15 تعاليم العنف: تشويه صورة الآخرين وتقويلهم ما لم يقولوه

تشويه صورة الآخرين وتقويلهم ما لم يقولوه

 

        

 

من سور الفترة المكية الأولى

 

74 المدثر

 

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ}

 

منذ عصرٍ مبكِّر جدًّا اتسم أسلوب محمد بهذه السمة الطفولية وهي وضع كلام على لسان من لم يقولوا هذا الكلام، وهو أسلوب غير منطقي ولا يصلح لحوار بنّاء، ولا يدل على أمانة، وبالتأكيد لن يقول وثنيّ لا يؤمن به ماذا أراد الله بهذا، بل بالتأكيد ما قالوه ماذا يبتغي محمد بكلامه هذا وأساطيره ومزاعمه؟

 

107 الماعون

 

{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)}

 

هنا يكرر محمد الافتراض بلا دليل أن غير المتبع لدينه أو غير المؤمن،كالعقلاني الملحد مثلا، لا يمكن أن يكون محسنًا أو خيِّرًا أو مستقيمًا، وهذا باطل، إن إحسان الملحد أعظم مكانة وقيمة لأنه لا ينتظر أجرًا وثوابًا وهميًّا، بل يفعل الخير لمحض الخير.

 

53 النجم

 

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35)}

 

هنا مرة أخرى ربط الدين والتديُّن بالأخلاق، كأنها المصدر الوحيد للأخلاق، ليس شرطًا أن تكون مؤمنًا بخرافات لتقوم بالخير والإحسان وتعطي الفقراء، وفي الغرب بعد عصر التنوير والعلم تم كسر احتكار الدين للأخلاق ومفاهيمها فهو ليس المنبع الوحيد، بل هناك أصل اجتماعيّ وبيولوجيّ لها.

 

79 النازعات

 

{فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39)}

 

اعتبار غير المؤمن بالإسلام طاغيًا أو ظالمًا غير صحيح منطقيًّا، ولا يشرط لصلاح واستقامة وطيبة الإنسان أن يكون مؤمنًا.

 

77 المرسلات

 

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18)}

 

{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47)}

 

أسلوب جنوني وغير مهذَّب للدعوة، وتكفير مخالفه في العقيدة، واعتبار كل من لا يتّبع الإسلام مجرِمًا! مفاهيم لا تصلح لتأسيس دولة متحضِّرة، إذا كنا سنعتبر كل مخالف لعقيدة دينية معيَّنة تتبعها أغلبية أو غير ذلك مجرمين، لأن كما تقول القاعدة اللاتينية المصاغة باللاتينية: لا قانونَ، لا جريمة. الجريمة يجب تجريمها بقانون مدنيّ، أي مجنون في دولة متحضِّرة هذا سيحاول عمل قانون يعتبر كل غير مسلم مجرمًا مستحق للسجن أو القتل أو غير ذلك كدفع غرامة أو جزية مثلًا؟! ومثل هذه الأفكار لا تصلح لتكوين بيئة ودولة تحترم حرية الفكر والتعبير والرأي والعقيدة والإبداع والكتابة.

 

78 النبإ

 

{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)}

 

هنا أيضًا اعتبر غير المؤمن "مجرمًا"، وهو تصور مهووس، ربما لأنه لا يريد لأحد أن لا يتبعه، وهو نموذج لشخصية الطاغية الدكتاتور الدمويّ وحكمه الشموليّ، نتاجَ عقدٍ نفسية مزمنة منذ طفولته كاليتم والشعور بالنبذ وقلة القيمة والحيلة مما ولَّد عنده تضخُّم الذات والبارنويا إلى حدٍّ كبير. لاحظتُ خلال حياتي بمصر وما أكثر المجانين هاهنا أن كثيرًا من المصابين بالبارانويا يخفون ذلك بالتظاهر أحيانًا بالتواضع الزائف.

 

الصورة: محمد يصنع الإسلام بخليط من الكراهية وأفكار التخويف والعنف كغضب الله والدينونة والجحيم والسيادة

والطاعة والخضوع والانتقام والاحتلال والاستعباد والمعاناة والألم والخداع والنهب والغنائم والجهاد والإغراآت الجنسية والخرافات كبول الجمل كعلاج.

 

83  المطفّفين

 

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)}

 

هنا يكرِّر محمد الافتراض الخاطئ والزعم الباطل بأن مخالفة الديانة التي كان يدعو لها أو عدم الإيمان عمومًا أو حرية التعبير ضده جريمة، وهذا كما قلنا مرارًا باطل، ووصفه لغير المؤمن بالإسلام سواء أكان وثنيًّا أم مسيحيًّا أم يهوديًّا أو بوديًّأ أم لادينيًّا بتعميم خاطئ بأنه معتدٍ ظالم أثيم فاجر تعميم باطل غير منطقي، والسيرة المحمدية وتاريخ أول الإسلام حافل بأشخاص وثنيين طيبين كهشام بن عمرو الذي رغم وثنيته_ لما حاصرت قريش المسلمين في الشِعب ومنعت بيع الطعام لهم ولبني هاشم لدعمهم لمحمد_كان يرسل ويسرِّب حمولات الطعام على جمال من ماله الخاصّ تبرّعًا كعمل خيريّ إنسانيّ، وكان ممن عملوا على نقض الصحيفة الظالمة المتفَّق فيها على منع بيع الطعام لبني هاشم والمسلمين، لأنه رأى فيها ظلمًا لا إنسانيًّا  وقطعًا لصلات القرابة (صلات الرحم)، كما في السيرة لابن هشام:

 

قال ابن إسحاق: وبنو هاشم وبنو المطلب في منزلهم الذي تعاقدت فيه قريش عليهم في الصحيفة التي كتبوها، ثم إنه قام في نقض تلك الصحيفة التي تكاتبت فيها قريش علي بنى هاشم وبنى المطلب نفرٌ من قريش، ولم يُبل فيها أحد أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حُبيب بن نصر بن جُذَيمة بن مالك بن حِسْل بن عامر بن لؤي، وذلك أنه كان ابن أخيٍ نَضْلة بن هاشم بن عبد مناف لأمه، فكان هشام لبنى هاشم واصلا، وكان ذا شرف في قومه، فكان - فيما بلغني - يأتي بالبعير، وبنو هاشم وبنو المطلب في الشِّعْب ليلاً، قد أوقره طعاماً حتى إذا أقبل به فم الشِّعْب خلع خطامه من رأسه، ثم ضرب على جنبه، فيدخل الشِّعْب عليهم ثم يأتى به قد أوقره بزاً أو براً، فيفعل به مثل ذلك.

قال ابن إسحاق: ثم إنه مشى إلى زُهير بن أبى أمية بن المغيرة بن عبد اللّه بن عُمر بن مخزوم. وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب، فقال: يا زُهير، أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثيابَ، وتَنكح النساء، وأخوالُك حيث قد علمتَ، لا يُباعون ولا يُبتاع منهم، ولا يَنكحون ولا يُنكح إليهم؟ أما إني أحلف باللّه أن لو كانوا أخوالَ أبي الحكم بن هشام، ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم، ما أجابك إليه أبدا، قال: ويحك يا هشام! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، واللّه لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضِها حتى أنقضَها، قال: قد وجدت رجلا قال: فمن هو؟ قال: أنا، قال له زُهير: أبغنا رجلا ثالثا. فذهب إلى المطْعِم بن عدي، فقال له: يا مُطعم أقد رضيتَ أن يهلك بطنان من بنى عبد مناف وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه! أما واللّه لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنَّهم إليها منكم سراعا، قال ويحك! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، قال: قد وجدت ثانيا، قال: من هو؟ قال: أنا، فقال: أبغنا ثالثا. َ قال: قد فعلت، قال: من هو؟ قال: زُهَير بن أبي أمية، قال أبغنا رابعا. فذهب إلى البَخْتري بن هشام، فقال له نحواً مما قال للمُطعم ابن عدي، فقال: وهل من أحد يعين على هذا؟ قال: نعم، قال: من هو؟ قال: زُهير بن أبى أمية، والمُطعم بن عدي، وأنا معك، قال أبغنا خامسا. فذهب إلى زَمْعَة بن الأسود بن المطلب بن أسد، فكلمه وذكر له قرابتهم وحقَّهم، فقال له: وهل على هذا الأمر الذي تدعونى إليه من أحد؟ قال: نعم، ثم سمَّى له القوم. فاتَّعدوا خطم الحجون ليلاً بأعلى مكة، فاجتمعوا هنالك. فأجمعوا أمرَهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها، وقال زُهير: أنا أبدؤكم، فأكون أولَ من يتكلم. فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زُهير بن أبي أمية عليه حُلة، فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس فقال: يا أهلَ مكة، أنأكل الطعام ونلبس الثيابَ، وبنو هاشم هلْكَى لا يباع ولا يبتاع منهم، واللّه لا أقعدُ حتى تُشَقَّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.

 

قال أبو جهل: وكان في ناحية المسجد: كذبتَ واللّه لا تُشق، قال زَمْعة بن الأسود: أنت واللّه أكذب، ما رضينا كتابها حيثُ كُتبت، قال أبو البختري: صدق زَمعة، لا نرضى ما كُتب فيها، ولا نقرّ به، قال المطعِم بن عدي: صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى اللّه منها، ومما كُتب فيها، قال هشام بن عمرو نحوأ من ذلك. فقال أبو جهل: هذا أمر قُضِيَ بليلٍ، تَشُووِر فيه بغير هذا المكان. وأبو طالب جالس في ناحية المسجد، فقام المطْعِم إلى الصحيفة ليشقَّها، فوجد الأرَضَة قد أكلتها

 

ويقول ابن سعد في الطبقات الكبير ج1:

 

.... ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى الشِّعْبِ. وَتَلاوَمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى مَا صَنَعُوا بِبَنِي هَاشِمٍ. فِيهِمْ: مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ. وَعَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ. وَزَمْعَةُ بْنُ الأَسْوَدِ. وَأَبُو البختري بْنُ هَاشِمٍ. وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ. وَلَبِسُوا السِّلاحَ ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ. فَأَمَرُوهُمْ بِالْخُرُوجِ إِلَى مَسَاكِنِهِمْ فَفَعَلُوا. فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَعَرَفُوا أَنْ لَنْ يُسْلِمُوهُمْ. وَكَانَ خُرُوجُهُمْ مِنَ الشِّعْبِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ.

 

كل هؤلاء كانوا وثنيين دفعهم حب العدل والرحمة لمساعدة المسلمين وبني هاشم باسم الأخوة الإنسانية والكينونية، إذن فتعميم محمد خاطئ بعد كل شيء هنا. والمطعم بن عدي كان رجلًا صالحًا وثنيًّا قام بحماية كثير من المسلمين طوال حياته، لدرجة أن محمد بعد انتصاره بمعركة بدر وقتله لكثير من الأسرى القُرَشيين، وأخذه فدية من أُسَر من تركه أحياء، كما روى البخاري:

 

3139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ

 

ورواه أحمد (16733) 16853 والبخاري 939 و4024غيره.

 

وعن العاص بن وائل السهميّ ورد كذلك عنه رغم مضايقاته أحيانًا للمسلمين، أنه كما يقول البخاري:

 

3865 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ دَارِهِ وَقَالُوا صَبَا عُمَرُ وَأَنَا غُلَامٌ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِي فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ فَقَالَ قَدْ صَبَا عُمَرُ فَمَا ذَاكَ فَأَنَا لَهُ جَارٌ قَالَ فَرَأَيْتُ النَّاسَ تَصَدَّعُوا عَنْهُ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ

 

 

3864 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ فَأَخْبَرَنِي جَدِّي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَيْنَمَا هُوَ فِي الدَّارِ خَائِفًا إِذْ جَاءَهُ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ أَبُو عَمْرٍو عَلَيْهِ حُلَّةُ حِبَرَةٍ وَقَمِيصٌ مَكْفُوفٌ بِحَرِيرٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي سَهْمٍ وَهُمْ حُلَفَاؤُنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لَهُ مَا بَالُكَ قَالَ زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونِي إِنْ أَسْلَمْتُ قَالَ لَا سَبِيلَ إِلَيْكَ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا أَمِنْتُ فَخَرَجَ الْعَاصِ فَلَقِيَ النَّاسَ قَدْ سَالَ بِهِمْ الْوَادِي فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُونَ فَقَالُوا نُرِيدُ هَذَا ابْنَ الْخَطَّابِ الَّذِي صَبَا قَالَ لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ فَكَرَّ النَّاسُ

 

أما كيف رد عمر لاحقًا على هذا الإحسان والفعل الطيِّب والحس السليم للعاصّ في هذا الموقف بحق الإنسان في حرية العقيدة، فكالتالي كما يقول ابن هشام:

 

..... وثاروا إليه، فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم. قال: وطلح (1)، فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم، فأحلف باللّه أن لو قد كنا ثلثمائة رجل لقد تركناها لكم، أو تركتموها لنا، قال: فبينما هم علىِ ذلك، إذا أقبل شيخ من قريش، عليه حُلة حبْرة، وقميص مُوَشى، حتى وقف عليهم، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صبأ عمر؛ فقال: فمه، رجل اختار لنفسه أمراً فماذا تريدون؟ أترون بني عدي بن كعب يُسلمون لكم صاحبكم هكذا! خلّوا عن الرجل. قال: فواللّه لكأنما كانوا ثوبا كُشط عنه. قال: فقلت لأبى بعد أن هاجر إلى المدينة: يا أبت، من الرجل: الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت، وهم يقاتلونك؟ فقال: ذاك، أي بُني، العاص بن وائل السهمي.

قال ابن هشام: وحدثنى بعض أهل العلم، أنه قال: يا أبت، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت، وهم يقاتلونك جزاه اللّه خيرا. قال: يا ابني ذلك، العاص بن وائل، لا جزاه اللّه خيراً.

 

نلاحظ أن رواية ابن هشام هنا فيها جزء أقل مصداقية من البخاري، فعند البخاري أنه لم يستطع مواجهة كل هؤلاء وخاف ولزم بيته، أما ابن هشام عن ابن إسحاق فيحكي قصة بطولة وفتوة أشبه بالأفلام الهندية. لكن أسلوب إنكار الجميل والتنكّر والجحود له سمة أساسية عند المسلمين، مثلًا بعدما آوى مسيحيو إثيوبيا الحبشة المسلمين في هجرتهم الأولى من اضطهاد وثنيي قريش، لنرَ وصف صحابية لهم حسب البخاري من حديث4230 من كلام أسماء بنت عميس من أتباع محمد:

 

...... كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ وَكُنَّا فِي دَارِ أَوْ فِي أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.....

 

ورواه مسلم 2503

 

69 الحاقَّة

 

{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34)}

 

هنا نفس الكلام غير المنطقيّ، وتصوير غير المسلم بصورة تعميمية بأنه لا يُحسِن إلى الفقراء وشرير، وهذا باطل فكثير من الناس غير المسلمين من هندوس ومسيحيين ولادينيين وبوديين وغيرهم صالحون مستقيمون مسالمون ومحسنون، وشهدتُ بنفسي نماذج من الإحسان مثلًا عند الهندوس والبرّ بالأم وغيرها، أحدهم ممن عرفت في حياتي وكان يُدعَى (بركاش) وجد أمَّه تحتضر وكان صاحب محل صيانة أجهزة بدولة خليجية، فترك عمله ورحل إلى الهند بجوار أمه، بينما كان يستمر في دفع الإيجار الشهري للمحل ورسوم الإقامة وغيرها بالدولة الخليجية، ولم يعد إلا لما قضَت أمُّه، وكثير من اللادينيين ناس صالحون لطفاء كذلك، بعضهم كرَّس حياته للبحوث والعلوم والتنوير وغيرها.

 

1 الفاتحة

 

{صراطَ الذين أنعمتَ عليهم غيرِ المغضوبِ عليهم ولا الضالّين}

 

هنا يصم غير المتبعين لدينه الذي بدأ يخترعه ويدعو له بأنهم مسخوط عليهم من إله خرافيّ، وهذه صيغة لكراهية الآخرين والاستعلاء على أساس مفاهيم خرافية وهمية، بدلًا من الحقيقة الأسمى لوهمية وزيف كل الأديان وحقيقة أن كل البشر والكائنات إخوة وأقارب.

 

من سور الفترة المكية الثانية

 

37 الصافّات

 

{هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)}

 

الظلم بتعريفه المنطقيّ هو التعدّي على حقوق الآخرين أو أذيتهم، وطالما لا يتعلَّق الامتناع عن تعبُّدات الإسلام الخرافية لإله خرافي بشيء من هذا، فوصف غير المسلمين بأنهم ظلمون هو مجرد تهجُّم وتشويه للصورة، محمد عانى اضطهادًا من قريش قومه، لذلك شن حربًا فكرية لفظية عنصرية ضدهم وبالتالي ضد كل من لم يتبعه.

 

{قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33) إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34)}

 

هنا كذلك يكرِّر المفهوم المغلوط للأديان الثلاثة الشرقأوسطية المنبع أو الإبراهيمية، وهو القول بأن عدم الاعتقاد بديانة معينة هو جريمة ووصف لمن لا يتبع دينه بأنه مجرم بغرض تشويه الصورة والسمعة والتهجُّم على المختلفين في العقيدة لنشر العنصرية والكراهية بين البشر، وقد نقدتُ في باب (الاستدلالات والأمور غير المنطقية) من عدة نواحٍ منطقية عقيدة أن غير المؤمن سيعذِّبه إلهٌ خرافي إلى الأبد بنار جهنَّم الخزعبلية لمجرد عدم التذُّلل والتملُّق له.

 

71 نوح

 

{وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24)}

 

{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)}

 

إذا كان الله لا يزيد الضالّين عن دينه المزعوم إلا المزيد من الضلال، بمشيئته هو، فلا ذنب لهم لعدم الاعتقاد به وبدينه، كذلك فإن وصم غير المؤمنين بصفة الظلم أسلوب تهجُّميّ مفتقد للمنطق، لأن التعريف المنطقيّ للظلم هو التعدّي الملموس على حقوق كائن حي ملموس واقعيّ آخر أو أذيته، ولما لم يكن هذا هو الحال هنا، فإن إطلاق هذه الصفة يمينًا ويسارًا على من يخالفونك في الاعتقاد والأفكار هو شيء سخيف.

 

{إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27)}

 

تعميم مغلوط، لوجود كثير من الصالحين الطيّبين غير المسلمين، ثم هل هذا على أساس أن أخلاق أغلب المجتمع المسلم_المصريّ مثلًا_رائعة جدًّا، وأنهم ليس فيهم شجع التجّار واستغلال الرأسماليين المسعورين وساعات العمل الاثني عشر العجيبة الرهيبة التي لا توجد في أي دولة تحترم حقوق الإنسان؟! ولا الشجار ولا الهمجية في الشوارع بدل التفاهم عند تصادم أو احتكاك عربة بأخرى؟! هل تحسبون كل البشر على مثل هذا الانعدام للتحضُّر وسوء السلوكيات والجمود؟

 

50 ق

 

{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)}

 

هنا نفس ما انتقدناه سابقًا من تشويه لصورة أتباع ومعتقدي العقائد الأخرى، وفكرة التعذيب الأبديّ الخرافية الغير منطقية.

20 طه

 

{إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75)}

 

{كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104)}

 

أيضًا تكرار لخرافة وشمولية فكرة أن عدم الإيمان بالخرافات الدينية هو جريمة! وفكرة تحقير كل حيوات البشر الواقعية وكفاحهم ومساعيهم لأجل العلم والبحث العلمي وبناء الحضارات والمدن وتحقيق الأمجاد العظيمة والإحسان والتعاطف والحب والقيم النبيلة والسعي للحياة والمعاش على أنها بلا قيمة ولا تساوي عشرة أيام، حقيقة أجد هذا سخيفًا جدًّا.

 

26 الشعراء

 

{كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (201) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (202) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (203)}

 

هنا تكرار الوصف الضيق الأفق والعنصريّ لغير أتباع دينه الإسلامي بالإجرام، على نحوٍ جنونيّ وغير معقول، وقد ناقشنا هذا من قبل، وقصص خرافات إبادة أقوام لعدم اتباعهم لأنبياء أسطوريين ناقشناها أثريًّا في باب (الأخطاء التأريخية) ومصادرها في باب (مصادر الإسلام الوثنية).

 

19 مريم

 

{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (38)}

 

نفهم من الآيات التي قبلها أن الحديث عن اختلاف الطوائف المسيحية من أرثوذكسية وكاثوليكية ونسطورية وغيرها، لكن من قال أن الاختلاف بين البشر في الاعتقاد الخرافي الذي يعتقدونه أو عدم اتباع عقيدة معينة يعتبر ظلمًا أو جريمة، هذا المعنى المشوَّه الغير منطقيّ ليس هو المعنى المعروف لُغويًّا ومنطقيًّا للظلم، الظلم هو التعدّي على حقوق الغير أو أذيتهم بلا سبب. الغرض من قول محمد هذا المنطق المعوج هو تشويه صورة الآخرين والتهجم.

 

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)}

 

كالعادة ذات الأسلوب غير المنطقيّ المعتاد لتشويه صورة الآخرين.

 

38 ص

 

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)}

 

هذا هو أسلوب تكفير وتشويه صورة من لا يتبع ديانة المسلمين، وهو الداء الوبيل للإسلام والفكر الشرقي، وهو ما سماه أحد فلاسفة الإلحاد بالقسمة الثنائية: فهذا مؤمن صالح، وهذا كافر شرير..إلخ في إطار أفكار مغلوطة تنشر الكراهية والفرقة بين البشر.

 

{هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54) هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57)}

تكرار لأفكار سبق وانتقدتها.

 

 

36 يس

 

{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8)}

 

يقول الطبري في تفسيرها:

 

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (9)}

يقول تعالى ذكره: إنا جعلنا أيمان هؤلاء الكفار مغلولة إلى أعناقهم بالأغلال، فلا تُبسط بشيء من الخيرات. وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَيْمَانِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأذْقَانِ) وقوله (إِلَى الأذْقَانِ) يعني: فأيمانهم مجموعة بالأغلال في أعناقهم، فكُني عن الأيمان، ولم يجر لها ذكر لمعرفة السامعين بمعنى الكلام، وأن الأغلال إذا كانت في الأعناق لم تكن إلا وأيدي المغلولين مجموعة بها إليها، فاستغنى بذكر كون الأغلال في الأعناق من ذكر الأيمان، كما قال الشاعر:

وَما أدْرِي إذا يَمَّمْتُ وَجْهًا ... أُرِيدُ الخَيْرَ أيُّهُما يَلِينِي

أألخَيرُ الذي أنَا أبْتَغِيهِ ... أم الشَّرُّ الَّذي لا يَأتَلِيني

فكنى عن الشر، وإنما ذكر الخير وحده لعلم سامع ذلك بمعني قائله، إذ كان الشر مع الخير يذكر. والأذقان: جمع ذَقَن، والذَّقَنُ: مجمع اللَّحيين.

وقوله (فَهُمْ مُقْمَحُونَ) والمقمَح هو المقنع، وهو أن يحدر الذقن حتى يصير في الصدر، ثم يرفع رأسه في قول بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة، وفي قول بعض الكوفيين: هو الغاض بصره بعد رفع رأسه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) قال: هو كقول الله (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ) يعني بذلك أن أيديهم موثقة إلى أعناقهم، لا يستطيعون أن يبسطوها بخير.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (فَهُمْ مُقْمَحُونَ) قال: رافعو رءوسهم، وأيديهم موضوعة على أفواههم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) : أي فهم مغلولون عن كل خير.

 

هنا يصف محمد بتعميم غير منطقي جميع وثنيي العرب بالبخل وعدم الإحسان، والتاريخ وكتبه عن فترة ما قبل الإسلام تشهد بكرم كثير من حكّامهم ومشاهيرهم كحاتم الطائي وهاشم من جدود محمد وعبد الله بن جدعان (راجع البداية والنهاية لابن كثير/الفقرات التمهيدية لسيرة محمد: بَاب ذكر جمَاعَة مشهورين كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ) وذكرنا خبر من أحسنوا لمسلمي مكة في حصار مستبدي الوثنيين لهم بمنع البيع لهم حتى كانوا يضطرون لتموين أنفسهم سنويًّا فقط في ظروف صعبة، صفة الإحسان وفعله ليست حكرًا على أي دين أو عقيدة، لأنه غريزة للتعاون والتشارك في النفس البشرية السوية، موروثة بيولوجيًّا، توجد حتى في الحيوانات الأخرى غيرنا الذين هم أقل عقلًا وإدراكًا كالقرود والسنوريات (الأسود والفهود والقطط...إلخ) والكلاب والخفافيش والنمل والنحل ...إلخ. كذلك فإن عدم فعل الإحسان_على سبيل الجدل أقول_يختلف عن ارتكاب الشر والأذى الإيجابيّ، لذلك لا مبرر لكره شخص أكثر من اللازم أو شن حرب شعواء عليه لبخله مثلًا، قد نعتبره مستحقًا لعقاب أو غرامة أو توبيخ فعلًا فقط لو منع مساعدة بسيطة في موقفٍ جارٍ أمامه كان سينقذ به حياة إنسان مثلًا عانى عطشًا أو جوعًا وامتنع هو عن مساعدته.

 

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47)}

 

لا يمكن الثقة بزعمه أن كل الوثنيين على نفس الحال المحكيّ هنا، ولا نثق بصحة نقله وزعمه لتصرفاتهم وأنها تصرفات جميعهم، لاستحالة ذلك.

{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)}

 

43 الزخرف

 

{وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)}

 

{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)}

 

الإيمان ليس فضيلة في حد ذاته، بل الإيمان بالإسلام بالذات_على ما فيه من تعاليم فاسدة نعرضها في هذا الكتاب هنا وهناك_أجدر بأن يكون رذيلة وفسادًا إذا اتُبِع حرفيًّا كله كزواج الأطفال وقتل الوثنيين واحتلال الدول الأخرى وقتل من يقاوم..إلخ وهنا نرى متكررًا تشويه صورة الآخرين ووصفهم بالظلم! وقد سبق أن نقدت هذا الكلام الذي يجعل معاني الكلمات سخيفة.

 

الفترة المكية الثالثة

 

32 السجدة

 

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22)}

 

كلام مرفوض مردود لأنه غير منطقي ومغالِط، إذا أردتَ عمل دين جديد فأهلًا وسهلًا، أما السعي لتغيير معاني الكلمات وحقائق وجوهريات الأمور، فحتمًا ستجد من يرد عليك، الظلم هو أن تأكل حق غيرك أو تؤذيه، لا علاقة لهذا بتعبدات وعقائد خرافية أيًّا كانت.

16 النحل

 

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24) لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)}

 

هنا تقويل للوثنيين لما لم يقولوه ويستحيل أن يكونوا قد قالوه، لأنهم لا يعترفون من الأصل بأن كلام محمد القرآن هو كلام سماوي من إله، وغرض محمد هنا هو التهجم وتشويه الصورة. ومن خلال دراستي أنا وغيري لمصادر الإسلام فواضح أنهم محقُّون في قولهم، فقد أثبتُ في بحوث كاملة خلل الاقتباسات القرآنية لكون كل سياق القصص المأخوذة من الهاجادة سياقًا يهوديًّا لم يكن يفيد أمة محمد بشيء لاختلاف الهوية والأهداف، لكن واضح نزع القصص من السياق والبيئة النصية الكاملة كمنظور وخلفية.

 

{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)}

 

كانت توجد عادة سيئة جنونية من ديانة بعض قدماء عرب شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام هي دفن بعض المواليد الإناث لسبب معين، لكنْ هناك تشويه لتكملة الصورة قام به محمد، سألتُ مرة مدرِّس التربية الدينية بمدرستي في الثانوية العامة وكانت لديّ شكوكًا تلعب من وراء عقلي الباطن: إذا كان المشركون كلهم كانوا يدفنون إناثهم المولودة فكيف كانوا يتزوَّجون ويستمرون في التكاثر والاستمرار كمجتمع؟! لم أجد الإجابة إلا بعد سنوات طوال في الحقيقة حتى بعد سنين كثيرة من وصولي للتحرّر الفكري ومذهب العقلانية، فوجدت الألوسي بكتابه بلوغ الأرب في ذكر أحوال العرب ذكر أنهم كانوا يتشاءمون من اللون الأزرق عمومًا، لا يزال هذا المعتقد دفينًا بتعبيرات المصريين المستعربين (خرزة زرقاء، يومك أزرق، السنة الزرقا، الجن الأزرق ما يعرفش له طريق)، وكانوا يتشاءمون من الوليدة التي تولد زرقاء نتيجة مشكلة حدثت في الحمل أو سوء تغذية دموية أو ما شاكل، ووفقًا لهذه العقلية الخرافية البدائية كانوا يدفنون من هذه صفتها حيةً ظنًا منهم أنها ستُسبِّب لهم شؤمًا ما وفقا لعقلية التشاؤم الوثنية الخرافية، نقرأ في كتاب الكوجيكي للشنتو وهو مترجم إلى العربية والإنجليزية أفكار كهذه عند البدائيين اليابانيين فكانوا_مثلًا_ لو مرّوا بطريق قابلوا فيه أعمى أو أعور أو أعرج غيَّروا طريقهم لظنهم أنه نذير نحس، وهي أفكار خرافية طبعًا غير منطقية، لكن تشويه الصورة جزئيًّا هنا هو أن العرب في شبه جزيرة العرب الوثنيين لم يكونوا يقتلون كل وليداتهم الإناث وإلا لما كانوا استمرّوا في الوجود كجنس بشريّ أصلًا، ولما كان هناك محمد ولا قومه آل هاشم ولا عبد المطلب ولا قريش ولا عدنان ولا غير ذلك من الأصل، أليس كذلك؟!

 

جاء في كتاب بلوغ الأرب في معرفة أحوال الأرب للشيخ الألوسي ج3/ ص43:

 

ومنهم من كان يئد من البنات من كانت زرقاء أو شيماء أو برشاء أو كسحاء تشاؤماً منهم بهذه الصفات. ومن هذا حديث سودة بنت زهرة بن كلاب وذلك أنها لما وُلِدَت على بعض هذه الصفات ورآها أبوها كذلك أمر بوأدها فأرسلها إلى الحجون لتُدفَن هناك، فلما حفر لها الحافر وأرد دفنها سمع هاتفًا يقول: لا تئد الصبية، وخلها للبرية. ...إلخ

 

سياق أسطوري عن هاتف الجن وكونها أصبحت كاهنة قريش الشهيرة قبل الإسلام بعد ذلك. والمعلومة وجدت أن مصدرها الجزء الأول من (السيرة الحلبية) وفيها الخبر بحروفه وحذافيره.

 

10 يونس

 

{وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40)}

 

نموذج لتشويه صورة من هم غير مسلمين بتعميم عنصريّ. من هم الأكثر استحقاقًا اليوم بصفة المفسدين أكثر من إرهابيي المسلمين وساسة ومتعصبي ومعظم جنود أمِرِكا المسيحيين؟!

 

46 الأحقاف

 

{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35)}

 

نموذج للتعميم البغيض بوصف كل من هو غير مسلم بعدم الإحسان والشر، كأن الخير والإحسان والاستقامة صفة للمسلمين فقط.

 

6 الأنعام

 

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21)}

 

{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)}

 

مرة أخرى وصف لغير المؤمنين بالإسلام بالإجرام والظلم!

 

13 الرعد

 

{وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)}

 

{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)}

 

هنا يزعم أن من يصلون ويودّون قراباتهم (صلة الرحم حسب التعبير العربيّ الغريب) هم فقط أتباع الإسلام، وصلات ومودة القرابة سلوك غريزيّ ليس حصرًا على دين أو عقيدة معيَّنة. ويزعم أنهم وحدهم من يقومون بالإحسانات والصدقات.

 

الفترة المدنية

 

آيات مبكرة من سورة 5 المائدة

 

{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لأكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)} المائدة

 

لا نعلم متي صيغ هذا النص، فقد يكون أبكر من ذلك الترتيب، وهنا شوّه محمد كالعادة صورة اليهود، ووصفهم بالملعونين وما شابه من خرافات، وزعم أنهم حرّفوا كتابهم الخرافي، وأنه كان نفس دين الإسلام الخرافي بدوره، وهي خرافة نقدتها في الباب الثاني، واستغل نفس خرافات كتاب اليهود ضدهم وخرافة وجود عهد مع الله الخرافي بينه وبينهم، وهذا النص من ضمن التبريرات والتحريضات الخرافية الغير موضوعية الفاقدة للمعنى للحض على كراهية اليهود والمسيحيين. ورغم ما في النص من عدوانية لفظية وتهجم وعنصرية وتحريض على الكره، لكن ليس فيه أمر بالقتال الاعتدائي، فهذا نص صيغ قبل تشريع محمد للعدوان، وهو هنا في النص كان يحض على التعايش والتسامح المتعالي الذي انتقده ﭬولتير، من منطلق أن لا خرافة أفضل من الأخرى. فيما بعد ترك محمد وراء ظهره كل تعايش وأمر بفرض جزية على الكتابيين وطردِهم من شبه جزيرة العرب، وهو نفسه قام بطرد وتشريد بعضهم، وإبادة رجال قبائل يهودية واستعباد نسائها وأطفالها وبيع بعضهم لشراء أسلحة والتزود بمال لدولته ولنفسه، كما عرضت في ج1.

 

{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)}

 

أخفقت هذه النبوءة التي قالها محمد، فهو هنا تحدث عن العداوة والتعصب القديم بين المذاهب المسيحية مثل الأرثوذكس والكاثوليك والنسطورية وغيرها كالبروتستنتية اليوم، فمنذ حلول عصر النهضة والتنوير والعلوم الحديثة والعلمنة والحرية لم يعد هناك جهل ولا تعصب في أورُبا وأمركا وأستراليا (معظم العالم المسيحي) والناس هناك ليسوا متدينين تقليديين متعفني الفكر على الطريقة القديمة والشرقية، بل يعيشون في مساواة وسلام وتكافئ فرص عمل ويتزوجون من بعضهم البعض دون الاهتمام بالمذهب. ومعظم هذه الدول_عدا حالات نادرة كإيطاليا_لا تنص على وجود دين رسمي للدولة، بل بعضها كبريطانيا وفرانس وصلت نسب الإلحاد فيها إلى نسب تكاد تمثل نصف السكان، وفي بعض الدول الأخرى إلى أغلبيات، الماضي وظلمات الجهل لن تعود عما قريب إلى الغرب المتقدم كما ترى، فشلت نبوءة محمد، في حين غرق اليوم عالم الإسلام في صراعات بين السنة والشيعة والعلويين، وبين المتعصبين والمعتدلين، في صراع مهول، في بعض أنحاء العالم الإسلامي كالعراق وسوريا ومضاعفات وآثار في لبنان، في حين مرت مصر بسنة واحدة عاصفة وتابعها من حكم حزب الإخوان، أصبح الكلام منطبقًا على المسلمين أكثر بمذهبيهم الكبيرين التقلديين اللذين لا يمكنهما الاتساع لبعضها البعض مع ضيق أفق ومنظور وقلة ثقافة معظم المواطنين والحكام.

 

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)}

 

هذا النص قد يكون قد صيغ بعد حادثة اللصوص من عكل وعرينة، الذي كان قبل صلح الحديبية بقليل، لأن النصوص "الآيات" بعده متعلقة بها. فقد يكون صيغ بعدها مباشرة أو بعد صلح الحديبية، لكنْ لا أريد وضع نصوص السورة في عدة أماكن، وفي هذا النص تشويه لصورة اليهود ووصفهم بمخالفة شريعتهم ومبادئهم الدينية في أكثرهم وأنهم بلا أخلاق.

 

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41)}

 

تحدثت عما يتعلق به هذا النص وسبب قول محمد له في باب (التشريعات الهمجية) وقلت هناك أن ترك اليهود للتشريعات الهمجية التوراتية هو أمر نبيل شريف عاقل، وسلوك سليم. أما أوصاف خرافية كالكفر وغيرها فواضحة كأسلوب تحريض على الكراهية.

 

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)}

 

بالتأكيد ليس هذا ما نقمه الكتابيون وخاصةً اليهود في يثرب زمن محمد منه ومن دينه وأتباعه، بل أنه كان يعمل على نشر العنصرية وإلغاء التعايش وكونهم أبناء وطن واحد على نفس الأرض، وقد ظل يعمل على ذلك حتى أجلى بعضهم وأباد آخرين وسبى نساءهم للاستعباد والإذلال، ووصفهم محمد بتعميم قبيح غير صحيح أن معظمهم يقبلون الرشى والارتشاء والفساد والمال الغير قانوني، وأن رجال دينهم لا ينهونهم عن ذلك. ولكنْ أليس هذا صار بعد ذلك حال مسلمي اليوم، في بعض الدول لا يمكنك الحصول على الأوراق الرسمية المطلوبة لمصلحة ما تعملها رغم سلامة موقفك بدون دفع مال للموظف المستغل، وأحيانًا تسهِّل الرشاوى الأمور غير المشروعة والتلاعب كذلك. ونلاحظ أن النص "الآية" 61 أشارت إلى اندساس بعض اليهود بالتظاهر بالإسلام واتباع محمد وسط المسلمين لمعرفة ما يخططون له منذ فترة مبكرة لشعورهم بخطورة ما كان يحدث في يثرب من عنف الإسلام والتحولات التي كان يسببها من هدم بالقوة والعنف لأصنام ومعابد آلهة الوثنيين وغيرها، وقد ذكر ابن إسحاق في السيرة أسماء بعض هؤلاء بالاسم، ومنهم رفاعة بن زيد بن التابوت وكنانة بن صُورِيا، وذكر الواقدي في سياق إجلاء بني النضير من وطنهم، في كتابه المغازي:

 

وَلَقِىَ الْمُنَافِقُونَ عَلَيْهِمْ يَوْمَ خَرَجُوا حُزْنًا شَدِيدًا، لَقَدْ لَقِيت زَيْدَ بْنَ رِفَاعَةَ بْنِ التّابُوتِ، وَهُوَ مَعَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَىّ، وَهُوَ يُنَاجِيهِ فِى بَنِى غَنْمٍ، وَهُوَ يَقُولُ: تَوَحّشْت بِيَثْرِبَ لِفَقْدِ بَنِى النّضِيرِ وَلَكِنّهُمْ يَخْرُجُونَ إلَى عِزّ وَثَرْوَةٍ مِنْ حُلَفَائِهِمْ وَإِلَى حُصُونٍ مَنِيعَةٍ شَامِخَةٍ فِى رُءُوسِ الْجِبَالِ لَيْسَتْ كَمَا هَاهُنَا.

قَالَ: فَاسْتَمَعْت عَلَيْهِمَا سَاعَةً، وَكُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَاشّ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ.

 

وقام محمد في هذه النصوص باستغلال خرافات اليهود وتبريراتهم الدينية لهزائمهم التاريخية بالأساطير لتشيه صورتهم، وتحميلهم ما قام به حسب الأساطير أجدادهم، ولا علاقة لهم كيهود زمن محمد به.

 

{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)}

 

العداوة والبغضاء في العصر الحالي أكثر شيء بين المسلمين سنة وشيعة، ولا يوجد عداء بين اليهود، ولا بين اليهود والمسيحيين، بل في المجمل تعاون وتحالف وثيق، ودعم من الغرب من حكامه ومواطنيه الأصوليين المسيحيين لإسرائيل، ووحدة وطنية متماسكة في إسرائيل المحتلة لفلسطين، فأين هذا من دول حالها كالعراق وسوريا اليوم؟! أما ما نسبه محمد من كلام إلى اليهود، فلا يمكن التوثق من صحته، لتناقضه مع تعاليم كتابهم وصفات الله الخرافي فيه، وهم أحرار أن يقولوا ويعتقدوا ما يشاؤون، وحرية العقيدة والرأي أيًّا كان ليست سببًا وتبريرًا للعداوة بين أتباع الأديان المختلفة لأجل خرافات لا تبرر عداوات تتخَذ على أنها شخصية!، وسبب هذه الردود الناقدة الساخرة من الإسلام كما عرضتُ في ج1 كان محاولة أبي بكر بعد دخوله معبد اليهود بتبجح وأسلوب همجيّ غير مهذَّب لدعوة أحبار اليهود لدين الإسلام داخل المعبد اليهودي بصورة مزعجة لا تليق تعتبَر من أفعال الإزعاج والكراهية والعدوان حسب قوانين التحضر اليوم، لأن الدعوة لدين تكون خارج معابد الآخرين ودون فرض ذلك عليهم بالإلحاح والإزعاج، وأراد أبو بكر أخذ صدقة من الرجل لتمويل جيش محمد الإرهابي كذلك! فرد عليه الحبر في قوله أن الله يطلب قرضًا رغم وجود نفس التعبير في  كتاب اليهود بسخرية متوقعة ليبعده عنه وينفِّره عن المجيء له مرة أخرى، وقام أبو بكر بضرب الرجل داخل المعبد في فعل من أفعال الاعتداء على الأشخاص، والاعتداء على معابد الآخرين، لأجل التعصب والهوس الديني، ومما ورد في تفسير الطبري لآل عمران 180:

 

8300 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثنا محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة: أنه حدثه عن ابن عباس قال: دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بيت المِدْراس، فوجد من يهودَ ناسًا كثيرًا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فِنحاص، كان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حَبْرٌ يقال له أشيْع. فقال أبو بكر رضي الله عنه لفنحاص: ويحك يا فِنحاص، اتق الله وأسلِم، فوالله إنك لتعلم أنّ محمدًا رسول الله، قد جاءكم بالحقّ من عند الله، تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة والإنجيل! قال فنحاص: والله يا أبا بكر، ما بنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير! وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنيُّا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم! ينهاكم عن الربا ويعطيناه! ولو كان عنا غنيًّا ما أعطانا الربا! فغضب أبو بكر فضرب وجه فنحاص ضربة شديدة، وقال: والذي نفسي بيده، لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عُنقك يا عدو الله! فأكذِبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين. فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، انظر ما صنع بي صاحبك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ما حملك على ما صنعت؟ "فقال: يا رسول الله، إن عدو الله قال قولا عظيمًا، زعم أنّ الله فقير وأنهم عنه أغنياء! فلما قال ذلك غضبت لله مما قال، فضربتُ وجهه. فجحد ذلك فنحاص وقال: ما قلت ذلك! فأنزل الله تبارك وتعالى فيما قال فنحاص، ردًّا عليه وتصديقًا لأبي بكر:"لقد سَمِع الله قول الذين قالوا إنّ الله فقيرٌ ونحن أغنياء سنكتبُ ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق" = وفي قول أبي بكر وما بلغه في ذلك من الغضب: (لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ) [سورة آل عمران: 186] .

 

الخبر من السيرة لابن هشام عن ابن إسحاق 2: 207، 208

 

8302 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"لقد سمع الله قول الذين قالوا إنّ الله فقير ونحن أغنياء"، قالها فنحاص اليهوديّ من بني مَرثد، لقيه أبو بكر فكلمه فقال له: يا فنحاص، اتق الله وآمن وصدِّق، وأقرض الله قرضًا حسنًا! فقال فنحاص: يا أبا بكر، تزعم أن ربنا فقير يستقرِضنا أموالنا! وما يستقرض إلا الفقير من الغني! إن كان ما تقول حقًّا، فإن الله إذًا لفقير! فأنزل الله عز وجل هذا، فقال أبو بكر: فلولا هُدنة كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين بني مَرثد لقتلته.

8303 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: صك أبو بكر رجلا منهم = الذين قالوا:"إنّ الله فقير ونحن أغنياء"، لم يستقرضنا وهو غني؟! وهم يهود.

8305 - حدثنا ابن حميد قال، حدثني يحيى بن واضح قال، حدثت عن عطاء، عن الحسن قال، لما نزلت: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) [سورة البقرة: 245، سورة الحديد: 11] قالت اليهود: إنّ ربكم يستقرض منكم! فأنزل الله:"لقد سمع الله قول الذين قالوا إنّ الله فقير ونحن أغنياء".

8316 - حدثنا به القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قال عكرمة في قوله:"لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرًا"، قال: نزلت هذه الآية في النبي صلى الله عليه وسلم، وفي أبي بكر رضوان الله عليه، وفي فنحاص اليهودي سيد بني قينُقاع قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رحمه الله إلى فنحاص يستمدُّه، وكتب إليه بكتاب، وقال لأبي بكر:"لا تَفتاتنَّ عليّ بشيء حتى ترجع". فجاء أبو بكر وهو متوشِّح بالسيف، فأعطاه الكتاب، فلما قرأه قال:"قد احتاج ربكم أن نمده"! فهمّ أبو بكر أن يضربه بالسيف، ثم ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تفتاتنّ علي بشيء حتى ترجع"...إلخ

 

من الممكن أنهم قصدوا أن الله الخرافي بزعمهم ممتنع عن مساعدة المسلمين، وعمومًا لا يوجد مبرر للعدوان والتهجم على الناس ومعابدهم لأجل التعصب، فليقولوا أن الله رائع أو أنه وغد مريض نفسيًّا كما يقل بعض الساخرين الغربيين أو أنه غير موجود أو ما يشاؤون هم وغيرهم، فكل شخص حر أن يعتقد ما شاء.

 

{لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70) وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71)}

 

{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80)}

 

تشويه للصورة مع أن الأبناء لا يحملون ذنوب الآباء والأجداد، والقرآن ذكر {لا تزر وازرة وزرَ أخرى}، باستغلال خرافات يهودية قديمة فسر بها اليهود تفسيرًا أسطوريًّا غير موضوعي أسباب هزائمهم القديمة، ولنشر التدين اليهودي والتشدد بينهم، واستغلها محمد لشتيمة اليهود. سبب تحالف ومناصرة اليهود للوثنيين هو أنهم وجدوا محمدًا يمارس العنف ونشر العنصرية والكراهية ضدهم وأنهم وجدوا تهجمات ضدهم كقصة دخول أبي بكر لبيت المدراش لدعوة اليهود للإسلام داخل المعهد والمعبد الديني وضربه للكاهن فنحاص على إثر نقاش ونقد فنحاص لطلب محمد مالًا منهم لدعم حروبه الإرهابية وغيرها.

 

2 البقرة

 

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)}

 

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87)}

 

القرآن نفسه ذكر مبدأ من مبادئ العدالة في عدة آيات منه أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، ولا يجزي والد عن ولده ولا مولود عن والده، ما علاقة يهود عصر محمد بما فعله أجدادهم كطلب شيء غير المن والسلوى أو قتل الأنبياء الخرافيين حسب الخرافات اليهودية التي استغلها محمد ضد اليهود أنفسهم على نحو ساخر. محمد مارس نفس ما قام به بعض المسيحيين قبله سواءً في العهد الجديد (الأناجيل)، مثلا في إنجيل لوقا 11:

 

( 47وَيْلٌ لَكُمْ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ، وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ. 48إِذًا تَشْهَدُونَ وَتَرْضَوْنَ بِأَعْمَالِ آبَائِكُمْ، لأَنَّهُمْ هُمْ قَتَلُوهُمْ وَأَنْتُمْ تَبْنُونَ قُبُورَهُمْ. 49لِذلِكَ أَيْضًا قَالَتْ حِكْمَةُ اللهِ: إِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ وَرُسُلاً، فَيَقْتُلُونَ مِنْهُمْ وَيَطْرُدُونَ 50لِكَيْ يُطْلَبَ مِنْ هذَا الْجِيلِ دَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ الْمُهْرَقُ مُنْذُ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ، 51مِنْ دَمِ هَابِيلَ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا الَّذِي أُهْلِكَ بَيْنَ الْمَذْبَحِ وَالْبَيْتِ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُطْلَبُ مِنْ هذَا الْجِيلِ!)

 

في متى 23:

(29وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ، 30وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ. 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ 34لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، 35لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ. 36اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هذَا الْجِيلِ!)

 

 أو المواعظ والتأملات والتفاسير لآباء الكنيسة المسيحية أو الكتب الأبوكريفية وكنت ترجمت جزءً في بحث سابق كمثال من سفر (أعمال فيليب) السرياني، وهو حافل بالتهجم والشتيمة لليهود بنفس طريقة استغلال أساطيرهم ونقد أنبيائهم لهم. وهنا زعم محمد أن اليهود عليهم غضب إلهي ولذلك يتعرضون للاضطهاد والإهانات والأذى، هذا تبرير لنزع صفة الأخوة والإنسانية عن جزء من البشر، لممارسة العنصرية الإسلامية ضدهم، بنفس طريقة ممارسة المسيحية في القرون الوسطى ضدهم كذلك.

 

{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66)}

 

كلام عنصريّ بغيض كريه سيأتي نقده في الآيات المدنية من سورة الأعراف أدناه.

 

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)}

 

هذه القصة لو أخذناها بحرفيتها فليس لها وجود لا في التوراة ولا كتاب اليهود كله ولا في التلمودين البابلي والأورشليمي ولا في أي مدراش أو ترجوم أو أي مصدر يهودي، إلا أني توصلت في بحث (أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا االمسيحية) إلى كونها متسمدة ومحوَّرة من قصة في سفر (أعمال فيليب الحواريّ) الأبوكريفيّ باللغة السريانية، ولمن شاء راجع المبحث هناك، لكن هنا فالقصة التي لفقها وحورها محمد سخيفة ومطولة والغرض منها تشويه صورة اليهود ووسمهم بالبخل وكثرة الجدل والاستماتة على المال وغيرها من تصوير عنصريّ بغيض، بعض أقاربي حسبما حكوا لي عرفوا يهودًا مصريين من الأقلية التي كانت تزور مصر من وقت إلى آخر رغم رحيلهم شهدوا له بالكرم وحسن الخلق.

 

{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)}

 

كل نصوص الأديان، بما فيها اليهودية والإسلام كتبها البشر لأجل مصالح فئوية في المعظم، لا فضيلة لمحمد والإسلام على جميع الأديان الأخرى في ذلك، وعن مصالح محمد الكثيرة التي كانت له ومصالح رجال الدين ومصالح الفتوحات والاحتلال والنهب والاستعباد فحدِّثْ ولا حرج فما أكثرها. ولطالما استغل الخلفاء والحاكم المسلمون الدين ليقولوا أنهم مُنحوا السلطانَ من عند الله ولا يجوز لأحد الاعتراض عليهم أو نقدهم أو الثورة ضدهم، على ما نقرأ من خطبهم وأطروحاتهم في كتب التاريخ.

 

وقال الطبري في تفسيره:

 

قال أبو جعفر: يعني بذلك الذين حرفوا كتاب الله من يهود بني إسرائيل، وكتبوا كتابا على ما تأولوه من تأويلاتهم، مخالفا لما أنزل الله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم، ثم باعوه من قوم لا علم لهم بها، ولا بما في التوراة، جهال بما في كتب الله - لطلب عرض من الدنيا خسيس.

.... 1393 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله) ، قال: كان ناس من بني إسرائيل كتبوا كتابا بأيديهم، ليتأكلوا الناس، فقالوا: هذا من عند الله، وما هو من عند الله.

1394 - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قوله: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا) ، قال: عمدوا إلى ما أنزل الله في كتابهم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم فحرفوه عن مواضعه، يبتغون بذلك عرضا من عرض الدنيا، فقال: (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون)

 

إن كان هذا ما يقصده محمد، كما نفهم من آيات أخرى، فهذا غير صحيح، لا يوجد تحريف لكتاب اليهود ولا كتاب المسيحيين بهذا المعنى، هناك مخطوطات قديمة اكتُشِفَت ورغم وجود بعض الاختلافات والإضافات والنقص واختلاف القراآت في كتاب اليهود  بسبب عدم وجود نقط ولا تشكيل في الأصل العبري بالأبجدية الأقدم لكتابته، على غرار نسخة مصاحف عثمان وتعدد القراآت في القرآن، لكن لا يوجد اختلاف عمومًا في العقيدة والأساطير والأحكام والشعائر والطقوس، ورغم أن مخطوطات قمران تعود إلى ما بين القرن الأول قبل الميلاد وحتى القرن الأول الميلادي، على الأغلب قبل هجوم الروم سنة70 م لقمع ثورة بار كوكبا واليهود، ثم إجلاء اليهود عن كل فلسطين، فلا يوجد فيها أي ذكر لمحمد أو الإسلام. هذه خرافة وزعم محمديّ لا أكثر. ما يدّعيه محمد لا وجود له، سواء زعمه التحريف أو زعمه وجود ذكر له.

 

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)}

 

هنا ينتقد محمد ما يعرفه من يدرس تاريخ ما قبل الإسلام من كتبٍ مثل الكامل في التاريخ لابن الأثير فهو من المراجع الممتازة في الموضوع، حيث كان بعض يهود يثرب حلفاء للخرزج الأغلبية، وآخرون كانوا حلفاء للأوس الأقلية، وبين الطرفين حروب، فكان يضطر اليهود كمندمجين في المجتمع العربي والأحلاف والتقاليد أن يحاربوا من هو عدو لحليفهم وحليف عدوهم، فيرفعون سيوفهم وأسلحتهم ضد بعضهم بذلك بحكم الضرورة، ثم يعودون لمساعدة بعضهم البعض رغم ذلك على فك أسراهم كلهم! لكن كما نرى من تاريخ الطبري وسائر كتب التاريخ فالمسلمون بعد محمد وربما إلى اليوم تورطوا في الحروب والكراهية بين بعضهم البعض، من بعد موت عمر، حروب ومؤامرات وقتل شارك فيه بعض صحابة محمد كقتل عثمان بعد حصاره ومنع الطعام والشراب عنه وهذا شارك فيه عمار بن ياسر وكان من ضمن الداخلين لقتله محمد بن أبي بكر أخو عائشة وإن قيل أنه انسحب حسب زعم روايات وأخرى قالت بل شارك في قتله، ثم رفعهم السيوف على بعضهم في معركة الجمل وبتحريض عائشة نزاعًا بالقوة على الحكم، ثم معركة علي مع الخوارج، ثم مع معاوية، وفي عصر عبد الملك كانت صورة الصراع معقدة متعددة الأطراف بصورة أشبه بعروض حلبات الصراع: خوارج وزبيريون وأمويون وصراعات قبائل يمنية وقيسية فيما بين ذلك، وانتهى بعض الأمر بصلب جثة عبد الله بن زبير ونزع سيطرته على حكم الحجاز، الأمويون قمعوا ثورات وحركات بني علي والعباس (الطالبيين) بالتقتيل (انظر مثلا كتاب مقاتل الطالبيين)، ثم لما وصل بنو العباس للحكم قاموا بمذبحة ضد بني أمية لم يرحموا فيها ولا حتى الطفل الرضيع (انظر كتب التاريخ وكتاب مقاتل الأمويين، فلهم كتاب مقاتل أيضًا)، ما بعد ذلك هو نهج على نفس النمط فكل حاكم يقتّل أصفياء وحلفاء سابقه أو على الأقل يسجنهم أو يحيِّدهم من السلطة (راجع مثلا كتاب الاستبداد من الخلافة إلى الرئاسة) ويستمر ذلك حتى حالة إزاحة السادات فيما سمّاه ثورة تصحيح مايو للناصريين وقتل رؤساء العراق كعبد الكريم للرئيس الذي انقلب عليه وكل أسرته. إن من ينظر لبواطن الأمور سيعلم أن المسلمين والعرب المسلمين بأفعالهم وأحقادهم ضد بعضهم الآخر أكثر أذى لأنفسهم من الغرب وأمِرِكا. انظر دعم بعضهم للإرهاب في سوريا مع اضطرابات نظام بشّار الأسد، ومحاولة تركيا وقطر للتدخل في الشؤون الداخلية لمصر بالدعم المالي لجماعة الإخوان الإرهابية بالمال ثم فتح قنوات فضائية ممولة لهم، مع كونهم لا يسمحون لجماعات التطرف في بلدانهم بعمل اضطرابات وتحريضات ويضربون بيد من حديد خاصة تركيا بمبدئها العلماني.

 

 

 

 

وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88)}

 

قال الطبري في تفسيره:

 

1499 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (قلوبنا غلف) ، أي في غطاء.

1500 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس،: (وقالوا قلوبنا غلف) ، فهي القلوب المطبوع عليها.

1501 - حدثني عباس بن محمد قال، حدثنا حجاج قال، قال ابن جريج، أخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد قوله: (وقالوا قلوبنا غلف) ، عليها غشاوة.

... 1503 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا شريك عن الأعمش قوله: (قلوبنا غلف) ، قال: هي في غُلُف.

1504 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وقالوا قلوبنا غلف) ، أي لا تفقه.

1505 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: (وقالوا قلوبنا غلف) ، قال: هو كقوله: (قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ) [فصلت: 5]

... 1508 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وقالوا قلوبنا غلف) ، قال: يقولون: عليها غلاف، وهو الغطاء.

1509 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (قلوبنا غلف) ، قال يقول: قلبي في غلاف، فلا يخلص إليه مما تقول شيء، وقرأ: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ) [فصلت: 5] .

 

على الأرجح لعل لفظ الأكنّة هو ما قد يكون قد قاله اليهود، بمعنى نحن رافضون تمامًا لادعاآتك ومفضّلون لاتباع ديننا، من العجيب كم التهجم الذي قام به محمد على اليهود لمجرد رفضهم اتباع دينه، بالنسبة له مثّلت اليهودية في يثرب منافسًا دينيًّا خطيرًا ومثالًا لحياة بممارسة دينية وتشريعات أخرى، وهذا الأسلوب اللحوح اللجوج المتهوِّس لأن يتبع اليهود دينه رغم كونهم كارهين لذلك، ليس أسلوبًا طبيعيًّا أو متحضرًا لدعوة سلمية، وانتهى الأمر كما رأينا بطرده لكل يهود يثرب، وإبادة الباقين واستعباد نسائهم وأطفالهم وتوزيعهن كسبايا، ثم وصيته بطرد كل غير مسلم من شبه جزيرة العرب، ثم يقولون لك بابتسامة عريضة لطيفة الإسلام لا يضيق أبدًا بمجاورة وعشرة الآخرين! واضح فعلًا! بالنسبة للفظ (غلف) وهو من الغُلفة أي قُلفة أو غرلة العضو الذكريّ غير المختون (يعني الطبيعيّ)، أو الغلاف، ولعل محمدًا اقتبسه من بعض ذم وشتيمة أنبياء اليهود الأدعياء ضد اليهود، واستغله ضدهم كالعادة:

 

(25« هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُعَاقِبُ كُلَّ مَخْتُونٍ وَأَغْلَفَ. 26مِصْرَ وَيَهُوذَا وَأَدُومَ وَبَنِي عَمُّونَ وَمُوآبَ، وَكُلَّ مَقْصُوصِي الشَّعْرِ مُسْتَدِيرًا السَّاكِنِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ، لأَنَّ كُلَّ الأُمَمِ غُلْفٌ، وَكُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ غُلْفُ الْقُلُوبِ».) إرميا9

 

(6فَاخْتِنُوا غُرْلَةَ قُلُوبِكُمْ، وَلاَ تُصَلِّبُوا رِقَابَكُمْ بَعْدُ.) التثنية10

 

(28لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيًّا، وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِي اللَّحْمِ خِتَانًا، 29بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ، وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ، الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ.) رسالة بولس إلى رومة 2

 

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93)}

 

نموذج لأسلوب مهووس إرهابيّ لشخص يريد الكل على دعوته الدينية، وكما قلت من عدة تجارب شخصية لي كملحد عقلاني في مجتمع مسلم متعصب مهووس وارث لهوس محمد، فقد تعرضت لهوسهم عدة مرات، أسلم، كيف لا تكون مسلمًا، كيف تترك الإسلام، ثم عندما تتجاهل إزعاجهم يبدؤون في الأذى الفعلي الماديّ والجسديّ لو استطاعوا، لولا وجود القانون المدنيّ أو النصف مدنيّ في مصر، الناس بما فيهم اليهود أحرار أن يتبعوا أي اعتقاد شاؤوا وأن يتبنوا منظومات دينية وأخلاقية كيفما شاؤوا، أما كان يذكره اليهود المتدينون العرب في نزاعاتهم مع العرب الوثنيين فهو خرافة المسيح المنتظر اليهودي كشخصية عسكرية من سبط يهوذا حسب الأسطورة، وناقشتُ ذلك في كتاب (تفنيد البشارات المزعومة بمحمد ويسوع)، فلا علاقة له بصفاته الخرافية ونسبه وما يفترض أنه سيفعله من نصر لليهود بما فعله محمد من أذى لليهود وتقتيل وتشريد ونهب واستعباد على أية حال، أتباع الإسلام بأيديولوجيته لا يتحملون عمومًا مجرد فكرة وجود أديان وهويات وثقافات أخرى، معظم الأعمال والوظائف التي يترأسها ويملكها مسلمون في القطاع الخاص المصريّ مثلًا لا يعمل فيها مسيحيون، خصوصًا كما لاحظتُ لأن دهماء المسلمين متعصبون جدًّا ولو حاول مسيحيٌ مثلًا العمل وسطهم يضايقونه ويؤذونه ويطاردونه ويزعجونه ويمارسون العنصرية ضده حتى يستقيل. وهي سلوكيات لا يمكن وصفها سوى بالحقارة والخسة والغباء والتعصب، ربما أفادني كثيرًا اسمي ونسبي وبطاقتي كمسلم مزيَّف، أعترف بذلك، وعندما كنت مع الوقت يُشكّ فيَّ حتمًا لم يكن ذلك في صالحي ووظيفتي على الإطلاق، أيًّا ما كانت الوظيفة، عليا أو دنيا. فما بالك بسياستهم أيام محمد وخلفائه قبل العصور الحديثة؟! كتب التاريخ حافلة بأمور رهيبة، كتاريخ مصر للمقريزي وتاريخ البطاركة لساويرس بن المقفع، حديث محمد عن الذنب الوهميّ لعبادة الثور أو العجل الذهبي هو حديث خالٍ من المنطق تمامًا، لأن هذه الخرافة تعلق بأجداد اليهود افتراضًا، أما يهود زمن محمد فهم كانوا من الموحّدين للإله الخرافيّ منذ قرون طوال جدًّا، ، وكذلك الحديث عن قتل أجدادهم حسب الأساطير لبعض مدّعي النبوة ومحمد نفسه مناقضًا نفسه ذكر في آيات أخرى:

 

{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)} البقرة

 

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)} لقمان

 

{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)} فاطر

 

{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)} الزمر

 

{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40)} النجم

 

أما تشابه أساطير قرآن محمد مع بعض خرافات وأساطير الكتاب المكدّس فلا دليل فيه على صحة ادعاآت محمد، بل دليل على نقله واعتماده في بناء دينه على تراث ميثيولوجيا اليهود أكثر من أي عنصر آخر كالعناصر المسيحية والزردشتية والعربية القبل إسلامية في دينه.

 

آيات مدنية في سورة الأعراف

 

{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166)}

 

هنا وفي آيات أخرى سنعرضها في التالي يشوِّه محمد صورة اليهود، باستعمال نفس القصص الدينية الأسطورية التي هاجم فيها أنبياء وأحبار اليهودَ الشعبَ الإسرائيليّ ويهودَ العالم كما وردت في الكتاب اليهودي المقدس وفي التلمود وكتابات الربيين (الأحبار)، وكمثال فهذه القصة التي وظَّفها محمد هنا توظيفًا عنصريًّا بغيضًا ضد المفهوم الحقيقي الصحيح للأخوة بين كل البشر، لا توجد قصة مسخ بعض اليهود إلى قرود في كل ما طالعته وبحثته، وكل ما وجدته في بحث الهاجادة كما في التلمود بـ Kiddushin 72a

 

عندما كان رابي يحتضر قال:.....إلخ ...وهناك مدينة بيرثا دي ساتيا في بابل، اليوم قد ابتعدوا عن الجبار، فهناك بركة أسماك تفيض يوم السبت، وهم يذهبون ويصطادون السمك في السبات (السبت). من أجل ذلك أعلن الربي أحاي والربي يوشيا الحرمان (التكفير) ضدهم، وارتدوا عن اليهودية.

 

لا توجد في الفقرة أي كلام أسطوري عن مسخ إلى قردة كما نرى، بل لعن وتكفير فقط كإجراء دينيّ يطرد مجموعة من خانة الديانة والهوية اليهودية إلى حين رجوعهم للتقاليد والتابوهات الخرافية. ومدينة باراثا تقول الهوامش أنها على نهر الملك، ولا أدري أين هذه الأماكن، لكن لا يفيد هذا الموضوع.

 

هناك مجرد تخمين محتمل قاله لويس جينزبرج عن احتمالية أخذ محمد خرافة القرود هو ومن ساعدوه من اسم عائلة الكاهن قيافا الذي يعني كذلك القرود، وأنهم جاؤوا من (بيت ميكوشيه) ومعناها بالعبرية المتجمعون سويًّا، ربما فهمها أحد المفسرين بمعنى المتآمرين وكاسري شريعة السبت؟! لكن لا علاقة بالكلام بهذه الأسطورة بأي حال لأنها تتكلم عن أنساب كبار الكهنة، حسبما طالعتها، انظر التلمود بترجمته الإنجليزية في Yevamoth 15b،والاحتمال الآخر أن التوظيف العنصري المحمدي للأسطورة أصاب اليهود بعقدة منها وقاموا بحذفها ونسيانها من كل الكتب، وبالتالي لا توجد اليوم في أي مخطوطات أو نصوص معروفة مما وصلت لنا ترجماتها الإنجليزية، وعلى أي حال لا يمكن الجزم بما إذا كانت من مصدر يهودي أم أنها اختراع عنصريّ لمحمد، وأنا شخصيًّا أميل إلى أنها من تلفيقه، مثلها كقصة البقرة في سورة البقرة فهي ملفقة من قصة مسيحية (سفر أعمال فيليب) الأبوكريفي بالسريانية، راجع بحثي أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية، وليس في الأصل المسيحي قصة البقرة ومماطلة اليهود في شرائها ووصفهم بالجدال والبخل، والقصة هنا عن انتهاك السبت بها عنصر سخيف في تصويرها لله كشخص سمج مؤذٍ يتعمد ألا يجعل الأسماك تأتي إلا يوم السبت المحرم فيه العمل على اليهود! وإنه لواضحٌ تمامًا أن هذا النص مدنيّ يثربيّ قاله محمد نتاج عداوته مع اليهود. إنه لمرجَّحٌ أنها من تلفيق محمد، لأنه يتناقض في سردها فيقول في آيةٍ أخرى أنهم مُسِخوا قردة وخنازير، واضح أن هذا كله نتاج كرهه لليهود لعدم اتباعهم ومناصرتهم له ونقدهم لأفكاره وتعاليمه وادعاآته.

 

 

{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)} المائدة

***

 

{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169)} الأعراف

 

كلام عنصريّ معادٍ للجنس والدين اليهودي، مثلما أنا مناصر للحق الفلسطيني المشروع، فكذلك سأقف هنا بجوار الحق وأقول أن هذه عنصرية ضد اليهود بغرض التحريض العنصريّ بدعوى أن أي ممارسات عنصرية واضطهاد لهم هو بسبب غضب إلهيّ، ما كان محمد يقوم به_ ولا يزال قرآنه يقوم به_ معروف في علم النفس والاجتماع والدين والتاريخ، وهو محاولة نزع صفة الأخوة والإنسانية عن بعض الإخوة في الإنسانية ومسخ صورتهم إلى شيء آخر لنشر الكراهية والعنصرية والشر بين البشر. شيء كممارسات النازيين ضد غير الألمان أو المذابح ضد مسلمي بورما المعاصرة. وحسب تفسير الطبري للنص169 فقد عمم محمد في تشويهه لكل اليهود بقوله أنهم يرتكبون المعاصي ويأخذون الرشاوى ويفضلون الأدنى أي الحياة على الآخرة الخرافية أو القيم والأخلاق الإنسانية الحقيقية والزائفة الدينية والطقوس الخرافية على السواء. من أوائل دروس المنطق أن التعميم على الناس والأجناس غالبًا باطل.

 

 

47 محمد

 

{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)}

 

قال الطبري:

 

يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين وصف أنهم إذا نزلت سورة محكمة، وذُكر فيها القتال نظروا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نظر المغشيّ عليه (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) أيها القوم، يقول: فلعلكم إن توليتم عن تنزيل الله جلّ ثناؤه، وفارقتم أحكام كتابه، وأدبرتم عن محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعما جاءكم به (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ) يقول: أن تعصوا الله في الأرض، فتكفروا به، وتسفكوا فيها الدماء (وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) وتعودوا لما كنتم عليه في جاهليتكم من التشتت والتفرّق بعد ما قد جمعكم الله بالإسلام، وألَّف به بين قلوبكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) ... الآية. يقول: فهل عسيتم كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله، ألم يسفكوا الدم الحرام، وقطَّعوا الأرحام، وعَصَوا الرحمن.

 

هذه مزاعم غير منطقية، لا علاقة للخير والإحسان بالعقيدة في العموم، الخير والإحسان يوجد عند كل البشر باختلاف عقائدهم، وليس حكرًا على المسلمين بأي حال، بل المسلمون من ينطبق عليهم كثيرًا مسألة الإفساد في الأرض والعنف والإرهاب، ومحمد سمّاه قومُه قريشٌ كما تقول كتب السيرة "القاطع" باعتباره قاطع رحم وقاطع طريق. بل يمكن للإسلام أن يكون عنصرًا دافعًا للكراهية والعنصرية والشر والعدوان ضد الإخوة في الإنسانية ومانعًا من فعل الخيرات لغير المسلمين.

 

3 آل عمران

 

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22)}

 

تشويه لصورة أهل الأديان الأخرى وهم هنا اليهود بطريقة غير منطقية، فهو استعمل خرافات اليهود وتاريخهم القديم كما ورد في كتابهم المقدس، والأبوكريفا والتقاليد اليهودية، عن قتل أجدادهم الوثنيين لبعض مدعي النبوة أيْ الأنبياء، وهي مسألة لا علاقة لها بيهود عصر محمد ولا يتحملون مسؤوليتها ولا ذنبها، ويهود زمن محمد كانوا غير وثنيين ومخلصين لديانتهم وعقيدتهم الخرافية التوحيدية، ومحمد نفسه ناقض نفسه بقوله في قرآنه: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)} فاطر

 

أسلوب استعمال الأساطير لشتيمة اليهود بأسلوب عنصريّ تقليد مسيحيّ عنصريّ قديم يوجد في أناجيلهم وفي كتب الأبوكريفا وكتب المواعظ والتهجمات المسيحية ضد اليهود. ونلاحظ عدم تحمل محمد وضيقه من عدم اتباع اليهود له، وإلحاحه عليهم ليتبعوه  بطريقة مهووسة حقًّا. توجد عقدة نفسية عقلية عجيبة ما لدى محمد فهو قدّس ديانة اليهود وتقاليدهم بشدة وتبناها كحجر الأساس لتأسيس ديانته، فلما رفضوا اتباعه وهو كما قال المحللون لنفسيون لنفسيته يحب السيطرة والتملك أصابه كره جنونيّ لهم فهاجمهم عسكريًّا وأجلى وطرد بعضهم من وطنهم يثرب وهم يهود الحجاز، وأباد الكثيرين منهم وسبى واستعبد من نسائهم في جريمة بشعة غير إنسانية قائمة على ضيق أفق بشري غير إلهي وتعصب وتكبر وتجبر وظلم وظلام في شخصيته.

 

ترجمة جزء من نص سفر أعمال فیلیب السریاني

 

وفي یوم السبت تجمع كل الیهود_الذین كانوا في قرطاجة_في معبدهم، وأرسلوا ودعوا حنانیا الیهودي، الذي آمن بالمسیح. وردّ الیهودُ وقالوا له: "أخانا حنانیا، هل الأشیاء التي قام بها المشعوذ فیلیب لك صحیحة؟" وأشار حنانیا بشارة الصلیب، وأجاب وقال لهم: "كل ما سمعتموه عني صحیح، وبعید عني أبداً أن أنكر ربنا المسیح." فقال الیهود له: "لا تنكر موسى وتؤمن بالمسیح، لأن المسیح كان دجالاً، وتلامیذه یعملون بالشعوذة." فأجاب حنانیا_مبتهجاً في الإیمان_وقال للیهود: "فلیكن خداع المسیح علي وعلى زوجتي وعلى أولادي، ولتكن الشعوذة التي یمارسها تلامیذه على عظام والديَّ في الهاویة. لكن بالنسبة لكم، فحسناً قد تنبأ إشعیا بصددكم، الذي قال له الرب: "اذهب، قل لشعب إسرائیل هذا أنهم سیرون علامة ولن یبصروا، وسیسمعون تقريرًا ولن یؤمنوا، لأن عیونهم قد أغلقوها، وآذانهم قد أبطلوها، لكي لا یسمعوا بآذانهم، ویفهموا بقلوبهم، ویتوبوا، فأغفر لهم خطایاهم." یا قادة سدوم وشعب عمورة، أیتها الذریة الشریرة والمغضِبة، یا جیلاً لم یضع الصیام في قلبه ولم یؤمن بالله بروحه، یا أبناء الجریمة، أیها الجنس الشریر والزاني، وأجیال الآثمین، یا جنساً حُكِم علیه باللعن، یا كرمة سدوم ونبتة عمورة، الأبناء الحمقى الغیر حكماء، حكیم في الأشیاء الشریرة، لكن لا تعرف الأمور الخیرة، شعب مستأصَل ومستلَب، عُملة مرفوضة، نباتُ دُخنٍ مُبدَّد، قِرَب ماءٍ بالیة، ثوب ممزق، زي لیس له استعمال، صخرة هائلة، شجرة تین ملعونة، شجرة كرم شریرة، الفلاحون الذین منهم قتلة، بقرة عنیدة، صهاریج مكسورة لا یمكن جمع الماء فیها، مال مثقوب لتاجر ملعون، سحاب جاف، ندى یتناثر بین الوثنیین، أبناءٌ ملعونون لا یُعتبَرون حتى مساوین للعبید، جذور مرة، لم تنتج في أیامها حلاوةً قط، استبدلوا ربَّهم بعجل، مضحین ببنیهم وبناتهم للشیاطین، كارهي الابن، أعداء الله، مغضبي روح القدس، عابدي الشمس، مقدمي قربان لتموز، عباد بعل، كهنة الأصنام، أبناء آخاب، رُضَّع إی ا زبل، الكلاب البكماء، الغیر قادرة على النباح، غلیظي الرقاب وغیر مختوني القلوب ١، إذ بأيٍ من الرسلِ قد آمنتم، حتى تؤمنوا بحنانیا الضعیف؟ موسى وهارون قادا آباءكم خارج مصر، وكم كثيرًا ما رجمتموهما بالحجارة، هنالك برز یشوع بن نون، وسعیتم لقتله بسم قاتل ٢، هنالك برز شمشون، فجدعون، فباارك، ویفتاح، ودبورة، وضایقتموهم طیلة حیواتهم وأیامهم. هنالك برز عالي كاهنكم، ومن خلال جشعكم، نُبِذَ من منصبه الكهنوتي ٣، هنالك برز صموئیل النبيّ، فنبذتموه وٕالهَه. هنالك برز داوود، وبخزي أخرجتموه من أورشلیم ٤. هنالك برز سلیمان الملك، وعبد عشتاروت إلهة الصیدونیین. هنالك برز إشعیا النبي، ونشرتموه بمنشار من خشب البقس ٥ ، هنالك برز حزقیال النبي، فسحلتموه من قدمیه حتى اندفع دماغه خارجاً ٦، هنالك برز إرمیا، وألقیتموه في جب الطین. ٧ هنالك برز میخا النبيّ، فصفعتم وجنتیه كما لو كان طفلاً ٨. هنالك برز عاموس النبي، وأعقتموه من التنبؤ ٩. هنالك برز حبقوق النبي، ومن خلال خطایاكم ضل عن منصبه النبوي ١٠ . هنالك برز زكریا النبي، وٕایاه قتلتم كخروفٍ أمام مذبح الرب ١١ . هنالك برز ملاخي النبي ١٢ ، فأضجرتم إلهَه بكلامكم. هنالك برز إیلیّا النبيّ، فجعلتموه یهرب إلى حوریب. هنالك برز إلیشع النبي، فأردتم قتله. هنالك برز یوحنا المُعَمِّد، ضوء مشرق، فقطعتم رأسَه، وجلستم في الظلام، وكان قد بدأ في الإعلان عن بعث الموتى، ومجدداً، تكملةً لخطایاكم، یا أبناء الجریمة، صلبتم ربَّ الأنبیاء على الشجرة، وانظروا، أنتم تضطهدون أتباعه هؤلاء، الذین على وشك الجلوس یوم الدینونة على اثني عشر عرشَ مجدٍ وسیحاكمون أسباط یعقوب الاثني عشر."

 

{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65)}

 

وصف غير المسلمين بالمفسدين بالتعميم كلام غير منطقي ولا منصف. لا علاقة لدين الإنسان في حد ذاته كاعتقاد بالفساد والإفساد، إلا إذا كان محرضًا على الشرور، والإسلام من هذا النوع هو واليهودية والهندوسية.

 

{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)}

 

هنا صور محمد أتباعه (ومن ضمنهم من أسلم ويسلم من الكتابيين) على أنهم هم فاعلو الخيرات الصالحون، وغيرهم فاسقون أشرار فجرة، ولعُمري هذي هي الصورة السائدة دومًا في عقلية المسلم العاميّ المُسمَّمة بالدين، وهو تعميم غير منطقي وتشويه لصورة غير المسلمين بما لا دليل على صحته، فكل دين فيه صالحون ومحسنون. أداء الصلوات الخرافية في حد ذاته ليس فضيلة، قالها الحكيم سقراطس قبلي بكثير، في حواره مع يوثيريو، كما رواه أفلاطون عنه.

 

يقول الواقدي مفسراً لآيات نزلت بعد معركة أحد:

 

{لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قَالُوا إِنّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} قَالَ: لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. {مَنْ ذَا الّذِى يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا} قَالَ فِنْحَاصُ الْيَهُودِىّ: اللّهُ فَقِيرٌ، وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ لِيَسْتَقْرِضَ مِنّا؟ {وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ذَلِكَ بِمَا قَدّمَتْ أَيْدِيكُمْ مِنْ كُفْرِكُمْ وَقَتْلِكُمْ الأَنْبِيَاءَ}

 

........وَلَتَسْمَعُنّ مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} يَعْنِى الْيَهُودَ؛ {وَمِنَ الّذِينَ أَشْرَكُوا} يَعْنِى مِنْ الْعَرَبِ، {أَذًى كَثِيرًا} إلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى النّبِىّ ص قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالْقِتَالِ.

 

واضح أن اليهودي لم يعجبه التعبير القرآني واستنكره، على سبيل التمحك، والمجادلة مع المنطق والأسلوب القرآني المحمدي، ولكن هذا ليس مبرراً لتقويل الرجل ما لم يقله، فهو يستنكر الأسلوب المحمدي وليس أنه يصف الله بالفقر! فهذا غير منطقي وفقاً للمعتقدات الخرافية لكلا الفريقين، ولقد ورد نفس التعبير المحمديّ بالكتاب اليهودي المقدس في سفر الأمثال 19: 17 (17 من يرحم الفقير يقرض الرب وعن معروفه يجازيه) مع أنها كلها خرافات لامنطقية في آخر المطاف! وإلا فالله ليس بغني ولا فقير، لأنه ليس له وجود من الأساس.

 

أما ابن هشام فيروي قصة مزعومة لا يمكننا كعلماء أديان أن نصدقها بتمامها، بل نتشكك في معظم ما نسبته على لسان الرجل اليهودي:

 

ودخل أبو بكر الصديق بيت المدراس على يهود، فوجد منهم ناساً كثيراً قد اجتمعوا إلى رجل منهم، يقال له فِنْحاص، وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه في حَبْر من أحبارهم، يقال له: أشْيع، فقال أبو بكر لفنحاص: ويحك! يا فنحاص! اتق الله وأسْلمْ؟ فوالله إنك لتعلم أن محمداً لرسول الله، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل. فقال فنحاص لأبى بكر: والله يا أبا بكر، ما بنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، وما هو عنا بغني، ولو كان عنا غنياً ما استقرضنا أموالَنا، كما يزعم صاحبُكم، ينهاكم عن الربا ويُعْطيناه ولو كان عنا غنياً ما أعطانا الربا قال: فغضِب أبو بكر، فضرب وجْهَ فنحاص ضرباً شديداً، وقال: والذي نفسي بيده، لولا العهد الذي بيننا وبينكم لضربت رأسك، أيْ عدوَّ الله. قال: فذهب فِنْحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، انظر ما صنع بى صاحبك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ما حملك على ما صنعتَ؟ فقال أبو بكر يا رسول الله، إن عدو الله قال قولاً عظيماً: إنه زعم أن الله فقير وأنهم أغنياء فلما قال ذلك غضبتُ للّه مما قال، وضربت وجهه. فجحد ذلك فِنحاص، وقال: ما قلت ذلك.

فأنزل الله تعالى فيما قال فنحاص رداً عليه وتصديقاً لأبى بكر:

{لَقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}. [آل عمران: 181] ونزل في أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وما بلغه في ذلك من الغضب {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. [آل عمران: 186].

 

حقيقةً، فهذه مشكلة المسلمين العرب، وهي بعدهم عن أدب النقاش والحوار والمناظرة وتبادل الأفكار، تمتد أيديهم بالبطش أو السيف دوماً، والمفترض أنه مهما استفزك الطرف الآخر بمشاعرك الدينية الهمجية المتعصبة أن ترد عليه بقوة المنطق والحجة، وليس أن تمد يدك فتضربه تتهجم عليه، كأسلوب هؤلاء البدو، ثم نرى من القصة همجية وفوضى المسلمين المألوفة منذ نشأتهم والتي جعلت يهود يثرب العرب يتحالفون مع وثنيي العرب ضدهم، فهنا مثلاً أبو بكر يقتحم معبداً ويثير إزعاج المتعبدين بدينهم فيه ثم يضرب واحداً من أحباره داخله. في أي دولة متقدمة تكون عقوبة همجي كهذا شديدة بالسجن لفترة لا بأس بها حتى يرتد له عقله ومدنيته، وتسمى جريمة من جرائم العنصرية والكراهية والتهجم!

 

أما الكلام المنسوب لليهودي، فإن الناس في المقام الأول أحرار فيما يعتقدون كيفما يشاؤون، وليس لأحد أن يتحكم في معتقداتهم أو يحاسبهم عليها، وإن قراءتنا ودراستنا للعهد القديم والتلمود تدفعنا لرفض هذه الأقوال المعزوَّة لليهود.

 

أما عن آية التسامح فلكي لا تذهب بنا الظنون ونحسن الظن بقرآن محمد والإسلام، فالمفسرون يؤكدون أنها منسوخة وملغية بحكم آيات العنف كسورة التوبة.

 

أما الكارثة الكبيرة فهي ما يكشفه تفسير السدي، ومنه ينقل تفسير الطبري، حيث نرى رواية تثبت أن أبا بكر حاول أخذ أموال من يهود بني مرثد لتمويل محمد وحروبه!

 

8302 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " لقد سمع الله قول الذين قالوا إنّ الله فقير ونحن أغنياء "، قالها فنحاص اليهوديّ من بني مَرثد، لقيه أبو بكر فكلمه فقال له: يا فنحاص، اتق الله وآمن وصدِّق، وأقرض الله قرضًا حسنًا! فقال فنحاص: يا أبا بكر، تزعم أن ربنا فقير يستقرِضنا أموالنا! وما يستقرض إلا الفقير من الغني! إن كان ما تقول حقًّا، فإن الله إذًا لفقير! فأنزل الله عز وجل هذا، فقال أبو بكر: فلولا هُدنة كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين بني مَرثد لقتلته.

 

ويقول الطبري:

 

وقيل: إن ذلك كله نزل في فنخاص اليهودي، سيد بني قَيْنُقَاع، كالذي: - حدثنا به القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قال عكرمة في قوله: " لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرًا "، قال: نزلت هذه الآية في النبي صلى الله عليه وسلم، وفي أبي بكر رضوان الله عليه، وفي فنحاص اليهودي سيد بني قينُقاع قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رحمه الله إلى فنحاص يستمدُّه، وكتب إليه بكتاب، وقال لأبي بكر: "لا تَفتاتنَّ عليّ بشيء حتى ترجع ". فجاء أبو بكر وهو متوشِّح بالسيف، فأعطاه الكتاب، فلما قرأه قال: " قد احتاج ربكم أن نمده " ! فهمّ أبو بكر أن يضربه بالسيف، ثم ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تفئتنّ علي بشيء حتى ترجع "، فكف، ونزلت: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ }. وما بين الآيتين إلى قوله: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم}، نزلت هذه الآيات في بني قينقاع إلى قوله: {فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك} قال ابن جريج: يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم

 

المفتئت: كل من أحدث دونك شيئا، ومضى عليه ولم يستشرك، واستبد به دونك، فقد فاتك بالشيء وافتات عليك به أو فيه. هو " افتعال " من " الفوت "، وهو السبق إلى الشيء دون ائتمار أو مشورة.

 

وروى مسلم في صحيحه:

 

[ 315 ] حدثني الحسن بن علي الحلواني حدثنا أبو توبة وهو الربيع بن نافع حدثنا معاوية يعني بن سلام عن زيد يعني أخاه أنه سمع أبا سلام قال حدثني أبو أسماء الرحبي أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه قال كنت قائما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها فقال لم تدفعني فقلت ألا تقول يا رسول الله فقال اليهودي إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن اسمى محمد الذي سماني به أهلي فقال اليهودي جئت أسألك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أينفعك شيء إن حدثتك قال أسمع بأذني فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه فقال سل فقال اليهودي أين يكون الناس {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات}...إلخ

 

61 الصفّ

 

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}

 

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26)}

 

هنا شوّه محمد صورة الكتابيين من يهود ومسيحيين لأجل نشر الكراهية ضدهم عند أتباعه لأجل أسباب خرافية لا قيمة لها، ومن دون أي سبب موضوعي أو شخصي حقيقي. من أقسى البشر قلوبًا أتباع محمد من صحابة وتابعيهم الذين قتّلوا الناس في حروب فتوحاتهم وغزواتهم وغاراتهم، دعك من سخافات كتب التفسير عن تعريف قسوة القلب بأنها البعد عن الصلوات التافهة وما يزعمون أنه دين الله الخرافي. الدين بطبيعته تعاليم فاسدة وخرافات ومع مرور الزمن يتقدّم البشر ويرتقون فكريًّا وعلميًّا وأخلاقيًّا فينبذونه تدريجيًّا حتى الرفض التام كما في حضارة الغرب اليوم عمليًّا، بحيث يصبح دين المتدين أمرًا تعبديًّا شخصيًّا وليس شريعة تعصب وتشريعات همجية متخلفة شمولية. وصف محمد لغير أتباعه بصفة الفسق لأكثرهم هو وصف افترائي للتهجم والتعميم ونشر البغض والإرهاب.

 

 

4 النساء

 

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50)}

 

قال الطبري:

 

9733 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يُظلمون فتيلا"، وهم أعداء الله اليهود، زكوا أنفسهم بأمر لم يبلغوه، فقالوا:"نحن أبناء الله وأحِبّاؤه". وقالوا:"لا ذنوب لنا".

9734 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"، قال: هم اليهود والنصارى، قالوا:"نحن أبناء الله وأحباؤه". وقالوا:"لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى".

9735 - وحدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك قال: قالت يهود:"ليست لنا ذنوب إلا كذنوب أولادنا يوم يولدون! فإن كانت لهم ذنوب فإنّ لنا ذنوبًا! فإنما نحن مثلهم"! قال الله تعالى ذكره: (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا)

...9737 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل لله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا"، نزلت في اليهود، قالوا:"إنا نعلم أبناءنا التوراة صغارًا، فلا تكون لهم ذنوب، وذنوبنا مثل ذنوب أبنائنا، ما عملنا بالنهار كُفَّر عنا بالليل".

هذا على أساس أن المسلمين لا يُزكّون أنفسهم مثل اليهود والمسيحيين المتدينين من المتكبرين منهم، بزعم المسلمين أنهم {كنتم خير أمة أخرجت للناس} وأحاديث التكبر والتعالي التي سأعرضها في باب التعاليم العنصرية ضد أهل الكتاب، وفي باب تعاليم العنف. وأنهم لا ينسبون لمحمد في أحاديث صحيحة (أنا خير ولد آدم ولا فخر) و(أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة) وأحاديث الشفاعة المعظّمة لشأن محمد فوق باقي البشر وغيرها مما سنعرضه بباب (هل هو خير البشر حقًّا).

 

وقال الطبري:

 

وقال آخرون: بل تزكيتهم أنفسهم، كانت قولهم:"إن أبناءنا سيشفعون لنا ويزكوننا".

*ذكر من قال ذلك:

9743 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"، وذلك أن اليهود قالوا:"إن أبناءنا قد تُوُفُّوا، وهم لنا قربة عند الله، وسيشفعون ويزكوننا"! فقال الله لمحمد:"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" إلى"ولا يظلمون فتيلا".

 

هذا على أساس أنه لا وجود لنفس العقيدة في أحاديث محمد، الحديث عند أحمد ومسلم، واللفظ برواية البخاري:

 

1248 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنَ النَّاسِ مِنْ مُسْلِمٍ يُتَوَفَّى لَهُ ثَلَاثٌ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ

 

101 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَتْ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنْ النَّارِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ وَاثْنَتَيْنِ فَقَالَ وَاثْنَتَيْنِ.

 

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)}

 

قال ابن هشام في السيرة:

 

...إنه كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود، منهم: سَلام بن أبي الحُقَيق النَّضَري وحُيىُّ بن أخْطَب النَّضَري، وكِنانة بن أبي الحُقيْق النَّضَرى، وهَوْذة بن قَيْس الوَائِلي، وأبو عمار الوائلي، في نفر من بني النَّضِير، ونفر من بني وائل، وهم الذين حَزَّبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرجوا حتى قَدِموا على قريش مكة، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: انا سنكون معكم عليه، حتى نستأصلَه. فقالت لهم قريش: يا معشرَ يهود، إنكم أهلُ الكتابِ الأولِ والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خيرٌ أم دينُه؟ قالو: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه. فهم الذين أنزل الله تعالى فيهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا. أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ الله وَمَنْ يَلْعَنْ الله فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} .. إلى قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ الله مِنْ فَضْلِهِ}: أي النبوة، {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا، فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} [النساء: 52 - 55].

قال: فلما قالوا ذلك لقريش، سرهم ونَشَطوا لما دعوهم اليه، من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا لذلك واتَّعدوا له؛ ثم خرج أولئك النفر من يهود، حتى جاءوا غَطَفان من قَيْس عيلان، فدعَوْهم إلى حربِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه، وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك، فاجتمعوا معهم فيه.

 

وقال الطبري في التفسير:

 

9786 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة، قالت له قريش: أنت حَبْر أهل المدينة وسيدهم؟ قال: نعم. قالوا: ألا ترى إلى هذا الصُّنبور المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج وأهل السِّدانة وأهل السِّقاية؟ قال: أنتم خير منه. قال: فأنزلت: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) [سورة الكوثر: 3] ، وأنزلت:"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت" إلى قوله:"فلن تجد له نصيرًا".

 

(1) "الصنبور": سفعات تنبت في جذع النخلة، غير مستأرضة في الأرض. ثم قالوا للرجل الفرد الضعيف الذليل الذي لا أهل له ولا عقب ولا ناصر"صنبور". فأراد هؤلاء الكفار من قريش أن محمدًا صلى الله عليه وسلم، بأبي هو وأمي، صنبور نبت في جذع نخلة، فإذا قلع انقطع: فكذلك هو إذا مات، فلا عقب له. و"المنبتر" و"الأبتر": المنقطع الذي لا عقب له. زعم الرواية أن سبب صياغة سورة الكوثر هو هذا يكذِّبه كونها مكية نزلت لأجل حادثة أخرى قيل فيها نفس الكلام تقريبًا عن عدم عيش أولاد محمد الذكور.

 

9788 - وحدثني إسحاق بن شاهين قال، أخبرنا خالد الواسطي، عن داود، عن عكرمة قال: قدم كعب بن الأشرف مكة، فقال له المشركون: احكم بيننا، وبين هذا الصنبور الأبتر، فأنت سيدنا وسيد قومك! فقال كعب: أنتم والله خيرٌ منه! فأنزل الله تبارك وتعالى:"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب"، إلى آخر الآية.

 

9791 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: نزلت في كعب بن الأشرف وكفار قريش، قال: كفار قريش أهدى من محمد! "عليه السلام" = قال ابن جريج: قدم كعب بن الأشرف، فجاءته قريش فسألته عن محمد، فصغَّر أمره ويسَّره، وأخبرهم أنه ضالٌّ. قال: ثم قالوا له: ننشدك الله، نحن أهدى أم هو؟ فإنك قد علمت أنا ننحر الكُوم، ونسقي الحجيج، ونعمر البيت، ونطعم ما هبَّت الريح؟ قال: أنتم أهدى.

 

وقال آخرون: بل هذه الصفة، صفة جماعة من اليهود، منهم: حُيَيّ بن أخطب، وهم الذين قالوا للمشركين ما أخبر الله عنهم أنهم قالوه لهم.

 

ذكر الأخبار بذلك:

9792 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن قاله قال، أخبرني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان الذين حَزَّبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة: حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق أبو رافع، والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق، وأبو عمار،  ووَحْوَح بن عامر، وهوذة بن قيس، فأما وحوح وأبو عمار وهوذة، فمن بني وائل، وكان سائرهم من بني النضير، فلما قدموا على قريش قالوا: هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتب الأوَل، فاسألوهم: أدينكم خير أم دين محمد؟ فسألوهم، فقالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أهدى منه وممن اتبعه! فأنزل الله فيهم:"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت"، إلى قوله: "وآتيناهم ملكًا عظيمًا".

 

9793 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت"، الآية، قال: ذُكر لنا أن هذه الآية أنزلت في كعب بن الأشرف، وحيي بن أخطب، ورجلين من اليهود من بني النضير، لقيا قريشًا بمَوْسم، فقال لهم المشركون: أنحن أهدى أم محمد وأصحابه؟ فإنا أهل السِّدانة والسقاية، وأهل الحرم؟ فقالا لا بل أنتم أهدى من محمد وأصحابه! وهما يعلمان أنهما كاذبان، إنما حملهما على ذلك حَسَد محمد وأصحابه.

 

حسب الرواية التي تذكر كعب بن الأشرف فلا يكون سبب الصياغة مرتبطًا بموقعة الخندق- الأحزاب، لأنه قُتِل اغتيالًا لأجل شعره بأمر محمد بعد زيارته لمكة بعد هزيمة قريش في موقعة بدر، بعض الروايات قالت أن هذا حدث في موسم تجاري فقط. لأجل حادثة واحدة عارضة قام بها بعض اليهود، ربما من عوامهم وسفهائهم، لا تمثّل رأيًا رسميًّا لكل يهود العالم، قام محمد بتشويه صورة كل اليهود، وربما والمسيحيين معهم، فالقارئ العاميّ المسلم غير المتخصص لا يفهم سبب النزول ولا معاني الكلام، كل ما يفهمه أنه محرَّض ومأمور بكره الكتابيين والعنصرية ضدهم وتحقيرهم لأسباب خرافية يتم إقناعه بها، تاريخ المسلمين القديم معظمه الإجرام والانحطاط في فتوحاتهم لنهب واستعباد البشر من الشعوب الأخرى، أو حروبهم مع بعضهم منذ عصر عثمان نزاعًا على الحكم و الخلافة قاتلين لبعضهم البعض، واليوم كثيرون منهم يقومون بإرهاب لا شك فيه، لا أتحدث عن دفاع مشروع للفلسطينيين ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي المستمرين في التوسع وأخذ وابتلاع فلسطين العربية حتى ابتلعوها بالكامل تقريبًا عدا الضفة وغزة، بل أتحدث عن قتل الأطفال والنساء والمدنيين في أعمال إرهابية، سواء ضد من يعتبر عدوًّا لهم كإسرائيل وأمِركا، أو ضد دول مسالمة مناصرة لنا وتأوي ملايين العرب والمغاربيين من المغرب وتونس كفرانس العظيمة التي أعطت الجنسية لكثيرين من العرب، وقتل هؤلاء المدنين في ساحة إستاد كرة في مباراة هامة كان لمجرد حق رسّامين وكتّاب في التعبير عن آرائهم النقدية للإسلام. المسلمون المعتدلون يقولون لك حينئذٍ: لكن هؤلاء لا يمثّلون الإسلام، هذه أفعال فردية، حقًّا؟! أليس هذا نتاج الفكر القرآني المحمدي الإرهابي؟! ولما إذن كان محمد يتصيَّد مواقف معينة ويحرّفها كما شاء ليعمّمها كتشويه لصورة الجميع. ربما بعد كل شيء كان اليهود محقّين بنظرة ربينية أو إنسانية على السواء، النظرة الإنسانية ستقول أن الوثنية العربية لم تأمر بالعنف والإرهاب وقريش كانوا مسالمين عمومًا يكرمون الضيوف والحجّاج وليس يقتلون عابري السبيل والقوافل كمحمد ويقطعون الطريق، والأحبار كثير منهم كان نبذ تعاليم التوراة العنيفة، بدليل تعايش اليهود التامّ واندماجهم للغاية في يثرب واليمن، والنظرة الربينية Rabbinical الدينية قد ترى أن التحول من الوثنية إلى اليهودية التي اعتقدوا أنها هي الصحيحة وحدها أسهل من التحول من ديانة مزيّفة بنظرهم تقتبس وتتشبه باليهودية مع تعاليم رأوها ضالّة بالتأكيد.

 

 

19 مسلمًا إرهابيًّا يقتلون 3 آلاف أمِرِكيّ.....ردهم: لا يمكنك الحكم على كل لمسلمين بأفعال متطرفين قلائل.

 

مبشّر مسيحي واحد يهدد بحرق القرآن......رد فعلهم: الموت لأمركا!!

 

تعديلك الدستوري الأول يسيء إليَّ.

ماذا عن صلب مسيحيين وإطلاق النار على رسامي الكاريكاتير والقتل لأجل "الشرف"

وجلد ضحايا  الاغتصاب وإلقاء المثليين جنسيًّا من أعلى المباني؟!

همم...ليس كثيرًا جدًّا.

                                                                                                     

 

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152) يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159) فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160)}

تشويه لصورة اليهود بأساليب خرافية وغير منطقية، زعم محمد أنه نبي لم يثبته بأي دليل حقيقي، لكي يبني عليه زعمه بأنهم يفرقون بين الرسل الخرافيين، ولا هو أثبت خرافة الرسل بدليل حقيقي، يعتقد اليهود بوجود عهد وميثاق هو الشريعة اليهودية بينهم وبين الله، لكن العهد خرافة والله خرافة، ولم يثبتهما محمد بدليل، ولا أثبت أن من ضمن العهد الخرافي ما زعمه من وجوب اتباعه، أما ذكره نقص العهد كذنب وخطيئة فهذا وهم وخرافة فلا عهد من الأصل ولا أوهام، وتحميله ليهود زمنه خطيئة حقيقة أو خرافة قتل بعض مدعي النبوات هؤلاء لا يتفق مع مفهوم العدالة الذي ينص على أنه لا أحد يتحمل نتائج وعقبات خطايا آخر من أجداده أو غيره، وهو نفسه نص في نصوص قرآنية على ذلك كما أسلفنا القول، واعتباره أنه لأجل هذه الأسباب الخرافية جاءت تحريمات وتابوهات الطعام اليهودية هو تفسير خرافي، وشرحت هذه المسألة في الباب الثاني (الأخطاء التأريخية والعلمأديانية)، ونتفق مع اليهود في أن يسوع هو ابن مريم ورجل آخر، يوسف أو غيره، ولا نعتبر من وجهة نظرنا على عكس الدينيين التقلديين الشرقيين أن في هذا عارًا ما، فالحرية الجنسية عند اللادينين الأصيلين في الشرق ومعظم الغربيين اليوم مسيحيين وملحدين لادينيين لا مشكلة فيها وهي سلوك عادي طبيعي، والمنطق يقول فعلا أن أي إنسان هو نتاج تزواج ذكر وأنثى من البشر، هذه أفكار الإنسان العاقل، أما خرافة رفع المسيح وإلقاء الشبه على آخر فعرضت أصلها الغنوسي في كتاب (أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية والهرطقات)، نعم إن قتل إنسان دون جريرة قتله لنفس أو خيانة وطنه كانت جريمة يهودية ليهود الماضي، لأنهم سمحوا وحرّضوا الروم على قتل رجل لمجرد اختلاف أفكاره عنهم ودعوته ونشاطه الديني الجديد المخالف، هذا ضد مفاهيمنا الليبرالية عن حرية الدعوة والتعبير، قال قاسم أمين: (الحرية الحقيقية تحتمل إبداء كل رأي ونشر كل فكر ومذهب). هذا ملخص جيد لمفهومنا العلماني، وبعدُ، فإن مقتل يسوع أو يشوع حقيقة أجمع عليها طرفان متعارضان نقيضان متضادان في الزمن القديم هم اليهود والمسيحيون مما يؤكد صحة وقوعها كحدث، وليس أي رواية بديلة خرافية كرفعه إلى السماء وإنقاذه وتشبيه شبهه على شخص آخر، خرافة المسيحية كذلك عن قيامته من قبره وأنه إله بالتأكيد خرافة هي الأخرى. كل القصص العجائبية المسيحية والغنوسية والإسلامية عن يسوع ابن مريم هي خرافات.

 

{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)}

 

يقال دومًا أن أبخل وأجشع بشر هم اليهود، إحدى روايات شكسبير كذلك (تاجر البندقية) صورتهم كذلك، حتى بِل ماهر الأمركي الملحد وصف قسًّا في برنامج له أنه يجمع المال كاليهود، لكني لم أتعامل معهم لأرى حقيقة الأمر، لكني وجدت الجشع الرهيب القذر في أصحاب الأعمال المسلمين هنا في الشرق الأوسط كعامل بسيط مضطرًا ومنه أكلهم لأموال وحقوق ومرتبات العمال والموظفين بالباطل بسرقة مباشرة. محمد هنا عمّم صورة سيئة على كل اليهود كأتباع ديانة، وهذا بالتأكيد غير صحيح. ربما يكون بعض اليهود فقط تجارًا ناجحين ومخرجين سينمائيين ومصممي أزياء وأصحاب سلاسل إعلامية متميزين ناجحين.

 

59 الحشر

 

{أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14)}

 

يتعلق هذا النص كما قلت في الجزء الأول بعبد الله بن أبي بن سلول، وعرضت القصة من كتابي السيرة ابن هشام والواقدي، وهي تكشف ولاء الرجل ومن معه لليهود ومحاولته مساعدتهم لولا أنه لم يجد قوة تمكنه من ذلك، ما الذي دفعه لذلك؟ إن أسلم تظاهرًا فقط لحماية حياته، وكان بخدعته حافظ على شعبيته، ولذلك لم يتمكن محمد من قتله لصعوبة ذلك فلو قام به لربما فشلت دعوته هو وانتهى مشروعه وقامت حرب أهلية في يثرب، فهذه كانت حكمة من محمد، والسبب الآخر كون كثير من قبائل اليهود كانوا قبل محمد حلفاء للخزرج وكان عبد الله بن أبي بن سلول يشعر بمشاعر وود لهم لأنهم كانوا مناصرين ومخلصين للخزرج دومًا. الزمن أثبت وجود كثير من الشجعان من المسيحيين واليهود، فمنهم من حرّر بلاده في إسبانيا من الاحتلال العربي الإسلامي الغاشم الذي جثم على بلادهم لقرون من العدوان والنهب والاحتلال ومحاولات التعريب، بل إن المعتدين متجاوزي الحد منهم كفرانس وإنجلاند (بريطانيا، بْرِتِنْ) وإيتالي (إيطاليا) وهولاند والبرتجال احتلوا بلدان الشرق وأفريقيا لفترات، ويهود العالم في إسرائيل حقّقوا رغبتهم في الاستيلاء على كل فلسطين تقريبًا رغم أنوف كل العرب والمسلمين، وفي كتاب (الاعتبار) لأسامة بن منقذ مثلًا اعترف بشجاعة الصليبيين المتعصبين في العصور الوسطى أيام احتلال فلسطين منهم رغم ذكره لجهلهم وجفاء أخلاقهم وهمجيتهم وتعصبهم. المسلمون مخدوعون بنصوص القرآن التي تخدر عقولهم، عائشين في الكسل، لذلك يتلقون الصفعة والهزيمة تلو الأخرى، لأنهم وضعوا هذه التصورات التشويهية لصورة أهل الأديان والبلدان الأخرى في أذهانهم كقادة خاطئة، ويفاجؤون دومًا بشجاعة هؤلاء في الدفاع عن مصالحهم. سأتفق مع محمد هنا فقط على صحة زعمه أن المنافقين جبناء وأخسّاءفي معظمهم، لأني رأيت في مجتمع مصر المتعصب حالات لمنافقين ملحدين متظاهرين بالإسلام، هؤلاء أغلبهم من الملتزمين بييع حقوقهم في حرية التعبير والعقيدة والحياة وأسلوبها كانوا حينما تتعامل معهم تجدهم ناسًا بلا مبادئ تقريبًا وذوي ازدواجية في القيم وعيوب عديدة، لم أجد عيبًا كهذا في الملحدين الإنسانيين الأشجع ممن يواجهون ويعبرون عن رأيهم ويتحملون أغلى الأثمان رخيصة في تقديرهم لأجل حريتهم وحقهم في اختيار طريق حياتهم وحريتهم في التعبير ونمط الحياة. قد يضطر الملحد الشجاع للنفاق في مجتمع كهذا رغمًا عنه ليعيش يومًا آخر لأجل الكفاح الإلحادي والكتابة والتفكير وتقديم البرامج وخلافه، لكنه لا يرضى بالنفاق وإيطاء الرأس للشموليين، بل فقط يفعل هذا على مضض وليس على طول الخط ولا يبيع مبادءه، ويعمل كديكارت وﭬولتير ومثلهما دينيس ديدرو أحيانًا وغيرهم على التخفي حتى يكسب الحرب الفكرية الكبرى بإتمامه ما يريد تقديمه للجزء الذي يعيش فيه من العالم، ربما نخسر معركة في حرية التعبير واختيار أسلوب الحياة في عصرنا، لكن علينا نشر التنوير والتحرير لنسمو بعقول الناس ممن لا يزالون يقرؤون.

 

33 الأحزاب

 

{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)}

 

بالتأكيد هم لم يقولوا ذلك، لأنهم في حقيقة أمرهم مجبورين على التظاهر بالإسلام، وهم لم يعتقدوا بإله الإسلام ولا بمحمد كرسول كما زعم.

 

9 التوبة

 

راجع سورة التوبة في باب (تعاليم العنف)، ونقد {وقالت اليهود عزير بن الله} في الأخطاء العلمأديانية.

دراسة لتشويه صورة الآخرين في الأحاديث

 

 

ترويج الكراهية بين بني البشر لأسباب وهمية خرافية

 

روى البخاري:

 

427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

 

434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنْ الصُّوَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمْ الْعَبْدُ الصَّالِحُ أَوْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ.

  

435 و 436 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَا لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا

 

3460 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا تَابَعَهُ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

2223 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا


2236 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ فَقَالَ لَا هُوَ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

وروى أحمد:

 

14953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ: " أَفَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانُوا، وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَبَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، أَنْتُمْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ، قَتَلْتُمْ أَنْبِيَاءَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَبْتُمْ عَلَى اللهِ، وَلَيْسَ يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ، قَدْ خَرَصْتُ عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلِي، فَقَالَوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، قَدْ أَخَذْنَا، فَاخْرُجُوا عَنَّا

 

إسناده قوي على شرط مسلم، محمد بن سابق صدوق لا بأس به، وأبو الزبير قد صرح بسماعه من جابر فيما سلف برقم (14161) . وأخرجه أبو داود (3414) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/247، والدارقطني 2/133-134، والبيهقي 4/123 من طريق محمد بن سابق، بهذا الإسناد- ورواية الطحاوي مختصرة. وأخرجه الطحاوي 2/38-39 و3/247 من طريق أبي عون الزيادي، عن إبراهيم بن طهمان، به. والموضع الثاني مختصر ليس فيه قول ابن رواحة.

 

بدلًا من نشر مفهوم الأخوة الإنسانية، تروج نصوص الإسلام للكره والبغض بين البشر لأسباب واهية وهمية. المسلمون اعتبروا الحبشة الذين آووهم وحموهم واستضافوهم بعداء وبغضاء! هذا يجعلنا نفهم طبيعة العقلية الإسلامية المتطرفة التي لا يعرف الإخاء الإنساني ولا العطف والإحسان طريقًا لتنوير نفوسها وعقولها المظلمة الكارهة، روى البخاري:

4230 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالْآخَرُ أَبُو رُهْمٍ إِمَّا قَالَ بِضْعٌ وَإِمَّا قَالَ فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي فَرَكِبْنَا سَفِينَةً فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَكَانَ أُنَاسٌ مِنْ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا يَعْنِي لِأَهْلِ السَّفِينَةِ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَةً وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ مَنْ هَذِهِ قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ قَالَ عُمَرُ الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ قَالَتْ أَسْمَاءُ نَعَمْ قَالَ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكُمْ فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ كَلَّا وَاللَّهِ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ وَكُنَّا فِي دَارِ أَوْ فِي أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُهُ وَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَمَا قُلْتِ لَهُ قَالَتْ قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا قَالَ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ قَالَتْ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالًا يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَا مِنْ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بُرْدَةَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّي

 

ورواه مسلم 2503

 

استعمال كلمة قس وقسيسين على أنها شتيمة!

 

روى أحمد:

 

* 17711 - حَدَّثَنَا هَارُونُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ زِيَادٍ الْحَضْرَمِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ، حَدَّثَهُ: أَنَّهُ، مَرَّ وَصَاحِبٌ لَهُ بِأَيْمَنَ وَفِتيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ حَلُّوا أُزُرَهُمْ ، فَجَعَلُوهَا مَخَارِيقَ يَجْتَلِدُونَ بِهَا، وَهُمْ عُرَاةٌ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَمَّا مَرَرْنَا بِهِمْ قَالُوا: إِنَّ هَؤُلَاءِ قِسِّيسِينَ (1) فَدَعُوهُمْ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ تَبَدَّدُوا ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُغْضَبًا، حَتَّى دَخَلَ وَكُنْتُ أَنَا وَرَاءَ الْحُجْرَةِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " سُبْحَانَ اللهِ، لَا مِنَ اللهِ اسْتَحْيَوْا، وَلَا مِنْ رَسُولِهِ اسْتَتَرُوا "، وَأُمُّ أَيْمَنَ عِنْدَهُ تَقُولُ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ عَبْدُ اللهِ: " فَبِلَأْيٍ مَا اسْتَغْفَرَ لَهُمْ "، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ

 

(1) كذا في سائر الأصول الخطية و"مسند" أبي يعلى، وعلى هذه الرواية شرح السندي كما سيأتي، وفي (م) و"فتوح مصر" و"شُعب الإيمان": قسيسون، وهو الجادة.

 

إسناده صحيح. هارون: هو ابن معروف المروزي، وعمرو: هو ابن الحارث بن يعقوب المصري. وأخرجه-أبو يعلى (1540) ، عن هارون، بهذا الإسناد. وفى آخره: قال عبد الله: فبأبي ما استغفر لهم. وأخرجه البيهقي في "شعب الايمان" (7763) من طريق بحر بن نصر، عن ابن وهب، به. وعنده: فلا والله ما استغفر لهم. وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص301، والبزار (2029- كشف الأستار) من طريق ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد، به. وقال في آخره: غفر الله له.

قال السندي: قوله: "وصاحبٌ له"، أي: مرَّ هو وصاحب له، ففيه العطف على الضمير المرفوع المتصل بلا فصل ولا توكيد. "مخاريق" جمع مخراق، وهو ثوب يُلف ويَضرب به الصبيانُ بعضهم بعضاً. "قسيسين" بكسر قاف وتشديد سين مكسورة، والقسيس: هو العالم في لغة الروم، والظاهر قسيسون بالواو رفعاً، إلا أن يقال التقدير: إنهم على فعلهم، أو على حالهم، فهو على تقدير المضاف ثم إبقاء المضاف إليه بعد حذف المضاف على الجر. "تبددوا"، أي: تفرقوا. "فبلأيِ" بفتح اللام بعدها همزة ساكنة وبعدها ياء، والباء جارة، أي: بعد مشقة وجهد وإبطاء.

 

 

يوجد خطأ لغوي ثابت في معظم أصول مسند أحمد هو نصب خبر إن بدل رفعها! "إن هؤلاء قسيسين"، إنه لمشكوكٌ فيه بدرجة كبيرة أن عربيًّا من القدماء الأوائل بما فيهم محمد كان سيرتكب غلطة في أساسيات اللغة البسيطة كهذه، قبل عصر الفتوحات وحصول النسل المختلط مع الشعوب (الموَلَّدين) مرتكبي الأخطاء النحوية والصرفية (اللحن في اللغة). ربما يخبرنا هذا أن الحديث على صحة إسناده وجماله وروعته ملفَّق غالبًا، لم يكن عنصر الثقافة الإسلامية قد اكتمل ليصف بعنصرية الناس بأنهم قسيسون كشتيمة، محمد لم يتعامل مع المسيحيين بحكم كونه في يثرب سوى قليلًا، كمصادر له مثلًا للأساطير، لكن لم يكن هناك كثيرون منهم في مكة ويثرب بحيث يحدث احتكاك كبير مع المسلمين الأوائل. الاحتكاك الحقيقي حدث بفتح مصر والشام في عصر الخلفاء الأربعة الأوائل والتعامل مع هذين الشعبين في عصر الأمويين والعباسيين مما ولد كراهيات دينية متبادلة مؤسسة على أسس نصية قرآنية قوية. تحدثت أكثر عن هذه الغلطة النحوية بباب الأخطاء النحوية.

 

كلام عنصري ضد قبائل مسيحية وعربية وثنية آنذاك مما قاله محمد ونسب له

 

روى أحمد:

(19445و19446) 19675- حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الأَزْدِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ يَوْمًا خَيْلاً وَعِنْدَهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَا أَفْرَسُ بِالْخَيْلِ مِنْكَ ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ : وَأَنَا أَفْرَسُ بِالرِّجَالِ مِنْكَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَكَيْفَ ذَاكَ ؟ قَالَ : خَيْرُ الرِّجَالِ رِجَالٌ يَحْمِلُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ جَاعِلِينَ رِمَاحَهُمْ عَلَى مَنَاسِجِ خُيُولِهِمْ ، لاَبِسُو الْبُرُودِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَبْتَ بَلْ خَيْرُ الرِّجَالِ رِجَالُ أَهْلِ الْيَمَنِ ، وَالإِيمَانُ يَمَانٍ إِلَى لَخْمٍ وَجُذَامَ وَعَامِلَةَ ، وَمَأْكُولُ حِمْيَرَ خَيْرٌ مِنْ آكِلِهَا ، وَحَضْرَمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ ، وَقَبِيلَةٌ خَيْرٌ مِنْ قَبِيلَةٍ ، وَقَبِيلَةٌ شَرٌّ مِنْ قَبِيلَةٍ ، وَاللَّهِ مَا أُبَالِي أَنْ يَهْلِكَ الْحَارِثَانِ كِلاَهُمَا ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُلُوكَ الأَرْبَعَةَ : جَمَدَاءَ ، وَمِخْوَسَاءَ ، وَمِشْرَخَاءَ ، وَأَبْضَعَةَ ، وَأُخْتَهُمُ الْعَمَرَّدَةَ ثُمَّ قَالَ : أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أَلْعَنَ قُرَيْشًا مَرَّتَيْنِ ، فَلَعَنْتُهُمْ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ ، فَصَلَّيْتُ عَلَيْهِمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ : عُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، غَيْرَ قَيْسٍ وَجَعْدَةَ وَعُصَيَّةَ ثُمَّ قَالَ : لأَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَأَخْلاَطُهُمْ مِنْ جُهَيْنَةَ خَيْرٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ وَتَمِيمٍ وَغَطَفَانَ وَهَوَازِنَ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ : شَرُّ قَبِيلَتَيْنِ فِي الْعَرَبِ نَجْرَانُ ، وَبَنُو تَغْلِبَ ، وَأَكْثَرُ الْقَبَائِلِ فِي الْجَنَّةِ مَذْحِجٌ وَمَأْكُولُ.

قَالَ : قَالَ أَبُو الْمُغِيرَةِ : قَالَ صَفْوَانُ : حِمْيَرَ حِمْيَرَ خَيْرٌ مِنْ آكِلِهَا قَالَ : مَنْ مَضَى خَيْرٌ مِمَّنْ بَقِيَ. (4/387)

 

إسناده صحيح. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وصفوان بن عمرو: هو السكسكي وهو عند المصنف في "فضائل الصحابة" (1650) بهذا الإسناد. وأخرجه بتمامه الطبراني في "مسند الشاميين " (969) من طريقين عن أبي المغيرة، به، ولم يرد عنده استثناء قيس وجعدة وعصية. وأخرجه مختصرا ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2269) و (2282) مفرقا، والنسائي في "الكبرى" (8351) من طريق أبي المغيرة به. وأخرجه مختصرا جدا الطبراني في "مسند الشاميين" (2040) من طريق عافية ابن أيوب المصري، والحاكم 4/81 من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن معاوية بن صالح- وهو ابن حدير- عن شريح بن عبيد، عن عبد الرحمن بن عائذ، به. قال الحاكم: هذا حديث غريب المتن صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وسقط اسم شريح بن عبيد من مطبوع "مستدرك" الحاكم، و"تلخيص" الذهبي. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/248-249 مختصرا، وابن أبي عاصم (2270) و (2283) مفرقا مختصرا، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/327-328 مطولا، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (804) من طريق عبد الله بن يوسف- وهو التنيسي الكلاعي الحمصي- عن يحيى بن حمزة- وهو ابن واقد الدمشقي- عن أبي حمزة العنسي- وهو عيسى بن سليم الحمصي الرستني- عن عبد الرحمن بن جبير- وهو ابن نفير الحضرمي الحمصي- (وتحرف اسمه في مطبوع "المعرفة والتاريخ" إلى عبد الله) وراشد ابن سعد المقرئي وشبيب الكلاعي- وهو ابن نعيم أبو روح الحمصي- عن جبير بن نفير- عن عمرو بن عبسة، به. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير راشد بن سعد المقرئي، فمن رجال أصحاب السنن، وروى له البخاري في "الأدب المفرد"، وهو ثقة، وشبيب الكلاعي، فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو ثقة. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/43، وقال: رواه أحمد متصلا ومرسلا، والطبراني، وسمى الثاني (كذا في طبعة القدسي، وفي طبعة دار الفكر: وسمى الساقط) بسر بن عبيد الله، ورجال الجميع ثقات. قلنا: إنما رواه أحمد بإسناد متصل، وبإسناد فيه رجل مبهم، وهو الذي سيرد برقم (19450) من طريق حسن بن موسى، عن زهير بن معاوية، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن رجل عن عمرو بن عبسة، ويأتي الكلام عليه في موضعه. وأورده الهيثمي كذلك 1/43-44، مطولا، وقال: رواه الطبراني عن شيخه بكر بن سهل الدمياطي، قال الذهبي: حمل عنه الناس، وهو مقارب الحال، وقال النسائي: ضعيف، وبقية رجاله رجال الصحيح، وقد رواه بنحوه بإسناد جيد عن شيخين آخرين. وسلف منه قوله: "شر قبيلتين في العرب نجران وبنو تغلب" برقم (19442) وإسناده حسن. وفي الباب في قوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض يوما خيلا... إلى قوله: لعن الله الملوك الأربعة... وأختهم العمردة، عن معاذ بن جبل عند الطبراني في "الكبير" 20/ (192) من طريق خالد بن معدان، عنه، ولم يسمع منه، ولفظ معاذ فيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا يعرض الخيل... وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/44، وقال: رواه الطبراني، ورجاله ثقات إلا أن خالد بن معدان لم يسمع من معاذ. وفي الباب في قوله: "الإيمان يمان" عن أبي هريرة سلف برقم (7202) لإسناده صحيح على شرط الشيخين، وأحاديث الباب فيه مذكورة عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 4/259-261. وبسطنا شرحه في حديث أبي هريرة المشار إليه. وفي الباب في قوله: "عصية عصت الله ورسوله" عن ابن عمر سلف برقم (4702) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وذكرنا أحاديث الباب هناك. وفي الباب في قوله: "أسلم وغفار ومزينة وأخلاطهم من جهينة خير من بني أسد وتميم وغطفان وهوازن عند الله عز وجل يوم القيامة" عن أبي هريرة سلف برقم (7150) بلفظ: "لأسلم وغفار وشيء من مزينة وجهينة- أو: شيء من جهينة ومزينة-، خير عند الله- قال: أحسبه قال: يوم القيامة- من أسد وغطفان وهوازن وتميم" وهو عند البخاري (3523) ، ومسلم (2521) . وعن أبي بكرة الثقفي، سيأتي 5/36، ولفظه: "أرأيتم إن كان جهينة وأسلم وغفار ومزينة خيرا عند الله من بني أسد، ومن بني تميم، ومن بني عبد الله بن غطفان، ومن بني عامر بن صعصعة؟" فقال رجل: قد خابوا وخسروا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم خير من بني تميم، ومن بني عامر بن صعصعة، ومن بني أسد، ومن بني عبد الله بن غطفان". وأخرجه البخاري (3515) و (3516) و (6635) ، ومسلم (2522) (193) و (194) و (195) . وفي بعض رواياته أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك بعد أن قال له الأقرع بن حابس التميمي: إنما بايعك سراق الحجيج. وذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/45 بسياقة أخرى، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قاله وعنده عيينة بن حصن الفزاري، قال الهيثمي: وفيه الحسن بن أبي جعفر. قلنا: وهو ضعيف. وعن أنس عند البزار (2814) (زوائد) مرفوعا بلفظ: "لأسلم وغفار ورجال من مزينة وجهينة خير من الحليفين غطفان وبني عامر بن صعصعة" فقال عيينة ابن حصن: والله لأن أكون في هؤلاء في النار- يعني غطفان وبني عامر- أحب إلي من أن أكون في هؤلاء في الجنة. أورده الهيثمي في "المجمع" 10/45، وقال: وفيه إبراهيم بن محمد بن جناح، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وعن أبي هريرة بلفظ: "قريش، والأنصار، وجهينة، ومزينة، وأسلم، وغفار، وأشجع موالي، ليس لهم مولى دون الله ورسوله". سلف برقم (7904) ، وهو متفق عليه. وبنحو لفظ حديث أبي هريرة عن زيد بن خالد الجهني، وأبي أيوب الأنصاري، سيأتيان 5/193- 194 و417-418. وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (4702) بلفظ: "أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها".

 

والملوك الأربعة الذين لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ذكر ابن سعد في "الطبقات" 5/13 أنهم كانوا وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم مع الأشعث بن قيس، فأسلموا ورجعوا إلى بلادهم، ثم ارتدوا، فقتلوا يوم النجير، وإنما سموا ملوكا لأنه كان لكل واحد منهم واد يملكه بما فيه. قلنا: وذكرهم ابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" ص428. والنجير؛ ذكر ياقوت في "معجمه" أنه حصن باليمن قرب حضرموت منيع، لجأ إليه أهل الردة مع الأشعث بن قيس في أيام أبي بكر رضي الله عنه، فحاصره زياد بن لبيد البياضي حتى افتتحه عنوة، وقتل من فيه، وأسر الأشعث بن قيس، وذلك في سنة (12) للهجرة.

 

قال السندي: قوله: يعرض، من العرض.  أفرس: أكثر معرفة.  على مناسج خيولهم؛ جمع منسج بكسر الميم، وهو للفرس بمنزلة الكاهل للإنسان.  إلى لخم؛ بفتح فسكون معجمة: قبيلة من اليمن.  وجذام: بالضم قبيلة من اليمن. وعاملة: بكسر الميم، من قضاعة.  ومأكول حمير؛ أي: أمواتهم، فإنهم أكلتهم الأرض. خير من آكلها؛ أي: أحيائها.  وحضر موت: أي أهلها.  الحارثان: ظاهره أن المراد بهما حضرموت وبنو الحارث، فكأنه أطلق عليهما الحارثان تغلبيا، ولعل المراد ملوك كندة وحضرموت، والله تعالى أعلم.  جمدا؛ بفتح فسكون، أو بفتحتين، ففي القاموس: جمد بن معدي كرب من ملوك كندة، أو هو بالتحريك.  ومخوسا: ضبط بكسر فسكون، وكذا مشرحا، وأما أبضعة: فضبط بفتح فسكون، وهم إخوة، وأختهم العمردة ، ضبط بفتحات مع تشديد الراء.  قلنا: وعصية؛ قال الحافظ في "الفتح" 6/544: هم بطن من بني سليم ينسبون إلى عصية- بمهملتين مصغر- ابن خفاف- بضم المعجمة وفاءين مخفف- ابن امرىء القيس بن بهثة- بضم الموحدة وسكون الهاء بعدها مثلثة- ابن سليم-[بن منصور] قلنا: وذكر ابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" ص468 أنهم من بطون قبائل قيس عيلان بن مضر.

 

19442 - حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عثمان بن عبيد أبو دوس اليحصبي، حدثنا عبد الرحمن بن عائذ الثمالي، عن عمرو بن عبسة السلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " شر قبيلتين في العرب نجران وبنو تغلب "

 

صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عثمان بن عبيد، وهو أبو دوس اليحصبي الشامي، وبقية رجاله ثقات. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن حجاج الخولاني الحمصي. وأخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء" 1/170 من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولا يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/329 عن عبد الله بن يوسف التنيسي، عن يحيى بن حمزة، عن أبي حمزة- وهو عيسى ابن سليم الرستني الحمصي- عن عبد الرحمن بن جبير الحضرمي وراشد بن سعد المقرئي وشبيب الكلاعي، عن جبير بن نفير، عن عمرو بن عبسة، به. وهذا إسناد صحيح. (وتحرف اسم عبد الرحمن بن جبير في مطبوع "المعرفة والتاريخ " إلى عبد الله بن جبير) . وسيرد مطولا برقم (19445) .

 

وروى البخاري:

 

3515 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي أَسَدٍ وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَقَالَ رَجُلٌ خَابُوا وَخَسِرُوا فَقَالَ هُمْ خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَمِنْ بَنِي أَسَدٍ وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ


3516 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةَ ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ شَكَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَأَحْسِبُهُ وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي عَامِرٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ خَابُوا وَخَسِرُوا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَخَيْرٌ مِنْهُمْ

 

ورواه أحمد 20384 و20423 و20410 و20487 و20510 و20513 و7150 ومسلم 2522

 

وقال ابن أبي شيبة:

 

16449- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , عَنْ حَبِيبٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ قَالَ : سُئِلَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ نَصَارَى الْعَرَبِ هَلْ تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ : لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَلاَ طَعَامُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ.

 

16451- حَدَّثَنَا عَفَّانَ قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ قَالَ : كُلُوا ذَبَائِحَ بَنِي ثَعْلَبَةَ وَتَزَوَّجُوا نِسَاءَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْهُمْ إلاَّ بِالْوِلاَيَةِ لَكَانُوا مِنْهُمْ.

 

16452- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي مِعْشَرٍ , عَنْ إبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَرِهَ ذَبَائِحَ نَصَارَى الْعَرَبِ وَنِسَاءَهُمْ.

 

وروى عبد الرزاق:

 

8570 - عبد الرزاق قال اخبرنا معمر عن أيوب عن بن سيرين عن عبيدة السلماني أن عليا كان يكره ذبيحة نصارى بني تغلب ويقول انهم لا يتمسكون من النصرانية إلا بشرب الخمر

 

قلت في ج1 أن سبب لعن محمد لملوك حمير ومنهم مخوس هو أنهم أول من تركوا الإسلام المجبَرين عليه بالسيف في آخر حياة محمد، فهم أول حركة الردة المبكرة التي ستتنامى بعد موت محمد، وذكرت تفاصيل أكثر، وهنا نرى لعن محمد للقبائل المسيحية المعروفة تاريخيًّا بشدة الثبات على المسيحية كعقيدة وولاء لأنهم رفضوا اتباع دينه الذين يريد سوق الكل له بالإجبار والجزية والاضطهاد، وعندما درست ذات مرة كمراجع لغوي بدار نشر تاريخ أسر لبنانية مسيحية كان أغلبهم ينسبون أنفسهم لغسان أو تغلب. المفاضلة بين الناس تكون على أساس حسن الأخلاق الإنسانية العلمانية والتقدم والرقي، وليس بتمييز عنصري ديني طائفي كما في أحاديث محمد المفاضلة بين البشر. وتصل العنصرية إلى درجة تمني موت بعض القبائل والمدن (مأكول حمير خير من آكلها) و(ما أبالي أن يهلك الحارثان). وهو مناقض بالمناسبة بالنسبة لملوك حمير مع حديث أحمد:

 

(22335) 22691- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَوَقَفَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي اللَّيْلَةَ الْكَنْزَيْنِ : كَنْزَ فَارِسَ وَالرُّومِ ، وَأَمَدَّنِي بِالْمُلُوكِ مُلُوكِ حِمْيَرَ الأَحْمَرَيْنِ ، وَلاَ مَلِكَ إِلاَّ الِلَّهُ ، يَأْتُونَ يَأْخُذُونَ مِنْ مَالِ اللهِ ، وَيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَالَهَا ثَلاَثًا.(5/272).

 

إسناده ضعيف لجهالة أبي همام الشعباني، جهله الحسيني، وقال الهيثمي في "المجمع" 10/56: لم أعرفه . وهو في "مصنف" عبد الرزاق (19878) .

 

ربما للحديث مصداقية فلعله تفاءل بهم لما جاءه وفدهم، حتى فاجؤوه بعدم حبهم لدينه وخرافاته. ولم أورد هذا في باب التناقضات لأن حديث ملوك حمير ضعيف. لكن هناك مودة ومناصرة لليمنيين في نصوص أخرى كما روى البخاري:


3517 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ

 

7139 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا تُوثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ تَابَعَهُ نُعَيْمٌ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ

 

ترويج هذه الخرافة والوعد آنذاك كان لمعارضة الدولة الأموية وقد أثار غضب الأمويين ومعاوية الخليفة.

 

وقد وصلت الكراهية للمسيحيين أن بعض متطرفي المسلمين لم يكتفوا بعنصرية القرآن، بل تزيدوا عليها، فالقرآن سمح بالزواج من الكتابيات والأكل مع رجالهم ونسائهم كإخوة في الإنسانية، وبعضهم إلى اليوم وكثيرون جدًّا في مصر بصورة غريبة لا يقبلون بالأكل معهم أو الشرب مما شربوا منه من ماء، بعنصرية حقيرة تافهة عنجهية، وقد حاول أحدهم لما علم بإلحادي أن يمارس ذلك معي، لكن رد فعلي الثائر للكرامة بعنف لدرجة خلع حذائي له ربما ما جعله لاحقًا يتغير ويصير صديقًا مسلمًا عزيزًا عليَّ! رغم تفرقنا في الأعمال لا نزال نسلم على بعض بالموبايل. لا يزال التقليد العنصري باستنجاس غير المسلمين وخاصة الكتابيين ممارسًا بضراروة ووساخة عنصرية نتنة خاصة من الناس الأكثر جهلًا في مصر من ذوي الأصول الريفية، حالة القاهرة أحيانًا تكون أقل حدة.

 

أما بنو عامر بن صعصعة ففي حدود علمي قام محمد كما ذكرت في ج1 من الأحاديث بالهجوم على ناس مسلمين منهم لعدم معرفته بإسلام معظمهم ومن بطونهم بنو قشير وبنو عبد الله بن كعب وقد هاجمهم محمد عدوانًا ابتداءً.

 

آلهة الآخرين جن وجنيات وشياطين حسب التراث الإسلامي

 

{إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118)} النساء

 

{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223)} الشعراء

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41)} سبأ

 

{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} الأنعام

 

{فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)} الأعراف

 

روى عبد الله بن أحمد:

 

• 21231 - حدثنا عبد الله، حدثنا هدية بن عبد الوهاب، ومحمود بن غيلان، قالا: حدثنا الفضل بن موسى، أخبرنا حسين بن واقد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب: {إن يدعون من دونه إلا إناثا} [النساء: 117] قال: "مع كل صنم جنية"

 

إسناده حسن. وأخرجه الضياء في "المختارة" (1157) من طريق عبد الله بن أحمد، بهذا الإسناد.

 

قال السندي: قوله: "جنية" أي: امرأة من الجن، فلذلك قال: إلا إناثا.

قلنا: قال ابن الجوزي في "زاد المسير" 2/203: وللمفسرين في معنى الآية أربعة أقوال:

أحدها: أن الإناث بمعنى الأموات، قاله ابن عباس والحسن في رواية وقتادة، قال الحسن: كل شيء لا روح فيه كالحجر والخشبة فهو إناث.

والثاني: أن الإناث: الأوثان، وهو قول عائشة ومجاهد.

والثالث: أن الإناث اللات والعزى ومناة كلهن مؤنث، وهذا قول أبي مالك وابن زيد والسدي، وروى أبو رجاء عن الحسن قال: لم يكن حي من أحياء العرب إلا ولهم صنم يسمونه أنثى بني فلان، فنزلت هذه الآية، قال الزجاج: والمعنى: ما يدعون إلا ما يسمونه باسم الإناث.

والرابع: أنها الملائكة، كانوا يزعمون أنها بنات الله، قاله الضحاك.

وفي المراد بالشيطان ثلاثة أقوال:

أحدها: شيطان يكون في الصنم، قال ابن عباس في كل صنم شيطان يتراءى للسدنة فيكلمهم، وقال أبي بن كعب: مع كل صنم جنية.

والثاني: أنه إبليس، وعبادته طاعته فيما سول لهم. هذا قول مقاتل والزجاج.

والثالث: أنهم أصنامهم التي عبدوا، ذكره الماوردي. ورجح الإمام الطبري في "تفسيره" 9/210 من تلك الأقوال تأويل من قال: عنى بذلك الآلهة التي كان مشركو العرب يعبدونها من دون الله ويسمونها الإناث من الأسماء كاللات والعزى ونائلة ومناة وما أشبه ذلك.

 

روى البخاري:

 

3866 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ عَلَيَّ الرَّجُلَ فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ قَالَ فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي قَالَ كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي السُّوقِ جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ فَقَالَتْ أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا وَلُحُوقَهَا بِالْقِلَاصِ وَأَحْلَاسِهَا قَالَ عُمَرُ صَدَقَ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ يَا جَلِيحْ أَمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ فَصِيحْ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَوَثَبَ الْقَوْمُ قُلْتُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا ثُمَّ نَادَى يَا جَلِيحْ أَمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ فَصِيحْ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقُمْتُ فَمَا نَشِبْنَا أَنْ قِيلَ هَذَا نَبِيٌّ

 

وروى قبل 4583 معلقًا من التفسير:

 

وَقَالَ جَابِرٌ كَانَتْ الطَّوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ وَفِي أَسْلَمَ وَاحِدٌ وَفِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِدٌ كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ وَقَالَ عُمَرُ الْجِبْتُ السِّحْرُ وَالطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ الْجِبْتُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ شَيْطَانٌ وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ

 

جاء في الطبقات الكبير لمحمد بن سعد:

 

سرية خالد بْن الوليد إلى العزى

 

ثُمَّ سرية خالد بْن الوليد إلى العزى لخمس ليال بقين مِن شهر رمضان سنة ثمان مِن مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

قَالُوا: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين فتح مكّة خالد بْن الوليد إلى العزى ليهدمها. فخرج في ثلاثين فارسا مِن أصحابه حتى انتهوا إليها فَهَدَمَهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره فَقَالَ: هَل رَأَيْت شيئا؟ قَالَ: لا! قَالَ: فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها. فرجع خالد وهو متغيظ فجرد سيفه فخرجت إِلَيْهِ امْرَأَة عريانة سوداء ناشرة الرأس. فجعل السادن يصيح بها. فضربها خالد فجزلها باثنتين ورجع إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره فَقَالَ: "نعم تلك العزى وقد يئست أن تعبد ببلادكم أبدا!" وكانت بنخلة وكانت لقريش وجميع بني كنانة وكانت أعظم أصنامهم وكان سدنتها بنو شيبان مِن بني سليم.

 

سرية سعد بْن زيد الأشهلي إلى مناة

ثم سرية سعد بْن زيد الأشهلي إلى مناة فِي شهر رمضان سنة ثمان مِن مهاجر رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين فتح مكّة سعد بْن زيد الأشهلي إلى مناة. وكانت بالمشلل للأوس والخزرج وغسان. فلما كَانَ يوم الفتح بَعَثَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سعد بْن زيد الأشهلي يهدمها فخرج فِي عشرين فارسا حتى انتهى إليها وعليها سادن. فَقَالَ السادن: ما تريد؟ قَالَ: هدم مناة! قَالَ: أنت وذاك! فأقبل سعد يمشي إليها وتخرج إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها. فقال السادن: مناة دونك بعض غضباتك! ويضربها سعد بْن زيد الأشهلي وقتلها ويقبل إلى الصنم معه أصحابه فهدموه ولم يجدوا فِي خزانتها شيئا وانصرف راجعا إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان ذَلِكَ لست بقين مِن شهر رمضان.

 

وجاء في دلائل النبوة للبيهقي:

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي بِعْثِهِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى نَخْلَةٍ كَانَتْ بِهَا الْعُزَّى وَمَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْفَقِيهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد ابن فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى نَخْلَةَ وَكَانَتْ بِهَا الْعُزَّى، فأتاها خالد ابن الْوَلِيدِ وَكَانَتْ عَلَى ثَلَاثِ سَمُرَاتٍ، فَقَطَعَ السَّمُرَاتِ (1)، وَهَدَمَ الْبَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا، فَرَجَعَ خَالِدٌ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ السَّدَنَةُ وَهُمْ حُجَّابُهَا أَمْعَنُوا فِي الْجَبَلِ وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا عُزَّى خَبِّلِيهِ (2)، يَا عُزَّى عَوِّرِيهِ وَإِلَّا فَمُوتِي بَرَغْمٍ، قَالَ: فَأَتَاهَا خَالِدٌ فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعَرَهَا تَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا فَعَمَّمَهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: تِلْكَ الْعُزَّى.

 

(1) في الأصول: شجرات، وفي القاموس: السمر: الشجر، وانظر شرح المواهب (2: 348) .

(2) (خبليه) الخبال: النقصان والهلاك.

 

وجاء في السيرة لابن إسحاق:

 

قال ابن إسحاق: وكان رئام بيتاً لهم يعظمونه، وينحرون عنده، ويُكَلَّمون منه، إذ كانوا على شركهم، فقال الحبران لتُبع: إنما هو شيطان يفتنهم بذلك فخلِّ بيننا وبينه، فاستخرجا منه - فيما يزعم أهل اليمن - كلبا أسود فذبحاه ثم هدما ذلك البيت، فبقاياه اليوم - كما ذكر لي - بها آثار الدماء التي كانت تهراق عليه.

 

نصوص كتب السيرة ككتاب المغازي للواقدي، والطبقات لمحمد بن سعد، حافلة بقصص الصحابة كخالد بن الوليد الذي يكسر الصنم فيخرج له منه جنية، كثيرًا ما قيل إنها على شكل امرأة وسوداء شعثاء الشعر بالذات كعنصرية ضد النساء وضد السود، وقصص الأصنام التي يتكلم من داخلها جن أو جني للكهنة الوثنيين الشامانيين. دومًا ما كان يحول الموحدون عندما يتغلبون على الوثنية والوثنيين آلهتهم الخرافية إلى صورة شياطين شريرة كما حدث عند المسيحيين في أدبياتهم إثر زوال وثنيت الرومان واليونان والبيزنطيين والمصريين، راجع ديانة مصر القديمة لأدولف إرمان (بعد دخول المسيحية) وأبوكريفا اعمال فيليب السريانية التي ترجمتها في (أصول أساطير الإسلام من الأبوكريفا المسيحية)، وهو تفسير خرافي لمزاعم خرافة تنبؤات الكهنة الوثنيين، بدلًا من النفي العقلاني لخرافات النبوآت الوثنية من الأساس، والغرض النهائي هو تشويه صورة المعتقدات الأخرى، إن صورة الشيطان كرجل له رجلا جدي وقرناه مصدرها الآلهة الرومانية واليونانية القديمة والإله بس المصري، فقد حولوها إلى صورة للشيطان حسب التصور المسيحي والإسلامي (قرنا الشيطان مذكوران في الصحيحين ومسند أحمد، وهذه الصورة للشيطان مأثورة للغاية في التراث الشعبي خاصة فكرة أن له حافرين كالماعز).

                                                                                                 

اليهود يحسدون المسلمين على كلمة آمين بزعم الأحاديث

 

روى البخاري في (الأدب المفرد):

 

988 - حدثنا إسحاق قال أخبرنا عبد الصمد قال حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين

 

قال الألباني: صحيح. اهـ. ورواه ابن ماجه 856

 

وروى ابن خزيمة في صحيحه:

 

574 - أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا أبو بشر الواسطي نا خالد - يعني ابن عبد الله - عن سهيل - وهو ابن أبي صالح - عن أبيه عن عائشة قالت: دخل اليهود على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : السأم عليك يا محمد فقال النبي صلى الله عليه و سلم : وعليك فقالت عائشة : فهممت أن أتكلم فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه و سلم لذلك فسكت ثم دخل آخر فقال : السأم عليك فقال : عليك فهممت أن أتكلم فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه و سلم لذلك ثم دخل الثالث فقال : السأم عليك فلم أصبر حتى قلت : وعليك السام وغضب الله ولعنته إخوان القردة والخنازير أتحيون رسول الله صلى الله عليه و سلم بما لم يحيه الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش قالوا قولا فرددنا عليهم إن اليهود قوم حسد وهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على السلام وعلى آمين

 قال أبو بكر خبر ابن أبي مليكة عن عائشة في هذه القصة قد خرجته في كتاب الكبير

 

قال الأعظمي : إسناده صحيح

 

1585 - أنا أبو طاهر نا أبو بكر نا أبو بشر الواسطي نا خالد ـ يعني ابن عبد الله ـ عن سهيل عن أبيه عن عائشة قالت: دخل يهودي على النبي صلى الله عليه و سلم فقال : السام عليك فقال النبي صلى الله عليه و سلم : و عليك قالت عائشة : فهممت أن أتكلم فعرفت كراهية رسول الله صلى الله عليه و سلم لذلك فسكت ثم دخل آخر فقال : السام عليك فقال : و عليك فهممت أن أتكلم فعرفت كراهية النبي صلى الله عليه و سلم لذلك ثم دخل الثالث فقال : السام عليك فلم أصبر حتى قلت : و عليك السام و غضب الله و لعنته إخوان القردة و الخنازير أتحيون رسول الله بما لم يحيه الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله لا يحب الفحش و التفحش قالوا قولا فرددنا عليهم إن اليهود قوم حسد و إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على السلام و على آمين

 

قال الأعظمي : إسناده صحيح

 

روى أحمد:

 

25029 - حدثنا علي بن عاصم، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمر بن قيس، عن محمد بن الأشعث، عن عائشة، قالت: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ استأذن رجل من اليهود، فأذن له، فقال: السام عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وعليك " قالت: فهممت أن أتكلم، قالت: ثم دخل الثانية، فقال مثل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وعليك " قالت: ثم دخل الثالثة، فقال: السام عليك، قالت: فقلت: بل السام عليكم وغضب الله إخوان القردة والخنازير، أتحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يحيه به الله ؟ قالت: فنظر إلي، فقال: " مه، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، قالوا قولا، فرددناه عليهم، فلم يضرنا شيء، ولزمهم إلى يوم القيامة، إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين "

 

حديث صحيح ، علي بن عاصم : وهو الواسطي ، وإن كان ضعيفاً ، قد توبع ، ومحمد بن الأشعث بن قيس : روى عنه جمع ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وبقية رجاله ثقات ، وحصين بن عبد الرحمن : هو السلمي ، وعمر بن قيس : هو الماصر .

وأخرجه مطولاً دون قصة الجمعة والقبلة ابن خزيمة (574) و (1585) عن أبي بشر الواسطي إسحاق بن شاهين ، عن خالد بن عبد الله الواسطي ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن عائشة ، وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه البيهقي 2 / 56 من طريق سليمان ، عن حصين ، به "أنهم حسدونا على القبلة التي هُدينا لها وضلوا عنها ، وعلى الجمعة التي هُدينا لها وضلوا عنها ، وعلى قولنا خلف الإمام آمين".

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (988) ، وابن ماجه (856) من طريق حماد بن سلمة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن عائشة ، مختصراً بلفظ : "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين" . وإسناده صحيح .

قلنا : وقد سلف في الرواية (24090) ، وسيأتي بالرواية رقم (25924) وإسناداهما صحيحان .

ويشهد للجمعة حديث أبي هريرة عند البخاري (876) ، ومسلم (855) .

 

كلام عجيب جدًّا، اليهود خاصة المعاصرين درس علماؤهم العلمانيون والمتدينون العلمانيون الإسلام دراسات وافية وهم لا يحسدون المسلمين، بل ربما كناس تخلصوا من خرافات التوراة إلى حد كبير وتشريعاتها الدموية وتعلمنوا يشفقون على المسلمين أحيانًا لما هم فيهم من تأخر، ولا يوجد لدى يهودي متدين تقليدي سبب ليحسد المسلم على كلمة آمين، لأن الكلمة توجد كذلك لدى اليهود والمسيحيين ويستعلمونها في صلواتهم، ووردت في الإنجيل ويستعملها المسيحيون عمومًا بمعنيين: استجب، أو كقول المسلمين: حقًّا!، أو هكذا فليكن. وهي أقدم من الإسلام بكثير، وكمثال:

 

(4 وأرد إلى هذا الموضع يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا وكل سبي يهوذا الذين ذهبوا إلى بابل يقول الرب لأني أكسر نير ملك بابل 5 فكلم إرميا النبي حننيا النبي أمام الكهنة وأمام كل الشعب الواقفين في بيت الرب 6  وقال إرميا النبي آمين هكذا ليصنع الرب ليقم الرب كلامك الذي تنبأتَ به فيردَّ آنية بيت الرب وكل السبي من بابل إلى هذا الموضع) إرميا 28

 

(48 مبارك الرب إله إسرائيل من الأزل وإلى الأبد و يقول كل الشعب آمين هللويا) المزمور 106

 

( 13 مبارك الرب إله إسرائيل من الأزل وإلى الأبد آمين فآمين) المزمور 41

 

(19 ومبارك اسم مجده إلى الدهر و لتمتلئ الأرض كلها من مجده آمين ثم آمين تمت صلوات داود بن يسى) المزمور 72

 

(21 يستحلف الكاهن المرأة بحلف اللعنة ويقول الكاهن للمرأة يجعلك الرب لعنة وحلفا بين شعبك بأن يجعل الرب فخذك ساقطة وبطنك وارمًا22  ويدخل ماء اللعنة هذا في أحشائك لورم البطن ولإسقاط الفخذ فتقول المراة آمين آمين) العدد 5

 

 

الخير كقيمة لا علاقة له بدين واعتقاد الشخص الفاعل له

 

بل قيمة الخير ثابتة ولا أهمية لعقيدة الشخص ولا علاقة لها بفعل الخير، لأن جوهره واحد.

 

روى أحمد وابنه عبد الله بن أحمد على عكس ما نقول:

 

* 24621 - حدثنا عبد الله بن محمد، قال عبد الله: وسمعته أنا من عبد الله بن محمد، قال: حدثنا حفص، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المساكين، فهل ذاك نافعه ؟ قال: " لا يا عائشة، إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين "

 

إسناده صحيح على شرط مسلم ، داود - وهو ابن أبي هند - من رجاله ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن أحمد فمن رجال النسائي ، وهو ثقة وقد توبع . عبد الله بن محمد : هو أبو بكر بن أبي شيبة ، وحفص : هو ابن غياث ، والشعبي : هو عامر بن شراحيل. وأخرجه مسلم (214) (365) ، وأبو عوانة 1 / 100 ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4357) ، وابن حبان (331) ، وابن منده في "الإيمان" (969) ، وشهدة الإبرية مسندة بغداد في "العمدة" (91) من طريق عبد الله بن محمد ، بهذا الإسناد . وقال ابن منده : رواه غير حفص مرسلا. قلنا : يعني منقطعا . فقد أخرجه إسحاق (1631) عن عبد الأعلى ، عن داود ، عن الشعبي ، عن عائشة، به . دون ذكر مسروق بالإسناد . ولا يعل به ، فقد قال الدارقطني في "العلل" 5 / ورقة 70 : ويشبه أن يكون حفص قد حفظه. وأخرجه إسحاق (1201) و (1633) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4359) من طريقين عن عكرمة ، عن عائشة ، وفيه : "هل قال مرة : اللهم قني عذاب النار مرة واحدة". وسيرد برقم (24892) . وفي الباب عن عدي بن حاتم ، سلف برقم (18262) .

 

27361 - حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان قال: سمعت جابرا قال: حدثتني أم مبشر امرأة زيد بن حارثة، قالت: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائط فقال: " لك هذا؟ "، فقلت: نعم، فقال: " من غرسه؟ مسلم أو كافر؟ "، قلت: مسلم، قال: " ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طائر، أو إنسان، أو سبع، أو شيء إلا كان له صدقة "، [قال: عبد الله] قال أبي: ولم يكن في النسخة، سمعت جابرا، فقال ابن نمير: سمعت جابرا

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد سلف نحوه برقم (27043) ، إلا أن شيخ أحمد هنا هو عبد الله بن نمير. وأخرجه الطبراني فى "الكبير" 25/ (264) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.

 

18262 - حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت مري بن قطري، قال: سمعت عدى بن حاتم، قال: قلت: يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم، ويفعل كذا وكذا، قال: " إن أباك أراد أمرا فأدركه، يعني الذكر، " قال: قلت: إني أسألك عن طعام لا أدعه إلا تحرجا، قال: " لا تدع شيئا ضارعت فيه نصرانية "، قلت: أرسل كلبي، فيأخذ الصيد وليس معي ما أذكيه به، فأذبحه بالمروة ، والعصا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمر الدم بما شئت، واذكر اسم الله عز وجل"

 

قوله: "إن أباك أراد أمرا فأدركه" حسن لغيره، وقوله: "أمر الدم. بما شئت..." صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مري بن قطري، وسلف الكلام عليه برقم (18250) ، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، غير سماك، فمن رجال مسلم، وهو صدوق. وأخرجه بتمامه أبو داود الطيالسي (1033-1034) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (562-563-564) - ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" 27/414-415- وابن حبان (332) ، والطبراني في "الكبير" 17/ (247-250-251) ، والبيهقي في "السنن" 7/279 من طرق، عن شعبة، به. وقوله: "إن أباك أراد أمرا فأدركه": أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4360) من طريق علي بن الجعد، عن شعبة، به، وأخرجه أيضا (4361) من طريق سفيان الثوري، عن سماك، به. وسيرد 4/379 (19386).

 

خرافة أن الفئران والضِباب مسخ من بني إسرائيل وهل يعيش ويتناسل المسخ الخرافي أم لا، وهل الضب حلال أكله أم محرَّم إسلاميًّا؟!

 

روى مسلم:

 

 [ 2997 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى العنزي ومحمد بن عبد الله الرزي جميعا عن الثقفي واللفظ لابن المثنى حدثنا عبد الوهاب حدثنا خالد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدت أمة من بنى إسرائيل لا يدري ما فعلت ولا أراها إلا الفأر ألا ترونها إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشربه وإذا وضع لها ألبان الشاء شربته قال أبو هريرة فحدثت هذا الحديث كعبا فقال آنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت نعم قال ذلك مرارا قلت أقرأ التوراة قال إسحاق في روايته لا ندري ما فعلت

 

 [ 2997 ] وحدثني أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن هشام عن محمد عن أبي هريرة قال الفأرة مسخ وآية ذلك أنه يوضع بين يديها لبن الغنم فتشربه ويوضع بين يديها لبن الإبل فلا تذوقه فقال له كعب أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفأنزلت علي التوراة

 

ورواه أحمد 7197 و10452 و10594 

 

[ 1949 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا أخبرنا عبد الرزاق عن بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فأبى أن يأكل منه وقال لا أدري لعله من القرون التي مسخت  

[ 1951 ] وحدثني محمد بن المثنى حدثنا بن أبي عدي عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال رجل يا رسول الله إنا بأرض مضبة فما تأمرنا أو فما تفتينا قال ذكر لي أن أمة من بني إسرائيل مسخت فلم يأمر ولم ينه قال أبو سعيد فلما كان بعد ذلك قال عمر إن الله عز وجل لينفع به غير واحد وإنه لطعام عامة هذه الرعاء ولو كان عندي لطعمته إنما عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 [ 1951 ] حدثني محمد بن حاتم حدثنا بهز حدثنا أبو عقيل الدورقي حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني في غائط مضبة وإنه عامة طعام أهلي قال فلم يجبه فقلنا عاوده فعاوده فلم يجبه ثلاثا ثم ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة فقال يا أعرابي إن الله لعن أو غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب يدبون في الأرض فلا أدري لعل هذا منها فلست آكلها ولا أنهى عنها

 

وروى أحمد:

 

11013 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ مَضَبَّةٍ فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ - أَوْ مَا تُفْتِينَا ؟ - قَالَ: " ذُكِرَ لِي أَنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ " فَلَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَنْهَ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللهَ لَيَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَإِنَّهُ لَطَعَامُ عَامَّةِ الرِّعَاءِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لَطَعِمْتُهُ، وَإِنَّمَا عَافَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه مسلم (1951) (50) ، والبيهقي في "السنن" 9/324 من طريق ابن أبي عدي، بهذا الإسناد. وسيأتي بالأرقام (11144) و (11373) و (11376) و (11425) و (11599) و (11634). وفي الباب في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذكر لي أن أمة من بني إسرائيل مُسخت" . عن عبد الرحمن بن حسنة، سيرد 4/196. وعن سمُرة بن جندب، سيرد 5/19. وعن عبد الرحمن بن غُنْم، سيرد 4/227 (17992). وعن جابر بن عبد الله عند مسلم (1949) (48) . وعن ثابت بن وديعة، سيرد 4/220.

قال السندي: قوله: مُضبة: بضم ميم وكسر ضاد، رواية. والمعروف بفتحها، وهو على الأول: اسم فاعل من أضبت أرضه: كثر ضبابها. قوله: "مُسخت" ، أي: خاف أنها مُسخت ضباباً

 

11144 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا بِأَرْضٍ مَضَبَّةٍ فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ قَالَ: " بَلَغَنِي أَنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ، فَمَا أَدْرِي أَيُّ الدَّوَابِّ هِيَ ؟ " فَلَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَنْهَ.

 

إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/267، وأبو يعلى (1184) ، والبيهقي 9/324، والخطيب في "تاريخه" 11/336 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3240) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن داود، به.

 

11425 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ضَلَّ سِبْطَانِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَرْهَبُ أَنْ تَكُونَ الضِّبَابَ"

 

إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعة العبدي من رجاله، ومن فوقه من رجال الشيخين. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدُوسي.

 

11599 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: عَامَّةُ طَعَامِ أَهْلِي يَعْنِي الضِّبَابَ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمْ يُجَاوِزْ إِلَّا قَرِيبًا، فَعَاوَدَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَعَاوَدَهُ ثَلَاثًا، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَعَنَ أَوْ غَضِبَ عَلَى سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمُسِخُوا دَوَابَّ، فَلَا أَدْرِي لَعَلَّهُ بَعْضُهَا، فَلَسْتُ بِآكِلِهَا وَلَا أَنْهَى عَنْهَا"

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي سعيد: وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري، مولى بني هاشم، فقد روى له البخاري متابعةً، وقد توبع. أبو عَقيل: هو بشير بن عقبة الدوْرقي البصري، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطَعة العبدي. وأخرجه الطيالسي (2153) -ومن طريقه البيهقي 9/325- عن شعبة، ومسلم (1951) (51) من طريق بهز بن أسد العمي، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/198، وفي "شرح مشكل الآثار" (3283) من طريق أبي الوليد الطيالسي، ثلاثتهم عن أبي عقيل، به. وعند الطحاوي: فما أظنهم إلا هؤلاء.

 

17928 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، يُحَدِّثُ عَنْ ثَابِتِ ابْنِ وَدِيعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ بِضِبَابٍ قَدِ احْتَرَشَهَا ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى ضَبٍّ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ أُمَّةً مُسِخَتْ فَلَا أَدْرِي لَعَلَّ هَذَا مِنْهَا "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه، فلم يخرجا له، وحديثه عند أصحاب السنن غير الترمذي. وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 4/382-383 في ترجمة ثابت بن وديعة من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3281) ، وفي "شرح معاني الآثار" 4/198 من طريق حميد الصائغ، عن شعبة، بهذا الإسناد. وقد سلف من حديث عبد الرحمن بن حسنة (17757) . انظر الاختلاف فيه على زيد بن وهب هناك.

قوله: "احترشها": قال في "النهاية" 1/367: الاحتراش والحرش: أن تهيِّج الضب من جُحره، بأن تضربه بخشبة أو غيرها من خارجه فيخرج ذنبه ويقرب من باب الجُحر، يحسب أنه أفعى، فحينئذٍ يُهدَم عليه جحره ويؤخذ، والاحتراش في الأصل: الجمع والكسب والخداع.

 

17930 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ ثَابِتِ ابْنِ وَدِيعَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضِبَابٍ، قَالَ: فَجَعَلَ يُقَلِّبُ ضَبًّا مِنْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: " إِنَّ أُمَّةً مُسِخَتْ " قَالَ: وَأَكْثَرُ عِلْمِي أَنَّهُ قَالَ: " مَا أَدْرِي لَعَلَّ هَذَا مِنْهَا " قَالَ شُعْبَةُ: وَقَالَ حُصَيْنٌ: عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: فَذَكَرَ شَيْئًا نَحْوًا مِنْ هَذَا، قَالَ: " فَلَمْ يَأْمُرْ به، وَلَمْ يَنْهَ أَحَدًا عَنْهُ"

 

إسناداه صحيحان، رجالهما ثقات رجال الشيخين غير صحابي الأول منهما فلم يخرجا له، وحديثه عند أصحاب السنن غير الترمذي. عفان: هو ابن مسلم، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي.. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1365) من طريق علي بن عبد العزيز، عن عفان، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار (1215- كشف الأستار) من طريق عبيد الله بن موسى، عن شعبة، عن حُصين بن عبد الرحمن، به. وقال: هكذا رواه حصين عن زيد، وخالفه الأعمش، والحكم بن عتيبة، وعدي بن ثابت خالف كل واحد منهم صاحبه. قلنا: وقد سلف الكلام على هذا الخلاف عند الحديث رقم (17757) ، وشعبة قد تفرد في جعل هذا الحديث عن حصين من حديث حذيفة. وخالفه جمهور أصحاب حصين فجعلوه من حديث ثابت بن يزيد بن وداعة كما سيأتي في الحديث التالي، والخلاف في صحابي الحديث لا يضر. وسيتكرر في مسند حذيفة بن اليمان 5/390.

 

(20209) 20472- حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، وَعَفَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، رَجُلٍ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، قَالَ : أَتَى نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ يَخْطُبُ ، فَقَطَعَ عَلَيْهِ خُطْبَتَهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ تَقُولُ فِي الضَّبِّ ؟ قَالَ : أُمَّةٌ مُسِخَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَلاَ أَدْرِي أَيَّ الدَّوَابِّ مُسِخَتْ ؟.

 

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، حُصين الفزاري- وهو ابن قبيصة، كما جاء مصرحاً باسمه في باقي روايات "المسند"- روى عنه ثلاثة ووثقه العجلي وابن حبان، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. هشام بن عبد الملك: هو أبو الوليد الطيالسي، وعفان: هو ابن مسلم الصّفّار، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/197- 198، وفي "شرح مشكل الآثار" (3282) من طريق أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي وعفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/268-269، والطبراني في "الكبير" (6790) من طريق عفان وحده، به. ووقع عند الطبراني: حصين بن أبي الحر، وهو وهم، فإن حصين بن أبي الحر تميمي عنبري وليس فزارياَ، وهو ابن مالك بن الخشخاش، وهو غير حصين بن قبيصة الفزاري. وأخرجه الطبراني (6788) من طريق أبي الوليد الطيالسي وحده، به، ووقع هنا: حصين بن قبيصة، على الصواب. وأخرجه البزار (1216- كشف الأستار) عن أبي كامل ومحمد بن عبد الملك، عن أبي عوانة، به. ووقع عنده: حصين بن أبي الحر، وهو وهم كما أسلفنا، ولم تُعَيَّن عنده الأُمَّة أنها بنو إسرائيل. وسيأتي الحديث بعد هذا الحديث، وبرقم (20240). وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سلف برقم (11013) ، وانظر شواهده وشرحه هناك.

قوله: "فلا أدري أي الدواب مسخت" قال السندي: أي: تلك الأمة، أي: فيحتمل أن تكون قد مسخت ضِباباً، فينبغي الاحتراز عنها، والله تعالى أعلم.

 

خرافة عنصرية وسخيفة، تعكس جهلًا تامًّا بعلوم الأحياء، ونعلم كبشر متحضرين لدينا علوم اليوم أن الكائنات كلها تطورت عن سلف وأسلاف مشتركة، وأن لكل كائن حي بما فيه الفئران والضب تاريخًا تطوريًّا عن أسلاف وأنواع أخرى بما في ذلك الفئران والضب من خلال الجينات وسجل المتحجرات وعلم التشريح وغيرها. وفي القرآن خرافة مسخ اليهود قرودًا وخنازير، وفي الأحاديث إلى الحيوان الزاحف الضب والفئران من القوارض غيرها، وكلها خزعبلات لا قيمة لها من ناحية العلم البيولوجي.

 

وعلى عكس هذه العنصرية والخزعبلات، توجد أسطورة معقلنة مخففة قالت على النقيض وبالتناقض أن الممسوخين لا يعيشون أكثر من ثلاثة أيام ولا يتركون نسلًا، ووفقًا لهذه الأسطورة لا يحدث خلل في تصنيف وأصول الكائنات الحية المعروف علميًّا، روى مسلم:

 

[ 2663 ] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب واللفظ لأبي بكر قالا حدثنا وكيع عن مسعر عن علقمة بن مرثد عن المغيرة بن عبد الله اليشكري عن المعرور بن سويد عن عبد الله قال قالت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة لن يعجل شيئا قبل حله أو يؤخر شيئا عن حله ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيرا وأفضل قال وذكرت عنده القردة قال مسعر وأراه قال والخنازير من مسخ فقال إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك

 

[ 2663 ] حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وحجاج بن الشاعر واللفظ لحجاج قال إسحاق أخبرنا وقال حجاج حدثنا عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن علقمة بن مرثد عن المغيرة بن عبد الله اليشكري عن معرور بن سويد عن عبد الله بن مسعود قال قالت أم حبيبة اللهم متعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك سألت الله لآجال مضروبة وآثار موطوءة وأرزاق مقسومة لا يعجل شيئا منها قبل حله ولا يؤخر منها شيئا بعد حله ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار وعذاب القبر لكان خيرا لك قال فقال رجل يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك

 

ورواه أحمد 3700 و3925 و3747

 

وفي حين ورد في الأحاديث السابقة تحليل الضب، ورد حديث آخر فيه تحريمها متوافقًا مع تشريع سفر اللاويين من توراة اليهود وفيه تحريم الزواحف، روى أحمد:

 

17757 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الضِّبَابِ، قَالَ: فَأَصَبْنَا مِنْهَا وَذَبَحْنَا، قَالَ: فَبَيْنَا الْقُدُورُ تَغْلِي بِهَا، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فُقِدَتْ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ هِيَ فَأَكْفِئُوهَا فَأَكْفَأْنَاهَا "

 

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيِّه فلم يخرِّجا له، وحديثه عند أصحاب السنن غير الترمذي. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مِهران. وأخرجه البزار (1217- كشف الأستار) عن عمرو بن علي، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/197، وفي "شرح مشكل الآثار" (3275) و (3276) من طرق عن الأعمش، به. وسيأتي من طريقه أيضاً برقم (17759) . وأخرجه ابن أبي شيبة 8/266 عن وكيع. وأخرجه أبو يعلى (931) ، ومن طريقه أخرجه ابن حبان (5266) ، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/436 عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن وكيع، به. وقد رواه عدي بن ثابت وحصين بن عبد الرحمن، فخالفا الأعمش في إسناده، فقالا: عن زيد بن وهب، عن ثابت بن يزيد الأنصاري، وسيأتي في مسنده، انظر (17928) و (17931) . ورواه الحكم بن عتيبة، عن زيد بن وهب، عن البراء بن عازب، عن ثابت الأنصاري، وسيأتي أيضاً برقم (17932). وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سلف برقم (11013) ، وانظر تتمة شواهده هناك. وانظر أيضاً الكلام على نسخ هذا الحديث وأمثاله هناك.

 

يعني كل الأحاديث تناقضات لا نهائية، مسخ باقٍ متناسل أم لا مسخ متناسل، نأكل من الضِباب أم لا، وغيرها. وعنصرية كريهة ضد اليهود، كل البشر إخوة، لا نكره اليهود، ولا نكره حتى الإسرائيليين، فقط الإسرائيلي المعتدي هو العدو لما يفعل من قتل وتدمير واحتلال.

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.