّرْنَاهُ بِالْجَنّةِ، ثُمّ جَاءَ فَسَلّمَ، ثُمّ جَلَسَ، ثُمّ أُتِىَ بِالطّعَامِ، قَالَ جَابِرٌ: فَأُتِىَ مِنْ الطّعَامِ بِقَدْرِ مَا يَأْكُلُ رَجُلٌ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ فَوَضَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ يَدَهُ فِيهِ، فَقَالَ: “خُذُوا بِسْمِ اللّهِ”، فَأَكَلْنَا مِنْهَا حَتّى نَهِلْنَا؛ وَاَللّهِ مَا أُرَانَا حَرّكْنَا مِنْهَا شَيْئًا.

ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “ارْفَعُوا هَذَا الطّعَامَ”، فَرَفَعُوهُ، ثُمّ أَتَيْنَا بِرُطَبٍ فِى طَبَقٍ فِى بَاكُورَةٍ أَوْ مُؤَخّرٍ قَلِيلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “بِسْمِ اللّهِ كُلُوا”، قَالَ: فَأَكَلْنَا حَتّى نَهِلْنَا، وَإِنّى لأَرَى فِى الطّبَقِ نَحْوًا مِمّا أُتِىَ بِهِ، وَجَاءَتْ الظّهْرُ فَصَلّى بِنَا رَسُولُ اللّهِ ÷، وَلَمْ يَمَسّ مَاءً، ثُمّ رَجَعَ إلَى مَجْلِسِهِ، فَتَحَدّثَ رَسُولُ اللّهِ ÷، ثُمّ جَاءَتْ الْعَصْرُ فَأُتِىَ بِبَقِيّةِ الطّعَامِ يَتَشَبّعُ بِهِ فَقَامَ النّبِىّ ÷، فَصَلّى الْعَصْرَ وَلَمْ يَمَسّ مَاءً، ثُمّ قَامَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ رَبِيعٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ سَعْدَ بْنَ رَبِيعٍ قُتِلَ بِأُحُدٍ فَجَاءَ أَخُوهُ، فَأَخَذَ مَا تَرَكَ، وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ، وَلا مَالَ لَهُمَا، وَإِنّمَا يُنْكَحُ  يَا رَسُولَ اللّهِ  النّسَاءُ عَلَى الْمَالِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “اللّهُمّ أَحْسِنْ الْخِلافَةَ عَلَى”، تَرِكَتِهِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَىّ فِى ذَلِكَ شَىْءٌ وَعُودِى إلَىّ إذَا رَجَعْت، فَلَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِ ÷ إلَى بَيْتِهِ جَلَسَ عَلَى بَابِهِ، وَجَلَسْنَا مَعَهُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بُرَحَاءُ حَتّى ظَنَنّا أَنّهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسُرّىَ عَنْهُ، وَالْعَرَقُ يَتَحَدّرُ عَنْ جَبِينِهِ مِثْلَ الْجُمَانِ، فَقَالَ عَلَىّ: بِامْرَأَةِ سَعْدٍ، قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو حَتّى جَاءَ بِهَا، قَالَ: وَكَانَتْ امْرَأَةً حَازِمَةً جَلْدَةً، فَقَالَ: “أَيْنَ عَمّ وَلَدِك”؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللّهِ فِى مَنْزِلِهِ، قَالَ: “اُدْعِيهِ لِى”، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “اجْلِسِى”، فَجَلَسَتْ وَبَعَثَ رَجُلاً يَعْدُو إلَيْهِ فَأَتَى بِهِ، وَهُوَ فِى بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَأَتَى وَهُوَ مُتْعَبٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “ادْفَعْ إلَى بَنَاتِ أَخِيك ثُلُثَىْ مَا تَرَكَ أَخُوك”، فَكَبّرَتْ امْرَأَتُهُ تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: “ادْفَعْ إلَى زَوْجَةِ أَخِيك الثّمُنَ وَشَأْنُك وَسَائِرُ مَا بِيَدِك”. وَلَمْ يُوَرّثْ الْحَمْلَ يَوْمئِذٍ.

وَهِىَ أُمّ سَعْدِ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ رَبِيعٍ امْرَأَةُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أُمّ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَلَمّا وَلِىَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ، وَقَدْ تَزَوّجَ زَيْدٌ أُمّ سَعْدِ بِنْتَ سَعْدٍ، وَكَانَتْ حَامِلاً، فَقَالَ: إنْ كَانَتْ لَك حَاجَةٌ أَنْ تَكَلّمِى فِى مِيرَاثِك مِنْ أَبِيك، فَإِنّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ وَرّثَ الْحَمْلَ الْيَوْمَ، وَكَانَتْ أُمّ سَعْدٍ يَوْمَ قُتِلَ أَبُوهَا سَعْدٌ حَمْلاً، فَقَالَتْ: مَا كُنْت لأَطْلُبَ مِنْ أَخِى شَيْئًا.

 

ما الذي نفهمه من هذا، في أول الإسلام سار محمد على تشريع المجتمع الذكوري القاطن لشبه جزيرة العرب، ولم يكن يعطي النساء أي حق في ميراث الآباء، ولولا هذه المرأة المسكينة وتشجعها وسط مجتمع ذكوري كهذا على المطالبة بحقٍ لها وبناتها من الميراث لما كان للنساء المسلمات من الأرامل واليتيمات أي نصيب وحق فيما هو حق أصيل لهن بالأساس. فلو كان هذا تشريعاً إلهياً معصوماً كما يزعمون لكان أقر تشريعات تعطي المرأة حقوقها من الأول، ولا شك أن كثيراً من النساء في مجتمع يثرب قبل صدور ذلك التشريع القرآني لم ينلن شيئاً من مواريثهن وعشن فقيرات بائسات بسبب ظلم الرجال الغلاظ، ولنرَ كيف أن الإسلام المحمدي لم يمكنه بذر ذرة من الرحمة والإنسانية في قلب عم البنات "صاحب محمد" فاستولى على كل الميراث، وكيف أن تعامل العامة من العرب مع ذوي المناصب لم يتغير حتى اليوم، تريد قضاء مصلحة من مسؤول فتدعوه لوليمة مثلاً لترضي مزاجه وتتقرب له، ولم تكن المرأة الأرمل المسكينة تملك إلا حصيرة من خوص وطعاماً بسيطاً قليلاً تحتاجه لبناتها قدمته لمحمد وصحبه، ودعنا من حديث المعجزات المعتاد فهو لا يسود وينتشر باعتباره حديث الأوهام سوى كانعكاس لمجتمعات الفقر والجوع والطبقية، ختاماً نجد محمداً قد ارتكب خطأً أخيراً وهو أنه لم يعطِ نصيباً من الميراث للجنين الذي لم يولد لتلك المرأة! أي نبيّ مزعوم يقولون أنه ينبَّأ بالأخبار والتعاليم من السماء، هذا الذي كل أحكامه يعتورها النقص. وبعد، فمحمد جعل نصيب المرأة في القرآن نصف نصيب الرجل، وهذا كان أقصى ما تستطيع المرأة أن تحصل عليه في مجتمع ذكوري بدائي كهذا يعتبرها أقل من الرجل وهو مجتمع بدائي الاقتصاد لا تعمل فيه المرأة ولا تتولى أية مناصب.

 

 

 

قبل نزول آيات المواريث كان هناك تشريع خاص لتوريث أرامل المهاجرين بيوت أزواجهم، ولم يكن هناك تشريع مماثل لنساء اليثاربة

 

بسبب الحالة الخاصة للمهاجرين والمهاجرات كمغتربين ببلد آخر، وقبل أن يضع محمد حقوقًا ومواريث محددة للمرأة الأرملة والبنت والأم وغيرها، كان قد شرع قبل ذلك تشريعًا بتوريث الأرملة بيت الزوج المتوفي الفقيد، بمعنى كما نقول (الشقة من حق الزوجة)، وبعد صياغة آيات المواريث ألغى محمد هذا التشريع، روى أحمد:

 

27050 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ كُلْثُومٍ قَالَ (2): كَانَتْ زَيْنَبُ تَفْلِي رَأْسَ (3) رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَنِسَاءٌ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ يَشْكُونَ مَنَازِلَهُنَّ، وَأَنَّهُنَّ يَخْرُجْنَ مِنْهُ، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِنَّ فِيهِ، فَتَكَلَّمَتْ زَيْنَبُ، وَتَرَكَتْ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكِ لَسْتِ تَكَلَّمِينَ بِعَيْنَيْكِ، تَكَلَّمِي وَاعْمَلِي عَمَلَكِ ". فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ أَنْ يُوَرَّثَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ النِّسَاءُ"(4)

فَمَاتَ عَبْدُ اللهِ، فَوَرِثَتْهُ امْرَأَتُهُ دَارًا بِالْمَدِينَةِ " (5)

 

(2) في (م) : قالت، وفي (ظ6) : عن أم كلثوم قالت. وهو خطأ.

(3) قوله: رأس، ليس في (م) .

(4) في رواية أبي داود: أن تُوَرِّث دورَ المهاجرين النساءُ.

(5) إسناده حسن من أجل كُلثوم، فقد ترجم له الحافظ في "تهذيبه" فقال: كلثوم بن المصطلق، وهو كلثوم بن علقمة بن ناجية بن المصطلق، ويقال: كلثوم بن الأقمر، ويقال: ابن عامر بن الحارث بن أبي ضرار بن المصطلق الخزاعي المصطلقي، يقال: له صحبة، ثم قال: ذكر ابن حبان في ثقات التابعين ثلاثة: كلثوم بن المصصلق الخزاعي، وهو الراوي عن ابن مسعود، وعنه الزبير بن عدي وعمران بن عمير، وكلثوم بن عامر، وهو الراوي عن عمته جويرية بنت الحارث، وعنه مهاجر أبو الحسن، وكلثوم بن الأقمر: روى عنه زرّ بن حبيش، وعنه الأسود بن قيس. ثم قال الحافظ: وكذا فرَّق بينهما البخاري في "تاريخه"، وابن أبي خيثمة، وابن أبي حاتم، والذي يظهر أن كلثوم بن المصطلق هو كلثوم بن عامر، وإنما نُسِبَ إلى جدِّه، وأما كلثوم ابن الأقمر، فهو غيره قطعاً. قلنا: وعلى هذا فقد روى عة جمع، وقال الحافظ في "التقريب": ثقة. وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أبو داود (3080) ، ومن طريقه البيهقي 6/156 عن عبد الواحد ابن غياث، عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد. وفي روايته: وعنده امرأة عثمان بن عفان.

 

نماذج لتطور التشريع من خلال التطورات والاجتهادات البشرية والمتغيرات، وليس هناك وحي وإلهام إلهي كامل من إله خرافي في الموضوع كله كما ترى.

 

ومن الغريب أنه رغم قول الفقهاء بنسخ هذا الحكم، إلا أن عبد الله بن مسعود ورَّث امرأتَه وحدها بيتَه كله بعد موته كأنه أراد استغلال تشريع المهاجرين هذا لصالح زوجته ونفى نسخه وإبطاله، وقصة موت ابن مسعود بعد موت محمد بزمنٍ طويل وفي العراق، وروى أبو داوود:

 

3080 - حدَّثنا عبدُ الواحدِ بن غِياثٍ، حدَّثنا عبدُ الواحد بن زياد، حدَّثنا الأعمشُ، عن جامعِ بن شدادِ، عن كلثومٍ عن زينب: أنها كانت تَفْلِي رأسَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وعندَه امرأةُ عثمان ابن عفّان ونساءٌ من المهاجرات، وهنَّ يشتكِين منازلَهن أنَّها تضيق عليهن ويُخرَجْن منها، فأمر رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن تورَّثَ دورَ المهاجرين النساء، فمات عبدُ الله بن مسعود فورِثتْه امرأتُه داراً بالمدينة.

 

قال الألباني: صحيح الإسناد.

قال شعيب الأرنؤوط وفريقه. إسناده حسن. زينب، قال أبو القاسم بن عساكر كما في "تحفة الأشراف" 11/ 329: أظنها امرأة ابن مسعود. وكذلك قال المنذري في "مختصر السنن": ويظن أنها امرأة عبد الله بن مسعود، قلنا: وقد روى هذا الحديث الإمامُ أحمد في "المسند" فجعله من مسندها، لكن المزي في "التحفة"رد على أبي القاسم بن عساكر بقوله: وأما قوله: "وأظنها امرأة عبد الله بن مسعود، فهو بعيد جداً، لأنه ليس بينها وبين النبي -صلَّى الله عليه وسلم- محرمية، فكيف تفلي رأسَه؟ والأشبه أنها زينب بنت جحش زوج النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. قلنا: هذا ليس بحجة، فقد كانت أم حرام بنت ملحان يدخل عليها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهي تحت عبادة بن الصامت، وكانت تفلي رأس رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وكان ينام عندها، ولم يثبت أن بينهما محرمية، وقصتها عند البخاري (2788).

وأما كلثوم فهو كلثوم بن المصطلق، وهو كلثوم بن علقمة بن ناجية بن المصطلق، وهو ابن عامر بن الحارث بن أبي ضرار بن المصطلق نفسه، كما حققه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" وكذلك يظهر من صنيع المزي حيث ذكر في الرواة عن كلثوم بن المصطلق: مهاجر أبو الحسن، الذي ذكر مَن ترجم لكلثوم بن عامر أنه من الرواة عنه، فكأنه عدهما واحداً، والصحيح أنه تابعي روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، فيكون حسن الحديث. وبقية رجال الإسناد ثقات. وأخرجه أحمد (27050)، والبيهقي 6/ 156 من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (27049) عن أسود بن عامر، عن شريك، عن الأعمش، عن جامع بن شداد عن كلثوم، عن زينب: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ورّث النساء خِطَطَهنَّ. وشريك -وهو النخعي- ضعيف يعتبر به في المتابعات.

 

وروى أحمد:

 

27049 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ كُلْثُومٍ، عَنْ زَيْنَبَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ النِّسَاءَ خِطَطَهُنَّ "

 

حديث حسن، شريك- وهو ابن عبد اللّه النَّخَعي، وإن كان سيئ الحفظ- متابع، كما في الرواية التالية.

قال السندي: قوله: عن زينب أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ، من التوريث. قيل: زينب هذه بنت جحش، لا زوجة عبد اللّه، واللّه أعلم.

قولها: خِطَطَهن، ضُبط بكسر ففتح، أي: بيوتهن، أي: ليس لورثة الزوج إذا مات هو أن يأخذوا من المرأة البيت ويخرجوها منه، بل عليهم أن يخلوها في بيتها، وكان هذا الحكم مخصوصاً بالمهاجرين، وانقضى بانقضائهم

 

التوارث بين اليثاربة الأنصار والمهاجرين المكيين الذي كان في أول الإسلام في يثرب منسوخ ملغيّ الحكم

 

{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72)} الأنفال

 

قال ابن كثير في تفسيره:

 

ذَكَرَ تَعَالَى أَصْنَافَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَسَمَهُمْ إِلَى مُهَاجِرِينَ، خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وجاؤوا لِنَصْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِقَامَةِ دِينِهِ، وَبَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ فِي ذَلِكَ. وَإِلَى أَنْصَارٍ، وَهُمُ: الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِذْ ذَاكَ، آوَوْا إِخْوَانَهُمُ الْمُهَاجِرِينَ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَوَاسَوْهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَنَصَرُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِالْقِتَالِ مَعَهُمْ، فَهَؤُلَاءِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمْ أَحَقُّ بِالْآخَرِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ؛ وَلِهَذَا آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، كُلُّ اثْنَيْنِ أخَوَان، فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ إِرْثًا مُقَدَّمًا عَلَى الْقَرَابَةِ، حَتَّى نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِالْمَوَارِيثِ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ العَوْفي، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ.

 

وقال الطبري في تفسيره:

 

وقد قيل: إنما عنى بذلك أن بعضهم أولى بميراث بعض، وأن الله ورَّث بعضهم من بعض بالهجرة والنصرة، دون القرابة والأرحام، وأن الله نسخ ذلك بعدُ بقوله: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) ، [سورة الأنفال: 75 \ وسورة الأحزاب: 6] .

* ذكر من قال ذلك:

16331- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض) ، يعني: في الميراث، جعل الميراث للمهاجرين والأنصار دون ذوي الأرحام، قال الله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا) ، يقول: ما لكم من ميراثهم من شيء، وكانوا يعملون بذلك حتى أنزل الله هذه الآية: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) [سورة الأنفال: 75 \ وسورة الأحزاب: 6] ، في الميراث، فنسخت التي قلبها، وصار الميراث لذوي الأرحام.

16332- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) ، يقول: لا هجرة بعد الفتح، إنما هو الشهادة بعد ذلك = (والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض) ، إلى قوله: (حتى يهاجروا) . وذلك أن المؤمنين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاث منازل: منهم المؤمن المهاجر المباين لقومه في الهجرة، خرج إلى قوم مؤمنين في ديارهم وعَقارهم وأموالهم = و (آووا ونصروا) ، وأعلنوا ما أعلن أهل الهجرة، وشهروا السيوف على من كذّب وجحد، فهذان مؤمنان، جعل الله بعضهم أولياء بعض، فكانوا يتوارثون بينهم، إذا توفي المؤمن المهاجر ورثه الأنصاري بالولاية في الدين. وكان الذي آمن ولم يهاجر لا يرث من أجل أنه لم يهاجر ولم ينصر. فبرَّأ الله المؤمنين المهاجرين من ميراثهم، وهي الولاية التي قال الله: (ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) . وكان حقا على المؤمنين الذين آووا ونصروا إذا استنصروهم في الدين أن ينصروهم إن قاتلوا، إلا أن يستنصروا على قوم بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق، فلا نصر لهم عليهم، إلا على العدوِّ الذين لا ميثاق لهم. ثم أنزل الله بعد ذلك أن ألحقْ كل ذي رحم برحمه من المؤمنين الذين هاجروا والذين آمنوا ولم يهاجروا. فجعل لكل إنسان من المؤمنين نصيبًا مفروضًا بقوله: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [سورة الأنفال: 75] ، وبقوله: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [سورة التوبة: 71] .

16333- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: الثلاث الآيات خواتيم الأنفال، فيهن ذكر ما كان والىَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مهاجري المسلمين وبين الأنصار في الميراث. ثم نسخ ذلك آخرها: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) .

16334- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير قوله: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا) ، إلى قوله: (بما تعملون بصير) ، قال: بلغنا أنها كانت في الميراث، لا يتوارث المؤمنون الذين هاجروا، والمؤمنون الذين لم يهاجروا. قال: ثم نزل بعد: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ، فتوارثوا ولم يهاجروا = قال ابن جريج، قال مجاهد: خواتيم "الأنفال" الثلاث الآيات، فيهن ذكر ما كان واليَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين المسلمين وبين الأنصار في الميراث، ثم نسخ ذلك آخرها: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) .

16335- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا) ، إلى قوله: (ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) ، قال: لبث المسلمون زمانا يتوارثون بالهجرة، والأعرابي المسلم لا يرث من المهاجر شيئًا، فنسخ ذلك بعد ذلك، فألحق الله (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا) ، [سورة الأحزاب: 6]......

 

قارن النسخ بالآية:

 

{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآَتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)} النساء

 

قال ابن كثير:

 

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَير، وَأَبُو صَالِحٍ، وَقَتَادَةُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَالسُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَغَيْرُهُمْ فِي قَوْلِهِ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} أَيْ: وَرَثَةً. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ: أَيْ عَصَبة. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي ابْنَ الْعَمِّ مَوْلًى، كَمَا قَالَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ:

مَهْلا بَنِي عَمّنا مَهْلا مَوالينا ... لَا تُظْهِرَن لَنَا ما كَانَ مدفُونا

قَالَ: وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ} مِنْ تَرِكَةِ وَالِدَيْهِ وَأَقْرَبِيهِ مِنَ الْمِيرَاثِ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَلِكُلِّكُمْ -أَيُّهَا النَّاسُ-جَعَلْنَا عَصَبَةً يَرِثُونَهُ مِمَّا تَرَكَ وَالِدَاهُ وَأَقْرَبُوهُ مِنْ مِيرَاثِهِمْ لَهُ.

وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} أَيْ: وَالَّذِينَ تَحَالَفْتُمْ بِالْأَيْمَانِ الْمُؤَكَّدَةِ -أَنْتُمْ وَهُمْ-فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنَ الْمِيرَاثِ، كَمَا وَعَدْتُمُوهُمْ فِي الْأَيْمَانِ الْمُغَلَّظَةِ، إِنَّ اللَّهَ شَاهِدٌ بَيْنَكُمْ فِي تِلْكَ الْعُهُودِ وَالْمُعَاقَدَاتِ، وَقَدْ كَانَ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأُمِرُوا أَنْ يُوَفُّوا لِمَنْ عَاقَدُوا، وَلَا يُنْشِئُوا بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مُعَاقَدَةً.

 

.... وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأشَجّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ الْأَوَدِيُّ، أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُصَرف، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ [فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ] } الآية، قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ الْأَنْصَارِيَّ، دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ؛ بِالْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ} نُسخت. ثُمَّ قَالَ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}

وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا حَجّاج، عَنِ ابْنِ جُرَيْج -وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} فَكَانَ الرَّجُلُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ، يَقُولُ: تَرِثُنِي وَأَرِثُكَ وَكَانَ الْأَحْيَاءُ يَتَحَالَفُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ عَقْد أدْرَكَه الإسلامُ، فَلَا يَزِيدُه الإسلامُ إِلَّا شدَّةً، وَلَا عَقْد وَلَا حِلْفٌ فِي الإسلامِ". فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ: {وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الْأَنْفَالِ:75] .

 

وروى البخاري:

 

4580 - حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } قَالَ وَرَثَةً { وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ الْأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } نُسِخَتْ ثُمَّ قَالَ { وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } مِنْ النَّصْرِ وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصِي لَهُ سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ إِدْرِيسَ وَسَمِعَ إِدْرِيسُ طَلْحَةَ

 

{وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)} الأنفال

 

{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)} الأحزاب

 

بهذين النصين والذي في آخر سورة الأنفال صارت الوراثة بين الأقارب فقط، وألغيت وراثة التآخي بين المهاجرين والأنصار. القرآن متحف حقيقي للنصوص الناسخة والأخرى المنسوخة الملغية التي لا يعمل بها أحد وموجودة للقراءة والتعبد وشغل الوقت فقط لمن يقرؤونها دون فهم من المؤمنين السذج، دون استيعاب منهم للتناقضات في الأحكام والتعديلات والتحسينات غير الإلهية لتشريع بشري ليس من سماته الكمال ودون فهم منهم للمعاني.

 

قيام الليل كان فريضة في أول الإسلام

 

بدأ الإسلام على يد محمد في مكة كديانة مسالمة عمومًا، تتسم بالزهد الشديد والتشدّد في العبادة والتحنّث والتقشّف، ولم تتسم بالعنف والإرهاب إلا بعد هجرة محمد وأتباعه وانتشار دينه في يثرب، كان السهر والتهجّد فريضة واجبة على أتباع محمد حتى ألغاها:

 

{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9)}

 

يقول ابن كثير في التفسير:

 

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ: { [إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ] سَبْحًا طَوِيلا} قَالَ: لِحَوَائِجِكَ، فَأفْرغ لِدِينِكَ اللَّيْلَ. قَالَ: وَهَذَا حِينَ كَانَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَرِيضَةً، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ مَنَّ عَلَى الْعِبَادِ فَخَفَّفَهَا وَوَضَعَهَا، وَقَرَأَ: {قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، ثُمَّ قَالَ: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} حَتَّى بَلَغَ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [اللَّيْلَ نِصْفَهُ أَوْ ثُلْثَهُ. ثُمَّ جَاءَ أَمْرٌ أُوْسَعُ وَأَفْسَحُ وَضَعَ الْفَرِيضَةَ عَنْهُ وَعَنْ أُمَّتِهِ] فَقَالَ: قَالَ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الْإِسْرَاءِ: 49] وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ كَمَا قَالَهُ.

 

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ [ورواه مسلم] حَيْثُ قَالَ:

(24269) 24773- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبِيعَ عَقَارًا لَهُ بِهَا ، وَيَجْعَلَهُ فِي السِّلاَحِ وَالْكُرَاعِ ، ثُمَّ يُجَاهِدَ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ ، فَلَقِيَ رَهْطًا مِنْ قَوْمِهِ ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّ رَهْطًا مِنْ قَوْمِهِ سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ؟ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، فَأَشْهَدَهُمْ عَلَى رَجْعَتِهَا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْوَتْرِ ؟ فَقَالَ : أَلاَ أُنَبِّئُكَ بِأَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ ، بِوَتْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : ائْتِ عَائِشَةَ فَاسْأَلْهَا ؟ ثُمَّ ارْجِعْ إِلَيَّ ، فَأَخْبِرْنِي بِرَدِّهَا عَلَيْكَ ، قَالَ : فَأَتَيْتُ عَلَى حَكِيمِ بْنِ أَفْلَحَ فَاسْتَلْحَقْتُهُ إِلَيْهَا ، فَقَالَ : مَا أَنَا بِقَارِبِهَا ، إِنِّي نَهَيْتُهَا أَنْ تَقُولَ فِي هَاتَيْنِ الشِّيعَتَيْنِ شَيْئًا ، فَأَبَتْ فِيهِمَا ، إِلاَّ مُضِيًّا ، فَأَقْسَمْتُ عَلَيْهِ ، فَجَاءَ مَعِي ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : حَكِيمٌ ؟ وَعَرَفَتْهُ ، قَالَ : نَعَمْ ، أَوْ بَلَى ، قَالَتْ : مَنْ هَذَا مَعَكَ ؟ قَالَ سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَتْ : مَنْ هِشَامٌ ؟ قَالَ ابْنُ عَامِرٍ : قَالَ : فَتَرَحَّمَتْ عَلَيْهِ ، وَقَالَتْ : نِعْمَ الْمَرْءُ كَانَ عَامِرٌ ، قُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَتْ : فَإِنَّ خُلُقَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ ، ثُمَّ بَدَا لِي قِيَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَتْ : أَلَسْتَ تَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةَ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَتْ : فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَوْلاً حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ ، وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَاتِمَتَهَا فِي السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ ، فَصَارَ قِيَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَوُّعًا مِنْ بَعْدِ فَرِيضَتِهِ ...إلخ الحديث

 

ورواه مسلم746، وأخرجه بتمامه ومختصراً أبو داود (1343) ، والنسائي في "المجتبى" 3/60 و199- 200 و3/218 و234-235 و241-242، وفي، الكبرى" (1294) و(425) و (1335) و (1400) و (1408) و (1414)، وابن خزيمة (1078) و (1127) و (1170) و (1177) و(1127) و (1078) و (1170) وابن حبان (2441) ومطولاً ومختصراً ابنُ سعد في "الطبقات" 1/364، وابن أبي شيبة 2/295، وإسحاق بن راهوية (1310) ، والبخاري في "خلق أفعال العباد" ص73، وأبو داود (1344) و (1345) ، وابن ماجه (1191) و (1348) ، وابن نصر في "قيام الليل" ص6-7 و52-53 و126، وأبو عوانة 2/323-325، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/280، والطبراني في "الأوسط" (6657) ، وفي "الصغير" (990) ، وفي "مسند الشاميين" (917) ، والدارقطني 2/32، والحاكم 1/304، وابن حزم في "المحلى" 3/47، والبيهقي في "السنن" 1/39، و3/29-30 و31 و499- 500، وفي "الدلائل" 1/308، وفي "معرفة السنن" (5492) و (5493) و (5496) ، والخطيب في "تاريخه" 14/284، والبغوي في "شرح السنة" (963)

 

وروى مسلم:

 

[ 746 ] حدثنا محمد بن المثنى العنز حدثنا محمد بن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن زرارة أن سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله فقدم المدينة فأراد أن يبيع عقارا له بها فيجعله في السلاح والكراع ويجاهد الروم حتى يموت فلما قدم المدينة لقي أناسا من أهل المدينة فنهوه عن ذلك وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك في حياة نبي الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال أليس لكم في أسوة فلما حدثوه بذلك راجع امرأته وقد كان طلقها وأشهد على رجعتها فأتى بن عباس فسأله عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بن عباس ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال عائشة فأتها فاسألها ثم ائتني فأخبرني بردها عليك فانطلقت إليها فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها فقال ما أنا بقاربها لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئا فأبت فيهما إلا مضيا قال فأقسمت عليه فجاء فانطلقنا إلى عائشة فاستأذنا عليها فأذنت لنا فدخلنا عليها فقالت أحكيم فعرفته فقال نعم فقالت من معك قال سعد بن هشام قالت من هشام قال بن عامر فترحمت عليه وقالت خيرا قال قتادة وكان أصيب يوم أحد فقلت يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ألست تقرأ القرآن قلت بلى قالت فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن قال فهممت أن أقوم ولا أسأل أحدا عن شيء حتى أموت ثم بدا لي فقلت أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت ألست تقرأ يا أيها المزمل قلت بلى قالت فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة...إلخ

 

نكمل مع تفسير ابن كثير:

 

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مِسْعَر، عَنْ سِماك الْحَنَفِيِّ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَوَّلُ مَا نَزَلَ: أَوَّلُ الْمُزَّمِّلِ، كَانُوا يَقُومُونَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا قَرِيبٌ مِنْ سَنَةٍ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي كُرَيْب، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، بِهِ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ العَبدي، كِلَاهُمَا عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ بَيْنَهُمَا سَنَةٌ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَان، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} قَامُوا حَوْلًا حَتَّى وَرِمَتْ أَقْدَامُهُمْ وسُوقُهم، حَتَّى نَزَلَتْ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} قَالَ: فَاسْتَرَاحَ النَّاسُ.

وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: [حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا عُبَيد اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي] عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرارة بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: فَقُلْتُ -يَعْنِي لِعَائِشَةَ-: أَخْبِرِينَا عَنْ قِيَامِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتِ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّهَا كَانَتْ قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وحُبس آخِرُهَا فِي السَّمَاءِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ نَزَلَ.

وَقَالَ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ: {قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} قَامُوا حَوْلًا أَوْ حَوْلَيْنِ، حَتَّى انتفخت سوقُهم

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُميد، حَدَّثَنَا يعقوب القمي عن جعفر، عن سعيد -هُوَ ابْنُ جُبَيْرٍ-قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} قَالَ: مَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ عَشْرَ سِنِينَ يَقُومُ اللَّيْلَ، كَمَا أَمَرَهُ، وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُومُونَ مَعَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} فَخَفَّفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ.

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ بِهِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا [أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا} فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا] فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَحِمَهُمْ، فَأَنْزَلَ بَعْدَ هَذَا: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} فَوَسَّعَ اللَّهُ -وَلَهُ الْحَمْدُ-وَلَمْ يُضَيِّقْ.

 

وفي الواقع فإن قول من قال أن إلغاء العمل بهذا التكليف الديني كان بعد عشر سنين من فرضه قد يكون أصح من القول المنسوب لعائشة بأن بين الفرض والنسخ 12 أو 16 شهرًا، وهذه أمور لم تشهدها لأنها كانت طفلة صغيرة جدًّا، أو لم تولد بعد حتى، وسورة المزمّل من أوائل سور محمد المبكّرة جدًّا، أما الآية الناسخة أي اللاغية لهذا التشريع بنفس السورة التي سنوردها أدناه فآية مدنية صاغها محمد في يثرب بدليل أنها تتحدّث عن القتال والزكاة وهذه أمور لم يشرّعها محمد إلا بعدما أقام دولته في يثرب:

 

{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)} المزمل

 

وجاء في صحيح مسلم من دلالات نسخ فرض القيام:

 

[ 782 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب يعني الثقفي حدثنا عبيد الله عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير وكان يحجره من الليل فيصلي فيه فجعل الناس يصلون بصلاته ويبسطه بالنهار فثابوا ذات ليلة فقال يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملا أثبتوه

 

وروى البخاري جزءً من لفظه برقم6465 وأحمد ج8 بمسند عائشة بعدة مواضع وسنعود له في باب تناقضات الأحاديث/ هل كان يطيل صلاته أم لا.

 

وروى البخاري:

 

46 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِيَامُ رَمَضَانَ قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ قَالَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ

 

ورواه مسلم11 وأحمد1390

 

فرض الزكاة الإجبارية بمقدار إلزاميّ بعدما كان مفهوم الزكاة والتصدق يعني الإحسان من تلقاء النفس، فخلط بين الضريبة الجافة الواجبة للدولة والإحسان النابع من الذات للفقراء والمحتاجين

 

روى أحمد:

 

23840 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، فَقَالَ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ، ثُمَّ نَزَلَتِ الزَّكَاةُ، فَلَمْ نُنْهَ عَنْهَا، وَلَمْ نُؤْمَرْ بِهَا، وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ "

وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، ثُمَّ نَزَلَ رَمَضَانُ فَلَمْ نُؤْمَرْ بِهِ، وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ".

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي عمار-وهو عَرِيب بن حُمَيْد الهَمْدَاني الدُّهْني- فقد روى له النسائي وابن ماجه، وهو ثقة. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2263) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (887) من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (2262) من طريق شعبة، عن سلمة ابن كهيل، به. وأخرجه الطيالسي (1211) ، والنسائي في "المجتبى" 5/49، وفي "الكبرى" (2842) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2258) و (2259) و (2260) و (2261) ، وفي "شرح معاني الآثار" 2/75، والطبراني في "الكبير" 18/ (888) من طريق شعبة، عن الحكم بن عُتَيْبَة، عن القاسم بن مخيمرة، عن عمرو بن شرحبيل، عن قيس بن سعد. قال النسائي: وسلمة بن كهيل يخالف الحكم في إسناده، والحكم أثبت من سلمة بن كهيل.

وقد سلف الحديث في صوم عاشوراء فقط برقم (15477) عن وكيع عن سفيان الثوري. وفي الباب ما يشهد له عن غير واحد من الصحابة.

وأما أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت الزكاة لم يأمر بها، ولم ينه عنها. فقد استدل به بعضهم على نسخ فرضيتها، وتعقَّب هذا البيهقيُّ وغيره فقال في "السنن" 4/159: ولهذا لا يدل على سقوط فرضها، لأن نزول فرضٍ لا يوجب سقوط الآخر، وقد أجمع أهل العلم على وجوب زكاة الفطر، وإن اختلفوا في تسميتها فرضاً، فلا يجوز تركها، وبالله التوفيق.

قلنا: وقد روي ما يخالفه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب عند البخاري (1503) ومسلم (984) ، وقد سلف برقم (4486) ، ولفظه عند أحمد: فرض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدقة رمضان، على الذكر والأنثى، والحر والمملوك، صاعَ تمرٍ أو صاعَ شعير، قال: فعَدَلَ الناس به بعدُ نصفَ صاع بُرٍّ.

قال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 6/51-52: ففي هذا الحديث ذِكرُ فرض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياها، وفيه تعديل الناس إياها... وذلك لا يكون إلا مع بقاء فرضها، فكان هذا مخالفاً قاله قيسٌ في ذلك.

 

الخلاف حول صدقة عيد الفطر

 

ونلاحظ خلافًا بينهم حول وجوب صدقة الفطر من عدمه، هل هي فرض أم سنة، والروايات كالعادة تكذّب وتناقض وتضارب بعضها البعض. قال الشوكاني في نيل الأوطار:

 

قَوْلُهُ : ( فَرَضَ ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مِنْ الْفَرَائِضِ ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ بِالْوُجُوبِ دُونَ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ ، قَالُوا : إذْ لَا دَلِيلَ قَاطِعٌ تَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضِيَّةُ . قَالَ الْحَافِظُ : فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ عُلِّيَّةَ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ كَيْسَانَ الْأَصَمَّ قَالَا : إنَّ وُجُوبَهَا نُسِخَ . وَاسْتُدِلَّ لَهُمَا بِمَا رَوَى النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ { أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ } قَالَ : وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ رَاوِيًا مَجْهُولًا ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى النَّسْخِ لِاحْتِمَالِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ نُزُولَ الْفَرْضِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ فَرْضٍ آخَرَ ، وَنَقَلَ الْمَالِكِيَّةُ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَابْنِ اللَّبَّانِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ . قَالُوا : وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ " فَرَضَ " أَيْ قَدَّرَ وَهُوَ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ، لَكِنْ نُقِلَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ إلَى الْوُجُوبِ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى } نَزَلَتْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ كَمَا رَوَى ذَلِكَ ابْنُ خُزَيْمَةَ قَوْلُهُ : ( زَكَاةُ الْفِطْرِ ) أُضِيفَتْ الزَّكَاةُ إلَى الْفِطْرِ لِكَوْنِهَا تَجِبُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ كَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ . وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ : وَالْمُرَادُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ صَدَقَةُ النُّفُوسِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفِطْرَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الْخِلْقَةِ . قَالَ الْحَافِظُ : وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ : " زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ " وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ " زَكَاةُ الْفِطْرِ " عَلَى أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ . وَقِيلَ : وَقْتُ وُجُوبِهَا طُلُوعُ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصَّوْمِ ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ الْفِطْرُ الْحَقِيقِيُّ بِالْأَكْلِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ . وَالثَّانِي قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ . وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالنَّاصِرُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَيُقَوِّيهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْآتِي : { أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ } وَلَكِنَّهَا لَمْ تُقَيَّدْ الْقَبْلِيَّةَ بِكَوْنِهَا فِي يَوْمِ الْفِطْرِ . قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ : " زَكَاةُ الْفِطْرِ " عَلَى الْوَقْتِ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى الْفِطْرِ لَا تَدُلُّ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ بَلْ تَقْتَضِي إضَافَةَ هَذِهِ الزَّكَاةِ إلَى الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ .

 

وقال ابن قدامة في المغني، وهو نقل من الأوسط لابن المنذر كما يظهر:

 

[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ تُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرْضٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: هُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَزَعَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَدَاوُد، يَقُولُونَ: هِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلْبُخَارِيِّ: «وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.» وَعَنْهُ «، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ» . وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي قَوْله تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] : هُوَ زَكَاةُ الْفِطْرِ. وَأُضِيفَتْ هَذِهِ الزَّكَاةُ إلَى الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَقِيلَ لَهَا فِطْرَةٌ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ الْخِلْقَةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] أَيْ جِبِلَّتَهُ الَّتِي جَبَلَ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَهَذِهِ يُرَادُ بِهَا الصَّدَقَةُ عَنْ الْبَدَنِ وَالنَّفْسِ كَمَا كَانَتْ الْأُولَى صَدَقَةً عَنْ الْمَالِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَهَلْ تُسَمَّى فَرْضًا مَعَ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا فَرْضٌ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ» . وَلِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ؛ وَلِأَنَّ الْفَرْضَ إنْ كَانَ الْوَاجِبَ فَهِيَ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبَ الْمُتَأَكِّدَ فَهِيَ مُتَأَكِّدَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا.

 

الصلوات المفروضة كانت اثنتين فقط، ثم جعلها خمسة

 

جاء في سورة ق:

 

{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)}

 

ويقول ابن كثير في تفسيره:

 

وقوله عز وجل: فَاصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ يَعْنِي الْمُكَذِّبِينَ اصْبِرْ عَلَيْهِمْ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَكَانَتِ الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي وَقْتِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ كَانَ وَاجِبًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أُمَّتِهِ حَوْلًا ثُمَّ نُسِخَ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ وُجُوبُهُ ثُمَّ بعد ذلك نسخ الله تعالى ذَلِكَ كُلَّهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ، وَلَكِنْ مِنْهُنَّ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فَهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّكُمْ سَتُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّكُمْ فَتَرَوْنَهُ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُونَ فِيهِ، فَإِنِ استطعتم أن لا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» ثُمَّ قَرَأَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوب. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَبَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بِهِ.

 

أحمد (19205) 19419 والبخاري554 ومسلم633

 

تطور الصلوات من ركعتين لكل صلاة إلى أربعة للظهر والعصر والعشاء، واثنتين للصبح، وثلاثة للمغرب

 

روى البخاري:

 

350 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ

 

وروى مسلم:

 

[ 685 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر

 

 [ 685 ] وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا حدثنا بن وهب عن يونس عن بن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ثم أتمها في الحضر فأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى

 

وروى أحمد:

 

26338 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَالَتْ: " كَانَ أَوَّلَ مَا افْتُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ (1) : رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، إِلَّا الْمَغْرِبَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَمَّ اللهُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَرْبَعًا فِي الْحَضَرِ، وَأَقَرَّ الصَّلَاةَ عَلَى فَرْضِهَا الْأَوَّلِ فِي السَّفَرِ " (2)

 

(1) في (ظ7) و (ظ8) : من الصلاة.

(2) إسناده حسن من أجل ابن إسحاق، وهو محمد، وقد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/424 من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/146- ومن طريقه البخاري (350) ، ومسلم (685) ، وأبو داود (1198) ، والنَّسائى في "المجتبى" 1/225-226، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/422، وفي "شرح مشكل الآثار" (4261) و (4262) ، وابن حبان (2736) ، وأبو عوانة 2/6- عن صالح بن كيسان، به. ولفظه: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت

صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر.

وأخرجه أبو عوانة 2/26 من طريق سليمان بن بلال، والطبراني في "الأوسط" (7897) من طريق محمد بن عجلان، والباغندي في "مسند عمر بن عبد العزيز" (59) ، والبيهقي في "السنن" 3/143 من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ثلاثتهم عن صالح بن كيسان، به، بنحو لفظ مالك.

ورواه الزهري، عن عروة كذلك:

فاخرجه الشافعي في "مسنده" 1/181 (ترتيب السندي) ، وإبن إبي شيبة 2/451، وإسحاق (573) ، والدارمي (1509) ، والبخاري (1090) ، ومسلم (685) (3) ، والنَّسائى في "المجتبى" 1/225، وفي "الكبرى" (317) ، وابن أبي عاصم في "الاوائل" (25) ، وابن خزيمة (303) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4263) ، والبيهقي في "السنن" 3/143، وفي "معرفة السنن" (6081) من طريق سفيان بن عيينة، ومسلم (685) (2) ، وأبو عوانة 2/25 من طريق يونس، وعبد الرزاق (4267) ، وأبو عوانة 2/26، والقاسم بن سلام

في "الناسخ (28) "من طريق ابن جريج، ثلاثتهم عن الزهري، عن عروة، به. بنحو لفظ مالك، وزادوا قول الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم؟ قال: تأولت ما تأوّل عثمان. وهذا لفظ البخاري.

وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (1477) ، وإسحاق (574) ، وأبو عوانة 2/25، والبيهقي في "السنن" 1/362، وفي "الدلائل" 2/406-407 من طريق عبد الرزاق، والبخاري (3935) من طريق يزيد بن زريع، كلاهما عن معمر، عن الزهري، عن عروة، به، ولفظه: فرضت الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة ركعتين ركعتين، فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعاً وأقرت صلاة السفر ركعتين، قال الزهري: فقلت لعروة:... :فذكره. ولفظ البخاري: فرضت الصلاة

ركعتين، ثم هاجر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففرضت أربعاً، وتركت صلاة السفر على الأولى.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 1/225، وأبو عوانة 2/25، والبيهقي في "السنن 1/363، "وفي "الدلائل" 2/406 من طريق الأوزاعي، أنه سأل الزهري عن صلاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة قبل الهجرة إلى المدينة، قال: أخبرني عروة، عن عائشة، قالت: فرض الله عز وجل الصلاة على رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول ما فرضها ركعتين ركعتين، ثم أتمت في الحضر أربعاً، وأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى.

ورواه هشام بن عروة، عن أبيه:

فأخرجه ابن أبي شيبة 2/449، وإسحاق (575) من طريقين عن هشام بن عروه، عن أبيه، به. بنحو لفظ مالك.

وأخرجه الخطيب في "الكفاية "ص 343 من طريق جعفر بن ربيعة أن = هشام بن عروة كتب إليه يذكر عن عائشة أن الصلاة... ولم يذكر بين عائشة وهشام أباه عروة.

ورواه يحيى بن سعيد، عن عروة، واختلف عليه:

فرواه إسحاق (567) عن جرير، وأبو عوانة 2/25 من طريق ابن فضيل، وابن حبان (2737) من طريق عبيد الله بن عمرو، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد، عن عروة، به.

ورواه إسحاق (577) عن عبد الوهاب الثقفي، قال: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: أخبرت عن عروة، عن عائشة، مثله.

وأخرجه الطبراني في "الصغير" (364) من طريق عثمان بن مقسم البري، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن يسار، عن عمر بن عبد العزيز، عن ابن الزبير، عن عائشة بنحو لفظ مالك. فزاد بين يحيى وبين عروة: سعيد بن يسار وعمر بن عبد العزيز.

وقال: ثم يُدخل أحد ممن روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد فيما بين يحيى وعروة - سعيد بن يسار وعمر بن عبد العزيز - إلا عثمان بن مقسم.

ورواه زهير بن معاوية عن يحيى بن سعيد، عن عروة نفسه. قلنا: وعثمان بن مقسم تركه يحيى القطان وابن المبارك، وقال أحمد: حديثه منكر. وقال الجوزجاني: كذاب، وقال النسائى والدارقطني: متروك. وقال الفلاس: صدوق، لكنه كثير الغلط، صاحب بدعة. وقال ابن معين: ليس بشيء، هو

من المعروفين بالكذب ووضع الحديث. وقال ابن عدي: عامة حديثه مما لا يتابع عليه إسناداً ومتناً، وهو ممن يغلط الكثير، ونسبه قوم إلى الصدق وضعفوه للغلط الكثير، ومع ضعفه يكتب حديثه.

وقد سلف برقم (25967) .

وفي الباب عن ابن عباس وأبي هريرة سلفا على التوالي برقم (2124) و (9200). وعن أنس عند مسلم (690) (11) .

 

خفوت الصوت في الصلاة أول الإسلام

 

{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)} الإسراء

 

روى أحمد بن حنبل:

 

155 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ : {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء : 110] ، قَالَ : كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ ، قَالَ : فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أَيْ بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلا تُسْمِعُهُمُ الْقُرْآنَ ، حَتَّى يَأْخُذُوهُ عَنْكَ ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}

 

صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البخاري (4722) و (7490) و (7525) و (7547) ، ومسلم (446) ، والترمذي (3146) ، والنسائي 2 / 177 ، وابن خزيمة (1587) ، والطبري 15 / 186 ، وابن حبان (6563) ، والواحدي في " أسباب النزول " 200 ، والبيهقي في " سننه " 2 / 184 ، وفي " الأسماء والصفات " 262 ، والبغوي في " التفسير " 3 / 142 من طرق عن هشيم ، بهذا الإسناد . وأخرجه النسائي 2 / 178 ، والطبري 15 / 185 ، والطبراني في المعجم الكبير ج12 (12454) من طريق الأعمش ، عن أبي بشر ، به . ورواه أحمد بن حنبل برقم (1853) في مسند عبد الله بن عباس .

 

1853 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] قَالَ: " وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ، رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ "، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَسَبُّوا مَنِ أنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، قَالَ: فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} [الإسراء: 110]- أَيْ بِقِرَاءَتِكَ - فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] عَنْ أَصْحَابِكَ، فَلَا تُسْمِعُهُمِ الْقُرْآنَ حَتَّى يَأْخُذُوهُ عَنْكَ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110]

 

نص ألغي العمل به لأنه كان مرتبطًا بالاضطهاد العنيف في مكة من الوثنيين للمسلمين، واليوم ليس له ضرورة ولا استعمال، بل يستعمل المسلمون مكبرات الصوت لإزعاج كل الناس في كل أوقات الصلوات، وفي الأعياد والمناسبات والجنازات والقرانات للزواج، وفي بعض الأماكن يتمادون في ذلك بحيث يصير شيوخهم ومساجدهم إزعاجًا مفروضًا على كل من يحاول النوم للقيلولة أو ليلًا، وحتى في وقت الفجر يكون الإزعاج بآذاناتهم الكثيرة المتجاورة، معظمهم رديئو لصوت حقًّا لم يتجاوزوا مسابقة في حسن الصوت ليصيروا مؤذنين أو شيوخًا مقرئين، أما في أيام الجمع فإن إزعاجهم لساعة أو ساعتين فمما يعتبر خطبة مفروض عليك سماعها حتى لو كنت في بيتك رغمًا عنك، على الأغلب لا يستطيعون عمل هكذا إزعاج في أوربا وأمركا بسبب قوانينهم المتحضرة!

 

توصيف للصلاة الحربية قبل تشريع القرآن لصلاة الخوف

 

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)} البقرة

 

قال الطبري:

 

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له_ لما قد بيناه من معناه_ فإن خفتم من عدو لكم، أيها الناس، تخشونهم على أنفسكم في حال التقائكم معهم أن تصلوا قياما على أرجلكم بالأرض قانتين لله، فصلوا"رجالا"، مشاة على أرجلكم، وأنتم في حربكم وقتالكم وجهاد عدوكم، "أو ركبانا"، على ظهور دوابكم، فإن ذلك يجزيكم حينئذ من القيام منكم، قانتين.

.... بنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

5535- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم قال: سألته عن قوله:"فرجالا أو ركبانا"، قال: عند المطاردة، يصلى حيث كان وجهه، راكبا أو راجلا ويجعل السجود أخفض من الركوع، ويصلي ركعتين يومئ إيماء.

 

5540- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن:"فرجالا أو ركبانا"، قال: إذا كان عند القتال صلى راكبا أو ماشيا حيث كان وجهه، يومئ إيماء.

5541- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"فإن خفتم فرجالا أو ركبانا"، أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في القتال على الخيل، فإذا وقع الخوف فليصل الرجل على كل جهة قائما أو راكبا، أو كما قدر على أن يومئ برأسه أو يتكلم بلسانه.

 

نتيجة فروض محمد التي تغطي أوقات اليوم الخمسة، أعني الصلوات الجسدية الإلزامية، وخوضه الحروب والغزوات والغارات والسرايا هو وأصحابه كما عرضنا في الجزء الأول (حروب محمد) يشرع هنا محمد لجواز صلاة الفروض على الخيل أو أثناء القتال والسير، ولاحقًا اضطُر محمد لعمل واختراع صلاة مخصوصة وصفتها كتب السير والأحاديث وآيات أخرى من القرآن، هي صلاة الخوف أو صلاة الحرب، حيث يقسم الجيش نفسه فرقتين، وتوصيف هذه الصلاة وكيفيتها اختلفت فيه ورايات كتب الأحاديث، لكن الخلاصة أن ناسًا يعيشون في سلام ولا يعادون الناس كلهم ما كانوا سيحتاجون لصلاة مخصوصة كهذه. وهذه الآية أو النص منسوخ بآية صلاة الخوف، فهذا من تناقضات النسخ والتغيير. لم يشرع محمد لصلاة الخوف إلا عندما أتت له الفكرة أو اقترحها أحدهم، لو كان القرآن إلهي المصدر لقيل تشريعها فورًا دون تخبط. أما التوصيف المذكور هنا وفق الروايات التي أوردها الطبري وابن كثير في تفسيريهما فكانوا يستعملونها بعد ذلك في حالة اشتداد الحرب فقط في حروبهم الاحتلالية البغيضة (الفتوحات) العدوانية، بحيث لا يتمكنون من عمل صلاة الخوف.

 

قارن مع سورة النساء:

 

{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)} النساء

 

خطبة الجمعة كانت بعد صلاة الجمعة في أول فرضها وتشريعها في يثرب

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} الجمعة

 

قال ابن كثير في آخر تفسير سورة الجمعة:

 

ولكن هاهنا شَيْءٌ يَنْبَغِي أَنْ يُعلَم وَهُوَ: أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ قَدْ قِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ:

 

60 - حدثنا محمود بن خالد ، حدثنا الوليد ، أخبرني أبو معاذ بكير بن معروف أنه سمع مقاتل بن حيان ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين حتى كان يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب وقد صلى الجمعة ، فدخل رجل فقال : إن دحية بن خليفة قدم بتجارته ، وكان دحية إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف ، فخرج الناس فلم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء ؛ فأنزل الله عز وجل {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها} [الجمعة: 11]، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة وأخر الصلاة ، وكان لا يخرج أحد لرعاف أو لحدث بعد النهي حتى يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم ، يشير إليه بأصبعه التي تلي الإبهام فيأذن له صلى الله عليه وسلم ثم يشير إليه بيده ، فكان من المنافقين من يثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد ، فكان إذا استأذن رجل من المسلمين قام المنافق إلى جنبه مستترا به حتى يخرج ؛ فأنزل الله جل وعز {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذًا} [النور: 63] » الآية

 

وروى البخاري:

 

2064 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَقْبَلَتْ عِيرٌ وَنَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ فَانْفَضَّ النَّاسُ إِلَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}

 

2058 - حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَتْ مِنْ الشَّأْمِ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَامًا فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا حَتَّى مَا بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَنَزَلَتْ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}

 

ورواه مسلم 863 وأحمد 14356 و14978 وغيرهم.

 

والآيات التهديدية لإجبار المتظاهرين بالإسلام لحماية أنفسهم من القتل على حضور الصلات وعدم التسلل من المسجد بعد التظاهر بالحضور، هي:

 

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} النور

 

تغيير كيفية توزيع غنائم الحروب

 

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)} الأنفال

 

روى مسلم:

 

[ 1784 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدثنا الحسن بن موسى حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب حدثني مصعب بن سعد عن أبيه أنه نزلت فيه آيات من القرآن قال حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب قالت زعمت أن الله وصاك بوالديك وأنا أمك وأنا آمرك بهذا قال مكثت ثلاثا حتى غشي عليها من الجهد فقام بن لها يقال له عمارة فسقاها فجعلت تدعو على سعد فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } وإن جاهداك على أن تشرك بي وفيها { وصاحبهما في الدنيا معروفا } [العنكبوت:8] قال وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة فإذا فيها سيف فأخذته فأتيت به الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت نفلني هذا السيف فأنا من قد علمت حاله فقال رده من حيث أخذته فانطلقت حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت أعطنيه قال فشد لي صوته رده من حيث أخذته قال فأنزل الله عز وجل { يسألونك عن الأنفال } [الأنفال: 1] قال ومرضت فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتاني فقلت دعني أقسم مالي حيث شئت قال فأبى قلت فالنصف قال فأبى قلت فالثلث قال فسكت فكان بعد الثلث جائزا قال وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين فقالوا تعال نطعمك ونسقيك خمرا وذلك قبل أن تحرم الخمر قال فأتيتهم في حش والحش البستان فإذا رأس جزور مشوي عندهم وزق من خمر قال فأكلت وشربت معهم قال فذكرت الأنصار والمهاجرون عندهم فقلت المهاجرون خير من الأنصار قال فأخذ رجل أحد لحي الرأس فضربني به فجرح بأنفي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأنزل الله عز وجل في يعنى نفسه شأن الخمر {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} [المائدة]

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

1538 - حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ شَفَانِي اللهُ الْيَوْمَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَهَبْ لِي هَذَا السَّيْفُ . قَالَ: " إِنَّ هَذَا السَّيْفَ لَيْسَ لَكَ وَلا لِي ضَعْهُ " قَالَ: فَوَضَعْتُهُ . ثُمَّ رَجَعْتُ، قُلْتُ: عَسَى أَنْ يُعْطَى هَذَا السَّيْفُ الْيَوْمَ مَنْ لَمْ يُبْلِ بَلائِي، قَالَ: إِذَا رَجُلٌ يَدْعُونِي مِنْ وَرَائِي قَالَ: قُلْتُ: قَدِ أنْزِلَ فِيَّ شَيْءٌ ؟ قَالَ: " كُنْتَ سَأَلْتَنِي السَّيْفَ، وَلَيْسَ هُوَ لِي، وَإِنَّهُ قَدْ وُهِبَ لِي، فَهُوَ لَكَ " قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1]

 

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ عاصم بن أبي النجود، فمن رجال أصحاب السنن وحديثه في "الصحيحين" مقرون، وهو حسن الحديث. أبو بكر: هو ابن عياش. وأخرجه أبو داود (2740) ، والترمذي (3079) ، والنسائي في "الكبرى" (11196) ، وأبو يعلى (735) ، والطبري 9/173، وأبو نعيم في "الحلية" 8/312، والحاكم 2/132، والبيهقي 6/291 من طرق عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حسن صحيح، وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي. وأخرجه الطبري 9/173 من طريق أبي الأحوص، عن عاصم، به.

 

1567 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي أَبِي أَرْبَعُ آيَاتٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي: أَصَبْتُ سَيْفًا . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَفِّلْنِيهِ ، قَالَ: " ضَعْهُ " . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَفِّلْنِيهِ، أُجْعَلُ كَمَنْ لَا غَنَاءَ لَهُ ؟ قَالَ: " ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ " فَنَزَلَتْ: " يَسْأَلُونَكَ الْأَنْفَالَ " - قَالَ: وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ كَذَلِكَ {قُلِ الْأَنْفَالُ} وَقَالَتْ أُمِّي: أَلَيْسَ اللهُ يَأْمُرُكَ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ ؟ وَاللهِ لَا آكُلُ طَعَامًا، وَلا أَشْرَبُ شَرَابًا، حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ . فَكَانَتْ لَا تَأْكُلُ حَتَّى يَشْجُرُوا فَمَهَا بِعَصًا، فَيَصُبُّوا فِيهِ الشَّرَابَ - قَالَ شُعْبَةُ: وَأُرَاهُ قَالَ: وَالطَّعَامَ - فَأُنْزِلَتْ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} وَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 14-15]، وَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ ؟ فَنَهَانِي . قُلْتُ: النِّصْفُ ؟ قَالَ: " لَا " قُلْتُ: الثُّلُثُ ؟ فَسَكَتَ . فَأَخَذَ النَّاسُ بِهِ، وَصَنَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طَعَامًا، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَانْتَشَوْا مِنَ الخَمْرِ، وَذَاكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ، فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ فَتَفَاخَرُوا، وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: الْأَنْصَارُ خَيْرٌ، وَقَالَتِ الْمُهَاجِرُونَ: الْمُهَاجِرُونَ خَيْرٌ . فَأَهْوَى لَهُ رَجُلٌ بِلَحْيِ جَزُورٍ ، فَفَزَرَ أَنْفَهُ، فَكَانَ أَنْفُ سَعْدٍ مَفْزُورًا ، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إِلَى قَوْلِهِ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90-91]

 

إسناده حسن من أجل سماك بن حرب وهو من رجال مسلم، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه الطيالسي (208) ، ومن طريقه الدورقي (43) ، وأبو عَوانة 4/104، وأخرجه عبد بن حميد (132) عن سَلْم بن قتيبة، والشاشي (78) من طريق النضر بن شميل، ثلاثتهم (الطيالسي وسلم والنضر) عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن زنجويه في "الأموال" (1125) عن النضر بن شميل، وأبو عَوانة 4/103-104، والطحاوي 3/279، والبيهقي في "السنن" 6/291 من طريق وهب بن جرير، كلاهما عن شعبة، به. بقصة الأنفال. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7932) من طريق وهب بن جرير، عن شعبة، به. بقصة أم سعد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (24) من طريق إسرائيل، ومسلم 4/1877، وأبو يعلى (782) من طريق زهير بن معاوية، كلاهما عن سماك بن حرب، به. بطوله. وأخرجه مقطعاً ابن أبي شيبة 14/364، والدورقي (60) ، ومسلم (1748) (33) ، وأبو يعلى (696) و (729) و (751) ، والطبري 9/173 و174 و21/70، وأبو عَوانة  4/104 من طرق عن سماك بن حرب، به. وانظر أحمد بن حنبل برقم (1538) و (1614) .

 

1556 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قُتِلَ أَخِي عُمَيْرٌ، وَقَتَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَأَخَذْتُ سَيْفَهُ، وَكَانَ يُسَمَّى ذَا الْكَتِيفَةِ، فَأَتَيْتُ بِهِ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي الْقَبَضِ " قَالَ: فَرَجَعْتُ وَبِي مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلا اللهُ مِنْ قَتْلِ أَخِي، وَأَخْذِ سَلَبِي ، قَالَ: فَمَا جَاوَزْتُ إِلا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْفَالِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اذْهَبْ فَخُذْ سَيْفَكَ ".

 

حسن لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن فيه انقطاعاً، محمد بن عبيد الله الثقفي لم يُدرك سعداً، وقد تقدم معنى هذا الحديث برقم (1538) بإسناد حسن. أبو معاوية: هو محمد بن خازم، وأبو إسحاق الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان. وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" ص 155 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2689) ، وأبو عبيد في "الأموال" (756) ، وابن أبي شيبة 12/370، وابن زنجويه في "الأموال، (1126) ، والطبري 9/173 عن أبي معاوية، به

 

وروى أبو داوود في سننه:

 

2737 - حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا خالد عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم بدر " من فعل كذا وكذا فله من النفل كذا وكذا " قال فتقدم الفتيان ولزم المشيخة الرايات فلم يبرحوها . فلما فتح الله عليهم قالت المشيخة كنا ردءا لكم لو انهزمتم لفئتم إلينا فلا تذهبوا بالمغنم ونبقى فأبى الفتيان وقالوا جعله رسول الله صلى الله عليه و سلم لنا فأنزل الله { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول } إلى قوله { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون } يقول فكان ذلك خيرا لهم فكذلك أيضا فأطيعوني فإني أعلم بعاقبة هذا منكم .

 

قال الألباني: صحيح

 

2738 - حدثنا زياد بن أيوب ثنا هشيم قال أخبرنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يوم بدر " من قتل قتيلا فله كذا وكذا ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا " ثم ساق نحوه وحديث خالد أتم .

 

صحيح، ورواه النسائي في "الكبرى" (11197) ، وصححه ابن حبان برقم (5093) .

 

وروى أحمد بن حنبل:

(22747) 23127- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ : سَأَلْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَنِ الأَنْفَالِ . فَقَالَ : فِينَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ بَدْرٍ نَزَلَتْ حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النَّفَلِ ، وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلاَقُنَا ، فَانْتَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا ، وَجَعَلَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ بَوَاءٍ يَقُولُ : عَلَى السَّوَاءِ.

 

صحيح لغيره، وإسناد هذا الحديث قد اختلف فيه على عبد الرحمن بن الحارث بن عياش، فمرة يرويه عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي سلام كما هنا، ومرة يرويه عن سليمان عن مكحول عن أبي أمامة بإسقاط أبي سلام كما في الروايتين الآتيتين برقم (22747) و (22753) ، ومرة يرويه عن سليمان عن أبي سلام بإسقاط مكحول كما في الرواية المطوَّلة الآتية برقم (22762) ، وعبد الرحمن بن الحارث هذا ليس بذاك القوي . وأخرجه ابن أبي شيبة 14/456-457، وابن ماجه (2852) ، والشاشي في "مسنده" (1171) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد . وأخرجه عبد الرزاق (9334) ، وأبو عبيد في "الأموال" (801) ، والترمذي في "السنن" (1561) ، وفي "العلل الكبير" 2/665، والشاشي (1170) و (1172) ، والبيهقي في "السنن" 6/313 من طرق عن سفيان الثوري، به . وسقط من سند عبد الرزاق وأبي عبيد أبو سلام، وهو خطأ، فقد أخرجه البيهقي من طريق عبد الرزاق، والشاشي (1172) من طريق أبي عبيد بإثبات أبي سلام على الجادة . وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1865) ، والطبري في "التفسير" 9/172، والشاشي (1176) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/228 و240، وابن حبان (4855) ، والطبراني في "الشاميين" (3583) ، والحاكم 2/135-136، والبيهقي 6/315 من طرق عن عبد الرحمن بن الحارث ابن عياش، به - وروايتهم إلا الطبري مطولة بنحو الرواية الآتية برقم (22762) . وأخرجه الطبري في "تفسيره" 9/172-173، والحاكم 2/136 و326، والبيهقي 6/262 و315 و9/57 من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد، وروايتهم مطولة نحو الرواية الآتية برقم (22762) . وأخرجه مطولاً أيضاً الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/277-278 من طريق ابن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، به . وسيأتي من طريق سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي أمامة، عن عبادة برقم (22747) و (22753) . وسيأتي أيضاً من طريق سليمان، عن أبي سلام، عن أبي أمامة، عن عبادة برقم (22762) . وفي الباب عن حبيب بن مسلمة، سلف في مسنده بالأرقام (17462-17469) وإسناده صحيح . وانظر شرحه هناك .

 

(22762) 23142- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا ، فَالْتَقَى النَّاسُ فَهَزَمَ اللَّهُ الْعَدُوَّ ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ ، وَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ يَحْوُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ ، وَفَاءَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ : نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَجَمَعْنَاهَا فَلَيْسَ لأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ ، وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ : لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا نَحْنُ نَفَيْنَا عَنْهَا الْعَدُوَّ وَهَزَمْنَاهُمْ ، وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً وَاشْتَغَلْنَا بِهِ ، فَنَزَلَتْ : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَوَاقٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ : وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَغَارَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ نَفَلَ الرُّبُعَ ، وَإِذَا أَقْبَلَ رَاجِعًا وَكُلَّ النَّاسِ نَفَلَ الثُّلُثَ ، وَكَانَ يَكْرَهُ الأَنْفَالَ وَيَقُولُ : لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ.

 

حسن لغيره، وهذا إسناد سلف الكلام عليه برقم (22726) . وأخرجه البيهقي 6/315 من طريق معاوية بن عمرو، بهذا الإسناد . ولم يسق لفظه . وأخرجه مختصراً بقصة تنفيل الربع الدارمي (2482) و (2486) من طريق محمد بن عيينة، عن أبي إسحاق، به . وأخرجه مختصراً كذلك الشاشي (1173) من طريق معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن عياش، عن سليمان، عن مكحول، عن أبي أمامة، به . أسقط منه أبا سلام، وذكر مكحولاً! وسلف الحديث مختصراً بقصة تنفيل الربع والثلث برقم (22726) ، وذكرنا هناك شاهداً لها . وانظر (22747) .

ويشهد للحديث عموماً حديث ابن عباس عند أبي داود (2737-2739) ، والنسائي في "الكبرى" (11197) ، وصححه ابن حبان برقم (5093) .

 

17462 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: التَّمِيمِيُّ يَعْنِي زَيْدَ بْنَ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات، زيد بن جارية- وهو التميمي- قد ترجم له الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" 9/439 في زياد بن جارية، وقال: ويقال: زيد، ويقال: يزيد، والصواب: زياد، يقال: إن له صحبة. وقال أبو حاتم: شيخ مجهول، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات". فتعقبه الحافظ ابن حجر في "تهذيبه" بقوله: ذكره ابن أبي عاصم وأبو نعيم في الصحابة، وأبو حاتم قد عبَّر بعبارة "مجهول " في كثير من الصحابة، لكن جزم بكونه تابعياً ابن حبان وغيره، وتوثيق النسائي له يدل على أنه عنده تابعي. قلنا: والصواب أنه تابعي، والله أعلم. سفيان: هو الثوري، ويزيد بن يزيد بن جابر: هو الدمشقي، ومكحول: هو الشامي. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (9333) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" (3519) ، وفي "الشاميين" (628) ، والمزي في "تهذيب الكمال" 9/144. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/457، وابن ماجه (2851) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني " (852) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عبيد في "الأموال" (798) ، والدارمي (2483) ، وأبو داود (2748) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/240، والحاكم 2/133، والبيهقي 6/314 من طرق عن سفيان الثوري، به، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وسيأتي برقم (17468) عن يحيى بن سعيد، عن سفيان.

 

17465 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ وَهُوَ الْخَيَّاطُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ فِي بَدْأَتِهِ، وَنَفَلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ فِي رَجْعَتِهِ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات. وأخرجه ابن زنجويه في "الأموال" (1176) ، وأبو داود (2749) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/240، والطبراني في "الكبير" (3525) ، وفي "مسند الشاميين " (1518) و (3551) ، والبيهقي 6/314 من طرق عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3524) ، وفي "الشاميين (3550) من طريق الهيثم بن حميد، عن العلاء بن الحارث، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/456، وابن زنجويه (1177) ، وأبو داود (2750) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/190، والطبراني في "الكبير" (3522) و (3523) و (3524) و (3527) و (3531) ، وفي "الشاميين" (1365) و (3549) و (3550) و (3552) ، والحاكم 2/133 من طرق عن مكحول، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3532) من طريق عطية بن قيس، عن زياد ابن جارية، به.

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

9483 - عبد الرزاق عن الثوري عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن بن عباس قال لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من قتل قتيلا فله كذا وكذا فقتلوا سبعين وأسروا سبعين فجاء أبو اليسر بن عمرو بأسيرين فقال يا رسول الله إنك وعدتنا من قتل قتيلا فله كذا ومن أسر أسيرا فله كذا فقد جئت بأسيرين فقام سعد بن عبادة فقال يا رسول الله إنه لم تمنعنا زهادة في الآخرة ولا جبن عن العدو ولكنا قمنا هذا المقام خشية أن يقتطعك المشركون وإنك إن تعط هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء قال فجعل هؤلاء يقولون وهؤلاء يقولون فنزلت {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} قال فسلموا الغنيمة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ثم نزلت {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه}

 

لم يكن هناك إله يحدد طريقة قسمة المنهوبات منذ البداية وبحيث يستبق حدوث الخلاف، واعتمد محمد واحتاج إلى العرض للمشاكل وخلافات أتباعه ونزاعاتهم حتى يقرر عمل تشريع عن الأمر، ووفقًا لهذا النص ففي أول حروب محمد كانت الغنائم (الأنفال) من منهوبات الحروب خالصة كلها لمحمد يتصرف فيها كيفما شاء. وعلى أساسه أعطى المعترض السيف الثمين دون تقسيم على كل المقاتلين. لاحقًا نسخ وألغى هذا الحكم تشريع خمس الغنائم فقط المجلوبة بحربٍ لمحمد، وفقًا لنفس السورة في الآية41.

 

قال ابن كثير في تفسيره:

 

...أَمَّا مَا عَلَّقه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "الْأَنْفَالُ": الْغَنَائِمُ، كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِصَةً، لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهَا شَيْءٌ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَطَاءٌ، وَالضَّحَّاكُ، وقَتَادَةُ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّان، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِنَّهَا الْغَنَائِمُ.

 

... وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ بَعْضِ بَنِي سَاعِدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَيْدٍ مَالِكَ بْنَ رَبِيعَةَ يَقُولُ: أَصَبْتُ سَيْفَ ابْنِ عَائِذٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ السَّيْفُ يُدْعَى بِالْمَرْزُبَانِ، فَلَمَّا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يَرُدُّوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ النَّفَلِ، أَقْبَلْتُ بِهِ فَأَلْقَيْتُهُ فِي النَّفَلِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا يُسْأَلُهُ، فَرَآهُ الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيُّ، فَسَأَلَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ [تفسير الطبري]

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

 

... وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عباس قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، وَمَنْ أَتَى بِأَسِيرٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا". فَجَاءَ أَبُو اليَسَر بِأَسِيرَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَدْتَنَا، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءِ لَمْ يَبْقَ لِأَصْحَابِكَ شَيْءٌ، وَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنَا مِنْ هَذَا زَهَادَةٌ فِي الْأَجْرِ، وَلَا جُبْنٌ عَنِ الْعَدُوِّ، وَإِنَّمَا قُمْنَا هَذَا الْمَقَامَ مُحَافَظَةً عَلَيْكَ، نَخَافُ أَنْ يَأْتُوكَ مِنْ وَرَائِكَ، فَتَشَاجَرُوا، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} قَالَ: وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ [وَلِلرَّسُولِ] } إِلَى آخَرِ الْآيَةِ [الْأَنْفَالِ: 41] [رواه عبد الرزاق في المصنف برقم (9483)]

 

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي كِتَابِ "الْأَمْوَالِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَيَانِ جِهَاتِهَا وَمَصَارِفِهَا": أَمَّا الْأَنْفَالُ: فَهِيَ الْمَغَانِمُ، وَكُلُّ نَيْلٍ نَالَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَكَانَتِ الْأَنْفَالُ الْأُولَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} فَقَسَمَهَا يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى مَا أَرَادَهُ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ، ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ آيَةُ الْخُمُسِ، فَنَسَخَتِ الْأُولَى [الأموال (ص 426)]

 

قُلْتُ: هَكَذَا رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سَوَاءً. وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ والسُّدِّيّ.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً، بَلْ هِيَ مُحْكَمَةٌ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَفِي ذَلِكَ آثَارٌ، وَالْأَنْفَالُ أَصْلُهَا جَمْعُ الْغَنَائِمِ، إِلَّا أَنَّ الْخُمُسَ مِنْهَا مَخْصُوصٌ لِأَهْلِهِ عَلَى مَا نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ، وَجَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ.

 

...ثُمَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلِهَذَا سُمِّيَ مَا جَعَلَ الْإِمَامُ لِلْمُقَاتِلَةِ نَفَلًا وَهُوَ تَفْضِيلُهُ بَعْضَ الْجَيْشِ عَلَى بَعْضٍ بِشَيْءٍ سِوَى سِهَامِهِمْ، يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ عَلَى قَدْرِ الْغَنَاءِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالنِّكَايَةِ فِي الْعَدُوِّ. وَفِي النَّفَلِ الَّذِي يَنْفُلُهُ الْإِمَامُ سُنَنٌ أَرْبَعٌ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَوْضِعٌ غير موضع الأخرى:

 

فَإِحْدَاهُنَّ: فِي النَّفَلِ لَا خُمُسَ فِيهِ، وَذَلِكَ السَّلَبُ.

وَالثَّانِيَةُ: فِي النَّفَلِ الَّذِي يَكُونُ مِنَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ، وَهُوَ أَنْ يُوَجِّهَ الْإِمَامُ السَّرَايَا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، فَتَأْتِي بِالْغَنَائِمِ فَيَكُونُ لِلسَّرِيَّةِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّبُعُ أَوِ الثُّلْثُ بَعْدَ الْخُمُسِ.

وَالثَّالِثَةُ: فِي النَّفَلِ مِنَ الْخُمُسِ نَفْسِهِ، وَهُوَ أَنْ تُحَازَ الْغَنِيمَةُ كُلُّهَا، ثُمَّ تُخَمَّسُ، فَإِذَا صَارَ الْخُمُسُ فِي يَدَيِ الْإِمَامِ نَفَلَ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى.

وَالرَّابِعَةُ: فِي النَّفَلِ فِي جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ يُخَمَّسَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَهُوَ أَنْ يُعْطَى الْأَدِلَّاءُ وَرُعَاةُ الْمَاشِيَةِ والسَّوَّاق لَهَا، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ.

قَالَ الرَّبِيعُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْأَنْفَالُ: أَلَّا يَخْرُجَ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْخُمُسِ شَيْءٌ غَيْرُ السَّلَبِ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنَ النَّفَلِ هُوَ شَيْءٌ زِيدُوهُ غَيْرَ الَّذِي كَانَ لَهُمْ، وَذَلِكَ مِنْ خُمُسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّ لَهُ خُمُسَ الْخُمُسِ مِنْ كُلِّ غَنِيمَةٍ، فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْتَهِدَ، فَإِذَا كَثُرَ الْعَدُوُّ وَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُمْ، وَقَلَّ مَنْ بِإِزَائِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، نَفَلَ مِنْهُ اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَنْفُلْ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ النَّفَلِ: إِذَا بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا، فَقَالَ لَهُمْ قَبْلَ اللِّقَاءِ: مَنْ غَنِمَ شَيْئًا فَلَهُ بَعْدَ الْخُمُسِ، فَذَلِكَ لَهُمْ عَلَى مَا شَرَطَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ غَزَوْا، وَبِهِ رَضُوا. انْتَهَى كَلَامُهُ

وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: "إِنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ لَمْ تُخَمَّسْ"، نَظَرٌ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي شَارِفَيْهِ اللَّذَيْنِ حَصَلَا لَهُ مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَ بَدْرٍ، قَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ السِّيرَةِ بَيَانًا شَافِيًا...

 

روى البخاري:

 

4645 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سُورَةُ الْأَنْفَالِ قَالَ نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ

 

ولدى الواقدي تفاصيل مفيدة في كتابه المغازي:

 

قَالُوا: فَلَمّا تَصَافّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ ÷: مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا. فَلَمّا انْهَزَمُوا كَانَ النّاسُ ثَلاثَ فِرَقٍ فِرْقَةٌ قَامَتْ عِنْدَ خَيْمَةِ النّبِىّ ÷ - وَأَبُو بَكْرٍ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ مَعَهُ فِى الْخَيْمَةِ - وَفِرْقَةٌ أَغَارَتْ عَلَى النّهْبِ وَفِرْقَةٌ طَلَبَتْ الْعَدُوّ فَأَسَرُوا وَغَنِمُوا.

فَتَكَلّمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَكَانَ مِمّنْ أَقَامَ عَلَى خَيْمَةِ النّبِىّ ÷، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا مَنَعَنَا أَنْ نَطْلُبَ الْعَدُوّ زَهَادَةٌ فِى الأَجْرِ وَلا جُبْنٌ عَنْ الْعَدُوّ. وَلَكِنّا خِفْنَا أَنْ يُعْرَى مَوْضِعُك فَتَمِيلُ عَلَيْك خَيْلٌ مِنْ خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَرِجَالٌ مِنْ رِجَالِهِمْ وَقَدْ أَقَامَ عِنْدَ خَيْمَتِك وُجُوهُ النّاسِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَلَمْ يَشِذّ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَالنّاسُ يَا رَسُولَ اللّهِ كَثِيرٌ، وَمَتَى تُعْطِ هَؤُلاءِ لا يَبْقَ لأَصْحَابِك شَيْءٌ وَالأَسْرَى وَالْقَتْلَى كَثِيرٌ وَالْغَنِيمَةُ قَلِيلَةٌ. فَاخْتَلَفُوا، فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلّهِ وَالرّسُولِ} فَرَجَعَ النّاسُ وَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ. ثُمّ أَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: {وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرّسُولِ} فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللّهِ ÷ بَيْنَهُمْ.

فَحَدّثَنِى يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ أَبُو حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ، قَالَ: سَلّمْنَا الأَنْفَالَ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَمْ يُخَمّسْ رَسُولُ اللّهِ ÷ بَدْرًا، وَنَزَلَتْ بَعْدُ: {وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنّ لِلّهِ خُمُسَهُ} فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بِالْمُسْلِمِينَ الْخُمُسَ فِيمَا كَانَ مِنْ أَوّلِ غَنِيمَةٍ بَعْدَ بَدْرٍ.

فَحَدّثَنِى عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ السّاعِدِىّ مِثْلَهُ.

وَحَدّثْنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ أَبِى سَبْرَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: اخْتَلَفَ النّاسُ فِى الْغَنَائِمِ يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ ÷ بِالْغَنَائِمِ أَنْ تُرَدّ فِى الْمَقْسَمِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ إلاّ رُدّ، فَظَنّ أَهْلُ الشّجَاعَةِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ ÷ يَخُصّهُمْ بِهَا دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الضّعْفِ، ثُمّ أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ ÷ أَنْ تُقْسَمَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَوَاءٍ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَيُعْطَى فَارِسُ الْقَوْمِ الّذِى يَحْمِيهِمْ مِثْلَ مَا يُعْطَى الضّعِيفُ؟ فَقَالَ النّبِىّ ÷: ثَكِلَتْك أُمّك، وَهَلْ تُنْصَرُونَ إلاّ بِضُعَفَائِكُمْ؟.

فَحَدّثَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: سَأَلْت مُوسَى بْنَ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: كَيْفَ فَعَلَ النّبِىّ ÷ يَوْمَ بَدْرٍ فِى الأَسْرَى، وَالأَسْلابِ وَالأَنْفَالِ؟ فَقَالَ: نَادَى مُنَادِيهِ يَوْمَئِذٍ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَهُوَ لَهُ، فَكَانَ يُعْطِى مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً سَلَبَهُ، وَأَمَرَ بِمَا وُجِدَ فِى الْعَسْكَرِ وَمَا أَخَذُوا بِغَيْرِ قِتَالٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَهُمْ عَنْ فَوَاق.

 

.... وَكَانَ أَبُو أُسَيْدٍ السّاعِدِىّ، يُحَدّثُ فِيمَا حَدّثَنِى بِهِ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ، وَكَانَ إذَا ذُكِرَ أَرْقَمُ بْنُ أَبِى الأَرْقَمِ قَالَ: مَا يَوْمِى مِنْهُ بِوَاحِدٍ فَيُقَالُ: مَا هُوَ؟ فَقَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ ÷ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرُدّوا مَا فِى أَيْدِيهِمْ مِمّا أَخَذُوا مِنْ الأَنْفَالِ. قَالَ: فَرَدَدْت سَيْفَ ابْنِ عَائِذٍ الْمَخْزُومِىّ وَاسْمُ السّيْفِ الْمَرْزُبَانُ، وَكَانَ لَهُ قِيمَةٌ وَقَدْرٌ. وَأَنَا أَطْمَعُ أَنْ يَرُدّهُ إلَىّ، فَكَلّمَ رَسُولَ اللّهِ فِيهِ، وَكَانَ النّبِىّ ÷ لا يَمْنَعُ شَيْئًا يُسْأَلُهُ فَأَعْطَاهُ السّيْفَ.

 

هناك اختلاف في الكتب هل خمّس محمد غنائم بدر أم لا، والمنطق يقول لا، فهل كان سيأخذ ما وزعه بالتساوي دون خمس، ليأخذ الخمس؟! هذا تشريع عمله لاحقًا لما سيطر أكثر على السلطة.

 

ثم شرّع محمد تشريع الخمس:

 

{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)} الأنفال

 

يقول ابن هشام عن ابن إسحاق في السيرة عن سرية نخلة:

 

وَقَدْ ذَكَرَ بعضُ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: إنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا غَنِمْنَا الْخُمُسَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ اللَّهُ تَعَالَى الْخُمُسَ مِنْ الْمَغَانِمِ، فَعَزَلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُمس الْعِيرِ، وقسَّم سَائِرَهَا بَيْنَ أصحابه.

 

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وقَد ذَكَرَ بعضُ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَسَمَ الْفَيْءَ حِينَ أحلَّه، فَجَعَلَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ لِمَنْ أفاءَه اللَّهُ، وخُمسًا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَوَقَعَ عَلَى مَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بن جحش صنع في تلك العير.

 

ويقول الواقدي:

 

فَحَدّثَنِى عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِىّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَحْشٍ، قَالَ: كَانَ فِى الْجَاهِلِيّةِ الْمِرْبَاعُ، فَلَمّا رَجَعَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَحْشٍ مِنْ نَخْلَةَ خَمّسَ مَا غَنِمَ، وَقَسَمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ سَائِرَ الْغَنَائِمِ، فَكَانَ أَوّلَ خُمُسٍ خُمِسَ فِى الإِسْلامِ حَتّى نَزَلَ بَعْدُ {وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنّ لِلّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41]

 

كم ينبغي على المسلم المقاتل أن يواجه من أضعاف عدده؟

 

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)}

 

قال الطبري:

 

16269- حدثنا محمد بن بشار قال. حدثنا محمد بن محبب قال، حدثنا سفيان، عن ليث، عن عطاء في قوله: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين) ، قال: كان الواحد لعشرة، ثم جعل الواحد باثنين; لا ينبغي له أن يفرَّ منهما.

16270- حدثنا سعيد بن يحيى قال، حدثنا أبي قال، حدثنا ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: جعل على المسلمين على الرجل عشر من الكفار، فقال: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين) ، فخفف ذلك عنهم، فجعل على الرجل رجلان. قال ابن عباس: فما أحب أن يعلم الناس تخفيف ذلك عنهم.

16271- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال: قال محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي نجيح المكي، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية، ثقلت على المسلمين، وأعظموا أن يقاتل عشرون مئتين، ومئة ألفا، فخفف الله عنهم. فنسخها بالآية الأخرى فقال: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين) ، قال: وكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم ينبغ لهم أن يفروا منهم. وإن كانوا دون ذلك، لم يجب عليهم أن يقاتلوا، وجاز لهم أن يتحوّزوا عنهم.

16272- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين) ، قال: كان لكل رجل من المسلمين عشرة لا ينبغي له أن يفرّ منهم. فكانوا كذلك حتى أنزل الله: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين) ، فعبأ لكل رجل من المسلمين رجلين من المشركين، فنسخ الأمر الأول =وقال مرة أخرى في قوله: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين) ، فأمر الله الرجل من المؤمنين أن يقاتل عشرة من الكفار، فشق ذلك على المؤمنين، ورحمهم الله، فقال: (إن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين) ، فأمر الله الرجلَ من المؤمنين أن يقاتل رجلين من الكفار.

16273- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال) ، إلى قوله: (بأنهم قوم لا يفقهون) ، وذلك أنه كان جعل على كل رجل من المسلمين عشرة من العدو يؤشِّبهم =يعني: يغريهم  = بذلك، ليوطنوا أنفسهم على الغزو، وأن الله ناصرهم على العدو، ولم يكن أمرًا عزمه الله عليهم ولا أوجبه، ولكن كان تحريضًا ووصية أمر الله بها نبيه، ثم خفف عنهم فقال: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا) ، فجعل على كل رجلٍ رجلين بعد ذلك، تخفيفا، ليعلم المؤمنون أن الله بهم رحيم، فتوكلوا على الله وصبروا وصدقوا، ولو كان عليهم واجبًا كفّروا إذنْ كلَّ رجل من المسلمين نكل عمن لقي من الكفار إذا كانوا أكثر منهم فلم يقاتلوهم. فلا يغرنَّك قولُ رجالٍ! فإني قد سمعت رجالا يقولون: إنه لا يصلح لرجل من المسلمين أن يقاتل حتى يكون على كل رجل رجلان، وحتى يكون على كل رجلين أربعة، ثم بحساب ذلك، وزعموا أنهم يعصون الله إن قاتلوا حتى يبلغوا عدة ذلك، وإنه لا حرج عليهم أن لا يقاتلوا حتى يبلغوا عدَّةَ أن يكون على كل رجل رجلان، وعلى كل رجلين أربعة، وقد قال الله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [سورة البقرة: 207] ، وقال الله: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة النساء: 84]..إلخ

 

الخمر كان حلالًا ثم حُرِّم

 

{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)} النحل

 

لو أني إلهٌ وأنتوي تحريم الخمور لاحقًا وبالتدريج، وبما أني أعلم المستقبل وما سأفعله فيه، فهل كنت سأصيغ نصًا يعتبر أن السُكْر وشرب الخمر من النعم الإلهية؟!

 

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)} البقرة

 

قال الطبري:

 

وأما قوله:" قل فيهما إثم كبيرٌ ومنافع للناس"، فإنه يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد لهم:" فيهما"، يعني في الخمر والميسر" إثم كبير"، فالإثم الكبير الذي فيهما ما ذكر عن السدي فيما:-

4131 - حدثني به موسى بن هرون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما قوله:" فيهما إثمٌ كبير"، فإثم الخمر أنّ الرجل يشرَب فيسكر فيؤذي الناس. وإثم الميسر أن يُقامر الرجلُ فيمنعَ الحق ويظلم.

4132 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:" قل فيهما إثم كبير"، قال: هذا أوَّل ما عِيبَتْ به الخمر.

4133 - حدثني علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:" قل فيهما إثم كبير"، يعني ما ينقُص من الدين عند من يشربها.

 

قال أبو جعفر: والذي هو أولى بتأويل" الإثم الكبير" الذي ذكر الله جل ثناؤه أنه في الخمر والميسر: في"الخمر" ما قاله السدي: زوال عقل شارب الخمر إذا سكر من شربه إياها حتى يعزب عنه معرفة ربه، وذلك أعظمُ الآثام. وذلك معنى قول ابن عباس إن شاء الله. وأما في"الميسر"، فما فيه من الشغل به عن ذكر الله وعن الصلاة، ووقوع العداوة والبغضاء بين المتياسرين بسببه، كما وصف ذلك به ربنا جل ثناؤه بقوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ) [سورة المائدة: 91]

* * *

وأما قوله:" ومنافع للناس"، فإن منافعَ الخمر كانت أثمانها قبل تحريمها، وما يصلون إليه بشربها من اللذة، كما قال الأعشى في صفتها.

لَنَا مِنْ ضُحَاها خُبْثُ نَفْسٍ وَكَأْبَةٌ ... وذِكْرَى هُمُوم مَا تُغِبُّ أَذَاتُهَا ... وَعِنْد العِشَاءِ طِيبُ نَفْسٍ وَلَذَّةٌ ... وَمَالٌ كَثِير، عِزَّةٌ نَشَوَاتُهَا

 

وكما قال حسّان:

 

فَنَشْرَبُهَا فَتَتْرُكُنَا مُلُوكًا ... وَأُسْدًا، مَا يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ (1)

وأما منافع الميسر، فما يصيبون فيه من أنصِباء الجزور. وذلك أنهم كانوا يياسرون على الجزور، وإذا أفلجَ الرجلُ منهم صاحبَه نحره، ثم اقتسموا أعشارًا على عدد القداح، (2) وفي ذلك يقول أعشى بني ثعلبة:

وَجَزُورِ أَيْسَارٍ دَعَوْتُ إلَى النَّدَى ... وَنِيَاطِ مُقْفِرَةٍ أَخَافُ ضَلالَهَا (3)

* * *

 (1) ديوانه: 4، والكامل 1: 74، وغيرهما، ونهنهه عن الشيء: زجره عنه وكفه ومنعه. أي: لا نخاف لقاء العدو.

(2) الأنصباء جمع نصيب. والمياسرة: المقامرة. وفلج سهم المقامر وأفلج: فاز. وأعشار الجزور: الأنصباء. وكانوا يقسمونه عشرة أجزاء.

(3) ديوانه: 23. الأيسار جمع يسر: وهو الذي يضرب القداح، واللاعب أيضًا، وهو المراد هنا. ورواية الديوان"دعوت لحتفها" والمقفرة: المفازة المقفرة. ونياط المفازة: بعد طريقها، كأنها نيطت -أي وصلت- بمفازة أخرى، لا تكاد تنقطع. وهو بيت من أبيات جياد يتمدح فيها الأعشى بفعله، يقول: وَسَبِيئَةٍ ممّا تُعَتِّقُ بَابِلٌ ... كَدَمِ الذَّبِيحِ، سَلَبْتُهَا جِرْيالَهَا

وَغَرِيبَةٍ تَأتِي المُلُوكَ حَكِيمَةٍ ... قَد قُلْتُهَا لِيُقَالَ: مَنْ ذَا قالَهَا!!

وجَزُورِ أيْسَارٍ. . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وكان الميسر عندهم من كرم الفعال.

 

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

4134 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: المنافع ههنا ما يصيبون من الجَزور.

4135 - حدثني موسى بن هرون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما منافعهُما، فإن منفعة الخمر في لذته وثمنه، ومنفعة الميسر فيما يُصاب من القمار.

4136 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا ابن أبي زائدة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:" قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافعُ للناس"، قال: منافعهما قبل أن يحرَّما.

4137 - حدثنا علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية عن علي، عن ابن عباس:" ومنافع للناس"، قال: يقول فيما يصيبون من لذتها وفرَحها إذا شربوها.

 

وفقًا لهذا فلم يقل محمد آنذاك بتحريم للخمر والقمار، بل قال فقط أن فيهما منافع للناس الربح للتجار والنشوى والمرح للشاربين وربح الرابحين المحظوظين في القمار) وفيهما إثم أو ذنب أكبر (السكر والعربدة وفقدان العقل والشجارات وخسارة الأموال في الخمر والميسر)، فهو نص هنا على الكراهة وليس التحريم.

 

ثم قال محمد لتكريه الخمر وليس تحريمها، بل النهي عن الصلاة أثناء الإصابة بالسُكر:

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)} النساء

قال الطبري:

 

9524 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي: أنه كان هو وعبد الرحمن ورجل آخر شربوا الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن فقرأ: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) فخلط فيها، فنزلت:"لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى".

9525 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حبيب: أن عبد الرحمن بن عوف صنعَ طعامًا وشرابًا، فدعا نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأكلوا وشربوا حتى ثَمِلوا، فقدّموا عليًّا يصلي بهم المغرب، فقرأ:"قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُون أَعْبُد مَا تَعْبُدُون، وَأَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَأَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ لَكُمْ دِيِنكُمْ وَلِيَ دِين"، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية:"لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون".

9526 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"، قبل أن تحرّم الخمر، فقال الله:"يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"، الآية.

9527 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي رزين في قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"، قال: نزل هذا وهم يشربون الخمر. فقال: وكان هذا قبل أن ينزل تحريم الخمر.

9528 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي رزين قال: كانوا يشربون بعد ما أنزلت التي في"البقرة"، (1) وبعد التي في"النساء"، فلما أنزلت التي في"المائدة" تركوها. (2)

 

(1) سورة البقرة: 219: "يسألونك عن الخمر والميسر". (2) سورة المائدة: 90، 91: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه".

 

9529 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون"، قال: نهوا أن يصلوا وهم سكارى، ثم نسخها تحريمُ الخمر.

9531 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"، قال: كانوا يجتنبون السكر عند حضور الصلوات، ثم نسخ بتحريم الخمر.

9532 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي وائل، وأبي رزين وإبراهيم في قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى" و (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) [سورة البقرة: 90] ، وقوله: (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا) [سورة النحل: 67] ، قالوا: كان هذا قبل أن ينزل تحريم الخمر.

 

روى البخاري:

 

3091 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَام أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنْ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي شَارِفًا مِنْ الْخُمُسِ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِيَ فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنْ الْأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ وَشَارِفَايَ مُنَاخَتَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ فَإِذَا شَارِفَايَ قَدْ اجْتُبَّ أَسْنِمَتُهُمَا وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ مِنْهُمَا فَقُلْتُ مَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَالُوا فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِي الَّذِي لَقِيتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى وَخَرَجْنَا مَعَهُ

 

4003 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ ح و حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمْ السَّلَام أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنْ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا فِي بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنْ الصَّوَّاغِينَ فَنَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مِنْ الْأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ حَتَّى جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ فَإِذَا أَنَا بِشَارِفَيَّ قَدْ أُجِبَّتْ أَسْنِمَتُهَا وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ الْمَنْظَرَ قُلْتُ مَنْ فَعَلَ هَذَا قَالُوا فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنْ الْأَنْصَارِ عِنْدَهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ فَوَثَبَ حَمْزَةُ إِلَى السَّيْفِ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا قَالَ عَلِيٌّ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَقِيتُ فَقَالَ مَا لَكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأُذِنَ لَهُ فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ثَمِلٌ فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ

2815 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ اصْطَبَحَ نَاسٌ الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ فَقِيلَ لِسُفْيَانَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ لَيْسَ هَذَا فِيهِ

4044 - أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ اصْطَبَحَ الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ نَاسٌ ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ

 

وروى مسلم:

 

[ 1784 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدثنا الحسن بن موسى حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب حدثني مصعب بن سعد عن أبيه أنه نزلت فيه آيات من القرآن قال حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب قالت زعمت أن الله وصاك بوالديك وأنا أمك وأنا آمرك بهذا قال مكثت ثلاثا حتى غشي عليها من الجهد فقام بن لها يقال له عمارة فسقاها فجعلت تدعو على سعد فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } وإن جاهداك على أن تشرك بي وفيها { وصاحبهما في الدنيا معروفا } [العنكبوت:8] قال وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة فإذا فيها سيف فأخذته فأتيت به الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت نفلني هذا السيف فأنا من قد علمت حاله فقال رده من حيث أخذته فانطلقت حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت أعطنيه قال فشد لي صوته رده من حيث أخذته قال فأنزل الله عز وجل { يسألونك عن الأنفال } [الأنفال: 1] قال ومرضت فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتاني فقلت دعني أقسم مالي حيث شئت قال فأبى قلت فالنصف قال فأبى قلت فالثلث قال فسكت فكان بعد الثلث جائزا قال وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين فقالوا تعال نطعمك ونسقيك خمرا وذلك قبل أن تحرم الخمر قال فأتيتهم في حش والحش البستان فإذا رأس جزور مشوي عندهم وزق من خمر قال فأكلت وشربت معهم قال فذكرت الأنصار والمهاجرون عندهم فقلت المهاجرون خير من الأنصار قال فأخذ رجل أحد لحي الرأس فضربني به فجرح بأنفي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأنزل الله عز وجل في يعنى نفسه شأن الخمر { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان } [المائدة]

 

ورواه أحمد 1567 وفيه لفظ: فكان أنف سعدٍ مفروزًا.

 

وروى البخاري:

 

2084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ آخِرُ الْبَقَرَةِ قَرَأَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ

 

459 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَتْ الْآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الْخَمْرِ

 

7253 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ وَهُوَ تَمْرٌ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أَنَسُ قُمْ إِلَى هَذِهِ الْجِرَارِ فَاكْسِرْهَا قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسٍ لَنَا فَضَرَبْتُهَا بِأَسْفَلِهِ حَتَّى انْكَسَرَتْ

 

5582 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ قُمْ يَا أَنَسُ فَأَهْرِقْهَا فَأَهْرَقْتُهَا

 

4620 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْخَمْرَ الَّتِي أُهْرِيقَتْ الْفَضِيخُ وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ الْبِيكَنْدِيُّ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ قَالَ كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالَ فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ هَذَا مُنَادٍ يُنَادِي أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَقَالَ لِي اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا قَالَ فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ قَالَ وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ قُتِلَ قَوْمٌ وَهْيَ فِي بُطُونِهِمْ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93]

 

{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)} المائدة

 

وروى مسلم:

 

[ 1979 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا حجاج بن محمد عن بن جريج حدثني بن شهاب عن علي بن حسين بن علي عن أبيه حسين بن علي عن علي بن أبي طالب قال أصبت شارفا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغنم يوم بدر وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا أخرى فأنختهما يوما عند باب رجل من الأنصار وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرا لأبيعه ومعي صائغ من بني قينقاع فأستعين به على وليمة فاطمة وحمزة بن عبد المطلب يشرب في ذلك البيت معه قينة تغنيه فقالت

 ألا يا حمز للشرف النواء

  فثار إليهما حمزة بالسيف فجب أسنمتهما وبقر خواصرهما ثم أخذ من أكبادهما قلت لابن شهاب ومن السنام قال قد جب أسنمتهما فذهب بها قال بن شهاب قال علي فنظرت إلى منظر أفظعني فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة فأخبرته الخبر فخرج ومعه زيد وانطلقت معه فدخل على حمزة فتغيظ عليه فرفع حمزة بصره فقال هل أنتم إلا عبيد لآبائي فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقهقر حتى خرج عنهم

 

 [ 1979 ] وحدثنا عبد بن حميد أخبرني عبد الرزاق أخبرني بن جريج بهذا الإسناد مثله

 

 [ 1979 ] وحدثني أبو بكر بن إسحاق أخبرنا سعيد بن كثير بن عفير أبو عثمان المصري حدثنا عبد الله بن وهب حدثني يونس بن يزيد عن بن شهاب أخبرني علي بن حسين بن علي أن حسين بن علي أخبره أن عليا قال كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفا من الخمس يومئذ فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعدت رجلا صواغا من بني قينقاع يرتحل معي فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي فبينا أنا أجمع لشارفي متاعا من الأقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار وجمعت حين جمعت ما جمعت فإذا شارفاي قد اجتبت أسنمتهما وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما قلت من فعل هذا قالوا فعله حمزة بن عبد المطلب وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار غنته قينة وأصحابه فقالت في غنائها

 ألا يا حمز للشرف النواء

  فقام حمزة بالسيف فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما فأخذ من أكبادهما قال علي فانطلقت حتى أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة قال فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي الذي لقيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك قلت يا رسول الله والله ما رأيت كاليوم قط عدا حمزة على ناقتي فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما وها هو ذا في بيت معه شرب قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه فارتداه ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء الباب الذي فيه حمزة فاستأذن فأذنوا له فإذا هم شرب فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل فإذا حمزة محمرة عيناه فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد النظر إلى ركبتيه ثم صعد النظر فنظر إلى سرته ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه فقال حمزة وهل أنتم إلا عبيد لأبي فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه القهقري وخرج وخرجنا معه

 

 [ 1979 ] وحدثنيه محمد بن عبد الله بن قهزاد حدثني عبد الله بن عثمان عن عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري بهذا الإسناد مثله

 

 [ 1980 ] حدثني أبو الربيع سليمان بن داود العتكي حدثنا حماد يعني بن زيد أخبرنا ثابت عن أنس بن مالك قال كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة وما شرابهم إلا الفضيخ البسر والتمر فإذا مناد ينادى فقال اخرج فانظر فخرجت فإذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت قال فجرت في سكك المدينة فقال لي أبو طلحة اخرج فاهرقها فهرقتها فقالوا أو قال بعضهم قتل فلان قتل فلان وهي في بطونهم قال فلا أدري هو من حديث أنس فأنزل الله عز وجل { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات } [المائدة: 93] 

 

 [ 1980 ] وحدثنا يحيى بن أيوب حدثنا بن علية أخبرنا عبد العزيز بن صهيب قال سألوا أنس بن مالك عن الفضيخ فقال ما كانت لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ إني لقائم أسقيها أبا طلحة وأبا أيوب ورجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا إذ جاء رجل فقال هل بلغكم الخبر قلنا لا قال فإن الخمر قد حرمت فقال يا أنس أرق هذه القلال قال فما راجعوها ولا سألوا عنها بعد خبر الرجل

 

[ 1980 ] وحدثنا أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى وابن بشار قالوا أخبرنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أنس بن مالك قال إني لأسقي أبا طلحة وأبا دجانة وسهيل بن بيضاء من مزادة فيها خليط بسر وتمر بنحو حديث سعيد

 [ 1980 ] وحدثني أبو الطاهر أخبرنا بن وهب أخبرني مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه قال كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبا طلحة وأبي بن كعب شرابا من فضيخ وتمر فأتاهم آت فقال إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة يا أنس قم إلى هذه الجرة فاكسرها فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت

 

وروى الحاكم في المستدرك:

 

7226 - حدثنا أحمد بن كامل القاضي ثنا محمد بن سعد بن الحسن العوفي ثنا أبي سعد بن الحسن ثنا سليمان بن قرم عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال  لما نزلت تحريم الخمر قالت اليهود : أليس إخوانكم الذين ماتوا كانوا يشربونها ؟ فأنزل الله عز وجل : { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قيل لي أنت منهم

 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه إنما اتفقا على حديث شعبة عن أبي إسحاق عن البراء مختصرا هذا المعنى

 

صحيح ، وانظر المعجم الكبير للطبراني ج10 حديث  10011

 

7225 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ثنا أحمد بن مهران ثنا عبيد الله بن موسى ثنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال  لما نزل تحريم الخمر قالوا : يا رسول الله كيف إخواننا الذين ماتوا وهم يشربونها ؟ قال : فنزلت : { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا }

 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

 

صحيح وبنحوه في المعجم الكبير للطبراني ج11 حديث 11730  

 

7219 - أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ببغداد ثنا محمد بن الفرج ثنا حجاج بن محمد ثنا ربيعة بن كلثوم بن جبير عن أبيه كلثوم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال  نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار شربوا حتى إذا ثملوا عبس بعضهم ببعض فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه ويرأسه ولحيته فيقول : فعل بي هذا أخي فلان والله لو كان بي رؤوفا رحيما ما فعل هذا بي قال : وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن فوقعت في قلوبهم الضغائن فأنزل الله عز وجل : { إنما الخمر والميسر } إلى قوله { فهل أنتم منتهون } فقال ناس من المتكلفين: هي رجس وهي في بطن فلان قتل يوم بدر وفلان قتل يوم أحد فأنزل الله عز وجل { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } حتى بلغ { والله يحب المحسنين } K على شرط مسلم

 

في لسان العرب: وعَبِسَ الرجلُ اتسخ، وانظر المعجم الكبير للطبراني في ج12 حديث 12459 وفيه لفظ (عبث).

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

378 - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ ، قَالَ : اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً . فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة : 219] . قَالَ : فَدُعِيَ عُمَرُ ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً. فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء : 43] ، فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقَامَ الصَّلاةَ نَادَى : أَنْ لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلاةَ سَكْرَانُ ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً . فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا بَلَغَ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنْتَهُونَ} [المائدة : 91] قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : انْتَهَيْنَا ، انْتَهَيْنَا.

 

إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ خلف بن الوليد ، وهو ثقة ، وثَّقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم ، وإسرائيل - وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي - سماعُه من جده في غاية الإتقان ، وأبو ميسرة - وهو عمرو بن شرحبيل الهمداني - سمع من عمر كما في " الجرح والتعديل " 6 / 237 عن أبي حاتم ، وقول أبي زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في " المراسيل " (516) : حديثه عن عمر مرسل ، لم يتابعه عليه أحد ، فأبو ميسرة تابعي كبير مخضرم ، ولم يُعرف بتدليس قط . وأخرجه ابن أبي شيبة 8 / 112 ، وأبو داود (3670) ، والترمذي (3049) ، والبزار (334) ، والنسائي 8 / 286 - 287 ، والطبري 7 / 33 ، والنحاس في " الناسخ والمنسوخ " : 52 ، والحاكم 4 / 143 ، والبيهقي 8 / 285 من طرق عن إسرائيل ، بهذا الإسناد . وصحح الحاكم إسناده ، ووافقه الذهبي . وأخرجه الحاكم 4 / 143 من طريق حمزة الزيات ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، قال : قال عمر ... فذكره . وصحح الحاكم إسناده ، ووافقه الذهبي ، لكن قال الدارقطني في " العلل " 1 / 185 : الصواب قول من قال : عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر . قوله : " لما نزل تحريم الخمر " ، أي : لما أراد أن يُنزِّل تحريم الخمر ، أو قاربَ أن ينزِّلَ .

 

وقبل التحريم كانت الخمر هدية مقبولة من محمد وغيره من المسلمين، روى مسلم:

 

[ 1579 ] حدثنا سويد بن سعيد حدثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة رجل من أهل مصر أنه جاء عبد الله بن عباس ح وحدثنا أبو الطاهر واللفظ له أخبرنا بن وهب أخبرني مالك بن أنس وغيره عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة السبئي من أهل مصر أنه سأل عبد الله بن عباس عما يعصر من العنب فقال بن عباس إن رجلا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل علمت أن الله قد حرمها قال لا فسار إنسانا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بم ساررته فقال أمرته ببيعها فقال إن الذي حرم شربها حرم بيعها قال ففتح المزاد حتى ذهب ما فيها

 

وروى أحمد:

 

2041 - حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ، فَقَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدِيقٌ مِنْ ثَقِيفٍ - أَوْ مِنْ دَوْسٍ - فَلَقِيَهُ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ بِرَاوِيَةِ خَمْرٍ يُهْدِيهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَبَا فُلانٍ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَهَا ؟ " فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ عَلَى غُلامِهِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَبِعْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَبَا فُلانٍ، بِمَاذَا أَمَرْتَهُ ؟ " قَالَ: أَمَرْتُهُ أَنْ يَبِيعَهَا، قَالَ: " إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا، حَرَّمَ بَيْعَهَا " فَأَمَرَ بِهَا فَأُفْرِغَتْ فِي الْبَطْحَاءِ.

 

حديث صحيح، محمد بن إسحاق- وإن لم يصرح بالتحديث- قد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. يعلى: هو ابن عبيد الطنافسي. وأخرجه الدارمي (2153) عن يعلى، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارمي (2571) ، وأبو يعلى (2468) من طريقين عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي يزيد، عن القعقاع، به. وأخرجه مسلم (1579) ، والبيهقي 6/12 من طريق سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن وعلة، به. وسيأتي برقم (2190) و (2978) و (3373).

 

2978 - حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ وَالْخَمْرُ حَلالٌ، فَأَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا يَقْتَادُهَا عَلَى بَعِيرٍ، حَتَّى وَجَدَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، فَقَالَ: " مَا هَذَا مَعَكَ ؟ " قَالَ: رَاوِيَةُ خَمْرٍ أَهْدَيْتُهَا لَكَ . قَالَ: " هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَهَا ؟ " قَالَ: لَا . قَالَ: " فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَهَا " فَالْتَفَتَ الرَّجُلُ إِلَى قَائِدِ الْبَعِيرِ، وَكَلَّمَهُ بِشَيْءٍ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَقَالَ: " مَاذَا قُلْتَ لَهُ ؟ " قَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا . قَالَ: " إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا " قَالَ: فَأَمَرَ بِعَزَالِي الْمَزَادَةِ فَفُتِحَتْ، فَخَرَجَتْ فِي التُّرَابِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي الْبَطْحَاءِ مَا فِيهَا شَيْءٌ.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، عبد الرحمن بن إسحاق- وهو ابن عبد الله بن الحارث المدني- حسن الحديث، روى له أصحاب السنن ومسلم متابعة، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير ربعي بن إبراهيم، فمن رجال الترمذي، وهو ثقة. ابن وَعْلة: هو عبد الرحمن. وانظر (2041) .

العَزالي، قال ابن الأثير 3/231: جمع العَزْلاء، وهو فم المزادة الأسفل.

 

تحريم الخمر أبطل كثيرًا من التحضر وإتيكيت المجتمعات المتحضرة برأيي، شرب الخمور المعتَّقة الثمينة والمجاملات والضيافة بها وتبادل الأنخاب جزء من الحضارات الغربية، في حال شربها باعتدال في المناسبات السعيدة فلا توجد مشكلة.

 

تحريمات الأطعمة يتم تغييرها:

 

{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)} النحل

 

{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)} الأنعام

{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)} البقرة

 

في كل هذه الآيات استخدم محمد أسلوب القصر، لو أن قائل الكلام إله لما استخدم أسلوبًا كهذا وهو ينتوي لاحقًا وضع تحريمات أخرى غير ما ورد في القرآن، على ما نراه في كتب الأحاديث عند السنة والشيعة على السواء، كتحريم سباع الحيوان [المفترسات] ومفترسات الطيور والحمير الأهلية [الداجنة] والفئران والقنافذ والضفادع والحشرات عدا الجراد.

 

تحريم لحوم الحمير والمفترسات بدون أي سبب علمي واقعي

 

روى البخاري:

 

5528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتْ الْحُمُرُ ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتْ الْحُمُرُ ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُفْنِيَتْ الْحُمُرُ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ فَأُكْفِئَتْ الْقُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ

 

4198 - أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: صَبَّحْنَا خَيْبَرَ بُكْرَةً، فَخَرَجَ أَهْلُهَا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا بَصُرُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ} [الصافات: 177] " فَأَصَبْنَا مِنْ لُحُومِ الحُمُرِ، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ»

 

5520 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ

 

5521 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ وَنَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ تَابَعَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ

 

5523 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ حُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ

 

4216 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ

4218 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَسَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ

 

4219 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَرَخَّصَ فِي الْخَيْلِ

 

5519 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلْنَاهُ

 

5524 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ

 

5529 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ حُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَالَ قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ وَلَكِنْ أَبَى ذَاكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ { قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا }

 

5527 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ قَالَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ وَعُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَالْمَاجِشُونُ وَيُونُسُ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ

 

5530 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالْمَاجِشُونُ عَنْ الزُّهْرِيِّ

 

وروى الحديث بأسانيدهم عن العديد من الصحابة: مسلم 1407 وأحمد (592) و (812) و (1204) و(4720) و (5786) و (5787) و (6291) و (6310) و(7039) و الطيالسي (111) ، والحميدي (37) ، وسعيد بن منصور (848) ، وابن أبي شيبة 4/292 و8/261، والدارمي (2197) ، والبخاري (5115)، والترمذي (1121) و (1794) ، والنسائي 7/202، وأبو يعلى (576) ، والبيهقي في السنن الكبرى 7/201 و202 ومالك في "الموطأ" 2/542، والطيالسي (111) ، والدارمي (1990) ، والبخاري (4216) و (5523) و (6961) ، ومسلم (1407) ، وابن ماجه (1961) ، والترمذي (1794) ، والبزار (641) و (642) ، والنسائي في الكبرى (6646) و 6/125 و126 و7/202، وابن حبان (4143) والنسائي 7/203، والطحاوي 4/204، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/126وأخرجه البخاري (4217) ، وابن أبي شيبة 8/261، والنسائي في "المجتبي" 7/203، وفي "الكبرى" (6645)، وأبو عوانة 5/160 و160-161، والطحاوي 4/204، والطبراني في "الكبير" (13421)، وغيرها. وعن تحريم لحوم المفترسات انظر أحمد 2192 و2619 و2747 و3023 و3544 و3002 و3069 و3141

 

وروى مسلم:

 

[ 1933 ] وحدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن يعني بن مهدي عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل ذي ناب من السباع فأكله حرام

  

 [ 1933 ] وحدثنيه أبو الطاهر أخبرنا بن وهب أخبرني مالك بن أنس بهذا الإسناد مثله

 

 [ 1934 ] وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن الحكم عن ميمون بن مهران عن بن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير

 

 [ 1934 ] وحدثني حجاج بن الشاعر حدثنا سهل بن حماد حدثنا شعبة بهذا الإسناد مثله

 

 [ 1934 ] وحدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سليمان بن داود حدثنا أبو عوانة حدثنا الحكم وأبو بشر عن ميمون بن مهران عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير

 

[ 1938 ] وحدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير عن عاصم عن الشعبي عن البراء بن عازب قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نلقى لحوم الحمر الأهلية نيئة ونضيجة ثم لم يأمرنا بأكله

 

 

 [ 1939 ] وحدثني أحمد بن يوسف الأزدي حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي عن عاصم عن عامر عن بن عباس قال لا أدري إنما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه كان حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم أو حرمه في يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية

 

 [ 1802 ] وحدثنا محمد بن عباد وقتيبة بن سعيد قالا حدثنا حاتم وهو بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ثم إن الله فتحها عليهم فلما أمسى الناس اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيرانا كثيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذه النيران على أي شيء توقدون قالوا على لحم قال على أي لحم قالوا على لحم حمر إنسية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أهريقوها واكسروها فقال رجل يا رسول الله أو نهريقها ونغسلها قال أو ذاك

 

 [ 1802 ] وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا حماد بن مسعدة وصفوان بن عيسى ح وحدثنا أبو بكر بن النضر حدثنا أبو عاصم النبيل كلهم عن يزيد بن أبي عبيد بهذا الإسناد

 

 [ 1940 ] وحدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن أيوب عن محمد عن أنس قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أصبنا حمرا خارجا من القرية فطبخنا منها فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عنها فإنها رجس من عمل الشيطان فأكفئت القدور بما فيها وإنها لتفور بما فيها

 

لا توجد أي مشكلة أو مانع صحي طبي في أكل لحوم الحمير، فهي ذوات حوافر كغيرها، ومن عدم المنطق أنه حلل لحوم الخيل، مع كون الاثنين من فصيلتين متقاربتين، ويمكنهما التزواج وإنجاب بغل ذكر عقيم؟! تحريم بلا معنى ولا سبب، وكذلك تحريم الحيوانات المفترسة، قد نمنع كمتحضرين صيد الحيوانات المفترسة باعتبارهم كائنات أذكياء لهم مقدار من العقل والوعي، أو لمنع انقراضهم، لكنْ ليس بدعوى أن لحومهم رجس أو نجسة بتعليلات خرافية أسطورية. وكما لاحظ عبد الله بن عباس تتناقض هذه الأحاديث من أفعال محمد ووصاياه تمامًا مع أسلوب القصر في آيات تحريمات القرآن للأطعمة. ورغم محاولة ابن عباس وغيره من بعده من أصحاب الرأي المبيح لحمر الحمير للقول بأن تحريم محمد كان مؤقتًا لأجل عدم انعدام الظهر للركوب، فإن لفظ الأحاديث الواصفة له برجس تنفي ذلك التأويل والزعم، والقصر والحصر في القرآن يفيد عدم وجود محرمات أخرى إلا ما ورد في القرآن، كما يُفترَض، يبدو أن محمدًا حرَّم محرمات أخرى بعد صياغة آياته كان قد نسي اقتباسها وتبنيها من الشرائع اليهودية في سِفْر اللاويين من التوراة.

 

يقول الواقدي:

 

وَكَانَ أَبُو رُهْمٍ الْغِفَارِىّ يُحَدّثُ قَالَ: أَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ وَنَزَلْنَا خَيْبَرَ زَمَانَ الْبَلَحِ وَهِىَ أَرْضٌ وَخِيمَةٌ حَارّةٌ شَدِيدٌ حُرّهَا. فَبَيْنَا نَحْنُ مُحَاصِرُونَ حِصْنَ الصّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ فَخَرَجَ عِشْرُونَ حِمَارًا مِنْهُ أَوْ ثَلاثُونَ فَلَمْ يَقْدِرْ الْيَهُودُ عَلَى إدْخَالِهَا، وَكَانَ حِصْنُهُمْ لَهُ مَنَعَةٌ فَأَخَذَهَا الْمُسْلِمُونَ فَانْتَحَرُوهَا، وَأَوْقَدُوا النّيرَانَ وَطَبَخُوا لُحُومَهَا فِى الْقُدُورِ وَالْمُسْلِمُونَ جِيَاعٌ وَمَرّ بِهِمْ رَسُولُ اللّهِ ÷ وَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ فَأَمَرَ مُنَادِيًا: إنّ رَسُولَ اللّهِ يَنْهَاكُمْ عَنْ الْحُمُرِ الإِنْسِيّةِ - قَالَ: فَكَفَوْا الْقُدُورَ - وَعَنْ مُتْعَةِ النّسَاءِ وَعَنْ كُلّ ذِى نَابٍ وَمِخْلَبٍ.

 

وروى ابن إسحاق:

 

وأكل المسلمون لحومَ الحمر الأهلية من حُمرها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى الناس عن أمور سماها لهم.

قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن عمرو بن ضَمْرة الفَزاري عن عبد الله بن أبي سَليط، عن أبيه، قال: أتانا نهىُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الإِنسية، والقدور تفور بها، فكفأناها على وجوهها.

 

قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي نَجيح، عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم يومئذ عن إتيان الحبالى من السبايا، وعن أكل الحمار الأهلي، وعن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن بيع المغانم حتى تُقسم

 

قال ابن إسحاق: وحدثني سلاَّم بن كِرْكِرَة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، ولم يشهد جابر خيبر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهى الناس عن أكل لحوم الحمر، أذن لهم في أكل لحوم الخيل.

 

تطورات وتغييرات فرض الصيام

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)} البقرة

 

الصيام المفروض كان ثلاثة أيام من كل شهر في أول الإسلام، قال ابن كثير:

 

...ثُمَّ بَيَّنَ مِقْدَارَ الصَّوْمِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَى النُّفُوسِ فَتَضْعُفَ عَنْ حَمْلِهِ وَأَدَائِهِ، بَلْ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ. وَقَدْ كَانَ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ يَصُومُونَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. وَقَدْ رُوي أَنَّ الصِّيَامَ كَانَ أَوَّلًا كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأُمَمُ قَبْلَنَا، مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ -عَنْ مُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَزَادَ: لَمْ يَزَلْ هَذَا مَشْرُوعًا مِنْ زَمَانِ نُوحٍ إِلَى أَنْ نَسَخ اللَّهُ ذَلِكَ بِصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ.

 

الصيام كان فرضًا اختياريًّا غير إجباريّ

 

.... وَأَمَّا الصَّحِيحُ الْمُقِيمُ الذِي يُطيق الصِّيَامَ، فَقَدْ كَانَ مخيَّرًا بَيْنَ الصِّيَامِ وَبَيْنَ الْإِطْعَامِ، إِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ، وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، فَإِنْ أَطْعَمَ أَكْثَرَ مِنْ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ، فَهُوَ خَيْرٌ، وَإِنْ صَامَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِطْعَامِ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ السَّلَفِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

 

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:

 

22124 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: أَبُو النَّضْرِ فِي حَدِيثِهِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أُحِيلَتِ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، وَأُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، فَأَمَّا أَحْوَالُ الصَّلَاةِ: فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُوَ يُصَلِّي سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] قَالَ: فَوَجَّهَهُ اللهُ إِلَى مَكَّةَ قَالَ: فَهَذَا حَوْلٌ . قَالَ: وَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ لِلصَّلَاةِ وَيُؤْذِنُ بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى نَقَسُوا أَوْ كَادُوا يَنْقُسُونَ . قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ وَلَوْ قُلْتُ إِنِّي لَمْ أَكُنْ نَائِمًا لَصَدَقْتُ، إِنِّي بَيْنَا أَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ رَأَيْتُ شَخْصًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ . اللهُ أَكْبَرُ . أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. مَثْنَى مَثْنَى حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْأَذَانِ، ثُمَّ أَمْهَلَ سَاعَةً . قَالَ: ثُمَّ قَالَ مِثْلَ الَّذِي قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ يَزِيدُ فِي ذَلِكَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَلِّمْهَا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ بِهَا " . فَكَانَ بِلَالٌ أَوَّلَ مَنْ أَذَّنَ بِهَا . قَالَ: وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ قَدْ طَافَ بِي مِثْلُ الَّذِي أَطَافَ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ سَبَقَنِي فَهَذَانِ حَوْلَانِ . قَالَ: وَكَانُوا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ، وَقَدْ سَبَقَهُمْ بِبَعْضِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ يُشِيرُ إِلَى الرَّجُلِ إِذَا جَاءَ كَمْ صَلَّى ؟ فَيَقُولُ: وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَيُصَلِّيهَا، ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ فِي صَلَاتِهِمْ قَالَ: فَجَاءَ مُعَاذٌ فَقَالَ: لَا أَجِدُهُ عَلَى حَالٍ أَبَدًا إِلَّا كُنْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَضَيْتُ مَا سَبَقَنِي . قَالَ: فَجَاءَ وَقَدْ سَبَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِهَا قَالَ: فَثَبَتَ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَامَ فَقَضَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ فَهَكَذَا فَاصْنَعُوا " فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ، وَأَمَّا أَحْوَالُ الصِّيَامِ: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَالَ يَزِيدُ: فَصَامَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ إِلَى رَمَضَانَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَصَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ثُمَّ إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْهِ الصِّيَامَ، فَأَنْزَلَ اللهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قَالَ: فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَطْعَمَ مِسْكِينًا، فَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ الْآيَةَ الْأُخْرَى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] إِلَى قَوْلِهِ {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] قَالَ: فَأَثْبَتَ اللهُ صِيَامَهُ عَلَى الْمُقِيمِ الصَّحِيحِ، وَرَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَثَبَّتَ الْإِطْعَامَ لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ، فَهَذَانِ حَوْلَانِ . قَالَ: وَكَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ مَا لَمْ يَنَامُوا، فَإِذَا نَامُوا امْتَنَعُوا . قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ صِرْمَةُ ظَلَّ يَعْمَلُ صَائِمًا حَتَّى أَمْسَى فَجَاءَ إِلَى أَهْلِهِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ نَامَ فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى أَصْبَحَ فَأَصْبَحَ صَائِمًا قَالَ: فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ جَهَدَ جَهْدًا شَدِيدًا قَالَ: " مَا لِي أَرَاكَ قَدْ جَهَدْتَ جَهْدًا شَدِيدًا ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي عَمِلْتُ أَمْسِ فَجِئْتُ حِينَ جِئْتُ، فَأَلْقَيْتُ نَفْسِي فَنِمْتُ، وَأَصْبَحْتُ حِينَ أَصْبَحْتُ صَائِمًا . قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ قَدْ أَصَابَ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ جَارِيَةٍ أَوْ مِنْ حُرَّةٍ بَعْدَ مَا نَامَ، وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] إِلَى قَوْلِهِ {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَقَالَ يَزِيدُ فَصَامَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ إِلَى رَمَضَانَ.

 

رجاله ثقات رجال الشيخين غير المسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة- فقد روى له البخاري استشهاداً وأصحاب السنن، وكان قد اختلط، ورواية أبي النضر -وهو هاشم بن القاسم- ويزيد بن هارون بعد الاختلاط، وابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، فهو منقطع، وقد اختُلف فيه على ابن أبي ليلى كما سيأتي في التخريج، وكما سلف برقم (22027) . وأخرجه الحاكم 2/274 من طريق أبي النضر وحده، بهذا الإسناد . وأخرجه أبو داود (507) ، وابن خزيمة (381) ، والشاشي (1362) و (1363) من طريق يزيد بن هارون وحده، به . وأخرجه الطيالسي (566) ، وأبو داود (507) ، والطبري 2/4 و131 و132-133، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (478) ، والطبراني 20/ (270) ، والبيهقي 1/391 و420-421 و2/296 و4/200 من طرق عن المسعودي، به . وكلهم ممن روى عنه بعد الاختلاط . وأخرجه الدارقطني في "العلل" 6/61 من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن مرة، به مختصراً بقصة الأذان . وأخرجه الشاشي (1358) ، والطبراني 20/ (269) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن مرة، به مختصراً بلفظ: "إذا أتى أحدكم الإمام وهو على حال، فليصنع كما يصنع" . وأخرجه الترمذي (591) ، والشاشي (1359) ، والطبراني 20/ (267) ، والبغوي (825) من طريق حجاج، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن علي . وعن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ، كلاهما عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع" . وأخرجه مختصراً كذلك الشاشي (1361) ، والطبراني 20/ (268) من طريق حجاج، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن أشياخهم، عن معاذ . وأخرجه البخاري تعليقاً في كتاب الصيام، باب وعلى الذين يطيقونه، والبيهقي 4/200، وابن حجر في "تغليق التعليق" 3/185 من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: حدثنا أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فذكره مختصراً بقصة النسخ في الصيام دون النسخ الثالث . وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن أبي شيبة 1/204، وأبو داود (506) ، وابن خزيمة (383) ، والطبري 2/131 و133، والحازمي في "الاعتبار" ص 143 من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، حدثنا أصحابنا . وفي آخر رواية ابن خزيمة: قال عمرو: حدثني بهذا حصين -يعني ابن عبد الرحمن- عن ابن أبي ليلى، وقال شعبة: وقد سمعته من حصين، عن ابن أبي ليلى .وقد سلفت رواية حصين عن ابن أبي ليلى، عن معاذ برقم (22033) مختصرة بقصة المسبوق في صلاته .

 

وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ، بِهِ.

 

وروى أبو داوود:

 

2318 - حدثنا ابن المثنى ثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن عروة عن سعيد بن جبير  عن ابن عباس { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } قال كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا والحبلى والمرضع إذا خافتا

 قال أبو داود يعني على أولادهما أفطرتا وأطعمتا .

وروى البخاري:

 

4506 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَرَأَ { فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ } قَالَ هِيَ مَنْسُوخَةٌ

 

4507 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ حَتَّى نَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ مَاتَ بُكَيْرٌ قَبْلَ يَزِيدَ

 

بَابٌ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ نَسَخَتْهَا {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} * وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَنَسَخَتْهَا {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فَأُمِرُوا بِالصَّوْمِ


1949 - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَرَأَ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} قَالَ هِيَ مَنْسُوخَةٌ

 

وقال ابن كثير:

 

وَقَوْلُهُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كَمَا قَالَ مُعَاذٌ: كَانَ (7) فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ: مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. وَهَكَذَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمة بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطر يَفْتَدِي، حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ التِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا .

وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قَالَ: يَقُولُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أَيْ: يَتَجَشَّمُونَهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ مِسْكِينًا {فَمَنْ تَطَوَّعَ} قَالَ: يَقُولُ: أَطْعَمَ مِسْكِينًا آخَرَ {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَتْهَا: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}

 

أول الإسلام لم يُفرض رمضان شهر الصوم العربي القبل إسلامي للمتحنّثين المتعبدين، وفرض محمد وقتها فقط صيام يوم الكفارة اليهودي

 

روى البخاري:

 

1924 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا يَأْكُلْ

 

1960 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا وَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ

 

وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ عَاشُورَاءُ يُصَامُ، فَلَمَّا نَزَلَ فَرْضُ رَمَضَانَ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ [البخاري برقم (4502) وصحيح مسلم برقم (1125)] . وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ، مِثْلُهُ [البخاري برقم (4501) وحديث ابن مسعود في صحيح البخاري برقم (4503)]

.

وروى البخاري:

 

1892 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَصُومُهُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ صَوْمَهُ

 

4503 - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ فَقَالَ الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ فَقَالَ كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ فَادْنُ فَكُلْ

 

سبب صيام محمد لعاشوراء هو تقليد مباشر لليهود

 

روى البخاري:

2004 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ

 

4737 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوهُ

 

2005 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصُومُوهُ أَنْتُمْ

 

3397 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ عَنْ ابْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا يَعْنِي عَاشُورَاءَ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ فَقَالَ أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ

وروى مسلم من ضمن مروياته:

 

 [ 1127 ] وحدثني محمد بن حاتم حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال دخل الأشعث بن قيس على بن مسعود وهو يأكل يوم عاشوراء فقال يا أبا عبد الرحمن إن اليوم يوم عاشوراء فقال قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان ترك فإن كنت مفطرا فاطعم

 

 [ 1128 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبيد الله بن موسى أخبرنا شيبان عن أشعث بن أبي الشعثاء عن جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة رضى الله تعالى عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده

 

[ 1130 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون فنحن نصومه تعظيما له فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحن أولى بموسى منكم فأمر بصومه

 

[ 1131 ] وحدثناه أحمد بن المنذر حدثنا حماد بن أسامة حدثنا أبو العميس أخبرني قيس فذكر بهذا الإسناد مثله وزاد قال أبو أسامة فحدثني صدقة بن أبي عمران عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى رضى الله تعالى عنه قال كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيدا ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فصوموه أنتم

 

لاحقًا لتبني محمد منهج مخالفة اليهود قال حسب رواية مسلم:

 

 [ 1134 ] وحدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا بن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب حدثني إسماعيل بن أمية أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول سمعت عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما يقول حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

[ 1134 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا وكيع عن بن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن عمير لعله قال عن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيت الي قابل لأصومن التاسع وفي رواية أبي بكر قال يعني يوم عاشوراء

 

هناك خلط في الأحاديث الإسلامية بين يوم الكفارة وهو يوم صيام اليهود لتكفير الآثام السنوية فيما يعتقدون وهذا هو ما قلده محمد قبل تبنيه لصيام رمضان من تقليد العرب المتحنِّثين في التقليد الوثني قبل الإسلام، ويوم عيد الفصح وهو أشبه بعيد الأضحى الإسلامي وهو عيد العبور أي خروج موسى وبني إسرائيل من مصر في اعتقادهم وفيه يحرم الصيام على اليهود لأنه عيد ويحتفلون بعمل الفطائر والذبائح.

 

جاء في اللاويين 16 عن صيام يوم الكفارة أو الغفران (كيبور):

 

(29«وَيَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً، أَنَّكُمْ فِي الشَّهْرِ السَّابعِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ، وَكُلَّ عَمَل لاَ تَعْمَلُونَ: الْوَطَنِيُّ وَالْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ. 30لأَنَّهُ فِي هذَا الْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ الرَّبِّ تَطْهُرُونَ. 31سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ، وَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً. 32وَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ الَّذِي يَمْسَحُهُ، وَالَّذِي يَمْلأُ يَدَهُ لِلْكَهَانَةِ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ. يَلْبَسُ ثِيَابَ الْكَتَّانِ، الثِّيَابَ الْمُقَدَّسَةَ، 33وَيُكَفِّرُ عَنْ مَقْدِسِ الْقُدْسِ. وَعَنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَالْمَذْبَحِ يُكَفِّرُ. وَعَنِ الْكَهَنَةِ وَكُلِّ شَعْبِ الْجَمَاعَةِ يُكَفِّرُ. 34وَتَكُونُ هذِهِ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً لِلتَّكْفِيرِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُمْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ». فَفَعَلَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.)

 

ولنلخص المعلومات، تقول دائرة المعارف الكتابية في مادة عيد- أعياد:

 

يوم الكفارة : وكان يعتبر أعظم الأعياد القومية في إسرائيل ، ففيه كانت تقدم الكفارة عن الخطية 0 وكان يقع في اليوم العاشر من الشهر السابع ( تشري ) ، وهو اليوم الوحيد الذي أمرت الشريعة أن يذلل كل الشعب فيه نفوسهم ( أي أن يصوموا ) من مساء اليوم التاسع إلى مساء اليوم العاشر، مما كان يضفي على هذا اليوم قداسة خاصة 0 كما أنه كان اليوم الوحيد في السنة ، الذي يدخل فيه رئيس الكهنة إلى قداس الأقداس ، وهو لابس قميص كتان وسراويل كتان ومنطقة من كتان وعمامة من كتان، بعد أن يرخص جسده بماء0 وكان هذا يتم على مرتين :

أ- فكان يدخل في المرة الأولى حاملاً دم ثور ذبيحة الخطية عن نفسه وعن بيته، كما كان " يأخذ ملء المجمرة جمر نار عن المذبح من أمام الرب ، وملء راحتىه بخوراً عطراً دقيقاً، ويدخل بهما إلى داخل الحجاب، ويجعل البخور على النار أمام الرب فتغشى سحابة البخور الغطاء الذي على الشهادة فلا يموت0 ثم يأخذ من دم الثور وينضح بإصبعه على وجه الغطاء إلى الشرق0 وقدام الغطاء ينضح سبع مرات من الدم بإصبعه " (اللاويين16 : 11-14 ) 0

ب -وفي المرة الثانية ، كان يأخذ هرون تيسين ويوقفهما أمام الرب لدى باب خيمة الاجتماع، ويلقى علىهما قرعتين ، قرعة للرب وقرعة لعزازيل، " ثم يذبح تيس الخطية الذي للشعب، ويدخل بدمه إلى داخل الحجاب ويفعل بدمه كما فعل بدم الثور 000 فيكفر عن القدس من نجاسات بني إسرائيل  ومن سيآتهم مع كل خطاياهم0 وهكذا يفعل لخيمة الاجتماع القائمة بينهم في وسط نجاساتهم0 ولا يكن إنسان في خيمة الاجتماع من دخوله للتكفير في القدس إلى خروجه، فيكفر عن نفسه وعن بيته، وعن كل جماعة إسرائيل0 ثم يخرج إلى المذبح الذي أمام الرب ويكفر عنه0 يأخذ من دم الثور ومن دم التيس ويجعل على قرون المذبح مستديراً، وينضح علىه من الدم بإصبعه سبع مرات ويطهره ويقدسه من نجاسات بني إسرائيل " (اللاويين16 : 15-19 )0

ثم يقدم التيس الحي - الذي خرجت علىه القرعة لعزازيل - الذي كان واقفاً حيَّاً أمام المذبح، و " يضع هرون يديه على رأس التيس الحي ، ويقر علىه بكل ذنوب بني إسرائيل وكل سيئاتهم مع كل خطاياهم ويجعلها على رأس التيس ويرسله بيد من يلاقيه إلى البرية0 ليحمل التيس علىه كل ذنوبهم إلى أرض مقفرة فيُطلق التيس في البرية "
(اللاويين16 : 20-22 )0

وكان التيسان يعتبران ذبيحة واحدة، فيرمز موت الأول إلى التكفير عن الخطية، أما التيس الثاني فيرمز – بالاعتراف بخطايا الشعب على رأسه وإرساله إلى البرية – بالمحو الكامل للخطية، كما في حالة العصفورين عند تطهير الأبرص (اللاويين14 : 4-7 )0

 

وجاء في الموسوعة اليهودية بالإنجليزية/ مادة الصوم وأيام الصيام Fasting and Fast days:

 

العلاقة بالسبت

 

يوم الصوم المحدد الوحيد الذي يُحتفَل به في السبت لو توافق معه، هو يوم الكفّارة، أما كل أيام الصيام الأخرى فلو وقعت في السبت فتؤجَّل إلى اليوم التالي.

 

في الإسلام

 

في بداية الإسلام بمكة لم يكن من ضمن ممارساته الشعائرية الصيامُ، بدايةً من عصر الهجرة إلى المدينة يثرب يؤرَّخ بدء الصوم. لم تأتِ فكرة الصوم عفويًّا في الإسلام، بل متبناة من التقليد اليهودي. وطبقًا للأحاديث الصحيحة قدَّم محمدٌ في البدء يومًا واحدًا فقط للصيام، متماثلًا مع يوم الكفارة اليهوديّ، وسمّاه (عاشوراء)، وهي كلمة تتماثل مع الكلمة العبرو آرامية (عاسور) أي اليوم العاشر من شهر تشري، وبعد ذلك_رغم ذلك_ جعله غيرَ واجبٍ وهجره، مع هجره لكثير من التقليد المأخوذة من الشعائر اليهودية، وعين شهرًا معينًا في السنة للصيام (رمضان)، مقتبِسًا ذلك من تقليد تعبديّ قديم للدين العربي القبل إسلامي.

 

الصيام من الشروق إلى الغروب في الإسلام، وهذا وثيق الصلة بالقوانين الدينية اليهودية بمنع الطعام والشرب والجنس حتى الليل. فهذه الشعائر تمارَس طبقًا لشعائر يوم الكفارة في التقاليد والتعاليم الرابينية (الخاصة بالأحبار الربيين).

 

أما عن عيد الفصح فممارساته كالتالي كما تلخص لنا دائرة المعارف الكتابية لوليم وهبة:

 

عيد الفصح وعيد الفطير : كان عيد الفصح أول ثلاثة أعياد سنوية كبرى، كان يجب فيها أن يظهر جميع الذكور البالغين، أمام الرب (خروج 23: 14 و17، 34 : 23 و24، تثنية 16 : 16). وكان يحتفل بعيد الفصح في الرابع عشر من شهر أبيب (وهو شهر نيسان فيما بعد السبي)، وكان يعقبه مباشرة عيد الفطير من الخامس عشر من نفس الشهر إلى الحادي والعشرين منه. وكان شهر أبيب (نيسان) هو أول الشهور العبرية الدينية أو المقدسة (خروج 12 : 2). وسُمي هذا العيد " بالفصح" (أي "العبور") من قول الرب : " ويكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها.  فأرى الدم وأعبر عنكم " (خروج 12 : 13). وكان خروف الفصح يُذبح في عشية اليوم الرابع عشر، ثم يعقبه عيد الفطير، وكان يُحَّرم فيه وجود خمير أو شيء مختمر في كل بيوتهم لمدة سبعة أيام (خروج 12 : 15 – 20، 13 : 1 – 10، لاويين 23 : 5 – 8، عدد 28 : 16 – 25، تثنية 16 : 1 – 8) 0

(أ ) منشأه والاحتفال به :

كان الغرض منه هو إحياء ذكرى نجاة بني إسرائيل من بيت العبودية في مصر ، ونجاة أبكارهم عندما ضرب الرب كل أبكار مصر 0 وقد أمر الرب أن يأخذ كل بيت في العاشر من شهر أبيب ( نيسان ) شاة صحيحة ذكر ابن سنة بلا عيب ويذبحه في مساء اليوم الرابع عشر ، ويأخذ من دمه ويرش على القائمتين والعتبة العليا في البيوت التي يأكلونه فيها ، وذلك لحمايتهم من ضربة هلاك الأبكار 0 ثم كان لحم الشاة يُشوى بالنار ، رأسه مع أكارعه وجوفه ، ويؤكل مع فطير على أعشاب مرة ، ويأكلونه  وأحقاؤهم مشدودة وأحذيتهم في أرجلهم وعصيهم في أيديهم 0 وإن كان البيت صغيراً عن أن يكون كفواً لشاة ، يأخذ هو وجاره القريب من بيته بحسب عدد النفوس والباقي منه إلى الصباح يحرق بالـنار (خــر12 : 1-14 )0

(ب) بعد إقامة الكهنوت وخيمة الشهادة ، اختلف الاحتفال بالفصح في بعض التفصيلات عن الفصح الأول وهي :

(1)   كان يجب ذبح خروف الفصح " في المكان الذي يختاره الرب ليحل اسمه فيه " وليس في البيت ( تث 16 : 2-6 ) 0

(2)   كان الدم يرش على المذبح بدلاً من القائمتىن والعتبة العلىا 0

(3)   بالإضافة إلى وليمة خروف الفصح ، كانت هناك ذبائح تقدم في كل يوم من أيام عيد الفطير الذي يعقب عيد الفصح ( عد 28 : 16-24 ) 0

(4)   كانوا يرددون على مسامع أولادهم معنى الفصح عند الاحتفال به في كل سنة ( خر 12 : 24-27 ) 0

(5)   تقرر بعد ذلك الترنم بالمزامير 113-118 في أثناء أكل خروف الفصح0

(6) كان على الذين لا يستطيعون عمل الفصح في اليوم الرابع عشر من الشهر الأول ، بسبب نجاسة طقسية ، أو بسبب السفر في ذلك الموعد ، أن يصنعوا الفصح في اليوم الرابع عشر من الشهر التإلى ( عد 9 :9-12 ، انظر أيضاً 2أخ 30 : 2 و 3)0

 

ويقول يوسيفوس إن الخروف كان يكفي ما بين عشرة أشخاص إلى عشرين شخصاً0 وكان محرماً على أي شخص نجس ( رجلاً كان أو امرأة ) أن يأكل منه0 وبعد مباركة الوليمة ، كان يشرب أول كأس من الخمر ، ويعقب ذلك أكل شيء من الأعشاب المرة 0 وقبل أكل خروف الفصح والفطير ، كانوا يشربون كأساً ثانية، وهنا يسأل الأولاد السؤال التقليدي : " ما هذه الخدمة لكم؟ " (خر 12 : 26)، فيجيب الأب : " هي ذبيحة فصح للرب الذي عبر عن بيوت بني إسرائيل في مصر لما ضرب المصريين وخلص بيوتنا " (خر 12 : 27)0 ثم يرنمون الجزء الأول من ترانيم العيد (مز 113، 114)0 ثم يأكلون خروف الفصح ويتناولون الكأسين الثالثة والرابعة من الخمر ، ثم يرنمون الجزء الثاني من ترانيم العيد (مز 115 – 118)0

 

صيام رمضان كان يبدأ من لحظة نوم الشخص بعد إفطاره

 

وقال ابن كثير:

 

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ أُنْزِلَتْ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} كُتِبَ عَلَيْهِمْ إِذَا صَلَّى أَحَدُهُمُ الْعَتَمَةَ وَنَامَ حَرَّمَ [اللَّهُ]  عَلَيْهِ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالنِّسَاءَ إِلَى مِثْلِهَا.

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَير، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيّان، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، نَحْوَ ذَلِكَ.

 

وروى البخاري:

 

1915 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا فَلَمَّا حَضَرَ الْإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ لَهَا أَعِنْدَكِ طَعَامٌ قَالَتْ لَا وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ خَيْبَةً لَكَ فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا وَنَزَلَتْ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}

 

واضح إذن أن طريقة وشروط الصيام في الأول كانت أسوأ من الحالية المعروفة وقد تسببت في ضرر لأشخاص كهذا الذي أغمي عليه فهذا ضرر صحي، فهل هناك إله كان سيعتمد تشريعه ووضعه للشعائر على الخطإ والتجربة والتخبط وارتكاب الأخطاء وتصحيحها بناء على الاقتراحات والمستجدات؟!

 

وروى أحمد:

 

(18611) 18812- حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، وَأَبُو أَحْمَدَ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا ، فَحَضَرَ الإِفْطَارُ ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلاَ يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَإِنَّ فُلاَنًا الأَنْصَارِيَّ ، كَانَ صَائِمًا ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ ، فَقَالَ : هَلْ عِنْدَكِ مِنْ طَعَامٍ ؟ قَالَتْ : لاَ ، وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ ، وَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ ، قَالَتْ : خَيْبَةٌ لَكَ ، فَأَصْبَحَ ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ ، غُشِيَ عَلَيْهِ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ، إِلَى قَوْلِهِ : {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ}.

قَالَ أَبُو أَحْمَدَ : وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ جَاءَ ، فَنَامَ ، فَذَكَرَهُ.

 

وروى الحاكم في المستدرك:

 

3085 - أخبرني عيد الله بن الحسين القاضي بمرو ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ثنا المسعودي حدثني عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال  أما أحوال الصيام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام وصيام يوم عاشوراء ثم أن الله فرض عليه الصيام فأنزل الله : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } إلى هذه الآية { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا فأجزى ذلك عنه ثم أن الله أنزل الآية الأخرى { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس } إلى قوله تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض وللمسافر وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام فهذان حولان وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا امتنعوا ثم أن رجلا من الأنصار يقال له : صرمة كان يعمل صائما حتى أمسى فجاء إلى أهله فصلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائما [قال] فألقيت نفسي فنمت وأصبحت صائما وكان عمر قد أصاب من النساء من جارية أو حرة بعدما نام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزل الله { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } إلى قوله { ثم أتموا الصيام إلى الليل }

 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

 

قال الألباني: صحيح

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

(15795) 15888- حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جُبَيْرٍ ، مَوْلَى بَنِي سَلِمَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ النَّاسُ فِي رَمَضَانَ إِذَا صَامَ الرَّجُلُ ، فَأَمْسَى فَنَامَ حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ ، وَالشَّرَابُ ، وَالنِّسَاءُ حَتَّى يُفْطِرَ مِنَ الْغَدِ ، فَرَجَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَقَدْ سَهِرَ عِنْدَهُ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ نَامَتْ ، فَأَرَادَهَا فَقَالَتْ : إِنِّي قَدْ نِمْتُ ، قَالَ : مَا نِمْتِ ثُمَّ وَقَعَ بِهَا ، وَصَنَعَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَغَدَا عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}.

 

إسناده حسن، ابن لهيعة- وإن كان سيئ الحفظ-، روى عنه هنا ابن المبارك، وهو أحد من تقبل روايتهم عنه، وموسى بن جبير، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الذهبي في "الكاشف"، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الطبري فى "التفسير" (2941) من طريق سويد، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلاّم في "الناسخ والمنسوخ" (57) من طريق  سعيد بن أبي مريم، عن ابن لهيعة، به. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/317، وقال: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وقد ضُعِّف، وبقية رجاله ثقات.

وله شاهد من حديث البراء عند البخاري (1915) مطولاً، وفيه أن الذي غلب النوم قبل الإفطار أبو قيس صرمة بن أبي أنس، وليس فيه قصة عمر، وسيرد 4/295.

وآخر من حديث معاذ بن جبل، سيرد مطولاً 5/246-247 من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عنه، وفيه أن الذي نام عمر لا زوجته.

وثالث من حديث ابن عباس: أخرجه أبو داود (2313) من طريق عكرمة، عنه، وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (51) من طريق عطاء الخراساني، عنه، وأخرجه أبو عبيد (52) ، والطبري (2940) من طريق علي ابن أبي طلحة، عنه، وفي هذه الطريق قال ابن عباس: ثم إن ناساً من المسلمين أصابوا النساء والطعام بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب.

ورابع من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلاً: عند أبي عبيد (56) ، والطبري (2935) و (2936) .

 

22124 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: أَبُو النَّضْرِ فِي حَدِيثِهِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أُحِيلَتِ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، وَأُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، فَأَمَّا أَحْوَالُ الصَّلَاةِ: فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُوَ يُصَلِّي سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] قَالَ: فَوَجَّهَهُ اللهُ إِلَى مَكَّةَ قَالَ: فَهَذَا حَوْلٌ . قَالَ: وَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ لِلصَّلَاةِ وَيُؤْذِنُ بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى نَقَسُوا أَوْ كَادُوا يَنْقُسُونَ . قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ وَلَوْ قُلْتُ إِنِّي لَمْ أَكُنْ نَائِمًا لَصَدَقْتُ، إِنِّي بَيْنَا أَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ رَأَيْتُ شَخْصًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ . اللهُ أَكْبَرُ . أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. مَثْنَى مَثْنَى حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْأَذَانِ، ثُمَّ أَمْهَلَ سَاعَةً . قَالَ: ثُمَّ قَالَ مِثْلَ الَّذِي قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ يَزِيدُ فِي ذَلِكَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَلِّمْهَا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ بِهَا " . فَكَانَ بِلَالٌ أَوَّلَ مَنْ أَذَّنَ بِهَا . قَالَ: وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ قَدْ طَافَ بِي مِثْلُ الَّذِي أَطَافَ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ سَبَقَنِي فَهَذَانِ حَوْلَانِ . قَالَ: وَكَانُوا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ، وَقَدْ سَبَقَهُمْ بِبَعْضِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ يُشِيرُ إِلَى الرَّجُلِ إِذَا جَاءَ كَمْ صَلَّى ؟ فَيَقُولُ: وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَيُصَلِّيهَا، ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ فِي صَلَاتِهِمْ قَالَ: فَجَاءَ مُعَاذٌ فَقَالَ: لَا أَجِدُهُ عَلَى حَالٍ أَبَدًا إِلَّا كُنْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَضَيْتُ مَا سَبَقَنِي . قَالَ: فَجَاءَ وَقَدْ سَبَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِهَا قَالَ: فَثَبَتَ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَامَ فَقَضَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ فَهَكَذَا فَاصْنَعُوا " فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ، وَأَمَّا أَحْوَالُ الصِّيَامِ: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَالَ يَزِيدُ: فَصَامَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ إِلَى رَمَضَانَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَصَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ثُمَّ إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْهِ الصِّيَامَ، فَأَنْزَلَ اللهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قَالَ: فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَطْعَمَ مِسْكِينًا، فَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ الْآيَةَ الْأُخْرَى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] إِلَى قَوْلِهِ {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] قَالَ: فَأَثْبَتَ اللهُ صِيَامَهُ عَلَى الْمُقِيمِ الصَّحِيحِ، وَرَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَثَبَّتَ الْإِطْعَامَ لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ، فَهَذَانِ حَوْلَانِ . قَالَ: وَكَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ مَا لَمْ يَنَامُوا، فَإِذَا نَامُوا امْتَنَعُوا . قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ صِرْمَةُ ظَلَّ يَعْمَلُ صَائِمًا حَتَّى أَمْسَى فَجَاءَ إِلَى أَهْلِهِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ نَامَ فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى أَصْبَحَ فَأَصْبَحَ صَائِمًا قَالَ: فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ جَهَدَ جَهْدًا شَدِيدًا قَالَ: " مَا لِي أَرَاكَ قَدْ جَهَدْتَ جَهْدًا شَدِيدًا ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي عَمِلْتُ أَمْسِ فَجِئْتُ حِينَ جِئْتُ، فَأَلْقَيْتُ نَفْسِي فَنِمْتُ، وَأَصْبَحْتُ حِينَ أَصْبَحْتُ صَائِمًا . قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ قَدْ أَصَابَ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ جَارِيَةٍ أَوْ مِنْ حُرَّةٍ بَعْدَ مَا نَامَ، وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] إِلَى قَوْلِهِ {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَقَالَ يَزِيدُ فَصَامَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ إِلَى رَمَضَانَ.

 

رجاله ثقات رجال الشيخين غير المسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة- فقد روى له البخاري استشهاداً وأصحاب السنن، وكان قد اختلط، ورواية أبي النضر -وهو هاشم بن القاسم- ويزيد بن هارون بعد الاختلاط، وابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، فهو منقطع، وقد اختُلف فيه على ابن أبي ليلى كما سيأتي في التخريج، وكما سلف برقم (22027) . وأخرجه الحاكم 2/274 من طريق أبي النضر وحده، بهذا الإسناد . وأخرجه أبو داود (507) ، وابن خزيمة (381) ، والشاشي (1362) و (1363) من طريق يزيد بن هارون وحده، به . وأخرجه الطيالسي (566) ، وأبو داود (507) ، والطبري 2/4 و131 و132-133، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (478) ، والطبراني 20/ (270) ، والبيهقي 1/391 و420-421 و2/296 و4/200 من طرق عن المسعودي، به . وكلهم ممن روى عنه بعد الاختلاط . وأخرجه الدارقطني في "العلل" 6/61 من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن مرة، به مختصراً بقصة الأذان . وأخرجه الشاشي (1358) ، والطبراني 20/ (269) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن مرة، به مختصراً بلفظ: "إذا أتى أحدكم الإمام وهو على حال، فليصنع كما يصنع" . وأخرجه الترمذي (591) ، والشاشي (1359) ، والطبراني 20/ (267) ، والبغوي (825) من طريق حجاج، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن علي . وعن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ، كلاهما عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع" . وأخرجه مختصراً كذلك الشاشي (1361) ، والطبراني 20/ (268) من طريق حجاج، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن أشياخهم، عن معاذ . وأخرجه البخاري تعليقاً في كتاب الصيام، باب وعلى الذين يطيقونه، والبيهقي 4/200، وابن حجر في "تغليق التعليق" 3/185 من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: حدثنا أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فذكره مختصراً بقصة النسخ في الصيام دون النسخ الثالث . وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن أبي شيبة 1/204، وأبو داود (506) ، وابن خزيمة (383) ، والطبري 2/131 و133، والحازمي في "الاعتبار" ص 143 من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، حدثنا أصحابنا . وفي آخر رواية ابن خزيمة: قال عمرو: حدثني بهذا حصين -يعني ابن عبد الرحمن- عن ابن أبي ليلى، وقال شعبة: وقد سمعته من حصين، عن ابن أبي ليلى .وقد سلفت رواية حصين عن ابن أبي ليلى، عن معاذ برقم (22033) مختصرة بقصة المسبوق في صلاته .

 

وروى أبو داوود:

 

2313 - حدثنا أحمد بن محمد بن شبويه قال حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } [ قال ] فكان الناس على عهد النبي صلى الله عليه و سلم إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء وصاموا إلى القابلة فاختان رجل نفسه فجامع امرأته وقد صلى العشاء ولم يفطر فأراد الله عزوجل أن يجعل ذلك يسرا لمن بقي ورخصة ومنفعة فقال سبحانه { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } الآية . وكان هذا مما نفع الله به الناس ورخص لهم ويسر .

 

قال الألباني: حسن صحيح

 

{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)} البقرة

 

تخبط محمد بينما كان يفكر في الوصول إلى تشريع لـ "عقوبة" العلاقات الجنسية بدون زواج، أو "الزنا" و "الفاحشة" حسب المصطلحات الدينية الخرافية

 

{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)} النساء

 

مفاهيم خرافية لم يعد يتبناها مجتمعات متقدمة حديثة علمانية علمية كأوربا وأمركا وأستراليا واليابان وهونج كونج وغيرها، فقد نُبِذَت هذه الخرافات والقيم التي تتدخل في الحريات الشخصية للآخرين ومنها الحرية الجنسية، منذ وضع فلاسفة وعلماء الاجتماع الغربيون مذهب المنفعة والبراجماتية، فما يسعد الناس ولا يضر أحدًا هو خير، والزنا adultery في الإنجليزية لها معنيان، قاموس أكسفورد Pocet Oxford Dictionary لا يذكر سوى المعنى الحديث المعروف للمعاصرين المتحضرين لكلمة adultery وهو أنه العلاقة الطوعية بين شخص متزوج مع آخر غير زوجه، يعني الخيانة الزوجية، أما المعنى القديم فلا يذكره القاموس ولم يعد الغربيون المعاصرون يستعملون سوى القليل من المتدينين الأصوليين منهم هذه الكلمة لتعني العلاقات الجنسية بدون زواج، كما هو استعمال الكلمة في الكتاب المقدس، وتكاد تكون استعمالًا مهجورًا مُماتًا في أورُبا وأمِرِكا وأستراليا، وكلا المعنيين عند المسلمين العرب لهذه الكلمة، أما فعلfornicate  فيقول عنه أنه استعمال قديم أو مُمات تعني قيام شخصين غير متزوجين بعلاقة جنسية، وهذا كما أرى هو تطور اللغة ومعانيها مع تطور القيم الأخلاقية وتخلص المجتمعات من التابوهات الخرافية غير الضرورية.

 

وهنا تخبّط محمد ولم يكن لديه فكرة عندما طُرِحت مسألة قيام شخصين بعلاقة جنسية بدون زواج، وهي مسألة وأمر مرتبط بتابوهات خرافية عند البدائيين والقدماء والتقليديين، فشرّع بحبس النساء فقط إذا فعلن ذلك حتى الموت لارتباط ذلك بتابو قويّ عند العرب، ولم يشرّع بالمثل لحبس الرجال ممن يفعلون ذلك في تمييز عنصري، وأمر بإيذاء وتعذيب وضرب من يمارسون حقوقه وحرياتهم. في ظل اختراع موانع الحمل وقيم العصر الحديث والعلمانية أصبحت هذه القيم والتشريعات بلا قيمة ولا معنى، الإنسان حر ومسؤول عن حريته. لاحقًا نقض ونسخ محمد هذا التشريع بحبس النساء حتى الموت، وشرّع التشريع الهمجيّ الوحشيّ بضرب وتعذيب القائمين بعلاقة جنسية بلا زواج ثمانين جلدة عنيفة، لا تعمل معظم دول الإسلام بهكذا تشريعات اليوم لهمجيتها ووحشيتها، وتدخلها في الحيوات الشخصية للناس، فقد تركها الناس وتحضروا، سوى دول كالسعودية. رغم وجود رقابة وشمولية اجتماعية في مصر، فإن القانون لا يعاقب بأي شيء ولا توجد جريمة في وجود علاقة بين شخصين بلا زواج، بل فقط يجرّم ممارسة الدعارة وتعريفها أنها ممارسة الجنس مع أي شخص بلا تمييز مقابل المال، يعني لو رافقت مثلًا شابة رجلًا عجوزًا واحدًا ومن ضمن علاقتهما أنه ينفق عليها فوفقًا للقانون هذه ليست دعارة، لأنها ميّزت الرجل بالعلاقة وحده. تنص قوانين الدول الحديثة المتحضرة على حرية الإنسان وفرديته وحقوقه واحترام حرمة وحرية حياته الخاصة.

 

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} النور

 

روى مسلم:

 

[ 1690 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار جميعا عن عبد الأعلى قال بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه كرب لذلك وتربد له وجهه قال فأنزل عليه ذات يوم فلقي كذلك فلما سرى عنه قال خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب والبكر بالبكر الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي سنة

 

ورواه أحمد (15910) و(22666) و(22703) و (22715) و (22730) و (22731) و (22734) و (22780) وأخرجه الدارمي (2328) ، وأبو داود (4416) ، والترمذي (1434) ، والنسائي في "الكبرى" (7144) ، وابن الجارود (810) ، وأبو عوانة (6248) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/138، وفي "شرح مشكل الآثار" (242) ، وابن حبان (4425) و (4426) ، والطبراني في "الأوسط" (1162) ، والبيهقي 8/221-222 من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد . وقال الترمذي: حديث صحيح . وأخرجه أبو عوانة (6254) ، والشاشي في "مسنده" (1323) و (1325) ، وانظر أبو داوود 4417

 

قال الطبري:

 

8797 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم" إلى"أو يجعل الله لهن سبيلا"، فكانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت، ثم أنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) [سورة النور: 2] ، فإن كانا محصنين رجُما. فهذا سبيلهما الذي جعل الله لهما.

 

8799 - حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"واللاتي يأتين الفاحشة"، حتى بلغ:"أو يجعل الله لهن سبيلا"، كان هذا من قبل الحدود، فكانا يؤذّيان بالقول جميعًا، وبحبْس المرأة. ثم جعل الله لهن سبيلا فكان سبيل من أحصن جلدُ مئة ثم رميٌ بالحجارة، وسبيل من لم يحصن جلد مئة ونفي سنة.

 

8801 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم" إلى:"أو يجعل الله لهن سبيلا"، هؤلاء اللاتي قد نكحن وأحصنّ. إذا زنت المرأة فإنها كانت تحبس في البيت، ويأخذ زوجها مهرَها فهو له، فذلك قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) الزنا (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [سورة النساء: 19] ، حتى جاءت الحدود فنسختها، فجُلدت ورُجِمت، وكان مهرها ميراثًا، فكان"السبيل" هو الجلد.

 

قارن:

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)} النساء

 

زواج المتعة المؤقَّت حُلِّلَ ثم حُرِّم ثم حلل ثم حرم، فيما يزعمون!

 

{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)} النساء

 

قال الطبري:

 

وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما تمتَّعتم به منهن بأجرٍ تمتُّعَ اللذة، لا بنكاح مطلق على وجه النكاح الذي يكون بولِيٍّ وشهود ومهر.

*ذكر من قال ذلك:

9033 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورَهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"، فهذه المتعة: الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمى، ويشهد شاهدين، وينكح بإذن وليها، وإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل، وهي منه بريَّة، وعليها أن تستبرئ ما في رحمها، وليس بينهما ميراث، ليس يرث واحد منهما صاحبه.

9034 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فما استمتعتم به منهن"، قال: يعني نكاحَ المتعة.

9035 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يحيى بن عيسى قال، حدثنا نصير بن أبي الأشعث قال، حدثني ابن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه قال: أعطاني ابن عباس مصحفًا فقال: هذا على قراءة أبيّ. قال أبو كريب قال يحيى: فرأيت المصحف عند نصير، فيه: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى).

9036 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن أبي نضرة قال، سألت ابن عباس عن متعة النساء. قال: أما تقرأ"سورة النساء"؟ قال قلت: بلى! قال: فما تقرأ فيها: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) ؟ قلت: لا! لو قرأتُها هكذا ما سألتك! قال: فإنها كذا.

9037 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثني عبد الأعلى قال، حدثني داود، عن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس عن المتعة، فذكر نحوه.

9038 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي سلمة، عن أبي نضرة قال: قرأت هذه الآية على ابن عباس:"فما استمتعتم به منهن". قال ابن عباس:"إلى أجل مسمى". قال قلت: ما أقرؤها كذلك! قال: والله لأنزلها الله كذلك! ثلاث مرات.

 

... 9042 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم قال: سألته عن هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" إلى هذا الموضع:"فما استمْتَعتم به منهن"، أمنسوخة هي؟ قال: لا. قال الحكم: وقال علي رضي الله عنه: لولا أن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ما زنى إلا شَقِيٌّ.

 

التحليل الأول لزواج المتعة

 

روى مسلم:

 

[ 1404 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني حدثنا أبي ووكيع وابن بشر عن إسماعيل عن قيس قال سمعت عبد الله يقول كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء فقلنا الا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ثم قرأ عبد الله { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } 

 

[ 1405 ] وحدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن دينار قال سمعت الحسن بن محمد يحدث عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا خرج علينا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن لكم أن تستمتعوا يعني متعة النساء

 

 [ 1405 ] وحدثني أمية بن بسطام العيشي حدثنا يزيد يعني بن زريع حدثنا روح يعني بن القاسم عن عمرو بن دينار عن الحسن بن محمد عن سلمة بن الأكوع وجابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتانا فأذن لنا في المتعة

 

[ 1405 ] وحدثنا الحسن الحلواني حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج قال قال عطاء قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر

 

وروى أحمد عن رأي ابن مسعود المؤيد لزواج المتعة كنفس رأي عبد الله بن عباس:

 

3986 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَسْتَخْصِي؟" فَنَهَانَا عَنْهُ، ثُمَّ رُخِّصَ لَنَا بَعْدُ فِي أَنْ نَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ "، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]

 

إسناده صحيح على شرطِ الشيخين. محمد بن عبيد: هو الطنافسي، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقيس: هو ابن أبي حازم. وأخرجه البيهقي في "السنن " 7/200 من طريق محمد بن عبيد، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (14048) ، والبخاري (5075) ، ومسلم (1404) (11) ، والنسائي في "الكبرى" (11150) ، وأبو يعلى (5382) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/24، والبيهقي في "السنن " 10/79 و201، من طرق، عن إسماعيل، به. وعند عبد الرزاق زيادة: ثم نهانا عنها بوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية. وقال الحافظ في "الفتح " 9/119: ذكر الإسماعيلي أنه وقع في رواية أبي معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد: ففعله ثم ترك ذلك. قال: وفي رواية لابن عيينة، عن إسماعيل: ثم جاء تحريمها بعد، وفي رواية معمر، عن إسماعيل: ثم نسخ. قلنا: وفي الرواية الآتية برقم (4113) قول ابن مسعود: كنا مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.... قال البيهقي في "السنن " 7/201: وفي هذه الرواية ما دل على كون ذلك قبل فتح خيبر، أو قبل فتح مكة، فإن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه توفي سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة، وكان يوم مات ابن بضع وستين سنة، وكان الفتح فتح خيبر في سنة سبع من الهجرة، وفتح مكة سنة ثمان، فعبد الله سنة الفتح كان ابن أربعين سنة أو قريباً منها، والشباب قبل ذلك. وقد نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن متعة النساء زمن خيبر.

 

15073 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ عَطَاءٌ: حِينَ قَدِمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مُعْتَمِرًا فَجِئْنَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ عَنْ أَشْيَاءَ، ثُمَّ ذَكَرُوا لَهُ الْمُتْعَةَ ، فَقَالَ: " نَعَمْ اسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ " رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (14021) ضمن حديث طويل. وأخرجه مسلم (1405) (15) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وانظر ما سلف برقم (14268) . وقوله في آخر الحديث: حتى إذا كان في آخر خلافة عمر، أي: نُهينا عنها عند ذلك، كما في الرواية السالفة برقم (14268) .

 

14268 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " كُنَّا نَتَمَتَّعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، حَتَّى نَهَانَا عُمَرُ أَخِيرًا " يَعْنِي النِّسَاءَ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. عبد الملك: هو ابن أبي سليمان العَرْزمي، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه الطحاوي 3/26 من طريق هشيم، عن عبد الملك بن أبي سليمان، بهذا الإسناد. وتحرف هشيم فيه إلى: هشام، ولفظه: كانوا يتمتعون من النساء، حتى نهاهم عمر. وسيأتي الحديث من طريق ابن جريج، عن عطاء برقم (15073) وانظر ما سلف برقم (14182) .

 

وروى البخاري:

 

5075 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لَنَا شَيْءٌ فَقُلْنَا أَلَا نَسْتَخْصِي فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } وَقَالَ أَصْبَغُ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الْعَنَتَ وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ

 

التحريم الأول لزواج المتعة يوم غزوة خيبر فيما يزعمون

 

روى البخاري:

5523 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ حُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ

 

4216 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ

 

5115 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ

 

6961 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ لَهُ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ بَأْسًا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ احْتَالَ حَتَّى تَمَتَّعَ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ النِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ

 

وروى أحمد:

 

1204 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَبْدِ اللهِ، ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَبَلَغَهُ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو فىٍ "مصنف عبد الرزاق" (8720) و (14032) . وانظر ما تقدم برقم (592) .

 

تحليل زواج المتعة يوم فتح مكة خشية من محمد أن يغتصب الجنود نساء قومه قريش ويخطفوا منهن

 

روى مسلم:

 [ 1406 ] وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد قال سمعت أبي الربيع بن سبرة يحدث عن أبيه سبرة بن معبد أن نبي الله صلى الله عليه وسلم عام فتح مكة أمر أصحابه بالتمتع من النساء قال فخرجت أنا وصاحب لي من بني سليم حتى وجدنا جارية من بني عامر كأنها بكرة عيطاء فخطبناها إلى نفسها وعرضنا عليها بردينا فجعلت تنظر فتراني أجمل من صاحبي وترى برد صاحبي أحسن من بردي فآمرت نفسها ساعة ثم اختارتني على صاحبي فكن معنا ثلاثا ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقهن

 

[ 1406 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه سبرة أنه قال أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر كأنها بكرة عيطاء فعرضنا عليها أنفسنا فقالت ما تعطي فقلت ردائي وقال صاحبي ردائي وكان رداء صاحبي أجود من ردائي وكنت أشب منه فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها وإذا نظرت الي أعجبتها ثم قالت أنت ورداؤك يكفيني فمكثت معها ثلاثا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان عنده شيء من هذه النساء التي يتمتع فليخل سبيلها

 

 [ 1406 ] حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري حدثنا بشر يعني بن مفضل حدثنا عمارة بن غزية عن الربيع بن سبرة أن أباه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة قال فأقمنا بها خمس عشرة ثلاثين بين ليلة ويوم فأذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء فخرجت أنا ورجل من قومي ولي عليه فضل في الجمال وهو قريب من الدمامة مع كل واحد منا برد فبردي خلق وأما برد بن عمي فبرد جديد غض حتى إذا كنا بأسفل مكة أو بأعلاها فتلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة فقلنا هل لك أن يستمتع منك أحدنا قالت وماذا تبذلان فنشر كل واحد منا برده فجعلت تنظر إلى الرجلين ويراها صاحبي تنظر إلى عطفها فقال إن برد هذا خلق وبردي جديد غض فتقول برد هذا لا بأس به ثلاث مرار أو مرتين ثم استمتعت منها فلم أخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

تحريم محمد الثاني لزواج المتعة فيما يقولون

 

روى مسلم:

[ 1406 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن آدم حدثنا إبراهيم بن سعد عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه عن جده قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها

 

[ 1406 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا عبد العزيز بن عمر حدثني الربيع بن سبرة الجهني أن أباه حدثه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا

 

[ 1405 ] وحدثنا الحسن الحلواني حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج قال قال عطاء قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر

 

 [ 1405 ] حدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث

 

 [ 1405 ] حدثنا حامد بن عمر البكراوي حدثنا عبد الواحد يعني بن زياد عن عاصم عن أبي نضرة قال كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال بن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما

 

 [ 1405 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يونس بن محمد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا أبو عميس عن إياس بن سلمة عن أبيه قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها

 

[ 1406 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا بن علية عن معمر عن الزهري عن الربيع بن سبرة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم الفتح عن متعة النساء

 

 [ 1406 ] وحدثنيه حسن الحلواني وعبد بن حميد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح أخبرنا بن شهاب عن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه أنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة زمان الفتح متعة النساء وأن أباه كان تمتع ببردين أحمرين

 

 [ 1406 ] وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني يونس قال بن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال إن ناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه فقال إنك لجلف جاف فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بن الزبير فجرب بنفسك فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك قال بن شهاب فأخبرني خالد بن المهاجر بن سيف الله أنه بينا هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة فأمره بها فقال له بن أبي عمرة الأنصاري مهلا قال ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين قال بن أبي عمرة إنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله الدين ونهى عنها قال بن شهاب وأخبرني ربيع بن سبرة الجهني أن أباه قال قد كنت استمتعت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني عامر ببردين أحمرين ثم نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة قال بن شهاب وسمعت ربيع بن سبرة يحدث ذلك عمر بن عبد العزيز وأنا جالس

 

 [ 1406 ] وحدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل عن بن أبي عبلة عن عمر بن عبد العزيز قال حدثنا الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وقال ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة ومن كان أعطى شيئا فلا يأخذه

 

 [ 1407 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن بن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية

 

 [ 1407 ] وحدثناه عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية عن مالك بهذا الإسناد وقال سمع علي بن أبي طالب يقول لفلان إنك رجل تائه نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل حديث يحيى بن يحيى عن مالك

 

 [ 1407 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير وزهير بن حرب جميعا عن بن عيينة قال زهير حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي عن أبيهما عن على أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية

 

 [ 1407 ] وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا عبيد الله عن بن شهاب عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي أنه سمع بن عباس يلين في متعة النساء فقال مهلا يا بن عباس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأنسية

 

 [ 1407 ] وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيهما أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الأنسية

 

وانظر أحمد 592

 

وروى البخاري:

 

5116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَرَخَّصَ فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْحَالِ الشَّدِيدِ وَفِي النِّسَاءِ قِلَّةٌ أَوْ نَحْوَهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَعَمْ

6961 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ لَهُ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ بَأْسًا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ احْتَالَ حَتَّى تَمَتَّعَ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ النِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ

 

هناك رواية أخرى في مسند أحمد تجعل التحريم النهائي ليس في عام فتح مكة، بل في عام حجة الوداع، فهذا من باب التناقض البحت وليس تناقض نسخ الأحكام، لكن نضعه هنا لوحدة الموضوع والتسهيل على نفسي، روى أحمد:

 

15345 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِعُسْفَانَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ " فَقَالَ لَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ، أَوْ مَالِكُ بْنُ سُرَاقَةَ - شَكَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ -: أَيْ رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنَا تَعْلِيمَ قَوْمٍ، كَأَنَّمَا وُلِدُوا الْيَوْمَ، عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ (1) لِأَبَدِ ؟ قَالَ: " بَلْ (2) لِأَبَدِ (1) " فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ طُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَمَرَنَا بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُنَّ قَدْ أَبَيْنَ إِلَّا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، قَالَ: " فَافْعَلُوا " قَالَ: فَخَرَجْتُ أَنَا، وَصَاحِبٌ لِي عَلَيَّ بُرْدٌ ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ، فَدَخَلْنَا عَلَى امْرَأَةٍ فَعَرَضْنَا عَلَيْهَا أَنْفُسَنَا، فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَى بُرْدِ صَاحِبِي، فَتَرَاهُ أَجْوَدَ مِنْ بُرْدِي، وَتَنْظُرُ إِلَيَّ فَتَرَانِي أَشَبَّ مِنْهُ، فَقَالَتْ: بُرْدٌ مَكَانَ بُرْدٍ، وَاخْتَارَتْنِي فَتَزَوَّجْتُهَا عَشْرًا بِبُرْدِي (3) ، فَبِتُّ مَعَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ يَقُولُ: " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إِلَى أَجَلٍ، فَلْيُعْطِهَا مَا سَمَّى لَهَا، وَلَا يَسْتَرْجِعْ مِمَّا أَعْطَاهَا شَيْئًا، وَلْيُفَارِقْهَا، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَهَا عَلَيْكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " (4)

__________

(1) في (ق) و (م) للأبد، وهو الموافق لرواية عبد الرزاق في "المصنف".

(2) في (ق) و (م) : لا بل للأبد، بزيادة "لا".

(3) في (ظ 12) و (س) : ببردتي.

(4) إسناده صحيح، على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الربيع بن سبرة، فمن رجال مسلم، وصحابيه سبرة بن معبد الجهني من رجال مسلم كذلك، وأخرج له البخاري تعلياً. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (14041) ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" (6514) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (6513) ، والبيهقي في "السنن" 7/203 من طريق أبي نُعيم الفضل بن دكين، والحميدي (847) ، والطبراني في "الكبير" (6515) و (6517) من طريق سفيان بن عُيينة، والبيهقي في "السنن" 7/203-204 من طريق جعفر بن عون، وأخرجه ابن أبي شيبة 4/292، ومن طريقه ابن ماجه (1962) ، والطبراني في "الكبير" (6520) ، والبيهقي في"السنن" 7/203، عن عبدة بن سليمان، أربعتهم عن عبد العزيز بن عمر، به. وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (5541) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، والطبراني في "الكبير" (6516) من طريق بشر بن عبد الله بن عمر ابن عبد العزيز، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/25 من طريق أنس بن عياض، ثلاثتهم عن عبد العزيز بن عمر، به. قلنا: تعين في هذه الرواية وقتُ تحريم نكاحِ المتعة في حجة الوداع، وهو خلاف الصحيح. وحمل البيهقي الوهم في ذلك على عبد العزيز بن عمر، فقال: وهو وهم منه، فرواية الجمهور عن الربيع بن سبرة أن ذلك كان زمن الفتح. قلنا: وقد ذكر أنها في حجة الوداع الزهري في روايته عن الربيع فيما رواه عنه إسماعيل بن أمية كما سلف برقم (15338) ، وقد ذكرنا هناك أن رواية من قال في الفتح أصح وأشهر. وقوله: أن العمرة قد دخلت في الحج. أخرجه أبو داود (1801) من طريق ابن أبي زائدة، والدارمي 2/51 من طريق جعفر بن عون، كلاهما عن عبد العزيز بن عمر، به، وهو حديث صحيح، وقد سلف نحوه في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب في الرواية رقم (4822) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

 

15351 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَيْنَا عُمْرَتَنَا، قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ " قَالَ: وَالِاسْتِمْتَاعُ عِنْدَنَا يَوْمُ التَّزْوِيجِ، قَالَ: فَعَرَضْنَا ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ فَأَبَيْنَ إِلَّا أَنْ نَضْرِبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُنَّ أَجَلًا ، قَالَ: فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " افْعَلُوا قَالَ: " فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي، وَمَعَهُ بُرْدَةٌ ، وَمَعِي بُرْدَةٌ، وَبُرْدَتُهُ أَجْوَدُ مِنْ بُرْدَتِي، وَأَنَا أَشَبُّ مِنْهُ فَأَتَيْنَا امْرَأَةً، فَعَرَضْنَا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَأَعْجَبَهَا شَبَابِي، وَأَعْجَبَهَا بُرْدُ ابْنِ عَمِّي، فَقَالَتْ: بُرْدٌ كَبُرْدٍ، قَالَ: فَتَزَوَّجْتُهَا، فَكَانَ الْأَجَلُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا عَشْرًا، قَالَ: فَبِتُّ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ غَادِيًا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْبَابِ، وَالْحَجَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ يَقُولُ: "أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ، أَلَا وَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ، فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا، وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا"

 

رجاله ثقات رجال الصحيح. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (699) ، وابن حبان (4147) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وقوله: فلما قضينا عمرتنا، يشير إلى أن ذلك كان في حجة الوداع كما سلف في الرواية رقم (15345) ، وقد ذكرنا هناك أن هذا وهم، وأن الصحيح والمشهور أن التحريم كان عام الفتح. وانظر (15338). وقوله: "ألا أيها الناس، قد كنت أذنت لكم في الاستماع من هذه النساء، ألا وإن الله تبارك وتعالى قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخَلِّ سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً" قد سلف نحوه في الرواية رقم (15345) .

 

هناك تناقضات وغموض وتضارب في الأحكام والروايات التأريخية الحديثية، فمن الذي حرّم زواج المتعة محمد أم عمر بن الخطاب؟! وإذا كان محمد من حرّمها فكيف ظلوا يقومون به لفترة من الزمن في عهد أبي بكر وجزءً من عهد عمر؟!

 

ويرجِّح الأستاذ مالك مسلماني في كتابه عن عمر بن الخطاب أن عمر هو من حرم زواج المتعة بأجر وليس محمد، أو على الأقل قد نفهم أن محمدًا كان يحلله ويحرمه بمزاجه كما يتراءى ويعن له وأن عمر هو من حرمه بتشديد، وهناك خبر في مصنف عبد الرزاق هو الأهم والأوضح وسنذكره في التالي، وروى أحمد روايات تدل على ذلك أيضًا:

 

104 - حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ رَخَّصَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ ، فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَحَصِّنُوا فُرُوجَ هَذِهِ النِّسَاءِ.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح . أبو نضرة : هو المنذر بن مالك بن قُطَعة العبدي. وأخرجه ابن أبي داود في " المصاحف " : ص 113 من طريق يزيد بن زريع وبشر بن المفضل ، عن داود بن أبي هند ، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه الطيالسي (1792) ، ومسلم (1217) ، وابن حبان (3940) من حديث جابر ، عن عمر .

وقوله : " رخَّص لنبيه ... " يريد أن المتعتين : متعة الحج ، ومتعة النكاح ، جوازهما في وقته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مخصوصاً به للتخفيف على خلاف الأصل ، وكان مَنُوطاً بإذنه ، متى أَذن جاز ، ومتى لم يأذن لم يَجُز ، فرجع الأمر بموته إلى الأصل الذي هو عدم الجواز فيهما

 

369 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ . قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ : إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ ، وَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِهَا . قَالَ : فَقَالَ لِي : عَلَى يَدِي جَرَى الْحَدِيثُ ، تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَفَّانُ : وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ - فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ خَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ : إِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْقُرْآنُ ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الرَّسُولُ ، وَإِنَّهُمَا كَانَتَا مُتْعَتَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِحْدَاهُمَا مُتْعَةُ الْحَجِّ ، وَالْأُخْرَى مُتْعَةُ النِّسَاءِ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي نضرة - وهو المنذر بن مالك بن قُطَعة - فمن رجال مسلم . بهز : هو ابن أسد العمِّي ، وعفان:هو ابن مسلم ، وهمام : هو ابن يحيى العَوْذي. وأخرجه مسلم (1217) عن زهير بن حرب ، عن عفان ، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 7 / 206 من طريق موسى بن إسماعيل ، عن همام ، به. وأخرجه الطيالسي (1792) ، ومسلم (1217) ، وابن حبان (3940) ، والبيهقي 5 / 21 من طريق شعبة ، عن قتادة ، به . وانظر حديث جابر في " المسند " (3 / 325 الطبعة الميمنية) .

 

وروى مسلم:

 

[ 1217 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة قال كان عباس يأمر بالمتعة وكان بن الزبير ينهى عنها قال فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام عمر قال إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء وإن القرآن قد نزل منازله ف { أتموا الحج والعمرة لله } كما أمركم الله وأبتوا نكاح هذه النساء فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة

 

 [ 1405 ] حدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث

 

 [ 1405 ] حدثنا حامد بن عمر البكراوي حدثنا عبد الواحد يعني بن زياد عن عاصم عن أبي نضرة قال كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال بن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه خبرًا تفصيليًّا عن عمرو بن حريث الذي لم يذكر مسلم قصته في صحيحه:

 

14021 - عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء قال لأول من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلى قال أخبرني عن يعلى أن معاوية استمتع بامرأة بالطائف فأنكرت ذلك عليه فدخلنا على بن عباس فذكر له بعضنا فقال له نعم فلم يقر في نفسي حتى قدم جابر بن عبد الله فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا له المتعة فقال نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر حتى إذا كان في آخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة سماها جابر فنسيتها فحملت المرأة فبلغ ذلك عمر فدعاها فسألها فقالت نعم قال من أشهد قال عطاء لا أدري قالت أمي أم وليها، قال: فهلا غيرهما. قال خشي أن يكون دغلاَ الآخرَ 1 قال عطاء وسمعت بن عباس يقول يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رخصة من الله عز و جل رحم بها أمة محمد صلى الله عليه و سلم فلولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنى إلا شقي قال كأني والله أسمع قوله إلا شقي عطاء القائل قال عطاء فهي التي في سورة النساء فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا من الأجل على كذا وكذا ليس بتشاور قال بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل وأن يفرقا فنعم وليس بنكاح.

 

1 وفي النسخة س: أخشى أن يكون دغلًا للآخر.

 

14025 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول استمتعنا أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم حتى نهي عمرو بن حريث قال وقال جابر إذا انقضى الأجل فبدا لهما أن يتعاودا فليمهرها مهرا آخر قال وسأله بعضنا كم تعتد قال حيضة واحدة كن يعتددنها للمستمتع منهن

 

14028 - قال أبو الزبير سمعت جابرا يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق أيام عهد النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر حتى نهي الناس في شأن عمرو بن حريث

 

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه:

 

16654- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ , عَنْ يُونُسَ , عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلاً تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَسَرَّ ذَلِكَ ، فَكَانَ يَخْتَلِفُ إلَيْهَا فِي مَنْزِلِهَا فَرَآهُ جَارٌ لَهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا فَقَذَفَهُ بِهَا فَخَاصَمَهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَذَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى جَارِيَةٍ وَلاَ أَعْلَمُهُ تَزَوَّجَهَا ، فَقَالَ لَهُ : مَا تَقُولُ ؟ فَقَالَ : تَزَوَّجْت امْرَأَةً عَلَى شَيْءٍ دُونٍ فَأَخْفَيْتُ ذَلِكَ ، قَالَ : فَمَنْ شَهِدَكُمْ ؟ قَالَ : أَشْهَدْت بَعْضَ أَهْلِهَا ، قَالَ : فَدَرَأَ الْحَدَّ , عَنْ قَاذِفِهِ وَقَالَ : أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَحَصِّنُوا هَذِهِ الْفُرُوجَ.

 

وروى عبد الرزاق:

14024 - عبد الرزاق قال قال بن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار عن طاووس عن بن عباس قال لم يرع عمر أمير المؤمنين إلا أم أراكة قد خرجت حبلى فسألها عمر عن حملها فقالت استمتع بي سلمة بن أمية بن خلف فلما أنكر صفوان على بن عباس بعض ما يقول في ذلك قال فسل عمك هل استمتع

 

14022 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عطاء أنه سمع بن عباس يراها الآن حلالا وأخبرني أنه كان يقرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل فآتوهن أجورهن وقال بن عباس في حرف إلى أجل قال عطاء وأخبرني من شئت عن أبي سعيد الخدري قال لقد كان أحدنا يستمتع بملء القدح سويقا وقال صفوان هذا بن عباس يفتي بالزنى فقال بن عباس إني لا أفتي بالزنى أفنسي صفوان أم أراكة فوالله إن ابنها لمن ذلك أفزنا هو قال واستمتع بها رجل من بني جمح

 

14027 - قال أبو الزبير وسمعت طاووسا يقول قال بن صفوان يفتي بن عباس بالزنى قال فعدد بن عباس رجالا كانوا من أهل المتعة قال فلا أذكر ممن عدد غير معبد بن أمية.

 

وسعيد بن جبير من صالحي التابعين المشهورين مارس زواج المتعة، بحكم صلته وتعلمه من ابن عباس الفقه، يقول عبد الرزاق:

 

14020 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم قال كانت بمكة امرأة عراقية تنسك جميلة لها بن يقال له أبو أمية وكان سعيد بن جبير يكثر الدخول عليها قلت يا أبا عبد الله ما أكثر ما تدخل على هذه المرأة قال إنا قد نكحناها ذلك النكاح للمتعة قال وأخبرني أن سعيدا قال له هي أحل من شرب الماء للمتعة

 

ومعاوية بن أبي سفيان الخليفة والصحابي رغم كل التحفظات على شخصه تاريخيًّا وأخلاقيًّا، لكن كما ذكر عبد الرزاق في حديث سابق أوردناه وفي التالي أنه تزوج زيجة متعة:

 

14026 - وقال أبو الزبير وسمعت جابر بن عبد الله يقول استمتع معاوية بن أبي سفيان مقدمة من الطائف على ثقيف بمولاة بن الحضرمي يقال لها معانة قال جابر ثم أدركت معانة خلافة معاوية حية فكان معاوية يرسل إليها بجائزة في كل عام حتى ماتت

 

وروى محمد بن الحسن في روايته لموطإ مالك:

 

584 - أخبرنا مالك أخبرنا الزهري عن عروة بن الزبير : أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت : إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر فزعا يجر رداءه فقال : هذه المتعة لو كنت تقدمت فيها لرجمت

 

ربيعة بن أمية: أسلم يوم الفتح وشهد حجة الوداع ثم إن عمر غربه في الخمر إلى خيبر فلحق بهرقل فتنصر فقال : لا أغرب بعده أبدا ( وفي أوجز المسالك : لا أغرب بعده أحدا أبدا 4 / 307 ط . الهند ) كما ذكره ابن حجر في " الإصابة "

 

يتضح لنا في النهاية أن الأحاديث المروية عن تحريم محمد المطلق لزواج المتعة مفبركة مختلَقة، وأن عمر بوضوح وكما هو ثابت تاريخيًّا هو من حرّم هذا العقد من الزواج المؤقَّت الشبيه بنوع من التراضي على مبلغ ماليّ لقاء العلاقة الجنسية في شكل زيجة مؤقتة غير جدية قد يعتبرها البعض شبيهة بالدعارة، لكنها تظل موجودة في كل زمان ومكان تقريبًا. الحكم الإسلاميّ واستمراره اليوم في بعض قوانين الدول الإسلامية بشكل أو آخر، وفي ممارسات الشرطة أحيانًا حتى بمخالفة القانون والدستور العلماني لبعض هذه الدول، والأعراف المترسخة الشمولية لغالبية المجتمعات الإسلامية، هي مصادرات شمولية بدون داعٍ أو مبرر للحريات الفردية للأشخاص مع كونها لا تمثِّل تعديًا على حقوق الآخرين والدولة في حال ممارستهم لها كحق مشروع، لا تنجح كثيرًا دولة تهتم بمن دخل عند من وهل هما متزوجان أم لا، وما نوع العلاقة أو الزواج، للدولة وظائف أخرى عليها الاهتمام بها غير التدخل في حريات السلوكيات، كتوفير الأمن ورسوخ القانون واحترامه وتوفير الوظائف والأجور المحترمة والعدالة الاجتماعية والاكتفاء الذاتي الاقتصادي والتقدم الاقتصادي والتكنولوجي، وهي أمور معظمها غير متحققة في الدول العربية والإسلامية.

 

وكان عبد الله بن عمر بن الخطاب يغضب بشدة لمجرد أن يسأله أحدهم عن زواج المتعة في عصر محمد وكان يتهرب من السؤال بتلك الثورة العارمة من الغضب، روى ابن أبي يعلى في مسنده:

5707 - حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو أسامة عن صدقة بن أبي عمران عن إياد بن لقيط عن عبد الرحمن بن نعيم الأعرج قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمر ـ وأنا عنده ـ فسأله عن متعة النساء فغضب وقال : والله ما كنا على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ زنائين ولا مسافحين

 

رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن نعيم

 

وروى الطبراني في المعجم الأوسط:

 

9295 - حدثنا هاشم بن مرثد نا المعافى بن سليمان ثنا موسى بن أعين عن إسحاق بن راشد عن الزهري عن سالم بن عبد الله قال أتى عبد الله بن عمر فقيل له إن بن عباس يأمر بنكاح المتعة فقال بن عمر سبحان الله ما أظن بن عباس يفعل هذا قالوا بلى إنه يأمر به فقال وهل كان بن عباس إلا غلاما صغيرا إذ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال بن عمر نهانا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كنا مسافحين

 

وأورده بنحوه الهيثمي في " المجمع"4/265، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح خلا المعافى بن سليمان، وهو ثقة.

 

وروى البيهقي في السنن الكبرى:

 

13926 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن قالوا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ بن وهب أخبرني عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن بن شهاب قال أخبرني سالم بن عبد الله: أن رجلا سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن المتعة فقال حرام قال فإن فلانا يقول فيها فقال والله لقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمها يوم خيبر وما كنا مسافحين

قال الشيخ [يعني البيهقي نفسه] ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في نكاح المتعة زمن الفتح فتح مكة ثم حرمها إلى يوم القيامة...إلخ

 

وانظر أحمد 5694 والطبراني في الكبير ج12/ حديث 13145

 

التناقض بالنسخ والتغيير في تحديد من يجوز للمرأة المسلمة كشف شعر رأسها أمامهم من الرجال المحارم

 

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)} الأحزاب

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53) إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54) لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آَبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)} الأحزاب

 

{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)} النور

 

جاء في تفسير مقاتل بن سليمان:

 

نزلت هذه الآية والتي بعدها في أسماء بنت مرشد كان لها في بني حارثة نخل يسمى الوعل ، فجعلت النساء يدخلنه غير متواريات ، يظهرن ما على صدورهن وأرجلهن وأشعارهن ، فقالت أسماء : ما أقبح هذا .

 

وقال ابن كثير:

وكان سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا ذَكَرَهُ مُقَاتِلُ بْنُ حيَّان قَالَ: بَلَغَنَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ حَدَّث: أَنَّ "أَسْمَاءَ بِنْتَ مُرْشدَة" كَانَتْ فِي مَحِلٍّ لَهَا فِي بَنِي حَارِثَةَ، فَجَعَلَ النِّسَاءُ يَدْخُلْنَ عَلَيْهَا غَيْرَ مُتَأزّرات فَيَبْدُو مَا فِي أَرْجُلِهِنَّ مِنَ الْخَلَاخِلِ، وَتَبْدُو صُدُورُهُنَّ وَذَوَائِبُهُنَّ، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: مَا أَقْبَحَ هَذَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} الْآيَةَ.

 

المرأة التي اقترحت على محمد فكرة التعسف في ملابس النساء وإلزامهن بحكم شمولي بنمط معين من الملبس هي قرشية بدوية لم يعجبها تحرر وحرية نساء الزراعة والقرى المنطلقات الطبيعيات، حسدًا منها لأنها على عكسهم مقموعة في أسرتها وتربيتها، فحقدت عليهم_كما تفعل المتدينات ويفعل المتدينون المقموعون دومًا عندما يرون شخصًا يستمتع بحياته ببساطة دون محظورات وتابوهات خرافية_فاقترحت على محمد هذا الاقتراح لقمع باقي نساء المجتمع. من ضمن شذوذ التشريع أنه لا يعتبر العم والخال من المحارم، ولا يبيح عدم لبس النساءِ الخمارَ أمامهم! قال ابن كثير في تفسير النور: 31

 

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُوسَى -يَعْنِي: ابْنَ هَارُونَ -حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ -حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ وعِكْرمَة فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} -حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: لَمْ يَذْكُرِ الْعَمَّ وَلَا الْخَالَ؛ لِأَنَّهُمَا ينعَتان لِأَبْنَائِهِمَا، وَلَا تَضَعُ خِمَارَهَا عِنْدَ الْعَمِّ وَالْخَالِ فَأَمَّا الزَّوْجُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ أَجْلِهِ، فَتَتَصَنَّعُ لَهُ مَا لَا يَكُونُ بِحَضْرَةِ غَيْرِهِ.

 

ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه:

 

17580- حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد , عَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَعِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ : {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ، أَوْ آبَائِهِنَّ ، أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا قَالاَ : لَمْ يُذْكَرَ الْعَمُّ وَالْخَالُ لأَنَّهُمَا ينعتان لأَبْنَائِهِمَا وَقَالاَ : لاَ تَضَعُ خِمَارَهَا عِنْدَ الْعَمِّ وَالْخَالِ.

 

شمولية وعسف وتشريعات باطلة متشددة، ظلمات بعضها فوق بعض، ظلام حالك من الجهالة وقهر النساء. لم أرَ نساء أسرتي التقليدية المتشددة ولا كل أسر المسلمين تلتزم نساؤهم بالخمار حينما يزور البيت الأعمام والأخوال، فهذا تشريع شاذ. ولاحظ أن تشريع سورة الأحزاب كان حدّد محارم قليلين جدًّا مسموح للنساء بعدم لبس الخمار أمامهم، ونسى محمد كثيرين ممن هم محارم ولهم زيارات وعلاقات ودية أسرية، فاضطر لتعديل التشريع في سورة النور: 31، فهل نعتبر هذا النقص والتخبط والسهو والتناقض تشريعًا إلهيًّا، ناهيك عن التشدد وقمع النساء بالخمار البدوي، ويبدو لي احتمالًا أن محمدًا نسى الأعمام والأخوال والأجداد. فحديث ابن بي شيبة السابق لهذا لمصنفه في نقاش عن الأجداد والجدات والأحفاد في علاقتهم مع الخمار.

 

تشريع اللعان ناسخ ومبطل لتشريع عقوبة القاذف المتهم لامرأة في حق الزوج، وعيوب التشريعين

 

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)} النور

 

نموذج للتخبط الذي كان يتعرض له محمد، فهو أولًا بسبب قصة اتهام زوجته بالباطل من أشخاص كارهين له وآخرين كارهين لها كحمنة بنت جحش أخت ضرتها، وبسبب الشك الذي حدث له من جهة زوجته بحيث كاد أن يطلقها أو يعذبها، مع كونها بريئة كما يظهر وكون التهمة خسيسة وبلا دليل، فأي شخص قد ينقطع به الطريق ويحتاج شخصًا يوصله ويخرجه من الصحراء القاحلة، بسبب ذلك شرع محمد تشريعًا لعقوبة من يتهمون النساء في عفتهن افتراءً بالباطل، أي يقذفونهن بالتهم بلا دليل ولا شهود، وهذا التشريع وجدته في تشريعات حمورابي القديمة، فلعل لليهود نسخة منه في التلمود وكتابات الرابيين ولكني لم أطلع على هذه المسألة، أو مارسه بعض العرب كورثة لتقليد بابل وحمورابي، التشريع الذي شرعه محمد لا يصلح لدولة متمدنة لأنه ينطوي على عقوبة جسدية، ولا عقوبة جسدية في قانون مدني متحضر، لأنها أسلوب همجي، ولو ثبت لاحقًا بأي صورة براءة المتهم فلن يمكن عمل شيء، عكس قضاء عقوبة في السجن، فعلى الأقل قد يخرج قبل انقضاء كل مدة عقوبته التي حُكِم عليه فيها ظلمًا وخطأ، أما أسلوب التعذيب فبعد وقوعه بالشخص لا شيء يمكن تعويضه أو عكسه، وهو أسلوب غير أخلاقي، فلا يوجد تعذيب "أخلاقي مشروع" ولا مبرر في الكون لتعذيب إنسان أو كائن حي. اعترض بعض أتباع محمد على مسألة إذا ما دخلوا بيوتهم ووجدوا رجلًا مع الزوجة، فهل ينتظرون لإحضار أربع شهود غير الزوج فيعطي الفرصة للخائن بالهرب، وإذا وجدوا مصيبة خيانة كهذه هل مطلوب منهم السكوت إذا لم يكن لهم شهود والمعيشة مع زوجة خائنة أو تطليقها وإعطاؤها حقوقًا لا تستحقها من النفقة، وأنهم إذا تكلموا يعاقَبون بالجلد، فيكونون نالوا خيانة زوجاتهم وجلد ظهورهم وأجسادهم؟! وسرعان ما صار الاستشكال الذي طرحه البعض حقيقة واقعة لدى شخص آخر بالنسبة لزوجته! فاقتبس محمد من التوراة جزئيًّا (العدد5) تشريع اللعان بين الزوج والزوجة إذا شكَّك الرجل في إخلاص زوجته أو اتهمها بأنه شاهدها في وضع جنسيّ أو ما شابه مع رجل غيره، فهذا كان تعديلًا واستثناءً على التشريع الأول لمحمد بسبب اقتراحات أصحابه، لكن في تشريع محمد اختلافات عن تشريع التوراة فهو أسوأ، ففي تشريع محمد بتطبيقه العمليّ حكم مسبَّق على المرأة، فحتى لو لم يستطع الرجل جلب شهود زور، وتلاعنا وفقًا للنص، ونجت هي من حكم الرجم أو في روايات جلد مئة ثم الرجم حتى الموت على نحوٍ بشع، فإن تشريع محمد يجرِّدها من كل حقوقها وحقوق ابنها إن كان لها ابن من جهة النفقات والحقوق لها وللطفل ومؤخر الصداق الخاص بها، ويجرد الابن من حقه في الانتساب إلى أبيه، فيصير نسبه إلى أمه، ابن فلانة! وفقًا للمفاهيم الدينية الشرقية المتخلفة في مجتمعات محافظة يعتبر هذا إلحاقًا للعار بالأم والابن وتدميرًا كبيرًا لحياتيهما، رغم أن الزوج لم يثبت أي شيء مما ادعاه ضد الزوجة، لذلك في حدود علمي لكون ذلك التشريع ظالمًا وغير دستوريّ ولا عادل نبذه المسلمون بكل أشكاله منذ زمن طويل جدًّا، ربما منذ زمن الخلافات الإسلامية الأموية والعباسية والأيوبية والمملوكية حتى، وصار مجرد كلام نظري للفقهاء لا يتم تطبيقه كقانون لعيوبه. عيوب التشريع وفساده وتحيزه هنا ضد المرأة وعدم دستوريته دليل من أدلة بطلان الإسلام وتشريعاته وعدم إلهية مصدره، ظل تشريع كهذا حتمًا رغم ذلك طوال فترة الحكم الديني الإسلامي سيفًا مسلّطًا ضد أي زوجة تختلف مع زوجها، فهو وسيلة ممتازة لتدميرها وتطليقها دون أي تكلفة مالية ولا نفقات وليس على الرجل إثبات أي شيء، عليه فقط اتهامها بنطاعة وبرود وهو ضامن أنه لن يناله عقاب على تشويه السمعة وقذفها! فهذه مجتمعات كانت_ولا تزال بطرق مشابهة_تقدّس وتعلي شأن الذكور وتحقِّر النساء. وعلى حد علمي فإن دولة متشددة فيها كل البلاهات والتشدد والتعذيب وتبني الشرائع الفاسدة الباطلة للإسلام لم تطبِّق تشريعًا كهذا في حدود ما أعلم، فهو سيثير استشكالات ومشاكل كثيرة، لاحتوائه على حكم متحيز مسبق، يعاقب الزوجة بمجرد اتهام زوجها، مهما كان غرضه هو من الاتهام. من عيوب هذا التشريع كذلك أنه لا يجوز للمرأة فعل نفس الشيء: أن تتهم زوجها وتلاعنه، لم نسمع عن حالة معاكسة قط، يمكنها أن تدعي عليه فقط فلو اعترف يُرجَم وفق التشريع الوحشي، أو أن تأتي بشهود أربعة، أما لو لم تفعل ذلك فكتمييز عنصري بين الرجل والمرأة ستتعرض هي للجلد لأنها اتهمته بدون دليل! ميزان الإسلام له كفة مائلة ورمانته مغشوشة متحيزة.

 

روى أحمد بن حنبل:

 

2131- حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، وَهُوَ سَيِّدُ الأَنْصَارِ : أَهَكَذَا أُنْزِلَتْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلاَ تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، لاَ تَلُمْهُ ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ غَيُورٌ ، وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً قَطُّ إِلاَّ بِكْرًا ، وَمَا طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ قَطُّ ، فَاجْتَرَأَ رَجُلٌ مِنَّا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مِنْ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ ، فَقَالَ سَعْدٌ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّهَا حَقٌّ ، وَأَنَّهَا مِنَ اللهِ وَلَكِنِّي قَدْ تَعَجَّبْتُ أَنِّي لَوْ وَجَدْتُ لَكَاعًا قَدْ تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أَهِيجَهُ وَلاَ أُحَرِّكَهُ ، حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ، فَوَاللَّهِ لاَ آتِي بِهِمْ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ ، قَالَ : فَمَا لَبِثُوا إِلاَّ يَسِيرًا ، حَتَّى جَاءَ هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ ، وَهُوَ أَحَدُ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ ، فَجَاءَ مِنْ أَرْضِهِ عِشَاءً ، فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلاً ، فَرَأَى بِعَيْنَيْهِ ، وَسَمِعَ بِأُذُنَيْهِ ، فَلَمْ يَهِجْهُ ، حَتَّى أَصْبَحَ ، فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي جِئْتُ أَهْلِي عِشَاءً ، فَوَجَدْتُ عِنْدَهَا رَجُلاً ، فَرَأَيْتُ بِعَيْنَيَّ ، وَسَمِعْتُ بِأُذُنَيَّ ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِهِ ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ ، وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ ، فَقَالُوا : قَدِ ابْتُلِينَا بِمَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، الآنَ يَضْرِبُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ ، وَيُبْطِلُ شَهَادَتَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ هِلاَلٌ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِي مِنْهَا مَخْرَجًا ، فَقَالَ هِلاَلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي قَدْ أَرَى مَا اشْتَدَّ عَلَيْكَ مِمَّا جِئْتُ بِهِ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ ، فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَ بِضَرْبِهِ إِذْ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ عَرَفُوا ذَلِكَ فِي تَرَبُّدِ جِلْدِهِ ، يَعْنِي ، فَأَمْسَكُوا عَنْهُ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الوَحْيِ ، فَنَزَلَتْ : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} الآيَةَ كُلَّهَا ، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَبْشِرْ يَا هِلاَلُ ، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا فَقَالَ هِلاَلٌ : قَدْ كُنْتُ أَرْجُو ذَاكَ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرْسِلُوا إِلَيْهَا فَأَرْسَلُوا إِلَيْهَا ، فَجَاءَتْ ، فَتَلاَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا ، وَذَكَّرَهُمَا ، وَأَخْبَرَهُمَا أَنَّ عَذَابَ الآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا ، فَقَالَ هِلاَلٌ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ ، لَقَدْ صَدَقْتُ عَلَيْهَا ، فقالَتْ : كَذَبَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَعِنُوا بَيْنَهُمَا ، فَقِيلَ لِهِلاَلٍ : اشْهَدْ ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْخَامِسَةِ ، قِيلَ : يَا هِلاَلُ ، اتَّقِ اللَّهَ ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكَ الْعَذَابَ فَقَالَ : لاَ وَاللَّهِ لاَ يُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَيْهَا ، كَمَا لَمْ يَجْلِدْنِي عَلَيْهَا ، فَشَهِدَ فِي الْخَامِسَةِ : أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا : اشْهَدِي أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ : إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قِيلَ لَهَا : اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكِ الْعَذَابَ ، فَتَلَكَّأَتْ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَتْ : وَاللَّهِ لاَ أَفْضَحُ قَوْمِي ، فَشَهِدَتْ فِي الْخَامِسَةِ : أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا ، وَقَضَى أَنْ لاَ يُدْعَى وَلَدُهَا لأَبٍ ، وَلاَ تُرْمَى هِيَ بِهِ وَلاَ يُرْمَى وَلَدُهَا ، وَمَنْ رَمَاهَا ، أَوْ رَمَى وَلَدَهَا ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ ، وَقَضَى أَنْ لاَ بَيْتَ لَهَا عَلَيْهِ ، وَلاَ قُوتَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا يَتَفَرَّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلاَقٍ ، وَلاَ مُتَوَفًّى عَنْهَا ، وَقَالَ : إِنْ جَاءَتْ بِهِ أُصَيْهِبَ ، أُرَيْسِحَ ، حَمْشَ السَّاقَيْنِ ، فَهُوَ لِهِلاَلٍ ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا ، جُمَالِيًّا ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ ، فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ فَجَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ ، جَعْدًا ، جُمَالِيًّا ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْلاَ الأَيْمَانُ ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ قَالَ عِكْرِمَةُ : فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرٍ ، وَكَانَ يُدْعَى لأُمِّهِ وَمَا يُدْعَى لأَبٍ.

 

حديث حسن، عباد بن منصور -وإن كان فيه ضعف من جهة حفظه- قد توبع على بعضه، وقد صرح بالسماع عند الطيالسي والطبري والبيهقي، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الطيالسي (2667) ، وأبو داود (2256) ، وأبو يعلى (2740) و (2741) ، والطبري 18/82-83، والبيهقي 7/349 من طرق عن عباد بن منصور، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مختصراً البخاري (4747) ، وأبو داود (2254) ، والترمذي (3179) ، وابن ماجه (2067) ، والبيهقي 7/393-394 من طرق عن محمد بن بشار، عن ابن أبي عدي، عن هشام بن حسان، عن عكرمة، عن ابن عباس. وأخرجه بنحوه عبد الرزاق (12444) عن معمر، والطبري 18/82 عن يعقوب بن إبراهيم، عن إسماعيل ابن علية، كلاهما عن أيوب، عن عكرمة مرسلاً. ورواه أحمد مختصراً برقم (2199) و (2468) و (3339). وانظر أحمد برقم (3106) من طريق القاسم بن محمد عن ابن عباس.

 

وروى البخاري:

 

بَاب قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ }

4745 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُوَيْمِرًا أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي عَجْلَانَ فَقَالَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَتَى عَاصِمٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ فَسَأَلَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا قَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَجَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُلَاعَنَةِ بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَلَاعَنَهَا ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ حَبَسْتُهَا فَقَدْ ظَلَمْتُهَا فَطَلَّقَهَا فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ فَكَانَ بَعْدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ

 

 

بَاب { وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ }

4746 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ التَّلَاعُنِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قُضِيَ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ قَالَ فَتَلَاعَنَا وَأَنَا شَاهِدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَارَقَهَا فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا ثُمَّ جَرَتْ السُّنَّةُ فِي الْمِيرَاثِ أَنْ يَرِثَهَا وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا

 

 

بَاب { وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ }

4747 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ فَقَالَ هِلَالٌ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ } فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَجَاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا وَقَالُوا إِنَّهَا مُوجِبَةٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ ثُمَّ قَالَتْ لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ فَمَضَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ

 

 

بَاب قَوْلِهِ { وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ }

4748 - حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمِّي الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا رَمَى امْرَأَتَهُ فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَاعَنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ ثُمَّ قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ

 

 

5310 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ التَّلَاعُنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَالَ عَاصِمٌ مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا لِقَوْلِي فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعَرِ وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلًا آدَمَ كَثِيرَ اللَّحْمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ فَجَاءَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ فَلَاعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ هِيَ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ فَقَالَ لَا تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الْإِسْلَامِ السُّوءَ قَالَ أَبُو صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ آدَمَ خَدِلًا

 

وروى مسلم:

 

[ 1492 ] وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن بن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له أرأيت يا عاصم لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل فسل لي عن ذلك يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عاصم لعويمر لم تأتني بخير قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها قال عويمر والله لا أنتهي حتى أسأله عنها فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها قال سهل فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا قال عويمر كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بن شهاب فكانت سنة المتلاعنين

 

 [ 1492 ] وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب أخبرني سهل بن سعد الأنصاري أن عويمرا الأنصاري من بني العجلان أتى عاصم بن عدي وساق الحديث بمثل حديث مالك وأدرج في الحديث قوله وكان فراقه إياها بعد سنة في المتلاعنين وزاد فيه قال سهل فكانت حاملا فكان ابنها يدعى إلى أمه ثم جرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها

 

[ 1494 ] وحدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد قالا حدثنا مالك ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له قال قلت لمالك حدثك نافع عن بن عمر أن رجلا لاعن امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بأمه قال نعم

 

[ 1495 ] حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لزهير قال إسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال إنا ليلة الجمعة في المسجد إذ جاء رجل من الأنصار فقال لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فتكلم جلدتموه أو قتل قتلتموه وإن سكت سكت على غيظ والله لأسألن عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان من الغد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فتكلم جلدتموه أو قتل قتلتموه أو سكت سكت على غيظ فقال اللهم افتح وجعل يدعو فنزلت آية اللعان { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم }  هذه الآيات فابتلى به ذلك الرجل من بين الناس فجاء هو وامرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاعنا فشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ثم لعن الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فذهبت لتلعن فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم مه فأبت فلعنت فلما أدبرا قال لعلها أن تجيء به أسود جعدا فجاءت به أسود جعدا

 

[ 1493 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة واللفظ له حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير قال سئلت عن المتلاعنين في إمرة مصعب أيفرق بينهما قال فما دريت ما أقول فمضيت إلى منزل بن عمر بمكة فقلت للغلام استأذن لي قال إنه قائل فسمع صوتي قال بن جبير قلت نعم قال ادخل فوالله ما جاء بك هذه الساعة إلا حاجة فدخلت فإذا هو مفترش برذعة متوسد وسادة حشوها ليف قلت أبا عبد الرحمن المتلاعنان أيفرق بينهما قال سبحان الله نعم إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان قال يا رسول الله أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع إن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك قال فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه فلما كان بعد ذلك أتاه فقال إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور { والذين يرمون أزواجهم } فتلاهن عليه ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة قال لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها ثم دعاها فوعظها وذكرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة قالت لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ثم فرق بينهما

 

[ 1497 ] وحدثنا محمد بن رمح بن المهاجر وعيسى بن حماد المصريان واللفظ لابن رمح قالا أخبرنا الليث عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن بن عباس أنه قال ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا ثم انصرف فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع أهله رجلا فقال عاصم ما ابتليت بهذا إلا لقولي فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي وجد عليه امرأته وكان ذلك الرجل مصفرا قليل اللحم سبط الشعر وكان الذي أدعى عليه أنه وجد عند أهله خدلا آدم كثير اللحم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بين فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما فقال رجل لابن عباس في المجلس أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو رجمت أحدا بغير بينة رجمت هذه فقال بن عباس لا تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء

[ 1497 ] وحدثنيه أحمد بن يوسف الأزدي حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني سليمان يعني بن بلال عن يحيى حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن بن عباس أنه قال ذكر المتلاعنان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل حديث الليث وزاد فيه بعد قوله كثير اللحم قال جعدا قططا

 

[ 1498 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني الدراوردي عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة الأنصاري قال يا رسول الله أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلا أيقتله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قال سعد بلى والذي أكرمك بالحق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا إلى ما يقول سيدكم  

 

 [ 1498 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال حدثني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال سعد بن عبادة يا رسول الله لو وجدت مع أهلي رجلا لم أمسه حتى آتى بأربعة شهداء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قال كلا والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا إلى ما يقول سيدكم إنه لغيور وأنا أغير منه والله أغير منى

 

 [ 1499 ] حدثني عبيد الله بن عمر القواريري وأبو كامل فضيل بن حسين الجحدري واللفظ لأبي كامل قالا حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن وراد كاتب المغيرة عن المغيرة بن شعبة قال قال سعد بن عبادة لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح عنه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتعجبون من غيرة سعد فوالله لأنا أغير منه والله أغير منى من أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا شخص أغير من الله ولا شخص أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين ولا شخص أحب إليه المدحة من الله من أجل ذلك وعد الله الجنة

 

وروى أحمد:

 

4693- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ ، قَالَ : سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ ، أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ؟ فِي إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ ، فَقُمْتُ مِنْ مَكَانِي إِلَى مَنْزِلِ ابْنِ عُمَرَ ، فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، الْمُتَلاَعِنَانِ ، أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ؟ فَقَالَ : سُبْحَانَ اللهِ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَرَى امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ ، فَإِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ ؟ فَسَكَتَ ، فَلَمْ يُجِبْهُ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ أَتَاهُ ، فَقَالَ : الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلاَءِ الآيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} حَتَّى بَلَغَ : {أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ، فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ ، فَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ ، فَقَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَذَبْتُكَ ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا ، وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ ، فَقَالَتْ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ ، قَالَ : فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ : إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ ، فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ : إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الملك بن أبي سليمان -وهو العرزمي- فمن رجال مسلم. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 6/175-176، وابنُ الجارود في "المنتقى" (752) من طريق يحيي بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1493) (4) ، والنسائي في "الكبرى" (11357) و (11358) -وهو في "التفسير" (377) و (378) -، والدارمي 2/150-151، وأبو يعلى (5656) ، والطبري في "تفسيره" 18/84، وابنُ حبان (4286) ، والبيهقي في "السنن" 7/404 من طرق، عن عبد الملك بن أبي سليمان، به.

 

4001- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عَشِيَّةَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ ، قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ : أَحَدُنَا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَقَتَلَهُ ، قَتَلْتُمُوهُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ ، وَإِنْ سَكَتَ ، سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَصْبَحْتُ صَالِحًا ، لأَسْأَلَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَسَأَلَهُ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنْ أَحَدُنَا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً ، فَقَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ ، اللَّهُمَّ احْكُمْ . قَالَ : فَأُنْزِلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ ، قَالَ : فَكَانَ ذَاكَ الرَّجُلُ أَوَّلَ مَنِ ابْتُلِيَ بِهِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/405، ومسلم (1495) (10) ، وأبو داود (2253) ، وابن ماجه (2068) ، والطبري في "التفسير" 18/84، وأبو يعلى (5161) ، والبيهقي في "السنن " 7/405 و8/337 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.

 

(22830) 23218- حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ، يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ : فَقَالَ : سَلْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ ، أَيُقْتَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ ؟ قَالَ : فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَعَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ قَالَ : فَلَقِيَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ : مَا صَنَعْتَ ؟ قَالَ : مَا صَنَعْتُ إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَعَابَ الْمَسَائِلَ ، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ : وَاللَّهِ لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلأَسْأَلَنَّهُ ، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيهِمَا قَالَ : فَدَعَا بِهِمَا فَلاَعَنَ بَيْنَهُمَا قَالَ : فَقَالَ عُوَيْمِرٌ : لَئِنْ انْطَلَقْتُ بِهَا يَا رَسُولَ اللهِ ، لَقَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهَا . قَالَ : فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فَصَارَتْ سُنَّةً فِي الْمُتَلاَعِنَيْنِ . قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبْصِرُوهَا ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ ، عَظِيمَ الأَلْيَتَيْنِ ، فَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ ، فَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ كَاذِبًا قَالَ : فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير شيخ المصنف أبي كامل -وهو مظفَّر بن مُدرِك- فقد روى له الترمذي والنسائي، وهو ثقة . وأخرجه مطولاً ومختصراً الشافعي 2/45 و47، وأبو داود (2248) ، وابن ماجه (2066) ، والطبراني في "الكبير" (5682) و (5690) ، والبيهقي 7/399، والبغوي (2367) من طرق عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد . وأخرجه أيضاً مطولاً ومختصراً الشافعي 2/45-46 و46، وعبد الرزاق (12446) و (12447) ، والدارمي (2230) ، والبخاري (423) و (4745) و (4746) و (5309) و (7166) و (7304) ، ومسلم (1492) (2) و (3) ، وأبو داود (2247) و (2249) و (2250) و (2252) ، وابن الجارود (756) ، والطبري في "تفسيره" 18/85، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/102 و4/155-156، وفي "شرح مشكل الآثار" (5150) و (5151) ، وابن حبان (4283) و (4285) ، والطبراني (5674) و (5677) و (5678) و (5681) و (5683) و (5684) و (5685) و (5686) و (5688) ، والدراقطني 3/274 و275، والبيهقي 6/258 و398 و399 و400 و401 و410 من طرق عن الزهري، به . وأخرجه الطبراني (5777) من طريق سلمة بن دينار، عن سهل بن سعد . وروي هذا الحديث عند أحمد من طريق الزهري مطولاً ومختصراً بالأرقام (22803) و (22827) و (22831) و (22837) و (22843) و (22851) و (22853) وبرقم (22856) من طريق سهل بن سعد عن عاصم بن عدي .

 

وإنه لواضح أن ذلك الرجل كان يشعر بخيانة امرأته بالحدس قبل أن يتقين، لكنه كما قلت لم يأتِ بدليل.

 

هناك حديث يدل على أن محمدًا كان يفكر في رجم ومعاقبة المرأة المتهمة في إحدى الحالات على أساس الاستدلال والاستقفاء بشكل الطفل، لكنه تراجع عن ذلك لأنه ليس دليلًا، روى أحمد:

 

22837 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ: " اقْبِضْهَا إِلَيْكَ حَتَّى تَلِدَ عِنْدَكَ، فَإِنْ تَلِدْهُ أَحْمَرَ فَهُوَ لِأَبِيهِ الَّذِي انْتَفَى مِنْهُ لِعُوَيْمِرٍ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ قَطَطَ الشَّعْرِ أَسْوَدَ اللِّسَانِ، فَهُوَ لِابْنِ السَّحْمَاءِ " قَالَ عَاصِمٌ: فَلَمَّا وَقَعَ أَخَذْتُهُ إِلَيَّ، فَإِذَا رَأْسُهُ مِثْلُ فَرْوَةِ الْحَمَلِ الصَّغِيرِ، ثُمَّ أَخَذْتُ، قَالَ يَعْقُوبُ: بِفُقْمَيْهِ، فَإِذَا هُوَ أُحَيْمِرٌ مِثْلُ النَّبْعةِ، وَاسْتَقْبَلَنِي لِسَانُهُ أَسْوَدُ مِثْلُ التَّمْرَةِ . قَالَ: فَقُلْتُ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ

 

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق . يعقوب شيخ المصنف في أحد طريقيه: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري . وأخرجه بنحوه أبو داود (2246) من طريق محمد بن سلمة، والطبراني في "الكبير" (5734) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد . ورواية أبي داود مختصرة بلفظ: "أمسك المرأة عندك حتى تلد" .

وانظر (22830) .

قال السندي: "قَطَط الشعر" بفتحتين على المشهور، وروي بكسر الطاء الأولى أي: شديد التقبُّض كشعر السودان . "وقع" أي: سقط الولد من رَحِم الأم . "فروة الحَمَل" بفتحتين، ولد الضَّأن في السنة الأولى، والفروة: الجلدة، وهو بيان كونه قطط الشعر . "بفقميه" بفاءٍ مفتوحةٍ أو مضمومة وقاف ساكنة، أي: بلِحْييه .

 

22830 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: فَقَالَ: سَلْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ، أَيُقْتَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ ؟ قَالَ: فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَعَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ قَالَ: فَلَقِيَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ ؟ قَالَ: مَا صَنَعْتُ إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَعَابَ الْمَسَائِلَ، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَأَسْأَلَنَّهُ، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيهِمَا قَالَ: فَدَعَا بِهِمَا فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا قَالَ: فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: لَئِنْ انْطَلَقْتُ بِهَا يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهَا . قَالَ: فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَصَارَتْ سُنَّةً فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ . قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ، فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلَا أُرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا " قَالَ: فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ.

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير شيخ المصنف أبي كامل -وهو مظفَّر بن مُدرِك- فقد روى له الترمذي والنسائي، وهو ثقة . وأخرجه مطولاً ومختصراً الشافعي 2/45 و47، وأبو داود (2248) ، وابن ماجه (2066) ، والطبراني في "الكبير" (5682) و (5690) ، والبيهقي 7/399، والبغوي (2367) من طرق عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد . وأخرجه أيضاً مطولاً ومختصراً الشافعي 2/45-46 و46، وعبد الرزاق (12446) و (12447) ، والدارمي (2230) ، والبخاري (423) و (4745) و (4746) و (5309) و (7166) و (7304) ، ومسلم (1492) (2) و (3) ، وأبو داود (2247) و (2249) و (2250) و (2252) ، وابن الجارود (756) ، والطبري في "تفسيره" 18/85، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/102 و4/155-156، وفي "شرح مشكل الآثار" (5150) و (5151) ، وابن حبان (4283) و (4285) ، والطبراني (5674) و (5677) و (5678) و (5681) و (5683) و (5684) و (5685) و (5686) و (5688) ، والدراقطني 3/274 و275، والبيهقي 6/258 و398 و399 و400 و401 و410 من طرق عن الزهري، به . وأخرجه الطبراني (5777) من طريق سلمة بن دينار، عن سهل بن سعد . وروي هذا الحديث عند المصنف من طريق الزهري مطولاً ومختصراً بالأرقام (22803) و (22827) و (22831) و (22837) و (22843) و (22851) و (22853) . وسيأتي برقم (22856) من طريق سهل بن سعد عن عاصم بن عدي .

قال السندي: "أسحم" أي: أسود . "أدعج العينين" من الدَّعَج -بفتحتين-: شدة سواد العين، وقيل: مع سَعَتها . "وَحَرة" بفتحات: دويْبَّة حمراء تلزق بالأرض .

 

وروى البخاري:

 

5310 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ التَّلَاعُنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَالَ عَاصِمٌ مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا لِقَوْلِي فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعَرِ وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلًا آدَمَ كَثِيرَ اللَّحْمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ فَجَاءَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ فَلَاعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ هِيَ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ فَقَالَ لَا تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الْإِسْلَامِ السُّوءَ قَالَ أَبُو صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ آدَمَ خَدِلًا

 

رواه مسلم 1497 وأحمد 3106

 

قول محمد اقبضها عندك يعني نوع من الحبس للاشتباه والإقامة الجبرية بضمان محل الإقامة كما نقول اليوم، يدل على تخبطه وتفكيره في اتباع القيافة، لكنها ليست دليلا قاطعا، بعكس تحليل فصائل الدم كدليل ممكن غير حاسم في بعض الحالات اليوم لكنه محتمل فلو أن فصيلة دم الأب A والأم B فلا يُعقل ان يكون الابن فصيلته O، بل ستكون إما A أو B أو AB، لكن قد يصادف أن الشخص الثالث_ لو أن هناك "طرفًا ثالثًا" كما يقال بتعبير الثورة المصرية_له نفس إحدى النوعين فلن يكون التحليل مفيدًا. والتحليل الوراثي الجيني كدليل قاطع مؤكد. لاحقًا لم يفعل محمد للمرأة شيئًا لعدم صحة ذلك كما اتضح له بعد التفكير في المسألة، بالتالي إجراؤه لحبس امرأة بغير سبب قانوني هو فعل خاطئ قانونيًّا، لأنه لا حبس بدون دليل على تهمة أو اشتباه صحيح يمكن العثور على دليل عليه، وهو نفسه قال لاحقًا كما روى البخاري:

 

6847 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ قَالَ أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ قَالَ فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ

 

3555 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ الْمُدْلِجِيُّ لِزَيْدٍ وَأُسَامَةَ وَرَأَى أَقْدَامَهُمَا إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْدَامِ مِنْ بَعْضٍ

 

بالمناسبة تدل القصة الأخيرة احتمالًا على إشاعة ما_ليس بالضرورة أنها كانت صحيحة_عن زينب بنت جحش، إما بسبب كرهها لزيد الذي زوجها محمد له بالإكراه، أو إشاعة بسبب زواج محمد لها بالإكراه لاحقًا كذلك.

 

نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث

 

2195 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المروزيُّ، حدثني علي بنُ حُسين بن واقدٍ، عن أبيه، عن يزيد النحويِّ، عن عِكرمة عن ابنِ عباسٍ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] الآية, وذلك أن الرجُلَ كان إذا طلَّقَ امرأتَه فهو أحقُّ بِرَجْعَتِها وإن طَلَّقها ثلاثاً، فَنُسِخَ ذلك، وقال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229].

 

إسناده حسن. علي بن حسين. - وهو ابن واقد المروزي - حسن الحديث. يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5717) من طريق علي بن حسين، بهذا الإسناد.

وقال ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 208 بعد أن أورد حديثه ابن عباس هذا: التحقيق أن هذا لا يقال فيه ناسخ ولا منسوخ وإنما هو ابتداء شرع وإبطال لحكم العادة. وإلى القول بإحكام الآية أيضاً ذهب مكي بن أبي طالب في "الإيضاح" ص 149 -150، فقال: وقد قيل: إنها منسوخة {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1] وهذا قول بعيد، بل الآيتان محكمتان في معنيين مختلفين لا ينسخ أحدهما الآخر، فآية البقرة ذكر الله فيها بيان عدد الطلاق، وآية الطلاق ذكر فيها بيان وقت الطلاق، فهما حكمان مختلفان معمول بهما، لا ينسخ أحدهما الآخر لتباين معنييهما.

 

ضيق صدر محمد من كثرة أسئلة أتباعه لأنه جعل الدين والخزعبلات الدينية مصدر ومرجعية كل الأمور العلمية والإنسانية، وإلغاؤه لمحالة عمل رسوم على سؤالهم له

 

جعل محمد نفسه المرجعية لكل شيء في الحياة عند أتباعه، فهو الجهبذ العلامة في كل شيء، تمامًا مثلما نرى جهلة المسلمين يتصلون ببرامج شيوخ الدين الجهلاء ليفتوهم في علم النفس والتربية والاجتماع وربما حتى الطب والاقتصاد وكافة الأمور التي هم في حقيقة الأمر لا يفقهون عنها شيئًا، وبسبب كثرة أسئلتهم له من جمهور مؤمنين متزايد منضم له انزعج ونهاهم عن سؤاله عن أي شيء، كان الرجل في تلك الفترة قد كبر سنه وصارت أخلاقه وصبره يضيق ويقل تدريجيًا. الخطأ خطؤه لأن تعليمه نص على إلغاء الناس لعقولهم وللمنطق والعقلانية والتفكير العلمي والاستدلال والبحث والقراءة والمرجعيات العلمية والفلسفية وغيرها. ويحتمَل أن بعض سائليه كانوا من المتظاهرين بالإسلام (المنافقين) وكانوا يحاولون اصطياد سهواته وأخطائه في الردود للطعن عليه وكشفه.

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)} المجادلة

قال الطبري:

 

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) قال: نهوا عن مناجاة النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى يتصدقوا، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قدم دينارًا فتصدق به، ثم أنزلت الرخصة في ذلك.

حدثنا محمد بن عبيد بن محمد المحاربي، قال: ثنا المطلب بن زياد، عن ليث، عن مجاهد، قال، قال عليّ رضي الله عنه: إن في كتاب الله عزّ وجلّ لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) قال: فُرِضت، ثم نُسخت.

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا أبو أَسامة، عن شبل بن عباد، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) قال: نهوا عن مناجاة النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى يتصدّقوا، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قدّم دينارًا صدقة تصدق به، ثم أنزلت الرخصة.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا، عن مجاهد، قال، قال عليّ رضي الله عنه: آية من كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم، فكنت إذا جئت إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تصدقت بدرهم، فنسخت، فلم يعمل بها أحد قبلي: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) قال: سأل الناس رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى أحفوه بالمسألة، فوعظهم الله بهذه الآية، وكان الرجل تكون له الحاجة إلى نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلا يستطيع أن يقضيها، حتى يقدّم بين يديه صدقة، فاشتدّ ذلك عليهم، فأنزل الله عزّ وجلّ الرخصة بعد ذلك (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) قال: إنها منسوخة ما كانت إلا ساعة من نهار.

...حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) ، وذاك أن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه؛ فلما قال ذلك صبر كثير من الناس، وكفوا عن المسألة، فأنزل الله بعد هذا (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) ، فوسع الله عليهم، ولم يضيق.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عثمان بن أبى المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ، عن عليّ، قال، قال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "مَا تَرَى؟ دِينَارٌ" قَالَ: لا يطيقون، قال: "نصف دينار؟ " قال: لا يطيقون قال: "ما ترى؟ " قال: شعيرة، فقال له النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "إنَّكَ لَزَهِيدٌ"، قال عليّ رضي الله عنه: فبي خفف الله عن هذه الأمة، وقوله: (إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) ، فنزلت: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ) .

 

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) : لئلا يناجي أهل الباطل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فيشُقّ ذلك على أهل الحقّ، قالوا: يا رسول الله ما نستطيع ذلك ولا نطيقه، فقال الله عزّ وجلّ: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) ، وقال: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) ، من جاء يناجيك في هذا فاقبل مناجاته، ومن جاء يناجيك في غير هذا فاقطع أنت ذاك عنه لا تناجه. قال: وكان المنافقون ربما ناجوا فيما لا حاجة لهم فيه، فقال الله عزّ وجلّ: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) قال: لأن الخبيث يدخل في ذلك.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة والحسن البصري قالا قال في المجادلة: (إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، فنسختها الآية التي بعدها، فقال: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) .

وقوله: (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) يقول تعالى ذكره: فإن لم تجدوا ما تتصدّقون به أمام مناجاتكم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يقول: فإن الله ذو عفو عن ذنوبكم إذا تبتم منها، رحيم بكم أن يعاقبكم عليها بعد التوبة، وغير مؤاخذكم بمناجاتكم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قبل أن تقدّموا بين يدي نجواكم إياه صدقة.

 

... حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (أَأَشْفَقْتُمْ) قال: شقّ عليكم تقديم الصدقة، فقد وُضِعت عنكم، وأمروا بمناجاة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بغير صدقة حين شقّ عليهم ذلك.

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا أَبو أُسامة، عن شبل بن عباد المكيّ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) : فريضتان واجبتان لا رجعة لأحد فيهما، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر الصدقة في النجوى.

 

وقال ابن كثير:

 

يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يُنَاجِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيُّ: يُسَارُّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُ وَتُزَكِّيهِ وَتُؤَهِّلُهُ لِأَنْ يَصْلُحَ لِهَذَا الْمَقَامِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ}، ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا} أَيْ: إِلَّا مِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ لِفَقْدِهِ {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَمَا أَمَرَ بِهَا إِلَّا مَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا. ثُمَّ قَالَ: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} أَيْ: أَخِفْتُمْ مِنَ اسْتِمْرَارِ هَذَا الْحُكْمِ عَلَيْكُمْ مِنْ وُجُوبِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ مُنَاجَاةِ الرَّسُولِ، {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} فَنُسَخَ وُجُوبُ ذَلِكَ عَنْهُمْ.

 

هنا كشف محمد عن وجهه الحقيقي، فقد أراد وضع رسم مالي (على طريقة شيوخنا اليوم مع كونهم كمحمد ليس لهم فائدة) لمن يسألونه عن أي شيء سؤالًا خصوصيًّا، كوسيلة لتوفير مصدر دخل وعائد إضافي للإنفاق على نفسه ونسائه الكثيرات وعلى تسليحات حروبه الإرهابية وربما إحسانات لفقراء الأتباع تكسبه الشعبية، مع أنه لا ينفق من جيبه (نفس طريقة مساجد وجمعيات الإخوان المسلمين والمتطرفين اليوم)، ثم لما وجد أن الأتباع لم يستقبلوا ذلك استقبالًا حسنًا لغى حكمه! ولعل لعلي دور في تعقيل محمد ورده إلى الصواب لكي لا يخسر شعبيته لدى الأتباع بسبب ضيق الصدر والتحمل الذي أصابه، كلما مضى العمر بمحمد كما نرى من دراسة السيرة والأخلاق كان يزداد سوء طباع وانحطاط أخلاق وتدهورًا نفسيًّا وعقليًّا. في آخر العمر صار محمد يتخيل أشياء أكثر كما سنورد.

إعدام مدمن الخمر شرّعه محمد ولم يعمل به ولا مرة لذلك اعتبروه منسوخًا

 

روى أحمد:

 

16847 - حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مَعْبَدٍ الْقَاصِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ، فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ، فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ، فَاقْتُلُوهُ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن عبد: وهو أبو عبد الله الجَدَلي- اسمه عبد بن عبد، وقيل: عبد الرحمن بن عبد- فقد أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي في "الخصائص"، وهو ثقة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5299) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/159، والطبراني في "الكبير" 19/ (844) ، من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وقد سقط من مطبوع الطبراني اسم معبد القاص من الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5298) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (845) ، والحازمي في "الاعتبار" ص199 من طريق سليمان التيمي، عن المغيرة بن مقسم الضبي، به. وأخرجه الطبراني كذلك 19/ (846) من طريق سفيان الثوري، عن معبد، به.//ورواه أحمد بالأرقام (16859) و (16869) و (16888) و (16926) . ونحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (6553) ، وعند أحمد برقم (7003) ، وبرقم (6791) و (6974) من طريق آخر. وعن أبي هريرة، سيرد (7762) و (7911) ، وإسناده جيد. وعن معاوية، عند أحمد 4/93 و95 و96 و97. وعن شرحبيل بن أوس، عن أحمد 4/234. وعن الشريد بن سويد الثقفي، عند أحمد 4/389. وعن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عند أحمد 5/369.//وعن أبي سعيد الخدري عند ابن حبان (4445) . وعن جرير عند الحاكم في "المستدرك" 4/371. وعن غضيف بن الحارث عند البزار (1563) ، والطبراني 18/ (662) . وانظر عدة أحاديث صحيحة في المستدرك للحاكم/كتاب الحدود 8114 إلى 8118 و8120

 

16859 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَاصِمَ ابْنَ بَهْدَلَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا شَرِبُوا الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا الرَّابِعَةَ، فَاقْتُلُوهُمْ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو صالح: هو ذكوان السَّمَّان. وأخرجه أبو داود (4482) ، والترمذي (1444) ، وابن ماجه (2573) ، وأبو يعلى (7363) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/159، وابن حبان (4446) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (768) ، والحاكم 4/372، وابن حزم في "المحلى" 1/3661، والبيهقي في "السنن" 8/313 من طرق عن عاصم ابن بهدلة، بهذا الإسناد. وسكت عنه الحاكم، وصححه الذهبي.

 

16869 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ: " إِذَا شَرِبَ الْخَمْرَ، فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الثَّالِثَةَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن أبي النجود، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (17087) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (767) ، وابن حزم في "المحلى" 11/366. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5297) من طريق محمد بن حُميد، عن سفيان الثوري، به.

 

18034 - حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْيَزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّيْلَمُ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّا بِأَرْضٍ بَارِدَةٍ، وَإِنَّا لَنَسْتَعِينُ بِشَرَابٍ يُصْنَعُ لَنَا مِنَ الْقَمْحِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُسْكِرُ ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: " فَلَا تَشْرَبُوهُ " فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُسْكِرُ ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: " فَلَا تَشْرَبُوهُ " فَأَعَادَ عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُسْكِرُ ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَلَا تَشْرَبُوهُ " قَالَ: " فَإِنَّهُمْ لَا يَصْبِرُونَ عَنْهُ " قَالَ: " فَإِنْ لَمْ يَصْبِرُوا عَنْهُ فَاقْتُلْهُمْ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه، فقد روى له أبو داود، وغير عبد الحميد بن جعفر، فمن رجال مسلم، وروى له البخاري تعليقاً.//وهو عند الإمام أحمد في "الأشربة" (210) .//وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 5/533-534، والبخاري في "التاريخ" 7/136- ومن طريقه ابن عساكر في "التاريخ" 14/ورقة 295- عن الضحاك ابن مخلد، بهذا الإسناد. إلا أن البخاري قال: عن ابن الديلمي، ولفظه عنده: أنه سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنا منك بعيد وأشرب شراباً من قمح؟ فقال: "أيسكر؟" قلت: نعم. قال: "لا تشربوا مسكراً" فأعاد ثلاثاً، قال: "كل مسكر حرام".//وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص303 من طريق عبد الله بن عبد الحكم وأبي الأسود النضر بن عبد الجبار وهانئ بن المتوكل، ثلاثتهم عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب، به.//وأخرجه الطبراني (4206) في "الكبير" من طريق قتيبة بن سعيد، والبيهقي 8/292 من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وقرنا بيزيد عياش بن عباس. وليس فيه عندهما الأمر بقتل من لم يصبر عنها.//وفي الأمر بقتل من أقام على شرب الخمر عن ابن عمرو، سلف برقم (6553) ، وقد بينا فيه أن الأمر بقتل شارب الخمر فيما إذا عاد إلى شربه في المرة الرابعة منسوخ بالإجماع، ويرى ابن القيم أن قتله إذا تكرر منه إنما هو من باب التعزير يفوض الأمر فيه إلى الإمام بحسب المصلحة.

 

وروى النسائي في المجتبى:

 

5661 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا جرير عن مغيرة عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن بن عمر ونفر من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم قالوا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاقتلوه

 

صحيح

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

13555 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا محمد بن راشد قال سمعت عمرو بن شعيب يحدث أن أبا موسى الأشعري حين بعثه النبي صلى الله عليه و سلم إلى اليمن سأله فقال إن قومي يصنعون شرابا من الذرة يقال له المزر فقال له النبي صلى الله عليه و سلم ايسكر قال نعم قال فأنههم عنه قال ثم رجع فسأله فقال انههم عنه ثم سأله الثالثة فقال قد نهيتهم عنه فلم ينتهوا فقال النبي صلى الله عليه و سلم من لم ينته فاقتله

 

وانظر أحمد 18035 و18036 و18053 و7762 و10547 و10729

 

لكن محمدًا لم يعمل ولا مرة بحكم شاذ كهذا، روى أحمد:

 

7911 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ " قَالَ الزُّهْرِيُّ: " فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ سَكْرَانَ فِي الرَّابِعَةِ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ "

إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ الحارث بن عبد الرحمن -وهو القرشي العامري خال ابن أبي ذئب- فمن رجال أصحاب السنن، وهو صدوق. وأخرجه أبو داود (4484) ، والبيهقي 8/313 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2337) ، والدارمي (2105) ، وابن ماجه (2572) ، والنسائي في "المجتبى" 8/314، وفي "الكبرى" (5172) ، والطحاوي 3/159، وابن حبان (4447) ، والحاكم 4/371، وابن حزم في "المحلى" 11/367 من طرق عن ابن أبي ذئب، به. وأخرجه ابن الجارود (831) من طريق أسد بن موسى، عن الحارث بن عبد الرحمن، به. وسيأتي برقم (10547) و (10729) ، وانظر ما سلف برقم (7762) .

 

وروى الحاكم في المستدرك:

 

8116 - فحدثنا أبو زكريا العنبري ثنا أبو عبد الله البوشنجي ثنا أحمد بن حنبل ثنا عبد الرزاق أنبأ معمر عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من شرب الخمر فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب في الرابعة فاقتلوه

 قال معمر : فحدثت به محمد بن المنكدر فقال : قد ترك ذلك بعد أتي النبي صلى الله عليه وسلم بابن النعيمان فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتي به في الرابعة فجلده ولم يزد على ذلك.

 

8123 - حدثنا زياد بن عبد الله ثنا ابن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر  عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وقال : فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم النعيمان أربع مرات

 

ورواه عبد الرزاق في مصنفه:

 

13549 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من شرب الخمر فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب فاقتلوه فقال بن المنكدر قد ترك ذلك بعد قد أتي النبي صلى الله عليه و سلم بابن النعيمان فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتي به الرابعة فجلده ولم يزده على ذلك

 

13550 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن عاصم بن أبي النجود عن ذكوان عن معاوية أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في شارب الخمر إذا شرب الخمر فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب الرابعة فاضربوا عنقه قال الثوري فحدثنا أصحابنا عن الزهري أن بن النعيمان ضرب أربع مرات ورفع القتل

 

13551 - عبد الرزاق عن عمر بن حبيب قال سمعت بن شهاب يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من شرب الخمر فاضربوه ثم إن شرب الثانية فاضربوه ثم إن شرب الثالثة فاضربوه ثم إن شرب الرابعة فاقتلوه قال فأتي برجل قد شرب فضربه ثم الثانية فضربه ثم الثالثة فضربه ثم الرابعة فضربه ووضع الله تعالى القتل

13552 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم قال أتي بابن النعيمان إلى النبي صلى الله عليه و سلم مرارا أكثر من أربع فجلده في كل ذلك فقال رجل عند النبي صلى الله عليه و سلم اللهم العنه ما أكثر ما يشرب وما أكثر ما يجلد فقال النبي صلى الله عليه و سلم لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله

 

13553 - عبد الرزاق عن معمر عن بن جريج عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب قال أتي النبي صلى الله عليه و سلم برجل قد شرب الخمر فجلده ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة في كل ذلك يجلده لم يزد على ذلك

 

13554 - عبد الرزاق عن محمد بن راشد عن عبد الكريم أبي أمية عن قبيصة بن ذؤيب عن النبي صلى الله عليه و سلم ضرب رجلا في الخمر أربع مرات وأن عمر ضرب أبا محجن الثقفي في الخمر ثمان مرات

 

وهناك شاهد قوي للغاية على صحة الخبر فقد روى البخاري:

 

6780 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ

 

2316 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَّامٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ جِيءَ بِالنُّعَيْمَانِ أَوْ ابْنِ النُّعَيْمَانِ شَارِبًا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوا قَالَ فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ فَضَرَبْنَاهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ

 

6777 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ قَالَ اضْرِبُوهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَخْزَاكَ اللَّهُ قَالَ لَا تَقُولُوا هَكَذَا لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ

 

وروى أحمد بن حنبل:

 

16155 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِالنُّعَيْمَانِ - أَوْ ابْنِ النُّعَيْمَانِ - وَهُوَ سَكْرَانُ، قَالَ: فَاشْتَدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ مَنْ فِي الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ فَضَرَبُوهُ " قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: " فَشَقَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً " قَالَ عُقْبَةُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ ضَرَبَهُ

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه فلم يخرج له سوى البخاري، عفان: هو ابن مسلم الصفار، وهيب ابن خالد: هو الباهلي، أيوب: هو السختياني. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2454) ، وفي "شرح معاني الآثار" 3/157 ، والطبراني في "الكبير"17/ (977) ، من طريق سليمان بن حرب، وعفان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6775) ، والبيهقي في "السنن" 8/317 من طريق سليمان بن حرب، عن وهيب بن خالد، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5295) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2454) ، وفي "شرح معاني الآثار" 3/157 من طريق معلى بن أسد، عن وهيب، به. وقد سلف برقم (16150) . وقد روي هنا بالشك: بالنعيمان أو ابن النعيمان. وقد سلف برقم (16150) "بالنعيمان" بلا شك، وهو ما رجحه الحافظ في "الإصابة" في ترجمة نعيمان: فقال: الراجح النعيمان بلا شك.

 

وروى البيهقي في السنن الكبرى:

 

17282 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني أنبأ أبو سعيد بن الأعرابي ح وأخبرنا أبو الحسين بن بشران أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار قالا ثنا سعدان بن نصر ثنا سفيان عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من شرب الخمر فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب في الرابعة فاقتلوه فأتي برجل قد شرب الخمر فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتي به في الرابعة فجلده فرفع القتل عن الناس وكانت رخصة فثبتت

 

17283 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ الربيع بن سليمان أنبأ الشافعي أنبأ سفيان عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب: فذكر هذا الحديث إلا أنه قال ثم إن شرب فاقتلوه لا يدري الزهري بعد الثالثة أو الرابعة قال في آخره ووضع القتل وصارت رخصة قال سفيان قال الزهري لمنصور بن المعتمر ومخول كونا وافدي العراق بهذا الحديث

 

17284 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أنبأ أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان ثنا محمد بن الجهم السمري ثنا يعلى بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه فأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم برجل من الأنصار يقال له نعيمان فضربه أربع مرات فرأى المسلمون أن القتل قد أخر وأن الضرب قد وجب وقد روي هذا عن محمد بن إسحاق بن يسار عن بن المنكدر عن جابر

 

17285 - حدثنا الشيخ الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان رحمه الله ثنا الإمام والدي ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا محمد بن موسى الحرشي ثنا زياد بن عبد الله ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد الرابعة فاقتلوه قال وضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم النعيمان أربع مرات قال فرأى المسلمون أن الحد وقع حين ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم أربع مرات ورواه معمر عن محمد بن المنكدر عن زيد بن أسلم أنهما قالا ذلك

 

وروى أبو داوود في سننه:

 

4485 - حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ثنا سفيان قال الزهري أخبرنا عن قبيصة بن ذؤيب: أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من شرب الخمر فاجلدوه " فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه " فأتي برجل قد شرب [ الخمر ] فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتى به فجلده ورفع القتل وكانت رخصة

 قال سفيان حدث الزهري بهذا الحديث وعنده منصور بن المعتمر ومخول بن راشد فقال لهما كونا وافدي أهل العراق بهذا الحديث

 قال أبو داود روى هذا الحديث الشريد بن سويد وشرحبيل بن أوس وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وأبو غطيف الكندي وأبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة .

 

قال الألباني: ضعيف

 

وكان النعيمان رجلًا طريفًا فيه دعابة مع مسحة من تهور وجنون، وكان محمد يحبه، وله في كتب التراجم كأسد الغابة والاستيعاب والإصابة أخبار طريفة لدرجة جعل رجل أعمى يرشده هو يبول في داخل المسجد، ثم جعل نفس الرجل يضرب الخليفة عثمان على رأسه فشجها بزعمه أنه يرشده إلى نعيمان الذي كان يريد ضربه! فقال عثمان لبني زهرة أقاربه لما اجتمعوا غاضبين: دعوا نعيمان؛ لعن الله نعيمان فقد شهد بدرا، وهناك خبر طريف عن ذبحه لجمل أعرابي زائر لمحمد ليأكله أصحابه الفقراء وجعل محمدًا يغرم ثمنه عنه تسامحًا منه بعدما أخرجه من مخبأ تحت التبن والقش! وأنه قال له من قال لك أن تفعل هذا؟ فرد عليه: من دلوك علي! ومن أخباره من كتاب الاستيعاب:

 

وحدثني يحيى بن محمد قال حدثني يعقوب بن جعفر بن أبي كثير حدثنا أبو طوالة الأنصاري عن محمد ابن عمرو بن حزم عن أبيه قال كان بالمدينة رجل يقال له نعيمان يصيب الشراب فكان يؤتى به النبي صلى الله عليه وسلم فيضربه بنعله ويأمر أصحابه فيضربونه بنعالهم ويحثون عليه التراب فلما كثر ذلك منه قال له رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لعنك الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعل فإنه يحب الله ورسوله قال وكان لا يدخل في المدينة رسل ولا طرفة الا اشترى منها ثم جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذا هدية لك فإذا جاء صاحبه يطلب ثمنه من نعيمان جاء به الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أعط هذا ثمن هذا فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لم تهده لي فيقول يا رسول الله لم يكن عندي ثمنه وأحببت أن تأكله فيضحك النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر لصاحبه بثمنه قال أبو عمر كان نعيمان رجلا صالحا على ما كان فيه من دعابة. وكان له ابن قد انهمك في شرب الخمر فجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مرات فلعنه رجل كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله، وفي جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه في الخمر أربع مرات نسخ لقوله عليه السلام فإن شربها الرابعة فاقتلوه يقال إنه مات في زمن معاوية ويقال بل ابنه الذي مات في زمن معاوية

 

وقد استقر رأي جمهور علمائهم على نسخ (إلغاء) العمل به:

 

قال الترمذي: وإنما كان هذا في أول الأمر، ثم نُسخ بعد... إلى أن قال: والعمل على هذا... (يعني نسخ القتل) عند عامة أهل العلم لا نعلم اختلافاً في ذلك في القديم والحديث، ومما يقوي هذا ما روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أوجه كثيرة أنه قال: "لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه".

وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 5/298: وهذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر هو كما قاله، فهو حديث منسوخ، دل الإجماع على نسخه.

قلنا: خالف هذا الإجماع ابنُ حزم، وتابعه عليه من المعاصرين الشيخ أحمد شاكر في كتابه "كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر".

وقال ابنُ القيم في "تهذيب السنن" 6/238: والذي يقتضيه الدليل أن الأمر بقتله ليس حتماً، ولكنه تعزير بحسب المصلحة، فإذا أكثر الناس من الخمر، ولم ينزجروا بالحد، فرأى الإمام أن يقتل فيه، قتل، ولهذا كان عمر رضي الله عنه ينفي فيه مرة، ويحلق فيه الرأس مرة، وجلد فيه ثمانين، وقد جلد فيه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر رضي الله عنه أربعين، فقتله في الرابعة ليس حداً، وإنما هو تعزير بحسب المصلحة.

وانظر تفصيل المسألة في "فتح الباري" 12/78-81، و"تهذيب سنن أبي داود" لابن القيم 6/238، و"الاعتبار" للحازمي، ص 199، باب نسخ القتل في حد السكران.

 

دليل على تخبط محمد في تشريعاته وتشريعه لأشياء برأيه وليس عن وحي مزعوم ثم إلغائها، فتشريع قتل إنسان لمجرد أنه سكير شيء غير معقول، ولا يتناسب مع الفعل، وفي الأصل شرب الخمر في حد ذاته من الناحية العقلانية ليس جريمة، لكن ما قد يترتب عليه من عربدة وإزعاج للآخرين وإيذاء واعتداء أو حادث لقيادة سيارة هو ما نحاسب عليه قانونيًّا. لذلك لم ينفذ محمد تصريحه هذا الذي قاله للتخويف والقمع والردع، ولا مرة واحدة. ولعل للتهور ومسحة الجنون عند النعيمان الظريف الدور الأكبر في إلغاء محمد للتشريع، معظم الناس العادية كانت ستخاف وما كانت ستقدم على مغامرة كهذه بعد تهديد محمد.

 

مصادرة الحرية الجنسية والاعتراف بالاستعباد وتناقض تشريعيّ

 

روى أحمد:

 

1341 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَنْبَأَنَا زَائِدَةُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَقِيمُوا عَلَى أَرِقَّائِكُمُ الْحُدُودَ مَنِ احْصِنَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُحْصَنْ ، فَإِنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَنَتْ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ، فَأَتَيْتُهَا فَإِذَا هِيَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ ، فَخَشِيتُ إِنِ انَا جَلَدْتُهَا أَنْ تَمُوتَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " أَحْسَنْتَ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. زائدة: هو ابن قدامة، والسدي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، سليمان بن داود: هو الطيالسي، وهو في "مسنده" (112) ومن طريق الطيالسي أخرجه مسلم (1705) ، والترمذي (1441) ، والبزار (590) ، وأبو يعلى (326) وابن الجارود (816) ، وقال الترمذي: حديث صحيح، وأخرجه البزار (591) من طريق إسرائيل، عن السدي، به. وانظر (679) .

 

 وروى البخاري:

 

2234 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ

 

ورواه أحمد 17057 إلى 17059 و1341 و8886 و7395 و9470 و10405ومسلم 1703 إلى 1705 والبخاري 2555 و2556 و2153 و2154 و2232 و2233 و6837 و6838

 

وروى أحمد:

 

18397 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَأَبُو الْعَلَاءِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: رُفِعَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَجُلٌ أَحَلَّتْ لَهُ امْرَأَتُهُ جَارِيَتَهَا، فَقَالَ: " لَأَقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَئِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ، لَأَجْلِدَنَّهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ لَأَرْجُمَنَّهُ " قَالَ: فَوَجَدَهَا قَدْ أَحَلَّتْهَا لَهُ فَجَلَدَهُ مِائَةً.

 

إسناده ضعيف، قتادة لم يسمع هذا الحديث من حبيب بن سالم، بينهما خالد بن عرفطة، وهو مجهول، ثم إن فيه اضطراباً، كما سيأتي. يزيد: هو ابن هارون، وأبو العلاء: هو أيوب بن أبي مسكين -ويقال: ابن مسكين- التميمي القصاب. وأخرجه الترمذي في "جامعه" (1451) ، وفي "العلل الكبير" 2/614 من طريق هشيم، عن سعيد بن أبي عروبة، وأبي العلاء، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 6/124، وفي "الكبرى" (7227) من طريق حماد بن سلمة، وابن ماجه (2551) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به.// قال الترمذي في "جامعه": حديث النعمان في إسناده اضطراب، سمعت محمداً- يعني البخاري- يقول: لم يسمع قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث، إنما رواه عن خالد بن عرفطة، وزاد في "العلل" عن البخاري قوله: أنا أتقي هذا الحديث، إنما رواه قتادة، عن خالد بن عرفطة، عن حبيب بن سالم.//وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7229) من طريق حبان ، والبيهقي في "السنن" 8/239 من طريق هدبة بن خالد، كلاهما عن همام، عن قتادة، عن حبيب بن سالم، عن حبيب بن يساف، عن النعمان بن بشير، به.//وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/145، والبيهقي في "السنن" 8/239 من طريق أبي عمر الحوضي، عن همام، عن قتادة، عن حبيب بن يساف، عن حبيب بن سالم... فذكر نحوه.//وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" 1/448 عن أبيه قوله: حبيب بن يساف مجهول، لا أعلم أحداً روى عنه غير قتادة هذا الحديث الواحد، وكذلك خالد ابن عرفطة مجهول، لا نعرف أحداً يقال له خالد بن عرفطة إلا واحد، الذي له صحبة.//وقال أبو أحمد بن عدي في حبيب بن سالم: اضطرب في أسانيد ما يروى قلنا: ومن الاضطراب أيضا: أنه رواه شعبة، عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن خالد بن عرفطة، عن حبيب بن سالم، عن النعمان ، كما سيرد برقم (18444) . ورواه هشيم، عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن حبيب بن سالم، عن النعمان ، كما سيرد برقم (18456) .//وحكى المزي في "تحفة الأشراف" 9/18 عن النسائي قوله: أحاديث النعمان هذه مضطربة.//وسيرد بالأرقام: (18405) و (18425) و (18426) و (18444) و (18445) و (18446) . وانظر بنحوه أبو داود 4458 و4459.

وفي الباب عن سلمة بن المُحبَّق سلف برقم (15911) بلفظ: سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يواقع جارية امرأته، قال: إن أكرهها، فهي حرة، ولها عليه مثلها، وإن طاوعته، فهي أمته، ولها عليه مثلها". وإسناده ضعيف أيضاً.//قال النسائي في "الكبرى" (7233) : ليس في هذا الباب شيء صحيح يحتج به.

قال السندي: قوله: بقضية، أي: بقضاء.

لأجلدنه؛ قال ابن العربي: يعني أدبته تعزيراً، وأبلغ به عدد الحر تنكيلاً، لا أنه رأى حده بالجلد حداً له. قلت: لأن المحصن حده الرجم، لا الجلد، ولعل سبب ذلك أن المرأة إذا أحلت جاريتها لزوجها، فهو إعارة الفروج، فلا يصح، لكن العارية تصير شبهة تسقط الحد، إلا أنها شبهة ضعيفة جداً فيعزر صاحبها. قال الخطابي: هذا الحديث غير متصل، وليس العمل عليه. قلت: قال الترمذي: في إسناده اضطراب، سمعت محمداً يقول: لم يسمع قتادة من ابن سالم هذا الحديث، إنما رواه عن خالد بن عرفطة، واختلف أهل العلم فيمن يقع على جارية امرأته، فعن غير واحد من الصحابة الرجم، وعن ابن مسعود التعزير، وذهب أحمد وإسحاق إلى حديث النعمان بن بشير.

 

وروى الترمذي:

 

1452 - حدثنا علي بن حجر حدثنا هشيم عن ابي بشر ن عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشر نحوه ويروى عن قتادة أنه قال : كتب به إلى حبيب بن سالم و ابو بشر لم يسمع من حبيب بن سالم هذا أيضا إنما رواه عن خالد بن عرفطة

قال : وفي الباب عن سلمة بن المحبق

 قال أبو عيسى : حديث النعمان في إسناده اضطراب قال سمعت محمدا يقول : لم يسمع عن قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث إنما رواه عن خالد بن عرفطة

 قال أبو عيسى : وقد اختلف أهل العلم في الرجل يقع على جارية امرأته فروي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم منهم علي و ابن عمر أن عليه الرجم وقال ابن مسعود ليس عليه حد ولكنه يعزر وذهب أحمد و إسحق إلى ما روى النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه و سلم

 

ينطوي هذا الحكم على عدة أخطاء أخلاقية، أولًا هو لم يفكر في تحريم الاستعباد نفسه لبطلانه، ثانيًا هو لم يتساءل عن رغبة أو إكراه المستعبَدة في الموضوع، ثالثًا إذا كان الرجل أقام علاقة مع غير زوجته وبرضا زوجته، وكان الطرف الثالث راضيًا كذلك، فهم أحرار في اختياراتهم، لا يصح التدخل في حيواتهم الشخصية وسلوكياتهم، وهذا نموذج لحشر الإسلام أنفه في كل أمور الناس في عصور الحكم الإسلامي الديني.

 

وبالتناقض يوجد حديث قال بحكم مختلف أكثر تسامحًا:

 

20060 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ، أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَرُفِعَ ذَاكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ، فَهِيَ لَهُ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا لَهَا، وَإِنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا، فَهِيَ حُرَّةٌ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا لَهَا "

 

إسناده ضعيف، الحسن- وهو ابن أبي الحسن البصري- لم يسمع من سلمة بن المحبَّق، وقد اختُلف في إسناد هذا الحديث على الحسن، فرواه معمر عن قتادة عن الحسن، وسمّى الواسطة بينه وبين سلمة: قبيصة بن حريث، وهو مجهول، وقال البخاري: في حديثه نظر، وسيأتي عند المصنف برقم (20069) ، وتابعه سلاَّم بن مسكين عن الحسن كما سيأتي.//وروي عن قتادة عن الحسن عن جَوْن بن قتادة، عن سلمة بن المحبَّق كما سيأتي عند الحديث (20063) و (20066) ، والجون هذا مجهول.//والحديث أخرجه البيهقي 8/240 من طريق أبي الربيع، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.//وأخرجه عبد الرزاق (13418) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1066) ، والطبراني في "الكبير" (6337) من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري في "التاريخ الكبير" 4/72، والطبراني (6338) ، والحازمي في "الاعتبار" ص 204 من طريق محمد بن مسلم الطائفي، كلاهما عن عمرو بن دينار، به. وذكر ابن أبي عاصم والطبراني في الموضع الثاني والحازمي أن الجارية كانت مع الرجل في سفر، ولفظ البخاري: "إن كان استكره جارية امرأته، فهي حرة".//وسلف برقم (15911) ، وسيأتي برقم (20063) و (20064) و (20065) و (20066) من طرق عن الحسن، عن سلمة بن المحبَّق.//وفي الباب موقوفاً على ابن مسعود عند عبد الرزاق (13419) ، والطحاوي 3/145، وإسناده حسن.

قال البيهقي: قال الشيخ- يعني شيخه أبا الحسن علي بن محمد المقرئ-: حصول الإجماع من فقهاء الأمصار بعد التابعين على تَرْك القول به دليلٌ على أنه إن ثَبَتَ صار منسوخاً بما وَرَدَ من الأخبار في الحدود.

ونقل الترمذي في "العلل" 2/616 عن البخاري أنه قال: لا يقول بهذا الحديث أحدٌ من أصحابنا.

قلنا: وقد ذهب إلى النسخ غيرُ واحد من أهل العلم كأبي جعفر الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/145، وقال الحازمي في "الاعتبار" ص 205: ذهب نفرٌ من أهل العلم إلى أنه منسوخ، وإنما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك قبل نزول الحدود.

وقد روي ما يخالف حديث سلمة بن المحبَّق عن النعمان بن بشير، وقد رُفع إليه رجل أَحلَّت له امرأته جاريتَها، فقال: لأقضين فيها بقضية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لئن كانت أحلَّتها له لأجلدنَه مئة جلدة، وإن لم تكن أحلَّتها له لأرجمنه. فوجدها قد أحلَّتها له، فجلده مئة، وقد سلف عند المصنف برقم (18397) ، وأعلّه الترمذيُ بالاضطراب ثم قال: وقد اختلف أهل العلم في الرجل يقع على جارية امرأته، فروي عن غير واحد من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم علي وابن عمر: أن عليه الرَّجمَ، وقال ابن مسعود: ليس عليه حدٌ ولكن يُعَزر، وذهب أحمدُ وإسحاق إلى ما روى النعمان بن بشير عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

20063 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ، أَنَّ رَجُلًا غَشِيَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ، وَهُوَ فِي غَزْوٍ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا، فَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ مَالِهِ، وَعَلَيْهِ شِرَاؤُهَا لِسَيِّدَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ، فَمِثْلُهَا مِنْ مَالِهِ لِسَيِّدَتِهَا "

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن الحسن البصري لم يسمع من سلمة بن المحبَّق، ثم إن في هذا الإسناد اختلافاً كما سلف بيانه عند الحديث (20060) .//وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير" 2/616 عن محمود بن غيلان، عن عبد الله بن بكر السهمي، بهذا الإسناد.//وأخرجه أبو داود (4461) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، والنسائي في "المجتبى" 6/125، وفي "الكبرى" (7232) من طريق يزيد بن زريع، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. قال النسائي في "الكبرى": ليس في هذا الباب شيء صحيح يحتجُ به.//ورواه أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري، عن سعيد بن أبي عروبة فأدخل بين الحسن وسلمة بن المحبَّق جَوْنَ بن قتادة، أخرجه من هذا الطريق الطبراني في "الكبير" (6344) ، وجونٌ هذا مجهول، وأما أحمد بن عبيد الله العنبري، فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "ثقاته" ، فهو في عداد المجهولين.//وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/144، والطبراني (6335) ، وابن عدي في "الكامل" 2/600، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين" (117) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"1/234-235، والبيهقي 8/240، والحازمي في "الاعتبار" ص 204 من طريق بكْر بن بكَار، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن جون بن قتادة، عن سلمة بن المحبَّق. فزاد أيضاً في إسناده جوناً، وبكر بن بكار ضعيف.

 

هناك احتمالان ممكنان، الأول هو أن الحكم المتسامح ألغاه محمد بعد عمله التشريع العنيف الإسلامي المعروف، والثاني هو أن كلا الحديثين ملفقان صاغهما الفقهاء الرواة لإضفاء الشرعية على أحكاهم المختلفين فيها في حالة لم يحكم محمد في مثلها ولم تعرض له.

 

وجاء في المغني لابن قدامة:

 

[فَصْلٌ وَطِئَ جَارِيَة غَيْره]

(7165) فَصْلٌ: فَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ غَيْرِهِ، فَهُوَ زَانٍ. سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ غَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُسْتَبَاحُ بِالْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، الْأَبُ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ. فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: عَلَيْهِ الْحَدُّ، إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ إجْمَاعٌ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي غَيْرِ مِلْكٍ، أَشْبَهَ وَطْءَ جَارِيَةِ أَبِيهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ وَطْءٌ تَمَكَّنَتْ الشُّبْهَةُ مِنْهُ، فَلَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ، كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى تَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» . فَأَضَافَ مَالَ وَلَدِهِ إلَيْهِ، وَجَعَلَهُ لَهُ، فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ جَعْلِهِ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ الَّذِي يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِانْتِفَاءِ الْحَدِّ فِي عَصْرِ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَنْ وَافَقَهُمَا، قَدْ اشْتَهَرَ قَوْلُهُمْ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا، وَلَا حَدَّ عَلَى الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ انْتَفَى عَنْ الْوَاطِئِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، فَيَنْتَفِي عَنْ الْمَوْطُوءَةِ، كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَضَايِفَاتِ، إذَا ثَبَتَ فِي أَحَدِ الْمُتَضَايِفَيْنِ ثَبَتَ فِي الْآخَرِ، فَكَذَلِكَ شُبْهَتُهُ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى وَطْءِ جَارِيَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْوَلَدِ فِيهَا، وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى قَوْلًا فِي وَطْءِ جَارِيَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ، أَنَّهُ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ، أَشْبَهَ الْأَبَ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ.

الْمَوْضِعُ الثَّانِي: إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ بِإِذْنِهَا، فَإِنَّهُ يُجْلَدُ مِائَةً، وَلَا يُرْجَمُ إنْ كَانَ ثَيِّبًا، وَلَا يُغَرَّبُ إنْ كَانَ بِكْرًا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ، فَهُوَ زَانٍ، حُكْمُهُ حُكْمُ الزَّانِي بِجَارِيَةِ الْأَجْنَبِيِّ. وَحُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ يُعَزَّرُ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ، فَكَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فِي مَمْلُوكَتِهَا. وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَعَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٍ، أَنَّهُ كَوَطْءِ الْأَجْنَبِيَّةِ، سَوَاءٌ أَحَلَّتْهَا لَهُ، أَوْ لَمْ تُحِلَّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا، فَأَشْبَهَ وَطْءَ جَارِيَةِ أُخْتِهِ، وَلِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لِوَطْءِ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ شُبْهَةً، كَإِبَاحَةِ سَائِرِ الْمُلَّاكِ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْحَسَنِ، إنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ غُرْمُ مِثْلِهَا، وَتَعْتِقُ، وَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ، فَعَلَيْهِ غُرْمُ مِثْلِهَا وَيَمْلِكُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، أَنَّ «رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُنَيْنٍ، وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَرُفِعَ إلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْكُوفَةِ، فَقَالَ: لَأَقْضِيَنَّ فِيك بِقَضِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَك، جَلَدْنَاك مِائَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَك، رَجَمْنَاك بِالْحِجَارَةِ. فَوَجَدُوهَا أَحَلَّتْهَا لَهُ، فَجَلَدَهُ مِائَةً.» وَإِنْ عَلِقَتْ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ، فَهَلْ يَلْحَقُهُ النَّسَبُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، يَلْحَقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ لَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ، فَلَحِقَ بِهِ النَّسَبُ، كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ. وَالْأُخْرَى، لَا يَلْحَقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا شُبْهَةِ مِلْكٍ، أَشْبَهَ الزِّنَى الْمَحْضَ.

 

تحريم الذهب على النساء كذلك أول الإسلام

 

بسبب تأثر محمد بتعاليم الزهد السقيمة في الدسقولية (تعاليم الرسل الاثني عشر) فيما ينسبها زعمًا المسيحيون، كان قد حرم الذهب على النساء من التباع كذلك، لكن معظمهن لم يطعه في ذلكن وألغاه لاحقًا، روى أحمد بن حنبل:

 

8416 - حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عَيَّاشٍ، مَوْلَى عَقِيلَةَ بِنْتِ طَلْقٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَوِّقَ حَبِيبَهُ طَوْقًا مِنْ نَارٍ، فَلْيُطَوِّقْهُ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُسَوِّرَ حَبِيبَهُ بِسِوَارٍ مِنْ نَارٍ، فَلْيُسَوِّرْهُ بِسِوَارٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُحَلِّقَ حَبِيبَهُ حَلْقَةً مِنْ نَارٍ، فَلْيُحَلِّقْهُ حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ، الْعَبُوا بِهَا لَعِبًا، الْعَبُوا بِهَا لَعِبًا "

 

رجاله ثقات رجال الشيخين غير أسيد بن أبي أسيد -وهو البَراد- روى عنه جمع، وخرج له أصحاب السنن والبخاري في "الأدب المفرد"، وأورده ابن حبان في "الثقات"، وذكر البرقاني في "سؤالاته" للدارقطني (37) أنه قال: يعتبر به. وسيأتي برقم (8910) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن أسيد بن أبي أسيد. وانظر أيضاً (9677) . وسيأتي هذا الحديث في مسند أبي موسى 4/414 من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أسيد بن أبي أسيد، عن ابن أبي موسى، عن أبيه، أو عن ابن أبي قتادة، عن أبيه، مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار. وفي الباب عن سهل بن سعد عند الطبراني في "الكبير" (5811) ، و"الأوسط" (7292) ، وفي إسناده إسحاق بن إدريس الأسواري وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهما ضعيفان.

 

8910 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبَّاسٍ، مَوْلَى عَقِيلَةَ بِنْتِ طَلْقٍ الْغِفَارِيَّةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُحَلِّقَ حَبِيبَهُ حَلْقَةً مِنْ نَارٍ، فَلْيَجْعَلْ لَهُ حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَوِّقَ حَبِيبَهُ طَوْقًا مِنْ نَارٍ، فَلْيُطَوِّقْهُ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُسَوِّرَ حَبِيبَهُ سِوَارًا مِنْ نَارٍ، فَلْيُسَوِّرْهُ سِوَارًا مِنْ ذَهَبٍ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ فَالْعَبُوا بِهَا "

 

رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد العزيز بن محمد -وهو الدراوردي- فقد روى له البخاري مقروناً ومعلقاً، وغير أسيد بن أبي أسيد -وهو البراد-، وقد سلف الكلام عليه عند الحديث رقم (8416) . وأخرجه أبو داود (4236) ، ومن طريقه البيهقي 4/140 عن عبد الله بن مسلمة، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد.

 

وروى البيهقي في سننه الكبرى:

 

7347 (7556)- أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنبأ عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا همام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن أبي أسماء عن ثوبان قال: جاءت ابنة هبيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها فتخ من ذهب أي خواتيم ضخام فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضرب يدها فأتت فاطمة تشكو إليها قال ثوبان فدخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة وأنا معه وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب فقالت هذه أهداها لي أبو حسن وفي يدها السلسلة فقال النبي صلى الله عليه و سلم أيسرك أن يقول الناس فاطمة بنت محمد في يدها سلسلة من نار فخرج ولم يقعد فعمدت فاطمة إلى السلسلة فباعتها واشترت به نسمة وأعتقتها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فقال الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار

 

قال الذهبي في التخليص : ( على شرط البخاري و مسلم ). وقال الطحاوي أبو جعفر في شرح مشكل الآثار: فكان هذا الحديث من أحسن ما روي في هذا الباب في تحريم لبس الذهب على النساء غير أنه قد يحتمل أن يكون نسخه ما ذكرنا مما نسخ حديث عائشة الذي رويناه في هذا الباب)

 

وروى النسائي في الكبرى9444 والمجتبى 5143:

 

9444 - أخبرني الربيع بن سليمان بن داود قال حدثنا إسحاق بن بكر قال حدثني أبي عن عمرو بن الحارث عن بن شهاب عن عروة عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى عليها مسكتي ذهب فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا أخبرك بما هو أحسن من هذا لو نزعت هذا وجعلت مسكتين من ورق ثم صفرتهما بزعفران كانتا حسنتين. قال أبو عبد الرحمن وهذا غير محفوظ والله أعلم

 

قال الشيخ الألباني : صحيح – سنن النسائي ورواه القاسم السرقسطي في "غريب الحديث" 2/76 بسند صحيح والنسائي 2/285 والخطيب 8/459 وكذا البزار 3007 نحوه وله طريق آخر عند الطبراني 23/282/641. .

 

وفي المجتبى:

 

5136 - أخبرنا وهب بن بيان قال حدثنا بن وهب قال أنبأنا عمرو بن الحارث أن أبا عشانة هو المعافري حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يخبر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يمنع أهله الحلية والحرير ويقول إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوها في الدنيا

 

صحيح كما قال الألباني والذهبي، ورواه الحاكم في مستدركه 7403

 

 

قال السندي في حاشيته على النسائي 8/157: هذا منسوخ بحديث: "إن هذين حرام على ذكور أمتي حِل لإناثها"، قال ابن شاهين في "ناسخه": كان في أول الأمر تلبس الرجال خواتيمَ الذهب وغير ذلك، وكان الحظر قد وقع على الناس كلهم، ثم أباحه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنساء دون الرجال، فصار ما كان على النساء من الحظر مباحاً لهن، فنَسَخَت الإباحةُ الحظرَ، وحكى النووي في "شرح مسلم" 14/32-33 إجماع المسلمين على ذلك.

 

وروى الحاكم:

 

7402 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث وغيره عن سليمان بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبسَنَّ حريرا ولا ذهبا

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

 

قال الذهبي: صحيح

  

7402 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث وغيره عن سليمان بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبسن حريرا ولا ذهبا

 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

 

قال الذهبي: صحيح

 

وروى أحمد:

 

9677 - حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، طَوْقٌ مِنْ ذَهَبٍ ؟ قَالَ: " طَوْقٌ مِنْ نَارٍ "، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ ؟ قَالَ: " سِوَارَانِ مِنْ نَارٍ "، قَالَتْ: قُرْطَانِ مِنْ ذَهَبٍ ؟ قَالَ: " قُرْطَانِ مِنْ نَارٍ "، قَالَ: وَكَانَ عَلَيْهَا سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَمَتْ بِهِمَا، ثُمَّ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ إِحْدَانَا إِذَا لَمْ تَزَّيَّنْ لِزَوْجِهَا صَلِفَتْ عِنْدَهُ، قَالَ: فَقَالَ: " مَا يَمْنَعُ إِحْدَاكُنَّ تَصْنَعُ قُرْطَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ، ثُمَّ تُصَفِّرُهُمَا بِالزَّعْفَرَانِ "

 

إسناده ضعيف لجهالة أبي زيد صاحب أبي هريرة. أسباط: هو ابن محمد بن عبد الرحمن، ومطرف: هو ابن طريف، وأبو الجهم: هو سليمان بن الجهم. وأخرجه النسائي 8/159، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4813) من طريق أسباط بن محمد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي 8/159 من طريق خالد بن عبد الله، عن مطرف بن طريف، به. وانظر ما سلف برقم (8416) . وفي الباب عن أخت حذيفة، سيأتي 5/398 و6/357. وهو ضعيف. وعن أسماء بنت يزيد، سيأتي 6/455. وهو ضعيف. وعن ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند النسائي 8/158، والطحاوي (4812) . وعن عائشة عند النسائي 8/159، والطحاوي (4803) .

قال السندي في حاشيته على النسائي 8/157: هذا منسوخ بحديث: "إن هذين حرام على ذكور أمتي حِل لإناثها"، قال ابن شاهين في "ناسخه": كان في أول الأمر تلبس الرجال خواتيمَ الذهب وغير ذلك، وكان الحظر قد وقع على الناس كلهم، ثم أباحه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنساء دون الرجال، فصار ما كان على النساء من الحظر مباحاً لهن، فنَسَخَت الإباحةُ الحظرَ، وحكى النووي في "شرح مسلم" 14/32-33 إجماع المسلمين على ذلك. وانظر "شرح مشكل الآثار" 12/295 وما بعده.

قولها: "طوق من ذهب"، قال السندي: أي: عندي طوق من ذهب، أي: ما جزاؤه؟ وقولها: "صَلِفَت عنده": ضُبطت بكسر اللام، أي: صارت قليلة الحظ عنده، ثقيلة عليه، بغيضة لديه. وقوله: "تصفرهما" من التصفير، أي: فيكون لونهما كلون الذهب.

 

24047 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ خُصَيْفٍ، وَمَرْوَانَ بْنِ شُجَاعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خُصَيْفٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَقَالَ: مَرْوَانُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: قَالَتْ: لَمَّا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَرْبِطُ الْمَسَكَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَهَبٍ ؟ قَالَ: " أَفَلَا تَرْبِطُونَهُ بِالْفِضَّةِ، ثُمَّ تَلْطَخُونَهُ بِزَعْفَرَانَ ، فَيَكُونَ مِثْلَ الذَّهَبِ "

 

إسناده ضعيف، خُصَيْف - وهو ابن عبد الرحمن الجزري- سيئ الحفظ، قال الإمام أحمد: ليس بحجة ولا قوي في الحديث، وقال: شديد الاضطراب في المسند. وقال أبو حاتم: صالح يخلط، وتكلم في سوء حفظه. قلنا: وقد اضطرب في إسناد هذا الحديث، فرواه كما في هذه الرواية عن مجاهد عن عائشة، ورواه كما في الرواية التالية عن عطاء، عن أم سلمة. وبقية رجال الإسناد ثقات غير أن مروان بن شجاع فيه كلام ينزل حديثه إلى مرتبة الحسن، محمد بن سلمة: هو الحراني. وأخرجه إسحاق بن راهوية (1194) ، وأبو يعلى (6952) من طريق محمد ابن سلمة بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير" 23/ (614) من طريق قيس - لم ينسبه- عن خصيف، به. ورواه الزهري، واختلف عنه: فرواه عنه عمرو بن الحارث، واختلف عنه: فرواه بكر بن مضر - فيما أخرجه النسائي في "المجتبى" 8/159، والبزار (3007) "زوائد" ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4803) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 8/459 - عن عمرو بن الحارث، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، بلفظ أنّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى عليها مسكتين من ذهب، فقال: "أخبرك بأحسن من هذا، لو نزعت هذين، وجعلتِ مسكتين من وَرِق، ثم صفرتيهما بزعفران كانتا حسنتين" قال النسائي بإثره: هذا غير محفوظ. ورواه ابن وهب - فيما أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4804) ، عن عمرو بن الحارث، عن الزهري، فذكر مثله، ولم يذكر فيه عروة ولا عائشة. ورواه أبو حريز - فيما أخرجه الطحاوي (4805) - عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قلت للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو كان لي سواران من ذهب، فقال  رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو لطخت على سواريك من زعفران، كان شبيهاً بالذهب" . وأبو حريز قال أبو حاتم: منكر الحديث، مصري لا يسمى. ورواه معمر - فيما أخرجه الطحاوي (4806) - عن الزهري، عن عروة أو عن عمرة عن عائشة - كذا قال- قالت: رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يدي عائشة قلبين ملونين بذهب، فقال: "ألقيهما عنك، واجعلي قلبين من فضة، وصفريهما بزعفران" . فهذه أربع روايات عن الزهري: رواية بكر بن مضر، وهي غير محفوظة، فيما قال النسائي، ورواية أبي حريز، وهو منكر الحديث، فيما قال أبو حاتم، بقيت رواية معمر عن الزهري، وهي - وإن كانت متصلة- معلولة برواية ابن وهب، وهي عن الزهري منقطعة. لم يذكر فيها عروة ولا عائشة كما أسلفنا. وسيأتي مطولاً برقم (25911) . وفي الباب عن أبي هريرة سلف برقم (9677) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

و"المَسَك" بالتحريك: الذَّبْل (وهي قرون الأوعال) والأَسْوِرَة، والخَلاخيلُ من القرون والعاج، الواحدة: مَسَكة. انظر "النهاية" لابن الأثير و"القاموس المحيط" .

 

25911 - حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَمْسٍ: لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالذَّهَبِ، وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ، وَلُبْسِ الْقَسِّيِّ " فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ شَيْءٌ ذَفِيفٌ مِنَ الذَّهَبِ يُرْبَطُ بِهِ الْمِسْكُ أَوْ يُرْبَطُ بِهِ قَالَ لَا اجْعَلِيهِ فِضَّةً وَصَفِّرِيهِ بِشَيْءٍ مِنْ زَعْفَرَانٍ

 

إسناده ضعيف لضعف خصيف، وهو ابن عبد الرحمن الجزري- وقد بسطنا القول فيه في الرواية السالفة برقم (24047) . وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/941 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى (4789) عن عمرو الناقد، عن معمر بن سليمان، به. وسيكرر في مسند أم سلمة 6/310 و322، عن معمر بن سليمان، عن خصيف، عن عطاء، عن أم سلمة. وقد ثبت أنّ لبسَ الحرير والذهب حرام على الرجال، حِلُّ للنساء، من حديث أبي موسى الأشعرى، السالف برقم (19502). وسلف النَّهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة، من حديث حذيفة عند البخاري (5426) ، وسلف برقم (23314) . وسلف النهي عن الميثرة ولبس القَسِّيِّ، من حديث عليٍّ ، برقم (601) ، ومن حديث جابر، برقم (14682) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

 

روى البخاري:

 

1239 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَشْعَثِ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَخَاتَمِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْقَسِّيِّ وَالْإِسْتَبْرَقِ

 

قال بعض الشراح: جاء النهي هنا عامًّا على الكل رجالا ونساء دون تخصيص.

 

بالتأكيد كانت مصلحة لمحمد في يثرب أن يترك النساء الذهب، فيجعله هو لتمويل حروبه ونفقات الجيش ونفقاته الشخصية. وقال عمر بن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه:

 

حدثنا إبراهيم بن عبد الله الزبيبي قال حدثنا محمد بن عبد الأعلي قال حدثنا بشر يعني ابن المفضل قال حدثنا عبيد الله عن نافع عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى قال قال رسول الله صلع أحل لأناث أمتي الحرير والذهب وحرم على ذكورهم . حدثنا محمد بن محمد بن سليمان بن الحارث الباغندي قال حدثنا محمد بن عبد الملك بن ابي الشوارب قال حدثنا محمد بن هارون الحضرمي قال حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن سعيد بن أبي هند . عن أبي موسى قال قال رسول الله صلع أحل لإناث أمتي الحرير والذهب وحرم على ذكورها . قال الشيخ وكان في أول الإسلام يلبس الرجال الخواتيم الذهب وغير ذلك وكان الحظر قد وقع على الناس كلهم ثم أباحه رسول الله صلع للنساء دون الرجال فصار ما كان علي النساء من الحظر مباحا لهم فنسخت الإباحة الحظر

 

قارن مع الإباحة اللاحقة للذهب للنساء:

 

روى أبو داوود:

 

4057 - حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي أفلح الهمداني عن عبد الله بن زرير يعني الغافقي أنه سمع علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] يقول: إن نبي الله صلى الله عليه و سلم أخذ حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال " إن هذين حرام على ذكور أمتي " .

 

قال الألباني: صحيح، ورواه أحمد 935

 

وروى أحمد:

 

750 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي الصَّعْبَةِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبًا بِيَمِينِهِ، وَحَرِيرًا بِشِمَالِهِ، ثُمَّ رَفَعَ بِهِمَا يَدَيْهِ فَقَالَ: " هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي "

 

صحيح لشواهده، وقد سقط من الإسناد في جميع الأصول التي بين أيدينا ومن "أطراف المسند" 2/ورقة 29 "أبو أفلح الهمداني" بين عبد العزيز بن أبي الصعبة وبين عبد الله بن زرير، وهو ثابت عند غير المصنف، وسيأتي الحديث في "المسند" برقم (935) وفيه أبو أفلح هذا، وقد روى عنه اثنان، ووثقه العجلي، وقال الذهبي في "الكاشف": صدوق، وقال الحافظ في "التقريب" : مقبول. وأخرجه عبد بن حميد (80) ، وأخرجه النسائي 8/160-161 عن عمرو بن علي، وأبو يعلى (272) عن زهير بن حرب، وهو أيضاً (325) عن عبيد الله بن عمر القواريري، والطحاوي 4/250 عن حسين بن نصر، والبيهقي 2/425 من طريق الحسن بن محمد الزعفراني وشعيب بن أيوب، سبعتهم (عبد بن حميد وعمرو وزهير وعبيد الله وحسين والحسن وشعيب) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وكلهم عندهم أبو أفلح الهمداني، وانظر "العلل" للدارقطني 3/260-262. وكذلك أخرجه ابن أبي شيبة 8/351، وعنه ابن ماجه (3595) عن عبد الرحيم بن سليمان، والبزار (886) من طريق جرير، كلاهما عن محمد بن إسحاق، به. وأخرجه أيضاً البزار (887) من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن ابن أبي حبيب، به. وأخرجه ابن حبان (5434) من طريق يزيد بن أبي أنيصة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن حميد بن أبي الصعبة، عن عبد الله بن زرير، به. وحميد بن أبي الصعبة ذكره ابن حبان في "ثقاته" 6/193-194! والصواب "عبد العزيز بن أبي الصعبة" فالحديث حديثه، وما عند ابن حبان لعله خطأ من أحد الرواة، والله أعلم. وأخرجه الطحاوي 4/250 من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد لعزيز بن أبي الصعبة، عن أبي علي الهمداني، عن عبد الله بن زرير به. وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند ابن وهب في "الجامع" (102) ، والطيالسي (2253) ، وابن ماجه (3597) ، والطحاوي 4/251، وفي سنده ضعيفان. وعن عبد الله بن عباس عند البزار (3006) ، والطبراني (10889) . وفيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف. وعن عقبة بن عامر عند الطحاوي 4/251، والبيهقي 2/275-276، وسنده حسن في الشواهد. وعن أبي موسى الأشعري عند أحمد 4/394 و407، والترمذي (1720) ، والنسائي 8/161، وقال الترمذي: حسن صحيح.

 

19515 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَحِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ "

 

حديث صحيح بشواهده، وهذا إسناد منقطع، سعيد بن أبي هند لم يَلْقَ أبا موسى فيما ذكر أبو حاتم، كما في "المراسيل" لابنه ص67، وذكرنا الاختلاف فيه على نافع في الرواية (19503) . محمد بن عبيد: هو الطنافسي، وعبيد الله: هو ابن عمر العُمري، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 14/244 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد، وسقط من المطبوع اسم محمد بن عبيد. وأخرجه عبد بن حميد (546) ، والبيهقي 4/141 من طريق محمد بن عبيد، به. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 8/346، والترمذي (1720) ، والنسائي في "المجتبى" 8/190، وفي "الكبرى" (9449) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/251، وفي "شرح مشكل الآثار" (4823) ، وابنُ شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (588) و (589) و (590) ، والبيهقي 2/425، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/243-244، وفي "الاستذكار" (39243) من طرق كثيرة عن عبيد الله، به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

 

19645 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أُحِلَّ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِنِسَاءِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا "

 

حديث صحيح بشواهده، وهو مكرر الرواية (19515) غير شيخ أحمد، فهو هنا يحيى بن سعيد، وهو القطان. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/190، وفي "الكبرى" (9449) ، وابنُ عبد البر في "التمهيد" 14/243، وفي "الاستذكار" (39243) من طريق يحيى ابن سعيد، بهذا الإسناد. وسلف برقم (19502) ، وذكرنا الاختلاف فيه عن نافع برقم (19503) .

 

وكان عبد الله بن عمر بن الخطاب يقول بأن الحرير محرم على النساء كذلك، وهو الأشبه بتعاليم الدسقولية المشؤومة الأصلية مصدر الاقتباس، روى النسائي في المجتبى:

 

5308 - أخبرني إبراهيم بن يعقوب قال حدثنا أبو النعمان سنة سبع ومائتين قال حدثنا الصعق بن حزن عن قتادة عن علي البارقي قال: أتتني امرأة تستفتيني فقلت لها هذا بن عمر فاتبعته تسأله واتبعتها أسمع ما يقول قالت أفتني في الحرير قال نهى عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم

 

قال الألباني: صحيح

 

وروى أحمد:

 

5746 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي يُونُسَ حَاتِمِ بْنِ مُسْلِمٍ، سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمِنًى عَلَيْهَا دِرْعُ حَرِيرٍ، فَقَالَتْ: مَا تَقُولُ فِي الْحَرِيرِ ؟ فَقَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ".

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة التابعي راويه عن ابن عمر، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. حسين بن محمد: هو ابن بهرام المروذي، وشعبة: هو ابن الحجاج، وأبو يونس حاتم بن مسلم: هو أبو صغيرة البصري. وأخرجه النسائي في"المجتبى"8/201 عن إبراهيم بن يعقوب- وهو ابن إسحاق الجوزجاني- عن أبي النعمان- وهو عارم محمد بن الفضل السدوسي، عن الصعْق بن حزن، عن قتادة- وهو ابن دعامة السدوسي-، عن علي البارقي- وهو ابن عبد الله الآزدي قال: أتتني امرأة تستفتيني، فقلت لها: هذا ابن عمر، فاتبعته تسأله، واتَبعتها أسمع ما يقول، قالت: أفتني في الحرير، قال: نهى عنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، فمن رجال أبي داود والترمذي والنسائي، وهو ثقة. قلنا: والنهي عن ليس الحرير خاص بالرجال عند عامة أهل العلم، انظر"شرح مشكل الاَثار" 12/308-328، و"شرح مسلم" للنووي 13/33 و44. وانظر (4713) .

 

وبنفس الرأي قال ابن الزبير، فروى مسلم:

 

[ 2069 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبيد بن سعيد عن شعبة عن خليفة بن كعب أبي ذبيان قال سمعت عبد الله بن الزبير يخطب يقول ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة

 

لكن الأثبت والأصح في الإسلام عدم حرمته على النساء. روى البخاري:

 

2614 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَهْدَى إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةَ سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي

 

5840 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَسَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً سِيَرَاءَ فَخَرَجْتُ فِيهَا فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي

 

وروى مسلم:

 

[ 2068 ] وحدثنا شيبان بن فروخ حدثنا جرير بن حازم حدثنا نافع عن بن عمر قال رأى عمر عطاردا التميمي يقيم بالسوق حلة سيراء وكان رجلا يغشى الملوك ويصيب منهم فقال عمر يا رسول الله إني رأيت عطاردا يقيم في السوق حلة سيراء فلو اشتريتها فلبستها لوفود العرب إذا قدموا عليك وأظنه قال ولبستها يوم الجمعة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة فلما كان بعد ذلك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلل سيراء فبعث إلى عمر بحلة وبعث إلى أسامة بن زيد بحلة وأعطى علي بن أبي طالب حلة وقال شققها خمرا بين نسائك قال فجاء عمر بحلته يحملها فقال يا رسول الله بعثت إلي بهذه وقد قلت بالأمس في حلة عطارد ما قلت فقال إني لم ابعث بها إليك لتلبسها ولكني بعثت بها إليك لتصيب بها وأما أسامة فراح في حلته فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرا عرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكر ما صنع فقال يا رسول الله ما تنظر إلي فأنت بعثت إلي بها فقال إني لم أبعث إليك لتلبسها ولكني بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين نسائك

 

[ 2071 ] حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن يعني بن مهدي حدثنا شعبة عن أبي عون قال سمعت أبا صالح يحدث عن علي قال أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فبعث بها إلي فلبستها فعرفت الغضب في وجهه فقال إني لم أبعث بها إليك لتلبسها إنما بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين النساء

[ 2071 ] حدثناه عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ح وحدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد يعني بن جعفر قالا حدثنا شعبة عن أبي عون بهذا الإسناد في حديث معاذ فأمرني فأطرتها بين نسائي وفي حديث محمد بن جعفر فأطرتها بين نسائي ولم يذكر فأمرني

 

[ 2071 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وزهير بن حرب واللفظ لزهير قال أبو كريب أخبرنا وقال الآخران حدثنا وكيع عن مسعر عن أبي عون الثقفي عن أبي صالح الحنفي عن علي أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير فأعطاه عليا فقال شققه خمرا بين الفواطم وقال أبو بكر وأبو كريب بين النسوة

 

[ 2071 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن زيد بن وهب عن علي بن أبي طالب قال كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فخرجت فيها فرأيت الغضب في وجهه قال فشققتها بين نسائي

 

اتخذ خاتمًا ذهبيًّا ثم خلعه

 

روى البخاري:

 

5865 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ فَرَمَى بِهِ وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ أَوْ فِضَّةٍ

 

5866 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَاتَّخَذَ النَّاسُ مِثْلَهُ فَلَمَّا رَآهُمْ قَدْ اتَّخَذُوهَا رَمَى بِهِ وَقَالَ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الْفِضَّةِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَلَبِسَ الْخَاتَمَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ أَرِيسَ

5867 - بَاب حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَنَبَذَهُ فَقَالَ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ

 

وروى أحمد:

 

2960 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا، فَلَبِسَهُ، ثُمَّ قَالَ: " شَغَلَنِي هَذَا عَنْكُمْ مُنْذُ الْيَوْمِ، إِلَيْهِ نَظْرَةٌ، وَإِلَيْكُمْ نَظْرَةٌ " ثُمَّ رَمَى بِهِ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، وسليمان الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق الشيباني. وأخرجه النسائي 8/194-195، وابن حبان (5493) ، والطبراني (12408) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص131 من طريق عثمان بن عمر، بهذا الإسناد.

 

4677- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : اتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ ، مِمَّا يَلِي كَفَّهُ فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ فَرَمَى بِهِ ، وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري (5865) ، ومسلم (2091) (53) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/262، وفي "شرح مشكل الآثار" (1409) ، والبيهقي 4/42 من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. ولم يذكر مسلم في روايته: "واتخذ خاتماً من ورق". وأخرجه البخاري (5866) ، ومسلم (2091) (53) ، وأبو داود (4218) ، والنسائي 8/178 و195-196، وابن حبان (5494) و (5499) ، والبيهقي 4/142 من طرق، عن عبيد الله بن عمر، به. ورواية البخاري وأبي داود والنسائي في الموضع الثاني مطولة. ورواية مسلم والنسائي في الموضع الأول لم يذكرا فيها: "واتخذ خاتماً من ورق". وسيأتي الحديث من طريق نافع، عن ابن عمر مطولا ومختصرا (4734) و (4907) و (4976) و (5250) و (5366) و (5583) و (5685) و (5706) و (6007) و (6107) و (6118) و (6271) و (5631) و (6412). وسيأتي من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر (5249). وفي الباب عن أنس عند البخاري (5868) و (5872) ، ومسلم (2092) و(2093) ، وأبو داود (4214) و (4221) .

 

5887- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَلَبِسَهُ ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الذَّهَبِ ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتَمَ ، وَإِنِّي لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا فَنَبَذَهُ ، فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ.

 

كل ما في الأمر أن محمدًا ليُحكِم خداعه للناس تظاهر بالزهد أكثر، وتبنى تعاليم الدسقولية (تعالم الرسل الاثني عشر) المسيحية، وهي تعاليم زهدية ظلامية مشؤومة، وكان غرضه من ذلك الاحتيال بهذا التظاهر لجمع المزيد من الثروة والسلطة وبسطها على مناطق أوسع، وجمع المال الوفير للجهاد والحروب ولرفاهيته الشخصية ونفقات زوجاته العديدات.

التوارث بين المولى (العبد المحرَّر) والمعتِق له، ونسخ ذلك الحكم، وانتهاك محمد لإلغائه للحكم لصالح ابنة حمزة بن عبد المطلب، ابن عمه

 

كان العمل في ما قبل الإسلام، ثم في أول الإسلام أن المستعبَد المحرر (المولى) ومالكه السابق المعتق له يتوارث أحدهما الآخر، أيهما مات قبل الآخر. حتى مع وجود قرابات للمتوفي منهما، وهذا الحكم منسوخ (ملغي) في رأي الأكثرين، بالنص "الآية": {وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)} الأنفال، والنص: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} الأحزاب، وكان عندهم أن أحدهما لا يرث الآخر إلا إذا كان المتوفي منهما لا وارث له ولا قريب، فهو أولى بدلًا من أن تذهب أموال الميراث لخزانة الدولة (بيت المال)، لكن بعضهم كما جاء في الآثار ظل يعمل به كعلي والقاضي شريح، وهو قد كان من أحكام محمد العجيبة، روى الدارمي في سننه:

 

3006 - حدثنا محمد بن عيسى ثنا سعيد بن عبد الرحمن ثنا يونس عن الزهري قال قال النبي صلى الله عليه و سلم: المولى أخ في الدين ولاء نعمة وأحق الناس بميراثه أقربهم من المعتق

 

إسناده صحيح يونس بن يزيد من أثبت الناس في الزهري

 

وروى الشافعي في مسنده (ترتيب السندي):

 

237 - ( أخبرنا ) : مُحَمَّدُ بنُ الحسن عن يعقوب بن إبراهيمَ عن عبد اللَّه ابنِ دِينار عن ابن عمر: أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم قالَ : " الْوَلاَءُ لَحْمَة كلُحْمَةِ النَّسَبِ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبْ "

 

ومن طريق الشافعي أخرجه الحاكم [4/341] ، ثم البيهقي [10/292] ، وأدخل بشرُ بنُ الوليد بين أبي يوسف وبين ابن دينار عبيد الله بن عُمر، أخرجه أبو يعلى في "مسنده " عنه، وأخرجه ابنُ حبان في "صحيحه " [(4950)] عن أبي يعلىز

 

وروى عبد الرزاق:

 

16149 - عبد الرزاق عن الثوري عن داود عن بن المسيب قال الولاء لحمة كالنسب لا يباع ولا يوهب

 

وانظر قول محمد مؤسس الإسلام مولى القوم منهم عند أحمد 23872 صحيح على شرط الشيخين و23863 و18992 والبخاري 6761.

 

وروى أحمد:

 

27284 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَلْمَى بِنْتِ حَمْزَةَ، " أَنَّ مَوْلَاهَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَةً فَوَرَّثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ النِّصْفَ، وَوَرَّثَ يَعْلَى النِّصْفَ "، وَكَانَ ابْنَ سَلْمَى

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، قتادة لم يسمع من سلمى بنت حمزة فيما ذكر الهيثمي في "المجمع"، والحافظُ في "التعجيل" 2/155. وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث، وهمَّام: هو ابن يحيى العَوْذي.// ثم أنه اختُلف في تعيين اسم ابنةِ حمزة، كما سيرد.// وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" (في ترجمة سلمى) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.// وقد رواه عبد الله بنُ شدَّاد، عن ابنةِ حمزة، واختُلف عليه فيه: فأخرجه ابن أبي شيبة 11/267 -ومن طريقه ابن ماجه (2734) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (874) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" (في ترجمة فاطمة بنت حمزة) - والنسائي في "الكبرى" (6398) من طريق زائدة، والحاكم 4/66 من طريق عيسى بن المختار، كلاهما عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم، عن عبد الله بن شداد، عن ابنة حمزة، قالت: مات مولىً لي وترك ابنَه، فقسم... فذكره، وقد سمى عيسى بن المختار ابنة حمزة: أمامة. قلنا: وابن أبي ليلى سيىء الحفظ.// وأخرجه الطبراني كذلك 24/ (879) من طريق الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن الحَكَم، عن عبد الله بن شدَّاد، أن ابنة حمزة مات مولاها...// وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6399) ، والطبراني في "الكبير" 24/ (876) و (878) من طريق عبد الله بن عون، عن الحكم، عن ابن شداد، أن ابنة حمزة... قال النسائي: وهذا أولى بالصواب من الذي قبله. وابنُ أبي ليلى كثير الخطأ.// وأخرجه الطبراني أيضاً 24/ (875) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن جابر، عن الحكم، عن ابن شداد، عن أمِّ الفضل بنت حمزة -وكانت أخت عبد الله لأمِّه- قالت: مات لنا مكاتب هي أعتقته، فترك ابنته، وإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قسم ميراثه، فأعطى ابنته النصف، وأعطى أمِّ الفضل النصف الباقي. قلنا: فسماها جابر -وهو ابن يزيد الجعفي- أمِّ الفضل، وهو ضعيف.// وأخرجه سعيد بن منصور (174) ، وابن أبي شيبة 11/267، وأبو داود في "المراسيل" (364) ، والطبراني أيضاً 24/ (880) ، والبيهقي 6/241 من طريق شعبة، عن الحكم، عن ابن شداد، أن ابنة حمزة اعتقت... قال أبو داود: ورواه عدة عن عبد الله، أن بنت حمزة هي المعتقة.// وأخرجه عبد الرزاق (16211) عن معمر، عن رجل، عن الحكم بن عتيبة، عن ابن شداد، أن ابنة حمزة...// وأخرجه الدارمي (3013) من طريق أشعث، عن الحكم وسلمة بن كهيل، عن شداد أن ابنة حمزة أعتقت عبداً لها...// وأخرجه عبد الرزاق (16210) -ومن طريقه الطبراني 24/ (886) - عن الثوري، عن سَلَمَة بن كُهيل، قال: انتهيتُ إلى عبد الله بن شداد وهو يحدث القوم، فسمعتُه يقول في آخر الحديث: أختي، فسألت القوم، فحدثني أصحابه، أنه حدثهم، أن ابنة حمزة، وهي أخت عبد الله بن شداد لأمه، مات مولاها.// وأخرجه سعيد بن منصور (173) ، وابن أبي شيبة 11/266-267، وأخرجه الطبراني 24/ (881) و (882) و (883) من طريق عبيد الله ابن أبي الجعد، عن عبد الله بن شداد، قال: أعتقت ابنةُ حمزة رجلاً، فمات وترك ابنته وابنة حمزة، فأخذت النصف...// وأخرجه ابن أبي شيبة 11/269، والطبراني 24/ (885) ، والبيهقي 6/241 من طريق سفيان، عن منصور بن حيان الأسدي، عن ابن شداد، أن مولى لابنة حمزة... قال البيهقي: والحديث منقطع.// وأخرجه الطبراني 24/ (884) من طريق شريك، عن عياش العامري، عن ابن شداد، قال: أعتقت بنت حمزة...// وأخرجه ابن أبي شيبة 11/268 عن وكيع، عن إسماعيل، عن الشعبي، أن مولى لابنة حمزة مات... قال البيهقي 6/241: وليس بمحفوظ.// وأخرج أبو داود في "المراسيل" (365) من طريق مغيرة، عن إبراهيم -وهو ابن يزيد النَّخعي- قال: توفي مولى لحمزة بن عبد المطلب، فأعطى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنت حمزة النصف وقبض النصف. قال البيهقي 6/241: وهذا غلط.// وأخرجه عبد الرزاق (16212) ، وابن أبي شيبة 11/269، وسعيد بن منصور (175) من طريقين عن إبراهيم أنه كان أنا ذكر له ابنة حمزة، قال: إنما أطعمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعمة.// وفي الباب: عن أبي بُردة بن أبي موسى عند ابن أبي شيبة 11/267-268، وأبي داود في "المراسيل" (363) ، والبيهقي 6/241.

 

وروى ابن أبي شيبة:

 

31783- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ ، عَنِ ابْنَةِ حَمْزَةَ - قَالَ مُحَمَّدٌ : وَهِيَ أُخْتُ ابْنِ شَدَّادٍ لأُمِّهِ - قَالَتْ : مَاتَ مَوْلًى لِي وَتَرَكَ ابْنَتَهُ ، فَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَالَهُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنَتِهِ ، فَجَعَلَ لِي النِّصْفَ وَلَهَا النِّصْفَ.

 

ضعفه بعضهم، وحسنه الألباني في الإرواء 1596.

 

31782- حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ ، قَالَ : تَدْرِي مَا ابْنَةُ حَمْزَةَ مِنِّي هِيَ أُخْتِي لأُمِّي ، أَعْتَقَتْ رَجُلاً فَمَاتَ فَقُسِمَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ ابْنَتِهِ وَبَيْنَهَا ، قَالَ : عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

 

31784- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أعْطَى ابْنَةَ حَمْزَةَ النِّصْفَ وَابْنَتَهُ النِّصْفَ.

31785- حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ الحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ : أَنَّ رَجُلاً مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَمَوَالِيَهُ الَّذِينَ أَعْتَقُوهُ فَأَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ النِّصْفَ وَمَوَالِيَهُ النِّصْفَ.

 

31789- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ : أَنَّ مَوْلًى لاِبْنَةِ حَمْزَةَ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَابْنَةَ حَمْزَةَ ، فَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَةَ حَمْزَةَ النِّصْفَ ، وَابْنَتَهُ النِّصْفَ.

 

31791- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَهُ حَدِيثُ ابْنَةِ حَمْزَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا النِّصْفَ ، فَقَالَ : إنَّمَا أَطْعَمَهَا إيَّاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم طُعْمَةً.

 

31792- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ : أَنَّ مَوْلًى لاِبْنَةِ حَمْزَةَ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَابْنَةَ حَمْزَةَ ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ النِّصْفَ ، وَابْنَةَ حَمْزَةَ النِّصْفَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَذِهِ مِنْ سَهْمَيْنِ : لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْمَوْلَى النِّصْفُ.

 

31786- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ شَمُوسٍ الْكِنْدِيَّةِ ، قَالَتْ : قاضَيْت إلَى عَلِيٍّ فِي أَبِي : مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرِي وَمَوْلاَهُ ، فَأَعْطَانِي النِّصْفَ وَمَوْلاَهُ النِّصْفَ.

 

31787- حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ شَمُوسٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ، بِمِثْلِهِ.

 

31788- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي الْكَنُودِ ، عَنْ عَلِيٍّ : أَنَّهُ قَضَى فِي ابْنَةٍ وَمَوْلًى ، أَعْطَى الْبِنْتَ النِّصْفَ ، وَالْمَوْلَى النِّصْفَ.

 

31790- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، قَالَ : خَاصَمْت إلَى شُرَيْحٍ فِي مَوْلًى لَنَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَتَيْهِ وَمَوَالِيَهُ ، فَأَعْطَى شُرَيْحٌ ابْنَتَيْهِ الثُّلُثَيْنِ ، وَأَعْطَى مَوْلاَهُ الثُّلُثَ.

 

31775- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : وَرَّثَ عُمَرُ الْخَالَ الْمَالَ كُلَّهُ ، قَالَ : كَانَ خَالاً وَمَوْلًى.

 

31776- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ : أَنَّ عُمَرَ وَرَّثَ خَالاً وَمَوْلًى مِنْ مَوْلاَهُ.

 

إجمالًا كل أحاديث ابن أبي شيبة السابقة قال عنها محققو طبعة مطبعة الفاروق الحديثة_مصر إما ضعيف الإسناد أو مرسل مقطوع.

 

حديث ابنة حمزة مشهور معروف فلا يُدفَع بتضعيفه كما حاولوا من جهة ضعف بعض رجال الرواية أو الإرسال والانقطاع، فهو خبر موثوق، حسّنه الألباني من إسناد حديث ابن ماجه 2734 عن ابن أبي شيبة وفي مصنف ابن أبي شيبة 31783، كما في الإرواء للألباني 1596، لكن الحديث سبَّبَ لفقهائهم إشكالًا كما يبدو، خصوصًا لو أخذنا ترتيب الصياغة أو "النزول" للسور على أنه دقيق، فسورة الأنفال صاغها محمد بعد موقعة بدر سنة 2ه، ومقتل حمزة بن عبد المطلب ابن عم محمد، أبو ابنة حمزة المذكورة التي يقال أن اسمها سلمى بنت حمزة، كان في موقعة أحد 3ه، لذا من الطبيعي أن يسبب فعل كهذا إشكالًا للفقهاء، لأننا قد نظن من ظاهر هذا الترتيب لظهور تشريعات محمد أنه خالف وانتهك تشريعه وعاد إلى التشريع العربي الأقدم الذي ألغاه ليُنفٍّع ويكسِّب ابنة ابن عمه الذي كان يحبه ويعزه جدًّا كما هو معروف، بفعل باطل قانونيًّا غير دستوري بحكم القانون نفسه الذي سنه بنفسه في سورة الأنفال 2ه. ولعل ما يثبت ظني هو هذا الحديث، روى ابن أبي شيبة:

 

31791- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَهُ حَدِيثُ ابْنَةِ حَمْزَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا النِّصْفَ ، فَقَالَ : إنَّمَا أَطْعَمَهَا إيَّاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم طُعْمَةً.

 

31810- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مَيْسَرَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ : أَنَّهُ أَنْكَرَ حَدِيثَ ابْنَةِ حَمْزَةَ ، وَقَالَ : إنَّمَا أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم طُعْمَةً.

 

يعني أعطى محمد بمزاجه مالًا ليس له حق فيه ولا لابنة ابن عمه، فماذا يكون هذا غير ظلم وباطل وأكل لأموال الناس بالباطل والجور والتجبر؟!

 

ومعظم فقهائهم كانوا على توريث المولى والميراث منه لو لم يكن هناك أقارب لصيقون فقط للمتوفين روى ابن أبي شيبة:

 

32173- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ شُرَيْحٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَهُ وَأَبَاهُ وَمَوْلاَهُ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَتَرَكَ مَالاً ، فَقَالَ شُرَيْحٌ : لأَبِيهِ السُّدُسُ ، وَمَا بَقِيَ فَلِلاِبْنِ.

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : الْمَالُ لِلاِبْنِ ، وَلَيْسَ لِلأَبِ شَيْءٌ.

 

32174- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : سَأَلْتُه عَنْ رَجُلٍ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ فَمَاتَ وَمَاتَ الْمَوْلَى وَتَرَكَ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبَاهُ وَابْنَهُ ، فَقَالَ إبْرَاهِيمُ : لأَبِيهِ السُّدُسُ ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لاِبْنِهِ.

 

32078- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ عَطَاءٍ : أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ سَائِبَةً ، فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالا ، فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ ؟ فَقَالَ : إنَّ أَهْلَ الإسْلاَمِ لاَ يُسَيِّبُونَ ، إنَّمَا كَانَتْ يُسَيِّبُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ ، أَنْتَ مَوْلاَهُ وَوَلِيُّ نِعْمَتِهِ وَأَوْلَى النَّاسِ بِمِيرَاثِهِ ، وَإلاَّ فَأرِنِهِ هَا هُنَا وَرَثَةٌ كَثِيرٌ. يَعْنِي : بَيْت الْمَالِ.

 

32079- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : أُتِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِمَالِ مَوْلىً لأُنَاسٍ أَعْتَقُوهُ سَائِبَةً ، فَقَالَ لِمَوَالِيهِ : هَذَا مَالُ مَوْلاَكُمْ قَالُوا : لاَ حَاجَةَ لَنَا بِهِ ، إنَّا كُنَّا أَعْتَقْنَاهُ سَائِبَةً ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : إنَّ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ مَوْضِعًا.

 

32084- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : لاَ أَعْلَمُ مِيرَاثَ السَّائِبَةِ إلاَّ لِمَوَالِيهِ إلاَّ أَنَّ ...

 

32085- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ : السَّائِبَةُ يَضَعُ مَالَهُ حَيْثُ شَاءَ.

32086- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ : أَنَّ طَارِقَ بْنِ الْمرقَّع أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ لِلَّهِ ، فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالا ، فَعُرِضَ عَلَى مَوْلاَهُ طَارِقٍ ، فَقَالَ : شَيْءٌ جَعَلْته لِلَّهِ ، فَلَسْت بِعَائِدٍ فِيهِ ، فَكُتِبَ فِي ذَلِكَ إلَى عُمَرَ ، فَكَتَبَ عُمَرُ : أَنِ اعْرِضُوا الْمَالَ عَلَى طَارِقٍ ، فَإِنْ قَبِلَهُ وَإِلاَّ فَاشْتَرَوْا بِهِ رَقِيقًا فَأَعْتِقُوهُمْ ، قَالَ : فَبَلَغَ خَمْسَةَ عَشَرَ رَأْسًا.

 

32087- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ : أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ أَعْتَقَتْ سَالِمًا سَائِبَةً ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ : وَالِ مَنْ شِئْت ، فَوَالَى أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ ، فَأُصِيبَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ ، فَدُفِعَ مَالَهُ إلَى الَّتِي أَعْتَقَتْهُ.

 

32081- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيّ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أُتِيَ بِثَلاَثِينَ أَلْفًا ، قَالَ : أَحْسَبُهُ قَالَ : أَعْتَقْته سَائِبَةً ، فَأَمَرَ أَنْ يُشْتَرَى بِهِ رِقَابٌ.

 

32082- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا زَكَرِيَّا ، عَنْ عَامِرٍ فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ سَائِبَةً ، قَالَ : الْمِيرَاثُ لِمَوْلاَهُ.

 

31806- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ فُضَيْلٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللهِ يُعْطِيَانِ الْمِيرَاثَ ذَوِي الأَرْحَامِ ، قَالَ فُضَيْلٌ : فَقُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ : فَعَلِيٌّ ؟ قَالَ : كَانَ أَشَدَّهُمْ فِي ذَلِكَ : أَنْ يُعْطِيَ ذَوِي الأَرْحَامِ.

 

31809- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ حَيَّانَ الْجُعْفِيِّ ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةً : أَنَّ عَلِيًّا أُتِيَ فِي ابْنَةٍ وَامْرَأَةٍ وَمَوَالِي ، فَأَعْطَى الاِبْنَةَ النِّصْفَ ، وَالْمَرْأَةَ الثُّمُنَ ، وَرَدَّ مَا بَقِيَ عَلَى الاِبْنَةِ ، وَلَمْ يُعْطِ الْمَوَالِي شَيْئًا.

 

31812- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ سَالِمٍ ، قَالَ : أُتِيَ عَلِيٌّ فِي رَجُلٍ تَرَكَ جَدَّتَهُ وَمَوَالِيَهُ ، فَأَعْطَى الْجَدَّةَ الْمَالَ دُونَ الْمَوَالِي.

 

31813- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كُنْتُ أَمْشِي مَعَهُ فَأَدْرَكَتْهُ امْرَأَةٌ عِنْدَ الصَّيَاقِلَةِ ، قَالَتْ : إنَّ مَوْلاَتَكَ قَدْ مَاتَتْ فَخُذْ مِيرَاثَهَا ، قَالَ : هُوَ لَك ، فَقَالَتْ : بَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَ لِي لَمْ أَدَعْهُ لَك ، وَإِنَّهُ لَمُحْتَاجٌ يَوْمَئِذٍ إلَى تَوْرٍ يُصِيبهُ مِنْ مِيرَاثِهَا ، مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا هَذِهِ مِنْهَا : قَالَ : ابْنَةُ أُخْتِهَا لأُمِّهَا.

 

وروى أبو داوود:

 

2905 - حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد أخبرنا عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس: أن رجلا مات ولم يدع وارثا إلا غلاما له كان أعتقه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " هل له أحد ؟ " قالوا لا إلا غلاما له كان أعتقه فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ميراثه له .

 

قال الألباني: ضعيف، ورواه أحمد 3369 و1930، وقال محققو طبعة الرسالة للمسند: إسناده ضعيف، عوسجة مولى ابن عباس، قال البخاري: لم يصح حديثه، وقال أبو حاتم والنسائي: ليس بمشهور، وقال أبو زرعة: مكي ثقة! وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث" ص262: الفقهاء على خلاف حديث عوسجة هذا، إما لاتهامهم عوسجةَ، فإنه ممن لا يثبت به فرض ولا سنة، وإما لتحريف في التأويل، وإما لنسخ. وأخرجه عبد الرزاق (16191) ، ومن طريقه الطبراني (12209) ، وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6410) عن سليمان بن سيف الحراني، عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، كلاهما (عبد الرزاق وأبو عاصم) عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 4/346 عن أبي الحسين محمد بن أحمد الخياط، حدثنا أبو قلابة، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس. وهذا إسناد ضعيف، محمد بن أحمد الخياط فيه لين، كما في "تاريخ بغداد" 1/283، وأبو قلابة- واسمه عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي- قال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، كان يحدث من حفظه، فكثرت الأوهام منه، قلنا: وقد أخطأ في هذا الحديث، فقال: عن عكرمة، بدل "عوسجة"، وقال البيهقي في "سننه" 6/242: رواه بعض الرواة عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، وهو غلط لا شك فيه. قلنا: وقد خالف أبا قلابة الرقاشي في هذا الإسناد سليمانُ بنُ سيف الحراني شيخ النسائي، وهو حافظ ثقة، فرواه عن أبي عاصم، عن ابن جريج، وقال فيه: عن عوسجة، بدل "عكرمة"، وقد تقدم في التعليق على الحديث رقم (1930) أن سفيان بن عيينة وحماد بن سلمة ومحمد بن مسلم أخرجوه عن عمرو بن دينار، فقالوا فيه: عن عوسجة، وهو الصواب. وقول الحاكم: وهذا حديث صحيح على شرط البخاري، وموافقة الذهبي له، ذهول منهما رحمهما الله، فان أبا قلابة الرقاشي- على سوء حفظه- لم يخرج له الشيخان، ولا أحدهما، وإنما هو من رجال ابن ماجه. عوسجة لم يرو عنه غير عمرو بن دينار، وقال البخاري: لم يصح حديثه، وقال أبو حاتم والنسائي وكذا الحافظ في "التقريب": ليس بمشهور، وقال الذهبي في "المغني": لا يعرف، وذكره العقيلي في "الضعفاء" 3/414 وساق له هذا الحديث وقال: لا يتابع عليه، ووثقه أبو زرعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحسن الترمذي حديثه هذا! لكن قال: والعمل عند أهل العلم في هذا الباب: إذا مات رجل ولم يترك عصبة (أي وارثاً) أن ميراثه يجعل في بيت مال المسلمين وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 22/435 عن أحمد بن حنبل. وأخرجه عبد الرزاق (16192) ، والحميدي (523) ، وسعيد بن منصور (194) ، وابن ماجه (2741) ، والترمذي (2106) ، والنسائي في"الكبرى" (6409) ، وأبو يعلى (2399) ، والعقيلي 3/414، والطبراني (12210) ، والحاكم 4/347، والبيهقي 6/242 من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه الطيالسي (2738) ، وأبو داود (2905) ، والطحاوي 4/403، والحاكم 4/347، والبيهقي 6/242 من طريق حماد بن سلمة، والطبراني (12211) من طريق محمد بن مسلم الطائفي، كلاهما عن عمرو بن دينار، به.وأخرجه البيهقي 6/242 من طريق حماد بن زيد وروح بن القاسم، عن عمرو بن دينار، عن عوسجة، مرسلاً.

 

وروى عبد الرزاق:

 

16196 - عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن إبراهيم قال كان عمر وعبد الله يورثان ذوي الأرحام دون الموالي قال وحدثني إبراهيم عن علقمة أن مولاة له ماتت وتركت أبن أختها لأمها وتركت علقمة فورث علقمة المال بن أختها لأمها قال وماتت مولاة لإبراهيم فجاءت ابنة أخيها لآبيها فأعطاها الميراث كله فقالت بارك الله لك فقال لو كان لي لم أعطكه

 

16197 - عبد الرزاق عن الثوري قال أخبرني منصور عن حصين عن إبراهيم قال كان عمر وبن مسعود يورثان ذوي الأرحام دون الموالي قال فقلت فعلي بن أبي طالب قال كان أشدهم في ذلك

 

16198 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عبد الكريم بن أبي المخارق أن زياد بن جارية أخبر عبد الملك أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الشام أن يتعلموا الغرض ويمشوا بين الغرضين حفاة وعلموا صبيانكم الكتابة والسباحة فبينا هم يرمون مر صبي فاصابه أحدهم فقتله فكتب في ذلك إلى عمر فكتب أن أعلم هل كان بينهم من ذحل في الجاهلية فكتب عامل حمص أني كتبت فلم أجدهم كانوا يتبادلون وكتب إلى عمر أنه ليس له وارث يعلم ولا ذو قرابة إلا خال فكتب عمر أن ديته لخاله إنما الخال والد وترك مواليه الذين أعتقوه

 

الشيء الملفت للنظر هو تفضيل الفقهاء لأحكامهم التي استقروا عليها لعمل دولة قانونية أكثر من أفعال محمد وتشريعاته الباطلة، كتشريعهم كما أشار الترمذي لوضع مال من لا وراث له في خزانة الدولة وفقًا لحكم فقهائهم بدلًا من إعطائها للمولى الذي لا علاقة له بالموضوع. وهذه روح طيبة نتمنى أن يستلهم منها المسلمون الحاليون للتوجه نحو المزيد من علمنة الدين وتحييده والتوفيق بينه وبين روح المدنية والعلمانية، هذه نفس روح بعض ربيي (رابيي) اليهود الذين تقول قصة عندهم أن أحبارهم اختلفوا في شيء، فجاء الصوت الإلهي (الـ Bat kol بالعبرية) يحكم لهم بالصواب، فرفض حبر مشهور علنًا الصوت، وأعلن لله أنه قد سلم للبشر التوراة مستدلًا بنص منها، فلم يعد مسؤولًا عنها وأن البشر وحدهم الحق في تفسيرها! فوافق الله حسب الأسطورة الهاجادية على فعل الحبر واستحسن رأيه!

 

تشريع جعل الهبة الممنوحة من شخص لآخر مدة حياته فقط (العمرى)، إرثًا دائمًا، مع تطبيق محمد للقانون الذي فرضه بأثر رجعي.

 

روى مسلم:

 

[ 1625 ] وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيا وميتا ولعقبه

 

[ 1625 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر حدثنا حجاج بن أبي عثمان ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم عن وكيع عن سفيان ح وحدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد حدثني أبي عن جدي عن أيوب كل هؤلاء عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى حديث أبي خيثمة وفي حديث أيوب من الزيادة قال جعل الأنصار يعمرون المهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسكوا عليكم أموالكم

 

 [ 1625 ] وحدثني محمد بن رافع وإسحاق بن منصور واللفظ لابن رافع قالا حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير عن جابر قال أعمرت امرأة بالمدينة حائطا لها ابنا لها ثم توفي وتوفيت بعده وتركت ولدا وله إخوة بنون للمعمرة فقال ولد المعمرة رجع الحائط إلينا وقال بنو المعمر بل كان لأبينا حياته وموته فاختصموا إلى طارق مولى عثمان فدعا جابرا فشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرى لصاحبها فقضى بذلك طارق ثم كتب إلى عبد الملك فأخبره ذلك وأخبره بشهادة جابر فقال عبد الملك صدق جابر فأمضى ذلك طارق فإن ذلك الحائط لبني المعمر حتى اليوم

 

 [ 1625 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لأبي بكر قال إسحاق أخبرنا وقال أبو بكر حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن سليمان بن يسار أن طارقا قضى بالعمرى للوارث لقول جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 [ 1625 ] حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن عطاء عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العمرى جائزة

 

 [ 1625 ] حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد يعني بن الحارث حدثنا سعيد عن قتادة عن عطاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال العمرى ميراث لأهلها

 

 [ 1626 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العمرى جائزة

 

 [ 1626 ] وحدثنيه يحيى بن حبيب حدثنا خالد يعني بن الحارث حدثنا سعيد عن قتادة بهذا الإسناد غير أنه قال ميراث لأهلها أو قال جائزة  

 

روى البخاري:

 

2626 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعُمْرَى جَائِزَةٌ

 

وانظر أحمد 8567  و (10050) و (10345) ، وفي 3/319 ضمن مسند جابر بن عبد الله. وانظر ما سيأتي برقم (8686) . وفي الباب عن ابن عباس، سلف برقم (2251) . وعن جابر ومعاوية وسمرة، وستأتي أحاديثهم على التوالي: 3/297 و4/97 و5/8.

 

2625 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَى أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ

 

وروى أحمد:

 

14126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ، لَا تُعْطُوهَا أَحَدًا، فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير- وهو محمد بن مسلم بن تدرس- فمن رجال مسلم، وقد صرح بالتحديث عند غير المصنف. وهو عند عبد الرزاق في "المصنف" برقم (16876) ، مختصراً: "من أعمر شيئاً فهو له". وأخرجه البيهقي 6/173 من طريق يحيى بن يحيى، عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1625) (27) ، وابن حبان (5141) ،والبيهقي 6/173من طريق أيوب السختياني، والنسائي 6/274، وابن حبان (5140) من طريق ابن جريج، كلاهما عن أبي الزبير، به. ولفظ رواية ابن جريج: "من أُعمر شيئاً فهو له حياته ومماته". وسيأتي الحديث برقم (15176) عن عبد الرزاق وأبي نعيم، عن سفيان. وسيأتي من طريق أبي الزبير بالأرقام (14230) و (14254) و (14341) و (14407) و (15017) و (15136) و (15176) وسيأتي من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن برقم (14131) ، ومن طريق عطاء بن أبي رباح برقم (14172) ، ومن طريق سليمان بن يسار برقم (15077) ، ثلاثتهم عن جابر.

 

14230 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَلَا تُعْمِرُوهَا ، فَإِنْ أُعْمِرَ عُمْرَى، فَهِيَ سَبِيلُ الْمِيرَاثِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. سفيان: هو الثوري.وأخرجه ابن أبي شيبة 7/138-139، ومسلم (1625) (27) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

 

14341- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ فَلَا تُفْسِدُوهَا، فَإِنَّهُ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أُعْمِرَهَا، حَيًّا وَمَيِّتًا وَلِعَقِبِهِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو الزبير قد صرح بالتحديث عند غير المصنف. وأخرجه مسلم (1625) (25) و (26) ، والطحاوي 4/93، والبيهقي 6/173 من طرق عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وانظر (14126) .

 

15077 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ أَمِيرًا كَانَ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ: طَارِقٌ " قَضَى بِالْعُمْرَى لِلْوَارِثِ " عَنْ قَوْلِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة الهلالي، وعمرو: هو ابن دينار. وقد سلف تخريج هذا الحديث عند الحديث السالف برقم (14197) ، فانظره لزاماً.

 

14197 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، ح وَرَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، " أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْطَى أُمَّهُ حَدِيقَةً مِنْ نَخْلٍ حَيَاتَهَا، فَمَاتَتْ فَجَاءَ إِخْوَتُهُ، فَقَالُوا: نَحْنُ فِيهِ شَرْعٌ سَوَاءٌ، فَأَبَى ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ مِيرَاثًا "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، محمد بن إبراهيم - وهو ابن الحارث التيمي- ثم يسمع من جابر، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. يحيى بن سعيد: هو القطان، وروح: هو ابن عبادة. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/183، ومن طريقه البيهقي 6/174 عن معاوية ابن هشام، عن سفيان الثوري، عن حميد بن قيس الأعرج، عن طارق المكي، عن جابر، وقرن البيهقي بأبي بكر بن أبي شيبة أخاه عثمان. وأخرجه أبو داود (3557) ، والبيهقي 6/174 من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن حميد بن قيس الأعرج، عن طارق ابن عمرو المكي، عن جابر. ومعاوية بن هشام القصار قال عنه ابن عدي: وقد أغرب عن الثوري بأشياء، وأرجو أنه لا بأس به. قلنا: اضطرب معاوية بن هشام فيه على سفيان، والمحفوظ عن سفيان روايته هذا الحديث عن حميد بن قيس الأعرج، عن محمد بن إبراهيم، عن جابر، كما رواه عنه يحيى بن سعيد القطان وروح بن عبادة عند المصنف. وأما حبيب بن أبي ثابت، فالمحفوظ عنه أنه رواه عن حميد الكندي، عن جابر، فقد أخرجه ابن أبي شيبة 10/167، ومن طريقه الطحاوي 4/93 عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن حبيب بن أبي ثابت، عن حميد الكندي، عن جابر، قال: نَحَلَ رجل منا أمه نخلاً حياتَها، فلما ماتت، قال: أنا أحقُ بنخلي، فقضى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها ميراث. قلنا: وإسناده إلى حبيب صحيح، وأما حميد الكندي فقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/232، وسكت عنه. وأخرج عبد الرزاق (16886) ، ومن طريقه مسلم (1625) (28) ، والبيهقي 6/173 عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: أعَمَرت امرأة بالمدينة حائطاً لها ابناً لها، ثم توفي وتوفيت بعده، وترك ولداً، وله إخوة بنو المعمرة، فقال ولد المُعمرة: رجع الحائط إلينا، وقال بنو المُعمَر: بل كان لأبينا حياتَه وموتَه، فاختصموا إلى طارق مولى عثمان، فدعا جابراً فشهد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعُمْرى لصاحبها، فقضى بذلك، ثم كتب إلى عبد الملك فأخبره بذلك، وأخبر بشهادة جابر، قال عبد الملك: صدق جابر. وأمضى ذلك طارق، فإن ذلك الحائط لبني المُعمَر حتى اليوم. وأخرج الشافعي 2/169، وابن أبي شيبة 7/137، ومسلم (1625) (29) ، وأبو يعلى (1835) ، والطحاوي 1/91، والبيهقي 6/173- 174، والمزي في ترجمة طارق بن عمرو من "التهذيب" 13/349 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سليمان بن يسار: أن طارقاً كان أميراً بالمدينة قضى بالعمرى للوارث عن قول جابر بن عبد الله عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسيأتي من هذا الطريق برقم (15077) . وطارق بن عمرو هذا: هو مولى عثمان بن عفان، وكان عبد الملك بن مروان ولاه المدينة سنة ثلاث وسبعين، فوليَها خمسة أشهر.

الشرع: ضُبِط في قواميس اللغة على أوجُه: بفتح الشين والراء، وفتح الشين وكسرها مع تسكين الراء، وهو المِثْل، يقال: هذا شرع هذا، وهما شِرعان، أي: مِثلان. و"سواء" تفسير له.

 

 

16883 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا "

 

إسناده حسن، عبد الله بن محمد بن عقيل، حسن الحديث في المتابعات، وقد ضعفه الأئمة لسوء حفظه، وما حَسَّن الرأي فيه إلا الترمذي وشيخه البخاري، فقال الأول: صدوق، وقال الثاني: مقارب الحديث. وقول الحافظ في "تلخيص الحبير" 2/108: هو سيئ الحفظ، يصلح حديثه للمتابعات، فأما إذا انفرد، فيحسن، وأما إذا خالف، فلا يقبل، وبقية رجاله ثقَات رجال الصحيح.

 

20084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَبَهْزٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا "، قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ فِي حَدِيثِهِ: " لِأَهْلِهَا أَوْ مِيرَاثٌ لِأَهْلِهَا "

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن فيه عنعنة الحسن البصري. سعيد: هو ابن أبي عروبة. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/138، والطبراني في "الكبير" (6846) من طريق محمد بن بشر، والترمذي (1349) من طريق محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، والطبراني في "الكبير" (6845) من طريق يزيد بن زريع، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عروبة وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (3549) ، والطبراني في "الكبير" (6844) من طريق أبي الوليد هشام بن عبد الملك، عن همام، به. وسيأتي عن بهز وحده برقم (20152) ، وعن عفان عن همام برقم (20254) . وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (8567) ، وانظر تتمة شواهده هناك.

 

معنى قول محمد جائزة، أي تصير ميراثا للممنوح كملك مؤبد. لو عمل التشريع المدني بهذا لأحدث فوضى وضجة في الدولة، ولكف الكثيرون عن أعمال الخير والإحسان والعطايا من شقق وأراضٍ يعطونها لأقاربهم بصورة مؤقتة، خشية أنها ستصير ملكا لهم على الدوام هم ونسلهم، فالرواية الثانية (راوية أحمد 14197) أن الحديقة كانت ملك الرجل وكان جعلها لأمه فترة حياتها فقط (يسمى هذا العمرى)، إحسانا منه، على أن ينتفع هو بها لاحقا بعد موتها، فكان جزاء إحسانه أخذ ونزع أرضه ملكه، وفي الرواية أو الحالة الأخرى (رواية مسلم 1625- قصة وشهادة جابر) لم يكن في نية الميتة ظلم أبنائها في الميراث، بل كان قصدها تفضيل أحدهم لسبب أو آخر في حياتها فقط، وتطبيق القانون بأثر رجعي إجراء غير سليم قانونيًّا ودستوريًّا، لأنه يؤدي إلى ظلم بعض الأطراف، بل يجب الإعلان عن القانون للكل، ثم يسري ويُعمَل به بعد صدوره فقط. بعض أحاديث محمد كانت نهت عن العمرى، ثم عاد فشرّع ذلك التشريع. يحتمل أن البعض كان يمنح لآخرين أملاكًا للانتفاع بها مدة حياتهم فقط (عمرى)، ثم كان يموت المنتفع، فكان يدعي أبناؤه أن المالك الأصلي كان قد منحها لأبيهم ملكًا تامًّا لا حق انتفاع مدة حياته وأنهم ورثة لها. ربما ذلك اشترى محمد دماغه وقضى بإلغاء ذلك النوع من الإحسان، ثم قضى بجعل من يقوم به يقع عليه ضرر، ولا شك أنه بذلك دفع كثيرين لعدم عمل ذلك النوع من الإحسان. ربما كان أحدهم سيعطي أمه أو عجوزًا من أسرته دارًا تأويها أو ريع أرض زراعية، وبسبب وصية محمد وتشريعه الإلزامي هذا لم يفعل ذلك وامتنع عن الخير بسبب محمد. ويحتمل أن هذه المشاكل حدثت بين المهاجرين واليثاربة الأنصار كما تدل عليه أحاديث مسلم وأحمد. ومن تعسف محمد منع للعمرى في أول تشريعه، روى أحمد:

 

4906- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ عُمْرَى ، وَلاَ رُقْبَى ، فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا ، أَوْ أُرْقِبَهُ فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ.

 

صحيح لغيره. حبيب بن أبي ثابت مدلس، وقد عنعن، وقد صرح عند عبد الرزاق أنه ثم يسمع من ابن عمر إلا الحديث في العمرى، ولم يخبر عطاء في العمرى شيئاً، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو في "مصنف " عبد الرزاق (16920) ، ومن طريقه أخرجه النسائي في "المجتبى" 6/273، وابنُ ماجه مختصراً (2382) ، وابنُ الجارود في "المنتقى" وعند عبد الرزاق زيادة هي: قال (يعني عطاء) : الرقبى أن يقول: هذا للآخر مني ومنك موتاً، والعمرى. أن يجعله حياته بأن يعمر حياته- قلت (يعني ابن جريج) لحبيب: فإن عطاء أخبرني عنك في الرقبى! قال: لم أسمع من ابن عمر في الرقبى شيئاً، ولم أسمع منه إلا هذا الحديث في العمرى، ولم أخبر عطاءً في العمرى شيئا. قال عطاء: فإن أعطى سنة أو مشتين يسميه، فتلك منيحة يمنحها إياه، ليست بعمرى. وأخرجه النسائي في "المجتبي" 6/273 عن أحمد بن سليمان الرهاوي، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن عطاء، مرسلا، قال: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن العمرى والرقبى. قلت: وما الرقبى؟ قال: يقول الرجل للرجل: هي لك حياتك، فإن فعلتم، فهو جائزة. وقد سلف برقم (4801) ، وذكرنا هناك شواهده.

 

5422- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالاَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ عُمْرَى ، وَلاَ رُقْبَى ، فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا ، أَوْ أُرْقِبَهُ ، فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ ، قَالَ ابْنُ بَكْرٍ فِي حَدِيثِهِ : قَالَ عَطَاءٌ : وَالرُّقْبَى هِيَ لِلآخِرِ ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : مِنِّي وَمِنْكَ. (2/73)

 

(8686) 8671- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لاَ عُمْرَى ، فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ. (2/357).

 

إسناده حسن لأجل محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، فإنه صدوق حسن الحديث. وأخرجه النسائي 6/277، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/92، وفي "شرح مشكل الآثار" (5470) ، وابن حبان (5131) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/138، وعنه ابن ماجه (2379) من طريق يحيى بن أبي زائدة، عن محمد بن عمرو، به.

 

سبَّبَ هذا التشريع بوضوح مشاكل، لذلك اختلفت أقوال الفقهاء فيه، لأن بعضهم حاول تعطيله بالتأويل لإزالة ضرره وفساده التشريعي:

 

قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 8/293: العمرى جائزة بالاتفاق، وهي أن يقولَ الرجل لآخر: أعمرتُك هذه الدار، أو جعلتُها لك عمرك، فيقبل، فهي كالهبة إذا اتصل بها القبضُ، ملكها المُعَمرُ، ونفذ تصرفه فيها، وإذا مات تورث منه، سواء قال: هي لعقبك من بعدك أو لورثتك، أو لم يقل، وهو قول زيد بن ثابت، وابن عمر، وبه قال عروةُ بنُ الزبير، وسليمان بن يسار، ومجاهد، وإليه ذهب الثوري، والشافعي، وأحمدُ، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

وذهب جماعة إلى أنه إذا لم يقل: هي لِعقبك من بعدك، فإذا مات يعود إلى الأول، لأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أيما رجُل أعْمَر عُمْرى له ولعَقِبه" وهذا قول جابر، وروي عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر قال: "إنما العُمْرى التي أجاز رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن

يقول: هي لك ولِعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشتَ، فإنها ترجع إلى صاحبها" قال معمر: وكان الزهري يفتي به، وهذا قولُ مالك، ويُحكى عنه أنه قال: العُمْرى تمليكُ المنفعة دون الرقبة، فهي له مدة عمره، ولا يورث، وإن جعلها له ولعقبه، كانت المنفعة ميراثاً عنه.

وأما الرقْبى: هي أن يجعلها الرجلُ على أيهما مات أولاً، كان للآخِر منهما، فَكُل واحد يَرْقُبُ موتَ صاحبه، فاختلَف أهلُ العلم في جوازها، فذهب جماعة من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أنها جائزة كالعُمرى، وإذا مات المدفوعُ إليه يُورث عنه، وشرطُ الرجوعِ باطل، وهو قولُ الشافعي وأحمد وإسحاق، وذهب قوم إلى أن الرقبى غيرُ جائزة، وقيل: إنها عارية لا تورث، وهو قولُ أصحاب الرأي، والأول موافق لظاهر الحديث.

 

توجد روايات في صحيح مسلم نفسه ظاهرة التلفيق والتناقض مع صريح نصوص الأحاديث الأخرى الصحيحة حاولت كذلك إزالة ضرره:

 

[ 1625 ] حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح قالا أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة حدثنا ليث عن بن شهاب عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أعمر رجلا عمرى له ولعقبه فقد قطع قوله حقه فيها وهي لمن أعمر ولعقبه غير أن يحيى قال في أول حديثه أيما رجل أعمر عمرى فهي له ولعقبه

 

 [ 1625 ] حدثني عبد الرحمن بن بشر العبدي أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني بن شهاب عن العمرى وسنتها عن حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أعمر رجلا عمرى له ولعقبه فقال قد أعطيتكها وعقبك ما بقي منكم أحد فإنها لمن أعطيها وإنها لا ترجع إلى صاحبها من أجل أنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث

 

 [ 1625 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد واللفظ لعبد قالا أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر قال إنما العمرى التي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هي لك ولعقبك فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها قال معمر وكان الزهري يفتى به

 

 [ 1625 ] حدثنا محمد بن رافع حدثنا بن أبي فديك عن بن أبي ذئب عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر وهو بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيمن أعمر عمرى له ولعقبه فهي له بتلة لا يجوز للمعطى فيها شرط ولا ثنيا قال أبو سلمة لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث فقطعت المواريث شرطه

 

رجم أم جلد ثم رجم

 

هناك تناقض بين نصوص الأحاديث، ترتب عليها تناقض في الفقه بين فقهاء زمن التخلف الماضي، فبعض النصوص تنص على تعذيب بجلد مئة ثم بعده رجم بالحجارة حتى الموت، وهو جنون ووحشية فوق الوحشية المطلقة الهستيرية التابوهية، في حين أحاديث أخرى تذكر الرجم فقط.

 

أحاديث تذكر الجلد والرجم:

 

روى مسلم:

 [ 1690 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار جميعا عن عبد الأعلى قال بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه كرب لذلك وتربد له وجهه قال فأنزل عليه ذات يوم فلقي كذلك فلما سرى عنه قال خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب والبكر بالبكر الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي سنة

 

روى البخاري:

 

 

6812 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ قَدْ رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

وروى أحمد:

 

716 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ، وَالْمُجَالِدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَاهُ يُحَدِّثُ: أَنَّ عَلِيًّا حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، ضَرَبَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: أَجْلِدُهَا بِكِتَابِ اللهِ، وَأَرْجُمُهَا بِسُنَّةِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين من طريق سلمة- وهو ابن كهيل-، وأما مجالد- وهو ابن سعيد- فضعيف، روى له مسلم مقرونا وأصحاب السنن. وقد طعن بعضهم- كالحازمي في "الاعتبار" ص 201- في هذا الإسناد بأن الشعبي لم يسمعه من علي، وقال الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 111: لم يسمع الشعبي من علي، إنما رآه رؤيةً. وقد ذكر الدارقطني في "العلل" 4/96 و97 لهذا الحديث طريقين إحداهما فيها بين الشعبي وبين علي والدُ الشعبي، والثانية فيما بينهما عبد الرحمن بن أبي ليلى، ووهم الروايتين جميعاً، وصوب روايةَ الشعبي عن علي، وقال: سمع الشعبي من علي حرفاً ما سمع غيرَ هذا. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7141) من طريق وهب بن جرير، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات " (505) ، وأبو نعيم في "الحلية" 4/329 من طريق علي بن الجعد، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6812) عن آدم بن أبي إياس، والنسائي (7140) من طريق بهز بن أسد، والطحاوي 3/140 من طريق أبي عامر العقدي، ثلاثتهم عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، به. ورواية آدم مختصرة بقصة الرجم دون الجلد. وأخرجه أبو نعيم 4/329 من طريق حماد بن زيد، عن مجالد، به. وأخرجه أبو نعيم 4/329، والحاكم 4/365 من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والدارقطني 3/124 من طريق أبي حَصين وحُصين بن عبد الرحمن، ثلاثتهم عن الشعبي، به. وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي. وأخرجه الطحاوي 3/140 من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى والرضراض بن سعد وحبة العُرني، ثلايتهم عن علي بن أبي طالب. وسيأتي برقم (839) و (941) و (942) و (978) و (1185) و (1190) و (1210) و (1317) .

 

839 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، "أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ شَرَاحَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: أَجْلِدُهَا بِكِتَابِ اللهِ، وَأَرْجُمُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

 

إسناده صحيح. وقد تقدم برقم (716) .

                                                       

وروى الحاكم في المستدرك:

 

8086 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه ببغداد ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي ثنا عبد الغفار بن داود الحراني ثنا موسى بن أعين عن الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله قال  ما رأيت رجلا قط أشد رمية من علي بن أبي طالب رضي الله عنه أتي بامرأة من همدان يقال لها شراحة فجلدها مائة ثم أمر برجمها فأخذ علي آجرة فرماها بها أخطأ أصل أذنها منها فصرعها فرجمها الناس حتى قتلوها ثم قال : جلدتها بكتاب الله تعالى ورجمتها بالسنة

 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وكان الشعبي يذكر أنه شهد رجم شراحة ويقول : إنه لا يحفظ عن أمير المؤمنين غير ذلك

 

سكت عنه الذهبي في التلخيص

 

8087 - حدثناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني ثنا أحمد بن يونس الضبي ثنا جعفر بن عون ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت الشعبي وسئل : هل رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال  رأيته أبيض الرأس واللحية قيل : فهل تذكر عنه شيئا ؟ قال : نعم أذكر أنه جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة فقال : جلدته بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

 وهذا إسناد صحيح وإن كان في الإسناد الأول الخلاف في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه

 

قال الذهبي: صحيح

 

وروى عبد الرزاق:

 

13350 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني أبو جحيفة أن الشعبي أخبره أن عليا أتي بامرأة من همدان بنت حبلى يقال لها شراحة قد زنت فقال لها علي لعل الرجل استكرهك قالت لا قال فلعل الرجل قد وقع عليك وأنت راقدة قالت لا قال فلعل لك زوجا من عدونا هؤلاء وأنت تكتمينه قالت لا فحبسها حتى إذا وضعت جلدها يوم الخميس مئة جلدة ورجمها يوم الجمعة فأمر فحفر لها حفرة بالسوق فدار الناس عليها أو قال بها فضربهم بالدرة ثم قال ليس هكذا الرجم إنكم إن تفعلوا هذا يفتك بعضكم بعضا ولكن صفوا كصفوفكم للصلاة ثم قال يا أيها الناس إن أول الناس يرجم الزاني الإمام إذا كان الاعتراف وإذا شهد أربعة شهداء على الزنى أول الناس يرجم الشهود بشهادتهم عليه ثم الإمام ثم الناس ثم رماها بحجر وكبر ثم أمر الصف الأول فقال ارموا ثم قال انصرفوا وكذلك صفا صفا حتى قتلوها

 

13354 - عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن عليا جلد يوم الخميس ورجم يوم الجمعة فقال أجلدك بكتاب الله وأجلدك بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم

 

13356 - عبد الرزاق عن بن التيمي عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال قال علي في الثيب أجلدها بالقرآن وأرجمها بالسنة قال وقال أبي بن كعب مثل ذلك

 

وبالتناقض فالأحاديث التي ذكرت تطبيق محمد لحدوده الخرافية البشعة لا تذكر معظمها جلدًا:

 

روى البخاري عن فعل محمد:

6842 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ تَكَلَّمْ قَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا

 

روى عبد الرزاق عن فعل عمر:

 

13357 - عبد الرزاق عن الثوري عن مغيرة عن إبراهيم قال ليس على المرجوم جلد بلغنا أن عمر رجم ولم يجلد

 

وروى مسلم:

 

[ 1691 ] وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد حدثني أبي عن جدي قال حدثني عقيل عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه قال أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال له يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبك جنون قال لا قال فهل أحصنت قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به فارجموه قال بن شهاب فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله يقول فكنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه

 

[ 1692 ] وحدثني أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري حدثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل قصير أعضل ليس عليه رداء فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعلك قال لا والله إنه قد زنى الأخر قال فرجمه ثم خطب فقال ألا كلما نفرنا غازين في سبيل الله خلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس يمنح أحدهم الكثبة أما والله إن يمكنى من أحدهم لأنكلنه عنه

 

 [ 1692 ] وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت جابر بن سمرة يقول أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير أشعث ذي عضلات عليه إزار وقد زنى فرده مرتين ثم أمر به فرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما نفرنا غازين في سبيل الله تخلف أحدكم ينب نبيب التيس يمنح إحداهن الكثبة إن الله لا يمكنى من أحد منهم إلا جعلته نكالا أو نكلته قال فحدثته سعيد بن جبير فقال إنه رده أربع مرات

 

 [ 1692 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شبابة ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أبو عامر العقدي كلاهما عن شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث بن جعفر ووافقه شبابة على قوله فرده مرتين وفي حديث أبي عامر فرده مرتين أو ثلاثا

 

 [ 1693 ] حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو كامل الجحدري واللفظ لقتيبة قالا حدثنا أبو عوانة عن سماك عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز بن مالك أحق ما بلغني عنك قال وما بلغك عني قال بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان قال نعم قال فشهد أربع شهادات ثم أمر به فرجم

 

ورواه أحمد 2202

 

 

[ 1694 ] حدثني محمد بن المثنى حدثني عبد الأعلى حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رجلا من أسلم يقال له ماعز بن مالك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أصبت فاحشة فأقمه علي فرده النبي صلى الله عليه وسلم مرارا قال ثم سأل قومه فقالوا ما نعلم به بأسا إلا أنه أصاب شيئا يرى أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام فيه الحد قال فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرنا أن نرجمه قال فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد قال فما أوثقناه ولا حفرنا له قال فرميناه بالعظم والمدر والخزف قال فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة يعني الحجارة حتى سكت قال ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا من العشى فقال أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا له نبيب كنبيب التيس على أن لا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به قال فما استغفر له ولا سبه

 

[ 1695 ] وحدثنا محمد بن العلاء الهمداني حدثنا يحيى بن يعلى وهو بن الحارث المحاربي عن غيلان وهو بن جامع المحاربي عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله طهرني فقال ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه قال فرجع غير بعيد ثم جاء فقال يا رسول الله طهرني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه قال فرجع غير بعيد ثم جاء فقال يا رسول الله طهرني فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أطهرك فقال من الزنى فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبه جنون فأخبر أنه ليس بمجنون فقال أشرب خمرا فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أزنيت فقال نعم فأمر به فرجم فكان الناس فيه فرقتين قائل يقول لقد هلك لقد أحاطت به خطيئته وقائل يقول ما توبة أفضل من توبة ماعز أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده ثم قال اقتلني بالحجارة قال فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال استغفروا لماعز بن مالك قال فقالوا غفر الله لماعز بن مالك قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم قال ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت يا رسول الله طهرني فقال ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه فقالت أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك قال وما ذاك قالت إنها حبلى من الزنى فقال آنت قالت نعم فقال لها حتى تضعي ما في بطنك قال فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد وضعت الغامدية فقال إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه فقام رجل من الأنصار فقال إلي رضاعه يا نبي الله قال فرجمها

 

وروى أحمد:

 

11589 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: " لَمَّا أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَرْجُمَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ "، خَرَجْنَا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَوَاللهِ مَا حَفَرْنَا لَهُ، وَلَا أَوْثَقْنَاهُ، وَلَكِنَّهُ قَامَ لَنَا فَرَمَيْنَاهُ بِالْعِظَامِ وَالْخَزَفِ، فَاشْتَكَى، فَخَرَجَ يَشْتَدُّ ، حَتَّى انْتَصَبَ لَنَا فِي عُرْضِ الْحَرَّةِ فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِ الْجَنْدَلِ ، حَتَّى سَكَتَ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم.

 

بعض النصوص في مسند أحمد توضح أنهم كانوا وشوا بالرجل، فحاول الاستباق ظنًّا منه أنه باعترافه لا ينفذ عليه محمد العقوبة الوحشية الشاذة، أما حديث إصراره على أن يتم رجمه مشكوك فيه، وقد جرى الرجل من شدة العذاب، فجروا وراءه كالمجانين بوحشية وهمجية وجنون خارج من عقاله ورجموه حتى الموت! وسنعرض في التالي صورًا حية من وحشية الرجم الإسلامي. وأقصى رحة فعلوها بجنونهم هي رميه بحجارة كبيرة أكبر من الأولى لكن بدون استهداف رأسه حتى لإراحته من العذاب، ولا مبرر لتعذيب أو قتل إنسان لمجرد علاقة جنسية، ومعظم الدول الإسلامية لا تعمل بهذه الأحكام كلها اليوم لبطلانها ووحشيتها. وكالعادة لجأ المفسرون والفقهاء إلى القول بأن الجلد قبل الرجم منسوخ(ملغي)، وبعض الأحاديث ذكرت جلدًا قبل الرجم، وهي تشريعات كلها متخلفة همجية.

 

وقال الشافعي في الرسالة:

 

قال فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جلد المائة ثابت على البكرين الحرين ومنسوخ عن الثيبين وأن الرجم ثابت على الثيبين الحرين، لأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " -: أول نزل فنسخ به الحبس والأذى عن الزانيين.

فلما رجم النبي ماعزا ولم يجلده وأمر أنيسا أن يغدو على امرأة الأسلمي فإن اعترفت رجمها-: دل على نسخ الجلد عن الزانيين الحرين الثيبين وثبت الرجم عليهما لأن كل شيء أبدا بعد أول فهو آخر.

 

وقال ابن كثير في تفسيرة سورة النور أو بالأحرى الظلام:

 

وَقَدْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، وَهِيَ زَوْجَةُ الرَّجُلِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ الْأَجِيرَ لَمَّا زَنَت مَعَ الْأَجِيرِ. وَرَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاعِزًا والغامِدِيَّة. وَكُلُّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُنقَل عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَلدهم قَبْلَ الرَّجْمِ. وَإِنَّمَا وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاح الْمُتَعَدِّدَةُ الطُّرُقِ وَالْأَلْفَاظِ، بِالِاقْتِصَارِ عَلَى رَجْمِهِمْ، وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْجَلْدِ؛ وَلِهَذَا كَانَ هَذَا مَذْهَبَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ. وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُجْمَعَ عَلَى الزَّانِي المحصَن بَيْنَ الْجَلْدِ لِلْآيَةِ وَالرَّجْمِ لِلسُّنَّةِ، كَمَا رُوِيَ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ لَمَّا أُتِيَ بشُرَاحة وَكَانَتْ قَدْ زَنَتْ وَهِيَ مُحْصَنَةٌ، فَجَلْدَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمْعَةِ، ثُمَّ قَالَ: جلدتهُا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقد رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ، وَأَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا البِكْر بالبِكْر، جَلْد مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ" [أحمد (22703) 23079، وصحيح مسلم برقم (1690) وسنن أبي داود برقم (4416) وسنن الترمذي برقم (1434) والنسائي في السنن الكبرى برقم (11092) وسنن ابن ماجه برقم (2550)]

 

علاج جرح ملوث داخليًّا بكي خارجي لا يفيد

 

روى مسلم:

 

[ 2207 ] حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قال يحيى واللفظ له أخبرنا وقال الآخران حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا ثم كواه عليه

 

 [ 2207 ] وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير ح وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا سفيان كلاهما عن الأعمش بهذا الإسناد ولم يذكرا فقطع منه عرقا

 

 [ 2207 ] وحدثني بشر بن خالد حدثنا محمد يعني بن جعفر عن شعبة قال سمعت سليمان قال سمعت أبا سفيان قال سمعت جابر بن عبد الله قال رمي أبي يوم الأحزاب على أكحله فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 [ 2208 ] حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر ح وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير عن جابر قال رمي سعد بن معاذ في أكحله قال فحسمه النبي صلى الله عليه وسلم بيده بمشقص ثم ورمت فحسمه الثانية

 

روى أحمد بن حنبل:

 

14252 - حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: رُمِيَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ بِسَهْمٍ، فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُوِيَ عَلَى أَكْحَلِهِ "

 

إسناده قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سفيان- وهو طلحة بن نافع-، فمن رجال مسلم. وأخرجه عبد بن حميد (1018) ، ومسلم (2207) ، وأبو يعلى (2287) ، وأبو عوانة في الطب كما في "الإتحاف" 3/172، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/321، والحاكم 4/214 و417، والبيهقي 9/342 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وسيأتي الحديث من طرق أخرى عن الأعمش بالأرقام (14257) و (14379) و (14989) . وسيأتي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كوى سعد بن معاذ في أكحله من حديث جابر برقم (14343) . وفي باب جواز الكى حديث جابر الآتي برقم (14707) .

 

14905 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مِنْ رَمْيَتِهِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وانظر أحمد (14343) . وأخرجه ابن سعد 3/429 عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (1745) ، وأخرجه أبو داود (3866) عن موسى بن إسماعيل، كلاهما (الطيالسي وموسى) عن حماد بن سلمة، به.

 

تأخر محمد في اتخاذ القرار ببتر الجزء الملوث من رجل سعد، وظل يقوم بعلاج خاطئ ليس له تأثير سوى في تعذيب المريض، لاحقًا كما هو معروف في الأحاديث بدأ يحاول البتر لمنع تسمم الجسم عدة مرات، لكن كان الأوان قد فات وتسمم جسد صديقه المتعصب، لأنه ضيّع الوقت بجهلٍ بعلاج خارجي لتلوث داخلي وهو إجراء عبثي غير مجدٍ.

 

علاج مرض داخلي (مرض في القلب ربما تصلب شرايينه أو مرض رئوي تنفسي) بكي خارجي

 

روى الترمذي:

 

2050 - حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا يزيد بن زريع أخبرنا معمر عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم كوى اسعد بن زرارة من الشوكة

 قال أبو عيسى وفي الباب عن أُبَيٍّ وجابر وهذا حديث حسن غريب

 

قال الألباني: صحيح

 

وروى ابن ماجه:

 

3492- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (ح) وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ الأَنْصَارِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ عَمِّي يَحْيَى ، وَمَا أَدْرَكْتُ رَجُلاً مِنَّا بِهِ شَبِيهًا ، يُحَدِّثُ النَّاسَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ زُرَارَةَ ، وَهُوَ جَدُّ مُحَمَّدٍ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ ، أَنَّهُ أَخَذَهُ وَجَعٌ فِي حَلْقِهِ ، يُقَالُ لَهُ الذُّبْحَةُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : لأُبْلِغَنَّ أَوْ لَأُبْلِيَنَّ فِي أَبِي أُمَامَةَ عُذْرًا فَكَوَاهُ بِيَدِهِ فَمَاتَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ مِيتَةَ سَوْءٍ لِلْيَهُودِ ، يَقُولُونَ : أَفَلاَ دَفَعَ عَنْ صَاحِبِهِ ، وَمَا أَمْلِكُ لَهُ ، وَلاَ لِنَفْسِي شَيْئًا.

 

قال شعيب الأرنؤوط ومساعداه في تحقيقهم لسنن ابن ماجه عن إسناده: صحيح وهو مرسل صحابي على الأرجح، فإن يحيى بن أسعد بن زرارة قد اختُلِف في صحبته بناءً على الاختلاف في نسبه: هل هو ابن أسعد بن زرارة لصلبه أم لا، فإن كان لصلبه، فهو صحابي بلا شك، لكنه صغير، فقد توفي أبوه في السنة الأولى للهجرة، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 7/ 423  (24079) وعنه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 2197 عن محمد بن جعفر غُندر به، وأخرجه أحمد في مسنده 16618 و23207 من طريق أبي الزبير، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن بعض أصحاب النبي...وسنده حسن.

 

وروى أحمد:

 

16618- حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَوَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدًا، أَوْ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ فِي حَلْقِهِ مِنَ الذُّبْحَةِ ، وَقَالَ: " لَا أَدَعُ فِي نَفْسِي حَرَجًا مِنْ سَعْدٍ أَوْ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ "

 

قال عن شعيب الأرنؤوط ومساعداه في تحقيقهم لابن ماجه أنه حسن، ثم عاد وغير رأيه في تهرب وتناقض في طبعة دار الرسالة فقال هو وفريقه: إسناده ضعيف، أبو الزبير: وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، مدلس وقد عنعن، وهو منقطع حسب رواية (ظ12) ورواية ابن سعد الموافقة لها، والتي ليس فيها لفظ "عن أبيه" بعد عمرو بن شعيب.// فرواه ابن سعد في "الطبقات" 3/610 عن الفضل بن دكين، عن زهير: وهو ابن معاوية الجعفي، عن أبي الزبير، عن عمرو بن شعيب، عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. دون ذكر "عن أبيه".//وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/98، وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات!// قلنا: وقد اختلف في متنه كذلك، فأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/610 عن يعقوب بن إبراهيم بن سعدا أزهري، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاد أسعد بن زرارة، وبه شوكة، فلما دخل عليه قال: "قاتل الله يهود، يقولون لولا دفع عنه، ولا أملك له ولا لنفسي شيئاً، لا يلوموني في أبي أمامة"، ثم أمر به فكوي، وحجَّر به حلقه، يعني بالكي.// قلنا: وهذا إسناد مرسل، أبو أمامة أسعد بن سهل، له رواية، ولم يسمع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولم يدرك جده لأمه أسعد بن زرارة.// وأخرجه ابن ماجه (3492) من طريق شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن ابن سعد بن زرارة الأنصاري، عن عمه يحيى بن أسعد بن زرارة يحدِّث الناس أن سعد بن زرارة- وهو جد محمد من قبل أمه- أنه أخذه وجع في حلقه، يقال له الذبحة، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لأُبْلغَنَّ أو لأُبلين في أبي أمامة عذراً"، فكواه بيده، فمات، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ميتة سوء لليهود، يقولون: أفلا دفع عن صاحبه؟ وما أملك له ولا لنفسي شيئاً".// قلنا: وهذا إسناد مرسل، يحيى بن أسعد بن زرارة، مختلف في صحبته، قال ابن عساكر: إن كان هو ابن سعد بن زرارة لصلبه فلا ريب في صحبته: لأن أباه مات في السنة الأولى من الهجرة، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف، مختلف في صحبته، وقال المزي في "تحفة الأشراف" 9/103: الصحيح أنه لا صحبة له. وكذلك قال ابن عساكر: الأصح أن لا صحبة له.// وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/610 عن محمد بن عمر، عن ربيعة ابن عثمان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كانت بأَسعد الذبحة، فكواه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلنا: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن عمر: وهو الواقدي، متروك، وأبو الزبير: وهو محمد بن مسلم بن تدرس، مدلس، وقد عنعن.// وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/610 عن الفضل بن دكين، عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كواه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين في أكحله. وهذا إسناد ضعيف لعنعنة أبي الزبير.// وأخرجه ابن سَعْد 3/610 عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن منصور، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، قال: أخذت أسعد بن  زرارة الذبحة، فأتاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "اكتوِ، فإني لا ألوم نفسي عليك". قلنا: وهذا إسناد منقطع. محمد بن عبد الرحمن بن سَعْد بن زرارة يروي عن أولاد الصحابة الذين لم يدركوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.// وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/944 عن يحيى بن سعيد قال: بلغني أن سعد بن زرارة اكتوى في زمان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمات.

قال السندي: قوله: من الذبحة، هي بذال معجمة وياء موحدة وحاء مهملة في "القاموس" كهُمَزَة وعِنَبة: وجع في الحلق، أو دم يخنق فيقتل، وفي "النهاية" هي بفتح باء وقد تسكَّن: وجع في الحلق من الدم، وقيل: قرحة تظهر فيه فينسدّ معها، وينقطع النفس فتقتل والحاصل أنه داء يقتل،  قوله: "حرجاً"، أي: ضيقاً، أي: إن تركت بعض الأدوية يضيق النفس من ذلك إن مات، فلا أفعل ذلك.

17238 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ، يُحَدِّثُ، أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ - وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ يَوْمَ الْعَقَبَةِ - أَنَّهُ أَخَذَتْهُ الشَّوْكَةُ، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَالَ: " بِئْسَ الْمَيِّتُ لَيَهُودُ - مَرَّتَيْنِ - سَيَقُولُونَ: لَوْلَا دَفَعَ عَنْ صَاحِبِهِ ؟ وَلَا أَمْلِكُ لَهُ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَأَ تَمَحَّلَنَّ لَهُ " . فَأَمَرَ بِهِ، وَكُوِيَ بِخَطَّيْنِ فَوْقَ رَأْسِهِ، فَمَاتَ

 

إسناده ضعيف، أبو أمامة بن سهل بن حنيف- وإن كانت له رؤية- لم يسمع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد قال الحافظ فيما تقدم: يحتمل أن يكون حمله عن والده أو غيره من أهله، وزمعة بن صالح- وإن يكن ضعيفاً - تُوبع كما سيرد، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير" (5583) من طريق أبي قُرَة- وهو موسى بن طارق الزَّبِيدي قال: ذكر زمعةُ بن صالح، عن يعقوب بن عطاء- وهو ابن أبي رباح المكي- عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه قال: دخل رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أسعد بن زرارة يعوده... وهذا الإسناد

 

وروى مالك في الموطأ (رواية الزهري وترقيمها):

 

1984 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أنه قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ اكْتَوَى فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الذُّبْحَةِ , فَمَاتَ.

 

 

واضح أن محمدًا لم يعرف شيئًا عن أسباب أمراض القلب ولا ماهيته، وفي زمنه كانت العلاجات الأكثر تقدمًا في الدول الكبرى المتحضرة كفارس وبيزنطة والشام متأخرة جدًّا بالنسبة لعلومنا الحالية، ووضع بلاد شبه جزيرة العرب حتمًا كان ظلامًا دامسًا، وتخبط محمد وجرب على صاحبه علاجًا خرافيًا من علاجات الجهل القديمة أيْ الكي الخارجي وحرق جزء من الجلد، بدون فائدة، سوى أنه عذَّب به مريضًا بالقلب في حالة متأخرة ويحتضر، بل لعله كما تثبت الرواية عجَّلَ بموت الرجل نتاج الألم الشديد ورد فعل القلب من الإنهاك وردود فعل الجسم العصبية. لذلك لاحقًا بسبب تجربته المريرة هذه مرتين، سينهى محمد عن العلاج بالكي ويكرِّهه:

 

روى البخاري:

 

5681 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ أَبُو الْحَارِثِ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ

 

رواه أحمد 2208 وانظر أحمد 14905 و14343 و14225 و14985 و17238

 

5683 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ أَوْ يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ

 

5705 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمْ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ قُلْتُ مَا هَذَا أُمَّتِي هَذِهِ قِيلَ بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ قِيلَ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلَأُ الْأُفُقَ ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلَأَ الْأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلَادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَقَالَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَالَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ

 

6541 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ ح قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ و حَدَّثَنِي أَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْأُمَّةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ هَؤُلَاءِ أُمَّتِي قَالَ لَا وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قَالَ هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ وَهَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ قُلْتُ وَلِمَ قَالَ كَانُوا لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ

 

وروى أحمد:

 

3701 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ قَوْمًا أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: صَاحِبٌ لَنَا يَشْتَكِي، أَنَكْوِيهِ ؟ قَالَ: فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالُوا: أَنَكْوِيهِ ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: " اكْوُوهُ وَارْضِفُوهُ رَضْفًا

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الأحوص -وهو عوف بن مالك بن نضلة الجشمي- فمن رجال مسلم. أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/320 من طريق أسد بن موسى، والشاشي (733) ، والحاكم في "المستدرك" 4/416، من طريق عبيد الله بن موسى، كلاهما عن إسرائيل، به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وأبو الأحوص لم يخرج له البخاري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7601) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/320، وابن حبان (6082) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10275) من طريق عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا معمر، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، به. وهذا إسناد منقطع، أبو عبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه. وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/99، ونسبه إلى الطبراني، وقال: ورجاله ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. ورواه أحمد برقم (3852) و (4021) و (4054) . والحديث من طريق شعبة سيرد عقب الحديث (3718) في نسخة (ظ14) فقط. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/6 برقم (3669) من طريق أبي أحمد الزبيري -شيخ أحمد-، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 4/214، والبيهقي في "السنن" 9/342، من طريقين عن سفيان، به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي! مع أن أبا الأحوص لم يخرج له البخاري.

 

قوله: "وارضفوه": قال ابن الأثير: أي: كمدوه بالرضْفِ. والرضْف: الحجارة المحماة على النار واحدتها رَضْفَة. وقال السندي: وارضفوه: من رضفه كضرب، إذا كواه. قلنا: قد ورد في آخر الحديث من طريق شعبة، قول عبد الله: وكره ذلك، وفي آخر الحديث (4045) قوله: كأنه غضبان، مما يدل أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "اكووه" على سبيل الكراهة الشديدة، لا على سبيل الإباحة المطلقة.

 

3701 م - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: إِنَّ نَاسًا سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَاحِبٍ لَهُمْ يَكْوِي نَفْسَهُ ؟ قَالَ: فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: " اِرْضِفُوهُ، اَحْرِقُوهُ " قَالَ: وَكَرِهَ ذَلِكَ.

 

هذا الحديث، انفردت نسخة (ظ14) من المكتبة الظاهرية بإيراده في هذا الموضع، والأظهر أن ذكره هنا هو الصواب، لأن الإمام أحمد يورد هنا -كما هو ظاهر- ما يرويه عن شيخه محمد بن جعفر، ولم يورد هذه الرواية في موضع آخر من المسند، وقد تقدم برقم (3701) عن وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وتقدم هناك تخريجه من طريق شعبة، بهذا الإسناد.

 

4021 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ صَاحِبًا لَنَا اشْتَكَى، أَفَنَكْوِيهِ ؟ فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: " إِنْ شِئْتُمْ فَاكْوُوهُ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَارْضِفُوهُ "

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الأحوص - وهو عوف بن مالك بن نضلة الجُشَمي - فمن رجال مسلم. معمر: هو ابن راشد، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وهو في "مصنف عبد الرزاق " (19517) ، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "السنن " 9/342.

4054 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجُلٍ نَسْتَأْذِنُهُ أَنْ نَكْوِيَهُ، فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى، فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْنَاهُ الثَّالِثَةَ ؟ فَقَالَ: " ارْضِفُوهُ إِنْ شِئْتُمْ " كَأَنَّهُ غَضْبَانُ

 

حديث صحيح، زهير - وهو ابن معاوية -، وإن سمع من أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - بعد الاختلاط - متابع، وبقية رجاله ثقات رجال مسلم، سليمان بن داود: هو الطيالسي، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك بن نضلة الجشمي. وسلف برقم (3701) بإسناد صحيح.

 

الكلمة إذن قالها محمد تعبيرًا عن رفضه وسخطه من إصرارهم على هذا العلاج الخرافي، بأسلوب السخرية لأن الرضف هو الكي بالحجارة الساخنة. نموذج لتناقض أفعال محمد وتغييره لتعاليمه بناءً على التجربة والخطأ، لكنْ للأسف فهذه هنا تجارب في البشر، ولكن على الأرجح على الأقل كانت نواياه طيبة رغم جهله التام.

 

وروى أحمد كذلك عن ممارسات الكي الخارجي في عصر محمد:

 

12416 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَوَانِي أَبُو طَلْحَةَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، " فَمَا نُهِيتُ عَنْهُ "

 

إسناده حسن من أجل عمران -وهو ابن داور القطان-، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. وهو في "مسند الطيالسي" (2015) . وأخرجه الطحاوي 4/321، والحاكم 4/417 من طريق عمرو بن مرزوق الباهلي، عن عمران القطان، بهذا الإسناد. وصحح الحاكم إسناده. وعلق البخاري في "صحيحه" (5721) عن عباد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس قال: كُويت من ذات الجنْب ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حى، وشهدني أبو طلحة وأنس بن النضْر وزيد بن ثابت، وأبو طلحة كواني. وأخرج فيه موصولاً برقم (5719) عن عارم، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس: أن أبا طلحة وأنس بن النضر كوياه، وكواه أبو طلحة بيده. وانظر في الكلام على الكي "شرح معاني الآثار" 4/320-324، و"فتح الباري" 10/155-156.

 

وروى البخاري:

 

5719 - حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ قُرِيءَ عَلَى أَيُّوبَ مِنْ كُتُبِ أَبِي قِلَابَةَ مِنْهُ مَا حَدَّثَ بِهِ وَمِنْهُ مَا قُرِئَ عَلَيْهِ وَكَانَ هَذَا فِي الْكِتَابِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَأَنَسَ بْنَ النَّضْرِ كَوَيَاهُ وَكَوَاهُ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِهِ وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنْ يَرْقُوا مِنْ الْحُمَةِ وَالْأُذُنِ

قَالَ أَنَسٌ كُوِيتُ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ وَشَهِدَنِي أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو طَلْحَةَ كَوَانِي

وعلى النقيض توجد مرويات بالنهي عن الاكتواء وعن الرقي رغم وجود أحاديث فيها رقي، روى أحمد:

 

2448 - حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ الْبَارِحَةَ ؟ قُلْتُ: أَنَا، ثُمَّ قُلْتُ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَكُنْ فِي صَلاةٍ وَلَكِنِّي لُدِغْتُ، قَالَ: وَكَيْفَ فَعَلْتَ ؟ قُلْتُ: اسْتَرْقَيْتُ، قَالَ: وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ ؟ قُلْتُ: حَدِيثٌ (1) حَدَّثَنَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: لَا رُقْيَةَ إِلا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ، فَقَالَ سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ جُبَيْرٍ: قَدْ أَحْسَنَ مَنِ انْتَهَى إِلَى مَا سَمِعَ، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطَ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلَ، وَالرَّجُلَيْنِ (2) وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقُلْتُ: هَذِهِ أُمَّتِي، فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ إِلَى هَذَا الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ " ثُمَّ نَهَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ، فَخَاضَ الْقَوْمُ فِي ذَلِكَ، فَقَالُوا: مَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلامِ، وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا قَطُّ، وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَا هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ تَخُوضُونَ فِيهِ ؟ " فَأَخْبَرُوهُ بِمَقَالَتِهِمْ، (3) فَقَالَ: " هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ، وَلا يَسْتَرْقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ "، فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ فَقَالَ: أَنَا مِنْهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ فَقَالَ: " أَنْتَ مِنْهُمْ " ثُمَّ قَامَ الْآخَرُ فَقَالَ: أَنَا مِنْهُمْ (1) يَا رَسُولَ اللهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ "، (2)

 

(1) في (ظ9) : حديثاً، وفي (ظ14) : حديثاً حُدثناه عن الشعبي.

(2) قال السندي: هكذا في النسخ، وفي "مسلم": والرجلان، كما هو الظاهر، ووجهه نصب "الرهط" و"الرجل" على أنه عطف على النبي، وجعل "معه" حالاً عنه مقدماً.

(3) في (ظ9) و (ظ14) : مقالتهم.

(1) في (م) : فيهم.

(2) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سريج -وهو ابن النعمان- فمن رجال البخاري. وأخرجه البخاري (6541) عن أسِيد بن زيد، ومسلم (220) (374) ، وأبو عوانة 1/85-86 من طريق سعيد بن منصور، وابن حبان (6430) ، وابن منده في "الإيمان" (982) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1163) من طريق زكريا بن يحيى زحمويه، ثلاثتهم عن هشيم، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولا ومختصراً البخاري (3410) و (5705) و (5752) و (6541) ، ومسلم (220) (375) ، والترمذي (2446) ، وأبو عوانة 1/86، وابن منده (983) و (984) ، والبغوي (4322) من طرق عن حُصين بن عبد الرحمن، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. وسيأتي مختصراً بقصة دخولِ السبعين ألفاً الجنة برقم (2954).  وقوله: "لا رُقية إلا من عَيْنٍ أو حُمَةٍ" سيأتي من حديث سهل بن حنيف 3/486، ومن حديث عمران بن حصين 4/436 و438 و446.

الحُمَة، قال ابن الأثير في "النهاية" 1/446: السم، ويُطْلق على إبرة العقرب للمجاورة، لأن السم منها يخرج.

 

18217 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحَجَّاجٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يُحَدِّثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَقَّارُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ حَدِيثًا، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ أُمْعِنْ حِفْظَهُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَلَقِيتُ حَسَّانَ بْنَ أَبِي وَجْزَةَ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ ؟ فَقُلْتُ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ حَسَّانُ: حَدَّثَنَاهُ عَقَّارٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنِ اكْتَوَى وَاسْتَرْقَى"

 

حديث حسن من أجل عقار بن المغيرة، وسلف الكلام عليه في الرواية (18200) ، ومجاهد قد سمعه من عقار دون واسطة، كما صرح به في هذا الإسناد، ثم استثبته من حسان بن أبي وجزة عنه، وحسان هذا - وإن يكن مجهول الحال- تابعه مجاهد، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. حجاج: هو ابن محمد المصيصي، ومنصورة هو ابن المعتمر. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/69- ومن طريقه الطبراني في "الكبير" 20/ (892) - والبخاري في "التاريخ الكبير" 7/95، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/65 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7605) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/65 من طريق جرير، عن منصور، به. وأخرجه الطيالسي (697) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1166) من طريق شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن عقار، به، ولم يذكر حسان. وقد سلف بالرقمين (18180) و (18200) ، وسيرد (18221) .

 

18200 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ الْعَقَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنِ اسْتَرْقَى وَاكْتَوَى " وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّتَيْنِ: " أَوْ اكْتَوَى "

 

إسناده حسن من أجل العَقار بن المغيرة، فقد روى عنه جمع، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى له الترمذي وابن ماجه والنسائي هذا الحديث فقط، وبقيةُ رجاله ثقات رجال الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة، وابنُ أبي نجيح: هو عبد الله. وأخرجه المزي في "التهذيب" 20/187 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الحميدي (763) - ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" 4/415- والطبراني في "الكبير" 20/ (890) من طريق سفيان بن عيينة، به. قال الحكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وعلقه البخاري في "تاريخه" 7/95 عن ابن عيينة، به، بلفظ: "ليس منا من اكتوى أو استرقي".  وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (891) ، والدارقطني "العلل" 7/116 من طريق عبد الله بن محمد بن أبي مريم، عن الفريابي- وهو محمد ابن يوسف- عن سفيان الثوري، عن ابن أبي نجيح، به. وعبد الله بن محمد ابن أبي مريم ضعيف. وقد سلف برقم (18180). وسيرد بالرقمين (18217) و (18221) .

 

وعلى الأقل محمد تعلم الدرس أما أصحاب العقليات الخرافية فلم يستمعوا لنصيحته، روى أحمد:

 

19989 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنِ الْكَيِّ فَاكْتَوَيْنَا، فَلَمْ يُفْلِحْنَ وَلَمْ يُنْجِحْنَ "

 

إسناداه صحيحان على شرط مسلم، رجالهما ثقات رجال الشيخين غير حماد- وهو ابن سلمة- فمن رجال مسلم. والإسناد الثاني يرويه حماد عن سعيد الجريري، وروايته عنه قبل الاختلاط. ثابت: هو البناني، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشخير، وأبو العلاء: هو يزيد أخو مطرف. وأخرجه بالإسناد الأول البزار في "مسنده" (3516) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وانظر (19978) و (19979). وأخرجه الطبراني 18/ (261) ، والحاكم 4/416- 417 من طريق حجاج ابن المنهال،والطبراني 18/ (261) من طريق هدبة بن خالد، كلاهما عن حماد ابن سلمة. وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

 

(19831) 20069- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، (ح) وَيَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكَيِّ فَاكْتَوَيْنَا ، فَمَا أَفْلَحْنَا وَلاَ أَنْجَحْنَا. (4/427)

 

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين لكن الحسن - وهو البصري- لم يسمع من عمران بن حصين، وقد تابعه على الحديث مطرف بن الشخير. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/ (297) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار في "مسنده" (3540) ، والترمذي (2049) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/281 من طريق محمد بن جعفر وحده، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه ابن حبان (6081) ، والطبراني 18/ (323) ، والحاكم 4/213 من طرق عن شعبة، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأخرجه الترمذي (2049) ، والطحاوي 4/320، والطبراني 18/ (296) من طريق همام بن يحيى، والطبراني 18/ (322) من طريق سعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة، به. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 4/289، والطبراني 18/ (392) من طريقين عن الحسن، به. وسيأتي من طريق الحسن برقم (19864) ، ومن طريق مطرف برقم (19989) و (20004) كلاهما عن عمران. وأخرجه الطبراني 18/ (511) من طريق أبي مجلز، عن عمران. وأخرج الطبراني 18/ (226) من طريق أبي العلاء، عن عمران أنه قال: ما كنت لأكتوي بعدما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في الكي. وفي باب النهي عن الكي عن ابن عباس، سلف برقم (2208). وعن عقبة بن عامر، سلف برقم (17426) .

قوله: "فما أفلحنا ولا أنجحنا" هكذا جاءت في نسخنا في هذه الرواية، وسيأتي في الروايات (19864) و (19989) : فما أفلَحْنَ ولا أنجحْنَ "بنون النسوة. وجاء في رواية ابن سعد في "الطبقات" 4/288-289 من طريق مطرف عن عمران، قال: اكتوينا، فما أفلحن ولا أنجحن، يعني المكاوي. وأخرج أيضاً 4/289 من طريق حماد بن زيد، قال: سمع عمرَو بن أبي  الحجاج هشامُ بن حسان يحدث عن الحسن أن عمران قال: اكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا، قال: فأنكره علَيَّ هشامٌ وقال: إنما قال: فلا أفلحنَ ولا أنجحنَ.  قال الشوكاني في "نيل الأوطار" 9/98: الرواية الصحيحة بنون الإناث فيهما، يعني تلك الكيات التي اكتويناهن، وخالفنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فعلهن، وكيف يُفلح أو يُنجح شيء خولف فيه صاحبُ الشريعة، وعلى هذا فالتقدير: فاكتوينا كيات لأوجاع فما أفلحن ولا أنجحن، لأن حذف المفعول الذي هو فضلة أقوى من حذف الفاعل الذي هو عمدة.   قلنا: ويؤيده ما أخرجه ابن سعد 4/289 من طريق عمران بن حُدير، عن لاحق بن حميد، قال: كان عمران بن حصين ينهى عن الكي، فابتلي، فاكتوى، فكان يَعِج، ويقول: لقد اكتويت كية بنار ما أبرأتْ من ألم، ولا شفَتْ من سَقَم.

 

وروى البخاري:

 

6349 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ أَتَيْتُ خَبَّابًا وَقَدْ اكْتَوَى سَبْعًا قَالَ لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي قَيْسٌ قَالَ أَتَيْتُ خَبَّابًا وَقَدْ اكْتَوَى سَبْعًا فِي بَطْنِهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ

 

وروى مسلم:

 

[ 2681 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال دخلنا على خباب وقد أكتوي سبع كيات في بطنه فقال لو ما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به

 

[ 1226 ] وحدثني عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن حميد بن هلال عن مطرف قال قال لي عمران بن حصين أحدثك حديثا عسى الله أن ينفعك به إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حجة وعمرة ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل فيه قرآن يحرمه وقد كان يسلم علي حتى اكتويت فتركت ثم تركت الكي فعاد

 

 

تعاليم صلة القرابة مع الوثنيين قبل إلغاء التسامح في الإسلام

 

روى أحمد:

 

6490 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعُهُ، قَالَ: جِئْتُ لِأُبَايِعَكَ عَلَى الْهِجْرَةِ، وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ، قَالَ: " فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا "

 

إسناده حسن. سفيان -وهو ابن عُيينة- سمع من عطاء قبل اختلاطه. ووالد عطاء: هو السائب بن مالك، أو ابن زيد، ثقة، روى له الأربعة، والبخاري في "الأدب". وأخرجه الحميدي (584) عن سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2332) من طريق سفيان، عن عطاء، به. وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/143 من طريق حماد بن زيد، وابن ماجه (2782) من طريق المحاربي، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/248، وفي "الحلية" 7/25 من طريق مِسْعَر بن كدام، ثلاثتهم عن عطاء بن السائب، به. وحماد بن زيد سمع من عطاء قبل الاختلاط. وسيرد برقم (6833) من طريق ابن عُلية، و (6869) من طريق سفيان الثوري، و (6909) من طريق شعبة، ثلاثتهم عن عطاء، به.

 

مع الأسف فالنصوص القرآنية اليثربية وأفعال محمد وأوامره وحروبه ألغت ونسخت وأبطلت أي صلة رحم وقرابة أو تراحم وتواصل إنساني مع الوثنيين وغير المسلمين، وانظر مثلًا ج1 في ما أوردته من مسند أحمد والواقدي عن قصة راقع الدلو وفيها قتل القائد الكلابي أباه نفسه، سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب، ص 756  من (حروب محمد الإجرامية)، وانظر باب (تعاليم العنف) من كتابي هذا.

 

حديث تحريم جلد الميتة

 

هو حديثٌ حسنه الترمذي في جامعه وصححه الألباني وأحمد حمزة الزين وغيرهم لأن رجاله ثقات، وفيه شهادة شاهد من الصحابة أن من أواخر وصايا محمد لقبيلته في رسالة أرسلها لهم عدم استعمال جلد الميتة، وهو مخالف لكل فقه وأحاديث السنة الأخرى.

 

روى أحمد:

 

18780 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَابْنُ جَعْفَرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: " أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ: أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ ، وَلَا عَصَبٍ ".

 

قال حمزة أحمد الزين في تكملته لطبعة تحقيق أحمد شاكر للمسند (بسبب موت  أحمد شاكر بدون إكماله) برقم 18684: إسناده صحيح. وحسنه الترمذي في جامعه. وصحح كذلك الأحاديث المكررات له بعده في المسند.

قال محققو طبعة الرسالة: إسناده ضعيف، فيه عِلَّتان، أولاهما: الانقطاع، فقد قال البخاري في "تاريخه الكبير" 5/39: عبد الله. بن عكيم أدرك زمان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يعرف له سماع صحيح، ومثله قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" 5/121.   ثانيهما: الاضطراب، فقد اختلف فيه ألواناً، فرواه شعبة- كما في هذه الرواية والرواية الآتية برقم (18785) - عن الحكم: وهو ابن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم. / ورواه خالد الحذاء عن الحكم، واختلف عليه، فرواه عبد الوهَاب بن عبد المجيد الثقفي- كما في الرواية (18782) - عنه، عن الحكم، عن عبد الله ابن عكيم، ورواه عباد بن عباد المهلبي- كما في الرواية (18783) - عنه عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم، ورواه عبد الملك بن حميد ابن أبي غَنِيةَ- كما عند الطبراني في الأوسط (6712) و (6827) - عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن عبد الله بن عكيم، به. ورواه يزيد بن أبي مريم- كما عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2575) ، والطبري في "تهذيب الآثار" (1227) (مسند ابن عباس) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/468، وفي "شرح مشكل الآثار" (3241) ، وابن حبان (1279) ، والبيهقي في "السنن" 1/25- عن القاسم بن مخيمرة، عن عبد الله ابن عكيم قال: حدثنا مشيخة لنا من جهينة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب ... فذكر الحديث.  // ورواه شريك- كما في الرواية (18784) - عن هلال بن أبي حميد، عن عبد الله بن عكيم. // وقد أشار إلى اضطرابه الحازمي في "الاعتبار" ص39، فقال: كثير الاضطراب، ثم لا يقاوم حديث ميمونة في الصحة.   قلنا: يشير إلى حديث ميمونة الذي أخرجه البخاري (1493) ومسلم (363) (100) ، وسيأتي عند أحمد 6/329. ولفظه عند مسلم: تُصُدِّق على مولاةٍ لميمونة بشاة، فماتت، فمرَ بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "هلا أخذتم إهابها، فدبغتموه، فانتفعتم به" فقالوا: إنها ميتة، فقال: "إنما حُرِّمَ أكلها".   ومن ثَمَّ قال الترمذي في حديث عبد الله بن عكيم عقب الرواية (1729) : وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وقد روي هذا الحديث عن عبد الله ابن عكيم أنه قال: أتانا كتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل وفاته بشهرين. ثم قال الترمذي: وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لِما ذُكِرَ فيه: قبل وفاته بشهرين، وكان يقول: كان آخر أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده، حيث روى بعضهم، فقال: عن عبد الله بن عكيم، عن أشياخ لهم من جهينة. قلنا: ومع اضطرابه فقد حَسَنه الترمذي، فقال: هذا حديث حسن. وانظر "التلخيص الحبير" 1/ 47-48. وأخرجه الطيالسي (1293) ، وعبد الرزاق في "مصنفه" (202) ، وابن سعد 6/113، وأبو داود (4127) ، والنسائي في "المجتبى" 7/175 حديث رقم 4249، وفي "الكبرى" (4575) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/468 وفي "شرح مشكل الآثار" (3236) ، وابن حبان (1278) ، والطبراني في "الأوسط" (104) ، وابن عدي في "الكامل" 4/1374، وتمام في "فوائده" (143) ، والبيهقي في "السنن" 1/14، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/162-163، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/339، والمزي في "تهذيب الكمال" 15/320 من طرق عن شعبة، به. // وأخرجه ابن سعد 6/113، وعبد بن حميد في "المنتخب" (488) ، والطبراني في "الأوسط" (826) من طريق الأجلح بن عبيد، وابن أبي شيبة  8/502-503، والنسائي في "المجتبى" 7/175، وابن ماجه (3613) ، والطبري في "تهذيب الآثار" (مسند ابن عباس) (1226) من طريق منصور بن المعتمر، وابن أبي شيبة 8/503، والترمذي (1729) ، وابن ماجه (3613) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ا/468، وفي "شرح مشكل الآثار" (3238) ، والإسماعيلي في "معجمه" (97) من طريق سليمان بن أبي سليمان الشيباني، والترمذي (1729) من طريق الأعمش، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/468، وفي "شرح مشكل الآثار" (3237) من طريق عبد الملك بن أبي غَنيَّة، وابن حبان (1277) ، والطبراني في "الأوسط" (7638) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/199، من طريق أبان بن تغلب، والطبراني في "الأوسط" (826) من طريق أشعث بن سوار، و (2121) من طريق خالد بن كثير، و (2428) من طريق إبراهيم بن عثمان، و (5521) من طريق معاوية ابن ميسرة بن شريح، عشرتهم عن الحكم، به. وفيه: كتب إلينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو أتانا أو جاءنا كتاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.  وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (1228) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/108 من طريق زيد بن وهب، والطبري (1229) من طريق أبي إسحاق، والطبراني في "الأوسط" (7664) من طريق أبي فروة مسلم الجهني، و (9374) من طريق عبد الله بن عبيد الله الهاشمي، أربعتهم عن عبد الله بن عكيم، به. وفي رواية عبد الله الهاشمي: عن عبد الله بن عكيم قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكره. وسيأتي بالأرقام: (18782) و (18783) و (18784) و (18785) .

 

18782 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: " كَتَبَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ: " أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ ، وَلَا عَصَبٍ ".

 

قال حمزة أحمد الزين في تكملته لطبعة تحقيق أحمد شاكر للمسند (بسبب موت  أحمد شاكر بدون إكماله) برقم 18684: إسناده صحيح. وحسنه الترمذي في جامعه. وصحح كذلك الأحاديث المكررات له بعده في المسند.

قال محققو طبعة الرسالة: إسناده ضعيف، وقد بينا عِلَّتَيه برقم (18780) ، خالد: هو ابن مهران الحَذَّاء. وأخرجه أبو داود (4128) ، والبيهقي في "السنن" 1/15، وفي "معرفة السنن والآثار" (543) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/163، والحازمي في "الاعتبار" ص38 من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" -مسند ابن عباس- (1223) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن خالد الحذاء، به. ورواه غير الثقفي وعبد الوارث بن سعيد عن خالد الحذاء، فخالفوا فيه. فأخرجه الطبري (1224) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3240) من طريق المعتمر بن سليمان، عن خالد الحذاء، عن الحكم قال: أتينا عبد الله ابن عكيم، فدخل الأشياخ وجلست بالباب، فخرجوا، فأخبروني عن عبد الله ابن عكيم، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى جهينة، فذكر الحديث. وسيأتي في الرواية التالية (18783) من طريق عباد بن عباد، عن خالد الحذاء، عن الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم، قال: أتانا كتاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأرض جهينة... فذكره.

 

وروى الترمذي:

1729 - حدثنا محمد بن طريف الكوفي حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش والشيباني عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال: أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب

 قال أبو عيسى هذا حديث حسن ويروى عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ لهم هذا الحديث وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن عكيم أنه قال أتانا كتاب النبي صلى الله عليه و سلم قبل وفاته بشهرين قال وسمعت أحمد بن الحسن يقول كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين وكان يقول كان هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه و سلم ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده حيث روى بعضهم فقال عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ لهم من جهينة

 

صححه الألباني في الإرواء 38 والروض النضير 477 و478 وقيام رمضان/ المقدمة

 

ورواه أبو داوود:

 

4128 - حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم قال ثنا الثقفي عن خالد عن الحكم بن عتيبة أنه انطلق هو وناس معه إلى عبد الله بن عكيم رجل من جهينة قال الحكم فدخلوا وقعدت على الباب فخرجوا إلي فأخبروني أن عبد الله بن عكيم أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب

[ قال أبو داود إليه يذهب أحمد ]

 قال أبو داود قال النضر بن شميل يسمى إهابا ما لم يدبغ فإذا دبغ لايقال له إهاب إنما يسمى شنا وقربة .

 

 

قال الألباني: صحيح

 

التبرير السخيف للنضر بن شميل سأعلق عليه لاحقًا أدناه بعد إيراد كلام كتاب التخليص الحبير.

 

وبسبب كون إسناده رجالٌ ثقات فقد أحرجهم الأمر وأعلُّوه كالعادة بطريقتهم المضحكة باضطراب وتنوع أسانيده، وهل تخلو معظم أحاديثهم من ذلك، وعندما يكون هناك حديث يعجبهم فيه اضطرابات وتعدد أسانيد كهذا يقولون لك عبارات من نوع: من المزيد في متصل المسانيد، أو: فلعله كان يرويه مرة عن هذا بذلك الإسناد ومرة عن ذاك بإسناد آخر.

 

وروى عبد الرزاق في مصنفه:

 

202 - عبد الرزاق عن عبد الله بن كثير عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في أرض جهينة وأنا غلام شاب ألا تستمتعوا من الميتة بشيء بإهاب ولا عصب

 

196 - عبد الرزاق عن بن جريج قال قلت لعطاء أيبيع الرجل جلود الضأن الميتة لم تدبغ قال ما أحب أن تأكل ثمنها وإن تدبغ

 

199 - عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرنا نافع مولى بن عمر عن القاسم بن محمد بن أبي بكر أن محمد بن الأشعث كلم عائشة في أن يتخذ لها لحافا من الفراء فقالت إنه ميتة ولست بلابسة شيئا من الميتة قال فنحن نصنع لك لحافا ندبغ وكرهت أن تلبس من الميتة

 

197 - عبد الرزاق عن معمر عمن سمع الحسن يقول في جلود الميتة طهورها دباغها قال وكان الحسن يقول ينتفع بها ولا تباع

 

وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ» .

 

إِسْنَادُهُ حَسَنٌ حسب رأي وقول ابن قدامة في المغني، لكن هناك رأيًا آخر لعلماء إسناد خزعبلي غير موضوعي آخرين في هذا الإسناد يمكننا اقتباسه: أبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس - رمي بالتدليس ولم يصرح هنا بالسماع. والحديث أخذته عن كتاب المغني لابن قدامة كما سيأتي أدناه، ولو أجده في فوائد أبي بكر الشافعي المعروف بالغيلانيات ولا في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، فلا أدري مصدره.

 

ماذا لو تصرفنا بطريقة ظريفة وقلنا يتقوى الحديث بمجموع طرقه والرواية السابقة شاهد يتقوى ويصح به، أو طبعًا لا يجوز ذلك، هذه طريقة يستعملونها عندما يوجد حديث ما يحبونه ويريدون نشر تعاليمه حتى لو كان ملفقًا أو ضعيف الإسناد، لأن علم الإسناد غير موضوعي وخرافي وليس علمًا بل حسب الهوى، ولعل أشهر التصرفات القذرة لعلماء السنة خاصة السلفيين منهم هو نشر حديث الحث على ارتكاب جريمة خفاض أو ختان الإناث (البتر والتشويه التناسلي) رغم أن كل مروياته ضعيفة، ولنذكر منهم محمد حسان في مصر من ناشري الظلام والإجرام.

 

قارن مع الحديث المنسوخ الذي يعمل به المسلمون السنة خصوصًا، روى البخاري:


1492 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا قَالُوا إِنَّهَا مَيْتَةٌ قَالَ إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا

 

وروى الترمذي:

 

1727 - حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح قال سمعت ابن عباس يقول: ماتت شاة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأهلها ألا نزعتم جلدها ثم دبغتموه فاستمتعتم به

 

قال الألباني: صحيح

 

1728 - حدثنا قتيبة وحدثنا سفيان بن عيينة و عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أيما إهاب دبغ فقد ظهر والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم قالوا في جلود الميتة إذا دبغت فقد طهرت

 قال ابو عيسى قال الشافعي أيما إهاب ميتة دبغ فقد طهر إلا الكلب والخنزير واحتج بهذا الحديث وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وغيرهم أنهم كرهوا جلود السباع وإن دبغ وهو قول عبد الله بن المبارك و أحمد و إسحق وشددوا في لبسهما والصلاة فيهما قال إسحق بن إبراهيم يؤكل لحمه هكذا فسره النضر بن شميل وقال إسحق قال النضر بن شميل إنما يقال الإهاب لجلد ما يؤكل لحمه

 قال أبو عيسى وفي الباب عن سلمة بن المحبق و ميمونة و عائشة و حديث ابن عباس حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم نحو هذا وروي عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه و سلم وروى عنه عن سودة وسمعت محمدا يصحح حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم وحديث ابن عباس عن ميمونة وقال احتمل أن يكون روى ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه و سلم وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم ولم يذكر فيه عن ميمونة

 قال ابو عيسى والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك و الشافعي و أحمد و إسحق

 

قال الألباني: صحيح

 

وروى أبو داوود:

 

4120 - حدثنا مسدد ووهب بن بيان وعثمان بن أبي شيبة وابن أبي خلف قالوا ثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال مسدد ووهب عن ميمونة قالت: أهدي لمولاة لنا شاة من الصدقة فماتت فمر بها النبي صلى الله عليه و سلم فقال " ألا دبغتم إهابها واستمتعتم به " قالوا يا رسول الله إنها ميتة قال " إنما حرم أكلها " .

 

قال الألباني: صحيح. والإهاب هو الجلد ويجمع على الأهب.

 

4123 - حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " إذا دبغ الإهاب فقد طهر " .

 

قال الألباني: صحيح

 

4126 - حدثنا أحمد بن صالح ثنا ابن وهب أخبرني عمرو يعني ابن الحارث عن كثير بن فرقد عن عبد الله بن مالك بن حذافة حدثه عن أمه العالية بنت سبيع أنها قالت: كان لي غنم بأحد فوقع فيها الموت فدخلت على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك لها فقالت لي ميمونة لو أخذت جلودها فانتفعت بها فقالت أو يحل ذلك ؟ قالت نعم مر على رسول الله صلى الله عليه و سلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم " لو أخذتم إهابها " قالوا إنها ميتة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يطهرها الماء والقرظ "

 

القرظ شجر تدبغ به الأهب.

قال الألباني: صحيح. اهـ. ورواه النسائي في الكبرى 4574

 

ومما روى عبد الرزاق ولا نكرر ما أوردناه من الكتب الأخرى ووجد عنده:

 

189 - أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج قال حدثني غير عطاء أن النبي صلى الله عليه و سلم استوهب وضوء فقيل له ما نجد لك إلا في مسك ميتة قال أدبغتموه قالوا نعم قال هلم فإن ذلك طهور

 

190 - عبد الرزاق عن الثوري عن زيد بن أسلم قال حدثني عبد الرحمن بن وعلة عن بن عباس قال قلت له إنا نغزو أهل المشرق فنؤتى بالأهب بالأسقية قال ما أدري ما أقول لك إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول أيما إهاب دبغ فقد طهر

 

192 - عبد الرزاق عن الثوري عن بن أبي ليلى عن ثعلبة عن أبي وائل عن عمر أنه سئل عن ميتة فقال طهورها دباغها

 

194 - عبد الرزاق عن الثوري عن حماد عن إبراهيم قال سألته عن الرجل تكون له الإبل والبقر والغنم فتموت فتدبغ جلودها قال يبيعها أو يلبسها

 

198 - عبد الرزاق عن الثوري عن عيسى بن أبي عزة عن عامر الشعبي قال ذكاة الجلود دباغها فالبس

 

201 - عبد الرزاق عن بن جريج قال عطاء ما نستمتع من الميتة إلا بجلودها إذا دبغت فإن دباغها طهوره وذكاته

 

وغيرها من أحاديث وهي الأكثر عند السنة وعليها عملهم.

 

وجاء في التلخيص الحبير هكذا:

 

41 - (3) - حَدِيثُ: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ، وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالْأَرْبَعَةُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ (قَالَ) : «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ مَوْتِهِ: أَلَّا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد، قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، وَرِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَذْهَبُ إلَيْهِ وَيَقُولُ: هَذَا آخِرُ الْأَمْرِ، ثُمَّ تَرَكَهُ لَمَّا اضْطَرَبُوا فِي إسْنَادِهِ، حَيْثُ رَوَى بَعْضُهُمْ فَقَالَ: عَنْ ابْنِ عُكَيْمٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَقَالَ الْخَلَّالُ: لَمَّا رَأَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تَزَلْزُلَ الرُّوَاةِ فِيهِ، تَوَقَّفَ فِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: بَعْد أَنْ أَخَرَجَهَا: هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَوْهَمَتْ عَالِمًا مِنْ النَّاسِ، أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ شَهِدَ كِتَابَ رَسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قُرِئَ عَلَيْهِمْ فِي جُهَيْنَةَ، وَسَمِعَ مَشَايِخَ جُهَيْنَةَ يَقُولُونَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْخَبَرُ مُرْسَلٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ، عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ صُحْبَةٌ، وَإِنَّمَا رِوَايَتُهُ كِتَابَةٌ، وَأَغْرَبَ الْمَاوَرْدِيُّ فَزَعَمَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ، وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ سَنَةٌ، وَقَالَ صَاحِبُ الْإِمَامِ: تَضْعِيفُ مَنْ ضَعَّفَهُ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ، فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الضَّعْفُ عَلَى الِاضْطِرَابِ، نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ.

وَمِنْ الِاضْطِرَابِ فِيهِ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُبَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْهُ، وَلَفْظُهُ: جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ: «إنِّي كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي إهَابِ الْمَيْتَةِ وَعَصَبِهَا، فَلَا تَنْتَفِعُوا بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَتَابَعَهُ فَضَالَةُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ فَدَخَلُوا، وَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ، فَخَرَجُوا إلَيَّ، وَأَخْبَرُونِي: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ أَخْبَرَهُمْ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَا سَمِعَهُ مِنْ ابْن عُكَيْمِ، لَكِنْ إنْ وُجِدَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَن مِنْهُ، حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ ابْنُ شَاهِينَ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَفِيهِ عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ جَابِرٍ، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَزَمْعَةُ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَدْ تَكَلَّمَ الْحَازِمِيُّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ عَلَى الْحَدِيثِ فَشَفَى، وَمُحَصَّلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ عَنْهُ التَّعْلِيلُ بِالْإِرْسَالِ، وَهُوَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالِانْقِطَاعُ بِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، وَالِاضْطِرَابُ فِي سَنَدِهِ؛ فَإِنَّهُ تَارَةً قَالَ: عَنْ كِتَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَتَارَةً: عَنْ مَشْيَخَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ. وَتَارَةً: عَنْ مَنْ قَرَأَ الْكِتَابَ.

وَالِاضْطِرَابُ فِي الْمَتْنِ، فَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، وَمِنْهُمْ مِنْ رَوَاهُ بِقَيْدِ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالتَّرْجِيحُ بِالْمُعَارَضَةِ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى الدِّبَاغِ أَصَحُّ، وَالْقَوْلُ بِمُوجِبِهِ بِأَنَّ الْإِهَابَ اسْمُ الْجِلْدِ قَبْل الدِّبَاغِ، وَأَمَّا بَعْدَ الدِّبَاغِ فَيُسْمَى شَنًّا وَقِرْبَةً، حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، وَالْجَوْهَرِيِّ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ شَاهِينَ: لَمَّا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ وَجَاءَ قَوْلُهُ: " أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ " فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِالتَّخْصِيصِ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ جِلْدُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، فَإِنَّهُمَا لَا يُدْبَغَانِ، وَقِيلَ: مَحْمُولٌ عَلَى بَاطِنِ الْجِلْدِ فِي النَّهْيِ، وَعَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْإِبَاحَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

 

يعني تخبطات مضحكة لا نهائية، وأي بلاهة هذه التي تقول أن الإهاب وهو معروف في اللغة أن معناه الجلد كقولك (غض الإهاب) يعني شخص ناعم البشرة، إذا دُبِغ يصير شنًّا وقربة، هل ستصنع القربة نفسها بنفسها تلقائيًّا بمجرد دباغة الجلد؟! وكما ترى فابن حبان وضعه في صحيحه وعده من الصحاح وأحمد بن حنبل حكم به في فتواه لزمن طويل على الأقل. وحكم الشيخ الألباني بصحته.

 

هذا الحكم والتشريع إذن كان آخر أحكام محمد وفيه تشدد غير عاديّ بعدم استعمال جلود الحيوانات النافقة الهالكة قبل ذبحها، ولم أجد فتوى هوسية كهذه في حدود ما أعلم عند اليهود لا في الكتاب المقدس ولا في الكتابات الربينية للأحبار بمراجعة مادة الجِلد Leather في الموسوعة اليهودية The Jewish encyclopedia، ولم يعمل أحد من المسلمين السنة بحكم محمد الأخير هذا لشدة تشدده وتعنته وتضييقه على الناس، واستمروا على حكمه الأول المنسوخ متجاهلين لحديث إسناده صحيح.

 

وقال ابن قدامة في المغني:

 

[بَابُ الْآنِيَةِ] [مَسْأَلَةٌ نَجَاسَةُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ]

(73) مَسْأَلَةٌ، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَكُلُّ جِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ أَوْ لَمْ يُدْبَغْ فَهُوَ نَجِسٌ) لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِيهِ، وَأَمَّا بَعْدَ الدَّبْغِ فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ نَجِسٌ أَيْضًا، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ يَطْهُرُ مِنْهَا جِلْدُ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي حَالِ الْحَيَاةِ.

وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا هُوَ طَاهِرٌ فِي الْحَيَاةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ يَرَى طَهَارَةَ الْحَيَوَانَاتِ كُلِّهَا، إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ، فَيَطْهُرُ عِنْدَهُ كُلُّ جِلْدٍ إلَّا جِلْدَهُمَا. وَلَهُ فِي جِلْدِ الْآدَمِيِّ وَجْهَانِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَطْهُرُ كُلُّ جِلْدٍ بِالدَّبْغِ إلَّا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّهُ يَطْهُرُ كُلُّ جِلْدٍ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَمَذْهَبُ مَنْ حَكَمَ بِطَهَارَةِ الْحَيَوَانَاتِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَجَدَ شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنْ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟ قَالُوا: إنَّهَا مَيْتَةٌ. قَالَ: إنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا.» وَفِي لَفْظٍ: «أَلَا أَخَذُوا إهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا نَجُسَ بِاتِّصَالِ الدِّمَاءِ وَالرُّطُوبَاتِ بِهِ بِالْمَوْتِ، وَالدَّبْغُ يُزِيلُ ذَلِكَ، فَيَرْتَدُّ الْجِلْدُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ.

وَلَنَا مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ إلَى جُهَيْنَةَ إنِّي كُنْت رَخَّصْت لَكُمْ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ، فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِي هَذَا فَلَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، فِي " سُنَنِهِ "، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي " مُسْنَدِهِ " وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إسْنَادٌ جَيِّدٌ، يَرْوِيهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ. وَفِي لَفْظٍ: «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ» وَهُوَ نَاسِخٌ لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي آخِرِ عُمُرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَفْظُهُ دَالٌّ عَلَى سَبْقِ التَّرْخِيصِ، وَأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ، لِقَوْلِهِ " كُنْت رَخَّصْت لَكُمْ " وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُرْسَلٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كِتَابٍ لَا يُعْرَفُ حَامِلُهُ. قُلْنَا: كِتَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلَفْظِهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكْتُبْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَحَدٍ، وَقَدْ كَتَبَ إلَى مُلُوكِ الْأَطْرَافِ، وَإِلَى غَيْرِهِمْ فَلَزِمَتْهُمْ الْحُجَّةُ بِهِ، وَحَصَلَ لَهُ الْبَلَاغُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً لَمْ تَلْزَمْهُمْ الْإِجَابَةُ، وَلَا حَصَلَ بِهِ بَلَاغٌ، وَلَكَانَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَة؛ لِجَهْلِهِمْ بِحَامِلِ الْكِتَابِ وَعَدَالَتِهِ.

وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ» . وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَيْتَةِ، فَكَانَ مُحَرَّمًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] فَلَمْ يَطْهُرْ بِالدَّبْغِ كَاللَّحْمِ؛ وَلِأَنَّهُ حَرُمَ بِالْمَوْتِ، فَكَانَ نَجِسًا كَمَا قَبْلَ الدَّبْغِ.

وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ إنَّمَا نَجِسَ لِاتِّصَالِ الدِّمَاءِ وَالرُّطُوبَاتِ بِهِ، غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لِذَلِكَ لَمْ يَنْجُسْ ظَاهِرُ الْجِلْدِ، وَلَا مَا ذَكَّاهُ الْمَجُوسِيُّ وَالْوَثَنِيُّ، وَلَا مَا قُدَّ نِصْفَيْنِ، وَلَا مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ؛ لِعَدَمِ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ، وَلَوَجَبَ الْحُكْمُ بِنَجَاسَةِ الصَّيْدِ الَّذِي لَمْ تَنْسَفِحْ دِمَاؤُهُ وَرُطُوبَاتُهُ. ثُمَّ كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ يَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَالْعَظْمِ؟ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُطَهِّرُ جِلْدَ الْكَلْبِ وَهُوَ نَجِسٌ فِي الْحَيَاةِ.

(74) فَصْلٌ: هَلْ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْيَابِسَاتِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ؛ لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ» وَقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا أَخَذُوا إهَابَهَا فَانْتَفَعُوا بِهِ» .

وَفِي لَفْظٍ: «أَلَا أَخَذُوا إهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ؛» وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، لَمَّا فَتَحُوا فَارِسَ، انْتَفَعُوا بِسُرُوجِهِمْ وَأَسْلِحَتِهِمْ وَذَبَائِحُهُمْ مَيْتَةٌ؛ وَلِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، أَشْبَهَ الِاصْطِيَادَ بِالْكَلْبِ، وَرُكُوبَ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ.

 

[فَصْلٌ أَكْلُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدَّبْغِ]

(77) فَصْلٌ: وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ بَعْدَ الدَّبْغِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ: أَنَّهُ يَحِلُّ. وَهُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دِبَاغُ الْأَدِيمِ ذَكَاتُهُ» وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُفِيدُ الطَّهَارَةَ فِي الْجِلْدِ، فَأَبَاحَ الْأَكْلَ كَالذَّبْحِ، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] ، وَالْجِلْدُ مِنْهَا، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَيْتَةِ، فَحَرُمَ أَكْلُهُ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ إبَاحَةُ الْأَكْلِ، بِدَلِيلِ الْخَبَائِثِ مِمَّا لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ لَا يُسْمَعُ قِيَاسُهُمْ فِي تَرْكِ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (78) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِجَارَتُهُ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ فِي كُلِّ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهِ، سِوَى الْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُذَكَّى فِي غَيْرِ الْأَكْلِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ؛ لِأَنَّهُ نَجِسٌ، مُتَّفَقٌ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِهِ، فَأَشْبَهَ الْخِنْزِيرَ.

 

قول ابن قدامة في المذهب يعني مذهب أحمد بن حنبل وهو مذهبه الشخصيّ، وقال ابن قدامة أن هناك رواية فتوى عن أحمد وعن مالك قالت بحرمة استعمال جلود الميتة وهي فتوى مروية عن عدة صحابة ذكرهم كذلك، وواضح أن ابن قدامة كان يقول بتحريمها. وفي النهاية وقع الرجل في تناقض وتخبط لا حل له لأنه كما يقول المثل: كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟!...كيف سيلغي التناقض ويوفقه ونصوص محمد نفسها متناقضة.

 

أما الشيعة فبعض أئمتهم قالوا بتحريم جلد الميتة وآخرون أحلوا استعماله، نقتبس من بحار الأنوار:

 

6 - كتاب المسائل ( 3 ) لعلى بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميت ، هل يصلح الصلاة فيه قبل أن يغسله ؟ قال : ليس عليه غسله ، فليصل فيه فلا بأس .

__________________________________________
 ( 3 ) كتاب المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص 255 .

 
قال : وسألته عن الماشية تكون لرجل فيموت بعضها أيصلح له بيع جلودها ودباغها ويلبسها ؟ قال : لا ، وإن لبسها فلا يصلي فيها ( 1 ) .
بيان : الجواب الاول محمول على ما إذا كان الحمار والثوب يابسين ، أو على ما إذا وقع الثوب على شعره ، وأما قوله " وإن لبسها " ففيه إيهام لجواز اللبس في غير الصلاة ويمكن أن يجعل مؤيدا لمذهب ابن الجنيد ، حيث ذهب إلى أن الدباغ مطهر لجلد الميتة ، ولكن لا يجوز الصلاة فيه ، ونسب إلى الشلمغايي أيضا ( 2 ) بل ظاهر الصدوق في الفقيه أيضا ذلك ، لكن لم يصرح بالدباغ ولا يبعد حمل كلامه عليه ، والمشهور عدم جواز الاستعمال مطلقا وهو أحوط .

__________

( 1 ) المصدر نفسه ج 10 ص 264 .
( 2 ) قال في الكتاب التكليف المشهور بفقة الرضا ( ع ) ( ص 41 ) كل شئ حل أكل لحمه فلا بأس بلبس جده الذكى وصوفه وشعره ووبره وريشه وعظامه ، وان كان الصوف والوبر والشعر والريش من الميتة وغير الميتة بعد ما يكون مما أحل الله أكله فلا بأس به ، وكذلك الجلد فان دباغته طهارته ، إلى أن قال : وزكاة الحيوان ذبحه وزكاة الجلود الميتة دباغته .
( 3 - 4 ) نوادر الراوندى ص 50 .


30 - الخصال : عن أحمد بن محمد بن الهيثم وأحمد بن الحسن القطان و محمد بن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم المكتب وعبدالله بن محمد الصايغ وعلي بن عبدالله الوراق جميعا ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : لا يصلى في جلود الميتة وإن دبغت سبعين مرة ، ولا في جلود السباع ( 1 ) .
بيان : عدم جواز الصلاة في جلد الميتة مما لا خلاف ، فيه حتى أن القائل بطهارته بالدباغ كابن الجنيد منع من الصلاة فيه ، وقال الشيخ بهائي قدس سره لا يخفى أن المنع من الصلاة في جلد الميتة يشمل بإطلاقه ميتة ذي النفس وغيره سواء كان مأكول اللحم أو لا ، وفي كلام بعض علمائنا جواز الصلاة في ميتة غير ذي نفس من مأكول اللحم كالسمك الطافي مثلا والمنع من الصلاة في ذلك متجه لصدق الميتة عليه ، وكونه طاهرا لا يستلزم الصلاة فيه ، وكان والدي قدس سره يميل إلى هذا القول ولا بأس به انتهى ، ولا يخفى أن النهي عن الصلاة في جلود السباع يشمل أكثر ما اختلف في الصلاة في جلده ووبره .
31 - دعائم الإسلام : عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الصلاة بجلود الميتة وإن دبغت ( 2 ) .
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال : لا يصلى بجلد الميتة ولو دبغ سبعين مرة إنا أهل بيت لا نصلي بجلود الميتة وإن دبغت ( 3 ) .
وعنه عليه السلام أنه سئل عن جلود الغنم يختلط الذكى منها بالميتة ، ويعمل منها الفراء ، قال : إن لبستها فلا تصل فيها ، وإن علمت أنها ميتة فلا تشترها ولا تبعها ، وإن لم تعلم اشتر وبع ( 4 ) .
وقال : كان علي بن الحسين عليهما السلام له جبة من فراء العراق يلبسها فاذا حضرت الصلاة نزعها ( 5 ) .

__________________________________________________
( 1 ) الخصال ج 2 ص 151 .
( 2 - 4 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 126. 
(5) دعائم الاسلام ج 1 ص 126

 

8 - عوالى اللئالى : روي أن الصادق عليه السلام لبس ثياب الخز وصلى فيها .
وروي أنه عليه السلام كان عليه جبة خز بسبع مائة درهم .
وروي أن الرضا عليه السلام لبس الخز فوق الصوف ، فقال له بعض جهلة الصوفية لما رأى عليه ثياب الخز : كيف تزعم أنك من أهل الزهد وأنت على ما نراه من التنعم بلباس الخز ؟ فكشف عليه السلام عما تحته فرأوا تحته ثياب الصوف ، فقال : هذا لله ، وهذا للناس .
وسئل الباقر عليه السلام عن جلد الميتة أيلبس في الصلاة ؟ فقال : لا ولو دبغ سبعين دبغة ( 4 ) .

_____________________________

( 4 ) ورواه في التهذيب ج 1 ص 193 .

 

10 - قرب الإسناد : بإسناده عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يصلي ومعه دبة من جلد الحمار ، وعليه نعل من جلد الحمار ، وهو يصلي ، هل تجزيه صلاته أو عليه إعادة ؟ قال لا يصلح له أن يصلي وهي معه إلا أن يتخوف عليها ذهابها فلا بأس أن يصلي وهي معه ( 1 ) .
بيان : يدل على كراهة الصلاة فيما يظن اتخاذه من الميتة ، والتجويز مع خوف الذهاب والتعبير عن المنع بلا يصلح يدلان على الكراهية ، مع أنه ورد في الرواية : ما علمت أنه ميتة فلا تصل فيه .

 

15 - فقه الرضا : قال عليه السلام : كل شيء حل أكل لحمه فلا بأس بلبس جلده الذكى وصوفه وشعره ووبره وريشه وعظامه ، وإن كان الصوف والشعر والوبر والريش من الميتة وغير الميتة بعد أن يكون مما حلل الله تعالى أكله فلا بأس به ، وكذلك الجلد فان دباغته طهارته ، وقد يجوز الصلاة فيما لم تنبته الأرض ولم يحل أكله مثل السنجاب والفنك والسمور والحواصل ، إذا كان مما لا يجوز في مثله وحده الصلاة ، مثل القنسوة من الحرير ، والتكة من الابريشم ، والجورب والخفتان وألوان رجاجيلك يجوز لك الصلاة فيه ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام : ( وكذلك الجلد ) يدل على جواز استعمال جلد الميتة  بعد الدباغ ، ويمكن حمله على غير الميتة ، ويكون الدباغ محمولا على الاستحباب على المشهور وعلى الوجوب على مذهب الشيخ والمرتضى ، ويدل على جواز الصلاة فيما لا تتم الصلاة فيه من جلد غير المأكول وصوفه وشعره ووبره ، وقد مر الكلام فيه ، ويمكن تخصيص الحكم بخصوص هذه الجلود ، يكون وجه جمع بين الأخبار ، ولعل المراد بالرجاجيل أنواع ما يلبس في الرجل ولعله من المولدات .

__________________________________________________
 ( 1 ) فقه الرضا ص 41 ، وقوله ( فان دباغته طهارته ) يؤيد ما قلناه من أن هذا الكتاب كتاب التكليف للشلمغانى : وقد نسب اليه القول بذلك كما مر في ج 80 ص 78 .

 

الأمر بقتل الثعابين بما فيها الغير سامة، ثم تغييره وتعديله ذلك

 

روى البخاري:

 

3297 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ

 

3298- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لِأَقْتُلَهَا فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ لَا تَقْتُلْهَا فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ قَالَ إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ وَهِيَ الْعَوَامِرُ

 

3308 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصَرَ وَيُصِيبُ الْحَبَلَ

 

3309 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْأَبْتَرِ وَقَالَ إِنَّهُ يُصِيبُ الْبَصَرَ وَيُذْهِبُ الْحَبَلَ

 

3310 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ أَبِي يُونُسَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ ثُمَّ نَهَى قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَمَ حَائِطًا لَهُ فَوَجَدَ فِيهِ سِلْخَ حَيَّةٍ فَقَالَ انْظُرُوا أَيْنَ هُوَ فَنَظَرُوا فَقَالَ اقْتُلُوهُ فَكُنْتُ أَقْتُلُهَا لِذَلِكَ 3311 - فَلَقِيتُ أَبَا لُبَابَةَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقْتُلُوا الْجِنَّانَ إِلَّا كُلَّ أَبْتَرَ ذِي طُفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْوَلَدَ وَيُذْهِبُ الْبَصَرَ فَاقْتُلُوهُ

 

3312 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ 3313 - فَحَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ الْبُيُوتِ فَأَمْسَكَ عَنْهَا

 

وروى مسلم:

 

[ 2232 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان وابن نمير عن هشام ح وحدثنا أبو كريب حدثنا عبدة حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل ذي الطفيتين فإنه يلتمس البصر ويصيب الحبل

 

[ 2232 ] وحدثناه إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أبو معاوية أخبرنا هشام بهذا الإسناد وقال الأبتر وذو الطفيتين

 

[ 2233 ] وحدثني عمرو بن محمد الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر فإنهما يستسقطان الحبل ويلتمسان البصر قال فكان بن عمر يقتل كل حية وجدها فأبصره أبو لبابة بن عبد المنذر أو زيد بن الخطاب وهو يطارد حية فقال إنه قد نهي عن ذوات البيوت

 

 [ 2233 ] وحدثنا حاجب بن الوليد حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل الكلاب يقول اقتلوا الحيات والكلاب واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يلتمسان البصر ويستسقطان الحبالى قال الزهري ونرى ذلك من سميهما والله أعلم قال سالم قال عبد الله بن عمر فلبثت لا أترك حية أراها إلا قتلتها فبينا انا أطارد حية يوما من ذوات البيوت مر بي زيد بن الخطاب أو أبو لبابة وأنا أطاردها فقال مهلا يا عبد الله فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلهن قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذوات البيوت

[ 2233 ] وحدثنيه حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني يونس ح وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر ح وحدثنا حسن الحلواني حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن صالح كلهم عن الزهري بهذا الإسناد غير أن صالحا قال حتى رآني أبو لبابة بن عبد المنذر وزيد بن الخطاب فقالا إنه قد نهى عن ذوات البيوت وفي حديث يونس اقتلوا الحيات ولم يقل ذا الطفيتين والأبتر

 

 [ 2233 ] وحدثني محمد بن رمح أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة بن سعيد واللفظ له حدثنا ليث عن نافع أن أبا لبابة كلم بن عمر ليفتح له بابا في داره يستقرب به إلى المسجد فوجد الغلمة جلد جان فقال عبد الله التمسوه فاقتلوه فقال أبو لبابة لا تقتلوه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي في البيوت

 

 [ 2233 ] وحدثنا شيبان بن فروخ حدثنا جرير بن حازم حدثنا نافع قال كان بن عمر يقتل الحيات كلهن حتى حدثنا أبو لبابة بن عبد المنذر البدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل جنان البيوت فأمسك

 

 [ 2233 ] حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى وهو القطان عن عبيد الله أخبرني نافع أنه سمع أبا لبابة يخبر بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان

 

 [ 2233 ] وحدثناه إسحاق بن موسى الأنصاري حدثنا أنس بن عياض حدثنا عبيد الله عن نافع عن عبد الله بن عمر عن أبي لبابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ح وحدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله أن أبا لبابة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي في البيوت

 

 [ 2233 ] حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب يعني الثقفي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول أخبرني نافع أن أبا لبابة بن عبد المنذر الأنصاري وكان مسكنه بقباء فانتقل إلى المدينة فبينما عبد الله بن عمر جالسا معه يفتح خوخة له إذا هم بحية من عوامر البيوت فأرادوا قتلها فقال أبو لبابة إنه قد نهي عنهن يريد عوامر البيوت وأمر بقتل الأبتر وذي الطفيتين وقيل هما اللذان يلتمعان البصر ويطرحان أولاد النساء

[ 2233 ] وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا محمد بن جهضم حدثنا إسماعيل وهو عندنا بن جعفر عن عمر بن نافع عن أبيه قال كان عبد الله بن عمر يوما عند هدم له فرأى وبيص جان فقال اتبعوا هذا الجان فاقتلوه قال أبو لبابة الأنصاري إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتتبعان ما في بطون النساء

 

 [ 2233 ] وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب حدثني أسامة أن نافعا حدثه أن أبا لبابة مر بابن عمر وهو عند الأطم الذي عند دار عمر بن الخطاب يرصد حية بنحو حديث الليث بن سعد

 

 [ 2234 ] حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم واللفظ ليحيى قال يحيى وإسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار وقد أنزلت عليه والمرسلات عرفا فنحن نأخذها من فيه رطبة إذ خرجت علينا حية فقال اقتلوها فابتدرناها لنقتلها فسبقتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاها الله شركم كما وقاكم شرها    

 

[ 2235 ] وحدثنا أبو كريب حدثنا حفص يعني بن غياث حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر محرما بقتل حية بمنى

   

[ 2236 ] وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني مالك بن أنس عن صيفي وهو عندنا مولى بن أفلح أخبرني أبو السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته قال فوجدته يصلي فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت فالتفت فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس فجلست فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال أترى هذا البيت فقلت نعم قال كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس قال فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله فاستأذنه يوما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها الرمح ليطعنها به وأصابته غيرة فقالت له اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه فما يدرى أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى قال فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له وقلنا ادع الله يحييه لنا فقال استغفروا لصاحبكم ثم قال إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان

 

 [ 2236 ] وحدثني محمد بن رافع حدثنا وهب بن جرير بن حازم حدثنا أبي قال سمعت أسماء بن عبيد يحدث عن رجل يقال له السائب وهو عندنا أبو السائب قال دخلنا على أبي سعيد الخدري فبينما نحن جلوس إذ سمعنا تحت سريره حركة فنظرنا فإذا حية وساق الحديث بقصته نحو حديث مالك عن صيفي وقال فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليها ثلاثا فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر وقال لهم اذهبوا فادفنوا صاحبكم

 

وروى أحمد:

 

2037 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ الطَّحَّانُ الصَّغِيرُ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ فِيمَا أُرَى إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ تَرَكَ الْحَيَّاتِ مَخَافَةَ طَلَبِهِنَّ، فَلَيْسَ مِنَّا، مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ"

 

إسناده صحيح، موسى بن مسلم الطحان الصغير روى له أبو داود حيح. والنسائي وابن ماجه، ووثقه ابن معين، وقال أحمد: ما أرى به بأساً، وذكره ابن حبان في، الثقات". وأخرجه أبوداود (5250) ، والطبراني (11801) من طريق ابن نمير، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (3254) .

 

3254 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، - قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَ الْحَدِيثَ - قَالَ: كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ، وَيَقُولُ: " مَنْ تَرَكَهُنَّ خَشْيَةَ، أَوْ مَخَافَةَ تَأْثِيرٍ، فَلَيْسَ مِنَّا "

قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "إِنَّ الْجَانَّ مَسِيخُ الْجِنِّ، كَمَا مُسِخَتِ الْقِرَدَةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ"

 

إسناده صحيح على شرط البخاري، عكرمة من رجال البخاري، ومن سواه من رجال الشيخين. وهو في "المصنف" (19617) ، ومن طريقه أخرجه البزار (1232- كشف الأستار) ، والطبراني (11846) ، والبغوي في "شرح السنة" (3265) . وانظر ما بعده، وما سلف برقم (2037) . ويشهد للمرفوع منه حديث ابن مسعود في "المسند" 1/420، وحديث أبي هريرة فيه أيضاً 2/432و 520.

قوله: "إن الجان مَسيخ الجن"، قال ابن الأثير 4/328: الجان: الحيات الدقاق، ومَسيخ: فعيل بمعنى مفعول، من المَسْخ، وهو قلب الخِلْقة من شيء إلي شيء.

 

وبالتناقض بعد أمره بقتل جميع الثعابين، عاد فنهى عن بعضها غير المضر بالتناقض، روى أحمد:

 

6336 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. معمر: هو ابن راشد الأزدي، ونافع: هو مولى ابن عمر.وهو في"مصنف عبد الرزاق" (19619) . وقد سلف برقم (4557) ما يدل على إن راوي النهي عن قتل حيات البيوت إنما هو أبو لبابة، أو زيد بن الخطاب، ويؤكد ذلك ما سيأتي في حديث أبي لبابة 3/52 هـ 453، وأن ابن عمر سمعه منهما أو من أحدهما، وأن نافعاً كان معه حين حدثه بذلك أبو لبابة أو عمه زيد، ويكون هذا الحديث مرسل الصحابي.

والجِنان: قال ابن الأثير: هي الحيات التي تكون في البيوت، واحدها جان، وهو الدقيق الخفيف.

 

4557 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ ، فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ "

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: يَقْتُلُ كُلَّ حَيَّةٍ، وَجَدَهَا فَرَآهُ أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَهُوَ يُطَارِدُ حَيَّةً فَقَالَ: " إِنَّهُ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين سفيان : هو ابن عيينه ، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر. وأخرجه الحميدي (620) ، ومسلم (2233) و (128) ، ، وأبو داود (5252) ، وأبو يعلي (9429) 5493) ، والطحاوي فى "شرح مشكل الآثار" (2930) ، وابن حبان (5645) ، والبغوي في "شرح السنة" (3262) من طريق سفيان بن =عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (19616) ، ومن طريقه مسلم (2233) (130) ، والبغوي في "شرح السنة" (3263) ، وأخرجه البخاري (3297) و (3298) ، من طريق هشام بن يوسف، وأبو يعلى (5498) من طريق يزيد بن زريع، ثلاثتهم عن معمر، ومسلم (2233) (129) من طريق الزبيدي، والترمذي (1483) ، وابنُ حبان (5642) من طريق الليث بن سعد، ومسلم (2233) (130) ، وابن ماجه (3535) ، وابن حبان (5638) ، من طريق يونس بن يزيد، والطحاوى في "شرح مشكل الآثار" (2928) من طريق عقيل بن خالد، و (2931) من طريق محمد بن عبد الله بن مسلم، ومسلم (2233) (130) ، وابنُ حبان (5643) من طريق صالح بن كيسان، خمستهم عن الزهري، به. وعند مسلم زيادة: اقتلوا الحيات والكلاب. وعند البخاري من طريق هشام بن يوصف، عن معمر: أبو لبابة وحده، وعند مسلم وابن حبان من طريق صالح: أبو لبابة وزيد بن الخطاب. وعلقه البخاري (3299) بصيغة الجزم عن عبد الرزاق، عن معمر: فرآني أبو لبابة أو زيد بن الخطاب. وتابعه يونس وابن عيينة وإسحاق الكلبي والزبيدي، وقال صالح وابن أبي حفصة وابن مجمع عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر: فرآني أبو لبابة وزيد بن الخطاب. قال الحافظ: أي ان هؤلاء الأربعة (يعني يونس ومن بعده) تابعوا معمراً على روايته بالشك المذكور، ثم قال: هؤلاء الثلاثة (يعني صالح بن كيسان ومن بعده) رووا الحديث عن الزهري، فجمعوا فيه بين أبي لبابة وزيد بن الخطاب. وأخرجه البخاري (3310) و (3311) عن ابن أبي مليكة، عن ابن عمر. وفيه: أبو لبابة، من غير شك. وأخرجه البخاري (4016) و (4017) ، ومسلم (2233) (131) حتى (136)  =من طرق، عن نافع، عن ابن عمر، عن أبي لبابة. قلنا: وسيأتي تخريج هذه الطرق في "مسنده " 3/452-453. قال الحافظ في "الفتح" 6/349: وهو يرجح ما جنح إليه البُخاري من تقديمه لرواية هشام بن يوسف عن معمر المقتصرة على ذكر أبي لبابة، والله أعلم. وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير" (13161) من طريق عبد الملك بن عبد الرحمن، و (13250) من طريق بكير بن عبد الله الأشج، كلاهما عن سالم، وسيأتي برقم (6025) . وانظر (6336) .

قوله: "اقتلوا ذا الطفيتين "، قال الحافظ في "الفتح" 6/348: تثنية طُفية، بضم الطاء، وسكون الفاء، وهي خوصة المُقل، والطُّفْيُ: خوص المُقل، شبه به الخط الذي على ظهر الحية. وقال ابنُ عبد البر: يقال: إن ذا الطفيتين جنس من الحيات، يكون على ظهره خطان أبيضان.

وقوله: "والأبتر": هو مقطوع الذنب. زاد النضر بن شميل أنه أزرق اللون، لا تنظر إليه حامل إلا ألقت. وقيل: الأبتر: الحية القصيرة الذنب، قال الداوودي: هو الأفعى التي تكون قدر شبر، أو أكثر قليلاً. وقوله: "والأبتر" يقتضي التغاير بين ذي الطفيتين والأبتر، ووقع في الطريق الاتية: "لا تقتلوا الحيات إلا كل أبتر ذي طفيتين " وظاهره اتحادهما، لكن لا ينفي المغايرة...

قوله: "يلتمسان البصر": قال السندي: أي: يخطفانه ويطلبانه لخاصية في طباعهما إذا وقع بصرهما على بصر الإنسان، وقيل: يقصدان البصر باللسع.

وقوله: إنه نُهي عن ذوات البيوت، قال الحافظ 6/349: أي: اللاتي يوجدن في البيوت. وظاهره التعميم في جميع البيوت. وعن مالك تخصيصه بيوت أهل المدينة، وقيل: يختص ببيوت المدن دون غيرها. وعلى كل قول فتقتل في البراري والصحاري من غير إنذار. وروى الترمذي عن ابن المبارك أنها الحية التي تكون كأنها فضة، ولا تلتوي في مشيتها. ثم قال الحافظ: وفي الحديث النهيُ عن قتل الحيات التي في البيوت إلا بعد الإنذار، إلا أن يكون أبتر أو ذا طفيتين، فيجوز لتلُه بغير إنذار، ووقع في حديث أبي سعيد عند مسلم الإذنُ في قتل غيرهما بعد الإنذار، وفيه: فإن ذهب، وإلا فاقتلوه، فإنه كافر. قال القرطبي: والأمر في ذلك للإرشاد، نعم ما كان منها محقق الضرر، وجب دفعه.

 

لا يوجد مبرر لقتل ثعبان غير سام مسالم، عرب شبه الجزيرة العربية كان عندهم خبرة بحكم البيئة والضرورة بهذه الأنواع، أؤمن بقدسية الحياة وحق كل كائن في الحياة ولا أجيز قتل إلا ما احتمل احتمالا راجحا أنه يضر الإنسان أذى واضحًا. عاد محمد إلى النهي عن العوامر المسالمة، بعدما كان أمر بقتل كل الأنواع، لنا أن نقول أنها عودة إلى جادّة الصواب والحق في هذه المسألة، رغم تناقض تشريعاته وتضاربها بما يسمونه بالنسخ يعني التعديل والتبديل والإلغاء إلخ. ومن خرافات العرب القدماء أن الثعابين تسبب سقوط حمل المرأة بمجرد نظرها لها بطريقة سحرية ما ربما نتيجة الفزع بزعمهم وخرافتهم! وقولهم أنها تسبب فقد البصر خرافة كذلك. وقول المسلمين أن الجان يعني الجنان وهي الثعابين الصغيرة من مسخ الجن (كائنات خرافية) أو أنها جن متنكر مثال لعقلية الجهال عديمي العلم، فلكل كائن حي تاريخ تطوري من واقع الجينات والمتحجرات وعرضت شيئًا عن تطور الثعابين عن زواحف ذات أرجل والمتحجرة التي أكدت ذلك في ترجمة كتاب (لماذا النشوء والتور حقيقة). وحديث ما سالمناهن منذ حاربناهن يعود بأصله إلى القصة التوراتية الأصلية حيث كانت الحية هي من أغوى آدم وحواء حسب الأسطورة وليس الشيطان، لأنه ابتكار لاهوتي لاحق أخذه اليهود عن الفارسيين والزردشتية المجوسية.

 

(14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ».) من سفر التكوين 3

 

تناقض في تشريع غسل الجنابة الخرافي من خلال النسخ

 

روى أحمد:

 

448 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ - يَعْنِي الْمُعَلِّمَ - عَنْ يَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ - أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، قُلْتُ : أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُمْنِ ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ : يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ . وَقَالَ عُثْمَانُ : سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ ، فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ.

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم (347) ، وابن خزيمة (224) ، والطحاوي 1 / 53 ، وابن حبان (127) و (1172) ، والبيهقي 1 / 164 من طريق عبد الصمد ، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (292) ، والطحاوي 1 / 54 من طرق عن عبد الوارث ، به . ويأتي برقم (458) ، وهذا الحديث منسوخ بحديث أبي بن كعب وأبي هريرة وعائشة . انظر ابن حبان (1173) و (1174) و (1175) .

 

وروى البخاري:

 

292 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الْحُسَيْنِ قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

180 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَجَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُعْجِلْتَ أَوْ قُحِطْتَ فَعَلَيْكَ الْوُضُوءُ تَابَعَهُ وَهْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ غُنْدَرٌ وَيَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ الْوُضُوءُ

 

293 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الْغَسْلُ أَحْوَطُ وَذَاكَ الْآخِرُ وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لِاخْتِلَافِهِمْ

 

وانظر البخاري 179 وأحمد 459.

 

وروى أحمد:

 

11162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقَالَ لَهُ: لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: " إِذَا أُعْجِلْتَ ، أَوْ أُقْحِطْتَ فَلَا غُسْلَ عَلَيْكَ، عَلَيْكَ الْوُضُوءُ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. الحكم: هو ابن عُتيبة، وذكوان: هو أبو صالح السمان. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/89، ومسلم (345) ، وابن ماجه (606) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2185) ، والبخاري (180) ، وأبو عوانة 1/286، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/54، وابن حبان (1171) ، والبيهقي في "السنن" 1/165 من طرق عن شعبة، به. وسيأتي بالأرقام (11207) و (11894) ، وانظر (11243) و (11434) . قال السندي: قوله: "لعلنا أعجلناك" حتى اغتسلت قبل أن تنزل.  قوله: "إذا أعجلت" : على بناء المفعول، أي: أعجلك أحد عن الإنزال.  قوله: "أو أقحطت" : على بناء المفعول، أي: حبست عن الإنزال، والحاصل أنك إذا جامعت ثم ما أنزلت بسبب من الأسباب، فلا غُسْل عليك. والجمهور على أنه منسوخ بحديث: "إذا التقى الختانان" ، بل قيل: إنه مما أجمع المتأخرون على نسخه، والله تعالى أعلم.

 

11434 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قُبَاءَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، فَمَرَرْنَا فِي بَنِي سَالِمٍ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَابِ بَنِي عِتْبَانَ، فَصَرَخَ وَابْنُ عِتْبَانَ عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ إِزَارَهُ ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " أَعْجَلْنَا الرَّجُلَ "، قَالَ ابْنُ عِتْبَانَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ إِذَا أَتَى امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يُمْنِ عَلَيْهَا، مَاذَا عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري تعليقاً، عبد الملك بن عمرو: هو أبو عامر العَقَدي، وزهير: هو ابن محمد التميمي. وأخرجه ابن خزيمة (234) ، وأبو يعلى (1236) ، وأبو عوانة 1/286 من طريق عبد الملك بن عمرو، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (343) (80) ، وأبو عوانة 1/285-286 من طريق إسماعيل بن جعفر،. وأبو عوانة 1/286 من طريق عبد العزيز بن محمد، كلاهما عن شريك، به. ورواية إسماعيل بن جعفر: عتبان لا ابن عتبان. وأخرجه أبو يعلى (1072) من طريق سعيد بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الرحمن بن أبي سعيد، به. وسلف مختصراً بالأرقام (11043) و (11243) و (11308) ، وانظر قوله: ابن عتبان، هكذا في رواية أحمد هذه، وفي رواية إسماعيل بن جعفر عند مسلم: عتبان، وهو الأصح -وهو عتبان بن مالك الأنصاري-، وسيرد الحديث في "مسنده" 4/342 على الشك عتبان أو ابن عتبان، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 19/296-298، و"صحيح مسلم" بشرح النووي 4/36-37، والحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/284، وذكر فيه أن عتبان كان قد طلب من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يأتيه فيصلي في بيته في مكان يتخذه مصلى، فأجابه، فيحتمل أن تكون هذه الواقعة، وقدم الاغتسال ليكون متأهباً للصلاة معه، والله أعلم.

 

وروى مسلم:

 

[ 343 ] وحدثنا يحيى بن يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا إسماعيل وهو بن جعفر عن شريك يعني بن أبي نمر عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين إلى قباء حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عتبان فصرخ به فخرج يجر إزاره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجلنا الرجل فقال عتبان يا رسول الله أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ماذا عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الماء من الماء

 

 [ 343 ] حدثنا هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بن شهاب حدثه أن أبا سلمة بن عبد الرحمن حدثه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما الماء من الماء

 

 [ 344 ] حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا المعتمر حدثنا أبي حدثنا أبو العلاء بن الشخير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسخ حديثه بعضه بعضا كما ينسخ القرآن بعضه بعضا

[ 345 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن ذكوان عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطر فقال لعلنا أعجلناك قال نعم يا رسول الله قال إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء وقال بن بشار إذا أعجلت أو أقحطت

 

 [ 346 ] حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد حدثنا هشام بن عروة ح وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء واللفظ له حدثنا أبو معاوية حدثنا هشام عن أبيه عن أبي أيوب عن أبي بن كعب قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يصيب من المرأة ثم يكسل فقال يغسل ما أصابه من المرأة ثم يتوضأ ويصلي

 

 [ 346 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن هشام بن عروة حدثني أبي عن الملي عن الملي يعني بقوله الملي عن الملي أبو أيوب عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الرجل يأتي أهله ثم لا ينزل قال يغسل ذكره ويتوضأ

 

 [ 347 ] وحدثني زهير بن حرب وعبد بن حميد قالا حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ح وحدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد واللفظ له حدثني أبي عن جدي عن الحسين بن ذكوان عن يحيى بن أبي كثير أخبرني أبو سلمة أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد الجهني أخبره أنه سأل عثمان بن عفان قال قلت أرأيت إذا جامع الرجل امرأته ولم يمن قال عثمان يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره قال عثمان سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 [ 347 ] وحدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد حدثني أبي عن جدي عن الحسين قال يحيى وأخبرني أبو سلمة أن عروة بن الزبير أخبره أن أبا أيوب أخبره أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

معضلة منطقية وتشريعية، الشيء الواحد يعتبر صحيحًا مرة ثم يتم تغيير ذلك واعتباره سلوكًا خاطئًا أخلاقيًّا أو شعائريًّا، الجنابة واستنجاس الجنس وممارسته نفسها حسب الإسلام _ولها جذروها في توراة اليهود وعادات العرب قبل الإسلام نفسها _هي خرافة، لكن تعريف محمد لهذه الجنابة الخرافية تغير في اتجاه أكثر تشددًا وهوسًا، ففي الأول كان عدم اكتمال الممارسة الجنسية لا يتطلب اغتسالًا، لكن لاحقًا غيَّر محمد هذا واعتبره من ضمن تعريفه للجنابة، والشيء المذهل الصادم للعقل المسلم أن كل هؤلاء الصحابة الكبار لم يعلموا بالتشريع الصحيح النهائي المفترَض، بوسعنا القول أن محمدًا نفسه فشل في توصيل وتعليم رسالته ومبادئه بصورة واضحة راسخة لكل أتباعه الرئيسيين، وتناقضات تشريعاته سببت خللًا طقسيًّا وتشريعيًّا كذلك في كثير من الأمور، ولا شك أن عصر ما قبل جمع الأحاديث للمقارنة بينها واتخاذ أحكام نهائية لكثير من الأمور كان عصر فوضى تشريعية وطقسية ومرونة وتضارب غير عادي.

 

وعلى النقيض الحكم النهائي الناسخ كالتالي، روى البخاري:

 

291 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ ح وحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ مِثْلَهُ وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ مِثْلَهُ

 

رواه أحمد 7198 ، والبغوي (241) من طريق معاذ بن فضالة، وابن حبان (1182) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن هشام، بهذا الإسناد. وأخرجه إسحاق بن راهويه (19) ، ومسلم (348) ، وأبو عوانة 1/228، وابن حبان (1174) و (1178) ، والدارقطني 1/113، والبيهقي في "السنن" 1/163، وفي "المعرفة" (258) من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة ومطر، عن الحسن، به. زاد مطر: "وإن لم ينزل". وأخرجه البيهقي 1/163 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به. ولفظه: "إذا التقى الختان الختان وجب الغسل أنزل أو لم ينزل". وسيأتي الحديث برقم (8574) و (9107) و (10743) و (10747) ، وبرقم (10083) بإسقاط أبي رافع من السند. وفي الباب عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، سلف برقم (6670). وعن عائشة، سيأتي 6/47.

 

وروى مسلم:

 

باب نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين

 

 [ 348 ] وحدثني زهير بن حرب وأبو غسان المسمعي ح وحدثناه محمد بن المثنى وابن بشار قالوا حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة ومطر عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل وفي حديث مطر وإن لم ينزل قال زهير من بينهم بين أشعبها الأربع

 

 [ 348 ] حدثنا محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة حدثنا محمد بن أبي عدي ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثني وهب بن جرير كلاهما عن شعبة عن قتادة بهذا الإسناد مثله غير أن في حديث شعبة ثم اجتهد ولم يقل وإن لم ينزل

 

وانظر أحمد 7198 و10083

 

 [ 349 ] وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا هشام بن حسان حدثنا حميد بن هلال عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى وهذا حديثه حدثنا هشام عن حميد بن هلال قال ولا أعلمه إلا عن أبي بردة عن أبي موسى قال اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والأنصار فقال الأنصاريون لا يجب الغسل إلا من الدفق أو من الماء وقال المهاجرون بل إذا خالط فقد وجب الغسل قال قال أبو موسى فأنا أشفيكم من ذلك فقمت فاستأذنت على عائشة فأذن لي فقلت لها يا أماه أو يا أم المؤمنين إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أستحييك فقالت لا تستحيي أن تسألني عما كنت سائلا عنه أمك التي ولدتك فإنما أنا أمك قلت فما يوجب الغسل قالت على الخبير سقطت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل

 

 [ 350 ] حدثنا هارون بن معروف وهارون بن سعيد الأيلي قالا حدثنا بن وهب أخبرني عياض بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن أم كلثوم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل وعائشة جالسة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل

 

معنى ذلك أن بعض كبار الصحابة الأجلاء المبجَّلين عند السنة (من وزن علي وعثمان وطلحة والزبير وأبي بن كعب!) لم يكونوا يعرفون الطقوس الخرافية الصحيحة للتطهر والاغتسال الخرافي من الجنابة وتعريف الجنابة النهائي الأخير الخاص بمحمد، بالتالي صلواتهم كانت خطأ وباطلة طقسيًّا! لكن هذا التناقض يدل إما على وجود تلاعب واختلاف في الأحاديث لو كانوا هم المحقين، وإلا فهي تدل على إخفاق محمد وفشله في تبليغ رسالته على نحوٍ ناجح.

الوضوء مما مست النار

 

روى مسلم:

 

 [ 351 ] وحدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد قال قال بن شهاب أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن خارجة بن زيد الأنصاري أخبره أن أباه زيد بن ثابت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الوضوء مما مست النار

 

 [ 352 ] قال بن شهاب أخبرني عمر بن عبد العزيز أن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ أخبره أنه وجد أبا هريرة يتوضأ على المسجد فقال إنما أتوضأ من أثوار أقط أكلتها لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول توضؤوا مما مست النار

 

 [ 353 ] قال بن شهاب أخبرني سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان وأنا أحدثه هذا الحديث أنه سأل عروة بن الزبير عن الوضوء مما مست النار فقال عروة سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضؤوا مما مست النار

 

روى أحمد:

 

7605 - حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عمر بن عبد العزيز، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، قال: مررت بأبي هريرة، وهو يتوضأ، فقال: أتدري مما أتوضأ ؟ من أثوار أقط أكلتها، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " توضئوا مما مست النار "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، فمن رجال مسلم. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (667) ، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه النسائي 1/105، والباغندي في "مسند عمربن عبد العزيز" (25). وأخرجه مسلم (352) ، والنسائي 1/105، والباغندي (24) و (28) و (86) ، والطحاوي 1/63، وابن حبان (1147) ، والطبراني في "الأوسط" (168) ، والبيهقي 1/155 من طرق عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. وسماه بعضهم: عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، قال في "التقريب": إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، وقيل: هو عبد الله بن إبراهيم بن قارظ.  وسيأتي من طريق إبراهيم بن عبد الله بن قارظ برقم (7675) و (9519) و (10071) و (10204) . وله طرق أخرى عن أبي هريرة ستأتي (9907) و (10542) و (10848) و4/28 (الطبعة الميمنية) . وانظر (9049) و (9050) .

وفي الباب عن أبي طلحة وأبي موسى وزيد بن ثابت وعائشة وأم حبيبة، ستأتي أحاديثهم في "المسند" على التوالي 4/28 و397 و5/184 و6/89 و326.

قلنا: والوضوء مما مست النار منسوخ في قول الجمهور، ومما يدل على النسخ حديث أبي هريرة الذي سيأتي برقم (9049) : أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة فتمضمض وغسل يده وصلى. يعني: ولم يتوضأ كما في بعض المصادر، وإسناده صحيح. ونحوه حديث ابن عباس عند الشيخين، وقد سلف برقم (1988) . وحديث عمرو بن أمية الضمري عند البخاري (208) ، ومسلم (355) ، وسيأتي 4/139. وحديث جابر قال: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار. أخرجه أبو داود (192) وغيره، وسنده صحيح. وانظر "الاعتبار" للحازمي ص 46-51.

وقوله: "من أثوار أقط" قال السندي: جمع ثور، وهي القطعة، والأقط بفتح فكسر: لبن مجفف يابس متحجر.

 

7675 - حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، حدثني ابن شهاب، أخبرني عمر بن عبد العزيز، أن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، أخبره أنه وجد أبا هريرة يتوضأ على ظهر المسجد، فقال أبو هريرة: " إنما أتوضأ من أثوار أقط أكلتها، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " توضئوا مما مست النار "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، ويقال: إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، فمن رجال مسلم. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (668) ، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو عوانة 1/268-269، وابن المنذر في "الأوسط" (111) ، وسماه: إبراهيم بن عبد الله ابن قارظ. وأخرجه أبو عوانة 1/268-269 من طريق مخلد بن يزيد، عن ابن جريج، بهذا الإسناد، وسماه أيضا إبراهيم بن عبد الله. وانظر (7605) .

 

9907 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَغَرَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "تَوَضَّئُوا مِمَّا أَنْضَجَتِ النَّارُ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو بكر بن حفص: هو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد الزهري، والأغر: هو سلمان أبو عبد الله ، والأغر لقبه. وأخرجه أبو داود (194) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأبو يعلى (6161) ، وابن حبان (1148) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد. وسيأتي في مسند أبي طلحة الأنصاري 4/28 عن عبد الصمد، عن شعبة. وانظر ما سلف برقم (7605) .

 

(10542) 10549- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَوَضَّؤُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ ، وَلَوْ مِنْ تَوْرِ أَقِطٍ. (2/503).

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. وأخرجه ابن ماجه (485) ، والترمذي (79) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/63، وأبو نعيم في "الحلية" 7/160 من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي 1/63 من طريق الزهري، والطبراني في "الأوسط" (726) و (2230) من طريق يحيى بن أبي كثير، كلاهما عن أبي سلمة، به.

وانظر ما سلف برقم (7605) .

 

(10848) 10860- حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ، يَعْنِي الْمُعَلِّمَ ، عَنْ يَحْيَى ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو ، أَنَّهُ سَمِعَ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيَّ ، يَقُولُ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَوَضَّأُ مِنْ طَعَامٍ أَجِدُهُ حَلاَلاً فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لأَنَّهُ مَحَشَتْهُ النَّارُ قَالَ : فَجَمَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَصًى بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : أَشْهَدُ عَدَدَ هَذَا الْحَصَى لَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَوَضَّؤُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ.

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن المطلب بن عبد الله بن حنطب لم يسمع من أبي هريرة كما ذكر البخاري وأبو حاتم في "المراسيل" لابنه ص209. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد. والحسين: هو ابن ذكوان المعلم، ويحيى: هو ابن أبي كثير، وعبد الرحمن بن عمرو: هو الأوزاعي.   وأخرجه النسائي 1/105-106 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد .

وأخرجه الطحاوي 1/63 من طريق أبي معمر عبد الله بن عمرو المقعَد، عن عبد الوارث، به.

وأخرجه الطحاوي 1/63 من طريق أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، به- وليس فيه في الموضعين قصة.

وقد سلف الحديث (3464) بإسناد صحيح عن سليمان بن يسار أنه سمع ابن عباس ورأى أبا هريرة يتوضأ، فقال: أتدري مِم أتوضأ؟ قال: لا. قال: أتوضأ من أثوار أقِطٍ أكلتها، قال ابن عباس: ما أبالي مما توضأت، أشهد لرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل كتف لحم، ثم قام إلى الصلاة وما توضأ. قال: وسلمان حاضر ذلك منهما جميعاً.

وأخرج ابن أبي شيبة 1/50 عن غندر محمد بن جعفر، عن شعبة، قال: سمعت عثمان مولى ثقيف يحدث عن أبي زياد، قال: شهدت ابن عباس وأبا هريرة وهم ينتظرون جَدْياً لهم في التنْور، فقال ابن عباس: أخرجوه لنا لا يفتنا في الصلاة، فأخرجوه، فأكلوا منه، ثم إن أبا هريرة توضأ، فقال له ابن عباس: أكَلْنا رِجْسا؟ قال: فقال أبو هريرة: أنت خير مني وأعلم. ثم صلوا.

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آخر الحديث: "توضؤوا مما مست النار" صحيح، لكن الجمهور على أنه منسوخ، انظر ما سلف برقم (7605) .

 

26779 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ "

 

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، أبو سفيان بن سعيد سلف الكلام عليه في الرواية (26773) ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. عبد الملك بن عمرو: هو أبو عامر العَقَدي، وابن أبي ذئب: هو محمد بنُ عبد الرحمن بن المغيرة. وأخرجه أبو يعلى (7145) من طريق عبد الملك بن عمرو، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (666) ، وابن أبي شيبة 1/50-51 و51، والنسائي في "المجتبى" 1/107، وفي "الكبرى" (186) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/63، والطبراني في "الكبير" 23/ (463) و (464) و (465) و (466) و (469) و (488) من طرق عن الزُّهري ، به، وفيه قصة.

وأخرجه الطيالسي (1592) عن زمعة، عن الزُّهري، عن أبي سلمة، عن رجل، عن أمِّ حبيبة، به.

وقد سلف برقم (26773) .

 

26773 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ الْعَطَّارَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَقَتْهُ قَدَحًا مِنْ سَوِيقٍ ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَمَضْمَضَ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي، أَلَا تَتَوَضَّأُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، أَوْ غَيَّرَتْ "

 

مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسنادٌ محتمل للتحسين، أبو سفيان بن سعيد بن المغيرة، وإن تفرَّد بالرواية عنه أبو سلمة بنُ عبد الرحمن بن عوف، ولم يُؤثر توثيقُه عن غير ابن حبَّان، فهو ابنُ أخت أمِّ حبيبة. وبقيةُ رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. يونُس: هو ابنُ محمَّد المؤدِّب. وأخرجه أبو داود (195) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (470) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن أبان بن يزيد، بهذا الإسناد.

وسيأتي بالأرقام: (26778) و (26779) و (26782) و (26783) و (26784) و (26785) و (27399) و (27406) .

ويشهد للمرفوع منه حديث أبي هريرة، وقد سلف برقم (7605) بإسناد صحيح، وذكرنا عنده أحاديث الباب وأحاديث النسخ.

 

وأم حبيبة بنت أبي سفيان كانت إحدى زوجات محمد.

 

16349 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ رَجُلٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " تَوَضَّئُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ "، قال: وقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ، فَقَالَ: وَحَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ

 

حديث صحيح، وله ثلاثة أسانيد.

الأول: عبد الصمد، عن شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن الأغر، عن رجل آخر، عن أبي هريرة، به مرفوعاً.

وقد سلف هذا الإسناد برقم (9907) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي بكر بن حفص، قال: سمعت الأغر، قال: سمعت أبا هريرة فذكر نحوه مرفوعاً. يعني دون ذكر الرجل الآخر في الإسناد.

والثاني: عبد الصمد، عن شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن الزهري، عن ابن أبي طلحة، عن أبيه، به مرفوعاً.

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الشاشي (1075) من طريق عبد الصمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 1/106، والطبراني في "الكبير" (4728) من طريق حرمي بن عمارة بن أبي حفصة، عن شعبة، به.

وأخرجه النسائي 1/106، والدولابي في "الكنى" 1/172، والشاشي (1078) من طريق حرمي بن عمارة بن أبي حفصة، وأخرجه أبو يعلى (1429) ، والطبراني في "الكبير" (4730) من طريق معاذ بن نصر العنبري، كلاهما عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن عبد الله بن عمرو القاري، عن أبي طلحة، به مرفوعاً.

وأخرجه الشاشي (1070) و (1071) ، والطبراني في "الكبير" (4734) من طريق سعيد بن منصور، عن يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو القاري، عن أبي طلحة، به مرفوعاً نحوه.

والإسناد الثالث: عبد الصمد، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به مرفوعاً.   وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

وقد سلف من حديث أبي هريرة برقم (7605) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب، وبينا أن الوضوء مما مسَّت النار منسوخ في قول الجمهور، وانظر تفصيل ذلك في "التمهيد" لابن عبد البر: 3/329- 345.

 

16362 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ ـ قَالَ شُعْبَةُ: وَأُرَاهُ ذَكَرَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " تَوَضَّئُوا مِمَّا أَنْضَجَتِ النَّارُ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (16349) ، إلا أن شيخ أحمد هنا هو محمد بن جعفر

 

16365 - حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مُبَارَكٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو طَلْحَةَ جُلُوسًا، فَأَكَلْنَا لَحْمًا وَخُبْزًا، ثُمَّ دَعَوْتُ بِوَضُوءٍ فَقَالَا: لِمَ تَتَوَضَّأُ ؟ فَقُلْتُ: لِهَذَا الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْنَا، فَقَالَا (1) : " أَتَتَوَضَّأُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ؟ لَمْ يَتَوَضَّأْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ " (2)

 

(1) في (م) : فقال، وهو خطأ.

(2) إسناده حسن، عبد الرحمن بن زيد بن عقبة: هو المدني الأنصاري، من رجال "التعجيل"، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأس، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير عتاب بن زياد- وهو الخراساني- فمن رجال ابن ماجه، وهو ثقة.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/27-28- ومن طريقه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/69- عن عقبة بن موسى، عن عبد الرحمن بن زيد الأنصاري أن أنس بن مالك، قدم العراق، فذكر نحوه.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/69، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/340 من طريق الأوزاعي، عن أسامة بن زيد الليثي، عن عبد الرحمن بن زيد الأنصاري، قال: حدثني أنس بن مالك، فذكر نحوه.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/69 من طريق يحيى بن أيوب، عن إسماعيل بن رافع ومحمد بن النِّيل، عن عبد الرحمن بن زيد الأنصاري، عن أنس بن مالك، قال: أكلت أنا وأبو طلحة وأبو أيوب الأنصاري طعاماً قد مسته النار، فذكر نحوه.

قال ابن عبد البر في "التمهيد": 3/341: هكذا ذكر الطحاوي هذا الخبر بهذا الإسناد، فقال فيه: وأبو أيوب، والمحفوظ من رواية الثقات: وأبي بن كعب، كما قال مالك والأوزاعي، وأظن الوهم فيه من يحيى بن أيوب أو من إسماعيل بن رافع، والله أعلم.

قلنا: ومحمد بن النيل: هو الفهري نسبه يحيى بن بكير، ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 1/251، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/108، ولم يذكرا في الرواة عنه غير اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن أحد.

وسيكرر في مسند أبي بن كعب 5/129 سنداَ ومتناَ، وانظر (16348) .

 

21642 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ "

إسناده صحيح على شرط الشيخين. حجاج: هو ابن محمد المصيصي، وليث: هو ابن سعد، وعقيل: هو ابن خالد. وأخرجه الدارمي (762) ، والطحاوي 1/62، والطبراني (4836/2) من طريق عبد الله بن صالح، ومسلم (351) ، والبيهقي 1/155 من طريق شعيب ابن الليث، والبيهقي 1/155 من طريق يحيى بن بكير، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي 1/62، والطبراني (4835) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث، عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، به. وعبد الله ابن صالح - وهو كاتب الليث - سيئ الحفظ، وقد وافق في روايته الأولى رواية الجماعة، وهو أولى. وانظر (21598) .

 

(21598) 21934- حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تَوَضَّؤُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ. (5/184)

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العقدي، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة. وأخرجه الطحاوي 1/62 من طريق أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4833) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن ابن أبي ذئب، به.

وأخرجه النسائي 1/107، والطبراني في "الكبير" (4836) و (4837) و (4838) و (4838/2) و (4840) ، وفي "الأوسط" (1168) .

وسيأتي الحديث بالأرقام (21642) و (21647) و (21655) و (21660) و (21669) .

 

(24580) 25087- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَأَنَا أُحَدِّثُهُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ ، أَنَّهُ سَأَلَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، عَمَّا مَسَّتِ النَّارُ ، فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، تَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَوَضَّؤُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ. (6/89)

 

إسناده صحيح على شرط مسلم ، سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان ابن عفان من رجاله ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين . أبو اليمان : هو الحكم بن نافع ، وشعيب: هو ابن أبي حمزة ، والزهري : هو محمد بن مسلم . وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (خ) 7 / 225 من طريق أبي اليمان، بهذا الإسناد .

وأخرجه ابن عساكر أيضاً 7 / 226 من طريق عثمان بن سعيد بن كثير ، عن شعيب ، به .

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 6 / 409 ، ومسلم (353) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1 / 62 ، والبيهقي في "السنن" 1 / 155 ، وابن عساكر 7 / 226 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه ابنُ ماجه (486) من طريق يونس ، وابن المنذر في "الأوسط" (108) من طريق معمر ، والطَّبراني في "الشَّاميين" (366) من طريق برد بن سنان ، وابن عدي في "الكامل" 6 / 2445 من طريق معقل بن عبيد الله ، أربعتهم عن الزهري ، عن عروة ، به . ليس فيه : عن سعيد بن خالد .

وقول شعيب أشبه فيما قال الدارقطني في "العلل" 5 / ورقة 26 .

 

ولكن هذا الحكم في حين ظل البعض منهم يفتي به، فإن آخرين قالوا أن محمدًا أبطله ونسخه، روى البخاري:

 

5457 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ فَقَالَ لَا قَدْ كُنَّا زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَجِدُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ الطَّعَامِ إِلَّا قَلِيلًا فَإِذَا نَحْنُ وَجَدْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لَنَا مَنَادِيلُ إِلَّا أَكُفَّنَا وَسَوَاعِدَنَا وَأَقْدَامَنَا ثُمَّ نُصَلِّي وَلَا نَتَوَضَّأُ

208 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَلْقَى السِّكِّينَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

 

بَاب مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيقِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا

 

هناك أمور يتضح أن البخاري لم يحب ذكرها لعدم بلبلة قراء صحيحه بها من الأحكام الملغية المنسوخة العجيبة لمحمد، فلا تراها إلا في ردود عليها أو نفي لها بذكر الحكم الناسخ.

 

وروى مسلم:

 

 [ 354 ] حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ

 

 [ 354 ] وحدثنا زهير بن حرب حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة أخبرني وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو بن عطاء عن بن عباس ح وحدثني الزهري عن علي بن عبد الله بن عباس عن بن عباس ح وحدثني محمد بن علي عن أبيه عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عرقا أو لحما ثم صلى ولم يتوضأ ولم يمس ماء

 

 [ 355 ] وحدثنا محمد بن الصباح حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا الزهري عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف يأكل منها ثم صلى ولم يتوضأ

 

 [ 355 ] حدثني أحمد بن عيسى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بن شهاب عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة فأكل منها فدعي إلى الصلاة فقام وطرح السكين وصلى ولم يتوضأ قال بن شهاب وحدثني علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك

[ 356 ] قال عمرو وحدثني بكير بن الأشج عن كريب مولى بن عباس عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عندها كتفا ثم صلى ولم يتوضأ

 

 [ 356 ] قال عمرو حدثني جعفر بن ربيعة عن يعقوب بن الأشج عن كريب مولى بن عباس عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بذلك

 

 [ 357 ] قال عمرو حدثني سعيد بن أبي هلال عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي غطفان عن أبي رافع قال أشهد لكنت أشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطن الشاة ثم صلى ولم يتوضأ

 

 [ 358 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنا ثم دعا بماء فتمضمض وقال إن له دسما

 

 [ 358 ] وحدثني أحمد بن عيسى حدثنا بن وهب وأخبرني عمرو ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا يحيى بن سعيد عن الأوزاعي ح وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب حدثني يونس كلهم عن بن شهاب بإسناد عقيل عن الزهري مثله

 

 [ 359 ] وحدثني علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر حدثنا محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع عليه ثيابه ثم خرج إلى الصلاة فأتي بهدية خبز ولحم فأكل ثلاث لقم ثم صلى بالناس وما مس ماء

 

 [ 359 ] وحدثناه أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال كنت مع بن عباس وساق الحديث بمعنى حديث بن حلحلة وفيه أن بن عباس شهد ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم وقال صلى ولم يقل بالناس

 

ومما وروى أحمد:

 

14920 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، وَبَهْزٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ بَهْزٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: قَالَ لِي سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ: إِنَّ هَذَا - يَعْنِي الزُّهْرِيَّ - لَا يَدَعُنَا نَأْكُلُ شَيْئًا إِلَّا أَمَرَنَا أَنْ نَتَوَضَّأَ مِنْهُ - يَعْنِي مَا مَسَّتْهُ النَّارُ -، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: سَأَلْتُ عَنْهُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: إِذَا أَكَلْتَهُ فَهُوَ طَيِّبٌ لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهِ وُضُوءٌ، فَإِذَا خَرَجَ فَهُوَ خَبِيثٌ عَلَيْكَ فِيهِ الْوُضُوءُ، قَالَ: (1) فَهَلْ بِالْبَلَدِ (2) أَحَدٌ ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَقْدَمُ رَجُلٍ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ عِلْمًا، قَالَ: مَنْ ؟ قُلْتُ: عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ بَهْزٌ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَجِيءَ بِهِ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ، " أَنَّهُمْ أَكَلُوا مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ خُبْزًا وَلَحْمًا، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ "

قَالَ: قَالَ لِعَطَاءٍ: مَا تَقُولُ - يَعْنِي فِي الْعُمْرَى ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْعُمْرَى جَائِزَةٌ " (3)

 

(1) القائل: هو سليمان بن هشام.

(2) في (ق) ونسخة في (س) : بالباب.

(3) إسناده صحيح على شرط الشيخين. بهز: هو ابن أسد العَمي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي. وأخرج الشطر الأول منه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/67- 68 من طريق أبي عمر الحوضي، عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد. وأخرج قول جابر دون القصة: عبد الرزاق (647) و (664) ، والطحاوي 1/67 و68 من طرق عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر. والشطر الثاني منه سلف بهذا الإسناد برقم (14886) .

سليمان بن هشام: هو سليمان بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي، قال الذهبي في "تاريخ الإسلام- الطبقة الرابعة عشرة": أخذ عن عطاء وغيره. وولي غزو الروم، فلما بويع الوليد بن يزيد حَبَسه، ثم أخرجه يزيد الناقص وصيره من أمرائه، فلما ولي مروان هَرَب منه ثم أمَنه، ثم خَلَع مروانَ وطمع في الخلافة، واستفحل أمرُه، وكاد أن يملك، واجتمع إليه نحو من سبعين ألفاً فبعث مروانُ جيشه فهزموه، وتحصَّن بحمص، فسار إليه مروانُ بنفسه، فهرب ولحق بالضحَاك الخارجي وبايعه، ثم ظفرت به المسودة (أي: بنو العباس) فقتلوه في سنة اثنتين وثلاثين ومئة.

 

26612 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ مَرْوَانَ، قَالَ: تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، قَالَ: فَأَرْسَلَ مَرْوَانُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ: " نَهَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي كَتِفًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً "

[قَالَ عَبْدُ اللهِ] : وقَالَ أَبِي: " لَمْ يَسْمَعْ سُفْيَانُ مِنْ أَبِي عَوْنٍ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ ".

 

 إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو الثوري، والرجل الذي أرسله مروان إلى أم سلمة هو عبد اللّه بن شداد بن الهاد نفسه، كما جاء مصرَّحاً به في رواية عبد الرحمن بن مهدي الآتية برقم (26710) ، وعن عبد الرزاق كما سيأتي في التخريج. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/48، وأبو يعلى (7005) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (644) - ومن طريقه الطبراني في "الكبير" 23/ (628) ، وأبو نعيم في "الحلية" 7/102- وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/65 من طريق مؤمَّل بن إسماعيل، كلاهما عن سفيان الثوري، به. قال أبو نعيم: مشهور من حديث الثوري.

وجاء عند عبد الرزاق: قال: قال أبو هريرة. ولم يذكر الطبراني قصة مروان مع أبي هريرة.

وأخرجه مختصراً الطبراني أيضاً 23/ (629) من طريق مسعر وهو ابن كدام - عن أبي عَوْن، به.

وسيأتي بالأرقام: (26710) و (26696) و (26741) . وسلف برقم (26502) .

 

26502 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفًا، فَجَاءَهُ بِلَالٌ، فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً "

إسناده صحيح على شرط مسلم، جعفر بن محمد - وهو ابن على بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بجعفر الصادق - من رجاله. وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 1/107، وفي "الكبرى" (187) ، وابن خزيمة (44) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (823) من طريق حفص بن غياث، و (988) من طريق محمد بن جعفر بن محمد وعبد الله بن ميمون، وابن عدي في "الكامل" 3/1298 من طريق السّرّي بن عبد اللّه، أربعتهم عن جعفر بن محمد، به.

ورواه حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، واختلف عليه فيه:

فرواه محمد بن الصَّبَّاح - فيما أخرجه ابن ماجه (491) - وأبو بكر بن أبي شيبة - فيما أخرجه الطبراني 23/ (824) - كلاهما عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، به.

ورواه أبو بكر بن أبي شيبة- كما في "مصنفه" 1/48 - عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن حسين - أو حسين بن علي - عن زينب بنت أمِّ سلمة، قالت: أُتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكتف... قال الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 176: ووهم في قوله: عن الحسين. قلنا: وسقط اسم أمِّ سلمة من إسناد ابن أبي شيبة، إذ هو عند الدارقطني.

ورواه يعقوب بن حميد بن كاسب - فيما أخرجه السهميُّ في "تاريخ جرجان" ص367- عن حاتم بن إسماعيل ومحمد بن جعفر بن محمد وعبد الله ابن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال محمد بن جعفر وعبد الله بن ميمون: عن علي بن الحسين، قالوا جميعاً: عن زينب بنت أمِّ سلمة، عن أمِّ سَلَمة، أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...

وقال السهمي: قال لنا ابن عدي: إنما يُستغرب من رواية محمد بن جعفر، عن أبيه، وحاتم بنُ إسماعيل ثقة، وعبد اللّه بنُ ميمون مولى جعفر بن محمد ضعيف. قلنا: ولم يذكر حاتم بن إسماعيل عليَّ بنَ الحسين في الإسناد.

قال الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 176: الصحيح قول من قال: عن علي ابن الحسين عن زينب.

وسيرد بالارقام (26612) و (26622) و (26696) و (26710) و (26741) .

وفي الباب عن ابن مسعود سلف برقم (3791) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب، ونزيد عليها حديث عثمان، سلف برقم (441) ، وحديث أبي هريرة (9049) ، وحديث ميمونة، وأمِّ حكيم، وأمِّ عامر، وضُباعة بنت الزبير، سترد (على التوالي) بالأرقام (26813) و (27091) و (27099) و (27354) .

 

وعلى النقيض توجد رواية عن أم سلمة مناقضة بأنها أكدت الوضوء من النار مما أنضجت النار كسنة وشعيرة واجبة! كذب مفضوح وتناقض وتضارب، روى أحمد:

 

26724 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلَاءَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ ظِئْرَكَ سُلَيْمًا لَا يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ . قَالَ: فَضَرَبَ صَدْرَ (2) سُلَيْمٍ . وَقَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْهَا كَانَتْ تَشْهَدُ أَنَّ (3) رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ " (4)

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، عبد العزيز بن محمد - وهو الدراوردي - مختلف فيه، وهو حسن الحديث، ومحمد بن طحلاء: قال أبو حاتم: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق وبقية رجال الإسناد ثفات رجال الشيخين، غير أحمد بن الحجاج - وهو البَكْري الذُّهْلي- فمن رجال البخاري. أبو سَلَمة: هو ابن عبد الرحمن ابن عوف.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (924) من طريق يعقوب بن حميد، عن عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد.

وله شاهد - من حديث أبي هريرة، سلف برقم (7605) بإسناد صحيح، وذكرنا هناك أحاديث الباب، وهذا الحديث من الأحاديث المنسوخة، كما بينا ذلك في الرواية ثمة، فانظرها.

 

18219 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ إِيَادٍ، حَدَّثَنَا إِيَادٌ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَرْحَانَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَكَلَ طَعَامًا، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ، وَقَدْ كَانَ تَوَضَّأَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُهُ بِمَاءٍ لِيَتَوَضَّأَ مِنْهُ، فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: " وَرَاءَكَ "، فَسَاءَنِي وَاللهِ ذَلِكَ، ثُمَّ صَلَّى، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّ الْمُغِيرَةَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِ انْتِهَارُكَ إِيَّاهُ، وَخَشِيَ أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسِكَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِي شَيْءٌ (1) إِلَّا خَيْرٌ، وَلَكِنْ أَتَانِي بِمَاءٍ لِأَتَوَضَّأَ، وَإِنَّمَا أَكَلْتُ طَعَامًا وَلَوْ فَعَلْتُ فَعَلَ ذَلِكَ النَّاسُ بَعْدِي " (2)

 

(1) كلمة "شيء" ليست في (ظ 13) .

(2) إسناده حسن، سويد بن سرحان ، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" 4/324، وهو من رجال "التعجيل"، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير عبيد الله بن إياد وأبيه إياد- وهو ابن لقيط السَّدُوسي- فمن رجال مسلم. عفان : هو ابن مسلم الصفار، وأبو الوليد: هو الطيالسي. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/48 عن عفان ، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (1008) من طريق أبي الوليد الطيالسي، وعاصم بن علي، وأبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبيد الله بن إياد، به. وقد سقط من إسناده: "إياد بن لقيط" والد عبيد الله. وانظر الحديث السالف برقم (18212) .

قال السندي: قوله: "وراءك" بالنصب، أي: كن وراءك، أي: تأخر، وهو اسم فعل بمعنى تأخر.

 

18212 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي صَخْرَةَ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: ضِفْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَمَرَ بِجَنْبٍ، فَشُوِيَ، قَالَ: فَأَخَذَ الشَّفْرَةَ ، فَجَعَلَ يَحُزُّ لِي بِهَا مِنْهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَأَلْقَى الشَّفْرَةَ، وَقَالَ: " مَا لَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ ؟ "، قَالَ مُغِيرَةُ: وَكَانَ شَارِبِي وَفَى فَقَصَّهُ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سِوَاكٍ، أَوْ قَالَ: " أَقُصُّهُ لَكَ عَلَى سِوَاكٍ "

 

إسناده حسن، مغيرة بن عبد الله- وهو ابن أبي عقيل اليشكري- روى عنه جمع، ولم يؤثر توثيقه عن غير العجلي وابن حبان - وتابعهما الحافظ في "التقريب"، ولم يرو له مسلم سوى حديث واحد في القدر، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، ومسعر: هو ابن كدام. وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 28/380 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (188) ، والترمذي في "الشمائل" (168) ، وابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني " (1550) مختصراً، والطبراني في "الكبير" 20/ (1059) من طرق، عن وكيع، به. زاد أبو داود بعد قوله: "ما له تَرِبَت يداه": وقام يصلي. وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (6655) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/230، والطبراني في "الكبير" 20/ (1058) ، وابنُ عبد البر في "التمهيد" 24/144 من طريقين، عن مسعر، به. وأخرج نحوه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1551) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (1060) ، والبيهقي في "شعب الأيمان" (6447) من طريق غالب ابن نجيح، عن جامع بن شداد، به. وأخرج الطيالسي (698) - ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" 1/150-151- والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/229 من طريق عبد الرحمن بن زياد وعبد الله بن رجاء، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي، عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً طويل الشارب، فدعا بسواك وشفرة، فقص شارب الرجل على عود السواك. والمسعودي ثقة اختلط، لكن سماع عبد الله بن رجاء منه قبل اختلاطه. وسيكرر برقم (18236) ، وانظر (18219). وفي الباب في ترك الوضوء مما مست النار عن ابن عباس، سلف بالأرقام (1988) و (2002) و (2461). وعن أبي هريرة، سلف برقم (9049) ، وانظر التعليق على حديث أبي هريرة مرفوعاً: توضؤوا مما مست النار" السالف برقم (7605). وعن عمرو بن أمية، سلف بالأرقام (17248) و (17249) و (17250).

وقوله: فألقى الشفرة، وقال: "ما له تربت يداه" إنما هو من أجل تأخير الصلاة حتى يفرغ من الطعام، وقد سلف من حديث ابن عمر برقم (4709) الرُّخصة في ذلك، ولفظه عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1986) : "إذا كان أحدكم على الطعام، فلا يعجل عنه حتى يقضي حاجته، وإن أقيمت الصلاة".

قال السندي: ضِفْتُ، بكسر ضاد، أي: نزلت ضيفاً له.  فجعل يَحُزُ، أي: يقطع، أي: فتولى للخدمة بنفسه، كما هو دأب الكرام للضيف، إكراما له.  وقال: "ماله ترِبَت يداه"، أي: حيث لم يُؤَخر الصلاةَ ليلةَ الضيف حتى يُتِمَّ أمره.  وَفَى، أي: كَثُر، فطال.

 

17618 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ عَمْرٍو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ " رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَزَّ مِنْ كَتِفٍ فَأَكَلَ، فَأَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَأَلْقَى السِّكِّينَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (634) ، ومن طريقه أخرجه الترمذي (1836) .

وأخرجه البخاري (5422) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، به.

 

17249 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ أَبَاهُ، قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَطَرَحَ السِّكِّينَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد ابن إبراهيم الزهري، وصالح: هو ابن كيسان المدني. وأخرجه البخاري (675) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/66 من طريق عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه ابن حبان (1150) من طريق موسى بن عقبة، عن صالح بن كيسان، عن الفضل بن عمرو بن أمية، عن أبيه، به.

وأخرجه الشافعي في "المسند" 1/36 "بترتيب السندي"، والحميدي (898) ، وابن أبي شيبة 1/48، والبخاري (208) و (2923) و (5408) و (5462) ، ومسلم (355) (93) ، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 8/136، والدارمي 1/185، وابن حبان (1141) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 1/153 و154 و3/74 من طرق عن الزهري، به.

وعلقه البخاري (5462) بصيغة الجزم، فقال: قال الليث: حدثني يونس، عن ابن شهاب، به.

وأخرجه ابن ماجه (490) من طريق الأوزاعي، عن الزهري، به. بلفظ: أن عمرو بن أمية شهد على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أكل طعاماً مما غيرت النار، ثم صلى ولم يتوضأ.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (969) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن الزهري، عن جعفر بن عمرو بن أمية، عن أخيه، عن أبيه عمرو بن أمية، به.

وانظر سابقه. وسيكرر بإسناده ومتنه 5/288.

 

17613 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ فُلَانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ لَحْمًا أَوْ عَرْقًا، فَلَمْ يُمَضْمِضْ، وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً، فَصَلَّى"

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وفلان بن عمرو: هو جعفر بن عمرو كما في الرواية التي تليها. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (23) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/210 من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وسلف الحديث من طريق فليح، عن الزهري برقم (17248) .

 

17614 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ " رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْ كَتِفٍ يَحْتَزُّ مِنْهَا، ثُمَّ دُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ " (2)

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أبي كامل- وهو مظفر بن مدرك- فمن رجال الترمذي والنسائي، وهو ثقة. وانظر ما قبله.

 

(17248) 17380- حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ عُضْوًا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.(4/139).

 

حديث صحيح، فُلَيح- وهو ابن سليمان الخزاعي- اختُلف فيه، وقد احتج به الشيخان، إلا أن الحافظ قال في مقدمة "الفتح" ص435: لم يعتمد عليه البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما، وإنما أخرج له أحاديث أكثرها في المناقب وبعضها في الرقاق. قلنا: وهو متابع. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. أبو عامر: هو العَقَدي، واسمه عبد الملك بن عمرو.

وسيأتي بنحوه بالأرقام (17249) و (17250) و (17613) و (17614) و (17618) و5/288. وسيكرر بإسناده ومتنه 5/287.

وقد سلف ذكر أحاديث الباب في مسند أبي هريرة عند تخريج الرواية (7605) .

 

15020 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ أَخِي بَنِي سَلِمَةَ، وَمَعِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَبُو الْأَسْبَاطِ، مَوْلًى لِعَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ كَانَ يَتْبَعُ الْعِلْمَ، قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَنِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ مِنَ الطَّعَامِ، فَقَالَ: خَرَجْتُ أُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِهِ، فَلَمْ أَجِدْهُ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ لِي: هُوَ بِالْأَسْوَافِ عِنْدَ بَنَاتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، أَخِي بَلْحَارِثِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ مِيرَاثَهُنَّ مِنْ أَبِيهِنَّ، قَالَ: وَكُنَّ أَوَّلَ نِسْوَةٍ وَرِثْنَ مِنْ أَبِيهِنَّ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ الْأَسْوَافَ، وَهُوَ مَالُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورٍ مِنْ نَخْلٍ، قَدْ رُشَّ لَهُ فَهُوَ فِيهِ قَالَ: فَأُتِيَ بِغَدَاءٍ مِنْ خُبْزٍ، وَلَحْمٍ قَدْ صُنِعَ لَهُ، " فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكَلَ الْقَوْمُ مَعَهُ قَالَ: ثُمَّ بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلظُّهْرِ، وَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ مَعَهُ " قَالَ: " ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ "، قَالَ: " ثُمَّ قَعَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَا بَقِيَ مِنْ قِسْمَتِهِ لَهُنَّ حَتَّى حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وَفَرَغَ مِنْ أَمْرِهِ مِنْهُنَّ "، قَالَ: "فَرَدُّوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلَ غَدَائِهِ مِنَ الْخُبْزِ، وَاللَّحْمِ فَأَكَلَ، وَأَكَلَ الْقَوْمُ مَعَهُ، ثُمَّ نَهَضَ، فَصَلَّى بِنَا الْعَصْرَ، وَمَا مَسَّ مَاءً وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ"

 

إسناده محتمل للتحسين، عبد الله بن محمد بن عقيل حديثه حسن في المتابعات والشواهد، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن إسحاق، فهو صدوق. يعقوب شيخ المصنف: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري. وقد سلف برقم (14299) أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل لحماً ثم صلى ولم يتوضأ، ولم تذكر فيه قصة ميراث بنات سعد بن الربيع، وقد سلفت هذه القصة برقم (14798) ، وكلاهما من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، فانظرهما، وانظر أيضاً ما سيأتي من طريقه برقم (15162) .

الأسواف: موضع بالمدينة قرب البقيع.  قوله: "صَوْر من نخل " قال ابن الأثير: الصَّوْرُ: الجماعة من النخل، ولا واحد له من لفظه، ويجمع على صِيران.

 

(27091) 27631- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، أَنَّ صَالِحًا أَبَا الْخَلِيلِ حَدَّثَهُ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، أَنَّ أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَتْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَنَهَسَ مِنْ كَتِفٍ عِنْدَهَا ثُمَّ صَلَّى وَمَا تَوَضَّأَ مِنْ ذَلِكَ. (6/371)

 

تركُ الوضوء ممَّا مَسَّتِ النار صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على قتادة، وهو ابنُ دِعامة السَّدُوسي: فرواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، واختلف عليه فيه: فرواه يزيد بن هارون - كما عند أحمد في هذه الرواية وابن أبي شيبة 1/49، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3159) ، والطبراني في "الكبير" 25/ (214) -وروحُ بنُ عبادة- كما سيرد برقم (27355) -وخالدُ بنُ الحارث ومحمدُ بنُ أبي عديّ- كما عند الطبراني 25/ (214) أيضاً- أربعتهم عن سعيد بن أبي عَروبة، بهذا الإسناد. وعند أحمد (27355) والطبراني: دخل على أختها ضُباعة بنت الزبير. ورواه خالد بن عبد الله الواسطي، وعبد الله بن نمير- فيما ذكر الدارقطني في "العلل" 5/ورقة 223- عن سعيد، عن قتادة، عن عبد الله بن الحارث. قال خالد: عن أم حكيم بنت الزبرِ، وقال ابن نمير: عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه دخل على ضُباعة. ورواه هشام الدستوائي عن قتادة، واختلف عنه: فرواه معاذ بن هشام الدستوائي - كما سيرد في الرواية (27356) - عن أبيه، عن قتادة، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن أمِّ حكيم بنت الزُّبير، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه محمد بن بشر- فيما ذكر الدارقطني في "العلل" - عن هشام، عن قتادة، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، فقال: عن جدَّته أمِّ الحكم، عن أختها ضُباعة بنت الزبير، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك رواه همَّام بنُ يحيى، عن قتادة، كما سيرد برقم (27357).  ورواه موسى بن خَلَف العمِّي - كما عند ابن أبي عاصم (3155) ، والطبراني 24/ (838) ، والدارقطني في "العلل"- عن قتادة، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن أمِّ عطية، عن أختها ضُباعة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال الدارقطني: ووهم في قوله: أم عطية، وإنما هي أمُّ الحكم، وقيل: عن موسى ابن خلف، عن قتادة، عن أبي المليح، عن إسحاق بن عبد الله، ولا يصحُّ فيه أبو المليح. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3158) - ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" 7/322- عن هُدْبة بن خالد، والحارث (95) (زوائد) عن داود بن المحَبّر، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/65، والطبراني في "الكبير" 25/ (213) من طريق حجاج بن المنهال، ثلاثتهم عن حمَّاد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أم حكيم، قالت: دخل عليَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأكل كتفاً، فآذَنَه بلالٌ بالأذان، فصلَّى ولم يتوضَّأ. وهذا إسناد حسن من أجل عمَّار بن أبي عمَّار. داود بن المحبَّر- وإن كان متروكاً- توبع. وسيكرر سنداً ومتناً برقم (27354) . وسيرد بالأرقام: (27355) و (27356) و (27357). وانظر (27031) .

وفي باب ترك الوضوء مما مسَّت النار عن عثمان، وابن عباس، وابن مسعود، وأبي هريرة، وجابر بن عبد الله، وسويد بن النعمان، وعمرو بن أمية، وعبد الله بن الحارث بن جزء، والمغيرة بن شعبة، وأنس بن مالك، وأبي رافع، وعائشة، وفاطمة وأمِّ سلمة، وأمِّ عامر: وردت أحاديثُهم في المسند (على التوالي) بالأرقام: (441) و (1998) و (3791) و (9049) و (14262) و (15800) و (17248) و (17702) و (18219) و (21180) و (23867) و (25282) و (26418) و (26502) و (27099) .

 

26813 - حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، وَعَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُكَيْرٌ، أَنَّ كُرَيْبًا، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ مَيْمُونَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: " أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَتِفٍ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، ابنُ لهيعة - وهو عبد الله - وإن كان سيِّىء الحفظ، إلا أن عبد الله - وهو ابن المبارك - صحيح السماع منه، وقد توبع، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير عتَّاب بن زياد - وهو الخراساني - فقد أخرج له ابن ماجه، وهو ثقة، وكذلك علي بن إسحاق- وهوالمروزي - ممن رجال الترمذي، وهو ثقة. بُكير: هو ابن عبد اللّه الأشج.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (74) من طريق عبد الغفار بن داود أبي صالح، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (210) ، ومسلم (356) ، والطبراني 23/ (1068) ، والبيهقي في "السنن" 1/154 من طريق عمرو بن الحارث، والطبراني  24/ (70) من طريق أبي شريح، كلاهما عن بكير، به.

وأخرجه مسلم عقب (356) ، والبيهقي 1/154 من طريق يعقوب بن الأشج، عن كريب مولى ابن عباس، به.

وفي الباب عن أم سلمة، وقد سلف برقم (26502) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

 

ما علاقة تناولي الطعام بفمي بغسل يدي وذراعي وقدمي وأنفي وأذني وشعر رأسي (بدون ترتيب لطقس الوضوء)، فيما شرع محمد لهذا الطقس وفيما ألغاه؟! عبث وانعدام منطق ومعنى غير عادي حقًّا.

 

وواضح من الأحاديث الصحيحة الإسناد أن بعض الصحابة لم يصلهم أمر محمد بنسخ وإلغاء هذا التشريع، ضمن عبثيته التشريعية، وأنهم لم يصدقوا من بلغهم بالخبر من أصحابهم أصحاب محمد الآخرين، ولذلك لفق آخرون أحاديث لأبي هريرة نفسه رغم عمله المعروف المشهور في ذلك، تقول أنه هو نفسه بلّغ بهذا الخبر، وهذا كذب لأنه لم يعرفه ولم يعمل به، روى أحمد:

 

(9049) 9037- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ، فَمَضْمَضَ ، وَغَسَلَ يَدَهُ وَصَلَّى. (2/389).

 

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الطيالسي (2411) عن وهيب بن خالد، بهذا الإسناد.وأخرجه الترمذي في "الشمائل" (177) ، وابن ماجه (493) ، والبزار (297 - كشف الأستار) ، وابن خزيمة (42) ، والطحاوي 1/67، وابن حبان (1151) ، والبيهقي 1/156 من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به. وزادوا فيه -عدا ابن ماجه- الحديث التالي في وضوء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أكل الأقط.

 

(9050) 9038- حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَكَلَ أَثْوَارَ أَقِطٍ ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ثم صَلَّى.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم.

 

كذب الرواة ونسبتهم الأخبار المتناقضة لنفس الصحابي أو لمحمد نفسه كما سترى في كثير من أبواب هذا الكتاب.

وانظر أحمد 7605 و9519 و9907 و9049 و9050 و10071 و10204 و10542 و10848 وقارن أحمد 1988 و17248

 

وروى أبو داوود:

 

192 - حدَّثنا موسى بنُ سهل أبو عِمران الرَّمليُّ، حدَّثنا عليّ بنُ عيَّاش، حدَّثنا شُعيب بن أبي حمزة، عن محمَّد بن المُنكَدر عن جابر، قال: كانَ آخِرَ الأمرَين مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَرْكُ الوضوءِ ممَّا غَيَّرَت النَّارُ.

 

إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (188) من طريق شعيب بن أبي حمزة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1134).

 

وبطبيعة الحال اختلافات الصحابة كانت واسعة في كثير من الطقسيات والشرائع، روى أحمد:

 

3464 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ بَكْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، أخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَرَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ: أَتَدْرِي مِمَّا أَتَوَضَّأُ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ أَثْوَارِ أَقِطٍ أَكَلْتُهَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا أُبَالِي مِمَّا تَوَضَّأْتَ، أَشْهَدُ لَرَأَيْتُ " رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفَ لَحْمٍ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَمَا تَوَضَّأَ " قَالَ: " وَسُلَيْمَانُ حَاضِرٌ ذَلِكَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن يوسف: هو ابن عبد الله الكندي المدني. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (642) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني (10757). وأخرجه النسائي 1/108 من طريق خالد بن الحارث بن عبيد، وأبو يعلى (2733) من طريق مخلد بن يزيد الحراني، والبيهقي 1/157-158 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، ثلاثتهم عن ابن جريج، به. ولم يذكر النسائي في حديثه قصة وضوء أبي هريرة. وانظر ما سلف برقم (1988) .

أثوار أقِط، أي: قصعاته، والأقِط: لبن مجفف مستحجر. وقوله: "ما أبالي مما توضأتَ"، قال السندي: بالخطاب، أي: ما أبالي مِن أكل ما توضأت أنت منه، ولا أتوضأ منه

 

10848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ يَعْنِي الْمُعَلِّمَ، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَمِعَ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيَّ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَوَضَّأُ مِنْ طَعَامٍ أَجِدُهُ حَلَالًا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّهُ مَحَشَتْهُ النَّارُ قَالَ: فَجَمَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَصًى بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ عَدَدَ هَذَا الْحَصَى لَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ"

 

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن المطلب بن عبد الله بن حنطب لم يسمع من أبي هريرة كما ذكر البخاري وأبو حاتم في "المراسيل" لابنه ص209. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد. والحسين: هو ابن ذكوان المعلم، ويحيى: هو ابن أبي كثير، وعبد الرحمن بن عمرو: هو الأوزاعي. وأخرجه النسائي 1/105-106 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد . وأخرجه الطحاوي 1/63 من طريق أبي معمر عبد الله بن عمرو المقعَد، عن عبد الوارث، به. وأخرجه الطحاوي 1/63 من طريق أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، به- وليس فيه في الموضعين قصة. وقد سلف الحديث (3464) بإسناد صحيح عن سليمان بن يسار أنه سمع ابن عباس ورأى أبا هريرة يتوضأ، فقال: أتدري مِم أتوضأ؟ قال: لا. قال: أتوضأ من أثوار أقِطٍ أكلتها، قال ابن عباس: ما أبالي مما توضأت، أشهد لرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل كتف لحم، ثم قام إلى الصلاة وما توضأ. قال: وسلمان حاضر ذلك منهما جميعاً.  وأخرج ابن أبي شيبة 1/50 (552) عن غندر محمد بن جعفر، عن شعبة، قال: سمعت عثمان مولى ثقيف يحدث عن أبي زياد، قال: شهدت ابن عباس وأبا هريرة وهم ينتظرون جَدْياً لهم في التنْور، فقال ابن عباس: أخرجوه لنا لا يفتنا في الصلاة، فأخرجوه، فأكلوا منه، ثم إن أبا هريرة توضأ، فقال له ابن عباس: أكَلْنا رِجْسا؟ قال: فقال أبو هريرة: أنت خير مني وأعلم. ثم صلوا.   وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آخر الحديث: "توضؤوا مما مست النار" صحيح، لكن الجمهور على أنه منسوخ، انظر ما سلف برقم (7605) .

 

نموذج لانعدام المنطق فلماذا سأغسل يدي ووجهي وأنفي وشعري وأذني وقدمي لتناولي طعامًا بفمي، وفيما شرع محمد تشريعه وفيما ألغاه، نماذج للهوس والتناقض واللامنطقية.

 

أما بالنسبة للشيعة الاثناعشرية فقد اكتفوا بإيراد أحاديث عدم الوضوء مما أنضجته النار في كتبهم، في تصرف شبيه بتصرف البخاري عند أهل السنة:

 

المحاسن : عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن الحسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الوضوء بعد الطعام ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأكل ، فجاء ابن ام مكتوم وفي يد رسول الله صلى الله عليه وآله كتف يأكل منها ، فوضع ماكان في يده منها ، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ ، فليس فيه طهور .
ومنه : عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عمن أكل لحما أو شرب لبنا هل عليه وضوء ؟ قال : لا قد أكل رسول الله صلى الله عليه وآله كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.
ومنه : عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي بصير قال : سالت أبا عبدالله عليه السلام أيتوضأ من ألبان الابل ؟ قال : لا ، ولا من الخبز واللحم.
ومنه : عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى وعبدالله بن المغيرة ، عن محمد بن سنان مثله.
ومنه : عن ابن العزرمي ، عن حاتم بن إسماعيل المديني ، عن جعفر ، عن أبيه عن الحسين بن علي ، عن زينب بنت ام سلمة قالت : اتي رسول الله صلى الله عليه وآله بكتف شاة فأكل منها وصلى ولم يمس ماء.
ومنه : عن جعفر بن محمد ، عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليه السلام عن أبيه عن علي بن الحسين عليهم السلام عن زينب بنت ام سلمة ، عن ام سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله اتي بكتف شاة وأكل منها ، ثم أذن الموذن بالعصر ، فصلى ولم يمس ماء.
ومنه : عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : سالت أبا عبدالله عليه السلام هل يتوضأ من الطعام أو شرب اللبن ؟ قال : لا.

بيان : الظاهر أن المراد بالوضوء في هذه الاخبار وضوء الصلاة لا غسل اليد وإن كان البرقي - ره أوردها في آداب الاكل ، وبالجملة تدل على عدم انتقاض الوضوء بأكل مامسته النار ردا على بعض المخالفين القائلين به ، ولا خلاف بيننا في عدم الانتقاض .
والمشهور بين المخالفين أيضا ذلك ، قال في شرح السنة بعد أن روى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ : هذا متفق على صحته ، وأكل مامسته النار لا يوجب الوضوء ، وهو قول الخلفاء الراشدين ، وأكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .
وذهب بعضهم إلى إيجاب الوضوء منه ، كان عمر بن العزيز يتوضأ من السكر واحتجوا بما روى أبوهريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : توضؤوا مما مسته النار ، ولو من ثور أقط والثور القطعة من الاقط ، وهذا منسوخ عند عامة أهل العلم ، وقال جابر : كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وآله ترك الوضوء مما غيرت النار .
وذهب جماعة من أهل الحديث إلى إيجاب الوضوء عن أكل لحم الابل خاصة وهو قول أحمد وإسحاق لرواية حملت على غسل اليد والفم للنظافة .

 

أما عند الإباضية، فجاء في مسند الربيع:

 

104) ... أبو عُبَيْدَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ بِلاَلُ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لاَ يُتَوَضَّأُ مِنْ طَعَامٍ أَحَلَّ اللَّهُ أَكْلَهُ».

 

111) ... أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَدَّمْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْساً مُلَتَّتًا بِسَمْنٍ، فَأَكَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

قَالَ الرَّبِيعُ: الْحَيْسُ: السُّوَيْقُ الْمُلَتَّتُ بِالسَّمْنِ.

 

317) ... أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْغِيبَةُ تُفْطِرُ الصَّائِمَ وَتَنْقُضُ الْوُضُوءَ».

 

وفي حاشية الترتيب لأبي ستة:

 

قوله: «لا يتوضأ من طعام أحل الله أكله» استدل به في الإيضاح على أن من أكل الميتة أو الدم أو لحم الخنزير لاضطراره لا ينتقض وضوءه، وكذلك إن أكل ما مست النار.

وأما ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "يتوضأ أحدكم مما مست النار"، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم على ما في بعض الكتب "الوضوء مما مست النار"، وقوله: "توضأوا مما مست النار" فالمراد به غسل اليد والفم منه، ومنهم من حمله على ظاهره وأوجب عليه وضوء الصلاة، قال النووي: ذهب جماهير العلماء من السلف إلى أنه لا ينتقض الوضوء بأكل ما مسته النار، وممن ذهب إليه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وأبو الدرداء وابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وجابر بن سمرة وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو هريرة وأبي بن كعب وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وعائشة رضي الله عنهم، وهؤلاء كلهم صحابة، وذهب إليه جماهير التابعين، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبي ثور وأبي خيثمة، وذهب طائفة إلى وجوب الوضوء الشرعي وضوء الصلاة بكل ما مسته النار، وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري والزهري وأبي قلابة وأبي مجلز، واحتج هؤلاء بحديث: "توضأوا مما مست النار"، احتج الجمهور بالأحاديث الواردة بترك الوضوء مما مسته النار، وأجابوا عن حديث الوضوء "مما مست النار" بجوابين: أحدهما: أنه منسوخ بحديث جابر رضي الله عنه: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ترك الوضوء مما مست النار" وهو حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من أهل السنن بأسانيدهم الصحيحة، والجواب الثاني: أن المراد بالوضوء غسل الفم والكفين، ثم إن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الأول، ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لا يجب الوضوء من كل ما مسته النار، انتهى من العلقمي.

قوله: «الغيبة تفطر الصائم وتنقض الوضوء»، الغيبة بكسر الغين والمراد بها غيبة المسلم لأن المنافق لا غيبة له لقوله عليه السلام: "اذكر الفاسق بما فيه يعرفه الناس" واستثنوا من ذلك الشرك والزنا كما هو معلوم، قال في الإيضاح "وروى ضمام قال: قيل لجابر بن زيد: أرأيت الرجل يكون وقاعا في الناس فأقع فيه، أله غيبة؟ قال: لا، قيل له: وما الذي تحرم غيبته؟ قال: رجل خفيف الظهر من دماء المسلمين، خفيف بطنه من أموالهم، أخرس اللسان عن أعراضهم، فهذا الذي تحرم غيبته، ومن سواه فلا حرمة له ولا غيبة فيه".

 

 

رغم تشديد النهي عن الاغتياب في مذهبي السنة والشيعة الاثناعشرية، لكنْ ليس عندهم أنه ينقض الوضوء.

 

عند الشيعة:

 

الخصال: عن أحمد بن محمد بن الهيثم وأحمد بن الحسن القطان ومحمد ابن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم المكتب وعبدالله بن محمد الصائغ وعلي بن عبد الله الوراق كلهم ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن الصادق عليه السلام قال : لا ينقض الوضوء إلا البول والريح والنوم والغائط والجنابة.


العيون : عن عبدالواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه السلام فيما كتب للمأمون من شرائع الدين قال : لا ينقض الوضوء إلا غايط أو بول أو ريح أو نوم أو جنابة.

 

وعند السنة، روى البخاري:

 

135 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ

 

نسخ وإلغاء حكم الوضوء عند كل صلاة وجوبًا

 

روى أحمد:

 

21960 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ الْأَنْصَارِيُّ، ثُمَّ الْمَازِنِيُّ مَازِنُ بَنِي النَّجَّارِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ، قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ وُضُوءَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، عَمَّ هُوَ ؟، فَقَالَ: حَدَّثَتْهُ (1) أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرِ الْغَسِيلِ، حَدَّثَهَا: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَوُضِعَ عَنْهُ الْوُضُوءُ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ " (2)

قَالَ: " فَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَرَى أَنَّ بِهِ قُوَّةً عَلَى ذَلِكَ، كَانَ يَفْعَلُهُ حَتَّى مَاتَ "

(1) قوله: "حدثته" أي: حدثت عبيد الله بن عبد الله بن عمر .

(2) إسناده حسن من أجل ابن إسحاق -وهو محمد-، وباقي رجال الإسناد ثقات . لكن قد اختلف على ابن إسحاق في اسم عبيد الله بن عبد الله بن عمر، فروي مصغراً ومكبراً كما سيأتي، ولا يضر، فكلاهما ثقة . يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري . وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/68، والبزار (3378) و (3382) ، وابن خزيمة (15) ، والحاكم 1/156 من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وسقط من إسناد البزار في الرواية الأولى: عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وتحرف في "التاريخ الكبير" وفي رواية البزار الثانية: إلى عبد الله بن عبد الله مكبراً، فقد نص أبو داود في "سننه": على أن رواية إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن عُبيد الله مصغراً . ولفظه عند البزار: أن رسولَ الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر بالوضوء لكل صلاة، فترك ذلك وأمرهم بالسواك لكل صلاة . وبنحوه رواية البخاري. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/263-264، ومن طريقه البيهقي 1/37-38 من طريق سعيد بن يحيى اللخمي، عن ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى، عن عبيد الله مصغراً، به كما أشار البيهقي عقبه . وفيه: فلما شقَّ ذلك عليهم، بدل "عليه". وأخرجه البخاري في "التاريخ" 5/67-68 من طريق يونس بن بكير الشيباني، وأخرجه الدارمي (658) ، وأبو داود (48) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2247) ، وابن خزيمة (15) و (138) ، والطحاوي 1/42-43، والبيهقي 1/37-38 من طريق أحمد بن خالد الوهبي، كلاهما عن ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر مكبراً . وتحرف عبد الله بن عبد الله في "سنن الدارمي" ورواية ابن خزيمة الأولى إلى: عُبيد الله مصغراً . قلنا: كلام أبي داود بإثر الحديث يشير إلى أن رواية أحمد بن خالد الوهبي عن عبد الله مكبراً . وأما رواية يونس بن بكير، فقد نقل ابن عساكر في "تاريخه" 9/ورقة 147-148 عن ابن منده أنها عن عبد الله مكبراً أيضاً .

قوله: "أُمِرَ" قال صَاحب "عون المعبود" 1/49: بضم الهمزة على بناء المفعول .  "فما شق ذلك" أي: الوضوء لكل صلاة . وفي "التوسط شرح سنن أبي داود": وهذا الأمر يحتمل كونه للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصاً به أو شاملاً لأمته، ويحتمل كونه بقوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا) [المائدة: 6] بأن تكون الآية على ظاهرها .

 

هذا يبدو منطقيًّا، عندما نقرأ عن طقوس اليهود للصلاة ووضوئهم قبلها، وعن طقوس الوضوء قبل الصلاة عند السومريين والبابليين وأمم شرقية أخرى، نلاحظ أنه كان طقسًا دينيًّا عند كل صلاة، ونفس الأمر كذلك عند الصابئة المندائيين، لكنْ لم يكن لمعظمهم صلوات كثيرة مليئة بالحركات الجسدية مثلما اخترع محمد في الإسلام، ومع تعدد صلوات الإسلام وطولها وحركاتها البدنية كان يجب الاختصار في طقس الوضوء.

 

روى البخاري:

 

214 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَساً ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ قَالَ يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ

 

وروى مسلم:

 

[ 277 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد ح وحدثني محمد بن حاتم واللفظ له حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال حدثني علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد ومسح على خفيه فقال له عمر لقد صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه قال عمدا صنعته يا عمر

نسخ الكلام في الصلاة

 

قبل أن تتحول الصلاة الإسلامية إلى تلك الصورة الجامدة الميكانيكية المتخشبة المضحكة، كان يجوز الرد على السلام والتحية أو السؤال عن شيء يسير خلالها، روى البخاري:

 

4534 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا أَخَاهُ فِي حَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ

 

1200 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ } الْآيَةَ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ

 

رواه أحمد 19278 وغيره

 

وروى أحمد:

 

18318 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ ".

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. عفان : هو ابن مسلم الصفار، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/75، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/249 من طريق عفان ، بهذا الإسناد. واللفظ عند ابن قانع: أتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلمتُ عليه، فرد عليَّ. وقد تحرف "أبو الزبير" في مطبوع ابن أبي شيبة إلى: "ابن الزبير". وأخرجه أبو يعلى (1634) عن إبراهيم بن الحجاج السامي، عن حماد، به. وأخرجه عبد الرزاق (3587) عن ابن جريج، وأخرجه البزار في "مسنده" (1416) ، والنسائي في "المجتبى" 3/6، وفي "الكبرى" (541) ، وأبو يعلى (1643) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/250، والحازمي في "الاعتبار" ص71 من طريق جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن عطاء، كلاهما عن محمد ابن الحنفية، به. وعند ابن قانع: أن عمار بن ياسر مرَّ بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي، فسلم عليه، فأشار إليه، وفي إسناده محمد بن محمد بن حيان التمار البصري، ذكره ابن حبان في "الثقات" 9/153 وقال: ربما أخطأ. وأخرجه البزار (1415) عن صفوان بن المغلس، عن موسى بن داود، عن حماد بن سلمة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن الحنفية، به. وصفوان بن المغلس لم نقع له على ترجمة. وقد ترجم النسائي للحديث بباب رد السلام بالإشارة في الصلاة، أما الحازمي. فترجم له بباب ما نُسخ من الكلام في الصلاة، وأورد الحديث من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، به. ثم قال: قال سفيان : هذا عندنا منسوخ. وقد أورد الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/81 عن عمار بن ياسر قال: أتيتُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي، فسلمتُ عليه، فلم يرد علي. قال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات. وقال أيضاً: لعمار عند النسائي أنه سلَّم فردَّ عليه، فيكون هذا ناسخاً لذاك، والله أعلم. قلنا: لم نقع على إسناد رواية الطبراني، لأن مسند عمار من القسم المخروم منه، ومن ثم فلا نعلم صحة هذه الرواية التي ذكرها، لأنه معلوم أن قولهم: رجاله ثقات، لا يقتضي الصحة. وفي باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة: عن أنس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يشير في الصلاة، سلف برقم (12407).  وعن جابر قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثني لحاجة ثم أدركته، فسلمت عليه، فأشار إلىَّ... سلف 3/334، وهو في "صحيح مسلم" (540).  وعن صهيب بن سنان قال: مررت برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي، فسلمت، فردَّ إلي، إشارة، وقال: لا أعلم إلا أنه قال: إشارة بأصبعه. أخرجه الترمذي (367) وقال: حسن، وسيرد برقم 4/438.  وعن بلال، وقد سأله عبد الله بن عمر: كيف كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرد عليهم حين كانوا يسلمون في الصلاة؟ قال: كان يشير بيده، أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، وسيرد 6/12. وقد سلف حديث عبد الله بن مسعود برقم (3563) وفيه: قال: كنا نسلّم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصلاة، فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي، سلمنا عليه، فلم يردَّ علينا، فقلنا: يا رسول الله، كنا نسلم عليك في الصلاة، فترد علينا؟ فقال: "إنَ في الصلاة لشغلاً". وذكرنا بقية أحاديث الباب ثمت.

قال السندي: قوله : فردَّ عليَّ السلام، أي: بالكلام قبل نسخه، أو بالإشارة بعد نسخه.

وقال القرطبي في "المفهم" 2/148 في شرحه على حديث جابر في رد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السلام بالإشارة: حديثُ جابر حجةٌ لمالك، ولمن قال بقوله، على جواز ردِّ المصلي السلام بالإشارة، وعلى جواز ابتداءِ السلام على المصلي، وعلى أن العمل القليل في الصلاة لا يفسدها، وعلى منع الكلام في الصلاة.

 

وروى البخاري:

 

1199 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا وَقَالَ إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا

 

1200 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ } الْآيَةَ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ

 

1216 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ أُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيَّ فَلَمَّا رَجَعْنَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ وَقَالَ إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا

 

النص "الآية" في القرآن:

 

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} البقرة

 

وروى مسلم:

 

[ 537 ] حدثنا أبو جعفر محمد بن الصباح وأبو بكر بن أبي شيبة وتقاربا في لفظ الحديث قالا حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالا يأتون الكهان قال فلا تأتهم قال ومنا رجال يتطيرون قال ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم قال بن الصباح فلا يصدنكم قال قلت ومنا رجال يخطون قال كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك قال وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بنى آدم آسف كما يأسفون لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي قلت يا رسول الله أفلا أعتقها قال ائتني بها فأتيته بها فقال لها أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة

 

[ 538 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير وأبو سعيد الأشج وألفاظهم متقاربة قالوا حدثنا بن فضيل حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا فقال إن في الصلاة شغلا

 

[ 539 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت { وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام

   

[ 540 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن جابر أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجة ثم أدركته وهو يسير قال قتيبة يصلي فسلمت عليه فأشار إلي فلما فرغ دعاني فقال إنك سلمت آنفا وأنا أصلي وهو موجه حينئذ قبل المشرق

 

 [ 540 ] حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثني أبو الزبير عن جابر قال أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال لي بيده هكذا وأومأ زهير بيده ثم كلمته فقال لي هكذا فأومأ زهير أيضا بيده نحو الأرض وأنا أسمعه يقرأ يومئ برأسه فلما فرغ قال ما فعلت في الذي أرسلتك له فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلي قال زهير وأبو الزبير جالس مستقبل الكعبة فقال بيده أبو الزبير إلى بني المصطلق فقال بيده إلى غير الكعبة

 

 [ 540 ] حدثنا أبو كامل الجحدري حدثنا حماد بن زيد عن كثير عن عطاء عن جابر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فبعثني في حاجة فرجعت وهو يصلي على راحلته ووجهه على غير القبلة فسلمت عليه فلم يرد علي فلما انصرف قال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي

 

وروى أحمد:

 

(23762) 24163- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ : وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ قَالَ : فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصْمِتُونِي ، لَكِنِّي سَكَتُّ ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ، وَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلاَ شَتَمَنِي وَلاَ ضَرَبَنِي قَالَ : إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ هَذَا ، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. إلخ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه، فمن رجال مسلم. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلَيَّةَ، والحجاج بن أبي عثمان: هو الصوَّاف، وهلال بن أبي ميمونة: هو هلال بن علي بن أُسامة العامري. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/432 و8/33 و11/19-20، والدارمي (1503) ، ومسلم (537) وص1749، وأبو داود (930) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1399) ، وابن الجارود (212) ، وابن خزيمة (859) ، وأبو عوانة (1728) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد - واقتصر الدارمي على قصة الصلاة، ولم يذكر ابن خزيمة في حديثه قصة الجارية.// وأخرجه بطوله الطيالسي (1150) ، ومسلم (537) ، والنسائي في "المجتبى" 3/14-18، وفي "الكبرى" (1141) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (859) ، وأبو عوانة (1727) ، وابن حبان (2247) ، والبيهقي في "السنن" 2/249-250 و250، وفي "الأسماء والصفات" ص421، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/79-80 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. ولم يذكر فيه ابن خزيمة والبيهقي في "السنن" قصة الجاردة.// وأخرج قصة الصلاة الدارمي (1502) ، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (193) ، والنسائي في "الكبرى" (556) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/446، والطبراني في "الكبير" 19/ (945) و (948) ، والبيهقي في "السنن" 2/249، وفي "القراءة خلف الإمام" (177) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (19501) ، ومسلم ص1749، والطبراني 19/ (940) و (941) و (944) ، والبغوي في "شرح السنة" (3259) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به - في خط الأنبياء وإتيان الكهان. وأخرج قصة الصلاة البخاريُّ في "القراءة خلف الإمام" (68) ، وفي "خلق أفعال العباد" (530) ، وأبو داود (931) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/446، والبيهقي في "السنن" 2/249 من طريق فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، به. وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/776-777، ومن طريقه الشافعي في "الرسالة" (242) ، والنسائي في "الكبرى" (7756) و (11465) ، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/283، والطحاوي في "شرح المشكل" (4992) و (5331) ، والبيهقي في "السنن" 7/387 و10/57، والخطيب في "الموضح" 1/187، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/76 و77 و78 و79 عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عمر بن الحكم. وقال الطحاوي في "شرح المشكل" 13/367: هكذا يقول مالك في إسناد هذا الحديث: هلال بن أسامة، والذين يروونه سواه عن هلال، يقول بعضهم: هلال بن علي، ويقول بعضهم: هلال بن أبي ميمونة.

 

3575 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ كُنَّا بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، أَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ، فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ، حَتَّى قَضَوْا الصَّلَاةَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحْدِثُ فِي أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّهُ قَدْ أُحْدِثَ مِنْ أَمْرِهِ : أَنْ لَا نَتَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ "

 

صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النجود- وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي. وأخرجه الشافعي في "مسنده" 1/119 (بترتيب السندي) ، وعبد الرزاق (3594) ، والحميدي (94) ، وابن أبي شيبة 2/73، والنسائي في "المجتبى" 3/19، وأبو يعلى (4971) ، والطبراني في "الكبير" (10122) ، وابن حبان (2243) و (2244) ، والبيهقي في "السنن" 2/356، والبغوي (723) من طريق سفيان بن عيينة -شيخ أحمد-، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (924) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/451، 455، والطبراني في "الكبير" (10123) من طرق عن عاصم، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10130) من طريق أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن المسيب بن رافع، عن عبد الله. وعلقه البخاري بصيغة الجزم عن ابن مسعود في "صحيحه" 13/496. وسيأتي برقم (3885) و (3944) و (4145) و (4417) ، وسلف بإسناد صحيح برقم (3563) بلفظ: "إن في الصلاة لشغلاً"، وذكرنا هناك شواهده.

قوله: "فأخذني ما قَرب وما بَعد": قال السندي: هما ككَرم، أي: غلب على التفكر في أحوالي القديمة والحديثة أيها كان سبباً لترك رد السلام.

 

4145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ، وَيُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، وَيُوصِي أَحَدُنَا بِالْحَاجَةِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ، وَمَا حَدُثَ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ، وَإِنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ "

 

صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم، وهو ابن أبي النجود، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وزائدة: هو ابن قدامة، وشقيق: هو ابن سلمة الأسدي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10121) ، والبيهقي في "السنن " 2/248 من طريقين عن زائدة، بهذا الإسناد. وتقدم برقم (3575) و (3585) و (3944) ، وسيأتي برقم (4417). وتقدم بإسناد صحيح برقْم (3563) ، بلفظ: "إن في الصلاة لشغلاً".

 

ومن العجيب اتباع عبد الله بن مسعود في إحدى الحالات لما يشبه الكلام في الصلاة ولو كان يجوز اعتباره من قبيل الذكر بغير القرآن، روى أحمد:

 

3870 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ سَلْمَانَ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ، جُلُوسًا، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: قَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ . فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، رَأَيْنَا النَّاسَ رُكُوعًا، فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، فَكَبَّرَ وَرَكَعَ، وَرَكَعْنَا ثُمَّ مَشَيْنَا، وَصَنَعْنَا مِثْلَ الَّذِي صَنَعَ، فَمَرَّ رَجُلٌ يُسْرِعُ، فَقَالَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا وَرَجَعْنَا، دَخَلَ إِلَى أَهْلِهِ، جَلَسْنَا، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَمَا سَمِعْتُمْ رَدَّهُ عَلَى الرَّجُلِ: صَدَقَ اللهُ، وَبَلَّغَتْ رُسُلُهُ، أَيُّكُمْ يَسْأَلُهُ ؟ فَقَالَ طَارِقٌ: أَنَا أَسْأَلُهُ، فَسَأَلَهُ حِينَ خَرَجَ، فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تَسْلِيمَ الْخَاصَّةِ، وَفُشُوَّ التِّجَارَةِ، حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ، وَقَطْعَ الْأَرْحَامِ، وَشَهَادَةَ الزُّورِ، وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ، وَظُهُورَ الْقَلَمِ "

 

(1) في هامش (س) و (ص) : صدق الله وبلغت رسله.

(2) إسناده حسن، سيار -وهو أبو حمزة الكوفي-، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" 6/421، وهو مذكور في بعض نسخ الكتاب دون بعض -كما ذكر محقق الكتاب-، ولم يرد ذكره في النسخة التي وقعت للحافظ ابن حجر، فقال في "تهذيب التهذيب" 4/292: ولم أجد لأبي حمزة ذكراً في "ثقات" ابن حبان، فينظر. وقد نقل المزي في "تهذيب الكمال" عن أحمد وأبي داود ويحيى والدارقطني وغيرهم أنهم قالوا: قد أخطأ من قال: هو سيار أبو الحكم. وقد روى له أصحاب السنن عدا النسائي، والبخاري في "الأدب المفرد"، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير. وأخرجه مختصراً البزار (3407) من طريق أبي أحمد -شيخ أحمد-، بهذا الإسناد، وقال: لا نعلمه يروى من حديث طارق عن عبد الله إلا من هذا الوجه. وأخرجه البخاري بتمامه في "الأدب المفرد" (1049) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/4-5 و4/385، والحاكم 4/445-446، من طريق أبي نعيم، عن بشير بن سلمان، عن سيار أبي الحكم، عن طارق، به. وسيار هذا تقدم أنه أبو حمزة لا أبو الحكم. وسكت عنه الحاكم والذهبي. وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/329، وقال: رواه كله أحمد، والبزار ببعضه، وزاد: "وأن يجتاز الرجل بالمسجد فلا يصلي فيه"، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح! وهذا وهم من الهيثمي أيضاً ظن أن سياراً هو أبو الحكم، وإنما هو أبو حمزة الكوفي كما ذكرنا آنفاً، وليس هو من رجال الصحيح. وقد سلف مختصراً برقم (3664). ولبعضه شاهد من حديث عمرو بن تغلب عند الطيالسي في "مسنده" (1171) ، رواه عن ابن فضالة -وهو مبارك-، عن الحسن -وهو البصري-، قال: قال عمرو بن تغلب: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر، وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوماً كأن وجوههم المجانّ المطْرقة، وإن من أشراط الساعة أن يكثر التجار، ويظهر القلم"، وأخرج قسميه الأولين أحمد كما سيرد 5/70، وصرح الحسن عنده بالتحديث، وعنده جرير بن حازم بدل مبارك بن فضالة.

قال السندي: قوله: تسليم الخاصة: أي: تسليم المعارف فقط.

3982 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا بَشِيرٌ أَبُو إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تَسْلِيمُ الرَّجُلِ عَلَيْكَ، فَقُلْتَ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ؟ قَالَ: فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تَسْلِيمُ الْخَاصَّةِ، وَتَفْشُو التِّجَارَةُ، حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ، وَتُقْطَعُ الْأَرْحَامُ "

 

إسناده حسن، وقوله: سيار أبو الحكم خطأ، صوابه: سيار أبو حمزة، وقد سلف الكلام فيه برقم (3870) ، والإمام أحمد نفسه نبه على هذا الخطأ في "العلل " برقم (588) ، ونقل ذلك عنه وعن غيره المزي في "تهذيب الكمال " في ترجمة سيار أبي حمزة الكوفي. وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح، طارق: هو ابن شهاب الأحمسي. وسلف تخريجه برقم (3870) .

قوله: "تسليم الرجل عليك ": قال السندي: أي تحقق أو حصل، فقلت أنت عند ذلك: صدق الله ورسوله، فما وجهه؟

 

ورووا حالة مشابهة في عصر محمد، وهي مخالفة لما عليه عمل جمهورهم من خلال عشرتي معهم كطفل بينهم أثناء الصلوات في جماعة لزمن طويل، فروى الترمذي:

 

404 - حدثنا قتيبة حدثنا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع الزرقي عن عم أبيه معاذ بن رفاعة عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال من المتكلم في الصلاة فلم يتكلم أحد ثم قالها الثانية من المتكلم في الصلاة ؟ فلم يتكلم أحد ثم قالها الثالثة من المتكلم في الصلاة ؟ فقال رفاعة بن رافع ابن عفراء أنا يا رسول الله قال كيف قلت ؟ قال قلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فقال النبي صلى الله عليه و سلم والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها

[ قال ] وفي الباب عن أنس ووائل بن حجر وعامر بن ربيعة

قال أبو عيسى حديث رفاعة حديث حسن

وكأن هذا الحديث عند بعض أهل العلم أنه في التطوع، لأن غير واحد من التابعين قالوا إذا عطس الرجل في الصلاة المكتوبة إنما يحمد الله في نفسه ولم يوسعوا في أكثر من ذلك

 

قال الألباني: حسن

ورواه أحمد 18996 بإسناد صحيح على شرط البخاري. وأخرجه الحاكم 1/225 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وقال : هذا حديث صحيح من حديث المدنيين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي! وهو عند مالك في "الموطأ" 1/211-212، وأخرجه من طريقه البخاري (799) ، وأبو داود (770) ، والنسائي في "المجتبى" 2/196، وفي "الكبرى" (649) ، وابن خزيمة (614) ، وابن حبان (1910) ، والطبراني في "الكبير" (4531) ، والحاكم 1/225، والبيهقي في "السنن" 2/95. وأخرجه أبو داود (773) ، والترمذي (404) ، والنسائي في "المجتبى" 2/145، وفي "الكبرى" (1003) ، والطبراني (4532) ، والبيهقي 2/95 من طريق رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع الزرقي، عن عم أبيه معاذ ابن رفاعة، عن أبيه رفاعة بن رافع قال: صليت خلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعطست، فقلت: الحمد لله حمداً... فذكر نحو حديث مالك.

 

تعديل طريقة قضاء المأموم المتأخر لما فاته من ركعات وشعائر صلاة الجماعة، بناءً على اقتراح صحابيّ من أتباع محمد بفعله

 

روى أحمد:

 

22033 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْحُصَيْنُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُبِقَ الرَّجُلُ بِبَعْضِ صَلَاتِهِ سَأَلَهُمْ فَأَوْمَئُوا إِلَيْهِ بِالَّذِي سُبِقَ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ، فَيَبْدَأُ فَيَقْضِي مَا سُبِقَ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَجَاءَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَالْقَوْمُ قُعُودٌ فِي صَلَاتِهِمْ فَقَعَدَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَقَضَى مَا كَانَ سُبِقَ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اصْنَعُوا كَمَا صَنَعَ مُعَاذٌ ".

 

رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أن ابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، واختلف على ابن أبي ليلى فيه كما سيأتي بيانه عند الحديث رقم (22124). وأخرجه الشاشي (1360) من طريق حرمي بن حفص، عن عبد العزيز بن مسلم، بهذا الإسناد. وفي باب ماذا يعمل المسبوق في صلاته عن أبي هريرة سلف برقم (7230) مرفوعاً: "فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" وانظر تتمة شواهده هناك .

 

22124 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: أَبُو النَّضْرِ فِي حَدِيثِهِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أُحِيلَتِ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، وَأُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، فَأَمَّا أَحْوَالُ الصَّلَاةِ: فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُوَ يُصَلِّي سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] قَالَ: فَوَجَّهَهُ اللهُ إِلَى مَكَّةَ قَالَ: فَهَذَا حَوْلٌ . قَالَ: وَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ لِلصَّلَاةِ وَيُؤْذِنُ بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى نَقَسُوا أَوْ كَادُوا يَنْقُسُونَ . قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ وَلَوْ قُلْتُ إِنِّي لَمْ أَكُنْ نَائِمًا لَصَدَقْتُ، إِنِّي بَيْنَا أَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ رَأَيْتُ شَخْصًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ . اللهُ أَكْبَرُ . أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. مَثْنَى مَثْنَى حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْأَذَانِ، ثُمَّ أَمْهَلَ سَاعَةً . قَالَ: ثُمَّ قَالَ مِثْلَ الَّذِي قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ يَزِيدُ فِي ذَلِكَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَلِّمْهَا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ بِهَا " . فَكَانَ بِلَالٌ أَوَّلَ مَنْ أَذَّنَ بِهَا . قَالَ: وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ قَدْ طَافَ بِي مِثْلُ الَّذِي أَطَافَ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ سَبَقَنِي فَهَذَانِ حَوْلَانِ . قَالَ: وَكَانُوا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ، وَقَدْ سَبَقَهُمْ بِبَعْضِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ يُشِيرُ إِلَى الرَّجُلِ إِذَا جَاءَ كَمْ صَلَّى ؟ فَيَقُولُ: وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَيُصَلِّيهَا، ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ فِي صَلَاتِهِمْ قَالَ: فَجَاءَ مُعَاذٌ فَقَالَ: لَا أَجِدُهُ عَلَى حَالٍ أَبَدًا إِلَّا كُنْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَضَيْتُ مَا سَبَقَنِي . قَالَ: فَجَاءَ وَقَدْ سَبَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِهَا قَالَ: فَثَبَتَ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَامَ فَقَضَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ فَهَكَذَا فَاصْنَعُوا " فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ، ....إلخ

رجاله ثقات رجال الشيخين غير المسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة- فقد روى له البخاري استشهاداً وأصحاب السنن، وكان قد اختلط، ورواية أبي النضر -وهو هاشم بن القاسم- ويزيد بن هارون بعد الاختلاط، وابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، فهو منقطع، وقد اختُلف فيه على ابن أبي ليلى كما سيأتي في التخريج، وكما سلف برقم (22027) . وأخرجه الحاكم 2/274 من طريق أبي النضر وحده، بهذا الإسناد . وأخرجه أبو داود (507) ، وابن خزيمة (381) ، والشاشي (1362) و (1363) من طريق يزيد بن هارون وحده، به . وأخرجه الطيالسي (566) ، وأبو داود (507) ، والطبري 2/4 و131 و132-133، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (478) ، والطبراني / (270) ، والبيهقي 1/391 و420-421 و2/296 و4/200 من طرق عن المسعودي، به . وكلهم ممن روى عنه بعد الاختلاط . وأخرجه الدارقطني في "العلل" 6/61 من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن مرة، به مختصراً بقصة الأذان . وأخرجه الشاشي (1358) ، والطبراني 20/ (269) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن مرة، به مختصراً بلفظ: "إذا أتى أحدكم الإمام وهو على حال، فليصنع كما يصنع" . وأخرجه الترمذي (591) ، والشاشي (1359) ، والطبراني 20/ (267) ، والبغوي (825) من طريق حجاج، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن علي . وعن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ، كلاهما عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع" . وأخرجه مختصراً كذلك الشاشي (1361) ، والطبراني 20/ (268) من طريق حجاج، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن أشياخهم، عن معاذ . وأخرجه البخاري تعليقاً في كتاب الصيام، باب وعلى الذين يطيقونه، والبيهقي 4/200، وابن حجر في "تغليق التعليق" 3/185 من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: حدثنا أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فذكره مختصراً بقصة النسخ في الصيام دون النسخ الثالث. وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن أبي شيبة 1/204، وأبو داود (506) ، وابن خزيمة (383) ، والطبري 2/131 و133، والحازمي في "الاعتبار" ص 143 من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، حدثنا أصحابنا . وفي آخر رواية ابن خزيمة: قال عمرو: حدثني بهذا حصين -يعني ابن عبد الرحمن- عن ابن أبي ليلى، وقال شعبة: وقد سمعته من حصين، عن ابن أبي ليلى . وقد سلفت رواية حصين عن ابن أبي ليلى، عن معاذ برقم (22033) مختصرة بقصة المسبوق في صلاته. وأخرجه عبد الرزاق (1788) ، ومن طريقه ابن خزيمة (382) ، وأخرجه ابن خزيمة أيضاً (382) من طريق المخزومي كلاهما (عبد الرزاق والمخزومي) عن سفيان، عن حصين بن عبد الرحمن، عن ابن أبي ليلى قال: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أهمه الأذان، فذكره مرسلاً مختصراً بقصة الأذان. وأخرجه مختصراً كذلك ابن خزيمة (382) من طريق شريك، عن حصين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن زيد. وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (479) من طريق هشيم، عن حصين، عن ابن أبي ليلى، عن رجل من الأنصار يقال له صرمة، وكان شيخاً كبيراً ... فذكر قصة الرجل وقصة عمر في آخره. وانظر ما قبله في مسند أحمد.

 

عدم معرفة بعض أصحاب محمد بنسخ وإبطال تشريع صيام عاشوراء

 

عن الأصل اليهودي لعادة صيام عاشوراء انظر الأحاديث ونصوص الهاجادة والتوراة في باب (المصادر الكتابية)، ونضيف هنا أن بعضهم لم يعرفوا بإلغاء وجوب صيامه وأنه لم يعد فريضة، فروى أحمد:

 

19721 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو لَيْلَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مَزِيدَةَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: قَالَتْ أُمِّي: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَلَيْنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ قَالَ: فَسَمِعَتْهُ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَ بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ " فَصُومُوا.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبدِ الله بنِ مَيسرة، وجهالة أم مزيدة، ومَزِيدة بنُ جابر- وهو الهَجَري- كما ذكر ابنُ حبان في "الثقات" 7/515- قال أحمد: معروف، وقال أبو زرعة: ليس بشيء. اهـ.  قلنا: وليس هو من رجال التهذيب، وذكره الحافظ تمييزاً. يونس بن محمد: هو أبو محمد المؤدَّب. وأخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء" 2/93 من طريق يونس بن محمد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابنُ عدي في "الكامل" 4/1488 من طريق عبد الصمد بن النعمان، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/76، والطبراني في "الأوسط" (2642) من طريق مسلم بن إبراهيم، كلاهما عن عبد الله بن ميسرة، به. وتصحَّف اسم مَزِيدة في مطبوع الطبراني إلى: بريدة. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن مَزِيدة إلا عبدُ الله بنُ ميسرة.وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/186، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه مَزِيْدة بن جابر، وهو ضعيف. وسلف بنحوه بإسناد صحيح برقم (19669) .

 

وروى مسلم:

 

[ 1129 ] حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب أخبرني حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان خطيبا بالمدينة يعني في قدمه قدمها خطبهم يوم عاشوراء فقال أين علماؤكم يا أهل المدينة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهذا اليوم هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن أحب منكم أن يصوم فليصم ومن أحب أن يفطر فليفطر

 

رواه أحمد 16867 و16868 و16891

 

[ 1127 ] وحدثني محمد بن حاتم حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال دخل الأشعث بن قيس على بن مسعود وهو يأكل يوم عاشوراء فقال يا أبا عبد الرحمن إن اليوم يوم عاشوراء فقال قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان ترك فإن كنت مفطرا فاطعم

 

حديث أفطر الحاجم والمحجوم منسوخ

 

كان الحجّام يقوم بشفط الدم بفمه، ولك أن تتخيل كم يمكن أن ينقل هذا من أمراض، فنفس الفم يمتص وقد يبلع قليلًا من دماء الكثير من الأشخاص فيكون الحجام وأدواته ناقلين للمرض وموزعين له. لذلك في أول الإسلام قال محمد كما روى أحمد:

 

15828 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِظٍ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ ، وَالْمَحْجُومُ "

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن عبد الله ابن قارظ فمن رجال مسلم، وهو ثقة. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد. وأخرجه الحاكم 1/428 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (7523) ، ومن طريقه أخرجه الترمذي في "جامعه" (774) وفي "علله" 1/360، وابن خزيمة (1964) ، وابن حبان (3535) ، والطبراني في "الكبير" (4257) ، والحاكم 1/428، والبيهقي في "السنن" 4/265 قال الترمذي: وحديثُ رافع بن خديج حديثٌ حسن صحيح، وذُكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: أصحُ شيء في هذا الباب حديثُ رافع بن خديج. وقال ابن خزيمة: سمعتُ العباس بن عبد العظيم العنبري يقول: سمعتُ علي بن عبد الله (وهو المديني) يقول: لا أعلم في "أفطر الحاجم والمحجوم" حديثاً أصح من ذا. قال الحافظ في "الفتح" 4/177: لكن عارض أحمدَ يحيى بنُ معين في هذا، فقال: حديث رافع أضعفها. وقال البخاري [فيما نقل الترمذي في "علله" 1/361] : هو غير محفوظ. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه [كما في "العلل" 1/249] : هو عندي باطل. وقال الترمذي [في "العلل الكبير" 1/361]: سألت إسحاق بن منصور عنه، فأبى أن يحدثني به عن عبد الرزاق، وقال: هو غلط، قلتُ: ما علَّتُه؟ قال: روى هشامٌ الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد حديثَ "مهرُ البغي خبيث"، وروى عن يحيى، عن أبي قلابة أن أبا أسماء حدثه أن ثوبان أخبر به، فهذا هو المحفوظ عن يحيى، فكأنه دخل لمعمر حديث في حديث، والله أعلم. انتهى. وقال البيهقي في "السنن" 4/265: كأن يحيى بن أبي كثير روى الحديث بالإسنادين جميعاً، قلنا: ثم إنه لم ينفرد معمر في روايته، عن يحيى بن أبي كثير، بل تابعه معاوية بن سلام- وهو ثقة- فقد أخرجه ابن خزيمة (1965) من طريق عمار بن مطر أبي عثمان الرهاوي، والحاكم 1/428 ومن طريقه البيهقي في "السنن" 4/265 من طريق الربيع بن نافع أبي توبة الحلبي، كلاهما عن معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، به. وأبو عثمان الرهاوي- وإن يكن ضعيفاً- تابعه الربيع بن نافع، وهو ثقة. والحديث متواتر رُوي من حديث ثمانية عشر صحابياً سلف في المسند منها حديث أبي هريرة برقم (8768) ، وذكرنا هناك بقيتها.

 

17112 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، أَنَّهُ مَرَّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْفَتْحِ عَلَى رَجُلٍ يَحْتَجِمُ بِالْبَقِيعِ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي، فَقَالَ: " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الأشعث- الصنعاني- وهو شراحيل بن آده، فمن رجال مسلم. إسماعيل بن إبراهيم: هو المعروف بابن عُليَّة، وخالد: هو ابن مِهران الحذاء، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7127) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الشافعي في "مسنده" 1/255 (بترتيب السندي) ، وعبد الرزاق في "مصنفه" (7521) ، والنسائي في "الكبرى" (3138) و (3150) و (3151) و (3152) و (3153) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/99، وابن حبان (3534) ، والطبراني (7124) و (7128) و (7129) و (7130) ، والبغوي في "شرح السنة" (1759) من طرق عن خالد الحذاء، به. وأخرجه النسائي (3154) من طريق إسماعيل بن عبد الله، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء وهو الرحبي، عن شداد بن أوس، به. فذكر أبا أسماء الرحبي بدلاً من أبي الأشعث. قال النسائي: إسماعيل رجل مجهول لا نعرفه، والصحيح من حديث خالد ما تقدم ذكرنا له. وأخرجه النسائي (3138) ، والطحاوي 2/99، والطبراني (7129) و (7132) من طريقين عن أبي قلابة، به. وسيأتي بالأرقام (17117) و (17119) و (17124) و (17125) و (17126) و (17127) و (17129) و (17138) و5/283. وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (8768) ، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب، وذكرنا هناك الأحاديث التي ترخص في الحجامة للصائم والتي يثبت بها نسخ هذا الحديث، فراجعه.

 

22382 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ يَحْتَجِمُ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ: " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم . أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي، وأبو أسماء: هو عمرو بن مرثد الرحبي. وأخرجه الطيالسي (989) ، والدارمي (1731) ، وأبو داود (2367) ، والنسائي في "الكبرى" (3137) ، وابن الجارود (386) ، وابن قانع 1/119، وابن الأعرابي (8) ، والطبراني في "الكبير" (1447) ، والحاكم 1/427 من طرق عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، بهذا الإسناد . وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3140) من طريق أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن أبي قلابة، به. وروي عن أبي قلابة من مسند شداد بن أوس، وسيأتي برقم (22449) . وسلف الحديث بسند صحيح من طريق أبي الأشعث عن شداد بن أوس في مسنده برقم (17112) . وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (2845) من طريق معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن شداد بن عبد الله القرشي، عن أبي أسماء، عن ثوبان .

 

22430 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ أَبِي السُّمَيْطِ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ اليعمري، عَنْ ثَوْبَانَ، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ".

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل بكير بن أبي السميط. بهز: هو ابن أسد العمي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3159) من طريق حبان بن هلال، والطبراني في "الكبير" (1406) من طريق مسلم بن إبراهيم، كلاهما عن بكير ابن أبي السميط، بهذا الإسناد. وفي الباب أيضاً عن معقل بن سنان، سيأتي 3/474 (15901)، والراوي عنه هو الحسن البصري بإسناد منقطع. وعن أسامة بن زيد، سيأتي 5/210 (21826)، والراوي عنه أيضاً هو الحسن البصري. وعن الحسن البصري عن أبي هريرة أو غيره منقطع واختلف فيه(8768).

 

قلنا: حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" صحيح، صححه غير واحد من الأئمة، لكن ثبت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نسخه، قال ابن حزم: صح حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد: "أرخص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحجامة للصائم"، وإسناده صحيح، فوجب الأخذ به، لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة، سواء كان حاجماً أو محجوماً. قلنا: والحديث المذكور أخرجه النسائي في "الكبرى" (3241) ، وابن خزيمة (1967) ، والدارقطني في "السنن" 2/183 من طريق المعتمر بن سليمان، عن حميد، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، قال: رخص رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القبلة للصائم والحجامة. قال الدارقطني: كلهم ثقات، وغير معتمر يرويه موقوفاً. وله طريق آخر عن أبي المتوكل أخرجه الدارقطني 2/182، والبيهقي 4/264 من طريق إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد رفعه: رخص الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحجامة للصائم. قال الدارقطني: كلهم ثقات، ورواه الأشجعي أيضاً وهو من الثقات. ثم رواه من طريقه عن سفيان، به. وله شاهد من حديث أنس عند الطبراني في "الأوسط" (2747) ، ورجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني إبراهيم بن هاشم، وقد وثقه الدارقطني. وأخرج الدارقطني 2/182، ومن طريقه البيهقي 4/268 عن أنس أيضاً أنه قال: أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "أفطر هذان"، ثم رخص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم. قال الدارقطني: رجاله ثقات ولا أعلم له علة. وقول الحافظ: إلا أن في المتن ما ينكر، لأن فيه أن ذلك كان في الفتح، وجعفر كان قد استشهد قبل ذلك - فيه نظر، فليس المتن ما ذكره كما ترى. قلنا: ومما استدل به على النسخ -وقال الحافظ في "الفتح" 4/178: وهو من أحسن ما ورد في ذلك- ما أخرجه عبد الرزاق (7535) ، وأبو داود (2374) من طريق عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "نهى عن الحجامة للصائم، وعن المواصلة ولم يحرمهما إبقاءً على أصحابه"، وإسناده صحيح، وجهالة الصحابي لا تضر، وقوله: "إبقاء على أصحابه" يتعلق بقوله: "نهى". وأخرجه ابن أبي شيبة 3/52 عن وكيع، عن سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالوا: إنما نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الحجامة للصائم والوصال في الصيام إبقاءً على أصحابه. وأخرج البخاري في "صحيحه" (1940) عن آدم بن أبي إياس، عن شعبة، قال: سمعت ثابتاً البناني، قال: سئل أنس بن مالك رضي الله عنه: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف، وزاد شبابة: حدثنا شعبة: على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلنا: سقط من الإِسناد رجل بين شعبة وثابت، وهو حميد كما بيّنه الحافظ في "الفتح" 4/178-179.

 

ولكن هذا الحديث منسوخ ملغي حسب رأي أكثر فقهائهم، روى البخاري:

 

1937 - (م1) *وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا قَاءَ فَلَا يُفْطِرُ إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلَا يُولِجُ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُفْطِرُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَهُ فَكَانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ احْتَجَمُوا صِيَامًا وَقَالَ بُكَيْرٌ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَا تَنْهَى وَيُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ

 

1937 - (م2) *وَقَالَ لِي عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ مِثْلَهُ قِيلَ لَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ

 

1938 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ

 

1939 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ

 

1940 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يَسْأَلُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ قَالَ لَا إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ وَزَادَ شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

وروى أبو داوود:

 

2374 - حدثنا أحمد بن حنبل ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن الحجامة والمواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه فقيل له يارسول الله إنك تواصل إلى السحر فقال " إني أواصل إلى السحر وربي يطعمني ويسقيني " .

 

قال الألباني: صحيح

 

وروى النسائي في الكبرى:

 

3241 - أنبأ إبراهيم بن سعيد قال حدثنا إسحاق بن يوسف عن سفيان عن خالد عن أبي المتوكل عن أبي سعيد :أن النبي صلى الله عليه و سلم رخص في الحجامة للصائم

 

نسخ النهي عن استعمال بعض أنواع الجرار لحفظ الأشربة

 

روى البخاري:

 

53 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُجْلِسُنِي عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ أَقِمْ عِنْدِي حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي فَأَقَمْتُ مَعَهُ شَهْرَيْنِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ الْقَوْمُ أَوْ مَنْ الْوَفْدُ قَالُوا رَبِيعَةُ قَالَ مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ أَوْ بِالْوَفْدِ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا وَنَدْخُلْ بِهِ الْجَنَّةَ وَسَأَلُوهُ عَنْ الْأَشْرِبَةِ فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصِيَامُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ الْحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرِ وَقَالَ احْفَظُوهُنَّ وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ

87 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ الْوَفْدُ أَوْ مَنْ الْقَوْمُ قَالُوا رَبِيعَةُ فَقَالَ مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ أَوْ بِالْوَفْدِ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى قَالُوا إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِنْ الْمَغْنَمِ وَنَهَاهُمْ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ قَالَ شُعْبَةُ رُبَّمَا قَالَ النَّقِيرِ وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرِ قَالَ احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ

الدُبَّاء: القَرْع اليابس. والنقير: أصل النخلة ينقر وسَطه ثم ينبذ فيه. والحَنْتَم: جمعه حَنَاتم، وهي الجِرار الخُضر. والمزفت: المطلي بالزفت، ويقال له أيضاً: المقيَّر. وقوله: "أوكى سقاءَه"، أي: شدَّه بالوِكاء، وهو الرباط.

 

5587 - وَعَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَنْتَبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَلَا فِي الْمُزَفَّتِ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُلْحِقُ مَعَهَا الْحَنْتَمَ وَالنَّقِيرَ

 

ومن عجائب البخاري عدم ذكره للحديث الناسخ لهذا الحكم، كأنه كان يراه غير منسوخ مُبطَل.

 

وروى مسلم:

 

[ 17 ] حدثنا خلف بن هشام حدثنا حماد بن زيد عن أبي جمرة قال سمعت بن عباس ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له أخبرنا عباد بن عباد عن أبي جمرة عن بن عباس قال قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إنا هذا الحي من ربيعة وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر فلا نخلص إليك إلا في شهر الحرام فمرنا بأمر نعمل به وندعو إليه من وراءنا قال آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع الإيمان بالله ثم فسرها لهم فقال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا خمس ما غنمتم وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير زاد خلف في روايته شهادة أن لا إله إلا الله وعقد واحدة

 

 [ 17 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار وألفاظهم متقاربة قال أبو بكر حدثنا غندر عن شعبة وقال الآخران حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي جمرة قال كنت أترجم بين يدي بن عباس وبين الناس فأتته امرأة تسأله عن نبيذ الجر فقال إن وفد عبد القيس أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوفد أو من القوم قالوا ربيعة قال مرحبا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا الندامى قال فقالوا يا رسول الله إنا نأتيك من شقة بعيدة وإن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا ندخل به الجنة قال فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع قال أمرهم بالإيمان بالله وحده وقال هل تدرون ما الإيمان بالله قالوا الله ورسوله أعلم قال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تؤدوا خمسا من المغنم ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت قال شعبة وربما قال النقير قال شعبة وربما قال المقير وقال احفظوه وأخبروا به من ورائكم وقال أبو بكر في روايته من وراءكم وليس في روايته المقير

 

 [ 17 ] وحدثني عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ح وحدثنا نصر بن علي الجهضمي قال أخبرني أبي قالا جميعا حدثنا قرة بن خالد عن أبي جمرة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث نحو حديث شعبة وقال أنهاكم عما ينبذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت وزاد بن معاذ في حديثه عن أبيه قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشج أشج عبد القيس إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة

 

 [ 18 ] حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا بن علية حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال حدثنا من لقي الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبد القيس قال سعيد وذكر قتادة أبا نضرة عن أبي سعيد الخدري في حديثه هذا أن أناسا من عبد القيس قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله إنا حي من ربيعة وبيننا وبينك كفار مضر ولا نقدر عليك إلا في أشهر الحرم فمرنا بأمر نأمر به من وراءنا وندخل به الجنة إذا نحن أخذنا به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان وأعطوا الخمس من الغنائم وأنهاكم عن أربع عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير قالوا يا نبي الله ما علمك بالنقير قال بلى جذع تنقرونه فتقذفون فيه من القطيعاء قال سعيد أو قال من التمر ثم تصبون فيه من الماء حتى إذا سكن غليانه شربتموه حتى إن أحدكم أو إن أحدهم ليضرب بن عمه بالسيف قال وفي القوم رجل أصابته جراحة كذلك قال وكنت أخبأها حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ففيم نشرب يا رسول الله قال في أسقية الأدم التي يلاث على أفواهها قالوا يا رسول الله إن أرضنا كثيرة الجرذان ولا تبقى بها أسقية الأدم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم وإن أكلتها الجرذان وإن أكلتها الجرذان وإن أكلتها الجرذان قال وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة

 

 [ 18 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا بن أبي عدي عن سعيد عن قتادة قال حدثني غير واحد لقي ذاك الوفد وذكر أبا نضرة عن أبي سعيد الخدري أن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل حديث بن علية غير أن فيه وتذيفون فيه من القطيعاء أو التمر والماء ولم يقل قال سعيد أو قال من التمر

 

 [ 18 ] حدثني محمد بن بكار البصري حدثنا أبو عاصم عن بن جريج ح وحدثني محمد بن رافع واللفظ له حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريح قال أخبرني أبو قزعة أن أبا نضرة أخبره وحسنا أخبرهما أن أبا سعيد الخدري أخبره أن وفد عبد القيس لما أتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا نبي الله جعلنا الله فداءك ماذا يصلح لنا من الأشربة فقال لا تشربوا في النقير قالوا يا نبي الله جعلنا الله فداءك أو تدري ما النقير قال نعم الجذع ينقر وسطه ولا في الدباء ولا في الحنتمة وعليكم بالموكي

 

[ 1992 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن بن شهاب عن أنس بن مالك أنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت أن ينبذ فيه

 

 [ 1992 ] وحدثني عمرو الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت أن ينتبذ فيه

 

 [ 1993 ] قال وأخبره أبو سلمة أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنتبذوا في الدباء ولا في المزفت ثم يقول أبو هريرة واجتنبوا الحناتم

 

 [ 1993 ] حدثني محمد بن حاتم حدثنا بهز حدثنا وهيب عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المزفت والحنتم والنقير قال قيل لأبي هريرة ما الحنتم قال الجرار الخضر

 

 [ 1993 ] حدثنا نصر بن علي الجهضمي أخبرنا نوح بن قيس حدثنا بن عون عن محمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير والحنتم المزادة المجبوبة ولكن اشرب في سقائك وأوكه

 

 [ 1994 ] حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي أخبرنا عبثر ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير ح وحدثني بشر بن خالد أخبرنا محمد يعني بن جعفر عن شعبة كلهم عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتبذ في الدباء والمزفت هذا حديث جرير وفي حديث عبثر وشعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت

 

 [ 1995 ] وحدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن جرير قال زهير حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال قلت للأسود هل سألت أم المؤمنين عما يكره أن ينتبذ فيه قال نعم قلت يا أم المؤمنين أخبريني عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتبذ فيه قالت نهانا أهل البيت أن ننتبذ في الدباء والمزفت قال قلت له أما ذكرت الحنتم والجر قال إنما أحدثك بما سمعت أأحدثك ما لم أسمع

 

 [ 1995 ] وحدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي أخبرنا عبثر عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت

 

 [ 1995 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا القاسم يعني بن الفضل حدثنا ثمامة بن حزن القشيري قال لقيت عائشة فسألتها عن النبيذ فحدثتني أن وفد عبد القيس قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن النبيذ فنهاهم أن ينتبذوا في الدباء والنقير والمزفت والحنتم

[ 1995 ] وحدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا بن علية حدثنا إسحاق بن سويد عن معاذة عن عائشة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت

 

 [ 1996 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا يزيد بن زريع عن التيمي ح وحدثنا يحيى بن أيوب حدثنا بن علية أخبرنا سليمان التيمي عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الجر أن ينبذ فيه

 

 [ 1996 ] حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا بن علية أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت

   

[ 1996 ] وحدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثني أبي حدثنا المثنى يعني بن سعيد عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب في الحنتمة والدباء والنقير

 

 [ 1997 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسريج بن يونس واللفظ لأبي بكر قالا حدثنا مروان بن معاوية عن منصور بن حيان عن سعيد بن جبير قال أشهد على بن عمر وابن عباس أنهما شهدا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير

 

 [ 1997 ] حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا جرير يعني بن حازم حدثنا يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير قال سألت بن عمر عن نبيذ الجر فقال حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر فأتيت بن عباس فقلت ألا تسمع ما يقول بن عمر قال وما يقول قلت قال حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر فقال صدق بن عمر حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر فقلت وأي شيء نبيذ الجر فقال كل شيء يصنع من المدر

 

 [ 1997 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في بعض مغازيه قال بن عمر فأقبلت نحوه فانصرف قبل أن أبلغه فسألت ماذا قال قالوا نهى أن ينتبذ في الدباء والمزفت

[ 1997 ] وحدثنا قتيبة وابن رمح عن الليث بن سعد ح وحدثنا أبو الربيع وأبو كامل قالا حدثنا حماد ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل جميعا عن أيوب ح وحدثنا بن نمير حدثنا أبي حدثنا عبيد الله ح وحدثنا بن المثنى وابن أبي عمر عن الثقفي عن يحيى بن سعيد ح وحدثنا محمد بن رافع حدثنا بن أبي فديك أخبرنا الضحاك يعني بن عثمان ح وحدثني هارون الأيلي أخبرنا بن وهب أخبرني أسامة كل هؤلاء عن نافع عن بن عمر بمثل حديث مالك ولم يذكروا في بعض مغازيه إلا مالك وأسامة

 

 [ 1997 ] وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا حماد بن زيد عن ثابت قال قلت لابن عمر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر قال فقال قد زعموا ذاك قلت أنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قد زعموا ذاك

 

 [ 1997 ] حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا بن علية حدثنا سليمان التيمي عن طاوس قال قال رجل لابن عمر أنهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر قال نعم ثم قال طاوس والله إني سمعته منه

 

 [ 1997 ] وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني بن طاوس عن أبيه عن بن عمر أن رجلا جاءه فقال أنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينبذ في الجر والدباء قال نعم

 

 [ 1997 ] وحدثني محمد بن حاتم حدثنا بهز حدثنا وهيب حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الجر والدباء

 

 [ 1997 ] حدثنا عمرو الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة أنه سمع طاوسا يقول كنت جالسا عند بن عمر فجاءه رجل فقال أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر والدباء والمزفت قال نعم

 

 [ 1997 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن محارب بن دثار قال سمعت بن عمر يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحنتم والدباء والمزفت قال سمعته غير مرة

 

 [ 1997 ] وحدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي أخبرنا عبثر عن الشيباني عن محارب بن دثار عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله قال وأراه قال والنقير

 

 [ 1997 ] حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عقبة بن حريث قال سمعت بن عمر يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجر والدباء والمزفت وقال انتبذوا في الأسقية

 

 [ 1997 ] حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن جبلة قال سمعت بن عمر يحدث قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحنتمة فقلت ما الحنتمة قال الجرة

 

 [ 1997 ] حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة حدثني زاذان قال قلت لابن عمر حدثني بما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من الأشربة بلغتك وفسره لي بلغتنا فإن لكم لغة سوى لغتنا فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحنتم وهي الجرة وعن الدباء وهي القرعة وعن المزفت وهو المقير وعن النقير وهي النخلة تنسح نسحا وتنقر نقرا وأمر أن ينتبذ في الأسقية

   

[ 1997 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عبد الخالق بن سلمة قال سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول عند هذا المنبر وأشار إلى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن الأشربة فنهاهم عن الدباء والنقير والحنتم فقلت له يا أبا محمد والمزفت وظننا أنه نسيه فقال لم أسمعه يومئذ من عبد الله بن عمر وقد كان يكره

 

 [ 1998 ] وحدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير ح وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير عن جابر وابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النقير والمزفت والدباء

 

 [ 1998 ] وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع بن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الجر والدباء والمزفت

[ 1998 ] قال أبو الزبير وسمعت جابر بن عبد الله يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجر والمزفت والنقير

 

 [ 1999 ] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يجد شيئا ينتبذ له فيه نبذ له في تور من حجارة

 

 [ 1999 ] حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو عوانة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له في تور من حجارة

 

 [ 1999 ] وحدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير ح وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير عن جابر قال كان ينتبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء فإذا لم يجدوا سقاء نبذ له في تور من حجارة فقال بعض القوم وأنا أسمع لأبي الزبير من برام قال من برام

 

ومما روى أحمد:

 

4574 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ أَسْرَعْتُ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَجَلَسْتُ فَلَمْ أَسْمَعْ حَتَّى نَزَلَ فَسَأَلْتُ النَّاسَ أَيَّ شَيْءٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالُوا: " نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ ، وَالْمُزَفَّتِ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة، يحيى بن سعيد: هو الأنصاري المدني، نافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه بنحوه عبد الرزاق (16960) ، وأبو عوانة 5/303 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1997) (49) من طريقين عن يحيى، به. وقد سلف برقم (4465). وانظر أحمد 4465 و4837 و4913 إلى 4915 و7288 و7752 و10510 و10971

 

10373 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَيَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ، حَيْثُ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَاهُمْ عَنِ الْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ وَالْمَزَادَةِ الْمَجْبُوبَةِ وَقَالَ انْتَبِذْ فِي سِقَائِكَ وَأَوْكِهِ وَاشْرَبْهُ حُلْوًا طَيِّبًا " فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِي فِي مِثْلِ هَذِهِ، قَالَ: " إِذَنْ تَجْعَلَهَا مِثْلَ هَذِهِ " قَالَ يَزِيدُ: وَفَتَحَ هِشَامٌ يَدَهُ قَلِيلًا فَقَالَ: إِذَنْ تَجْعَلَهَا مِثْلَ هَذِهِ وَفَتَحَ يَدَهُ شَيْئًا أَرْفَعَ مِنْ ذَلِكَ.

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يزيد: هو ابن هارون، وهشام: هو ابن حسان الفردوسي. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/226 من طريق يزيد بن هارون وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي 8/309 من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد، وابن حبان (5401) من طريق النضر بن شميل، كلاهما عن هشام، به. وانظر (9354) .

النقير: قال ابن الأثير في "النهاية" 5/104: أصل النخلة يُنقر وسطه.  والمزادة: هي الظرف الذي يحمَل فيه الماء، كالقِرْبة.  والمزادة المجبوبة، قال القاضي عياض في "المشارق" 1/139: هي التي جُبَّ رأسُها، أي: قُطع، فصارت كالدنِّ، فإذا انتبذ فيها، ولم يعلم غليانه، قاله ثابت. وقال الهروي: هي التي خِيطَ بعضُها إلى بعض. وقال الخطابي: لأنها ليست لها عِزَال من أسفلها يتنفس منها، فقد يتغير شرابها ولا يشعر بها.

 

نلاحظ كذب الرواة على ابن عمر والأصح قوله زعموا فهو لم يسمعه بنفسه من محمد لكنه حديث صحيح ثابت عمومًا عن رواية وشهادة كثيرين من أصحاب محمد الأتباع، وروى أحمد:

 

11065 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْجَرِّ أَنْ يُنْبَذَ فِيهِ، وَعَنِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ أَنْ يُخْلَطَ بَيْنَهُمَا، وَعَنِ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ أَنْ يُخْلَطَ بَيْنَهُمَا "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي نضْرة، وهو: المنذر بن مالك العبدي، فمن رجال مسلم، وهو ثقة. يحيي بن سعيد: هو القطان، وسليمان التيمي: هو ابن طرْخان. وأخرجه بتمامه الترمذي (1877) ، وأبو عوانة 5/281، وأبو نعيم في "الحلية" 3/36، 99 من طرق عن سليمان التيمي، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. والنهي عن الانتباذ بالجر أخرجه ابن أبي شيبة 8/124 (3860) ، ومسلم (1996) ، وأبو عوانة 5/297-298، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/226 من طرق عن سليمان التيمي، به، وهذا النهي منسوخ عند الجمهور، وناسخه في "صحيح مسلم". والنهي عن الخلط بين التمر والزبيب، والبسر والتمر، أخرجه مسلم (1987) (20) ، وأبو يعلى (1177) ، وأبو عوانة 5/282، وابن حبان (5378) من طرق عن سليمان التيمي، به. وقد سلف برقم (10991) .

 

12099 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُخْتَارَ بْنَ فُلْفُلٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الشُّرْبِ فِي الْأَوْعِيَةِ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَفَّتَةِ، وَقَالَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ "، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْمُزَفَّتَةُ ؟ قَالَ: "الْمُقَيَّرَةُ". قَالَ: قُلْتُ: فَالرَّصَاصُ وَالْقَارُورَةُ؟ قَالَ: "مَا بَأْسٌ بِهِمَا " قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَهُمَا، قَالَ: " دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" . قَالَ: قُلْتُ لَهُ: صَدَقْتَ السُّكْرُ حَرَامٌ، ...إلخ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، المختار بن فلفل من رجاله، وعبد الله بن إدريس من رجالهما. وهو عند المصنف في "الأشربة" (190) و (191). وأخرجه النسائي 8/308، وأبو يعلى (3954) و (3966) من طريق عبد الله بن إدريس بهذا الإسناد. واقتصر النسائي وأبو يعلى في الموضع الأول على الفقرة الأولى منه، ورواية النسائي أخصر. وأخرج أبو يعلى (3971) من طريق ابن إدريس أيضاً، به: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن شراب باليمن يقال له: البتعْ والمزْر، فقال: "ما أسكر فهو حرام". وأخرج البزار (2920- كشف الأستار) من طريق القاسم بن مالك، عن المختار بن فلفل، عن أنس قال: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنها كلمة حُكم اخذ بها من كان قبلكم، وكل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام. وسيأتي مختصراً من طريق المختار بن فلفل برقم (12196) و (12568) .

 

لكن لاحقًا كالعادة ألغى وأبطل محمد هذا التشريع المتشدد الذي يصادر أدنى حريات للناس لمجرد الاشتباه في تخمير المشروبات وتحويلها إلى خمور، روى مسلم:

 

[ 977 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن فضيل قال أبو بكر عن أبي سنان وقال بن المثنى عن ضرار بن مرة عن محارب عن بن بريدة عن أبيه ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا محمد بن فضيل حدثنا ضرار بن مرة أبو سنان عن محارب بن دثار عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا

 

 [ 977 ] وحدثنا حجاج بن الشاعر حدثنا ضحاك بن مخلد عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نهيتكم عن الظروف وإن الظروف أو ظرفا لا يحل شيئا ولا يحرمه وكل مسكر حرام

 

 [ 977 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن معرف بن واصل عن محارب بن دثار عن بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا

 

 [ 2000 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن أبي عمر واللفظ لابن أبي عمر قالا حدثنا سفيان عن سليمان الأحول عن مجاهد عن أبي عياض عن عبد الله بن عمرو قال لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبيذ في الأوعية قالوا ليس كل الناس يجد فأرخص لهم في الجر غير المزفت

 

ويبدو أن بداية التحليل وإلغاء التحريم كانت بسبب شدة الحرارة في شبه جزيرة العرب، واحتياجهم للجرار لحفظ المشروبات من الحرارة والتلف والتلوث، روى البخاري:

 

5593 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْأَسْقِيَةِ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ سِقَاءً فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الْجَرِّ غَيْرِ الْمُزَفَّتِ

 

وروى مسلم:

 

[ 2000 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن أبي عمر واللفظ لابن أبي عمر قالا حدثنا سفيان عن سليمان الأحول عن مجاهد عن أبي عياض عن عبد الله بن عمرو قال لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبيذ في الأوعية قالوا ليس كل الناس يجد فأرخص لهم في الجر غير المزفت

 

ورواه أحمد 6497 وأخرجه الحميدي (582) ، وابن أبي شيبة 8/160، والشافعي في "المسند" 2/94-95 (بترتيب السندي)، والنسائي في "المجتبى" 8/310، و"الكبرى" (5160) ، والبيهقي في "السنن" 8/310، من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وفي الباب عن بريدة بن الحُصيب عند مسلم (977) ، وسيورده أحمد 5/355.

قوله: "نهى عن الأوعية"، أي: عن الانتباذ في الأوعية.

 

وروى أحمد:

 

23003 - حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي حَدِيثِهِ، حَدَّثَنَا زُبَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ الْيَامِيُّ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَهُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ رَاكِبٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَفَدَاهُ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ ؟ قَالَ: " إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي فِي اسْتِغْفَارٍ لِأُمِّي، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنَ النَّارِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا لِتُذَكِّرَكُمْ زِيَارَتُهَا خَيْرًا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَأَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ فِي الْأَوْعِيَةِ فَاشْرَبُوا فِي أَيِّ وِعَاءٍ شِئْتُمْ، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين من جهة الحسن بن موسى -وهو الأشْيب البغدادي-، وأما متابعه أحمد بن عبد الملك -وهو ابن واقد الحرَّاني-، فهو ثقة من رجال البخاري وحده . زهير: هو ابن معاوية بن حُديج الجعفي، وابن بريدة: هو عبد الله كما جاء مصرحاً باسمه في الرواية السالفة برقم (22958) ، وعليه جرى المزي فذكر الحديث من هذا الوجه في ترجمة عبد الله بن بريدة من "تحفة الأشراف" 2/91-92، وقد روي الحديث أيضاً عن سليمان بن بريدة من غير هذا الوجه كما أشرنا إليه في تعليقنا على الرواية السالفة برقم (22958). وأخرجه البيهقي 4/76-77 من طريق أحمد بن عبد الملك وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه تامّاً ومختصراً مسلم (977) ، والنسائي 7/234 و8/311، وأبو عوانة (7882) ، وفي الجنائز كما في "إتحاف المهرة" 2/544، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/185 و4/228، وفي "شرح مشكل الآثار" (4743) ، وابن حبان (5390) ، والحاكم 1/376، والبيهقي 4/76 من طرق عن زهير بن معاوية، به . وشك فيه زهير بن معاوية عند مسلم والطحاوي في الموضع الثاني، فقال: "عن ابن بريدة، أراه عن أبيه". وسيأتي نحو القصة التي في أول الحديث في الرواية رقم (23017) و (23038) ، وانظر تمام تخريجها في الموضع الثاني. وانظر (22958) .

 

وبعض الروايات تدل على أن خبر النسخ والتغيير في الحكم لم يسمع به كل أتباع محمد الصحابة، وبعضهم ظل يفتي ربما حتى آخر أيام حيواتهم للجمهور المسلم بتحريم تلك الأنواع من الجرار والقلل. هل فشل محمد في إيصال الأحكام النهائية لكل أتباعه وشوش أذهانهم بتناقضاتها وتغييراتها الكثيرة أم حكم بعضهم بمزاجهم وفقًا لجزء من أحكامه الأولى؟! لا شك أن عصور ما قبل تسجيل الأحاديث واختراع الفقه كانت أكثر فوضى وتنوعًا وتضاربًا بكثير من العصور التي تلت ذلك.

 

وروى أحمد:

 

185 - حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ شُعْبَةَ ، حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْحَكَمِ ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ، فَقَالَ : " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ ، وَقَالَ : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحَرِّمَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ ، فَلْيُحَرِّمِ النَّبِيذَ . قَالَ : وَسَأَلْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ ، فَقَالَ : نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْجَرِّ. قَالَ : وَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَحَدَّثَ عَنْ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الحكم - وهو عمران بن الحارث السلمي - فمن رجال مسلم. وأخرجه النسائي في " الكبرى " (6840) عن محمد بن بشار ، عن يحيى بن سعيد ، بهذا الإسناد. من حديث ابن عمر عن عمر. وأخرجه أيضاً الطيالسي (16) عن شعبة ، به . وسيأتي برقم : (260) و (360) وأما حديث ابن عباس ، فسيأتي عند المؤلف برقم (2028) .

الدباء : هو القَرْع ، والمزفت : هو الإناء الذي طُلي بالزفت .

 

3257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَاضِرٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ الْجَرِّ : يُنْبَذُ فِيهِ ؟ فَقَالَ: " نَهَى الله عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ وَرَسُولُهُ " فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ لَهُ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ: صَدَقَ، فَقَالَ الرَّجُلُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَيُّ جَرٍّ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: " كُلُّ شَيْءٍ يُصْنَعُ مِنْ مَدَرٍ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ أبي حاضر- واسمه عثمان بن حاضر- فقد روى له أبو داو وابن ماجه، ووثقه أبو زرعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحاكم: شيخ من أهل اليمن مقبول صدوق. وسيأتي برقم (3518) . وهذا الحديث من مسند ابن عمر أيضا، وسيأتي2/48.

 

2476 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَبْتَرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْجَرِّ الْأَبْيَضِ، وَالْجَرِّ الْأَخْضَرِ، وَالْجَرِّ الْأَحْمَرِ ؟ فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالُوا: إِنَّا نُصِيبُ مِنَ الثُّفْلِ، فَأَيُّ الْأَسْقِيَةِ ؟ فَقَالَ: " لَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْحَنْتَمِ، وَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ " ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيَّ، أَوْ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ".

 

إسناده صحيح، علي بن بذيمة ثقة روى له أصحاب السنن، وقيس بن حبتر روى له أبو داود، وهو ثقة، وباقي رجال السند ثقات رجال الشيخين. وأخرجه أحمد في "الأشربة" (192) و (193) و (194) ، وأبو داود (3696) ، وأبو يعلى (2729) ، والطحاوي 4/223، وابن حبان (5365) ، والبيهقي 10/221 من طريق أبي أحمد الزبيري، بهذا الإسناد. وبعضهم يزيد فيه على بعض. وأخرجه الطبراني (12598) و (12599) ، والبيهقي 8/303 من طريق إسرائيل، عن علي بن بذيمة، به. وانظر ما تقدم برقم (2020). وأخرج قوله: "كل مسكر حرام" الطبراني (12600) من طريق موسى بن أعين، عن علي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، عن قيس بن حبتر، به. وسيأتي دون قصة الأسقَية برقم (2625) و (3274) من طريق عبد الكريم الجزري، عن قيس بن حبتر، عن ابن عباس. وفي الباب دون قصة الأسقية أيضاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص سيأتي في "المسند" 2/158. وعن قيس بن سعد بن عبادة سيأتي أيضاً 3/422. قلنا: والمنع من الشرب في هذه الأوعية المذكورة في الحديث منسوخ بحديث بريدة الأسلمي الذي أخرجه أحمد 5/355، ومسلم (977) ، وصححه ابن حبان (5390) ، وفيه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية، فاشربوا في أي وعاءٍ شئتم، ولا تشربوا مسكراً".

الدباء: هو القَرْع اليابس، والمراد هنا الوعاء منه. والمزفت: المطلي بالزفت. والنقير: جذع يُنقَر وسطُه. والحنتم: الجِرار الخُضْر. قلنا: والنهي عن الشرب في هذه الأوعية إنما هو عن شرب ما انتُبذ فيها. والثفْل، قال السندي: فيَ "القاموس": الثفْل -بضم مثلثة-: ما استقر تحت الشيء من كُدْرة، فكان المراد أنهم كانوا يشربون النبيذ أياماً إلى أن يشربوا ما بقي في آخر السقاء، ثم ينبذون ثانياً.

 

5090 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، وَسُئِلَ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ ، فَقَالَ: " حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ عَلَيَّ لَمَّا سَمِعْتُهُ " فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ: فَجَعَلْتُ أُعَظِّمُهُ، فَقَالَ: وَمَا هُوَ ؟ قُلْتُ: سُئِلَ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ فَقَالَ: " حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، فَقَالَ: صَدَقَ، حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: وَمَا الْجَرُّ قَالَ: " كُلُّ شَيْءٍ صُنِعَ مِنْ مَدَرٍ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه النسائي في "المجتبى"8 /303، وفي "الكبرى" (5129) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/223 من طريق هشام الدستوائي، وابن حبان (5403) من طريق وهيب، كلاهما عن أيوب، به. وأخرجه النسائي في "المجتبى"8/304، وفي "الكبرى" (5130) من طريق إسماعيل ابن عُلَية، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"4/223 من طريق وهيب، كلاهما عن أيوب، عن رجل، عن سعيد بنِ جُبير، به. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 8/115 (3833) ، ومسلم (1997) (46) ، وأبو داود (3690) ، والنسائي في "المجتبى"8/308، وفي "الكبرى" (5153) ، وأبو عوانة 5/301، والبيهقي في "السنن"8/308 من طريق منصور بن حيان، عن سعيد بن جبير، قال: أشهد على ابن عمر وابن عباس أنهما شهدا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الدباء والحَنْتَم والمزَفت والنقير. وهذا لفظ مسلم. وأخرجه الدارمي 2/116 من طريق عزرة، عن سعيد بن جبير، به. وقد سلف برقم (4809) ، وانظر (4465) ، وسيأتي برقم (5819) .

قوله:"فجعلت أعظِمه": بالتخفيف، في "القاموس": استعظمه: رآه عظيما كأعْظَمَ.

 

5191 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، وَابْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ زَاذَانَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَخْبِرْنِي مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَوْعِيَةِ ؟ وَفَسِّرْهُ لَنَا بِلُغَتِنَا، فَإِنَّ لَنَا لُغَةً سِوَى لُغَتِكُمْ، قَالَ: " نَهَى عَنِ الْحَنْتَمِ وَهُوَ الْجَرُّ ، وَنَهَى عَنِ الْمُزَفَّتِ وَهُوَ الْمُقَيَّرُ ، وَنَهَى عَنْ الدُّبَّاءِ وَهُوَ الْقَرْعُ، وَنَهَى عَنِ النَّقِيرِ ، وَهِيَ النَّخْلَةُ تُنْقَرُ نَقْرًا ، وَتُنْسَجُ نَسْجًا " قَالَ: فَفِيمَ تَأْمُرُنَا أَنْ نَشْرَبَ فِيهِ ؟ قَالَ: " الْأَسْقِيَةُ "، قَالَ مُحَمَّدٌ: " وَأَمَرَ أَنْ نَنْبِذَ فِي الْأَسْقِيَةِ "

 

(10991) 11004- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَرِّ أَنْ يُنْبَذَ فِيهِ ، وَعَنِ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ ، وَعَنِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ أَنْ يُخْلَطَ بَيْنَهُمَا.

 

(11544) 11565- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، وَرَوْحٌ ، قَالاَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي أَبُو قَزَعَةَ ، أَنَّ أَبَا نَضْرَةَ أَخْبَرَهُ ، وَحَسَنًا أَخْبَرَهُمَا ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوْا نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالُوا : يَا نَبِيَّ اللهِ ، جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ ، مَاذَا يَصْلُحُ لَنَا فِي الأَشْرِبَةِ ؟ فَقَالَ : لاَ تَشْرَبُوا فِي النَّقِيرِ ، فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ اللهِ ، جَعَلنَا اللَّهُ فِدَاكَ ، أَوَتَدْرِي مَا النَّقِيرُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، الْجِذْعُ يُنْقَرُ وَسَطُهُ ، وَلاَ فِي الدُّبَّاءِ ، وَلاَ فِي الْحَنْتَمَةِ ، وَعَلَيْكُمْ بِالْمُوكَى قَالَ رَوْحٌ : بِالْمُوكَى مَرَّتَيْنِ.

 

وانظر أحمد  (11065) و (11175) و (11297) و (11418) و (11464) و (11544) و (11559) و (11598) و (11633) و (11682) و (11737) و (11778) و (11849) و (11850) و (11851) و (11852) و (11853) و (11854) . ومن حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (4465) ،

 

4465 - حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَهَى عَنِ الْقَرْعِ وَالْمُزَفَّتِ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِمَا "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. معتمر: هو ابن سليمان التيمي. عبيد الله: هو ابن عمر العمري. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/117 من طريق أبي أسامة، عن عبيد الله، به وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/843، والشافعي 2/312، ومسلم (1997) (48) و (49) ، وابن ماجه (3402) ، وأبو عوانة 5/304، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/225، والبيهقي في "السنن" 8/308 من طرق، عن نافع، به. وأخرجه بنحوه أبو عوانة 5/309 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن ابن عمر.

ورواه أحمد بالأرقام (4574) و (4629) و (4809) و (4837) و (4913) و (4914) و (4915) و (4995) و (5013) و (5015) و (5030) و (5072) و (5074) و (5090) و (5092) و (5156) و (5187) و (5191) و (5224) و (5415) و (5423) و (5429) و (5477) و (5486) و (5494) و (5572) و (5678) و (5764) و (5789) و (5819) و (5833) و (5916) و (5954) و (5960) و (6012) و (6416) و (6441) . وفي الباب عن ابن عباس عند مسلم (1997) من حديث ابن عباس وابن عمر، وعند أحمد برقم (3257) ، ومن حديث ابن عباس وحده عند مسلم (17) (39) ص 1579. وعن عبد الله بن عمرو عند أحمد برقم (6497) . وعن أنس عند مسلم (1992) . وعن أبي هريرة عند مسلم (1993) . وعن علي عند البخاري (5594) ، ومسلم (1994) . وعن عائشة عند البخاري (5595) ، ومسلم (1995) . وعن أبي سعيد الخدري عند مسلم (1996) ، عند أحمد 3/3. وعن جابر عند البخاري (5592) ، ومسلم (1998) . وعن بريدة عند مسلم (977) ، وعند أحمد 5/355. وعن عبد الله بن أبي أوفى عند البخاري (5596) ، عند أحمد 4/353. وعن عبد الرحمن بن يعمر عند النسائي في "المجتبى" 8/305. وعن ابن الزبير عند النسائي في "المجتبي" 8/303. وعن صفية عند أحمد 6/337. وعن ميمونة عند أحمد 6/332 و333.

والقرع: هو الدباء، والنهي عن الانتباذ فيها لأنها أسرع في الشدة والتخمير.

قال ابنُ الأثير في "النهاية": وتحريمُ الانتباذ في هذه الظروف كان في صدر الإسلام، ثم نُسخ - أي بحديث بريدة عند مسلم 3/1585 رفعه: "كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم، فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكراً" -، وهو المذهب، وذهب مالك وأحمد إلى بقاء التحريم

 

19849 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَوْ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ " نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَعَنِ الشُّرْبِ فِي الْحَنَاتِمِ "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبان بن يزيد- وهو العطار-، وأبي نضرة- وهو منذر بن مالك بن قُطَعَة- فمن رجال مسلم، وروى لهما البخاري تعليقاً. بهز: هو ابن أسد العمي. وانظر ما سلف برقم (19838) . وسلف الحديث في مسند أبي سعيد الخدري برقم (11850) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد وحده بلفظ: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت... إلخ

 

11633 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي الْعَلَانِيَةِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ فَقَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذَا الْجَرِّ. قَالَ: قُلْتُ: فَالْجُفُّ قَالَ: ذَاكَ أَشَرُّ وَأَشَرُّ.

 

إسناده صحيح، لكنه منسوخ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي العلانية: وهو البصري، المَرَئي، فقد أخرج له النسائي، وهو ثقة. يزيد: هو ابن هارون، هشام: هو ابن حَسان القُرْدوسي، محمد: هو ابن سيرين. وأخرجه أبو يعلى (1307) من طريق يزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6836) من طريق مخلد بن يزيد، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي العالية، به. وأخرجه بنحوه عبد الرزاق (16947) عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي العالية، به. قال المزي في "تهذيب الكمال " 34/160: رواه -أي النسائي- عن عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، عن هشام بن حسان، مختصراً، "نهى عن نبيذ الجر" ، ورواه مخلد بن يزيد (س) ، عن هشام، عن محمد، عن أبي العالية، عن أبي سعيد. قال النسائي في حديث يحيى: هذا الصواب، والذي قبله خطأ، والله أعلم، يعني حديث مخلد بن يزيد.

قال السندي: قوله: قلت فالجف: ضبط بضم جيم، وتشديد فاء: هو وعاء من جلود، لا يوكأ، أي: لا يشد ولا يربط، وقيل: نصف قِرْبة، تقطع من أسفلها، ويتخذ دلواً.

 

19103 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ الْأَخْضَرِ "، قَالَ: قُلْتُ: فَالْأَبْيَضُ ؟ قَالَ: " لَا أَدْرِي ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري، والشيباني: هو سليمان ابن أبي سليمان. وأخرجه الطيالسي (814) - ومن طريقه النسائي في "المجتبى" 8/304، وفي "الكبرى" (5131) - والبغوي في "الجعديات" (707) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/226 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/124 من طريق علي بن مسهر، والبخاري (5596) ، والبيهقي في "السنن" 8/309 من طريق عبد الواحد بن زياد، وابن حبان (5402) من طريق أبي عوانة، ثلاثتهم عن الشيباني، به. وعند البخاري: قلت: أنشرب في الأبيض؟ قال: لا.  وأخرجه الشافعي في "مسنده" 2/94 (ترتيب السندي) ، والحميدي (715) ، والنسائي في "المجتبى" 8/304، وفي "الكبرى" (5132) ، والبيهقي في "السنن " 8/309 من طريق سفيان بن عيينة، عن الشيباني، به. وفيه: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض والأحمر.

وقد أشار الحافظ في "الفتح" 10/61 إلى رواية سفيان بن عيينة هذه، وقال: فإن كان محفوظاَ، ففي الأول اختصار.

قلنا: يعني من اقتصر على الجر الأخضر فحسب. وقد نقل الحافظ عن الخطابي قوله: لم يغلق الحكم في ذلك بالخضرة والبياض، وإنما علق بالإسكار، وذلك أن الجرار تسرع التغير لما ينبذ فيها، فقد يتغير من قبل أن يشعر به، فنهوا عنها، ثم لما وقعت الرخصة أذن لهم في الانتباذ في الأوعية بشرط أن لا يشربوا مسكراً.

قال الحافظ: وكان الجرار الخضر حينئذِ كانت شائعة بينهم، فكان ذكر الأخضر لبيان الواقع لا للاحتراز. قلنا: وقد ذكرنا نسخ الانتباذ في الجرار في حديث ابن عمر السالف برقم (4465) . وسيأتي حديث ابن أبي أوفى بالأرقام (19106) و (19142) و (19144) و (19397).

 

لكن هذا الحكم منسوخ ملغي ألغاه محمد، وكان تشريعًا متشددًا لأن بدون الجرار في البيئة الصحراوية إذا حُفِظت في قِرَب فقط كانت تفسد الأشربة بسرعة ولا تصلح للاستعمال، وكان قصد محمد منه منع إنتاج الخمور لأن هذه الجرار كانت تصلح لإنتاجها وتخميرها. ورغم النسخ فبعض الصحابة كابن عباس الذي ظل يفتي بتحريمها لم يعرف ذلك،كأبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمر بن الخطاب الذين ظلا يوصيان ويبلغان بهذه الوصية القديمة وكذلك غيرهم، لا شك أن عصر الصحابة وتابعيهم قبل كتابة كتب الحديث كان عصر فوضى تشريعية وتضارب كبير جدًّا، لأن محمدًا لم يبلغ جيدًا هذه الأحكام ونسخها وتغييرها لكل الناس، بسبب وجود تناقضات بالنسخ.

 

أحاديث النسخ:

 

روى مسلم:

 

[ 1977 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن فضيل قال أبو بكر عن أبي سنان وقال بن المثنى عن ضرار بن مرة عن محارب عن بن بريدة عن أبيه ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا محمد بن فضيل حدثنا ضرار بن مرة أبو سنان عن محارب بن دثار عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا

 

ورواه أحمد 22958 و أخرجه تامّاً ومختصراً ابن أبي شيبة 3/342، ومسلم (977) (106) وص 1563-1564 (37) ، وص 1585 (63) ، والنسائي 4/89 و8/310-311، وأبو عوانة (7883) ، وفي الجنائز كما في "إتحاف المهرة" 2/544، وابن حبان (5391) و (5400) ، والبيهقي 8/298، والحازمي في "الاعتبار" ص 229 من طريق محمد بن فضيل، به . وأخرجه بنحوه تاماً ومختصراً أيضاً المصنف في "الأشربة" (201) ، ومسلم ص 1585 (65) ، وأبو داود (3698) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2074) و (2075) و (2076) و (2084) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/185 و228، والإسماعيلي في "معجمه" (192) ، والبيهقي 4/77، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة" (1553) ، والحازمي في "الاعتبار" ص 130 وص 155 من طريق مُعرِّف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، به . وسُمِّي ابن بُريدة عند المصنف وأبي القاسم في الموضع الثالث وأبي محمد البغوي والحازمي في الموضع الأول: سليمانَ بن بريدة . وعند أحمد بأطول مما هنا من طريق زبيد بن الحارث اليامي، عن محارب بن دثار برقم (23003) . وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 3/344، والنسائي في "المجتبى" 4/89 و7/234 و8/310 و311، وأبو عوانة (7884) ، والحازمي في "الاعتبار" ص 130 من طرق عن عبد الله بن بريدة، به، وبعضهم يختصره . وزاد ابن أبي شيبة في أول الحديث: قال -يعني بريدة-: جالست النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المجلس، فرأيته حزيناً، فقال له رجل من القوم: مالك يا رسول الله، كأنك حزين ؟ قال: "ذكرت أمي ..." ثم ذكر الحديث . وعند أحمد نحو هذه القصة في الروايات الآتية بالأرقام (23003) و (23017) و (23038) .

وأخرجه النسائي 8/311-312 من طريق عيسى بن عُبيد الكِندي، عن عبد الله ابن بريدة، عن أبيه: أن رسول الله بينا هو يسير إذ حَلَّ بقوم، فسمع لهم لَغَطاً، فقال: "ما هذا الصوت ؟" قالوا: يا نبي الله، لهم شرابٌ يشربونه . فبَعَثَ إلى القوم فدعاهم، فقال: "في أيِّ شيءٍ تَنتبذُونَ ؟" قالوا: نَنْتبذُ في النَّقِير والدُّبَّاءِ، وليس لنا ظُرُوفٌ . فقال: "لا تشربوا إلا فيمَا أَوْكَيتم عليه" قال: فلَبثَ بَذلك ما شاء الله أن يَلْبَثَ، ثم رجعَ عليهم، فإذا هم قد أصابهم وَباءٌ واصْفَرُّوا، قال: "ما لي أَراكم قد هَلَكْتُم ؟" قالوا: يا نبيَّ الله، أَرضُنا وَبِيئةٌ، وحَرَّمتَ علينا إلا ما أَوْكَينا عليه . قال: "اشْرَبُوا، وكلُّ مسكر حرامٌ" .

وعند أحمد الحديث من طريق عطاء بن أبي مسلم الخراساني برقم (23005) ، ومن طريق سلمة بن كهيل برقم (23015) ، كلاهما عن عبد الله بن بريدة .  وعند أحمد مطولاً ومختصراً من طرق عن سليمان بن بريدة برقم (23016) و (23017) و (23038) و (23052) .

وفي الباب عن أنس بن مالك، عند أحمد في مسنده برقم (13487) وله شواهده:

فأخرجه الحاكم 1/376 من طريق عبدان الأهوازي، عن بشر بن معاذ العقدي، عن عامر بن يساف، عن إبراهيم بن طهمان، عن يحيى بن عباد، عن أنس مختصراً بلفظ: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها، فإنها تُرِق القلب، وتُدمعُ العين، وتُذكَّر الآخرة، ولا تقولوا هجراً". وهذا إسناد حسن من أجل عامر بن يساف، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال أبو حاتم: صالح. وللحديث شواهد عن علي، عند أحمد برقم (1236) . وعن ابن مسعود، عند أحمد برقم (4319) . وعن أبي سعيد الخدري، عند أحمد برقم (11329) . وعن بريدة عند مسلم (1977) (37) ، وعند أحمد 5/350. وعن ابن عباس عند البزار (2908- كشف الأستار) ، والطبراني في "الأوسط " (2730) وغيرهما. قال الهيثمي في "المجمع " 5/66: رواه البزار، وفيه يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف يكتب حديثه، وبقية رجاله ثقات. وعن ابن عمرو عند الطبراني في "الأوسط " (6819) . وفي باب الأكل من الأضحية فوق ثلاث فقط عن جابر، عند أحمد 3/388. وعن قتادة بن النعمان، عند أحمد 4/15. وعن نبيشة الهذلي، عند أحمد 5/75-76. وعن سلمة بن الأكوع عند البخاري (5569) ، ومسلم (1974) ، وأبي عوانة 5/240. وفي باب الشرب في الأوعية فقط عن جابر عند أبي عوانة 5/270، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/228، والبيهقي 8/310- 311. وعن أبي بردة بن نيار عند الطحاوي 4/228. وعن أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط " (5986) . وانظر ما عند أحمد في مسند أنس برقم (12071) .

قال ابنُ الأثير في "النهاية":

 

وتحريمُ الانتباذ في هذه الظروف كان في صدر الإسلام، ثم نُسخ - أي بحديث بريدة عند مسلم 3/1585 رفعه: "كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم، فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكراً" -، وهو المذهب، وذهب مالك وأحمد إلى بقاء التحريم.

 

وقد أضيف على قول ابن الأثير أن البخاري صحاب الصحيح ذهب ضمنيًّا إلى بقاء التحريم لأنه لم يورد أحاديث النسخ.

 

ومن العجيب أن لدينا حديثًا يقول أن محمدًا قضى بهذا الحكم والتشريع على قبيلة ثقيف عام 9 ه قريبًا جدًّا من آخر حياة محمد، ربما لأنه لم ينسخه ويلغيه حتى ذلك الوقت، أو لغلبة الخمر وزراعة العنب على ثقيف سكان الطائف، روى أحمد:

 

17530 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا مُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهِلٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ ثَقِيفٍ، قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا، فَلَمْ يُرَخِّصْ لَنَا، فَقُلْنَا: إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ بَارِدَةٌ، فَسَأَلْنَاهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَنَا فِي الطُّهُورِ، فَلَمْ يُرَخِّصْ لَنَا، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَنَا فِي الدُّبَّاءِ ، فَلَمْ يُرَخِّصْ لَنَا فِيهِ سَاعَةً، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْنَا أَبَا بَكْرَةَ، فَأَبَى ، وَقَالَ: " هُوَ طَلِيقُ اللهِ وَطَلِيقُ رَسُولِهِ " " وَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ خَرَجَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَاصَرَ الطَّائِفَ فَأَسْلَمَ "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير شِباك- وهو الضبي الكوفي الأعمى- فقد روى له أصحاب السنن سوى الترمذي، وهو ثقة. مغيرة: هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، والشعبي: هو عامر بن شَراحيل. وأخرج منه قصة أبي بكرة الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4273) ، وفي "شرح معاني الآثار" 3/278-279 من طريق يحيى بن آدم، بهذا الإسناد. وأخرجها مرسلة ابنُ سعد 7/16 عن يحيى بن حماد، عن أبي عوانة، عن المغيرة، عن شباك، عن الشعبي: أن ثقيفاً سألوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يردّ إليهم أبا بكرة عبداً، فقال: "لا، هو طليق الله وطليق رسوله". ورجاله ثقات. ويشهد لقصة أبي بكرة حديث ابن عباس، السالف برقم (2176) . ومرسل عبد الله بن المكرم الثقفي عند البيهقي 9/229 (في المطبوع: عبد الله بن المكدم) .

 

وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه:

 

• 17531 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا الْوَرَكَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ ثَقِيفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ ثَقِيفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير شباك- وهو الضبي الكوفي الأعمى- فقد روى له أصحاب السنن سوى الترمذي، وهو ثقة. الوركاني: هو محمد بن جعفر بن زياد، وأبو الأحوص: هو سلاَّم بن سُلَيم. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2808) عن أبي الأحوص، بهذا الإسناد. وأخرج قصة أبي بكرة ابنُ سعد 7/15 عن الفضل بن دكين، عن أبي الأحوص، عن مغيرة، عن شِباك، عن رجل من ثقيف. لم يذكر الشعبيَّ في الإسناد.

 

وروى أحمد:

 

18777 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ عَامِرٍ، أَخْبَرَنِي فُلَانٌ الثَّقَفِيُّ قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَلَاثٍ، فَلَمْ يُرَخِّصْ لَنَا فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ، سَأَلْنَاهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْنَا أَبَا بَكْرَةَ، وَكَانَ مَمْلُوكًا وَأَسْلَمَ قَبْلَنَا، فَقَالَ: " لَا، هُوَ طَلِيقُ اللهِ، ثُمَّ طَلِيقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، ثُمَّ سَأَلْنَاهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَنَا فِي الشِّتَاءِ، وَكَانَتْ أَرْضُنَا أَرْضًا بَارِدَةً، يَعْنِي فِي الطَّهُورِ، فَلَمْ يُرَخِّصْ لَنَا، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَنَا فِي الدُّبَّاءِ ، فَلَمْ يُرَخِّصْ لَنَا فِيهِ

 

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، علي بن عاصم- وهو ابن صهيب الواسطي- ضعيف، وقد توبع فيما سلف برقم (17530) و (17531) .

 

تحريم الأكل من لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وإلغاؤه

 

روى البخاري:

 

5569 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ الْمَاضِي قَالَ كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا

 

5571 - حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ يَوْمَ الْأَضْحَى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَاكُمْ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْعِيدَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ مِنْ نُسُكِكُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدْ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ثُمَّ شَهِدْتُهُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لُحُومَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ نَحْوَهُ

 

1719 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كُلُوا وَتَزَوَّدُوا فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا

 

5423 - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ أَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ قَالَتْ مَا فَعَلَهُ إِلَّا فِي عَامٍ جَاعَ النَّاسُ فِيهِ فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الْغَنِيُّ الْفَقِيرَ وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ فَنَأْكُلُهُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ قِيلَ مَا اضْطَرَّكُمْ إِلَيْهِ فَضَحِكَتْ قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ بِهَذَا

 

5424 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الْهَدْيِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ تَابَعَهُ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَقَالَ حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ لَا

 

وروى مسلم:

 

[ 1969 ] حدثني عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن أبي عبيد قال شهدت العيد مع علي بن أبي طالب فبدأ بالصلاة قبل الخطبة وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث

 

 [ 1969 ] حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب حدثني يونس عن بن شهاب حدثني أبو عبيد مولى بن أزهر أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب قال ثم صليت مع علي بن أبي طالب قال فصلى لنا قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث ليال فلا تأكلوا  

 

 [ 1970 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثني محمد بن رمح أخبرنا الليث عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يأكل أحد من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام

 

[ 1970 ] وحدثني محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد عن بن جريج ح وحدثني محمد بن رافع حدثنا بن أبي فديك أخبرنا الضحاك يعني بن عثمان كلاهما عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث الليث

 

[ 1970 ] وحدثنا بن أبي عمر وعبد بن حميد قال بن أبي عمر حدثنا وقال عبد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث قال سالم فكان بن عمر لا يأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث وقال بن أبي عمر بعد ثلاث

 

[ 1971 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا روح حدثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن واقد قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث قال عبد الله بن أبي بكر فذكرت ذلك لعمرة فقالت صدق سمعت عائشة تقول دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضحى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخروا ثلاثا ثم تصدقوا بما بقي فلما كان بعد ذلك قالوا يا رسول الله إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم ويجملون منها الودك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك قالوا نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث فقال إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت فكلوا وادخروا وتصدقوا

 

 [ 1972 ] حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث ثم قال بعد كلوا وتزودوا وادخروا

 

 [ 1972 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر ح وحدثنا يحيى بن أيوب حدثنا بن علية كلاهما عن بن جريج عن عطاء عن جابر ح وحدثني محمد بن حاتم واللفظ له حدثنا يحيى بن سعيد عن بن جريج حدثنا عطاء قال سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث مني فأرخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كلوا وتزودوا قلت لعطاء قال جابر حتى جئنا المدينة قال نعم

[ 1972 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا زكريا بن عدي عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال كنا لا نمسك لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتزود منها ونأكل منها يعني فوق ثلاث

 

 [ 1972 ] وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عطاء عن جابر قال كنا نتزودها إلى المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 [ 1973 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أهل المدينة لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث وقال بن المثنى ثلاثة أيام فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم عيالا وحشما وخدما فقال كلوا وأطعموا واحبسوا أو ادخروا قال بن المثنى شك عبد الأعلى

 

 [ 1974 ] حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ضحى منكم فلا يصبحن في بيته بعد ثالثة شيئا فلما كان في العام المقبل قالوا يا رسول الله نفعل كما فعلنا عام أول فقال لا إن ذاك عام كان الناس فيه بجهد فأردت أن يفشو فيهم

 

 [ 1975 ] حدثني زهير بن حرب حدثنا معن بن عيسى حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن ثوبان قال ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحيته ثم قال يا ثوبان أصلح لحم هذه فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة

   

[ 1975 ] وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا أبو مسهر حدثنا يحيى بن حمزة حدثني الزبيدي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أصلح هذا اللحم قال فأصلحته فلم يزل يأكل منه حتى بلغ المدينة

 

 [ 1975 ] وحدثنيه عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا محمد بن المبارك حدثنا يحيى بن حمزة بهذا الإسناد ولم يقل في حجة الوداع

 

 [ 1977 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن فضيل قال أبو بكر عن أبي سنان وقال بن المثنى عن ضرار بن مرة عن محارب عن بن بريدة عن أبيه ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا محمد بن فضيل حدثنا ضرار بن مرة أبو سنان عن محارب بن دثار عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا

 

ورواه أحمد 22958 و أخرجه تامّاً ومختصراً ابن أبي شيبة 3/342، ومسلم (977) (106) وص 1563-1564 (37) ، وص 1585 (63) ، والنسائي 4/89 و8/310-311، وأبو عوانة (7883) ، وفي الجنائز كما في "إتحاف المهرة" 2/544، وابن حبان (5391) و (5400) ، والبيهقي 8/298، والحازمي في "الاعتبار" ص 229 من طريق محمد بن فضيل، به . وأخرجه بنحوه تاماً ومختصراً أيضاً المصنف في "الأشربة" (201) ، ومسلم ص 1585 (65) ، وأبو داود (3698) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2074) و (2075) و (2076) و (2084) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/185 و228، والإسماعيلي في "معجمه" (192) ، والبيهقي 4/77، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة" (1553) ، والحازمي في "الاعتبار" ص 130 وص 155 من طريق مُعرِّف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، به . وسُمِّي ابن بُريدة عند المصنف وأبي القاسم في الموضع الثالث وأبي محمد البغوي والحازمي في الموضع الأول: سليمانَ بن بريدة . وسيأتي بأطول مما هنا من طريق زبيد بن الحارث اليامي، عن محارب بن دثار برقم (23003) . وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 3/344، والنسائي في "المجتبى" 4/89 و7/234 و8/310 و311، وأبو عوانة (7884) ، والحازمي في "الاعتبار" ص 130 من طرق عن عبد الله بن بريدة، به، وبعضهم يختصره . وزاد ابن أبي شيبة في أول الحديث: قال -يعني بريدة-: جالست النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المجلس، فرأيته حزيناً، فقال له رجل من القوم: مالك يا رسول الله، كأنك حزين ؟ قال: "ذكرت أمي ..." ثم ذكر الحديث . وسيأتي نحو هذه القصة في الروايات الآتية بالأرقام (23003) و (23017) و (23038). وأخرجه النسائي 8/311-312 من طريق عيسى بن عُبيد الكِندي، عن عبد الله ابن بريدة، عن أبيه: أن رسول الله بينا هو يسير إذ حَلَّ بقوم، فسمع لهم لَغَطاً، فقال: "ما هذا الصوت ؟" قالوا: يا نبي الله، لهم شرابٌ يشربونه . فبَعَثَ إلى القوم فدعاهم، فقال: "في أيِّ شيءٍ تَنتبذُونَ ؟" قالوا: نَنْتبذُ في النَّقِير والدُّبَّاءِ، وليس لنا ظُرُوفٌ . فقال: "لا تشربوا إلا فيمَا أَوْكَيتم عليه" قال: فلَبثَ بَذلك ما شاء الله أن يَلْبَثَ، ثم رجعَ عليهم، فإذا هم قد أصابهم وَباءٌ واصْفَرُّوا، قال: "ما لي أَراكم قد هَلَكْتُم ؟" قالوا: يا نبيَّ الله، أَرضُنا وَبِيئةٌ، وحَرَّمتَ علينا إلا ما أَوْكَينا عليه . قال: "اشْرَبُوا، وكلُّ مسكر حرامٌ". وسيأتي الحديث من طريق عطاء بن أبي مسلم الخراساني برقم (23005) ، ومن طريق سلمة بن كهيل برقم (23015) ، كلاهما عن عبد الله بن بريدة .  وسيأتي مطولاً ومختصراً من طرق عن سليمان بن بريدة برقم (23016) و (23017) و (23038) و (23052). وفي الباب عن أنس بن مالك، سلف في مسنده برقم (13487) ، وقد ذكرنا تتمة أحاديث الباب هناك .

 

وروى أحمد:

 

435 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِظٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ يُصَلِّيَانِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى ، ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ يُذَكِّرَانِ النَّاسَ ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُمَا يَقُولانِ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ ".

قَالَ : وسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ : نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْقَى مِنْ نُسُكِكُمْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ بَعْدَ ثَلاثٍ.

 

صحيح على شرط مسلم

 

1186 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا، قَالَ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى أَنْ يُمْسِكَ أَحَدٌ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عبيد: هو سعد بن عبيد. وانظر (435) .

 

587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: ثُمَّ شَهِدْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمَ عِيدٍ، بَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَصَلَّى بِلا أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ، ثُمَّ قَالَ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى أَنْ يُمْسِكَ أَحَدٌ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف - ويقال: مولى ابن عمه عبد الرحمن بن أزهر-: هو سعدُ بن عبيد الزهري مولاهم المدني. وأخرجه النسائي 7/232-233 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه الشافعي 1/161، وعبد الرزاق (5636) ، ومن طريقه مسلم (1969) (25) ، والطحاوي 4/184، والبيهقي 9/290 عن معمر، به. وأخرجه البخاري (5573) ، ومسلم (1969) (25) ، والنسائي 7/233، والطحاوي 4/184 من طرق عن الزهري، به. وأخرجه الشافعي 1/161، ومن طريقه البيهقي 9/290 عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. وجعله موقوفاً على علي. وقد خالف الشافعي عبدُ الجبار بن العلاء فرواه عن سفيان بن عيينة مرفوعاً. أخرجه مسلم (1969) (24) ، والبيهقي 9/290. وقد تقدم حديث علي برقم (435) ، وسيأتي برقم (806).

 

4558 - قَرِئَ عَلَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَأْكُلْ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثٍ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سالم: هو ابنُ عبد الله بن عمر. وأخرجه بنحوه البخاري (5574) ، وأبو عوانة 5/232 من طريق محمد بن عبد الله أخي ابن شهاب، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/184 من طريق إسحاق بن يحيي الكلبي، كلاهما عن الزهرى، ولفظه عند البخاري: كلوا من الأضاحي ثلاثاً. وسيأتي بالأرقام (4643) و (4900) و (4936) و (5526) و (5527) و (6188). قال السندي: قوله: "لا يأكل " على بناء الفاعل، أي: المضحي، وهو مفهوم من آخر الكلام، وإرجاع الضمير إلى مثله جائز، كما يقال: قال في الكتاب الفلاني، ومثله قال تعالى، أو قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله تعالى أعلم. وفي الباب عن الزبير بن العوام سلف برقم (1422). وعن علي عند البخاري (5573) ، ومسلم (1969). وعن عبد الله بن واقد عند مسلم (1971). وإنما نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ادِّخار لحوم الأضاحي لمصلحةٍ اقتضته، ثم رخص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك بزوال ما يقتضيه. روى مسلم (1971) من حديث السيدة عائشة عن النبي يكن، قال: "إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت، فكلوا واذخروا وتصدقوا".والداَّفة - فيما قال ابنُ الأثير -: قوم من الأعراب يردون المصر. يريد أنهم قوم قدموا المدينة عند الأضحى، فنهاهم عن ادخار لحوم الأضاحي، ليفرقوها ويتصدقوا بها، فينتفع أولئك القادمون بها". وروى مسلم أيضاً (1974) من حديث سلمة بن الأكوع أنه قال: قالوا: يا رسول الله، نفعل كما فعلنا عام أول؟ (يعني في ترك الاذخار) فقال: "لا، إن ذاك عام كان الناس فيه بجهد، فأردت أن يفشو فيهم ". وقد ورد النسخُ في أحاديث عدد من الصحابة: منها: حديث علي برقم (1236). وحديث ابن مسعود برقم (4319). وحديث أبي سعيد الخدري عند مسلم (1973) ، سيرد 3/23. وحديث جابر عند مسلم (1972) ، سيرد 3/388. وحديث أنس، سيرد 3/237 و250. وحديث نبيشة عند أبي داود (2813) ، وابن ماجه (3160) ، سيرد 5/75 و76. وحديث بريدة عند مسلم (977) و (1977) ، سيرد 5/350.وحديث عائشة عند مسلم (1971) ، سيرد 6/209. وحديث سلمة بن الأكوع عند مسلم (1974) .

قال الشافعي في "الرسالة" ص 239: إذا دفت الدافة، ثبت النهى عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث، وإذا لم تدفَّ داَّفه، فالرخصة ثابتة بالأكل والتزود والادخار والصدقة.

 

وروى البخاري من أحاديث النسخ:

 

3997 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ خَبَّابٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدِ بْنَ مَالِكٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا مِنْ لُحُومِ الْأَضْحَى فَقَالَ مَا أَنَا بِآكِلِهِ حَتَّى أَسْأَلَ فَانْطَلَقَ إِلَى أَخِيهِ لِأُمِّهِ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ إِنَّهُ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ نَقْضٌ لِمَا كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْهُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضْحَى بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ

 

وروى أحمد:

 

16214 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ، مَوْلَى بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ لُحُومَ نُسُكِنَا فَوْقَ ثَلَاثٍ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فِي سَفَرٍ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى أَهْلِي، وَذَلِكَ بَعْدَ الْأَضْحَى بِأَيَّامٍ، قَالَ: فَأَتَتْنِي صَاحِبَتِي بِسَلقٍ قَدْ جَعَلَتْ فِيهِ قَدِيدًا ، فَقُلْتُ لَهَا: أَنَّى لَكِ هَذَا الْقَدِيدُ ؟ فَقَالَتْ: مِنْ ضَحَايَانَا ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: أَوَلَمْ يَنْهَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ نَأْكُلَهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ ؟ قَالَ: فَقَالَتْ: " إِنَّهُ قَدْ رَخَّصَ لِلنَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ "، قَالَ: فَلَمْ أُصَدِّقْهَا، حَتَّى بَعَثْتُ إِلَى أَخِي قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا، أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيَّ أَنْ كُلْ طَعَامَكَ فَقَدْ صَدَقَتْ قَدْ " أَرْخَصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ "

 

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث هنا فانتفت شبهة تدليسه، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق بن يسار والد محمد، فقد روى له أبو داود في "المراسيل"، وهو ثقة، وقد توبع. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/292 من طريق يعقوب، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (5) من طريق يزيد بن زريع، عن محمد بن إسحاق، به. ولم يذكر في الإسناد إسحاق بن يسار. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/26، وقال: حديث أبي سعيد في "الصحيح"، وإنما أخرجته لحديث امرأته، ثم قال: رواه أحمد، ورجاله ثقات. وانظر تعليقنا على رواية أبي سعيد السالفة برقم (11176)  فأخرجها البخاري (3997) و (5568) ، والنسائي في "الكبرى" (4516) ، وفي "المجتبي" 7/233، والبيهقي في "السنن" 9/292 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، عن عبد الله بن خباب، أن أبا سعيد الخدري قدم من سفر، فقدم إليه أهلُه لحماً من لحوم الأضحى، فقال: ما أنا بآكله حتى أسال، فانطلق إلى أخيه لأمه -وكان بدرياً- قتادة بن النعمان، فسأله، فقال: إنه حدث بعدك أمر... وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/186 من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن زبيد، أن أبا سعيد أخبره أنه أتى أهله، فوجد عندهم قصعة ثريد، ولحماً من لحوم الأضاحي... إلخ، بنحو سياقة البخاري. وسيرد بالأرقام (11329) و (11449) و (11543) و (11606) و (11627). وقد تقدم النهي عن ادخار الأضحية فوق ثلاث في مسند ابن عمر في الرواية (4558) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب، وذكرنا أيضاً أحاديث النسخ.

قال السندي: قوله: فقدم، بكسر الدال، أي: من سفر.

 

وإنه لواضحٌ أن كثيرين كانوا يفتون ويعملون بالتشريع الأقدم، فلاحظ ذلك التضارب، وروى أحمد:

 

4643 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا يَأْكُلْ أَحَدُكُمْ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ " " وَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين، ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهةُ تدليسه، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه مسلم (1970) (26) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطرسوسي (83) ، والدارمي 2/78، وأبو عوانة 5/231، من طرق، عن ابن خريج، به. وأخرجه مسلم (1970) (26) ، والترمذي (1509) ، وأبو عوانة 5/231-232، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/184، وابنُ حبان (5923) ، والحازمي في "الاعتبار" ص 154 من طريق الليث بن سعد، وأخرجه مسلم (1970) (26) من طريق الضحاك بن عثمان، كلاهما عن نافع، به.

وقال الترمذي: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح، وإنما كان النهي من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متقدما، ثم رخص بعد ذلك.

وقوله: "لا يأكلُ من لحم هديه"، قال الحافظ في "الفتح" 10/29: ويحتمل أن يكون ابن عمر كان يُسوي بين لحم الهدي ولحم الأضحية في الحكم، ويحتمل أن يكون أطلق على لحم الأضحية لحم الهدي لمناسبة أنه كان بمنى. وكأن ابن عمر لم يبلغه الإذنُ بعد المنع.

 

وقد ذهب جماهير علماء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى أن تحريم أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وادخارها منسوخ بحديث جابر قال: كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث مِنى فأرخص لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "كلوا وتزودوا" أخرجه أحمد 3/317، والبخاري (1719) ، ومسلم (1972). وحديث عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما نهيتكم (أي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث) من أجل الدافةِ التي دفت. فكلوا وادخروا وتصدقوا" أخرجه أحمد 6/102، والبخاري (5423) ، ومسلم (1971). وحديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يا أهل المدينة لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث" فشكوا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فقال: "كلوا وأطعموا واحبسوا أو ادخروا" أخرجه أحمد 3/48، ومسلم (1973) . وحديث سلمة بن الأكوع أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من ضحى منكم فلا يصبحن في  بيته بعد ثالثه شيئاً". فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا عام أول؟ فقال: "لا. إن ذاك عام كان الناس فيه بجهد فأردت أن يفشو فيهم". أخرجه البخاري (5569) ، ومسلم (1974). وحديث ثوبان قال: ذبح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضحيته ثم قال: "يا ثوبان أصلح لحم هذه" فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة. أخرجه مسلم (1975).

وحكى النووي في "شرح مسلم" 13/129 عن علي عليه السلام وابن عمر أنهما قالا: يحرم الإمساك للحوم الأضاحي بعد ثلاث، وأن حكم التحريم باق، وحكاه الحازمي في "الاعتبار" ص 154 عن علي عليه السلام أيضاً والزبير وعبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر، ولعلهم لم يعلموا بالناسخ، ومن علم حجة على من لم يعلم، وقد أجمع على جواز الأكل والادخار بعد الثلاث من بعد عصر المخالفين في ذلك، ولا أعلم أحداً بعدهم ذهب إلى ما ذهبوا إليه.

وقال الإمام الشافعي فيما نقله عنه الحازمي: والرخصة بعدها (أي بعد الثلاث) في الإمساك والأكل والصدقة من لحوم الضحايا إنما هي لواحد من معنيين لاختلاف الحالتين، فإذا دفت الدافة ثبت النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث منسوخاً في كل حال، فيمسك الإنسان من ضحيته ما شاء ويتصدق بما شاء.

وقال القرطبي المحدث: حديثُ سلمة وعائشة نص على أن المنع كان لِعلة، فلما ارتفعت، ارتفع لارتفاع موجبه، فَتَعَيَّنَ الأخذُ به، ويعود الحكمُ بعود العِلة، فلو قَدِمَ على أهل بلدٍ ناس محتاجون في زمان الأضحى، ولم يكن عند أهلِ ذلك البلدِ سَعَة يسدون بها فاقتهم إلا الضحايا تعين عليهم أن لا يدخروها فوق ثلاث.

قال الحافظ: التقييد بالثلاث واقعة حالٍ وإلا فلو لم تستد الخلة إلا بتفرقة الجميع لزم على هذا التقرير عدمُ الإمساك ولو ليلة واحدة.

 

وبصرف النظر عن التبرير بوجود فاقة وحاجة جعلت محمد يشرع ذلك ثم يلغيه، فهو تبرير لتغيير محمد لأحكامه وتخبطاته، والأشبه أن محمدًا كان يتبع ويستوحي بدرجة ما من تشريع الفصح اليهودي كما كان يتبع اليهودية وتشريعاتها في كل شيء في شبه حالة هوس، فلما لم يتبعه اليهود وسخروا منه انقلب إلى الضد وصار يخالفهم فغيَّر القبلة وغير تشريع صيام يوم عاشوراء المقتبس من تقليد اليهود إلى صيام رمضان وهو طقس تعبدي عربي قبل إسلامي للتحنث، ومنه كذلك إلغاؤه لتحريم أكل الضحية بعد ثلاثة أيام، لكن الفارق الوحيد أن تشريع التوراة كان لا يجيز إبقاء الذبيحة الطقسية للفصح (عيد الخروج الأسطوري من مصر) أكثر من يوم وليلة واحدة، وجاء في سفر الخروج 12:

 

(1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ فِي أَرْضِ مِصْرَ قَائِلاً: 2«هذَا الشَّهْرُ يَكُونُ لَكُمْ رَأْسَ الشُّهُورِ. هُوَ لَكُمْ أَوَّلُ شُهُورِ السَّنَةِ. 3كَلِّمَا كُلَّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ قَائِلَيْنِ: فِي الْعَاشِرِ مِنْ هذَا الشَّهْرِ يَأْخُذُونَ لَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ شَاةً بِحَسَبِ بُيُوتِ الآبَاءِ، شَاةً لِلْبَيْتِ. 4وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا عَنْ أَنْ يَكُونَ كُفْوًا لِشَاةٍ، يَأْخُذُ هُوَ وَجَارُهُ الْقَرِيبُ مِنْ بَيْتِهِ بِحَسَبِ عَدَدِ النُّفُوسِ. كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ تَحْسِبُونَ لِلشَّاةِ. 5تَكُونُ لَكُمْ شَاةً صَحِيحَةً ذَكَرًا ابْنَ سَنَةٍ، تَأْخُذُونَهُ مِنَ الْخِرْفَانِ أَوْ مِنَ الْمَوَاعِزِ. 6وَيَكُونُ عِنْدَكُمْ تَحْتَ الْحِفْظِ إِلَى الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ. ثُمَّ يَذْبَحُهُ كُلُّ جُمْهُورِ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعَشِيَّةِ. 7وَيَأْخُذُونَ مِنَ الدَّمِ وَيَجْعَلُونَهُ عَلَى الْقَائِمَتَيْنِ وَالْعَتَبَةِ الْعُلْيَا فِي الْبُيُوتِ الَّتِي يَأْكُلُونَهُ فِيهَا. 8وَيَأْكُلُونَ اللَّحْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَشْوِيًّا بِالنَّارِ مَعَ فَطِيرٍ. عَلَى أَعْشَابٍ مُرَّةٍ يَأْكُلُونَهُ. 9لاَ تَأْكُلُوا مِنْهُ نِيئًا أَوْ طَبِيخًا مَطْبُوخًا بِالْمَاءِ، بَلْ مَشْوِيًّا بِالنَّارِ. رَأْسَهُ مَعَ أَكَارِعِهِ وَجَوْفِهِ. 10وَلاَ تُبْقُوا مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ. وَالْبَاقِي مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ، تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ. 11وَهكَذَا تَأْكُلُونَهُ: أَحْقَاؤُكُمْ مَشْدُودَةٌ، وَأَحْذِيَتُكُمْ فِي أَرْجُلِكُمْ، وَعِصِيُّكُمْ فِي أَيْدِيكُمْ. وَتَأْكُلُونَهُ بِعَجَلَةٍ. هُوَ فِصْحٌ لِلرَّبِّ. 12فَإِنِّي أَجْتَازُ فِي أَرْضِ مِصْرَ هذِهِ اللَّيْلَةَ، وَأَضْرِبُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ. وَأَصْنَعُ أَحْكَامًا بِكُلِّ آلِهَةِ الْمِصْرِيِّينَ. أَنَا الرَّبُّ. 13وَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ، فَلاَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَةٌ لِلْهَلاَكِ حِينَ أَضْرِبُ أَرْضَ مِصْرَ. 14وَيَكُونُ لَكُمْ هذَا الْيَوْمُ تَذْكَارًا فَتُعَيِّدُونَهُ عِيدًا لِلرَّبِّ. فِي أَجْيَالِكُمْ تُعَيِّدُونَهُ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً.)

 

وعند الشيعة الاثناعشرية في بحار الأنوار ج96/ ص 285- 286

 

43-   ع، [علل الشرائع] ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن أبي نجران عن محمد بن حمران عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال قال إن النبي ص نهى أن تحبس لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام من أجل الحاجة فأما اليوم فلا بأس به .

44-   سن، [المحاسن] أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن محمد بن مسلم مثله .

45-   ع، [علل الشرائع] العطار عن أبيه عن ابن أبي الخطاب عن ابن بزيع عن يونس عن جميل قال سألت أبا عبد الله ع عن حبس لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام بمنى قال لا بأس بذلك اليوم إن رسول الله ص إنما نهى عن ذلك أولا لأن الناس كانوا يومئذ مجهودين فأما اليوم فلا بأس به .

46-   و قال أبو عبد الله ع كنا ننهى الناس عن إخراج لحوم الأضاحي بعد ثلاثة لقلة اللحم و كثرة الناس فأما اليوم فقد كثر اللحم و قل الناس فلا بأس بإخراجه .

47-   سن، [المحاسن] أبي عن يونس مثله إلى قوله فأما اليوم فلا بأس .

48-   ع، [علل الشرائع] ابن الوليد عن عبد الله بن عباس العلوي عن محمد بن عبد الله بن موسى عن أبيه عن خاله زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي ع قال قال رسول الله ص نهيتكم عن ثلاث نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها و عن إخراج لحوم الأضاحي من منى بعد ثلاث ألا فكلوا و ادخروا و نهيتكم عن النبيذ ألا فانبذوا وكل مسكر حرام يعني الذي ينبذ بالغداة و يشرب بالعشي و ينبذ بالعشي و يشرب بالغداة فإذا غلى فهو حرام .

 

هل يقوم للجنازة أم لا

 

روى البخاري:

 

1307 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ * قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ الْحُمَيْدِيُّ حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ

 

1308 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جِنَازَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى يُخَلِّفَهَا أَوْ تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَعَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخَلِّفَهُ

 

روى أحمد:

 

623 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةً فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَقُمْتُ، فَقَالَ: لِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ: اجْلِسْ فَإِنِّي سَأُخْبِرُكَ فِي هَذَا بِثَبْتٍ: حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ الزُّرَقِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِرَحَبَةِ الْكُوفَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ".

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمد بن عمرو- وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- روى له البخاري مقروناً ومسلم متابعة، وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. وأخرجه أبو يعلى (273) ، والطحاوي 1/488، وابن حبان (3056) ، والبيهقي 4/27 من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة، بهذا الإسناد. وأخرجه مالك 1/232، وعبد الرزاق (6314) ، والحميدي (51) ، ومسلم (962) (82) (83) ، وأبو د اود (3175) ، والترمذي (1044) ، والنسائي 4/77، وأبو يعلى (273) و (308) ، والطحاوي 1/488، وابن حبان (3054) و (3055) ، والبيهقي 4/27 من طريق يحيي بن سعيد الأنصاري، عن واقد بن عمرو، به. وقد سقط من المطبوع من عبد الرزاق "واقد بن عمرو". وأخرجه البزار (908) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن نافع بن جبير، به. وأخرجه عبد الرزاق (6312) ، والبزار (909) و (910) ، والطحاوي 1/488 من طرق عن مسعود بن الحكم، به. وقد وقع في المطبوع من الطحاوي "إسماعيل بن الحكم بن مسعود عن أبيه "، وهو خطأ. وسيأتي برقم (631) و (1094) و (1167) .

 

وروى مسلم:

 

 [ 962 ] وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح بن المهاجر واللفظ له حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ أنه قال رآني نافع بن جبير ونحن في جنازة قائما وقد جلس ينتظر أن توضع الجنازة فقال لي ما يقيمك فقلت أنتظر أن توضع الجنازة لما يحدث أبو سعيد الخدري فقال نافع فإن مسعود بن الحكم حدثني عن علي بن أبي طالب أنه قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد

 

 [ 962 ] وحدثني محمد بن المثنى وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر جميعا عن الثقفي قال بن المثنى حدثنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى بن سعيد قال أخبرني واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري أن نافع بن جبير أخبره أن مسعود بن الحكم الأنصاري أخبره أنه سمع علي بن أبي طالب يقول في شأن الجنائز إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ثم قعد وإنما حدث بذلك لأن نافع بن جبير رأى واقد بن عمرو قام حتى وضعت الجنازة

   

[ 962 ] وحدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن محمد بن المنكدر قال سمعت مسعود بن الحكم يحدث عن علي قال رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقمنا وقعد فقعدنا يعني في الجنازة

وروى البخاري:


1311 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَرَّ بِنَا جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْنَا بِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا

 

1313 - * وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ كُنْتُ مَعَ قَيْسٍ وَسَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ وَقَيْسٌ يَقُومَانِ لِلْجَنَازَةِ

 

وروى أحمد:

 

7860 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مُرَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: " قُومُوا، فَإِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا "

 

إسناده حسن، وأخرجه ابنُ أبي شيبة 3/357 عن علي بن مسهر، وابن ماجه (1543) من طريق عبدة بن سليمان، كلاهما عن محمد بنِ عمرٍو، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (8527) ، وانظر ما سلف برقم (7593) وما سيأتي برقم (9300) .

 

8527 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَامَ: فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: " إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا"

 

19705 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ يَعْنِي شَيْبَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا مَرَّتْ بِكُمْ جِنَازَةٌ، فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَقُومُوا لَهَا ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا نَقُومُ وَلَكِنْ نَقُومُ لِمَنْ مَعَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ " قَالَ لَيْثٌ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَخْبَرَةَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: إِنَّا لَجُلُوسٌ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نَنْتَظِرُ جِنَازَةً، إِذْ مَرَّتْ بِنَا أُخْرَى فَقُمْنَا . فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا يُقِيمُكُمْ ؟ فَقُلْنَا: هَذَا مَا تَأْتُونَا بِهِ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ ؟ قُلْتُ: زَعَمَ أَبُو مُوسَى، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا مَرَّتْ بِكُمْ جِنَازَةٌ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَقُومُوا لَهَا ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا نَقُومُ، وَلَكِنْ نَقُومُ لِمَنْ مَعَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ "، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا فَعَلَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ غَيْرَ مَرَّةٍ بِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، وَكَانَ يَتَشَبَّهُ بِهِمْ، فَإِذَا (1) نُهِيَ انْتَهَى فَمَا عَادَ لَهَا بَعْدُ (2)

 

(1) في (ق) : فلما.

(2) هذا الحديث إنما هو حديثان:

أولهما: حديث أبي موسى، وهو صحيح لغيره، كما بينَّا في الرواية (19491) ، ليث- وهو ابن أبي سُليم- ضعيف، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. أبو النَّضر: هو هاشمُ بن القاسم، وأبو معاوية شيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي. وأخرجه بتمامه مع حديث علي الحازميُّ في "الاعتبار" ص92 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 3/357 من طريق ليث، عن مجاهد، عن عبد الله ابن سَخْبَرة، عن أبي موسى، مختصراً. وذكرنا شواهده التي يصحُّ بها في الرواية (19491).

وثانيهما: حديث علي، وهو صحيح دون قوله: "وكانوا أهل كتاب، وكان يتشبَّه بهم". فقد أخرجه ابنُ أبي شيبة 3/358، والنسائي 4/46 من طريقين عن سفيان - وهو ابنُ عيينة- عن ابن أبي نَجِيح- وهو عبد الله- عن مجاهد، عن أبي معمر- وهو عبد الله بن سخبرة- قال: كنا عند عليّ، فمرت به جِنازة، فقاموا لها، فقال علي: ما هذا؟ قالوا: أمرُ أبي موسى. فقال: إنما قام رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجنازة يهودية، ولم يَعُدْ بعد ذلك. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وسلف نحوه بإسنادين آخرين عن علي برقمي (623) و(631). وسلف من طريق سفيان الثوري، عن لَيْث بن أبي سُلَيم، عن مجاهد، به، برقم (1200) ، وفاتنا أن نُبيَّن هناك أن لفظة "وكان يتشبه بأهل الكتاب" ضعيفة، ليس لليث فيها متابع.

 

وروى مسلم:

 

[ 958 ] وحدثناه قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث ح وحدثني حرملة أخبرنا بن وهب أخبرني يونس جميعا عن بن شهاب بهذا الإسناد وفي حديث يونس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا بن رمح أخبرنا الليث عن نافع عن بن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأى أحدكم الجنازة فإن لم يكن ماشيا معها فليقم حتى تخلفه أو توضع من قبل أن تخلفه

 

 [ 958 ] وحدثني أبو كامل حدثنا حماد ح وحدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا إسماعيل جميعا عن أيوب ح وحدثنا بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله ح وحدثنا بن المثنى حدثنا بن أبي عدي عن بن عون ح وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج كلهم عن نافع بهذا الإسناد نحو حديث الليث بن سعد غير أن حديث بن جريج قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدكم الجنازة فليقم حين يراها حتى تخلفه إذا كان غير متبعها

 

 [ 959 ] حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اتبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع

 

 [ 959 ] وحدثني سريج بن يونس وعلي بن حجر قالا حدثنا إسماعيل وهو بن علية عن هشام الدستوائي ح وحدثنا محمد بن المثنى واللفظ له حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير قال حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع

 [ 960 ] وحدثني سريج بن يونس وعلي بن حجر قالا حدثنا إسماعيل وهو بن علية عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله قال مرت جنازة فقام لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمنا معه فقلنا يا رسول الله إنها يهودية فقال إن الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا

 

 [ 960 ] وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول قام النبي صلى الله عليه وسلم لجنازة مرت به حتى توارت

 

 [ 960 ] وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أيضا أنه سمع جابرا يقول قام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لجنازة يهودي حتى توارت

 

 [ 961 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن بن أبي ليلى أن قيس بن سعد وسهل بن حنيف كانا بالقادسية فمرت بهما جنازة فقاما فقيل لهما إنها من أهل الأرض فقالا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام فقيل إنه يهودي فقال أليست نفسا

 

تشريعات وتقاليد محمد اعتباطية تحكمية بحتة، لا تقوم في معظمها على قيم إنسانية أو أعراف وإتيكيت، بل هي كانت حسبما يعنّ ويتراءى له وحسب مزاجه المتقلب لا أكثر. أحد روايات أحمد زعمت أن ذلك بسبب تعمد لمخالفة الكتابيين في كل ما يقدر عليه بعدما رفضوا اتباعه، فعكس نظامه بعدما كان يقلدهم في كل الأشياء، روى أحمد:

 

1200 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ، فَمَرَّ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا نَاسٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَنْ أَفْتَاكُمْ هَذَا ؟ فَقَالُوا: أَبُو مُوسَى، قَالَ: " إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً، فَكَانَ يَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، فَلَمَّا نُهِيَ انْتَهَى "

 

صحيح، ليث- وهو ابن أبي سليم وإن كان ضعيفاٌ - قد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين، سفيان: هو الثوري، وأبو معمر: هو عبد الله بن سخبرة. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (6311). وأخرجه الطيالسي (162) عن زاثدة بن قدامة، والحميدي (50) عن سفيان بن عيينة، وأبو يعلى (266) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، ثلاثتهم عن ليث بن أبي سليم، به. وسيأتي من طريق ليث أيضاً في مسند أبي موسى الأشعري (4/413 الطبعة الميمنية) وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة 3/358، والنسائي 4/46 من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، به.

وأخرج مالك في "الموطأ" 1/232، ومسلم (962) ، وأبو داود (3175) ، والترمذي (1044) من طريق مسعود بن الحكم الأنصاري، عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقوم في الجنائز، ثم جلس بعد.

 

زيارة القبور بين تحريم وتحليل وخصوصًا التحريم في الأول على النساء

 

روى أحمد:

 

8449 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ ".

 

إسناده حسن، عمر بن أبي سلمة حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وباقي رجاله ثفات. يحيى بن إسحاق: هو السيلحيني، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه الطيالسي (2358) ، وابن ماجه (1576) ، والترمذي (1056) ، وأبو يعلى (5908) ، وابن حبان (3178) ، والبيهقي 4/78 من طرق عن أبي عوانة، بهذا الِإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وسيأتي مكرراً برقم (8452) و (8670). وفي الباب عن حسان بن ثابت، سيأتي 3/442-443.

 

روى البخاري:


1283 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي قَالَتْ إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي وَلَمْ تَعْرِفْهُ فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ لَمْ أَعْرِفْكَ فَقَالَ إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى

 

وروى مسلم:

 

[ 976 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدثنا محمد بن عبيد عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت

 

 [ 977 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير ومحمد بن المثنى واللفظ لأبي بكر وابن نمير قالوا حدثنا محمد بن فضيل عن أبي سنان وهو ضرار بن مرة عن محارب بن دثار عن بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا قال بن نمير في روايته عن عبد الله بن بريدة عن أبيه

 

رواه أحمد 22958 و11329 و4319

 

[ 974 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ويحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخران حدثنا إسماعيل بن جعفر عن شريك وهو بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ولم يقم قتيبة قوله وأتاكم

 

رواه أحمد 24425 و24475

 

وروى البيهقي في الكبرى:

 

6999 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق أنبأ أبو المثنى معاذ بن المثنى ثنا محمد بن منهال الضرير ثنا يزيد بن زريع ثنا بسطام بن مسلم عن أبي التياح يزيد بن حميد عن عبد الله بن أبي مليكة: أن عائشة رضي الله عنها أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها يا أم المؤمنين من أين أقبلت قالت من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت لها أليس كان رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن زيارة القبور قالت نعم كان نهى ثم أمر بزيارتها تفرد به بسطام بن مسلم البصري والله أعلم

 

وروى الترمذي:

 

1056 - حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن زوارات القبور قال وفي الباب عن ابن عباس و حسان بن ثابت

 قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي صلى الله عليه و سلم في زيارة القبور فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء وقال بعضهم إنما كرهت زيارة القبور للنساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن

 

قال الألباني: حسن

 

وروى أبو داوود في سننه:

 

2043 - حدثنا حامد بن يحيى ثنا محمد بن معن المديني قال أخبرني داود بن خالد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن ربيعة يعني ابن الهدير قال ما سمعت طلحة بن عبيد الله يحدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم حديثا قط غير حديث واحد قال قلت وما هو ؟ قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم يريد قبور الشهداء حتى إذا أشرفنا على حرة واقم فلما تدلينا منها وإذا قبور بمحنية قال قلنا يارسول الله أقبور إخواننا هذه ؟ قال " قبور أصحابنا " فلما جئنا قبور الشهداء قال " هذه قبور إخواننا " .

 

قال الألباني: صحيح

 

الحرة ارض ذات حجارة سود وواقم اسم لأطم من آطام أيْ حصون المدينة

 

ومما روى أحمد:

 

(11329) 11349- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ ، عَنْ أُسَامَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنْ عَمِّهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا ، فَإِنَّ فِيهَا عِبْرَةً ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ فَاشْرَبُوا ، وَلاَ أُحِلُّ مُسْكِرًا ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الأَضَاحِيِّ فَكُلُوا.

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة، وهو ابن زيد الليثي، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. ابن مبارك: هو عبد الله، وعم محمد بن يحيى بن حبان: هو واسع بن حبان. وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (985) من طريق يحيى بن عبد الحميد، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد. وأخرجه مقطعاً الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/186 و228، ومختصراً بالنهي عن النبيذ البيهقي في "السنن" 8/311 من طريق عبد الله بن وهب، عن أسامة الليثي، به. وفي الباب عن ابن مسعود، سلف برقم (4319) ، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

 

(23015) 23403- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ أَنَّهُ حَدَّثَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلاَثٍ : عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا ؛ فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا عِظَةً وَعِبْرَةً ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلاَثٍ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ فِي هَذِهِ الأَسْقِيَةِ فَاشْرَبُوا ، وَلاَ تَشْرَبُوا حَرَامًا.(5/356).

 

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق -وهو ابن يَسار المدني-، فقد أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة وأصحاب السنن، وهو صدوق حسن الحديث إلا أنه مدلِّس، وقد عنعنه، لكنه قد توبع . يعقوب بن إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم الزُّهري.

 

قال ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" 4/348: وقد اختلف في زيارة النساء للمقابر على ثلاثة أقوال:

أحدها: التحريم، لهذه الأحاديث.

والثاني: يكره من غير تحريم، وهذا منصوص أحمد في إحدى الروايات عنه، وحجة هذا القول حديث أم عطية المتفق عليه: "نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا"، وهذا يدل على أن النهي عنه للكراهة لا للتحريم.

والثالث: أنه مباح لهن غير مكروه، وهو الرواية الأخرى عن أحمد، واحتج لهذا القول بوجوه:

أحدها: ما روى مسلم في "صحيحه" (977) من حديث بريدة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

"كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" وفيه أيضاً (976) عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "زوروا القبور فإنها تذكر الموت".

قالوا: وهذا الخطاب يتناول النساء بعمومه، بل هن المراد به، فإنه إنما علم نهيه عن زيارتها للنساء، دون الرجال، وهذا صريح في النسْخ، لأنه قد صرح فيه بتقدم النهي، ولا ريب في أن المنهي عن زيارة القبور هو المأذون له فيها، والنساء قد نهين عنها فيتناولهن الإذن.

قالوا: وأيضاً فقد قال عبد الله بن أبي مليكة لعائشة: "يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن. فقلت لها: أليس قد نهى رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن زيارة  القبور؟ قالت: نعم، قد نهى، ثم أمر بزيارتها" رواه البيهقي 4/78 من حديث يزيد بن زريع، عن بسطام بن مسلم، عن أبي التياح، عن ابن أبي مليكة.

[وروى الترمذي (1055) عن ابن أبي مليكة] قال: "توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بحُبْشِي، فحمل إلى مكة، فدفن، فلما قدمت عائشة أتت قبر عبد الرحمن، فقالت:

وكنا كندماني حذيمة حِقبةً ... مِن الدهر، حتى قِيلَ: لن يتصدعَا

فلما تفرقنا، كأني ومالكاً ... لِطول اجتماع لم نبتْ ليلةً معا

ثم قالت: والله لو حضرتُك، ما دُفِنْتَ إلا حيثُ مت، ولو شهدتك ماَ زرتُك".

قال الألباني: ضعيف

قالوا: وأيضاً فقد ثبت في "الصحيحين" [البخاري (1283) ، ومسلم (626)] من حديث أنس قال: مَر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بامرأة عند قبر تبكي على صبي لها، فقال لها: "اتقي الله واصْبِري" فقالت: وما تُبالي بمصيبتي، فلما ذهب قيلَ لها: إنَهُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخذها مثلُ الموت، فأتت بابَه، فلم تجد على بابه بوابين، فقالت: يا رسولَ الله، لم أعرفك، فقال: "إنما الصبرُ عند الصدمةِ الأولى" وترجم عليه البخاري: باب زيارة القبور.

قالوا: ولأن تعليلَه زيارتها بتذكير الآخرة أمر يشترك فيه الرجالُ والنساء، وليس الرجال بأحوجَ إليه منهن.

وقال الإمام البغوي في "شرح السنة" 2/417: ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا (يعني ما في حديث ابن عباس من لعن زائرات القبور) كان قبل ترخيص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في زيارة القبور، فلما رخص، دخل في الرخصة الرجال والنساء، وذهب بعضهم إلى أنه كره للنساء زيارة القبور، لقلة صبرهن، وكثرة جزعهن. وانظر "فتح الباري" 3/148-149.

 

وكما سأكرر القول دومًا: لا تصلح نصوص الإسلام كمرجعية للأخلاق والقيم لأنها مرجعية فاسدة أخلاقيًّا ومتناقضة متضاربة مشوَّشة، تقوم على الاستبداد والاعتباطية، لا على الموضوعية والعقلانية.

 

تغيير في طقوس الحج لم يعلم به بعضهم فاختلفوا

 

روى أحمد:

 

15440 - حَدَّثَنَا بَهْزٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَةِ، تَطُوفُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ تَحِيضُ ، قَالَ: " لِيَكُنْ آخِرَ عَهْدِهَا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ "، فَقَالَ الْحَارِثُ: كَذَلِكَ أَفْتَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ: " أَرَبْتَ (1) عَنْ يَدَيْكَ، سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكِنِّي مَا أُخَالِفُ " (2)

 (1) في (س) و (م) : أدبت- بالدال- وهو تحريف، والمثبت من (ظ 12) و (ق) و (ص) ، قال السندي: أي سقطت من أجل مكروه يُصيب يديك من قطع أو وجع، أو سقطت بسبب يديك، أي: من جنايتهما، قيل: هو كناية عن الخجالة، والأظهر أنه دعاء عليه، لكن ليس المقصود حقيقته، وإنما المقصود نسبة الخطأ إليه.

(2) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح إلا صحابيه، فإنه لم يرو له إلا أبو داود والترمذي والنسائي. بهز: هو ابن أسد العمي، وأبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، ويعلى بن عطاء: هو العامري، والوليد بن عبد الرحمن: هو الجُرَشي الحِمْصي. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/232، والطبراني في "الكبير" (3353) من طريق عفان بن مسلم الصفار، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/263، وأبو داود (2004) ، والنسائي في "الكبرى" (4185) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/232، والطبراني في "الكبير" (3353) من طرق عن أبي عوانة، به. وانظر (15441) و (15442). وقد نسخ هذا الحديث بما روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرخصة لهن في ترك الطواف، وذلك من حديث ابن عباس، وقد سلف برقم (1990) ، ومن حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد سلف برقم (5765).

قال السندي: قوله: لكني ما أخالف، أي: قصدت أن أخالِفَ، لكني ما خالفتُ.

 

لكن عمر لم يعلم أن محمدًا لاحقًا بعد فتواه هذه له_إن صح زعم عمر لأنه كان يميل للترتيب الشكلي العربي القديم الوثني للطقوس مع غلاف التوحيد الإسلامي_ قام محمد بتغييره وإلغائه، وهذا يشبه نهي عمر عن الجمع والإقران بين الحج والعمرة وزيادته حد شرب الخمر وجعله أعنف وكان يعلم أنه مخالف لسنة محمد في هذه الحالات وغيرها، وروى أحمد:

 

1990 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: "أَنْتَ تُفْتِي الْحَائِضَ أَنْ تَصْدُرَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا تُفْتِ بِذَلِكَ، قَالَ: إِمَّا لَا، فَاسْأَلْ فُلَانَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ: هَلْ أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ ؟ فَرَجَعَ زَيْدٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَضْحَكُ، فَقَالَ: مَا أُرَاكَ إِلا قَدْ صَدَقْتَ

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البيهقي 5/163 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1328) (381) ، والنسائي في "الكبرى" (4201) من طريق يحيى بن سعيد القطان، به. وأخرجه الشافعي في "مسنده" 1/365، وفي "الرسالة" (1216) ، والطحاوي 2/233 من طرق عن ابن جريج، به. وسيأتي برقم (3256) .

والصَّدَر: رجوع المسافر من مقصده. والمرأة الأنصارية التي أحال عليها ابن عباس هي أم سليم بنت ملحان كما يفهم من حديث عكرمة عن ابن عباس عند البخاري (1758) ، وسيأتي تخريجه في مسند أم سليم 6/430-431، ومن حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عند مالك في "الموطأ"1/413.

 

5765 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ: " إِنَّهَا لَا تَنْفِرُ " قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُ ابْنَ عمر يَقُولُ: " رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ ".

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري (330) و (1760) ، والنسائي في"الكبرى" (4200) من طرف، عن وهيب، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4197) من طريق إبراهيم بن ميسرة، قال: سمعت طاووساً يحدث عن ابن عمر أنه كان يقول قريباً من سنتين (في المطبوع سنين، والمثبت من"الفتح"3/589) : لا تنفر حتى يكون آخر عهدها بالبيت، ثم قال ابن عمر بعد: تنفر، إنه رخص للنساء. وأخرج النسائي في"الكبرى" (4196) ، والترمذي (944) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: من حج فليكن آخرَ عهده بالبيت إلا الحُيَض رخص لهن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال الترمذي: حديث ابن عمر حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم. قلنا: ولهذا الحديث فيمن حاضت بعدما أفاضت، هل يجب عليها طواف الوداع أو يسقط؟ قال الحافظ في "الفتح"1/428: كان ابن عمر يُفتي بأنه يجب عليها أن تتأخر إلى أن تطهر من أجل طواف الوداع ، ثم بلغته الرخصة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهن في تركه، فصار إليه، أو كان نسي ذلك فتذكره. وفي الباب عن عائشة عند البخاري (1757) ، ومسلم (1211) (128) و2/964، وسيرد 6/39. وعن ابن عباس عند البخاري (1758) ، ومسلم (1328) ، وقد سلف برقم (1990) .

قوله:"إنها لا تنفر"، قال السندي: أي: الحائض لا تنفر قبل طواف الصدر.

 

وروى البخاري:

 

بَاب إِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ

 

 1757 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاضَتْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ قَالُوا إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ قَالَ فَلَا إِذًا


1758 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ سَأَلُوا ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ امْرَأَةٍ طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ قَالَ لَهُمْ تَنْفِرُ قَالُوا لَا نَأْخُذُ بِقَوْلِكَ وَنَدَعُ قَوْلَ زَيْدٍ قَالَ إِذَا قَدِمْتُمْ الْمَدِينَةَ فَسَلُوا فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَسَأَلُوا فَكَانَ فِيمَنْ سَأَلُوا أُمُّ سُلَيْمٍ فَذَكَرَتْ حَدِيثَ صَفِيَّةَ رَوَاهُ خَالِدٌ وَقَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ

 

1759 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ سَأَلُوا ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ امْرَأَةٍ طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ قَالَ لَهُمْ تَنْفِرُ قَالُوا لَا نَأْخُذُ بِقَوْلِكَ وَنَدَعُ قَوْلَ زَيْدٍ قَالَ إِذَا قَدِمْتُمْ الْمَدِينَةَ فَسَلُوا فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَسَأَلُوا فَكَانَ فِيمَنْ سَأَلُوا أُمُّ سُلَيْمٍ فَذَكَرَتْ حَدِيثَ صَفِيَّةَ رَوَاهُ خَالِدٌ وَقَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ

 

1760 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا أَفَاضَتْ قَالَ 1761 - وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ إِنَّهَا لَا تَنْفِرُ ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لَهُنَّ

 

1762 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ فَقَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَمْ يَحِلَّ وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَطَافَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَحَاضَتْ هِيَ فَنَسَكْنَا مَنَاسِكَنَا مِنْ حَجِّنَا فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ لَيْلَةُ النَّفْرِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ أَصْحَابِكَ يَرْجِعُ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ غَيْرِي قَالَ مَا كُنْتِ تَطُوفِينَ بِالْبَيْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا قُلْتُ لَا قَالَ فَاخْرُجِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ وَمَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَخَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْرَى حَلْقَى إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا أَمَا كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَتْ بَلَى قَالَ فَلَا بَأْسَ انْفِرِي فَلَقِيتُهُ مُصْعِدًا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ وَقَالَ مُسَدَّدٌ قُلْتُ لَا تَابَعَهُ جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ فِي قَوْلِهِ لَا

 

وروى مسلم:

 

[ 1211 ] حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال قرأت على مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا قالت فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة قالت ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا

 

ويتضح من بعض الأحاديث السابقة أن عبد الله بن عمر بن الخطاب أخذ أولًا بفتوى وطقسية أبيه، ثم تراجع عنها إلى ما نسبوه إلى محمد كتشريعه وطقسه الأخير للحج بالنسبة لهذه المسألة.

 

كان سيجعل أتباعه يرتدون شورتات طوال التاريخ لولا اعتراضهم

 

روى أحمد:

 

13605 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْإِزَارُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ " فَلَمَّا رَأَى شِدَّةَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: " إِلَى الْكَعْبَيْنِ، لَا خَيْرَ فِيمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ "

 

إسناده صحيح على شرط الشيخين

 

12424 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ طَلْحَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْإِزَارُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَإِلَى الْكَعْبَيْنِ، لَا خَيْرَ فِي أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ "

 

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن طلحة -وهو ابن مصرف-، وهو متابع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" (4247) من طريق محمد بن إسحاق، والبيهقي في "الشعب" (6136) من طريق عبد ربه ابن نافع أبي شهاب، كلاهما عن حميد الطويل، بهذا الإسناد. وزاد البيهقي فيه: "فشق ذلك على الناس" . وسيأتي الحديث بهذه الزيادة من طريق حميد بالأرقام (13605) و (13692). وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (7467) . وانظر تتمة شواهده هناك.

 

بعض عجائب محمد وربما ليس أعجبها، تخيل لو كان أصر على رأيه وتعنت، كنا سنجد إلى اليوم السلفيين لا يأتون أعمالهم الرسمية ببناطيل قصيرة قليلًا فوق الكعب بطريقة مضحكة فحسب، بل كانوا سيذهبون إلى العمل بشورتات وجلابيب قصيرة كالجيبات أو الجيبونات أو ملابس الإسكتلنديين الرعوية التراثية القديمة أو قدماء المصريين والرومانيين.

 

 

 

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.